Haidar
2012-01-05, 10:41 AM
في هــــــــــــذا الملف{nl}القدس في خطر: إنها لحظة القدس.. علينا الإمساك بها سريعاً{nl}بقلم: أحمد قريع (أبو علاء) * عن القدس العربي{nl}المشهد السياسي العربي للعام المقبل{nl}بقلم: خالد بن نايف الهباس * عن الحياة اللندنية{nl}ورطة الحكم في بلدان الثورات{nl}بقلم: آمال موسى عن الشرق الاوسط{nl}الخير قادم والصعوبات أيضاً {nl}بقلم: جميل مطر عن السفير البيروتية{nl}السلفيون فى إسرائيل{nl}بقلم: فهمي هويدي عن الشروق المصرية{nl}القومية العربية مقدمات عبثية ونهايات كارثية{nl}بقلم: أحمد الشوابكة عن السبيل الاردنية{nl}«براقش» قطر{nl}بقلم: صفاء اسماعيل عن تشرين السورية{nl}القدس في خطر: إنها لحظة القدس.. علينا الإمساك بها سريعاً{nl}بقلم: أحمد قريع (أبو علاء) * عن القدس العربي{nl}تزداد يوماً بعد يوم حدة الهجمة الإسرائيلية الاستيطانية العنصرية على القدس أرضاً وشعباً، تراثاً وحضارة، تاريخاً وثقافة، بهدف تهويدها وأسرلتها، وتزوير تاريخها وانتزاع روحها.{nl}يحدث هذا السعار الاستيطاني غير المسبوق في كل حي من أحياء المدينة المقدسة، وفي كل قرية من قراها، وفي كل شارع من شوارعها، بل وفي كل بناية من بناياتها وفي كل مسكن من مساكنها، بكل الوسائل والإمكانيات.{nl}وفوق ذلك كله تواصل إسرائيل سياسة إرهاب الدولة لترويع المقدسيين وتضييق سبل العيش عليهم، لدفعهم من ثم ودفع مؤسساتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لمغادرة المدينة المقدسة إلى رام الله، أو إلى مدن وقرى الجوار تقع خارج نطاق القدس الأسيرة والمحاصرة.{nl}ولتنفيذ مخططاتها هذه تمارس سلطات الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي كافة الوسائل والسبل والأساليب، بما في ذلك سياسة المصادرة، والتهديد وهدم المنازل، والقمع والقتل والسجن والاعتقال والإبعاد، فضلاً عن فرض الضرائب، وضرائب الارنونا والغرامات، وذلك للاستيلاء على الأرض والممتلكات، وبناء المستوطنات والتوسع فيها وبناء المعابر الدولية على جميع مداخلها، وإقامة جدار الفصل العنصري حول القدس، تمهيداً لعزلها كمقدمة لضمها والاستيلاء عليها.{nl}ويترافق مع كل هذه السياسات والممارسات الجائرة، عدوان سافر من غلاة المستوطنين والمتطرفين، خصوصاً على المسجد الأقصى والبلدة القديمة وقرية سلوان ورأس العمود والشيخ جراح ووادي الجوز لهدم المنازل وتغيير المعالم والمصادرة وتكثيف الاستيطان والبؤر الاستيطانية، ومن ثم إقامة ما يسمونه 'الحوض المقدس'. وآخر الادعاءات التي صدرت عن وزارة الخارجية الاسرائيلية والتي هي بمثابة الدعوة لحرب دينية، هي وقاحة التشكيك بحقيقة الأسراء والمعراج ويدعون أن المسجد الاقصى لم يكن قائماً قبل الاسراء.{nl}يضعنا هذا الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لكل من الإنسان والشجر والحجر والمقدسات في القدس، وهذا السعي المحموم لإخراج الكتل البشرية الفلسطينية من حاضرة القدس وزيادة عدد المستوطنين فيها للإخلال بالواقع الجغرافي والديمغرافي للمدينة المقدسة (كما حدث مع مخيم شعفاط وسميراميس وكفر عقب، وضاحية البريد والرام، وقرى شمال غرب القدس، وقرى شرق القدس، ومنطقة معاليه أودميم و'E1) وغيرها، ناهيك عن القوانين العنصرية التي تناقش في الكنيست الإسرائيلي، نقول إن هذا الاستهداف المركز يضعنا نحن المخاطبين به جميعاً، فلسطينيين، عرباً ومسلمين، وجهاً لوجه مع هذا الذي يجري في مدينة القدس تحت أنوفنا، وعلى مرأى قوم كأنما أغشيت منهم الأبصار، فيما النداء الصادر من قبل المدينة المقدسة المحاصرة الأسيرة يطبق الآفاق، ولا من مجيب هنا أو هناك.{nl}فهل تاهت فينا الرؤية، وتآكل الحس بالمسؤولية، وبات فيه الألم والهوان، والاتكال على اللاشيء يتصدر المشهد، فيما الحرائق تنتقل من عتبة الدار إلى غرفة النوم، والقوم على حالهم سادرون في النقاش القديم حول جنس الملائكة، بعيداً عن المخاطر الداهمة، نتلهى عن المخاطر التي تتهدد المدينة المقدسة بفرك اليدين تارة، وبتكرار التعاويذ تارة، لعل الأخطار المحدقة بنا تذهب هكذا من تلقاء نفسها في اللحظة الأخيرة. مع أن الخطب الذي بدأ كبيراً يكبر أكثر فأكثر مع مرور الوقت، والخطر الذي كان داهماً من الوهلة الأولى يواصل هجومه الضاري مع كل طالع شمس جديدة.{nl}بكلام آخر، فإن القدس التي أفردنا لها أبلغ الكلام، وأهرقنا في سبيلها حبراً غزيراً، واحتفظنا بها في خزائن الذاكرة طويلاً، تدخل الآن في مرحلة الخطر الأكيد، تكاد أن تطمس فيها صفة القدس العربية الاسلامية المسيحية المعروفة، تستباح جهاراً نهاراً على قارعة رصيف يمر عليه أشقاء لا يأبهون، وأبناء عمومة لاهون، وجمع غفير من العشاق السابقون، كل يشيح ببصره، ويضع سبابتيه في أذنيه، في مشهد لا يصدقه عاقل ولا مجنون.{nl}نحن اليوم في خضم هجمة إسرائيلية لا تذر، تطال روح القدس، تحاصر ما تبقى من نبض ضئيل في قلبها المتعب، تستأصل شأفة الحياة من جسمها العليل، هجمة ترقى إلى مستوى عملية تطهير عنصري، من وزن جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، إلى مستوى جريمة الإبادة العنصرية المرعبة، وذلك نظراً لشدة المقارفات المنهجية الجارية ضد حاضر هذه المدينة، وضد مستقبلها في المدى المنظور.{nl}ليس الوقت وقت قرع الجرس الذي لم يعد له رنين، وإطلاق صرخة بلا رجع في واد سحيق. بل هو على العكس من ذلك كله، هذا هو الأوان الملائم للنفير، إنها اللحظة المواتية لإعادة الكر من جديد، إنها لحظة القدس التي علينا الإمساك بها بيدين قويتين قبل أن تذهب سدى وتضيع في زحمة الآجال المؤجلة والمواعيد التي لا تأتي أبداً.{nl}ما أود قوله بكل إيمان وثقة ودون مراء وبلا أي انفعال وبلا تردد، علينا الانتقال عاجلاً لا آجلاً من حالة الدفاع المتهافت عن القدس، إلى وضعية الهجوم المنسق جيداً، المتتابع المراحل، المتراكم النتائج، في كل ما يتصل بحاضر المدينة المقدسة، ويخص هويتها الحضارية، ومكانتها الدينية، وإرثها الإسلامي، ومركزها التاريخي، وموضعها الوجداني في قلوب وعقول ملايين العرب والمسلمين والمسيحيين كافة، جاعلين مما يجري في القدس عنوان كفاح شعبي دبلوماسي سياسي اجتماعي اقتصادي، شديد التركيز.{nl}علينا أن نكف عن اللعب الحذر على خطوط التماس، والجري بلا طائل على أطراف الملعب الفسيح، مرة باللوم والتلاوم وأخرى بإلقاء المسؤولية على هذه المرجعية التي لا تعمل إلى تلك التي لا تعمل كذلك، علينا الاستدارة بالكامل من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم بدءاً بأنفسنا وتقويم أعمالنا في القدس ومن أجلها إدارة وصموداً ودعماً وكفاحاً لنتمكن من التقدم، والاشتباك المخطط مسبقاً أمام المرمى، وأن نحسن عندها التسديد، وتسجيل النقاط الثمينة في مباراة تكون فيها القدس أو لا تكون، ونعود في نهايتها أهلاً لهذه المنازلة الكبرى، ولهذه المدينة العظيمة المقدسة.{nl}إذ بالرغم من مركزيتها الشديدة لنا نحن الفلسطينيون، فإن القدس في واقع الأمر ليست مجرد مدينة فلسطينية هامة جداً وباذخة، ولا هي فقط العاصمة التي لا عاصمة غيرها لدولة فلسطينية مستقلة، بل هي فوق ذلك كله حاضرة عربية إسلامية ذات قداسة لا تعادلها سوى مكة والمدينة، مدينة لا يختلف عربيان اثنان على أزلية عروبتها، ولا يتجادل مسلمان أو مسيحيان في مشارق الأرض ومغاربها على هويتها الخالدة خلود الرسالة المحمدية، ورسالة سيدنا المسيح عليه السلام وجميع الرسل والأنبياء.{nl}على هذه الخلفية العريضة عرض السماوات والأرض، ينبغي لنا أن نعيد قراءة اللحظة المقدسية النازفة، على نحو يعيد إنتاج مدخلاتها وتبعاتها، كمسؤولية تشترك في حمل أوزارها الثقيلة أكتاف ملايين المخاطبين بهذه اللحظة قبل أن تتسلل من بين أيدينا وتضيع، كما ينبغي لنا أيضاً أن نعيد موضعتها في قلب جدول أعمال الدول والحكومات والبرلمانات والأحزاب وسائر القوى الاجتماعية، المتدافعة في هذه الآونة التاريخية النادرة، لجلاء صورة عربية جديدة، واستنهاض طاقات جماهيرية كامنة، على إيقاع الربيع الديمقراطي العربي المبشر بزمن جديد.{nl}وهكذا، فإن ما أود طرحه على الرأي العام الفلسطيني، ووضعه بين يدي الفصائل والقوى والنخب السياسية وقوى المجتمع المدني، هو القيام بمساعٍ رسمية وشعبية في آن معاً، قوامها مبادرة هجومية لا يشوبها الارتباك، لإعلان مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين في الوقت ذاته، بمثابة العاصمة السياسية الرمزية والدينية والثقافية للأمة العربية، وفي الوقت ذاته إعلان القدس كعاصمة روحية للأمة الإسلامية، على أن يتم عرضه وإقراره على مستوى وزراء الخارجية في كل من الدول العربية والإسلامية، لتتحمل مسؤولياتها السياسية والدينية والأخلاقية والمالية والاقتصادية والنضالية تجاه المدينة المقدسة وحمايتها من هذه الهجمة الإسرائيلية العدوانية الشرسة الخطيرة فعلاً.{nl}ذلك أن هذين الإعلانين من شأنهما أن يقدما رداً سياسياً على إدعاءات وزارة الخارجية الإسرائيلية حول مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، ومن شأنها أن تشكل كذلك رداً سياسياً يعادل التوجه الإسرائيلي بإعلان القدس عاصمة للشعب اليهودي، وينطويان في الوقت ذاته على سلسلة من المسؤوليات المـــــترتبة، تلقائياً، على عاتق نحو سبع وخمسين دولة تشكل في مجموعها مجموعة من أكبر المجموعات الدولية، مسؤوليات من طبــــيعة عملية ملموسة، ليس أولها وجوب تعزيز خط الدفـــــاع الأول عن المدينة ودعم صمودهم، وهم أهلها، وإنما كذلك القيام بحـــملة دبلوماسية واسعة النطاق لكبح جـــماح عملية تهويد المدينة المقدسة وأسرلتها، ومنع عمليات التطهير العرقي وسرقة هويتها، وبالتالي نقلها إلى الأولوية الأولى على جدول الاهتمامات العربية والإسلامية.{nl}ولا تتوقف هذه الرؤية الهجومية عند حدود طرح قضية القدس على المرجعيات العربية والإسلامية فقط، وإنما تتعدى ذلك إلى بسطها بين يدي البرلمانات العربيـــــة المدعـــــوة بدورها إلى اتخاذ مقررات مماثلة، ووضعها موضع اهتمام قوى الحراك العربي في مسيراته واعتصاماته شبه اليومية، كقضــية لا يمكن إسقاطها من حساب الشعوب العربية الساعية إلى نيل حرياتها وديمقراطياتها وكراماتها، خصوصاً عندما تمسك هذه الشعوب بمصيرها كاملاًً، وتعاود عما قريب تنظيم سلم اهتماماتها الوطنية والقومية.{nl}إنني وأنا أدعو إلى مثل هذه المبادرة الهجومية، التي ينبغي إسنادها بحراك جماهيري فلسطيني، وبخطة عمل مدروسة جيداً، وممولة على نحو أجود، للدفاع عن مدينة القدس ودعم صمود أهلها، سواء أكان ذلك من جانب السلطة الوطنية أو من جانب سائر الفعاليات الاقتصادية الفلسطينية أو الدول والحكومات والمنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني العربية والإسلامية، فإنني آمل أن تنال هذه المبادرة ما تستحقه من نقاش جماهيري، ومن اهتمام رسمي، لعلنا نتمكن في ربع الساعة الأخير من زمن المعركة الجارية على حاضر القدس ومستقبلها، من استرداد الزمام في هذه اللحظة التي أسميها لحظة القدس بامتياز.{nl}على هذه الخلفية، فإنه يمكن اعتبار قرار اللجنة التنفيذية الأخير حول القدس، الذي يدعو إلى تعزيز الصمود والمواجهة الشعبية والتوجه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة وتوحيد المرجعيات الفلسطينية، قراراً جاء في وقته المناسب، على أن يتم ترجمته في جملة من الخطوات العملية الملموسة، الآن الآن وليس غداً أو بعد غد.{nl}* ' عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، رئيس دائرة شؤون القدس{nl}المشهد السياسي العربي للعام المقبل{nl}بقلم: خالد بن نايف الهباس * عن الحياة اللندنية{nl}شكّلت الثورات العربية في عام 2011 نقطة تحول حقيقية غيّرت من الوجه السياسي للمنطقة برمتها، ويجب أن تكون تداعيات هذه الثورات نقطة الانطلاق لتحليل سياق الأحداث المستقبلية لعام 2012. وإذا جاز القول إن «الربيع العربي» هو العنوان الأنسب للأحداث السياسية في العام المنصرم، فإن «مسار التغيير السياسي» سيسيطر على الأجندة للعام الجديد. ويجب أن ينصب التحليل هنا على نقطتين أساسيتين: أولاً، طبيعة الأنظمة التي ستنتج عن هذه الثورات ومسار التحول السياسي في المجتمعات الثائرة. ثانياً، تداعياتها الإقليمية والدولية، بمعنى تأثيرها وتأثرها بالمتغيرات الإقليمية والدولية. ولن يكون وضوح النقطة الثانية في الشكل المطلوب لأن تشكيل الأنظمة الوليدة ستكون له الغلبة ولن تظهر تداعيات ذلك على الفور بل قد تمتد إلى سنوات عدة حتى تأخذ الثورات دورتها الكاملة وشكلها النهائي.{nl}إن حالةً من «عدم اليقين السياسي» حول الثورات ومصيرها ستتواصل؛ إما لأن الحراك الشعبي لا يزال دائراً (كما هي الحال في سورية، أو ما قد يحدث من مستجدات في بعض البلدان العربية)، أو كون المجتمعات التي تجاوزت المرحلة الأولى للتغيير السياسي بإسقاط الأنظمة السياسية التي كانت تحكمها تعيش الآن مرحلة بلورة مخرجات ذلك الحراك. وستنشغل هذه المجتمعات بمسألة تشكيل الأنظمة السياسية بما يتطلبه ذلك من إجراءات تشريعية ومؤسساتية، تتمثل في استحقاقات انتخابية وصوغ دساتير جديدة في الأشهر المقبلة في هذه الدول كافة، والذي من خلاله يمكن الحكم على المسار الذي ستسلكه هذه المجتمعات وما إذا كانت قادرة على الخروج من عنق الزجاجة كما يظهر من التجربة التونسية، وإما أنها ستقع في وحل الاستقطاب السياسي الداخلي بدوافعه ومبرراته المذهبية والطائفية والأيديولوجية كافة، وما قد يدعم ذلك من قوى دفع خارجية، قد تساهم جميعها في تشويه عملية التحول الديموقراطي أو إعاقتها.{nl}ومن غير المستبعد أن تزداد حدة الاستقطاب بين القوى السياسية المختلفة، وأن تتركز الأنظار على الدور الذي ستقوم به القوى السياسية الإسلامية التي ستكون لها الغالبية في أية انتخابات مقبلة. ويبدو أن الأحزاب الإسلامية استوعبت دروس الماضي والحاضر في أماكن عدة ما جعلها تنتهج أسلوب «المسايرة السياسية» كي تندمج في النسيج الاجتماعي والسياسي الجديد في عملية من المحتم أن تعود عليها بالنفع، تماماً كما حدث في الانتخابات الاشتراعية في المغرب وتونس ومصر. ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى ليبيا، فيما يظل الوضع في اليمن أكثر تعقيداً نتيجةً للطبيعة القبلية وتعدد مراكز القوى وأوجه الولاء السياسي.{nl}كما أن المؤثرات الخارجية ستكون حاضرة من خلال سعي القوى الأجنبية إلى التأثير في عملية التحول الديموقراطي بهدف خلق أنظمة سياسية بحلة جديدة مع الاحتفاظ بروح الأنظمة القديمة وخطها السياسي المهادن والمتفهم لدور القوى الأجنبية في المنطقة. ومن المتوقع عدم نجاح مثل هذه المساعي، وأن يبقى تأثيرها جانبياً ومحدوداً في إبطاء عملية التحول الديموقراطي وإعاقتها، أو الدخول في مناورة سياسية مع الأنظمة المتشكلة حديثاً لتهدئة اندفاعها.{nl}ومن الواضح أن الأحزاب الإسلامية أصبحت فرس الرهان الحقيقي في المجتمعات الثائرة، ولن يكون من السهل الحكم على نياتها وتوجهاتها منذ البداية، ولن يكون التأثير فيها ممكناً عطفاً على توجهاتها الأيديولوجية وفلسفة العمل الخاصة بها، والتي تتباين في شكل كبير مع توجهات غالبية الأنظمة الحاكمة في العالم العربي، بالتالي ستكون علاقتها مع الأنظمة التقليدية العربية انتهازية قائمة على الظرفية المصلحية وغير مستقرة في المستقبل، ومن المستبعد أن تحقق إيران أي اختراق حقيقي على هذه الجبهة، وتظل تركيا الأوفر حظاً والأكثر إغراءً في هذا الشأن. وقد نرى في شكل تدريجي تبلور تحالف عابر للحدود بين القوى الإسلامية في المجتمعات الثائرة ما قد يقود إلى محاور إقليمية في طور التبلور، لكن قد يتأخر ظهورها بعض الشيء.{nl}إقليمياً، ستسيطر القضايا المتعلقة بالاستقرار السياسي والأمن القومي على الأجندة، ويتركز ذلك في شكل أكبر على التأزم والاحتقان السياسي في بعض الدول العربية مثل العراق ودول الثورات العربية ولبنان وبين دولتي السودان. بينما تستمر حالة الجمود التي تخيم على نمط التحالفات الإقليمية، بخاصة أن مصر وسورية كانتا على طرفي نقيض في هذا الشأن لكنْ، كل منهما الآن منشغلة بترتيب أوضاعها الداخلية، بالتالي من غير المتوقع أن يبلور العام المقبل أي نمط واضح للتحالفات الإقليمية نظراً إلى عدم اكتمال المشهد السياسي الداخلي. وسيظل الترقب سيد المرحلة، بانتظار ما ستؤول إليه الأزمة السورية لما لها من تأثير بالغ في الأوضاع في لبنان وعلى علاقات إيران بالمنطقة. حيث ستعمل الأخيرة على بلورة استراتيجية جديدة لتقوية حضورها الإقليمي ترتكز على الآتي: تعزيز نفوذها في العراق في شكل أكبر بعد الانسحاب الأميركي؛ ومحاولة استغلال الظرفية السياسية السائدة في العالم العربي لبناء علاقات قوية مع التيارات السياسية الجديدة إن أمكن؛ ومحاولة التأثير في الأحداث المستقبلية في سورية، بالتعاون بطبيعة الحال مع حزب الله. وقد نرى مقداراً أكبر من الفتور في العلاقة بين طهران وأنقرة حول مواضيع رئيسة أهمها: النفوذ في المنطقة العربية، والدرع الصاروخية في تركيا، والتنافس على كسب ود التيارات السياسية الإسلامية.{nl}على المستوى الدولي، ستبقى القوى الغربية منشغلة بهمومها الداخلية، ومن المتوقع أن يسيطر الهم الانتخابي الأميركي على صناع القرار في واشنطن، يضاف إلى ذلك تدشين واشنطن استراتيجيتها الجديدة في الشرق الآسيوي المسماة «قرن أميركا الباسيفيكي» وما يتطلبه ذلك من جهد ووقت، ما يضعف الفرصة أمام أية تحركات كبرى متعلقة بالشؤون الإقليمية، مع أن ذلك لا يعني مطلقاً تضاؤل اهتمامها بما يدور في الشرق الأوسط، لكنها ستعتمد على التنسيق مع الحلفاء الإقليميين في شكل أكبر للتأثير في مجرى الأحداث الإقليمية المتعلقة بتداعيات الثورات العربية. وسيبقى الجمود يخيم على مسار السلام في الشرق الأوسط، فيما تبقى إسرائيل المستفيد الأول من ذلك، ما لم يكن هناك حراك شعبي من الداخل الفلسطيني. كما ستستمر واشنطن في الضغط على إيران، وتصعيد حربها السرية ضد القدرات التقنية والعلمية الإيرانية. فيما تحاول أوروبا صوغ علاقات بينية جديدة للتغلب على المشاكل الاقتصادية التي أصبحت تهدد استقرار وقوة كثير من بلدان الاتحاد الأوروبي، ما يجعل تدخلها في شؤون المنطقة العربية انتقائياً إلى حد كبير. هذه المعطيات مجتمعةً تقودنا للقول إن القوى الإقليمية في الشرق الأوسط ستكون محط الأنظار في العام المقبل لبلورة المخرجات النهائية لعملية التفاعل الإقليمي بالتنسيق مع القوى الأجنبية، وسنرى مزيداً من الاحتقان السياسي ومظاهر عدم الاستقرار في بعض الدول العربية.{nl}* مستشار الأمين العام لجامعة الدول العربية{nl}ورطة الحكم في بلدان الثورات{nl}بقلم: آمال موسى عن الشرق الاوسط{nl}لطالما شكل الحكم في الفضاء العربي امتيازا لا تتمتع به سوى خاصة الخاصة التي كانت تقبض على مقاليد الحكم إلى ما لا نهاية. فالحكم كان مرادفا للصلاحيات غير المحدودة والسيطرة الشمولية على أنفاس الشعوب وأفكارها وتحركاتها. والوصول إلى مثل هذه المرادفات مسألة منطقية جدا، عندما يذهب في ظن الحاكم أن كل البلاد ملك له بمن فيها من عباد وأشجار وأنهار وبحار وكل دابة وجماد.{nl}إلا أن أمور الحكم في بلدان الثورات انقلبت رأسا على عقب وأصبح الحكم فيها بالفعل تكليفا صعبا محفوفا بالمزالق ويكاد يقطع كل صلة بمفهوم الحكم من زاوية كونه تشريفا.{nl}وقد لا نبالغ إذا قلنا إن الحكم في بلدان الثورات الثلاث تحديدا، أي تونس ومصر وليبيا، أصبح ورطة بأتم معنى الكلمة؛ ورطة تتطلب الشجاعة والجرأة والاستعداد لسيناريوهات شتى مثل الطرد والتوبيخ والسخط الدائم. وقليلون جدا الذين يصادفهم الحظ ويعيشون تجربة الحكم في مرحلة ما بعد الثورة بأقل ما يمكن من الأضرار وعدم الرضا.{nl}هناك من يعتبر ما يحصل في بلدان الثورات الثلاثة، مع فوارق طبعا، مفارقة غير مفهومة باعتبار أن الحكم السابق للثورات هو ما كان يمثل ورطة حقيقية والمفروض أن الثورات أطاحت بهذه الورطة ورموزها.{nl}وبما أن الزمن السياسي لما بعد الثورة يحاول أن يركن للشفافية وصناديق الاقتراع وتضييق الخناق أكثر ما يمكن على الفساد ثقافة وسلوكا، فإن الحكم في هذه الحالة وتبعا للتغييرات النوعية التي أنتجتها الثورات، أبعد ما يكون عن الورطة بقدر ما هو عمل استعاد طابعه الوطني والنضالي.{nl}إلا أن البون بين ما هو منطقي وما هو واقع ليس قليلا، ذلك أن مؤشرات كثيرة تدل على أن الحكم بالفعل في ما يسمى المرحلة الانتقالية لما بعد الثورة، ورطة مؤكدة على أكثر من صعيد.{nl}إن الحكم في بلدان الثورات الثلاثة ورطة حقيقية؛ لأن النخب الحاكمة الجديدة التي تدير هذه البلدان بشكل مؤقت وجدت إرثا ثقيلا من الفساد والمديونية ونسب فقر وبطالة عالية.{nl}لذلك فإن الممارسات الاحتجاجية المتمثلة في الاعتصامات والإضرابات هي بالنسبة إلى السياسيين الجدد، تعرقل استئناف مسيرة التنمية، خاصة أن نسب الفقر والبطالة بعد الثورة قد تفاقمت، خصوصا في تونس ومصر.{nl}كما أن الممارسات الاحتجاجية المشار إليها تتعارض وضرورة عودة القطاع السياحي الحيوي إلى الحياة، وهو الذي عاش أزمة حقيقية انعكست بشكل عميق على إطارات القطاع وتراجع مداخيل الدولتين التونسية والمصرية من العملة الصعبة. وإلى جانب تأزم قطاع السياحة، فإن الذي زاد الطين بلة أن مناخ عدم الاستقرار يحبط رؤوس الأموال في الداخل والخارج، مما ينعكس سلبا على التشغيل والاقتصاد.{nl}في هذا السياق، نضع دعوة الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي المعتصمين إلى إجراء هدنة على الأقل لمدة ستة أشهر، وأيضا دعوة البعض في الحكومة الانتقالية المصرية إلى إجازة وتحرير ميدان التحرير من المعتصمين الثائرين. دعوتان من أجل التمتع بفرصة تأمين انتقال ديمقراطي يوازيه انتعاش اقتصادي من منطلق أن شرارة الثورة في جوهرها احتجاج ضد البطالة والمستقبل الغامض والكرامة المهدورة. ولكن في مقابل هذا الموقف المفهوم جدا، فإن موقف الشعوب صاحبة الثورات مفهوم جدا جدا أيضا. فهي شعوب منهكة فقدت قدرتها على الصبر والانتظار الطويل المفتوح. وعلى المستوى النفسي تجاوزت هذه الشعوب مخزون الخوف والتردد والسلبية، إضافة إلى أن النجاح في تحقيق الثورة والإطاحة بالأنظمة الشمولية السابقة قوت من الاعتقاد في الممارسات الاحتجاجية.{nl}إذن الطرفان على حق. وهو لب ورطة الحكم في بلدان الثورات!{nl}الخير قادم والصعوبات أيضاً {nl}بقلم: جميل مطر عن السفير البيروتية{nl}أعترف بفضل 2011 وسوف أبقى معترفا بهذا الفضل. أتاح لنا 2011 فرصا لم يتحها لنا أي عام مر علينا. تعرفنا من خلال هذه الفرص على أشياء وأشخاص وقوى وطبقات كنا نراها ونتعامل معها في سنوات خلت وتبين لنا في 2011 أننا لم نكن نعرفها. يكفي أن ينظر الواحد منا إلى قائمة من يتواصل معهم بالبريد العادي والالكتروني وبالهواتف والفيسبوك والتويتر وغيرها ليدرك حجم ما أضيف إلى القائمة من حيث العدد والنوعية والفئة العمرية. وإن نسينا فلن ننسى أن 2011 دربنا على اكتساب مهارات لم تكن لدينا، بعضها فاتنا قطارها وبعضها تكبرنا عليه وبعضها فضلنا على اكتسابه والانشغال به راحتنا النفسية أو أمننا الاقتصادي. وأظن أن هذا الشعب سوف يذكر دائما أنه تدرب في 2012، برضاه وليس رغم أنفه، على مهارة كان الظن أنها تستحيل عليه وهي صنع المستقبل وقراءته.{nl}كان 2011 عام تجارب عظمى، وكان ساحة حشد فيها التاريخ، وبكثافة شديدة، أقوى وأكفأ أداة من أدوات التغيير والتجديد، وهي الثورة، حشدها، بل حشد عددا منها وبتزامن مدهش في منطقة اشتهرت بقدرتها على التأثير سواء بأفعالها أو لا أفعالها في غيرها من مناطق العالم. وبقدر ما كانت رغبة التاريخ في التغيير عارمة، كذلك كانت رغبة الملايين من شعوب المنطقة، ورغبة قوى ودول في الغرب، وإن بشروط لم تحد عنها وحدود حاولت فرضها.{nl}كانت ولا تزال الرغبة في التغيير عارمة وكان ولا يزال رفض التغيير بين القوى المناهضة للتغيير وللتاريخ معا، قوياً وعنيداً. ومع ذلك كان واضحاً أن قوى التغيير لن تتفق في ما بينها بسبب تضارب مصالحها الأخرى. هذه القوى لم تكن منظمة ولم تجمعها مؤسسة ولم تأتلف قبلا أو بعدا. منها قوى أرادته تغييرا يقلب صفحة في التاريخ ويفتح صفحة جديدة تماما، وقوى أرادته تغييرا يضعف نفوذ مؤسسات القمع ويزيح طبقة مالية وتجارية حكمت لعقود، وإحلال طبقة مالية وتجارية جديدة محلها. هذا النوع من الإحلال الذي يرغب فيه الإسلاميون يختلف عن الإحلال الذي نفذته بالفعل حكومة الثورة المصرية في أواخر عقد الخمسينيات ومعظم عقد الستينيات. {nl}وقتها اختيرت البيروقراطية لتحل محل طبقة ملاك الأراضي والعقارات وكبار الصناعيين والتجاريين. المؤكد هذه المرة أن الإسلاميين لن يثقوا في البيروقراطية المصرية، على الأقل لسنوات عشر أو عشرين، ليحلوا محل طبقة انفتاح السادات ومبارك، فضلا عن أن لديهم طبقتهم المالية التجارية التي موّلت تنظيماتهم السياسية والاجتماعية لعقود طويلة، وجاء وقت استرداد ما أنفقته هذه الطبقة، وتعميق نفوذها والتوسع في تكوين ثروات جديدة.{nl}كانت أميركا ودول أوروبية بين القوى التي لم تخف رغبتها في تغيير كثير من الأوضاع القائمة في دول الشرق الأوسط. لم تخدع هذه الدول، أو أجهزتها المتخصصة، أحداً في العالم العربي، فقد عملت في العلن، وفي السر أيضا، على تشجيع اتجاهات التغيير، أملا في أن يأتي التغيير بنظم سياسية تفرج عن طاقات عديدة محبوسة، يمكنها أن تسهم في توسيع حجم السوق الاستهلاكية العربية الضرورية لاستهلاك منتجات الغرب، وبخاصة منتجاته الفكرية والسياسية. كذلك كان أملها كبيرا في أن يؤدي التغيير إلى السماح لقوى سياسية واجتماعية بأن تنشط وتقوى وتتأهل لتولي السلطة وتنأى بنفسها عن ممارسة أو تشجيع أنشطة تخريبية أو إرهابية يقوم بها ناشطون متطرفون يسعون لفرض حكم الدين بالقوة المسلحة.{nl}كان 2011 كاشفا بقدر ما كان فاعلا. بفضله ندخل 2012 ولدينا معرفة أوسع بخريطة القوى السياسية في مصر. لن نخمن بعد اليوم في قوة الإسلاميين ومدى تغلغلهم في المجتمع المصري. كانوا «فزاعة» وأصبحوا حقيقة. والحقيقة لا تخيف أو ترهب بل على العكس يمكن أن تكون دافعا ليرفع الآخرون مستوى أدائهم ويطوروا فكرهم ويحدثوا أدواتهم وأساليبهم.{nl}أثق، على سبيل المثال، في أن قوى التغيير في مصر، وأغلبها سوف يستمر يعكس طبيعة الأجيال الشابة لعـقود طويــلة قادمة، لن تتعامل مع المجلس العسكري أو من يمثل المؤسسة العسكرية المصرية على نفس الأسس التي تعاملت بها الأجيال السابقة من المدنيين مع العسكريين. {nl}تغيرت أكثر الأسس، أحدها كان الاقتناع المتبادل بأن العسكريين قوة تغيير تتصدر قوى التقدم في المجتمع. انحسر هذا الاقتناع في معظم دول العالم، وبخاصة في مصر المعاصرة، منذ أن تأكدت جموع «التغييريين « من أن المجلس العسكري اختار أن يقود معسكر «الاستقراريين» في مواجهة أنصار التغيير. كثيرون يقارنون بين سلوكيات النخبة في جيش مصر إبان المرحلة الليبرالية وسلوكيات النخبة الراهنة وبوجه خاص في النظرة إلى مفاهيم الحرية والديموقراطية والتغيير والنهضة والتحديث، وكلها كانت من الانشغالات اليومية لضباط القوات المسلحة في سنوات الأربعينيات. {nl}وقد تبدو المقارنة غير عادلة، ففي منتصف القرن الماضي كانت مصر وغيرها من دول الجنوب تعيش مرحلة سعي للاستقلال، بينما نعيش الآن مرحلة يبدو فيها الحديث عن الاستقلال الوطني والسيادة ردة عن العولمة ومبادئ اقتصاد السوق ونظريات حق التدخل لأسباب إنسانية، وعند البعض ردة عن التزامات مصر الدولية واتفاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة.{nl}أستطيع، مثل كثيرين غيري، أن أفهـم سبـب اختيار النخـبة العسكرية الراهنة الدفاع عن سياسات ومؤسسات الوضع القائم والإصرار على أن يجري التغيير في نطاق محدود. أتصور أن وراء هذا الاختيار الاعتقاد، بين أسباب أخرى، بأن الانتقال بوتيرة بطيئة يضمن حماية المؤسسة العسكرية المصرية من تقلبات التغيير الثوري وتعقيدات المراحل الانتقالية وتكلفـة الانشغال بالـعمل السـياسي ابتداء من فك الاشتباك بين القوى الاجتماعية وانتهاء بعملية بناء دولة حديثة.{nl}يقول كارل جيبسون، المخرج الأميركي المعروف والناشط في حركة احتلال معاقل الطبقة المالية في أميركا، إن الاحتكارات الإعلامية الكبيرة في دول الغرب نجحت في تشويه سمعة اعتصامات الاحتجاج على فساد الطبقة المالية بما أشاعته عنها من أن شعاراتها تافهة المضمون، وأن المشاركين فيها من جماعات سيئة السيرة وصانعة فوضى ومتسببة في قذارة ومهددة للصحة وصنيعة مؤامرة أجنبية.{nl}ما يقوله جيبسون لا يختلف عما يقوله أنصار التغيير في مصر، وفي غيرها من المجتمعات الثائرة في العالم العربي، فقد اشتركت بعض أجهزة الإعلام مع قوى إقليمية معادية للتغيير في التشويه المتعمد لأهداف الثورات العربية ومحاولة حرفها عن الطريق ورفع تكلفة تضحياتها المادية البشرية وتحميلها سلبيات اقتصادية واجتماعية كانت موجودة، بل كان بعضها بين دوافع الثورة.{nl}أسمع من عدد لا بأس به من المعارف أن هناك من يعتقد أن الاحتمال وارد أن يشهد 2012 أعمالا عنيفة تهدف إلى العودة بمصر تحديدا، وليس بسوريا وليبيا وتونس، إلى حال استقرار 2010. وأستطيع أن أفهم مبررات هذا الاعتقاد وأغلبها يرتبط بتصرفات المجلس العسكري وقوى الأمن الداخلي وقوى مالية تمول الفوضى الدينية والسلوك السياسي لبعض الدول العربية. ومع ذلك، أصر على اقتناعي بأنه مخطئ من يعتقد أن مصير 2011 سيكون كمصير 1968 ومصير 1977 ودليلي هو 2012.{nl}السلفيون فى إسرائيل{nl}بقلم: فهمي هويدي عن الشروق المصرية{nl}خرجت الطفلة نوعاما مرجولس ابنة الأعوام الثمانية من بيتها متجهة إلى المدرسة، لكن أحدهم وجد أن ثيابها غير محتشمة بما فيه الكفاية، فاعترض طريقها وأنَّبها ثم شتمها وبصق فى وجهها، فعادت البنت إلى بيتها باكية ورفضت الذهاب إلى المدرسة. وقبل ذلك كانت فتاة متدينة اسمها تانيا روزنبلوط قد صعدت فى أحد الباصات وجلست فى المقاعد الأمامية، فتصدى لها أحدهم وطلب منها ان تنتقل إلى المقاعد الخلفية المخصصة للنساء، لكنها رفضت. واشتبكت مع الرجل الذى أصر على مغادرتها مقعدها، الأمر الذى عرضها للعنف من جانبه، ووصلت القصتان إلى الصحافة، التى فتحت ملف جماعات «الحرديم» الأمر الذى أثار عاصفة من النقد والاحتجاجات، التى صارت خبزا يوميا للصحف وبرامج التليفزيون ومختلف الأحزاب السياسية.{nl}حدث ذلك فى إسرائيل المشغولة منذ أسابيع بالحرديم وممارساتهم. والمصطلح يطلق على المجموعات السلفية هناك. والكلمة معناها فى اللغة العبرية «الاتقياء»، وهم يتركزون فى مدينة القدس حتى أصبحوا يشكلون ثلث سكانها. ولا يعترفون بأية قوانين تصدرها الدولة، فى حين يعتبرون أن تعاليم التوراة بنصوصها الحرفية هى المرجعية الوحيدة التى يعترفون بها، يشجعهم على ذلك أغلب الحاخامات الذين يغذونهم بالأفكار والفتاوى التى يسترشدون بها.{nl}ما حدث للطفلة نوعاما والفتاة تانيا كان جزءا من الحياة اليومية لبلدة بيت شيمش القريبة من القدس، التى يسيطر عليها الحرديم، فيمنعون حركة المواصلات واستخدام التيار الكهربائى يوم السبت، ويفرضون على النساء الخروج بثياب أقرب إلى النقاب، وقد خصصوا لهن المقاعد الخلفية من الباصات، كما يعتبرون أصوات النساء عورة ليس للغريب أن يطلع عليها.{nl}شاهدت على اليوتيوب برنامجا تليفزيونيا بمناسبة ما جرى للطفلة التى توقفت عن الذهاب إلى المدرسة. وقد تم تصوير البرنامج فى بلدة شيمش التى تسكن فيها. وفيه ظهر عناصر الحرديم فى الشوارع وعلى النواصى، وقد ارتدوا قبعاتهم وثيابهم السوداء، فى حين اطلقوا لحاهم وتدلت الشعرات المجدولة من سوالفهم. وسجل لهم البرنامج ممارساتهم فى الشوارع واشتباكاتهم مع معارضيهم.{nl}يوم 9/11 نشرت صحيفة «هاآرتس» تقريرا عن نفوذ الحرديم المتنامى، ذكر أن عشرات المصانع فى مستوطنة أخرى (منة شعاريم) جرى فيها الفصل بين الرجال والنساء. وطلب إلى العمال العلمانيين (من غير الحرديم) ان يعتمروا القبعات الدينية، وتحولت مدرسة بلماح فى كرمئيل إلى مدرسة دينية. من ناحية أخرى، حذر عسكريون سابقون من أخطار انتشار التظرف الدينى على الجيش، الذى يعد «بقرة مقدسة» فى إسرائيل. وانصب تحذيرهم على احتمال اتساع ظاهرة رفض الأوامر العسكرية بحجج دينية مختلفة. خصوصا أنه سبق لبعض الجنود أن رفضوا إخلاء بؤر استيطانية عشوائية استنادا إلى دوافع دينية توراتية. وكانت قد اتسعت فى الشهور الأخيرة ظاهرة مقاطعة جنود متدينين لاحتفالات عسكرية، بسبب مشاركة مجندات فى الغناء.{nl}هاآرتس نشرت فى 11/12 مقالة لجدعون ليفى قال فيها إنه منذ الخريف نشبت فى إسرائيل حرب ثقافية، تشتعل على جبهات أوسع وأعمق كثيرا مما يبدو للناظر، مضيفا أن «مناهج حياتنا توشك أن تتغير من الولادة إلى الموت. ولذلك فقد تصبح هذه المعركة الأكثر مصيرية فى تاريخ إسرائيل منذ إعلان الدولة».{nl}من الملاحظات المهمة التى ذكرها أنهم كانوا يدركون أن الهدوء إذا ساد إسرائيل لعدة سنوات فإنه ذلك قد يؤدى إلى تفكك المجتمع الإسرائيلى (الملىء بالمتناقضات). لكن أحدا لم يتنبأ أن فرق إسرائيل فى طوفان الشياطين على النحو الحاصل الآن. ذلك أن الهجوم على النظام القائم حاصل على جميع الجبهات. وهو فى رأيه «تسونامى سياسى وطوفان ثقافى وزلزال اجتماعى ودينى، نحن فى أوله فقط.. حيث يكون لنا فى النهاية بلد مختلف. «ليس الديمقراطية الغربية المستنيرة التى يدعيها لأنها تستبدل الآن بسرعة مخيفة بدولة دينية جاهلة، وأصولية عنصرية وقومية وظلامية».{nl}منذ ثلاثة عقود والأحزاب السياسية فى إسرائيل تستعين بالجماعات الدينية المتطرفة لكى تتمكن من تحقيق الأغلبية التى تسمح لها بتشكيل الحكومة. وهو ما أدى إلى تزايد نفوذ تلك الجماعات، التى أرادت لإسرائيل أن تكون دولة يهودية، وكانت النتيجة أن انقلب السحر على الساحر، وتحولت يهودية الدولة إلى شبح يخيف الإسرائيليين ويهدد بتقويض الاستثناء الذى ما برحوا يدَّعونه لأنفسهم.{nl}القومية العربية مقدمات عبثية ونهايات كارثية{nl}بقلم: أحمد الشوابكة عن السبيل الاردنية{nl}إنّ المتتبّع لجذور هذه الفكرة والمراقب لممارسات مدّعيها على أرض الواقع، لا يسعه إلاّ أن يحيطها بالكثير من علامات الاستفهام والاستنكار، فمؤسّسها والمنظّر لها شخص من أصول تركيّة اسمه "ساطع الحصري"، وهو لا يتقن التحدّث باللغة العربيّة، وشعاره المشهور "جدّنا جنكيز خان"، وفجأة يتحوّل إلى داعية للقوميّة العربيّة ومنظِّرا لها.{nl}إنّ القوميّة العربيّة التي وضع ساطع الحصري مبادئها ومرتكزاتها تستبعد الدّين من بين مقوّماتها بدعوى العلمانيّة، ولا ترى في التاريخ الإسلامي مصدر فخر وإلهام لها، مما جعلها جوفاء من أيّ مضمون وشعار دون محتوى، وجوهر عقيدتها معاداة الدين واستهداف دعاته.{nl}وعلى أرض الواقع، فقد تولّى العديد من رموزها ومدّعيها وممتطي موجتها، أمانة المسؤوليّة الكبرى في ديار العرب في الفترة التي أعقبت الحكم الأجنبي، فتسلّموا منهم مفاتيح حكمها.{nl}وجردة حساب سريعة لما أفرزته هذه النّظم القوميّة، تكشف أنّها فرضت حالة شرذمة سياسيّة متنافسة ومتناحرة بين أجزاء هذا الوطن وفقدان أجزاء غالية منه والتضييق المعيشي على العباد وسامت شعوبها ألواناً من الخسف والذل والظلم والاستعباد، وأفقرت هذه الشعوب رغم وفرة ثروات بلدانهم واستعبدوها بحرمان أفرادها من أبسط حقوقهم، وكانوا خلال فترة حكمهم وكلاء استعمار من الباطن، حقّق الاستعمار بهم ومن خلالهم ما عجز عن تحقيقه هو في مجمل أوضاعهم، ونَعِم (الكيان اللقيط) الذي أُوكل إليهم أمر سلامته وحضانته التي استمرت أكثر من نصف قرن، بالأمن والأمان، وأفسحوا له كي يتمدّد ذات اليمين وذات الشمال، في الوقت الذي ضيّقت فيه هذه النّظم على شعوبهم، يصادرون حرّياتهم وينهبون ثرواتهم ويمسخون آدميتهم ويحوّلونهم إلى سائمة لا إرادة لهم، فتارة جرذان وفئران، وأخرى مدمنو مخدرات، وأخيراً أفراد عصابات نهبٍ وتخريب.{nl}واليوم وبعد أن أوشكت الشعوب أن تستردّ كرامتها المسلوبة وتستعيد وعيها المفقود وتقتصّ من سجّانيها وجلاّديها، ينبري من تبقّى من فلول القوميين للدّفاع عن آخر معاقل أولياء نعمتهم، بعد أن تهاوت أو أوشكت، لمحاولة إنقاذهم من المصير المحتوم أو لإعطائهم فرصة تدبُّر أمورهم وتقليل مجمل خسائرهم أو اختيار شكل النّهاية التي يفضّلونها، تارة بزيارات المجاملة وإصدار بيانات الدّعم والمساندة لمن لا يزالون منتظرين أو نعيٍ لعقيد فقيد بعد أن صار إلى ما يجب أن يصير إليه والذي هم أيضاً إليه صائرون.{nl}«براقش» قطر{nl}بقلم: صفاء اسماعيل عن تشرين السورية{nl}يبدو أن قطر لن تسلّم بالخروج من المولد الليبي بلا حمص، وألا تقتسم مع شركائها الناتويين الكعكة الليبية، ولاسيما أنها لعبت دوراً رئيسياً لا يستطيع أحد تجميله في تدمير ليبيا، بدءاً من الدعم المالي والإعلامي واللوجستي إلى تقديم السلاح بأنواعه كافة وتدريب المسلحين الذين يقتل بعضهم بعضاً حالياً.{nl}قطر التي عملت بمثل «من يقدم التسعة لا بد أن يأكل العشرة»، قدمت «لثوار» ناتو الكثير حتى تمكنوا من الإطاحة بحكم العقيد معمر القذافي، وعندما حان الوقت وجاءت لتجني الغنائم وتساهم في رسم المسارات السياسية في ليبيا وفق أجندتها الخفية ممونة نفسها على الجميع من باب الاعتراف لها بجميل ما صنعت، ضربها شركاؤها حكام ليبيا الجدد على يدها، وطالبوها بعدم التدخل في شؤون بلادهم، والكف عن دعم المسلحين وتسخيرهم لتحقيق أهدافها، وأكثر من ذلك طالبوها بمغادرة ليبيا لينتهي شهر العسل بينهما باكراً.. ونسأل: هل حقاً انتهى شهر العسل؟ أم إن سفارات «ابن عباد» ستتعدد بين طرابلس والدوحة لتلطيف الأجواء وإعادة المياه إلى مجاريها من جديد. {nl}وعليه، وفي ضوء حقيقة أن قطر فقدت رجلها العسكري عبد الحكيم بلحاج الذي اختفى فجأة، كان عليها أن تعود مجدداً إلى الساحة الليبية برسول آخر، وبوجه مختلف عن السابق، فأوفدت مفتي «ناتو» يوسف القرضاوي إلى طرابلس الأسبوع الماضي لعله ينجح في وصل الحبل الذي انقطع. {nl}القرضاوي الذي يطالب الليبيين اليوم بالمصالحة، نسي أنه كان بالأمس القريب أي في بداية ما سمي «الثورة الليبية» يحلّل ويحرّم ويحرّض جهاراً نهاراً على الفتنة، وقتل الليبي لأخيه تحت ذرائع ومسميات تتماهى مع مشروع «ناتو» في ليبيا، وكله تحت عباءة الدين التي يلتحف بها. {nl}القرضاوي الذي أوفده أمير قطر لزيارة طرابلس، حمل رسائل وأهدافاً بعضها مفضوح وبعضها الآخر ينتظر الافتضاح، لم ينسَ في خضم فتاويه ونصائحه أن يوصل الرسالة التي تكلف من أجلها عناء الذهاب إلى ليبيا وهي تبييض صفحة قطر السوداء لدى الشعب الليبي، فامتدح طويلاً وكثيراً دور قطر في ليبيا، وأثنى على أدائها ودعمها لثوار «ناتو» فيما آلت إليه حال البلاد والعباد من سلاح داشر وقتل واغتصاب وتنكيل بالليبيين. {nl}هل نجح القرضاوي، أم أخفق؟ لا ندري بعد، مع أننا لم نسمع بعد زيارته أي تصريح أو تلميح من حكام ليبيا الجدد حول قطر وسياساتها الملغومة في ليبيا، فالصورة الضبابية مازالت تخيم على ما ستؤول إليه العلاقات الليبية-القطرية وما علينا سوى انتظار الأيام القليلة القادمة لتتضح الصورة. <hr>إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً (http://192.168.0.105/archive02/attachments/DocsFolders/01-2012/عربي-5.doc)