تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 223



Haneen
2013-01-07, 10:58 AM
أقلام وآراء اسرائيلي

لماذا سورية بالذات؟
بقلم: ايلي فوده ،عن هآرتس
في العام 1965 نشر الصحفي الشهير باتريك سيل كتابا هاما بعنوان 'سوريا كفاح نحو القمة'. وكانت الفرضية المركزية فيه بان من يريد أن يكتسب مكانة سائدة في الشرق الاوسط يجب أن يسيطر على سوريا أو يتمتع بصداقتها. والسبب الاساس لاهمية سوريا في المنظومة الاقليمية ينبع، برأيه، من موقعها الجغرافي الاستراتيجي في قلب الشرق الاوسط. وقد تسبب هذا الموقع في الخمسينيات والستينيات، حتى صعود حافظ الاسد الى الحكم في 1970، للصراع على الهيمنة بين مصر والعراق في العالم العربي، وبين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ان يتركز في سوريا.
لقد أعادت الحرب الاهلية في سوريا الدولة، بقدر كبير الى الفترة التي كانت فيها ميدان معركة بين القوى الاقوى منها في الساحة الاقليمية. والفرضية الاساس لسيل (الذي كان لسنوات عديدة مقربا من عائلة الاسد بل وكتب السيرة الذاتية لحافظ) بقيت على حالها، ولكن اللاعبين والظروف تغيرت.
فاذا كان اساس الصراع في الخمسينيات والستينيات بين مؤيدي جمال عبد الناصر ومعارضيه، أو بين مؤيدي الوحدة العربية وبين مؤيدي الوطنية الاقليمية، فإن محور الصراع الان يدور حول الخصومات السنية الشيعية. فقد رفعت الثورات في العالم العربي الى الحكم أحزاب دينية اسلامية سُنية (الاخوان المسلمين في مصر، النهضة في تونس) تنضم الى الثورة الاسلامية في تركيا، والتي تجري في العقد الاخير، منذ أن صعد رجب طيب اردوغان الى الحكم.
كما تنضم الى هذا المحور الدول الاسلامية السنية في الخليج الفارسي (ولا سيما السعودية)، حيث الايديولوجيا الدينية هي دوما عنصرا مركزيا في السياسة الخارجية.
في هذا السياق يمكن ايضا أن نشير الى تعزز قوة حماس، التي تحولت الى عنصر سياسي هام في أعقاب الحرب في غزة.
في المحور الشيعي أيضا طرأت في العقد الاخير تغييرات هامة دفعت البعض الى الحديث بتعابير 'الهلال الشيعي' الذي يضم ايران (التي ليست دولة عربية)، العراق الجديد الذي يسيطر عليه الشيعة منذ الاحتلال الامريكي في 2003 وحزب الله في لبنان (الشيعة هم الطائفة الاكبر في الدولة). إن فقرة الترقوة في هذا الهلال هي سوريا. ومع أن معظم سكانها هم من السُنة، الا أن الاقلية العلوية التي من ناحية دينية ترى نفسها مرتبطة بالشيعة اختارت فك الارتباط عن الجبهة الداخلية العربية السنية لها وعقد حلف مع ايران منذ بداية حربها مع العراق في 1980.
الحلف السوري الايراني، والذي هو وليد مصالح عسكرية، اقتصادية، سياسية ودينية، صمد على مدى عقدين، باستثناء فترات قصيرة من التعاون السوري مع العالم العربي السني ومع الغرب (مثلما بعد سقوط الكتلة السوفييتة، حرب الكويت ومؤتمر مدريد).
وبالتالي، فان سوريا تقف على مفترق طرق. الصراع فيها وعليها ليس فقط داخليا بين الحكم ومعارضيه، بل وايضا بين اللاعبين المختلفين في المنطقة، ممن يريدون أن يروا سوريا كجزء من معسكرهم.
وفي هذا الصراع لا تشارك فقط الدول، بل وأيضا منظمات ليست بدول، مثل حزب الله والقاعدة. وسيعطي سقوط نظام الاسد وصعود نظام سني (ربما بقيادة الاخوان المسلمين) الطلاق للحلف مع ايران ومع الشيعة. في هذا الوضع، ستعود سوريا بقدر كبير الى مكانها الطبيعي في العالم العربي، كجزء من المحور السني.
فك ارتباط محتمل لسوريا عن المحور الشيعي الذي تقوده ايران، هو بالطبع بشرى طيبة لاسرائيل وللغرب، الذي بحث دوما عن السبيل بما في ذلك في الاتصالات السلمية مع سوريا الى قطع سوريا عن ايران. ولكن عودة سوريا الى العالم السني لا تفتقر الى المشاكل: فهي توسع دائرة الدول التي يسيطر عليها الاسلام السني المحيطة باسرائيل. ويمكن لمثل هذه الخطوة أن تكون آثار على مكانة الملك عبدالله في الاردن حيال معارضة الاخوان المسلمين. اضافة الى ذلك، يجدر بالذكر أنه في داخل المحور السني توجد خلافات وخصومات.
مصر مثلا، تشك بنوايا القيادة التركية، تعارض بحزب الاسلام الحنبلي للسعودية وتثور ضد الدور المتصدر الذي تتخذه لنفسها قطر الصغيرة.
وفي عهد عبد الناصر ايضا كان يخيل أن الوحدة العربية والناصرية تسيطران على العالم العربي، ولكن ليس هكذا كان الحال، لان الخصومات بين الدول العربية والرغبة في الحفاظ على الهوية الوطنية المحلية تغلبت على الاعتبارات الاخرى.
لقد حل الاسلام السياسي الان محل الوحدة العربية، ولكن لا ينبغي ان يستخلص من ذلك بان الدول العربية (وتركيا) ستكون من الان فصاعدا اكثر وحدة مما كانت من قبل. فهي لا بد ستبدي تضامنا كهذا أو ذاك مع الفلسطينيين في صراعهم ضد اسرائيل، مثلما تجلى الامر في الحرب الاخيرة في غزة، ولكن اكثر من ذلك يبدو ان المصالح السياسية ستبقى هي المسيطرة.
واقع الملك في الاردن
بقلم: سمدار بيري ، عن يديعوت
كنت مستعدة ان أُقسِم ان يدخل الملك عبد الله في مساء يوم الاربعاء، في منتصف التسجيل في قاعة المؤتمرات في فندق لاند مارك في عمان، ويتبوأ مكانا جيدا بين الجمهور أو يطلب الاذن بالرد ويدخل في البث. وجد تيم سبستيان، الموجه القديم لـ 'حديث لاذع' في قناة الـ 'بي.بي.سي'، وجد نُزلا ذا نسبة مشاهدة عظيمة ووضع أمام عدسات التصوير عنوانا مثيرا هو: 'نزعم ان الربيع العربي يهدد بالوصول الى الاردن قريبا ايضا'. وفي الخارج يحصل متظاهرون وملايين من المشاهدين على برنامج واقعي عن الواقع الفعلي..
دعوا وزيرين (سابقين) ليُدافعا ويهاجما وصوت الجمهور (يُصر 54 في المئة على ان الثورة في الطريق)، والأكثر ادهاشا أنهم حصلوا أصلا على إذن من السلطات بأن يضعوا على المائدة، مرة بالانجليزية ومن الغد بصيغة عربية، الموضوع الأكثر تفجرا.
عندنا ايضا في الغرف المغلقة يُحذرون من ان 'الاردن يرتجف'. فالشارع غير هاديء كيفما نظرنا الى ذلك. وقد تظاهروا أمس ايضا أمام مكاتب السلطة احتجاجا على رفع اسعار الوقود وعلى البطالة. ولا يجوز ان ننسى الـ 200 ألف من اللاجئين من سوريا الذين قد يحرقون المملكة بسبب البرد والجوع والبؤس في الخيام.
لكن الملك لم يُفاجيء بل فضل الانطواء في حديث 'من عمق البطن' مع مجموعة كبيرة من المثقفين ورجال الاعمال وقادة الرأي العام في صالونات مقربيه أحدهما سياسي والثاني صاحب ملايين كبير. وتحدث الملك عن اصلاحات وخطط سياسية وعن معارك انسحاب على الفساد وعلى الاعتقالات السياسية وعلى خطر المراوحة في المكان وأشار بالطبع الى مراكز الأخطار في المنطقة، وتحدث بصراحة كبيرة عما يعتقده في قادة في المنطقة وعما يعلم أنهم يعتقدونه فيه.
غدا ستمر ذكرى سنتين على اليوم الذي أحرق فيه بائع الخضروات من تونس محمد بوعزيزي نفسه وأخرج ملايين الى الميادين، وقد نُحي اربعة مستبدين في تونس ومصر وليبيا واليمن. ويحاول باحثون وخبراء ان يحلوا لغز بقاء الملوك العرب في المغرب والسعودية والبحرين والاردن، هل هي اجهزة الامن القوية؟ أم هي الاستخبارات المحكمة؟ توجد في بلاط الملوك ايضا جميع بواعث الغليان ومع كل ذلك تتدحرج كرة الثلج تُدغدغ من يجب ان تُدغدغه وتتقدم الى الأمام.
ان القصر في عمان لا يستريح لحظة. في السنتين الاخيرتين بدّل عبد الله خمسة رؤساء وزراء وأجل انتخابات مجلس النواب ولم يتخلَ عن فرصة لاعلان ما يجابه به نتنياهو وقفز لزيارة أبو مازن في رام الله ليحدد خط الفصل بين ضفتي الاردن وليعلن في غضب للمرة التي لا يعلم أحد كم هي ان الاردن ليس دولة الفلسطينيين البديلة. ان الحبل قد أخذ يُشد مع سوريا كلما ضعف نظام الاسد ويجب طوال الوقت الاحتراس من الايرانيين ومن العراق ومن حزب الله. والاردن هدف سهل عتيد وهو الأقرب.
انتبهوا الى ان الاردن هو الدولة العربية الوحيدة التي لها سفير عندنا لكننا أضعنا الفرصة على نحو كبير. كانت الطاقة الكامنة واعدة وأضعفنا نحن خصوصا السلام فلم نُجهد أنفسنا ولم نجتهد ولم نحرص على رعاية العلاقات بل استخففنا. صحيح أنه تم الحفاظ على التعاون الاستراتيجي وصحيح أنهم يأذنون لنا بدخول الاردن (ولا يأذنون لنا بدخول مصر) ويجتاز سفيرنا في عمان المظاهرات الداعية الى إبعاده. كنا نستطيع ان نفكر خطوتين الى الأمام لكننا رفعنا أيدينا مبكرين جدا.
نقول لمن استطاع ان ينسى ان مبادرة السلام السعودية ولدت في القصر الملكي الاردني. وبعد ان فشلوا في ترويجها فقط نقلوا الورقة الى 'عبد الله الكبير' في الرياض. والآن مع تقدير كاسح يقول ان نتنياهو سيكون رئيس الوزراء القادم يطبخ الملك فوق نار هادئة تجديد التفاوض مع الفلسطينيين لأنه يجب ان يقطف زيادة.
بعد لحظة من الانتخابات سيدعو ناسا اليه لمحادثات تحسس ويدعو الفرقاء الى الاجتماع عنده من اجل طلقة البدء وسيأتي بالامريكيين ويدعو الله ألا يُطيروا اجراءه من فوق كل درج.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ






الآن محاسبة النفس
عملية 'عمود سحاب' زادت قوة اسرائيل الردعية ولكن الجمهور لا يعلم انه كانت تتم قبل العملية محادثات بين اسرائيل والجعبري
بقلم: يوسي بيلين ،عن اسرائيل اليوم
في اليوم الذي اغتيل فيه احمد الجعبري الذي كان يشرف على جيش حماس في قطاع غزة، كنت متجها في طريقي الى قاعة التلفاز للحديث عن جهود م.ت.ف الدبلوماسية لاحراز مكانة دولة مراقبة ليست عضوا في الامم المتحدة. وسمعت بالاغتيال في الطريق ولم تكن التفصيلات حتى ذلك الحين معلومة. وسُئلت في المنتدى عما جرى فقلت إنني سعيد من جهة غريزية لأن الحديث عن شخص متطرف أصاب اسرائيليين وكان ينوي ان يصيب اسرائيليين آخرين، بل انه لم يحاول ان يعرض ذلك على انه جزء من محاولة ضغط علينا للتوصل الى تسوية سياسية لأنه لم يكن مستعدا للاعتراف باسرائيل بأي شرط. وقلت آنذاك ان السؤال ماذا سيكون الرد الفلسطيني وما هو الثمن الذي سندفعه عن هذا الاحباط الدقيق.
لم يُجب عن هذا السؤال وهناك حاجة لنيل جواب صادق الى وقت طويل نسبيا. ان تعزيز الردع (إن وجد أصلا شيء كهذا) هو شيء يُقاس في مدى سنين لا في مدى اسابيع. ويمكن في المقابل ان نشير الآن الى غير قليل من نتائج الاجراءات التي تطورت على أثر اغتيال الجعبري.
أول شيء يمكن ان نشير اليه هو ان الجيش الاسرائيلي برهن على انه قادر على ان يقود عملية عسكرية جراحية دون توغل بري ودون ان يصيب عددا كبيرا من غير المشاركين في القتال. وحظي بسبب ذلك بتقدير لا يستهان به في العالم بعامة وفي العالم العربي بخاصة وسهّل هذا على اسرائيل ان تحصل على تأييد الغرب الذي هو ضروري لنا جدا.
والشيء الثاني هو ازدياد قوة القبة الحديدية التي جُربت على الارض. ان 'عمود السحاب' وإن لم تكن تجربة للوسائل ترمي الى الفحص عن المنظومة كانت لها أهمية كبيرة في هذا الجانب وأعطت برهانا آخر على قدرة اسرائيل التقنية المدهشة وهي قدرة لها تأثيرات عملياتية واضحة. وأثبت التأليف بين القبة الحديدية والغرف الآمنة لحماس أو لحزب الله ان فاعلية اصابة الصواريخ لنا ليست كبيرة.
والشيء الثالث هو تعرض تل ابيب والقدس لاطلاق الصواريخ. ان الاطلاق وإن لم ينته الى اصابة أثار مرة اخرى الشعور بأن اسرائيل دولة خطيرة على السياحة والاعمال وأدى الى الغاء زيارات للبلاد وانشأ الشعور بأنه لا يوجد في اسرائيل مكان آمن حقا وقد زاد مدى الصواريخ.
والشيء الرابع هو انه لا شك في ان حماس خرجت قوية من المواجهة لا لأنها 'انتصرت' فيها بل لأنها ما بقيت موجودة في مواجهتنا فانها تستطيع الفخر بذلك. ان سقوط الصواريخ حول تل ابيب والقدس مهما يكن رمزيا عزز هو ايضا صورة حماس الايجابية بين الجمهور الفلسطيني وفي الرأي العام العربي وعند الزعماء العرب.
والشيء الخامس كانت زيارة خالد مشعل لغزة في نهاية الاسبوع الماضي برهانا على التغيير الذي حدث لمكانة حماس؛ من ذلك حقيقة ان اسرائيل مكّنت من اقامتها والكلام المتطرف الذي قيل هناك والجموع التي شاركت في الحادثة واحتفلت بنتيجة المواجهة الاخيرة.
والشيء السادس ان م.ت.ف محمود عباس ضعفت في اثناء العملية ونتاجها لأنها لم تكن عاملا ذا صلة في التوصل الى وقف اطلاق النار ولم تكن قادرة على الحديث باسم غزة. ان هذا الضعف زاد تأييد اجراء عباس الدبلوماسي الذي اتجه طالبا ان يحظى بمكانة دولة غير عضو في الامم المتحدة. وتلقت حكومة اسرائيل بسبب ذلك ضربة دبلوماسية أشد مما كانت تتلقاها من غير العملية.
والشيء السابع هو الدم الذي سُفك. وقد خسر الاقتصاد الاسرائيلي ايام عمل وتضرر الاقتصاد بصورة مؤقتة وتضررت السياحة ايضا لأمد أبعد وألغى رجال اعمال كثيرون زيارتهم للبلاد.
والشيء الثامن ان بنيامين نتنياهو خرج للعملية وهو يحظى بتأييد داخلي واسع وأنهاها بصفة القادر على ضبط النفس وتدبير اجراء كهذا في برود أعصاب. وقد مكّن هذا الامر اهود باراك الذي حظي هو ايضا بتقدير الجمهور من اعتزال الساحة السياسية في كرامة.
والشيء التاسع هو ان التقدير الكبير لانجازات القبة الحديدية أعاد عمير بيرتس الى وعي الجمهور وأسهم في نجاحه في الانتخابات التمهيدية في حزب العمل وجعله ذخرا سياسيا.
والشيء العاشر هو ان الشأن السياسي الامني عاد الى برنامج العمل على نحو قوي. وفي ذلك بالطبع ما يضر بمن لا يعرض بدائل عملية عن الوضع الراهن.
لكن النقطة الأكثر اشكالية هي نقطة البدء. يتبين اذا استثنينا الفرح الغريزي لأن واحدا من كبار كارهينا لم يعد موجودا معنا، ان اغتياله قد تم في ذروة تفاوض غير رسمي معه ومع أنصاره تمهيدا لهدنة. كان الدكتور غرشون باسكين الذي أدى دورا مهما في التفاوض في الافراج عن جلعاد شليط مشاركا هذه المرة ايضا في تفاوض تم بمشاركة مصرية. والذين استقرت آراؤهم على الاغتيال عرفوا بهذا التفاوض ولم يولوه كما يبدو أهمية كبيرة جدا. وحينما أُتيحت لهم الفرصة الفنية لاغتياله استغلوها.
لا يعني ذلك أنني لا استطيع تفهم الامر، فأنا أتذكر حالات غير قليلة عرضت فيها لقواتنا فرصة القضاء على 'هدف' حينما لم تكن الظروف السياسية أو غيرها تناسب ذلك. والمعضلة التي تواجه متخذ القرارات غير سهلة. يُبين جهاز الامن ان الحديث عن فرصة نادرة وعن اصابة قليلة جدا لأبرياء، أما متخذ القرارات فيعلم أكثر من مرة ما لا يعلمه الجهاز وهو يرفض احيانا برغم انه لا يفهم لماذا يمنعه من تحقيق فرصة ناجحة جدا.
لما كان هدف العملية المعلن احداث ردع ومنع حماس من اطلاق قذائف صاروخية وصواريخ على اسرائيل فمن المحتمل جدا ان هذا الهدف كان سيُحرز بثمن أقل كثيرا، من جميع الجهات لو أن التفاوض مع الجعبري قد مُنح فرصة. وقد يكون التأييد الواسع الذي حظيت به الحكومة في اثناء العملية قد نبع في الأساس من عدم العلم بوجود تحادث كهذا وجديته.


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

مشعل كمثال
بقلم: شيلو روزنبرغ ،عن معاريف
سأل رئيس الوزراء، بالانجليزية الفاخرة، أسئلة عسيرة عن موقف منظمة الامم المتحدة من تصريحات العداء والاشمئزاز لخالد مشعل في غزة. غير أن مهمة رئيس الوزراء سهلة. فخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، الكاره اللدود لاسرائيل، الرجل الذي عاد من عالم كله خير الى هذا العالم في أعقاب خلل خطير للموساد في الاردن، محرض لم يكن له مثيل، دخل الى غزة وخرج منها حيا وفي جعبته نصر اعلامي هائل.
لقد احتفلت حماس بـ 25 سنة على تأسيسها، وكما تستحق مثل هذه المناسبة المثيرة للانفعال، رافق مشعل مسؤولون كبار آخرون من حماس، بمن فيهم رئيس وزراء حماس في غزة، هنية. وكان هذا حدثا اعلاميا مخططا له جيدا، مغطى اغلاميا بنية موجهة كجزء من دعاية حماس في صالح الكفاح المسلح ضد اسرائيل وضد كل حوار مع اليهود. وهكذا قال كبير القتلة عند دخوله غزة عبر معبر رفح: 'حلمت بهذه اللحظة التاريخية كل حياتي، أن ازور غزة'، قال مشعل. 'وأطلب الى الله أن اقضي شهيدا على هذه الارض'. وبدلا من أن تحقق اسرائيل طلبه من الله، شاهدت الاحداث على شرفه وكأنه كان مبعوث السلام المطلق. واذا لم تكن الترهات أعلاه مقنعة، فأقرأوا أقوال مشعل 'المعتدلة' عن حملة 'عمود السحاب': 'قصف تل أبيب هو انجاز نفخر به. والان نحتاج الى مزيد من السلاح. وأنا أدعو العالم: اذا كان لديكم سبيل آخر لاستعادة فلسطين والقدس واللاجئين، فاعرضوه علينا. حاولنا على مدى 64 سنة وفقط طريق المقاومة هو الذي أثبت نفسه'.
يخيل أنه لا حاجة الى التفسير. مرة اخرى، يطرح السؤال لماذا نال 'خلقة مشعل، تماما هكذا، ان يزور غزة؟ أين كانت اسرائيل؟ كل من له عينان في رأسه رأى استعراض الوحدة هذا، فرحة مئات الالاف. وحتى ابو مازن رحب بالزيارة التاريخية. وبعد كل هذا جاء رئيس الوزراء، نتنياهو، ليشكو أمام كل العالم. فأين كنت حين سمعت هذا الرجل الملتوي يوشك على الزيارة هنا. لماذا لم تفعل كل ما في وسعك كي تمنع هذه الزيارة الهاذية؟ اين كل الامنيين، الخبراء في السياسة الخارجية، فناني الاعلام ومحافل الامن الذين كان يفترض أن يصروا على الا يزور مشعل غزة، واذا كان سيزورها، فان حلمه سيتحقق. غير مفهوم على الاطلاق.
أبو مازن لا يعتبر من الاولياء. اضافة الى ذلك، يخيل أن كل شخص معقول يفهم بانه يوجد مع ذلك فارق بين من يتحدث عن دولتين للشعبين وبين من يتحدث عن تصفية اسرائيل. مثير للاهتمام أن نعرف ماذا كان التفكير خلف غض النظر هذا عن الانجاز الاعلامي الهائل لحماس مقابل الهزيمة الاخرى لابو مازن. اذا كان رئيس الوزراء يعتقد بان ابو مازن ليس افضل من مشعل، فليكن هذا على رؤوس الاشهاد. والا فليست مفهومة على الاطلاق خطوة دخول مشعل الى القطاع بهذه السهولة الكبرى.
في ضوء السلوك المخجل لحكومة اسرائيل في قضية مشعل والتي الحقت اضرارا اعلامية وسياسية باسرائيل بمقدار لا يمكن قياسه بعد، واجب طرح سؤال آخر عليها: في المنظور التاريخي، أفلا تغطي 'قضية مرمرة' على زيارة مشعل في غزة؟ على أفضل ما أرى فانه نعم. وحتى لو كان نشطاء 'السلام' على مرمرة دخلوا غزة، لكانت الاضرار الاعلامية والسياسية طفيفة مقارنة بالاضرار التي ألحقتها زيارة مشعل الى غزة. يجدر بزعماء اسرائيل، في الحاضر وفي المستقبل (وأغلب الظن ذات الاشخاص) ان يتعلموا درسا والا يعملوا انطلاقا من البطن. يجدر بالعقل أيضا أن يجتهد قليلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

لا لصفقة تسوية
بقلم: أسرة التحرير، عن هآرتس
صحا أفيغدور ليبرمان أول أمس من الصدمة وأعلن بانه سيستقيل من الحكومة، في أعقاب قرار المستشار القانوني لتقديمه الى المحاكمة بتهمة خرق الثقة. وهذه خطوة لازمة. فمكان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ليس في الحكومة، عندما تكون بحقه لائحة اتهام.
ولكن يخيل أن استقالة ليبرمان لا تعكس اعتراف شخصية عامة بما يستوجب منها، بل سباقا تكتيكيا ضد الساعة. فليبرمان لم يعد معنيا بتأجيل النهاية. فمرغوب فيه الان من جانبه ان ينهي القضية بسرعة. وهو يسعى الى تسوية قضائية خفيفة، مريحة وسريعة، تعفيه تقريبا من أي وصمة عار وتعيده في غضن أشهر قليلة الى الحكومة، حيث يختار لنفسه حقيبة كما يشاء الدفاع، الخارجية او المالية.
لا ينبغي الموافقة على مثل هذه التسوية. فالنيابة العامة مغلوبة في حلبة الملاكمة مع المتهمين رفيعي المستوى. وهي جريحة نازفة من التبرئة الجزئية لايهود اولمرت، رغم أنها استأنفت عليها الى المحكمة العليا، ومن الانعطافة الغريبة في ملف الغش وتبييض الاموال لليبرمان، حيث قررت اغلاقه عندما تراجع المستشار يهودا فينشتاين عن موقفه السابق. في هذه الاجواء المريضة يمكن للنيابة العامة أن تكتفي بانجاز جزئي ولكن مضمون في شكل تسوية قضائية، خلاصتها اعتراف المتهم وموافقة النيابة العامة على عقاب متسامح.
أكثر من ثلثي الملفات الجنائية في اسرائيل، وفي مجالات معينة تسعة من كل عشر ملفات، تنتهي بتسوية قضائية. هناك من يؤيدون هذا العرف، ولكن رئيس المحكمة العليا المتقاعد مئير شمغار ورجال قانون محترمون آخرون يخشون من مظهر المس بالمساواة بين المتهمين والتحيز لمجرمين ذوي مكانة. محظور أن يؤثر الجدول الزمني السياسي على موقف النيابة العامة بالنسبة للتسوية القضائية.
ليست الادانة هي التي تشغل بال ليبرمان، بل شدتها ومسألة وصمة العار المرافقة لها، والتي تقرر حقه في العودة الى الحكومة. فالملف الاساس لليبرمان وضع في خزنة فينشتاين تحت عنوان 'فليقرأ الجمهور ويحكم'. اما الملف المتبقي لليبرمان فينبغي أن يبحث في المحكمة والا يغلق بين المحامي وبين الادعاء العام الواهن، الذي نهجه دفاعيا هو ايضا. فليسمع القاضي ويحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

تونس تغلي مرة اخرى
بقلم: تسفي بارئيل، عن هآرتس
يوم الاثنين القادم يحيي المواطنون التونسيون سنتين على انتحار محمد بوعزيزي، الخريج الجامعي ابن 26 الذي كان يعمل لنيل رزقه كبائع متجول للخضار، أحرق نفسه قرب محطة الشرطة بعد أن صادر أفراد الشرطة عربة الخضار خاصته وشتموا اباه الراحل. وكان هو المعيل الوحيد لعائلته، ولم ينل فرصة لرؤية نتائج يأسه. بعد 28 يوما من ذلك فر الرئيس التونسي مع عائلته وتونس، مع الشرق الاوسط بأسره، بدأ فصلا جديدا في تاريخ المنطقة.
ولكن، مثلما كان بالنسبة للمصريين، اليمنيين والليبيين، لم يكن اسقاط النظام الا المقدمة. فتونس، التي سبقت باقي دول الثورة في اجراء انتخابات حرة وتشكيل حكومة جديدة، تغلي مرة اخرى. مظاهرات واشتباكات عنف وقعت الاسبوع الماضي في مدينة سيلينيا جنوبي العاصمة تونس، واسبابها قديمة ومعروفة.
السنتان اللتان مرتا لم تحسنا الوضع الاقتصادي في الدولة. فقد ازداد التضخم المالي الى 5.5 في المئة في شهر، اما البطالة فبلغت 18 في المئة، مثلما في عهد النظام السابق، ونحو ربع خريجي الجامعات لا يجدون عملا. ودفعت هذه الاشتباكات بالاتحاد المهني للعمال في تونس الى أن يعلن لاول مرة منذ 34 سنة عن الاضراب فينقل بذلك الصراع من المستوى الاقتصادي الى المستوى السياسي.
ومع أن الحكومة التونسية، التي تعتمد على ائتلاف حزب النهضة الاسلامي مع أحزاب علمانية، عرضت خطة اقتصادية مثيرة للانطباع، وهي تتضمن تعديلات على قوانين الاستثمار، بيع مشاريع حكومية واعادة بناء وضع البنوك، الى جانب حملة لتشجيع السياحة، الفرع الذي شفي على نحو شبه تام من الاضرار الجسيمة التي الحقتها به الثورة، بل ان الحكومة نجحت في نيل قروض بمبلغ 485 مليون دولار من الولايات المتحدة ونحو 600 مليون دولار من اليابان، وقريبا ستحصل على قرض بمبلغ 500 مليون دولار من البنك الدولي.
الا انه بالمقابل، لا يعتبر توقع نمو بمعدل 3.5 في المئة كافيا لخلق نحو 700 ألف مكان عمل جديد لتقليص البطالة المستشرية. وفي اقصى الاحوال، يمكن لهذا النمو، اذا ما تحقق، ان ينتج نحو 75 الف مكان عمل. والتطلع الى التوفير في نفقات الحكومة تعرض الى ضربة بسبب ارتفاع اسعار الوقود في الاسواق العالمية، مما ألزم الحكومة بزيادة ميزانية الدعم، التي هي 8 في المئة من الناتج المحلي الخام. اضافة الى ذلك تدفع الحكومة رواتب شهرية لعائلات ضحايا الثورة، وقد بدأت بخطة تأهيل مهني للسجناء السياسيين كجزء من 'اصلاح مظالم الماضي'.
ولا يحمل مشروع ميزانية الحكومة للعام 2013 بشرى كبيرة لنحو 10 مليون مواطن في الدولة. وتتضمن بنودها نفقات حكومية أكثر، علاوة اجور لموظفي الدولة وعجز بمعدل 6 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الخام، الامر الذي يثير الخوف من أن تكون تونس تسير على خطى اليونان. ويمكن للارقام الكبرى التي تتضمنها الميزانية ان يكون تعبير مباشر في رد فعل الجمهور، من شأنه أن يهز الاستقرار السياسي النسبي.
ظاهرا، تعد مشاكل تونس الاقتصادية قليلة مقارنة بالجبل الاقتصادي السلس الذي تتسلق اليه مصر. وحيال توقع وزير المالية التونسي، في أن الدولة تحتاج 'فقط' الى نحو 4 مليار دولار كي يستقر اقتصادها، فان مبلغا أعلى بعشرة اضعاف لن يرضي المصريين.
ولكن تونس ليست فقط 'مشكلة اقتصادية'. بصفتها طليعة الثورات، فانها أيضا رمز يفحص كل يوم من جديد تحت ناظر الدول العربية المجاورة وتلك التي لم تشهد الثورة، مثل دول الخليج. فتونس، التي بثت روح الثورة في مصر وفي ليبيا، اصبحت حالة اختبار ليس فقط لنجاح الثورة بل وايضا لقدرة الحركات الدينية، مثل النهضة، على ادارة الدولة، التغلب على العوائق السياسية لتحقيق الازدهار الاقتصادي مثلما نجح حزب العدالة والتنمية التركي في عمله.
ومع ان هذا مطلب غير عادل، وذلك لان الوضع الاقتصادي في تونس لا يتعلق فقط بعدد الصلوات التي يصليها زعماؤها، بل وأيضا بالظروف الدولية المتشددة وبالارث الاقتصادي الثقيل. ولكن الرمز لا يمكن ان يتعلل بتبريرات عقلانية. تونس تحمل على ظهرها 'واجب النجاح' للثورات العربية، التي لن تغفر لها فشلها. مشكوك أن يقنع هذا التعليل العاطلين عن العمل التونسيين بعدم الخروج الى الشوارع.


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ<hr>