Haneen
2013-01-06, 01:04 PM
ظاهرة في إسرائيل صحفيون يهرولون إلى السياسة
ظاهرة في إسرائيل: صحفيون يهرولون إلى السياسة
المصدر:دنيــا الوطن
ظاهرة الصحافيين الذين انتقلوا إلى السياسة هي ظاهرة شائعة جداً في إسرائيل، وحتى أن الظاهرة قد استفحلت مؤخراً. وفي حين أن الانتخابات للكنيست التاسعة عشرة على الأبواب، نجد صحافيين سابقين من كافة الطيف السياسي، وهناك العديد ممن يتساءلون: ما الذي يدفع برجال صحافة رفيعي المستوى بأن يتركوا عملهم ويدخلوا إلى حلبة السياسة؟ هل هذا التحول أخلاقي من حيث الجوهر؟ ألا يعبر عن تناقض في المصالح؟ وما هي القدرات التي يتمتع بها هؤلاء الصحفيون التي تمكنهم من تغيير الأجندات الاجتماعية والسياسية في إسرائيل؟
يائير لبيد، وشيلي يحيموفيتش، وأوري أوربخ، وميراف ميخائيلي، وعوفر شيلح ونيتسان هوروفيتس هم جزء من قائمة طويلة من رجال الصحافة الذين تركوا مهنتهم مؤخراً، وتخلوا عن القلم والكاميرا وقرروا الانتقال إلى السياسة.
يائير لبيد في مقابلة تلفزيونية الأبرز من بينهم هي رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، التي قررت التخلي عن تقديم برنامج الأحداث العامة في الراديو وتقديم برنامج سياسي وزاوية شخصية في موضوع المجتمع والاقتصاد في القناة التجارية الأكبر في إسرائيل، القناة الثانية. لقد قررت يحيموفيتش ترك الصحافة والانضمام إلى السياسة، وفي عام 2005 انضمت إلى حزب العمل برئاسة عمير بيرتس، الذي ترك الحزب مؤخراً وانضم إلى حزب "الحركة" (هتنوعا) برئاسة تسيبي لفني. وبعد قضاء ولاية ونصف في منصب عضو كنيست، برزت يحيموفيتش كإحدى أكثر المشرعات نشاطاً في الكنيست، ونجحت في رئاسة حزب العمل وقيادته في النضال على صورة المجتمع والاقتصاد في إسرائيل لانتخابات 2013، من خلال تركها تماماً راية النضال السياسي، الذي كان يمتاز به حزب العمل على مدار سنين طويلة.
شخصية أخرى بارزة انضمت إلى صفوف السياسة الإسرائيلية، وهو يائير لبيد، رئيس ومؤسس حزب "هناك مستقبل" (يش عتيد). لقد حذا لبيد حذو والده، المرحوم يوسف لبيد، الذي كان أيضاً صحفياً ومن مؤسسي حزب "تغيير" (شينوي) ووزير القضاء في حكومة أريئيل شارون.
كما حصل مع يحيموفيتش، تعرض لبيد لانتقادات عندما أعلن عن تخليه عن الصحافة في يناير (كانون الثاني) 2012 وإقامة حزب "هناك مستقبل". العديد من نقاده ادعوا بأنه استغل قلمه وزاويته في الصحافة لأجل تقديم وترويج سيرته السياسية على حساب الاستقلالية والموضوعية المطلوبة في وسائل الإعلام.
وفى نفس الوقت قام معارضوه بتقديم "قانون تبريد للصحافيين" (فترة انتظار خلال ما بين الوظائف) الذي يهدف إلى منع انتقال رجال الصحافة إلى السياسة مباشرة كما هو متبع في جهاز الأمن والجيش عندما يرغب ضباط الجيش في الانتقال إلى الحياة السياسية.
الصحافية والناشطة الاجتماعية ميراف ميخائيلي أعلنت هي أيضاً مؤخراً عن انضمامها إلى حزب العمل برئاسة يحيموفيتش وحصلت على المركز الخامس في قائمة الحزب. وقد كتبت على صفحة الفيسبوك الخاصة بها: "أمضيت طوال حياتي كراشدة وأنا ناشطة اجتماعية ومناصرة للمرأة بموازاة عملي في الصحافة... الآن أريد أن أقوم بهذا العمل في ميدان السياسة، حيث تُقرر الأمور وتوزع الميزانيات. هذا هو المكان الذي يتم فيه تصميم الديمقراطية في إسرائيل، وهذا هو المكان الذي يقررون فيه عن الحرب ويجب أن نحاول من أجل أن يقرروا فيه عن السلام أيضاً".
العديد من المثقفين في إسرائيل الذين كتبوا وناقشوا هذه الظاهرة، ادعوا بأن الدوافع من خلف أولائك الصحافيين الذين يجربون حظهم في السياسة، هو إدراكهم حقيقة أن تأثيرهم على مسارات اتخاذ القرارات من موقعهم كصحفيين هو تأثير بسيط. العديد من رجال الصحافة أدركوا بأن التأثير عن طريق وسائل الإعلام هو تأثير غير مباشر، وأنه يمكنهم طرح مواضيع للنقاش العام الجماهيري آملين بأن تصل إلى آذان أعضاء الكنيست.
كأشخاص لديهم جدول عمل وأجندة، يقودون نضالات من أجل التغيير الاجتماعي، وهم يتحدثون عن التأثير والمشاركة بشكل مباشر وعن الرغبة في التغيير وترك أثر ملموس. في الواقع، غالبية أعضاء الكنيست من ذوي الخلفية الصحافية هم مشرعون مجتهدون ولهم أثرهم في الحكومات وجلسات الكنيست الأخيرة.
سبب آخر، بحسب تقديرات الخبراء، يتعلق بوضع وسائل الإعلام المتردي في إسرائيل. هناك تقليصات في القناة العاشرة وصحيفة "معاريف"، والصعوبات الاقتصادية في القناة الثانية تجعل الفرع برمته غير مجدٍ وغير مربح. معظم وسائل الإعلام تتأرجح وتعيش ضائقة مالية خانقة ومن ينجح في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي يتوقف عن منح ملاذ آمن من الناحية الاقتصادية أو ناحية العمل أو المكانة للعاملين فيه.
يبدو أنه على الرغم من الهرولة مؤخراً إلى السياسة، فإن ظاهرة انضمام أفراد وسائل الإعلام إلى السياسة ليست جديدة في إسرائيل، وبأن السياسة ووسائل الإعلام سوف يظلان مندمجيْن الواحد في الآخر إلى الأبد.
معاريف- الايديولوجيا: الاعجاب
بقلم: شاي غولدن
الفرضية الأساس هي ان الخطوة ستنجح – يئير لبيد سيقف على رأس حزب يتنافس في الانتخابات للكنيست وينجح في ان يجترف عددا معقولا من المقاعد. كل الاستطلاعات تتنبأ له بعدد من منزلتين على الاقل، وحتى التوقعات السوداء لا تتحدث عن عدد أقل من ستة. من هنا ينتج أنه في السنة المقبلة سيسمح يئير لبيد محفلا سياسيا بالغ المعنى – من شبه المؤكد وزيرا كبيرا ورئيسا لحزب يرفع يده في تصويتات هامة تتعلق بحياتنا في الكنيست وفي الحكومة.
اذا ما تركنا جانبا للحظة الامر المشوق في القصة، الحدث الاعلامي المثير، يحتمل أن نكون نقف أمام لحظة تاريخية في تاريخ السياسة الاسرائيلية: لحظة يدخل فيها شخص بلا آراء سياسية الى الكنيست. وذلك لانه اذا ما اعتمدنا على كتابات لبيد على مدى السنين، فإنه يفهم منها شيء واحد فقط: انعدام الرغبة المطلقة في الالتزام بقول ما. انعدام تام للشجاعة الجماهيرية، اختيار واع (مهووس تماما) للسير بين النقاط، الامتناع عن المواجهة، النزاع وعن أي قول موضع خلاف. ليس بالضبط المواد التي يصنع منها رئيس وزراء. أليس كذلك؟
يئير لبيد، على الاقل، الشخصية الصحفية «يئير لبيد»، هو شخص رفع مدرسة أكل الكعكة وابقائها كاملة الى مستوى الفن. لا يدور الحديث عن سيد وزير وبابا اجماع. يدور الحديث عن جبن سياسي. رغبة اكراهية لاثارة الاعجاب تختبئ وراءها ايديولوجيا نتيجتها الصفر. واضح للجميع بأنه حتى في الساحة السياسية الاسرائيلية مزدوجة المعايير، المتذبذبة والفضائحية – توجد نواة من الحقيقة، بذرة واحدة من الموقف الضميري والايديولوجي الذي لا يمكن الحال دونه.
سواء أحببتم أم كرهتم، فإن المواقف السياسية لمعظم الرجالات العامة عندنا معروفة للجمهور. ليس في حالة لبيد. يحتمل أن في أثناء الاشهر القريبة المقبلة سيقطع البلاد طولا وعرضا، ستجرى المقابلات الصحفية معه، سيبسط أمامنا مذهبا مرتبا وواضحا ويعرض نفسه للخطر مثلما لم يسبق له أن فعل ذلك في مواجهات مع أجزاء من الجمهور الاسرائيلي. يحتمل أن يبدي الجسارة للوقوف امام جماهير اسرائيلية عني حتى الان في اثارة اعجابهم فقط. يحتمل، ولكن من الصعب التصديق بان يئير لبيد سينجح في تغيير جلدته، ليسير ضد كل الغرائز التي وجهت خطاه نحو النقطة التي يوجد فيها.
الطريقة الناجحة لا يتم تغييرها؛ هذه الطريقة – طريقة الامتناع عن كل قول – نقلت يئير لبيد بعيدا جدا في الحياة. المفارقة الكبرى بالطبع هي أن لبيد هو النقيض التام من أبيه. وزير العدل الاسبق، تومي لبيد الراحل، هو شخص واضح، فظ في الغالب، شفتاه وقلبه متساويان وصريحات جدا. شخص دفع أثمانا شخصية وعامة باهظة لقاء دافعه للصراخ بحقيقته على رؤوس الاشهاد.
اذا ما تبنى لبيد الابن 5 في المئة من طريق أبيه، يمكن ان تكون حياته السياسية ناجحة بقدر لا يقل عن حياة أبيه المحبوب، وربما أكثر. ولكن مثلما يبدو الحال الان، فان يئير لبيد يوشك على أن يكون الخيال الاول الذي يدخل حزبا كاملا الى الكنيست. شخص يحمل خلفه قيمة واحدة فقط – «يئير لبيد»، قيمة الكلمة المرادفة له بالعبرية هي «مامي». ليس واضحا أي شخصية تحتاجها اسرائيل في هذه اللحظة الصعبة. ولكن مامي ليست احداها. ليس في هذا الوقت.
يحتمل بأن على خلفية الفراغ الزعامي الذي توجد فيه اسرائيل؛ على خلفية الهزال الشخصي والوسطية التي تكاد تنتشر في كل رقعة من الحكم ومن المجلس التشريعي في اسرائيل، يئير لبيد كفيل بان يبرز في نظر الجمهور كتغيير منعش بل وربما حتى كبشرى. اذا كانت هناك بشرى واحدة يجلبها معه في حالة انتخابه الى الكنيست فهي انه في اسرائيل في عصرنا هذا اليأس والانكسار كبيرين لدرجة انه يوجد اسرائيليون كثيرون يفضلون شخصا دون مزايا في الكنيست على الاشخاص الكثيرين الذين مزاياهم السيئة معروفة للجميع.
وعليه، فقد وصلنا الى وقت في الزمن الاسرائيلي يكون فيه اللاشيء هو الغاية الجديدة.<hr>
ظاهرة في إسرائيل: صحفيون يهرولون إلى السياسة
المصدر:دنيــا الوطن
ظاهرة الصحافيين الذين انتقلوا إلى السياسة هي ظاهرة شائعة جداً في إسرائيل، وحتى أن الظاهرة قد استفحلت مؤخراً. وفي حين أن الانتخابات للكنيست التاسعة عشرة على الأبواب، نجد صحافيين سابقين من كافة الطيف السياسي، وهناك العديد ممن يتساءلون: ما الذي يدفع برجال صحافة رفيعي المستوى بأن يتركوا عملهم ويدخلوا إلى حلبة السياسة؟ هل هذا التحول أخلاقي من حيث الجوهر؟ ألا يعبر عن تناقض في المصالح؟ وما هي القدرات التي يتمتع بها هؤلاء الصحفيون التي تمكنهم من تغيير الأجندات الاجتماعية والسياسية في إسرائيل؟
يائير لبيد، وشيلي يحيموفيتش، وأوري أوربخ، وميراف ميخائيلي، وعوفر شيلح ونيتسان هوروفيتس هم جزء من قائمة طويلة من رجال الصحافة الذين تركوا مهنتهم مؤخراً، وتخلوا عن القلم والكاميرا وقرروا الانتقال إلى السياسة.
يائير لبيد في مقابلة تلفزيونية الأبرز من بينهم هي رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، التي قررت التخلي عن تقديم برنامج الأحداث العامة في الراديو وتقديم برنامج سياسي وزاوية شخصية في موضوع المجتمع والاقتصاد في القناة التجارية الأكبر في إسرائيل، القناة الثانية. لقد قررت يحيموفيتش ترك الصحافة والانضمام إلى السياسة، وفي عام 2005 انضمت إلى حزب العمل برئاسة عمير بيرتس، الذي ترك الحزب مؤخراً وانضم إلى حزب "الحركة" (هتنوعا) برئاسة تسيبي لفني. وبعد قضاء ولاية ونصف في منصب عضو كنيست، برزت يحيموفيتش كإحدى أكثر المشرعات نشاطاً في الكنيست، ونجحت في رئاسة حزب العمل وقيادته في النضال على صورة المجتمع والاقتصاد في إسرائيل لانتخابات 2013، من خلال تركها تماماً راية النضال السياسي، الذي كان يمتاز به حزب العمل على مدار سنين طويلة.
شخصية أخرى بارزة انضمت إلى صفوف السياسة الإسرائيلية، وهو يائير لبيد، رئيس ومؤسس حزب "هناك مستقبل" (يش عتيد). لقد حذا لبيد حذو والده، المرحوم يوسف لبيد، الذي كان أيضاً صحفياً ومن مؤسسي حزب "تغيير" (شينوي) ووزير القضاء في حكومة أريئيل شارون.
كما حصل مع يحيموفيتش، تعرض لبيد لانتقادات عندما أعلن عن تخليه عن الصحافة في يناير (كانون الثاني) 2012 وإقامة حزب "هناك مستقبل". العديد من نقاده ادعوا بأنه استغل قلمه وزاويته في الصحافة لأجل تقديم وترويج سيرته السياسية على حساب الاستقلالية والموضوعية المطلوبة في وسائل الإعلام.
وفى نفس الوقت قام معارضوه بتقديم "قانون تبريد للصحافيين" (فترة انتظار خلال ما بين الوظائف) الذي يهدف إلى منع انتقال رجال الصحافة إلى السياسة مباشرة كما هو متبع في جهاز الأمن والجيش عندما يرغب ضباط الجيش في الانتقال إلى الحياة السياسية.
الصحافية والناشطة الاجتماعية ميراف ميخائيلي أعلنت هي أيضاً مؤخراً عن انضمامها إلى حزب العمل برئاسة يحيموفيتش وحصلت على المركز الخامس في قائمة الحزب. وقد كتبت على صفحة الفيسبوك الخاصة بها: "أمضيت طوال حياتي كراشدة وأنا ناشطة اجتماعية ومناصرة للمرأة بموازاة عملي في الصحافة... الآن أريد أن أقوم بهذا العمل في ميدان السياسة، حيث تُقرر الأمور وتوزع الميزانيات. هذا هو المكان الذي يتم فيه تصميم الديمقراطية في إسرائيل، وهذا هو المكان الذي يقررون فيه عن الحرب ويجب أن نحاول من أجل أن يقرروا فيه عن السلام أيضاً".
العديد من المثقفين في إسرائيل الذين كتبوا وناقشوا هذه الظاهرة، ادعوا بأن الدوافع من خلف أولائك الصحافيين الذين يجربون حظهم في السياسة، هو إدراكهم حقيقة أن تأثيرهم على مسارات اتخاذ القرارات من موقعهم كصحفيين هو تأثير بسيط. العديد من رجال الصحافة أدركوا بأن التأثير عن طريق وسائل الإعلام هو تأثير غير مباشر، وأنه يمكنهم طرح مواضيع للنقاش العام الجماهيري آملين بأن تصل إلى آذان أعضاء الكنيست.
كأشخاص لديهم جدول عمل وأجندة، يقودون نضالات من أجل التغيير الاجتماعي، وهم يتحدثون عن التأثير والمشاركة بشكل مباشر وعن الرغبة في التغيير وترك أثر ملموس. في الواقع، غالبية أعضاء الكنيست من ذوي الخلفية الصحافية هم مشرعون مجتهدون ولهم أثرهم في الحكومات وجلسات الكنيست الأخيرة.
سبب آخر، بحسب تقديرات الخبراء، يتعلق بوضع وسائل الإعلام المتردي في إسرائيل. هناك تقليصات في القناة العاشرة وصحيفة "معاريف"، والصعوبات الاقتصادية في القناة الثانية تجعل الفرع برمته غير مجدٍ وغير مربح. معظم وسائل الإعلام تتأرجح وتعيش ضائقة مالية خانقة ومن ينجح في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي يتوقف عن منح ملاذ آمن من الناحية الاقتصادية أو ناحية العمل أو المكانة للعاملين فيه.
يبدو أنه على الرغم من الهرولة مؤخراً إلى السياسة، فإن ظاهرة انضمام أفراد وسائل الإعلام إلى السياسة ليست جديدة في إسرائيل، وبأن السياسة ووسائل الإعلام سوف يظلان مندمجيْن الواحد في الآخر إلى الأبد.
معاريف- الايديولوجيا: الاعجاب
بقلم: شاي غولدن
الفرضية الأساس هي ان الخطوة ستنجح – يئير لبيد سيقف على رأس حزب يتنافس في الانتخابات للكنيست وينجح في ان يجترف عددا معقولا من المقاعد. كل الاستطلاعات تتنبأ له بعدد من منزلتين على الاقل، وحتى التوقعات السوداء لا تتحدث عن عدد أقل من ستة. من هنا ينتج أنه في السنة المقبلة سيسمح يئير لبيد محفلا سياسيا بالغ المعنى – من شبه المؤكد وزيرا كبيرا ورئيسا لحزب يرفع يده في تصويتات هامة تتعلق بحياتنا في الكنيست وفي الحكومة.
اذا ما تركنا جانبا للحظة الامر المشوق في القصة، الحدث الاعلامي المثير، يحتمل أن نكون نقف أمام لحظة تاريخية في تاريخ السياسة الاسرائيلية: لحظة يدخل فيها شخص بلا آراء سياسية الى الكنيست. وذلك لانه اذا ما اعتمدنا على كتابات لبيد على مدى السنين، فإنه يفهم منها شيء واحد فقط: انعدام الرغبة المطلقة في الالتزام بقول ما. انعدام تام للشجاعة الجماهيرية، اختيار واع (مهووس تماما) للسير بين النقاط، الامتناع عن المواجهة، النزاع وعن أي قول موضع خلاف. ليس بالضبط المواد التي يصنع منها رئيس وزراء. أليس كذلك؟
يئير لبيد، على الاقل، الشخصية الصحفية «يئير لبيد»، هو شخص رفع مدرسة أكل الكعكة وابقائها كاملة الى مستوى الفن. لا يدور الحديث عن سيد وزير وبابا اجماع. يدور الحديث عن جبن سياسي. رغبة اكراهية لاثارة الاعجاب تختبئ وراءها ايديولوجيا نتيجتها الصفر. واضح للجميع بأنه حتى في الساحة السياسية الاسرائيلية مزدوجة المعايير، المتذبذبة والفضائحية – توجد نواة من الحقيقة، بذرة واحدة من الموقف الضميري والايديولوجي الذي لا يمكن الحال دونه.
سواء أحببتم أم كرهتم، فإن المواقف السياسية لمعظم الرجالات العامة عندنا معروفة للجمهور. ليس في حالة لبيد. يحتمل أن في أثناء الاشهر القريبة المقبلة سيقطع البلاد طولا وعرضا، ستجرى المقابلات الصحفية معه، سيبسط أمامنا مذهبا مرتبا وواضحا ويعرض نفسه للخطر مثلما لم يسبق له أن فعل ذلك في مواجهات مع أجزاء من الجمهور الاسرائيلي. يحتمل أن يبدي الجسارة للوقوف امام جماهير اسرائيلية عني حتى الان في اثارة اعجابهم فقط. يحتمل، ولكن من الصعب التصديق بان يئير لبيد سينجح في تغيير جلدته، ليسير ضد كل الغرائز التي وجهت خطاه نحو النقطة التي يوجد فيها.
الطريقة الناجحة لا يتم تغييرها؛ هذه الطريقة – طريقة الامتناع عن كل قول – نقلت يئير لبيد بعيدا جدا في الحياة. المفارقة الكبرى بالطبع هي أن لبيد هو النقيض التام من أبيه. وزير العدل الاسبق، تومي لبيد الراحل، هو شخص واضح، فظ في الغالب، شفتاه وقلبه متساويان وصريحات جدا. شخص دفع أثمانا شخصية وعامة باهظة لقاء دافعه للصراخ بحقيقته على رؤوس الاشهاد.
اذا ما تبنى لبيد الابن 5 في المئة من طريق أبيه، يمكن ان تكون حياته السياسية ناجحة بقدر لا يقل عن حياة أبيه المحبوب، وربما أكثر. ولكن مثلما يبدو الحال الان، فان يئير لبيد يوشك على أن يكون الخيال الاول الذي يدخل حزبا كاملا الى الكنيست. شخص يحمل خلفه قيمة واحدة فقط – «يئير لبيد»، قيمة الكلمة المرادفة له بالعبرية هي «مامي». ليس واضحا أي شخصية تحتاجها اسرائيل في هذه اللحظة الصعبة. ولكن مامي ليست احداها. ليس في هذا الوقت.
يحتمل بأن على خلفية الفراغ الزعامي الذي توجد فيه اسرائيل؛ على خلفية الهزال الشخصي والوسطية التي تكاد تنتشر في كل رقعة من الحكم ومن المجلس التشريعي في اسرائيل، يئير لبيد كفيل بان يبرز في نظر الجمهور كتغيير منعش بل وربما حتى كبشرى. اذا كانت هناك بشرى واحدة يجلبها معه في حالة انتخابه الى الكنيست فهي انه في اسرائيل في عصرنا هذا اليأس والانكسار كبيرين لدرجة انه يوجد اسرائيليون كثيرون يفضلون شخصا دون مزايا في الكنيست على الاشخاص الكثيرين الذين مزاياهم السيئة معروفة للجميع.
وعليه، فقد وصلنا الى وقت في الزمن الاسرائيلي يكون فيه اللاشيء هو الغاية الجديدة.<hr>