Haneen
2013-01-07, 01:07 PM
اقلام واراء حماس
في هذا الملف
للنادمين على أخطائهم!
بقلم خالد وليد محمود عن فلسطين اون لاين
المفلسون يهدمون المعبد
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
حِلْ "عن" السلطة!!
بقلم محمود العجرمي عن فلسطين اون لاين
الوفاق مبادراته وثقافته
بقلم ممدوح الشيخ عن فلسطين اون لاين
عملية سياسية تنقذ الأسد من الجحيم
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
إيران وروسيا والثمن الكبير في سوريا
بقلم ياسر الزعاترة عن فلسطين الان
مجلس الجامعة العربية وزيارة رام الله
بقلم منير شفيق عن فلسطين الان
سموه ما شئتم ولكنه يبقى توقعاً
بقلم مصطفى الصواف عن فلسطين الان
كشف حساب في ذكرى حرب غزة الأولى 2008
بقلم عدنان أبو عامر عن المركز الفلسطيني للاعلام
للنادمين على أخطائهم!
بقلم خالد وليد محمود عن فلسطين اون لاين
يعرّف علماء النفس الندم بأنه ذلك الإحساس بالذنب الذي ينتاب الإنسان حين يعتقد أنه أساء إلى الغير بالقول أو بالفعل أو عندما يرتكب خطأ يخالف القانون أو العرف الاجتماعي.
يشعر الإنسان عادة بضرورة مراجعة نفسه، ومحاسبتها عما قامت به من سلوكيات أو أحاسيس أومشاعر خاطئة، والشعور بالذنب ضرورة تعذيبية كي يقلع الفرد عن أخطائه ، وينتج الشعور بالذنب من خلال الأسرة والمجتمع بمختلف فئاته والمعايير الاجتماعية والدينية التي يكتسبها منذ الطفولة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية ، ومعرفة قائمة المسموحات والممنوعات ويرتبط الشعور بالذنب إما بأخطاء تتعلق بالمحيطين بالفرد أو نحو ذاته وحياته الخاصة وبالتالي مخالفة التعاليم الإسلامية أو القوانين، والعرف الاجتماعي يؤدي إلى إحساس الإنسان بتأنيب الضمير، والشعور بالندم على الخطأ الذي ارتكبه.
وهنا نسوق أكبر ثلاثة أخطاء في التاريخ، لمن يعانون من الندم على أخطاء ارتكبوها.
الخطأ الأول : باع جورج هاريشن من جنوب أفريقيا مزرعته إلى شركة تنقيب بعشرة جنيهات فقط لعدم صلاحيتها للزراعة ، وحين شرعت الشركة في استغلالها ، اكتشفت بها أكبر منجم للذهب على الإطلاق ، أصبح بعدها هذا المنجم مسؤولاً عن 70% من إنتاج الذهب في العالم .
الخطأ الثاني : في عام 1347م دخلت بعض الفئران إلى ثلاث سفن إيطالية كانت راسية في الصين ، وحين وصلت إلى ميناء مسينا الإيطالي خرجت منها ، ونشرت الطاعون في المدينة ثم في كامل إيطاليا . وكان الطاعون قد قضى أصلاً على نصف سكان الصين في ذلك الوقت ، ثم من إيطاليا انتشر في كامل أوروبا فقتل ثلث سكانها خلال عشر سنوات فقط .
الخطأ الثالث : في إحدى ليالي 1696م أوى الخباز البريطاني جوفينز إلى فراشه ، ولكنه نسي إطفاء شعلة صغيرة بقيت في فرنه ، وقد أدى هذا “الخطأ” إلى اشتعال منزله ثم منزل جيرانه ثم الحارات المجاورة ، حتى احترقت نصف لندن ومات الآلاف من سكانها ، فيما أصبح يعرف “بالحريق الكبير” ،، الغريب في الأمر أن جوفينز نفسه لم يصب بأذى .
نحن البشر ليس غريباً أن نندم، فهذه إحدى النتائج الإيجابية لكوننا بشرا، فنحن خطاؤون وخير الخطائين التوابون، ونتيجة هذه الأخطاء قد يكون الندم ، ومن ثم التصحيح ، والعودة إلى الدرب القويم ، نحن كأفراد ليس صعباً علينا أن نندم ، وأن نتراجع عن أخطائنا ، فهي أخطاء فردية ، لا تؤثر إلا علينا نحن كأفراد ولا تؤثر على الشعوب أو الأوطان وحتى المجتمعات، فمهما كانت أخطاؤنا الفردية كبيره، فهي في النهاية أخطاء ضيقة ، من السهل الندم عليها، ومن السهل السيطرة عليها.
المفلسون يهدمون المعبد
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
لم تظفر مصر منذ عهد محمد علي باشا بحكم ديمقراطي حقيقي. ولم تظفر في الوقت نفسه بحاكم مدني منتخب. مصر خضعت في تاريخها المعاصر إما لحكم العائلة (عائلة محمد علي)، أو إلى حكم العسكر (عبد الناصر، والسادات، ومبارك، والمجلس العسكري). هذه العناوين تعني أن مصر (محمد مرسي) تعيش مرحلة انتقالية لإنشاء حياة ديمقراطية حقيقية، يقوم على أسس وقواعد مستقرة وراسخة تفضي في النهاية إلى الخلاص من حكم العائلة، وحكم العسكر، وحكم الاستبداد.
الديمقراطية المستقرة ذات العناصر المكتملة هدف كبير، وغاية عظيمة لا يقوم على بنائها محمد مرسي والحزب الحاكم وحدهما، وإنما يقوم على بنائها الرئيس المنتخب والحزب الحاكم والمعارضة بكافة ألوانها السياسية، والنخبة المثقفة، ووسائل الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني، والجامعات، والمساجد والكنائس، والرأي العام، فهي في النهاية مظلة الجميع، وتستظل بها الأجيال، لا يملك طرف القدرة على القيام بها وحده دون الآخر.
هذه البدهية التي يجتمع عليها الإسلامي والليبرالي واليساري والناصري والعلماني والشيوعي، باتت في مصر موضع شك واتهام، إذ تسمع للمعارضة المصرية بزعامة جبهة الإنقاذ فتحسب أنك تستمع إلى جبهة معادية تمامًا لأول رئيس منتخب، ولأول تجربة للتيار الإسلامي في الحكم، وتعدُّ من مظاهر العداء مكررًا ما قاله عبد الناصر والسادات ومبارك قديمًا، وتعد من مظاهره مكررًا ما قاله كل علماني وملحد عرفه العصر الحديث معاديًا لفكرة التدين أو الإسلام.
تابعت عن كثب الصحافة العبرية، والصحافة الغربية، والإعلام الليبرالي المصري، والإعلام اليساري المصري، وحتى فضائية دول عربية فوجدتها ترمي عن قوس واحد أسهمًا مسمومة تستهدف تجربة التيار الإسلامي في الحكم، وتضخ في مسامع الرأي العام المصري والعربي والعالمي من الإشاعات والأكاذيب والشكوك ما يمكنه أن ينسف الجبال الراسيات نسفًا، فيجعلها قاعًا صفصفًا.
عجبت كيف يلتقي (العبراني مع العربي مع الإفرنجي)، في هدم الدولة المصرية الديمقراطية التي بزغت كحلم وأمل في 25/يناير/2011م؟! لماذا تكأكأ كل هؤلاء المتشاكسون على تجربة بناء حياة ديمقراطية ونظام ديمقراطي بقيادة محمد مرسي، والحرية والعدالة بالشراكة مع الآخرين. لماذا تجتهد جبهة الإنقاذ في هدم الديمقراطية، وهدم الدولة المصرية، وتخرج بالحكم في مصر من أزمة إلى أزمة؟! خرجت مصر من أزمة الدستور، لتدخل في أزمة التشريع في مجلس الشوري؟! وأما عن أزمة الاقتصاد والإفلاس فهي ميدان مترامي الساحات لمن يريد أن يهدم الدولة، ويجهض الاستثمار، الأمر الذي لا يضر بمرسي والإخوان، وإنما بكل مصري في الحاضرة أو في البادية. المعارضة المصرية تمارس أسطورة (شمشون) الجبار في هدم المعبد.
المفلس من يهدم، ويسب ويشتم. مصر لن تفلس، حتى وإن كان الهدم سهلاً، وممولاً، ومزينًا، ومنمقًا، ومتخفيًا وظاهرًا. مصر في عهد الجمهورية الثانية لن تفلس، والعنت الذي تواجهه التجربة الإسلامية هو كالنار التي تصهر الحديد، وتزيل شوائبه وخبثه لإعادة تشكيله نقيًا من جديد.
لقد أفلست المعارضة الليبرالية واليسارية وأحزابها من قبل ثورة 25 يناير 2011، لا في مصر فحسب، بل وفي كل العواصم العربية، وتقدمت الأحزاب الإسلامية في ظل حكم عبد الناصر والسادات ومبارك وهم سدنة اليسار والليبراليين، وفشلت الليبرالية واليسارية من بناء حكم رشيد أو ديمقراطي يحظى باحترام الشعب، لذا فإن إحساسهم بتراجع مستقبلهم يجعلهم يتجون إلى هدم مستقبل الآخرين، ولو بهدم الدولة المصرية نفسها، ومع ذلك فلن يصلوا إلى غاياتهم لأنهم هم المفلسون حقًا.
حِلْ "عن" السلطة!!
بقلم محمود العجرمي عن فلسطين اون لاين
فاقد الشيء لا يُعطيه، والشيء بالشيء يُذكر!! حقائق وبديهيات يعلم سِيَرَها وخواتيمها الأطفال، ولكن لا بد من التذكير بها "كلما دَقَّ الكوز بالجرة" فكيف إذا استمر هذا النكأ كثيراً وطويلاً أيضاً؟!
منذ أكثر من عقدين يستمر التفاوض، حتى جفَّت الأقلام واستشرى العُقم حتى سامَنا كل مفلس، وما بقي أرانب في جراب الحاوي وما ترك الاحتلال أرضا يُتَفاوض عليها وقد جَرَّب وفريقه المتواطئ كل وصفات العطارين وطَرْق جميع الأبواب والفصول وحتى الحواشي في رسالة الدكتوراة "لكبير المفاوضين" الذي يذكرني بما قاله أحد الأصدقاء المصريين وقد كنت في زيارة للقاهرة منذ عدة أشهر، "معلش، سيبو اللي عامل كِبير، بس هوا بيعرف في كل حاجة إلّا التخصص بتاعو!!!"
ولكن وعملاً بنصيحة هذا الصديق، صدوق اللسان، قليل التفاوض، وغير اللَّعان، آثرت أن أبتسم وتحديداً حين يكون الموقف مثاراً للبكاء، فالوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء والصبر بداية الشفاء، كما يقول عَطِر الذكر، طيَّب الله ثراه العالم "ابن سينا".
ثقتي في الشعب كبيرة وفي الله ناصرنا أعظم، وأنا أعلم أن الانتفاضة في ضفة القسام بدأت والمواجهات مع قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال تتراكم وتتدحرج وستأخذ حتماً في طريقها كل أدواته والمتعاونين معه أمناً أو تفاوضاً.
لا يَنفَك عباس يُردِّد دون مَلَل تصريحاته العُرقوبية بحل السلطة، وللتاريخ أذكّر بأن هذا التهديد قد تكرر وعلى مدار الأعوام الماضية لعشرات المرات دون أن يجري تنفيذه لمرة واحدة!!
هذا الوعيد الأجوف، رد عليه الفاسد الأخرق وزير خارجية العدو أفيغدور ليبرمان، بما يُناسبه حين قال "إذا كنت .... افعلها"؟!! وهو الذي قال وفي عديد المناسبات "إن عباس، أضعف من أن يتخذ ويُنفذ قراراً واحداً ضد (إسرائيل)".
الرئيس عباس، "قرَّر" ولعشرات المرات "وقف" التفاوض "وأَقْسَمَ أغلظ الأَيمان" أنه لن يعود حتى تتوقف دولة الاحتلال عن سياسة الاستيطان، وأن تلتزم بمرجعية قرارات الأمم المتحدة، بل أضاف كذلك ضرورة وضع أجندة زمنية مُعلَنة للانتهاء من "العملية السياسية" برُمتها!! لقد جرى في وادي التفاوض سراب غزير، حتى غزا التصحر أحلام يقظة "فريق أوسلو"، الذي كان يعود في كل مرة إلى الطاولة صاغراً رغم ركل الاستيطان ووحداته وصفعات الاستدراج المالي في غرفة إنعاش التعاون الأمني الذليل!!
لقد أعلن عباس وعلى مَسمَع ممثلي 193 دولة أن خطوة "الاعتراف بدولة فلسطين غير عضو" في الجمعية العامة للأمم المتحدة تأتي تمهيداً للعودة إلى التفاوض مرة أخرى.
عباس يبحث عن صيغة أيّاً كان هُزالها تحفظ له ماء الوجه ليزرع في البحر "بطيخ" مشروعه المستحيل بحل سلمي حضاري مع الدولة الجارة عبر تفاوض في صالونات الدبلوماسية الناعمة على شواطئ نهر الدانوب الأزرق على أنغام سيمفونية بيتهوفن الرابعة!!
أما السيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية فيعترف أن "شبكة الأمان" المالية العربية لم يتحقق شيئ منها، وأن هناك "خطة" لتذكير قادة الدول العربية بذلك، نعم "خطة تذكير"؟! هذا ما قاله "العربي" لعباس، كثمرةٍ مُرَّة للتهافت البائس لسلطة المقاطعة!
وعلى الجبهة الأخرى، جبهة المقاومة في قطاع غزة، وقلعة الصمود يتدفق الدعم العربي والإسلامي وكل أحرار الدنيا مادياً ومعنوياً، وهو بملايين يتضاءل أمامها كماً ودلالات مِئات ملايين "النظام العربي" الذي يُدير معظم مؤسساته ولم يزل بقايا أدوات وروافع مظلة السياسة الأميركية في الجامعة العربية والمنطقة عموماً.
واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية مُمثِّلاً لفصيلٍ انقرض لما تبقى من منظمة التحرير الفلسطينية، يكتشف بعد عقدين من الزمن واللهاث في قفر عبث التفاوض أن الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاحتلال يعاديان الحقوق الوطنية الفلسطينية وأنهما حالا دون زيارة عدد من وزراء الخارجية العرب لرام الله، ومن دفع ما عليهما من استحقاقات مالية لسلطة عباس.
الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين في مصر يقول إن إنشاء وطن لليهود في فلسطين تحقق بدعم بريطاني أميركي، وهو كيان غريب دخيل، عنصري استيطاني مُحتل ويدعو للتفاؤل بزواله قريباً وأن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى حيفا وعكا ويافا باتت وشيكة.
القائد المصري الثوري لنظام مصر الجديدة يرى أن الدولة الفلسطينية وأمل الشعب هي الحقيقة الوحيدة بعد أن ثبت "وهم السلطة تحت الاحتلال"!!
والشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة يملكان الإرادة والشجاعة لمنازلة العدو على أرض يعلمان انتماءهما لها وخلود تماهيهما مع ترابها الطهور.
الشعب الفلسطيني يقيم اليوم في القطاع الصامد نموذجه للسُّلطةِ المُقاوِمة، نقيضاً لسلطةٍ ارتضت أن تكون أداة ورهينة للعدو.
الوفاق مبادراته وثقافته
بقلم ممدوح الشيخ عن فلسطين اون لاين
أصبح "الوفاق" كلمة السر في فهم المشهد السياسي الراهن وأيضاً استشراف مآلاته!
فبناء النظم السياسية مهمة مركبة فيها مساحات للتدافع والمنافسة، وأخرى للتوافق السياسي وبينهما "أمور مشتبهات"!
وتصبح هذه الأمور المشتبهة موضوع صراع في المجتمعات التي غادرت للتو كهوف الاستبداد المظلمة، لكن مصر تغادر كهف الاستبداد مثقلة بميراث ثقيل الوطأة من "ضبابية الهوية". والضبابية هي في تصور الوزن النسبي لمكونات هذه الهوية، حيث لا صراع في الحقيقة على قاعدة التنافي التام بين نقيضين. لكن الخوف المرضي الذي يحرك غير قليل من جماهير الجبهتين المتشاكستين يجعل الوفاق يبدو – على طريقة المنطق الأرسطي – "الوسط المرفوع"، وهو في الحقيقة الوسط الممكن.
ومع إغلاق صناديق الاقتراع على الدستور الذي تسبب في استقطاب هو الأكبر من نوعه في تاريخ مصر الحديث بين فصيلين، بدأ الحديث عن مبادرات وفاق إحداها – وقد تكون الأهم – لم يكشف عن تفاصيلها بعد. وسبب أهمية هذه المبادرة أنها مبادرة "رئاسة الجمهورية".
فمشروعية الرئيس المنتخب أثبتت تجربة الأشهر القليلة الماضية أنها نقطة ارتكاز النظام السياسي الوليد. ففي هذه اللحظة هناك حقائق تعكس فراغاً دستوريا كبيراً في مقدمتها غياب البرلمان الذي تم حله حكم مثير للجدل من المحكمة الدستورية العليا، وإلى جانب غياب الدور التشريعي لمجلس الشورى – حتى كتابة هذه السطور – وفضلاً عن حالة من التململ الشديد في السلطة القضائية. ويضاف إلى كل ما سبق أن المؤسسات السيادية التي ينص الدستور على تشكيلها ما زالت حبراً على ورق.
وعليه فإن دعوة مؤسسة الرئاسة إلى "الوفاق" تصبح مؤشراً إيجابياً، والإيجابية هنا ليس مبررها التقييم الموضوعي لمحتوى المبادرة – فهي لم تعلن حتى اللحظة – بل مبررها أن نتائج الاستفتاء على الدستور عكست شرخاً حقيقياً في التوافق الوطني المصري، ونسبة من رفضوا مسودة الدستور – إضافة إلى نسبة من أحجموا عن التصويت – تقطع بأن كتلة لا يستهان بها من الشعب المصري "تغرد خارج السرب"، وهي إما فقدت الحماس لمسار بناء المؤسسات فقررت ألا تذهب للتصويت، أو ترفض مسودة الدستور – النص المؤسس للنظام السياسي – فاختارت التصويت بــ "لا".
والسياسي الحصيف لا يستغني عن الجمع بين "نظرة النمل" وبموجبها أصبح لدى القوى السياسية التي تبنت الدستور تفويض "صحيح إجرائياً"، وبين "نظرة الطائر" وبناء على معطياتها فلا مفر من الاعتراف بأن قاعدة الشرعية يجب أن تتسع بإزالة مبررات امتناع القوى التي اختارت الجانب الآخر، أو على الأقل قسم منها.
وفي هذا الإطار فإن السعي العملي إلى الوفاق يصبح ضرورة سياسية وليس مجرد خيار له الأفضلية، فوجود قوى مقاومة منظمة لمسار بناء النظام السياسي – مهما كان وزنها النسبي صغيراً – تشكل خطراً كبيراً، وبخاصة في ظل مخاطر أن تكون هذه القوى هدفاً محتملاً لمحاولات استخدام سياسي من قوى إقليمية أو دولية تريد أن يكون لديها أوراق لعب على الساحة المصرية.
ومما يجب الوقوف عنده بصفة خاصة وجود الكنائس الثلاث المصرية الكبرى خارج معسكر مؤيدي الدستور، فهذه الكنائس ليست رقماً سياسياً بقدر ما هي مكونات لها مكانة تاريخية خاصة في الوجدان المصري. وفي عالم تتصاعد فيه دعوات الاهتمام بــ "الأقليات"، فمن الخطأ أن يفتح الباب لتحويل جماعات كانت لقرون جزءاً من النسيج الوطني بالمعنى الكامل لتبدأ في عملية تغليب سمات الوفاق – وهي الأكثر – على شارات الاختلاف، وهو مسار ينتهي غالباً بمشروعات للانفصال عن الكيان الجامع.
والوفاق لا يعني تخلي أي من الفريقين عن المقوم الرئيس لما يعتبره من ثوابت رؤيته فالخلاف هو في الحقيقة حول "طموحات الحد الأقصى" عند أقلية تحتل قسماً كبيراً من المشهد، فيما قوى الوسطية والتلاقي هي صاحبة الوزن الأكبر في الواقع، وصاحبة النصيب الأقل في واجهة المشهد.
والوفاق ليس إجراءات وحسب بل هو ثقافة وإرادة، والمبادرات لا تتحول إلى توافقات إلا بثقافة تقيم وزناً حقيقياً للتوافق كمزاج سياسي وتوجه ثقافي عام. والمألوف أن تؤدي ثقافة الوفاق إلى صيغ الوفاق، لكن من يدري؟ فقد تكسر مصر هذه القاعدة فتتحقق على نحو معكوس، فليس من المستبعد أن يؤدي الوفاق السياسي إلى توسيع قاعدة ثقافة الوفاق.
وكم من زائر خرج من تجربته في مصر بانطباع بأنها بلد "لا تنقضي عجائبه"!
عملية سياسية تنقذ الأسد من الجحيم
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
منذ انطلاق الثورة السورية قبل عامين تقريبا سقط ما يزيد عن 40 ألف شهيد سوري بنيران النظام الاسدي المجرم، فضلا عن مئات الآلاف من الجرحى وملايين المهجرين والمشردين، وهذا يعني أن الطاغية بشار الأسد حول سوريا إلى جحيم حقيقي، وكلام الأخضر الإبراهيمي عن ضرورة انجاز عملية سياسية تنقذ سوريا من الجحيم ما هو إلا خداع وتضليل وفشل يراكمه المبعوث الاممي في مسيرته السياسية الحافلة بالمؤامرات والانجازات الوهمية والإخفاقات المتكررة.
الثورة السورية وصلت إلى مراحلها الأخيرة وكذلك نهاية حكم بشار والعائلة العلوية، فالثوار حرروا غالبية الأراضي السورية ولم يعد هناك مدينة أو قرية إلا ورفرف علم الثورة فيها أو في أجزاء منها، جيش الاحتلال الاسدي في حالة تقهقر، معظم المراكز الأمنية والكثير من المواقع العسكرية أصبحت في يد الثوار التي اقتربت من رقبة بشار، فمن هو الذي يحتاج الإبراهيمي وجهود التسوية ومن يريد أن ينقذ نفسه من الجحيم؟، الشعب الذي قدم الكثير وهو على استعداد لتقديم المزيد في سبيل التخلص من النظام الاسدي والى الأبد، أم انه بشار والزمرة المستبدة التي ينتظرها القصاص العادل على ما ارتكبته ضد شعب سوريا العظيم بقيادة بشار ومن قبله والده الهالك حافظ الأسد؟.
الأخضر الإبراهيمي لم يحمل سوى الاصفار في أسفاره بين دمشق وموسكو، وكذلك فإنه لم يتحدث عن ماهية العملية السياسية التي يطرحها او يسعى لتنفيذها، من جهة أخرى فإن الائتلاف الوطني المعارض والثوار في الميدان يرفضون بشكل قاطع أي حديث عن تسوية مع وجود الأسد، ونحن نؤيد تلك الفكرة لأن بقاءه في الحكم يعني إجهاض الثورة السورية وخيانة دماء الشهداء التي روت تراب الوطن قبل وخلال الثورة السورية.
المؤامرة على ثورة سوريا وشعبها لا مثيل لها،المجتمع الدولي بلا استثناء تآمر عليهم، منهم من تآمر مع النظام الاسدي بشكل علني مثل روسيا والصين ومنهم من لعب دور الصديق للشعب السوري دون أي تدخل جاد لحمايته، وما نراه من دعم معنوي للثورة إنما يتحقق بقوة الثورة وما تفرضه على ارض الواقع،أما أحاديث التسوية فهي مجرد محاولات بائسة في لحظة أشبه بلحظة غرق فرعون وجنوده.
إيران وروسيا والثمن الكبير في سوريا
بقلم ياسر الزعاترة عن فلسطين الان
في وقت يجمع فيه معظم المراقبين على استحالة بقاء الوضع السوري على حاله، أعني لجهة بقاء النظام القائم، وعلى رأسه بشار الأسد مهما طال أمد المعركة، فإن المشهد لا يزال يثير الكثير من الأسئلة المعقدة بخصوص المدى الزمني الذي ستستغرقه عملية إسقاط النظام، وهي أسئلة ما كان لها أن تطرح في ظل بسالة الثورة وتداعي قبضة النظام على أجزاء كبيرة من مساحة البلد لولا الدعم الإيراني والروسي الهائل للنظام، الذي يتجاوز الدعم العسكري إلى دعم تكنولوجي، فضلا عن الدعم الاقتصادي، ما يجعل التساؤل حول موقف هاتين الدولتين من الصراع وتداعياته عليهما مشروعا إلى حد كبير.
إيران ستدفع ثمنا باهظا في معركة سوريا، تماما كما دفع الاتحاد السوفياتي ثمنا باهظا في أفغانستان، فضلا عن الثمن الذي ترتب على هزيمته المدوية فيها ممثلا في تفكك الاتحاد".
منذ شهور طويلة، قلنا إن سوريا قد أخذت تحاكي النموذج الأفغاني، من حيث تدفق المقاتلين الإسلاميين من الخارج، وبالطبع إثر تحول المعركة من انتفاضة سلمية إلى مسلحة على نحو شبه شامل، وإن بقيت الفعاليات السلمية قائمة بهذه الدرجة أو تلك. وقلنا إن الحشد مع الشيوعية في أفغانستان قد استبدل منه على نحو ما الحشد ضد الشيعة وإيران، بينما تؤكد معظم التحليلات أن إيران ستدفع ثمنا باهظا في هذه المعركة، تماما كما دفع الاتحاد السوفياتي ثمنا باهظا في حربه في أفغانستان، فضلا عن الثمن الذي ترتب على هزيمته المدوية فيها ممثلا في تفكك الاتحاد. وها هي روسيا وريث الاتحاد السوفياتي تكرر التجربة مع الفارق، إذ دفعت الكثير في المعركة، والأرجح أنها ستدفع أكثر بعد سقوط النظام.
وكما غاب العقل في الاتحاد السوفياتي بتورطه في المستنقع الأفغاني، وإصراره على استمرار المعركة سنوات طويلة رغم وضوح عبثيتها، الذي أدى إلى ما أدى إليه، فقد فقد العقل الإيراني رشده أيضا، ومعه الروسي، والنتيجة أن إيران لن تدفع فقط ثمنا باهظا على صعيد فشل مشروع تمددها الذي اشتغلت عليه ثلاثة عقود، ودفعت فيه كلفة باهظة (أعني تأثير الهزيمة على إنجازاتها في العراق ولبنان على وجه الخصوص)، فضلا عن الكلفة المالية التي دفعتها من أجل الحفاظ على بشار الأسد (بلغت حتى الشهر قبل الماضي 10 مليارات دولار حسب مصادر غربية)، بل ستضيف إلى ذلك خسائر أخرى تتمثل في حراك داخلي كبير يبدو أكثر من متوقع، ولا يستبعد أن ينتهي بثورة إيرانية تطيح بحكم المحافظين برمته.
لعل ذلك تحديدا هو ما يدفع إيران إلى القتال حتى الرمق الأخير من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مثل المقامر الخاسر الذي يزداد تشبثا بالطاولة رغم استمرار خسائره (ينطبق ذلك على روسيا أيضا). ويتمثل بؤس تفكير إيران في إحجامها عن تقديم حل تقبله المعارضة السورية مقابل دفع الأوضاع دفعا نحو هزيمة مدوية سيكون ثمنها باهظا، تماما كما كان عليه الحال للاتحاد السوفياتي في أفغانستان.
واللافت هنا أن الغرب (خاصة أميركا) الذي يتحرك شرق أوسطيا على إيقاع الهواجس الإسرائيلية ما زال يمنح إيران فرصة بالأمل بإبقاء الأسد، وهو يفعل ذلك لأن إيران القوية، والمصرة على برنامجها النووي تشكل خطرا على الكيان الصهيوني، وحين يستدرجها (أعني الغرب) نحو مزيد من التورط في المستنقع السوري، إنما يضرب عصفورين بحجر واحد، إذ يدمر سوريا الدولة والكيان أكثر فأكثر بحيث تنشغل بنفسها لعقود، في الوقت نفسه الذي يستنزف فيه إيران التي ستكون بعد سوريا أكثر جاهزية للتنازل عن برنامجها النووي.
المحافظون الذي سيُهزمون في سوريا لن يجدوا من أجل إسكات الشارع الإيراني بديلا عن التنازل عن البرنامج النووي كي ترفع العقوبات
ولعل ذلك هو ما يفسر التراجع الإسرائيلي الملحوظ في الحديث عن الخيار العسكري حلا للتعاطي مع المشروع النووي الإيراني، حيث بدأت الدوائر الإسرائيلية والغربية عموما، تشتم قابلية أكبر لدى طهران للمساومة على المشروع من أجل التخلص من العقوبات التي سيكون تأثيرها أكثر سوءا بعد سقوط الأسد، أعني لجهة تأثيرها على الشارع الإيراني.
بمعنى أن المحافظين الذي سيُهزمون في سوريا لن يجدوا من أجل إسكات الشارع بديلا عن التنازل عن البرنامج النووي كي ترفع العقوبات، وهو خيار لا تراه غالبية الجمهور الإيراني كارثيا، لأنها أصلا لم تكن مقتنعة بجدوى ذلك البرنامج.
نتذكر في هذا السياق ما كشفه استطلاع للرأي أجرته القناة الإخبارية في التلفزيون الإيراني قبل خمسة أشهر، حيث تبين أن غالبية الإيرانيين يؤيدون وقف التخصيب مقابل الرفع التدريجي للعقوبات الدولية على إيران.
وكانت القناة قد سألت الجمهور عن الطريقة التي يفضلونها "لمواجهة العقوبات الأحادية التي فرضها الغرب على إيران"، طارحة عليهم ثلاثة خيارات، هي: "التخلي عن التخصيب، في مقابل رفع تدريجي للعقوبات، إغلاق مضيق هرمز، أو مواجهة العقوبات للحفاظ على الحقوق النووية لإيران".
وكانت المفاجأة أن 63% قد أيدوا وقف التخصيب، بينما أيد 20% إغلاق مضيق هرمز، وقال 18% بأن الأفضل هو مواجهة العقوبات. وللتقليل من تأثير الاستطلاع بادر موقع القناة إلى تجميده بعد 28 ساعة من بدء التصويت عليه، موضحا أن قراصنة إنترنت من خارج إيران هم الذين أثروا على النتيجة.
لا يحدث ذلك مع إيران وحدها، بل مع روسيا أيضا، إذ إن السياسة الأميركية والغربية ما زالت تحاول استغلال الأزمة السورية في سياق إضعاف الدب الروسي الذي كان يتحرك حثيثا في اتجاه استعادة نفوذه الدولي، وسجل نقاطا مهمة في سياق استعادة ما سُلب منه في حديقته الخلفية التي كانت نفوذا للاتحاد السوفياتي السابق، وحين يجري تفكيك آخر قاعدة عسكرية روسية في الشرق الأوسط (في طرطوس) بتلك الطريقة المذلة المتوقعة، فإن ذلك لن يكون فأل خير على هيبة روسيا ونفوذها، لا سيما بعد أن خرجت موسكو صفر اليدين من الكعكة الليبية.
أي تسوية يمكن التوصل إليها لن تقلل كثيرا من الأضرار التي تعرضت وستتعرض لها إيران وروسيا هذا إذا تم التوصل فعلا لتسوية! "
كان بوسع إيران وروسيا أن تتخذا موقفا أكثر عقلانية من الصراع في سوريا، ولو انحازا لمطالب الشعب لما كان لهما أن يتعرضا لكل هذه الخسارة التي سيتعرضان لها، وتحقق جزء منها عبر المصاريف الباهظة التي دفعت لأجل إسناد النظام.
مع أن الخسارة السياسية ستكون أكبر بكثير، وبالطبع بعد أن تحولت روسيا إلى عدو في وعي جماهير الأمة الإسلامية، بينما خسرت إيران غالبية الأمة الإسلامية، وصارت في وعيها من ألد الأعداء، وهو ما ستكون له تداعياته الكبيرة على البلدين.
بقي القول إن أي تسوية يمكن التوصل إليها لن تقلل كثيرا من الأضرار التي تعرض وسيتعرض لها البلدان، هذا إذا تم التوصل فعلا لتسوية، ولم يسبقها حسم عسكري لن يستقر الوضع بعده بسهولة.
مجلس الجامعة العربية وزيارة رام الله
بقلم منير شفيق عن فلسطين الان
إن القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية بإرسال وفد وزاري إلى رام الله تحت حجّة دعم القرار الصادر عن هيئة الأمم المتحدة باعتبار دولة فلسطين عضواً مراقباً في هيئة الأمم المتحدة، قرار خاطئ لا معنى، ولا ضرورة له، من حيث ادّعاء الدعم، والأهم أنه قرار يدخل في التطبيع، ولو لم يقدّم أعضاؤه جوازات سفرهم لدولة الاحتلال الصهيوني لأخذ تأشيرة الدخول؛ لأن طلب الإذن للدخول من دولة الاحتلال لا يختلف جوهرياً عن وضع التأشيرة على جواز السفر.
أيّة مسّوغات سياسية تُعطى لهذا القرار أو تنكر عليه التطبيع، أو تُبعدُ عنه شبهة التطبيع، أشبه ما تكون بدفن النعامة لرأسها في الرمال.
إذا كان المطلوب دعم القرار الذي اتخذته الجمعية العامّة بخصوص الاعتراف بدولة فلسطينية كعضو مراقب، فقد حصل الدعم في تقديم مشروع القرار وفي التصويت عليه. وذلك على الرغم من أن الخطوة هذه قُصِدَ منها الهروب من مواجهة فشل طريق المفاوضات والتسوية، بل الهروب من اتخاذ خطوات عملية مثل إلغاء الاتفاق الأمني وعقد مصالحة فورية؛ بهدف الانطلاق بانتفاضة لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات واستنقاذ القدس من التهويد، والمسجد الأقصى من الانهيار بسبب استمرار الحفريات تحته، ومنع تنفيذ القرار الصهيوني- الأمريكي باقتسام الصلاة في المسجد الأقصى بين المسلمين ويهود.
إن سلطة رام الله المصرّة على الاتفاق الأمني الشائن مع قوات الاجتلال وبرعاية أمريكية، والمضيّ في تطبيقه لا يستحق أي مستوى من مستويات الدعم قبل إلغاء هذا القرار الذي يقوم مقام قوات الاحتلال في حماية الاحتلال والمستوطنات والمستوطنين. ويحول دون النـزول إلى الشارع حتى لمواجهة تهويد القدس، والاعتداء على المقدسّات الإسلامية والمسيحية.
إن زيارة وفد من الجامعة العربية رام الله تدخل من حيث مسوّغاتها ضمن إطار المسوّغات التي أطلقتها سلطة رام الله لشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى من قِبَل العرب والمسلمين، بل المسوّغات الأخيرة أقوى من حيث ادّعاء الهدف من ورائها هو دعم القدس والمقدسيين معنوياً، وسياسياً في تأكيد الحق العربي والإسلامي الثابت في القدس والمسجد الأقصى. ولكن صدرت الفتاوى من الناحية الشرعية بإسقاط هذا الادّعاء، ما دام يتضمن طلب التأشيرة أو طلب الدخول من دولة الاحتلال: دولة اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، دولة الاستيطان والعنصرية وتهويد القدس وتعريض المسجد الأقصى للانهيار، والمطالبة بحق لليهود في الصلاة فيه، أو بادّعاء الحق اليهودي في المكان بالكامل. بل ذهبت الفتاوى إلى تحريم ذلك وبإجماع كل العلماء ذوي الأهلية بالفتوى والاجتهاد ومن كل المذاهب الإسلامية.
ولهذا يتوجب على مجلس الجامعة العربية وأمينها العام، وعلى وزراء الخارجية مجتمعين وفرادى إلغاء هذا القرار التطبيعي مع العدو، والامتناع عن تنفيذه. وبهذا تُنْصَر قضية فلسطين، ويُدعم شعب فلسطين. وبهذا تختلف جامعة الدول العربية عن جامعة عمرو موسى وحسني مبارك.
سموه ما شئتم ولكنه يبقى توقعاً
بقلم مصطفى الصواف عن فلسطين الان
انقضى عام 2012 بحلوه ومره، وها نحن على أبواب عام 2013 وينشغل الناس بالحديث عن عام 2012 وما حققه الشعب الفلسطيني وينشط الإحصائيون بإحصاء الأحداث والحوادث والإخفاقات والنجاحات، ثم ينتقلوا للحديث عن العام القادم 2013 وما هو المتوقع في هذا العام وهل سيكون أفضل من العام الذي سبقه وهل الملفات التي لم تنجز ستكون على رأس العام القادم وهكذا.
ومن حق كل إنسان كان مسئولا أو مراقبا أو سياسيا أو إنسان عاديا أن يتوقع ما يمكن أن يحدث في عام 2013 ، ومن هنا من حقي أن أتوقع ما سيكون عليه عام 2013 وربما تكون لي شطحات وهي المرة الأولى التي اكتب فيها عن توقعاتي لعام 2013 والتي أرى إمكانية أن تكون، وقد يكون هذا التوقع أماني أو قد يطلق عليها البعض أحلام أو هواجس ولكن سأعبر بكل وضوح عن توقعاتي لهذا العام القادم غير عابها بما سينظر الناس إلى هذه التوقعات.
• عام 2013 سيكون عاما نكدا على (إسرائيل) وسيزيد من عزلتها وسيطغى اليمين المتطرف وإن كان كل الكيان متطرف ولكن بنسب مختلفة، وهذا التطرف سيكون واضحا بشكل كبير وسيظهر اليهود على حقيقتهم ما يؤدي إلى انكشاف دموية وعنصرية وإرهاب يهود مما سيجعل ( إسرائيل ) أكثر حقدا على من حولها وعلى العالم وستنفذ أعمالا إرهابية كبيرة بحق الشعب الفلسطيني وكل من تشعر أنه يهدد أمنها وستكون إيران واحدة من الأهداف التي ستسعى الحكومة القادمة إلى ضربها، وسيكون هناك ردا من قبل إيران سيكون له آثارا كبيرة على مكونات الكيان الصهيوني.
• عام 2013 سيكون قاسيا على الشعب الفلسطيني وستقع في هذا العام جولة جديدة من التصعيد يعقبها معركة قوية وعنيفة ستستخدم فيها قوات الاحتلال أقصى قوة ضاربة لديها، وسيسقط شهداء وجرحى بأعداد كبيرة، وفي نفس الوقت سيكون للمقاومة صولة وجولة، وستصد المقاومة العدوان الإسرائيلي وستجبره على التراجع إلى ما بعد خط التحديد الزائل، وستتقدم المقاومة في هذه المعركة وستعيد خط التحديد الحالي إلى خط التحديد الذي انتهى إليه خط الهدنة التي فرضته الأمم المتحدة في أعقاب حرب عام 48 ، وهذا سيشكل أول مرحلة امتداد للمقاومة وأول مراحل انحسار دولة الاحتلال، وهذا تأسيسا على نتائج معركة حجارة السجيل.
• عام 2013 سيشهد انفجار الأوضاع في الضفة الغربية ما يؤدي إلى اندلاع الانتفاضة الثالثة والتي ستتحول مع نهايات العام إلى مواجهات عسكرية مع الاحتلال وهجرة عدد من المستوطنين إلى داخل فلسطين المحتلة من عام 48 وسيتم تفكيك عدد من المستوطنات الصهيونية على غرار ما حدث في قطاع غزة وعندها سيغير النظام القائم في الضفة الغربية بما يتوافق مع رغبات الشعب الفلسطيني وسيكون هناك انفتاح واسع خارج حدود فلسطين وتعاون على مستويات مختلفة تؤسس لمرحلة جديدة.
• عام 2013 سيسقط نظام بشار الأسد وسينجح الثوار في الإطاحة به بعد معارك طاحنة تؤدي إلى دمار كبير في سوريا وسيتشكل نظام سياسي ثوري ديمقراطي سيكون للإسلاميين فيه مكانة واسعة، وستقوم دول الخليج بإعادة بناء دولة سوريا الحديثة خوفا لا حبا من تغيير قادم لا محالة، كما سيسقط نظام عربي آخر بشكل أسرع مما يتصور البعض بما يؤدي إلى تغيير معالم المنطقة الشرقية الشمالية لفلسطين.
• عام 2013 سيؤدي إلى إلغاء اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة وستغلق السفارات الإسرائيلية والمكاتب المختلفة لـ (إسرائيل) في بعض الدول العربية التي تعمل بشكل سري أو تحت مسميات مختلفة، سيعود التوتر على الحدود بين الدول العربية وفلسطين المحتلة.
• عام 2013 سيشهد انهيار للاقتصاد الأمريكي وعلى أثره سيكون هناك محاولة اغتيال للرئيس الأمريكي باراك اوباما لن تؤدي إلى موته؛ ولكن ستصيبه بإصابات تشكل له عجزا تمنعه من مواصلة حكمه للسنوات الأربعة القادمة، وستشهد أمريكا بداية اضطرابات في عدد من الولايات وخاصة التي يتواجد فيها اليهود.
• عام 2013 سيكون عام النهضة للثورة المصرية وسيشهد عودة قوية لمصر لقيادة العالم العربي وستصبح مصر أقوى اقتصاديا وسياسيا وسيكون لها كلمة في تحديد الخارطة السياسية في المنطقة سيعيدها إلى الصدارة والريادة والنهوض سياسيا بالعرب وبداية إنهاء حالة التبعية للغرب وأمريكا.
هذه توقعات قد تحدث كلها وقد يحدث بعضها وقد لا يحدث منها شيء، ولكن سيشهد عام 2013 تغييرات جذرية وعميقة في المنطقة تؤسس لمرحلة مختلفة بالكلية عما كانت عليه المنطقة، هذا والله أعلى واعلم.
كشف حساب في ذكرى حرب غزة الأولى 2008
بقلم عدنان أبو عامر عن المركز الفلسطيني للاعلام
يمكن القول إنه بعد مرور 4 سنوات على اندلاع الحرب السابقة على غزة المسماة "الرصاص المصبوب"، أواخر 2008 وأوائل 2009، أنّ الجيش الإسرائيلي تمكن من توجيه ضربة كبيرة لحركات المقاومة الفلسطينية، وقتل المئات من عناصرها، إلا أن ذلك لا يُمكن اعتباره انتصاراً، ذلك أنه أثبت للمنظومة العسكرية والأمنية أن الجناح العسكري في هذه القوى المسلحة تحول من مجرد خلايا متناثرة إلى قوة عسكرية منظمة، تتقن إدارة حرب العصابات.
كما تأكد للإسرائيليين بعد مرور 4 سنوات أنّ المقاومة الفلسطينية عملت الكثير، واستثمرت الأكثر في التفكير ببناء قوة عسكرية، وبذلت جهودًا جبارة في تحويل أجنحتها العسكري لما يُشبه الجيش النظامي، من ناحية التركيبة والعتاد العسكري، ولذلك ينصح صناع القرار في تل أبيب بعدم الشك أوْ التقليل من قدرة هذه القوى على استيعاب الدرس، واستنتاج الملاحظات والعبر والدروس.
ولذلك فإن هذه القوى المسلحة، وبعد مرور هذه السنوات الأربع، وكما اتضح في المواجهة العسكرية الأخيرة "عمود السحاب"، عملت بشكل مكثف على زيادة ترسانتها العسكرية من ناحية، وتنظيم جيشها من الناحية الأخرى، وبدلاً من "التبجح" بأن قوة الردع ازدادت بعد الحرب، يصبح واجباً على المؤسسة العسكرية والمنظومة الأمنية أنْ يفهموا أن الجيش الإسرائيلي قد يكون انتصر في المعركة، لكنه ما زال بعيدًا جدًا عن الانتصار في الحرب ضد الفلسطينيين!
مع العلم أنه من الناحية العملياتية، فإن مرور 4 سنين على عملية (الرصاص المصبوب)، تؤكد القول إن هذه العملية احتاج فيها الجيش الإسرائيلي للعمل في واحدة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، إزاء منظمات ومسلحين يعملون من داخل مناطق آهلة مدنية غير مشاركة، مع إطلاق نار على مناطق مزدحمة وحيوية في "إسرائيل".
ولذلك شهدنا في السنين الأخيرة زيادة المنظمات الفلسطينية المسلحة لقوتها، وزيادة لقدراتها النارية مائلة المسار في جميع المعايير: بالكمية والمدى والقدرة على الدمار وقدرات الدقة آخر الأمر، وتطورات هذا التهديد قد توجب على الجيش الإسرائيلي أنْ يطور ردًا مناسبًا لحالة تنشب فيها جولة مواجهة عنيفة، كما حصل في حرب الأيام الثمانية.
يضاف إلى ذلك حالة الإدراك بأن وضع "إسرائيل" الاستراتيجي لا يُمكن جيشها من إحراز تغيير عميق يُبطل التهديد كليًا، ومع عدم حل سياسي للصراع، يجب أن يقدم الرد العسكري عنصرين أساسيين:
1- العنصر الأول: بناء الردع من جديد بدل ذاك الذي انهار مع نشوب الحرب، ليتم تأخير المواجهة القادمة سنين، ويتم إحراز هذا العنصر بضربة قوية تُسدد للفلسطينيين، وتتركه يواجه مسارات إعادة بناء طويلة.
2- العنصر الثاني: مضاءلة مدة القتال، ومقدار الضرر الذي سيصيب "إسرائيل" أثناء القتال، من خلال مداورة سريعة وقوية في مناطق إطلاق النار، مع استعمال نار موجهة ضد مصادر تهديد الصواريخ الفلسطينية، وفي النهاية القدرات الدفاعية السلبية والفعالة، لتحسين القدرات على التحمل، وإعادة البناء السريع للجبهة المدنية.
ولذلك فإن نشاط الجيش الإسرائيلي في ميدان القتال الجنوبي- قطاع غزة- يوجب القتال في مناطق مزدحمة، واستعمال النار، والحاجة لمداورة في هذه المناطق، مما يتطلب منه بناء تصور نظري ملائم يُمكنه أن يصيب المسلحين أبلغ إصابة، مع مضاءلة الأضرار بغير المشاركين في القتال.
وهنا يستمع صناع القرار العسكري الإسرائيلي إلى بعض من الدروس المستفادة من قبل الخبراء العملياتيين بالقول إن حرب غزة السابقة 2008-2009، التي وقعت في مثل هذه الأيام قبل 4 سنوات، أظهرت أن الجيش الإسرائيلي يعمل بطريقة ذات عدة مراحل.
ختاماً، يمكن القول إن الإسرائيليين، وهم يحيون هذه الذكرى السنوية للحرب، باتت لديهم قناعات متزايدة بعدم تجاهل القوى الفلسطينية المسلحة البارزة، عند الإقدام على محاولة ترتيب أوراق المنطقة بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة، لأنها رغم الضربات الموجعة غير المسبوقة التي تلقتها فإنها بقيت وصمدت، وخرجت من بين الركام والرماد كـ"طائر الفينيق"، وأدارت مفاوضات جيدة لوقف إطلاق النار.<hr>
في هذا الملف
للنادمين على أخطائهم!
بقلم خالد وليد محمود عن فلسطين اون لاين
المفلسون يهدمون المعبد
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
حِلْ "عن" السلطة!!
بقلم محمود العجرمي عن فلسطين اون لاين
الوفاق مبادراته وثقافته
بقلم ممدوح الشيخ عن فلسطين اون لاين
عملية سياسية تنقذ الأسد من الجحيم
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
إيران وروسيا والثمن الكبير في سوريا
بقلم ياسر الزعاترة عن فلسطين الان
مجلس الجامعة العربية وزيارة رام الله
بقلم منير شفيق عن فلسطين الان
سموه ما شئتم ولكنه يبقى توقعاً
بقلم مصطفى الصواف عن فلسطين الان
كشف حساب في ذكرى حرب غزة الأولى 2008
بقلم عدنان أبو عامر عن المركز الفلسطيني للاعلام
للنادمين على أخطائهم!
بقلم خالد وليد محمود عن فلسطين اون لاين
يعرّف علماء النفس الندم بأنه ذلك الإحساس بالذنب الذي ينتاب الإنسان حين يعتقد أنه أساء إلى الغير بالقول أو بالفعل أو عندما يرتكب خطأ يخالف القانون أو العرف الاجتماعي.
يشعر الإنسان عادة بضرورة مراجعة نفسه، ومحاسبتها عما قامت به من سلوكيات أو أحاسيس أومشاعر خاطئة، والشعور بالذنب ضرورة تعذيبية كي يقلع الفرد عن أخطائه ، وينتج الشعور بالذنب من خلال الأسرة والمجتمع بمختلف فئاته والمعايير الاجتماعية والدينية التي يكتسبها منذ الطفولة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية ، ومعرفة قائمة المسموحات والممنوعات ويرتبط الشعور بالذنب إما بأخطاء تتعلق بالمحيطين بالفرد أو نحو ذاته وحياته الخاصة وبالتالي مخالفة التعاليم الإسلامية أو القوانين، والعرف الاجتماعي يؤدي إلى إحساس الإنسان بتأنيب الضمير، والشعور بالندم على الخطأ الذي ارتكبه.
وهنا نسوق أكبر ثلاثة أخطاء في التاريخ، لمن يعانون من الندم على أخطاء ارتكبوها.
الخطأ الأول : باع جورج هاريشن من جنوب أفريقيا مزرعته إلى شركة تنقيب بعشرة جنيهات فقط لعدم صلاحيتها للزراعة ، وحين شرعت الشركة في استغلالها ، اكتشفت بها أكبر منجم للذهب على الإطلاق ، أصبح بعدها هذا المنجم مسؤولاً عن 70% من إنتاج الذهب في العالم .
الخطأ الثاني : في عام 1347م دخلت بعض الفئران إلى ثلاث سفن إيطالية كانت راسية في الصين ، وحين وصلت إلى ميناء مسينا الإيطالي خرجت منها ، ونشرت الطاعون في المدينة ثم في كامل إيطاليا . وكان الطاعون قد قضى أصلاً على نصف سكان الصين في ذلك الوقت ، ثم من إيطاليا انتشر في كامل أوروبا فقتل ثلث سكانها خلال عشر سنوات فقط .
الخطأ الثالث : في إحدى ليالي 1696م أوى الخباز البريطاني جوفينز إلى فراشه ، ولكنه نسي إطفاء شعلة صغيرة بقيت في فرنه ، وقد أدى هذا “الخطأ” إلى اشتعال منزله ثم منزل جيرانه ثم الحارات المجاورة ، حتى احترقت نصف لندن ومات الآلاف من سكانها ، فيما أصبح يعرف “بالحريق الكبير” ،، الغريب في الأمر أن جوفينز نفسه لم يصب بأذى .
نحن البشر ليس غريباً أن نندم، فهذه إحدى النتائج الإيجابية لكوننا بشرا، فنحن خطاؤون وخير الخطائين التوابون، ونتيجة هذه الأخطاء قد يكون الندم ، ومن ثم التصحيح ، والعودة إلى الدرب القويم ، نحن كأفراد ليس صعباً علينا أن نندم ، وأن نتراجع عن أخطائنا ، فهي أخطاء فردية ، لا تؤثر إلا علينا نحن كأفراد ولا تؤثر على الشعوب أو الأوطان وحتى المجتمعات، فمهما كانت أخطاؤنا الفردية كبيره، فهي في النهاية أخطاء ضيقة ، من السهل الندم عليها، ومن السهل السيطرة عليها.
المفلسون يهدمون المعبد
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
لم تظفر مصر منذ عهد محمد علي باشا بحكم ديمقراطي حقيقي. ولم تظفر في الوقت نفسه بحاكم مدني منتخب. مصر خضعت في تاريخها المعاصر إما لحكم العائلة (عائلة محمد علي)، أو إلى حكم العسكر (عبد الناصر، والسادات، ومبارك، والمجلس العسكري). هذه العناوين تعني أن مصر (محمد مرسي) تعيش مرحلة انتقالية لإنشاء حياة ديمقراطية حقيقية، يقوم على أسس وقواعد مستقرة وراسخة تفضي في النهاية إلى الخلاص من حكم العائلة، وحكم العسكر، وحكم الاستبداد.
الديمقراطية المستقرة ذات العناصر المكتملة هدف كبير، وغاية عظيمة لا يقوم على بنائها محمد مرسي والحزب الحاكم وحدهما، وإنما يقوم على بنائها الرئيس المنتخب والحزب الحاكم والمعارضة بكافة ألوانها السياسية، والنخبة المثقفة، ووسائل الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني، والجامعات، والمساجد والكنائس، والرأي العام، فهي في النهاية مظلة الجميع، وتستظل بها الأجيال، لا يملك طرف القدرة على القيام بها وحده دون الآخر.
هذه البدهية التي يجتمع عليها الإسلامي والليبرالي واليساري والناصري والعلماني والشيوعي، باتت في مصر موضع شك واتهام، إذ تسمع للمعارضة المصرية بزعامة جبهة الإنقاذ فتحسب أنك تستمع إلى جبهة معادية تمامًا لأول رئيس منتخب، ولأول تجربة للتيار الإسلامي في الحكم، وتعدُّ من مظاهر العداء مكررًا ما قاله عبد الناصر والسادات ومبارك قديمًا، وتعد من مظاهره مكررًا ما قاله كل علماني وملحد عرفه العصر الحديث معاديًا لفكرة التدين أو الإسلام.
تابعت عن كثب الصحافة العبرية، والصحافة الغربية، والإعلام الليبرالي المصري، والإعلام اليساري المصري، وحتى فضائية دول عربية فوجدتها ترمي عن قوس واحد أسهمًا مسمومة تستهدف تجربة التيار الإسلامي في الحكم، وتضخ في مسامع الرأي العام المصري والعربي والعالمي من الإشاعات والأكاذيب والشكوك ما يمكنه أن ينسف الجبال الراسيات نسفًا، فيجعلها قاعًا صفصفًا.
عجبت كيف يلتقي (العبراني مع العربي مع الإفرنجي)، في هدم الدولة المصرية الديمقراطية التي بزغت كحلم وأمل في 25/يناير/2011م؟! لماذا تكأكأ كل هؤلاء المتشاكسون على تجربة بناء حياة ديمقراطية ونظام ديمقراطي بقيادة محمد مرسي، والحرية والعدالة بالشراكة مع الآخرين. لماذا تجتهد جبهة الإنقاذ في هدم الديمقراطية، وهدم الدولة المصرية، وتخرج بالحكم في مصر من أزمة إلى أزمة؟! خرجت مصر من أزمة الدستور، لتدخل في أزمة التشريع في مجلس الشوري؟! وأما عن أزمة الاقتصاد والإفلاس فهي ميدان مترامي الساحات لمن يريد أن يهدم الدولة، ويجهض الاستثمار، الأمر الذي لا يضر بمرسي والإخوان، وإنما بكل مصري في الحاضرة أو في البادية. المعارضة المصرية تمارس أسطورة (شمشون) الجبار في هدم المعبد.
المفلس من يهدم، ويسب ويشتم. مصر لن تفلس، حتى وإن كان الهدم سهلاً، وممولاً، ومزينًا، ومنمقًا، ومتخفيًا وظاهرًا. مصر في عهد الجمهورية الثانية لن تفلس، والعنت الذي تواجهه التجربة الإسلامية هو كالنار التي تصهر الحديد، وتزيل شوائبه وخبثه لإعادة تشكيله نقيًا من جديد.
لقد أفلست المعارضة الليبرالية واليسارية وأحزابها من قبل ثورة 25 يناير 2011، لا في مصر فحسب، بل وفي كل العواصم العربية، وتقدمت الأحزاب الإسلامية في ظل حكم عبد الناصر والسادات ومبارك وهم سدنة اليسار والليبراليين، وفشلت الليبرالية واليسارية من بناء حكم رشيد أو ديمقراطي يحظى باحترام الشعب، لذا فإن إحساسهم بتراجع مستقبلهم يجعلهم يتجون إلى هدم مستقبل الآخرين، ولو بهدم الدولة المصرية نفسها، ومع ذلك فلن يصلوا إلى غاياتهم لأنهم هم المفلسون حقًا.
حِلْ "عن" السلطة!!
بقلم محمود العجرمي عن فلسطين اون لاين
فاقد الشيء لا يُعطيه، والشيء بالشيء يُذكر!! حقائق وبديهيات يعلم سِيَرَها وخواتيمها الأطفال، ولكن لا بد من التذكير بها "كلما دَقَّ الكوز بالجرة" فكيف إذا استمر هذا النكأ كثيراً وطويلاً أيضاً؟!
منذ أكثر من عقدين يستمر التفاوض، حتى جفَّت الأقلام واستشرى العُقم حتى سامَنا كل مفلس، وما بقي أرانب في جراب الحاوي وما ترك الاحتلال أرضا يُتَفاوض عليها وقد جَرَّب وفريقه المتواطئ كل وصفات العطارين وطَرْق جميع الأبواب والفصول وحتى الحواشي في رسالة الدكتوراة "لكبير المفاوضين" الذي يذكرني بما قاله أحد الأصدقاء المصريين وقد كنت في زيارة للقاهرة منذ عدة أشهر، "معلش، سيبو اللي عامل كِبير، بس هوا بيعرف في كل حاجة إلّا التخصص بتاعو!!!"
ولكن وعملاً بنصيحة هذا الصديق، صدوق اللسان، قليل التفاوض، وغير اللَّعان، آثرت أن أبتسم وتحديداً حين يكون الموقف مثاراً للبكاء، فالوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء والصبر بداية الشفاء، كما يقول عَطِر الذكر، طيَّب الله ثراه العالم "ابن سينا".
ثقتي في الشعب كبيرة وفي الله ناصرنا أعظم، وأنا أعلم أن الانتفاضة في ضفة القسام بدأت والمواجهات مع قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال تتراكم وتتدحرج وستأخذ حتماً في طريقها كل أدواته والمتعاونين معه أمناً أو تفاوضاً.
لا يَنفَك عباس يُردِّد دون مَلَل تصريحاته العُرقوبية بحل السلطة، وللتاريخ أذكّر بأن هذا التهديد قد تكرر وعلى مدار الأعوام الماضية لعشرات المرات دون أن يجري تنفيذه لمرة واحدة!!
هذا الوعيد الأجوف، رد عليه الفاسد الأخرق وزير خارجية العدو أفيغدور ليبرمان، بما يُناسبه حين قال "إذا كنت .... افعلها"؟!! وهو الذي قال وفي عديد المناسبات "إن عباس، أضعف من أن يتخذ ويُنفذ قراراً واحداً ضد (إسرائيل)".
الرئيس عباس، "قرَّر" ولعشرات المرات "وقف" التفاوض "وأَقْسَمَ أغلظ الأَيمان" أنه لن يعود حتى تتوقف دولة الاحتلال عن سياسة الاستيطان، وأن تلتزم بمرجعية قرارات الأمم المتحدة، بل أضاف كذلك ضرورة وضع أجندة زمنية مُعلَنة للانتهاء من "العملية السياسية" برُمتها!! لقد جرى في وادي التفاوض سراب غزير، حتى غزا التصحر أحلام يقظة "فريق أوسلو"، الذي كان يعود في كل مرة إلى الطاولة صاغراً رغم ركل الاستيطان ووحداته وصفعات الاستدراج المالي في غرفة إنعاش التعاون الأمني الذليل!!
لقد أعلن عباس وعلى مَسمَع ممثلي 193 دولة أن خطوة "الاعتراف بدولة فلسطين غير عضو" في الجمعية العامة للأمم المتحدة تأتي تمهيداً للعودة إلى التفاوض مرة أخرى.
عباس يبحث عن صيغة أيّاً كان هُزالها تحفظ له ماء الوجه ليزرع في البحر "بطيخ" مشروعه المستحيل بحل سلمي حضاري مع الدولة الجارة عبر تفاوض في صالونات الدبلوماسية الناعمة على شواطئ نهر الدانوب الأزرق على أنغام سيمفونية بيتهوفن الرابعة!!
أما السيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية فيعترف أن "شبكة الأمان" المالية العربية لم يتحقق شيئ منها، وأن هناك "خطة" لتذكير قادة الدول العربية بذلك، نعم "خطة تذكير"؟! هذا ما قاله "العربي" لعباس، كثمرةٍ مُرَّة للتهافت البائس لسلطة المقاطعة!
وعلى الجبهة الأخرى، جبهة المقاومة في قطاع غزة، وقلعة الصمود يتدفق الدعم العربي والإسلامي وكل أحرار الدنيا مادياً ومعنوياً، وهو بملايين يتضاءل أمامها كماً ودلالات مِئات ملايين "النظام العربي" الذي يُدير معظم مؤسساته ولم يزل بقايا أدوات وروافع مظلة السياسة الأميركية في الجامعة العربية والمنطقة عموماً.
واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية مُمثِّلاً لفصيلٍ انقرض لما تبقى من منظمة التحرير الفلسطينية، يكتشف بعد عقدين من الزمن واللهاث في قفر عبث التفاوض أن الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاحتلال يعاديان الحقوق الوطنية الفلسطينية وأنهما حالا دون زيارة عدد من وزراء الخارجية العرب لرام الله، ومن دفع ما عليهما من استحقاقات مالية لسلطة عباس.
الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين في مصر يقول إن إنشاء وطن لليهود في فلسطين تحقق بدعم بريطاني أميركي، وهو كيان غريب دخيل، عنصري استيطاني مُحتل ويدعو للتفاؤل بزواله قريباً وأن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى حيفا وعكا ويافا باتت وشيكة.
القائد المصري الثوري لنظام مصر الجديدة يرى أن الدولة الفلسطينية وأمل الشعب هي الحقيقة الوحيدة بعد أن ثبت "وهم السلطة تحت الاحتلال"!!
والشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة يملكان الإرادة والشجاعة لمنازلة العدو على أرض يعلمان انتماءهما لها وخلود تماهيهما مع ترابها الطهور.
الشعب الفلسطيني يقيم اليوم في القطاع الصامد نموذجه للسُّلطةِ المُقاوِمة، نقيضاً لسلطةٍ ارتضت أن تكون أداة ورهينة للعدو.
الوفاق مبادراته وثقافته
بقلم ممدوح الشيخ عن فلسطين اون لاين
أصبح "الوفاق" كلمة السر في فهم المشهد السياسي الراهن وأيضاً استشراف مآلاته!
فبناء النظم السياسية مهمة مركبة فيها مساحات للتدافع والمنافسة، وأخرى للتوافق السياسي وبينهما "أمور مشتبهات"!
وتصبح هذه الأمور المشتبهة موضوع صراع في المجتمعات التي غادرت للتو كهوف الاستبداد المظلمة، لكن مصر تغادر كهف الاستبداد مثقلة بميراث ثقيل الوطأة من "ضبابية الهوية". والضبابية هي في تصور الوزن النسبي لمكونات هذه الهوية، حيث لا صراع في الحقيقة على قاعدة التنافي التام بين نقيضين. لكن الخوف المرضي الذي يحرك غير قليل من جماهير الجبهتين المتشاكستين يجعل الوفاق يبدو – على طريقة المنطق الأرسطي – "الوسط المرفوع"، وهو في الحقيقة الوسط الممكن.
ومع إغلاق صناديق الاقتراع على الدستور الذي تسبب في استقطاب هو الأكبر من نوعه في تاريخ مصر الحديث بين فصيلين، بدأ الحديث عن مبادرات وفاق إحداها – وقد تكون الأهم – لم يكشف عن تفاصيلها بعد. وسبب أهمية هذه المبادرة أنها مبادرة "رئاسة الجمهورية".
فمشروعية الرئيس المنتخب أثبتت تجربة الأشهر القليلة الماضية أنها نقطة ارتكاز النظام السياسي الوليد. ففي هذه اللحظة هناك حقائق تعكس فراغاً دستوريا كبيراً في مقدمتها غياب البرلمان الذي تم حله حكم مثير للجدل من المحكمة الدستورية العليا، وإلى جانب غياب الدور التشريعي لمجلس الشورى – حتى كتابة هذه السطور – وفضلاً عن حالة من التململ الشديد في السلطة القضائية. ويضاف إلى كل ما سبق أن المؤسسات السيادية التي ينص الدستور على تشكيلها ما زالت حبراً على ورق.
وعليه فإن دعوة مؤسسة الرئاسة إلى "الوفاق" تصبح مؤشراً إيجابياً، والإيجابية هنا ليس مبررها التقييم الموضوعي لمحتوى المبادرة – فهي لم تعلن حتى اللحظة – بل مبررها أن نتائج الاستفتاء على الدستور عكست شرخاً حقيقياً في التوافق الوطني المصري، ونسبة من رفضوا مسودة الدستور – إضافة إلى نسبة من أحجموا عن التصويت – تقطع بأن كتلة لا يستهان بها من الشعب المصري "تغرد خارج السرب"، وهي إما فقدت الحماس لمسار بناء المؤسسات فقررت ألا تذهب للتصويت، أو ترفض مسودة الدستور – النص المؤسس للنظام السياسي – فاختارت التصويت بــ "لا".
والسياسي الحصيف لا يستغني عن الجمع بين "نظرة النمل" وبموجبها أصبح لدى القوى السياسية التي تبنت الدستور تفويض "صحيح إجرائياً"، وبين "نظرة الطائر" وبناء على معطياتها فلا مفر من الاعتراف بأن قاعدة الشرعية يجب أن تتسع بإزالة مبررات امتناع القوى التي اختارت الجانب الآخر، أو على الأقل قسم منها.
وفي هذا الإطار فإن السعي العملي إلى الوفاق يصبح ضرورة سياسية وليس مجرد خيار له الأفضلية، فوجود قوى مقاومة منظمة لمسار بناء النظام السياسي – مهما كان وزنها النسبي صغيراً – تشكل خطراً كبيراً، وبخاصة في ظل مخاطر أن تكون هذه القوى هدفاً محتملاً لمحاولات استخدام سياسي من قوى إقليمية أو دولية تريد أن يكون لديها أوراق لعب على الساحة المصرية.
ومما يجب الوقوف عنده بصفة خاصة وجود الكنائس الثلاث المصرية الكبرى خارج معسكر مؤيدي الدستور، فهذه الكنائس ليست رقماً سياسياً بقدر ما هي مكونات لها مكانة تاريخية خاصة في الوجدان المصري. وفي عالم تتصاعد فيه دعوات الاهتمام بــ "الأقليات"، فمن الخطأ أن يفتح الباب لتحويل جماعات كانت لقرون جزءاً من النسيج الوطني بالمعنى الكامل لتبدأ في عملية تغليب سمات الوفاق – وهي الأكثر – على شارات الاختلاف، وهو مسار ينتهي غالباً بمشروعات للانفصال عن الكيان الجامع.
والوفاق لا يعني تخلي أي من الفريقين عن المقوم الرئيس لما يعتبره من ثوابت رؤيته فالخلاف هو في الحقيقة حول "طموحات الحد الأقصى" عند أقلية تحتل قسماً كبيراً من المشهد، فيما قوى الوسطية والتلاقي هي صاحبة الوزن الأكبر في الواقع، وصاحبة النصيب الأقل في واجهة المشهد.
والوفاق ليس إجراءات وحسب بل هو ثقافة وإرادة، والمبادرات لا تتحول إلى توافقات إلا بثقافة تقيم وزناً حقيقياً للتوافق كمزاج سياسي وتوجه ثقافي عام. والمألوف أن تؤدي ثقافة الوفاق إلى صيغ الوفاق، لكن من يدري؟ فقد تكسر مصر هذه القاعدة فتتحقق على نحو معكوس، فليس من المستبعد أن يؤدي الوفاق السياسي إلى توسيع قاعدة ثقافة الوفاق.
وكم من زائر خرج من تجربته في مصر بانطباع بأنها بلد "لا تنقضي عجائبه"!
عملية سياسية تنقذ الأسد من الجحيم
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
منذ انطلاق الثورة السورية قبل عامين تقريبا سقط ما يزيد عن 40 ألف شهيد سوري بنيران النظام الاسدي المجرم، فضلا عن مئات الآلاف من الجرحى وملايين المهجرين والمشردين، وهذا يعني أن الطاغية بشار الأسد حول سوريا إلى جحيم حقيقي، وكلام الأخضر الإبراهيمي عن ضرورة انجاز عملية سياسية تنقذ سوريا من الجحيم ما هو إلا خداع وتضليل وفشل يراكمه المبعوث الاممي في مسيرته السياسية الحافلة بالمؤامرات والانجازات الوهمية والإخفاقات المتكررة.
الثورة السورية وصلت إلى مراحلها الأخيرة وكذلك نهاية حكم بشار والعائلة العلوية، فالثوار حرروا غالبية الأراضي السورية ولم يعد هناك مدينة أو قرية إلا ورفرف علم الثورة فيها أو في أجزاء منها، جيش الاحتلال الاسدي في حالة تقهقر، معظم المراكز الأمنية والكثير من المواقع العسكرية أصبحت في يد الثوار التي اقتربت من رقبة بشار، فمن هو الذي يحتاج الإبراهيمي وجهود التسوية ومن يريد أن ينقذ نفسه من الجحيم؟، الشعب الذي قدم الكثير وهو على استعداد لتقديم المزيد في سبيل التخلص من النظام الاسدي والى الأبد، أم انه بشار والزمرة المستبدة التي ينتظرها القصاص العادل على ما ارتكبته ضد شعب سوريا العظيم بقيادة بشار ومن قبله والده الهالك حافظ الأسد؟.
الأخضر الإبراهيمي لم يحمل سوى الاصفار في أسفاره بين دمشق وموسكو، وكذلك فإنه لم يتحدث عن ماهية العملية السياسية التي يطرحها او يسعى لتنفيذها، من جهة أخرى فإن الائتلاف الوطني المعارض والثوار في الميدان يرفضون بشكل قاطع أي حديث عن تسوية مع وجود الأسد، ونحن نؤيد تلك الفكرة لأن بقاءه في الحكم يعني إجهاض الثورة السورية وخيانة دماء الشهداء التي روت تراب الوطن قبل وخلال الثورة السورية.
المؤامرة على ثورة سوريا وشعبها لا مثيل لها،المجتمع الدولي بلا استثناء تآمر عليهم، منهم من تآمر مع النظام الاسدي بشكل علني مثل روسيا والصين ومنهم من لعب دور الصديق للشعب السوري دون أي تدخل جاد لحمايته، وما نراه من دعم معنوي للثورة إنما يتحقق بقوة الثورة وما تفرضه على ارض الواقع،أما أحاديث التسوية فهي مجرد محاولات بائسة في لحظة أشبه بلحظة غرق فرعون وجنوده.
إيران وروسيا والثمن الكبير في سوريا
بقلم ياسر الزعاترة عن فلسطين الان
في وقت يجمع فيه معظم المراقبين على استحالة بقاء الوضع السوري على حاله، أعني لجهة بقاء النظام القائم، وعلى رأسه بشار الأسد مهما طال أمد المعركة، فإن المشهد لا يزال يثير الكثير من الأسئلة المعقدة بخصوص المدى الزمني الذي ستستغرقه عملية إسقاط النظام، وهي أسئلة ما كان لها أن تطرح في ظل بسالة الثورة وتداعي قبضة النظام على أجزاء كبيرة من مساحة البلد لولا الدعم الإيراني والروسي الهائل للنظام، الذي يتجاوز الدعم العسكري إلى دعم تكنولوجي، فضلا عن الدعم الاقتصادي، ما يجعل التساؤل حول موقف هاتين الدولتين من الصراع وتداعياته عليهما مشروعا إلى حد كبير.
إيران ستدفع ثمنا باهظا في معركة سوريا، تماما كما دفع الاتحاد السوفياتي ثمنا باهظا في أفغانستان، فضلا عن الثمن الذي ترتب على هزيمته المدوية فيها ممثلا في تفكك الاتحاد".
منذ شهور طويلة، قلنا إن سوريا قد أخذت تحاكي النموذج الأفغاني، من حيث تدفق المقاتلين الإسلاميين من الخارج، وبالطبع إثر تحول المعركة من انتفاضة سلمية إلى مسلحة على نحو شبه شامل، وإن بقيت الفعاليات السلمية قائمة بهذه الدرجة أو تلك. وقلنا إن الحشد مع الشيوعية في أفغانستان قد استبدل منه على نحو ما الحشد ضد الشيعة وإيران، بينما تؤكد معظم التحليلات أن إيران ستدفع ثمنا باهظا في هذه المعركة، تماما كما دفع الاتحاد السوفياتي ثمنا باهظا في حربه في أفغانستان، فضلا عن الثمن الذي ترتب على هزيمته المدوية فيها ممثلا في تفكك الاتحاد. وها هي روسيا وريث الاتحاد السوفياتي تكرر التجربة مع الفارق، إذ دفعت الكثير في المعركة، والأرجح أنها ستدفع أكثر بعد سقوط النظام.
وكما غاب العقل في الاتحاد السوفياتي بتورطه في المستنقع الأفغاني، وإصراره على استمرار المعركة سنوات طويلة رغم وضوح عبثيتها، الذي أدى إلى ما أدى إليه، فقد فقد العقل الإيراني رشده أيضا، ومعه الروسي، والنتيجة أن إيران لن تدفع فقط ثمنا باهظا على صعيد فشل مشروع تمددها الذي اشتغلت عليه ثلاثة عقود، ودفعت فيه كلفة باهظة (أعني تأثير الهزيمة على إنجازاتها في العراق ولبنان على وجه الخصوص)، فضلا عن الكلفة المالية التي دفعتها من أجل الحفاظ على بشار الأسد (بلغت حتى الشهر قبل الماضي 10 مليارات دولار حسب مصادر غربية)، بل ستضيف إلى ذلك خسائر أخرى تتمثل في حراك داخلي كبير يبدو أكثر من متوقع، ولا يستبعد أن ينتهي بثورة إيرانية تطيح بحكم المحافظين برمته.
لعل ذلك تحديدا هو ما يدفع إيران إلى القتال حتى الرمق الأخير من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مثل المقامر الخاسر الذي يزداد تشبثا بالطاولة رغم استمرار خسائره (ينطبق ذلك على روسيا أيضا). ويتمثل بؤس تفكير إيران في إحجامها عن تقديم حل تقبله المعارضة السورية مقابل دفع الأوضاع دفعا نحو هزيمة مدوية سيكون ثمنها باهظا، تماما كما كان عليه الحال للاتحاد السوفياتي في أفغانستان.
واللافت هنا أن الغرب (خاصة أميركا) الذي يتحرك شرق أوسطيا على إيقاع الهواجس الإسرائيلية ما زال يمنح إيران فرصة بالأمل بإبقاء الأسد، وهو يفعل ذلك لأن إيران القوية، والمصرة على برنامجها النووي تشكل خطرا على الكيان الصهيوني، وحين يستدرجها (أعني الغرب) نحو مزيد من التورط في المستنقع السوري، إنما يضرب عصفورين بحجر واحد، إذ يدمر سوريا الدولة والكيان أكثر فأكثر بحيث تنشغل بنفسها لعقود، في الوقت نفسه الذي يستنزف فيه إيران التي ستكون بعد سوريا أكثر جاهزية للتنازل عن برنامجها النووي.
المحافظون الذي سيُهزمون في سوريا لن يجدوا من أجل إسكات الشارع الإيراني بديلا عن التنازل عن البرنامج النووي كي ترفع العقوبات
ولعل ذلك هو ما يفسر التراجع الإسرائيلي الملحوظ في الحديث عن الخيار العسكري حلا للتعاطي مع المشروع النووي الإيراني، حيث بدأت الدوائر الإسرائيلية والغربية عموما، تشتم قابلية أكبر لدى طهران للمساومة على المشروع من أجل التخلص من العقوبات التي سيكون تأثيرها أكثر سوءا بعد سقوط الأسد، أعني لجهة تأثيرها على الشارع الإيراني.
بمعنى أن المحافظين الذي سيُهزمون في سوريا لن يجدوا من أجل إسكات الشارع بديلا عن التنازل عن البرنامج النووي كي ترفع العقوبات، وهو خيار لا تراه غالبية الجمهور الإيراني كارثيا، لأنها أصلا لم تكن مقتنعة بجدوى ذلك البرنامج.
نتذكر في هذا السياق ما كشفه استطلاع للرأي أجرته القناة الإخبارية في التلفزيون الإيراني قبل خمسة أشهر، حيث تبين أن غالبية الإيرانيين يؤيدون وقف التخصيب مقابل الرفع التدريجي للعقوبات الدولية على إيران.
وكانت القناة قد سألت الجمهور عن الطريقة التي يفضلونها "لمواجهة العقوبات الأحادية التي فرضها الغرب على إيران"، طارحة عليهم ثلاثة خيارات، هي: "التخلي عن التخصيب، في مقابل رفع تدريجي للعقوبات، إغلاق مضيق هرمز، أو مواجهة العقوبات للحفاظ على الحقوق النووية لإيران".
وكانت المفاجأة أن 63% قد أيدوا وقف التخصيب، بينما أيد 20% إغلاق مضيق هرمز، وقال 18% بأن الأفضل هو مواجهة العقوبات. وللتقليل من تأثير الاستطلاع بادر موقع القناة إلى تجميده بعد 28 ساعة من بدء التصويت عليه، موضحا أن قراصنة إنترنت من خارج إيران هم الذين أثروا على النتيجة.
لا يحدث ذلك مع إيران وحدها، بل مع روسيا أيضا، إذ إن السياسة الأميركية والغربية ما زالت تحاول استغلال الأزمة السورية في سياق إضعاف الدب الروسي الذي كان يتحرك حثيثا في اتجاه استعادة نفوذه الدولي، وسجل نقاطا مهمة في سياق استعادة ما سُلب منه في حديقته الخلفية التي كانت نفوذا للاتحاد السوفياتي السابق، وحين يجري تفكيك آخر قاعدة عسكرية روسية في الشرق الأوسط (في طرطوس) بتلك الطريقة المذلة المتوقعة، فإن ذلك لن يكون فأل خير على هيبة روسيا ونفوذها، لا سيما بعد أن خرجت موسكو صفر اليدين من الكعكة الليبية.
أي تسوية يمكن التوصل إليها لن تقلل كثيرا من الأضرار التي تعرضت وستتعرض لها إيران وروسيا هذا إذا تم التوصل فعلا لتسوية! "
كان بوسع إيران وروسيا أن تتخذا موقفا أكثر عقلانية من الصراع في سوريا، ولو انحازا لمطالب الشعب لما كان لهما أن يتعرضا لكل هذه الخسارة التي سيتعرضان لها، وتحقق جزء منها عبر المصاريف الباهظة التي دفعت لأجل إسناد النظام.
مع أن الخسارة السياسية ستكون أكبر بكثير، وبالطبع بعد أن تحولت روسيا إلى عدو في وعي جماهير الأمة الإسلامية، بينما خسرت إيران غالبية الأمة الإسلامية، وصارت في وعيها من ألد الأعداء، وهو ما ستكون له تداعياته الكبيرة على البلدين.
بقي القول إن أي تسوية يمكن التوصل إليها لن تقلل كثيرا من الأضرار التي تعرض وسيتعرض لها البلدان، هذا إذا تم التوصل فعلا لتسوية، ولم يسبقها حسم عسكري لن يستقر الوضع بعده بسهولة.
مجلس الجامعة العربية وزيارة رام الله
بقلم منير شفيق عن فلسطين الان
إن القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية بإرسال وفد وزاري إلى رام الله تحت حجّة دعم القرار الصادر عن هيئة الأمم المتحدة باعتبار دولة فلسطين عضواً مراقباً في هيئة الأمم المتحدة، قرار خاطئ لا معنى، ولا ضرورة له، من حيث ادّعاء الدعم، والأهم أنه قرار يدخل في التطبيع، ولو لم يقدّم أعضاؤه جوازات سفرهم لدولة الاحتلال الصهيوني لأخذ تأشيرة الدخول؛ لأن طلب الإذن للدخول من دولة الاحتلال لا يختلف جوهرياً عن وضع التأشيرة على جواز السفر.
أيّة مسّوغات سياسية تُعطى لهذا القرار أو تنكر عليه التطبيع، أو تُبعدُ عنه شبهة التطبيع، أشبه ما تكون بدفن النعامة لرأسها في الرمال.
إذا كان المطلوب دعم القرار الذي اتخذته الجمعية العامّة بخصوص الاعتراف بدولة فلسطينية كعضو مراقب، فقد حصل الدعم في تقديم مشروع القرار وفي التصويت عليه. وذلك على الرغم من أن الخطوة هذه قُصِدَ منها الهروب من مواجهة فشل طريق المفاوضات والتسوية، بل الهروب من اتخاذ خطوات عملية مثل إلغاء الاتفاق الأمني وعقد مصالحة فورية؛ بهدف الانطلاق بانتفاضة لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات واستنقاذ القدس من التهويد، والمسجد الأقصى من الانهيار بسبب استمرار الحفريات تحته، ومنع تنفيذ القرار الصهيوني- الأمريكي باقتسام الصلاة في المسجد الأقصى بين المسلمين ويهود.
إن سلطة رام الله المصرّة على الاتفاق الأمني الشائن مع قوات الاجتلال وبرعاية أمريكية، والمضيّ في تطبيقه لا يستحق أي مستوى من مستويات الدعم قبل إلغاء هذا القرار الذي يقوم مقام قوات الاحتلال في حماية الاحتلال والمستوطنات والمستوطنين. ويحول دون النـزول إلى الشارع حتى لمواجهة تهويد القدس، والاعتداء على المقدسّات الإسلامية والمسيحية.
إن زيارة وفد من الجامعة العربية رام الله تدخل من حيث مسوّغاتها ضمن إطار المسوّغات التي أطلقتها سلطة رام الله لشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى من قِبَل العرب والمسلمين، بل المسوّغات الأخيرة أقوى من حيث ادّعاء الهدف من ورائها هو دعم القدس والمقدسيين معنوياً، وسياسياً في تأكيد الحق العربي والإسلامي الثابت في القدس والمسجد الأقصى. ولكن صدرت الفتاوى من الناحية الشرعية بإسقاط هذا الادّعاء، ما دام يتضمن طلب التأشيرة أو طلب الدخول من دولة الاحتلال: دولة اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، دولة الاستيطان والعنصرية وتهويد القدس وتعريض المسجد الأقصى للانهيار، والمطالبة بحق لليهود في الصلاة فيه، أو بادّعاء الحق اليهودي في المكان بالكامل. بل ذهبت الفتاوى إلى تحريم ذلك وبإجماع كل العلماء ذوي الأهلية بالفتوى والاجتهاد ومن كل المذاهب الإسلامية.
ولهذا يتوجب على مجلس الجامعة العربية وأمينها العام، وعلى وزراء الخارجية مجتمعين وفرادى إلغاء هذا القرار التطبيعي مع العدو، والامتناع عن تنفيذه. وبهذا تُنْصَر قضية فلسطين، ويُدعم شعب فلسطين. وبهذا تختلف جامعة الدول العربية عن جامعة عمرو موسى وحسني مبارك.
سموه ما شئتم ولكنه يبقى توقعاً
بقلم مصطفى الصواف عن فلسطين الان
انقضى عام 2012 بحلوه ومره، وها نحن على أبواب عام 2013 وينشغل الناس بالحديث عن عام 2012 وما حققه الشعب الفلسطيني وينشط الإحصائيون بإحصاء الأحداث والحوادث والإخفاقات والنجاحات، ثم ينتقلوا للحديث عن العام القادم 2013 وما هو المتوقع في هذا العام وهل سيكون أفضل من العام الذي سبقه وهل الملفات التي لم تنجز ستكون على رأس العام القادم وهكذا.
ومن حق كل إنسان كان مسئولا أو مراقبا أو سياسيا أو إنسان عاديا أن يتوقع ما يمكن أن يحدث في عام 2013 ، ومن هنا من حقي أن أتوقع ما سيكون عليه عام 2013 وربما تكون لي شطحات وهي المرة الأولى التي اكتب فيها عن توقعاتي لعام 2013 والتي أرى إمكانية أن تكون، وقد يكون هذا التوقع أماني أو قد يطلق عليها البعض أحلام أو هواجس ولكن سأعبر بكل وضوح عن توقعاتي لهذا العام القادم غير عابها بما سينظر الناس إلى هذه التوقعات.
• عام 2013 سيكون عاما نكدا على (إسرائيل) وسيزيد من عزلتها وسيطغى اليمين المتطرف وإن كان كل الكيان متطرف ولكن بنسب مختلفة، وهذا التطرف سيكون واضحا بشكل كبير وسيظهر اليهود على حقيقتهم ما يؤدي إلى انكشاف دموية وعنصرية وإرهاب يهود مما سيجعل ( إسرائيل ) أكثر حقدا على من حولها وعلى العالم وستنفذ أعمالا إرهابية كبيرة بحق الشعب الفلسطيني وكل من تشعر أنه يهدد أمنها وستكون إيران واحدة من الأهداف التي ستسعى الحكومة القادمة إلى ضربها، وسيكون هناك ردا من قبل إيران سيكون له آثارا كبيرة على مكونات الكيان الصهيوني.
• عام 2013 سيكون قاسيا على الشعب الفلسطيني وستقع في هذا العام جولة جديدة من التصعيد يعقبها معركة قوية وعنيفة ستستخدم فيها قوات الاحتلال أقصى قوة ضاربة لديها، وسيسقط شهداء وجرحى بأعداد كبيرة، وفي نفس الوقت سيكون للمقاومة صولة وجولة، وستصد المقاومة العدوان الإسرائيلي وستجبره على التراجع إلى ما بعد خط التحديد الزائل، وستتقدم المقاومة في هذه المعركة وستعيد خط التحديد الحالي إلى خط التحديد الذي انتهى إليه خط الهدنة التي فرضته الأمم المتحدة في أعقاب حرب عام 48 ، وهذا سيشكل أول مرحلة امتداد للمقاومة وأول مراحل انحسار دولة الاحتلال، وهذا تأسيسا على نتائج معركة حجارة السجيل.
• عام 2013 سيشهد انفجار الأوضاع في الضفة الغربية ما يؤدي إلى اندلاع الانتفاضة الثالثة والتي ستتحول مع نهايات العام إلى مواجهات عسكرية مع الاحتلال وهجرة عدد من المستوطنين إلى داخل فلسطين المحتلة من عام 48 وسيتم تفكيك عدد من المستوطنات الصهيونية على غرار ما حدث في قطاع غزة وعندها سيغير النظام القائم في الضفة الغربية بما يتوافق مع رغبات الشعب الفلسطيني وسيكون هناك انفتاح واسع خارج حدود فلسطين وتعاون على مستويات مختلفة تؤسس لمرحلة جديدة.
• عام 2013 سيسقط نظام بشار الأسد وسينجح الثوار في الإطاحة به بعد معارك طاحنة تؤدي إلى دمار كبير في سوريا وسيتشكل نظام سياسي ثوري ديمقراطي سيكون للإسلاميين فيه مكانة واسعة، وستقوم دول الخليج بإعادة بناء دولة سوريا الحديثة خوفا لا حبا من تغيير قادم لا محالة، كما سيسقط نظام عربي آخر بشكل أسرع مما يتصور البعض بما يؤدي إلى تغيير معالم المنطقة الشرقية الشمالية لفلسطين.
• عام 2013 سيؤدي إلى إلغاء اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة وستغلق السفارات الإسرائيلية والمكاتب المختلفة لـ (إسرائيل) في بعض الدول العربية التي تعمل بشكل سري أو تحت مسميات مختلفة، سيعود التوتر على الحدود بين الدول العربية وفلسطين المحتلة.
• عام 2013 سيشهد انهيار للاقتصاد الأمريكي وعلى أثره سيكون هناك محاولة اغتيال للرئيس الأمريكي باراك اوباما لن تؤدي إلى موته؛ ولكن ستصيبه بإصابات تشكل له عجزا تمنعه من مواصلة حكمه للسنوات الأربعة القادمة، وستشهد أمريكا بداية اضطرابات في عدد من الولايات وخاصة التي يتواجد فيها اليهود.
• عام 2013 سيكون عام النهضة للثورة المصرية وسيشهد عودة قوية لمصر لقيادة العالم العربي وستصبح مصر أقوى اقتصاديا وسياسيا وسيكون لها كلمة في تحديد الخارطة السياسية في المنطقة سيعيدها إلى الصدارة والريادة والنهوض سياسيا بالعرب وبداية إنهاء حالة التبعية للغرب وأمريكا.
هذه توقعات قد تحدث كلها وقد يحدث بعضها وقد لا يحدث منها شيء، ولكن سيشهد عام 2013 تغييرات جذرية وعميقة في المنطقة تؤسس لمرحلة مختلفة بالكلية عما كانت عليه المنطقة، هذا والله أعلى واعلم.
كشف حساب في ذكرى حرب غزة الأولى 2008
بقلم عدنان أبو عامر عن المركز الفلسطيني للاعلام
يمكن القول إنه بعد مرور 4 سنوات على اندلاع الحرب السابقة على غزة المسماة "الرصاص المصبوب"، أواخر 2008 وأوائل 2009، أنّ الجيش الإسرائيلي تمكن من توجيه ضربة كبيرة لحركات المقاومة الفلسطينية، وقتل المئات من عناصرها، إلا أن ذلك لا يُمكن اعتباره انتصاراً، ذلك أنه أثبت للمنظومة العسكرية والأمنية أن الجناح العسكري في هذه القوى المسلحة تحول من مجرد خلايا متناثرة إلى قوة عسكرية منظمة، تتقن إدارة حرب العصابات.
كما تأكد للإسرائيليين بعد مرور 4 سنوات أنّ المقاومة الفلسطينية عملت الكثير، واستثمرت الأكثر في التفكير ببناء قوة عسكرية، وبذلت جهودًا جبارة في تحويل أجنحتها العسكري لما يُشبه الجيش النظامي، من ناحية التركيبة والعتاد العسكري، ولذلك ينصح صناع القرار في تل أبيب بعدم الشك أوْ التقليل من قدرة هذه القوى على استيعاب الدرس، واستنتاج الملاحظات والعبر والدروس.
ولذلك فإن هذه القوى المسلحة، وبعد مرور هذه السنوات الأربع، وكما اتضح في المواجهة العسكرية الأخيرة "عمود السحاب"، عملت بشكل مكثف على زيادة ترسانتها العسكرية من ناحية، وتنظيم جيشها من الناحية الأخرى، وبدلاً من "التبجح" بأن قوة الردع ازدادت بعد الحرب، يصبح واجباً على المؤسسة العسكرية والمنظومة الأمنية أنْ يفهموا أن الجيش الإسرائيلي قد يكون انتصر في المعركة، لكنه ما زال بعيدًا جدًا عن الانتصار في الحرب ضد الفلسطينيين!
مع العلم أنه من الناحية العملياتية، فإن مرور 4 سنين على عملية (الرصاص المصبوب)، تؤكد القول إن هذه العملية احتاج فيها الجيش الإسرائيلي للعمل في واحدة من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، إزاء منظمات ومسلحين يعملون من داخل مناطق آهلة مدنية غير مشاركة، مع إطلاق نار على مناطق مزدحمة وحيوية في "إسرائيل".
ولذلك شهدنا في السنين الأخيرة زيادة المنظمات الفلسطينية المسلحة لقوتها، وزيادة لقدراتها النارية مائلة المسار في جميع المعايير: بالكمية والمدى والقدرة على الدمار وقدرات الدقة آخر الأمر، وتطورات هذا التهديد قد توجب على الجيش الإسرائيلي أنْ يطور ردًا مناسبًا لحالة تنشب فيها جولة مواجهة عنيفة، كما حصل في حرب الأيام الثمانية.
يضاف إلى ذلك حالة الإدراك بأن وضع "إسرائيل" الاستراتيجي لا يُمكن جيشها من إحراز تغيير عميق يُبطل التهديد كليًا، ومع عدم حل سياسي للصراع، يجب أن يقدم الرد العسكري عنصرين أساسيين:
1- العنصر الأول: بناء الردع من جديد بدل ذاك الذي انهار مع نشوب الحرب، ليتم تأخير المواجهة القادمة سنين، ويتم إحراز هذا العنصر بضربة قوية تُسدد للفلسطينيين، وتتركه يواجه مسارات إعادة بناء طويلة.
2- العنصر الثاني: مضاءلة مدة القتال، ومقدار الضرر الذي سيصيب "إسرائيل" أثناء القتال، من خلال مداورة سريعة وقوية في مناطق إطلاق النار، مع استعمال نار موجهة ضد مصادر تهديد الصواريخ الفلسطينية، وفي النهاية القدرات الدفاعية السلبية والفعالة، لتحسين القدرات على التحمل، وإعادة البناء السريع للجبهة المدنية.
ولذلك فإن نشاط الجيش الإسرائيلي في ميدان القتال الجنوبي- قطاع غزة- يوجب القتال في مناطق مزدحمة، واستعمال النار، والحاجة لمداورة في هذه المناطق، مما يتطلب منه بناء تصور نظري ملائم يُمكنه أن يصيب المسلحين أبلغ إصابة، مع مضاءلة الأضرار بغير المشاركين في القتال.
وهنا يستمع صناع القرار العسكري الإسرائيلي إلى بعض من الدروس المستفادة من قبل الخبراء العملياتيين بالقول إن حرب غزة السابقة 2008-2009، التي وقعت في مثل هذه الأيام قبل 4 سنوات، أظهرت أن الجيش الإسرائيلي يعمل بطريقة ذات عدة مراحل.
ختاماً، يمكن القول إن الإسرائيليين، وهم يحيون هذه الذكرى السنوية للحرب، باتت لديهم قناعات متزايدة بعدم تجاهل القوى الفلسطينية المسلحة البارزة، عند الإقدام على محاولة ترتيب أوراق المنطقة بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة، لأنها رغم الضربات الموجعة غير المسبوقة التي تلقتها فإنها بقيت وصمدت، وخرجت من بين الركام والرماد كـ"طائر الفينيق"، وأدارت مفاوضات جيدة لوقف إطلاق النار.<hr>