المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء حماس 234



Haneen
2013-01-17, 12:09 PM
<tbody>
الثلاثاء
1-1-2013



</tbody>


<tbody>

مختارات من اعلام حماس



</tbody>

في هذا الملف
من قال إن فتح أول الرصاصة؟!
براء شرف
فلسطين الان

هل نحن على أبواب انتفاضة ثالثة؟
حسام الدجني
صوت الاقصى

أسموه ما شئتم ولكنه يبقى توقعا
مصطفى الصواف
الرسالة نت

عن تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان!
لمى خاطر
فلسطين الان

إلغاء زيارة وزراء الخارجية العرب إلى رام الله: حتى لا تمر الأكاذيب مرور الكرام.
ياسين عز الدين
فلسطين اون لاين

اليهودي ذئب بن أسد
د.فايز أبو شمالة
فلسطين الان


ربع قرن على تأسيس حماس...ماذا بعد؟!(5/5)
سري سمّور
المركز الفلسطيني للاعلام




التاريخ ينفي ذلك..
من قال إن فتح أول الرصاصة؟!

براء شرف
فلسطين الان

سرد الكاتب محسن صالح مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ، مراحل تطور المقاومة الفلسطينية واستخدمها السلاح في صد الاحتلال الإنجليزي والإسرائيلي لفلسطين وذلك قبل انطلاقة حركة فتح مطلع عام 1965 ، ما ينفي تاريخيا ما يشاع عن أن فتح صاحبة الرصاصة الأولى ، مشيرا إلى أن أول مجموعة مقاتلة كانت قبل انطلاقة فتح بحوالي 40 عاما.

ونوه الكاتب في مقال له إلى أن التنظيم الخاص للإخوان المسلمين في قطاع غزة، من أوائل التنظيمات الفلسطينية المسلَّحة التي قامت بعمليات فدائية بعد حرب 1948 ، والذي كان أبو جهاد خليل الوزير (أحد مؤسسي فتح والرجل الثاني فيها حتى استشهاده 1988) أحد أبرز أعضائه، وكان معه في عضوية هذا التنظيم ممن انتمى إلى فتح بعد ذلك محمد يوسف النجار وكمال عدوان ومعاذ عابد... وغيرهم. وقام هذا التنظيم بعمليات في الفترة 1953-1954.

وعاب الكاتب على حركة فتح سيرها في مسار التسوية والذي يتعارض مع ما تغنى به أنها أول من أطلق الرصاصة وقال "هناك بون شاسع بين إطلاق الرصاصة لتحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها، وشعار "وما بنتخلى عن حبة رملة، إن كنا بنحب اللد وبنحب الرملة"، وتثوير منظمة التحرير، وما بين اتفاقية أوسلو، والاعتراف بـ"إسرائيل"، والتنازل عن 78% من أرض فلسطين.

وأكد أن فتح بحاجة إلى مراجعة جادة للمسار الأيديولوجي والسياسي الذي نقل قيادتها من تحرير كل فلسطين، إلى الدولة الواحدة التي يعيش فيها اليهود (بمن فيهم الصهاينة المهاجرون والمستوطنون).

وجاء في مقال الكاتب والذي نعيد نشره مرة أخرى :

قد يجادل إخواننا في فتح أن المقصود بالرصاصة الأولى هو الثورة الفلسطينية المعاصرة التي تلت كارثة 1948. وعلى الرغم من أن هذا المقصود غير واضح ممن نسمع منهم هذه المقولة، إلا أن الجدل يظلُّ قائماً،
من حق حركة فتح أن تفخر بأنها قادت المشروع الوطني الفلسطيني طوال أكثر من أربعين عاماً، وأنها سارت في مواجهة أمواج عاتية، وقدمت تضحيات جساماً حفاظاً على القرار الوطني المستقل، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحقيق حلم العودة والتحرير.

وعبر عقود خلت نجحت حركة فتح في التعبير إلى حدّ كبير عن هموم الإنسان الفلسطيني العادي غير المؤدلج (يسارياً أو قومياً أو إسلامياً...) والذي يقدّم الهمَّ الفلسطيني على ما سواه.

كما نجحت في أن تحافظ على شعبية حقيقية في الداخل والخارج، على الرغم من مشاكلها الداخلية التي أنهكتها. وتمتعت فتح بمرونة عالية مكنتها من استيعاب الكثير من تناقضات المشهد الفلسطيني، ومن التعامل مع الواقع العربي والدولي بحيث ظلت الطرف المقبول للتمثيل الفلسطيني.

فتح رصيد وطني وعربي وإسلامي ومن حقنا كأكاديميين أو مهمومين بالشأن الفلسطيني أن نشارك في تقييم تجربتها ونقدها. وأكتفي هنا بوقفتين.

ليست الرصاصة الأولى

في هذه الأيام تحتفل فتح بذكرى إطلاق رصاصتها الأولى (1/1/1965). وعلى الرغم من أن البيان الأول لانطلاقة ذراعها العسكري "العاصفة" وُزِّع ذلك اليوم، إلا أنَّ العملية نفسها لم تُنفَّذ وانطلقت الرصاصة متأخرة قليلاً.

تمتلئ أدبيات حركة فتح بأنها أطلقت الرصاصة الأولى في الثورة الفلسطينية، بحيث أصبح ذلك أقرب إلى الحقيقة غير القابلة للنقاش. ولكن هذه المقولة غير صحيحة، أو على الأقل تحتاج إلى "ضبط" في المصطلحات.

كان أول تنظيم عسكري فلسطيني سرِّي هو "جمعية الفدائية" التي نشأت أوائل سنة 1919 (قبل 38 عاماً من نشأة فتح سنة 1957)، بعد بضعة أشهر من استكمال الاحتلال البريطاني لفلسطين. وكان لهذه الجمعية فروع في يافا والقدس وغزة ونابلس وطولكرم والرملة والخليل.

وتولى زعامتها في البداية محمد الدباغ، ثم محمود عزيز الخالدي. وكان يوجهها في الخفاء الحاج أمين الحسيني والشيخ سعيد الخطيب والشيخ حسن أبو السعود والشيخ محمد يوسف العلمي؛ واستمرت الجمعية بأشكال مختلفة حتى سنة 1923.

وإذا أردنا أن نتحدث عن الرصاصة الأولى، فلعل ذلك كان في أول انتفاضة فلسطينية والمعروفة بثورة أو انتفاضة موسم النبي موسى في القدس في أبريل/نيسان 1920، وقبل إطلاق فتح رصاصتها الأولى بنحو 45 عاماً. وقد أدَّت هذه الانتفاضة التي استمرت أسبوعاً إلى مقتل خمسة يهود وجرح 211 آخرين وإلى استشهاد أربعة فلسطينيين وجرح 24 آخرين.

وقد تتابعت الثورات والرصاصات الفلسطينية في ثورات وانتفاضات يافا 1921، والبراق 1929، والكف الأخضر 1929-1930، وأحداث أكتوبر 1933، والثورة الفلسطينية 1936-1939... وغيرها.

وقد سبق فتح العديد من التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي أطلقت رصاصاتها الأولى، فالشيخ عز الدين القسام الذي أنشأ تنظيم "الجهادية" أطلق رصاصته الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 1935 بعد عدَّة سنوات على إنشاء حركته، وهناك حركة "الجهاد المقدس" التي قادها عبد القادر الحسيني والتي شاركت في الثورة الفلسطينية سنة 1936، وهناك الإخوان المسلمون الذين شاركوا في حرب 1948... وغيرهم.

قد يجادل إخواننا في فتح أن المقصود بالرصاصة الأولى هو الثورة الفلسطينية المعاصرة التي تلت كارثة 1948. وعلى الرغم من أن هذا المقصود غير واضح ممن نسمع منهم هذه المقولة، إلا أن الجدل يظلُّ قائماً، فمن أوائل التنظيمات الفلسطينية المسلَّحة التي قامت بعمليات فدائية بعد حرب 1948 التنظيم الخاص للإخوان المسلمين الفلسطينيين في قطاع غزة، والذي كان أبو جهاد خليل الوزير (أحد مؤسسي فتح والرجل الثاني فيها حتى استشهاده 1988) أحد أبرز أعضائه، وكان معه في عضوية هذا التنظيم ممن انتمى إلى فتح بعد ذلك محمد يوسف النجار وكمال عدوان ومعاذ عابد... وغيرهم. وقام هذا التنظيم بعمليات في الفترة 1953-1954.

وحتى إذا كان المقصود بالرصاصة الأولى فترة الستينيات، فقد كانت هناك تنظيمات فدائية قائمة، انشغلت بالعمل الفدائي أو التجهيز له، مثل فرع فلسطين في حركة القوميين العرب، الذي شكّل في مايو/آيار 1964 "الجبهة القومية لتحرير فلسطين" ومارس العمل الفدائي، وقدم أول شهدائه "خالد أبو عيشة" في 2/11/ 1964 قبل انطلاقة الجناح العسكري لفتح (العاصفة) بشهرين.

وللعلم، فبعد بضعة أشهر من انطلاقة العاصفة، أطلقت "جبهة تحرير فلسطين" عملها العسكري في منتصف 1965 بعد أن تمكنت من توفير ثلاث مجموعات مقاتلة وسقط أول شهيد لها "خالد الأمين" في هجوم على مستعمرة ديشوم في الجليل الأعلى.

ليست مناقشة مقولة "الرصاصة الأولى" مجرد جدل أو مماحكة، وإنما هو مرتبط بمعرفة الحقائق التاريخية من ناحية، وبالانتباه من ناحية ثانية إلى حالة التوظيف السياسي لهذه المقولة بشكل يلغي أو يقلل من دور الآخرين في ذلك الوقت أو قبله، ويحاول أن يعطي الشرعية لمن أطلق هذه الرصاصة للتحدث باسم الفلسطينيين وتمثيلهم أو لإسكات الخصوم والناقدين.

من جهة أخرى، فلن تخسر فتح كثيراً إذا لم يثبت تماماً أنها أطلقت الرصاصة الأولى، فما هو أهم من ذلك أن فتح عندما أطلقت رصاصتها استمرت دونما توقف، وعملت في أجواء عربية غير مواتية تتهمها بالعمالة أو بالشيوعية أو بالانتماء إلى الإخوان.

ثم إن فتح هي التي قادت معركة الكرامة في مارس/آذار 1968، كما نفذت نحو ألفي عملية مسلحة في الفترة 1968-1970 بحسب مصادرها. وحتى مطلع ثمانينيات القرن العشرين كانت إحصاءات مؤسسة الشؤون الاجتماعية ورعاية أسر الشهداء في منظمة التحرير الفلسطينية تشير إلى أن عدد شهداء فتح يبلغ 56% من مجموع شهداء الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، وإلى أن نسبة الأسرى من فتح في الأرض المحتلة هي من 70% إلى 80% من مجموع الأسرى.

وعلى الرغم من دعم فتح مسار التسوية، إلا أنه كان لكتائب شهداء الأقصى التي تنتمي إلى فتح دور أساسي في انتفاضة الأقصى إلى جانب حماس وباقي الفصائل. وما زال لها نحو 3500 معتقل في سجون الاحتلال.

التسوية الأولى

التسوية السلمية الأولى التي وُقِّعت باسم الشعب الفلسطيني (اتفاقية أوسلو) وقعتها قيادة فتح، ووفرت حركة فتح التي تمسك بزمام منظمة التحرير، الغطاء السياسي والقانوني للتسوية، ومتطلبات التطبيق فلسطينياً على الأرض. وسواء اعترضت بعض قيادات فتح على اتفاقية أوسلو أم لا، فإن القوة الدافعة كانت فتحاوية.

هناك بون شاسع بين إطلاق الرصاصة لتحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها، وشعار "وما بنتخلى عن حبة رملة، إن كنا بنحب اللد وبنحب الرملة"، وتثوير منظمة التحرير، وما بين اتفاقية أوسلو، والاعتراف بـ"إسرائيل"، والتنازل عن 78% من أرض فلسطين.

وهناك بون شاسع بين "ديمقراطية غابة البنادق" وكل البنادق باتجاه العدو، وتخوين الموافقين على القرار 242، والموقّعين على كامب ديفد، والمتصلين بالإسرائيليين، وبين ديمقراطية بشروط الرباعية وعلى إيقاعات دايتون، والتنسيق الأمني مع الإسرائيليين، ومطاردة عناصر المقاومة، والالتزام بالسلام ونبذ "الإرهاب والعنف".

كما أن هناك بوناً شاسعاً بين رجال فتح الذين كانوا يلومون بعضهم في معسكر الهامة في سوريا إذا أريق كوب شاي باعتباره إسرافاً، وبين أولئك الذين أهدروا ويهدرون مئات الملايين في الفساد المالي والإداري المستشري، ليس بدءاً بموازنات السلطة ومشاريعها، وليس انتهاء بشحنات البترول والإسمنت والنوكيا.
لماذا السير في مسار التسوية، مع استمرار التغنّي بالرصاصة الأولى؟ هل هي واقعية فتح وقيادتها؟ والتعامل الديناميكي مع الأحداث ومساراتها؟ وتحصيل ما يمكن تحصيله بعد أن خذل الآخرون شعب فلسطين وقضيتهم؟ أم إنها روح المسؤولية التي تضع فتح باعتبارها الحركة الرائدة القائدة أمام استحقاقات وقرارات صعبة لا يدركها إلا من يكون في مثل موضعها؟ أم إن القيادة كانت ترغب في البقاء في واجهة التمثيل الفلسطيني بأي ثمن؟ أم إنها كانت قابلة للانضغاط والسير في مسارات لا تؤدي في النهاية إلا إلى تجاوز الخطوط الحمر؟ ومن أعطى القيادة حق التنازل عن معظم فلسطين؟ أهو مجلس وطني غير منتخب؟ أم شعب لم تتم استشارته؟

حركة فتح بحاجة إلى مراجعة جادة للمسار الأيديولوجي والسياسي الذي نقل قيادتها من تحرير كل فلسطين، إلى الدولة الواحدة التي يعيش فيها اليهود (بمن فيهم الصهاينة المهاجرون والمستوطنون) والمسلمون والمسيحيون بمساواة تامة (سنة 1968)، إلى برنامج النقاط العشر بإقامة الدولة الفلسطينية على أي جزء يتم تحريره (سنة 1974)، إلى إعلان استقلال فلسطين وفق قرار التقسيم رقم 181 لسنة 1949 والاعتراف بقرار 242 الذي يتعامل مع قضية فلسطين كقضية لاجئين (سنة 1988)، إلى اتفاقيات الحكم الذاتي في أوسلو سنة 1993، دونما أفق محدد للدولة الفلسطينية، ودونما حل لكل القضايا النهائية من لاجئين وقدس ومستوطنات وحدود وسيادة... وغيرها.

اتفاقيات أوسلو كانت مصيدة أوقعت قيادةُ المنظمة الشعبَ الفلسطيني بها، وبحسب تعبير المفكر الفلسطيني المعروف إدوارد سعيد فإن "عرفات ورط شعبه بمصيدة لا مخرج منها"، وإنه ألقى بنفسه بين الإسرائيليين والأميركان، أما هشام شرابي فقد علق بأن القيادة الفلسطينية "لا تعرف كيف يؤخذ القرار، وكيف يتم تقرير المصير... وإنها تقريباً على مستوى درجة صفر بقدرتها على مجابهة الكفاءات الإسرائيلية والتعامل معها".

وخلال نحو 17 عاماً من الاتفاقيات، تشكلت سلطة حكم ذاتي تاه مسارها نحو الدولة والاستقلال، وانشغلت بالاستحقاقات الأمنية المطلوبة منها في ضرب المقاومة وملاحقتها، ودخلت في مفاوضات عبثية لا نهائية، وأفسدتها المناصب والشكليات والفرص الفردية الصغيرة. وبينما نفض الإسرائيليون أيديهم كقوة احتلال وألقوا بالمسؤولية على السلطة، أخذوا يمارسون استعماراً "نظيفاً" من خلال الفلسطينيين.

واستشرى الاستيطان وعمليات التهويد ليزيد المستوطنون في الضفة من 180 ألفاً إلى 540 ألفاً، وأصبحت مدن الضفة وقراها جزراً معزولة في بحر المستوطنات الـ190، والنقاط الاستيطانية الـ220، والحواجز الـ600، والطرق الالتفافية، والجدار العازل، وأخذت القدس تفقد وجهها العربي والإسلامي في وجه حملات التهويد الشرسة. وهكذا، ظهر للكثير من القيادات الفتحاوية كم كان اتفاق أوسلو غطاء للتهويد وفرضاً للحقائق على الأرض.

لعل نجاح فتح في عقد مؤتمرها السادس في أغسطس/آب 2009 كان فرصة لإعادة ترتيب البيت الفتحاوي. ولسنا بصدد تقييم الشكل والظروف التي أقيم فيها المؤتمر ولا النتائج التي تمخض عنها. إلا أن فتح مطالبة بأن تجيب بكل جدية على الكثير من الأسئلة، ولعل من أبرزها:

هل لدى فتح استعداد حقيقي لمراجعة مسار التسوية، والانتقال إلى إستراتيجيات أخرى؟
هل لدى فتح الاستعداد الحقيقي لإعادة بناء منظمة التحرير، وتفعيل مؤسساتها بعد أن وضعتها في "موت سريري" منذ نحو عشرين عاماً؟
هل لدى فتح الاستعداد الحقيقي للتداول السلمي للسلطة بكل ما يعنيه ذلك من استحقاقات؟
ما هي قدرة فتح على محاسبة العناصر المتهمة بالفساد المالي والإداري والتنظيمي لديها، خصوصاً ممن يحتلون مناصب متقدمة؟
ومهما يكن من أمر، فإن الرصاصة الأولى لا تعطي الشرعية أبداً للتسوية الأولى. ولا ينبغي أن يكون ذلك حجة لمنع الآخرين من إطلاق الرصاص أو متابعة المقاومة. وإذا ملّ من أطلق الرصاصة أولاً، أو اختار طريقاً آخر، فلا ينبغي أن يجبر الآخرين على القعود معه.
لا ينكر إلا جاحد الدور التاريخي لحركة فتح، ولكن هناك من يسيء إلى فتح من داخلها، عندما يتجاوز الثوابت التي قامت عليها، ويمارس الفلتان الأمني، والفساد المالي، ثم لا يجد من يوقفه أو يصوبه.

هل نحن على أبواب انتفاضة ثالثة؟


حسام الدجني
صوت الاقصى

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب اندلاع انتفاضة ثالثة ضد (إسرائيل)، مما دفع مكتب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو لوضع سيناريوهات للتعاطي مع هذا الخيار.

إن ما تتعرض له الضفة الغربية من استيطان وجدار فصل عنصري ابتلعا أكثر من نصف أراضيها، وحواجز عسكرية تفصل بين مدنها وقراها، وأوضاع اقتصادية سيئة، واعتقالات ومداهمات، واعتداءات متواصلة من قبل مليشيات المستوطنين ضد البشر والحجر والشجر، وأفق سياسي مغلق، وغلاء أسعار سببه اتفاقية باريس الاقتصادية، وهي اتفاقية سياسية وقعت بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) يتم بموجبها ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي، كل ما سبق هي أسباب ومقومات كافية لانفجار الضفة الغربية في وجه الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وانطلاق شرارة الانتفاضة الثالثة.

(إسرائيل) من جانبها رأت في الهبة الجماهيرية التي انطلقت في الضفة الغربية أثناء العدوان الأخير على قطاع غزة أخطر من صواريخ المقاومة التي ضربت تل أبيب والقدس، لأنها كانت تراهن على نجاح الجنرال كيث دايتون بصناعة الفلسطيني الجديد، ومع لحظة خروجهم أدركت (إسرائيل) أن الفلسطيني الجديد على المقاس الغربي لم يعد له وجود، وأن الحس الثوري والنضالي لدى شباب الضفة الغربية لا يختلف عن الحس الثوري لدى الشباب الغزي، وأن مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة على ذلك باءت بالفشل.

ولكي تنجح الانتفاضة الثالثة في الضفة الغربية لابد لها من ركائز هامة تتمثل فيما يلي:
أولاً: موقف السلطة الفلسطينية من خيار الانتفاضة الثالثة.

السلطة الفلسطينية تعيش أسوأ مراحلها، وهي لا تعرف ماذا تفعل أو ماذا تقول، وما يدلل على ذلك تصريح السيد محمود عباس لصحيفة هآرتس والذي جاء فيه "إذا لم يتحقق أي تقدم بعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة "سأرفع سماعة الهاتف واتصل برئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وسأقول له "اجلس مكاني على هذا الكرسي واستلم المفاتيح، وستكون أنت المسئول عن السلطة الوطنية". وهذا التصريح يعكس حجم التخبط الذي تعيشه القيادة الفلسطينية، فالرئيس عباس يتعامل مع كينونة السلطة وكأنها سيارة استأجرها ويريد أن يعيدها لمالكها، وهذا يناقض العقد الاجتماعي بين الرئيس والشعب، وهنا كان ينبغي على الرئيس عباس أن يعيد السلطة للشعب وفصائله، لتقود انتفاضة تتحمل من خلالها (إسرائيل) وحلفائها المسئولية الكاملة لإنكارهم الحقوق الفلسطينية.

ومن هنا فإن موقف السلطة الفلسطينية من خيار الانتفاضة بالغ الأهمية، بمعنى هل ستتبناها أم ستستثمرها كورقة للضغط على (إسرائيل) لتحسين شروط التفاوض في المستقبل، وخصوصاً بعد تصريحات صائب عريقات الأخيرة التي دعا فيها الجانب الإسرائيلي لاستئناف المفاوضات على أسس سليمة، من هنا ينبغي التوافق الوطني من قبل القيادات الوطنية والإسلامية على هذا الخيار، وأن توضع أهداف سياسية للانتفاضة يتعهد الجميع على تحقيقها مثل إنهاء الاحتلال على كل أراضي الدولة الفلسطينية.

ثانياً: مدى قدرة القيادات الفصائلية في حشد الجماهير الفلسطينية.
تعبئة الجماهير الفلسطينية بالضفة الغربية تحتاج لقيادات قوية تمتلك كاريزما تؤهلها لقيادة هذه الانتفاضة وتحمل أعبائها، والسير بها نحو تحقيق أهدافها الوطنية، وحشد الرأي العام العربي والإسلامي وأحرار العالم للوقوف بجانب الشعب الفلسطيني وانتفاضته المشروعة.

خلاصة القول: لابد من إعادة اللحمة الوطنية بين شطري الوطن، والتوافق على إستراتيجية وطنية موحدة، تكون الانتفاضة الأداة الأبرز لانتزاع حقوقنا الوطنية من قبل الاحتلال، وأعتقد أن البيئة الإقليمية والدولية مناصرة لقضيتنا العادلة، وأن الانتفاضة الثالثة يجب أن تقوم على أساس ما تحقق من إنجازات سياسية وعسكرية سواء ما أنجز في أروقة الأمم المتحدة بمنح فلسطين دولة مراقب غير عضو، وكذلك انتصار المقاومة في قطاع غزة وفرض شروطها في اتفاق التهدئة.


اليهودي ذئب بن أسد


د.فايز أبو شمالة
فلسطين الان
ذئب ابن أسد، هذا اسم سفير دولة الصهاينة في جمهورية لاتفيا، وبالعبرية يسمونه "زئيب بن آريه"، وفي التسمية دلالة الوحشية التي تطبع تجمع العصابات الصهيونية على أرض فلسطين، لأن المجتمع الذي يسمي أبناءه "ذئبا"، ويكون اسم عائلته "أسدا"، هو مجتمع عدواني متوحش، لا يرى في العالم الخارجي إلا غابة، ولا يرى في الشعوب الأخرى إلا أغناما، وعليه أن يبطش ويأكل في كل حين، كما جاء في أسفار اليهود.

في الفترة الأخيرة تردد اسم السفير ذئب بن أسد في الإعلام الإسرائيلي، فهو الذي سرب معلومات سرية لوزير الخارجية المستقيل "ليبرمان"، تتعلق بملف فساده المالي، ومن المؤكد أن "ليبرمان" قام برد الجميل، وضغط على لجنة تعيين السفراء ليصير ذئب بن أسد سفيراً في دولة لاتفيا الأوروبية.

ولكن لماذا تثار قضية ذئب بن أسد قبل الانتخابات البرلمانية بأسابيع، ليصير توجيه مذكرة اتهام ضد ليبرمان بهذا الخصوص ومن يقف خلف زعزعة التحالف القائم بين "نتنياهو وليبرمان"؟

ومن الجهة السياسية العليا التي تؤثر في تشكيل الأحزاب الإسرائيلية، وتوجه الحراك الانتخابي في دولة الصهاينة، وأوحت للنائب العام الإسرائيلي يهودا فاينشتاين لدراسة ملف السفريات الخاص بنتنياهو نفسه، بهدف البحث عن أدلة جنائية ضده.

لقد خسر حزب "الليكود بيتنا" عدة مقاعد جراء لائحة الاتهام ضد ليبرمان ومن المؤكد أن الأيام القادمة ستشهد المزيد من التدخلات الخفية، والمحاولات اليهودية الهادفة إلى إضعاف قوة "نتنياهو" الانتخابية الذي أضر بصورة إسرائيل على مستوى العالم، ليصير تعزيز القوى السياسية الأخرى القادرة على المناورة السياسية وتجميل وجه الاحتلال البشع.

ذئب بن أسد اسم يهودي يعكس وجدان تجمع بشري شرير وغاصب، تجمع يكره كل الناس، ثم يتهمهم بالشر وكراهية اليهود، وقد ظهر ذلك في التقرير الذي نشره مركز سيمون فزينتال، حين أشار إلى قائمة الرجال الذين يشكلون خطرا كبيرا على الوجود اليهودي في العالم، فتصدر القائمة لسنة 2012 المرشد العام للإخوان المسلمون الدكتور محمد بديع ومن ثم الرئيس الايراني أحمدي نجاد يليه الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي .

وبحسب المركز فإن المصريين احتلوا المركز الاول في كراهية اليهود لهذا العام؛ وذلك وفقا لتصريحاتهم التي تشير إلى أن اليهود أفسدوا في الارض، وأنهم صهاينة، وأنهم يحكمون العالم، ويسفكون الدماء، ويدنسون المناطق المقدسة، وأنهم لا يفهمون سوى لغة "الجهاد".

وحسب التقرير، فإن الإيرانيين يأتون في المرتبة الثانية، وفي المرتبة الثالثة يأتي فريق توتنهام الانكليزي، وفي المرتبة الرابعة يأتي حزب سفوبودا الاوكراني، بعد ذلك تأتي دول مثل فنزويلا والتشيلي والبيرو والبرازيل والارجنتين، وصفها المركز بالمعادية لإسرائيل، حيث أضاف التقرير أن نسب الكراهية لإسرائيل آخذة بالازدياد على مستوى العالم، فدول أوروبا تشهد معاداة لإسرائيل، بالإضافة إلى الدول العربية والإسلامية المختلفة.
بعد هذه القائمة العالمية من كارهي اليهود، من تبقى على وجه الأرض يعشق الصهاينة الغاصبين؟ ومن تبقى على وجه الأرض يعترف لهم بحق الحياة على أرض فلسطين إلا كل جاهل و ذليل وحقير؟

إلغاء زيارة وزراء الخارجية العرب إلى رام الله: حتى لا تمر الأكاذيب مرور الكرام.

ياسين عز الدين
فلسطين اون لاين
بعد قبول عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، وإعلان الاحتلال سلسلة من العقوبات على رأسها وقف تحويل الضرائب المقتطعة إلى السلطة، والتي بدأت بالصراخ والولولة مطالبةً الدول العربية بدعم صمودها في معركتها أمام الاحتلال الصهيوني، علمًا بأنه عمليًا لم يحصل شيء، وتحويل دفعة الشهر الحالي لم تحن بعد، لنختبر جدية الاحتلال باحتجاز أموال السلطة.

بدأت السلطة منذ اليوم بالمطالبة بالمظلة المالية وزيادة مخصصاتها لتصبح 100 مليون دولار تمنحها الدول العربية شهريًا للسلطة لدعم موازنتها بشكل مباشر، كما طلبت السلطة زيارة وزراء الخارجية العرب إلى رام الله من أجل دعم السلطة في قضية العضوية بالأمم المتحدة.

إلا أن زيارة وزراء الخارجية العرب تأجلت لأسباب تبدو غير واضحة، واكتفى نبيل العربي ووزير خارجية مصر بزيارة رام الله، وحسب وزير خارجية السلطة رياض المالكي فإن زيارة وزراء الخارجية العرب ستتم فور الترتيب لها، كما أكد نبيل العربي أنها ستتم خلال الفترة القادمة، ويبدو أن سبب التأجيل جاء لأنه لم يكن هنالك ترتيب أصلًا فالدعوة صدرت قبل أيام فقط ومثل هذه الزيارات لا تتم بيوم وليلة.

لكن السلطة أطلقت وسائل إعلامها لتنشر الإشاعات وتولى ذلك أيضًا بعض أعضاء اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير من الفسائل المجهرية التي تدور في فلك فتح والتي لا وجود لها سوى على الورق، مثل تصريحات "التيس المحلل" واصل أبو يوسف أمين عام جبهة التحرير العربية، والذي اتهم فيها الدول العربية بالرضوخ لضغوط أمريكية بعدم زيارة رام الله.

سبحان الله، صدرت دعوات الزيارة، ووافقت عليها الدول العربية، وتم الترتيب لها بشكل تام، وصدرت بعدها ضغوط أمريكية سرية لمنع الزيارة، وتسربت المعلومات حول هذه الضغوط إلى واصل أبو يوسف، وكل ذلك في بضعة أيام وأقل من أسبوع؟!؟!

ليس جديدًا هذه التصريحات التي تلقي باللائمة على العرب، وتعلق فشل السلطة على شماعة الدول العربية، كما نسمع هذه الأسطوانة دائمًا من مسؤولي السلطة بخصوص المظلة المالية العربية، فإن كان صحيحًا أن الدول العربية لا تلتزم بكامل المبلغ الذي تعهدت به (مع اختلاف من دولة لأخرى) إلا أن مسؤولي السلطة لا يكفوا عن التصريح في وسائل الإعلام الموجهة للمواطن الفلسطيني عن أنه لم يصل ولا أي فلس من الدول العربية، وتكرر هذا النفي (مع التركيز على عدم وصول أي فلس) على لسان أكثر من مسؤول في السلطة وتيوسهم المحللين مثل حنان عشراوي وغيرها.

فليس صحيحًا أن الدول العربية لا تدفع شيئًا من التزاماتها، بل هي تدفع جزء كبير منه، وعلى عكس الأمريكان والأوروبين الذين لا يدفعون إلا لمشاريع محددة ويجب أن تقدم لها دراسات جدوى (بروبوزل)، وأن يراقبوا كل سنت يدفعونه من ألفه إلى يائه، فإن الدول العربية تدفع مباشرة لميزانية السلطة وبدون أي رقابة على طريقة الإنفاق.

وفيما يلي قائمة ببعض الدفعات التي تم تحويلها فعلًا إلى حساب السلطة من الدول العربية، خلال العام الأخير فقط (2012م) وباعتراف مسؤولي السلطة أنفسهم، وأتحدى سلام فياض أو نبيل قسيس أن يقول لي أني كاذب ولم تصل أي منها، وأتحداهما أن ينشرا قائمة بكل ما يصل لهم من الدول العربية (وهذه مجرد أمثلة نتيجة جرد سريع وهنالك الكثير من الدفعات غيرها لم أحصرها):

في شهر حزيران (6) الماضي حول العراق 25 مليون، وفي شهر تموز (7) حولت السعودية مبلغ 100 مليون، و22 مليون دولار من البنك الدولي في الشهر نفسه، وفي شهر آب (8) تلقت من الجزائر مبلغ 26.4 مليون دولار، وفي شهر تشرين ثاني (11) حولت الإمارات 42 مليون دولار، وكلها أموال ذهبت مباشرة لميزانية السلطة وقيل وقتها أنها صرفت على الرواتب.

وخلال الأعوام 2002-2010 قدمت الجزائر وحدها مبلغ 475 مليون دولار دعمًا مباشرًا لميزانية السلطة، وخلال الأعوام 2008 – 2010 قدمت الكويت مبلغ 130 مليون دولار لمشروع البرنامج الفلسطيني للإصلاح والتنمية بإشراف صندوق النقد الدولي والذي تستفيد منه السلطة الفلسطينية، وفي شهر آب (8) للعام الحالي حولت الكويت مبلغ 50 مليون دولار لهذا البرنامج.

هذا مجرد جرد سريع لما قدم للسلطة، والتي لا تنكر ذلك أمام مسؤولي الدول العربية، فبعد إشاعات عن قطع الإمارات التمويل للسلطة في شهر أيلول الماضي صدر في 11/9 بيان عن مكتب فياض ينفي فيه الأخبار التي تتكلم عن قطع أموال المساعدات الإماراتية وقال بالحرف الواحد "دولة الإمارات أوفت بالتزاماتها دومًا، وتواصل مساعدتها لشعبنا ووقوفها إلى جانبه في سعيه لنيل حقوقه المشروعة." وذلك لأنه خشي أن تؤثر تلك الإشاعات على ما يقدم للسلطة.

أما أمام الشعب الفلسطيني فيكررون نفس الأسطوانة: "العرب لا يدفعون فلسًا واحدًا، والعرب لا يساعدونا، والعرب لا يدعمونا"، ليوصلوا فكرة واحد ووحيدة "العرب دفعونا للارتماء بأحضان أمريكا واليهود"، و"لا تلومونا بل لوموا العرب"، فأصبح العرب شماعة يعلقون عليها فشلهم السياسي والاقتصادي.

وهنا من الضروري التأكيد على أن الدعم العربي يجب أن يكون موجهًا للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وليس لدعم السلطة الفلسطينية وأجندتها الحزبية الضيقة التي تطبق رؤية مجموعة أشخاص ترتبط مصالحهم بالاحتلال.

لا يجوز أن تعطى السلطة الأموال بدون حسيب أو رقيب، ومثلما تفعل الدول الأوروبية لتطلب الدول العربية من السلطة "بروبوزل" لخطة تحرر وطني (ما دام تطلب الدعم من أجل إقامة الدولة الفلسطينية والتحرير)، ولتفهم هذه الدول أين تذهب الأموال، ولتتأكد أنها لن تذهب لتمويل فاتورة الاحتلال الصهيوني وفاتورة حماية مستوطناته، ولتتأكد أن الثقب الأسود المسمى موازنة السلطة ليس مليئًا بالفساد الذي يلتهم الأخضر واليابس.

فهل المطلوب من الدول العربية دفع تكاليف حماية أمن المستوطنين؟ وهل المطلوب من الدول العربية دفع الأموال لتجميل شكل الاحتلال؟ وللتستر على جرائمه وعلى سطوه على أموال الشعب الفلسطيني؟ ليتحمل نتنياهو وأمريكا عبء ذلك وليدفعوا هم الفاتورة للسلطة.

كل دولة عربية تدفع أغورة واحدة للسلطة (وأؤكد على كلمة أغورة لأن هذه لغة السلطة)، هي شريكة للسلطة ولكل أخطائها وخطاياها وعلى رأسها التنسيق الأمني والتفريط بالحق الفلسطيني، وأخص بالذكر الدول العربية التي يحكمها الإخوان والإسلاميون بحكمها منفردين أو بالشراكة مع آخرين، ابتداءً من المغرب إلى تونس والسودان ومصر وليبيا، فأنتم تمثلون السياسة الجديدة في العالم العربي فهل ترضون لأنفسكم السير على نهج السياسة القديمة؟

عن تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان!

لمى خاطر
فلسطين الان

ثارت ثائرة السلطة في رام الله بعد نشر المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تقريرها حول واقع سجون الأجهزة الأمنية في الضفة والانتهاكات التي مورست بحق المعتقلين، والتي تسببت على مدار السنوات الماضية في استشهاد ستة منهم تحت التعذيب، فضلاً عمن أصيبوا بعاهات أو أمراض نتيجة ما تعرضوا له من تعذيب شديد. وكانت حجة السلطة في دفاعها عن نفسها واستنكارها التقرير أنها لا تمارس أي شكل للتعذيب في سجونها، وأن المنظمة تمارس الدجل وتستهدف النيل من سمعتها بالتعاون مع جهات مشبوهة!

وغني عن القول هنا أن تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن التعذيب في سجون السلطة يتحدث عن الفترة ما بين 2007 و 2012، وبالتالي لا يجوز اتهام المنظمة بالكذب والتآمر على السلطة لمجرّد أن التعذيب خفّ أو توقّف خلال العامين الأخيرين، وهو فعلاً خفّ لكنه لم يتوقف، وبات مقتصراً على من يعتقلون على خلفية المقاومة وحيازة السلاح، أي كلّما كان نشاط المعتقل السياسي أعلى ضد الاحتلال فإنه يتعرض لمعاملة أسوأ في السجون، أما إذا كان مقاوماً للاحتلال بالسلاح فإن جسده يغدو مستباحاً لكلّ أشكال التعذيب إلى أن يتم انتزاع الاعترافات منه حتى لو كانت غير صحيحة وانتزعت تحت ضغط الألم!

وحتى لو افترضنا أن التعذيب توقف تماماً خلال العام أو العامين الأخيرين، فإن المجاهدين والمناضلين الذين عذبوا خلال الحقبة السوداء من 2007 وحتى 2011 هم بشر ولهم حقوق، ومنهم من أصيب بعاهات دائمة جرّاء التعذيب في سجون السلطة على خلفية نشاطه ضد الاحتلال، وحقوق هؤلاء لا تسقط بالتقادم، تماماً كما أن جريمة المنفّذين لا تسقط إن توقفوا عن ممارستها!

أما أخطر ما ورد في تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وهو ما كان معلوماً بالضرورة، ولكن يتجاهله كثيرون أو لا يرون له قيمة، فهو الجزء المتعلق بتبادل الأدوار بين الأجهزة الأمنية والاحتلال في اعتقال نشطاء المقاومة والتنكيل بهم، وتبادل ملفات التحقيق في سياق مشروع التنسيق الأمني!

فلم يعد سرّاً القول إن هناك تبادلاً فعلياً للأدوار في ملاحقة النشطاء والتحقيق معهم، وحين يسارع الاحتلال لاعتقال ناشط أفرجت عنه أجهزة السلطة فإن ملف قضيته يكون قد سبقه إلى دائرة مخابرات الاحتلال، أما الأجهزة الأمنية فلا يتورع عناصرها عن سؤال المحررين من سجون الاحتلال عند استجوابهم في المقرات الأمنية عن سبب اعتقال الاحتلال لهم. وهنا فإن ثمة اختلالاً بشعاً في المفاهيم الوطنية التي تدعي السلطة صونها، غير أنه نادراً ما يتم التطرق لهذه القضية في التداول الإعلامي في خضمّ الانشغال الزائد عن حدّه برمي كلّ سلبية في دائرة الخصومة الفتحاوية الحمساوية، رغم أن الدور الذي تمارسه الأجهزة الأمنية في الضفة لا علاقة له بهذه الخصومة، بل هو ينفّذ ما عليه من استحقاقات ضمن دائرة خصومة الاحتلال والمقاومة، حيث يبدو هذا الدور مكرّساً بالكامل لخدمة الاحتلال في مواجهة المقاومة!

لم تصدق أجهزة السلطة قديماً في تبريرها لجرائمها الأمنية، ولا يتوقع منها أن تصدق اليوم وهي تنفي بالجملة كلّ ما ورد في تقرير المنظمة العربية، رغم أنه يحتوي على شهادات موثّقة عديدة، بل كيف يتوقع أصلاً من أجهزة السلطة الإقرار بحدوث الانتهاكات التي تحدّث عنها التقرير؟ فالاعتراف كفيل بتجريدها من وطنيتها وأخلاقها، وليس فقط من مهنيتها، لأن من يحارب مقاومي شعبه وهو ما زال تحت الاحتلال لا يمكن أن يكون طاهر اليد أو سويّ المسير أو وطنيّ الرسالة!

أسموه ما شئتم ولكنه يبقى توقعا


مصطفى الصواف
الرسالة نت
انقضى عام 2012 بحلوه ومره، وها نحن على أبواب عام 2013 وينشغل الناس بالحديث عن عام 2012 وما حققه الشعب الفلسطيني وينشط الإحصائيون بإحصاء الأحداث والحوادث والإخفاقات والنجاحات، ثم ينتقلوا للحديث عن العام القادم 2013 وما هو المتوقع في هذا العام وهل سيكون أفضل من العام الذي سبقه وهل الملفات التي لم تنجز ستكون على رأس العام القادم وهكذا.

ومن حق كل إنسان كان مسئولا أو مراقبا أو سياسيا أو إنسان عاديا أن يتوقع ما يمكن أن يحدث في عام 2013 ، ومن هنا من حقي أن أتوقع ما سيكون عليه عام 2013 وربما تكون لي شطحات وهي المرة الأولى التي اكتب فيها عن توقعاتي لعام 2013 والتي أرى إمكانية أن تكون، وقد يكون هذا التوقع أماني أو قد يطلق عليها البعض أحلاما أو هواجس ولكن سأعبر بكل وضوح عن توقعاتي لهذا العام القادم غير عابها بما سينظر الناس إلى هذه التوقعات.

• عام 2013 سيكون عاما نكدا على (إسرائيل) وسيزيد من عزلتها وسيطغى اليمين المتطرف وإن كان كل الكيان متطرف ولكن بنسب مختلفة، وهذا التطرف سيكون واضحا بشكل كبير وسيظهر اليهود على حقيقتهم ما يؤدي إلى انكشاف دموية وعنصرية وإرهاب يهود مما سيجعل ( إسرائيل ) أكثر حقدا على من حولها وعلى العالم وستنفذ أعمالا إرهابية كبيرة بحق الشعب الفلسطيني وكل من تشعر أنه يهدد أمنها وستكون إيران واحدة من الأهداف التي ستسعى الحكومة القادمة إلى ضربها، وسيكون هناك رد من قبل إيران سيكون له آثار كبيرة على مكونات الكيان الصهيوني.

• عام 2013 سيكون قاسيا على الشعب الفلسطيني وستقع في هذا العام جولة جديدة من التصعيد يعقبها معركة قوية وعنيفة ستستخدم فيها قوات الاحتلال أقصى قوة ضاربة لديها، وسيسقط شهداء وجرحى بأعداد كبيرة، وفي نفس الوقت سيكون للمقاومة صولة وجولة، وستصد المقاومة العدوان الإسرائيلي وستجبره على التراجع إلى ما بعد خط التحديد الزائل، وستتقدم المقاومة في هذه المعركة وستعيد خط التحديد الحالي إلى خط التحديد الذي انتهى إليه خط الهدنة التي فرضته الأمم المتحدة في أعقاب حرب عام 48 ، وهذا سيشكل أول مرحلة امتداد للمقاومة وأول مراحل انحسار دولة الاحتلال، وهذا تأسيس على نتائج معركة حجارة السجيل.

• عام 2013 سيشهد انفجار الأوضاع في الضفة الغربية ما يؤدي إلى اندلاع الانتفاضة الثالثة والتي ستتحول مع نهايات العام إلى مواجهات عسكرية مع الاحتلال وهجرة عدد من المستوطنين إلى داخل فلسطين المحتلة من عام 48 وسيتم تفكيك عدد من المستوطنات الصهيونية على غرار ما حدث في قطاع غزة وعندها سيغير النظام القائم في الضفة الغربية بما يتوافق مع رغبات الشعب الفلسطيني وسيكون هناك انفتاح واسع خارج حدود فلسطين وتعاون على مستويات مختلفة تؤسس لمرحلة جديدة.

• عام 2013 سيسقط نظام بشار الأسد وسينجح الثوار في الإطاحة به بعد معارك طاحنة تؤدي إلى دمار كبير في سوريا وسيتشكل نظام سياسي ثوري ديمقراطي سيكون للإسلاميين فيه مكانة واسعة، وستقوم دول الخليج بإعادة بناء دولة سوريا الحديثة خوفا لا حبا من تغيير قادم لا محالة، كما سيسقط نظام عربي آخر بشكل أسرع مما يتصور البعض بما يؤدي إلى تغيير معالم المنطقة الشرقية الشمالية لفلسطين.

• عام 2013 سيؤدي إلى إلغاء اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة وستغلق السفارات الإسرائيلية والمكاتب المختلفة لـ (إسرائيل) في بعض الدول العربية التي تعمل بشكل سري أو تحت مسميات مختلفة، سيعود التوتر على الحدود بين الدول العربية وفلسطين المحتلة.

• عام 2013 سيشهد انهيارا للاقتصاد الأمريكي وعلى أثره سيكون هناك محاولة اغتيال للرئيس الأمريكي باراك اوباما لن تؤدي إلى موته؛ ولكن ستصيبه بإصابات تشكل له عجزا تمنعه من مواصلة حكمه للسنوات الأربع القادمة، وستشهد أمريكا بداية اضطرابات في عدد من الولايات وخاصة التي يتواجد فيها اليهود.

• عام 2013 سيكون عام النهضة للثورة المصرية وسيشهد عودة قوية لمصر لقيادة العالم العربي وستصبح مصر أقوى اقتصاديا وسياسيا وسيكون لها كلمة في تحديد الخارطة السياسية في المنطقة سيعيدها إلى الصدارة والريادة والنهوض سياسيا بالعرب وبداية إنهاء حالة التبعية للغرب وأمريكا.

هذه توقعات قد تحدث كلها وقد يحدث بعضها وقد لا يحدث منها شيء، ولكن سيشهد عام 2013 تغييرات جذرية وعميقة في المنطقة تؤسس لمرحلة مختلفة بالكلية عما كانت عليه المنطقة، هذا والله أعلى واعلم.

ربع قرن على تأسيس حماس...ماذا بعد؟!(5/5)


سري سمّور
المركز الفلسطيني للاعلام

(توضيح:أكتب هذا التوضيح، بعد فراغي من تحرير هذا الجزء؛ وأؤكد أن رقابة الله علي أكثر ما يهمني مستشعرا قول الشافعي:-

وما من كاتب إلا سيفنى*** ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء*** يسرك في القيامة أن تراه

ولم أقصد هنا أي تجريح أو تشهير، وإدراكا مني بأن حركة كبيرة بحجم وتأثير حماس، سيكون لأي خلل-لا سمح الله- فيها انعكاسات سلبية على القضية الفلسطينية، والعكس صحيح، وليس لي عند أحد ثأر شخصي، ومن أشرت إلى أخطائهم لم أذكر أسماءهم، ولا حتى ما يدل عليها...والله من وراء القصد{

(18)تراجع المشروع الصهيوني

أفول نجم المشروع الصهيوني أمر أكيد وحقيقة لا وهم، فلم تعد إسرائيل واحة ديموقراطية وسط صحراء قاحلة من الديكتاتورية، وباتـت عبئا على داعميها، وفقدت ميزة القوة الضاربة المتقدمة في المنطقة؛ فأمريكا تجنّدت مع أكثر من ثلاثين دولة لكسر القوة العسكرية العراقية، ولكن إسرائيل اندحرت أمام حزب الله، وأمريكا اضطرت لاحتلال العراق مباشرة، فما فائدة «تساهال»؟ ثم اندحر الاحتلال عن غزة، ولم تتمكن إسرائيل من كسر المقاومة في 2008/2009م وأخيرا باتت غزة تضربها بصواريخ تطال عمقها، أما الجانب الاقتصادي، فإسرائيل دولة تعيش على الدم المـنقول.

و الولايات المتحدة الداعم الأقوى والأهم للكيان، فباتت تعاني من أزمات متراكمة، وتسعى إلى تسويات، وإبرام صفقات، كانت ترفض مجرد الحديث عنها قبل سنوات، مع من كانت تنظر إليهم كإرهابيين، وواضح رفض أمريكا الحل العسكري للتعامل مع إيران، وهو ما تريده إسرائيل، ولو تورط الأمريكان في إيران فإنهم سيخرجون مثخنين بجروح عميقة لا يرجى بعدها شفاء للامبراطورية الأمريكية، وهنري كيسنجر قال بوضوح أنه لن يكون هناك إسرائيل بعد عشر سنوات، وتـقارير قدمت إلى باراك أوباما من ست عشرة مؤسسة استخباراتية مفادها أن إسرائيل ستنتهي في العام 2022م كحد أقصى...ولو وضعنا التحليل السياسي مع دراسة الأستاذ الشيخ بسام جرار القرآنية سنذهل من درجة التـطابق...وعليه فإن حماس بحواراتها وتصرفاتها يجب أن تتعامل وفق هذه الحقيقة، وتبني الخطط بناء عليها، ولا تسمع لتحليلات المرجفين، وتـقرأ بتمعن سنن الله في الكون، ومن سننه أن هذه الأرض لا يعمر فيها ظالم.

(19)العلاقة مع الجهاد الإسلامي

بصراحة أدرك صعوبة الوحدة الاندماجية بين حماس والجهاد في المدى القريب، ولكن لماذا لا يتم تـفعيل وتطوير الأطر التنسيقية وغرف العمليات الميدانية، بدل بقائها في الإطار الديكوري الإعلامي؟وهناك أمور بادر إليها أسرى الحركتين في بعض السجون الصهيونية بتوحيد جلسات التـثـقيف الشرعية والفقهية وما شابه...ولكن ذراعي الحركتين الطلابيين (الكتلة والرابطة) كانا في ما مضى يخوضان انتخابات الجامعات بقائمة واحدة، والآن كل يخوضها بمفرده، ولا أجد تبريرا مقنعا لهذا، وأعزو الأمر إلى اتباع الهوى ونزغ الشيطان!

ولا ننسى كيف أن بعض الكتبة والإعلاميين من مخلفات موسكو أرادوا الاصطياد في الماء العكر بسبب اللغط حول زيارة د.رمضان شلح إلى غزة، فوجب وجود تنسيق أعلى وأكثر تطورا...ولمزيد من الوضوح فإن هناك بعض الجهلة من قواعد الحركتين، وليس من قمة الهرم، يطلقون الشائعات، ويغمزون ويلمزون، أو يثيرون خلافات قديمة، المفروض أنه جرى تجاوزها أو حلها، وساحة هؤلاء إما نـقاشات مباشرة أو عبر العالم الافتراضي(الإنترنت)...فوجب القناعة بأن الجهاد الإسلامي يكمل حماس ويشد أزرها، وبأن حركة الجهاد الإسلامي هي قشة في مهب الريح بلا حماس، ولعلهما تذوقتا لذة الوحدة والتنسيق، وآلام الفرقة والعمل المنفرد...فهل سنسمع ما يسرنا في المرحلة القادمة؟!

(20)العلاقة مع فتح

دون الاتـفاق على برنامج سياسي ستبقى الأمور على حالها، صحيح أنه وقعت اتـفاقيات كثيرة بعضها يتضمن برنامجا سياسيا(وثيقة الأسرى مثلا) إلا أن الأمور على الأرض بقيت مختلفة؛ ولكن لو توصلت فتح إلى قناعة بما ذكرته آنـفا أي قرب نهاية إسرائيل، واعتمدت المزاوجة بين المقاومة المسلحة والتفاوض، ستكون الأمور أكثر سهولة...ومما يزيد في تعقيد الأمور وتشابكها أن فتح ليست بلون واحد، ولا مدرسة سياسية جامعة، بل هناك اختلاف على تعريف من هو العضو في فتح...ومع ذلك فإنه يفترض أن تكون الحركتان تـفهمان بعضهما جيدا، نظرا للاحتكاك والتعامل الدائم بدءا من الأسرة والبيت، مرورا بالسجون وأماكن التعليم وأماكن العمل والشارع؛ إلا أن الغريب في الأمر أن هذا الفهم ليس موجودا؛ فهناك سوء فهم واضح، أما سياسة قصر الحوار على القيادات فهذه بحاجة إلى إعادة نظر، مع أنه تبين أن القواعد يلتزمون بقرار القيادات مهما أبدوا من احتجاجات، ولكن لا مناص من الحوار الأفقي تزامنا مع العامودي، حوار صريح يعتمد المكاشفة ولا يضع القمامة تحت السجادة، وحوار لا يهدف إلى إعادة إنتاج حالة سياسية مجرّبة، بل إلى التوصل إلى برنامج مشترك لتحرير الأرض...وحتى ذلك الحين سيكون الحال هو فض اشتباك، وعلاقات عامة، وإدارة أزمة...كما أن إشعال فتيل الضفة الغربية بيد فتح دون سواها، ولعل حماس باتت على قناعة بهذه الحقيقة، وعلى فتح أن تدرك أن حماس حركة كبيرة، تختلف عن أحزاب وفصائل المكاتب والديكورات والتنظير الخالي من سند شعبي على الأرض، ولا يمكن لحماس أن تتخلى عن قناعاتها، ولكن يمكن التوصل معها لأرضية عمل مشتركة، لمصلحة الشعب أولا والحركتين المركزيتين ثانيا.

(21)حماس والانتخابات البلدية

منذ عشرين سنة أو يزيد أعلنت حماس أنها ستشارك في انتخابات البلديات، مثلما تشارك في انتخابات الجامعات والنقابات، ولكن لم تنظم انتخابات مجالس محلية إلا في أواخر العام 2005م وقد شاركت بها حماس، وخاضتها بقوائم تشمل أفرادا ليسوا منها سواء بالمعنى التنظيمي، أو بالمعنى الفكري والسياسي، وفازت حماس بالطبع، ولكن كيف قبلت حماس ولم تضغط كفاية لإجراء الانتخابات البلدية -التي جرت بالتقسيط- في المواقع التي لم تجري فيها ومنها مدينة مهمة هي الخليل؟بل اكتملت الانتخابات التشريعية دون اكتمال المحليات، واستمر هذا الأمر حتى بعد تشكيل حماس حكومة، وقبل التوتر الداخلي، فلماذا؟

و كان لبعض الكوادر وجزء من القواعد تحفظات على ترشح بعض الأشخاص، ممن لا ينتمون إلى الحركة، تدفعهم مشاعر عنصرية مقيتة، الشرع يرفضها، ولكنهم غلفوها بالعصبية للحركة وما قالوا أنه «الانتصار للدعوة» وقد لجأ بعضهم إلى الإنترنت لكتابة كلام ما كان أحد يتوقعه فيما يخص طريقة الحوار بشئون حماس الداخلية وكوادرها بحيث نشر تشهير على الملأ بأسماء مستعارة وبتفصيلات كثيرة لا يجوز نشرها للعامة، وبعضهم غضبته كانت لأنه كان يريد تكرار سياسات البلديات المعينة السابقة، ناسيا أن شعار حماس كان التغيير والإصلاح، وليس الإحلال والاستبدال...ومن الأمور المضحكة التي أثيرت في هذا السياق ، سوق أمثلة لتبرير هذه العنصرية تنم عن عقم فهم للسيرة النبوية، وسطحية ساذجة جدا؛ مثل القول بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يضع خالد بن الوليد، على قيادة الجيش الذي توجه إلى مؤتة، ولم يضعه خيارا ثانيا أو ثالثا، لأنه حديث عهد بالإسلام، ويـنسى هؤلاء أن الحديث يدور عن مؤسسة خدماتية وليس عن قيادة كتائب القسام، وأن الشأن التنظيمي قد لا يخضع للانتخابات أو لانتخابات مجموعة معينة، بينما المرشح لمنصب عام عامة الناس من سينتخبونه أو ينتخبون خصمه...ثم عن السؤال الأكثر أهمية وإلحاحا:إذا كان هناك إخفاقات في أداء البلديات، هل مرده فقط الأفراد الذين ترشحوا في قوائم الحركة وهم ليسوا منها؟الجواب «لا» كبيرة، فلعل هؤلاء كان أداؤهم خير من أعضاء الحركة في ذات المجالس...أتحدث عن هذه المسألة حتى تـقوم حماس في المرحلة المقبلة بتثقيف سياسي-اجتماعي يفصل بين ما هو تنظيمي وما هو شعبي أو خدماتي للناس، وقد تكون الحجة أن سوء أداء المرشح ينعكس على من رشحه، صحيح، ولكن هل إذا كان عضوا في الحركة يكون أداؤه أفضل؟الأمر يخضع لقدرات وأداء الشخص وليس لانتمائه السياسي...وهذا يقودني لمسألة حساسة.

(22)مؤسسات حماس الخدمية والصحية وغيرها

حماس تطالب، باستعادة هذه المؤسسات، والورقة المصرية تنص على ذلك، ولكن هل كانت تلك المؤسسات على ما يرام؟ألم يخطر في البال أن ما جرى هو عقوبة من الله، والله تعالى سبق أن عاقب صحابة رسوله؟ لقد بكى إعلام حماس وصرخ لأن أفرادا جرى فصلهم من هذه المؤسسات التي سلمتها السلطة لإدارات اختارتها هي، ونسيت حماس أن السلطة ما كان يمكن أن تـفصل أي شخص مثبت في وظيفته في المؤسسات المذكورة، فلم يا ترى كان هؤلاء الرجال والنساء من غير المثبتين، مع العلم أن كوادر أو عناصر حماس كانوا يديرون تلك المؤسسات؟ أليس هذا خللا يتطلب مراجعة ومحاسبة؟ ولا أريد الخوض في كل تـفصيلات المؤسسات الخدماتية والصحية التابعة لحماس، ولكن المؤكد أن من كانوا يديرونها ارتكبوا أخطاء متراكمة، وكثير منهم لم يكن جديرا بموقعه فاستمر فيه، وبعضهم كان يتعامل بعنصرية جهوية مناطقية منـفّرة، وكان التعامل مع كادر الموظفين، وأغلبهم من المحسوبين على الحركة والمقربين منها، أو من أبنائها فعلا، تعاملا غير مريح من نواح شتى، ولهذا كان كثير منهم يغتنم أي فرصة للتوجه إلى العمل الحر أو الوظيفة الحكومية، وهم أمامكم فاسألوهم، وأزيد على ذلك أن التوظيف في هذه المؤسسات لم يكن يراعي من هو بحاجة أكثر من أبناء الحركة وأنصارها بل خضع الأمر لمعايير دخل فيها ما كانت حماس تمتاز عن غيرها بعدم وجوده، وأقصد نعرات المخيم والقرية والمدينة وعائلة فلان أو علان.

قد تستعيد حماس هذه المؤسسات، وقد يسمح لها بإنشاء مؤسسات أخرى فهل ستبقى سياستها كما كانت؟لقد عهدنا حماس تراجع سياساتها وتتعلم من أخطائها، ولكن كان هذا يقتصر على عملها السياسي والميداني وقد آن أوان أن يشمل الاتعاظ من الخطأ كل مؤسسة حتى لو كانت ناديا رياضيا موازنته ألف شيكل!

(23)حماس ودخول السلطة

دخلت حماس السلطة بعد تشاور داخلي، وتوافق فصائلي في القاهرة، ولكن هل ظنت حماس أنه يمكنها دخول السلطة بأريحية دون اعتراف الحكومة التي تـقودها بإسرائيل؟ثم لماذا لم يكن هناك تزامن في دخول السلطة والمنظمة، حتى لا تـقع الإشكالية التي وقعت؟...ومن الخطأ الاعتقاد أن حماس لو لم تدخل السلطة، أو لو لم تنافس على الأغلبية لم يكن الاقتتال ليقع، بل كان سيقع –للأسف- تحت يافطة وعنوان آخر، ولكن هل كان على حماس تشكيل الحكومة العاشرة؟وإذا كان الأمر ضروريا، ألم يكن الأجدر قبل تشكيلها جمع مبلغ كبير استعدادا للحصار الذي ظهرت بوادره بعد نتيجة الانتخابات مباشرة؟ثم إن للحكومة متحدث رسمي ورئيس وزراء ووزراء، ومكتب إعلامي، فلماذا قام الأخ خالد مشعل بإحراج الحركة والحكومة في خطابه في دمشق في نيسان/أبريل 2006م بالحديث عن سرقة المكاتب والطاولات والشاي والقهوة من الوزارات؟فيفترض أن هذا شأن الحكومة لا الحركة!

وما دامت حماس قد فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وهي تدرك أن الاعتقال يتهدد النواب، فلماذا لم تـقم فورا بتمرير قانون التوكيلات للمعتـقلين؟ ووقتها ما كانت فتح لترفض لأنه كان لها أربعة نواب أسرى، ونائب مطارد، والجبهة الشعبية أمينها العام أسير وهو نائب، ولم تكن الحملة الاعتقالية قد بدأت، فلماذا لم يتم تمرير القانون وقتها حين كان إقراره سيكون بالإجماع، بل لربما تردد الاحتلال بشن تلك الحملة أو قلل من كثافتها، لأن هكذا قانون يقطع الطريق عليه.

(24)نواب الضفة...بصراحة

بما أن الضفة هي بؤرة الصراع الحالي، ومعلوماتي عن نواب غزة شحيحة، فسأتناول هنا وضع نواب الضفة الغربية بصراحة؛ فالنواب الإسلاميون مشهود لهم بالخلق الحسن، والتاريخ النضالي، والوعي والثقافة والعلم، وحسبهم من أوسمة الشرف قضاء سنين في الأسر فقط لأنهم ترشحوا في قوائم الحركة وانتخبوا من شعبهم، فهم على العين والرأس، ولكن المواطن لا يريد هذا فقط من النائب، لأننا لسنا في سويسرا أو النرويج، وإذا كان هؤلاء النواب أرادوا إيصال رسالة بأنهم يبتغون وقف سياسة التوظيف وجلب المساعدات المالية، لأنها ليست من عمل النائب، فإن وقف هذا يكون بتحسن ملحوظ لوضع الناس الاقتصادي، وليس في وقت حصارهم...وإذا كان المجلس التشريعي معطلا، وإذا كان نواب الضفة لا يتعاملون مع حكومة فياض، لأنها لم تنل ثـقة التشريعي، ولأنهم قضوا سنوات في السجون بعد انتخابهم، فإنه من الإجحاف الحكم عليهم بهذه السرعة؛ ولكن أنا لا أعفي حضرات النواب من مسئولياتهم ولدي نـقاط وملاحظات سريعة ومهمة:-

1) عمد العديد من النواب إلى توظيف أقاربهم من الدرجة الأولى، كمرافقين ومدراء مكاتب وما شابه، وهذا أثار حفيظة القريب من حماس قبل البعيد عنها، مع العلم أن راتب النائب 2500$ ولديه مصروفات مكتب 8000 شيكل، وإذا كان حرّا فيها فلا يخصنّ بها أقاربه دون غيرهم،ولم لا يوظف شخصا متزوجا ورب أسرة بألفين وخمسمئة شيكل بدل ألف شيكل مثلا!

2) لقد بدأت الناس تهمس، ثم تعالى الصوت بشأن رواتب نواب مجلس معطل، وكنت وما أزال أنتظر مبادرة من حضرات النواب الإسلاميين باقتطاع جزء من رواتبهم(1000$ مثلا) توضع في حساب لأمور خيرية، وما أكثر أبواب الخير، والأكثر منها حاجات الناس، وبهذا يسجل النواب نـقطة بيضاء ناصعة، قد تدفع نوابا من القوائم الأخرى لتقليدهم، وتخف حدة أصوات التذمر المتهمة، ولربما هم يتصدقون بجزء من رواتبهم سرّا، لكن حالتهم لا يفترض أن تكون «لا تعلم الشمال ما تصدقت به اليمين» ولا محاولة تـقليد جابر عثرات الكرام وزائر الليل المحسن؛ فالشخص المنتخب يجب أن يرى الناس عمله جهارا نهارا!

3) كثير من النواب لا نحس منهم من أحد ولا نسمع لهم ركزا، علما بأن لهم حصانة لا بأس بها، وقد عكفوا على خاصة أحوالهم، وأغفلوا شئون إخوانهم، بحجج يقال عنها بأنها تبرر رغبتهم في مغانم النيابة، واجتناب مغارمها!

ولعل ثمة أمور أخرى تتعلق بوضع النواب باتت معروفة، وعليه على حماس مستقبلا تجنب إعادة ترشيح أي نائب من نواب الضفة الحاليين، إلا بعد دراسة معمقة لكل أبعاد وضعه ومحاوره الكبيرة والصغيرة، على أن تحدد الحركة سلفا عدد النواب الذين سيعاد ترشيحهم من جديد.

(25)حماس والوزارات

تتذرع حماس بتوظيف عناصرها وكوادرها، في الوزارات والمؤسسات، بأنه كان بسبب الإضرابات المسيّسة؛ ولكن هل كان من الضروري منح هؤلاء درجات مدراء وإنزالهم بالباراشوت على الوزارات؟ولماذا تم تجاهل كثير من الموظفين الذين فرحوا واستبشروا وأبدوا رغبة في التعاون مع الحكومة الجديدة وبرنامجها وحتى أنهم انتخبوها؟وهذا سهل تصاعد حنقهم، خاصة في ظل انـقطاع الرواتب، وكان من الخطأ رمي الموظفين عن قوس واحدة...والتبرير الآخر بأن فتح قد فتحت أبواب التوظيف ومنح الدرجات حتى لغير المؤهلين من عناصرها، فهل انتخب الناس حماس لاستبدال الأخضر بالأصفر؟أم أن نـقمة الناس على هذه السياسة وما نتج عنها جعلتهم يصوتون بكثافة لحماس؟ وهنا لا أقول بأنه كان على حماس عدم توظيف كوادرها وعناصرها بالمطلق، ولكن ما جرى هو عشوائية، واستحضرت فيها المثل الشعبي «هجين ووقع على سلة تين!!» وهناك أشخاص تم تعيينهم في مواقع لا يمكنهم إدارتها نهائيا، وكان الأجدر استثناء المؤسسات التي فيها أصلا موظفين مهنيين متعاونين من التوظيف، أو من جلب موظفين بدرجات عالية(مدراء) إليها...ومن فترة انتقدت في حوار عابر مع عضو مجلس ثوري فتح استخدام أي وزارة أو مؤسسة حكومية لنشاط تنظيمي، حتى لو كان تصوير ورقة، ولكن هل هذا الاستخدام اقتصر على فتح؟لا، لأن بعض العناصر فعلوا ذلك بالوزارات إبان الحكومة العاشرة؛ وهذا له مضار كثيرة، منها جلب شعور بالخيبة من التغيير والإصلاح، ومخالفة القانون(مخالفة غيرك للقانون لا تبيح لك المخالفة) والأهم جانب أمني، لأن الاحتلال وضع كل المؤسسات تحت المجهر، واستغلالها لأمور تنظيمية يسهل عليه تـقديم لوائح اتهام تدحض كونها مؤسسات لخدمة الجمهور فقط!

(26)وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم

لعل الله سبحانه وتعالى، قد جعل الأمور تسير كما سارت في بضع سنين خلت كي تـفيق حماس، خاصة الكتلة الشابة المنتجة فيها، وتتذكر أنها ما كان لها الاستـقرار في سلطة إلا بعد أن تحرر الأرض، وأن النزول عن جبل الرماة خطأ له عواقب وخيمة، ولا يـفوتنا أن حماس جلبت لنفسها حسد المعيشة، الذي أصاب قواعد الحركة في الضفة الغربية، في ظل ما عانوه من ظروف قاسية وحرمان، فبات حديثهم عن الرواتب الكبيرة، والجيبات الفخمة، والأبهة، والجاهة والوجاهة، التي توفرت للبعض من حركتهم...ومن هنا فإن الانتخابات تحت الاحتلال لا معنى لها، وسبق أن تحدثت عن مضارها على حماس، وهي لمست ذلك وعاشته، ولكن فيما يتعلق بالمجلس الوطني، ومنظمة التحرير، فلا بد من الإسراع بإنجازها، ولكن بـقانون واضح مفصل فاصل يضع النقاط على الحروف ويتجنب تداخل المؤسسات..فالمعركة الآن معركة تحرير، لا تـفاهمات على كيفية إدارة جسم يجري التلويح بحله، وهو في كل الأحوال خاضع في كثير من جوانبه لظروف الاحتلال وهذا يقودني لأمر آخر في ذات السياق، وهو أن على حماس، وقد رأت التفاف الجمهور حولها أن تشرك غيرها في إدارة قطاع غزة، خاصة من المهنيين والخبراء، ممن ليسوا منها ، وهنا أتحدث عن واقع موجود ولا أدري متى سيتغير فيما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولم تعد ذريعة رفض الآخر المشاركة في حكومة حمساوية صالحة الآن، فالظروف تجاوزتها، وبات من الضروري التخلي عن التفرّد، ولننظر كيف أن حزب الله له حصة من الوزراء لم يتردد في الإعلان عن التخلي عنها لصالح حلفائه، وقد يكون وزير معين غير حمساوي أنـفع للناس، ولو من باب قدرته على الــقـفز على الفيتو والحصار السياسي...وآمل ألا يطول الانتظار!

(27)الثورات العربية ومستقبل حماس

لا توجد لدي ذرة شك بأنه لو وقعت الحرب الأخيرة ومبارك في الحكم لقتلت آلة الحرب الصهيونية 3000 مواطن كحد أدنى، وهذه من أبرز التغيرات الواضحة في مرحلة ما بعد مبارك...وأنا لا أحب تعبير الربيع العربي لأنه يذكرنا بمحدودية الزمن وسرعته كما يقول مصطفى صادق الرافعي، وأفضل تعبير هو الثورات العربية، لأن الثورة فيها معنى للتحدي والاستمرارية أكثر، وهي ثورات كانت أشبه بوهم أو حلم جميل، لدى غالبية الناس، ولكن الفضل لله وحده في اندلاعها...فماذا استفادت حماس والقضية الفلسطينية من الثورات العربية؟

لقد انزاح عن صدر الأمة حكام ظلمة وأنظمة مستبدة شوّهت روح الإنسان وأخلاقه وقيمه، وبلا ريب فإن رحيل هذه النظم خير للعرب وبالتالي خير لفلسطين، ولقد توّجت الثورات بفوز الإسلاميين في الانتخابات، وهو ما استبشرت به حماس لا سيما في مصر، لأن نظام مبارك كان أشد وطأة عليها من الصهاينة أحيانا، إلا أن الأمور بعد الثورات، وإن كانت خيرا منها قبلها، فهي دون المشتهى والمأمول والمطلوب شعبيا، وحتى حمساويا، وإن لم تعلن حماس صراحة عن ذلك؛ فقد هرم كثير من الفلسطينيين من أجل أن يروا مواقف عربية تشد من أزرهم وتأخذ بيدهم، ولا تتعامل معهم ومع جلادهم وكأنهم من ذات المستوى والجرم...كما أن الوضع في سورية أثر على حماس، من نواح عدة، ومنها أن مجلس الشورى لا يجد مكانا يعقد فيه اجتماعه، ولا ندري إلى أين تتجه الأمور في سورية؛ ولكن من المعيب أن ينادي البعض بالتوجه إلى الجهاد ضد النظام في سورية، وينسون أن الأقصى هو الأولى بمثل هذه الدعوات والنداءات، وأرى أن حماس مقصرة في سكوتها وتغاضيها عن هذه الدعوات، سواء على مستوى القيادة، أو المستوى الإعلامي، وللصراحة فإن ضعف الدولة اللبنانية قوّى شوكة المقاومة في جنوب لبنان، وإذا كانت جبهة الجولان ستشتعل سواء بسبب ضعف النظام، أو للوضع الذي سينشأ بعده، فهذا أمر محمود، أما أن يكون حال جبهة الجولان هو التأمين، وتخريب الباقي، كما حصل لمقر وزارة النفط العراقية، فإن وضع سورية خسارة فادحة.

يضاف إلى ذلك هذا الفرز والتحريض والاصطفاف الطائفي بين السنة والشيعة، على حساب الاهتمام بفلسطين، وكل طرف يتهم الآخر بالعمالة للصهاينة، فيما يتفرج الصهاينة على الصراع بل يغذّونه بطرق مختلفة...وفي خضم هذا الوضع لعل حماس أدركت حجم الربح والخسارة فيما يجري، وباتت مقتنعة بالاعتماد على الذات، حيث تتجلى حكمة المثل الشعبي «ما بحرث الأرض إلا عجولها» وعلى حماس أن تستغل كل فرصة متاحة لتقوية نـفسها بالسلاح والمال والخبرات والعلاقات غير المشروطة، لأننا لن نرى الجيوش العربية تتحرك لو هدم الأقصى غدا، أو لو قررت إسرائيل شن عدوان جديد على غزة.

(28)العلاقة مع إيران

كان موقف حماس متوازنا وحكيما برفض الدخول في صراع مذهبي، إلا أن جزءا من القواعد، ومجموعات من نشطاء الإنترنت الحمساويين، انغمسوا في هذا الصراع، وهو صراع لن يـقود إلى تحرير القدس، وسبق بأن كتبت عن الحرب العراقية-الإيرانية التي كانت تحت يافطة الصراع العربي-الفارسي، والآن يراد أن يكون الصراع سنيا-شيعيا وترتاح إسرائيل وتتفرج على حمام دم تشتهيه!

قد يبرر البعض الانخراط بالصراع المذهبي بأمور مؤلمة؛ مثل الاعتداء على حرائر السنة، أو عمليات الإقصاء، أو التطاول على رموز السنة...إلخ وأرى بأن هناك من فرغوا أنـفسهم لهذه المعركة سواء عبر العالم الافتراضي، أو عبر استعدادهم لتفجير أجسادهم في الحسينيات، ولكن حماس بحاجة إلى جهود تـقربها من تحرير القدس ونابلس والخليل وحيفا، وليس من هدم قم أو مشهد أو النجف وكربلاء...ولعل حماس تدرك أن الإيرانيين يتمتعون بدهاء سياسي وحتى لو اختلفت معهم بشأن سورية، فهم بحاجة إليها، بل حاجتهم في ازدياد، وعلى حماس ألا تـقطع العلاقات أو تسعى لتبريدها أو تـفتيرها مع طهران، ولو حتى لاقت من الأخيرة إعراضا، مهما كان حجم الانتقاد والضغط والإغراء، لأنه ثـبت أن إيران أكثر وفاء من غيرها، وأن توعز حماس إلى قواعدها بالكف عن التدخل في الصراع الطائفي، والانكباب على قراءة ما يـفيد تحرير فلسطين بدل كتب ومواقع تـفنيد مذهب الشيعة!

(29)الرأسمالية الاحتكارية تهدد المقاومة

ظـنت حماس أن المقاومة ستجرف في طريـقها هذه العـقبة الكأداء، ولكن كان تأثير المقاومة آنيا، بل إن مشروع المقاومة اليوم مهدد بسبب الرأسمالية الاحتكارية والبرجوازية الكومبرادورية(أي المتحالفة مع رأس المال الأجنبي أو التابعة له) في الضفة الغربية، علما بأن فكر حماس ليس بعيدا عن معالجة هذه الظاهرة، بل على العكس، ويكفي أن الإخوان المسلمين اعتبروا كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام للشهيد سيد قطب-رحمه الله- هدية لهم، لكن حماس لم تولي الموضوع أهمية لأنها-شأن أغلب الناس- لم تستشعر مدى خطورته وتأثيره السلبي، كما أن أصحاب الرايات الحمراء والبرتـقالية اتضح أن مشكلتهم الحصص والمقاعد فقط، وكانت معركتهم ضجيج، بل انخرطوا في ما يسمى بالأنجزة.

وبطيخ جنين، و خياطة طولكرم، وصابون نابلس، وزجاج وعنب الخليل، مظاهر إنتاج وطني مهدد واضمحل وذوى، وبات الناس هنا رهينة البنوك وأشباهها، ورقابهم في قبضة -ناعمة وشديدة في نفس الوقت- ثلة من رجال أعمال ورأسماليين يتحكمون بمفاصل معيشتهم، في ظل غلاء فاحش وبطالة مرتـفعة؛ فهل تظن حماس أن مشروعها المقاوم في هذه البيئة سيتـقدم قيد أنملة؟إن من واجب حماس التصدي لهذه الظاهرة، خدمة لبرنامج المقاومة.

وللتوضيح فأنا لا أشكك بوطنية رجال الأعمال، ولكن طبيعة رأس المال هي الجبن، كما أن تاريخ قضيتنا يقول بأن أصحاب المصالح الكبيرة تحالفوا أو هادنوا وحاولوا بطرق ناعمة وذكية منع التصدي لأي سلطة قائمة ابتداء بأواخر عمال العثمانيين، ومرورا بسلطة الانتداب، وانتهاء بالكيان الصهيوني، لأن المقاومة تهدد مصالحهم، وتنقص أرباحهم، وتضعف نـفوذهم؛ وأقول هذا الآن ردا على تعليلات تنم عن ضعف في فهم السيرة؛ حينما يقال بأن عددا من العشرة المبشرين بالجنة أثرياء، ويأتون بذي النورين عثمان كمثال؛ يا هؤلاء:عثمان جهز جيش العسرة، وفي عهده وقعت أول المعارك البحرية، بينما تجدُّ البرجوازية في الحفاظ على مصالحها ونفوذها الاجتماعي والسياسي، وهي لم تغز ولم تجهز غازيا، وتعيق بمكر أملس أي تحرك للمقاومة، حتى لا ينقص من ربحها مدّ أو صاع، فاتركوا عنكم هذا التشبيه غير الموفق...ولا يتعلق الأمر بحقد-لا سمح الله- أو حسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، بل هو غضب من نظام مالي واجتماعي يعيق ويعطل استئناف المقاومة، لأن المقاومة تتعارض مع مصالح مالية لأفراد قلائل!

(30)المال الشحيح...معضلة تحل بالتبني

بصنابير المال الإيراني، وبحصصه من الخمس، صمد حزب الله، وتمكن من التخلص من آثار الدمار الذي خلفته الحرب، وتلقت مساكن ومنشآت قاعدته البشرية والشعبية مساعدات من قطر وغيرها، فنهض قويا عزيزا، فلا عزة –في زمننا- لمن جيوبه فارغة، ووجد المجاهدون الأفغان باكستان(للسنة) وإيران(للشيعة) تـقفان معهم تزامنا مع تـقاطع المصالح وظروف الحرب الباردة، فصمدوا وهزموا الجيش الأحمر...والفيتناميون وجدوا السوفيات والصينيين يـقفون معهم ضد العم سام فانهزم واندحر...أما نحن الفلسطينيون فأشبه بالأيتام على مائدة اللئام؛ فنحن شعب حيّ رفض أن يشطب من التاريخ، ولم يخضع لقهر الجغرافيا، ولا ينـقصنا عدالة قضية، ولا رجال أذكياء أو شبان شجعان، بل لدينا شح في الموارد المالية، وأقولها بصراحة، نحن بحاجة لمن يتبنانا ماليا، ولو بحثنا فسنجد، ولكن علينا أن نكيف حياتنا تدريجيا مع الظروف التي يفترض أن يحياها من يطلب الحرية.

يقال أن نسبة من يعتمدون في معيشتهم على التنظيمات مرتـفعة في قطاع غزة ، وهناك من ينظرون إلى عيوب ذلك، وأنا لا أراها نـقيصة، فيجب أن يبقى الشباب مستنـفرين، وطاقتهم متجمعة باتجاه واحد...وهنا على حماس التي قالت في بيانها الأخير أن ليل الضفة قريبا سيزول، أن تعي أهمية عدم تكشف الناس ماليا، فهذا معناه نصف ثورة، ونصف مقاومة، نخسر فيها شهداء، ودمار واعتقالات، وقبل أن تكتمل نطلب وقف النزيف لأن الجيوب فرغت، فندخل في نـفق مظلم بل في قعر هاوية، فوجب التنبه إلى توفير موارد مالية، مسنودة بأخرى احتياطية، وإلا فإن الليل سيصطبغ بالدماء والآهات ولن يزول...ليس لدي اقتراحات محددة، ولكنني أؤكد على الفكرة، والتي تـقتضي توفير المال، مع خطة محكمة لإنـقاذ الناس من براثن الكومبرادور، فخوض المعركة بجيوب فارغة، أو حتى نصف مملوءة خاسرة سلفا، وغني عن القول أنني لا أقصد فقط عناصر حماس؛ بل الحديث عن مجموع السكان، وأعرف أن هذا أمر لا تـقدر عليه حماس وحدها، صحيح، لذا وجب التعاون مع كل من يتبنى برنامج المقاومة من القوى والفصائل والأفراد، وحتى العائلات، وكل دولة أو مؤسسة يمكن أن يستفاد منها في ذلك، وأظن أن الظرف الدولي والإقليمي يسمح بإيجاد من يتبنى ويدفع!

(31)الخلاصة

ثلاثون عنوانا فرعيا أو محورا حاولت فيها مقاربة وضع حماس في الماضي والحاضر والمستقبل، كونها حركة منوط بها مهمات جسام، وأعرف أنني سأحتاج إلى مقالات أخرى لمحاور تـثري الفكرة أو توضح بعض الأمور...ومما لا شك فيها أن حماس اليوم حركة كبيرة وممتدة داخل فلسطين وخارجها، وأنه لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها لا من عدو أو خصم أو منافس، ولا يمكن لحماس إنجاز مهمة التحرير دون التعاون مع الآخرين، وأمام حماس مشوار صعب، ولكنه ليس طويلا، بمشيئة الله، كي تنتقل إلى العمل السياسي والاجتماعي والدعوي الخالص، فالآن كل هذا في خدمة السلاح، واستعرضت مطولا فترات مفصلية من تاريخ حماس، وفي هذا الجزء قدمت رؤية حول ما يتوجب على حماس فعله، من باب النصح، وأشرت إلى أخطاء وقعت فيها حماس، وهي أخطاء لا خطايا وقابلة للعلاج إذا وجدت الإرادة...والأهم أن حماس تكبر والمشروع الصهيوني يضمحل ويشيخ بسرعة، وأنها تعلمت أن عليها الاستفادة من الجميع، وألا تكون العلاقة مع طرف على حساب الطرف الآخر، وأثبتت أن المؤسسة أهم من الشخص مهما بلغت قدراته...،و إعلام حماس يحتاج إلى تطوير دائم، وميثاقها بحاجة إلى تنـقيح وتطوير، وحماس بحاجة إلى نـفسها وروحها التي انطلقت بها قبل ربع قرن، مثلما أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى حماس بكينونتها المذكورة دون تغيير أو تبديل إلا باتجاه مزيد من القوة والصلابة، ما دام هناك شبر محتل من الأرض أو أسير خلف القضبان أو لاجئ بعيد عن الأوطان.