Haneen
2013-01-07, 11:45 AM
أقلام وآراء اسرائيلي
أميرة الثورة السورية
بقلم: تسفي بارئيل ،عن هآرتس
ليست هي من المئة امرأة العربية الاغنى بل وهي غائبة عن قائمة المئة امرأة الاكثر شهرة. ولكن سهير الاتاسي أصبحت في السنة الاخيرة الرمز النسوي للثورة في سورية، وعندما ستنتهي الاحداث الدموية المأساوية وتقوم حكومة سورية جديدة، فان الاتاسي ستكون بلا شك من شخصيات النظام الجديد.
منذ بدأ الكفاح الشعبي في الدولة، لم تهدأ الاتاسي للحظة. فهي تخطب في كل مكان، تظهر على نحو متواصل في وسائل الاعلام، تكتب بلا ملل في الفيسبوك، ترد على كل قضية وتحرص على أن تظهر ببزة كاملة الى جانب قائد الجيش السوري الحر.
وبين هذا وذاك فانها تنجح في الطيران في أحيان كثيرة الى لقاءات في تركيا وفي واشنطن. وفي الشهر الماضي انتخبت لتكون نائبة رئيس الائتلاف الوطني الجديد، معاذ الخطيب، اللقب الذي منحها مكانة المرأة الاعلى في المعارضة السياسية المحلية.
هذه معارضة رجولية أساسا، في حرب يدفع فيها النساء واطفالهن ثمنا باهظا للغاية. ومقابل الثورة في مصر او في تونس حيث احتلت النساء مكان شرف امام عدسات التلفزيون وفي المظاهرات في الميادين، ففي سورية حيث استبدلت المظاهرات بميادين التقتيل تكاد لا تظهر نساء في الجبهة. في مخيمات اللاجئين تجدهن يغتصبن او يبعن كأرانب للرجال من دول عربية، ومن منظمات المعارضة التي تقاتل داخل سورية تجدهن يتغيبن. قصصهن تصل الى العالم فقط عبر الشبكات الاجتماعية. اما خارج الشبكة، فمآسيهن توصف فقط من قبل الرجال. في الشهر الماضي، وبالهام من الاتاسي، بادرت د. سماح الداية لاقامة مجلس نساء الثورة بهدف اشراك النساء في الكفاح 'في ضوء السيطرة الرجولية على الحلبة السياسية وابعاد المرأة عن النشاط السياسي'، كما ورد في المنشور الذي اصدرته.
وعلى خلفية التعتيم الاعلامي والجماهيري الذي يفرض على النساء في سورية، تبرز شخصية ونشاط الاتاسي التي تجلب معها تراث غني من الفعل السياسي. ففي سن 29 كانت تدير الصالون السياسي الاهم الذي نشأ في العام 2000 بعد وفاة حافظ الاسد وصعود بشار الاسد الى الحكم. وكان هذا واحدا من نصف دزينة صالونات سياسية هامة بثت روح الامل والنشوة. 'ربيع دمشق' سميت في حينه الفترة القصيرة التي حل فيها الاسد الابن قيود القمع الوحشي لابيه، وسمح للمثقفين السوريين باللقاء والبحث بحرية نسبية في شؤون الدولة. شخصيات مثل ميشيل كيلو، رياض سيف، حسين العودات، هيثم المالح وكثيرين آخرين ممن يعملون الان في اطار المجلس الوطني السوري أو الائتلاف الوطني السوري الجديد صاغوا اقتراحات ومطالب لاصلاحات ديمقراطية واقتصادية. ولكن بعد وقت قصير جدا سحق الاسد هذه الصالونات، واعتقل اعضاؤها أو منعوا وتحول 'ربيع دمشق' الى شتاء متكدر.
وأدارت الاتاسي في حينه بيد عليا الصالون الذي حمل اسم أبيها جمال الاتاسي، من مؤسسي حزب البعث السوري الذي مات في ذات السنة مثل الاسد الاب. العائلة التي جاء منها الاثنان هي من أهم العائلات واكثرها احتراما في مدينة حمص وفي سورية بأسرها. هذه عائلة قدمت شعراء، قضاة، محامين، وزراء وثلاثة رؤساء. نور الدين الاتاسي (ابن عم جمال) كان الرئيس الاخير لسورية قبل ان يسقطه حافظ الاسد من حكمه. والان بات هناك من يدعون الى اعادة العائلة الى كرسي الرئاسة وهذه المرة فلتكن امرأة سهير الاتاسي، التي في سن 41 تعتبر منذ الان زعيمة بفضل ذاتها.
ولكن الاتاسي أيضا تثير الخلاف. انتماؤها الى النخبة الحمصية، طابعها الثقافي، مكوثها خارج سورية وتراثها العائلي الذي اسس حزب البعث الكريه، قد تكون عوائق جوهرية في رحلتها الى المنصب السياسي، مهما كانت درجتها. قبلها في الطابور سيقف ضباط ملتحون، قادة الوحدات الدينية الراديكالية، بعدهم سيقف قادة الائتلاف الوطني السوري وفي النهاية سيأتي ربما ايضا دور النساء. وبالذات في سوريا العلمانية التي منح فيها حزب البعث مكانة محترمة للنساء، من شأن الثورة أن تولد التراجع العميق في مكانتهن. وهنا يوجد دور العملي والرمزي لسهير الاتاسي في العام 2013 والذي ينبغي الامل في أن تصل فيه نهاية حكم الاسد. جدير ومناسب أن نسجل اسمها كمن هي كفيلة بان تكون امرأة السنة القادمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إهانة شعث.. لا تجعلوه عدوا
بقلم: سمدار بيري ،عن يديعوت
قلائل عندنا لم يسمعوا اسم د. نبيل شعث. ومع ذلك، ينبغي ان نقدم عنه بعض التفاصيل: فلسطيني من مواليد صفد، بعث به النزاع الى الترحال بين بيروت، القاهرة، غزة، عمان وتونس والدراسة (دكتوراه في الكيمياء) في الولايات المتحدة. وهو ابن 74، أرمل ومتزوج للمرة الثانية، أب لاربعة، اصغر ابنائه فتاة ابنة 14 فقط، هي سميحة.
وهو يسكن في شقة فاخرة في رام الله وله جملة من الالقاب: عضو اللجنة المركزية لفتح، عضو برلمان، عضو المجلس المركزي، وزير سابق وبالاساس مستشار ورجل ثقة رئيس السلطة أبو مازن. في مهمتيه الاخيرتين احتل العناوين الرئيسة حين تراكض لتحقيق الدعم الدولي لمكانة المراقب في الامم المتحدة للفلسطينيين وكمبعوث في مساعي المصالحة بين فتح وقيادة حماس في غزة. وهو يعرف غزة جيدا من سنوات سكنه في القطاع، الى جانب عرفات.
نبيل شعث لم يكن مشاركا في عمليات ارهابية ابدا. وحتى اكثر المتشددين عندنا لم يجدوا سببا لاتهامه. وهو لم يعتقل في اي مرة ولم يؤخذ الى التحقيق. صوره الشهيرة في طابا، الى جانب أمنون ليبكين شاحك الراحل، لعبت عندنا دور النجم بلا نهاية في أشهر المفاوضات، وفي الاسبوع الماضي نشر شعث في هذه الصفحات تأبينا منفعلا في ذكراه. وفي مكالمة هاتفية روى لي بانه عندما تلقى النبأ عن وفاة ليبكين شاحك، ذرفت عيناه الدموع وما كان يمكنه أن يجد لنفسه راحة. وبعد ذلك قلنا معا، كلنا بشر.
قبل ثلاثة اسابيع قرر أحد ما كبير جدا عندنا أن يعاقب د. شعث. وبدون انذار مسبق سحبوا منه مكانة الشخصية رفيعة المستوى. وهذا يعني ان تحركه مقيد. هذا يعني أنه محظور عليه الدخول الى اسرائيل بدون تنسيق مسبق مع الادارة المدنية. وفجأة تذكروا عندنا بان شعث مسجل على الاطلاق كمقيم في القطاع، وفي كل لحظة قد يدقوا بابه مع أمر ابعاد. هذا يعني ان بوسعهم أيضا أن يبعدوه عن عائلته.
عندما استعد لان يجتاز جسر اللنبي الى الاردن، شرحوا له أنه في مكانته الجديدة كـ 'فلسطيني عادي'، من واجبه أن يحصل على موافقة من مؤسسات حماس في غزة، ينقل الاوراق الى الادارة المدنية في الضفة وفقط عندما يحصل على الاذن يكون مدعوا لان يصعد الى الباص، ان ينتظر في الطابور وان يجتاز معبر الحدود. سألته كيف يشعر مع وضعه الجديد. يحزنني، قال. أنا غاضبة، قلت.
وفي ليل الخميس، حين خرجت من بث فيلم 'حراس الحافة' فكرت كيف وصلنا الى وضع يكون فيه ستة رؤساء مخابرات اسرائيلية، كل واحد ومذهبه الفكري، يقولون ذات الشيء بالضبط. كيف أن ستة رؤساء الجهاز الذين اعتقلوا فلسطينيون، هزوهم بل وأكثر من هذا ينشدون ذات النشيد المتكرر في أن هذا الوضع لن يؤدي بنا الى أي مكان. وانه ينبغي الحديث، مثلما يقول ابراهام شالوم من قضية خط 300، حتى مع الـ ... . وأنه لا يوجد طريق آخر من يريد أن يواصل العيش هنا. فكرت، كيف أن السداسي خاصتنا انتهى بهم الامر لان يكونوا الرجل الشرير، وتوجهوا الى حركات السلام: ابراهام شالوم الى مبادرة جنيف، يعقوب بيري الى 'اسرائيل تبادر'، عامي ايالون، الى الحملة الجماهيرية، كرمي غيلون، الى مركز بيرس للسلام، ويوفال ديسكين بشكل عام، الله يحفظنا مما يخرج من فمه.
مثلما في الفيلم، في حالة نبيل شعث ايضا تعرضت لضربة قوية في البطن. صحيح، أنا أرى فيه صديقا شخصيا، حللت ضيفة عنده في بيته أكثر من مرة، وأنا مستعدة دوما، حتى في مكانته المهينة، أن استضيفه هو وعقيلته وابنتهما. لم افلح في حل لغز القرار بالنزول على شعث. يحتمل أن يكون قال شيئا ما غير ناجح. فماذا في ذلك؟ شعث هو ليس 'احد منا'. هو وطني فلسطيني يمثلهم 'هم'. اجعلوا له الموت، أهينوه، اجعلوه عدوا والخسارة لن تكون الا خسارتنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
2012: حينما اصبحت الاقلية اكثرية
بقلم: بوعز بسموت ،عن اسرائيل اليوم
كانت سنة 2012 أخف ايقاعا من 2011 المجنونة لكنها لم تكن أقل منها اثارة للاهتمام. فقد استمر العالم العربي في اعطاء عناوين صحافية رئيسة، ولا سيما في مصر مرسي (العزل والدستور) وفي سورية الاسد (الى الآن). وفي آسيا أثار الاعتزاز القومي والسيادة على خمس جُزر في شهر آب/اغسطس توترا قديما بين الصين واليابان جعل دول جنوب شرق آسيا تطلب الى امريكا اظهار حضورها وابراز عضلاتها كي تؤخر شيئا ما السيطرة الصينية على المنطقة.
في 2012 عاد المراسلون الاجانب الموجودون في اسرائيل الى العمل، مع قصص عن المشروع الذري الايراني وقضية الهجوم والانتخابات القريبة وعملية 'عمود السحاب' واستيقاظ أبو مازن الذي حسّن مكانة السلطة من طرف واحد وأفضى الى استقرار رأي حكومة اسرائيل على البناء في المنطقة e1. وعاد الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي كان الأكبر في 2011 الى العناوين الصحافية.
لكن 2012 كانت سنة شهدنا فيها في الأساس نتائج التغييرات السكانية في الغرب وتأثيرات ذلك في الجهاز السياسي. ففي أيار/مايو اتجهت فرنسا الى الانتخابات وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر انتخبت الولايات المتحدة. وكان يمكن ان نرى في المعركتين الانتخابيتين كيف تحولت الأقلية من السكان الى أكثرية والأكثرية الى أقلية. ولم يكن الكثير من الأمل لنيكولا ساركوزي في فرنسا ولميت رومني في الولايات المتحدة ممثلي اليمين، مع ديمغرافية متغيرة. ما تزال الكتلتان اليمينيتان وهما حزب 'يو.إم.بي' في فرنسا والجمهوريون في الولايات المتحدة تلعقان جراح الانتخابات ويصعب عليهما الاتحاد منذ ذلك الحين في الأساس، ولا يبدو المستقبل ورديا. ولم ينجح المعسكران في هاتين الدولتين بأن يلائما أنفسهما مع المجتمع المتغير: ففي الولايات المتحدة يصوت الناخبون ذوو الاصول الاسبانية والافارقة الامريكيون للديمقراطيين، وفي فرنسا يعطي المسلمون الاشتراكيين اصواتهم.
خرجت الأقليات لتحتفل هذا العام في ميدان الباستيل في باريس ترفع أعلام الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر، أما في بوسطن فرأينا امريكيين جمهوريين يندبون نهاية عصر الولايات المتحدة كما عرفوه. وليس الحديث بالنسبة لاسرائيل عن أنباء طيبة بالضرورة. فالتأييد يأتيها من تلك الأكثرية التي أصبحت أقلية انتخابية.
يوجد خط آخر يربط بين فرنسا والولايات المتحدة، فقد كانت 2012 سنة كان من الخطر فيها الذهاب الى المدارس هناك. ففي شهر آذار/مارس أراد ابن مهاجرين جزائري هو محمد مراح في فرنسا ان يُظهر انتماءه الى التيار الاصولي الاسلامي (الذي يُعرض اوروبا للخطر) بهجوم أعمى وحشي على طلاب من أبناء مدرسة 'أوتسار هتوراة' في تولوز. وقُتل ثلاثة اولاد صغار يهود ومعلم بذلك الهجوم البغيض وأفضى الارهاب الى جنون.
وفي كانون الاول/ديسمبر قام آدم لانتسه، وهو شاب مختل العقل في العشرين من عمره، مسلح تسليحا كثيرا بمذبحة فظيعة في المدرسة الابتدائية ساندي هوك في نيوتاون في ولاية كونتيكت. ودفنت امريكا عشرين ولدا. وطلبت أجزاء من المجتمع في الغد ايضا ان يُدفن التعديل الثاني للدستور الذي يُمكّن كل مواطن من ان يملك سلاحا. ورد جزء آخر من امريكا بطريقة عكسية واتجه الى الحوانيت لشراء سلاح آخر. ففي امريكا وبخلاف فرنسا، أفضى الجنون الى ارهاب.
كانت سنة 2012 ايضا هي السنة التي عادت فيها بريطانيا لتصبح امبراطورية في الأخبار، فكانت الالعاب الاولمبية المدهشة والاحتفالات بمرور ستين سنة على تولي الملكة اليزابيث العرش ونشر النبأ عن حمل الأميرة كيت الذي ذكّرنا بأنه ما يزال للعالم القديم ما يبيعه ولا سيما الثقافة والتراث.
كانت 2012 ايضا هي السنة التي ودع فيها العالم أبطالا لهم نفس الاسم آرمسترونغ. فكان الوداع الأول في شهر اغسطس لرجل الفضاء الامريكي نيل آرمسترونغ أول شخص خطا على القمر في الواحد والعشرين من تموز/يوليو 1969. وفي الثاني والعشرين من تشرين الاول/اكتوبر ودعنا على نحو مختلف، لانس آرمسترونغ بعد أن أعلن الاتحاد الدولي للدراجات أنه يقبل استنتاجات تقرير السلطة الامريكية لمحاربة المنشطات في الرياضة ووافق على سلب آرمسترونغ كل ألقابه، ومنها فوزه سبع مرات في سباق تور دي فرانس. لم تغير 2012 صورة العالم لكنها أبرزت الاتجاهات القائمة. إننا نحيا في نهاية عصر ويقف عالم جديد على الباب. ستزيد الصين قوتها، مثل الأقليات في المجتمعات الغربية. وستستمر امريكا في فقد قوتها، وتستمر اسرائيل في مواجهة ضغط دولي حول كل قرار تتخذه تقريبا.
يجوز ان نكون متفائلين. لأن نبوءة شعب المايا لم تتحقق. ويجب ان نملأ سنة 2013 فهبوا الى العمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
صورة اسرائيل هابطة... العالم يضيق ذرعا بسياساتها
اذا كانت اسرائيل تعاني من عزلة دبلوماسية وصورة هابطة في العالم فليس سبب ذلك فشل الدعاية
بقلم: براك ربيد ،عن هآرتس
ان سفير اسرائيل في جمهورية التشيك، يعقوب ليفي، عُرضة لحسد أكثر نظرائه في الاتحاد الاوروبي. فحياة ليفي في براغ جنة عدن اذا قيست بالانتقاد القاسي والتنديدات الشديدة التي هي من نصيب سفراء اسرائيليين كثيرين. ان التشيكيا اليوم هي أكبر صديق لاسرائيل في الاتحاد الاوروبي وليس عجبا فقد كانت الوحيدة بين الـ 27 دولة عضوا التي صوتت تعارض الاجراء الفلسطيني في الامم المتحدة.
قبل عشرة أيام جلس ليفي في مكتبه في براغ وكتب برقية قصيرة عنوانها 'محاضرات في أنحاء التشيكيا نجحنا في إبراز موضوع المستوطنات في برنامج العمل'. ووصف في خمسة أسطر قصيرة مليئة بالتهكم وخيبة الأمل كيف بدأ الجمهور التشيكي الصديق جدا لاسرائيل يضيق ذرعا بسياستها في الضفة الغربية. 'ظهرت في الاسبوعين الأخيرين في تسعة منتديات مختلفة في أنحاء التشيكيا'، كتب في برقية أرسلها الى المدير العام لوزارة الخارجية رفائيل براك، والى قسم اوروبا والى قسم الدعاية. 'رغم أنه بقيت نفس الصداقة والتفهم لاسرائيل حتى على أثر عملية عمود السحاب، فانني لقيت لأول مرة في ظهوري منذ اربع سنوات، اسئلة انتقادية تتعلق بالمستوطنات وذلك بسبب التصريحات الجمة في البلاد في شأن e1. نجحنا!'.
إن ليفي دبلوماسي قديم ذو تجربة يعتبر سفيرا ناجحا. وهو يبذل غير قليل من الوقت في لقاءات مع صحافيين، وصاغة رأي عام وطلبة جامعات واكاديميين وساسة بالطبع. لكن ليفي مهما يكن ذا موهبة قد قام على ركيزة مكسورة في محاولته ان يُفسر سلوك الحكومة في الاسابيع الاخيرة حتى للجمهور التشيكي المؤيد.
يعتقد غير قليل من الاسرائيليين ومنهم للأسف الشديد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاروه المقربون ان الانتقاد الكبير في العالم لاسرائيل ولا سيما في الشأن الفلسطيني، ينبع من جهل وعدم فهم للرأي العام الدولي. ونتنياهو هو من اولئك الذين يعتقدون ان عرضا أكثر فاعلية للقضية الاسرائيلية وتطويرا وتحسينا لجهاز الدعاية سيحلان جزءا كبيرا من مشكلاتها في الساحة الدولية. ألم يكن طول حياته رجل مبيعات ودعاية، وكانت اللحظات الأكثر أهمية بالنسبة اليه في ولايته الأخيرة هي خطبه المختلفة في أنحاء العالم.
هل توجهه صحيح؟ إن بحثا جديدا قام به 'مولاد مركز تجدد الديمقراطية' يجيب عن هذا السؤال بـ لا. ان معهد البحث المقدسي الشاب الذي أُنشئ قبل أقل من سنة يريد ان يكون ورشة عمل الأفكار والمزود لليسار الليبرالي في الدولة في مجالات الخارجية والأمن والاجتماع والاقتصاد بالمضمون. والبحث عن جهاز الدعاية الاسرائيلي هو أول ما ينشره مولاد في اطار محاولاته إدخال مواقف وأفكار اليسار الى الرأي العام. وعلى هذا النحو سينجحون كما يؤمنون في مولاد في المساعدة على إحياء معسكر سياسي أصبح يحتضر.
بحسب البحث تستطيع الدعاية أن تتحسن في عدة مركبات لكن زعم أن الحديث عن جهاز فاشل مُختل بعيد عن الحقيقة. يزعم كاتبو البحث في واقع الأمر أنه منذ كانت الاخفاقات التي ظهرت في حرب لبنان الثانية، أصبح جهاز الدعاية الاسرائيلي واحدا من أكثر الاجهزة تطورا ونجاعة في العالم أكثر من المنظمات المعادية لاسرائيل التي تعمل في الميدان نفسه. ويتفقون في مولاد على ان اسرائيل تعاني من تصور عنها هابط ومكانة دولية اشكالية لكنهم يرون أن اسباب ذلك لا تتعلق بالدعاية.
إن جهاز الدعاية الاسرائيلي يديره اليوم مقر الدعاية الوطني في ديوان رئيس الوزراء وتخضع لسلطته سائر جهات الدعاية الرسمية في اسرائيل ويوجد منها غير قليل وهي وزارة الخارجية ووزارة الاعلام ومتحدث الجيش الاسرائيلي ووزارة السياحة والوكالة اليهودية وغيرها. ويتم التنسيق بين الرسائل وصوغ الاستراتيجية في منتدى الدعاية الوطني حيث يجلس ممثلو جميع الجهات التي ذُكرت آنفا.
والى جانب العمل مع المكاتب الحكومية، يشاور مقر الدعاية الوطني ايضا خبراء بالاتصالات والتسويق من الاكاديميا والقطاع الخاص للحصول على أفكار والاستماع لآراء اخرى. والى ذلك تستعمل الحكومة جهاز دعاية غير رسمي يشتمل على مئات الاسرائيليين والناشطين من الجماعات اليهودية والمنظمات والجمعيات الخاصة في الخارج، وعلى مؤيدين غير يهود يعملون على الدفع قدما برسائل اسرائيل ولا سيما في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.
يعمل جهاز الدعاية مع وسائل الاعلام التقليدية لكنه يعمل ايضا في الشبكات الاجتماعية في الانترنت. ولكل جهات الدعاية الرسمية حسابات تويتر وفيس بوك ويو تيوب وفليكر. وتشجع وزارة الخارجية الدبلوماسيين الاسرائيليين في الخارج على كتابة مُدونات وما شابه بل تستعمل فريقا خاصا من أصحاب المدونات يكتبون ردودا مناصرة للتقارير الصحافية التي تُنشر في وسائل الاعلام في العالم. واذا لم يكن كل هذا كافيا فان وزارة الخارجية تنفق مبلغا لم يسبق له مثيل نحو من 100 مليون شيكل كل سنة على مشروع تحسين صورة اسرائيل في العالم، وتستقدم وفودا من المشاهير ومن الاكاديميين وقادة الرأي العام الى اسرائيل وتنظم احتفالات مؤيدة لاسرائيل في أنحاء العالم كالمسيرة السنوية من اجل اسرائيل في نيويورك ومهرجان الافلام الاسرائيلي في باريس.
إن السؤال المركزي في البحث هو لماذا ما يزال يسود رأي أن جهاز الدعاية الاسرائيلي أقل من جهاز الدعاية المضاد الذي يُرى مُحكما ومتطورا رغم نشاط الدعاية المكثف والجهات الكثيرة العاملة والميزانيات الضخمة المنفقة.
يتعلق أحد أجوبة ذلك بنظرية سلب الشرعية التي ثبتت في السنين الاخيرة في كل ركن من جهاز الامن ووزارة الخارجية. ويعتقد كاتبو البحث ان الحديث عن مصطلح اشكالي زاد استعماله الدائم في إغراء تعريف كل انتقاد لاسرائيل بأنه جزء من مسيرة سلب الشرعية، ولهذا يُعرّف كل من يصدر عنه ذلك النقد فورا بأنه معادٍ لاسرائيل. 'على حسب هذا التعريف فان كل منظمة حقوق انسان تقريبا تعمل في اسرائيل، حتى تلك التي تُعرّف نفسها بأنها ذات شعور وطني اسرائيلي سافر قد تعتبر جزءا من حملة سلب اسرائيل شرعيتها'، جاء في البحث. 'وهذا التعريف يُمكّن الحكومة من الغاء كل انتقاد مهما يكن شرعيا، بزعم أنه جزء من حملة سلب الشرعية ولهذا فهو غير شرعي'.
بعد أن فحص كاتبو البحث عن جهاز الدعاية الاسرائيلي استعملوا نفس الوسائل للفحص عن نجاعة الجهاز المعادي لاسرائيل. وكان الاستنتاج الذي توصلوا اليه أن تهديد تلك المنظمات لصورة اسرائيل في العالم ومكانتها أقل كثيرا مما اعتيد اعتقاده. ويقرر بحث مولاد أن الجهاز المعادي لاسرائيل فشل في التنسيق بين رسائله وادارتها. ولا تعمل المنظمات المختلفة تحت سقف واحد بل انها مقطوعة احيانا تماما بعضها عن بعض وهي ذات ايديولوجيات متناقضة وهي مختلفة الآراء في أفضل طريقة عمل. ولا يوجد أي جسم معادٍ لاسرائيل يتحمل المسؤولية عن تحديد برنامج عمل موحد ومشترك كالدور الذي يؤديه منتدى الدعاية الوطني في اسرائيل. ودور السلطة الفلسطينية وتأثيرها ايضا في الجهاز المعادي لاسرائيل محدودان جدا. 'ان سلوك الأجسام يعبر أكثر من كل شيء عن الفشل المطلق للدعاية المعادية لاسرائيل في توحيد المنظمات العاملة في المجال حول رسالة واحدة ومتسقة ورسمية'، جاء في البحث. 'وليس لها اذا استثنينا مباديء عامة فكرة مشتركة أو هدف مشترك فضلا عن سلب اسرائيل شرعيتها'.
وحتى حينما يُدير الجهاز المعادي لاسرائيل نشاطا منهجيا موجها على اسرائيل في المجال الاعلامي مثلا، فانه يكون محدودا. فعلى حسب ما يقول كاتبو البحث، ترى المنظمات المعادية لاسرائيل أن الانترنت والشبكات الاجتماعية هي الحلبة الرئيسة لمواجهة اسرائيل لكنها لا تعمل بحسب استراتيجية مُحكمة كما يعمل جهاز الدعاية الاسرائيلي وتكاد تُهمل تماما الاعلام التقليدي المطبوع والمُذاع.
يزعم كاتبو البحث ان اسرائيل نفسها في حالات كثيرة تُفخم شأن المنظمات المعادية لاسرائيل ونشاطها عليها. فعلى حسب البحث فان اسبوع الفصل العنصري الاسرائيلي بخلاف الاستعراض الاعلامي الذي يحصل عليه في اسرائيل هو حادثة هامشية في الجامعات في الولايات المتحدة وحظي بتغطية اعلامية ضيقة نسبيا في وسائل الاعلام الامريكية. وحظيت وقائع 'اسبوع السلام الاسرائيلي' في الأحرام الجامعية بتغطية أوسع كثيرا.
أشار البحث الى ميزة مهمة اخرى لجهاز الدعاية وهي ان الجهات الموالية لاسرائيل والتي لها مواقف مؤيدة لاسرائيل هي في الأكثر ناس ذوو شأن عظيم في عالم الثقافة أو الاعمال أو الجامعات. وفي المقابل فان أكثر الجهات المجندة لجهاز الدعاية على اسرائيل هامشية نسبيا في الميادين نفسها. وكم من الناس في العالم يعرفون من هو نوعام تشومسكي وكم يعرفون من هو ستيفن سبيلبرغ؟.
تعمل المنظمات المعادية لاسرائيل بحسب البحث في الأساس مع ناس ذوي صلة عقائدية واضحة بأهدافها ولا سيما اليسار الراديكالي في الغرب، وهي بخلاف اسرائيل تكاد تتجاهل الصحافيين وموجهي التلفاز والفنانين والمفكرين البارزين من المركز السياسي ممن ليسوا بالضرورة يؤيدونها عقائديا. 'يأتي تمويل الدعاية المضادة لاسرائيل في أكثره من ناس خاصين، ومن شركات اعمال صغيرة، واذا استثنينا عددا قليلا من الفنانين والأدباء يصعب ان نجد شخصيات عامة بارزة مجندة بصورة سافرة للدفع بهذه الأجندة الى الأمام'، جاء في البحث. إن أحد الاجراءات التي تُرى نجاحا للمنظمات في السنوات الاخيرة هو حملة الـ
'بي.دي.اس' مقاطعات وإبعاد استثمارات اقتصادية وفرض عقوبات. لكن كاتبي البحث يذكرون ان حملة الـ 'بي.دي.اس' لم تُثمر نجاحات استراتيجية للمنظمات المعادية لاسرائيل التي هي نفسها مختلفة فيما يتعلق بجدوى استمرارها. وهم يعتقدون ان المنظمات تُجند صاغة الرأي العام لحملة القطيعة بواسطة التهديدات تعريضا أو صراحة. 'حتى لو حظيت هذه الطريقة بعدد من النجاحات فانها محدودة من جهة قدرتها على الدفع قدما بأهداف الجهاز'، ورد في البحث. إن الرسالة الايجابية هي شيء غير موجود عند المنظمات المعادية لاسرائيل، خلافا لجهاز الدعاية. 'إنها تعتمد على استراتيجية سلبية انتقادية تنحصر في الدعاوى والتسويغات والشكاوى والتهديدات وتقلل من المشاركة وانشاء تصور ايجابي لدى الجمهور العريض'، جاء في البحث. 'حتى حينما يعمل الجهاز المعادي لاسرائيل في التصنيف فان الحديث عن محاولة تصنيف اسرائيل باعتبارها دولة عدوانية تنقض حقوق الانسان بصورة منهجية'.
ان استنتاج كاتبي البحث هو ان الموقف الذي يرى ان اسرائيل تعاني من مشكلة دعاية ليس صادقا وهو ينبع في أكثر الحالات مما يبدو أنه هستيريا لا أساس لها. 'ليست مشكلة الدعاية سوى أسطورة... اذا كانت اسرائيل تعاني من عزلة دبلوماسية وصورة هابطة في العالم فليس سبب ذلك فشل الدعاية'.
إن المأساة هي ان النقاش المبالغ فيه لـ 'مشكلة الدعاية' والاشتغال الذي لا ينقطع بالبحث عن حلول تقنية أو رسائل أكثر اقناعا يصد نقاشا جديا في الحكومة وفي الرأي العام ايضا يبحث عن الاسباب الحقيقية لوضع اسرائيل. 'بدل الاشتغال بالعلاقة بين سياسة حكومة اسرائيل وصورة اسرائيل في العالم أخذت تنشأ أسطورة تتعلق بـ 'مشكلة الدعاية' '، يُلخص كاتبو البحث. 'ان تضخيم الدعاية المعادية لاسرائيل من جهة وانتقاد الدعاية الاسرائيلية من جهة اخرى يصرفان الانتباه العام عن العلاقات السببية بين تدهور صورة اسرائيل ومكانتها الدولية وسياسة حكومتها'.
سيُعقد اليوم في وزارة الخارجية في القدس المؤتمر السنوي لسفراء اسرائيل في العالم. وفي المؤتمرات السابقة اعتاد وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان ان يوبخ السفراء ويُهينهم. وقد زعم ان الدبلوماسيين الاسرائيليين بدل ان يُبينوا موقف اسرائيل ويُصروا على 'الكرامة الوطنية' ينطوون ويستكينون للعالم. وفي هذه الاثناء أصبح ليبرمان هو الذي حزم أمتعته وانطوى عن وزارة الخارجية بسبب لائحة الاتهام التي قُدمت فيه. قد يصبح مؤتمر السفراء فرصة جيدة لنقاش استنتاجات بحث 'مولاد'. وسيُحسن المدير العام لوزارة الخارجية رفائيل براك الصنع اذا وزعه على كل واحد من السفراء يجتاز باب قاعة المباحثات التي سيعقد المؤتمر فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أحُرّاس الحمى..؟
بقلم: جدعون ليفي ،عن هأرتس
ان عمال التنظيف يقومون بعمل قذر جدا لكنه حيوي ومثلهم بالضبط ناس 'الشباك'. لكن في حين يُعد عمال النظافة قليلي الشأن يتمتع ناس 'الشباك' بمجد وإجلال. فقد عُين اثنان من رؤساء 'الشباك' وزيرين، أحدهما رجل اعمال ناجح، وهو نافخ بوق وقت الحاجة ومشهور عظيم يوشك ان يصبح قريبا عضو كنيست أو ربما وزيرا. وقد تم الآن الكشف عن عالمهم كما لم يُكشف عنه قط: إن 'حُراس الحمى' وهو الفيلم الوثائقي المدهش لدرور موريه، الذي كان العرض الافتتاحي له في نهاية الاسبوع في سينما 'تيك' في تل ابيب يُعرض على الشاشات متوجا بجوائز دولية. وقد شرّف أبطاله وهم ستة رؤساء 'الشباك' الذين يعيشون معنا العرض بحضورهم وحظوا بهتاف الجمهور بالطبع أأبطال ثقافة هم أم ليسوا أبطال ثقافة.
من الواجب مشاهدة هذا الفيلم المزعزع لأنه يثير مع نهايته شعورا بالاشمئزاز العميق، وهو مع فيلم مهم آخر هو 'سلطان القانون' لرعنان الكسندروفيتش، يكشف في تأخر كبير عن الحقيقة المخيفة التي تكمن وراء مشروع الاحتلال على ألسنة المسؤولين عنه في جهاز القضاء العسكري (في 'سلطان القانون') وعلى ألسنة رؤساء 'الشباك' (في 'حُراس الحمى'). فهؤلاء يعرضون على اسرائيل (والعالم) صورة مقلقة ومخيفة جدا. وليس كارهو اسرائيل في العالم هم الذين يُشبهون الجيش الاسرائيلي الآن بالنازيين لأن ابراهام شالوم يفعل ذلك الآن مع تحفظ ما؛ وليس اليساريون البغيضين في اسرائيل هم الذين يلوحون الآن بنبوءة إشعياء ليفوفيتش المتحدث عن دمار الاحتلال وجعل اسرائيل دولة 'شباك' لأن يوفال ديسكن يعترف بذلك الآن، مع تحفظ ما وكلاهما يتجاهل أنه معدود في المسؤولين عن الخيبة.
يعرض ستة رؤساء 'الشباك' أنفسهم ويقولون كنا رؤساء صغارا. ويعرض ستة رؤساء 'الشباك' ايضا فيلم مافيا: يعقوب بيري بعذوبة قوله، وديسكن بلغته الفظة، وشالوم بلغته اللاذعة، كلهم يتحدثون مثل رؤساء منظمة اجرام. 'في نابلس، حيثما رميت بحجر كان قط أو مخرب... وخرجنا من هناك مع نهب غير قليل'، يصف بيري حقول صيده؛ أما شالوم فيعترف بقتل المخربين المقيدين في قضية خط الحافلة 300 على النحو التالي: أبلغوه أنهم 'قد ماتوا تقريبا' من الضرب لكنه أصدر فقط الأمر الصغير قائلا 'أنهوا العمل' وهو أصلا ضحية المستوى السياسي الذي تخلى عنه. لقد عملوا فقط مثل مقاولي تصفية ومحاربة ارهاب وعلموا ان ما فعلوه لم يكن غير انساني فقط وغير اخلاقي ('لا توجد اخلاق'، يقول شالوم بجزم) وغير قانوني احيانا ايضا، بل علموا ان عملهم قد جلب على اسرائيل غير قليل من الكوارث الى جانب النجاحات لكنهم سكتوا.
الآن وقد أصبح الامر متأخرا، يتذكرون الحديث وعلى نحو غير شجاع بقدر كاف ايضا. انهم يتذكرون الآن أن يقولوا انه لا يمكن حل المشكلة الفلسطينية بالقوة وان كل اغتيال انشأ بديلا أكثر تطرفا، وانهم هم والعاملون تحت سلطتهم حققوا مع عشرات آلاف الفلسطينيين وعذبوهم أو 'ربما مئات الآلاف'، وأن كل ذلك كان بلا جدوى. وهم يطرحون المسؤولية في ادعاء للسذاجة على المستوى السياسي الذي يحتقرون جزءا منه وكأنهم لم يستطيعوا ان يؤثروا أكثر وأن يعذبوا ويغتالوا بقدر أقل. وكأنهم لم يعلموا في الوقت المناسب أنه الى جانب نجاحاتهم العملياتية في منع الارهاب، يصرخ ويُدوي سؤال كم أنشأت طرق عملهم القاسية من الارهاب وكم ولد من المخربين الجدد في غرف التحقيق التي تُلتِل فيها وعُذب وضُرب وقُيد وأُذل عشرات آلاف البشر بطرقهم الفظيعة التي اعترفوا بوجودها.
هناك دول حوكم فيها المسؤولون عن اعمال مشابهة وهم في دول اخرى ندموا بعد سنين على الأقل، ولم يكن هذا فعل رؤساء 'الشباك' عندنا فهم هنا ضيوف مطلوبون لكل منتدى ومدعوون في كل حفل، وهم مشاهير كبار لرأيهم اعتبار وهم نجوم يتوجون قوائم حزبية للكنيست وهم أبطال اسرائيل الذين لا يفكر أحد في التنديد بهم. ان حُماة حمى اسرائيل الذين نشك في أنهم كانوا كذلك حقا، ظلوا كما كانوا بلا وخز ضمير وبلا ضمير وبلا ندم، لكن لماذا يتصرفون تصرفا مختلفا؟ أليست اسرائيل ما تزال تهتف لهم؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تفضيل نتنياهو.. وزير الدفاع القادم
بقلم: ايتان هابر ،عن يديعوت
درس مهم في السياسة الاسرائيلية: في دولة اسرائيل كان وسيكون ثلاثة مناصب مهمة، حاسمة – رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الاركان. كل ما تبقى هم «بواقي خضار» – بما في ذلك وزراء الحكومة وجنرالات هيئة الاركان ايضا. وحسب هؤلاء الثلاثة تتقرر الامور، حسب قراراتهم نعيش، أو لا سمح الله نموت. الكل، بالكل، من الكل.
المنصب الاهم في هذا الترتيب هو بالذات رئيس الاركان. من دونه، لا قيام لرئيس الوزراء ووزير الدفاع. لم يولد بعد في دولة اسرائيل رؤساء وزراء ووزراء دفاع أمروا بعمل شيء ما في البلاد، وبالتأكيد في الجيش، بخلاف رأي رئيس الاركان. في افضل الاحوال، من ناحية السياسيين، رؤساء الاركان طاروا من مناصبهم اذا ما رفضوا ان يعملوا كما يأمر رئيس الوزراء أو وزير الدفاع. بوغي يعالون، كرئيس اركان، مثلا، رفض تقليص ميزانية الجيش، فطار من خطة فك الارتباط لاريك شارون كرئيس للوزراء.
رئيس الاركان، لمن لم يستوعب بعد، هو كلي القدرة، والوحيد في دولة اسرائيل، الذي تعتبر فيه قدرته على التنفيذ، من خلال الجيش الاسرائيلي، مطلقة. يريدون زراعة البندورة؟ يريدون الطيران الى القمر؟ اعدام احد ما من خلال تناول «كعكة في البيت أو على شاطيء البحر في دولة عدو؟ الاحتفال بالبلوغ ليتامى الجيش الاسرائيلي مع وزير الدفاع كضيف؟
وزير الدفاع في دولة اسرائيل، كل وزير دفاع، من العمل أو الليكود، جندي قديم او مدني، ملزم – هذه هي الكلمة وليس غيرها – بان يعرف جهاز الامن بتفاصيل تفاصيله، ولم يولد بعد واحد كهذا، مهما كان كفؤا، يعرف كل ما ينبغي أن يعرفه عن وزارة الدفاع بفروعها والجيش الاسرائيلي بأسلحته. في الحالة التي امامنا لا يوجد اي بديل للخبرة، كجندي، كجنرال، كوزير في المستويات الاعلى. لا يوجد.
واذا لم أكن مخطئا، فمن بين الـ 16 شخصا الذين تولوا حتى الآن منصب وزير الدفاع، اربعة فقط كانوا مدنيين، واثنان منهم على الاقل فشلا فشلاً ذريعا وعن الآخرين يتحدث الناس اساطير عن نجاحهما. من نظرة قريبة ومن تجربة شخصية يمكنني ان اشهد: لا يوجد مثل صاحب التجربة، وبالتأكيد في المجال الامني (وان كان يجب الاعتراف انه كان هناك اصحاب تجربة فشلوا في منصبهم).
2013، قد تكون أو كفيلة بأن تكون مصيرية، حاسمة، غير مسبوقة في اهميتها في المجال الامني وفي حياتنا هنا: النووي في ايران؛ حماس وفتح مع انتفاضة ثالثة محتملة في غزة، في «يهودا والسامرة» وفي ارجاء دولة اسرائيل؛ سوريا المتفككة مع عشرات الاف الصواريخ؛ مصر التي تريد ان تقول «سلاما» لاتفاق السلام وتبني جيشا للمدى البعيد؛ لبنان وحزب الله مع عشرات الاف الصواريخ. وفوق كل هذا – امريكا، التي تعطينا حياة امنية، ورئيسا في ولاية ثانية يرفض ان يقبل كل صباح صورة بنيامين زئيف هرتسل.
لدى رئيس وزراء كنتنياهو، فإن وزير الدفاع هو ايضا وزير الخارجية للشؤون الاهم – اميركا. فما بالك أن لوزير خارجيته الحقيقي حتى استقالته، افيغدور ليبرمان علاقات ممتازة مع روسيا البيضاء ولاتفيا فقط. وما العمل؟ فانهما لا تحميانا بعد من كل شر.
الاستنتاج: يخيل لي بأي اعرف من هو الرجل الذي يريد بنيامين نتنياهو أن يكون وزير الدفاع في حكومته. نتنياهو، وقبل ذلك ابناء عائلته، أبواه، لم يخفوا ابدا تقديرهم للرجل الذين يريدون ان يروه الى جانبهم. في نظر نتنياهو، اذا ما (ويجب ان يقال عندما) سيكون رئيس الوزراء، فيكاد يكون هذا هو الخيار الوحيد. قد لا يعجب هذا الناخبون – ولكن بعد يوم من الانتخابات، من يسألهم على الاطلاق؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الهدوء ينتقض
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
أخذ وقف اطلاق النار مع غزة ينتقض، لكن لا يوجد عند أحد في اسرائيل زمن ولا رغبة في معرفة ما يحدث هناك حقا. ولا توجد لوزير الدفاع واحدى رجليه في الخارج قوة سياسية ليملي سياسة ما. ورئيس الوزراء محصور العناية في الانتخابات وآخر شيء يحتاج اليه ترتيبات مع حماس بل وهم تفاهمات مع حماس. فلا عجب من ان التوجيهات التي تلقاها الفريق الاسرائيلي الذي يجري التفاوض مع حماس في القاهرة – بوساطة مصرية – هي دهن الامور وعدم التوصل الى أي اتفاق الى ما بعد الانتخابات. وفي الاثناء على الارض تحتشد الطاقات للجولة المسلحة التالية.
تقوم في عين العاصفة القريبة المنطقة الامنية الخاصة – وهي ذلك الشريط على طول جدار الحدود في عمق نحو من نصف كيلومتر من الارض الفلسطينية الذي تمنع اسرائيل دخول الفلسطينيين اليه لاسباب أمنية.
منذ كان وقف اطلاق النار في 21 تشرين الثاني عادت اسرائيل وحماس الى التصرف وكأنه لم توجد «عمود السحاب». فاسرائيل ما تزال تُجري دوريات على حدود القطاع لفتح محاور وللعثور على شحنات ناسفة وأنفاق وتفجيرها. وما يزال الفلسطينيون يحاولون دخول المنطقة الامنية الخاصة. وقد أطلقت قوات الجيش الاسرائيلي النار ثلاث مرات على الأقل على مواطنين دخلوا المنطقة وجُرح سبعة على الأقل.
تحاول حماس في الحقيقة منع الحشود والتظاهرات قرب الجدار، لكنها لا تعالج دخول أفراد وليس ذلك عرضا. فالطرفان أسيرا دعايتيهما الذاتية. وقد أقنع كل طرف جمهوره بأن انتصاره في «عمود السحاب» مطلق. وحددت حماس الانتصار في البحر وعلى الارض بقولها حظينا بتوسيع منطقة الصيد في البحر وحظينا بـ 40 كم من الارض على طول الجدار. وتم اقناع السكان الفلسطينيين وهم يسلكون بحسب ذلك بيد أنهم حينما يجتازون خطوطا ما في البحر يطلق سلاح البحرية النار عليهم؛ وحينما يقتربون من الجدار للاستمتاع بثمرات النصر يطلق الجيش النار عليهم.
في الايام الاولى بعد العملية لم يكن لاسرائيل ولحماس مصلحة في إفساد الهدوء لأن العودة فورا الى اطلاق النار كانت ستكشف عن خدعة – عند الطرفين – انجازاتها المحدودة جدا. ولم يفكر الطرفان من البدء كيف يُهدئون بل كيف يستخلصون أقصى قدر من الانجاز كما تصوراه.
وهكذا في حين تحاول اسرائيل الحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة الامنية الخاصة، حاولت حماس الحفاظ على الوضع الراهن في شأن التسلح الاستراتيجي والتهريبات الذي تراها اسرائيل الانجاز المركزي لـ «عمود السحاب». وتبين أنه منذ الايام الاولى بعد العملية عادت حماس ومنظمات اخرى الى انتاج وتطوير صواريخ بعيدة المدى. بل إنها في احدى الحالات وقد يكون ذلك من اجل التجربة أطلقت صاروخا نحو اسرائيل وهو ما تُرجم هنا الى عدم رضى حماس عن النشاط الاسرائيلي على حدود القطاع.
في تلك الايام تصرفت اسرائيل وحماس بصورة «حضارية»، مثل دولتين بينهما صراع. فحينما استمرت حماس في نقض الاتفاقات قدمت اسرائيل شكوى رسمية الى مصر. وأبلغ المصريون حماس أن هذا يناقض التفاهمات وكان يبدو ان حماس قبلت تفسير الاتفاق. واشتكت حماس من جهتها للمصريين من اطلاق النار الاسرائيلي على طول المنطقة الامنية الخاصة. وكان يبدو أنه بقي هنا ما يشبه نظام وقف اطلاق نار. وانتهى ذلك الاحتفال سريعا جدا وعادت حماس الى عادتها وكف المصريون عن التنبيه، وتم دهن التفاوض في القاهرة.
في الاسبوع الماضي أعلن منسق العمليات في المناطق ان اسرائيل سمحت لحماس بتجديد قافلة الشاحنات والحافلات لديها عن طريق ميناء أسدود – بعد خمس سنوات حصار. وفوق ذلك تم نقض منع الاستيراد الشخصي لمواد البناء من اسرائيل الى القطاع وكان تعليل ذلك أن اسرائيل فعلت عدة تفضلات بسبب الهدوء.
أي هدوء؟ ومن يخدعون؟ ان هذه الخطوات تم الاتفاق عليها مع المصريين بعد «عمود السحاب» بزمن قصير، وتنفذها اسرائيل الآن لكسب وقت من اجل الساسة كي لا يسأل الجمهور في اسرائيل اسئلة وكي تكف حماس نفسها أملا في الحصول على بعض قطع الحلوى الاخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ<hr>
أميرة الثورة السورية
بقلم: تسفي بارئيل ،عن هآرتس
ليست هي من المئة امرأة العربية الاغنى بل وهي غائبة عن قائمة المئة امرأة الاكثر شهرة. ولكن سهير الاتاسي أصبحت في السنة الاخيرة الرمز النسوي للثورة في سورية، وعندما ستنتهي الاحداث الدموية المأساوية وتقوم حكومة سورية جديدة، فان الاتاسي ستكون بلا شك من شخصيات النظام الجديد.
منذ بدأ الكفاح الشعبي في الدولة، لم تهدأ الاتاسي للحظة. فهي تخطب في كل مكان، تظهر على نحو متواصل في وسائل الاعلام، تكتب بلا ملل في الفيسبوك، ترد على كل قضية وتحرص على أن تظهر ببزة كاملة الى جانب قائد الجيش السوري الحر.
وبين هذا وذاك فانها تنجح في الطيران في أحيان كثيرة الى لقاءات في تركيا وفي واشنطن. وفي الشهر الماضي انتخبت لتكون نائبة رئيس الائتلاف الوطني الجديد، معاذ الخطيب، اللقب الذي منحها مكانة المرأة الاعلى في المعارضة السياسية المحلية.
هذه معارضة رجولية أساسا، في حرب يدفع فيها النساء واطفالهن ثمنا باهظا للغاية. ومقابل الثورة في مصر او في تونس حيث احتلت النساء مكان شرف امام عدسات التلفزيون وفي المظاهرات في الميادين، ففي سورية حيث استبدلت المظاهرات بميادين التقتيل تكاد لا تظهر نساء في الجبهة. في مخيمات اللاجئين تجدهن يغتصبن او يبعن كأرانب للرجال من دول عربية، ومن منظمات المعارضة التي تقاتل داخل سورية تجدهن يتغيبن. قصصهن تصل الى العالم فقط عبر الشبكات الاجتماعية. اما خارج الشبكة، فمآسيهن توصف فقط من قبل الرجال. في الشهر الماضي، وبالهام من الاتاسي، بادرت د. سماح الداية لاقامة مجلس نساء الثورة بهدف اشراك النساء في الكفاح 'في ضوء السيطرة الرجولية على الحلبة السياسية وابعاد المرأة عن النشاط السياسي'، كما ورد في المنشور الذي اصدرته.
وعلى خلفية التعتيم الاعلامي والجماهيري الذي يفرض على النساء في سورية، تبرز شخصية ونشاط الاتاسي التي تجلب معها تراث غني من الفعل السياسي. ففي سن 29 كانت تدير الصالون السياسي الاهم الذي نشأ في العام 2000 بعد وفاة حافظ الاسد وصعود بشار الاسد الى الحكم. وكان هذا واحدا من نصف دزينة صالونات سياسية هامة بثت روح الامل والنشوة. 'ربيع دمشق' سميت في حينه الفترة القصيرة التي حل فيها الاسد الابن قيود القمع الوحشي لابيه، وسمح للمثقفين السوريين باللقاء والبحث بحرية نسبية في شؤون الدولة. شخصيات مثل ميشيل كيلو، رياض سيف، حسين العودات، هيثم المالح وكثيرين آخرين ممن يعملون الان في اطار المجلس الوطني السوري أو الائتلاف الوطني السوري الجديد صاغوا اقتراحات ومطالب لاصلاحات ديمقراطية واقتصادية. ولكن بعد وقت قصير جدا سحق الاسد هذه الصالونات، واعتقل اعضاؤها أو منعوا وتحول 'ربيع دمشق' الى شتاء متكدر.
وأدارت الاتاسي في حينه بيد عليا الصالون الذي حمل اسم أبيها جمال الاتاسي، من مؤسسي حزب البعث السوري الذي مات في ذات السنة مثل الاسد الاب. العائلة التي جاء منها الاثنان هي من أهم العائلات واكثرها احتراما في مدينة حمص وفي سورية بأسرها. هذه عائلة قدمت شعراء، قضاة، محامين، وزراء وثلاثة رؤساء. نور الدين الاتاسي (ابن عم جمال) كان الرئيس الاخير لسورية قبل ان يسقطه حافظ الاسد من حكمه. والان بات هناك من يدعون الى اعادة العائلة الى كرسي الرئاسة وهذه المرة فلتكن امرأة سهير الاتاسي، التي في سن 41 تعتبر منذ الان زعيمة بفضل ذاتها.
ولكن الاتاسي أيضا تثير الخلاف. انتماؤها الى النخبة الحمصية، طابعها الثقافي، مكوثها خارج سورية وتراثها العائلي الذي اسس حزب البعث الكريه، قد تكون عوائق جوهرية في رحلتها الى المنصب السياسي، مهما كانت درجتها. قبلها في الطابور سيقف ضباط ملتحون، قادة الوحدات الدينية الراديكالية، بعدهم سيقف قادة الائتلاف الوطني السوري وفي النهاية سيأتي ربما ايضا دور النساء. وبالذات في سوريا العلمانية التي منح فيها حزب البعث مكانة محترمة للنساء، من شأن الثورة أن تولد التراجع العميق في مكانتهن. وهنا يوجد دور العملي والرمزي لسهير الاتاسي في العام 2013 والذي ينبغي الامل في أن تصل فيه نهاية حكم الاسد. جدير ومناسب أن نسجل اسمها كمن هي كفيلة بان تكون امرأة السنة القادمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إهانة شعث.. لا تجعلوه عدوا
بقلم: سمدار بيري ،عن يديعوت
قلائل عندنا لم يسمعوا اسم د. نبيل شعث. ومع ذلك، ينبغي ان نقدم عنه بعض التفاصيل: فلسطيني من مواليد صفد، بعث به النزاع الى الترحال بين بيروت، القاهرة، غزة، عمان وتونس والدراسة (دكتوراه في الكيمياء) في الولايات المتحدة. وهو ابن 74، أرمل ومتزوج للمرة الثانية، أب لاربعة، اصغر ابنائه فتاة ابنة 14 فقط، هي سميحة.
وهو يسكن في شقة فاخرة في رام الله وله جملة من الالقاب: عضو اللجنة المركزية لفتح، عضو برلمان، عضو المجلس المركزي، وزير سابق وبالاساس مستشار ورجل ثقة رئيس السلطة أبو مازن. في مهمتيه الاخيرتين احتل العناوين الرئيسة حين تراكض لتحقيق الدعم الدولي لمكانة المراقب في الامم المتحدة للفلسطينيين وكمبعوث في مساعي المصالحة بين فتح وقيادة حماس في غزة. وهو يعرف غزة جيدا من سنوات سكنه في القطاع، الى جانب عرفات.
نبيل شعث لم يكن مشاركا في عمليات ارهابية ابدا. وحتى اكثر المتشددين عندنا لم يجدوا سببا لاتهامه. وهو لم يعتقل في اي مرة ولم يؤخذ الى التحقيق. صوره الشهيرة في طابا، الى جانب أمنون ليبكين شاحك الراحل، لعبت عندنا دور النجم بلا نهاية في أشهر المفاوضات، وفي الاسبوع الماضي نشر شعث في هذه الصفحات تأبينا منفعلا في ذكراه. وفي مكالمة هاتفية روى لي بانه عندما تلقى النبأ عن وفاة ليبكين شاحك، ذرفت عيناه الدموع وما كان يمكنه أن يجد لنفسه راحة. وبعد ذلك قلنا معا، كلنا بشر.
قبل ثلاثة اسابيع قرر أحد ما كبير جدا عندنا أن يعاقب د. شعث. وبدون انذار مسبق سحبوا منه مكانة الشخصية رفيعة المستوى. وهذا يعني ان تحركه مقيد. هذا يعني أنه محظور عليه الدخول الى اسرائيل بدون تنسيق مسبق مع الادارة المدنية. وفجأة تذكروا عندنا بان شعث مسجل على الاطلاق كمقيم في القطاع، وفي كل لحظة قد يدقوا بابه مع أمر ابعاد. هذا يعني ان بوسعهم أيضا أن يبعدوه عن عائلته.
عندما استعد لان يجتاز جسر اللنبي الى الاردن، شرحوا له أنه في مكانته الجديدة كـ 'فلسطيني عادي'، من واجبه أن يحصل على موافقة من مؤسسات حماس في غزة، ينقل الاوراق الى الادارة المدنية في الضفة وفقط عندما يحصل على الاذن يكون مدعوا لان يصعد الى الباص، ان ينتظر في الطابور وان يجتاز معبر الحدود. سألته كيف يشعر مع وضعه الجديد. يحزنني، قال. أنا غاضبة، قلت.
وفي ليل الخميس، حين خرجت من بث فيلم 'حراس الحافة' فكرت كيف وصلنا الى وضع يكون فيه ستة رؤساء مخابرات اسرائيلية، كل واحد ومذهبه الفكري، يقولون ذات الشيء بالضبط. كيف أن ستة رؤساء الجهاز الذين اعتقلوا فلسطينيون، هزوهم بل وأكثر من هذا ينشدون ذات النشيد المتكرر في أن هذا الوضع لن يؤدي بنا الى أي مكان. وانه ينبغي الحديث، مثلما يقول ابراهام شالوم من قضية خط 300، حتى مع الـ ... . وأنه لا يوجد طريق آخر من يريد أن يواصل العيش هنا. فكرت، كيف أن السداسي خاصتنا انتهى بهم الامر لان يكونوا الرجل الشرير، وتوجهوا الى حركات السلام: ابراهام شالوم الى مبادرة جنيف، يعقوب بيري الى 'اسرائيل تبادر'، عامي ايالون، الى الحملة الجماهيرية، كرمي غيلون، الى مركز بيرس للسلام، ويوفال ديسكين بشكل عام، الله يحفظنا مما يخرج من فمه.
مثلما في الفيلم، في حالة نبيل شعث ايضا تعرضت لضربة قوية في البطن. صحيح، أنا أرى فيه صديقا شخصيا، حللت ضيفة عنده في بيته أكثر من مرة، وأنا مستعدة دوما، حتى في مكانته المهينة، أن استضيفه هو وعقيلته وابنتهما. لم افلح في حل لغز القرار بالنزول على شعث. يحتمل أن يكون قال شيئا ما غير ناجح. فماذا في ذلك؟ شعث هو ليس 'احد منا'. هو وطني فلسطيني يمثلهم 'هم'. اجعلوا له الموت، أهينوه، اجعلوه عدوا والخسارة لن تكون الا خسارتنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
2012: حينما اصبحت الاقلية اكثرية
بقلم: بوعز بسموت ،عن اسرائيل اليوم
كانت سنة 2012 أخف ايقاعا من 2011 المجنونة لكنها لم تكن أقل منها اثارة للاهتمام. فقد استمر العالم العربي في اعطاء عناوين صحافية رئيسة، ولا سيما في مصر مرسي (العزل والدستور) وفي سورية الاسد (الى الآن). وفي آسيا أثار الاعتزاز القومي والسيادة على خمس جُزر في شهر آب/اغسطس توترا قديما بين الصين واليابان جعل دول جنوب شرق آسيا تطلب الى امريكا اظهار حضورها وابراز عضلاتها كي تؤخر شيئا ما السيطرة الصينية على المنطقة.
في 2012 عاد المراسلون الاجانب الموجودون في اسرائيل الى العمل، مع قصص عن المشروع الذري الايراني وقضية الهجوم والانتخابات القريبة وعملية 'عمود السحاب' واستيقاظ أبو مازن الذي حسّن مكانة السلطة من طرف واحد وأفضى الى استقرار رأي حكومة اسرائيل على البناء في المنطقة e1. وعاد الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي كان الأكبر في 2011 الى العناوين الصحافية.
لكن 2012 كانت سنة شهدنا فيها في الأساس نتائج التغييرات السكانية في الغرب وتأثيرات ذلك في الجهاز السياسي. ففي أيار/مايو اتجهت فرنسا الى الانتخابات وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر انتخبت الولايات المتحدة. وكان يمكن ان نرى في المعركتين الانتخابيتين كيف تحولت الأقلية من السكان الى أكثرية والأكثرية الى أقلية. ولم يكن الكثير من الأمل لنيكولا ساركوزي في فرنسا ولميت رومني في الولايات المتحدة ممثلي اليمين، مع ديمغرافية متغيرة. ما تزال الكتلتان اليمينيتان وهما حزب 'يو.إم.بي' في فرنسا والجمهوريون في الولايات المتحدة تلعقان جراح الانتخابات ويصعب عليهما الاتحاد منذ ذلك الحين في الأساس، ولا يبدو المستقبل ورديا. ولم ينجح المعسكران في هاتين الدولتين بأن يلائما أنفسهما مع المجتمع المتغير: ففي الولايات المتحدة يصوت الناخبون ذوو الاصول الاسبانية والافارقة الامريكيون للديمقراطيين، وفي فرنسا يعطي المسلمون الاشتراكيين اصواتهم.
خرجت الأقليات لتحتفل هذا العام في ميدان الباستيل في باريس ترفع أعلام الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر، أما في بوسطن فرأينا امريكيين جمهوريين يندبون نهاية عصر الولايات المتحدة كما عرفوه. وليس الحديث بالنسبة لاسرائيل عن أنباء طيبة بالضرورة. فالتأييد يأتيها من تلك الأكثرية التي أصبحت أقلية انتخابية.
يوجد خط آخر يربط بين فرنسا والولايات المتحدة، فقد كانت 2012 سنة كان من الخطر فيها الذهاب الى المدارس هناك. ففي شهر آذار/مارس أراد ابن مهاجرين جزائري هو محمد مراح في فرنسا ان يُظهر انتماءه الى التيار الاصولي الاسلامي (الذي يُعرض اوروبا للخطر) بهجوم أعمى وحشي على طلاب من أبناء مدرسة 'أوتسار هتوراة' في تولوز. وقُتل ثلاثة اولاد صغار يهود ومعلم بذلك الهجوم البغيض وأفضى الارهاب الى جنون.
وفي كانون الاول/ديسمبر قام آدم لانتسه، وهو شاب مختل العقل في العشرين من عمره، مسلح تسليحا كثيرا بمذبحة فظيعة في المدرسة الابتدائية ساندي هوك في نيوتاون في ولاية كونتيكت. ودفنت امريكا عشرين ولدا. وطلبت أجزاء من المجتمع في الغد ايضا ان يُدفن التعديل الثاني للدستور الذي يُمكّن كل مواطن من ان يملك سلاحا. ورد جزء آخر من امريكا بطريقة عكسية واتجه الى الحوانيت لشراء سلاح آخر. ففي امريكا وبخلاف فرنسا، أفضى الجنون الى ارهاب.
كانت سنة 2012 ايضا هي السنة التي عادت فيها بريطانيا لتصبح امبراطورية في الأخبار، فكانت الالعاب الاولمبية المدهشة والاحتفالات بمرور ستين سنة على تولي الملكة اليزابيث العرش ونشر النبأ عن حمل الأميرة كيت الذي ذكّرنا بأنه ما يزال للعالم القديم ما يبيعه ولا سيما الثقافة والتراث.
كانت 2012 ايضا هي السنة التي ودع فيها العالم أبطالا لهم نفس الاسم آرمسترونغ. فكان الوداع الأول في شهر اغسطس لرجل الفضاء الامريكي نيل آرمسترونغ أول شخص خطا على القمر في الواحد والعشرين من تموز/يوليو 1969. وفي الثاني والعشرين من تشرين الاول/اكتوبر ودعنا على نحو مختلف، لانس آرمسترونغ بعد أن أعلن الاتحاد الدولي للدراجات أنه يقبل استنتاجات تقرير السلطة الامريكية لمحاربة المنشطات في الرياضة ووافق على سلب آرمسترونغ كل ألقابه، ومنها فوزه سبع مرات في سباق تور دي فرانس. لم تغير 2012 صورة العالم لكنها أبرزت الاتجاهات القائمة. إننا نحيا في نهاية عصر ويقف عالم جديد على الباب. ستزيد الصين قوتها، مثل الأقليات في المجتمعات الغربية. وستستمر امريكا في فقد قوتها، وتستمر اسرائيل في مواجهة ضغط دولي حول كل قرار تتخذه تقريبا.
يجوز ان نكون متفائلين. لأن نبوءة شعب المايا لم تتحقق. ويجب ان نملأ سنة 2013 فهبوا الى العمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
صورة اسرائيل هابطة... العالم يضيق ذرعا بسياساتها
اذا كانت اسرائيل تعاني من عزلة دبلوماسية وصورة هابطة في العالم فليس سبب ذلك فشل الدعاية
بقلم: براك ربيد ،عن هآرتس
ان سفير اسرائيل في جمهورية التشيك، يعقوب ليفي، عُرضة لحسد أكثر نظرائه في الاتحاد الاوروبي. فحياة ليفي في براغ جنة عدن اذا قيست بالانتقاد القاسي والتنديدات الشديدة التي هي من نصيب سفراء اسرائيليين كثيرين. ان التشيكيا اليوم هي أكبر صديق لاسرائيل في الاتحاد الاوروبي وليس عجبا فقد كانت الوحيدة بين الـ 27 دولة عضوا التي صوتت تعارض الاجراء الفلسطيني في الامم المتحدة.
قبل عشرة أيام جلس ليفي في مكتبه في براغ وكتب برقية قصيرة عنوانها 'محاضرات في أنحاء التشيكيا نجحنا في إبراز موضوع المستوطنات في برنامج العمل'. ووصف في خمسة أسطر قصيرة مليئة بالتهكم وخيبة الأمل كيف بدأ الجمهور التشيكي الصديق جدا لاسرائيل يضيق ذرعا بسياستها في الضفة الغربية. 'ظهرت في الاسبوعين الأخيرين في تسعة منتديات مختلفة في أنحاء التشيكيا'، كتب في برقية أرسلها الى المدير العام لوزارة الخارجية رفائيل براك، والى قسم اوروبا والى قسم الدعاية. 'رغم أنه بقيت نفس الصداقة والتفهم لاسرائيل حتى على أثر عملية عمود السحاب، فانني لقيت لأول مرة في ظهوري منذ اربع سنوات، اسئلة انتقادية تتعلق بالمستوطنات وذلك بسبب التصريحات الجمة في البلاد في شأن e1. نجحنا!'.
إن ليفي دبلوماسي قديم ذو تجربة يعتبر سفيرا ناجحا. وهو يبذل غير قليل من الوقت في لقاءات مع صحافيين، وصاغة رأي عام وطلبة جامعات واكاديميين وساسة بالطبع. لكن ليفي مهما يكن ذا موهبة قد قام على ركيزة مكسورة في محاولته ان يُفسر سلوك الحكومة في الاسابيع الاخيرة حتى للجمهور التشيكي المؤيد.
يعتقد غير قليل من الاسرائيليين ومنهم للأسف الشديد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاروه المقربون ان الانتقاد الكبير في العالم لاسرائيل ولا سيما في الشأن الفلسطيني، ينبع من جهل وعدم فهم للرأي العام الدولي. ونتنياهو هو من اولئك الذين يعتقدون ان عرضا أكثر فاعلية للقضية الاسرائيلية وتطويرا وتحسينا لجهاز الدعاية سيحلان جزءا كبيرا من مشكلاتها في الساحة الدولية. ألم يكن طول حياته رجل مبيعات ودعاية، وكانت اللحظات الأكثر أهمية بالنسبة اليه في ولايته الأخيرة هي خطبه المختلفة في أنحاء العالم.
هل توجهه صحيح؟ إن بحثا جديدا قام به 'مولاد مركز تجدد الديمقراطية' يجيب عن هذا السؤال بـ لا. ان معهد البحث المقدسي الشاب الذي أُنشئ قبل أقل من سنة يريد ان يكون ورشة عمل الأفكار والمزود لليسار الليبرالي في الدولة في مجالات الخارجية والأمن والاجتماع والاقتصاد بالمضمون. والبحث عن جهاز الدعاية الاسرائيلي هو أول ما ينشره مولاد في اطار محاولاته إدخال مواقف وأفكار اليسار الى الرأي العام. وعلى هذا النحو سينجحون كما يؤمنون في مولاد في المساعدة على إحياء معسكر سياسي أصبح يحتضر.
بحسب البحث تستطيع الدعاية أن تتحسن في عدة مركبات لكن زعم أن الحديث عن جهاز فاشل مُختل بعيد عن الحقيقة. يزعم كاتبو البحث في واقع الأمر أنه منذ كانت الاخفاقات التي ظهرت في حرب لبنان الثانية، أصبح جهاز الدعاية الاسرائيلي واحدا من أكثر الاجهزة تطورا ونجاعة في العالم أكثر من المنظمات المعادية لاسرائيل التي تعمل في الميدان نفسه. ويتفقون في مولاد على ان اسرائيل تعاني من تصور عنها هابط ومكانة دولية اشكالية لكنهم يرون أن اسباب ذلك لا تتعلق بالدعاية.
إن جهاز الدعاية الاسرائيلي يديره اليوم مقر الدعاية الوطني في ديوان رئيس الوزراء وتخضع لسلطته سائر جهات الدعاية الرسمية في اسرائيل ويوجد منها غير قليل وهي وزارة الخارجية ووزارة الاعلام ومتحدث الجيش الاسرائيلي ووزارة السياحة والوكالة اليهودية وغيرها. ويتم التنسيق بين الرسائل وصوغ الاستراتيجية في منتدى الدعاية الوطني حيث يجلس ممثلو جميع الجهات التي ذُكرت آنفا.
والى جانب العمل مع المكاتب الحكومية، يشاور مقر الدعاية الوطني ايضا خبراء بالاتصالات والتسويق من الاكاديميا والقطاع الخاص للحصول على أفكار والاستماع لآراء اخرى. والى ذلك تستعمل الحكومة جهاز دعاية غير رسمي يشتمل على مئات الاسرائيليين والناشطين من الجماعات اليهودية والمنظمات والجمعيات الخاصة في الخارج، وعلى مؤيدين غير يهود يعملون على الدفع قدما برسائل اسرائيل ولا سيما في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.
يعمل جهاز الدعاية مع وسائل الاعلام التقليدية لكنه يعمل ايضا في الشبكات الاجتماعية في الانترنت. ولكل جهات الدعاية الرسمية حسابات تويتر وفيس بوك ويو تيوب وفليكر. وتشجع وزارة الخارجية الدبلوماسيين الاسرائيليين في الخارج على كتابة مُدونات وما شابه بل تستعمل فريقا خاصا من أصحاب المدونات يكتبون ردودا مناصرة للتقارير الصحافية التي تُنشر في وسائل الاعلام في العالم. واذا لم يكن كل هذا كافيا فان وزارة الخارجية تنفق مبلغا لم يسبق له مثيل نحو من 100 مليون شيكل كل سنة على مشروع تحسين صورة اسرائيل في العالم، وتستقدم وفودا من المشاهير ومن الاكاديميين وقادة الرأي العام الى اسرائيل وتنظم احتفالات مؤيدة لاسرائيل في أنحاء العالم كالمسيرة السنوية من اجل اسرائيل في نيويورك ومهرجان الافلام الاسرائيلي في باريس.
إن السؤال المركزي في البحث هو لماذا ما يزال يسود رأي أن جهاز الدعاية الاسرائيلي أقل من جهاز الدعاية المضاد الذي يُرى مُحكما ومتطورا رغم نشاط الدعاية المكثف والجهات الكثيرة العاملة والميزانيات الضخمة المنفقة.
يتعلق أحد أجوبة ذلك بنظرية سلب الشرعية التي ثبتت في السنين الاخيرة في كل ركن من جهاز الامن ووزارة الخارجية. ويعتقد كاتبو البحث ان الحديث عن مصطلح اشكالي زاد استعماله الدائم في إغراء تعريف كل انتقاد لاسرائيل بأنه جزء من مسيرة سلب الشرعية، ولهذا يُعرّف كل من يصدر عنه ذلك النقد فورا بأنه معادٍ لاسرائيل. 'على حسب هذا التعريف فان كل منظمة حقوق انسان تقريبا تعمل في اسرائيل، حتى تلك التي تُعرّف نفسها بأنها ذات شعور وطني اسرائيلي سافر قد تعتبر جزءا من حملة سلب اسرائيل شرعيتها'، جاء في البحث. 'وهذا التعريف يُمكّن الحكومة من الغاء كل انتقاد مهما يكن شرعيا، بزعم أنه جزء من حملة سلب الشرعية ولهذا فهو غير شرعي'.
بعد أن فحص كاتبو البحث عن جهاز الدعاية الاسرائيلي استعملوا نفس الوسائل للفحص عن نجاعة الجهاز المعادي لاسرائيل. وكان الاستنتاج الذي توصلوا اليه أن تهديد تلك المنظمات لصورة اسرائيل في العالم ومكانتها أقل كثيرا مما اعتيد اعتقاده. ويقرر بحث مولاد أن الجهاز المعادي لاسرائيل فشل في التنسيق بين رسائله وادارتها. ولا تعمل المنظمات المختلفة تحت سقف واحد بل انها مقطوعة احيانا تماما بعضها عن بعض وهي ذات ايديولوجيات متناقضة وهي مختلفة الآراء في أفضل طريقة عمل. ولا يوجد أي جسم معادٍ لاسرائيل يتحمل المسؤولية عن تحديد برنامج عمل موحد ومشترك كالدور الذي يؤديه منتدى الدعاية الوطني في اسرائيل. ودور السلطة الفلسطينية وتأثيرها ايضا في الجهاز المعادي لاسرائيل محدودان جدا. 'ان سلوك الأجسام يعبر أكثر من كل شيء عن الفشل المطلق للدعاية المعادية لاسرائيل في توحيد المنظمات العاملة في المجال حول رسالة واحدة ومتسقة ورسمية'، جاء في البحث. 'وليس لها اذا استثنينا مباديء عامة فكرة مشتركة أو هدف مشترك فضلا عن سلب اسرائيل شرعيتها'.
وحتى حينما يُدير الجهاز المعادي لاسرائيل نشاطا منهجيا موجها على اسرائيل في المجال الاعلامي مثلا، فانه يكون محدودا. فعلى حسب ما يقول كاتبو البحث، ترى المنظمات المعادية لاسرائيل أن الانترنت والشبكات الاجتماعية هي الحلبة الرئيسة لمواجهة اسرائيل لكنها لا تعمل بحسب استراتيجية مُحكمة كما يعمل جهاز الدعاية الاسرائيلي وتكاد تُهمل تماما الاعلام التقليدي المطبوع والمُذاع.
يزعم كاتبو البحث ان اسرائيل نفسها في حالات كثيرة تُفخم شأن المنظمات المعادية لاسرائيل ونشاطها عليها. فعلى حسب البحث فان اسبوع الفصل العنصري الاسرائيلي بخلاف الاستعراض الاعلامي الذي يحصل عليه في اسرائيل هو حادثة هامشية في الجامعات في الولايات المتحدة وحظي بتغطية اعلامية ضيقة نسبيا في وسائل الاعلام الامريكية. وحظيت وقائع 'اسبوع السلام الاسرائيلي' في الأحرام الجامعية بتغطية أوسع كثيرا.
أشار البحث الى ميزة مهمة اخرى لجهاز الدعاية وهي ان الجهات الموالية لاسرائيل والتي لها مواقف مؤيدة لاسرائيل هي في الأكثر ناس ذوو شأن عظيم في عالم الثقافة أو الاعمال أو الجامعات. وفي المقابل فان أكثر الجهات المجندة لجهاز الدعاية على اسرائيل هامشية نسبيا في الميادين نفسها. وكم من الناس في العالم يعرفون من هو نوعام تشومسكي وكم يعرفون من هو ستيفن سبيلبرغ؟.
تعمل المنظمات المعادية لاسرائيل بحسب البحث في الأساس مع ناس ذوي صلة عقائدية واضحة بأهدافها ولا سيما اليسار الراديكالي في الغرب، وهي بخلاف اسرائيل تكاد تتجاهل الصحافيين وموجهي التلفاز والفنانين والمفكرين البارزين من المركز السياسي ممن ليسوا بالضرورة يؤيدونها عقائديا. 'يأتي تمويل الدعاية المضادة لاسرائيل في أكثره من ناس خاصين، ومن شركات اعمال صغيرة، واذا استثنينا عددا قليلا من الفنانين والأدباء يصعب ان نجد شخصيات عامة بارزة مجندة بصورة سافرة للدفع بهذه الأجندة الى الأمام'، جاء في البحث. إن أحد الاجراءات التي تُرى نجاحا للمنظمات في السنوات الاخيرة هو حملة الـ
'بي.دي.اس' مقاطعات وإبعاد استثمارات اقتصادية وفرض عقوبات. لكن كاتبي البحث يذكرون ان حملة الـ 'بي.دي.اس' لم تُثمر نجاحات استراتيجية للمنظمات المعادية لاسرائيل التي هي نفسها مختلفة فيما يتعلق بجدوى استمرارها. وهم يعتقدون ان المنظمات تُجند صاغة الرأي العام لحملة القطيعة بواسطة التهديدات تعريضا أو صراحة. 'حتى لو حظيت هذه الطريقة بعدد من النجاحات فانها محدودة من جهة قدرتها على الدفع قدما بأهداف الجهاز'، ورد في البحث. إن الرسالة الايجابية هي شيء غير موجود عند المنظمات المعادية لاسرائيل، خلافا لجهاز الدعاية. 'إنها تعتمد على استراتيجية سلبية انتقادية تنحصر في الدعاوى والتسويغات والشكاوى والتهديدات وتقلل من المشاركة وانشاء تصور ايجابي لدى الجمهور العريض'، جاء في البحث. 'حتى حينما يعمل الجهاز المعادي لاسرائيل في التصنيف فان الحديث عن محاولة تصنيف اسرائيل باعتبارها دولة عدوانية تنقض حقوق الانسان بصورة منهجية'.
ان استنتاج كاتبي البحث هو ان الموقف الذي يرى ان اسرائيل تعاني من مشكلة دعاية ليس صادقا وهو ينبع في أكثر الحالات مما يبدو أنه هستيريا لا أساس لها. 'ليست مشكلة الدعاية سوى أسطورة... اذا كانت اسرائيل تعاني من عزلة دبلوماسية وصورة هابطة في العالم فليس سبب ذلك فشل الدعاية'.
إن المأساة هي ان النقاش المبالغ فيه لـ 'مشكلة الدعاية' والاشتغال الذي لا ينقطع بالبحث عن حلول تقنية أو رسائل أكثر اقناعا يصد نقاشا جديا في الحكومة وفي الرأي العام ايضا يبحث عن الاسباب الحقيقية لوضع اسرائيل. 'بدل الاشتغال بالعلاقة بين سياسة حكومة اسرائيل وصورة اسرائيل في العالم أخذت تنشأ أسطورة تتعلق بـ 'مشكلة الدعاية' '، يُلخص كاتبو البحث. 'ان تضخيم الدعاية المعادية لاسرائيل من جهة وانتقاد الدعاية الاسرائيلية من جهة اخرى يصرفان الانتباه العام عن العلاقات السببية بين تدهور صورة اسرائيل ومكانتها الدولية وسياسة حكومتها'.
سيُعقد اليوم في وزارة الخارجية في القدس المؤتمر السنوي لسفراء اسرائيل في العالم. وفي المؤتمرات السابقة اعتاد وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان ان يوبخ السفراء ويُهينهم. وقد زعم ان الدبلوماسيين الاسرائيليين بدل ان يُبينوا موقف اسرائيل ويُصروا على 'الكرامة الوطنية' ينطوون ويستكينون للعالم. وفي هذه الاثناء أصبح ليبرمان هو الذي حزم أمتعته وانطوى عن وزارة الخارجية بسبب لائحة الاتهام التي قُدمت فيه. قد يصبح مؤتمر السفراء فرصة جيدة لنقاش استنتاجات بحث 'مولاد'. وسيُحسن المدير العام لوزارة الخارجية رفائيل براك الصنع اذا وزعه على كل واحد من السفراء يجتاز باب قاعة المباحثات التي سيعقد المؤتمر فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أحُرّاس الحمى..؟
بقلم: جدعون ليفي ،عن هأرتس
ان عمال التنظيف يقومون بعمل قذر جدا لكنه حيوي ومثلهم بالضبط ناس 'الشباك'. لكن في حين يُعد عمال النظافة قليلي الشأن يتمتع ناس 'الشباك' بمجد وإجلال. فقد عُين اثنان من رؤساء 'الشباك' وزيرين، أحدهما رجل اعمال ناجح، وهو نافخ بوق وقت الحاجة ومشهور عظيم يوشك ان يصبح قريبا عضو كنيست أو ربما وزيرا. وقد تم الآن الكشف عن عالمهم كما لم يُكشف عنه قط: إن 'حُراس الحمى' وهو الفيلم الوثائقي المدهش لدرور موريه، الذي كان العرض الافتتاحي له في نهاية الاسبوع في سينما 'تيك' في تل ابيب يُعرض على الشاشات متوجا بجوائز دولية. وقد شرّف أبطاله وهم ستة رؤساء 'الشباك' الذين يعيشون معنا العرض بحضورهم وحظوا بهتاف الجمهور بالطبع أأبطال ثقافة هم أم ليسوا أبطال ثقافة.
من الواجب مشاهدة هذا الفيلم المزعزع لأنه يثير مع نهايته شعورا بالاشمئزاز العميق، وهو مع فيلم مهم آخر هو 'سلطان القانون' لرعنان الكسندروفيتش، يكشف في تأخر كبير عن الحقيقة المخيفة التي تكمن وراء مشروع الاحتلال على ألسنة المسؤولين عنه في جهاز القضاء العسكري (في 'سلطان القانون') وعلى ألسنة رؤساء 'الشباك' (في 'حُراس الحمى'). فهؤلاء يعرضون على اسرائيل (والعالم) صورة مقلقة ومخيفة جدا. وليس كارهو اسرائيل في العالم هم الذين يُشبهون الجيش الاسرائيلي الآن بالنازيين لأن ابراهام شالوم يفعل ذلك الآن مع تحفظ ما؛ وليس اليساريون البغيضين في اسرائيل هم الذين يلوحون الآن بنبوءة إشعياء ليفوفيتش المتحدث عن دمار الاحتلال وجعل اسرائيل دولة 'شباك' لأن يوفال ديسكن يعترف بذلك الآن، مع تحفظ ما وكلاهما يتجاهل أنه معدود في المسؤولين عن الخيبة.
يعرض ستة رؤساء 'الشباك' أنفسهم ويقولون كنا رؤساء صغارا. ويعرض ستة رؤساء 'الشباك' ايضا فيلم مافيا: يعقوب بيري بعذوبة قوله، وديسكن بلغته الفظة، وشالوم بلغته اللاذعة، كلهم يتحدثون مثل رؤساء منظمة اجرام. 'في نابلس، حيثما رميت بحجر كان قط أو مخرب... وخرجنا من هناك مع نهب غير قليل'، يصف بيري حقول صيده؛ أما شالوم فيعترف بقتل المخربين المقيدين في قضية خط الحافلة 300 على النحو التالي: أبلغوه أنهم 'قد ماتوا تقريبا' من الضرب لكنه أصدر فقط الأمر الصغير قائلا 'أنهوا العمل' وهو أصلا ضحية المستوى السياسي الذي تخلى عنه. لقد عملوا فقط مثل مقاولي تصفية ومحاربة ارهاب وعلموا ان ما فعلوه لم يكن غير انساني فقط وغير اخلاقي ('لا توجد اخلاق'، يقول شالوم بجزم) وغير قانوني احيانا ايضا، بل علموا ان عملهم قد جلب على اسرائيل غير قليل من الكوارث الى جانب النجاحات لكنهم سكتوا.
الآن وقد أصبح الامر متأخرا، يتذكرون الحديث وعلى نحو غير شجاع بقدر كاف ايضا. انهم يتذكرون الآن أن يقولوا انه لا يمكن حل المشكلة الفلسطينية بالقوة وان كل اغتيال انشأ بديلا أكثر تطرفا، وانهم هم والعاملون تحت سلطتهم حققوا مع عشرات آلاف الفلسطينيين وعذبوهم أو 'ربما مئات الآلاف'، وأن كل ذلك كان بلا جدوى. وهم يطرحون المسؤولية في ادعاء للسذاجة على المستوى السياسي الذي يحتقرون جزءا منه وكأنهم لم يستطيعوا ان يؤثروا أكثر وأن يعذبوا ويغتالوا بقدر أقل. وكأنهم لم يعلموا في الوقت المناسب أنه الى جانب نجاحاتهم العملياتية في منع الارهاب، يصرخ ويُدوي سؤال كم أنشأت طرق عملهم القاسية من الارهاب وكم ولد من المخربين الجدد في غرف التحقيق التي تُلتِل فيها وعُذب وضُرب وقُيد وأُذل عشرات آلاف البشر بطرقهم الفظيعة التي اعترفوا بوجودها.
هناك دول حوكم فيها المسؤولون عن اعمال مشابهة وهم في دول اخرى ندموا بعد سنين على الأقل، ولم يكن هذا فعل رؤساء 'الشباك' عندنا فهم هنا ضيوف مطلوبون لكل منتدى ومدعوون في كل حفل، وهم مشاهير كبار لرأيهم اعتبار وهم نجوم يتوجون قوائم حزبية للكنيست وهم أبطال اسرائيل الذين لا يفكر أحد في التنديد بهم. ان حُماة حمى اسرائيل الذين نشك في أنهم كانوا كذلك حقا، ظلوا كما كانوا بلا وخز ضمير وبلا ضمير وبلا ندم، لكن لماذا يتصرفون تصرفا مختلفا؟ أليست اسرائيل ما تزال تهتف لهم؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تفضيل نتنياهو.. وزير الدفاع القادم
بقلم: ايتان هابر ،عن يديعوت
درس مهم في السياسة الاسرائيلية: في دولة اسرائيل كان وسيكون ثلاثة مناصب مهمة، حاسمة – رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الاركان. كل ما تبقى هم «بواقي خضار» – بما في ذلك وزراء الحكومة وجنرالات هيئة الاركان ايضا. وحسب هؤلاء الثلاثة تتقرر الامور، حسب قراراتهم نعيش، أو لا سمح الله نموت. الكل، بالكل، من الكل.
المنصب الاهم في هذا الترتيب هو بالذات رئيس الاركان. من دونه، لا قيام لرئيس الوزراء ووزير الدفاع. لم يولد بعد في دولة اسرائيل رؤساء وزراء ووزراء دفاع أمروا بعمل شيء ما في البلاد، وبالتأكيد في الجيش، بخلاف رأي رئيس الاركان. في افضل الاحوال، من ناحية السياسيين، رؤساء الاركان طاروا من مناصبهم اذا ما رفضوا ان يعملوا كما يأمر رئيس الوزراء أو وزير الدفاع. بوغي يعالون، كرئيس اركان، مثلا، رفض تقليص ميزانية الجيش، فطار من خطة فك الارتباط لاريك شارون كرئيس للوزراء.
رئيس الاركان، لمن لم يستوعب بعد، هو كلي القدرة، والوحيد في دولة اسرائيل، الذي تعتبر فيه قدرته على التنفيذ، من خلال الجيش الاسرائيلي، مطلقة. يريدون زراعة البندورة؟ يريدون الطيران الى القمر؟ اعدام احد ما من خلال تناول «كعكة في البيت أو على شاطيء البحر في دولة عدو؟ الاحتفال بالبلوغ ليتامى الجيش الاسرائيلي مع وزير الدفاع كضيف؟
وزير الدفاع في دولة اسرائيل، كل وزير دفاع، من العمل أو الليكود، جندي قديم او مدني، ملزم – هذه هي الكلمة وليس غيرها – بان يعرف جهاز الامن بتفاصيل تفاصيله، ولم يولد بعد واحد كهذا، مهما كان كفؤا، يعرف كل ما ينبغي أن يعرفه عن وزارة الدفاع بفروعها والجيش الاسرائيلي بأسلحته. في الحالة التي امامنا لا يوجد اي بديل للخبرة، كجندي، كجنرال، كوزير في المستويات الاعلى. لا يوجد.
واذا لم أكن مخطئا، فمن بين الـ 16 شخصا الذين تولوا حتى الآن منصب وزير الدفاع، اربعة فقط كانوا مدنيين، واثنان منهم على الاقل فشلا فشلاً ذريعا وعن الآخرين يتحدث الناس اساطير عن نجاحهما. من نظرة قريبة ومن تجربة شخصية يمكنني ان اشهد: لا يوجد مثل صاحب التجربة، وبالتأكيد في المجال الامني (وان كان يجب الاعتراف انه كان هناك اصحاب تجربة فشلوا في منصبهم).
2013، قد تكون أو كفيلة بأن تكون مصيرية، حاسمة، غير مسبوقة في اهميتها في المجال الامني وفي حياتنا هنا: النووي في ايران؛ حماس وفتح مع انتفاضة ثالثة محتملة في غزة، في «يهودا والسامرة» وفي ارجاء دولة اسرائيل؛ سوريا المتفككة مع عشرات الاف الصواريخ؛ مصر التي تريد ان تقول «سلاما» لاتفاق السلام وتبني جيشا للمدى البعيد؛ لبنان وحزب الله مع عشرات الاف الصواريخ. وفوق كل هذا – امريكا، التي تعطينا حياة امنية، ورئيسا في ولاية ثانية يرفض ان يقبل كل صباح صورة بنيامين زئيف هرتسل.
لدى رئيس وزراء كنتنياهو، فإن وزير الدفاع هو ايضا وزير الخارجية للشؤون الاهم – اميركا. فما بالك أن لوزير خارجيته الحقيقي حتى استقالته، افيغدور ليبرمان علاقات ممتازة مع روسيا البيضاء ولاتفيا فقط. وما العمل؟ فانهما لا تحميانا بعد من كل شر.
الاستنتاج: يخيل لي بأي اعرف من هو الرجل الذي يريد بنيامين نتنياهو أن يكون وزير الدفاع في حكومته. نتنياهو، وقبل ذلك ابناء عائلته، أبواه، لم يخفوا ابدا تقديرهم للرجل الذين يريدون ان يروه الى جانبهم. في نظر نتنياهو، اذا ما (ويجب ان يقال عندما) سيكون رئيس الوزراء، فيكاد يكون هذا هو الخيار الوحيد. قد لا يعجب هذا الناخبون – ولكن بعد يوم من الانتخابات، من يسألهم على الاطلاق؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الهدوء ينتقض
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
أخذ وقف اطلاق النار مع غزة ينتقض، لكن لا يوجد عند أحد في اسرائيل زمن ولا رغبة في معرفة ما يحدث هناك حقا. ولا توجد لوزير الدفاع واحدى رجليه في الخارج قوة سياسية ليملي سياسة ما. ورئيس الوزراء محصور العناية في الانتخابات وآخر شيء يحتاج اليه ترتيبات مع حماس بل وهم تفاهمات مع حماس. فلا عجب من ان التوجيهات التي تلقاها الفريق الاسرائيلي الذي يجري التفاوض مع حماس في القاهرة – بوساطة مصرية – هي دهن الامور وعدم التوصل الى أي اتفاق الى ما بعد الانتخابات. وفي الاثناء على الارض تحتشد الطاقات للجولة المسلحة التالية.
تقوم في عين العاصفة القريبة المنطقة الامنية الخاصة – وهي ذلك الشريط على طول جدار الحدود في عمق نحو من نصف كيلومتر من الارض الفلسطينية الذي تمنع اسرائيل دخول الفلسطينيين اليه لاسباب أمنية.
منذ كان وقف اطلاق النار في 21 تشرين الثاني عادت اسرائيل وحماس الى التصرف وكأنه لم توجد «عمود السحاب». فاسرائيل ما تزال تُجري دوريات على حدود القطاع لفتح محاور وللعثور على شحنات ناسفة وأنفاق وتفجيرها. وما يزال الفلسطينيون يحاولون دخول المنطقة الامنية الخاصة. وقد أطلقت قوات الجيش الاسرائيلي النار ثلاث مرات على الأقل على مواطنين دخلوا المنطقة وجُرح سبعة على الأقل.
تحاول حماس في الحقيقة منع الحشود والتظاهرات قرب الجدار، لكنها لا تعالج دخول أفراد وليس ذلك عرضا. فالطرفان أسيرا دعايتيهما الذاتية. وقد أقنع كل طرف جمهوره بأن انتصاره في «عمود السحاب» مطلق. وحددت حماس الانتصار في البحر وعلى الارض بقولها حظينا بتوسيع منطقة الصيد في البحر وحظينا بـ 40 كم من الارض على طول الجدار. وتم اقناع السكان الفلسطينيين وهم يسلكون بحسب ذلك بيد أنهم حينما يجتازون خطوطا ما في البحر يطلق سلاح البحرية النار عليهم؛ وحينما يقتربون من الجدار للاستمتاع بثمرات النصر يطلق الجيش النار عليهم.
في الايام الاولى بعد العملية لم يكن لاسرائيل ولحماس مصلحة في إفساد الهدوء لأن العودة فورا الى اطلاق النار كانت ستكشف عن خدعة – عند الطرفين – انجازاتها المحدودة جدا. ولم يفكر الطرفان من البدء كيف يُهدئون بل كيف يستخلصون أقصى قدر من الانجاز كما تصوراه.
وهكذا في حين تحاول اسرائيل الحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة الامنية الخاصة، حاولت حماس الحفاظ على الوضع الراهن في شأن التسلح الاستراتيجي والتهريبات الذي تراها اسرائيل الانجاز المركزي لـ «عمود السحاب». وتبين أنه منذ الايام الاولى بعد العملية عادت حماس ومنظمات اخرى الى انتاج وتطوير صواريخ بعيدة المدى. بل إنها في احدى الحالات وقد يكون ذلك من اجل التجربة أطلقت صاروخا نحو اسرائيل وهو ما تُرجم هنا الى عدم رضى حماس عن النشاط الاسرائيلي على حدود القطاع.
في تلك الايام تصرفت اسرائيل وحماس بصورة «حضارية»، مثل دولتين بينهما صراع. فحينما استمرت حماس في نقض الاتفاقات قدمت اسرائيل شكوى رسمية الى مصر. وأبلغ المصريون حماس أن هذا يناقض التفاهمات وكان يبدو ان حماس قبلت تفسير الاتفاق. واشتكت حماس من جهتها للمصريين من اطلاق النار الاسرائيلي على طول المنطقة الامنية الخاصة. وكان يبدو أنه بقي هنا ما يشبه نظام وقف اطلاق نار. وانتهى ذلك الاحتفال سريعا جدا وعادت حماس الى عادتها وكف المصريون عن التنبيه، وتم دهن التفاوض في القاهرة.
في الاسبوع الماضي أعلن منسق العمليات في المناطق ان اسرائيل سمحت لحماس بتجديد قافلة الشاحنات والحافلات لديها عن طريق ميناء أسدود – بعد خمس سنوات حصار. وفوق ذلك تم نقض منع الاستيراد الشخصي لمواد البناء من اسرائيل الى القطاع وكان تعليل ذلك أن اسرائيل فعلت عدة تفضلات بسبب الهدوء.
أي هدوء؟ ومن يخدعون؟ ان هذه الخطوات تم الاتفاق عليها مع المصريين بعد «عمود السحاب» بزمن قصير، وتنفذها اسرائيل الآن لكسب وقت من اجل الساسة كي لا يسأل الجمهور في اسرائيل اسئلة وكي تكف حماس نفسها أملا في الحصول على بعض قطع الحلوى الاخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ<hr>