تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشأن الاسرائيلي 83



Haneen
2012-05-05, 10:48 AM
الشأن الاسرائيلي 83 {nl}المجلس الوطني اليهودي{nl}المجلس الوطني اليهودي (المعروف بـ Vaad leumi أو اللجنة القومية)، هو المجلس الذي قام بدعم الوجود الصهيوني في فلسطين خلال الفترة الممتدة بين تاريخ إنشاء المجلس في 10/10/1920 وإقامة الحكومة المؤقتة (لإسرائيل) في أيار 1948. وقد كان هذا المجلس الجهاز التنفيذي للجمعية المنتخبة للييشوف، أي المستوطنين، والمعروفة باسم Asefat Hanivhrim وقد سبق هذا المجلس لجنة مؤقتة عرفت باسم Vaad zemanni كان قد أنشأنها مؤتمر ممثلي مختلف فئات المستوطنات الصهيونية في فلسطين بما فيهم جنود الفرقة اليهودية التي شكلت عام 1918، رغم أن هذا المجلس الوطني اختير عام 1920 من قبل أول جمعية منتخبة لليشوف واعترف به ممثلا رسميا لها بموجب رسالة من أول مندوب سام بريطاني (هربرت صموئيل) فإنه لم يحصل المجلس على مركز قانوني رسمي إلا في 1/1/1928 عندما أسس (كنيست إسرائيل) قانونيا في ظل مرسوم تنظيم الجماعات الدينية لعام 1926. وقد انتخب المجلس الوطني اليهودي مجموعة أصغر من أعضائه لإدارة أعماله اليومية. وتعاون بشكل وثيق مع الوكالة اليهودية، التي كانت مسؤولة عن رسم السياسة العامة للهجرة والاستعمار الاستيطاني، والتطور الاقتصادي والشؤون العسكرية اليهودية. وقد مثل المجلس الوطني المستوطنين الصهيونيين في علاقاتهم بالسلطة المنتدبة وعالج المسائل الداخلية التي أنيطت به من قبل الوكالة اليهودية، كما كان على صلة مع هيئة الحاخامين والمجالس المحلية اليهودية. كذلك مثل المجلس الوطني يهود فلسطين أمام لجنة الانتدابات التابعة لعصبة الأمم ، وأمام كثير من لجان التحقيق وتقصي الحقائق التي أرسلت إلى فلسطين، بما فيها لجنة الأمم المتحدة التي اقترحت تقسيم البلاد عام 1947. لم تكن كل قطاعات اليهود في فلسطين ممثلة في الأجهزة التنفيذية لكنيست إسرائيل ومنها المجلس الوطني. فحزب (أغودات إسرائيل والأوساط المتدينة من المستوطنين الصهيونيين) قاطعت المجلس. ومنذ عام 1944 انضم الى مقاطعته كل من جماعات السفارديم والصهيونيون التصحيحين والصهيونيين العموريين واتحاد الفلاحين. وكان آخر رئيس للمجلس الوطني بن زفي. وتتمثل الأهمية التاريخية للمجلس الوطني اليهودي في أنه حدد معالم النشاط الصهيوني لإقامة دولة على أراضي فلسطين العربية من خلال برنامج سياسي اقتصادي عسكري واسع النطاق نفذ بإشراف الوكالة اليهودية.{nl}الأدب اليديشي Yiddish literaure{nl}إذا كان يصعب الحديث عن أدب عبري حتى عام 1948، باعتبار أنه أدب يتبع عدة تشكيلات حضارية مختلفة، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى الأدب اليديشي المرتبط بتشكيل حضاري واحد في شرق أوروبا، روسيا وبولندا على وجه الخصوص. ولذا فإن مصطلح (الأدب اليديشي) مقدرة تفسيرية وتصنيفية عالية، خصوصا إن ذكر الانتماء القومي للكاتب باليديشية (بولندي، روسي، ...الخ). وظهرت أول أعمال أدبية يديشية في القرن السادس عشر، وكانت ترجمات للآداب الغربية وكتب الصلوات. وقد استخدم بعض دعاة حركة التنوير اللغة اليديشية، بدلا من العبرية، كلغة للتعبير الأدبي باعتبار أنها لغة حية وتتحدث بها الجماهير اليهودية من يهود اليديشية. ثم ظهر أساطين الأدب اليديشي وأهمهم إسحق بيريتس، وشالوم عليخيم، ومندلي موخير سيفوريم، الذين كتبوا أعمالا روائية بالأساس. كما ظهر مسرح يديشي عام 1870 (مع تعثر التحديث في الإمبراطورية الروسية)، ولكنه لم يتطور وينمو إلا في الولايات المتحدة والأرجنتين حيث حمل المهاجرون الروس اليهود اللغة أو اللهجة اليديشية معهم، والتي أصبحت لغة الشارع اليهودي في المهجر. وكانت هناك مراكز للأدب اليديشي أينما هاجر يهود اليديشية، لكن المركز الأساسي كان في بولندا وروسيا ثم الولايات المتحدة. وربما كان الاستثناء الوحيد من القاعدة هو فلسطين حيث كانت المؤسسة الصهيونية تعارض اللغة اليديشية.{nl} تمتع الأدب اليديشي بمرحلة من الازدهار والإبداع الأدبي ساعد عليها حزب البوند والتنظيمات العمالية اليهودية التي تبنت اليديشية كلغة للجماهير اليهودية في شرق أوربا. لكن فترة الازدهار هذه كانت قصيرة للغاية، فاليديشية لم تستخدم كلغة للتعبير الأدبي إلا في نهاية القرن التاسع عشر، أي أنه لم يكن هناك تراث أدبي يديشي. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، ظهرت عوامل حضارية وسياسية قضت على فرص هذا الأدب في التطور من أهمها أن يهود اليديشية أنفسهم اندمجوا في محيطهم الحضاري (السوفيتي والأمريكي)، واختفت اليديشية كلغة للتعامل، كما أن العقول المبدعة من بين أعضاء الجماعات اليهودية تبدع عادة من خلال التشكيل الحضاري الذي تنتمي إليه ومن خلال لغة المجتمع الذي تعيش في كنفه، خصوصا إذا كان المجتمع متسامحا معهم، ويتيح لهم بعض فرص الحراك الاجتماعي والاقتصادي. ولذا، يلاحظ أن أساطين الأدب اليديشي الذين ماتوا مع أواخر الحرب العالمية الأولى، مثل: بيريتس (1915) وشالوم عليخيم (1916) ومندلي موخير سيفوريم (1917)، لم يخلفهم أحد في مستواهم الأدبي. ومما لا شك فيه أن الإبادة النازية لليهود، خصوصا يهود اليديشية، والتصفيات الستالينية في الاتحاد السوفيتي، ساهمت في القضاء على كثير من كتاب اليديشية. ولكن يظل العنصر الأساسي اختفاء جماهير اليديشية. ولذا، لم يعد من المجدي للأدباء الكتابة بهذه اللغة، ونجد كاتبا مهما وشهيرا (مثل باشفيس سنجر) ينتقل إلى الكتابة بالإنجليزية، أو يكتب باليديشة مدركا أن عمله الأدبي سيترجم إلى الإنجليزية. هذا، رغم عدم تعرض يهود الولايات المتحدة لإبادة أو تصفية أو اضطهاد. وكانت تصدر في الاتحاد السوفيتي مجلة سوفيتش هايملاند، وهي مجلة أدبية يديشية.{nl}المحدال{nl}هذا المفهوم يعنى بلغة قضائية في العبرية: (عدم العمل أو الامتناع عن العمل) . ولكن الاستعداد الفاشل للحكومة الإسرائيلية وجهاز الأمن الإسرائيلي إزاء التطورات التي نجمت عن حرب يوم الغفران (6 أكتوبر 1973) إلى جانب الضربات التي تلقاها الجيش الإسرائيلي في المراحل الأولى للحرب، كل ذلك رسخ في الوجدان الشعبي الإسرائيلي وصف (التقصير)، ومنذ ذلك الحين وإلى الآن أصبح مصطلح تقصير (المحدال) مصطلحا متعارف عليه في الساحة السياسية الإسرائيلية للفشل وللإهمال.{nl}الأرض الموعودة{nl}الأرض الموعودة، أو أرض الميعاد، أو أرض إسرائيل، أو أرض المعاد، اسماء مختلفة لمعنى واحد هو أرض فلسطين. والأرض الموعودة هي إحدى الحجج التي استخدمتها الصهيونية لدفع يهود العالم إلى فلسطين واستعمارها. وتستغل هذه الحجة الحوافز الدينية المستوحاة من التوراة لتحقيق الأهداف الصهيونية. يزعم اليهود أن الرب وعدهم بارض فلسطين واعطاهم إياها ردحاً من الزمن. ثم وعدهم حين طردوا منها بارجاعهم إليها في الوقت المناسب. ولا ترسم التوراة نفسها حدوداً ثابتة لهذه الأرض. ففي حين ترد حدودها في الآية 18 من الأصحاح 15من سفر التكوين "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات"، تختلف حدودها في الآية 8 من الأصحاح 17 من سفر التكوين "أعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك، كل ألاض كنعان ملكاً أبدياً". ولم تقدم الحركة الصهيونية هي الأخرى حدوداً ثابتة، فقد اكتفى إعلان قيام (دولة إسرائيل) في 14/5/1948 بالإشارة إلى أرض (إسرائيل)، مهد الشعب اليهودي، دون أن يرسم لهذه الأرض حدوداً. لقد استخدمت الصهيونية اسطورة أرض الميعاد، أو أرض (إسرائيل)، لتأجيج الحماسة الدينية لدى اليهود للهجرة إلى فلسطين انطلاقاً من الادعاءات التوراتية التي ترى أن أرض فلسطين ملك لليهود وحدهم، وأن هذه الأرض لا وجود لها خارج التاريخ اليهودي. ولعل هذا هو الأساس الذي خرجت منه عبارة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض). وبالإضافة إلى ذلك مكن مصطلح أرض الميعاد الصهيونية من تحاشي استخدام مصطلح أرض فلسطين الذي ينسف ادعاءاتهم من اساسها بما يحمله من دلالات على الوجود التاريخي غير اليهودي في فلسطين.{nl}المسألة اليهودية{nl}(المسألة اليهودية)، مصطلح يتواتر في الكتابات الصهيونية وفي غيرها بصيغة المفرد، وهو مصطلح يفترض أن ثمة مشاكل محددة ثابتة لا تختلف تقريبا باختلاف الزمان والمكان، يواجهها اليهود وحدهم ولا يواجهها غيرهم من أعضاء الجماعات أو الأقليات الدينية أو الإثنية. ولذا تتم الإشارة إليها بعبارة (المسألة اليهودية الواحدة) لا (المسائل اليهودية) المتنوعة بتنوع تجارب أعضاء الجماعات اليهودية عبر الزمان والمكان. وحل هذه المسألة يكون عن طريق التخلص من اليهود، إما عن طريق تهجيرهم إلى وطنهم القومي اليهودي، وهذا هو (الحل الصهيوني)، أو عن طريق طردهم (الحل المعادي لليهود)، أو إبادتهم (الحل النازي). ويمكن تصنيف المصطلح، بشكله هذا، ضمن مصطلحات شبيهة أخرى، مثل (الشخصية اليهودية) التي تفترض وجود شخصية يهودية ثابتة مستقلة عما حولها من ظروف. و (التاريخ اليهودي)، الذي يفترض وجود تاريخ مستقل له سماته المحددة، ووحدته الواضحة، وفتراته المتتالية التي تعرف بالعودة إلى جوهر يهودي أو وجود مستقل هو أمر يتناقض مع الواقع التاريخي الحي المركب.{nl}فالمشاكل التي واجهها يهود الإمبراطورية الرومانية هي جزء من تاريخ هذه الإمبراطورية، والمشاكل التي واجهها يهود المدينة أيام الرسول (عليه الصلاة والسلام) ناجمة عن وجودهم داخل التشكيل الحضاري الإسلامي في الجزيرة العربية، كما أن المشاكل التي واجهها يهود روسيا في القرن التاسع عشر الميلادي كانت نابعة من وجودهم داخل التشكيل السياسي الروسي في عهد القيصرية، تماما كما أن المشاكل التي واجهوها بعد عام 1917 هي جزء من تاريخ روسيا السوفيتية.{nl}أما من هاجر من يهود اليديشية إلى الولايات المتحدة، فقد أصبح تاريخه وكذلك مشاكله جزءا من تاريخها. ومع أن هذا لا ينفي وجود مشاكل خاصة نابعة من خصوصية وضع أعضاء الجماعة اليهودية داخل هذه التشكيلات، فإنه لا يوجد عنصر مشترك واحد يجمع بين هذه المشاكل الخاصة، إذ أن هذه الخصوصية نفسها مستمدة من طبيعة علاقة الجماعة اليهودية بالمجتمع الذي تعيش في كنفه (وتتشكل في إطاره) وليس لها علاقة بخصوصية يهودية تشمل كل اليهود.{nl}وقد غير حدث ضخم، مثل الثورة البلشفية، نوعية المشاكل التي كان يواجهها أعضاء الجماعة اليهودية. فبعد أن كان يفرض عليهم الانعزال داخل منطقة الاستيطان، أصبح يتهددهم الاندماج، وبعد أن كانوا بعيدين تماما عن مؤسسات صنع القرار، أصبحوا قريبين منها، لدرجة أن أعداء اليهود والبلاشفة كانوا يسمون الثورة البلشفية (الثورة اليهودية). بل كانت هناك داخل التشكيل السياسي الروسي القيصري ثم البلشفي عدة تشكيلات يهودية مختلفة لكل مشاكلها الخاصة، فيهود جورجيا واجهوا مشاكل تختلف نوعيا عن مشاكل يهود اليديشية. أما اليهود القراؤون، فلم يواجهوا مشاكل حقيقة نظرا لأن الحكومة القيصرية اعتبرتهم جماعة منتجة، وبالتالي فإنها لم تطبق عليهم أيا من القرارات التي طبقتها على يهود اليديشية. كما أن تواتر المسائل اليهودية داخل المجتمعات البشرية لا يعني بالضرورة أن هذه المسائل متشابهة أو أن الواحدة لها علاقة بالأخرى. فقد تتشابك المسائل كما حدث حينما هاجر يهود اليديشية بأعداد كبيرة إلى ألمانيا وقوضوا وضع يهود ألمانيا ومكانتهم. ولكن، مع هذا، لا يمكن فهمها إلا بالعودة إلى سياقها التاريخي والحضاري والاجتماعي. لكل هذا، يكون مصطلح (المسألة اليهودية) الذي يفترض أن هناك مسألة يهودية واحدة، عالمية وعامة، مصطلحا منافيا تماما للحقائق المتعينة للتاريخ، ومن ثم فإن قيمة التصنيفية والتفسيرية ضعيفة إلى أقصى حد.{nl}ومن الأفضل استخدام صيغة الجمع والتحدث عن (مسائل يهودية). وحين يستخدم المصطلح في صيغة المفرد، فإنه يشير، في واقع الأمر، إلى المشاكل التي واجهها أعضاء الجماعات اليهودية (في القرن التاسع عشر) في أوروبا، وبخاصة في شرقها، وبذلك تستبعد الجماعات اليهودية الأخرى كافة. وهذا التحديد الزماني المكاني يعطي المصطلح مضمونا حقيقيا ودلالة ومقدرة تفسيرية وتصنيفية عالية. ويجب التمييز بين المسألة اليهودية في العصر الحديث من جهة، وبين المذابح التي كانت تدبر ضد أعضاء الجماعة اليهودية في الماضي من جهة أخرى. ورغم أن كلا من الظاهرتين ينبع من أساس واحد وهو كون اليهود جماعة وظيفية وسيطة، فإن أوجه الاختلاف بين الظاهرتين أساسية وجوهرية، فالمذابح التي دبرت ضد أعضاء الجماعة اليهودية حتى بداية القرن السابع عشر تقريبا كانت، في كثير من الأحيان، من قبيل الثورة الشعبية ضد جماعة وظيفية إثنية تشكل أجزاء من الطبقة الحاكمة وتعد أداتها. أما المسألة اليهودية الحديثة، فهي مرتبطة بظهور الرأسماليات المحلية وتآكل دور الجماعات اليهودية كجماعات وظيفية «نافعة» وتحولها إلى فائض بشري ومحاولة الدولة القومية التخلص من هذا الفائض البشري عن طريق دمجه بآليات وحركات خاصة بالمجتمع الغربي بعد تآكل النظام الإقطاعي وانتقاله من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد الرأسمالي، وأخيرا بالتشكيل الإمبريالي الغربي.{nl}ويجب الانتباه إلى أن مسألة يهود شرق أوروبا في القرن التاسع عشر ليست مسألة فريدة، فهي نمط متكرر في معظم المجتمعات التي تنتقل من النمط الزراعي التقليدي في الإنتاج إلى النمط الحديث. وعلى هذا، توجد مسألة هندية أو عربية أو أفريقيا، ومسألة إيطالية أو يونانية في مصر، ومسألة صينية في جنوب شرق آسيا، ولعل التشابه بين المسألة الصينية في الفلبين والمسألة اليهودية في بولندا أمر ملحوظ بشكل ما ويستحق الإشارة إليه. لقد كان أعضاء الجماعة الصينية يشكلون جماعة وظيفية وسيطة فكانوا يعملون وسطاء بين المستعمرين الإسبان والعنصر الفلبيني المحلي، تماما كما كان اليهود وسطاء بين النبلاء البولنديين (الشلاختا) والفلاحين والأقنان الأوكرانيين داخل مؤسسات الإقطاع الاستيطاني ونظام الأرندا. وكان الصينيون يعيشون في جيتو يسمى «باريان parian» خارج مانيلا، تماما كما كان اليهود يعيشون في الجيتوات والشتتل. وكان يحظر خروج الصينيين من الجيتو الخاص بهم بعد الساعة الثامنة. وقد طرد الصينيون من الفليبين عدة مرات (1569و1755) ودبرت المذابح والهجمات ضدهم (في سنوات 1603و1639و1662و1764)، وفرضت عليهم ضرائب خاصة باهظة. وتركز الصينيون في مانيلا في الأعمال التجارية والمالية، ونظموا أنفسهم داخل مؤسسات تشبه القهال. وكان الصينيون يضطلعون بدور مهم في المجتمع الفليبني، ولكنهم بعد استقلال الفلبين فقدوا دورهم كجماعة وظيفية وسيطة، فحدثت محاولات للتخلص منهم بطردهم أو دمجهم عن طريق تحديثهم. ويمكن القبول بأن المسألة اليهودية في أوربا، في العصر الحديث، هي محاولة لتحديث أعضاء الجماعات اليهودية في أوربا بهدف دمجهم في مجتمعاتهم بعد أن فقدوا دورهم كجماعة وظيفية وسيطة، وهي محاولة حققت درجات متفاوتة من النجاح والإخفاق. ولفهم هذه الظاهرة، لا بد أن تتعامل مع مركب من الأسباب الاقتصادية والسياسية والتاريخية والثقافية التي أدت إلى الجماعات اليهودية ومع الجماعات الإثنية والدينية كافة، كما يجب أن نتعامل مع العناصر التاريخية والسياسية التي أدت إلى نجاح أو تعثر أو توقف هذه المحاولات.{nl}ويمكن القول بأن جذور المسألة اليهودية تعود إلى ما أسميناه (المسألة العبرانية) الناجمة عن ضعف الدولة العبرانية القديمة سواء في مواردها البشرية أو في مواردها المادية ووجودها في منطقة مهمة استراتيجيا بين عدة إمبراطوريات عظمى، وهو ما أدى إلى تحولها إلى معبر لهذه الإمبراطوريات، وجعل المجتمع العبراني مجتمعا طاردا لقطاعات من سكانه وأصبح مصدرا أساسيا للمادة البشرية.{nl}وقد أدى هذا الوضع، في نهاية الأمر، إلى انتشار اليهود، كما جعل عندهم قابلية لأن يتحولوا إلى جماعات وظيفية (قتالية أو استيطانية أو تجارية). ومع العصور الوسطى، كانت معظم الجماعات اليهودية في الغرب جماعات وظيفية وسيطة تضطلع بوظيفة التجارة والربا وجمع الضرائب وأعمال مالية وإدارية مماثلة أخرى. لكن التجارة التي كان يضطلع بها أعضاء الجماعة الوسيطة هي ما يطلق عليه (التجارة البدائية). فالتاجر اليهودي لم يكن يوظف أمواله في الإنتاج، كما كان يفعل تجار مدن العصور الوسطى الكبيرة، ولا يشتري مواد أولية ولا ينفق على صناعة الأقمشة جزءا من رأسماله، بل كان مجرد وسيط يوزع منتجات لا يسيطر عليها ولا يخلق ظروف إنتاجها. وهكذا، لم تكن التجارة اليهودية تنطوي على أسلوب معين لإنتاج فائض القيمة، وإنما كانت، على عكس التجارة المسيحية التي كانت تجارة تبادلية مرتبطة بالاقتصاد والإنتاج ذاته، تعيش على فائض القيمة الذي ينتجه الفلاحون، فهي تجارة توجد في الشقوق بين المجتمعات. وحينما تحول الرأسمالي اليهودي إلى الإقراض كان إقراضه أيضا استهلاكيا، على عكس الإقراض المصرفي الذي كان يساهم مباشرة في إنتاج فائض القيمة لأنه كان يمول المشاريع التجارية والصناعية الكبيرة. ولقد لعب اليهود دور التاجر والمرابي والخمار ووكيل السيد الإقطاعي والوسيط في جميع الأمور. والمجتمع الإقطاعي المستند إلى إنتاج القيم الاستعمارية لا يتناقض مع الرأسمالية بشكلها التجاري الربوي البدائي، بل يضمن بقاءها واستمرارها. ولذلك لم يكن هناك وجود لأية مسألة يهودية بدور حيوي مهم، إذ كان التاجر يورد للمجتمع الإقطاعي السلع التي يحتاج إليها ويصدر الفائض الإنتاجي، بينما كان المرابي يقرض الأمير الإقطاعي، وكذلك الفلاح، لشراء السلع الكمالية. بل إن التاجر أو المرابي اليهودي كانا أداة في يد النخبة الحاكمة الإقطاعية.{nl}وبهذا، كان اليهود أقنان بلاط (مماليك تجارية) يستخدمون لامتصاص الثروة من المجتمع ولضرب الطبقات التجارية الصاعدة. وقد ظهر، بين اليهود، يهود البلاط، وهم من كبار الممولين الذين كانوا يقومون بإدارة الشئون المالية لبعض الإمارات الألمانية والدول الغربية في عصر الملكية المطلقة، ويساعدون حكامها على تأسيس صناعات جديدة وارتياد آفاق اقتصادية لم يرتدها أحد من قبل. ولكن الوضع لم يختلف كثيرا، إذ كان يهود البلاط مرتبطين ارتباطا كاملا بالنخبة الحاكمة، وظل نشاطهم الاقتصادي محصورا بحدود الملكيات والإمارات المطلقة.{nl}كل هذا كان يعني أن أعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة اليهودية (أفنان بلاط أو يهود بلاط) كانوا خارج التشكيلات البورجوازية والرأسمالية الغربية الصاعدة التي يشير إليها ماكس فيبر باعتبارها «الرأسمالية الرشيدة». كما أن تبعيتهم هذه كانت تعني أن نشوء رأسمالية يهودية مستقلة مستحيل، إذ كان الحاكم يصادر أموالهم حينما يصلون إلى درجة عالية من الثراء كما حدث لكثير من يهود البلاط. وهذا الوضع في حد ذاته لا يخلق مسألة يهودية، بل إن مثل هذه المسألة تبدأ في الظهور حينما تتناقص حاجة المجتمع إلى اليهودي كتاجر أو مراب أو مدير مالي أو متعهد عسكري، وذلك بعد أن تنشأ طبقات تجارية ومالية محلية أو بعد أن تضطلع الدولة نفسها بمثل هذه الوظائف. وهذه عملية تتطور بالتدريج إلى أن يستغني المجتمع عن الجماعات الوظيفية الوسيطة تماما. وقد بدأ تقلقل وضع اليهود كجماعة وظيفية وسيطة في غرب أوروبا (في إنجلترا وفرنسا) في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين وطردوا منهما، كما طردوا من إسبانيا في القرن الخامس عشر الميلادي. وكان يتم طردهم من الولايات الألمانية حتى القرن السابع عشر الميلادي، ولكنهم يتنقلون من واحدة إلى الأخرى، ولذا لم يتم طردهم منها نهائيا. وقد كان اليهود يحلون مشكلتهم بالتقهقر إلى الماضي، إذ هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى شرق أوروبا، وبخاصة بولندا، حيث لعبوا دور التاجر والمرابي ومحصل الضرائب مرة أخرى، واستمر وضعهم مزدهرا حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. ولكن، بنشوء طبقات رأسمالية محلية في مجتمعات شرق أوروبا. وتزايد دور الدولة فيها، بدأ اليهود يواجهون مشكلة التأقلم مع الوضع الجديد. فمراكز التجارة الإقطاعية كانت قد بدأت تنحل لتحل محلها مدن صناعية وتجارية جديدة، وهو ما ضيق الخناق على جماهير التجار اليهود وأدى إلى تدفق المهاجرين إلى مناطق أكثر قدرة على استيعابهم داخل روسيا ذاتها في بداية الأمر، ثم إلى غرب أوروبا، وأخيرا إلى الولايات المتحدة. وعند هذه النقطة، تطرح قضية مدى نفع اليهود ومدى إنتاجيتهم، وتثار الأسئلة الخاصة بازدواج الولاء، بكون اليهود يشكلون دولة داخل دولة. وبالتالي، فإن المسألة اليهودية (أي بداية الاستغناء عن الجماعات الوظيفية اليهودية) بدأت مع الثورة التجارية وظهور الدولة القومية المركزية (المطلقة ثم الليبرالية ثم المشمولية) التي قامت بتوحيد جميع مناحي الحياة ودمج المواطنين كافة، وطالبتهم بالولاء الكامل والانتماء غير المشروط لها، وحاولت أن تصهرهم جميعا (بما في ذلك أعضاء الأقليات) في بوتقة واحدة ينتظمها إطار واحد. وعلى هذا، أعطى اليهود حقوقهم السياسية (أي تم إعتاقهم)، وفتحت أمامهم مجالات الحراك الاجتماعي، وسمح لهم بالعمل في جميع الوظائف وفي الخدمة العسكرية، وأسقطت حوائط الجيتو. ولكنهم طولبوا في المقابل بأن يصلحوا أنفسهم وأن يتخلوا لا عن انعزاليتهم وحسب، وإنما عن خصوصيتهم أيضا، فالمثل السائدة في الغرب آنذاك كانت هي مثل عصر الاستنارة «الأممية» التي تدور حول فكرة الإنسان الطبيعي. ومن ثم تعين على أعضاء الجماعات اليهودية ألا يستخدموا سوى لغة الوطن الأم وأن ينبذوا اليديشية أو أية لغات أو لهجات أو رطانات سرية أو علنية خاصة بهم. وبخاصة في المعاملات التجارية حتى لا يغشوا أحدا (مثلما حرم على الصينيين استخدام الصينية في المعاملات التجارية في الفلبين)، كما طالبوا بتغيير أزيائهم وأسمائهم، بل إدخال إصلاحات على عقيدتهم الدينية بحذف الجوانب القومية من عقيدتهم لتصفية أي اشتباه في ازدواج الولاء كما أصبح مفروضا على اليهود عدم تدريس التلمود إلا بعد سن معينة. وكانت الدولة تقوم بتدريب حاخامات في مدارس دينية يهودية تشرف عليها، كما كانت تتدخل في تعليم اليهودي كل شيء بما في ذلك تعليمهم الدين، بل كانت تتدخل أحيانا في تحديد الزواج وعدد الأطفال المصرح بإنجابهم.{nl}ـــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ<hr>إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً (http://192.168.0.105/archive02/attachments/DocsFolders/05-2012/الشان-الاسرائيلي-83.doc)