المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أقلام وآراء عربي 88



Haidar
2012-05-06, 11:39 AM
في هذا الملف :{nl} صور فلسطينية{nl}بقلم:باسم سكجها ـــ عن الدستور{nl} تساؤلات حول الزيارة الرابعة {nl} بقلم:ماهر ابو طير ـــ عن الدستور {nl} مفتي مصر وفتوى التطبيع{nl}رأي القدس العربي{nl} المصريون يمضون بثورتهم خطوة اخرى إلى الامام{nl}بقلم:د. بشير موسى نافع ـــ عن القدس العربي {nl} مدينة القدس والواقع الديمغرافي الراهن{nl}بقلم:علي بدوان ـــ عن البيان{nl}صور فلسطينية{nl}بقلم:باسم سكجها{nl}تثير صورة بانورامية التقطت لمخيم البقعة بـ”الأسود والأبيض” العام 1967 فينا الكثير الكثير من الحزن والأسى، فالخيام البيضاء التي استغرقت المكان ليست الحيز المناسب لسكن إنسان.{nl}هذه الصورة، المنشورة في كتاب لوكالة “أونروا”، لم تكن تمثل سوى مكان واحد، من عشرات تتناثر حول المدن الأردنية والفلسطينية والسورية واللبنانية، وتلخص المأساة التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني منذ أكثر من ستين عاماً. {nl}وقد تعطي صورة بانورامية حديثة للمكان نفسه شكلاً آخر، ففي المخيم بنايات وشوارع ودكاكين، وحركة دائبة، فقد أصبح أشبه ما يكون بالمدينة الصغيرة، لكن الصورة من الداخل ما زالت تعطي نفس الروح، وما زال الأحفاد، حيث الجيل الثالث يتطلع الى الهدف نفسه: العودة الى الوطن، مهما باعدت المسافة، ومهما طالت الأزمان... {nl}فمفاتيح البيوت العتيقة، التي تركت على عجل ما زالت موجودة، وكواشين الأراضي والعقارات تورّث كما يورث الحلم، ولا يحفل أحد هناك بما يأتي في الأخبار يومياً، فالوطن لا يستبدل، والحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب.{nl}لاجئون، نازحون، سكّان عبدون، أو بيروت، أو دمشق، أو مونتريال، أو فلوريدا، أو سيدني، أو رام الله، أو بغداد، أو أيّ مكان في العالم، فلسطينيون يعرفون أنّ فلسطين هي وجهة رحلة حياتهم النهائية، ولا يؤكد على كلامنا أكثر من تلك الصور والكلمات التي تُبث يومياً على الفيس بوك، وتمتلئ حنيناً للمنزل الأول والأخير.{nl}تساؤلات حول الزيارة الرابعة{nl}بقلم: ماهر ابو طير {nl}هذه هي الزيارة الرابعة لشخصية اردنية رفيعة المستوى الى القدس، خلال اسابيع، والزيارات لافتة للانتباه بسبب توقيتها ومغزاها، وما تقوله للجميع.{nl}بعد رئيس مجلس النواب الاردني عبدالكريم الدغمي، والامير هاشم بن الحسين، ووزير الداخلية محمد الرعود، زار القدس البارحة، الامير غازي بن محمد وبرفقته الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، حيث أمَّ المصلين فى مسجد البراق بالحرم القدسي، عصر الاربعاء.{nl}شارك في الصلاة ايضاً، محمد حسن مفتي القدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى والشيخ عبدالعظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية بالقدس، والدكتور عزام الخطيب رئيس أوقاف المسجد الأقصى، وعلينا ان نلاحظ المزج بين «الديني والسياسي» في هذه الزيارات الاربع، واستحالة فصل جانب عن اخر.{nl}مفتي مصر وهو شخصية لها وزنها الديني اكد أن هذه الزيارة تمت تحت الإشراف الكامل للاردن وبدون الحصول على أي تأشيرات أو أختام دخول اسرائيلية، باعتبار أن الاردن، هو المشرف على مقدسات المدينة، والمفتي، ومن قبله من رجال دين، قفزوا كلياً عن قصة التطبيع، وتحريم الزيارات التي تبناها «القرضاوي» في فتوى سابقة.{nl}في مقالة سابقة، قبل يومين، تحت عنوان «سر الانعاش المفاجئ لعلاقة الاردن بالقدس»، اشرت الى ان هذه الزيارات لافتة للانتباه جداً، لانها من جهة، لا تقف ابدا عند قصة التطبيع او عدم التطبيع، وتأتي بشكل غزير في توقيت واحد، ولا يمكن تبسيط دوافعها، تحت عنوان التذكر المفاجئ للاقصى.{nl}تكتسب هذه الزيارات دلالات سياسية عميقة، حتى لو بدت دينية او بروتوكولية، خصوصا، ان الاردن خلع عباءة التحسس من سوء التفسيرات والتحسسات، وبدأ بانعاش علاقته السياسية بالقدس ومقدساتها، عبر بوابة دينية، ومن الطبيعي ان تمتد تأثيرات الانعاش الى دلالات لها علاقة بالناس، وان لا تقف عند حدود الصلاة والسياحة.{nl}لا احد يعرف ماذا يجري في الغرف المغلقة، غير ان الملاحظات ازاء هذا الملف كثيرة، ابرزها قبول الجانب الاسرائيلي لهذه الزيارات، حيث بامكانه منعها لو اراد، لانها على ما هو مفترض مثيرة لغضبه، باعتبارها تؤكد عروبة المكان، ومظلته الاسلامية، ثم تواصل الزيارات، بحيث لم يعد ممكنا اعتبارها، امرا عاديا، بعد انقطاع استمر لعقود، وجرأة الاردن في بلورة هكذا زيارات لا تأتي من فراغ في كل الاحوال.{nl}في الوقت ذاته تتفرج السلطة الوطنية الفلسطينية على المشهد بحياد كامل، دون اي تحسس سري او معلن، وعلى الرغم من ان علاقتها بالاردن، ممتازة، الا انها تلمح الى مقربة منحها احياء سياسيا لعلاقة قديمة بين الاردن والقدس، والاحياء السياسي هو اللافت للانتباه، ولو جاء عبر بوابة الدين وزيارات الاقصى، لان السؤال يقول لماذا في هذا التوقيت بالذات، وما سر انهمار الزيارات؟!.{nl}لا يمكن قراءة هذه الزيارات بمعزل عن كل ملف القضية الفلسطينية والقدس والضفة الغربية، ولا يمكن اعتبار اي قراءات لمستقبل علاقة الاردن بالقضية الفلسطينية، تجنح الى المبالغة، خصوصا، اننا نتحدث عن نمط جديد لم يكن مألوفا، ولا يمكن فك اسراره النهائية، عبر اطلاق توقعات في الهواء دون الاستناد، من جهة اخرى الى المعلومات.{nl}اربع زيارات لاربع شخصيات اردنية ذات مكانة سياسية، وبنكهة دينية، وبشعار يقول: زيارة السجين لا تعني التطبيع مع السجان، وهو شعار رائق وجميل، لكنه بالتأكيد لا يلخص كل القصة، ويخفي خلفه، وضعا معقدا في المنطقة، واتجاها جديدا في السياسة الاردنية، واذا كان هذا التتبع صحيحا، فهذا يعني اننا سنشهد في الفترة المقبلة، اشارات اضافية على ذات الصعيد.{nl}مفتي مصر وفتوى التطبيع{nl}رأي القدس العربي{nl}عندما اطلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعوته الى العرب والمسلمين لزيارة القدس المحتلة لكسر الحصار الاسرائيلي المفروض عليها، ومساعدة اقتصاد اهلها الذين يواجهون ظروفا صعبة لتناقص عدد الزوار، عارض الكثيرون هذه الدعوة، وكان الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العلماء المسلمين ابرزهم، لانه رأى فيها دعوة صريحة للتطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي.{nl}بالامس كان الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية ابرز المستجيبين لدعوة الرئيس عباس، حيث زار المدينة المحتلة بصحبة الامير الاردني غازي وصلى في المسجد الاقصى واصبح اعلى مرجعية دينية اسلامية رسمية تقوم بزيارة المدينة المقدسة تحت الاحتلال الاسرائيلي.{nl}ومن المفارقة ان زيارة المفتي جمعة تزامنت مع قرار اسرائيلي بمنع الشيخين عكرمة صبري امام المسجد الاقصى ورائد صلاح ابرز قيادات عرب الاراضي المحتلة عام 1948 من دخول المدينة والاقتراب من المسجد الاقصى ناهيك عن الصلاة فيه.{nl}وهذا المنع المجحف للشيخين والسماح لمفتي مصر بالصلاة في الاقصى هو تأكيد على ان السلطات الاسرائيلية تشجع الزيارات التي تهدف الى التطبيع، واعطاء صورة مغلوطة عنها بانها متسامحة مع اتباع الديانتين الاسلامية والمسيحية، ولا تمنعهم من اداء شعائرهم الدينية بكل حرية.{nl}الشيخ عكرمة صبري تعرض للمنع وهو ابن الاراضي المقدسة لانه يعارض الاحتلال بقوة في كل خطبه ويؤيد الانتفاضة ضده، اما الشيخ رائد صلاح الذي انتصر في معركته القضائية ضد قرار السلطات البريطانية واللوبي الاسرائيلي الداعم لها بابعاده ومنعه من دخول بريطانيا، فقد كان من اكثر الدعاة المسلمين صلابة في فضح الحفريات الاسرائيلية تحت اساسات المسجد الاقصى والرامية الى تقويضها تمهيدا لهدمه.{nl}لا نعرف كيف سيبرر المفتي جمعة زيارته التطبيعية هذه التي قد تشجع البعض للحذو حذوه واعتبار زيارته نوعا من الفتوى الشرعية، فطالما ان مفتي الدولة العربية الاسلامية الاكبر زار المدينة المقدسة وصلى في مسجدها فلماذا لا يفعلون الشيء نفسه؟{nl}انها زيارة خطيرة بكل المقاييس وتصب في مصلحة الدعاية الاسرائيلية الكاذبة حول احترام حرية الاديان، وجعل المدينة المقدسة مفتوحة لجميع اتباعها دون تفرقة، ومفتي مصر بهذه الزيارة يكرس هذا الادعاء الصريح في كذبه وتضليله.{nl}الشيخ يوسف القرضاوي المرجعية الاسلامية اباح للفلسطينيين فقط زيارة الاراضي المقدسة، وحرمها على جميع الجنسيات الاسلامية الاخرى منطلقا من موقف راسخ في معارضة التطبيع بكل اشكاله، وتعرض الى حملة شرسة وصلت الى درجة التطاول عليه من قبل السلطة ورئيسها وبعض الشخصيات الدينية الملتفة حولها.{nl}ومن المؤسف ان البعض يجادل بان الرسول صلى الله عليه وسلم زار الحرم المكي الشريف وصلى فيه اثناء خضوعه لسلطة كفار قريش، ونسي هؤلاء ان الكفار هم اهل مكة الحقيقيون، اي انهم لم يحتلوها ويطردوا اهلها ويغيروا معالمها، ويقوضوا اساسات الحرم، ثم ان الرسول صلى الله عليه وسلم 'موحى له' ويأتمر بأمر الخالق جل جلاله، فهل الرئيس عباس ووزير اوقافه ومفتي مصر وكل دعاة التطبيع الذين يضربون هذا المثل لتبرير وجهات نظرهم من الذين يهبط عليهم الوحي مثل الرسول صلى الله عليه وسلم؟{nl}ندرك جيدا ان المقارنة لا تجوز وليست في غير محلها فقط، ويجب اعلاء الاصوات ضد مثل هذا النوع الخطير من التطبيع مع عدو طمس هوية القدس العربية الاسلامية كليا.{nl}البابا شنودة رحمه الله كان صلبا في معارضته زيارة القدس وتعرض للسجن والاقصاء من قبل الرئيس محمد انور السادات بسبب ذلك وصبر على الظلم والضيم ولم يتنازل عن موقفه الوطني والاخلاقي حتى اللحظة الاخيرة من حياته فما بال علمائنا المسلمين يحللون ما حرمه بابا الاقباط؟{nl}علماء المسلمين الكبار يجب ان يجتمعوا ويواجهوا الشيخ جمعة بالحقائق الشرعية الدامغة التي تدين موقفه هذا، وان يطالبوا بعزله اذا ما تيقنوا انه اقترف جريمة التطبيع مع عدو يحتل الارض ويهود المدينة المقدسة ويقتل آلاف المسلمين في حروبه التي لم تتوقف منذ احتلاله ارض فلسطين.{nl}المصريون يمضون بثورتهم خطوة اخرى إلى الامام{nl}بقلم:د. بشير موسى نافع {nl}فجر ترشح السيد عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات المصرية السابق، وأول وآخر نائب للرئيس حسني مبارك، حالة من القلق والغضب في مصر، ووضع مجلس الشعب (البرلمان المصري) في مزاج تشريعي محموم، وأشعل روح الثورة المصرية من جديد. عدد من مرشحي الرئاسة وقطاع واسع من شباب الثورة والشارع المصري استشعر الإهانة في تقدم سليمان بأوراقه للترشح، ورأى أن خطوة سليمان تمثل استهانة بدماء مئات شهداء الثورة. وخلف التعبيرات المتعددة عن الشعور بالإهانة، كان هناك الكثير من الغضب: الغضب من الذات ومن بقايا النظام السابق، على السواء. المصريون غاضبون من أنفسهم لأن حالة الوحدة التي حققت للثورة أهدافها الأولى سرعان ما انهارت تحت وطأة الانقسامات والمصالح المتضاربة للقوى السياسية، ولأن هذه الانقسامات سمحت لقادة النظام السابق الاستخفاف بإرادة التغيير التي أطلقتها الثورة ومحاولة العودة من جديد للقبض على مقاليد الحكم والدولة. وهم غاضبون لأن نهج الثورة التي طالبت بإسقاط النظام لم يستمر براديكالية كافية لتحرير البلاد ممن تبقى من قوى النظام الفاعلة، وترك بالتالي فجوة سياسية وتشريعية، وفرت لبقايا النظام فرصة النفاذ إلى الساحة السياسية.{nl}للوهلة الأولى، لم يبد ترشح سليمان وكأنه يمثل خطراً ما. فمن ناحية، ليس سليمان سوى مرشح واحد بين ثلاثة وعشرين مرشحاً للرئاسة، يتمتع بعضهم بثقل سياسي وشعبي كبير، ويصعب تصور فوزه على هؤلاء جميعاً. ومن ناحية ثانية، لم يكن الرجل مجرد شخصية قيادية في النظام السابق، بل وقف في الصف الأول من هذه القيادة لسنوات طوال، واعتبر بالتالي شريكاً أساسياً في قرارات النظام الكبرى وتوجهه الاستراتيجي، سيما في حقل العلاقات الخارجية. ومن ناحية أخرى، فإن سليمان سبق وأن جرب حظه في الوصول إلى موقع الرئاسة عندما أعلنه الرئيس السابق نائباً له وبدأت محاولة لإقناع الشارع المصري بسيناريو تخلي مبارك عن معظم سلطاته وتفويض هذه السلطات لنائب الرئيس، مقابل توقف الحركة الشعبية؛ ولكن جماهير المصريين رفضت هذا التصور وأصرت على إطاحة الرئيس ونائبه. مرشح بمثل هذا السجل ما كان يجب أن يشكل خطراً.{nl}هذا كله صحيح، وربما هناك ما هو أكثر إن سمح بفتح ملف سليمان على مصراعيه. ولكن الصحيح أيضاً أن هذا المرشح بالذات مثل تهديداً لما قامت الثورة المصرية من أجله، وأنه كان سيصبح مرشحاً قوياً للرئاسة، ما كان يجب الاطمئنان إلى أن هزيمته شأن يسير. خلال ساعات من إعلان سليمان عودته إلى سباق الرئاسة، وحتى قبل ذلك الإعلان بأيام، كانت شبكة واسعة ونافذة من رجال الأعمال، القاهريين وغير القاهريين، وقيادات الحزب الوطني وفروعه التنظيمية، تعمل باجتهاد غير مسبوق من أجل جمع الثلاثين ألف توكيل من المواطنيين المصريين لدعم الترشح؛ وهو الشرط الذي يضعه القانون لقبول المرشح المستقل. وقد تقدم سليمان للهيئة العليا للانتخابات بأكثر من ثلاثة وأربعين ألفاً من التوكيلات، يعتقد أنها جمعت خلال أسبوع واحد فقط. وما أن تأكد خوض سليمان لانتخابات الرئاسة حتى أخذت الأصوات تعلو لتأييده من شخصيات صحافية وفكرية، من فنانين وفنانات ذائعي الصيت، من شخصيات عامة، من رجال أعمال، ومن محطات تلفزة بالطبع. وحتى إن لم يكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤيد ترشح اللواء سليمان، فإن جسم الدولة المصرية على المستويين الوسيط والأدنى لم يتغير كثيراً منذ تنحي مبارك عن الحكم. أغلب المحافظين لم يزالوا في مواقعهم، ومعهم قيادات الصف الثاني الأمنية، إضافة إلى بنية الإدارة المحلية، التي يمكن، إن أرادت، أن تلعب دوراً كبيراً في العملية الانتخابية. ولهؤلاء جميعاً نفوذ كبير في المناطق التي يتواجدون فيها، سيما خارج العاصمة القاهرة، كما أنهم يمتلكون القدرة على الوصول إلى الكتل العائلية والعشائرية والريفية الكبيرة. ومن الطبيعي أن يكون بينهم عدد ملموس من المؤيدين لسليمان والذين يتمنون رؤيته رئيساً للبلاد. عندما تتوفر لهؤلاء إمكانيات مالية كافية، وهو الأمر المتوقع، سيتحولون إلى قوة تدخل انتخابية بالغة الفعالية والأثر. {nl}إضافة إلى ذلك كله، ثمة قطاع لا يمكن تقديره من المصريين العاديين الذين أيدوا الثورة وشاركوا في أحداثها، ولكن أعباء العام الماضي، الأمنية والاقتصادية، أثقلت كواهلهم وكواهل أسرهم، وجعلتهم أقل تأييداً للثورة وأكثر رغبة في تولي ما وصف خلال الأسابيع القليلة الماضية بـ 'الرجل القوي'، القادر على مواجهة الأزمات المتلاحقة التي تواجه البلاد وحياة الناس اليومية. ولا يخفى أن عدداً من الدول العربية يرغب في عودة قيادة مصر إلى حوزة الحرس القديم من الطبقة السياسية، بدلاً من المجهولين الجدد من السياسيين الذين دفعتهم تيارات الثورة إلى مقدمة المسرح. ولأن تدهور الاقتصاد المصري بات الهم الرئيسي لمعظم المصريين، فإن جانباً من دعاية سليمان المبكرة سلط الأضواء على علاقاته العربية وقدرته على توظيف هذه العلاقات لحل أزمة البلاد الاقتصادية المالية المركبة.{nl}لم يكن عمر سليمان المرشح الأول للرئاسة من كبار رجال عهد الرئيس السابق مبارك. سبقه إلى المنافسة الفريق أحمد شفيق، قائد سلاح الطيران الأسبق، وزير طيران لاحق، وآخر رئيس لوزراء حكومة مبارك. ولكن ترشح شفيق لمنصب الرئاسة لم يثر من القلق وردود الفعل ما أثاره ترشح سليمان. وهذا في حد ذاته مؤشر كاف على جدية التحدي الذي مثله سليمان للمرشحين الآخرين وللقوى السياسية التي فتحت لها الثورة أبواب العمل السياسي ولشباب الثورة. خلال ساعات من تقدم سليمان بأوراقه للجنة العليا للانتخابات، تحرك المصريون، برلماناً وقوى سياسية وشعبية وشارعاً، لمواجهة التحدي وسد الفجوة. وفي خطوة غير مسبوقة ربما في تاريخ مجلس الشعب المصري، أقر البرلمانيون المصريون يوم الخميس الماضي (12 إبريل/ نيسان) تعديلاً في قانون ممارسة الحقوق السياسية، يمنع الرئيس ونوابه ورئيس وزرائه وقادة الحزب الوطني (المنحل)، في السنوات العشر السابقة على تنحي مبارك، من ممارسة حقوقهم السياسية، بما في ذلك الترشح لمنصب الرئيس، لعشر سنوات قادمة. وقد أرسل التعديل إلى رئيس المجلس العسكري (بصفته قائماً بأعمال رئيس الجمهورية) لتوقيعه. كما تداعت القوى السياسية الإسلامية لمظاهرة مليونية يوم الجمعة 13 إبريل/ نيسان، باسم الحفاظ على الثورة، لتتبعها مظاهرة أخرى في الجمعة التالية، دعت لها عدة قوى سياسية وشبابية. كما شهدت عواصم المحافظات المصرية سلسلة من التظاهرات العفوية والمنظمة، احتجاجاً على ترشح سليمان. وفي الوقت نفسه، كانت جماعات شبابية، بما في ذلك جماعة 6 إبريل، بدأت توزيع عشرات الآلاف من الملصقات والمنشورات، التي توضح لعموم المصريين الخطر الذي يتهدد ثورتهم ومستقبل بلادهم السياسي.{nl}ثمة من رأى أن تعديل قانون ممارسة الحياة السياسية، الذي بات يعرف بقانون العزل السياسي، قد وضع حلاً للمشكلة، وأن سليمان وشفيق سيخرجان من السباق على الرئاسة قريباً بقوة القانون. ولكن الحقيقة أن وضع التعديل القانوني محفوف بالاحتمالات. فلأن شؤون مصر السياسية تخضع لإعلان دستوري مؤقت لا يسمح بالعزل السياسي بأثر رجعي، ولأن القوانين لابد أن تكون عامة ومجردة، ولا تسن لاستهداف أشخاص بعينهم، فقد ثار جدل حول دستورية العزل السياسي.{nl}مثل هذا الجدل قد يدفع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعدم التصديق على التعديل المرسل إليه من البرلمان، أو إلى تحويل التعديل إلى المحكمة الدستورية للنظر في شرعيته. وحتى إن صدق المجلس الأعلى، فإن قانوناً لا يصبح واجب النفاذ إلا بعد شهر من نشره في الجريدة الرسمية. ولذا، فسرعان ما برز سؤال كبير حول ما إن كانت الهيئة العليا للانتخابات ستأخذ بالقانون بمجرد نشره، أو أنها ستنتظر شهراً لتطبيقه، وإن أخذت بالخيار الثاني، فكيف سيكون موقف سليمان وشفيق عندها؟ إن سار قانون العزل السياسي الجديد في طريقه بلا عقبات، لم يكن هناك من شك بأنه سيعيد سليمان وشفيق إلى منزليهما، ويضع نهاية لهذه المعركة المدوية والمتأخرة من الصراع الدائر على مستقبل مصر وروحها. ولكن أحداً ما كان يمكنه الاطمئنان إلى مصير هذا القانون، وهو ما استدعي حراكاً شعبياً واسع النطاق، من أجل مواجهة الخطر الداهم الذي يمثله ترشح سليمان والقوى والأمكانات الهائلة التي تقف خلف ترشحه.{nl}لم يكن من المتوقع مطلقاً أن تكون عملية تغيير مصر يسيرة. عندما يتعلق الأمر بمركز الثقل العربي، تصبح الثورة وعملية التغيير شأناً مصرياً وعربياً ودولياً. وليس مثل اللواء سليمان من تلتقي عنده هذه الدوائر الثلاث. أصبح سليمان، على نحو ما، الأمل الأخير لجماعات مصالح كبرى، سياسية واقتصادية، داخل مصر، في إيقاف عجلة التغيير وإعادة الساعة، ولو جزئياً، إلى الخلف. في حال فشلت جماعات المصالح هذه في إيصال مرشحها لمقعد الرئاسة، فقد انتهت سيطرتها على مقاليد البلاد السياسية والاقتصادية كلية. ولعل هذا ما دفع سليمان للتوكيد على أن خياره هو العمل من أجل منصب رئاسة قوي ومؤثر، ورفض الأفكار المتداولة حول تعديل بنية الحكم في الدستور المصري الجديد، لتنزع من رئيس الجمهورية الكثير من صلاحياته. كما أن دولاً عربية بعينها رأت أن تغيير مصر سيشكل تهديداً لنفوذها، بل وربما خطراً على وجودها. وقد كان هذا هو السبب الرئيسي خلف امتناع هذه الدول عن الوفاء بتعهداتها لمساعدة مصر على الخروج من أزمتها المالية والاقتصادية الراهنة، وربط هذه المساعدات بطبيعة الحكم الجديد في مصر وتوجهاته السياسية الخارجية. وقلق الدولة العبرية ودول غربية أخرى من التغيير في مصر، ومن حالة فقدان اليقين التي تحيط بمستقبل مصر السياسي وخيارات مصر الجديدة في حقل السياسة الخارجية، لا يقل عن قلق بعض العرب.{nl}ما حدث خلال العام الماضي كان وقوع تشقق ملموس في النظام العربي القديم. وما شهدته مصر خلال الأسابيع الأخيرة كان محاولة بالغة الجدية والتصميم من قبل النظام القديم لإيقاف عجلة التغيير، وإيقاع هزيمة في قوى الثورة والتغيير في البلد العربي الأكبر. ولأن ما لم تتغير مصر، فإن كل شيء في هذا المجال العربي الفسيح سيعود إلى ما كان عليه، فإن آمال حركة الثورة العربية كانت معلقة بالفعل بإرادة المصريين وتصديهم للهجمة المضادة. وليس ثمة شك في أن المصريين كانوا عند حسن ظن العرب بهم. وهذا هو ما أدى في النهاية لإسقط ترشح سليمان، ولأسباب قانونية بحتة!{nl}مدينة القدس والواقع الديمغرافي الراهن{nl}بقلم:علي بدوان عن البيان{nl}عملت سلطات الاحتلال طوال العقود الأربعة الماضية من الاحتلال الكامل لمدينة القدس، على صناعة الوقائع على الأرض واستباق كل شيء، عبر إحداث التغيير الديمغرافي للانتقال بالمدينة الموحدة بجزأيها الشرقي والغربي، إلى مدينة يهودية صافية تقريباً، بحيث يصبح الوجود العربي الإسلامي والمسيحي فيها محدوداً، ودون أي تأثير مهم على صعيد الطابع العام للمدينة، وعلى صعيد بنيتها الديمغرافية.{nl}فمثلاً في الفترة ما بين 1967 و2010 سحبت سلطات الاحتلال أكثر من 14 ألف بطاقة هوية من المقدسيين، شملت أكثر من 20% من الأسر المقدسية. وفي الفترة ما بين 2006 و2008 تم سحب 50% من مجموع ما سحب من بطاقات حتى 2010.{nl}وفور الاحتلال الكامل للمدينة، عملت السلطات المحتلة على توسيع حدودها الإدارية إلى نطاق ما بات يعرف بـ«متروبلين» القدس الكبرى، التي أمست مساحتها تساوي ربع مساحة الضفة الغربية تقريباً، والبالغة نحو 5888 كيلومتراً مربعاً، ولتصبح مدينة القدس من أكبر مدن العالم على الإطلاق من حيث المساحة الإدارية.{nl}وفي هذا يكمن المعنى العميق للسلوك الإسرائيلي الصهيوني تجاه المدينة ومستقبلها، ومستقبل ما يسمى بعملية التسوية التي دخلت إلى ثلاجة منذ سنوات طويلة، وقد اصطدمت بجدار سميك من التعنت الصهيوني.{nl}وخلال 46 عاماً من الاحتلال الكامل للمدينة بجزأيها الشرقي والغربي، عملت سلطات الاحتلال على إحداث أوسع عملية تهويد للمدينة، فبنت فيها 11 حياً استيطانياً، كل منها يعتبر مدينة.{nl}وسيطرت على 40% من العقارات في البلدة القديمة، وعلى مبان عديدة في الأحياء العربية ووطنت المستوطنين فيها، وبنت جداراً يقطع صلاتها عن الضفة الغربية وبأحياء وقرى محيطة، وأهملت الأحياء العربية تماماً.{nl}وكان الهدف من هذه الإجراءات، هو تيئيس سكانها الفلسطينيين، وتقليص نسبتهم إلى 25% من سكان الشقين معاً. لكن هذه الناحية في مخطط التهويد فشلت، وفقاً لإحصاءات وزارة داخلية الاحتلال.{nl}والتقديرات للمستقبل تؤكد استمرار هذا الفشل، حيث إن نسبة الفلسطينيين ترتفع عن المعدل العام كلما صغر سنهم.{nl}فالشباب في جيل 18 عاماً، يتساوى تقريباً عددهم: 9502 من اليهود، مقابل 9292 من العرب، أي أن الفلسطينيين منهم يشكلون نسبة 49%، وهو مؤشر هام ويحمل أكثر من دلالة. وفي جيل 16 عاماً هناك 9462 من اليهود، و9064 من العرب.{nl}ومع ذلك، وعند الحديث عن الوجود البشري والسكاني، وعلى الرغم من مشاريع الاستيطان والتهويد الضخمة، والإجراءات القمعية لترحيل المواطنين العرب عن القدس، فإن سلطات الاحتلال لم تفلح ولم تنجح، كما أرادت، في تقليص نسبة السكان من المواطنين العرب الفلسطينيين، من سكان القدس أصحاب البلد الأصليين.{nl}وإذا قيض لوتيرة النمو السكاني الطبيعي (الولادات ـ الوفيات) أن تبقى فيها على حالها اليوم، فإن نسبة المواطنين العرب ستزيد أكثر وستقترب من النصف. ففي إحصاءات جديدة نشرتها وزارة داخلية الاحتلال قبل فترة قصيرة، جاء أن عدد سكان القدس المحتلة اليوم، بشقيها الشرقي والغربي، بلغ 933 ألفاً و113 نسمة، بينهم 320 ألف فلسطيني.{nl}وأنه، حسب وتيرة النمو في السنة الماضية (حيث زاد عدد سكانها بـ81891 نسمة)، سيصبح تقريباً مليون نسمة، وستظل نسبة العرب فيهم 34%.{nl}وعليه، فقد أدت تلك العمليات التهويدية الإجلائية الاستعمارية، لابتلاع المزيد من أراضي المدينة وما حولها من أبنائها المقدسيين الذين لم يبق في أيديهم سوى 11% تقريباً من مساحة القدس الشرقية.{nl}فقد نهش غول الاستيطان المدينة على محيطها وفي داخلها، وتحديداً في الأحياء القديمة التي بدت منذ سنوات خلت هدفاً رئيساً لعمليات القضم والتهويد، حيث يتم التحايل على أصحاب تلك المنازل بمصادرتها مباشرة، أو شرائها منهم إما بالقوة أو بالمصادرة مع التعويض المحدود، تحت عنوان إنشاء حدائق أو محميات طبيعية أو غير ذلك من العناوين، ومنها منزل مفتي فلسطين وبلاد الشام المرحوم الحاج محمد أمين الحسيني، وما يحمله من دلالات ورمزيات، والذي صودر وتم تحويله إلى فندق صهيوني (فندق شيبرد).{nl}ولكم أن تتصوروا أن مشروع إقامة ما يسمى بـ«متحف التسامح» (لاحظوا؛ متحف التسامح!)، سيتم وفق المخطط الإسرائيلي، على أجساد الأموات والشهداء في مقبرة «مأمن الله» الإسلامية التاريخية في القدس، والتي تضم بين ثناياها رفات عشرات الشهداء من الصحابة، ومنهم الصحابي عبادة بن الصامت.{nl}كما كانت «اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء» في القدس المحتلة، أودعت قبل أيام قليلة، مخططاً هيكلياً لمركز يهودي في ساحة البراق من الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك، بالإضافة إلى مخطط آخر لبناء مركز يهودي في الجهة الغربية لساحة البراق، مقابل باب المغاربة.{nl}وفي المحصلة، باتت المدينة المقدسة تعيش لحظات حاسمة وعصيبة، في وقت لم يعد فيه الصمت ممكناً، ولم يعد فيه أيضاً الكلام والجمل الإنشائية كافية لنصرة المدينة وإنقاذها وإنقاذ أهلها من أخطبوط التهويد الزاحف، ولم تعد البيانات الاستنكارية وبيانات التنديد والشجب ذات مفعول أو تأثير في مسار ما يجري في المدينة المحتلة، وما يجري في حق الأقصى وعموم الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.{nl}فالشعب الفلسطيني لم يعد يطيق أصوات الشجب أو الإدانة، بل يريد أن يسمع وأن يرى إجراءات واستراتيجيات على الأرض.{nl}فالمشكلة على الدوام أن الخطاب السياسي العربي والإسلامي تجاه القدس، منذ الاحتلال الكامل للمدينة عام 1967، كان وما زال مشبعاً إلى حدود التخمة بالجمل الإنشائية، ومليئاً بالمناشدات الأخلاقية والوجدانية لعموم الهيئات الدولية من أجل نصرة القدس وشعبها ومواطنيها، في وقت لم تعد فيه تلك المناشدات تُسمن أو تغني من جوع، وفي وقت لم يعد فيه العالم يريد أن يسمع المناشدات والنداءات أو يلتزم بالمواقف الأخلاقية، خصوصاً بعض الدول المتحكمة في القرار الأممي، التي لا تريد دوماً أن تسمع غير لغة المصالح.{nl}فهي لا تأبه لميزان الأخلاق أو لعدالة القضايا المطروحة، بمقدار ما تنشد نحو خيارات لها علاقة بمصالحها واستراتيجياتها في المنطقة العربية وعموم الشرق الأوسط، ومنها فلسطين وقضيتها.<hr>إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً (http://192.168.0.105/archive02/attachments/DocsFolders/05-2012/عربي-88.doc)