المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السبيل لكسر الجمود في الشرق



Haidar
2012-01-10, 12:32 PM
واشنطن بوست - دينيس روس{nl}ترجمة مركز الإعلام{nl}قبل بضعة سنوات قال لي دان مريدور وهو أحد أربعة نواب لرئيس الوزراء الإسرائيلي إن "عملية السلام تشبه ركوب دراجة: حالما تتوقف عن تحريك الدواسة تسقط." وقد أوقف الإسرائيليون والفلسطينيون تحريك الدواسة حالياً.{nl}فالرئيس الفلسطيني محمود عباس مقتنع أنه ليس بمقدور هذه الحكومة الإسرائيلية إبرام اتفاقية سلام - أو على الأقل ليست اتفاقية من التي يمكنه أن يقبلها - ولذا فهو يفرض شروطاً على المفاوضات. ويرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الشروط فظة وغير مسبوقة، ولا يريد أن يدفع ثمناً سياسياً باهظاً فقط لمجرد الدخول في محادثات.{nl}إن إدارة أوباما والأعضاء الآخرون في "اللجنة الرباعية الدولية حول الشرق الأوسط"- التي تشمل أيضاً مبعوثين من الاتحاد الأوروبي، وروسيا والأمم المتحدة - يريدون استئناف المحادثات المباشرة. وقد عقدوا الأسبوع الماضي اجتماعاً تحضيرياً مع مفاوضين إسرائيليين وفلسطينيين في عمان بالأردن. وربما تكون هناك المزيد من الاجتماعات، وهذا أمر جيد لأنه في النهاية لن يكون هناك سلام من دون مفاوضات.{nl}لكن ينبغي أيضاً ألا تكون هناك أية أوهام حول فرص تحقيق نجاح كبير في أي وقت قريب. فالفجوات النفسية بين الطرفين تجعل من الصعب حسم اختلافاتهم. كما أنها قد أربكت كل العمل المبذول لأجل محادثات السلام على مدى السنوات القليلة الماضية.{nl}لقد شاركتُ عن كثب في المساعي الرامية إلى صناعة السلام على مدى السنوات العشرين الماضية في ظل إدارة الرؤساء جورج إتش دبليو بوش، وبيل كلينتون وأوباما، وأعرف أن عباس ونتنياهو يئنَّان تحت وطأة تاريخ وأساطير شعبيهما ويواجهان قيوداً سياسية هائلة. لكن هذه الصعوبات لا يمكن أن تصبح مدعاة لليأس والتسليم بالجمود لا سيَّما وأن أولئك الذين يرفضون السلام سوف يستغلون أية فرصة لاعتراض فكرة حل الدولتين.{nl}وفي حين قد لا يكون هناك انفراج مبكر حول إجراء مفاوضات، إلا أنه بالإمكان التغلب على الجمود. وإحدى الطرق لفعل ذلك - ولتأييد أولئك القادة الفلسطينيين مثل عباس ورئيس الوزراء سلام فياض الذيان يؤمنان بعدم العنف والتعايش - هي أن يُغير الإسرائيليون الحقائق على أرض الواقع. وعلى كل حال، يحتاج أولئك القادة الفلسطينيون إلى أن يكونوا قادرين على إظهار أن نهجهم سوف يثمر عملية تُنهي الاحتلال عاجلاً أم آجلاً.{nl}وما الذي من الممكن أن يُظهر للفلسطينيين أن الاحتلال يتراجع؟ ليس من الصعب الحصول على أمثلة. فمنذ إنجاز الاتفاق المؤقت في عملية أوسلو في عام 1995 والضفة الغربية مقسمة إلى مناطق غير متماسة معروفة بــ "أ" و "ب" و "ج" حيث يتمتع الفلسطينيون بسيطرة مفترضة على المنطقة "أ" وتحتفظ إسرائيل بإجمالي المسؤولية عن المنطقتين الأخريين. ومن خريف عام 1995 إلى ربيع عام 2002، ابتعد "الجيش الإسرائيلي" بشكل كبير عن المنطقة "أ" التي تشكل حوالي 18 بالمائة من الأراضي وتشمل جميع المدن الرئيسية في الضفة الغربية. ووفقاً لاتفاقيات أوسلو تكون للفلسطينيين المسؤولية المدنية والأمنية في هذه المنطقة.{nl}لكن في عام 2002 وفي ذروة الانتفاضة الثانية والتفجيرات الانتحارية المريعة التي كان يقوم بها الفلسطينيون في إسرائيل بدأ "الجيش الإسرائيلي" عملياته مرة أخرى في المنطقة "أ" ليحاول إيقاف الهجمات. ورغم أن الانتفاضة قد انتهت في عام 2005 وأثبتت قوات الأمن الفلسطينية فعاليتها بشكل عام في منع الهجمات الإرهابية إلا أن "الجيش الإسرائيلي" ما يزال {nl}يقوم باجتياحات دورية داخل المدن الفلسطينية وذلك لتعزيز الجهود الأمنية المحلية. وهذا يثير سخط الفلسطينيين لأنه يُذكرهم بمن الذي ما تزال له السيطرة بالفعل.{nl}ولذا فالخطوة التي ستكون ذات جدوى هي إما وقف جميع أشكال الاجتياح من هذا القبيل في المنطقة "أ" أو إذا ما استمرت، هناك مخاوف أمنية يتم إنهاؤها تدريجياً وفقاً للوضع الأمني. ولطالما قال رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي، "كلما بذل الفلسطينيون مجهوداً أكبر في الجانب الأمني كلما قلّت توغلاتنا." والإنهاء التدريجي للاجتياحات في المنطقة "أ" سيكون متسقاً بالتأكيد مع هذه البديهية.{nl}وفي المنطقة "ب" التي تمثل حوالي 22 بالمائة من الضفة الغربية تحافظ الشرطة الفلسطينية على القانون والنظام لكن ليس مسموحاً لها التعامل مع التهديدات الإرهابية. ويمكن لإسرائيل السماح بوجود أكبر لها. ومن خلال نقاشاتي مع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، أعرف أنه لن يُمانع في زيادة عدد مراكز الشرطة الفلسطينية وتوسيع المناطق التي يعمل فيها أفراد الأمن الفلسطيني. والآن هو الوقت المناسب لاتخاذ هذه الخطوات وذلك لأن الجمهور الفلسطيني سيلاحظ بالتأكيد هذا التوسيع ويرحب به.{nl}وأخيراً، وفي المنطقة "ج" التي تشكل حوالي 60 بالمائة من الضفة الغربية، لا تصل قوات الأمن والشرطة الفلسطينية إليها كما أن نشاطها الاقتصادي محدود للغاية حيث تحتفظ إسرائيل بالمسؤوليات المدنية والأمنية لنفسها هناك. وليس هناك سبب عملي يبرر حرمان الفلسطينيين من المزيد من التواصل الاقتصادي والنشاط القوي في هذه المنطقة.{nl}ولنأخذ مثالاً واحداً على ذلك. هناك محاجر فلسطينية في المنطقة "أ" لكن الفلسطينيين لهم اتصال محدود بالمحاجر في الضفة الغربية التي هي في المنطقة "ج". وفي قضية رُفعت ضد المِلكية الإسرائيلية للمحاجر قضت "المحكمة العليا الإسرائيلية" في أواخر الشهر الماضي بأنه لا ينبغي تملك أية محاجر إضافية من جانب إسرائيل. وهذا الحكم يخلق فرصة لملكية فلسطينية خاصة لو تم بناء أية محاجر جديدة. ومن الواضح أن هناك متسعاً للمزيد.{nl}وعليه فإن توسيع الفرص الاقتصادية للفلسطينيين في المنطقة "ج" سوف يؤثر إيجابياً وبقوة في خلق الوظائف والاقتصاد الفلسطيني بوجه عام. (في الضفة الغربية هبطت البطالة في السنوات الأخيرة لكنها ما تزال عند 16 في المائة.){nl}وينبغي أن تكون تلك الخطوات ملائمة من وجهة النظر الإسرائيلية. أولاً هذه التغييرات أو ما شابهها يمكن تنفيذها دون تغيير الوضع السياسي على الأرض ويمكن عملها بطريقة لا تُعرِّض الأمن الإسرائيلي للخطر وخاصة إذا ما تم تنسيقها بشكل وثيق مع "الجيش الإسرائيلي".{nl}ثانياً، قال نتنياهو مِراراً إنه لا يريد أن يحكم الفلسطينيين، وأنه كلما قَويَ أساسُهم الاقتصادي كلما تحسنت فرص السلام. وهذه الخطوات ستُظهر بالتأكيد أن رئيس الوزراء يعني ما يقول. وفي الوقت نفسه فإنها سوف ترسل إشارة إلى الفلسطينيين بأن الاستقلال ممكن وأن نَهْجَ عباس وفياض - وليس مقاومة "حماس" أو عنفها - يمكن أن يُحققه.{nl}وأنا لا أقترح هنا التخلي عن المفاوضات وتركيزها على حل الدولتين، بل يجب مواصلة المحادثات. إن إدارة أوباما تقوم بذلك بحق، فهي تواصل أيضاً تقديم يد المساعدة في بناء المؤسسات من خلال توفير الدعم المادي للأمن والقضاء وقطاعات المجتمع الفلسطيني الأخرى وهي الخطوات التي تتناسب بدقة مع نوع الأفعال التي أقترحها لتأييد قادة مثل فياض. وعند هذه النقطة سيأتي تأييد طريق عدم العنف بشكل أقل من الكلمات وبشكل أكبر من المظاهر التي تدل على أن الاحتلال يتقلص وأنه سينتهي في نهاية المطاف.{nl}إن باقي المناطق في الشرق الأوسط هي في حالة مخاض حيث يتم إسقاط المستبدين، وما يزال المحتجون في الشوارع بعد مرور عام على "الصحوة العربية". وبما أن المطالبة بانتخابات عادلة ونزيهة أصبحت رمزاً للمصداقية في الانتفاضات فإن الضغط على كل من "فتح" و "حماس" لإجراء انتخابات هذا العام سيصبح على الأرجح أمراً لا سبيل لمقاومته. وفي السنوات القليلة الماضية كان عباس يقول إنه لن يكون مرشحاً في انتخابات جديدة لكنه الآن يقول إنه يُفضل أن تُجرى هذه الانتخابات في أيار/مايو ويخطط لترك المشهد السياسي لاحقاً. وحتى لو أنه لن يكون من السهل التوصل إلى اتفاق مع "حماس" حول شروط الانتخابات فإن عباس سوف يشعر بالحاجة إلى إجرائها في وقت ما من عام 2012.{nl}وسوف تشكل هذه الانتخابات على الأرجح هوية الفلسطينيين وما إذا كانوا سيستمرون في قبول طريق اللاعنف والتعايش السلمي مع الإسرائيليين وحل الدولتين. ولو وُجدت هناك علامات واضحة على تقلُّص الاحتلال فإن موقف الفلسطينيين من {nl}أمثال عباس وفياض وأتباعهم ممن يؤمنون بعدم العنف سوف يكتسب شرعية قبل الانتخابات. إن هذا ضرورياً لأن البديل هو سلطة حماس التي ترفض السلام ونبذ العنف مع إسرائيل.{nl}وفي الاتفاق الأخير مع الحكومة الإسرائيلية لتحرير الجندي المختطف جلعاد شاليط والذي أسفر عن إطلاق سراح أكثر من ألف سجين، كان ينظر إلى حماس على أنها حققت مكسباً سياسياً من خلال قيامها بعمل من أعمال العنف. وبالمقارنة لم يُنظر إلى عباس وفياض على أنهما حققا شيئاً في قضايا تهمُّ الجمهور الفلسطيني مثل إطلاق سراح السجناء أو الانسحاب الإسرائيلي أو تقليل السيطرة الإسرائيلية.{nl}وعلى الأقل بالنسبة للفلسطينيين سيُقلص هذا التأييد من الفجوة النفسية بينهم وبين الإسرائيليين ويبث الأمل في أن المفاوضات يمكن بالفعل أن تحرز نجاحاً. بل إنه ربما يقدم أفضل سبيل لتحرير مسار التفاوض. بل الأهم من ذلك هو أنه في ظل التغييرات التي تجتاح المنطقة والمرحلة الانتقالية السياسية التي تلوح في الأفق بالنسبة للفلسطينيين، فربما يكون هذا التأييد السبيل الوحيد للحفاظ على التأييد بين الجماهير الفلسطينية والعربية من أجل حل الدولتين.<hr>إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً (http://192.168.0.105/archive02/attachments/DocsFolders/01-2012/السبيل-لكسر-الجمود-في-الشرق-الأوسط.doc)