Haneen
2011-05-20, 11:28 AM
ردود الفعل حول المصالحة{nl}ملف رقم ( 11 ){nl}اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي حماس و"فتح" ودلالاتها{nl}تشكيل سلطة مشتركة قد يمنح حماس "ختم تأهيل دولي" وحصانة ضد الإضرار بها من قبل "إسرائيل"{nl}ميخي ميلشتاين/ مركز دايان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا{nl}اتفاق المصالحة الذي وقّع في القاهرة في الرابع من أيار بين حركتي "فتح" وحماس يؤشر لنهاية استمرت أربع أعوام استمت بالإنقسام الداخلي العميق في السلطة الفلسطينية.{nl}منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في شهر يونيو 2007 هناك في الحقيقة حكومتان في مناطق السلطة الفلسطينية، هاتين الحكومتان تعاديان بعضهما البعض وتسيطران على ساحات جغرافية منفصلة ومتباينة في الجوانب السياسية والإيديولوجية والثقافية والاجتماعية.{nl}الاتفاق يعيد وإلى حد كبير الساحة الفلسطينية إلى الفترة التي حاولت فيها حركتي فتح وحماس تشكيل حكومة مشتركة وهي خطوة فشلت بسبب طموحات كل حركة تعزيز قوتها وكذلك وضع الهيمنة على حساب الأخرى. وبناء على وثيقة المصالحة من المتوقع أن تشكل حكومة وحدة خلال فترة لم تحدد حتى الآن تتشكل من أرباب المهن الحرة وإجراء انتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال عام على الأكثر ويعاد تفعيل المجلس التشريعي الذي كان مصابا بالشلل منذ أربعة أعوام.{nl}بعد الإعلان المفاجئ من قبل حركتي فتح وحماس عن توقيع الاتفاق في 27 أبريل بدأت موجة من التعليقات من قبل أوساط سياسية وإعلامية في الغرب بشكل عام وإسرائيل بشكل خاص حاولت أن تحدد مَن مِن الحركتين جاءت للتوقيع على اتفاق من مركز قوة ومن ستحقق أرباحا أكثر. وعلى ضوء ذلك يبدو أنّ الحركتين مطالبتين بتقديم تنازلات في الاتفاق وأنهما ستجنيان من ورائه إنجازات.{nl}ومع ذلك فإنّ التمحيص الشامل يدلل على أنّ حركة حماس هي التي جاءت إلى الاتفاق من موقع إستراتيجي أفضل من أبو مازن ومن هنا إنجازات هذا الأخير التي حققها من هذه الخطوة في الجانب الإستراتيجي الأوسع هي أكثر تواضعا.{nl}بداية تبرز الحقيقة بأنّ أبو مازن وافق على الاتفاق رغم أنّه لم يحقق مطلبه التقليدي مقابل المصالحة مع حماس أي إعادة الوضع في قطاع غزة إلى ما كان عليه قبل سيطرة حركة حماس في القطاع في يونيو 2007.{nl}منظومة الضغوط التي دفعت أبو مازن للتوقيع على الاتفاق تكمن في عدّة تحولات إستراتيجية بدأت خلال الأشهر الأخيرة في المنطقة:{nl}- اختفاء حسني مبارك الحليف الإستراتيجي القديم للسلطة الفلسطينية.{nl}- عدم الثقة الفلسطينية المتزايد في الإدارة الأمريكية نتيجة للإدارة غير المتساوقة والمترددة إزاء ما يحدث في الشرق الأوسط.{nl}- الأزمة العميقة التي وصلت إليها المفاوضات السياسية مع "إسرائيل" وغياب الأفق السياسي الحقيقي، وكذلك الكشف عن وثائق المفاوضات السياسية من قبل قناة الجزيرة في يناير من هذا العام التي وضعت أبو مازن في حالة ارتباك صعبة على ضوء عرضه كمن هو على استعداد لتقديم تنازلات بعيدة المدى في القضايا الجوهرية الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها حق عودة اللاجئين.{nl} ومن أجل الخلاص من الأزمة العميقة التي انزلق إليها في كل المجالات اضطر أبو مازن إلى اتخاذ خطوة دراماتيكية والتي تعني الاعتراف بحكومة حماس في قطاع غزة كحقيقة قائمة.{nl}إلى جانب هذه الضغوط يحتمل أن أبو مازن قد اندفع وراء هذه الرغبة عن محض إرادة من أجل تطوير الخطوة الفلسطينية الهادفة إلى الحصول على اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية المستقلة في حدود 67 خلال شهر سبتمبر القادم. وفي هذا الإطار يسعى أبو مازن إلى تقديم صورة لرئيس مجمع عليه من قبل جميع اللاعبين في الساحة الفلسطينية وبأنّه يسيطر ولو بشكل رمزي على جميع المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية.{nl}في نطاق هذه الخطوة قد يعدّ ويؤهل حركة حماس في نظر المجتمع الدولي من خلال الادعاء المتكرر بأنّ دمج الحركة في السلطة الفلسطينية سيؤدي تدريجيا إلى كبحها على الأصعدة الفكرية والعملية على حد سواء.{nl}مثل هذه الخطوات قد تدفع اللاعبين الدوليين الذين مازالوا يدرسون مواقفهم قبيل المداولات التي ستشهدها الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.{nl}وفيما يتعلق بالجانب "الإسرائيلي" فإنّ التوجه إلى المصالحة مع حماس الذي أثار رد فعل عاصف من جانب حكومة (نتنياهو) يشير إلى أنّ أبو مازن فقد الأمل في تطوير وتقدّم العملية السياسية في الوقت الحاضر، وأنّ من الأفضل تحسين وضعه داخل المعسكر الفلسطيني بدلا من ذلك قبيل تحدي سبتمبر القادم.{nl}حماس وصلت هي أيضا إلى الاتفاق نتيجة لضغوطات مختلفة، لكن يلاحظ أنّها تحظى بعدّة مزايا تتفوق على أبو مازن نابعة من التطورات الإقليمية والتي تعمل لصالحها.{nl}في مقدمة هذه التطورات سقوط نظام مبارك الذي كان يبدي عداءا ضدّ الحركة واستبداله بسلطة تتبنى خطا أكثر تأييدا لها، والأهم تراجع القوة والمكانة الإقليمية للولايات المتحدة التي تعادي هي الأخرى حركة حماس.{nl}ومن الجائز أنّه تكمن خلف انضمام حركة حماس إلى الاتفاق الرغبة في الاندماج في الجهد الدولي الشامل قبيل تحدي سبتمبر وتحديد عدّة إنجازات يمكن للحركة أن تحققها من الاندماج في الحكومة الفلسطينية في الوقت الحاضر. وفي هذا السياق يمكن الإشارة بصفة رئيسية إلى فرص تعزيز شرعيتها في الساحة الدولية وتسهيل فعاليات حركة حماس في الضفة الغربية التي ستكون مصحوبة بالإفراج عن ناشطيها المعتقلين في السجون التابعة للسلطة.{nl}حتى الآن ليس هناك تجل مهم للادعاءات التي ترددت في إسرائيل والقائلة بأن حركة حماس اضطرت للتوقيع على الاتفاق بسبب الخوف من انتقادات متصاعدة في الضفة الغربية في صفوف الشعب الفلسطيني، أو إدراكها بأنّها منيت بالفشل في المواجهة العسكرية مع إسرائيل في أعقاب نشر منظومة القبة الحديدية حول قطاع غزة في الأشهر الأخيرة.{nl}تجدر الإشارة أنّ الاتفاق بين سلطة أبو مازن وحماس ليست له سوابق، في سبتمبر 2006 وقع اتفاق مماثل بين الطرفين، حينها دفعت الضغوطات الآنية كل من حركة حماس وفتح لتبني مثل هذه الخطوة.{nl}خلفية ذلك الاتفاق تمثلت في صعود حركة حماس إلى سدّة الحكم في السلطة الفلسطينية في أعقاب الانتخابات التي جرت في يناير 2006.{nl}التحول التاريخي الذي أطاح بحركة فتح من الموقع الذي حققته لنفسها منذ نهاية الستينات كزعيمة بلا منازع للمنظومة الفلسطينية أدّى سريعا إلى صدامات عنيفة بين الحركتين وعلى الأخص في قطاع غزة، المخاوف المشتركة من تصاعد المواجهة الداخلية إلى جانب قلق أبو مازن من فقدان السيطرة في السلطة وطموح حركة حماس للحصول على شرعية تبدد التحفظات الدولية إزاء سلطتها دفعت الطرفين إلى بلورة اتفاقات عامة بينهما، هذه الاتفاقات تحولت إلى اتفاق رسمي وقّع في مكّة في شهر فبراير 2007 لكن بعد أن سفك دم فلسطيني آخر في الصدامات بين الحركتين.{nl}اتفاق مكّة قاد إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في مارس 2007، الخطوط الأساسية لتلك الحكومة عكست نجاح حركة حماس في فرض خطها السياسي وتراجع في مواقف أبو مازن. الخطوط الأساسية تضمنت اعتراف بالحق الشرعي للفلسطينيين في تبني المقاومة بكل أشكالها (بما في ذلك استمرار الكفاح المسلح) والتأكيد على حق العودة وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 وتوضيح غامض مؤداه ضرورة احترام الاتفاقيات السياسية التي وقعت عليها منظمة التحرير لكن دون الالتزام بها وغياب أية إشارة حول الاعتراف بحق وجود إسرائيل.{nl}في كل الأحوال حكومة الوحدة الوطنية في 2007 كان عمرها قصير، فعلى الرغم من الاتفاق بين قيادات الحركتين واصلت العوامل الميدانية صراعها العنيف فيما بينها، وهو الصراع الذي انتهى بسيطرة حركة حماس على القطاع وتفكيك المنظومة الأمنية التي كانت تخضع لإمرة أبو مازن. وهكذا وضعت نهاية لسلطة فتح في قطاع غزة وبدأ عهد جديد من سيطرة الحركة الإسلامية هناك.{nl}الاتفاق الحالي يفرض على إسرائيل عدّة معضلات:{nl}1.حتى الآن ليس واضحاً ما إذا كان تحقيق المصالحة الداخلية الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية ستعزز الرغبة الدولية في الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة في شهر سبتمبر القادم، أو تضعف هذه الرغبة، هذا على ضوء إمكانية دمج حركة تصنّف بأنّها حركة إرهابية من قبل معظم الدول في العالم الغربي في الحكومة الفلسطينية. يبدو أنّه بالنسبة لهذه القضية إسرائيل تمتلك القدرة على التأثير على الساحة الدولية وعلى الأخص في الغرب عن طريق خطوات دبلوماسية وإعلامية ستتخذها على المدى المنظور.{nl}2. التعاظم المحتمل لقوة حركة حماس:{nl}- في قطاع غزة: تشكيل سلطة مشتركة قد يمنح سلطة حماس "ختم تأهيل دولي" وربما حصانة ضد الإضرار بها من قبل "إسرائيل". في مثل هذه الحالة هامش المناورة العسكرية الإسرائيلية في مواجهة حماس قد يضر لأنّ زعمائها وقواتها ستصبح في الحقيقة جزءا من سلطة أبو مازن. في هذا السياق هناك احتمال متدني أن تستجيب حركة حماس لمطالب {nl} أبو مازن بتفكيك منظومتها الأمنية في قطاع غزة والتي تشكل في الوقت الحاضر من مجموعة كبيرة من الأجهزة العسكرية التي يأتمر بعضها بقيادة حماس وبعضها الآخر لحكومة غزة.{nl}- الضفة الغربية: تشكيل حكومة فلسطينية مشتركة قد يساعد حركة حماس على تعزيز نفوذها في المستقبل في هذه المنطقة وهو ما يبدو محدودا في الوقت الحاضر بسبب الإجراءات والخطوات التي تتخذها إسرائيل والخطوة الفلسطينية. إسرائيل قد تجد نفسها في مواجهة مشكلة رئيسية فيما يتعلّق بتعاطيها مع الناشطين في حركة حماس الذين سيتولون وظائف عليا في السلطة الفلسطينية (وزراء، أعضاء برلمان.. إلى آخره) هؤلاء سيعملون في الحقيقة في إطار سلطة أبو مازن لكنّهم سيبقوا يصنفون بالنسبة لإسرائيل على أنّهم ممثلون لحركة معادية، في هذا السياق إسرائيل قد تواجه مشكلة خطيرة أي احتمال إجراء انتخابات للبرلمان والرئاسة الفلسطينية بعد عام بمشاركة حماس، هذا الأمر خطير وعلى الأخص إذا ما حظيت هذه الخطوة بمباركة المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة.{nl}3.اتفاق ينص على تشكيل حكومة وحدة مع حماس يثير علامات استفهام بالنسبة لكيفية السلوك الإسرائيلي للتعاطي مع سلطة أبو مازن في جميع المجالات. هذا الأمر يتجلى بشكل بارز في المجال السياسي فيما يتعلق بتحقيق تسوية بين الطرفين (الذي يبدو ضئيلا حتى الآن)، لكن أيضا في قضايا تكتيكية مثل استمرار التعاون في المجال المدني وكذلك في مجال التنسيق الأمني وتحويل الأموال من إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية (الذي تم تحديده إلى حد كبير في ضوء التوقيع على الاتفاق).{nl}4. انحرافات في السلوك المصري: القاهرة مثلت في الحقيقة عرابا للاتفاق الحالي، في هذا الدور أظهرت استمرارية لكنها استمرارية مع تطورات جديدة قياسا بالماضي، فمن ناحية فقد استمرت في القيام بدور تاريخي كوسيط بين اللاعبين في الساحة الفلسطينية مع الحفاظ على نفوذها، لكن من ناحية ثانية فقد طوّرت خطواتها دون إطلاع إسرائيل والولايات المتحدة أو استشارتها. أكثر من ذلك بعد التوقيع على الاتفاق أعلن وزير الخارجية المصري نبيل العربي عن اعتزام مصر فتح معبر رفح قريبا وأنّ رئيس الأركان المصري سامي عنان أصدر بيانا مماثلا حول الموضوع بشكل ملمحا بأنّه لا يحق لإسرائيل أن تتدخل في العمل عند المعابر. هذه الخطوات تتعارض مع اتفاقيات سابقة بين إسرائيل ومصر وقعت برعاية أمريكية تشير إلى تغيير مثير للقلق بالنسبة لإسرائيل في سلوك النظام المصري الجديد في الساحة الفلسطينية.{nl}حتى الآن يبدو أن الخطوة الفلسطينية الداخلية تجسد مخاطر أكثر مما تجسد فرص بالنسبة لإسرائيل، الخطوة تعزز نظريا وعمليا من موقع العناصر المتطرفة في المنظومة الفلسطينية ويقلّص من فرصة تحقيق تسويات سياسية مع إسرائيل على المدى القريب، السيناريوهات على غرار تجدد نفوذ حركة فتح في قطاع غزة أو تطور تغيير فكري لدى حركة حماس في أعقاب دمجها في حكومة أبو مازن تبدوان في الوقت الحاضر كاحتمالات ضئيلة جدا.{nl}وبالنسبة للساحة الفلسطينية بلورة الاتفاق قد تقود إلى فترة طويلة من الاتصالات وتشكيل الحكومة المشتركة.{nl}الآن بدأت تظهر عدّة أحجار عثرة في الاتصالات التي تجري بين الطرفين وفي مقدمتها مستقبل المنظومة الأمنية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة على ضوء مطالبة أبو مازن بحلّها ودمجها في المنظومة الأمنية التابعة للسلطة وكذلك مصير التنسيق الأمني مع إسرائيل التي تبدي حركة حماس تحفظات عميقة حولها. {nl}كل هذا يحدث قبل أن يبدأ النقاش حول الخطوط الأساسية لحكومة الوحدة، هذه الاتصالات يتوقع أن تستمر لفترة طويلة وقد تشهد عمليات صعود وهبوط وهناك إمكانية أن يصل الطرفان إلى طريق مسدود، ومع ذلك يبدو أنّ للطرفين مصلحة بإنهاء الاتصالات حتى شهر سبتمبر القادم إدراكا للأهمية الكبرى لتشكيل حكومة مشتركة لتنشغل بالشأن السياسي المتوقع عند إعلان الدولة الفلسطينية المستقبلية.<hr>