Haneen
2013-01-07, 11:41 AM
أقلام وآراء اسرائيلي
نتنياهو يضعف وبينيت يقوى
بقلم: يوسي فيرترعن هآرتس
في منتدى سياسي عقد قبل يومين شارك فيه رئيس البيت اليهودي – الاتحاد الوطني، نفتالي بينيت، ضبط وهو يقول عرضا على نحو خفي: «سنكسب نوابا من كل هذا الأمر». وهذا الأمر لمن لم يكن عالما في الايام الاربعة الاخيرة يعني زلة لسان بينيت المشهورة في مقابلة تلفزيونية أحلت في ظاهر الامر لجنود الجيش الاسرائيلي ان يرفضوا أمرا عسكريا بابعاد يهود عن بيوتهم اذا وحينما يصدر الأمر. لم يدع بينيت في الحقيقة الى رفض الأمر العسكري ولم يحث عليه لكن المثال الشخصي الذي قدمه الشخص الذي قد يجلس بعد شهرين في المجلس الوزاري السياسي الامني المصغر في حكومة اسرائيل استطاع ان يثير جلبة عامة ضخمة لم تخفت إلا الآن.
ان بينيت الذي استطاع في اثناء ذلك ان يتراجع عما قال بل حظي باعلان تأييد في صحف ظهر فيها ممثلا لحياة جندية قتالية يحتذى بها تحول الى كيس ضرب للساسة واحزاب كثيرة. وقد خطا في مقدمة كتيبة الضاربين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا غيره وهو الذي يرى في نفاد صبر كيف يشرب حزب بينيت نائبا بعد نائب منه، وورقة تصويت بعد ورقة، اسبوعا بعد آخر. وفي سلسلة مقابلات تلفازية مذعورة قبيل دخول السبت انقض نتنياهو هو نفسه على بينيت وكانت تلك علامة هجوم نامٍ من الليكود بيتنا على من كان رئيس مقر عمله في الماضي وأصبح الآن عدوه اللدود.
يتبين الآن ان قول بينيت لم يكن بمنزلة هوى أو تأمل ضال. بل علم جيدا ما الذي تحدث عنه؛ فعلى حسب استطلاع صحيفة «هآرتس» الذي تم في يومي الاحد والاثنين، وكانا يومي ذروة مهرجان بينيت، فان قائمة البيت اليهودي – الاتحاد الوطني فضلا عن أنها استفادت من زلة لسان قائدها، سجلت تعزيزا لمكانتها لا لبس فيه فارتفعت من 11 نائبا في استطلاع سابق الى 13 نائبا في الاستطلاع الحالي. وفي المقابل فان قائمة الليكود بيتنا لنتنياهو وافيغدور ليبرمان، تتهاوى تهاويا حادا وتخسر 4 نواب قياسا باستطلاع سابق وتكتفي، وهذا صحيح الى الآن، بـ 35 مقعدا فقط (أي أقل من قوتها المشتركة في الكنيست الذاهبة بـ 7). فأين هذا وأين الـ 45 نائبا الذين تنبأ بهم الساحر الذي لا يخطيء أبدا (اذا استثنينا انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة)، آرثر فنكلشتاين.
لا يوجد ولا يمكن ان يوجد تفسير آخر لهذه المعطيات المفاجئة سوى التفسير التالي وهو ان نتنياهو والليكود – بيتنا بالغا. فقد تجاوزا في سيرهما جسرا الى الأمام. وقد انساقا في الانقضاض على بينيت وجعلاه عزيزا على اليمين وشخصية وطنية. فحينما شمّر رئيس الوزراء بجلاله وعظمته بطريقة شفافة جدا وقرن نفسه بمهمة الاغتيال – جعل هو نفسه وبيديه بينيت الشاب زعيم اليمين الوحيد. وهو نفس اليمين الذي يزعزعه التفكير في ابعاد اليهود مرة اخرى عن بيوتهم. ولا تبرز هذه الظاهرة فقط في صورة النواب بل في نظر الجمهور الى بينيت كما تم التعبير عن ذلك فيما بعد.
يشير استطلاع صحيفة «هآرتس» الذي قامت به شركة «ديالوغ» باشراف البروفيسور كميل فوكس من قسم علم الاحصاء في جامعة تل ابيب الى تغييرات طفيفة في صورة النواب: فكتلة المركز – اليسار عددها 53 نائبا فقط منهم 11 نائبا للاحزاب العربية الثلاثة. وعدد كتلة اليمين 67 نائبا برغم ضعف الحزب المتقدم. وعلى حسب صورة النواب هذه، لا شك في ان نتنياهو هو رئيس الوزراء القادم، لكن نواة سيطرة كتلته على الائتلاف التالي ليست كما حلم بها وطلبها لنفسه حينما وحّد بين قائمته وقائمة ليبرمان. ولا يسهم واقع برلماني كالذي يصوره استطلاع الرأي هذا في استقرار أية حكومة أو قدرتها على الحكم ولا يهم من أي حزب. في هذا الاسبوع يتوقع ان تبدأ قائمة الليكود بيتنا حملة دعاية هجومية عنيفة تدعو الى التصويت للحزب الأكبر لا للاحزاب التابعة، من اجل ان يعطى رئيس الوزراء قوة لتنفيذ سياسته في الولاية التالية. واذا استثنينا قضية بينيت فقد يكون أسهم في ضعف قائمة نتنياهو – ليبرمان قضية لائحة الاتهام التي تصاغ – لا تصاغ، وتقدم – لا تقدم، على ليبرمان. وعلى العموم فان وزير الخارجية المستقيل الذي يبدو انه أخذ يتورط في قضية تعيين السفير بن آريه، ليس شديد الارتياح لاستطلاع الرأي هذا، اذا لم نشأ المبالغة.
يصعب على حزب العمل برئاسة شيلي يحيموفيتش ان تعود الى المقدمة 2 التي تركتها بعد دخول تسيبي لفني الى الملعب. وتعاني يحيموفيتش من عدم وجود خطاب اجتماعي في المعركة الانتخابية. وتقوى قائمتا يئير لبيد وليفني (قائمة لبيد بصورة واضحة وقائمة لفني بصورة أقل). والتفسير المحتمل لذلك هو إما ان كتلة المركز – اليسار كبرت حقا في الاسبوع أو الاسبوعين الماضيين وإما ان لفني ولبيد يحصلان على نائب أو نائب ونصف تخسرهما قائمة «عام شليم» للحاخام حاييم أمسلم. ان «عام شليم» لا يجتاز نسبة الحسم في استطلاع الرأي هذا. وقد تبين في أبحاث رأي عام سابقة ان نحوا من 40 في المئة من المصوتين لـ أمسلم هم شباب علمانيون يصوتون لأول مرة، ويتناولون تصويتهم على أنه بدعة جديدة أو لهو أو «توجه». وقد تكون ظهرت في طبقة المصوتين تلك في المدة الاخيرة علامات منطق وأصبحوا يدركون الآن ان التصويت لشخص حريدي – يميني لن يخدم أهواءهم في الكنيست التاسعة عشرة بالضبط، فهم يعودون الى قوائم علمانية مدنية في كتلة المركز – اليسار.
لا تقل استهواءا عن وضع كعكة النواب الاسئلة التي أرادت ان تفحص عن نظرة الجمهور الى الساسة الكبار من رؤساء القوائم الرئيسة المنافسة للكنيست. كان السؤال الاخير الذي عرض على المستطلعة آراؤهم – من مِن الساسة التالين تكون مستعدا لشراء سيارة مستعملة منه – أكثر دلالة من كل شيء على مبلغ ثقة الشعب بمنتخبيه: فان ثلث الجمهور لم يكن مستعدا لشراء سيارة غير مستعملة أو مستعملة من أي واحد من قادتنا. ونسبة اولئك المستعدين لأن يضعوا أنفسهم على راحاتهم واموالهم في مهب الريح تبلغ درجات مئوية قليلة فقط بين 9 في المئة (نتنياهو ويحيموفيتش) و2 في المئة (ليبرمان).
وظهرت معطيات مشابهة مع سؤال: من تهمه أنت وتهمه مشكلاتك أكثر. وكالمتوقع فازت رئيسة حزب العمل يحيموفيتش بأعلى تأييد قياسا بجميع نظرائها لكنه منخفض جدا ايضا (14 في المئة فقط). وهنا ايضا كما في سؤال السيارة، يعتقد ثلث الجمهور انه هو ومشكلاته لا يهمان قادته ألبتة.
يجب علينا ان نذكر انه في المسائل الوجودية الرئيسة لمستقبل الدولة ووضعها، يتقدم بنيامين نتنياهو تقدما كبيرا كل خصومه الذين يدعون انهم خصومه في مدى الخريطة السياسية: ففي الجواب عن اسئلة من الذي تعتمد عليه أكثر في شؤون الامن والدولة واقتصاد الدولة والتفاوض السياسي، سجل نتنياهو فرقا عظيما بينه وبين الآخرين (فاز بـ 38 في المئة و37 في المئة و32 في المئة على التوالي)، في حين تأخر عنه رفاقه تأخرا شديدا.
حينما يسأل لماذا لا يوجد خصم لنتنياهو يكون هذا هو الجواب. وحينما يسأل عن معنى ازمة الزعامة في كتلة المركز – اليسار التي انشأت في الماضي زعماء كبارا بارزين يكون الجواب: نتنياهو والأقزام السبعة وفيهم قزم «لا أحد» الذي يحظى بتأييد شعبي عفوي.
ان نظرة الجمهور الى قضية بينيت ورفض الاوامر العسكرية قد تم الفحص عنها بسؤال نقطي؛ وعبرت أكثرية صلبة من الجمهور على نحو غير مفاجيء عن موقف لا لبس فيه يعارض كل مظهر من مظاهر رفض الاوامر عن ضمير أو عن غير ضمير. لكن ربع الجمهور يؤيدون موقف بينيت.
وهناك كلمة اخرى في بينيت: ففي جميع الاسئلة بلا شذوذ التي تم فيها الفحص عن نظرة الجمهور الى قادة الاحزاب، حصل على نسب تأييد أعلى من ليبرمان ومنها اسئلة تتعلق بشؤون الامن والاقتصاد والتفاوض والصدق وما أشبه، وهذا بلا شك معطى مدهش يضع بينيت في مقام زعيم اليمين الصلب.
وقد فحص استطلاع الرأي كالعادة ايضا عن نسبة الحائرين و»من لا يعلمون لمن يصوتون». في البداية أجاب نحو من 22 في المئة بأنهم لا يعلمون أو لم يقرروا. وبعد ان سئلوا سؤالا آخر – «الى أيهم تميلون أكثر؟»، وأجابوا بجواب تضاءلت نسبتهم الى 13 في المئة وتبلغ نحوا من 15 نائبا وهذا صحيح الى اليوم. ان نضال الاحزاب في الـ 28 يوما التي بقيت حتى الانتخابات هو قبل كل شيء للحفاظ في جعبتها على ما قد أحرزته بجهد كبير وان تحرز بعد ذلك الـ 15 نائبا من المبلبلين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو يخدم حماس
بقلم: نحميا شترسلرعن هآرتس
أفادت صحيفة «صاندي تايمز» في مطلع الاسبوع في تقرير لها ان رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، أمر رجال حماس في الضفة بالاستعداد لكفاح مسلح لاسقاط نظام أبو مازن والسيطرة على الضفة كما سيطروا على غزة في 2007. وأدى «الشاباك» ذلك الى بنيامين نتنياهو لكنه لم يتأثر فهو لا يقلقه امكان ان تسيطر حماس على الضفة بل يقلقه الامكان المضاد وهو ألا يحدث هذا، فهو يرى ان مشعل حليفًا وهو بالنسبة اليه العميل الخفي الأنجح الذي يدفع الى الأمام بمصلحته العليا وهي البقاء في الكرسي.
في جولة نتنياهو الاولى إذ كان رئيسا للوزراء ولدت علاقات مميزة مع مشعل، فقد أرسل عميلين لاغتياله في عمان لكن حينما تعقدت العملية أرسل الى الملك حسين مضاد السم الذي أنقذ حياته. وهكذا عقد بينهما حلف غير مكتوب هو حلف المتطرفين. وأدركا أنهما يتعلق بعضهما ببعض وأدركا ان تطرفهما المتبادل سيبقي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني فوق لهب عال، مع انفجارات موزونة وهكذا يقضى على الباحثين عن المصالحة والسلام ويبقيان في السلطة الى الأبد.
وقد فهما أنه حين تقرع طبول الحرب يبحث الشعب عن الأشد تطرفا ليصبوا النار والكبريت على الطرف الثاني. وحينما تحترق المنطقة ينتصر الخبراء بالتخويف والذعر والحروب والضحايا والقصف والارهاب. ولهذا فان مشعل هو شريك نتنياهو الكامل. وهو يبرهن على انه لا يوجد شريك، أي أنه لا يوجد من يحادَث، وهذا كل ما يحتاج اليه نتنياهو.
كانت عملية «عمود السحاب» مثالا جيدا على التعاون بين الاثنين، فقد بادر مشعل الى زيادة اطلاق الصواريخ على الجنوب وهو ما مكّن نتنياهو من الخروج في عملية غزة. وبعد ذلك جلس الطرفان وتحادثا وتوصلا الى اتفاق بعضه مكشوف وبعضه ينفذ بالفعل عن فهم عميق لمصالح الاثنين الحقيقية.
ان حماس تحافظ في حرص على وقف اطلاق النار وتفرضه على سائر الفصائل في غزة لتقوية نتنياهو كي يستطيع ان يعرض انجازا حسنا عشية الانتخابات. ويمكن نتنياهو من جهته مشعل على نحو لا مثيل له من دخول غزة لأول مرة في حياته كي يستطيع ان يخطب خطبة متطرفة بصورة عجيبة قال فيها: «لن نعترف أبدا بالمحتل الصهيوني... فلسطين لنا من البحر الى النهر... سنحارب الصهاينة الذين اغتصبوا اراضينا». وهكذا يفي مشعل بنصيبه من الصفقة حينما يعزز أمل انه لا يوجد من يحادَث.
ان مشكلة نتنياهو الوحيدة الباحث عن السلام أبو مازن. فهو لم يستسلم لموجة التشهير والعقوبات والتهديدات من نتنياهو وافيغدور ليبرمان وما زال يتحدث عن اتفاق سلام سيتم احرازه بلا عمليات وبلا انتفاضة. وهكذا يعرض أبو مازن للخطر سلطة نتنياهو ولهذا يبذل رئيس الوزراء كل شيء لاسقاطه ولينصب بدلا منه عميله الخفي مشعل.
تعلم نتنياهو من اريئيل شارون كيف يضرب أبو مازن ويقضى عليه، فعل شارون ذلك في غزة حينما نفذ الانفصال من طرف واحد من غير ان يعطي أبو مازن أي انجاز وأي تخفيف للحصار والمعاناة والضائقة والفقر والبطالة في غزة، وهكذا أسهم في تأييد شعبي لحماس التي سيطرت على القطاع.
يخطط نتنياهو الآن لاجراء مشابه في الضفة. فقد أعطى حماس 1027 أسيرا مقابل غلعاد شاليط، في حين لم يوجه الى أبو مازن سوى الاهانات والتشهير. وأعلن عن بناء آلاف الوحدات السكنية في شرقي القدس وفي أنحاء الضفة وفي المنطقة e1 كي يبين للفلسطينيين انه يجعل من زعيمهم المعتدل ضحكة. وهو يمنع الآن تحويل اموال الضرائب الى السلطة الفلسطينية بغرض ان يثير على أبو مازن موظفي السلطة ورجال الشرطة الذين لا يتلقون رواتب وأن يسبب بذلك سقوطا ماليا يخرج جموع الجياع الى الشوارع ويساعد حماس.
وحينما يفوز الليكود بيتنا في الانتخابات وتسيطر حماس على الضفة سيغمز مشعل ونتنياهو بعضهما بعضا في رضى كبير فها هما هاذان نجحا في المهمة وسقط خطر المصالحة والاتفاق
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
السير بين القبعات الدينية
بقلم: يوعز هندل ،عن يديعوت
يتحرك ولدان في بطن الصهيونية المتدينة. أما الأول فيؤمن بأرض اسرائيل، وأما الثاني فيؤمن بشعب اسرائيل. وأحدهما متطرف مؤمن بالقوة قومي منطوي متمايز. والثاني معتدل ليّن قومي صهيوني خادم في الجيش رائد. ان العيص ويعقوب يعيشان جنبا الى جنب لكنهما متباعدان.
لم يعد في دولة اسرائيل حيوان يسمى صهيونية متدينة كما لا توجد صهيونية علمانية، بالضبط. والخيط الوحيد الذي يربط معتمر القبعة المنسوجة من حفات جلعاد بمعتمر قبعة منسوجة من شمال تل ابيب هو خيط القبعة، فلا توجد ايديولوجية مشتركة. والفروق عظيمة لا في مسألة اخلاء المستوطنات ورفض الأمر العسكري فقط. وتزداد الفروق حدة خصوصا في القضايا الدينية مثل صبغة الدولة اليهودية ومعنى طبيعتها الديمقراطية.
ان منظر الصهيونية المتدينة في هذه الانتخابات يخالف الواقع تماما. ان هذين الولدين أصبحا في العقود الأخيرة في طور الطلاق وهما بخلاف المعتاد لا يفعلان ذلك عن طريق الحاخامية. والبيت لا يستطيع ان يشتمل على توجهين مختلفين بهذا القدر. والتوحيد جيد من اجل عدد النواب لكنه سيء من اجل استيضاح متعمق للاسئلة التي تقلق الصهيونية المتدينة وهي: مكانة المرأة ومكانة غير اليهود ومكانة العلماني. ولا تستطيع اليهودية المعتدلة ان تحيا مع رجال دين يطمسون على وجوه النساء في صحف السبت ويحرمون الاستماع لصوت امرأة في الجيش. وقد اخطأت وسائل الاعلام الاسرائيلية سنين طويلة حينما نظرت الى الصهيونية المتدينة باعتبارها وحدة واحدة والى المستوطنين باعتبارهم جسما واحدا. والانتخابات الآن تحدث خطأ مشابها.
ان نفتالي بينيت مثل رفقة من الكتاب المقدس هو نتاج هذا الصراع الداخلي. ومهمته غير ممكنة وهي الاشتمال على الولدين بأمر السياسة. والعيش في البيت نفسه مع ممثلين يصغون الى رجال الدين وساسة عينوا أنفسهم رسلا لله. ان بينيت رجل أهل وهو جدي مع قدمين على الارض ومع فهم في الأساس لقوة الالتزام بالرسمية. وأنا أعرفه من الماضي وترعرعنا في مناطق متشابهة. ولن أصوت له لأن بيته السياسي يخالف آرائي وأنا لا أعرف كيف أعيش مع بعض التصورات العامة المختلطة هناك.
زل لسانه في يوم الخميس الأخير واخطأ لا أكثر ولا أقل. ويصعب ألا تخطيء حينما يوجد في البطن تياران كهذين. وقد اخطأت رفقة والدة يعقوب والعيص ايضا. ولا تستطيع دولة اسرائيل ان تحتوي رافضي الأوامر العسكرية ولا يهم من أي اتجاه جاءوا. من المرغوب فيه إظهار حساسية باخلاء مستوطنات لكن لا يجوز إظهار تفهم لرفض الأوامر العسكرية. وبينيت يفهم هذا جيدا برغم ان فريقا من المصوتين له يفكرون تفكيرا مختلفا. وقد فهم ولهذا حاول ان يصلح وكل ما جاء بعد ذلك مناكفة سياسية ومحاولة لاقتطاع نواب على حساب زلة لسان.
ان الصراع الداخلي الذي يجري في داخل الصهيونية المتدينة لم يبدأ في مساء يوم الخميس عند نسيم مشعل بل هو موجود منذ زمن بعيد. هناك متدينون من اليسار واليمين وفي الدين متطرفون ومعتدلون. ويمثل بينيت بينهم التيار المركزي الأكبر – يعقوب وهو الذي يخدم في الجيش ويدفع الضرائب وهو معتدل في آرائه الدينية وقد وسمت وعيه مشاهد الانفصال. وهذا التيار لا يرفض الأمر العسكري ولا يرفض المحادثة.
ان الحديث عن التيار الثاني المتطرف الذي يبتعد عن الحياة الرسمية والذي أصبح بعد صهيوني لكن من اليمين، مناسب وجدي. وهو يقلقني شخصيا أكثر من متطرفي اليسار ولا يحتاج الليكود الى هفوة بينيت ليعرف ذلك بل يكفيه ان ينظر تحت أنفه. القدس الى أبد الآبدين، تصفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
التصويت لغير نتنياهو يضعف الفاشية في اسرائيل
بقلم: سافي رخليفسكي ،عن هآرتس
ان عالم موشيه فايغلين ونفتالي بينيت انشأه دافيد بن غوريون. فهل ينقلب التاريخ الآن؟.
في أول انتخابات حصل مباي على 46 نائبا. وحصل وحدة العمل ومبام اللذان نافسا معا على 19 نائبا. وكان لحركات العمال المركزية وحدها أكثرية بلغت 65 نائبا. وأصبحت الأكثرية نحوا من 75 نائبا مع حركات مركز – يسار اخرى كالتقدميين. وكانت أكثرية رغبت في ان يجيز بن غوريون دستورا بهدي من اعلان الاستقلال كما وعد فيه؛ وأن يفصل الدين عن الدولة كالمعتاد في جميع الحركات القومية – الحديثة التي كانت الصهيونية والتنوير جزءا منها؛ وان يجعل «تربية العمال» الانسانية تربية لكل أولاد اسرائيل بيد ان بن غوريون فعل العكس تماما.
كان سر انتخاب بن غوريون تحليله السياسي. لم يبد اليمين عنده آنذاك خصما بل رأى التهديد في داخل معسكره، من اليسار. ولم يكن أكثر الشباب العاملين في البلماح وفي حركات الشباب وفي التربية المثالية – وهم الشباب الذين أنشئت اسرائيل على كواهلهم وقامت سلطة المركز – اليسار – لم يكونوا تبعاً لبن غوريون بل ساروا وراء القيادة التي تقع على يساره. ولهذا اتجه بن غوريون الى تحطيم معسكره باغلاق «تربية العمال» وتقسيم مدبر للكيبوتسات وتحريض على «تطرفها» وحل للبلماح.
لم يصنع الائتلاف مع «رفاقه» في اليسار بل مع العالم المتدين الذي بدا له مستكينا. وقد بنى لهذا العالم الذي كان يرى متهاويا منظومة حكم ذاتي تربوي وطائفة من الاعفاءات. ونشأت عن هذا الحكم الذاتي أزهار الشر المسيحانية والعنصرية التي تهدد بابتلاع اسرائيل.
هل يوشك بنيامين نتنياهو الآن – في مواجهة تهديد سير الشباب وراء بينيت – ان يسلك سلوك بن غوريون وان يحطم شركاءه؟.
ليس بن غوريون فقط. فاستطلاعات الرأي تبين عن نسخة اخرى من انتخابات 2003. قبل «كديما» وفي داخل «اللاشريك» فاز اريئيل شارون في الليكود بـ 38 نائبا. وحصل حزب العمل على 19 نائبا، وحصلت حركتا المركز للبيد الأب وعمير بيرتس على 18 نائبا. وبعد الانتخابات – التي ظهر شارون في اثنائها مع قوله «حكم نتساريم كحكم تل ابيب» – رمى بشركائه المتدينين وأضر بالفقاعة الحريدية بـ «شينوي» والمخصصات، وبفقاعة المستوطنات بالخروج من غزة. ولم يفسر شارون ذريعة التغيير سوى في أحاديث مع قادة المستوطنين عبر عنها زئيف حفير (زمبيش) وأوري اريئيل. وقد أوضح شارون للمستوطنين انه قرأ وأدرك انه ليس هو مرسلهم بل هو حمار في خطتهم المسيحانية لكنهم يجب ان يعلموا ان الحمار يرفس ايضا. فهل يقدم نتنياهو على الرفس ايضا؟.
لكن لا. فليس نتنياهو بن غوريون ولا شارون. فعالم نتنياهو مع فايغلين وبينيت والحاخام دوف ليئور قائدهما – الذي قال عنه نتنياهو انه الدورية التي تقود اسرائيل. واليوم ايضا، في الخصام التكتيكي مع بينيت تمتلئ صحف الليكود الموجهة الى المتدينين بالثناء على فايغلين الذي اتهم بالحث على التمرد وحكم عليه بالسجن، والذي تحريضه على رفض الأمر العسكري أشد تطرفا من تحريض بينيت.
ترك الاتحاد الوطني خارج الائتلاف في الولاية السابقة ايضا – وكان ذلك تكتيكيا من اجل إحداث وهْم المركزة. لكنهم في جميع ما سن من قوانين غير ديمقراطية كانوا قلب السلطة. وليس عجبا ان خمسة من أبناء عائلة نتنياهو وعلى رأسهم أبوه وأخوه قضوا في الانفصال ان الحديث عن جريمة على الانسانية وان من الواجب الرفض.
ان من يصغي الى دعاية نتنياهو في مواجهة بينيت يدرك ان التهديد الرئيس للديمقراطية ليس من بينيت. وليس الحديث فقط عن آلة الدعاية لزعيم بكلفة مئات الملايين – التي توزع بالمجان على مئات الآلاف تحت غطاء صحيفة.
عند نتنياهو دعوى بسيطة تقول «أعداؤنا» هم الأساس. فالثلاثة أحمدي نجاد ونصر الله ومشعل يراقبون الانتخابات. واذا قوي «حزب رئيس الوزراء» فان اسرائيل ستقوى عند «أعدائنا» واذا ضعف فستضعف اسرائيل. وتماما على هذا المنطق يقال: اذا أسقط حزب رئيس الوزراء فستسقَط اسرائيل.
ان كل تصويت لا يكون لنتنياهو بحسب دعواه خيانة لاسرائيل. أين هو وأين بينيت. ويا لسذاجة من يوهمون أنفسهم بأن الدعاية الفاشية ستتجه حقا على المسيحانية ولن تستمر في خدمتها بالفعل.
ان يوفال ديسكن وعلمه وورقته البيضاء على خطأ ونتنياهو على حق. وكل ورقة تصويت تكون ضده ستضعِف، ستضعِف الفاشية في اسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل خططت للاستيلاء على 2400 دونم في الضفة وتراجعت
بقلم: عميره هاس ،عن هآرتس
اضطرت الدولة الى التراجع عن نيتها إبعاد 12 مزارعا فلسطينيا عن ارض تبلغ مساحتها 2400 دونم قرب أريحا بزعم أنهم قد اجتاحوها. وقد استأجر المزارعون الذين يزرعون التمور للتصدير الارض من الأوقاف الاسلامية. وتُبين الوثائق ان الارض جزء من 5469 دونما يملكها «وقف النبي موسى» الذي سُجل وقفاً في القرن الثالث عشر. قبل اسبوع وبعد ان تم تسليم المزارعون أوامر اخلاء الارض بخمسة أشهر، أعلن المسؤول عن الأملاك الحكومية المتروكة لارض اسرائيل ويهودا والسامرة إلغاءها.
في نهاية آب من هذا العام وجد المزارعون في قطع ارضهم أوامر الاخلاء. وقد وقع على الأوامر في الثاني والعشرين من آب 2012 مراقب الادارة المدنية «روعي، مُركز الغور». وكُتبت في كل أمر في المكان المخصص لذكر اسم المزارع كلمة واحدة فقط: «المُجتاح». وتعتمد الأوامر على الأمر المتعلق بالأملاك الحكومية من سنة 1967. ويطلب كل أمر من «المجتاح» ان يُخلي في غضون 45 يوما «وأن يعيد حال الارض الى ما كان عليه من قبل». وذُكرت في رأس الأوامر جميع الجهات المسؤولة عن اصدارها: جيش الدفاع الاسرائيلي، والادارة المدنية لمنطقة يهودا والسامرة، والمسؤول عن الأملاك الحكومية ووحدة الرقابة المركزية. وكُتب فيها بالعبرية والعربية «إنك تستولي بخلاف القانون على الاراضي الموصوفة أعلاه...».
أصابت الأوامر المزارعين بصدمة وهم الذين استأجروا الارض من الأوقاف وبعضهم فعل ذلك منذ 17 سنة وغيرهم قبل أقل من 10 سنين. وقد فلحوا الارض وبذلوا في تحسينها عشرات ملايين الدولارات بنية الاندماج في واحد من الفروع الزراعية الواعدة في المنطقة وهي تمور التصدير. قبل نحو من عشرين سنة بدأت عائلة دعيك (من لاجئي 1948) واستأجرت في المنطقة اراضي في خمسينيات القرن الماضي، بدأت تستبدل غراس التمر بالخضراوات وغراس التين والعنب التي رعتها. وفي السنين العشر الأخيرة انضم الى هذا التوجه مزارعون آخرون وشركات جديدة وقائمة (مثل الاتحاد الفلسطيني فادكو)، انشأت ايضا بيوت رزم تناسب التصدير. يوجد للفلسطينيين حتى الآن نحو من 150 ألف شجرة نخل في منطقة تبلغ نحوا من 12 ألف دونم في غور الاردن تنتج نحوا من ألفي طن من التمر كل سنة. ان حصاد التمر الذي يُنميه الاسرائيليون (وكثير منه في غور الاردن) يبلغ 27 ألف طن كل سنة. وتأمل وزارة الزراعة الفلسطينية ان تبلغ حتى سنة 2020 الى انتاج 10 آلاف طن من التمر أكثرها للتصدير. ولذلك فسر الفلسطينيون أوامر الاخلاء في آب بأنها محاولة اسرائيلية للاضرار بالفرع خشية المنافسة.
قدّم المحامي توفيق جبارين، موكل المزارعين، استئنافا الى لجنة الاستئنافات العسكرية وقد كتب انه في شباط 1964 قضت المحكمة الاردنية لتنظيم الاراضي بأن القسيمة هي في ملك الأوقاف المطلق (أكثر من نصفها في المنطقة أ وهي تحت سيطرة مدنية فلسطينية، والقسم الذي تلقى أوامر الاخلاء هو في المنطقة ج – وهي تحت سيطرة اسرائيلية كاملة). وكتب ايضا ان الذين أعدوا الأوامر لم يدققوا في رسم الحدود وخلطوا بين انذارات المزارعين المختلفين.
في الاسبوع الماضي كتب المحامي أساف شتيرن من قبل المسؤول عن أملاك الحكومة والأملاك المتروكة، كتب يقول: «بعد فحص اشتمل على الفحص عن وثائق مختلفة أظهرها المستأنفون من غير ان يعتبر ذلك قبولا لدعاوى المستأنفين، يعتقد المُجيب ان عليه ان يفحص عن أمر اصدار أوامر الاخلاء بصورة أعمق، ولهذا لا يُصر على تنفيذ أوامر الاخلاء، وأوامر الاخلاء ملغاة». وعلى أثر ذلك، محت المحكمة العسكرية للشؤون الادارية الاستئناف.
أوضح متحدث منسق عمليات الحكومة في المناطق انه «تم اصدار أوامر إبعاد للغرس في القسيمة المتحدث عنها لأنها تمت موازية لاجراء فحص ملكية الارض. ولم يُعلن في أية مرحلة ان هذه الاراضي اراضي دولة». ويقول درور أتاكس ونير شيلو اللذان يبحثان في استيلاء الدولة على اراضي الضفة الغربية انهما لا يعرفان الغاءا مشابها لأوامر اخلاء ارض واسعة بهذا القدر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أخرجوا ايها العرب
بقلم: ديمتري شومسكي ،عن هارتس
صحيح أن لجنة الانتخابات المركزية استبعدت ترشيح النائبة حنين الزعبي في الانتخابات للكنيست الـ 19، ولكن الى جانب ذلك قرت السماح للقوائم العربية التجمع والموحدة والتغيير بالتنافس. هذا الخليط من القرارين كفيل بأن يرضي الاسرائيليين الذين تعز على قلوبهم الصورة الذاتية لاسرائيل كدولة ديمقراطية. وها هم بالتالي كما يقول اولئك الاسرائيليون لانفسهم، بينما استبعد ترشيح نائبة عاقة واحدة، فإن عموم الهيئات السياسية التي تمثل الجمهور العربي في اسرائيل تأهلت بل وتأهلت جدا.
ولكن حذار أن نوهم أنفسنا: فاستبعاد ترشيح النائبة الزعبي يمثل محاولة اسكات جارفة لصوت الاقلية القومية العربية – الفلسطينية في اسرائيل بعمومها. ينبغي الافتراض بانه في ضوء القمع القومي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، فان الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين في أوساط مواطني اسرائيل يشعرون بان كرامتهم الوطنية هي أيضا تداس كل يوم. غير أنه منذ محاولة العصيان المدني في تشرين الاول 2000، والتي كلفتهم ضحايا في الارواح، لا يتجرأ الفلسطينيون من مواطني اسرائيل على أن يخرجوا الى حيز التنفيذ احتجاجا مدنيا منظما ضد استمرار الاستعباد القومي لابناء شعبهم خلف الخط الاخضر.
صوت الاحتجاج هذا بالضبط تعبر عنه النائبة الزعبي بشجاعة وتصميم استثنائيين. وهي تفعل ذلك وحدها تقريبا. كل نشاط النواب العرب الاخرين معا لا يوازن نشاط هذه النائبة الوحيدة.
وحسب التفكير الاستعماري الذي تتميز به اجزاء واسعة من القيادة الاسرائيلية، فانه يجمل بالفلسطينيين الاسرائيليين ان يكونوا ممتنين لصاحب السيادة الاسرائيلي اليهودي لمجرد مواطنتهم الاسرائيلية، فيقللوا من الانشغال «القومي المتطرف» بمصير الفلسطينيين في الضفة وفي القطاع وان يركزوا على اصلاح المجاري في قراهم العربية وبالميزانية التي تتجمل عليهم بها دولة القومية اليهودية السخية. فلو تكلفت تلك المحافل الاسرائيلية بقراءة المراسلات القومية لبينسكر، هيرتسل، نورداو او إحاد هعام – في أن الدعوة الى اعادة الاعتبار للكرامة الوطنية للشعب اليهودي المقموع في المنفى تمر فيهم كعامود فقري ثانٍ – فلعلهم كانوا سيفهمون بانه لا يمكن مطالبة ابناء الاقلية القومية المهانة الا تقاتل ضد اهانتهم القومية. لو كان اولئك الذين يقفون خلف محاولة التصفية الجماهيرية المركزة للنائبة الزعبي يعرفون التاريخ الاقرب للحركة الصهيونية، فلعلهم كانوا يستطيعون ان يروا في مشاركة النائبة الشجاعة في اسطول الاحتجاج ضد الحبس الخانق لابناء شعبا في غزة، عملا بطوليا قوميا؛ فعل يوازن، بالمفهوم العميق، احتجاج صهيونيي الاتحاد السوفييتي في السبعينيات من القرن الماضي ضد حبس اليهود السوفييت خلف الستار الحديدي.
ولكن القيادة الاسرائيلية الحالية التي كان لمواقفها تمثيلا معتبرا في اللجنة التي استبعدت ترشيح النائبة الزعبي، غير معنية بتذكر تراث الماضي للصهيونية كحركة تحرر قومي لشعب مقموع ومهان. وبالعكس، فانها تركل كل يوم بيومه هذا التراث وتسعى الى ان تغرس بدلا منه في الاجيال القادمة من الاسرائيليين تراثا مختلفا في جوهره – تراث القومية المتطرفة ذات نزعة السيد لشعب يقمع ويهين الاخرين.
ليس مناسبا لابن أغلبية قومية قامعة، ان يسدي المشورة لابناء أقلية قومية مقموعة. ولكن بصفتي باحث في حركة قومية لشعب مضطهد بين الشعوب، وكإبن اقلية قومية مضطهدة في بلاده الاصلية يشعر كل يوم على جلدته بالاهانة على خلفية قومية، سأسمح لنفسي بان اقول ذلك ايضا للنواب العرب الفلسطينيين.
إذا ما قررت لا سمح الله المحكمة العليا الانضمام الى عصبة الراكلين للتراث الصهيوني الاصيل كحركة اقلية قومية مقموعة، فصادقت على الاستبعاد المرفوض للنائبة حنين الزعبي، فيجدر بكل النواب العرب من كل الاحزاب الاسرائيلية أن يسحبوا ترشحيهم الى الكنيست الـ 19. نظيف من التمثيل للاقلية القومية الفلسطينية، كما يسعى اليمين القومي الاستعماري اليهودي الحالي، سيكشف مجلس النواب الاسرائيلي بامانة عن ميل اسرائيل الثابت في سنوات الالفين لان تشبه بروحها أكثر فأكثر دولة عرقية لا سامية في شرقي اوروبا ووسطها في القرن السابق. لعل هذا التشبيه الباعث على الصدمة سيكون فيه ما يوقظ من سباتهم اولئك اليهود الاسرائيليين الذين لا تزال قيم الصهيونية كحركة لشعب مضطهد عزيزة على قلوبهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اهمال الادعاء العام
بقلم: أسرة التحرير،عن هارتس
تملص النائب افيغدور ليبرمان قبل نحو اسبوعين من لائحة اتهام خطيرة ببنود الغش، تبييض الاموال وتلقي شيء بالغش. غير أنه الى جانب الملف الكبير والمغلق، بقي ملف صغير ومفتوح: لائحة اتهام على خرق الثقة في قضية تعيين رجل وزارة الخارجية زئيف بن آريه، الذي يزعم انه عوض عن تطوعه لان يكشف امام ليبرمان عن مادة قانونية سرية – تفاصيل التحقيقات ضد ليبرمان كانت دولة اسرائيل طلبتها من روسيا البيضاء.
غير أنه تماما مثلما هي النيابة العامة للدولة وفوقها المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين مسؤولان عن القصور المتواصل في تأجيل معالجة الملف الكبير الامر الذي ساعد ليبرمان على الادعاء بعذاب القانون، هكذا أيضا مسؤول المستشار والنيابة العامة عن قصور المعالجة الاهمالية في ملف تعيين السفير. وفقط بعد الاعلان عن الاتهام وفي أعقاب استقالة ليبرمان، تذكر الادعاء العام ان يجبي افادات من اعضاء لجنة التعيينات في وزارة الخارجية، ورواية محدثة من ليبرمان.
وتردد فينشتاين قبل رفع لائحة الاتهام ضد ليبرمان في قضية بن آريه، اذا كان بالفعل مناسبا اعطاء معنى جنائي لهذا الامر. فبن آريه خرق الثقة، بصفته موظفا عاما ملزم بالولاء للقانون والدولة وليس لمواطن خاص (مثلما كان لليبرمان في ذاك الوقت)، ولا للمسؤول عنه (كما فعل بعد اشهر قليلة من ذلك). وعليه، فبعد أن كشفت القضية قدم بن آريه الى المحاكمة وادين حسب افادته في تسوية قضائية. وتركز تردد فينشتاين على سلوك ليبرمان، في أنه أمر انساني رد الجميل بالجميل. غير أنه بعرضه على بن آريه منصبا في قيادته وبارساله في مهام اخرى ليست حسب قواعد السلك الدبلوماسي، فان ليبرمان لم يعتبر هنا كصديق عند الحاجة، بل منتخب من الجمهور. في هذا الاختبار، برأي فينشتاين، فشل ليبرمان وعليه أن يقدم الى المحاكمة.
غير أن تردد فينشتاين لا يبرر سلوكه وسلوك النيابة العامة. واستكمال التحقيق في قضية السفير قد يغير خطورة لائحة الاتهام وقد لا يغير، المحكمة ستقول قولتها في هذا الشأن. ولكن المسألة العامة التي تحتاج الى رد هي من في الادعاء العام سيقدم الحساب على الاداء الفاشل في القضية برمتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ<hr>
نتنياهو يضعف وبينيت يقوى
بقلم: يوسي فيرترعن هآرتس
في منتدى سياسي عقد قبل يومين شارك فيه رئيس البيت اليهودي – الاتحاد الوطني، نفتالي بينيت، ضبط وهو يقول عرضا على نحو خفي: «سنكسب نوابا من كل هذا الأمر». وهذا الأمر لمن لم يكن عالما في الايام الاربعة الاخيرة يعني زلة لسان بينيت المشهورة في مقابلة تلفزيونية أحلت في ظاهر الامر لجنود الجيش الاسرائيلي ان يرفضوا أمرا عسكريا بابعاد يهود عن بيوتهم اذا وحينما يصدر الأمر. لم يدع بينيت في الحقيقة الى رفض الأمر العسكري ولم يحث عليه لكن المثال الشخصي الذي قدمه الشخص الذي قد يجلس بعد شهرين في المجلس الوزاري السياسي الامني المصغر في حكومة اسرائيل استطاع ان يثير جلبة عامة ضخمة لم تخفت إلا الآن.
ان بينيت الذي استطاع في اثناء ذلك ان يتراجع عما قال بل حظي باعلان تأييد في صحف ظهر فيها ممثلا لحياة جندية قتالية يحتذى بها تحول الى كيس ضرب للساسة واحزاب كثيرة. وقد خطا في مقدمة كتيبة الضاربين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا غيره وهو الذي يرى في نفاد صبر كيف يشرب حزب بينيت نائبا بعد نائب منه، وورقة تصويت بعد ورقة، اسبوعا بعد آخر. وفي سلسلة مقابلات تلفازية مذعورة قبيل دخول السبت انقض نتنياهو هو نفسه على بينيت وكانت تلك علامة هجوم نامٍ من الليكود بيتنا على من كان رئيس مقر عمله في الماضي وأصبح الآن عدوه اللدود.
يتبين الآن ان قول بينيت لم يكن بمنزلة هوى أو تأمل ضال. بل علم جيدا ما الذي تحدث عنه؛ فعلى حسب استطلاع صحيفة «هآرتس» الذي تم في يومي الاحد والاثنين، وكانا يومي ذروة مهرجان بينيت، فان قائمة البيت اليهودي – الاتحاد الوطني فضلا عن أنها استفادت من زلة لسان قائدها، سجلت تعزيزا لمكانتها لا لبس فيه فارتفعت من 11 نائبا في استطلاع سابق الى 13 نائبا في الاستطلاع الحالي. وفي المقابل فان قائمة الليكود بيتنا لنتنياهو وافيغدور ليبرمان، تتهاوى تهاويا حادا وتخسر 4 نواب قياسا باستطلاع سابق وتكتفي، وهذا صحيح الى الآن، بـ 35 مقعدا فقط (أي أقل من قوتها المشتركة في الكنيست الذاهبة بـ 7). فأين هذا وأين الـ 45 نائبا الذين تنبأ بهم الساحر الذي لا يخطيء أبدا (اذا استثنينا انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة)، آرثر فنكلشتاين.
لا يوجد ولا يمكن ان يوجد تفسير آخر لهذه المعطيات المفاجئة سوى التفسير التالي وهو ان نتنياهو والليكود – بيتنا بالغا. فقد تجاوزا في سيرهما جسرا الى الأمام. وقد انساقا في الانقضاض على بينيت وجعلاه عزيزا على اليمين وشخصية وطنية. فحينما شمّر رئيس الوزراء بجلاله وعظمته بطريقة شفافة جدا وقرن نفسه بمهمة الاغتيال – جعل هو نفسه وبيديه بينيت الشاب زعيم اليمين الوحيد. وهو نفس اليمين الذي يزعزعه التفكير في ابعاد اليهود مرة اخرى عن بيوتهم. ولا تبرز هذه الظاهرة فقط في صورة النواب بل في نظر الجمهور الى بينيت كما تم التعبير عن ذلك فيما بعد.
يشير استطلاع صحيفة «هآرتس» الذي قامت به شركة «ديالوغ» باشراف البروفيسور كميل فوكس من قسم علم الاحصاء في جامعة تل ابيب الى تغييرات طفيفة في صورة النواب: فكتلة المركز – اليسار عددها 53 نائبا فقط منهم 11 نائبا للاحزاب العربية الثلاثة. وعدد كتلة اليمين 67 نائبا برغم ضعف الحزب المتقدم. وعلى حسب صورة النواب هذه، لا شك في ان نتنياهو هو رئيس الوزراء القادم، لكن نواة سيطرة كتلته على الائتلاف التالي ليست كما حلم بها وطلبها لنفسه حينما وحّد بين قائمته وقائمة ليبرمان. ولا يسهم واقع برلماني كالذي يصوره استطلاع الرأي هذا في استقرار أية حكومة أو قدرتها على الحكم ولا يهم من أي حزب. في هذا الاسبوع يتوقع ان تبدأ قائمة الليكود بيتنا حملة دعاية هجومية عنيفة تدعو الى التصويت للحزب الأكبر لا للاحزاب التابعة، من اجل ان يعطى رئيس الوزراء قوة لتنفيذ سياسته في الولاية التالية. واذا استثنينا قضية بينيت فقد يكون أسهم في ضعف قائمة نتنياهو – ليبرمان قضية لائحة الاتهام التي تصاغ – لا تصاغ، وتقدم – لا تقدم، على ليبرمان. وعلى العموم فان وزير الخارجية المستقيل الذي يبدو انه أخذ يتورط في قضية تعيين السفير بن آريه، ليس شديد الارتياح لاستطلاع الرأي هذا، اذا لم نشأ المبالغة.
يصعب على حزب العمل برئاسة شيلي يحيموفيتش ان تعود الى المقدمة 2 التي تركتها بعد دخول تسيبي لفني الى الملعب. وتعاني يحيموفيتش من عدم وجود خطاب اجتماعي في المعركة الانتخابية. وتقوى قائمتا يئير لبيد وليفني (قائمة لبيد بصورة واضحة وقائمة لفني بصورة أقل). والتفسير المحتمل لذلك هو إما ان كتلة المركز – اليسار كبرت حقا في الاسبوع أو الاسبوعين الماضيين وإما ان لفني ولبيد يحصلان على نائب أو نائب ونصف تخسرهما قائمة «عام شليم» للحاخام حاييم أمسلم. ان «عام شليم» لا يجتاز نسبة الحسم في استطلاع الرأي هذا. وقد تبين في أبحاث رأي عام سابقة ان نحوا من 40 في المئة من المصوتين لـ أمسلم هم شباب علمانيون يصوتون لأول مرة، ويتناولون تصويتهم على أنه بدعة جديدة أو لهو أو «توجه». وقد تكون ظهرت في طبقة المصوتين تلك في المدة الاخيرة علامات منطق وأصبحوا يدركون الآن ان التصويت لشخص حريدي – يميني لن يخدم أهواءهم في الكنيست التاسعة عشرة بالضبط، فهم يعودون الى قوائم علمانية مدنية في كتلة المركز – اليسار.
لا تقل استهواءا عن وضع كعكة النواب الاسئلة التي أرادت ان تفحص عن نظرة الجمهور الى الساسة الكبار من رؤساء القوائم الرئيسة المنافسة للكنيست. كان السؤال الاخير الذي عرض على المستطلعة آراؤهم – من مِن الساسة التالين تكون مستعدا لشراء سيارة مستعملة منه – أكثر دلالة من كل شيء على مبلغ ثقة الشعب بمنتخبيه: فان ثلث الجمهور لم يكن مستعدا لشراء سيارة غير مستعملة أو مستعملة من أي واحد من قادتنا. ونسبة اولئك المستعدين لأن يضعوا أنفسهم على راحاتهم واموالهم في مهب الريح تبلغ درجات مئوية قليلة فقط بين 9 في المئة (نتنياهو ويحيموفيتش) و2 في المئة (ليبرمان).
وظهرت معطيات مشابهة مع سؤال: من تهمه أنت وتهمه مشكلاتك أكثر. وكالمتوقع فازت رئيسة حزب العمل يحيموفيتش بأعلى تأييد قياسا بجميع نظرائها لكنه منخفض جدا ايضا (14 في المئة فقط). وهنا ايضا كما في سؤال السيارة، يعتقد ثلث الجمهور انه هو ومشكلاته لا يهمان قادته ألبتة.
يجب علينا ان نذكر انه في المسائل الوجودية الرئيسة لمستقبل الدولة ووضعها، يتقدم بنيامين نتنياهو تقدما كبيرا كل خصومه الذين يدعون انهم خصومه في مدى الخريطة السياسية: ففي الجواب عن اسئلة من الذي تعتمد عليه أكثر في شؤون الامن والدولة واقتصاد الدولة والتفاوض السياسي، سجل نتنياهو فرقا عظيما بينه وبين الآخرين (فاز بـ 38 في المئة و37 في المئة و32 في المئة على التوالي)، في حين تأخر عنه رفاقه تأخرا شديدا.
حينما يسأل لماذا لا يوجد خصم لنتنياهو يكون هذا هو الجواب. وحينما يسأل عن معنى ازمة الزعامة في كتلة المركز – اليسار التي انشأت في الماضي زعماء كبارا بارزين يكون الجواب: نتنياهو والأقزام السبعة وفيهم قزم «لا أحد» الذي يحظى بتأييد شعبي عفوي.
ان نظرة الجمهور الى قضية بينيت ورفض الاوامر العسكرية قد تم الفحص عنها بسؤال نقطي؛ وعبرت أكثرية صلبة من الجمهور على نحو غير مفاجيء عن موقف لا لبس فيه يعارض كل مظهر من مظاهر رفض الاوامر عن ضمير أو عن غير ضمير. لكن ربع الجمهور يؤيدون موقف بينيت.
وهناك كلمة اخرى في بينيت: ففي جميع الاسئلة بلا شذوذ التي تم فيها الفحص عن نظرة الجمهور الى قادة الاحزاب، حصل على نسب تأييد أعلى من ليبرمان ومنها اسئلة تتعلق بشؤون الامن والاقتصاد والتفاوض والصدق وما أشبه، وهذا بلا شك معطى مدهش يضع بينيت في مقام زعيم اليمين الصلب.
وقد فحص استطلاع الرأي كالعادة ايضا عن نسبة الحائرين و»من لا يعلمون لمن يصوتون». في البداية أجاب نحو من 22 في المئة بأنهم لا يعلمون أو لم يقرروا. وبعد ان سئلوا سؤالا آخر – «الى أيهم تميلون أكثر؟»، وأجابوا بجواب تضاءلت نسبتهم الى 13 في المئة وتبلغ نحوا من 15 نائبا وهذا صحيح الى اليوم. ان نضال الاحزاب في الـ 28 يوما التي بقيت حتى الانتخابات هو قبل كل شيء للحفاظ في جعبتها على ما قد أحرزته بجهد كبير وان تحرز بعد ذلك الـ 15 نائبا من المبلبلين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو يخدم حماس
بقلم: نحميا شترسلرعن هآرتس
أفادت صحيفة «صاندي تايمز» في مطلع الاسبوع في تقرير لها ان رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، أمر رجال حماس في الضفة بالاستعداد لكفاح مسلح لاسقاط نظام أبو مازن والسيطرة على الضفة كما سيطروا على غزة في 2007. وأدى «الشاباك» ذلك الى بنيامين نتنياهو لكنه لم يتأثر فهو لا يقلقه امكان ان تسيطر حماس على الضفة بل يقلقه الامكان المضاد وهو ألا يحدث هذا، فهو يرى ان مشعل حليفًا وهو بالنسبة اليه العميل الخفي الأنجح الذي يدفع الى الأمام بمصلحته العليا وهي البقاء في الكرسي.
في جولة نتنياهو الاولى إذ كان رئيسا للوزراء ولدت علاقات مميزة مع مشعل، فقد أرسل عميلين لاغتياله في عمان لكن حينما تعقدت العملية أرسل الى الملك حسين مضاد السم الذي أنقذ حياته. وهكذا عقد بينهما حلف غير مكتوب هو حلف المتطرفين. وأدركا أنهما يتعلق بعضهما ببعض وأدركا ان تطرفهما المتبادل سيبقي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني فوق لهب عال، مع انفجارات موزونة وهكذا يقضى على الباحثين عن المصالحة والسلام ويبقيان في السلطة الى الأبد.
وقد فهما أنه حين تقرع طبول الحرب يبحث الشعب عن الأشد تطرفا ليصبوا النار والكبريت على الطرف الثاني. وحينما تحترق المنطقة ينتصر الخبراء بالتخويف والذعر والحروب والضحايا والقصف والارهاب. ولهذا فان مشعل هو شريك نتنياهو الكامل. وهو يبرهن على انه لا يوجد شريك، أي أنه لا يوجد من يحادَث، وهذا كل ما يحتاج اليه نتنياهو.
كانت عملية «عمود السحاب» مثالا جيدا على التعاون بين الاثنين، فقد بادر مشعل الى زيادة اطلاق الصواريخ على الجنوب وهو ما مكّن نتنياهو من الخروج في عملية غزة. وبعد ذلك جلس الطرفان وتحادثا وتوصلا الى اتفاق بعضه مكشوف وبعضه ينفذ بالفعل عن فهم عميق لمصالح الاثنين الحقيقية.
ان حماس تحافظ في حرص على وقف اطلاق النار وتفرضه على سائر الفصائل في غزة لتقوية نتنياهو كي يستطيع ان يعرض انجازا حسنا عشية الانتخابات. ويمكن نتنياهو من جهته مشعل على نحو لا مثيل له من دخول غزة لأول مرة في حياته كي يستطيع ان يخطب خطبة متطرفة بصورة عجيبة قال فيها: «لن نعترف أبدا بالمحتل الصهيوني... فلسطين لنا من البحر الى النهر... سنحارب الصهاينة الذين اغتصبوا اراضينا». وهكذا يفي مشعل بنصيبه من الصفقة حينما يعزز أمل انه لا يوجد من يحادَث.
ان مشكلة نتنياهو الوحيدة الباحث عن السلام أبو مازن. فهو لم يستسلم لموجة التشهير والعقوبات والتهديدات من نتنياهو وافيغدور ليبرمان وما زال يتحدث عن اتفاق سلام سيتم احرازه بلا عمليات وبلا انتفاضة. وهكذا يعرض أبو مازن للخطر سلطة نتنياهو ولهذا يبذل رئيس الوزراء كل شيء لاسقاطه ولينصب بدلا منه عميله الخفي مشعل.
تعلم نتنياهو من اريئيل شارون كيف يضرب أبو مازن ويقضى عليه، فعل شارون ذلك في غزة حينما نفذ الانفصال من طرف واحد من غير ان يعطي أبو مازن أي انجاز وأي تخفيف للحصار والمعاناة والضائقة والفقر والبطالة في غزة، وهكذا أسهم في تأييد شعبي لحماس التي سيطرت على القطاع.
يخطط نتنياهو الآن لاجراء مشابه في الضفة. فقد أعطى حماس 1027 أسيرا مقابل غلعاد شاليط، في حين لم يوجه الى أبو مازن سوى الاهانات والتشهير. وأعلن عن بناء آلاف الوحدات السكنية في شرقي القدس وفي أنحاء الضفة وفي المنطقة e1 كي يبين للفلسطينيين انه يجعل من زعيمهم المعتدل ضحكة. وهو يمنع الآن تحويل اموال الضرائب الى السلطة الفلسطينية بغرض ان يثير على أبو مازن موظفي السلطة ورجال الشرطة الذين لا يتلقون رواتب وأن يسبب بذلك سقوطا ماليا يخرج جموع الجياع الى الشوارع ويساعد حماس.
وحينما يفوز الليكود بيتنا في الانتخابات وتسيطر حماس على الضفة سيغمز مشعل ونتنياهو بعضهما بعضا في رضى كبير فها هما هاذان نجحا في المهمة وسقط خطر المصالحة والاتفاق
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
السير بين القبعات الدينية
بقلم: يوعز هندل ،عن يديعوت
يتحرك ولدان في بطن الصهيونية المتدينة. أما الأول فيؤمن بأرض اسرائيل، وأما الثاني فيؤمن بشعب اسرائيل. وأحدهما متطرف مؤمن بالقوة قومي منطوي متمايز. والثاني معتدل ليّن قومي صهيوني خادم في الجيش رائد. ان العيص ويعقوب يعيشان جنبا الى جنب لكنهما متباعدان.
لم يعد في دولة اسرائيل حيوان يسمى صهيونية متدينة كما لا توجد صهيونية علمانية، بالضبط. والخيط الوحيد الذي يربط معتمر القبعة المنسوجة من حفات جلعاد بمعتمر قبعة منسوجة من شمال تل ابيب هو خيط القبعة، فلا توجد ايديولوجية مشتركة. والفروق عظيمة لا في مسألة اخلاء المستوطنات ورفض الأمر العسكري فقط. وتزداد الفروق حدة خصوصا في القضايا الدينية مثل صبغة الدولة اليهودية ومعنى طبيعتها الديمقراطية.
ان منظر الصهيونية المتدينة في هذه الانتخابات يخالف الواقع تماما. ان هذين الولدين أصبحا في العقود الأخيرة في طور الطلاق وهما بخلاف المعتاد لا يفعلان ذلك عن طريق الحاخامية. والبيت لا يستطيع ان يشتمل على توجهين مختلفين بهذا القدر. والتوحيد جيد من اجل عدد النواب لكنه سيء من اجل استيضاح متعمق للاسئلة التي تقلق الصهيونية المتدينة وهي: مكانة المرأة ومكانة غير اليهود ومكانة العلماني. ولا تستطيع اليهودية المعتدلة ان تحيا مع رجال دين يطمسون على وجوه النساء في صحف السبت ويحرمون الاستماع لصوت امرأة في الجيش. وقد اخطأت وسائل الاعلام الاسرائيلية سنين طويلة حينما نظرت الى الصهيونية المتدينة باعتبارها وحدة واحدة والى المستوطنين باعتبارهم جسما واحدا. والانتخابات الآن تحدث خطأ مشابها.
ان نفتالي بينيت مثل رفقة من الكتاب المقدس هو نتاج هذا الصراع الداخلي. ومهمته غير ممكنة وهي الاشتمال على الولدين بأمر السياسة. والعيش في البيت نفسه مع ممثلين يصغون الى رجال الدين وساسة عينوا أنفسهم رسلا لله. ان بينيت رجل أهل وهو جدي مع قدمين على الارض ومع فهم في الأساس لقوة الالتزام بالرسمية. وأنا أعرفه من الماضي وترعرعنا في مناطق متشابهة. ولن أصوت له لأن بيته السياسي يخالف آرائي وأنا لا أعرف كيف أعيش مع بعض التصورات العامة المختلطة هناك.
زل لسانه في يوم الخميس الأخير واخطأ لا أكثر ولا أقل. ويصعب ألا تخطيء حينما يوجد في البطن تياران كهذين. وقد اخطأت رفقة والدة يعقوب والعيص ايضا. ولا تستطيع دولة اسرائيل ان تحتوي رافضي الأوامر العسكرية ولا يهم من أي اتجاه جاءوا. من المرغوب فيه إظهار حساسية باخلاء مستوطنات لكن لا يجوز إظهار تفهم لرفض الأوامر العسكرية. وبينيت يفهم هذا جيدا برغم ان فريقا من المصوتين له يفكرون تفكيرا مختلفا. وقد فهم ولهذا حاول ان يصلح وكل ما جاء بعد ذلك مناكفة سياسية ومحاولة لاقتطاع نواب على حساب زلة لسان.
ان الصراع الداخلي الذي يجري في داخل الصهيونية المتدينة لم يبدأ في مساء يوم الخميس عند نسيم مشعل بل هو موجود منذ زمن بعيد. هناك متدينون من اليسار واليمين وفي الدين متطرفون ومعتدلون. ويمثل بينيت بينهم التيار المركزي الأكبر – يعقوب وهو الذي يخدم في الجيش ويدفع الضرائب وهو معتدل في آرائه الدينية وقد وسمت وعيه مشاهد الانفصال. وهذا التيار لا يرفض الأمر العسكري ولا يرفض المحادثة.
ان الحديث عن التيار الثاني المتطرف الذي يبتعد عن الحياة الرسمية والذي أصبح بعد صهيوني لكن من اليمين، مناسب وجدي. وهو يقلقني شخصيا أكثر من متطرفي اليسار ولا يحتاج الليكود الى هفوة بينيت ليعرف ذلك بل يكفيه ان ينظر تحت أنفه. القدس الى أبد الآبدين، تصفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
التصويت لغير نتنياهو يضعف الفاشية في اسرائيل
بقلم: سافي رخليفسكي ،عن هآرتس
ان عالم موشيه فايغلين ونفتالي بينيت انشأه دافيد بن غوريون. فهل ينقلب التاريخ الآن؟.
في أول انتخابات حصل مباي على 46 نائبا. وحصل وحدة العمل ومبام اللذان نافسا معا على 19 نائبا. وكان لحركات العمال المركزية وحدها أكثرية بلغت 65 نائبا. وأصبحت الأكثرية نحوا من 75 نائبا مع حركات مركز – يسار اخرى كالتقدميين. وكانت أكثرية رغبت في ان يجيز بن غوريون دستورا بهدي من اعلان الاستقلال كما وعد فيه؛ وأن يفصل الدين عن الدولة كالمعتاد في جميع الحركات القومية – الحديثة التي كانت الصهيونية والتنوير جزءا منها؛ وان يجعل «تربية العمال» الانسانية تربية لكل أولاد اسرائيل بيد ان بن غوريون فعل العكس تماما.
كان سر انتخاب بن غوريون تحليله السياسي. لم يبد اليمين عنده آنذاك خصما بل رأى التهديد في داخل معسكره، من اليسار. ولم يكن أكثر الشباب العاملين في البلماح وفي حركات الشباب وفي التربية المثالية – وهم الشباب الذين أنشئت اسرائيل على كواهلهم وقامت سلطة المركز – اليسار – لم يكونوا تبعاً لبن غوريون بل ساروا وراء القيادة التي تقع على يساره. ولهذا اتجه بن غوريون الى تحطيم معسكره باغلاق «تربية العمال» وتقسيم مدبر للكيبوتسات وتحريض على «تطرفها» وحل للبلماح.
لم يصنع الائتلاف مع «رفاقه» في اليسار بل مع العالم المتدين الذي بدا له مستكينا. وقد بنى لهذا العالم الذي كان يرى متهاويا منظومة حكم ذاتي تربوي وطائفة من الاعفاءات. ونشأت عن هذا الحكم الذاتي أزهار الشر المسيحانية والعنصرية التي تهدد بابتلاع اسرائيل.
هل يوشك بنيامين نتنياهو الآن – في مواجهة تهديد سير الشباب وراء بينيت – ان يسلك سلوك بن غوريون وان يحطم شركاءه؟.
ليس بن غوريون فقط. فاستطلاعات الرأي تبين عن نسخة اخرى من انتخابات 2003. قبل «كديما» وفي داخل «اللاشريك» فاز اريئيل شارون في الليكود بـ 38 نائبا. وحصل حزب العمل على 19 نائبا، وحصلت حركتا المركز للبيد الأب وعمير بيرتس على 18 نائبا. وبعد الانتخابات – التي ظهر شارون في اثنائها مع قوله «حكم نتساريم كحكم تل ابيب» – رمى بشركائه المتدينين وأضر بالفقاعة الحريدية بـ «شينوي» والمخصصات، وبفقاعة المستوطنات بالخروج من غزة. ولم يفسر شارون ذريعة التغيير سوى في أحاديث مع قادة المستوطنين عبر عنها زئيف حفير (زمبيش) وأوري اريئيل. وقد أوضح شارون للمستوطنين انه قرأ وأدرك انه ليس هو مرسلهم بل هو حمار في خطتهم المسيحانية لكنهم يجب ان يعلموا ان الحمار يرفس ايضا. فهل يقدم نتنياهو على الرفس ايضا؟.
لكن لا. فليس نتنياهو بن غوريون ولا شارون. فعالم نتنياهو مع فايغلين وبينيت والحاخام دوف ليئور قائدهما – الذي قال عنه نتنياهو انه الدورية التي تقود اسرائيل. واليوم ايضا، في الخصام التكتيكي مع بينيت تمتلئ صحف الليكود الموجهة الى المتدينين بالثناء على فايغلين الذي اتهم بالحث على التمرد وحكم عليه بالسجن، والذي تحريضه على رفض الأمر العسكري أشد تطرفا من تحريض بينيت.
ترك الاتحاد الوطني خارج الائتلاف في الولاية السابقة ايضا – وكان ذلك تكتيكيا من اجل إحداث وهْم المركزة. لكنهم في جميع ما سن من قوانين غير ديمقراطية كانوا قلب السلطة. وليس عجبا ان خمسة من أبناء عائلة نتنياهو وعلى رأسهم أبوه وأخوه قضوا في الانفصال ان الحديث عن جريمة على الانسانية وان من الواجب الرفض.
ان من يصغي الى دعاية نتنياهو في مواجهة بينيت يدرك ان التهديد الرئيس للديمقراطية ليس من بينيت. وليس الحديث فقط عن آلة الدعاية لزعيم بكلفة مئات الملايين – التي توزع بالمجان على مئات الآلاف تحت غطاء صحيفة.
عند نتنياهو دعوى بسيطة تقول «أعداؤنا» هم الأساس. فالثلاثة أحمدي نجاد ونصر الله ومشعل يراقبون الانتخابات. واذا قوي «حزب رئيس الوزراء» فان اسرائيل ستقوى عند «أعدائنا» واذا ضعف فستضعف اسرائيل. وتماما على هذا المنطق يقال: اذا أسقط حزب رئيس الوزراء فستسقَط اسرائيل.
ان كل تصويت لا يكون لنتنياهو بحسب دعواه خيانة لاسرائيل. أين هو وأين بينيت. ويا لسذاجة من يوهمون أنفسهم بأن الدعاية الفاشية ستتجه حقا على المسيحانية ولن تستمر في خدمتها بالفعل.
ان يوفال ديسكن وعلمه وورقته البيضاء على خطأ ونتنياهو على حق. وكل ورقة تصويت تكون ضده ستضعِف، ستضعِف الفاشية في اسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل خططت للاستيلاء على 2400 دونم في الضفة وتراجعت
بقلم: عميره هاس ،عن هآرتس
اضطرت الدولة الى التراجع عن نيتها إبعاد 12 مزارعا فلسطينيا عن ارض تبلغ مساحتها 2400 دونم قرب أريحا بزعم أنهم قد اجتاحوها. وقد استأجر المزارعون الذين يزرعون التمور للتصدير الارض من الأوقاف الاسلامية. وتُبين الوثائق ان الارض جزء من 5469 دونما يملكها «وقف النبي موسى» الذي سُجل وقفاً في القرن الثالث عشر. قبل اسبوع وبعد ان تم تسليم المزارعون أوامر اخلاء الارض بخمسة أشهر، أعلن المسؤول عن الأملاك الحكومية المتروكة لارض اسرائيل ويهودا والسامرة إلغاءها.
في نهاية آب من هذا العام وجد المزارعون في قطع ارضهم أوامر الاخلاء. وقد وقع على الأوامر في الثاني والعشرين من آب 2012 مراقب الادارة المدنية «روعي، مُركز الغور». وكُتبت في كل أمر في المكان المخصص لذكر اسم المزارع كلمة واحدة فقط: «المُجتاح». وتعتمد الأوامر على الأمر المتعلق بالأملاك الحكومية من سنة 1967. ويطلب كل أمر من «المجتاح» ان يُخلي في غضون 45 يوما «وأن يعيد حال الارض الى ما كان عليه من قبل». وذُكرت في رأس الأوامر جميع الجهات المسؤولة عن اصدارها: جيش الدفاع الاسرائيلي، والادارة المدنية لمنطقة يهودا والسامرة، والمسؤول عن الأملاك الحكومية ووحدة الرقابة المركزية. وكُتب فيها بالعبرية والعربية «إنك تستولي بخلاف القانون على الاراضي الموصوفة أعلاه...».
أصابت الأوامر المزارعين بصدمة وهم الذين استأجروا الارض من الأوقاف وبعضهم فعل ذلك منذ 17 سنة وغيرهم قبل أقل من 10 سنين. وقد فلحوا الارض وبذلوا في تحسينها عشرات ملايين الدولارات بنية الاندماج في واحد من الفروع الزراعية الواعدة في المنطقة وهي تمور التصدير. قبل نحو من عشرين سنة بدأت عائلة دعيك (من لاجئي 1948) واستأجرت في المنطقة اراضي في خمسينيات القرن الماضي، بدأت تستبدل غراس التمر بالخضراوات وغراس التين والعنب التي رعتها. وفي السنين العشر الأخيرة انضم الى هذا التوجه مزارعون آخرون وشركات جديدة وقائمة (مثل الاتحاد الفلسطيني فادكو)، انشأت ايضا بيوت رزم تناسب التصدير. يوجد للفلسطينيين حتى الآن نحو من 150 ألف شجرة نخل في منطقة تبلغ نحوا من 12 ألف دونم في غور الاردن تنتج نحوا من ألفي طن من التمر كل سنة. ان حصاد التمر الذي يُنميه الاسرائيليون (وكثير منه في غور الاردن) يبلغ 27 ألف طن كل سنة. وتأمل وزارة الزراعة الفلسطينية ان تبلغ حتى سنة 2020 الى انتاج 10 آلاف طن من التمر أكثرها للتصدير. ولذلك فسر الفلسطينيون أوامر الاخلاء في آب بأنها محاولة اسرائيلية للاضرار بالفرع خشية المنافسة.
قدّم المحامي توفيق جبارين، موكل المزارعين، استئنافا الى لجنة الاستئنافات العسكرية وقد كتب انه في شباط 1964 قضت المحكمة الاردنية لتنظيم الاراضي بأن القسيمة هي في ملك الأوقاف المطلق (أكثر من نصفها في المنطقة أ وهي تحت سيطرة مدنية فلسطينية، والقسم الذي تلقى أوامر الاخلاء هو في المنطقة ج – وهي تحت سيطرة اسرائيلية كاملة). وكتب ايضا ان الذين أعدوا الأوامر لم يدققوا في رسم الحدود وخلطوا بين انذارات المزارعين المختلفين.
في الاسبوع الماضي كتب المحامي أساف شتيرن من قبل المسؤول عن أملاك الحكومة والأملاك المتروكة، كتب يقول: «بعد فحص اشتمل على الفحص عن وثائق مختلفة أظهرها المستأنفون من غير ان يعتبر ذلك قبولا لدعاوى المستأنفين، يعتقد المُجيب ان عليه ان يفحص عن أمر اصدار أوامر الاخلاء بصورة أعمق، ولهذا لا يُصر على تنفيذ أوامر الاخلاء، وأوامر الاخلاء ملغاة». وعلى أثر ذلك، محت المحكمة العسكرية للشؤون الادارية الاستئناف.
أوضح متحدث منسق عمليات الحكومة في المناطق انه «تم اصدار أوامر إبعاد للغرس في القسيمة المتحدث عنها لأنها تمت موازية لاجراء فحص ملكية الارض. ولم يُعلن في أية مرحلة ان هذه الاراضي اراضي دولة». ويقول درور أتاكس ونير شيلو اللذان يبحثان في استيلاء الدولة على اراضي الضفة الغربية انهما لا يعرفان الغاءا مشابها لأوامر اخلاء ارض واسعة بهذا القدر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أخرجوا ايها العرب
بقلم: ديمتري شومسكي ،عن هارتس
صحيح أن لجنة الانتخابات المركزية استبعدت ترشيح النائبة حنين الزعبي في الانتخابات للكنيست الـ 19، ولكن الى جانب ذلك قرت السماح للقوائم العربية التجمع والموحدة والتغيير بالتنافس. هذا الخليط من القرارين كفيل بأن يرضي الاسرائيليين الذين تعز على قلوبهم الصورة الذاتية لاسرائيل كدولة ديمقراطية. وها هم بالتالي كما يقول اولئك الاسرائيليون لانفسهم، بينما استبعد ترشيح نائبة عاقة واحدة، فإن عموم الهيئات السياسية التي تمثل الجمهور العربي في اسرائيل تأهلت بل وتأهلت جدا.
ولكن حذار أن نوهم أنفسنا: فاستبعاد ترشيح النائبة الزعبي يمثل محاولة اسكات جارفة لصوت الاقلية القومية العربية – الفلسطينية في اسرائيل بعمومها. ينبغي الافتراض بانه في ضوء القمع القومي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، فان الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين في أوساط مواطني اسرائيل يشعرون بان كرامتهم الوطنية هي أيضا تداس كل يوم. غير أنه منذ محاولة العصيان المدني في تشرين الاول 2000، والتي كلفتهم ضحايا في الارواح، لا يتجرأ الفلسطينيون من مواطني اسرائيل على أن يخرجوا الى حيز التنفيذ احتجاجا مدنيا منظما ضد استمرار الاستعباد القومي لابناء شعبهم خلف الخط الاخضر.
صوت الاحتجاج هذا بالضبط تعبر عنه النائبة الزعبي بشجاعة وتصميم استثنائيين. وهي تفعل ذلك وحدها تقريبا. كل نشاط النواب العرب الاخرين معا لا يوازن نشاط هذه النائبة الوحيدة.
وحسب التفكير الاستعماري الذي تتميز به اجزاء واسعة من القيادة الاسرائيلية، فانه يجمل بالفلسطينيين الاسرائيليين ان يكونوا ممتنين لصاحب السيادة الاسرائيلي اليهودي لمجرد مواطنتهم الاسرائيلية، فيقللوا من الانشغال «القومي المتطرف» بمصير الفلسطينيين في الضفة وفي القطاع وان يركزوا على اصلاح المجاري في قراهم العربية وبالميزانية التي تتجمل عليهم بها دولة القومية اليهودية السخية. فلو تكلفت تلك المحافل الاسرائيلية بقراءة المراسلات القومية لبينسكر، هيرتسل، نورداو او إحاد هعام – في أن الدعوة الى اعادة الاعتبار للكرامة الوطنية للشعب اليهودي المقموع في المنفى تمر فيهم كعامود فقري ثانٍ – فلعلهم كانوا سيفهمون بانه لا يمكن مطالبة ابناء الاقلية القومية المهانة الا تقاتل ضد اهانتهم القومية. لو كان اولئك الذين يقفون خلف محاولة التصفية الجماهيرية المركزة للنائبة الزعبي يعرفون التاريخ الاقرب للحركة الصهيونية، فلعلهم كانوا يستطيعون ان يروا في مشاركة النائبة الشجاعة في اسطول الاحتجاج ضد الحبس الخانق لابناء شعبا في غزة، عملا بطوليا قوميا؛ فعل يوازن، بالمفهوم العميق، احتجاج صهيونيي الاتحاد السوفييتي في السبعينيات من القرن الماضي ضد حبس اليهود السوفييت خلف الستار الحديدي.
ولكن القيادة الاسرائيلية الحالية التي كان لمواقفها تمثيلا معتبرا في اللجنة التي استبعدت ترشيح النائبة الزعبي، غير معنية بتذكر تراث الماضي للصهيونية كحركة تحرر قومي لشعب مقموع ومهان. وبالعكس، فانها تركل كل يوم بيومه هذا التراث وتسعى الى ان تغرس بدلا منه في الاجيال القادمة من الاسرائيليين تراثا مختلفا في جوهره – تراث القومية المتطرفة ذات نزعة السيد لشعب يقمع ويهين الاخرين.
ليس مناسبا لابن أغلبية قومية قامعة، ان يسدي المشورة لابناء أقلية قومية مقموعة. ولكن بصفتي باحث في حركة قومية لشعب مضطهد بين الشعوب، وكإبن اقلية قومية مضطهدة في بلاده الاصلية يشعر كل يوم على جلدته بالاهانة على خلفية قومية، سأسمح لنفسي بان اقول ذلك ايضا للنواب العرب الفلسطينيين.
إذا ما قررت لا سمح الله المحكمة العليا الانضمام الى عصبة الراكلين للتراث الصهيوني الاصيل كحركة اقلية قومية مقموعة، فصادقت على الاستبعاد المرفوض للنائبة حنين الزعبي، فيجدر بكل النواب العرب من كل الاحزاب الاسرائيلية أن يسحبوا ترشحيهم الى الكنيست الـ 19. نظيف من التمثيل للاقلية القومية الفلسطينية، كما يسعى اليمين القومي الاستعماري اليهودي الحالي، سيكشف مجلس النواب الاسرائيلي بامانة عن ميل اسرائيل الثابت في سنوات الالفين لان تشبه بروحها أكثر فأكثر دولة عرقية لا سامية في شرقي اوروبا ووسطها في القرن السابق. لعل هذا التشبيه الباعث على الصدمة سيكون فيه ما يوقظ من سباتهم اولئك اليهود الاسرائيليين الذين لا تزال قيم الصهيونية كحركة لشعب مضطهد عزيزة على قلوبهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اهمال الادعاء العام
بقلم: أسرة التحرير،عن هارتس
تملص النائب افيغدور ليبرمان قبل نحو اسبوعين من لائحة اتهام خطيرة ببنود الغش، تبييض الاموال وتلقي شيء بالغش. غير أنه الى جانب الملف الكبير والمغلق، بقي ملف صغير ومفتوح: لائحة اتهام على خرق الثقة في قضية تعيين رجل وزارة الخارجية زئيف بن آريه، الذي يزعم انه عوض عن تطوعه لان يكشف امام ليبرمان عن مادة قانونية سرية – تفاصيل التحقيقات ضد ليبرمان كانت دولة اسرائيل طلبتها من روسيا البيضاء.
غير أنه تماما مثلما هي النيابة العامة للدولة وفوقها المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين مسؤولان عن القصور المتواصل في تأجيل معالجة الملف الكبير الامر الذي ساعد ليبرمان على الادعاء بعذاب القانون، هكذا أيضا مسؤول المستشار والنيابة العامة عن قصور المعالجة الاهمالية في ملف تعيين السفير. وفقط بعد الاعلان عن الاتهام وفي أعقاب استقالة ليبرمان، تذكر الادعاء العام ان يجبي افادات من اعضاء لجنة التعيينات في وزارة الخارجية، ورواية محدثة من ليبرمان.
وتردد فينشتاين قبل رفع لائحة الاتهام ضد ليبرمان في قضية بن آريه، اذا كان بالفعل مناسبا اعطاء معنى جنائي لهذا الامر. فبن آريه خرق الثقة، بصفته موظفا عاما ملزم بالولاء للقانون والدولة وليس لمواطن خاص (مثلما كان لليبرمان في ذاك الوقت)، ولا للمسؤول عنه (كما فعل بعد اشهر قليلة من ذلك). وعليه، فبعد أن كشفت القضية قدم بن آريه الى المحاكمة وادين حسب افادته في تسوية قضائية. وتركز تردد فينشتاين على سلوك ليبرمان، في أنه أمر انساني رد الجميل بالجميل. غير أنه بعرضه على بن آريه منصبا في قيادته وبارساله في مهام اخرى ليست حسب قواعد السلك الدبلوماسي، فان ليبرمان لم يعتبر هنا كصديق عند الحاجة، بل منتخب من الجمهور. في هذا الاختبار، برأي فينشتاين، فشل ليبرمان وعليه أن يقدم الى المحاكمة.
غير أن تردد فينشتاين لا يبرر سلوكه وسلوك النيابة العامة. واستكمال التحقيق في قضية السفير قد يغير خطورة لائحة الاتهام وقد لا يغير، المحكمة ستقول قولتها في هذا الشأن. ولكن المسألة العامة التي تحتاج الى رد هي من في الادعاء العام سيقدم الحساب على الاداء الفاشل في القضية برمتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ<hr>