Haidar
2012-05-12, 12:14 PM
الفلسطينيون في وادٍ وقيادتهم في وادٍ آخر{nl}بقلم: علي جرادات_دار الخليج{nl}شكل القرن التاسع عشر قرْنَ تشكل “الدولة الأمة”، سواء بتجميع الأمة المنتشرة في دول عدة في دولة واحدة، أو بانقسام الإمبراطوريات متعددة القوميات إلى دول قومية . وفي العقد الثاني من القرن العشرين حاول العرب الانفصال عن الإمبراطورية العثمانية وتشكيل دولة عربية واحدة، لكن الدول “الغربية” التي تحالفوا معها في الحرب العالمية الأولى، قامت بتقسيم الوطن العربي ب”مبضع” اتفاقيتي سايكس-بيكو (1916)، وسان ريمو (1920)، إلى دول عدة بعضها مستقل وبعضها تحت الانتداب، بينما تضمن صك الانتداب البريطاني على فلسطين وعداً ب”إقامة وطن قومي لليهود” فيها، وقد تم تنفيذ هذا الوعد بعد ثلاثة عقود من التهيئة في عام ،1948 عام نكبة فلسطين وشعبها التي تحل بعد أسبوع ذكراها ال،64 بل تحل ذكرى مرور 64 عاماً من الصراع عليها، صراع طاحن شكلت الأرض والسيطرة عليها جوهره ومحوره الأساس، ودون هذا الفهم ما هو إلا تفريع للأصل أو تأصيل للفرع، يقود الانجرار إلى أي منهما إلى تيه سياسي ليس بعده تيه، ذلك أنهما وجهان لعملة سياسة صهيونية واحدة . وهذا استخلاص كبير ليس المطلوب تظهيره والتشديد عليه باستمرار فقط، إنما تبنيه أيضاً، وهذا هو الأهم، منطلقاً لا محيد عنه في كل محطة من محطات رسم سياسة إدارة الصراع برنامجاً وممارسة، وبالمعنيين الاستراتيجي والتكتيكي .{nl}إذ دون ذلك، وبصرف النظر عن النوايا، تغرق سياسة إدارة الصراع في تفاصيل تجلب صاحبها بوعي أو من دون وعي، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى اللعب السياسي البائس في ملعب المخططات السياسية الصهيونية ومن يدعمها، وهي المخططات التي طرأت عليها تغيرات في تكتيكاتها وأساليبها ووسائلها تبعاً لتغيرات معطيات الصراع وظروفه وميزان قواه، لكن هدفها لم يتبدل أبداً حيث ظل هو هو الاستيلاء على الأرض وابتلاعها واستيطانها وتهويدها وتمزيقها واقتلاع وتهجير وتشريد سكانها الأصليين العرب الفلسطينيين منها، الذين ظلوا بدورهم، ولا يزالون، وحيثما أقاموا، مقاومين متشبثين بحقهم في استعادة أرضهم والعودة إليها، ذلك رغم كل ما تعرضوا له، ولايزالون، من تطهير عرقي قل نظيره في العصر الحديث، ورغم كل ما ارتكب بحقهم، ولايزال، من جرائم موصوفة يندى لها جبين كل من لم يعتلِ الصدأ ضميره، أو يفقد حسه الإنساني، بعد .{nl}بل، وحتى بعد انحناءة موافقة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على مشاركة وفد من الأراضي المحتلة عام ،1967 ضمن الوفد الأردني وتحت مظلته، في مفاوضات “مؤتمر مدريد للسلام” عام ،1991 وعلى الرغم مما أحدثته هذه الانحناءة من شرخ في الوحدة السياسية للشعب الفلسطيني، ظل الوفد، برئاسة المرحوم حيدر عبد الشافي، متنبهاً لجوهرية موضوعة الأرض ومحوريتها، حيث طالب قيادة المنظمة بوقف تلك المفاوضات ما لم توافق “إسرائيل” على مطلب التوقف عن مواصلة عمليات الاستيلاء على ما تبقى من الأرض الفلسطينية واستيطانها وتهويدها، ليكتشف ومعه كل الشعب الفلسطيني وقواه السياسية والمجتمعية أن قيادة المنظمة كانت تدير مفاوضات سرية تخلت فيها عن الأساسي من أوراق قوتها، ومن أهمها، وربما أهمها، التخلي عن شرط المطالبة بوقف عمليات الاستيطان والتهويد، مقابل السماح بإقامة “سلطة فلسطينية انتقالية” في “غزة وأريحا أولاً” انتهى عمرها الزمني في مايو/أيار 1999 وفقاً لبنود “اتفاق أوسلو” الذي أنجبها وسن اشتراطاتها الثقيلة وحدد صلاحياتها المحدودة والمقيدة، التي، وبرغم استمرار سلب المزيد من الأرض في ظلها، قرر أرييل شارون في العام 2002 شطبها، (الصلاحيات)، وتحويلها إلى اسم بلا مضمون، وذلك كرد عملي على “مبادرة السلام العربية” التي لم يكن قد جف حبرها بعد، حين أقدم على اجتياح الضفة الغربية .{nl}ومذّاك، (على الأقل)، صار واضحاً أنه بالعبث أشبهُ: الاستمرار بالمفاوضات المباشرة تحت الرعاية الأمريكية سبيلاً لاستعادة ولو الحد الأدنى من الحقوق العربية والفلسطينية المغتصبة، وأنه لم يعد ثمة من خيار سوى البحث عن سبيل آخر، (بديل)، ولكن هيهات أن يقتنع بهذا الاستخلاص أصحاب نظرية “الحياة مفاوضات”، فيما الأرض يزداد استيطانها وتهويدها يوماً عن يوم، وبصورة مسعورة تشي بأن قادة “إسرائيل”، إنما يسابقون الزمن لاستكمال السيطرة عليها، فيما يواصل أصحاب نظرية “الحياة مفاوضات” تبديد هذا الزمن في المزيد من جولات التفاوض العبثي، بل، ودخلوا، ومعهم قيادة “حماس” منذ يونيو/حزيران 2007 في متاهة اقتتال وانقسام داخليين عبثيين مدمرين، أفقدهما أهم أوراق قوتهما، وزادهما ضعفاً على ضعف، ووهناً على وهن، ليصبحا جنباً إلى جنب في واد غير وادي المجابهة الفعلية مع الاحتلال، المجابهة التي ماانفك الشعب الفلسطيني يقوم بها، إنما بشكل مشتت، وفي ظل غياب ناظم سياسي وقيادي واحد موحد وموحد .{nl}وفي العام 2008 شكل صعود أكثر الأحزاب الصهيونية تشدداً، بل، وأكثرها فاشية كما تصفها حتى جهات “إسرائيلية”، إلى سدة الحكم في “إسرائيل” بقيادة نتنياهو، حدثاً سياسياً أنبأ منذ وقوعه بأن المنطقة العربية وغلافها الإقليمي قد دخلت في أتون محطة تصعيد سياسي غير مسبوق، وبأن الشعب العربي الفلسطيني بالذات قد دخل، (قضية وأرضاً وحقوقاً)، وحيث وجد، في طور نوعي من المواجهة لا يقوى على التصدي للحد الأدنى من استحقاقاتها الثقيلة إلا بتوافر شرطين مترابطين، شرط الخروج على الإملاءات المترتبة على “السلطة الفلسطينية”، سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وهي الثقيلة والمجحفة، وشرط إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية بمعناها السياسي أولاً وقبل أي معنى آخر . لكن مرة أخرى هيهات أن تقتنع بمتطلبات هذا الاستخلاص ومقتضياته قيادتا “المنظمة” و”حماس” اللتان ما انفكتا تتحاربان على “سلطة لا سلطة لها” على الأرض التي ما لم يجرِ إعادة رسم سياسة المواجهة مع الاحتلال على أساس، وانطلاقاً من، كونها، (الأرض)، قبل أي شيء آخر، جوهر الصراع ومحوره الأساس، ستبقى قيادتا “المنظمة” في الضفة و”حماس” في غزة تدوران في حلقة مفرغة من التيه السياسي، وتحبطان بالنتيجة، وبمعزل عن النوايا، كل إمكانية لتحويل الهبات الجماهيرية التي لم تنقطع، وآخرها هبة الأسرى وبطولتهم الأسطورية منقطعة النظير، إلى انتفاضة شعبية متصلة ومستمرة .{nl}إرادتكم ستنتصر على سجانكم{nl}بقلم: صلاح أبو صلاح_ صحيفة الخليج الإماراتية{nl}لقد اثبت أسرانا البواسل في السجون الإسرائيلية بإرادتهم الصلبة في مواجهة السجان الإسرائيلي إن الكف الأعزل يمكن أن يواجه المخرز بل وينتصر عليه ، ما يخوضه أسرانا من معركة غير متكافئة ضد السجان الإسرائيلي والتي لا يمتلكون فيها إلا أمعائهم الخاوية وإرادتهم الصلبة كسرت كل المعادلات في الصمود وأثمرت هذه المعركة عن كسر عنجهية السجان الإسرائيلي . في هذه الأيام الهامة في تاريخ شعبنا الفلسطينية وقضيته العادلة ليس أمامنا إلا أن نقف وقفة شموخ وإجلال أمام هذه العزيمة الفولاذية التي يتحلى بها أسرانا البواسل الذين كانوا أيضا نماذج لقيادة المقاومة الفلسطينية قبل الأسر.{nl}ماقام به الأسير المحرر خضر عدنان والأسيرة المحررة هناء الشلبي وما قام به الأسرى من قبل وما يقوم به الأسرى الآن من معركة شرف ضد المحتل الإسرائيلي الذي سلبهم حريتهم وعاقبهم على نضالهم ضده من اجل انتزاع الحق الفلسطيني من براثن الاحتلال الإسرائيلي لهو يسطر بمداد من نور في كتب التاريخ بصفحات ناصعة تجسد ملحمة بطولية يخوضها أسرى مطالبين بحريتهم ومن قبلها حرية شعبهم المحتل . وإننا نشد على أيدي أسرانا الأبطال الذين يخوضون الإضراب عن الطعام على الرغم من معاناة عدد كبير منهم من الأمراض جراء معاناة الأسر وقمع الجلاد الإسرائيلي ، وحتما يا أسرانا ستنتصرون على جلادكم فإما الحرية وإما الشهادة وفي كلا الأمران انتم منتصرين في سبيل نيل حريتكم حيث لا يختلف السجن عن الموت فانتم شهداء مع وقف التنفيذ. لا تلتفتوا يأسرانا لحالة الانقسام السياسي التي يعاني منها الشعب الفلسطيني فانتم رمز الوحدة المتبقي لنا حيث انتم القضية التي يجمع عليها جميع أبناء الشعب الفلسطيني وانتم أول من خط وثيقة للوفاق الوطني لإنهاء الانقسام السياسي . وعلى الرغم من حالة القمع المتواصلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بحقكم والعمل على ثنيكم عن إضرابكم المشروع عن الطعام إلا إننا ثقة بكم إنكم ستواصلوا إضرابكم حتى تحقيق مطالبكم المشروعة التي نصت عليها كل المواثيق والأعراف الدولية التي تحفظ حق الأسير في زمن الحرب . المنظمات الدولية وهيئة الأمم المتحدة مطالبة باتحاد موقف جاد وحازم ضد الاحتلال الإسرائيلي وما يمارسه بحق الأسرى في السجون الإسرائيلية من إجراءات العزل الانفرادي ومنع الحق في التعلم ومنع زيارة ذويهم وعدم تلقي العلاج للأسرى المرضى .{nl}وما يحصل من صمت وتواطؤ من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تجاه ما يحصل للأسرى الفلسطيني في السجون الإسرائيلية هو وصمة عار على جبين هذه المنظمات التي تصم أذاننا بحرصها على حقوق الإنسان وحرية الشعوب. الفصائل الفلسطينية مطالبة بالعمل بشكل جاد من اجل تطبيق اتفاق المصالحة وطي صفحة الانقسام لتقديم خطوة معنوية هامة تعزز صمود الأسرى في هذه المرحلة الهامة في نضالهم ضد السجان الإسرائيلي ، حيث هذه هي الخطوة التي يحتاجها الأسرى وليس الخطابات الرنانة والبيانات الحماسية . الأسير الفلسطيني حينما غلب حرية شعبه على حريته لم يكن يحلم بان الانقسام السياسي الذي يعصف بالساحة الفلسطينية هو ما ستؤول إليه القضية الفلسطينية ،إن توحيد الجهود الوطنية وطي الانقسام هو واجب وطني عاجل والتوجه بشكل موحد لدعم قضية الأسرى وتدويلها في المؤسسات والمحافل الدولية. ختاما أسرانا البواسل انتم حتما منتصرين على سجانكم وسينتصر الكف على المخرز.{nl}مناقشة لبرنامج المرشح الرئاسي عمرو موسى{nl}بقلم :السيد يسين_ جريدة النهار{nl}البرنامج الرئاسي لعمرو موسى ليس وليد لحظة قراره بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية في مصر، ولكنه حصيلة اهتمام قديم بالتفكير الاستراتيجي بالمعنى العميق لكلمة استراتيجية، أي التي لا تنفصل ابداً عن التنمية بمعناها الشامل.{nl}إلتفتنا منذ سنوات بعيدة قبل قيام ثورة 25 يناير وبالتحديد عام 2004، إلى أهمية تجمع كل التيارات السياسية فى البلاد، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والمعبرة عن مختلف القوى الاجتماعية، على ضرورة الإصلاح الشامل، أو بعبارة أدق التغيير الاجتماعي المخطط.{nl}وليلاحظ القارئ أننى استخدمت مصطلح الإصلاح الشامل ولم ألجا إلى مصطلح الثورة لأننا – في ذلك الوقت- سواء فى مصر أو في العالم العربي كنا نعيش حقبة "التحول الديموقراطي"، والتي تعني الانتقال التدريجي من خلال الإصلاح لا الثورة، من السلطوية إلى الديموقراطية.{nl}كانت فكرة الثورة في الواقع بعيدة عن أذهان المفكرين والسياسيين. وإن كانت طافت بأذهان البعض باعتبارها سيناريواً افتراضياً يهب فيه سكان "العشوائيات" ليقوموا بثورة الجياع احتجاجاً على حياة البؤس الشامل التي يرسفون فيها، وضد القمع السياسي والتهميش الاجتماعي في الوقت نفسه.{nl}ويمكن القول ان فكرة قيام ثورة سياسية كانت بعيدة عن التصور. غير ان المعجزة حدثت بالفعل بحكم جسارة فريق من شباب الناشطين السياسيين المصريين الذين مارسوا فى مدوناتهم بجرأة شديدة النقد العنيف للممارسات المنحرفة لنظام الرئيس السابق حسني مبارك، ثم انتقلوا إلى "الفيس بوك" ليحتشدوا الكترونياً في الفضاء المعلوماتي الواسع الذي لا تحده قيود ولا حدود، للتخطيط لانتفاضة جماهيرية يوم عيد الشرطة في 25 يناير، والتي تحولت في لمح البصر ثورة شعبية بحكم التحام ملايين المصريين من كل الطوائف الاجتماعية بها.{nl}وإذا عدنا إلى الطرح الفكري الذي قدمته عام 2004 في مقالي الذي أشرت إليه، أجدني قد ركزت على مفهوم "الرؤية الاستراتيجية" باعتباره أصبح يستخدم في الأدبيات السياسية الحديثة، بديلاً من مفهوم "المشروع القومي" ويعني مجموع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يتبناها نظام سياسي ما في الربع القرن المقبل.{nl}وإذا حاولنا أن نعرف تعريفاً دقيقاً الرؤية الاستراتيجية لقلنا إنها - وفق أحد المصادر العلمية الموثوقة - "صورة ذهنية لما ينبغي أن يكون عليه عالم المستقبل. وبلورة الرؤية الاستراتيجية ينبغي أن يسبقها التنبؤ بتطورات الواقع الحالي لتقدير الصورة التي سيتشكل عليها المستقبل. ومن المهم التركيز على أن الرؤية الاستراتيجية تساعد في توجيه صوغ الاستراتيجية المقترحة لتحقيق التنمية المستدامة وفي تنفيذها على السواء. وهي تجعل الاستراتيجية تتسم بالمبادرة بدلاً من أن تكون مجرد رد فعل للمستقبل.{nl}وحين وصلتني نسخة من البرنامج المقترح للسيد عمرو موسى المرشح لمنصب رئيس الجمهورية، تذكرت كتاباتي المتكررة عن أهمية وضع رؤية استراتيجية لمصر، حتى لا نقع في مجال العشوائية التنموية والقرارات غير المدروسة، وقطعاً لحبال الفساد المتشابكة التي عادة ما تتحكم في عملية صنع القرار، لمصلحة القلة من أهل السلطة المتحكمين ورجال الأعمال الفاسدين، على حساب الجماهير العريضة التي تناضل كل يوم في سبيل الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وهي الشعارات الكبرى لثورة 25 يناير الرائدة.{nl}وحين طالعت بإمعان أوراق البرنامج الذي وضع له عمرو موسى عنوان "إعادة بناء مصر: رؤيتي للجمهورية الثانية"، أدركت على الفور أنه تطبيق خلاق لمفهوم الرؤية الاستراتيجية، والتي يمكن بناء على التنفيذ الدقيق لمفرداتها أن تحقق النهضة التي نرجوها لبلادنا العزيزة.{nl}ولم أُدهش كثيراً لتوفيق عمرو موسى في التركيز على مفهوم الرؤية الاستراتيجية، وتفصيل ما يراه من أفكار متعددة لتحقيقها على أرض الواقع. فقد تابعت منذ سنوات مسيرته الحافلة منذ أن كان سفيراً مرموقاً وطموحاً في الخارجية، إلى أن أصبح وزير خارجية مصر، حيث إحتل مكانة متفردة بين من شغلوا هذا المنصب من قبل، مما أضفى عليه جماهيرية واسعة.{nl}غير أن عمرو موسى بالإضافة إلى ذلك كان معنياً منذ وقت مبكر بالتفكير الاستراتيجي. ويشهد على ذلك حرصه على الاشتراك في المؤتمر الاستراتيجي العربى الأول الذى إنعقد فى عمان في 15-17 ايلول 1987 وهو المؤتمر الذي اقترحت فكرته، بعد أن أصدرنا فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام "التقرير الاستراتيجي العربي عام 1986". وكان هذا التقرير الخطوة الأولى لتنفيذ مشروع متكامل يتمثل في السعي المخطط لإنشاء جماعة عربية للأمن القومي تتكون من الباحثين في الاستراتيجية والديبلوماسيين وضباط القوات المسلحة.{nl}شارك في وفد المركز الذي سافر إلى عمان السفير - وقتها - عمرو موسى والذي كان آنذاك مدير الهيئات الدولية بوزارة الخارجية. وأتذكر حتى الآن أداءه الرفيع المستوى في المؤتمر، حين تناول بالتفنيد عدداً من الملاحظات النقدية التى وجهت إلى سياسة مصر الخارجية.{nl}ومن هنا يحق لنا القول إن البرنامج الرئاسي لعمرو موسى ليس وليد لحظة قراره بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية، ولكنه حصيلة اهتمام قديم بالتفكير الاستراتيجي بالمعنى الشامل لكلمة الاستراتيجية، والتي لا تتفصل أبداً عن التنمية بمعناها الشامل.{nl}وأريد لكي أدلل على هذه الحقيقة أن أركز على عدد من الأفكار المحورية التي صدّر بها عمرو موسى برنامجه الطموح لإعادة بناء مصر. في السطور الأولى لمقدمة البرنامج نراه يتحدث عن الجمهورية الثانية التى يتمنى قيادتها والتي ينبغي أن تكون ديموقراطية دستورية، تقوم على مبادئ ثورة 25 يناير وتتأسس بناء على حركة تغيير ثورية فعالة.{nl}وتقوم رؤية عمرو موسى على أساس ثلاثة بنود رئيسة هي الديموقراطية والتغيير والتنمية.{nl}وفى تطبيق دقيق لنظرية "الرؤية الاستراتيجية" يقرر بكل وضوح "إن رؤيتنا يجب أن تعتمد المتبقي من النصف الأول من القرن إطاراً زمنياً لتحقيق طفرة حقيقية في حياة مصر والمصريين.{nl}ويضيف "إن واحداً من العناصر الأساسية في بلورة أهداف تلك الرؤية هو توقع أن يصل عدد سكان مصر إلى مئة مليون نسمة فى العقد المقبل، وإلى مئة وخمسين مليوناً أو يزيد بحلول عام 2050 (طبقاً لمؤشرات الزيادة السكانية).{nl}وهو أمر يجب الإعداد له منذ الآن في مختلف مناحي الحياة المصرية. ويأتي على رأس ذلك التعليم والصحة والبحث العلمي، وكذلك تعبئة الثروة الوطنية من الزراعة وإمكانات توسعها، والصناعة والتكنولوجيا وحركة تعميقها وتنويعها وتوزيعها، والسياحة ومضاعفتها وغير ذلك من مجالات الحياة.{nl}ويضيف التزامه القاطع برفع راية المواطنة أساساً للوطنية المصرية والمنع الحاسم للتمييز بين المصريين وأن يشترع ذلك في الدستور، ويركز من بعد على إثراء "القوة اللينة" لمصر وإحياء البحث العلمي واستعادة الزخم الفكري والروحي المصري في الآداب والعلوم والفنون.{nl}ويعطي أهمية خاصة للحفاظ على الأمن القومى المصري بكل عناصره السياسية والاقتصادية.{nl}وينهي عمرو موسى مقدمة برنامجه ومهماته، بأنه يعكس طموحات شعب مصر وآماله فى مشروع جاد للنهضة، ويطرح "برامج وخططاً لتحقيقها في إطار من الواقعية التي تحصنها من تقديم الوعود الزائفة أو القفز إلى المجهول، ومن الإفراط في التفاؤل المضلل أو التشاؤم المثبط للهمم.{nl}هكذا تحدث عمرو موسى في مقدمة برنامجه المهم، وتبقى لنا قراءة ثانية في مفردات البرنامج، لنعرف هل كان واقعياً في رسم خطوات التغيير المرغوبة، وهل إعتمد على تشخيص دقيق لمشكلات الحاضر تمهيداً لوضع ملامح المستقبل؟{nl}أسئلة تستحق أن نتابع من بعد إجاباتها المتعددة.{nl}مستقبلنا العثماني{nl}بقلم: مصطفى زين_الحياة اللندنية{nl}ما كان مضمراً في سلوك تركيا حيال الأحداث في العالم العربي أصبح جلياً. ما كان يخضع للتحليل والإستنتاج أصبح سياسة معلنة. أوضح ذلك وزير الخارجية أحمد داود أوغلو خلال مناقشة برلمانية الأسبوع الماضي، قال إن «شرقاً أوسط جديداً يتشكل الآن. تركيا ستقود وتوجه وتخدم موجة التغيير فيه».{nl}منظِر العثمانية الجديدة يستعين بالشعوب المنتفضة ضد حكوماتها لإعادة تشكيل المنطقة. ما سقط من الأنظمة كان يقف عائقاً دون طموحه، وما بقي منها، إما مهدد بالسقوط أو مكبل بالضعف وانعدام الرؤية. ولتأكيد ذلك قال لمعارضيه في البرلمان: «إذهبوا إلى مصر أو تونس أو ليبيا أو القدس واسألوا أهلها: ما رأيكم في سياسة تركيا تجاه سورية وسترون مدى التقدير والاحترام الذي سيبديه هؤلاء تجاهكم!». وتابع: «كما نجحنا في تغيير وجه تركيا خلال عشر سنوات سننجح أيضاً في تغيير الشرق الأوسط لأن تركيا باتت قوة تغيير في المنطقة ومركزاً لصناعة القرار والمستقبل».{nl}يتكلم داود أوغلو بثقة تامة نيابة عن الشعوب العربية في المغرب والمشرق، انطلاقاً من تحالفه مع القوى الجديدة في تونس وليبيا ومصر، ومن موقعه في الحلف الأطلسي ولدى الولايات المتحدة. موقع لا يستهان به أبداً، ولا يعيق تقدمه سوى الواقع في سورية التي حاولت طوال السنوات الماضية أن تكون قطباً إقليمياً أساسياً.{nl}في تاريخ السلطنة العثمانية الذي قرأه جيداً داود أوغلو قبل صوغ نظريته في العثمانية الجديدة أن السلطان سليم الأول انتصر على الصفويين ثم تقدم إلى بلاد الشام، حيث انتصر ايضاً على المماليك في معركة مرج دابق واتجه إلى مصر واحتل كل الأصقاع العربية.{nl}ها هو السلطان الجديد يستعيد تاريخه ويصارع إيران في سورية بعدما خسر معركة في العراق، على امل الإنطلاق منها إلى باقي البلدان العربية ليعمم نموذجه الإسلامي في الحكم. وها نحن من جديد شعوب وقبائل متناحرة، بعضها تقوده أنقرة وبعضها تقوده طهران. وقد اختفى الحديث عن العرب والعروبة وأصبح «لغة خشبية»، على ما يقول مثقفون يرون منتهى الحداثة في العودة إلى الطائفة والمذهب.{nl}الصراع على سورية وفيها أبعد من صراع المنتفضين ضد الإستبداد الطامحين إلى الحرية والديموقراطية (على أهمية هذه القيم وضرورتها)، هو صراع للسيطرة على الشرق الأوسط كله، بموقعه وثرواته. وأكبر دليل على ذلك أن الملتحقين بالإنتفاضات يحاولون استعادة التاريخ بتجلياته المظلمة.{nl}مستقبل المنطقة ترسمه إمبراطوريات قديمة متجددة. أما شعوبها وحكوماتها فملحقة بهذا الجديد أو ذاك. وحين تنتفض تسرق منها طموحاتها وأحلامها وتعاد إلى حظيرة الأيديولوجيا الملتحية لتدجن من جديد.{nl}السعودية ومصر... تغير الزمن وبقي كل شيء مكانه{nl}بقلم: خالد الدخيل _الحياة اللندنية{nl}المتابع للعلاقات السعودية - المصرية منذ ما قبل ثورة 25 يناير وما بعدها لن يفاجَأ بما حصل أمام السفارة السعودية، ولا بما حصل لبعض الإعلام المصري في مثل تلك الأجواء المشحونة. المفاجئ ربما كان القرار السعودي بإغلاق السفارة والقنصليتين، وتوقيته. كان هذا القرار هو الصحيح الذي جاء في لحظته تماماً. لا أقول هذا بعد زيارة الوفد الشعبي المصري للرياض، ونجاحه في مهمته. قلته قبل ذلك في تغريدة لي في حسابي على «تويتر». لم يكن القرار ردة فعل منفلتة، ولم يهدف إلى بعث رسالة عدائية لمصر، ولا سيما وهي تمر في مخاض صعب. على العكس، كان القرار رسالة تحذير من أن موضوع الاحتجاج بات مرشحاً للتطور إلى ما هو أسوأ. لا بد من لفت نظر الجهات الرسمية المصرية بضرورة أن تتحرك، وأن تفعل شيئاً، للسيطرة على الموقف. يضمر القرار أيضاً الكثير من العتب على ما حصل، وما انزلق إليه بعض الإعلام المصري، وعتب على أن العلاقة بين البلدين - على رغم أهميتها، وتاريخها الطويل - لم تمنع انحدار الأمور إلى ما انحدرت إليه. وصل الأمر بالبعض إلى أن رسم الشعار الإسرائيلي على حائط السفارة السعودية. وهو تصرف أخرق يسيء إلى الشعب السعودي بشكل بذيء، وغير مسؤول. لم يكن في وسع الحكومة السعودية التزام الصمت.{nl}كان السبب الظاهر والمباشر لما حصل، وعرّض العلاقات السعودية - المصرية لأزمة حادة، لكن قصيرة، «حكاية الجيزاوي». بدأت داخل مصر بإشاعة مصرية عن حكم غيابي بسجن وجلد، تفجرت على إثرها مشاعر متضخمة بالإهانة، ثم موجة عاتية اختلط فيها حق الاحتجاج، مع تجاوزات السب والشتم. عبرت هذه الحكاية بمستتبعاتها عن المزاج المصري بشقيه الشعبي والنخبوي. هل لها علاقة بالحال الثورية التي تمر بها مصر هذه الأيام؟ لا يبدو أن هناك علاقة، على الأقل ليست مباشرة. بما أسفرت عنه من خطاب جماعي، يمكن القول إن هذه الحكاية تعبّر عن الثقافة المصرية قبل الثورة. قبل أكثر من 15 سنة حصل شيء مشابه على خلفية قضية مدرس مصري كان يعمل في إحدى مدارس مدينة البكيرية في السعودية. ومثلها قضية الطبيب المصري في جدة. وحصل الشيء نفسه مع الجزائر في حفلة ردح متبادلة على خلفية مباريات في كرة القدم قبل حوالى سنتين من الثورة. وها هي تحدث الآن للمرة الرابعة، لكن بعد الثورة. لا يمكن استبعاد تأثير الحال الثورية تماماً. لكن الأكيد أن هذه الحال لم توفر أكثر من إطار سياسي جديد، لسلوك اجتماعي، ومواقف ثقافية قديمة.{nl}أسفرت الثورة عن سقوط رأس النظام، وبقي النظام في مكانه ينتظر حركة التاريخ. وهذا أمر طبيعي. لكن يبدو أن هناك ما هو أكثر من النظام ينتظر حركة التاريخ في مصر. يبدو كما لو أن تداعيات الثورة لم تصل بعد إلى مرتكزات الثقافة السياسية في مصر، ولا إلى نسقها القيمي بأبعاده الإنسانية والسياسية والقيمية. من الأسئلة التي أثارت موجة الاحتجاج أنه كيف يمكن لمحامٍ ذهب لأداء العمرة أن يأخذ معه مخدرات؟ بعض النخبة، كما شاهدنا وقرأنا، انشغل بمنطقية السؤال الظاهرة، عن حقيقته. لم يلتفت هؤلاء إلى أن فرضية التشكيك خلف السؤال ضعيفة ومتهاوية، لأنها تحصر الإنسان بتركيبته ودوافعه بالعواطف الدينية. ولذلك اعتبر خبر المخدرات بأنه تلفيق من السلطات السعودية لتبرير اعتقال الرجل. الآن قارن هذا بحال مماثلة حصلت في أميركا العام الماضي لمواطن فرنسي، إذ قبضت شرطة نيويورك على مدير صندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس - كان (فرنسي الجنسية) بتهمة أنه حاول اغتصاب عاملة فندق في المدينة. بحسب منطق السؤال المصري، كان يمكن للفرنسيين اتهام الأميركيين باختلاق القضية، لأن رجلاً بمثل منصب ستراوس -كان ومكانته ما كان في حاجة إلى اغتصاب خادمة فندق لإشباع رغبته الجنسية. أضف إلى ذلك أن ستراوس - كان كان يفكر في الترشح في الانتخابات الفرنسية. لم تتحول قضية ستراوس - كان إلى أزمة، على رغم أن الدعوى ضده أسقطت لعدم كفاية الأدلة، ولم تتعرض العلاقات الأميركية - الفرنسية للاهتزاز. ما هو أقل من ذلك عرض العلاقات السعودية - المصرية للاهتزاز. من هنا يبدو أن المزاج المصري، ولا سيما في علاقاته العربية - العربية لم يتغير كثيراً عما كان عليه قبل الثورة.{nl}والمثير للدهشة أن العلاقات السعودية - المصرية كانت دائماً عرضة لمثل هذه الاهتزازات على رغم الإجماع المتحقق عند الطرفين على أن هذه العلاقات تتصف بالاستراتيجية في أهميتها لكل منهما. كيف يمكن تفسير ذلك؟ الموضوع أكبر، وأكثر تعقيداً من ذلك، لأنه يمثل حالاً عربية، وليس حالاً مصرية فحسب. ولذا لا يمكن أن يأخذ حقه في مقالة قصيرة مثل هذه. لكن لا بد من الإشارة إلى عاملين مهمين. الأول أن مصر تعاني من حال إحباط مزمنة، سببها الهوة الكبيرة بين قناعة مترسخة بين المصريين، ولا سيما منهم النخبة الثقافية والسياسية، بأن مصر هي الدولة المركزية الأهم في العالم العربي، وأنها بذلك تحتل مركز القيادة من ناحية، وبين حجم الدور المصري، وحقيقة إنجازاته على أرض الواقع، من ناحية أخرى. ليس هناك شك في أهمية مصر ووزنها عربياً وإقليمياً، لكن القناعة المصرية تأخذ هذا الموضوع أبعد من حدوده الحالية، لأنها تنطلق مما كانت عليه مصر في أواخر القرن الـ19 وحتى سبعينات القرن الماضي. وهي بذلك لا تلتفت إلى ما حصل من تغيرات كبيرة حصلت لمصر وللعالم العربي منذ ذلك الحين وحتى الآن. في النصف الأول من القرن الماضي كان التعليم المصري، والكتاب المصري، والإعلام المصري، والفن المصري، والسياسة المصرية، كل ذلك كان سيد الساحة. كانت مصر تقدم نماذج تحتذى في العالم العربي. لكن منذ سبعينات القرن الماضي توقف كل ذلك. وهنا نشأت الهوة بين القناعة وبين الواقع. ومصدر الإحباط المصري، ومعه الإحباط العربي، هو عدم الاعتراف بهذه الهوة، وعدم الإدراك فكرياً ونفسياً أن قيادة ومركزية الدور من دون إنجازات ليست أكثر من تصور يعتاش على ماضٍ انقضى. ولعل مقارنة مركزية الدور الأميركي في الغرب، وما يقال عن مركزية الدور المصري هنا تضيء الصورة. لا تزال الولايات المتحدة مصدراً لنماذج الحضارة الرأسمالية في كل الحقول تقريباً، العلمية، والاقتصادية، والإدارية، والسياسية، والثقافية، والعسكرية أيضاً. أضف إلى ذلك أن للمركزية ثمنها السياسي والاقتصادي والعسكري. والولايات المتحدة تتحمل هذه التكاليف ثمناً لمركزيتها في الغرب. أما مصر فلا تملك بظروفها الحالية تحمّل مثل هذه الأثمان. على العكس، تحتاج مصر إلى مساعدات اقتصادية دولية وعربية. كانت مصر هي التي تقدم المساعدة، وأصبحت تحتاج إليها. لا أريد أن يستنتج أحد من ذلك أن الدول العربية الأخرى أفضل حالاً من مصر. الأمر ليس كذلك، لكنه موضوع يتجاوز المساحة المتاحة، والثورة المصرية مؤهلة لأن تنقل مصر إلى مرحلة مختلفة تماماً.{nl}العامل الثاني أن العلاقات العربية - العربية كانت ولا تزال محصورة في جانبها الرسمي. العلاقات الشعبية من خلال الجمعيات والنقابات والأنشطة الثقافية والسياسية تكاد أن تكون معدومة تقريباً. طبيعة النظام السياسي لا تسمح بذلك، لأنه يصر على احتكار العملية السياسية في الداخل، وإدارة العلاقات مع الخارج. ليس متاحاً للمواطن العربي ممارسة العملية السياسية العادية بكل أشكالها وفنونها: حرية التفكير والتعبير، الكتابة، والتفاوض، والانتخاب، والتنظيم، والانخراط في مؤسسات مجتمع مدني مستقلة إدارياً وسياسياً عن الحكومة. في الغالب لا يتاح لهذا المواطن التعبير عن نفسه في الداخل، وفي إطار علاقته مع الآخر العربي، إلا الصمت، أو تضخيم الذات، والشكوى، أو الإهانة أو المداهنة، أو الاحتجاج، أو العنف...الخ. هذه وغيرها من العوامل تتطلب إعادة النظر في طبيعة العلاقات العربية - العربية، ولا سيما أن العالم العربي يواجه مستحقات الثورات الشعبية، وما ستفرضه من تغيرات محلية وإقليمية.{nl}قد أعود للموضوع مرة أخرى لأهميته، لكن بقيت ملاحظة أخيرة. وهي أن ما حصل في مصر، وما حصل قبلها خارج مصر، يؤكد مرة أخرى خطأ وفشل الفرضية التي يعمل بها الإعلام السعودي، والخليجي بشكل عام، وهي أن مخاطبة الرأي العام العربي لا يمكن أن تنجح إلا بأصوات وأقلام عربية، وأنه من الأفضل لذلك، إما استبعاد الأصوات والأقلام السعودية، أو التقليل منها قدر الإمكان. وقد ثبت، وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، أن هذه الفرضية ليست فقط غير صحيحة، بل مدمرة للجميع، لأنها تغذّي النفاق، والتكاذب المتبادل، الذي ينتظر لحظة الكشف عن نفسه. وما حصل من بعض الإعلاميين في الأزمة الأخيرة يؤكد ذلك.{nl}انتخابات الإخوان في «السياق الوطني العام» {nl}بقلم: عريب الرنتاوي_جريدة الدستور{nl}يقف حزب جبهة العمل الإسلامي، ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين، على رأس قائمة الأحزاب والتيارات السياسية الأردنية، لا من حيث الانتشار والنفوذ، بل من حيث ممارسة أنماط متقدمة من “الديمقراطية الداخلية” كذلك...انتخابات دورية، مؤتمرات منتظمة، تجديد للقيادة وتداول عليها، كل ذلك من دون أن تشهد الحركة انشقاقات واسعة كما يراهن المراهنون.{nl}ويكفي الحركة الإسلامية بجناحيها (الحزب والجماعة)، أنها الوحيدة التي تحتفظ في صفوفها بعدد وافرٍ من “المراقبين العامين” و”الأمناء العامين” السابقين...هذا لا يحدث في بقية الفصائل من قومية ويسارية، بل وحتى “ديمقراطية” و”ليبرالية”...حيث الأمين العام “للأبد”، ولا يستقيل أو يُقال، إلا بداعي الوفاة أو العجز الكلي عن “مزاولة المهنة” أو الانشقاق الصاخب المصحوب بأزمة ثقة واتهامات متبادلة وصراع محتدم على الشرعية.{nl}أمس، انتهت انتخابات الجماعة...بعد “مجلس الشورى”، جرى انتخاب مراقب عام ومكتب تنفيذي...وحظيت المسألة باهتمام واسع من الصحافة ووسائل الإعلام والدوائر السياسية والإعلامية، والسبب لا يعود فقط إلى مكانة الحزب ونفوذ الجماعة، بل لأننا أمام انتخابات فعلية، فيها تنافس محتدم، ونتائج تتقرر بفارق أصوات قليلة (صوت أو صوتان)...فيها ائتلافات واحتمالات...ويترتب على نتائجها، سياسات ومواقف، تتفاوت القراءات في تقدير حجم الاختلافات والفجوات فيما بينها.{nl}ما جرى ويجري في الجماعة، دليل عافية وحيوية، تفتقر له معظم إن لم نقل جميع الأطر السياسية والحزبية في البلاد...وهذه نقطة تسجل للحركة الإسلامية، لا عليها، برغم المبالغات في قراءة حجم الخلاف والصراع فيما بين تيارات الحركة واتجاهاتها...وحدها الأحزاب الحيوية والمتجذرة تشهد أمراً مماثلاً...أما أحزاب “اللون العقائدي المُصمت الواحد” أو “الزعيم الأوحد”، أحزاب النخب المحدودة والعضوية الضئيلة، فلا يتوقع لها أن تشهد أمراً مماثلاً، وهي لا تحظى بمثل هذه الحيوية على أية حال.{nl}أما فيما خص نتائج الانتخابات في الجماعة، فأحسب أن ما قيل عن غلبة تيار الصقور على الحمائم لم يكن أمراً مفاجئاً، اللهم إلا للذين يقرأون حراك الجماعة بمعزل عن الحراك الوطني (والحكومي) العام....فالجماعة، كما معظم الأحزاب والنشطاء السياسيين، باتوا يدركون تمام الإدراك، أن عملية الإصلاح بلغت طريقاً غير نافذ...وأنها تختنق بالمراوحة والمماطلة، وأنها تسير خطوة للأمام وخطوتين للخلف.{nl}الإسلاميون، قرأوا الرسائل التي سبقت وصاحبت وأعقبت، استقالة عون الخصاونة وتكليف فايز الطراونة...فرأوا أن كثيرا منها، موجهة إليهم بالذات...الخصاونة دفع – جزئياً – ثمن انفتاحه عليهم ومحاورتهم...والطراونة أشهر في وجوههم سيف “الصوت الواحد” و”وضع المحافظات في مواجهة نخب عمان”، في أول تصريح له يعقب التكليف وقبل إتمام التشكيل.{nl}والحملة المُضريّة على الخصاونة، ليست أبداً وليدة استقالته غير المألوفة من حيث الشكل والمضمون، بل ويكمن وراء أكمتها ما يكمن.{nl}في مثل هذه المناخات، من الطبيعي أن ترتفع الأصوات الصقرية داخل الجماعة، وأن تجد الحمائم عنتاً ومشقة في تسويق خطابها وحشد التأييد له وكسب الأنصار والأصوات لمرشيحها إلى المواقع القيادية...هذه ليست بدعة أردنية خاصة...هذه خلاصة تجارب الحركات الإسلامية في المنطقة برمتها...النظم المعتدلة أنجبت حركات معارضة معتدلة (بمن فيها الإسلامية)، والنظم الدموية أنتجت معارضات دموية...وحيثما توفرت فرص انطلاق عمليات وديناميكيات سياسية جادة وجدية، تكيّفت المعارضات مع مقتضياتها سريعاً، وإن بتفاوت مفهوم بالطبع...وعندما تُسدُّ سبل الإصلاح، فإن الطبيعي والمنطقي كذلك، أن تعود الأصوات الصقرية للارتفاع من جديد.{nl}أحسب أن أحداث الأسبوعين الأخيرين، على المستوى الوطني والإخواني، تدفع للاعتقاد، بأن مشوار الإصلاح العاثر، سيواجه مزيداً من العثرات، وأن التوتر بين الحكومة (الحكومات القادمة) والمعارضة بعامة والإسلاميين بخاصة، سيكون سيد الموقف...أحسب أن ظلالاً من الشك، بدأت تخيّم على الاستحقاق الانتخابي المقبل، الذي ينظر إليه كثيرون بوصفه نقطة تحوّل في مسار الإصلاح، ونراه مجرد استحقاق لا يختلف عن سابقيه في 2007 و 2010، وهذا أمر مؤسف في كل الأحوال.<hr>إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً (http://192.168.0.105/archive02/attachments/DocsFolders/05-2012/عربي-102.doc)