تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 302



Haneen
2013-01-17, 12:07 PM
<tbody>
الأحد
20/01/2013



</tbody>

<tbody>




</tbody>

<tbody>
أقلام وآراء عـــــــــــــربي



</tbody>

في هذا الملف:
مـصـالحــة و مـواجـهــة
ضياء الفاهوم عن الدستور الأردنية

مـن وحـي قريـة «بـاب الشمـس»:«حـي الكرامـة» فـي القدس المحتلة
امجد سمحان عن السفير

مخيمات صور: التقديمات لا تحلّ المشكلة
حسين سعد عن السفير

دولة وجواز سفر
ناجي صادق شراب عن دار الخليج

لا أقل من الشمس
حسن مدن عن دار الخليج

فلسطين ما قبل الدولة وما بعدها
محمد دراغمة عن الشروق المصرية

مشروع صهيونى لتفتيت الوطن العربى «2-5»
حسن نافعة عن المصري اليوم

حكماء الإشفاق على إسرائيلهم من نفسها
مالك التريكي عن القدس العربي(عن اوباما ونيتانياهو)

سوق الحوار الدبلوماسي العربي ـ الاسرائيل!
عبدالواحد حركات(كاتب ليبي) عن القدس العربي

الإسرائيليون، و«الأبارتايد»، والثمن
د. اسعد عبد الرحمن عن الرأي الأردنية

نتنياهو:مسجل خطر
ابراهيم العبسي عن الرأي الأردنية

إسرائيل: العد التنازلي للانتخابات ارتباك وسباق على دخول الحكومة
حلمي موسى عن السفير

الزعيم الأوحد لسياسة "التدمير الذاتي"
رندى حيدر عن النهار اللبنانية(عن بنيامين نيتانياهو)

خلاف أم قطيعة؟!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت(عن نيتانياهو واوباما)

عيون وآذان (خازوق ثورات الربيع لا علاج له)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية

"الإخوان" و"إسرائيل" وراعيها
علي جرادات عن دار الخليج

إخوان البنا وإخوان اليوم (2)
د. كمال الهلباوي (كاتب مصري) عن القدس العربي

لا يجوز الصمت على هذا الكلام!
صالح القلاب عن الرأي الأردنية

عن تصريحات مرسي.. المجتزأة!
محمد خروب عن الرأي الأردنية

الاخوان بين دوار فراس و«زمزم»!
حسين الرواشدة عن الدستور الأردنية

2 - هل يؤسّس "الإخوان" لديموقراطية أو لديكتاتورية؟
سركيس نعوم عن النهار اللبنانية

الإخوان وتراث عبد الناصر
فايز رشيد عن دار الخليج

«إخوان» الدولة أم دولة «الإخوان»؟
ياسر عبد العزيز عن المصري اليوم

مـصـالحــة و مـواجـهــة
ضياء الفاهوم عن الدستور الأردنية
يمكن بشيء من الحيطة وصف المصالحة الفلسطينية التي تمت الموافقة يوم أمس في القاهرة على تنفيذها بأنها إعلان مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين من أيادي صهاينة عنصريين تمادوا باستمرار في التطرف والاعتداءات الغاشمة على أهل بلاد غيرهم وكافة حقوقهم دونما أي التفات إلى قوانين أو قرارات دولية .
ولعل من المفيد التذكير بأنه في حين قام المسئولون الفلسطينيون بالالتزام بما اشترطته الاتفاقات التي رعتها جهات دولية على أساس حل الدولتين لم يقم الإسرائيليون بأي شيء ذي قيمة منها واستمروا في الاستيطان في الأراضي العربية التي احتلت في العام 1967 وتهجير كثير من أهلها الحقيقيين منها .
كل ذلك جرى وما زال يجري رغم تبلور اعتراضات دولية لها شأنها ضد الاستيطان الصهيوني دون توقف عنه ولو ليوم واحد من عتاولة الصهاينة الإسرائيليين المغامرين الذين سيقودون شعبهم في النهاية إلى عواقب وخيمة إن لم تجنح أغلبيته إلى السلام القائم على الثوابت الفلسطينية والعربية والدولية.
أما وقد أشارت كل الدلائل حتى الآن إلى أن اليمينيين الإسرائيليين لا يواجهون معارضة تذكر من المسالمين فإن ذلك لم يبق أمام الفلسطينيين المسالمين إلا أن يعيدوا النظر في كل ما جرى بينهم وبين الإسرائيليين الذين بدأ أنهم جنحوا إلى السلام ولكنهم لم يستطيعوا القيام بمتطلباته وأسلموا أمورهم إلى متغطرسين متعجرفين لا يفهمون إلا لغة الحديد والنار ولا يرتاحون إلا إذا واصلوا اعتداءاتهم الغاشمة التي لم تعد تطاق . وهذا في الحقيقة هو أحد أهم الأسباب التي جعلت الجناح الفلسطيني الذي قبل بحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين يرفض الإملاءات الإسرائيلية الكريهة ويوافق على تغيير إستراتيجية السلام التي تبناها فترة طويلة من الزمن على أمل إبعاد المنطقة عن دمار الحروب واستعادة أكثر ما يمكن من الحقوق الفلسطينية السليبة.
المهم الآن أن تتجاوب كل القيادات الفلسطينية مع رغبات الشعب الفلسطيني في وحدة النضال بكل الوسائل خاصة بعد تحقيق ما يمكن تسميته بانتصار له شأنه للمقاومين في غزة على الإسرائيليين بشكل أذهل العالم بسبب وجود فارق هائل في الإمكانيات وانتصار للسلطة الوطنية في الضفة الغربية في موافقة 138 دولة على تلبية طلب فلسطين بالحصول على عضوية مراقب في المنظمة الدولية .
لقد أصبح الشعب الفلسطيني كله يرى الآن أكثر من أي وقت مضى أنه لا بد من أن يكون لكل الفلسطينيين برنامج سياسي متفق عليه بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية المؤسسة الأم التي يجب أن تكون أما لكل الفلسطينيين دونما أي انحياز لحركة أو فصيل أو حزب أو فئة كائنة من كانت .
وهنا لا بد من التأكيد على أن الشعب الفلسطيني يريد إنهاء الانقسام لا إدارته ، إنه يريد أن لا يكون هناك أي فرق أو انقسام أو اختلاف بين مناضل وآخر أو بين أي فلسطيني وآخر لأنه لا يجوز أن يختلف الفلسطينيون على شيء خصوصا وأنهم جميعا ما زالوا تحت الاحتلال أو الحصار و يواجهون صباح مساء أعمالا إجرامية بشعة يندى له جبين الإنسانية .
لسان حال الشعب الفلسطيني يقول: نريدها مصالحة بيننا جميعا ومجابهة مع سارقي أراضينا ومنازلينا وبساتيننا والمعتدين على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية فلقد فاض الكيل وعلى الجميع أن يعودوا إلى صفوف الشعب للعمل بتعاون وتفان كبيرين من أجل تحرير فلسطين من إسرائيليين أغلبيتهم رافضة لكل الحقوق الفلسطينية علنا ودون حياء أو خجل.
ولقد سمعت كثيرا من الفلسطينيين والعرب وأصدقائهم يقولون: من أتعبه النضال من مناضلينا الكبار ، الذين نكن لهم كل محبة واحترام وتقدير ، فليترجل ويترك للشباب قيادة الأمور إلى أن يشاء الله النصر لأصحاب الحق على الظالمين الذين لا يخافونه ولا يخشون عقابه وهو سبحانه وتعالى نعم المولى ونعم النصير.


مـن وحـي قريـة «بـاب الشمـس»:«حـي الكرامـة» فـي القدس المحتلة
امجد سمحان عن السفير
توسعت قرية «باب الشمس» رمزياً أمس، لتنتقل من شرق القدس إلى شمال غربي المدينة المحتلة، وتحديداً في بلدة بيت اكسا التي استهلكت المستوطنات أراضيها. وللمرة الأولى منذ العام 1967 خرج حوالي 300 من أهالي القرية إلى منطقة طالما كانت محظورة عليهم برغم أنها ملكهم، وأقاموا فيها الخيام وغرفة إسمنتية معلنين عن إنشاء «حي الكرامة».
وقال سعيد يقين، أحد النشطاء المشاركين في بناء الحي، لـ«السفير» إن «باب الشمس كانت مجرد مقدمة، وفي كل شبر على هذه الأرض سنبني باب شمس جديدة»، مضيفاً «اليوم نعلن انطلاق حي الكرامة على أراضي قريتنا التي لم تبق إسرائيل منها شيئاً».
وأشار يقين إلى أن شباب القرية قرروا بناء «حي الكرامة» ليؤكدوا للاحتلال أن هذه الأرض من حقهم ولذلك فإنهم سيبنون عليها من دون إذن منه. وأوضح أنه «حين استولت قوات الاحتلال على أراضي القرية في العام 1967، بدأت بمصادرة أراضيها رويداً رويداً إلى أن أصبحت القرية اليوم محصورة في مساحة محدودة لا تتعدى 350 دونماً من دون إمكانية أن تمدد شبراً واحداً».
وتقيم إسرائيل عدة مستوطنات على أراضي قرية بيت إكسا التي تبلغ مساحتها الأصلية أكثر من ثمانية آلاف دونم، كما تبني مساراً لجدار الفصل العنصري فوق أراضيها، وتقيم حاجزاً عسكرياً يشبه المعابر الحدودية على مدخلها الوحيد.
وبحسب يقين فإن الاحتلال أصدر مؤخراً أمراً عسكرياً يقضي بمصادرة 450 دونماً من أراضي القرية وضمها إلى القدس، ما يعني استحالة أن تزداد مساحة القرية، وبالتالي ستبقى محصورة في مخططها الهيكلي الحالي الذي يعادل أقل من أربعة في المئة من مساحتها الأصلية. وبالتالي يقول الناشط «الآن نحن بنينا هذا الحي فوق أراضينا، ونريد أن نؤسس لحي سكني جديد لأننا نعاني ونختنق بفعل أزمة السكن ومنعنا من التمدد والبناء».
وتقع بيت إكسا ضمن مجموعة قرى شمال غربي القدس المحتلة وعددها 13 قرية. وقد بدأت سلطات الاحتلال بتنفيذ مخطط استيطاني ضخم في تلك المنطقة ضمن ما يعرف بمشروع القدس الكبرى.
ويهدف المخطط إلى الاسيتلاء على مساحات شاسعة من أراضي قرى شمال غربي القدس التي تزيد مساحتها عن 50 ألف دونم، وضمها إلى المدينة المحتلة. كما يشمل المخطط بناء سكة قطار حديد على أراضي هذه المنطقة لربط ست مستوطنات مقامة على أراضيها.
وكانت إسرائيل هدمت أمس الأول خيام قرية «باب الشمس» التي أقامها نشطاء فلسطينيون على أراضي ما تسميه إسرائيل المنطقة «إي 1»، وهي منطقة ينوي الاحتلال بناء 4000 وحدة استيطانية عليها بهدف عزل شمال الضفة عن وسطها وجنوبها.
وتأكيداً على سياسته الاستيطانية، شدد رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أنه لن يفكك أي مستوطنة في حال فوزه بولاية جديدة من أربع سنوات بعد انتخابات الكنيست المزمع إجراؤها في 22 من الشهر الحالي. وقال في حديث إلى صحيفة «»معاريف» «إن الأيام التي كانت فيها الجرافات تقتلع اليهود باتت خلفنا وليست أمامنا، وسجلنا يثبت ذلك»، مضيفاً «لم نقتلع أي مستوطنة، لقد عززنا المستوطنات».
وذكر نتنياهو أن حكومته أنشأت في مستـوطنة «ارييل» أول جامعة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتـلة. وتابع «لا يمكن لأحد أن يعطـيني دروساً في حـب إسرائيل أو الالتـزام حيال الصهيـونية والمستوطنات».
وبالتالي رفض نتنياهو فكرة إعادة تجميد البناء في المستوطنات، قائلا «إن تجربة حكومته الحالية على هذا الصعيد أثبتت بطلان خطوة كهذه نظراً لأن قضية الاستيطان من نتائج النزاع مع الفلسطينيين وليس من مسبباته».


مخيمات صور: التقديمات لا تحلّ المشكلة
حسين سعد عن السفير
رزان ومنى، نازحتان فلسطينيتان من سوريا إلى مخيمات اللجوء الفلسطيني في الجنوب. الفتاتان اللتان تسكنان في منزل مستأجر مع عائلتهما، في مخيم البرج الشمالي، تعانيان مع أكثر من عشرين شخصا آخرين، من مرض»التلاسيميا» المستفحل أصلاً في المخيم. وتعاني رزان ومنى، إضافة إلى عبء النزوح، تكاليف المعاينات الطبية والأدوية، الأمر الذي لم تكونا تشعران بعبئه في مخيم اليرموك في سوريا.
رزان ومنى، هما مثال لمعاناة 1200 عائلة فلسطينية نزحت من سوريا، إلى مخيمات وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في ساحل صور (البرج الشمالي، الرشيدية، البص، الشبريحا، جل البحر، والقاسمية). وقد ارتفع عدد العائلات النازحة أخيراً، خصوصاً في مخيم البرج الشمالي، حيث توجد نحو 500 عائلة، غالبيتها تقيم في منازل أقارب لها، أمّا العائلات الأخرى فتقيم في منازل مستأجرة، وتدفع بدلات إيجار تصل إلى أكثر من مئتي دولار شهريا للمنزل الصغير.
ويشير المتابعون لملف النازحين الفلسطينيين إلى مخيمات المنطقة، إلى أن عملية الاستيعاب، لا تزال تحت السيطرة، لكنّها قابلة للانفجار في حال استمرار قدوم عائلات أخرى، لا سيما أن المخيمات والتجمعات، تعاني أساساً من اكتظاظ سكاني، وتكاد لا تتسع للقاطنين فيها.
وبينما يشتكي النازحون، من قلة الاهتمام والرعاية من جانب «الأونروا» التي اعتصموا أمام مقرها في صور أكثر من مرة، مطالبين باحتضانهم ورعايتهم الصحية والاجتماعية، يسجل في المخيمات تحركات مستمرة لدعم اللاجئين على أكثر من مستوى سياسي واجتماعي وإنساني.
وتؤكد مصادر في «الأونروا»، المعنية الرئيسة بالنازحين واللاجئين الفلسطينيين، أنّ عدد العائلات المسجلة قارب الألف ومئتي عائلة، وهي تتوزّع على مخيمات وتجمعات اللاجئين في منطقة صور.
وفي ما يتعلق بالدعم الذي تقدمه لهؤلاء النازحين، توضح المصادر إلى أنّ «الأونروا» قدّمت لكل فرد ستين ألف ليرة، إضافة إلى حصة تموينية بقيمة خمسة وعشرين دولارا أميركيا، متوقعة أن يحصل النازحون على دفعة ثانية من أجل رفع المعاناة عنهم.
وفي المجال الصحي والطبابة، تؤكد المصادر أنّه يتّم التعامل مع النازحين الفلسطينيين، بمثل ما يتم التعامل مع الفلسطينيين المقيمين في لبنان، لناحية العلاج والاستشفاء والطبابة .
كذلك في موضوع التعليم، إذ يتلقى مئات التلامذة تعليمهم في مدارس «الأونروا». ويلفت عضو القيادة السياسية في «حركة حماس» جهاد طه، الى أن الحركة تقف إلى جانب النازحين، وقد صرفت حتى الآن نحو تسعمئة ألف دولار، وهي عبارة عن مساعدات مادية مباشرة بقيمة مئة ألف ليرة لكل عائلة، ولوازم منزلية وسواها.
وقال: «هناك مركز معونات في كل مخيم، يتولى متابعة قضية النازحين، ويقدم الحاجات الأساسية، بما فيها بدلات الإيجار للحالات الصعبة».
ويؤكد مسؤول اللجان الشعبية الفلسطينية في مخيمات صور غازي كيلاني أنّ اللجان تتابع قضية النازحين مع الجهات المعنية، بما فيها «الأونروا»، مشيرا إلى أنّ «منظمة التحرير الفلسطينية» قدمت خمسين دولاراً أميركياً لكل عائلة نازحة إلى المخيمات.


دولة وجواز سفر
ناجي صادق شراب عن دار الخليج
عدم قدرة الفلسطينيين على أن يكون لهم جواز سفر يبرز هويتهم ووطنيتهم وشخصيتهم المستقلة والحيلولة دون قيام كينونة سياسية فلسطينية لها شخصيتها الدولية المعترف بها دولياً، ليس فقط بسبب الاحتلال “الإسرائيلي”، بل بسبب الإصرار “الإسرائيلي” والأمريكي تحديداً على عدم قيام هذه الدولة أو الشخصية الدولية . وعلى مدار تاريخ فلسطين لم توجد هذه الكينونة السياسية على غرار الدول الأخرى، فبعد النكبة عام 1948 وقيام “إسرائيل” كدولة وعدم قيام الدولة الفلسطينية صدر ما عرف بجواز سفر حكومة عموم فلسطين، ولم يكن له أي قيمة قانونية أو سياسية بل عبر عن مرحلة تاريخية قصيرة جداً دخلت فيها الحالة الفلسطينية التمثيلية ما بين الإدارة المصرية لغزة التي قامت بإدارة القطاع وإصدار وثيقة سفر اللاجئين الفلسطينيين، وفي المقابل أدمجت الضفة الغربية بالأردن تحت مسمى المملكة الأردنية المتحدة، وحمل سكانها جواز سفر أردنياً، وبقيت هذه الحالة قائمة حتى بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني .
بقيت وثيقة السفر الصادرة عن إدارة الحاكم العام لقطاع غزة قائمة ومعمولاً بها، وبقي سكان الضفة الغربية يحملون جواز السفر الأردني . واستمرت هذه الحالة إلى أن تم توقيع اتفاق أوسلو الذي ترتب عليه اعتراف منظمة التحرير ب”إسرائيل”، واعتراف “إسرائيل” بالمنظمة، وقيام
السلطة الفلسطينية كمرحلة انتقالية حتى تقوم الدولة الفلسطينية .
وكنتيجة لقيام السلطة تم إصدار جواز سفر فلسطيني جديد يحمل اسم السلطة الفلسطينية، ومن المنظور القانوني والتمثيلي لم يكن هذا الجواز أكثر من جواز مرور يتنقل به المواطن الفلسطيني بين الدول التي تسمح بإعطائه تأشيرة دخول إليها . والمفارقة أن هذا الحواز الصادر عن السلطة لم يلغ وثيقة السفر التي بقي عدد كبير من الفلسطينيين وخصوصاً الذين يعيشون في مصر يحملونها، والتي لا يعترف بها عدد كبير من الدول العربية، وبقي عدد كبير من سكان الضفة الغربية يحملون الجواز الأردني، وأما اللاجئون في الأردن فيحملون جوازاً أردنياً كاملاً ويعاملون على أساس أنهم مواطنون أردنيون، وأما في لبنان فيحملون وثيقة لبنانية لا تعطيهم أي حقوق سياسية بل هي مجرد جواز مرور لهم، وفي سوريا يحملون وثيقة سفر سورية لكن بحقوق تضعهم في درجة أقل من المواطن السوري . وأما الفلسطينيون فيحملون جوازات سفر شتى تحمل جنسيات الدول التي يعيشون فيها بعضهم معه الهوية الوطنية، أو ما يعرف بالرقم القومي، وبعضهم لا يحمل هذا الرقم .
حالة فسيفسائية من التمثيل لم تعرفها أي من شعوب الأرض، لأن الأساس في التمثيل هو الوحدانية التي يجسدها حواز سفر واحد يصدر عن سلطة مطلقة لها الحق في إصدرا هذا الجواز، وغير ذلك انتقاص من سيادتها، بل يمكن القول إن عدم قدرة دولة أو سلطة ما على إصدار هذا الجواز دليل قاطع على عدم اكتمال شخصيتها الدولية . فالقاعدة في الجنسية هو الأصل، بمعنى أن المواطن يبقى محتفظاً بجنسية دولته، ويأتي صدور الجواز ليكمل ويثبت هذه القاعدة، باستثناء بعض جوانب الحالة الفلسطينية، كما بالنسبة للفلسطينيين الذين لا يحملون رقماً وطنياً، إذ يتم اعتبارهم نازحين أو لاجئين . وفي هذا السياق تأتي أهمية خطوة قيام الدولة الفلسطينية وقبولها في الأمم المتحدة حتى ولو تحت صفة مراقب، فالصفة مؤقته تنتهي بانتهاء الاحتلال، أما صفة الدولة فلها صفة الديمومة، وجواز السفر هو الذي يجسد ويترجم ديمومة الدولة .
وبهذا المعنى تبقى الدولة الفلسطينية دون مضمون تمثيلي حقيقي إذا لم تبادر إلى انتزاع حق إصدار جواز سفر يحمل اسم الدولة الفلسطينية . وقد يثور هنا جدل حول هل من حق الدولة الفلسطينية إصدار مثل هذا الجواز الذي تعترض عليه “إسرائيل” ولم تعترف به، ذلك أن عدم اعتراف “إسرائيل” به أمر معروف، ولا يمكن ربط هذا الحق بالموقف “الإسرائيلي”، بل ينبغي أن يتنزع انتزاعاً، حتى لو اقتضى الأمر الذهاب إلى التحكيم الدولي . والسؤال ماذا ستفعل “إسرائيل” إذا قامت برفض التعامل مع هذا الجواز، وعدم السماح لحامليه بالمرور عبر المنافذ التي تتحكم فيها؟ وفي مثل هذه الحالة هذا يعتبر حصاراً شاملاً، وسيضع “إسرائيل” أمام ضغوطات دولية لا تحتملها أو تقوى عليها، وهو شكل من أشكال الحرمان السياسي على مستوى شعب بأكمله . وأما الرأي القائل بأن يحمل الفلسطينيون جوازي سفر واحد للاستخدام الداخلي والآخر للخارج، فهذا رأي غير عملي وغير مقبول . إن فرض جواز السفر الفلسطيني يأتي في إطار معركة الشرعية الدولية التي بدأت بقبول فلسطين دولة مراقبة في الأمم المتحدة، ويأتي في سياق تحويل الدولة الفلسطينية من دولة غير كاملة لدولة كاملة بانتهاء الاحتلال، فكما أن “إسرائيل” تحاول أن تفرض واقعاً استيطانياً على الأرض، أيضاً على الفلسطينيين أن يفرضوا واقعاً على أرضهم بإصدار جواز سفر الدولة وليس جواز سفر السلطة . ومن دون معركة الشرعية الدولية المتزامنة مع المقاومة الشعبية سيبقى الفلسطينيون من دون دولة ومن دون جواز سفر .



لا أقل من الشمس
حسن مدن عن دار الخليج
ليس للشمس من باب، لكن الكاتب اللبناني إلياس خوري اخترع لها باباً، سمى باسمه روايته: “باب الشمس” التي لم يعد كافياً وصفها بالشهيرة، بعد أن غادر الاسم غلافها وصفحاتها، ليصبح قرية في فلسطين المحتلة، على أيدي جيل جديد من شبان وصبايا فلسطين، كأنهم استوحوا من أبي الطيب المتنبي بيته الشهير: “إذا غامرت في شرف مروم، فلا تقنع بما دون النجوم”، وما الشمس إلا نجم من النجوم .
وفي المعنى المباشر فإن قرية “باب الشمس” التي أقامها المقاومون الفلسطينيون على أراضيهم التي يراد لها أن تتحول إلى مستوطنات، هي الأخرى عبارة عن مخيم، بمعنى أن الشبان والصبايا الفلسطينيين لم يشيدوا قرية، إنما نصبوا الخيام فوق تلك الأرض، ليمنعوا الصهاينة من إقامة المستوطنة عليها، لكن الجيش “الإسرائيلي” قمع المقاومين بالغازات والهراوات مُوقعاً في صفوفهم إصابات وأزال الخيام، قبل أن يعاود المقاومون محاولات نصبها ثانيةً .
لكن هذا “المخيم” يحمل في ثناياه نقضاً لفكرة المخيم التي ترد في الذهن، حكماً من سيرة الشتات الدامية، الموجعة، للفلسطيني، ففي هذه المرة نصب المقاومون الخيام لا هرباً من عسف المحتل وبطشه ومصادرته للبيت والأرض، إنما لمقاومته ومنعه من أن يشيد مستوطناته .
جعل إلياس خوري من مجزرة صبرا وشاتيلا منطلقاً لكتابة وجع الفلسطيني الذي ظل مقاوماً في أقسى المحن . الرواية تحولت إلى فيلم، أي إلى سياق تعبيري رمزي آخر، لكن مالم يخطر في ذهن الكاتب نفسه ولا في أذهان من قرأوا الرواية أو كتبوا عنها أن تتحول إلى واقع، يفوق في بلاغته أية بلاغة أخرى .
الفلسطينيون الذين أبهروا العالم بصمودهم، أبهروه أيضاُ بإبداعهم . حين ترد فلسطين ترد أسماء عملاقة: توفيق زياد، إميل حبيبي، إدوارد سعيد، محمود درويش، غسان كنفاني والقائمة تطول . هؤلاء كانوا ضمائر شعبهم وثورتهم . وشعب أعطى هؤلاء جدير به أن يكون خلاقاً في اجتراح أشكال النضال على نحو ما فعل في ملحمة: “باب الشمس” .
الكفاح هو أيضاً إبداع . فإذا كان الساسة قد شاخوا ونضبت عندهم المخيلة النضالية، فإن جيلاً جديداً من شبان وشابات فلسطين أبهرنا وهو يواجه حالة انسداد الأفق لا عبر المقايضات التي تدار بين القاهرة وغزة مع واشنطن وتل أبيب، ولا عبر التلويح اليائس بحل السلطة الفلسطينية وتسليم مفاتيح إدارتها للمحتل، وإنما للرنو بعيداً، ليس دون النجوم .


فلسطين ما قبل الدولة وما بعدها
محمد دراغمة عن الشروق المصرية
ابتهج الفلسطينيون كثيرا بحصولهم على صفة «دولة مراقب» فى الأمم المتحدة فى نهاية شهر كانون أول (نوفمبر) الماضى، لكن فرحهم الغامر، الذى عبروا عنه بنزولهم الى الشوارع للاحتفال، سرعان ما تبدد، بعدما اصطدم بحقائق الاحتلال القاسية التى تزداد وتترسخ يوما وراء يوم.
فى اليوم التالى للحصول على الاعتراف الدولى، واجه الفلسطينيون حقيقتين كبيرتين: الأولى هى الاستيطان الذى يأكل الارض قطعة وراء قطعة لدرجة أنه لم يبق من الأرض ما يصلح لإقامة هذه الدولة، والثانى تحكم الاحتلال فى مفاتيح الاقتصاد الفلسطينى، وقدرتها على اغلاق شرايين الحياة فى الدولة الوليدة.

•••
فما إن رفعت الأيدى فى قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، معلنة منح فلسطين صفة دولة على الاراضى المحتلة عام 67، بما فيها القدس الشرقية، حتى أصدرت الحكومة الاسرائيلية سلسلة مشاريع لاقامة حوالى عشرة آلاف بيت استيطانى جديد فى أراضى الدولة الوليدة، غالبيتها العظمى فى القدس الشرقية المحتلة التى اعترف بها العالم عاصمة لفلسطين.
وتركزت مشاريع التوسع الجديدة داخل وحول القدس بهدف فصلها كليا عن الضفة الغربية. ففى الشرق، أقرت مشروعا لاقامة مستوطنة جديدة تسمى (E1) أى القدس الأولى، تكمل الحلقة الاستيطانية حول المدينة، وفى ذات الوقت تفصل وسط وشمال الضفة الغربية عن جنوبها. وفى الجنوب، أقرت مشروعا ثانيا لاقامة مستوطنة أخرى هى «جبعاث حمتوس» لتكمل الحلقة الاستيطانية التى تفصل المدينة عن بيت لحم والجنوب.
وتقيم اسرائيل 145 مستوطنة فى الضفة الغربية، يضاف اليها 125 بؤرة إستيطانية صغيرة اقامها المستوطنون فى مناطق حيوية، لتكون بمثابة أنوية لمستوطنات كبيرة مستقبلا.
وتتوزع المستوطنات فى مختلف أنحاء الضفة الغربية من الشرق الى الغرب، ومن الشمال الى الجنوب، بحيث تحول دون إقامة دولة فلسطينية متصلة الأجزاء.

•••
وتشير الأرقام الواردة من اسرائيل الى ان أعداد المستوطنين يتزايد بصورة متسارعة. وبين أحد التقارير الأخيرة المهمة أن عدد المستوطنين تضاعف مرتين خلال السنوات الـ12 الماضية. وجاء فى التقرير الذى نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو، واستندت فيه الى سجلات السكان فى الدولة العبرية، أن عدد المستوطنين فى الضفة الغربية، بما فيها القدس، وصل الى أكثر من 650 ألفا، بزيادة قدرها 150 الفا على الرقم المعروف والشائع.
وتوقعت الصحيفة ارتفاع عدد المستوطنين الى مليون خلال السنوات الأربع القادمة.
وتسيطر إسرائيل على 60 فى المائة من مساحة الضفة الغربية تستغلها فى توسيع المستوطنات. وخصصت 70 فى المائة من هذه المنطقة التى تخضغ لادارتها الأمنية والمدنية بموجب اتفاق اوسلو، للتوسع الاستيطانى ولاقامة المعسكرات والمزارع.

•••
وتمثل الرد الاسرائيلى الثانى على حصول الفلسطينيين على الاعتراف الدولى فى احتجاز أموال الجمارك التى تشكل أكثر من ثلثى ايرادات الدولة الوليدة.
ويقضى اتفاق اوسلو والملحق الاقتصادى الخاص به أن تتولى اسرائيل التى تسيطر على مختلف معابر الاراضى الفلسطينية، تحصيل الجمارك عن السلع القادمة الى هذه الاراضى، وتحويلها للسلطة بصورة شهرية، مع خصم نسبة 3 فى المائة منها كرسوم تحصيل.
ودأبت اسرائيل على استخدام هذه الاموال كوسيلة ابتزاز سياسى ضد السلطة الفلسطينية لاجبارها على اتخاذ مواقف أو التراجع عن مواقف معينة. وحسب رئيس الوزراء الدكتور سلام فيض فان اسرائيل استخدمت هذه الاموال للضغط على السلطة الفلسطينية ست مرات منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وأحدث احتجاز اسرائيل لاموال الجمارك أزمة مالية خانقة للحكومة الفلسطينية تركها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها وتقديم الخدمات للجمهور.

•••
وكانت الحكومة الفلسطينية تعانى فى الأصل من أزمة مالية جراء تراجع الدعم العربى. وحسب فياض فإن ايرادات حكومته لا تتجاوز 50 مليون دولار شهريا، يضاف اليها حوالى 120 مليون دولار قيمة الجمارك التى تحتجزها اسرائيل. أما المصاريف فتبلغ 300 مليون دولار شهريا، منها 200 مليون دولار رواتب للموظفين، و100 مليون دولار مصاريف جارية بينها مخصصات مالية لأسر آلاف الشهداء والاسرى.
وبدأت الازمة المالية فى السلطة الفلسطينية منذ العام 2010، جراء تراجع وتوقف بعض الدول المانحة عن تقديم الدعم لها. وقادها ذلك الى اللجوء الى القروض. وتفاقمت الأزمة بصورة أكبر فى العام 2012 جراء تراجع النمو الاقتصادى المحلى الناجم عن تراجع الانفاق الحكومى.
وأمام عجزها عن دفع رواتبهم، لجأ موظفو الحكومة الى سلسلة اضرابات ادت الى اصابة الخدمات الحكومية المقدمة للجمهور بالشلل. ويقول قادة الدولة الفلسطينية بأن الأزمة الحالية تهدد، فى حال استمرارها، بانهيار مؤسسات وخدمات الحكومة.

•••
وكانت الدول العربية تعهدت بتوفير شبكة أمان مالية للسلطة الفلسطينية بقيمة مائة مليون دولار شهريا، فى حال اقدمت اسرائيل على احتجاز اموال الجمارك ردا على لجوء السلطة الى الأمم المتحدة، لكن هذه الدول لم تف بعد بهذه التعهدات.
ويقول فياض بأن المخرج الوحيد من الأزمة المالية الخانقة للسلطة هى تراجع اسرائيل عن قرارها او تلقى مساعدات عربية عاجلة.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن تلازم الازمة المالية الدولة الفلسطينية لسنوات طويلة قادمة بسبب عدم قدرة الفلسطينيين على بناء اقتصاد حر جراء سيطرة اسرائيل على حوالى أكثر من 60 فى المائة من مساحة الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وفرض قيود على حركة السلع من والى الاراضى الفلسطينية، تحول دون نشوء وتطور الاستثمار فيها.
ويرى الخبراء أن المخرج المثالى من الازمة يتمثل فى الاستقلال السياسى والاقتصادى عن اسرائيل، والشروع فى خطة تنموية تتضمن بناء مناطق صناعية قادرة على خلق وظائف للقوى العاملة التى تزداد سنويا. وأمام تعذر ذلك فان الدولة الفلسطينية المحتلة ستظل لسنين، وربما لعقود قادمة تعتمد على المساعدات الخارجية.



مشروع صهيونى لتفتيت الوطن العربى «2-5»
حسن نافعة عن المصري اليوم
2 - مصر فى مخطط التفتيت:
تحتل مصر موقعا مركزيا فى استراتيجية الحركة الصهيونية لتفتيت العالم العربى. فرغم قيام «ينون» بكتابة دراسته بعد حوالى خمس سنوات من زيارة الرئيس السادات للقدس، وأربع سنوات من توقيع مصر على اتفاقيتى كامب ديفيد وثلاث سنوات من دخول معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية حيز التنفيذ، ورغم علمه التام بأن التوقيع على معاهدة سلام منفردة مع إسرائيل كلف مصر تضحيات هائلة وتسبب فى عزلتها عن العالم العربى وفقدانها جزءاً كبيراً من هيبتها الدولية ومن مكانتها بين الأمم، إلا أن ذلك كله لم يشفع لمصر عند الحركة الصهيونية أو يجنبها شر ما كانت تحيكه لها من مخططات. ويبدو واضحا تماما من هذه الدراسة أن صورة مصر لدى الحركة الصهيونية لم تتغير بعد معاهدة السلام عما كانت عليه قبلها.
أدرك ينون أن أى استراتيجية لتفتيت العالم العربى لن تنجح إلا إذا كانت قادرة على إضعاف الدولة التى تضم ثلث سكانه والمرشحة الطبيعية لزعامته، لذا كان من الطبيعى أن يحاول إثبات أن مصر دولة ضعيفة وقابلة للتفكيك وعاجزة بالتالى عن حماية العالم العربى من التفكك والسقوط. ولإثبات نظريته قدم ينون ثلاث أطروحات:
الأولى: تتعلق بطبيعة النظام السياسى المصرى. فقد حاول إثبات أنه نظام عقيم، ومفلس، ويتمتع بدرجة عالية من عدم الكفاءة، وأن البيروقراطية تمكنت من جهاز الدولة فى مصر إلى درجة جعلته يبدو عاجزا تماما عن القيام بأى مبادرة أو تحقيق إنجاز يذكر فى أى مجال. ورغم تسليم «ينون» بأن الجيش المصرى يمثل حالة استثنائية، وأن بمقدوره الإفلات من قبضة البيروقراطية الرهيبة مثلما حدث فى حرب أكتوبر 1973، إلا أنه أصر على أن بقية قطاعات الدولة المصرية أصبحت فى حالة يرثى لها ولم يعد يشغلها سوى المحافظة على بقائها وإعادة إنتاج نفسها.
الثانية: تتعلق بطبيعة النظام الاقتصادى والاجتماعى. فقد ادعى أن مصر دولة غزيرة السكان، شحيحة الموارد، متخلفة علمياً وتكنولوجياً، وتكاد لا تجد ما يسد رمق سكان مازالوا يعيشون بأعداد هائلة على رقعة محدودة من الأرض الزراعية لا تتجاوز سوى نسبة ضئيلة جداً من إجمالى المساحة الكلية للبلاد. صحيح أن المعونة الأمريكية تساعد مصر على التخفف من أعبائها، لكنها معونة ترتبط عضوياً بعملية السلام، وبالتالى فهى مؤقتة بطبيعتها ومن الصعب ضمان استمرار بقائها طويلا. على صعيد آخر، اعتبر أن النظام الاجتماعى فى مصر يقوم على أسس طبقية وينطوى على مظاهر تمييز عديدة تمكن شريحة محدودة جدا من السكان من مضاعفة ثرواتها بسرعة والاستحواذ على النسبة الأكبر من إجمالى الدخل القومى فى الوقت الذى يزداد فيه فقر الأغلبية الساحقة من السكان يوما بعد يوم! ولأن النظام الخدمى، خصوصا التعليمى والصحى يبدو متهالكا بدوره، فليس من المتوقع أن يتيح لمصر انطلاقة تنموية فى المدى المنظور.
الثالثة: تتعلق بحال الاستقرار والتعايش الطائفى، والتى ادعى ينون أنها سيئة بسبب وجود أقلية قبطية كبيرة العدد مضطهدة أو مهمشة ومستبعدة من المشاركة فى العمل العام. ولأنها تبلغ فى تقديره ما يقارب 10% من إجمالى السكان وتشكل أغلبية فى جنوب البلاد، فقد أصبحت أكثر ميلا للعزلة وعدم الرغبة فى التعايش مع الأغلبية، خصوصاً فى ظل تنامى تيارات أصولية إسلامية، وربما أصبحت جاهزة للانسلاخ عن الوطن الأم والتفكير فى الاستقلال.
واستناداً إلى هذه الأطروحات الثلاث، والتى تعامل معها بوصفها حقائق لا تقبل الجدل، توصل ينون إلى نتيجة مفادها أن مصر تبدو فى ظاهرها دولة قوية، لكنها فى حقيقتها ليست سوى دولة هشة، وهى حقيقة راحت تتكشف منذ عام 1956 وتأكدت عقب هزيمة 1967 التى أدت إلى خفض قدرات مصر الحقيقية بمقدار النصف على الأقل. وأن استعادة مصر لسيناء، بما تحتوى عليه من ثروات طبيعية خصوصاً فى مجال الطاقة والغاز، تمكن مصر من استعادة بعض عافيتها، يرى «ينون» أن على إسرائيل أن تحول دون ذلك وألا تسمح لمصر بالتقاط أنفاسها من جديد. فى سياق كهذا، لم يكن من المستغرب أن يقترح «ينون» أن تتبنى إسرائيل استراتيجية للتعامل مع مصر تقوم على خطين متوازيين: الأول يستهدف استعادة سيناء، والثانى يستهدف تشجيع قيام دولة ذات أغلبية قبطية فى صعيد مصر. وفيما يتعلق بالخط الأول، حذر «ينون» إسرائيل من تبنى سياسة تقوم على حلول وسط، خصوصاً إذا تضمنت انسحابا من أراض تحتلها، ويلاحظ هنا حرصه على تجنب اللجوء إلى حجج تاريخية واستبدالها بحجج ذات طابع اقتصادى تركز على ضرورة تأمين احتياجات إسرائيل المتزايدة من مصادر الطاقة المختلفة، خاصة النفط والغاز والمعادن الكثيرة التى تحتوى عليها سيناء. غير أنه بدا واضحا من تحليل «ينون» أنه يرمى إلى ما هو أبعد وينظر إلى سيناء باعتبارها منطقة خفيفة السكان وقابلة لتوسع وامتداد عمرانى يصلح لاستيعاب فلسطينيين قد يضيق بهم قطاع غزة المكتظ، أو باعتبارها منطقة صالحة لتوطين نسبة من اللاجئين الفلسطينيين فى إطار حل دائم لمشكلتهم، أو حتى لاستيعاب المزيد من المهاجرين اليهود المتوقع تدفقهم على إسرائيل من مختلف أنحاء العالم، خصوصاً فى ظل التحول التدريجى المتوقع لإسرائيل كقوة عظمى مهيمنة فى المنطقة.
أما فيما يتعلق بالخط الثانى الذى يستهدف تعميق الخلافات بين المسلمين والأقباط والدفع فى اتجاه قيام دولة ذات أغلبية سنية فى الشمال وأخرى ذات أغلبية قبطية فى الجنوب، فيلاحظ أن ينون يؤسس قناعته بأهمية تحقيق هذا الهدف على أمرين على جانب كبير من الأهمية، الأول: أنه يمثل أحد أقصر الطرق وأضمنها لإضعاف الدولة المركزية فى مصر وحرمان العالم العربى من قوة كانت ولاتزال مرشحة دائما لقيادة المنطقة نحو التكامل أو الوحدة، والثانى: أنه أحد أقصر الطرق وأضمنها لخلق أجواء مواتية لتفتت الدولتين المجاورتين لمصر، وهما ليبيا والسودان، لأنهما «لن يصمدا أبداً إذا تفتتت مصر».
فى سياق كهذا، يمكن القول إن خريطة الدولة المصرية بحدودها الحالية مرشحة للتغير، إذا ما نجحت إسرائيل فى تحويل استراتيجيتها لتفتيت العالم العربى إلى حقيقة واقعة، وذلك على النحو التالى:
■ فصل سيناء عن مصر ووضعها من جديد تحت الهيمنة الإسرائيلية.
■ دولة ذات أغلبية سنية فى شمال الدلتا.
■ دولة ذات أغلبية مسيحية فى صعيد مصر.
ورغم أن «ينون» لم يطالب صراحة باستخدام القوة المسلحة، خصوصاً لتحقيق الهدف المتعلق بفصل سيناء عن مصر، إلا أنه يبدو على ثقة من أن السياسة المصرية سترتكب ما يكفى من الأخطاء لتمكين إسرائيل من استغلالها كأعذار تسمح لها بتحقيق أهدافها.


حكماء الإشفاق على إسرائيلهم من نفسها
مالك التريكي عن القدس العربي(عن اوباما ونيتانياهو)
غضب في إسرائيل من أوباما. غضب مزمجر. ولكنه غضب يتسم بخفة الروح، بل بتنافس الغاضبين في هذه الخفة. حتى أن أحد مسؤولي الليكود مضى في لعبة التنافس إلى حد استخدام أثقل ما تجمع لديه من أسلحة سياسية: سلاح النكتة المضحكة إلى حد الفتك. ماذا قال المسؤول الليكودي؟ قال إني أتهم... إني أتهم أوباما بـ'التدخل السافر' في الانتخابات الإسرائيلية!
هكذا. تدخل. وسافر أيضا. فلتتخيل الصورة: رئيس دولة الأمريكان الأباعد الأغراب الأغيار يدس أنفه في أقدس أقداس دولة قصية أبية غنية (عن المساعدات) ليس بينها وبين دولته أي نظرة فابتسامة... بل ليس بينهما أي سابق صلة أو معرفة. فما الذي قاله أوباما حتى ينحدر هذا المنحدر فيجد نفسه حبيس قفص الاتهام الليكودي؟ ما الذي قاله حتى يرمى برذيلة التدخل في شؤون دولة ذات سيادة - دولة ليس من قيمها التدخل في شؤون الآخرين؟ ما الذي قاله حتى يوصم بوصمة محاولة التأثير في انتخابات دولة ليس من شيمها محاولة التأثير في أي انتخابات خارجية...
قال الرئيس الأمريكي، عندما بلغه نبأ اعتزام حكومة نتنياهو بناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية إضافة إلى ثلاثة آلاف وحدة استيطانية في القدس الشرقية، إنه صار متعودا على خذلان إسرائيل نفسها بنفسها بانتهاج هذه السياسات. أما في الأسابيع التي أعقبت تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول عضوية فلسطين، فقد قال أوباما في مناسبات متكررة 'إن إسرائيل لا تدرك ما هي مصلحتها الحقيقية'. وما يعنيه هو أن نتنياهو لا يفعل، مع كل إعلان عن مستوطنة جديدة، سوى الإمعان في الدفع ببلاده على الطريق المؤدية إلى النبذ الدولي. وإذا أصبحت إسرائيل دولة منبوذة، فاقدة حتى للتعاطف الأمريكي، فإنها لن تكون قادرة على البقاء. صحيح، في رأي أوباما، أن إيران تمثل في المدى القريب خطرا على وجود إسرائيل، ولكن سياسات إسرائيل نفسها تمثل خطرا أدهى في المدى البعيد.
ولأن هذا كلام مفزع فتاك، فإن الرئيس الأمريكي لم يناد به من أعلى السطوح، بل إنه قاله في مجالسه الخاصة. ولعلنا ما كنا لنسمع به أبدا لولا تمكن الصحافي جفري غلودبرغ من استقائه من مصادره في البيت الأبيض. وقد نجح غولدبرغ بذلك في تحريك راكد المياه، حيث قال إن أوباما لم يعد يكترث حتى لإظهار الغضب من نتنياهو. إلا أن وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية قد تناقلت أقوال أوباما من منطلق أن عنصر المفاجأة - أو مصدر القيمة الخبرية - فيها هو أنها تضمنت انتقادات من رئيس أمريكا لرئيس حكومة إسرائيل.
ولكن الواقع أن هذا ليس مفاجئا أو جديدا بالمرة. فالجميع يعلم أن الود بين أوباما ونتنياهو مفقود. كما أن أوباما ليس أول رئيس أمريكي يمتعض من نتنياهو. فقد سبق لبيل كلنتون أن تفوه في شأنه بكلام لا يخلو من بذاءة وقال لمساعديه متهكما: إن هذا الرجل يظن أنه يسدي لنا معروفا! كما أن كثيرا من الأصوات الصهيونية والليبرالية في أمريكا وإسرائيل تعلن منذ مدة الموقف ذاته الذي عبر عنه أوباما. وقد كان الروائي عاموس عوز أحد آخر من عبروا عن هذا الموقف قبل أيام عندما قال إن منع قيام دولة فلسطينية لن يؤدي إلى دولة ثنائية القومية بل إلى دولة عربية.
اللافت حقا في مقال غولدبرغ ليس انتقاد أوباما لنتنياهو، بل التأكيد بأن 'امتعاض أوباما' لا تكاد تكون له أية عواقب في المدى القريب. إذ إن 'الولايات المتحدة لن تقطع مساعداتها لإسرائيل، كما أن مساعي أوباما لعرقلة الطموحات النووية الإيرانية ستستمر بصرف النظر عن مدى ضيقه وبرمه من نتنياهو'. لا جديد إذن تحت شمس واشنطن ولا اختلاف بين سياسة أوباما وسياسات أسلافه: إسرائيل دوما على حق حتى عندما تكون على خطأ. بل إن إسرائيل تبقى، رسميا، على حق كلما كانت، عالميا، على خطأ.
على أن موقف أوباما يتميز بحكمة لم يؤتها الأسلاف. حكمة من لا يخطىء قراءة العلامات. ولكنها حكمة العاجز المتصالح مع عجزه. حكمة العين السياسية بصيرة، واليد الرئاسية قصيرة. حكمة الليبراليين والصهاينة المتخوفين على إسرائيل من إسرائيل إذ هي تفعل بنفسها ما يفعل العدو بعدوه. ذلك هو رئيس أمريكا: مجرد حكيم من حكماء الغرب المتدبرين للآيات المشفقين الجزعين على إسرائيلهم وهم يرونها تشوه وجهها 'الديمقراطي' بيدها وتهجو العالم كله بينما تغذّ السير على طريق الانتحار التاريخي.


سوق الحوار الدبلوماسي العربي ـ الاسرائيل!
عبدالواحد حركات(كاتب ليبي) عن القدس العربي
النظم الشرق أوسطية محشوة بالفتن والفوضى الايدلوجية والعدم.. مذ كانت فلسطين وما زالت ضحية الفساد العربي 'السياسي - الاقتصادي'.. والركون الساذج الى حكم الاخوان الان.. يمثل المرحلة الاخيرة للسقوط العربي في هوة الرجوع الى سلطة القبيلة والتقوقع في بيئات صغيرة متخلفة ومعزولة ديدنها اعلاء الهويات الطائفية وتهويد الاسلام وتغريبه!
سوق الحوار الدبلوماسي 'العربي الاسرائيل ' تم اقفاله على الساحة المصرية.. وانعزلت فلسطين وقضيتها بسبب انغلاق النظام المصري 'الإخواني' وافلاسه السياسي والاقتصادي وغرقه المحتوم في نزاعات داخلية ستفضي الى انهاك مصر وتقسيمها.. فأمريكا لم تفسح طريق السلطة للإخوان الا بعدما تيقنت من قصورهم وعجزهم عن اخراج مصر من محنتها.. فالامريكان يعرفون جيداً ان الاخوان لا يملكون مشروع للحكم ولا للاقتصاد.. وانما تكسوهم أوهام الاصلاح عن طريق الحراك الاجتماعي واعادة بناء النظم الاجتماعية على نماذج مثلى لا تلائم حقيقة الحاضر.. وثروة الاخوان السياسية لا تتعدى الخطابة والارشاد وسيرة السلف الصالح.. في حين تعاني مصر من معضلات سياسية واقتصادية واجتماعية ستقهر الاخوان وتحد من نشاطهم كحركة اصلاح اجتماعي فاعلة.. فارتداء الاخوان لجلباب السلطة يعادل ارتدائهم لحزام ناسف.. فالإخوان سيضلون جماعة حكم وليسوا مشروع سلطة!
اخوان مصر الحاكمون لا يملكون اوراقا للعب مع اسرائيل.. وليس لديهم ما يساومون به اسرائيل لصالح تحقيق مكاسب للفلسطينيين أو لمصر.. وهم امام مصيبة تعمق العلاقات المصرية الاسرائيلية.. وتحولها الى اندماج اجتماعي ببعض الحالات بشكل زيجات متبادلة بين المصريين والاسرائيليات.. وانواع كثيرة من التجارة 'السياسية والاقتصادية' العلنية والسرية التي درجت اثناء حكم مبارك.. وما زالت مستمرة!
'السادات' ساوم بالقدس لأجل تحرير سيناء.. فانتزع منه الاسرائيليون القدس والاعتراف بهم في اتفاقية 'كامب ديفيد'.. وضمنوا بها لجم الجهود المصرية وهدوء جبهة مصر الى الابد.. بل ضمنت لهم تأمين الجانب المصري ضد أي تدخل عربي.. وبعدما كانت مصر 'عبدالناصر' تقود المقاومة العربية.. تحولت الى 'ناطور فل اوبشن' على الحدود بعد موت 'القائد'!
'كامب ديفيد' بداية العزلة الفلسطينية والتخلي العربي!
بعد 'كامب ديفيد' سعت الحكومات الاسرائيلية التي تزعمها سفاحو 'الهاغانا' الى تطويق الفلسطينيين وتضييق الخناق عليهم.. فكانت المذابح والتوسع الاسرائيلي واقامة المستوطنات تجري امام صمت عربي مريب.. وكرنفالات نواح وغناء حماسي وظيفتها امتصاص الغضب الشعبي والسمسرة.. فكانت ' ام كلثوم ' بلوعاتها العشقية اول واكبر المفرطين بفلسطين ورائدة اعمق رحلة اغتراب وتلهي يخوضها العرب عن المآسي الفلسطينية!
الاسرائيليون عباقرة السياسة الشيطانية والخداع.. ومدمنو الشر!
محرك الصراع العربي - الاسرائيلي بيد اسرائيل.. وسطوها المبرمج وسفحها لدماء القادة الشهداء من ابوجهاد ' 1980 'وابو اياد' و'ابوعمار والشيخ احمد ياسين، دليل قوة الاستراتيجيا الاسرائيلية.. واجتهاد الصهاينة في تطبيق تعاليم تلمودهم الموسوم بالعنصرية وطقوس الازدراء لابناء ادام.. والفوضى الربيعية 'المشوهة' تسارع في تفتيت اقطار العرب وتؤسس لخارطة سياسية تخدم المنهج الاسرائيلي وتفتح الطريق لتحالفات طائفية مستقبلية مع اسرائيل على اساس 'ديني عرقي'!


الإسرائيليون، و«الأبارتايد»، والثمن
د. اسعد عبد الرحمن عن الرأي الأردنية
أساسا، لا يعتمد نظام «الأبارتايد» (الفصل العنصري) في إسرائيل على اختلاف اللون كما فعل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا حين سن قوانين للبيض، وأخرى للسود الافارقة والملونين والهنود، بل هو «نظام» صهيوني عنصري يعتمد الانتماء الديني. ومع ذلك، فإنه - في التطبيق اليومي المعاش – «نظام» يستعيد الكثير من قوانين جنوب افريقيا العنصرية، ولعل من أبرزها حرمان الفلسطينيين العرب من أراضيهم ومصادرة وجودهم وتعزيز السيطرة اليهودية على أرض فلسطين التاريخية. وإذا أردنا فهم «الأبارتايد» الإسرائيلي على حقيقته، لا بد من النظر إليه بشمولية باعتباره يتضمن كافة القوانين والسياسات والممارسات الإسرائيلية المتعلقة بالشعب الفلسطيني في أرضه التاريخية كلها، سواء فلسطين 1948 أو فلسطين 1967. و»يرقى» نظام الحكم الاحتلالي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، أينما تواجد، إلى نظام واحد متكامل من الفصل العنصري. واليوم، إسرائيل دولة تسير بخطى سريعة نحو «الأبارتايد» وذلك من خلال قوانينها وتشريعاتها التي تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني وتمارس سياسة التمييز العنصري بحقه.
أظهر استطلاع للرأي تم إجراؤه بين اليهود في إسرائيل أن معظم هذا الجمهور يؤيد انتهاج نظام «أبارتايد» ضد الفلسطينيين في حال ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل. وقال معظم هؤلاء إن نظام «أبارتايد» موجود في بعض المجالات.
كذلك، تبين من الاستطلاع ذاته، الذي نشرته صحيفة «هآرتس»، أن أغلبية اليهود الإسرائيليين تؤيد بشكل علني وصريح التمييز العنصري ضد فلسطينيي 48 إذ قال 58% من المستطلعين إن نظام «أبارتايد» قائم في إسرائيل اليوم وقبل ضم الضفة إليها، وأيد 38% قيام إسرائيل بضم المناطق التي توجد فيها مستعمرات/ «مستوطنات» يهودية في الضفة. كما أيد ثلث المشاركين في الاستطلاع سن قانون يمنع فلسطينيي 48 من المشاركة في الانتخابات العامة، ورفض 68% منح الفلسطينيين في الضفة حق التصويت في مثل تلك الانتخابات في حال ضم الضفة إلى إسرائيل. بل إن 74% من المستطلعة آراؤهم، أيد منع الفلسطينيين من السير في الشوارع التي يسير فيها اليهود في الضفة حيث قال 24% إن هذا (وضع جيد) فيما قال 50% إن هذا الفصل في الشوارع (ضروري)•
كذلك، أيد 47%، أي قرابة نصف عدد اليهود، القيام بعملية «ترانسفير» (ترحيل قسري) لقسم من فلسطينيي 48 إلى أراضي السلطة الفلسطينية. ولقد تبين من الاستطلاع أن مواقف الحريديم (المتزمتين دينيا) هم الأكثر تطرفا بكل ما يتعلق بالتعامل مع الفلسطينيين. فقد قال 84% منهم إنهم يعارضون منح حق التصويت للفلسطينيين، في حين أيد 83% منهم الفصل في الشوارع بين اليهود والعرب. كما أيد 71% من هؤلاء «الحريديم» التهجير القسري، مثلما أيد 70% منهم منع مشاركة فلسطينيي 48 في الانتخابات، وتأييد 95% منهم تفضيل اليهود على الفلسطينيين في القبول في مجالات العمل المختلفة.
هذا على المستوى الشعبي. أما على المستوى السياسي الذي تمثله الأحزاب الإسرائيلية، فقد تجلت الرؤية العنصرية لحزب «الليكود» في انتخاباته الداخلية وباتت تلك «الرؤية» سمة إسرائيل اليوم. بل إن «اليمينية» باتت سمة عامة تكتسب مشروعيتها بين الأحزاب السياسية على مشاريع القمع والترحيل ضد الشعب الفلسطيني.
فالمجتمع الإسرائيلي والأحزاب السياسية تميل نحو اليمين ونحو أقصى اليمين، حتى أصبحت النزعة العدوانية تسوغ وحشية الجرائم والمذابح التي ترتكبها حكومة (بنيامين نتنياهو).
ورغم ما تدعيه إسرائيل بشأن المساواة وإدانتها للعنصرية، إلا أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) صادق على عشرات القوانين التي تضمن الحقوق الجماعية لليهود على حساب المواطنين العرب. كما تبنّت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عشرات القرارات، واتخذت مئات الإجراءات التي تنطوي على تفرقة عنصرية واضحة ضد العرب، بدءً من رصد موازنات ضئيلة للقرى والمدن العربية، أو عدم اعترافها بعشرات القرى والتجمعات البدوية، وانتهاء بتنفيذ القانون بشكل عنصري وغير متساو.
في مقال للكاتبة الإسرائيلية والصحفية الليبرالية (أميرة هاس) نشر في «هآرتس»، كشفت عن بعد إضافي للمفارقة بتسجيل حقيقة تتضمن تحذيرا: «ان السؤال كان ولا يزال: كم من إراقة الدماء والعذاب والنكبات نحتاج حتى ينهار نظام التمّيز والفصل اليهودي الذي أسسناه خلال الأربع والستين سنة الماضية؟ إننا الآن في نهاية اللعبة للنظام اليهودي لأنه رفض حل الدولتين وحاول أن يقلد الأنموذج الأميركي إذ إن الأميركي الأبيض الانغلو ساكسوني البروتستانتي (الواسب) اتبع سياسة التطهير العرقي تجاه ما يعرف مجازياً بالهنود الحمر، والصفة الأصح هي السكان الأصليون». لكن على من تتلو (أميرة هاس) مزاميرها، وأين الآذان الإسرائيلية الرسمية التي تسمع والعيون الصهيونية اليمينية التي ترى؟!!!


نتنياهو:مسجل خطر
ابراهيم العبسي عن الرأي الأردنية
يبدو ان الرئيس الاميركي باراك اوباما قد بلغ به القرف من نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي حدا لم يعد معه قادرا على فهم هذه الشخصية الصهيونية اليمينة المعقدة والمتطرفة والعاجزة عن رؤية الحقائق والمتغيرات الدرامية التي تعصف بالعالم عموما وبالشرق الاوسط خصوصا.
فبعد العزلة العالمية المخيفة التي فرضتها سياساته الحمقاء على اسرائيل، وكذا الكراهية للدولة العبرية التي لم تعد تقيم وزنا للمجتمع الدولي والقوانين والاعراف الاممية نتيجة لاستمرار استباحة الاراضي الفلسطينية واقامة المستوطنات على هذه الاراضي ،ورفض الانصياع لمتطلبات السلام والاصرار على مصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية في الضفة والقدس العربية لصالح الاستيطان اليهودي الذي اجهز عمليا على كل الفرص الاميركية والدولية والاممية لاقامة السلام بين الفلسطينيين واسرائيل.
ها هو الصحفي الاميركي «جيفري جولد بيرج» المقرب جدا من الرئيس اوباما والذي اعتبر في الماضي القناة التي تنقل الرسائل من اوباما الى اسرائيل بل الناقل الامين لكل ما يقوله اوباما في الغرف المغلقة» ان نتنياهو هو التهديد والخطر الوجودي الحقيقي والملموس على اسرائيل» و»ان السلوك السياسي لنتنياهو،وطبيعته الجبانة التي ليس فيها اية قوة، وعدم قدرته على ان يرى الواقع حوله على نحو سليم ، يعتبر خطرا على مستقبل اسرائيل، وقدرتها على البقاء».
وتتفق رموز الوسط السياسي مع هذه الاقوال حد التطابق، مثل «ايهود اولمرت» رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق الذي يأمل الكثيرون ان يكون هو رئيس وزراء اسرائيل المقبل وزعيمة المعارضة «تسيبي ليفني» و»غابي اشكنازي» رئيس الاركان الاسرائيلي السابق و»شاؤول موفاز» زعيم حزب كاديما.
غير ان الوقت ضيق جدا امام هؤلاء لحشد الراي العام الاسرائيلي قبل موعد الانتخابات الذي اختاره نتنياهو نفسه ليقطع الطريق عليهم مسلحا بتأييد اليمين الصهيوني المتطرف وغلاة المتدينين والمستوطنين الذين يؤيدون سياسات نتنياهوالذي يبدو انه صاحب الفرصة الكبيرة في الفوز في الانتخابات التي ستجري بعد يومين، رغم تراجع شعبيته.
ولا يقتصر النقد الموجه لنتنياهو وسياساته التي الحقت ما هو اخطر من الاذى باسرائيل على الوسط السياسي الاسرائيلي واليساري بالطبع، بل تعداه الى الصحافة الاسرائيلية الليبرالية واليسارية. ففي مقال كتبه « باعيل باز ميلميد» ونشرته صحيفة «معاريف» قبل ثلاثة ايام، قال باز ان» نتنياهو يقودنا الى الفناء» و»انه _أي نتنياهو_ جعل الاسرائيليين اسرى في ايدي المستوطنين الاصوليين والمتزمتين اليمينيي منذ صعد الى الحكم قبل اربع سنوات».
بالطبع لا تهمنا عزلة اسرائيل ولا الخطر الوجودي الذي يقودها اليه نتنياهو. ما يهمنا هو ما قاله الصحفي الاميركي «جولد بيرج على « لسان وقلب «الرئيس الاميركي اوباما من ان نتنياهو بسياساته اليمينية المتطرفه وحمقه وعدم ادراكه لما يدور حوله واصراره على الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية ورفضه الاستجابة لدعوات السلام، هو ان اوباما اكتفى بتوصيف هذا الصهيوني المتطرف
وخطره على وجود اسرائيل.
ولكنه لم يقل لنا عن الخطر الذي يمثله نتنياهو على فلسطين والشرق الاوسط والعالم اذا ما استمر في سياساته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وارض هذا الشعب ، وما اذا كان يمتلك رؤية اميركية منصفة وعادلة تضع حدا لسياسات نتنياهو العدوانية التي تهدد الامن والسلم في الشرق الاوسط والعالم.


إسرائيل: العد التنازلي للانتخابات ارتباك وسباق على دخول الحكومة
حلمي موسى عن السفير
بدت المعركة الانتخابية الإسرائيلية في اليومين الأخيرين كأنها تتخبط بعد تراجع الاهتمام الداخلي والخارجي بها. النتيجة المعروفة سلفا، وفق استطلاعات الرأي، والتي تظهر أن بنيامين نتنياهو سيرئس الحكومة المقبلة في ائتلاف يميني واسع، قادت إلى تراجع الاهتمام.
وهكذا كان عدد الصحافيين الأجانب المتواجدين لتغطية الانتخابات الأقل في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، بينما يميل أغلبهم لاستبعاد حدوث تطورات مفاجئة. وكان هذا، كما يبدو، انطباع الشارع الإسرائيلي نفسه، الذي يجري التركيز حاليا على أن نسبة كبيرة منه، تصل إلى حوالي 20 في المئة، تتردد إزاء المشاركة من عدمها.
وبديهي أن يشكل تراجع الاهتمام الشعبي بالانتخابات، في نظر عدد من القيادات، خطورة الوضع الذي تواجهه إسرائيل. فهناك، إضافة إلى الوضع الإقليمي المستجد جراء التغييرات في الدول العربية، بوادر عزلة دولية على إسرائيل وتوتير للعلاقات مع الإدارة الأميركية وانسداد أفق التسوية واحتمالات تفجر
الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وإذا كان ما سبق غير كاف، فإن مظاهر الأزمة الاقتصادية باتت تفرض نفسها على مستقبل الحياة اليومية بعد أن تكشف عمق الفجوة بين الشرائح وحجم العجز في الميزانية. وقد استدعى ذلك قبل أربعة أيام من موعد الانتخابات من عدد من قيادات الأحزاب، «البيت اليهودي» و«هناك مستقبل» و«الحركة»، الدعوة إلى تشكيل حكومة طوارئ أو حكومة وحدة وطنية.
وبديهي أن تخفي الدعوة لحكومة طوارئ أو وحدة وطنية في باطنها الرغبة في المشاركة في الحكومة المقبلة. وبديهي أن وضوح النتائج العامة للانتخابات والخشية من مفاجآت، خصوصاً من جانب اليمين، أو من البقاء في صحراء المعارضة من جانب أحزاب الوسط. وينطلق ذلك من الإيمان بأن القضية الآن لم تعد نتائج الانتخابات، وإنما تركيبة الحكومة المقبلة ومدى إشراك بعض أحزاب الوسط فيها.
وكان زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت أعلن أن «الاقتصاد الإسرائيلي في وضع صعب والعجز بلغ 50 مليار شيكل (أكثر من 13 مليار دولار) وليس 39 مليار شيكل، ضمنها ديون شركة الكهرباء. ولذلك فإنني أدعو إلى تشكيل حكومة طوارئ اجتماعية، مع كل الجهات الأخرى. من واجبنا الجلوس معا لحل المشكلات الأساسية التي تخنق الاقتصاد الإسرائيلي».
وتلاه زعيم «هناك مستقبل» يائير لبيد الذي قال «لن أكون ورقة تين في حكومة حريديم ويمين، وبالتأكيد ليس في حكومة لا تحل مسألة المساواة في الأعباء». وحمل بشدة على زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش التي أعربت سابقا عن موقف ترفض فيه الدخول إلى حكومة يرأسها بنيامين نتنياهو. ودعا لبيد إلى إبداء المسؤولية و«إذا كان ممكنا إلى بناء حكومة وحدة اجتماعية ـ اقتصادية، وينبغي بذل كل جهد ممكن لمنع إنشاء حكومة يمين ـ حريديم».
وكذا كان حال زعيمة «الحركة» تسيبي ليفني التي قالت ان «لبيد سيكون في كل حكومة، وهذا واضح. يحيموفيتش رفعت يديها وأعلنت أنها ستكون في المعارضة. وأنا أسأل: لماذا؟ يمكن لنا أن نسير معا. لكنهم رفضوا. إن فكرة اتخاذ قرار مشترك يمكنها أن توفر القوة لإنشاء حكومة طوارئ حقيقية».
ولا ريب في أن مثل هذه التصريحات تصدر أيضا بسبب ارتباك الصورة الداخلية للمعسكرات في الكنيست المقبل. وقد عبرت استطلاعات الرأي بشكل واضح عن هذا الارتباك، خصوصا بعد أن أشارت المعطيات إلى أن ما بين 15 ـ 20 في المئة من الجمهور الإسرائيلي يعتبر نفسه مترددا. ومعروف أن استطلاعات الرأي لا تعبر فقط عن مزاج الشارع وإنما تُستغل أحيانا من أجل توجيهه. وليس صدفة أن القانون الإسرائيلي يحظر نشر استطلاعات قبل ثلاثة أيام كاملة ما يعني أن يوم أمس كان آخر يوم لنشر نتائج الاستطلاعات.
وتُظهر النتائج أن معسكر اليمين ـ حريديم ينال ما بين 64 مقعدا إلى 73 مقعدا. في المقابل، فإن معسكر الوسط ـ يسار ـ العرب ينال ما بين 47 مقعدا إلى 56 مقعدا. وبدا واضحا أن رهان «الليكود بيتنا» على نيل عدد مقاعد يقترب من الأربعين كان حتى الآن خاسرا، حيث ان ما يناله وفق الاستطلاعات يتراوح ما بين 32 ـ 37 مقعدا فقط. والكثير يعتمد على الأحزاب التي يمكن أن تتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات خصوصا حزب كديما برئاسة شاؤول موفاز والقائمة الكهانية المتطرفة «عوتسما ليسرائيل». وبوسع نجاح أي من هذين الحزبين زيادة قوة أي من المعسكرين. كما أن الكثير يعتمد على الفارق الذي يمكن أن يتحقق بين «البيت اليهودي» و«هناك مستقبل»، وهما قائمتان تأخذان من بعضهما أصواتاً.
وفي كل حال ظهر التخبط جليا يوم أمس بين خبراء استطلاعات الرأي وهم يعرضون آخر جهودهم وتوقعاتهم قبيل سريان الحظر. وبينما رأى البعض أن الفارق بين معسكري اليمين والوسط يتقلص رغم أنه لا يتغير، لاحظ آخرون أنه يتسع. ويحاول البعض أن يقول حاليا ان هناك نوعا من التساوي بين معسكري اليمين والوسط، طبعا من دون حساب الحريديم والعرب الذين يميل الأولون فيه طبيعيا إلى اليمين بينما يميل الأخيرون للوسط واليسار. ومعروف أن كتلة الحريديم الانتخابية، أي شاس ويهدوت هتوراه، تبلغ 17 مقعدا في حين تبلغ كتلة العرب ـ الجبهة والقائمة الموحدة والتجمع 11 مقعدا. والفارق بين الكتلتين يصنع الجزء الأكبر من الفارق بين المعسكرين. وتضم كتلة اليمين: الليكود بيتنا، البيت اليهودي وعوتسما ليسرائيل وتنال 46 مقعداً، بينما يضم معسكر الوسط ـ اليسار: العمل، «يوجد مستقبل»، «الحركة»، «ميرتس» وكديما، وينال بدوره 46 مقعداً.


الزعيم الأوحد لسياسة "التدمير الذاتي"
رندى حيدر عن النهار اللبنانية(عن بنيامين نيتانياهو)
عندما تولى بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية عام 1996 كان في الرابعة والأربعين من عمره، وفي حينه تعرض لانتقادات كثيرة لقلة خبرته في إدارة الشؤون السياسية لدولة إسرائيل. وعلى رغم الدور الكبير الذي اضطلع به في تأليب الرأي العام على اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين، واضطراره عام 1999 الى الدعوة الى انتخابات مبكرة نظراً الى الرفض الشديد لأحزاب اليمين للتفاوض مع السلطة الفلسطينية، فقد سجل له التاريخ خلال هذه الولاية توقيع اتفاقين: اتفاق الانسحاب من الخليل عام 1997، واتفاق واي بلانتيشن عام 1999.
في بداية ولايته الثانية رئيساً للوزراء عام 2009، حاول نتنياهو الظهور مظهر زعيم جمهور الوسط في إسرائيل أو اليمين المعتدل الذي كان يمثله آنذاك تكتل "ليكود". فألقى خطابه الشهير في جامعة بار إيلان الذي اعلن فيه قبوله بحل الدولتين لشعبين، لكنه عمل خلال الفترة التي أمضاها في السلطة على أن يصير هذا الحل مستحيل التحقيق، وذلك من طريق أمرين: السياسة الاستيطانية التي انتهجتها حكومته، والحرب الإسرائيلية الشعواء على زعيم السلطة الشريك المفترض لإسرائيل في أي تسوية مستقبلية.
عندما يعود نتنياهو الى رئاسة الوزراء لولاية ثالثة الأسبوع المقبل، وهو ما ترجحه كل استطلاعات الرأي، سوف يكون النسخة الأخيرة التي تحول اليها نتنياهو باعتباره زعيماً للجمهور اليميني القومي المتشدد، والذي ينتهج سياسة "تدمير ذاتي" كما نقل عن الرئيس الأميركي باراك أوباما في الأيام الأخيرة.
خلال المعركة الانتخابية الحالية لم يترك نتنياهو وسيلة إلا استخدمها من اجل الحصول على تأييد القاعدة الشعبية لليمين في إسرائيل. فمن اجل ارضاء المستوطنين والحصول على دعمهم الانتخابي وافق على بدء البناء في منطقة E1، ودخل في مواجهة مع المجتمع الدولي بأسره الرافض رفضاً باتاً لفرض حقائق استيطانية على الأرض تمنع مستقبلاً قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.
ولم يكتف نتنياهو باستعداء الرئيس أوباما من خلال دعمه العلني لمنافسه المرشح الجمهوري ميت رومني، ومن خلال حملة التشكيك في ادارة أوباما في الموضوع النووي الإيراني التي كادت ان تتسبب بأزمة في العلاقات التاريخية بين البلدين. فاذا بنا نراه اليوم يهاجم المواقف الأخيرة للرئيس الأميركي من سياسته ويعتبرها تدخلاً صارخاً في المعركة الانتخابية، ويحرض الرأي العام الإسرائيلي مرة اخرى على أوباما، الحليف الوحيد الذي بقي له على المسرح الدولي.
يتوقع حلفاء إسرائيل من نتنياهو الابتعاد عن اليمين المتطرف لدى تشكيله الائتلاف الحكومي الجديد. لكن كل الدلائل تشير الى صعوبة ذلك.



خلاف أم قطيعة؟!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت(عن نيتانياهو واوباما)
ربما لأول مرة نجد الرئيس الأمريكي أوباما ينتقد إسرائيل علناً، إذ على ذمة صحفي أمريكي فإن الرئيس أوباما، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» بالسياسي الجبان، والذي لا يعرف أين تكمن مصلحة إسرائيل، وأنه يقود بلده في النهاية إلى عزلة تامة!!
«أولمرت» رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق تساءل: «هل من مصلحتنا في مواجهة صارخة مع أقوى رجل في العالم؟ وأضاف من يبني الطائرات ومن بحاجة لاستعراض القوة، أعضاء اللجنة المركزية لحزب الليكود أم الرئيس الأمريكي؟».
قطعاً ليست المرة الأولى التي يختلف فيها الحلفان وتبادر أمريكا النقد وأحياناً التضييق على إسرائيل من منطق مصلحتها العليا، لكن اللهجة التي تحدث بها أوباما وتعقيب أولمرت تعطينا سبباً بأن نقول إن قادة إسرائيل الحاليين تمادوا بما لا يتفق والتحول السياسي والاستراتيجي الأمريكي، وهذا لا يفسر أنه بداية القطيعة، ولكنه بداية اتجاه جديد، حيث إن ما بعد سياسة الحروب والقطب الواحد بدأت تشعر أمريكا أنها أمام مواجهة مع قوى جديدة، لا حلفاء مثل الاتحاد الأوروبي، واليابان، وسط عجز وغفلة عالمية، وخاصة بعد زوال الاتحاد السوفياتي، ثم بعد ذلك، بروز قوى جديدة على رأسها الصين والهند في آسيا، والبرازيل في أمريكا الجنوبية، وأصبح الحلفاء السابقون ليسوا بالقدرة الاقتصادية التي تواجه القضايا الناشئة..
إسرائيل تعوّدت أنها حذفت كلمة (لا) من القاموس الأمريكي في قبول مطالبها وإشاعة الحروب من أجلها، واعتماد نظرية تفتيت دول المنطقة لصالحها، لأنها واجهت ما هو أسوأ في خلق الحرب الأهلية اللبنانية في بروز حزب الله المتحالف مع سورية وإيران، ورأت في العراق الجديد الذي قامت بغزوه مشكلاً آخر إذا ما تفتّت وأصبحت النزعة الإرهابية هي البديل الموضوعي، وحتى سورية التي تبقى على خط المخاطر العليا، أصبح المستقبل مجهولاً، ودول الربيع إن لم تكن عدواً فهي ليست صديقاً، وهذه المواقف العربية ثغرات كبرى لا تريد أمريكا الغوص فيها لصالح إسرائيل، ولذلك جاءت نظرتها، أنه ما لم تعتمد إسرائيل سياسة المصالحة والانفتاح وعقد سلام مع دول المنطقة، فهي وحدها من يتحمل المسؤولية السياسية والأمنية؛ لأن أمريكا في حال صياغة أهداف قد لا تلتقي دائماً مع إسرائيل، بما في ذلك ما يدور في الداخل الفلسطيني، والذي لم تنههِ أو تبدد حقوقه مجريات الحروب وغيرها..
نتنياهو حقق لإسرائيل التوسع بالاستيطان، ولا يرغب سماع كلمة سلام أو قيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وهذا ما رفع أسهمه الداخلية لكن أمريكا ليست مستعدة لأن تقتطع من دافعي الضرائب الأموال والمساعدات لإسرائيل، وهو مأزق نشأ مع العديد من زعماء أمريكا وتوّج مع أوباما..


عيون وآذان (خازوق ثورات الربيع لا علاج له)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
كان الأستاذ أكرم زعيتر يكتب في «الحياة» أيام مؤسسها وأول رئيس تحرير لها كامل مروة مقالاً إما ان يحمل اسمه أو لقب «كاتب عربي كبير»، وهو لقب اشترك فيه عدد من السياسيين العرب وكبار المفكرين ممكن كتبوا في «الحياة».
وبعد أن صدرت «الشرق الأوسط» في لندن في 4/7/1978 تعاقدت مع المناضل أكرم زعيتر للإسهام فيها، فكان كل مقال يرسله إليّ من عمان يحمل فوق عنوانه الكلمات: أرجو نشر المقال خالياً من الأغاليط. والكلمة الأخيرة مفردها غلطة وجمعها أغلاط، أما أغاليط فجمع الجمع، أو صيغة منتهى الجموع بلغة النحويين.
كنت في بيروت أطلب من الدكتور شارل مالك، أحد الذين صاغوا ميثاق الأمم المتحدة، أن يكتب لـ «الدايلي ستار» التي رأست تحريرها مقالات بالإنكليزية، فكان يفعل، ويكتب فوق العنوان في الصفحة الأولى: رجاءً نشر المقال كما هو. وكنتُ أصحّح مقال الدكتور شارل مالك، وأصحّح بعده مقال الأستاذ أكرم زعيتر، وأنا رئيس التحرير، لتجنّب أن يزعل هذا أو ذاك من أخطاء مطبعية.
ذلك الجيل من الكتّاب الكبار عند رب رحيم، وتذكّرت من عرفت منهم وأنا أراني في عصر أصبح الصحيح فيه هو الاستثناء والخطأ هو القاعدة الغالبة. عندي للقراء اليوم:
- الربيع العربي.
خطأ. هو بدأ في الخريف ودخل الشتاء ولم يخرج منه بعد.
- الاقتصاد المصري تعافى أو في طريق التعافي.
خطأ. الإخوان المسلمون ليس عندهم كوادر للنهوض بالاقتصاد والمطلوب أن يستعينوا بأفضل الخبرات الاقتصادية المصرية والعالمية لا أن يركبوا رأسهم.
- العراق أفضل برحيل صدام حسين.
خطأ. صدام حسين كان مجرم حرب، غير أن مئة صدام حسين أهون من قتل مليون عربي ومسلم ليرحل ديكتاتور واحد، ويصبح العراق مستعمرة إيرانية.
- النظام أفضل من المعارضة في سورية. المعارضة أفضل من النظام في سورية.
خطأ وخطأ. النظام والمعارضة سيئ وأسوأ.
- القذافي سقط وليبيا ارتاحت.
خطأ. القذافي رحل وبقي ظله الأسود فوق ليبيا كلها مع وجود السلاح في أيدي ميليشيات مجرمة.
- مشكلة لبنان حروب الآخرين على أرضه.
خطأ. اللبنانيون يوجهون دعوات رسمية وشعبية الى الآخرين ليقتتلوا على أرضهم.
- استمرار عمر البشير في حكم السودان مصلحة سودانية وعربية وإسلامية.
خطأ. في عهد البشير قُسِّم السودان الى دولتين، والآن النوبة في شمال السودان يريدون الانفصال.
- المعارضة في الكويت والأردن والبحرين تريد الديموقراطية.
خطأ. هي تريد الحكم و ستكون أقسى على المعارضة لها من أي نظام تخلفه.
- الفلسطينيون خذلهم العرب والمسلمون.
خطأ. الفلسطينيون خذلوا أنفسهم بانقسامهم المستمر.
- إسرائيل قبلت حل الدولتين ولكن أبو عمار أطلق الانتفاضة الثانية وجعل الإسرائيليين يتحولون الى اليمين.
خطأ. اليمين الإسرائيلي قتل اسحق رابين في 4/11/1995 والحل على بُعد أشهر، والانتفاضة الثانية بدأت في 29/9/2000 لغياب الحل.
- العقوبات على إيران تعجّل بسقوط النظام.
خطأ. العقوبات تؤذي المواطن الإيراني المغلوب على أمره ولا تمنع آية الله خامنئي أو محمود أحمدي نجاد من أكل ثلاث وجبات في اليوم و «قزقزة» الفستق الحلبي بينهما.
- البرنامج النووي الإيراني يهدد العالم.
خطأ. الأطماع الفارسية تهددنا، أما السلاح النووي الإيراني فغير موجود وبالتالي لا يهدد أحداً. ترسانة إسرائيل النووية في يدي حكومة فاشستية تهدد العرب والمسلمين جميعاً.
وأختتم مصححاً نفسي فقد كنتُ أرى أن الوضع العربي في سوءِ أن يقفز الواحد من على دراجته الهوائية (البسكليت) ويكتشف أن لصاً سرق المقعد الجلدي الذي كان ينوي الجلوس عليه، ووجدت أخيراً أن هذا الرأي خطأ لأن الذي يسقط على العمود المعدني للدراجة الذي كان المقعد الجلدي يرتكز عليه يستطيع أن يُشفى بعد أيام من العلاج، إلا أن الخازوق الذي أجلَسَتنا ثورات الربيع المزعوم عليه لا علاج له.


"الإخوان" و"إسرائيل" وراعيها
علي جرادات عن دار الخليج
بصورة عامة، وفي الفكر والسياسة، تحديداً، إذا لم يقترن انتقال المواقف من الضد إلى الضد بتحولات موضوعية تبرره، فإن من الجائز اتهام صاحبها بانتهازية الغرض، ما يفضي، (منطقياً)، إلى تعريض خطابه للارتباك، ومصاعب التسويق، وفقدان المصداقية . وأظن، وليس كل الظن إثماً، أن هذه هي حال تحولات مواقف “إخوان” مصر تجاه “إسرائيل” والولايات المتحدة بعد توليهم السلطة، وانتقالها من خطاب فاشل يعادي اليهود كيهود، إلى خطاب متهالك يدعو، بمناسبة ومن دون مناسبة، إلى “السلام” مع “إسرائيل” العدوانية التوسعية، وإلى الحفاظ على اتفاقات مصر معها . وبالمثل، من خطاب تائه لا يرى الأمريكي، إلا بوصفه “كافراً”، إلى خطاب يكرس التبعية والخضوع، سياسياً واقتصادياً، لهذا الأمريكي الذي أصبح، بقدرة قادر، وبمجرد تولي “الإخوان” السلطة، نموذجاً يُحتذى، ومدافعاً أصيلاً عن حقوق الإنسان العربي وصونها من الانتهاك، وداعماً نزيهاً لحق الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة .
في تناقض خطاب “إخوان” مصر تجاه “إسرائيل” وراعيها، الولايات المتحدة ما يدعو إلى حيرة لا يفك ألغازها سوى تمركز هذا الخطاب، بطوريه، على الوصول إلى السلطة، والاستحواذ عليها، وإقصاء المنافسين الداخليين عنها، فمعاداة “الإخوان”، (المعارضين)، لليهود كيهود، وراعيهم، الولايات المتحدة، ككافر، رامت “شيطنة” النظام المصري السابق، بغرض الحلول محله، وليس تغييره . وبالمثل، فإن دعوة “الإخوان”، (الحكام)، إلى “السلام” مع “إسرائيل” العدوانية التوسعية ذاتها، إنما تستهدف الاتكاء على راعيها الأمريكي إياه للحفاظ على السلطة، والتفرد بها، في مواجهة المنافس الداخلي الجديد الذي كان حتى الأمس القريب حليف “الإخوان” في الدعوة إلى “الشعب يريد إسقاط النظام”، ليس بوصفه مستبداً فاسداً، فحسب، لكن بوصفه، تابعاً وخاضعاً للأجنبي، أيضاً .
على أية حال، ربما فات قيادة “إخوان” مصر أن لعبة انتهازية “الغاية تبرر الوسيلة”، عموماً، وفي التعامل مع “إسرائيل”، وراعيها الأمريكي، تحديداً، لا تنطوي على فائدة صافية لمن يعارضها، (اللعبة)، وطنياً وقومياً، فقط، بل، وتقتضي، (وهنا الأهم)، دفْع أثمان لا حدود لها لمن استدرجهم إليها، أيضاً . فعلى المستوى الداخلي، قادت لعبة “الإخوان” هذه، (سريعاً)، إلى تراجع شعبيتهم وضرب مصداقيتهم، وإلى توحيد صفوف مناوئيهم السياسيين في جبهة واحدة، وإلى تنامي الوعي الشعبي بمخاطر سلطتهم على الاستقلال الوطني، وإلى ما ترتب على ذلك كله من استقطابات وانقسامات وطنية حادة، مكلفة، آخذة بالتوسع والتعمق، وتنذر بطول مشوار استقرار مصر، وتشعب مسار ثورتها، والتواءات طريقها، وجسامة تكاليف بلوغ أهدافها، لا في الحرية والديمقراطية والعدالة، فحسب، بل، وفي الاستقلال الوطني، أيضاً .
أما على المستوى الخارجي، غير المنفصل عن تعقيدات المستوى الداخلي، فقد تكشف ل”الإخوان”، قبل غيرهم، وربما بصورة أسرع مما تخيلوا، أن الدعم الغربي لتوليهم السلطة، لم يكن سوى فاتحة لمقتضيات تبعية سلطتهم الكاملة للولايات المتحدة، سياسياً واقتصادياً، وخضوعها التام لشروط أمن ربيبتها، وحليفها الاستراتيجي الثابت في المنطقة، “إسرائيل” . والشواهد على ذلك كثيرة، لكن، لعل من شأن التذكير بالشاهدين الأكثر دلالة، وإثارة للجدل، داخل مصر وخارجها، أن يساعد على تلمس ضخامة ما تريده الولايات المتحدة من “الإخوان”، ثمناً لدعمها لهم، سياسياً واقتصادياً، ولغضها النظر عن تفردهم بسلطة ما بعد انتفاضة 25 يناير . وهذان الشاهدان هما:
* أولاً: الرسالة الطافحة بمشاعر الحب والود التي وجهها الرئيس المصري، مرسي، إلى الرئيس “الإسرائيلي”، بيريز الذي أمر، (على عكس ما أراد مُرْسلها)، بنشرها، وأعرب عن بالغ ترحيبه، وعظيم تفاجئه، بها، وشديد اندهاشه من دفئها . لكن رسالة الرئيس المصري هذه، عدا تصريحاته الكثيرة عن الرغبة في “السلام” مع “إسرائيل”، وفي الحفاظ على الاتفاقات الموقعة معها، والالتزام بها، لم تشفع له، لا عند قادة “إسرائيل”، ولا عند قادة راعيها، الولايات المتحدة، حيث قاموا بنبش سجله كقائد في جماعة “الإخوان”، واستخرجوا له تصريحات مسجلة بالصوت والصورة، كان أطلقها في العام ،2010 يدعو فيها إلى “إرضاع الأطفال كراهية اليهود”،”أحفاد القردة والخنازير” . هنا، ورغم أن قادة “إسرائيل” وأمريكا كانوا، (بلا ريب)، على علم قديم بهذه التصريحات، وبتصريحات أخرى مشابهة لقيادات “إخوانية”، فإنهم، وعلى عادتهم في ممارسة سياسة الابتزاز والإخضاع، أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وقاموا بشن حملة إعلامية منظمة، تتهم الرئيس المصري ب”اللاسامية”، مطالبين إياه، على لسان الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، ثم على لسان وزارة الخارجية، بتقديم اعتذار رسمي ومعلن عن تلك التصريحات، ما اضطر الناطق باسم الرئاسة المصرية إلى القول: “لقد تم اجتزاء هذه التصريحات وإخراجها من السياق الذي قيلت فيه” . ولعل من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن هذا التوضيح الذي يشبه الاعتذار سيضع حداً للابتزاز الذي يمارسه قاده “إسرائيل”، بدعم أمريكي ضد الرئيس المصري، وبالتالي ضد مصر .
* ثانياً: في معرض الدفاع عن الدستور المصري الجديد المفروض، وبسبب عداء “الإخوان” الأيديولوجي المتأصل للتجربة الناصرية، لم يتورع عصام العريان عن اتهام عبد الناصر بطرد اليهود المصريين، داعياً إياهم إلى العودة إلى وطنهم مصر، حيث أصبح بمقدورهم، برأيه، التمتع بنعيم ديمقراطية المادة الثالثة من الدستور المتعلقة بحق أتباع الأديان السماوية ممارسة شعائرهم، وتنظيم حياتهم، وفقاً لمعتقداتهم، ناسياً أن هذه المادة تضرب نظام المواطنة الحديث، وتعيد نظام الملة العثماني الفضيحة، وأن اتهام عبد الناصر، خلافاً لحقائق التاريخ، بطرد اليهود المصريين، هو، وإن قصد التقرب من قادة الولايات المتحدة، وبالتالي “إسرائيل”، إلا أنه يصب الحب، بسذاجة، في طاحونة المطلب الصهيوني بتعويض اليهود العرب الذين تم جلبهم بالقوة والمؤامرات الصهيونية إلى فلسطين، بغرض تحويلهم إلى مستوطنين لأرضها، وقتلة لشعبها . وهذا ما حصده العريان بالفعل، حيث بدأت عملية الابتزاز، بادعاء جهات يهودية صهيونية أمريكية أن خسارة اليهود المصريين، (“المطرودين على يد عبدالناصر”) تزيد على 35 مليار دولار أمريكي .





إخوان البنا وإخوان اليوم (2)
د. كمال الهلباوي (كاتب مصري) عن القدس العربي
بعد المقال الأول عن إخوان البنا، جاءتني عدة رسائل على الفيس بوك، منها ما يسب ويشتم ويتوعد، وأنا أقول لأصحابها، لو إستخدموا العقل لفهموا الكلام، ولو عندهم رأي لعبروا عنه، ونأوا بأنفسهم عن السب، لأنه ليس من الأخلاق الحميدة. ونواصل هنا بعض أقوال أو نقول من كتاب: الملهم الموهوب حسن البنا، للأستاذ عمر التلمساني، توضح جوانب أخرى من شخصيته وأدائه الدعوي وعلاقته بالآخرين.
يقول الأستاذ التلمساني: 'هذا هو حسن البنا يكتب بخط يده في رسالة العقائد: إني سلفي العقيدة بمعناها الصحيح، لا بمعناها التعصبي التشنجي، وفي نفس الوقت لم يهاجم أحداً من الخلف بكلمة تؤذيه من قريب أو بعيد، كما يفعل غيره في مثل هذه المواقف متعصبا لرأيه، وكأنما الانتصار للرأي لا يأتي بنتيجة إلا إذا شتمنا معارضينا وحملنا عليهم. بل يزيد أستاذ الجيل على هذا الإنصاف الرائع، إنه حاول التقريب بين وجهتي النظر بأسلوبه الدقيق المحكم المهذب. هذا هو سلوكه في النقاش والتربية والتعليم والجدال، يسمو دائما فوق الشخصيات، بل ويعطيها حقها في حرية الرأي. إذا انتقد لا يجرح، وإذا عارض لا يؤذي وإذا ناقش لا يبغي'.
أما عن شجاعته ومروءته وحبه للآخرين وللخير وللدعوة، فتبينه هذه القصــــة الطريفة التي يرويها الأستاذ التلمساني:
'أخبرني قاض انتقل إلى رحمة الله، لما عرف أنني من الإخوان المسلمين، أن معرفته بحسن البنا وتقديره له، ترجع إلى موقف طريف. يقول القاضي كنت في بلدتي، وفي عودتي إلى القاهرة في وقت متأخر في سيارتي معي زوجتي فرغ البنزين من السيارة، فتوقفت على الطريق الزراعي في مكان لم أر على مقربة منه قرية ولا ضيعة. وكان الظلام حالكا ورهبة السطو تسيطر على مشاعري، وكلما مرت سيارة أشرت إليها بالوقوف، ولكن أية سيارة لم تستجب. وكانوا معذورين فالوقت متأخر والمكان منقطع عن العمران وهوية الذي يستوقف السيارة غير معروفة. والحذر في مثل هذا الموقف أولى وأجدر. وأخذت السيارات تمر واحدة بعد الأخرى على فترات منتظمة تدعو إلى القلق. وأخذت الدقائق تمر كذلك في بطء يثقل وقعه على الأعصاب، وبعد أن انتصف الليل وأيقنت أنني سأبيت أنا وزوجتي حيث كنا حتى الصباح، وبعد أن يئست من استجابة أي سيارة لإشارتي. قلت فلتكن الإشارة الأخيرة لأي سيارة تأتي، حصل ما تمنيت فوقفت سيارة. ونزل منها رجل يرتدي الزي الأفرنكي، ملتح، توحي ملامحه بالاطمئنان الكامل. وتحقق الأمل وتقدم مني في أدب محييا، وسألني هل هناك ما أستطيع أن أفعله، قلت: البنزين انتهى. وكانت السيارة في ذلك الحين ما تزال تستعمل البوق (النفير) فخلع الكاوتش الذي في بوق سيارته وبدأ يملأ منها ويفرغه في تانك سيارتي، حتى قدرت أن هذا يكفي وظننت أنه وقد قدم هذه المكرمة، وفي هذا الموقف الحرج سيتركني وينطلق بسيارته، ولكنه قال متلطفا أن أسير أولا، لعل في سيارتي شئ غير فراغ البنزين. وكان يقوم بهذا العمل كله بنفسه ورفيقه في سيارته يرقب الموقف كالصقر الحذر، وقبل أن ينصرف سألته من أنت؟
فقال حسن البنا من الإخوان المسلمين. فعرفت أنه مرشد الجماعة، ومن وقتها عرفت الرجل وما توفرت فيه من صفات توحي بالثقة الكاملة فيه. وتجذب كل قلب نافر. وكان إذا عاتب يبدأ في المؤاخذة بأسلوب العتاب المحبب إلى النفوس. كان إذا إستنجد أسرع الاستجابة دون تباطؤ.
كان حسن البنا يتحدث في جميع المؤتمرات والندوات لا يمنعه من ذلك مانع ولا يحول دون ذلك حائل، ولا يحتاج معه حراسة، بل كان من يسير معه يشعر إلى جواره بالاطمئنان والأمان مهما كانت الأماكن التي يسيرون فيها أو المهام التي يريدون حلاً لها. يعبر الأستاذ التلمساني عن ذلك بموقف طريف للغاية حيث يقول:
ودعي مرة إلى حفل بمناسبة المولد في بولاق، وكان هذا الحي يشتهر في ذلك الوقت بالفتوات والأقوياء، فكان حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحفل يدور كله حول الرسول عليه الصلاة والسلام يوم أن جَحَشَ أبا جهل على بئر زمزم، وهما في ميعة الصبا، وعن ركانة، أقوى أقوياء الجزيرة العربية، الذي لم يؤمن إلا بعد أن صرعه رسول الله صلي عليه وسلم ثلاث مرات، وعن مسابقته لأبي بكر وعمر وسبقه إياهما، ومن هذا الحديث المحبب إلى قلوب أولئك الفتوات كان يبينه لهم كيف أن تلك القوة الجسدية الهائلة. لم تأت إلا نتيجة للتمتع بقوة روحانية خارقة والتزام كامل لأوامر الله واجتناب نواهيه. وبلغ من إعجاب احد الفتوات في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الناحية، أن صاح معبرا عن إعجابه بمدى تفكيره قائلا (اللهم صلي على أجدع نبي). وانتهي الحفل بأن بايع الكثيرون منهم فضيلة الإمام، على الانضواء تحت لواء جماعة الإخوان المسلمين، والإقلاع عن استعمال قوتهم في المشاجرات والاعتدال على الناس وأن يوجهوا هذه القوة التي من الله بها عليهم. إلى الخير ونصرة الإسلام وكان على رأس هؤلاء الفتوات المرحوم إبراهيم كروم، أشهر فتوات بولاق والسبتية في ذلك الحين'.
هكذا نرى الفارق الهائل بين حسن البنا وأساليب دعوته التي حبّبت الناس إليه. وأنا أقول لو ان البنا رحمه الله تعالى كان موجوداً اليوم مع البلطجية لدعاهم للقيم واستخدام القوة في موضعها، ولكان استجاب لدعوته منهم الكثيرون. وهناك قصة أخرى جميلة وطريفة وفارقة بين العهدين. يقول الأستاذ التلمساني:
'عرض على الهيئة التأسيسية فصل خمسة من أعضائها وصدر القرار بالفصل، فقال الأستاذ الهضيبي رضوان الله عليه، أنهم لم يفصلوا لطعن في دينهم، فقد يكونوا خيراً منا. ولكن للجماعة نظم وقوانين يجب أن تراعي وأن تنفذ، وقد خالفوها ففصلوا حتى يأخذ الصف استقراره واستقامته، حرصت على ذكر هذه الواقعة المعروفة ليعلم من لم يكن يعلم، إنه لا المرشد السابق ولا اللاحق، قررا أن ألإخوان المسلمين هم الجماعة المسلمة وأن من يقول بذلك أو يدعو إليه إما أن يكون غير ملم بهذه الحقائق، وها قد ذكرت فليقلع، حتى لا يعرض صفوف الجماعة. الخلافات فيها أكبر الخطر على وحدة الصف وإنما ولا داعي لما وراءها، لأن بعض من يقول بذلك أعزة علينا قريبون من قلوبنا ومن دعاتنا الذين نفخر بهم في صفوفنا، وما أظنهم حملهم على هذا إلا تعلق وافر بالجماعة حبا وإعزازا وتمكينا ورفعا لها فوق هامة الجميع وجزاهم الله خيرا وغفر لي ولهم'.
أما عن الأخلاق داخل الصف الإخواني فكانت نموذجية، ولابد أن ينعكس ذلك على الأداء مع غير الإخوان أيضاً. الفوارق في الواجبات قائمة، ولكن الفوارق في الحقوق غير موجودة، والأخلاق تحكم الجميع. وهنا يقول الأستاذ التلمساني:
'كل هذه الفوارق ذابت عند الإخوان، وأصبحوا المجتمع المثالي الذي يتمناه كل مسلم. لقد مر بي في هذه الجماعة سبع وأربعون عاما وما سمعت من الإخوان أخا يشتم أخاه أو يسبه، ولكني رأيت نقاشا يبلغ من الحدة مدى، تظن ما بعده إلا الاشتباك، ولكن دون أن تسمع كلمة نابية واحدة، تؤذي سمعك. أو تحوج أحدهما إلى إعتذار. وقبل أن ينفض المجلس يكون كل شئ قد انتهى إلى التصافح والابتسام. إن كنت قد عشت في مثل هذا المجتمع فما أسعدك، وإلا فمن الخير لك أن تبحث عن مجتمع تجد فيه هذه الروعة وهذا الجلال .. مجتمع الحب والصفاء مجتمع الإخوان المسلمين'.
يتحدث الأستاذ عمر التلمساني عن أعجوبة فعلاً، حيث أنه بعد أن قضى في الإخوان عمراً طويلاً لم يسمع كلمة نابية واحدة، رغم النقاش والحدة فيه أحيانا. صحيح أنه مجتمع مثالي يحب الناس جميعاً والوطن، ويحبه الناس والوطن. هل هذا المجتمع قائم اليوم؟ وهل النظرة إلى الآخر لازالت مثالية؟ وهل ما يحدث في الشارع يعكس هذه الأخلاق والفهم للدين؟ لعلنا نتعلم من القيم والأخلاق، كنا في الإخوان أو خارج الإخوان تنظيماً.
وهناك نقطة اخرى مهمة تتعلق بمفهوم الوطنية والقومية التي يضيق بها بعض الاسلاميين اليوم ويعتبرونها من مفاهيم الجاهلية. يقول الأستاذ التلمساني عن معنى الوطنـــية في مفهوم حسن البنا: إنه أستاذ الجيل، لا ينتقد شيئا حتى يكون الكل على استعداد كامل لأوجه الإصلاح لما ينتقد إذ يقدم البديل، فهو إذا أنكر الوطنية الإقليمية في المجتمع الإسلامي التي تنتهي إلى التعصب والتعالي، فإنه يربطك بوطنك على فهم من إسلامك.
فيقول 'إذا أردت من معني الوطنية فكرة المجتمع والتآخي والتعاون والنظام والهدوء الذي يلتقي من أجله الجماعة من الناس فهذا خير، وبهذا التصور يحرر الإسلام من مادية الأرض ويجعلها فكرة شعورية سامية. بمثل هذا الفهم في الوطنية، فيلفهم الفاهمون. لو أن الناس فهموا هذا الفهم لما كانت هذه الحروب الدامية في كل مكان. إن الإسلام لا يهدف إلى توسع ولا إلى استعمار ولا إلى دولة متسلطة ولكنه يقصد إلى بناء أمم تحس بحق غيرها في الوجود، كما تطلب ذلك لنفسها. امة تعين غيرها من الأمم الضعيفة لتقوى، ولا تضعفها لتقضي عليها. أمة لا تمنع خيرها عن غيرها، ولا تستأثر بمنافع الأرض لتعيش وحدها ولو فني غيرها'.
كما يقول الامام البنا في رسالة: دعوتنا عن الوطنية:
'إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الأرض وألفتها والحنين إليها والانعطاف نحوها، فذلك أمر مركوز في فطر النفوس من جهة، مأمور به في الإسلام من جهة أخرى' وهذه هي وطنية الحنين.
'وإن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد في تحرير البلد من الغاصبين وتوفير اســـتقلاله له، وغرس مبــــادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه، فنحن معهم في ذلك أيضاً، وقد شدد الإسلام في ذلك أبلغ التشديد' وهذه هي وطنية الحرية والعزة.
'وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في مصالحهم، فذلك نوافقهم فيه أيضاً ويراه الإسلام فريضة لازمة' وهذه هي وطنية المجتمع المترابط.
'وإن كانوا يريدون بالوطنية فتح البلاد وسيادة الأرض فقد فرض ذلك الإسلام، ووجه الفاتحين إلى أفضل استعمار وأبرك فتح' وهذه هي وطنية الفتح.
ولم يكن حسن البنا مع ما يمكن أن نسميه اليوم وطنية الحزبية، بمعنى تقسيم الأمة إلى طوائف تتناحر وتتغاضن وتتراشق بالسباب وتترامى بالتهم ويكيد بعضها لبعض'.


لا يجوز الصمت على هذا الكلام!
صالح القلاب عن الرأي الأردنية
حتى لو أن خطاب الشيخ همام سعيد يوم أمس الأول إقتصر على ما نقلته صحيفة «السبيل» الإخوانية التي إختلفت روايتها عن روايات معظم الصحف الأخرى فإنه يجب عدم السكوت عليه فالقول :»إن مطالب الإصلاح تهدف إلى تمكين الشعب (الأردني) من أموره ليحكم فيها وعندها سيقيم الشعب راية الإسلام في أرضه ويقيم حكم الإسلام من صلاة وزكاة وغيرها» يعني وكأن الدولة الأردنية ليست دولة إسلامية أو دولة مسلمة وكأن الدستور الأردني في المادة الثانية لا ينص على أن «الإسلام دين الدولة»!!.
هذا حسب صحيفة «السبيل» الإخوانية أما حسب بعض الصحف ووسائل الإعلام الأخرى فإن همام سعيد قد قال :»إن دولة الإسلام قادمة» وأنه قال :»إن الدولة الإسلامية الصالحة قد بدأ فجرها يلوح على الأردن» مما يعني أن هذا «الشيخ الجليل» إما أنه لا يرى أن فجر الإسلام قد لاح في هذا البلد الذي يحتضن أضرحة الفاتحين الأوائل وفي مقدمتهم أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه وقبله جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة.. أوأنه يرى أن الكفر قد عاد إلى الأردن وبالتالي فإنه لابد من فجر إسلام «آخر»!!.
وحقيقة أن مثل هذا الكلام قد قاله الرئيس محمد مرسي عندما كان لايزال رئيساً لحزب الإخوان المسلمين فهو قال :»إنه لابد من فتحٍ جديد لمصر» وكأن أرض الكنانة التي وصلها الإسلام بقيادة عمرو بن العاص قد تحولت من أرض إسلام إلى أرض كفر وكأنها باتت بعد نحو أربعة عشر قرناً بحاجة كما قال الأستاذ ثروت الخرباوي القائد السابق في هذه «الجماعة» إلى محمد بن مرسي ليعيدها إلى إسلامها وليعيد الإسلام إليها.
والمشكلة التي بقيت تُواجَهُ بالصمت المخزي هي أن الإخوان المسلمين كانوا ولا زالوا يعتبرون أنَّهم هم الإسلام وأنَّ الإسلام هُمْ وأن إنتقادهم هو إنتقاد للإسلام وليس إنتقاد لحزب حتى وإن هو يرتدي العباءة الإسلامية وحتى وإن كان أعضاؤه مسلمين فإنَّ من الكفر إعتباره كحزب سياسي أنه هو الإسلام وبخاصة بعد تسلمه الحكم في مصر وتونس والتأكد من أنه حزب سياسي لا يختلف من حيث الجوهر عن كل أحزاب التي عرفتها المنطقة.
إنه لا يجب السكوت على هذا الذي قاله الشيخ همام سعيد وإن المفترض أنْ يتحرك القضاء لوضع الأمور بالنسبة لهذه المسألة في أنصبتها وإن المفترض ألاَّ يصمت المعنيون بهذه القضايا على كلام في غاية الخطورة إستهدف الأردن كدولة وإستهدف الأردنيين كلهم وإستهدف الدستور الأردني الذي نصَّ في المادة الثانية منه على أنَّ :»الإسلام دين الدولة».
كان على الشيخ همام سعيد قبل أن يقول هذا الكلام الخطير الذي قاله أن يخرج من هذه «الشرنقة» الحزبية التي يعيش فيها ليعرف أن «الإخوان المسلمين» لم يعودوا في عيون الناس هنا في الأردن وأيضاً في مصر وتونس وفي الأقطار العربية كلها وكذلك في العالم الإسلامي هم «إخوان» الأمس قبل أن يتسلموا السلطة في الدول التي تسلموا السلطة فيها وقبل أن يفشلوا في الإمتحان ويؤكدوا أنهم كانوا في حقيقة الأمر طلاب سلطة وطلاب حكم وليسوا أصحاب رسالة.. ولا هُم يحزنون.
إنه على «الإخوان» هنا وفي كل مكان أنْ يدركوا أن النظام الذي يحاولون إقامته في مصر وفي تونس هو أسوأ كثيراً من كل الأنظمة الإستبدادية التي عرفتها المنطقة وأنهم يقولون ما لايفعلون أو يفعلون خلافاً لما يقولون وبالتالي فإنه ألفُ لا للدولة الراشدة التي تحدث عنها الشيخ همام سعيد في حراك «الجمعة» الماضية إذا كانت كدولة محمد مرسي في مصر.. وكدولة الشيخ راشد الغنوشي في تونس.


عن تصريحات مرسي.. المجتزأة!
محمد خروب عن الرأي الأردنية
كان لواشنطن ما ارادته (اقرأ فَرَضَتْهُ) على الرئيس الاخواني محمد مرسي الذي لم يتردد لحظة واحدة في «سحب» تصريحاته عن اليهود والاسرائيليين (..) بعد ان كان قد وصفهم بأنهم «سلالة قردة وخنازير»..
طبعاً يصعب صرف النظر عن التبرير المقتضب بل والاعتذاري الذي قدمته الرئاسة المصرية في هذا الشأن، لأن خطاب الاخوان التعبوي ينهض في الاساس على مثل هذه «الثقافة» التي يدركون ان عموم البسطاء وخزان الاصوات (الذي ينهلون منه) شعبيتهم، يرون في ذلك (شعار ابناء القردة والخنازير) اشارة على عدم غياب فكرة «الجهاد» ضد محتلّي اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وبخاصة انهم واصلوا «تحذير» الآخرين، بأن فلسطين وقف اسلامي لا يجوز بيعه او التنازل عنه او التفريط به.. لهذا ايضاً كان الرئيس مرسي منسجماً مع شعارات جماعته التعبوية عندما دعا في مهرجان خطابي المصريين الى ان «يُرضعوا اطفالهم على كراهية الصهاينة» (كان ذلك في العام 2010 وليس بعد 25 يناير) ورغم ذلك فانه لا يأتي بذكر (لا هو ولا جماعته) على حماة ورعاة اسرائيل في واشنطن والغرب الاستعماري؟
اختلفت الحال عند الاخوان بعد ثورة 25 يناير، وخصوصاً بعد وصول «مندوبهم» الى قصر الاتحادية حيث سبقته التصريحات العلنية والرسائل السرية ورهط المبعوثين الى البيت الابيض وأروقة مجلسي الكونغرس ودائماً لوبيات الضغط اليهودية النافذة.. وتم الاعلان عن التزام الرئيس المصري (وجماعته) بكل الاتفاقات الدولية (..) التي وقعتها مصر والمقصود بذلك فقط اسرائيل وكامب ديفيد بالذات، وخرج علينا منظّرو الجماعة ومن شايعهم وناصرهم بفيض من التبريرات والحجج والذرائع المتهافتة التي لم تأت بجديد على ما عهده المصريون والعرب منهم منذ أن اختار انور السادات التحالف مع الاخوان المسلمين وقرّر الاستدارة الشهيرة نحو تل ابيب بتشجيع من واشنطن الى أن اخرج مصر من الصف العربي، وابقى الاخوان على تحالفهم معه تحت عناوين وملفات عديدة الى ان وضع حادث المنصة (6/10/81) نهاية لهذا الحلف المريب وإن كان حسني مبارك لم يكن صاحب مواقف عدائية منهم, إلا أنه لجأ (كما السادات) الى الاخوان المسلمين، ولكن هذه المرة في استخدامهم كـ(فزّاعة) لاخافة الغرب الذي اخترع عدواً جديداً بعد اختفاء العدو الايديولوجي الاول (الاتحاد السوفياتي) وهذه المرة، كانت هي التنظيمات والجماعات الاسلامية تحت يافطة محاربة الارهاب..
ولأن اخوان مصر ليسوا على هذه الدرجة من السذاجة ليتركوا مبارك يحظى بدعم الغرب وخصوصاً الاميركي، فإن نسجوا علاقات واقاموا اتصالات وفتحوا خطوطاً، بعضها كان عبر مراكز الابحاث والدراسات (دع عنك الدوائر الاستخبارية والسفارات) وبالتالي فانهم لم يشعروا بالغربة بل واصلوا تحدي (...) مبارك واظهار بعض العناد تجاه نظامه, إلا أن الخطوط كانت اكثر من ساخنة ولم تكن حكاية «فوزهم» بـ 88 مقعداً في اوائل العقد الجاري مجرد «سهو» من نظام مبارك بقدر ما كانت نتاج صفقة سرعان ما انكشفت بعد أن اعلن المرشد العام (وقتذاك) محمد مهدي عاكف, ان الاخوان لا يمانعون في «ترشح» جمال مبارك لمنصب الرئاسة لأنه «مواطن» مصري، وكي يبدو متوازناً فإنه اضاف بضرورة ان يُعامل على قدم المساواة مع مرشحين آخرين.. وهذا كلام مُرسل وعبارات فضفاضة لا تغيّر من الاهداف البعيدة لـ»غمزة» كهذه.. تجاه الرئيس وابنه.
هبط في القاهرة اذاً, أحد ابرز اصدقاء اسرائيل في الكونغرس المرشح الرئاسي «الجمهوري» جون ماكين وقال «ومَن رافقه» كلاماً صارماً في حضرة الرئيس مطالباً بسحب وصف اليهود والاسرائيليين بأحفاد القردة والخنازير ووقف تهريب الاسلحة الى حركة حماس في غزة (عبر سيناء بالطبع) ثم (ثالثاً) التلويح بحجب المساعدات وضرورة التفاهم مع «المعارضة».
لم يغب عن ذهن ماكين (الذي حصل على ما يريد) ان جواب الاخوان جاهز وانه سيسمع عبارة (... ان التصريحات مجتزأة ويجب ان توضع في «السياق» الذي قيلت منه).
لكن غاب عن الاخوان انفسهم ان الشعب المصري كما العربي، بدأ يعيد حساباته فما يقال الان ويتم تنفيذه بتكريس أخْوَنَة الدولة وإقصاء الخصوم والمنافسين والاستحواذ على «الدولة» والتحالف مع اميركا والتوسط لدى اسرائيل، هو الموقف الحقيقي للجماعة (وفروعها) وليس ما كان يقال في الخطب والمهرجانات التعبوية قبل ان يصلوا الى الحكم في مصر وتونس والمغرب وليبيا وربما في اليمن وما يواصلون ارتكابه بحق سوريا وشعبها.


الاخوان بين دوار فراس و«زمزم»!
حسين الرواشدة عن الدستور الأردنية
فيما كان “الشيخان” المراقب العام للاخوان ونائبه يتصدران مسيرة “دوار” فراس، أحدهما يبشر “بالخلافة القادمة” والآخر “بالاصلاح المنتظر”، كان ثمة لقاء يتصدره الدكتور رحيل الغرايبة لاستكمال النقاش حول “مبادرة زمزم”.
ابطال المشهدين ينتسبون الى جماعة الاخوان، وملف الاصلاح حاضرٌ في المناسبتين، لكن “الاجندات” والافكار ليست واحدة، كما ان الخطاب يبدو مختلفا تماما، في دوار فراس حيث رفعت لافتة “الشرعية الشعبية” احتشد الكثيرون معظمهم من الاخوان، واشهروا شعار المقاطعة والتحذير، واستنفروا الاردنيين للدفاع عن حقوقهم، ووعدوا باكمال “مشوار الشارع” وصولا الى تحقيق المطالب، اما في اجتماع “زمزم” فقد انتقد الحاضرون اخوانهم الذين يقفون على “الشرفات” واعلنوا انهم جماعة وطنية تسعى الى اصلاح مسيرة “الجماعة الاسلامية” من داخلها، وقرروا ان يمضوا في الطريق حتى نهايته دون ان يلتفتوا “للاشواك” التي تلقى امامهم.
تزامن المشهدين لم يكن - بالطبع - مصادفة، فمنذ اكثر من شهرين بدأت ملامح “الخلاف” بين الاخوان تخرج الى العلن، وفي الاسبوعين الماضيين شن احد القيادات الحالية هجوما قاسيا على اصحاب مبادرة “زمزم” مؤكدا ان وثيقتهم “تآكلت” وبانهم “قفزوا” من داخل مركب الجماعة في توقيت مشبوه، واصفا اياهم “بالمرتبكين” ثم جاء الرد سريعا من الطرف الآخر على شكل شيفرات احيانا تحت عنوان “الكذب ملح الرجال” واحيانا اخرى بعنوان “انا ابن الحركة الاسلامية” وهكذا.. والمعنى واضح تماما وهو ان “تيار زمزم” قادم لا محالة، واذا لم يخرج من رحم “الجماعة” فانه سيخرج عن رحم الجماعة بالتأكيد.
هنا مصدر القلق تماما، فالمبادرة التي يحاول تيار “زمزم” اشهارها تتجاوز حدود المبادرة السياسية الى “بناء” تنظيم جديد، له قواعد وقيادات واجندات وبرامج، انه “حركة” جديدة تريد ان تصحح مسار “الجماعة”، لكن هذه المرّة ليس من الداخل وانما بخلق “كيان” آخر ينافسها ويوازيها، وهو - ان شئت - انشقاق سياسي تمخض عن “تضاد” في التصورات وانسداد في المسارات وعجز عن التغيير وخلاف على المواقع والاتجاهات واقناع وعناد متراكم عن النزول من فوق الشجرة.
من المفارضات ان الذين يقفون في “الوسط” داخل الجماعة لم يتحركوا بما يكفي لوقف “الانشطار” القادم ومن المفارقات ايضا ان الحديث عن “الصدام” يتوجه الى مكان آخر مغشوش تجلس فيه الجماعة بكاملها مع السلطة والحكومات فيما المكان الحقيقي للصراع هو “بيت الاخوان”، ومن المفارقات ان هواجس “الانشقاق” المتوقع قد اغرى الكثيرين من خارج الجماعة على التدخل السريع فيه اما لاشغالهم “بازمتهم” او لاضعاف نفوذ الذين يراهنون منهم على “الشارع” او لتمرير “وصفة الاصلاح” المعتمدة من بوابة استقطاب بعضهم ضد الآخر.
حتى الآن ما زال دعاة مبادرة “زمزم” يصرون على انهم “جزء من الحركة” وانهم لا يفكرون اطلاقا بالانشقاق عنها، فيما يرى الطرف الآخر انهم خرجوا عن “الصف” وانه غير مسموح لهم بتعميم افكارهم داخل الجماعة، لكن المؤكد -كما اعتقد - هو ان الانشقاق قد حصل فعلا وان اشهاره معلق بتحديد التوقيت فقط.. وهذا ما يتقضي التنبيه .. لانه إذا حدث فلن يكون في مصلحة أحد.



2 - هل يؤسّس "الإخوان" لديموقراطية أو لديكتاتورية؟
سركيس نعوم عن النهار اللبنانية
الجواب "المعارض" عن سؤال: ماذا سيفعل "حزب الكنبة" المعارض في مصر، ولكن من المنازل والبيوت، حيال ما يجري في مصر كان أن "أعضاء" هذا الحزب مواطنون مصريون ينتمون الى طبقة الميسورين، والى الطبقة الوسطى، والى طبقة الفقراء. وكان ايضاً أنهم يريدون الاستقرار ويخافون الفوضى والاصطدامات التي تتسبّب بها. لكن هؤلاء عندهم حاجات لا توفّرها الدولة. وهم يعرفون أن الوضع المالي للدولة ليس سليماً. فالإحتياط النقدي يقارب الـ15 مليار دولار اميركي من أصله ستة مليارات قيمة الذهب الذي تمتلكه مصر. والمساعدات التي تأتي من دول الخليج، وخصوصا قطر، مهمة لكنها لن تفي بالغرض فضلاً عن انها تولِّد انطباعاً عند المصريين وغيرهم ان دولتهم الكبيرة والرائدة صارت في حاجة الى قطر التي تبقى، رغم حجمها النفطي والغازي والمالي، دولة صغيرة جداً. فضلاً عن ان صندوق النقد الدولي الذي يسعى "الحكم الإخواني" للحصول منه على قرض مالي كبير كان دائماً موقع نقد من الرئيس مرسي شخصياً و"اخوانه". فماذا تبدّل حتى أصبحوا من أنصار الاستدانة منه؟ علماً انهم يعرفون شروطه القاسية التي تثير غالباً غضب فقراء الشعوب. علماً ان المطلوب من "حزب الكنبة" قد لا يكون النزول الى الشارع والتصادم مع "الإخوان"، وشرطة الدولة، بل التصويت وفقاً لاقتناعاتهم وخصوصاً التي منها تكوَّنت بعد بدء تجربة حكم "الإخوان" في مصر.
اما عن الاسلوب الذي يتّبعه "الإخوان" ورئيس مصر، في الحكم فيدل في رأي المعارضين لهم على وجود جوع قديم الى السلطة. فهم مستعجلون لإقرار كل القوانين التي تمكّنهم من الإمساك بالبلاد. وهم يتخذون القرارات الاساسية في كل الموضوعات المهمة وحتى الأقل اهمية ويحيلونها الى الرئيس مرسي للتنفيذ. وهم موجودون في كل وزارة مهمة او غير مهمة وسيادية وسياسية او خدماتية او خلف كل وزير بحيث صار المصريون يعرفون من هو الوزير الفعلي في كل وزارة. ويدل ذلك كله على ان "الإخوان" لم يحسنوا ممارسة الحكم والسلطة، علماً انهم لا يزالون حديثي السن فيهما، وقد يكون سبب ذلك تاريخهم المليء بالتهميش والملاحقة والسجن. كما قد يكون الخوف من انقضاء هذه الفرصة قبل ان يرسِّخوا اقدامهم. ويعني هذا الامر اذا صح انهم لا يؤسسون لديموقراطية في مصر وإنما لديكتاتورية اخرى يكونون هم عمادها وليس العسكر الذين عرفهم المصريون ايام ناصر والسادات ومبارك. ولا يتم ذلك الا بالسيطرة على الجيش بفتح ابوابه لـ"الإسلاميين" بكل صراحة ووضوح. وهذا امر لم يحصل حتى الآن رغم الضعف الذي اصاب المؤسسة العسكرية او بالأحرى الذي اصاب دورها السياسي الداخلي. ولو كانوا اكثر ذكاء ودهاء وأقل استعجالاً، لفت الجواب "المعارض" نفسه لكانوا استغلوا المرحلة الاولى من حكمهم ( بالسنوات وليس بالأشهر) لتحقيق انجازات سياسية واقتصادية و"استقرارية" وحتى اصلاحية. فذلك يؤمّن لهم شعبية جازمة داخل مصر وربما خارجها يستطيعون استعمالها لتأسيس المرحلة الإخوانية في حكمها. وهذا تماماً ما فعله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في بدايات حكمه وقبل فرضه الديكتاتورية على شعبه وبلاده.
ماذا عن العلاقة الفعلية لـ"الإخوان المسلمين" في مصر في ظل رئاسة اخيهم محمد مرسي لها بالولايات المتحدة؟ وما هي نظرتهم الى اسرائيل التي تربط بلادهم بها ومنذ اكثر من ثلاثة عقود معاهدة سلام شامل؟
الكلام عن "العلاقة الإخوانية" – الاميركية قديم في مصر. فواشنطن "تحدّثت" معهم بعد فوزهم وللمرة الاولى بنحو ثمانين مقعداً نيابياً في مجلس الشعب في اثناء حكم مبارك وخصوصاً بعدما عرّضهم ذلك لقمع الاخير واضطهاده، وكانت لأحاديثها هذه صفة رسمية اذ تمّت بين نواب وديبلوماسيين. ولم تكن لها خلفيات معيَّنة كما لم تكن تؤشّر لأمور اخرى. وعند اندلاع الثورة وبعد انتصارها واشتراك "الإخوان المسلمين" فيها رأت اميركا ان الحديث معهم ضروري وخصوصاً انهم بدوا الفريق المعارض ذي الشعبية الكبيرة والأكثر تنظيماً. كما رأى "الإخوان" ان مصلحتهم تكمن في التحدث اليها بل في التفاهم معها وخصوصاً انهم مقبلون على "عهدٍ" في مصر قد يكونون سادته او المسيطرين عليه. وبدا من مواقف عدة وتصريحات للفريقين انهما على طريق تفاهم لا تحالف. لكن ما حصل في أثناء ازمة الإعلان الدستوري والدستور نفسه كشف بعضاً من هذه العلاقة. كيف ذلك؟






الإخوان وتراث عبد الناصر
فايز رشيد عن دار الخليج
مرّت الذكرى الخامسة والتسعون (15 يناير/ كانون الثاني 1918) لميلاد الزعيم جمال عبدالناصر، من دون أدنى إشارة من السلطات المصرية لهذا الحدث . معروف حقد الإخوان المسلمين على الزعيم الوطني والقومي العربي، فهم وطوال عقود من الزمن يحاولون تشويه صورته، وتقزيم منجزاته واتهامه “بالعلاقة مع الأمريكان”، والإساءة إليه بكافة الطرق والوسائل، فوفقاً لنائب رئيس الجماعة عصام العريان “قام بطرد اليهود من مصر”! الإخوان حاولوا اغتيال عبدالناصر في المنشية (الإسكندرية) عام 1954 أثناء إلقائه لخطابه، ولم يعترفوا حينئذٍ بالعملية، بل أوعزوها إلى أحد أجهزتهم، ثم في ما بعد تكشفت الحقائق وأخذوا يجاهرون بها، ويتأسفون على عدم نجاحها .
الإخوان يهزأون بالثورة المصرية التي قادها الضباط الأحرار في عام ،1952 فبعد تسلم مرسي لمنصبه بأسابيع قليلة جاءت ذكرى ثورة 23 يوليو، وإذ بالرئيس مرسي وفي خطاب له يتعامل بازدراء واضح مع هذه المناسبة العظيمة من خلال القول “الستينات، وما أدراك ما الستينات” ثم قام في ما بعد بزيارة ضريح السادات ومنحه أرفع وسام مصري . لم يقم الرئيس مرسي بزيارة ضريح عبدالناصر في ذكرى الثورة، ولم يُشر إليه إلا بالطريقة الاستهزائية .
معروف أيضاً التحالف الوثيق بين السادات و”الإخوان”، فبعد وفاة عبدالناصر بفترة وجيزة، استعان الرئيس بهم لضرب القوى الوطنية الناصرية واليسارية في ما أسماه “مؤامرة مراكز القوى” . الغريب أن “الإخوان” أصحاب الجمل الرّنانة ضد اليهود و”إسرائيل” قبلوا هذه العلاقة وهذا التحالف مع صاحب اتفاقية الذل في “كامب ديفيد” . كان من المفترض أن تكون انتفاضة 25 يناير مكملة لثورة 23 يوليو، غير أن “الإخوان” ركبوا موجة هذه الانتفاضة، مع أنهم لم يشاركوا بها إلا متأخراً، وبعد أن قبلوا وحدهم من بين كل الأحزاب المصرية بالحوار مع نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان، ووقفوا منفردين في مشاركتهم بالاستجابة لدعوته .
الإخوان المسلمون يحاولون محو إرث وتراث ومنجزات الرئيس الخالد عبدالناصر، وما أكثرها: توزيع الأراضي على الفلاحين، التعليم والطبابة المجانيين، نشر مبادئ العدالة والمساواة بين كل فئات الشعب، التصنيع، بناء السد العالي، تأميم قناة السويس والوقوف في وجه العدوان الثلاثي، المشاركة الفاعلة في إنجاز حركة عدم الانحياز، دعم حركات التحرر الوطني في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث أصبحت القاهرة محجاً لكل الأحرار في العالم . دعم ثورة جنوب اليمن ضد الاحتلال البريطاني، دعم الثورة الجزائرية، العمل على إسقاط حلف بغداد، التصدي للمشاريع الأمريكية والصهيونية في العالم العربي والمنطقة، والإسهام الفاعل في دفع الوطنية العربية إلى مستوى رفيع، مساندة القضية الفلسطينية . هذا غيض من فيض مما أنجزته ثورة يوليو وزعيمها عبدالناصر .
“الإخوان” استأثروا بالسلطة وبكل مواقعها في مصر، وأقصوا كل القوى الأخرى، ومارسوا ازدواجية في الخطاب السياسي قبل وبعد تسلمهم للسلطة . الأوضاع الاقتصادية في عهدهم تردت إلى الحد الذي يُنذر فيه بانهيار اقتصادي في مصر، القطط السمان استبدلوا بكبار أغنياء “الإخوان”، الفقراء ازدادوا فقراً وصولاً إلى مرحلة الجوع الحقيقي، ارتفاع نسبة البطالة والعجز، انخفاض قيمة الجنيه، وانفلات الأمن وتكميم الأفواه وممارسة القمع والدكتاتورية بأبشع صورها . السلطات المصرية طالبت البنك الدولي بقرض تبلغ قيمته أربعة مليارات دولار، والأخير متردد بسبب عدم اطمئنانه للوضع الاقتصادي المصري .

أما في ما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، فإن اتفاقاً جرى بين الجانبين إثر محادثات طويلة وعلى جولات عديدة، تقبل بموجبه أمريكا صعود “الإخوان” إلى السلطة في مقابل استجابتهم لشروط أمريكية عنوانها علاقة مصرية جيدة معها ومع الدول الغربية، المحافظة على اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيوني . الإخوان التزموا بهذه الاشتراطات وزادوا عليها تغيير خطابهم السياسي في ما يتعلق باليهود و”إسرائيل”، ممارسة نفس الدور المصري إبّان حقبة الرئيس المخلوع تجاه القضية الفلسطينية والموقف من العدو الصهيوني، والالتزام بالترتيبات السابقة لمعبر رفح . وحتى لا نتجنى فيه على “الإخوان”، فالمدقق في سياساتهم حول هذه المسألة يستنج ذلك بكل سهولة، وبخاصة أن خطابات الرئيس مرسي قد أكدّت على هذه المواقف، وأن تجربة السياسات المصرية تجاه “إسرائيل” أثناء عدوانها الغاشم على القطاع في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، كررت وساطة نظام مبارك بين الطرفين، ودعمت أيضاً “الاتفاق السري” الذي جرى تحت الطاولة بين وفدي حركة حماس والجانب “الإسرائيلي”، وبموجبه تم التوصل إلى “هدنة طويلة الأمد” .
لكل هذه السياسات ونظراً لإدراك الولايات المتحدة لطبيعة سقف سياسات “الإخوان” بالنسبة ل “إسرائيل”، طالب الناطق الرسمي باسم الإدارة الأمريكية الرئيس مرسي بالاعتذار عما ورد في خطاب له قبل ثلاث سنوات، عندما وصف اليهود “بأنهم أولاد القردة والخنازير”، وطالب بسحب هذه الأقوال واستنكارها . ما كانت الولايات المتحدة لتطالب مرسي بذلك لو أنه كان يمارس سياسة أخرى (غير المتفق عليها مع أمريكا) ضد تل أبيب . الرئيس مرسي رد على الطلب الأمريكي “بأن تصريحاته أخرجت عن السياق الذي جاءت فيه” . إنه رد باهت .
كانت هذه هي أبرز الفروقات بين مصر في عهد عبدالناصر، وحقيقة مصر في هذه المرحلة الحالية، في ظل استئثار الإخوان المسلمين بالسلطة .
أما على صعيد الاستجابة لشعارات الجماهير الشعبية المصرية من قبل السلطة في الحقبة الناصرية، كانت الشعارات والسياسات التنفيذية المصرية متماهية تماماً، ولم يسبق أن قامت مظاهرة ضد حكم الرئيس عبدالناصر . في ظل سلطة “الإخوان”، فإن هناك انفصاماً بين الشعارات التي يرفعها الشعب المصري وسياسات السلطة . لقد رفعت الجماهير المصرية شعارات تطالب ب”إلغاء اتفاقية كامب ديفيد”، وحاصرت السفارة الصهيونية في القاهرة واقتحمتها . الرئيس مرسي ممثل “الإخوان” في السلطة لم يستجب لكل هذه الشعارات، ومارس سياسات مختلفة تماماً على هذا الصعيد . أيضاً فإن تظاهرات كبيرة مازالت تُنظم في القاهرة (في ميدان التحرير)، وغالبية المدن المصرية احتجاجاً على سياسات السلطة الإخوانية .
إن أكبر هدية في ذكرى ميلاد عبدالناصر لهذا العام هي اتفاق الأحزاب القومية الناصرية المصرية على التوحد في حزب واحد .
عبدالناصر . . لن يستطيع “الإخوان” محو تراثك ومنجزاتك وجماهيريتك، فالشمس لا تغطى بغربال .


«إخوان» الدولة أم دولة «الإخوان»؟
ياسر عبد العزيز عن المصري اليوم
أرجو أن يجد الرئيس مرسى الوقت اللازم لمقارنة ما سبق أن قاله بحق اليهود فى عام 2010، بما اضطر، هو ومستشاروه ومعاونوه، لقوله، الأسبوع الماضى، فى محاولتهم الحثيثة لتهدئة غضب واشنطن بشأن «تسامحه الدينى» مع اليهود أنفسهم، وعندئذ فقط سيكون قادراً على تعيين مساحة الفجوة بين تصورات «الإخوان المسلمين» لمصر وللعالم، وبين اعتبارات الدولة والتزاماتها.

ثمة الكثير من الأمثلة التى تثبت أن الرئيس و«الجماعة» يتعلمان كل يوم جديداً فى هذا المضمار.
لا تنس أن الصحافة الإسرائيلية كانت قد كشفت عن خطاب أرسله الرئيس مرسى لنظيره الإسرائيلى شمعون بيريز، فى يوليو الماضى، لتعيين سفير مصرى فى تل أبيب، وهو الخطاب الذى وصف فيه الرئيس نظيره الإسرائيلى بـ«الصديق العزيز»، معرباً فيه عن تمنياته بتعزيز العلاقات بين «البلدين الصديقين».
كان الخطاب ممتلئاً بعبارات الود الفائض، التى لا يتم تبادلها أبداً سوى بين «الأصدقاء المخلصين»، ولا تعكس سوى «علاقات ثنائية متينة»؛ وهو الأمر الذى فسرته الرئاسة لاحقاً بأنه «مجرد خطاب بروتوكولى»، متذرعة بأن «مثل تلك الخطابات تكتب بصيغة واحدة، ويتم تعميمها أياً كانت الدولة التى ترسل إليها».
لا تنس أيضاً أن الصحافة الإسرائيلية كشفت قبل نحو أربعة شهور عن خطاب كان يحوى شكراً من «مرسى» لـ«بيريز»، رداً على برقية تهنئة بعثها الأخير للأول غداة انتخابه رئيساً، وهو الخطاب الذى تلعثمت الرئاسة المصرية حين سُئلت عنه، وراحت تراوغ كثيراً قبل أن تعترف بصحته.
ليس الأمر مقتصراً على «الخطابات الرقيقة الدافئة المتبادلة» فقط، ولكن الرئيس مرسى أكد مراراً التزام مصر بجميع المعاهدات الدولية التى وقعتها سابقاً، والناطق باسمه أكد أن مصر تعترف بإسرائيل «طالما تتبادلان التمثيل الدبلوماسى وتمارسان العلاقات الثنائية».
خلاصة الأمر أن «العلاقات المصرية - الإسرائيلية فى عهد مرسى تظل كما كانت عليه فى عهد مبارك»، وحتى عندما تحدث أحد مستشارى الرئيس عن مطالبة مصرية بـ«تعديل اتفاقية السلام» بين البلدين، خرج الناطق الرسمى باسم الرئاسة ليؤكد أن هذا المستشار الرئاسى، آنذاك، «لا يعبر عن رأى الرئاسة».
ليس هذا فقط، لكن خلاصة ما فعله الرئيس مرسى فى إدارته لأزمة العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة كانت عملاً تم بمقتضاه ما يمكن اعتباره تعهداً مصرياً بـ«لجم» حركة «حماس»، وهو الأمر الذى استحق عليه الرئيس ثناء متكرراً وودوداً من جانب الولايات المتحدة، وشكراً صريحاً من جانب نتنياهو.
فاجأ الرئيس مرسى المصريين فى خطابه الذى ألقاه بمناسبة انتخابه رئيساً مطلع شهر يوليو الفائت، فى ميدان التحرير، بالقول: «الستينيات وما أدراك ما الستينيات»، فى إشارة فهمها المصريون سريعاً على أنها انتقاد مبطن للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وغمز فى ثورة يوليو ودولتها، التى اتخذت إجراءات «عنيفة» بحق جماعة «الإخوان المسلمين».
لكن مرسى عاد سريعاً عن هذا الموقف العدائى والناقد لفترة الستينيات وزعيمها، حين أشاد بدور عبدالناصر فى تأسيس منظمة «عدم الانحياز»، خلال إلقائه كلمته فى طهران، فى المؤتمر الأخير للمنظمة.
لم يستطع الرئيس حتى هذه اللحظة اتخاذ خطوات باتجاه تحسين العلاقات مع إيران؛ إذ ظلت مطالب المحافظة على العلاقات مع دول الخليج العربية حائلاً دون ذلك.
ليس هذا فقط، لكن السياسات المالية التى تتبعها الدولة أيضاً بدت عصية على الاختراق أو التغيير من جانب «الجماعة» حين وصلت إلى سدة الحكم، فها هو الرئيس مرسى يمضى قدماً فى دعم توجه الحكومة للاقتراض من صندوق النقد الدولى، وحين عارض بعض الإسلاميين هذا الاقتراض باعتباره «ربا» ينهى عنه الإسلام وفق ما يعتقدون، راح الرئيس يبحث عن مخرج يؤمّن له الاقتراض ولا يستفز حلفاءه الأكثر محافظة، واصفاً الفوائد على القرض بأنها مجرد «مصاريف إدارية».

يسوق الرئيس ومستشاروه أعذاراً كتلك التى كان يسوقها نظام مبارك كلما وقعت حادثة خطيرة تكشف إهمالاً حكومياً جسيماً، كما تعمل الحكومة على التنصل بانتظام من أى مسؤولية سياسية تترتب على الكوارث الأخيرة التى أودت بحياة عشرات المصريين فى حوادث قطارات وانهيار عقارات.
فهل نحن فى دولة «الإخوان» كما يقال، أم أننا نعيش تحت حكم جماعة تريد فقط أن تحكم الدولة فى مساراتها السابقة ذاتها، وبنفس ما تنطوى عليه من عوار وخلل؟