Haneen
2013-01-23, 12:50 PM
22/1/2013
اقلام واراء عربي
الكونفدرالية الاردنية ـ الفلسطينية
بقلم: انيس فوزي قاسم (عضو نقابة المحامين الاردنيين) عن القدس العربي
وردت مؤخراً تقارير صحفية عن اعادة طرح فكرة انشاء كونفدرالية اردنية فلسطينية وذلك على ضوء قبول 'فلسطين' دولة غير عضو في الامم المتحدة، واستقبال الرئيس محمود عباس في عمان، عند عودته من اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة، استقبال الرؤساء وذلك بكامل البروتوكول المعدّ لهذه المناسبات، ثم زيارة الملك عبد الله الثاني الى رام الله بعد ذلك مباشرة. واضيف الى هذه الحراكات ما نشرته جريدة 'القدس العربي' عن ان الرئيس عباس أوعز لمستشاريه بالتحضير للخطوة التالية بين الاردن وفلسطين على اسس كونفدرالية. ومع كل ذلك، لم يصدر اي بيان رسمي عن ايٍ من الطرفين حول هذا الموضوع مما يبقيه في دائرة الحوار غير الرسمي والنشاط الصحفي.
ان طرح موضوع الكونفدرالية، جدير بالاهتمام من الناحيتين الاردنية والفلسطينية، لأن هذه الفكرة قديمة، وتتجدد بين الحين والآخر، ومن الضروري خلق وعي واهتمام حولها لما قد تثيره من شكوك واحياناً سموم بين أقرب طرفين للقضية الفلسطينية.
من الناحيه النظرية، لابدّ من الاشارة الى ان الكونفدرالية لا تقوم الاّ بين دولتين تتمتعان بالسيادة والاستقلال، بحيث تحتفظ كل دولة بشكلها القانوني وهيئاتها الدستورية ووضعها الدولي، انما تتنازل كل منهما عن بعض سيادتها لأجل تمتين علاقاتهما او تدعيم موقفهما في مواجهة ضغوط خارجية او مؤثرات أجنبية. ولا توجد صيغة محددة لهذه الكونفدرالية، فهناك كونفدراليات تتقارب اكثر من كونفدراليات اخرى، وهناك نماذج عديدة لهذا الشكل من التعاون الدولي. وتجدر الاشارة الى ان سويسرا مثلاً دوله 'اتحادية' الاّ ان اسمها الرسمي 'الكونفدرالية السويسرية'، وهذا دليل عى انه لا توجد وصفة جاهزه لما يسمى بالكونفدرالية.
اما الافكار السابقة لفكرة الكونفدرالية بين الاردن وفلسطين ربما كانت تعود اولاً- لما طرحه المرحوم الملك حسين لما اسماه 'المملكة العربية المتحدة' في اوائل السبيعينيات، حيث كان التصور ان تتم الكونفدرالية بين قطرين، الاّ ان الفكرة لم تكن دعماً لمشروع وطني او قومي، فماتت في المهد. حيث ان الفلسطينيين كانوا ينزعون الى المقاومة والتحرير بينما كان النظام الاردني يقصد الى الوصول سلمياً الى تحرير الضفة الغربية. فكان الخلاف عميقاً بين المنهجين.
في العام 1982، طرح الرئيس الاميركي رونالد ريغان خطته التي يمكن تصنيفها كفكرة كونفدرالية بين سلطة الحكم الذاتي، التي كان من المقرر انشاؤها طبقاً لاتفاقية كامب ديفيد في الاراضي الفلسطينية، وبين الدولة الاردنية. وجاء جورج شولتز، وزير الخارجية الاميركي، مكرراً اقتراح الرئيس الاميركي. وفي العام 1985 وقع الاردن مع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية لاقامة اتحاد كونفدرالي بينهما، ولكن ماتت هذه الاتفاقية على ضوء الخلافات بين الطرفين حول استراتيجية تحرير الضفة الغربية. ويجب التذكير بأن حمّى اقتراحات الكونفدرالية قد تسارعت في الفترة التي كانت منظمة التحرير تعاني فيها من الضعف بعد خروجها من بيروت نتيجة الاجتياح الاسرائيلي.
وتجلّى ضعف منظمة التحرير حين كانت الولايات المتحدة تتخذ اجراءات لعقد مؤتمر مدريد، حيث تبّنت الولايات المتحدة الشروط الاسرائيليه في عدم وجود ممثلين لمنظمة التحرير في مؤتمر مدريد وعدم وجود فلسطينيين يمثلون القدس او الشتات ضمن اعضاء الوفد الفلسطيني، واشترطت اسرائيل ان لا يكون الوفد الفلسطيني مستقلاً عن الوفد الاردني. وعقد مؤتمر مدريد في اكتوبر 1991 بحضور وفد فلسطيني اردني مشترك. ثم انفسخ الوفدان في واشنطن باصرار من منظمة التحرير، واصبح هناك مسار اردني وآخر فلسطيني في مفاوضات واشنطن. ثم وصلنا في العام 1993 الى نفق اوسلو الذي دخلت فيه منظمة التحرير ولازالت لا ترى ضوءاً في نهاية النفق.
واخيراً، بدأ الحديث عن الكونفدرالية في ظلّ اجواء اكثر ايجابية من أي وقت آخر، ذلك انها طرحت الان بعد ان حازت منظمة التحرير على وضع 'دولة' غير عضو في المنظمة الدولية.
ان هذا انجاز هام من النواحي القانونية والديبلوماسية، الاّ انه انجاز محدود، بخلاف ما تتوهم قيادة منظمة التحرير. ان الجانب الهام لهذا الانجاز هو امكانية هذه 'الدولة' في توقيع الاتفاقيات الدولية ولاسيما تلك التي لها تأثيرات على الوضع الفلسطيني في الاراضي المحتلة، اذ أن بامكان هذه 'الدولة' توقيع اتفاقيات جنيف الاربع للعام 1949، ولاسيما الاتفاقية الثالثة الخاصة بمعاملة الاسرى والمعتقلين واعتبارهم 'اسرى حرب' مما يمنع محاكمتهم، بينما تعاملهم اسرائيل على اساس ارتكابهم جرائم امنية، وكذلك التوقيع على الاتفاقية الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين وهذا مدخل جيد للطعن في الاستيطان وهدم البيوت والكبائر الاخرى التي ترتكبها اسرائيل، كما قد تتمكن 'الدولة' من التوقيع على النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي تستطيع بموجبها 'دولة فلسطين' ملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين الذين يرتكبون جرائم حرب 'يوميا.' وهناك الاتفاقيات الخاصة بحقوق الانسان ومكافحة التمييز العنصري والتمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية الخاصة بالطفل. وجميع هذه الاتفاقيات تمكّن دولة فلسطين من فضح الاحتلال وملاحقته جنائياً، وهذه جوانب ايجابية وذات فائدة عملية هامة.
ومع هذه الايجابيات، يجب ان لا يدخل في روع احد ان بامكان دولة فلسطين ان تمارس سلطات الدولة كاملة السيادة، فهي دولة مازالت منقوصة السيادة. فلا تستطيع ان تصدر قانون جنسية مثلاً- تنظم بموجبه جنسية السكان المقيمين فيها، بلا الفلسطينيين المقيمين في الشتات (دون انتقاص الجوانب السلبية والاثار الخطيرة لمثل هذه العمليه)، ولا تستطيع تشريع قوانين تتعلق بحق العبور الى الدولة الفلسطينية وتحديد حق الاقامها فيها، ومحاكمة الاسرائيليين الذين يخرقون قانونها المدني او التجاري او الجزائي، فهي بلا ولاية جغرافية ولا تسيطر على معابرها مع العالم الخارجي.
ومن أهم النواقص في الجوانب السلبية لهذه 'الدوله' هو عدم قدرتها على الدخول في مفاوضات مع الحكومة الاردنية لوضع ترتيبات الكونفدرالية، ذلك ان هذه الترتيبات، ومهما كان شكل ومحتوى هذه الكونفدرالية، تتعلق بامور سيادية تقع في صلب الاعمال السيادية المتعلقة بالدولة ذات السيادة.
وعلى سبيل الجدال، هل تستطيع سلطة الدولة الجديدة ان تقرر في موضوع الانضمام الى الكونفدرالية دون استفتاء الشعب الفلسطيني او التشاور مع مؤسساته الدستورية؟ فهل يمكن استفتاء شعب ثلثه تقريباً تحت الاحتلال والباقي في الشتات؟ واذا امكن الاستفتاء، فمن هو 'الفلسطيني' الذي يحق له التصويت ايجاباً وسلباً؟ وهل هناك مؤسسات دستورية تتحكم وتحكم 'الشعب الفلسطيني'؟ فهل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ذات صلاحية وفعالية في غياب مجلس وطني؟ حتى ان استمرار الرئيس محمود عباس في قيادة اللجنة التنفيذية مطعون في شرعيته. فهل نحن بصدد مؤتمر اريحا جديد؟! وهل يمنح مثل هذا المؤتمر الشرعية لاقامة كونفدرالية؟
من الواضح، ان الاجهزة التي سوف تقود اية مفاوضات مع الحكومة الاردنية في شأن الكونفدرالية لا تمتلك السيادة او السلطة او الصلاحية او التفويض. ومن هنا نصل الى اهم مقومات اية اتفاقية دولية، وهي صلاحية الطرف المفاوض واهليته القانونية للتوقيع على أية التزامات، والطرف الفلسطيني لا يملك هذه الصلاحية ولا تلك الاهلية.
ثم ننتقل الآن الى ما هي الفوائد التي سوف تجنيها الدولة الاردنية والدولة الفلسطينية من هذه الكونفدرالية؟ وهل هذه فكرة تصبّ في مصلحة البلدين، وان كان الجواب ايجاباً، فهل هي في مصلحة الشعبين ام في مصلحة النظامين؟
لا جدال في ان الاردن هي الرئة التي تتنفس منها وبها 'الدولة الفلسطينية'، وهذا وضع تاريخي متأصل في الزمان والمكان وازداد هذا الوضع الحاحاً بعد انسلاخ الجزء الاكبر من فلسطين واحتلاله من قبل الغزو الصهيوني. ان القرار التاريخي لوحدة الضفتين قد عبّر بوعي وادراك استراتيجيين، عن هذا الواقع، إذ ورد فيه: 'واستناداً الى حق تقرير المصير، والى واقع ضفتي (الاردن) الشرقية والغربية ووحدتهما القومية والطبيعية والجغرافية وضرورات مصالحهما المشتركة ومجالهما الحيوي، يقرر مجلس الامة...'. وهذا يؤكد ان وضعاً ما، قد يكون كونفدرالية او فيدرالية او وحدة اندماجية، يفرض نفسه على الشعبين وعلى النظامين فرضاً، فالضرورات والمصالح المشتركة هي 'المجال الحيوي' لكلا الطرفين.
ان هذا الوجه المضيء للمجال الحيوي للشعبين، لا يغطي، ويجب ان لا يغطي، على حقيقة مؤداها ان طرح فكرة الكونفدرالية كان، تاريخياً، مرتبطاً بالمصالح الاسرائيلية وخدمتها اولاً وآخراً. ودون الدخول في متاهات الماضي، فان الوضع الحالي القائم في الاراضي الفلسطينية المحتلة، والجشع الكولونيالي المتزايد لدولة المستوطنين، والصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني المقاوم بعناد شديد، قد جعل اسرائيل في وضع من بلع منجلاً، فلا هي قادرة على بلعه، ولا تقدر على اخراجه من حلقها. فالدولة اليهودية تتحول رويداً رويداً الى دولة احادية او ثنائية القومية، وفي الحالين نهاية الحلم الصهيوني في اقامة دولة 'الشعب اليهودي'. ومن هنا يجب ان لا نصاب بالدهشة اذا ما قلنا على سبيل الحدس- ان ما طرح اخيراً من كونفدرالية اردنية- فلسطينية قد يكون تسريباً اسرائيلياً لداخل مؤسسات القرار الفلسطيني، سيما وان الاخ ابو مازن ما زال يتلوّى عطشاً للمفاوضات مع اسرائيل، وقد يكون هذا التسريب هو المنفذ الذي يدخل عبره ابو مازن للمفاوضات.
ولاسرائيل مصالح عديدة في اقتراح الكونفدرالية، ليس أقلها ان ذلك سوف يعطي مشروعية للمستوطنات، وان اجهزة الأمن الاردنية هي التي ستتولى الامن في المناطق المحتلة، وهي اجهزة اكثر مصداقية وكفاية لدى الاسرائيليين من الاجهزة الفلسطينية، وان عودة اللاجئين سوف تصبح من بقايا التاريخ، ويظل نهر الاردن هو الحدود الامنة لاسرائيل، وتتخلص اسرائيل من اعباء الاحتلال القانونية والادانات المستمرة من المجتمع الدولي. طبعاً، ان جميع هذه المنافع التي تصب في الخانة الاسرائيلية لا تنطوي على اقرار ضمني من ان الاردن موافق عليها، بل لابدّ وان له موقفاً من العديد من هذه القضايا.
اذا كان ما ورد اعلاه هو خطاب على المستوى الرسمي، فإن خطاب الجماهير على ضفتي النهر سيكون مختلفاً. ذلك ان تمرير هذا المشروع لا ينطوي على فوائد مادية او سياسية او قانونية او اجتماعية. ان النخب الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني في الضفتين، سوف تدرك ان هذا مشروع اساسه تخفيف اعباء الاحتلال ونقل الثقل على كاهل الاردن، لاسيما وانه مشروع تفوح منه رائحة 'الوطن البديل'، لأن الكونفدرالية سوف تقضي على حق العودة، وسوف تفتح حركة الانتقال والمرور شرقاً تحت تأثير الضغوط المعاشية التي سوف تمارسها اسرائيل على فلسطينيي الاراضي المحتلة. كما ان الفوائد التجارية بين ضفتي النهر ستكون محدودة للغاية، ذلك ان اقتصاد الاراضي المحتلة يعتبر أهم سوق خارجي للتجارة الاسرائيلية، وسوف لا تفرّط اسرائيل بهذه السوق مما يعني ان التجارة بين طرفي الكونفدرالية سوف لا يعود بفوائد مجزية عليهما، بل تظل الفائدة للجانب الاسرائيلي.
ويظل السؤال معلقاً: ما هي الفوائد التي تعود على الاردن وفلسطين ضمن الظروف القائمة- التي تجلبها الكونفدرالية للطرفين؟ وأية حقوق او مصالح سوف تتم صيانتها او تأكيدها بهذا الترتيب؟ الجواب: لا شيء، ولكن لكل مجتهد نصيب!!
رأي القدس: نتنياهو عائد.. فما انتم فاعلون؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
يتوجه ملايين الاسرائيليين الى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد في انتخابات مبكرة دعا اليها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الحالي من اجل تشكيل تحالف يميني اكثر تطرفا من التحالف الحالي الذي يشكل العمود الفقري لحكومته.
الناخبون الاسرائيليون سيختارون في معظمهم من هو الاكثر عداء وكراهية وحقدا للعرب، ومن هو الاكثر تغولا في بناء المستوطنات ومصادرة الاراضي العربية وضم الضفة الغربية او الاجزاء الاكثر خصبا وتحكما في خزانات مياهها الجوفية.
نتنياهو الذي من المتوقع ان يعود الى رئاسة الوزراء على رأس تحالف هو الاكثر يمينية وتطرفا في تاريخ اسرائيل، تباهى امام ناخبيه اليهود بانه لم يزل مستوطنة واحدة، ولم يرسل البلدوزرات لازالة نقاط الاستيطان 'غير الشرعية'، وافتتح اول جامعة يهودية في مستوطنة ارئيل قرب القدس المحتلة، وطرح آلاف العطاءات لبناء وحدات سكنية جديدة لعزل القدس المحتلة عن الضفة الغربية بالكامل.
التنافس الآن هو بين 'الليكود بيتنا' الذي يمثل تحالفا بين نتنياهو وافيغدور ليبرمان وزير الخارجية وبين تكتل نيفتالي بينيت الذي يحمل اسم 'بيت اليهود' الاكثر يمينية وتطرفا ودعما للاستيطان، فالاخير يرفض المفاوضات وحل الدولتين، ويرى ان الضفة الغربية جزء من اسرائيل، ولا بد من ضم اماكن فيها وترك الفلسطينيين كغرباء ليس لهم اي حقوق في الارض التي 'يقيمون' عليها، وسيكونون محظوظين اذا حصلوا على 'صلاحيات بلدية'.
السؤال هو ماذا سيفعل العرب بعد ظهور نتائج الانتخابات فجر اليوم وتأكد فوز تكتل نتنياهو؟
نعيد طرح السؤال بصيغة اخرى: ماذا سيفعل الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة لمواجهة حملة اكثر شراسة من الاستيطان ومصادرة الاراضي، والاعتقالات واسقاط ما تبقى من حل الدولتين؟
من المؤسف انه لا توجد اي خطط واضحة وجدية لدى الطرفين العربي والفلسطيني فاكثر ما فعله العرب حول هذه المسألة هو مطالبة السيد نبيل العربي امين عام جامعة الدول العربية للمواطنين العرب في المناطق المحتلة عام 1948 بالذهاب بكثافة الى صناديق الاقتراع، والتصويت لصالح الاحزاب العربية.
اما السلطة الفلسطينية في رام الله فلم نسمع اي تصريح من رئاستها او المسؤولين الكبار فيها حول الخطر اليميني الزاحف بسرعة، باستثناء تكرار الرئيس محمود عباس لتصريحات سابقة حول استعداده للعودة الى المفاوضات، ومحاولة تعزيز صورته 'المعتدلة'، وتعزيزه لمعسكر اليسار الاسرائيلي باعلان استعداده عدم العودة الى مسقط رأسه مدينة صفد المحتلة عام 1948 الامر الذي فسره الكثيرون على انه تنازل عن 'حق العودة'.
نتنياهو سيعود بحكومة جديدة واجندة جديدة اكثر تغولا في الاستيطان وربما بخطة دموية لاجتياح قطاع غزة، ومن يلومه طالما ان العرب مشغولون بكل شيء ما عدا قضية فلسطين وتهويد القدس. اما السلطة فذروة اهتمامها هو كيفية تأمين الرواتب لموظفيها.
نقاش في مآلات إسرائيل وفكرتها
بقلم: ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
بغضّ النظر عن الجدل بشأن شرعيتها الأخلاقية والقانونية والتاريخية فقد نجم عن قيام إسرائيل، التي أقيمت بدعوى حلّ المسألة اليهودية، الناجمة عن اضطهاد اليهود في أوروبا، أربع مسائل رئيسة، وهي: المسألة الإسرائيلية، التي تخصّ اليهود في إسرائيل وخارجها، والمسألة الفلسطينية، المتعلقة بوجود شعب فلسطين وحقوقه، والمسألة التي تخصّ علاقة إسرائيل بمحيطها وعلاقة العرب بها، وأخيراً المسألة المتعلقة بكيفية إدراك العرب للغرب، والتوتّر الناشئ منها، وضمن ذلك تبعات علاقة الغرب بإسرائيل.
على ذلك فإن المسألة الإسرائيلية لا تتعيّن مقابل الفلسطينيين أو الدول العربية، فحسب، إذ إنها تخصّ يهود إسرائيل، أيضاً، ومعنى وجود دولتهم في هذه المنطقة. فبالنسبة إلى هؤلاء ثمة واقع من هوية إسرائيلية جرى تصنيعها وبلورتها في مجتمع يعيش في إطار دولة متعيّنة، وبالاستناد إلى سردية دينية ومتخيّلة للتاريخ، ومع مؤسسات جمعية مثل: الجيش والأحزاب ونظام الانتخابات والجامعات والهستدروت والكيبوتزات والموشاف ومتحف «الهولوكوست» والصحف والشركات وغيرها. وبديهي أن هذه الهوية تمايز بين يهود «اليشوف» (إسرائيل) ويهود «الدياسبورا» («الشتات»)، ويأتي ضمن ذلك، أيضاً، الجدل بشأن اعتبار إسرائيل مركزاً ليهود العالم أو أحد مراكزهم.
وتتمثّل المسألة الإسرائيلية في تحوّل إسرائيل من دولة حلّ إلى دولة مشكلة، فهنا نشأت هوية إسرائيلية مدنيّة ومتجسّدة في مقابل هويّة يهودية دينية متخيّلة وعابرة للحدود. وهذه الدولة بدلاً من أن تصبح الملاذ الآمن ليهود العالم إذا بها أكثر مكان يشكّل خطراً على اليهود، أو يتعرّض اليهود فيه للخطر، بسبب سياسات دولتهم. وهذه الدولة بدلاً من أن تحمي يهود العالم وتقدّم الدعم لهم باتت بمثابة عبء سياسي وأمني واقتصادي وأخلاقي عليهم. وفي حين اُعتُبِرت إسرائيل ذاتها «واحة» للحداثة، وبمثابة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، إذا بها مجرد دولة دينية شرق أوسطية أخرى، ودولة عنصرية تميّز على أساس الدين. وفي غضون ذلك فإن إسرائيل لم تعد الدولة النموذج، التي تسهر على رفاهية مواطنيها اليهود، لجذب المهاجرين إليها، بخاصّة بعد أن أخذتها رياح النيوليبرالية المتوحّشة، فخصخصت قطاعاتها العامة، وهمّشت مؤسساتها الكبرى (الهستدروت والكيوبوتزات والموشاف)، وقلّصت التقديمات الاجتماعية.
فوق كل ذلك فإن المسألة الإسرائيلية ناجمة أيضاً عن الإخفاق في إقامة دولة يهودية خالصة، إذ ظلت إسرائيل بمثابة دولة «ثنائية القومية»، إن لم يكن دستورياً فبقوة الواقع الديموغرافي. والمفارقة، أيضاً، أن تديين الصهيونية، بدل علمنتها، لم يؤثر فقط في مفاقمة التمييز ضد الفلسطينيين وإنما أثر أيضاً في التضييق على اليهود العلمانيين أنفسهم الذين باتوا يرون أنفسهم في دولة تبدو أكثر فأكثر مجرد دولة دينية أخرى.
هكذا فإن فكرة إسرائيل ذاتها، الدولة والمجتمع، ومآلات وجودها، باتت مطروحة على النقاش، وموضع تشكّك، رغم ما حققته من نجاحات، خلال العقود الماضية، سياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً، وبالنسبة إلى عملية بناء الدولة والمجتمع، وذلك بالقياس إلى محيطها.
هذا يمكن التأكد منه من جدالات النخب الإسرائيلية ذاتها، فهذا مثلا جدعون ليفي يقول: «الدولة، وقد أصبح عمرها 64 سنة، لا تزال تواجه الأسئلة نفسها.. هل يعلم أحد هل ستكون إسرائيل ديموقراطية بعد عشر سنين؟..وهل ستكون علمانية أم تصبح دولة شريعة يهودية؟..مدنية أم عسكرية؟ وهل يوجد فيها مجتمع أوروبي أم شرق أوسطي أم شكل آخر؟..وماذا ستكون حدودها؟» («هآرتس»، 15/4/2012).
والحال فقد شهدت إسرائيل، منذ التسعينات، تحولات نوعية ديموغرافية، مع هجرة ما يقارب مليون من اليهود الروس، وثقافية مع صعود التيار الديني في المجتمع، واقتصادية مع التحول نحو النيوليبرالية في الاقتصاد، بحيث لم تعد هي نفسها، التي كانت في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي. وحتى بالنسبة إلى عديد من المحللين الإسرائيليين فقد انتهى «الحلم»، وظهرت إسرائيل الواقعية على حقيقتها، بإشكالياتها وتناقضاتها، على شكل قبائل عدّة: روس ومستوطنين، وشرقيين وغربيين، ومتدينين وعلمانيين، ويساريين ويمنيين، وأغنياء وفقراء، ويهود وعرب.
لا حاجة هنا لمناقشة المسألتين الفلسطينية والعربية، للتركيز على المسألة المتعلّقة بإدراكات العرب للغرب، وعلاقة الغرب بإسرائيل، التي شكّلت عبئاً سياسياً وأخلاقياً وأمنياً واقتصادياً على الدول الغربية، وعزّزت الاضطراب في علاقات العرب بالغرب، بالنظر إلى محاباته إسرائيل. ولا شك في أن هذه الإدراكات ساهمت في زعزعة إمكان قيام علاقات سوية، أو سليمة، بين الطرفين، بما في ذلك تشكيل إدراكات أكثر موضوعية عن الغرب، بات العرب بحاجة ماسة إليها للمصالحة مع ذاتهم ومحيطهم وعصرهم.
والواقع فإن علاقة إسرائيل بالغرب باتت تثقل على الدول الغربية، بعد أن أضحت بمثابة حجر عثرة أمام التسوية، بإصرارها على مواصلة الاستيطان، وبرفضها الانسحاب من الأراضي المحتلة (1967)، وبظهورها على شكل دولة دينية وعنصرية، بحيث بتنا اليوم إزاء مجتمعات غربية لم تعد تتحمل سياسات إسرائيل.
في هذا الإطار، ربما، يمكننا فهم التطور المتعلق بالاعتراف بفلسطين كدولة (مراقب) في الأمم المتحدة، مؤخراً، إذ أيّدت ذلك كثير من الدول الغربية، ولم تعارضه سوى الولايات المتحدة وكندا، في ما يمكن اعتباره تتويجاً لمسار بدأ منذ الانتفاضة الأولى (1987)، وأسّس لنزع الشرعية عن إسرائيل وعن سياساتها الاحتلالية والعنصرية.
ليس ثمة سبب للاعتقاد بأن الولايات المتحدة خارج هذا المسار، فثمة اليوم رئيس لم يزر إسرائيل، ولا يخفي تبرّمه من سياسات رئيس حكومتها، التي يرى أنها تضر بها وتعرضها للخطر، وتضفي عليها مزيداً من العزلة. وثمة تسريبات تفيد بأن أوباما بات يعتقد بأنه «في حال غدت إسرائيل بمثابة دولة صغيرة في قلب منطقة معادية، دولةً منبوذة تُبعد عنها حتى الولايات المتحدة، صديقتها الوفية الأخيرة فإنها لن تعمّر طويلاً.» («الحياة»، 16/1) وهذا ما دفع البروفيسور إبراهام تسيفي لاعتبار هذه التصريحات «بمنزلة رصاصة البدء في معركة الرأي العام الأميركي» لمعرفة منزلة مؤيدي إسرائيل في الجمهور وفي مجلس النواب الأميركيين. («إسرائيل اليوم»، 17/1).
ولعل هذا التوتّر في علاقة الإدارة الأميركية بإسرائيل هو الذي يشجّع كثيراً من الدول الأوروبية على التلويح بإمكان فرض خطة للتسوية، والانضمام إلى خطة يتبناها الرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة البريطانية، في قمة رؤساء الدول الأوروبية القادمة آذار (مارس)، والتي «تهدف إلى الوصول لإقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع جداول زمنية واضحة لاستكمال المفاوضات في المواضيع الأساسية خلال عام 2013». («يديعوت أحرونوت»،14/1)
ثمة عوامل عديدة لاحتمال أفول مكانة إسرائيل في الغرب، إضافة إلى كل ما تقدم، من ضمنها تحول مركز الاهتمام الأميركي إلى نصف الكرة الشرقي، والتطورات العلمية والتكنولوجية المتعلقة بإيجاد بدائل للطاقة، كما تأتي ضمن ذلك التعددية القطبية، وتأثير الأزمات الاقتصادية التي تضرب في الدول الكبرى، وتعزّز دور المجتمعات الغربية في تقرير السياسات الخارجية، باعتماد قيم الحرية والمساواة والعدالة.
من المثير مراقبة كيف ستستطيع إسرائيل التعامل مع كل تلك التناقضات والتحديات، الداخلية والخارجية، لا سيما مع الأسئلة التي تطرحها. ومثلاً، هل ستبقى إسرائيل على شكل دولة «غيتو»، أي دولة دينية ـ يهودية ومعزولة عن محيطها في الشرق الأوسط؟ وهل ستبقى هذه الدولة بمثابة قلعة تتوجّس من محيطها وتعيش في حالة عداء معه؟ ثم كيف ستحلّ هذه الدولة مشكلة الفلسطينيين داخلها؟ فهل سترسّخ إسرائيل ذاتها على شكل دولة «أبارثايد»، كما هي في الواقع؟ أم ستتحول إلى دولة «ثنائية القومية»؟ وأخيراً كيف ستحاول هذه الدولة أن تحل مشكلة التناقض في مجتمعها بين المتدينين والعلمانيين؟ وما هي التغيرات التي ستطرأ على مكانتها في العالم، وفق أي تحول أو خيار تذهب إليه؟ وطبعاً، هذا كله من دون أن نسأل عن التحديات التي يفرضها «الربيع العربي»، على علاته ومشاكله، على إسرائيل، لا سيما بالنسبة إلى حضور دور المجتمعات في تقرير السياسات، وبالنسبة إلى انتهاء صورة إسرائيل كالديموقراطية الوحيدة في المنطقة.
التغيير... والواقع الفلسطيني المر
بقلم: عدنان مكاوي ( كاتب فلسطيني) عن السياسة الكويتية
لست من حركة "حماس" ولم اكن أتمنى ان يحكم غزة مسقط رأسي رجال دين, بل ولا أؤيد برنامجها السياسي في مجمله, بالعكس تجدني اقرب الى برنامج حركة "فتح" المناوئة لها, ومع هذا او رغم هذا فإني اناصر "حماس" في قطاع غزة الان وأدعو لأن تتسلم مقاليد السلطة في الضفة الغربية كما تسلمتها في قطاع غزة منذ خمس سنوات ونيف, لاسباب عديدة اهمها فوزها في الانتخابات الحرة والنزيهة باعتراف "فتح" نفسها وما حققته من نجاحات بلدية وامنية واجتماعية واقتصادية في قطاع غزة رغم الحصار الاسرائيلي الجائر على هذا القطاع براً وبحراً وجواً, مقابل ما منيت به السلطة في الضفة الغربية والتي تهيمن عليها حركة فتح من اخفاقات اقتصادية.. رغم ما تتلقاه من مساعدات مالية وصلت الى مليارات الدولارات من اميركا وحلفائها باعتراف رجالاتها ومنهم سيء السمعة والصيت محمد دحلان المرمي الان في دبي?
واذا كان البعض يختلف معي حول هذه المساعدات.. فظني انه لا يختلف معي حول من هو الفائز في الانتخابات الفلسطينية التي فازت فيها "حماس" عن جدارة واستحقاق في الضفة والقطاع باعتراف العالم كله.. من دون قبوله ان تمارس دورها هنا وهناك!
لذلك فأنا استغرب دعوات المصالحة بين فتح وحماس التي تهب علينا من حين لاخر واراها مضيعة للجهد والوقت والمال.. أو وسيلة للهروب من المسؤوليات الجسام تجاه سكان الضفة والقطاع او الهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية وأولها مشكلة اسرانا في السجون الاسرائيلية وما يتعرضون له من عذاب وحرمان وتنكيل يهدد حياتهم.. من دون ان يتحرك العرب والغرب بفاعلية لانقاذهم?
المساعي المشروعة بين فتح وحماس يجب ان تكون نحو اعتماد نتائج الانتخابات الفلسطينية وتسليم السلطة في الضفة الغربية لحركة "حماس" كما تسلمتها في قطاع غزة.
وليس نحو ما يسمى بالمصالحة الفلسطينية لان هذه المصالحة ان تحققت بعكس ما اراها, ستهضم حق الفائز في الانتخابات وهو حماس في ان تمارس دورها لفترة زمنية محددة كما يريد لها الشعب الفلسطيني, وستكون لصالح الخاسر في هذه الانتخابات وهو فتح من دون حتى ان تكلف حركة فتح نفسها باصلاح حالها وتغيير بعض رجالاتها الفاسدين المفسدين المسؤولين عن هزيمتها في الانتخابات وعرقلة تسليم السلطة لحماس.
الشعب الفلسطيني -ومثله معظم الشعوب العربية وكما يظهر في صناديق الانتخابات وثوراته ضمن ما يعرف اصطلاحا بالربيع العربي- ملّ هيمنة اليسار واليمين المستبدين في بلاده ويريد التغيير, املا في حياة افضل له وفي جميع جوانب الحياة التعليمية والصحية والاقتصادية.. وليست السياسية والعسكرية فقط.. فلماذا لا يسمح له بالتغيير?!
التغيير حق اصيل لدى الشعوب الحية, وهو يتماشى مع طبيعة الحياة الصحيحة والسليمة.. وحتى لو كان الواقع حسنا فهناك الاحسن.. فلماذا لا يسمحون لنا بالسعي نحو الاحسن والافضل.. لماذا يريدوننا دائما قابعين نعاني البؤس والشقاء والرضا بالامر الواقع مهما كان هذا الواقع صعباً ومراً? ننظر الى كل الشعوب المتحضرة المتقدمة في مجال العلم والادب.. والمتطورة صناعيا وزراعيا وتجارياً والمتفوقة تعليمياً وصحة وفناً... تجدها تؤمن بتداول السلطة في بلادها وبتجديد الدماء والافكار, ولم نذهب بعيداً, انظر الى اسرائيل عدوتنا اللدود.. فهي في حركة دائبة وتغيير مستمر.. ينجح حزب "العمل" الاسرائيلي عبر الانتخابات فيتحول غريمه ومنافسه حزب الليكود الى معارضة.. والعكس يحدث من دون مكابرة وتمرد وانقسام, وبعد مدة تطول او تقصر يعودون لصناديق الانتخابات الحرة النزيهة الى الشعب ليحسم الامر.. ولا تصدق ان حاكماً عربياً يمكن ان يفعل ذلك بمحض ارادته وثقافته وخلفيته الاجتماعية.. ولولا ثورات الربيع العربي لاتى بعد مبارك والقذافي وصالح وبن علي وابومازن أولادهم كما اتاك بشار بعد ابيه حافظ الاسد.. يعني 30 او 40 سنة الاب ومثلها الابن.. ثم تسأل بعد ذلك عن التطور والتقدم?!
وفي حالتنا الفلسطينية نفس المصيبة, نبتلى بمثل صائب عريقات 30 سنة واكثر من دون تقدم في مفاوضاته مع اسرائيل.. ويظل جاثماً على صدورنا, ومثله الكثير من رجالات فتح ورجالات السلطة, اليس هذا ضد طبيعة الحياة السوية? الشعب الفلسطيني اختار "حماس" بعد ان ضاق ذرعا بتجاوزات فتح المالية والادارية ابتداء بقصر مقاعد دراسة الطلاب الجامعية المجانية على ابنائهم ومعارفهم.. وانتهاء بملف تعويضات الفلسطينيين عن الغزو العراقي الغاشم للكويت مروراً بالبذخ والترف في السفارات الفلسطينية المنتشرة في مشارق الارض ومغاربها, وثراء القلة على حساب الكثرة, والاخطر التفريط بالعديد من حقوقنا المشروعة من دون طائل.. وما دام الشعب اختار حماس فليس من حق احد ان يسلب منه هذا الحق حتى رجال حماس انفسهم لا يحق لهم المصالحة على حساب هذا الحق, فلتكن حماس عند حسن ظن الشعب بها وتنشغل بقضايانا الجوهرية وتعلن دولتنا من غزة المحررة على ان تتبعها الضفة الغربية المحتلة بعد ذلك... وللكلام بقية!
قرى تتحدّى الاحتلال
بقلم: أمين الدريوسي عن الثورة السورية
يتجاهل المجتمع الدولي القضية الفلسطينية، وبعض العربان الخائبين يعيبون على الشعب الفلسطيني تمسكه بثوابته الوطنية، وحرصه على وطنه، وسعيه المحموم للعودة إلى أرضه، والانتفاض بوجه من استولى على بلادهم وشرّدهم من ديارهم،
ويستنكرون رفضهم التنازل عن حقوقهم وأي شبر من أرضهم، والتخلي عن أحلامهم وطموحاتهم، وإصرارهم على المقاومة من أجل استعادة ما اغتصب منهم، وهو الحق المشروع الذي يناضلون من أجله.
فعلى خطا من سبقوهم إلى «باب الشمس»، سار اصحاب «قرية الكرامة»، وبات مؤكداً كما تشير الوقائع على الأرض أن باب الشمس قد فُتح ولن يكون في وسع الاحتلال بكل غطرسته وجبروته أن يغلق هذا الباب الذي سيقود حتماً إلى فلسطين كما حلم بها أهلها.
وما إقدام قوات الاحتلال الاسرائيلي على اقتحام قرية الكرامة المقامة فوق أراضي بيت اكسا المهددة بالمصادرة، إلا دليل على العنجهية وصلف الاحتلال الذي يحاول بشتى الوسائل أن يطمس أي مَعلَم من معالم العودة، وهو بفعله هذا لن يثني الشعب الفلسطيني عن نضاله ولن يحبط نهج المقاومة لهذا الشعب، وإن ظاهرة إقامة القرى هو استمرار واستكمال لقرية باب الشمس وهو ابتكار وتطور نوعي في المقاومة الشعبية التي أخذت بالاتساع، وباتت تقلق الاحتلال.
إن انشغال العالم اليوم بالقضايا والمشاكل المستجدة التي أسهمت بشكل فاعل في إهمال القضية الفلسطينية وحقوق ذلك الشعب المضطهد ساعد الحكام الصهاينة بالمضي بمشاريعهم التوسعية في فلسطين، حيث يستفيدون من الوقت لتنفيذ مخططاتهم في الأراضي المحتلة، وإسرائيل بدهائها وإسهامها المباشر في إثارة الفتن والنزاعات على الصعيدين العربي والعالمي حيث لا تزال تتلقى نفس الدعم المعنوي من بعض الدول العربية التي غيّبت القضية الفلسطينية، وجعلت منها بنداً أخيراً على جداول أعمالها، فكان لذلك الأثر البالغ بتنحية القضية الفلسطينية التي أصبحت من القضايا الثانوية لبعض المشيخات والممالك الساعية لإبعاد شبح التغيير الذي قد يطالهم.
إنه العمى الغربي والصلف الأميركي الذي يرى التطرف الصهيوني ويسكت عنه، ويدرك الحق الفلسطيني ويتغاضى ولا يفعل شيئاً لإعادته لأصحابه الشرعيين، إنها معايير باطلة وموازين ضالة، وإنهم أصحاب مبادئ زائفة وشعاراتٍ كاذبة.
عندما تغتال الانتخابات السلام!
بقلم: مازن حماد عن الوطن القطرية
من المؤكد أن تفرز الانتخابات الإسرائيلية واحدة من أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ الدولة العبرية مما سيشكل ضربة قاضية لعملية السلام المتوقفة مع الفلسطينيين. وفي خطاباته التي رفض فيها حل الدولتين أبلغ رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو جمهوره أنه إذا وافق على العودة إلى حدود «1967» فإن حماس ستصبح على بعد أربعمائة متر من منزله!
وفيما يستخدم نتانياهو المتحالف مع حزب «إسرائيل بيتنا» لغة قوية لتبرير موقفه الرافض للدولة الفلسطينية، فإنه قادم لا محالة ليحكم إسرائيل فترة جديدة. ولأول مرة، تضم الحكومة الإسرائيلية التي ستنجم عن انتخابات اليوم أحزاباً معادية علناً للعملية السلمية، كما أن نتانياهو يعتبر أول مرشح لرئاسة الحكومة ينادي بشطب فكرة الدولة الفلسطينية من العقول!
ومن المعروف أن العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي الآن في أسوأ حالاتها بسبب التوسع الاستيطاني الذي تعتبره الدنيا كلها غير شرعي، وتعتبر الضفة الغربية جميعها أرضاً محتلة وكذلك القدس الشرقية التي احتلت في حرب يونيو «67».
ومن خلال استعماله العبارات الرنانة وتبنيه مواقف المستوطنين يقول نتانياهو في خطاباته الانتخابية إن الأيام التي كانت تمنع فيها الجرافات من بناء المنازل الاستيطانية قد ولت إلى غير رجعة، مذكراً مستمعيه بأن سجله «أبيض» لأنه لم يلجأ إلى تفكيك ولو مستوطنة واحدة. ولا يشك المراقبون للأوضاع والسياسات الإسرائيلية أن الحكومة اليمينية المتشددة التي يزرعها نتانياهو ستقود إسرائيل في المستقبل إلى جدار مسدود وإلى عزلة دولية خانقة. أما رده الاستيطاني الشرس على لجوء الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لنيل عضوية المراقب، فمن شأنه أن يسرع في الوصول إلى ذلك الجدار، حيث أن ذلك الرد تضمن التعهد ببناء منازل تصل مستوطنة «معاليه أدوميم» بالقدس الشرقية مما يشطر الضفة إلى شمال وجنوب ويقضي تماماً على حلم الدولة الفلسطينية.
وعلى ضوء ذلك لا يجد الفلسطينيون أمامهم من سبيل سوى المقاومة السلمية الآن ولكن ربما المسلحة غداً، حيث لم تترك سياسات نتانياهو مكاناً للتفاهم. غير أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة مرات إلى جانب حقوق الفلسطينيين يعني عدم رضا العالم عن سرقة إسرائيل العلنية لأراضي الشعب الفلسطيني.
والأمر المؤكد هو أن الفلسطينيين ــ ومن ورائهم العالم كله ــ لن يرضوا بأن تتعامل معهم إسرائيل كغرباء فوق أراضيهم وسيعودون في وقت ما ــ سيكون قريباً جداً ــ إلى الكفاح بكل الوسائل التي تصل إليها أياديهم.
«انقلاب» في إسرائيل.. هل سيقع اليوم؟
بقلم: محمد خروب عن الرأي الأردنية
يذهب الإسرائيليون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار «120» نائباً يشكلون الكنيست «التاسعة عشرة» منذ النكبة الفلسطينية، وسط استطلاعات رأي تقول: أن قوائم اليمين الصهيوني والحريدي (الديني)، ستحصد أغلبية قد لا تكون كاسحة، إلاّ انها ترتفع عن نصف عدد المقاعد بثلاثة الى ستة مقاعد (62 – 66)، ورغم هذه الأجواء التي راهن عليها ائتلاف نتنياهو – ليبرمان عندما قرّرا خوض الانتخابات في قائمة مشتركة حملت اسم «الليكود – بيتنا».. فإن المترددين الذين لم يحسموا خياراتهم (15% من عدد الناخبين) قد يُحدثوا انقلاباً حقيقياً يطيح باليمين الصهيوني الديني او على الأقل يُصعّب من مهمة نتنياهو، إعادة انتاج أسوأ حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل كتلك التي قادها تحالف الليكود، وإسرائيل بيتنا، شاس ويهودوت هاتوراة.
وإذا كان اليمين الصهيوني قد نجح بعد الانقلاب (الديمقراطي بالطبع) الذي قاده مناحيم بيغن في أيار من العام 1977 في الاستمرار في حكم إسرائيل طوال أربعة عقود تقريبا (مع شراكة حزب العمل في حكومتين قبل ان يأتي اسحق رابين على رأس حكومة «يسارية» بمظلة حماية وفّرتها له الأحزاب العربية في الكنيست لترتفع أغلبية إلى مجرد 61 نائبا، كذلك عندما وصل ايهود باراك إلى منصب رئيس الوزراء قبل أن يطاح به سريعا).. فان المشهد الإسرائيلي الراهن يبدو أكثر تعقيدا من الانتخابات السابقة بعد ان وصل اليسار الإسرائيلي إلى مرحلة الانهيار (أو كاد) وبعد أن انزاحت أغلبية الإسرائيليين إلى صفوف اليمين وتأييد خطابه العنصري الاستيطاني الرافض لتقديم اي تنازلات (..) بل وهناك نجم يميني فاشي اسمه «نفتالي بينيت» عمل ذات يوم مديراً لمكتب نتنياهو في دار رئاسة الوزراء، لم يلبث ان انشق عنه وشكل حزباً حمل اسم «البيت اليهودي»، ارتفعت اسهمه في المعركة الانتخابية الراهنة بعد ان لم يجد نتنياهو «سواه» كي يحمل عليه ويتهمه بالكذب وانه هاو في السياسة وغيرها من الاوصاف اللاذعة التي عادت عليه (بينيت) بمزيد من المقاعد، بل اللافت انه بات يغرف من مقاعد الليكود - بيتنا وفي الوقت الذي ارتفعت فيه عدد المقاعد التي ستحصل عليها قائمة البيت اليهودي، كانت توقعات انصار نتنياهو ليبرمان تزداد تشاؤماً، اذ بعد ان تنبأ لها «خبراء» الانتخابات القادمون من الولايات المتحدة بالحصول على 45 مقعداً في اسوأ تقدير (في البدايات بالطبع) ها هي تستقر الآن عند (33-35) (وفق آخر استطلاع نُشر يوم الجمعة الماضي، كموعد اخير حددته لجنة الانتخابات لنشر استطلاعات الرأي).
ماذا عن الانقلاب؟
اذا ما سارت الامور وفق آخر الاستطلاعات، فاننا سنكون مع نتنياهو (الثالث) في حكومة جديدة، لن يستطيع التهرب من التحالف مع اكثر الاحزاب يمينية وتطرفاً وهي اضافة الى اسرائيل بيتنا (ليبرمان) البيت اليهودي (نفتالي بينيت) وشاس (درعي - يشاي) وقوة اسرائيل (غوتسما ليسرائيل بزعامة أرئيه إلداد وما ادراك ما هو هذا العنصري البغيض) وهي في مجملها ستتجاوز النصف زائداً واحداً أو مقعدين او ثلاثة، وهي حكومة ستَشُل يدي نتنياهو وتحول دونه وأي خروج عن الرؤية الصهيونية الدينية الاكثر تطرفاً، والتي تنادي بضم المستوطنات كافة اضافة الى ضم الاراضي الفلسطينية في المنطقة المسماة ج (وفق تسميات اوسلو) بافتراض ان نتنياهو معني بالسلام او حل الدولتين.
اما اذا ما اختار نتنياهو الذهاب الى «اليسار» وقام بضم حزب يائير لبيد (يش عتيد او هناك مستقبل) والحركة (هتنوعاه بقيادة تسيبي ليفني وساوم شاس على مزيد من الاموال، فان الامور ستأخذ مساراً آخر وبخاصة ان زعيمة حزب العمل شيلي يحموفيتش حسمت امرها، وقالت في شكل قاطع: أنها لن تشارك في حكومة يرأسها نتنياهو (طمعاً في الحصول على مزيد من المقاعد بالطبع وليس لأسباب سياسية حيث هذه الصحافية المحسوبة على اليسار لا ترى «مشكلة» في استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية)... اين من هنا؟ مساء اليوم سيُعرف ... الجواب.
الإخوان.. ونهاية مبارك
بقلم: محمد عصمت عن الشروق المصرية
يتوقع الكثيرون يوما دمويا يوم الجمعة القادم الذى يوافق الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، رغم أنه كان من المفترض أن يكون هذا اليوم مناسبة للفرح والاحتفال، بتحقيق قدر كبير من أهداف الثورة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وقد جاءت الاشتباكات التى وقعت أمام محكمة جنايات الإسكندرية بين قوات الشرطة وأهالى شهداء ثورة يناير، ثم اشتباكات قسم شبرا الخيمة، بين الأمن والأهالى على خلفية مقتل أحد المواطنين بطريق الخطأ برصاص ضابط كان يطارد تجار للمخدرات ــ مجرد بروفة لاشتباكات دامية، قد يشعل فتيلها البعض إذا نفذوا تهديداتهم بضرورة إسقاط حكم الرئيس محمد مرسى والإخوان المسلمين، سواء باقتحام المقار التابعة لهم، أو بمحاولة حصار قصر الاتحادية أو مهاجمة وزارة الداخلية، وهو ما يستدعى بالضرورة، إشعال مواجهات بين هؤلاء الداعين لإسقاط النظام من جهة، وبين التيارات الإسلامية والشرطة من جهة أخرى.
وما يزيد من التوقعات بنشوب أعمال عنف، رسائل التهديد المتبادلة بيت ألتراس الناديين الأهلى والمصرى، والتى تنذر بعواقب وخيمة بانتظار حكم القضاء على المتهمين فى مذبحة نادى بورسعيد يوم 26 يناير، فجماهير الأهلى ترى ضرورة إنزال عقاب صارم على هؤلاء المتهمين كنوع من القصاص للأربعة وسبعين شهيدا، فى حين تهدد جماهير المصرى بأعمال عنف إذا حكم القضاء على هؤلاء المتهمين « الأبرياء» بعقوبات مغلظة، مطالبين بضرورة القبض على الجناة الحقيقيين.
إلا أن الأهم من كل ذلك، هو أن الإخوان أنفسهم هم الذين يهيئون المناخ لأعمال عنف بفشلهم الذريع فى الحكم، بدءا من تقسيمهم البلد إلى تيارين متصارعين.. وسعيهم للسيطرة على مؤسسات الدولة، المفترض أن تكون محايدة بين القوى المختلفة.. وتفصيلهم لقانون انتخابات البرلمان القادم، والذى رفضته كل القوى المدنية والكثير من رموز القوى السلفية لأنه بحسب قولهم جاء على مقاس الإخوان وحدهم، بحيث يضمن لهم أغلبية برلمانية يدركون جيدا أنها ستكون مزورة، بعد تيقنهم التام بتدنى شعبيتهم وسقوط مصداقيتهم وسط ملايين الناخبين.
وبالإضافة لذلك، فقد تبنى الإخوان سياسات اقتصادية تعادى الفقراء ومحدودى الدخل، و ترفع اسعار كل السلع الأساسية، وتصب فى صالح شركات قياداتهم الكبيرة، علاوة على علاقاتهم الغامضة بدول خليجية وبأمريكا وبإسرائيل وبصندوق النقد الدولى الذين رفضوا قرضه حينما سعى إليه نظام حسنى مبارك ووصفوه بالربا، ثم سعيهم الحثيث الآن للحصول عليه، وقبل ذلك كله تراجعهم عن كل وعودهم الانتخابية بدءا من برنامج الـ100 يوم، نهاية بالمشروع الوهمى المسمى زورا بالنهضة.
سلاح الإخوان الوحيد ــ بالإضافة إلى لجانهم الإلكترونية التى يهاجم بعض موظفيها منتقدى الجماعة بمنتهى السوقية والابتذال - هو شراء الوقت بسياسات هى نفس جوهر سياسات مبارك.. أما خطؤهم الكبير، فإنهم يتوقعون نهاية تختلف عن نهايته!
الانتخابات وهواجس الأردنيين
بقلم: عبدالله محمد القاق عن الزمان العراقية
الدعوة التي وجهها الملك عبدالله الثاني الى المواطنين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة واختيار الأكفياء لخدمة الوطن والمواطنين وزيارته مقر الهيئة المستقلة للانتخابات، يدل على رغبته في أن يتم اجراء الانتخابات في جو ديمقراطي وشفاف وبكل نزاهة لأنها حق دستوري لكل مواطن ومواطنة في هذه المرحلة ولاختيار مجلس نواب يُمثل الأردن وشعبه تمثيلاً حقيقياً يُحقق الاهداف والطموحات التي يرنو اليها المواطنون خاصة بعد تعديل قانون الانتخاب وايجاد القائمة النسبية التي تضم 27 نائباً من مختلف المناطق والمحافظات الأمر الذي أدى الى مشاركة 62 قائمة لانجاح هذا العرس الديمقراطي الذي سيتم في الثالث والعشرين من الشهر الجاري حيث سيتم مشاركة بعثات اوربية وعربية بغية الاشراف على الانتخابات والحد من وقوع أية شوائب قد تعطل سيرها.. فضلاً عن تحليل هذه العملية بشكل موضوعي وممنهج
والواقع أن هذه الخطوات التي تقوم بها الهيئة المستقلة للانتخابات بدعم حكومي كبير تنطلق من مبدأ الشورى الذي يرتكز على مبادئ الشريعة الاسلامية والمنبثق من الواقع والتقاليد ممثلا بدعوة جلالته في لقاءاته المتعددة بتطوير هذه التجربة تطويراً فاعلاً لتحقيق تطلعات المجتمع وقدراته الحقيقية للمشاركة في الرأي ليؤدي الى الافادة من خبرات أهل العلم والمعرفة ويُسهم في تنفيذ الاستراتيجية التنموية الشاملة وخدمة الصالح العام على نحو يكفل بناء الحاضر وصياغة المستقبل ومراجعة القوانين المختلفة المؤقتة او المستجدة وفق الصلاحيات المنوطة به، والتي اعدتها الوزارات والجهات المختصة مؤخراً.
فالديمقراطية التي تشهدها المملكة تنطلق من كونها تتجذر في مختلف المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأنها ركيزة أساسية في فكر ومنهاج الملك، وليس أدل على ذلك من الخطابات واللقاءات والكلمات المتكررة التي شدد فيها على أهمية الديمقراطية والشورى، لأنها ليست مستحدثة على الأردن، لأن ايماننا بالنهج الديمقراطي والشورى يعكس قدراتنا الذاتية، وان دستورنا المعدل سيسهم في تعزيز هذه المشاركة الشعبية التي كانت ولا تزال هدفاً نسعى ونجتهد في تحقيقها، لأن الانتخابات تتم في جو ديمقراطي حر ومنفتح؛ ما يؤكد الديمقراطية في مجتمعنا الاردني ويقوم المواطنون بالممارسة لتأصيل حقوقهم الوطنية انطلاقا من ايمان القيادة والشعب باصول هذه الممارسة الديمقراطية الحقة.
وأعتقد أن قوى المعارضة التي لن تشارك في هذه الانتخابات وخاصة جبهة العمل الاسلامي، جانبها الصواب، لأن من خلال هذه المشاركة تستطيع الحصول على المكاسب التي تريد وتُعدل القوانين التي ترى انها غير مناسبة للواقع او لمجتمعنا، ان هذا التخلف في المشاركة لن يؤثر على الانتخابات مهما روج البعض لذلك لان الجميع يريد حياة حرة وديمقراطية وبرلماناً يستطيع مواجهة التحديات الراهنة، خاصة اذا ما علمنا ان حوالي مليونين وربع المليون سجلوا اسماءهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
المشاركة الفعلية
فالمرحلة الحالية، تتطلب من المواطنين المشاركة الفعلية، في الانتخابات وليس العزوف عنها، لأنها تنطلق من العمل الدؤوب لتعزيز التعددية السياسية، والذي ينبغي على المواطنين كافة في مختلف المحافظات السعي الجاد والحثيث، لاختيار الأكفاء من النواب، في هذه الفترة من ثورات الربيع العربي للعمل من أجل توسيع مظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والحد من الفقر والبطالة بل والسعي لمبدأ تكافؤ الفرص وارتفاع الاسعار مستقبلاً، ووضع سياسة ضريبية متوازنة حتى لا يتم ارهاق المواطنين بالاضافة الى ايجاد سياسة واستراتيجية طويلة الامد، لخدمة المواطنين كافة.
ان هذه المرحلة حساسة، والواجب يدعونا جميعاً الى تضافر الجهود من أجل الاداء بأصواتنا في صناديق الاقتراع وعدم التردد في ادء هذه المهمة الوطنية لاختيار كل مخلص، وقادر على القيام بواجبه لخدمة الوطن والمواطنين باعتبار أن النواب هم من يمثلون الأمة جميعاً.
فالتخلف عن اداء الصوت في هذا اليوم بعد ان وفرت الهيئة المستقلة للانتخابات كل وسائل الراحة ويسرت الخدمات للمواطنين، من شأنه أن يكون بمثابة عمل سلبي، ومثلبة من المواطن تجاه بلده ومجتمعه، خاصة أن من عناصر قوة الاردن مشاركة أبنائه في اختيار خيرة الخيرة كما كان يقول الراحل الملك الحسين طيب الله ثراه، لأن الخيرة من شعبنا الأصيل هدفها بناء المستقبل وتميزه ليكون النموذج الافضل في الانفتاح السياسي والاقتصادي، وتبني مفهوم التنمية السياسية وتفعيل الاحزاب وصون الحريات العامة والانفتاح على العالم والافادة من تجارب الاخرين ومعطيات هذا العصر العملية والتكنولوجيا والثقافة، والذي ما انفك الملك عبد الله الثاني عبر جهوده الكبيرة للمطالبة والدعوة الى تحقيقها لتعكس الآثار الايجابية على حياة المواطنين وتوفير الحياة الكريمة والمستقبل الاكثر اشراقاً لشعبنا ووطننا العزيز.
واذا كنا نطالب المجتمع كافة بالقيام بدوره في الانتخابات فاننا ندعو الشباب والسيدات للقيام بدورهم لافراز مجلس نيابي قادر على تمثيل الشعب، ويعكس مطالبه وتحقيق مصالحه واحتياجاته.
والواقع ان الاردن حقق انجازات كبيرة بالرغم من الظروف الاقليمية التي تحيط به، وهو ما أعلنه عبدالله النسور رئيس الوزراء في ندوة في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية، حيث أكد أن الاردن بقيادته الفذة اثبتت نهج الوسطية والاعتدال، والتزمت بالحكمة والعقلانية في ادارة شؤون الدولة وقادت انجازاتها في مختلف المراحل، مشدداً على ان الملك عبدالله الثاني اوعز بكل الجهات الرسمية بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية بأي شكل من الأشكال.
الأمل كبير في أن تتضافر كل الجهود لانجاح العملية الانتخابية وأن تجري بكل ديمقراطية وشفافية ونزاهة وحيادية تامة في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق التنمية السياسية وربط الاهدف التربوية والتعليمية والاجتماعية باستراتيجية طويلة الامد والعمل على التقدم نحو المركزية ومحاربة الفقر والفقة والجهوية والفئوية وأن يتوجه كل المواطنين المسجلين في سجلات الناخبين الى دوائرهم الانتخابية لاختيار الاكفأ والقادر على بناء الوطن والتفاعل مع قضاياه والحريص على دعم تطلعاته، وتحقيق اهدافه الوطنية والقومية.
"المرشد" يخوض حرباً مكشوفة ليبقى الأسد
بقلم: أسعد حيدر عن المستقبل البيروتية
تخوض الجمهورية الإسلامية في إيران، حرباً مكشوفة من أجل بقاء بشار الأسد رئيساً إلى الأبد، لأنّ بقاءه مصلحة استراتيجية للنظام الإيراني وتأكيد للخط السياسي الذي رسمه المرشد آية الله علي خامنئي ويتابع تنفيذه مباشرة. منذ اليوم الأوّل للثورة في سوريا، دعمت طهران النظام الأسدي بإسم حماية المقاومة ومواجهة المؤامرة الأميركية. بقي الدعم الإيراني، "مشودراً" بالكثير من المواقف الملتبسة، لكن ميدانياً، يعلم الجميع أنّ طهران لم تترك وسيلة إلاّ واستعملتها لمصلحة الأسد، سواء مادّية أو سياسية أو خبرات عسكرية، خصوصاً في حرب المعلوماتية. تحوّلت سوريا، إلى ساحة مكشوفة للدعم الإيراني المتداخل بالروسي.
التصعيد العسكري والسياسي في فترة ربع الساعة الأخير، دفع طهران إلى نزع "التشادور" عن موقفها. كشف علي ولايتي مستشار الشؤون الخارجية للمرشد الموقف الإيراني. أعلن ولايتي: "إنّ بقاء الأسد خط أحمر". طبعاً، لم ينسَ ولايتي، طبيب الأطفال السابق، تزيين هذا الخط الأحمر بأخضر الديموقراطية الخارجة من التجربة الإيرانية الواسعة، فأقرّ بوجوب إجراء إصلاحات في النظام الأسدي، علماّ أنّ د. ولايتي كان باستطاعته، وبإشارة من المرشد، أن يدفع الأسد قبل سنوات لإجراء الإصلاحات الملحّة والضرورية وأن لا يحوِّل "ربيع دمشق" إلى سجن كبير للمثقفين والمعارضين بهدوء، وأن لا يسخر من كبير هؤلاء ميشال كيلو فيقول لمَن طالب بإطلاق سراحه: "تقصد ميشال أوقية؟". فما الذي تغيّر في شخص الأسد حتى يغيّر عاداته التي شبّ عليها ولينظر إلى السوريين صنواً له، ويقبل بخياراتهم؟
لا أحد يمكنه تقديم ضمانات بأنّ الأسد سينفّذ أي اتفاق حتى لو وقّعته موسكو وطهران وواشنطن. مجرّد أن يشعر الأسد بالقوّة سينظر إلى الجميع وكأنّهم "أشباه الرجال". آخر تجلياته، أنّه فور تحسّن وضعه ميدانياً، عاد واستأسد وتكلم من موقع المنتصر، رغم أنّ الثورة ما زالت مشتعلة والضحايا يتساقطون بالآلاف. يشعر الأسد بالقوّة لأنّ لديه حلفاء يخوضون معه المعركة وكأنّها معركة المربّع الأخير، في حين أنّ حلفاء الثورة يجفّفون عنها المال والسلاح لتقبل بما يريدونه لهم ولسوريا.
إيران المأزومة اقتصادياً باعتراف الرئيس أحمدي نجاد أمام البرلمان أعلنت أنّها قدّمت مليار دولار لسوريا الأسد. هذا الإعلان ليس إلا "غيضاً من فيض". على الأقل قدّمت طهران أكثر من ستة مليارات دولار في السنتين الماضيتين، وفرضت على العراق دفع مليارات عدّة إضافية من النفط والمشتريات التي لا حاجة للعراقيين لها. أما الإعلان عن المليار فإنّه إعلان عن استعداد إيران للتضحية بحاجات الشعب الإيراني طلباً منها لنجاة الأسد، لأنّها تعرف أنّ المال هو "عقدة اخيل" النظام الأسدي. طهران تكرّر نسخ تجربة الاتحاد السوفياتي بأمانة. النظام السوفياتي استمر في الدفع لحلفائه الأوروبيين الشرقيين حتى إنهار من الداخل. لا يمكن لأيّ شعب في العالم أن يرى الصواريخ تصعد إلى الفضاء، وأمواله تطير خارج الحدود، وهو بحاجة إلى هذا المال الطائر لسد حاجاته اليومية الملحّة.
الرئيس بشار الأسد يتعامل مع الثورة بأنّها حرب إرهابية عربية دولية ضدّه، إمّا أن ينتصر عليها وإمّا أن يخسرها ومعه حلفاؤه. لذلك يحارب الأسد دون رحمة وهو يستعد للأسوأ. بالنسبة للأسد الحرب الأهلية الشاملة هي الحل. توحيد "اللجان الشعبية" و"الشبّيحة" و"شبيبة البعث"، في ميليشيا رسمية هي "جيش الدفاع الوطني"، مقدّمة لا بد منها للحرب الأهلية. الذين يعرفون الأسد عن قُرب يقولون إنّه مزدوج الشخصية في أفعاله وانفعالاته. إمّا أنّ "يستأسد" وإمّا أن يضعف وينهار. في الحالتين يبقى خطيراً جداً، لأنّ مَنْ يحرق سوريا ويعمل للحرب الأهلية، قادر على تفجير المنطقة على طريقة "شمشون"، أي "عليّ وعلى أعدائي يا رب".
سوريا أصبحت مشكلة إيرانية داخلية. الانقسام حولها يزداد عمقاً في النسيج السياسي الإيراني. موقف المرشد المتصلّب هو الذي يضبط الإيقاعات حتى الآن. آية الله علي خامنئي يريد بأيّ ثمن أن يبقى الأسد إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حتى لا يؤثّر التغيير في سوريا على الانتخابات، خصوصاً في تحريك الشارع الإيراني، وحتى لا يجلس إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن فيما بعد وهو ضعيف.
مشكلة المرشد آية الله علي خامنئي، أنّه دخل الحرب إلى جانب الأسد وأغلق الأبواب على كل الخيارات الأخرى، في وقت يُقاتل فيه فلاديمير بوتين إلى جانب النظام في سوريا وهو يؤكد أنّ ما يهمّه النظام وليس الأسد لأنّه كما قال في 20/12/2012: "نحن ندرك أنّ هذه العائلة (أي الأسد) في السلطة منذ 40 سنة، ولا ريب أنّ التغيير لا بدّ منه".
قيصر روسيا وضع نقطة بداية لنهاية الأسد في السلطة. يبقى متى وكيف؟
من المسؤول عن فشل الحل السياسي في سوريا
بقلم: النفطي حولة عن الشروق التونسية
كما هو معلوم تشهد سوريا دولة وشعبا أشرس وأشد حرب ارهابية كونية شاملة غير مسبوقة على الاطلاق في تاريخها المعاصر بزعامة تنظيم القاعدة وعلى رأسها كتائب النصرة بدعم سياسي من «أعداء الأمس» وهم أنفسهم «أصدقاء اليوم» من الادارة الأمريكية الى الفرنسية الى البريطانية ومادي ومالي تسليحا وتمويلا من شيوخ الخليج وخاصة من مشيخة قطر والمملكة العربية السعودية ومن تركيا أردوقان العثمانيين الجدد تدريبا وتجنيدا تحت عنوان ما يسمى «الثورة السورية» في سياق ما بات يعرف بالربيع العربي ربيع الاخوان المسلمين أي ربيع الاسلام السياسي المعدل جينيا في واشنطن المستنسخ من ربيع هيلاري كلينتون وربيع الثورات العربية المغدورة والمخطوفة من طرف الاسلامويين الحكام الجدد والعملاء الجدد لأمريكا المطبعين مع العدو الصهيوني. كما تعرض الشعب السوري في اطار هذه المؤامرة والهجمة الشرسة على سوريا المقاومة الى عديد القرارات الجائرة من «مجلس الأمن» القاضية بالحصار الاقتصادي والعسكري والديبلوماسي بتدخل سافر من القوى العظمى المهيمنة في تقرير مصيره.
بل حاولت الزج بمجلس الأمن لوضع سوريا تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة العسكرية ويسمح بالتدخل الأجنبي عسكريا على غرار ما حصل في ليبيا. لكن القوتين الصديقتين روسيا والصين الحريصتين على تطبيق مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية وحماية السلم العالمي واجهتا صلف وتعنت القوى الغربية باستعمال حق النقض في مناسبتين متتاليتين. ما أفشل خطة الهجوم والتدخل العسكري.
ولعله من نافلة القول التذكير بما طرحته القيادة الوطنية الشرعية السورية من مبادرة ترتكز على الحل السياسي والحوار بين كل الفرقاء والشركاء السياسيين منذ بداية الأزمة بعد استجابتها للمطالب الشعبية المشروعة التي نادت بها الجماهير في انتفاضتها السلمية قبل أن يقع عسكرتها وتسليحها من طرف العصابات الارهابية المسلحة والمرتزقة الارهابيين.
ولعله يجدر بنا التذكير أيضا الى السعي الحثيث من طرف الرجعية العربية بقيادة قطر التي رهنت ما يسمى بالجامعة العربية لقراراتها المنسجمة مع الادارة الأمريكية لإفشال خطة الفريق عمر الدابي ومن بعدها لإفشال خطة كوفي عنان في التمسك بالحل السياسي للأزمة في سوريا. وهاهي تتدخل مرة أخرى لإفشال خطة الأخضر الابراهيمي التي تتلخص في التمسك بجوهر خطة جينيف التي تدعو «للالتزام بسيادة واستقلال وسلامة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، ووضع حدّ للعنف ونزع سلاح المجموعات المسلحة، وعدم عسكرة الوضع في سوريا، وإطلاق عملية سياسية يقودها السوريون ويشارك فيها جميع من في سوريا» بعد ما أوحت لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي صنعته المخابرات الأمريكية والرجعية العربية بتوجيه وإشراف وتدخل وتنصيب مباشر من طرف هيلاري كلينتون شخصيا في مؤتمر الدوحة في نوفمبر 2012«الذي لقي دعما من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بالاضافة الى جامعة الدول العربية » كما صنعت من قبله جماعة اسطنبول برئاسة برهان غليون وأفشلت كل المبادرات السابقة من أجل الوصول الى حل سياسي يحقن دماء الشعب السوري الذي يريد أن يبني سوريا الجديدة والمتجددة محافظا على دور سوريا العروبة في المقاومة والممانعة ومتمسكا بسيادته الوطنية واستقلال قراره الوطني واختيار من يحكمه دون وصاية ولا تدخل من الخارج تحت أي ظرف كان في انسجام تام مع ما كان يقوله الزعيم الخالد للأمة العربية جمال عبدالناصر «ان الشعوب التي تساوم على حريتها توقع في الوقت نفسه وثيقة عبوديتها ».
أو ليس من شروط الانتقال الديمقراطي هو القبول بالصراع الديمقراطي والحل السياسي بالجلوس الى طاولة الحوار والاحتكام في النهاية الى اللعبة الديمقراطية وصندوق الاقتراع؟
أليس من نافلة القول أنه على الذين يبحثون عن الاصلاحات الديمقراطية من المعارضة التي لا نستثني منها إلا من استثنى نفسه المشاركة في الحل السياسي مع شعبهم وقياداته السياسية الشرعية الوطنية المنتخبة؟
أليس حريا بمعارضة تحترم نفسها وشعبها والدولة السورية أن لا تضع شروطا مسبقة اذا كانت فعلا معارضة وطنية وديمقراطية جادة تريد الخير للبلاد وللعباد؟
فمن يا ترى أولى بوضع الشروط المسبقة؟ أليست القيادة الوطنية الشرعية المنتخبة؟ أليست تلك القيادة التي تقود المعركة التي فرضت عليها وعلى الدولة وعلى الشعب وفقا لأجندات خارجية استعمارية وصهيونية من أجل تدمير سوريا الدولة وسورية الدور وسورية المقاومة؟
فمن هو الأحق بوضع هكذا شروط؟ اليس من يدفع بجنوده وضباطه وخيرة كوادره في الجيش العربي السوري للشهادة في سبيل سوريا دولة وشعبا أولى بوضع الشروط المسبقة وأقلهن وضع سقف الشرط الأدنى الوطني؟
أم هل بات الأحق في زمن الجلابيين والكرازيين والاخوان المسلمين تلك المعارضة التي صنعتها المخابرات الأجنبية والرجعية العربية بين اسطنبول والدوحة وباريس وواشنطن وأشرفت على مؤتمراتها وتأسيسها في النزل الفاخرة؟
فعلى العكس من ذلك فالقيادة الوطنية الشرعية وإيمانا منها بالحل السلمي وبحثا منها عن الخروج من النفق المظلم لأصحاب الفكر الظلامي الارهابي الذين يديرون شبكات الارهاب الأعمى الذي فرض على سوريا من طرف العصابات الارهابية المسلحة من المرتزقة وجماعات تنظيم القاعدة ومن أجل مصلحة الجميع المعارضة والشعب والدولة السورية التي ضحى من أجلها يوسف العظمة والقادة التاريخيون الذين بنوها بسواعدهم وعقولهم ,هذه القيادة لم تضع شروطا مسبقة ولا حتى الأدنى الوطني الضروري في مثل هذه الأزمة الخطيرة الغير مسبوقة التي تمر بها الدولة. ذلك أنها قيادة تاريخية وترى أنها مسؤولة عن حقن دماء شعبها ومن واجبها الوطني الاستجابة لمطالب شعبها المشروعة في الاصلاحات الديمقراطية فلا تستثني الا من استثنى نفسه.
فإذا كانت نوايا المعارضة سليمة ولا تشوبها أية شائبة وإذا كانت غايتها حقيقية من أجل التغيير الديمقراطي والإصلاح السياسي الذي كما ذكرنا سابقا استجابت له القيادة الوطنية الشرعية منذ البداية عندما ألغت حالة الطوارئ والبند الثامن من الدستور بل تجديد الدستور جملة وتفصيلا وتأسيسه في ضوء مرحلة التحول الديمقراطي فلماذا لا تستجيب للحوار والحل السياسي دون وضع شروط مسبقة؟
فلماذا لا تتوافق هذه المعارضة في الجلوس الى طاولة الحوار السياسي وتدلي بدلوها في كل شؤون ادارة الحكم والدولة بعيدا عن وصاية الدوحة والباب العالي وواشنطن وباريس ولندن؟
فلماذا الاصرار على الاستقواء بالأجنبي؟ فهل تسمى معارضة وطنية تلك التي تدعي المعارضة للحكم في سوريا مهما كان سواء تحت رئاسة السيد بشار الأسد أو كائنا من كان وتدعي الاصلاح الديمقراطي وتزعم أنها تطالب بالتغيير بالاعتماد على الخارج وخاصة العدو التاريخي للشعب العربي وشعوب العالم قاطبة؟
فهل تسمى معارضة وطنية هذه التي لا تريد أن تؤمّن لشعبها انتقالا ديمقراطيا سلميا ولا هي تعمل على المحافظة على ممتلكاته الخاصة والعامة ومؤسساته ومنشآته الحيوية سواء في الغذاء أو الدواء وتعرض حياة الآلاف من المواطنين السوريين الى الموت والتقتيل والهجرة والتشريد؟
ولسائل أن يسأل : فمتى كانت الامبريالية الأمريكية صديقة للشعوب حتى تنتصر للشعب السوري؟ ألم تضرب شعبنا العربي العراقي بقنابل الفوسفور الأبيض وبأخطر أنواع الأسلحة فتكا ودمارا واحتلت العراق تحت كذبة كبرى اسمها التفتيش عن الاسلحة الكيميائية أو أسلحة الدمار الشامل؟ ألم تسمّ الاحتلال تحريرا في غزوها للعراق لا لشيء إلا لأن قيادته الوطنية تمسكت بالقرار الوطني المستقل وسيادتها على أرضها ودفاعها عن فلسطين القضية؟
أليست أمريكا هي من تصدر الارهاب لكل شعوب العالم وخاصة ضد شعبنا الفلسطيني المقاوم فتمول الجيش الصهيوني بأحدث ترسانة عسكرية بما فيها الأسلحة المحظورة دوليا؟ أليست هي من يقف الى جانب العدو الصهيوني قاعدتها المتقدمة في الوطن العربي لحمايته وتعطيل تنفيذ كل قرارات «مجلس الأمن» الصادرة ضده على الأراضي العربية المحتلة؟
و لسائل أن يسأل فهل مشيخة قطر تتبنى نظاما ديمقراطيا في تسيير شؤون مشيختها حتى تساعد الشعب السوري على ذلك؟ فأين هي هذه المشيخة من أسلوب الحكم الديمقراطي وهي لا زالت ترزخ تحت نظام عشائري تيوقراطي مشائخي قروسطي حتى تدافع وتتباكى عن الشعب السوري؟ فمتى كانت مشيخة قطر التي مازالت قيادتها العميلة والمتصهينة متخلفة سياسيا وثقافيا تفكر بعقلية القرون الوسطى فتوقف شاعرا حيث نقرأ في القدس برس«تعرض الشاعرالقطري محمد بن ذيب إلى السجن المؤبد بعد أن حكمت عليه محكمة أمن الدولة بتلك التهمة على أعتبار أنه تطاول على رموز الدولة والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم وذلك بعد قصيدة رد بها على الشاعر خليل الشبرمي» لا لشيء الا لأنه له رأي مخالف يؤمن بالديمقراطية كخيار في الانتخابات كشكل في الصراع الديمقراطي السياسي؟
والمضحك واللافت للنظر في الأمر أن مشيخة قطر هذه هي من يعمل على نشر «الديموقراطية» في كل من تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا وتروج «للثورات» من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية
فمتى كانت مشيخة قطر التي ثلاثة أرباعها استبدادا بالرأي ومحافظة على الحكم الملكي الموغل في الرجعية والظلامية والقمع والارهاب للرأي الآخر وثلاثة أرباعها محتلة بقواعد عسكرية للحلف الأطلسي في السيلية وهي المعبر الذي يمر منه التطبيع مع الكيان الصهيوني وربعها الآخر مواخير وملاهي للمارينز الأمريكي فمتى كانت مشيخة بهذه المواصفات تدافع عن مصلحة الشعب العربي السوري في الانتقال الديمقراطي ونشر الديمقراطية؟
فهل أن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي يقوده الاخوان المسلمون عملاء الامبريالية الجدد بتحالف مع اليمين الليبرالي والبعض من اليسار الانتهازي كجبهة ظلامية صهيونية نسجت خيوطها وبرزت أسماؤها ما بين اسطنبول وواشنطن والدوحة , هذا الائتلاف الذي أخذ مشروعيته وتوجيهاته وبرنامجه من ألد أعداء الأمة العربية تاريخيا جدير بتمثيل الشعب العربي السوري؟
أوليس حريا بمعارضة سياسية تحترم شعبها وتؤمن بالحد الأدنى الوطني أن تتخلى عن الارهاب وتوقف عصابات الاجرام الوحشي فتساهم في حقن دماء شعبها لتكون جزءا من الحل عوضا أن تكون جزء من المشكلة أو بالأحرى المشكله كلها؟
فمن المسؤول عن فشل زيارة السيد الأخضر الابراهيمي؟ هل من يضع العقبات والعراقيل بفرضه للشروط المسبقة ومن يأتمر بأوامر الدوحة واسطنبول وواشنطن؟
أم من لا يريد غير الجلوس للبحث في الحل السياسي وإدارة حوار وطني ديمقراطي دون املاء ولا شروط مسبقة والاحتكام لرأي الشعب في اختيار من يحكمه؟
فمن المسؤول عن مواصلة ازهاق الأرواح البريئة وتخريب وتدمير الدولة؟ هل هو من طرح الحل السياسي منذ بداية الأزمة ولا يزال محافظا على قراره الوطني ومدافعا عن استقلال سوريا عن الاجندات الخارجية واستجاب لمطالب شعبه المشروعة والعادلة في الاصلاحات السياسية والديمقراطية أم من رفض ولا يزال الحل السياسي وهو مرتهن للأجنبي ولا يريد الخير لا لشعبه ولا لسوريا الدولة؟
فمن هو الشرعي؟هل من يستمد شرعيته من شعبه في الداخل السوري ومن لم يفرط في استقلالية القرار الوطني مهما كان خلافنا معه في شكل الحكم أم من أوتي به من الدوحة واسطنبول ولندن وباريس وواشنطن ليلعب دورا مشبوها ولا شرعية له غير الاستقواء بالخارج؟
فلماذا ترفض هذه المعارضة التي تطرح نفسها بديلا على القيادة الوطنية الاحتكام لرأي الشعب السوري في اختيار من يحكمه ونراها تفرض أجندة أعداء الشعب في التنحي محاولة يائسة وفاشلة منها على تنفيذ أوامر حلف الناتو؟
فمن يؤمن بالخيار الديمقراطي عليه أن يقبل الاحتكام للصندوق وللعبة الديمقراطية دون شروط مسبقة.
فمن أنتم أيها الجلبيون والكرازيون من الاخوان المسلمين حتى تطالبون القيادة الوطنية الشرعية بالتنحي؟ فمن نصبكم؟أولاد ال.... فمن أتى بكم أيها الكرازيون الجدد؟ فمن هو لا وطني وجيء به من الدوحة واسطنبول وعواصم الغرب وكان دوره ولا يزال ديكورا في لعبة مصالح الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية لتدمير وتخريب سوريا الدولة وسوريا الدور وسوريا المقاومة لا يمكن أن يعطي دروسا لأحد لا في الوطنية ولا في الديمقراطية؟
ألا تخجلون من أنفسكم أولاد ال..؟.. فما أوسخكم أولاد ال....؟ فلتخرجوا من ملحنا من جرحنا من وطننا من أرضنا من سمائنا من هوائنا من أعماقنا من لساننا أيها الخونة.
«الإخوان»على حافة الهاوية
بقلم: مغازي البدراوي عن البيان الإماراتية
بعد صعود الإخوان للحكم في مصر مباشرة في العام الماضي، كتبت مقالاً تحت عنوان "الإخوان والصعود للهاوية"، وانتقدني البعض واتهمني بالتسرع في الحكم عليهم بعد أيام قليلة من توليهم الحكم.
والآن وبعد أكثر من نصف عام لهم في الحكم، أسمع الكثيرين يستخدمون نفس العبارة "صعود الإخوان للهاوية"، وليس أعداء الإخوان والكارهون لهم ولحكمهم هم فقط من يتنبأ باقتراب سقوط حكم الإخوان في مصر، بل إن الكثيرين من مؤيديهم ومن أنصارهم وأيضاً من حلفائهم في الخارج يتوقعون هذا الأمر.
وعلى رأسهم الأميركان الذين شككوا، أثناء أزمة الإعلان الدستوري وحصار الاتحادية منذ شهر مضى، في إمكانية استمرار الإخوان في الحكم، الأمر الذي دفع الجماعة لإرسال ممثليها إلى واشنطن لتقديم فروض الطاعة والولاء والتأكيد على مقدرتهم على الاستمرار، وسمعنا تصريحات القيادي البارز وعضو مكتب الإرشاد في الجماعة عصام العريان، يصرح للأميركان في واشنطن بأن "الإخوان في مصر هم أكبر ضمانة لأمن إسرائيل"، وتنقل وسائل الإعلام الأميركية تصريحاته للعالم كله، ويعود إلى مصر ليفجر قنبلته حول عودة اليهود الإسرائيليين لمصر وتعويضهم عن خسائر هجرتهم.
فترة الستة أشهر الماضية من حكم الإخوان، أثبتت بما لا يدعو للشك عدم قدرتهم على إدارة البلاد، حيث لم يهدأ الشارع المصري يوماً واحداً عن التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات ضد حكمهم. ولم يتعظ الإخوان من هذا الأمر ويحسنوا من أدائهم، بل استمروا في أخطائهم التي لا تتوقف، وقد غرتهم صناديق الانتخابات والاستفتاءات، وهذا يعكس عدم قدرتهم على استيعاب الثورة المصرية التي ركبوا موجتها ولم يشاركوا فيها..
هذه الثورة التي استطاعت في بضعة أيام إسقاط حكم مبارك الذي دام ثلاثين عاما، والذي كان يملك من القوة والعدد والعتاد ما لا يملك الإخوان ولا جزءاً بسيط منه، وميليشيات الإخوان وبلطجيتهم ليسوا أقوى من أجهزة أمن مبارك، ولا يستطيعون أن يواجهوا حشود الثوار المليونية، أما الملايين التي صوتت لهم في الصناديق فلم يكونوا في الواقع أعداء لنظام مبارك.
ولا علاقة لهم بالثوار، بل هم من أنصار الهدوء والسكينة والرضى بالأمر الواقع، وهؤلاء يختفون تماماً أثناء الثورات ويجلسون في بيوتهم ينتظرون النتائج ويتقبلونها كأمر واقع. وإذا كان أعضاء جماعة الإخوان عددهم نحو نصف مليون.
كما يدعون، فإن أعضاء حزب مبارك كانوا أضعاف ذلك، وكانت معهم جيوش الأمن، وكان قطاع كبير من الشعب مستفيداً من نظام مبارك، ورغم هذا نجح ثوار ميدان التحرير في إسقاطه، ولم ينفعه الأميركان ولا الصهاينة الذين يتقرب الإخوان إليهم الآن علناً.
الإخوان يعلمون جيداً أن سقوط حكمهم يعني رحيلهم من الساحة تماماً وإلى الأبد، فقد كشفوا كل أوراقهم، وسقطت أقنعتهم كلها، ولم تعد شعاراتهم الدينية الكاذبة تقنع أحداً. وأياً كان ثمن سقوطهم، فالثوار مستعدون لدفعه "كاش" في الميدان بدمائهم.
كانت أمام الإخوان فرصة لحكم مصر وأهدروها بانتهازيتهم السياسية وجهلهم بشؤون الحكم، وتعاملهم مع الأمور بأساليب قديمة وبالية، لا تتناسب إطلاقاً مع تطورات العصر وتقنياته الحديثة.
الحريق العربي
بقلم: أحمد بوكيوض عن بيان اليوم المغربية
بعد كل ما حدث ويحدث في سياق ما سمي ب (الربيع العربي) يتحتم الآن أخذ شيئ من الوقت للتأمل في المسار وقراءة الصورة بالكثير من التجرد وبعيدا عن مؤثرات حماسة العاطفة والاحلام الخاذعة. في كل البلدان التي اهتزت لهذا الربيع، بعد أن عصفت بديكتاتوريتها، قيل الكثير من الكلام الجميل عن (الثورة) والانعتاق والتحرر والديمقراطية والدساتير الجديدة و و و. وبعد كل ما قيل وروج لنتأمل قليلا:
تونس بظاهرتها (البوعزيزية) وبـ (ثورتها) اليسامينية، وبعد سنتين من حكاية (ديكاج )، هاهي عاجزة عن بناء مؤسسات مستقرة، وهاهو وضعها السياسي العام بين سندان (النهضة) ومطرقة الجماعات السلفية، هاهو المرزوقي أشبه برئيس جمعية منه برئيس جمهورية، هاهو الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تراجع وتردي ...
ليبيا جمهور الجماهيرية تائه بين الداعي إلى الفدرالية والمصمم على الإمارة الإسلامية. ونتائج الاستفتاء التي أعطت الأغلبية لـ «اللبراليين»، مطوقة بأحزمة الشبكات التي لا تطمئن الا لسلاحها .
مصر بكبرها وكبريائها «ام الدنيا» تطاحن وانقسام وعودة الى ميدان التحرير للتعبير عن رفض الدكتاتورية الجديدة وفتح الباب امام كل الاحتمالات ...
اليمن: أرض متنازع عليها بين قبائل الارهاب والتحالف الدولى المتردد او الحائر بين الخطط الناجعة في محاربة الارهاب و بين عروض الاوساط التي تنتفع من الشبكات الارهابية.
سوريا. في أرض الشام لكل ثورته وثواره. الجماعات الاسلاموية التي احتضها نظام الأسد تخلت عنه ولم يعد يحتمي الان الا بدعم ايران المشخص في (حزب الله) والاسلحة المهربة. اما بشاعة القتل الجماعي وقصف الاحياء وتذمير المدن والتهجير. فذاك واقع من صنف ما سمي بالثورات العربية التي تتيه في منتصف الطريق. لماذا التيه؟ وهل هذه بالفعل ثورات؟.
هناك من يجيب مباشرة بان ماحصل ويحصل في هذه البلدان فيه تعبير عن رفض الاستمرار في الوضع السابق. فيه رفض لطبيعة النظام القائم, فيه احتجاج على اوضاع اجتماعية. فيه تعبير عن ضيق مجال الحرية الشخصية والجماعية. ولكن مع كل ذلك فلا مجال للحديث عن ثورة او ثورات بمضمون سياسي واجنماعي.
هذه المفارقة يفسرها المتتبعون بضعف التاطير وتراجع دور الاحزاب والفعاليات الديمقراطية التي مفروض فيها ان تقود النضالات الديمقراطية وتوجهها وجهتها الصحيحة.
وفي غياب او ضعف هذا التاطير فالجمهور او الجماهير امامها طريقان لا اكثر:
< إما أن تنحاز الى الانتظار والترقب والانكماش على نفسها.
< أو الانطلاق بعفوية لطرق (باب السماء).
وما كان للعفوية وحركة الشارع في هذه الشروط, الا ان تعطي تلك النتائج الملغومة التي سرعان ما مكنت القوى المحافظة والنكوصية من ان تتولى زمام الامور والاستعداد للانقضاض والاستلاء على سفينة (الثورة) في كل تلك البلدان.
ففي سوريا يعتبر حزب التحرير السلفي ان الهدف الآن هو إقامة «دولة الخلافة» وأن كل المعارضين الآخرين المنضوين في تحالف المجلس الوطني مجرد خونة. ما يعنى أن نهاية نظام الأسد لن تكون سوى بداية لتطاحن جديد من النار والدمار.
في تونس لم تنته الأزمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل الا بمفاوضات ووساطات شاقة ودون أن تتراءى أية بوادر لوضع حد لاستفزازات واعتداءات الظلاميين على الحريات.
في مصر يريدون مركزة كل السلط في يد مرسي لأنه من أهل بيت الإخوان وفي ليبيا يناورون للتقليص أكثر ما يمكن من صلاحيات الجهاز المنتخب لأن قوى أخرى غير (الاسلاميين) هي الاغلبية فيه, وفيما تتحرك القنوات الدولية، أو الأممية، للاستعداد لنشر و(تعميم) الانظمة الاخوانية
تفيد كل هذه المؤشرات ان ما سمي بالربيع العربي سيكون له ما بعد وان زهرات الربيع ستتحول الى جمرات حريق..
اقلام واراء عربي
الكونفدرالية الاردنية ـ الفلسطينية
بقلم: انيس فوزي قاسم (عضو نقابة المحامين الاردنيين) عن القدس العربي
وردت مؤخراً تقارير صحفية عن اعادة طرح فكرة انشاء كونفدرالية اردنية فلسطينية وذلك على ضوء قبول 'فلسطين' دولة غير عضو في الامم المتحدة، واستقبال الرئيس محمود عباس في عمان، عند عودته من اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة، استقبال الرؤساء وذلك بكامل البروتوكول المعدّ لهذه المناسبات، ثم زيارة الملك عبد الله الثاني الى رام الله بعد ذلك مباشرة. واضيف الى هذه الحراكات ما نشرته جريدة 'القدس العربي' عن ان الرئيس عباس أوعز لمستشاريه بالتحضير للخطوة التالية بين الاردن وفلسطين على اسس كونفدرالية. ومع كل ذلك، لم يصدر اي بيان رسمي عن ايٍ من الطرفين حول هذا الموضوع مما يبقيه في دائرة الحوار غير الرسمي والنشاط الصحفي.
ان طرح موضوع الكونفدرالية، جدير بالاهتمام من الناحيتين الاردنية والفلسطينية، لأن هذه الفكرة قديمة، وتتجدد بين الحين والآخر، ومن الضروري خلق وعي واهتمام حولها لما قد تثيره من شكوك واحياناً سموم بين أقرب طرفين للقضية الفلسطينية.
من الناحيه النظرية، لابدّ من الاشارة الى ان الكونفدرالية لا تقوم الاّ بين دولتين تتمتعان بالسيادة والاستقلال، بحيث تحتفظ كل دولة بشكلها القانوني وهيئاتها الدستورية ووضعها الدولي، انما تتنازل كل منهما عن بعض سيادتها لأجل تمتين علاقاتهما او تدعيم موقفهما في مواجهة ضغوط خارجية او مؤثرات أجنبية. ولا توجد صيغة محددة لهذه الكونفدرالية، فهناك كونفدراليات تتقارب اكثر من كونفدراليات اخرى، وهناك نماذج عديدة لهذا الشكل من التعاون الدولي. وتجدر الاشارة الى ان سويسرا مثلاً دوله 'اتحادية' الاّ ان اسمها الرسمي 'الكونفدرالية السويسرية'، وهذا دليل عى انه لا توجد وصفة جاهزه لما يسمى بالكونفدرالية.
اما الافكار السابقة لفكرة الكونفدرالية بين الاردن وفلسطين ربما كانت تعود اولاً- لما طرحه المرحوم الملك حسين لما اسماه 'المملكة العربية المتحدة' في اوائل السبيعينيات، حيث كان التصور ان تتم الكونفدرالية بين قطرين، الاّ ان الفكرة لم تكن دعماً لمشروع وطني او قومي، فماتت في المهد. حيث ان الفلسطينيين كانوا ينزعون الى المقاومة والتحرير بينما كان النظام الاردني يقصد الى الوصول سلمياً الى تحرير الضفة الغربية. فكان الخلاف عميقاً بين المنهجين.
في العام 1982، طرح الرئيس الاميركي رونالد ريغان خطته التي يمكن تصنيفها كفكرة كونفدرالية بين سلطة الحكم الذاتي، التي كان من المقرر انشاؤها طبقاً لاتفاقية كامب ديفيد في الاراضي الفلسطينية، وبين الدولة الاردنية. وجاء جورج شولتز، وزير الخارجية الاميركي، مكرراً اقتراح الرئيس الاميركي. وفي العام 1985 وقع الاردن مع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية لاقامة اتحاد كونفدرالي بينهما، ولكن ماتت هذه الاتفاقية على ضوء الخلافات بين الطرفين حول استراتيجية تحرير الضفة الغربية. ويجب التذكير بأن حمّى اقتراحات الكونفدرالية قد تسارعت في الفترة التي كانت منظمة التحرير تعاني فيها من الضعف بعد خروجها من بيروت نتيجة الاجتياح الاسرائيلي.
وتجلّى ضعف منظمة التحرير حين كانت الولايات المتحدة تتخذ اجراءات لعقد مؤتمر مدريد، حيث تبّنت الولايات المتحدة الشروط الاسرائيليه في عدم وجود ممثلين لمنظمة التحرير في مؤتمر مدريد وعدم وجود فلسطينيين يمثلون القدس او الشتات ضمن اعضاء الوفد الفلسطيني، واشترطت اسرائيل ان لا يكون الوفد الفلسطيني مستقلاً عن الوفد الاردني. وعقد مؤتمر مدريد في اكتوبر 1991 بحضور وفد فلسطيني اردني مشترك. ثم انفسخ الوفدان في واشنطن باصرار من منظمة التحرير، واصبح هناك مسار اردني وآخر فلسطيني في مفاوضات واشنطن. ثم وصلنا في العام 1993 الى نفق اوسلو الذي دخلت فيه منظمة التحرير ولازالت لا ترى ضوءاً في نهاية النفق.
واخيراً، بدأ الحديث عن الكونفدرالية في ظلّ اجواء اكثر ايجابية من أي وقت آخر، ذلك انها طرحت الان بعد ان حازت منظمة التحرير على وضع 'دولة' غير عضو في المنظمة الدولية.
ان هذا انجاز هام من النواحي القانونية والديبلوماسية، الاّ انه انجاز محدود، بخلاف ما تتوهم قيادة منظمة التحرير. ان الجانب الهام لهذا الانجاز هو امكانية هذه 'الدولة' في توقيع الاتفاقيات الدولية ولاسيما تلك التي لها تأثيرات على الوضع الفلسطيني في الاراضي المحتلة، اذ أن بامكان هذه 'الدولة' توقيع اتفاقيات جنيف الاربع للعام 1949، ولاسيما الاتفاقية الثالثة الخاصة بمعاملة الاسرى والمعتقلين واعتبارهم 'اسرى حرب' مما يمنع محاكمتهم، بينما تعاملهم اسرائيل على اساس ارتكابهم جرائم امنية، وكذلك التوقيع على الاتفاقية الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين وهذا مدخل جيد للطعن في الاستيطان وهدم البيوت والكبائر الاخرى التي ترتكبها اسرائيل، كما قد تتمكن 'الدولة' من التوقيع على النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي تستطيع بموجبها 'دولة فلسطين' ملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين الذين يرتكبون جرائم حرب 'يوميا.' وهناك الاتفاقيات الخاصة بحقوق الانسان ومكافحة التمييز العنصري والتمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية الخاصة بالطفل. وجميع هذه الاتفاقيات تمكّن دولة فلسطين من فضح الاحتلال وملاحقته جنائياً، وهذه جوانب ايجابية وذات فائدة عملية هامة.
ومع هذه الايجابيات، يجب ان لا يدخل في روع احد ان بامكان دولة فلسطين ان تمارس سلطات الدولة كاملة السيادة، فهي دولة مازالت منقوصة السيادة. فلا تستطيع ان تصدر قانون جنسية مثلاً- تنظم بموجبه جنسية السكان المقيمين فيها، بلا الفلسطينيين المقيمين في الشتات (دون انتقاص الجوانب السلبية والاثار الخطيرة لمثل هذه العمليه)، ولا تستطيع تشريع قوانين تتعلق بحق العبور الى الدولة الفلسطينية وتحديد حق الاقامها فيها، ومحاكمة الاسرائيليين الذين يخرقون قانونها المدني او التجاري او الجزائي، فهي بلا ولاية جغرافية ولا تسيطر على معابرها مع العالم الخارجي.
ومن أهم النواقص في الجوانب السلبية لهذه 'الدوله' هو عدم قدرتها على الدخول في مفاوضات مع الحكومة الاردنية لوضع ترتيبات الكونفدرالية، ذلك ان هذه الترتيبات، ومهما كان شكل ومحتوى هذه الكونفدرالية، تتعلق بامور سيادية تقع في صلب الاعمال السيادية المتعلقة بالدولة ذات السيادة.
وعلى سبيل الجدال، هل تستطيع سلطة الدولة الجديدة ان تقرر في موضوع الانضمام الى الكونفدرالية دون استفتاء الشعب الفلسطيني او التشاور مع مؤسساته الدستورية؟ فهل يمكن استفتاء شعب ثلثه تقريباً تحت الاحتلال والباقي في الشتات؟ واذا امكن الاستفتاء، فمن هو 'الفلسطيني' الذي يحق له التصويت ايجاباً وسلباً؟ وهل هناك مؤسسات دستورية تتحكم وتحكم 'الشعب الفلسطيني'؟ فهل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ذات صلاحية وفعالية في غياب مجلس وطني؟ حتى ان استمرار الرئيس محمود عباس في قيادة اللجنة التنفيذية مطعون في شرعيته. فهل نحن بصدد مؤتمر اريحا جديد؟! وهل يمنح مثل هذا المؤتمر الشرعية لاقامة كونفدرالية؟
من الواضح، ان الاجهزة التي سوف تقود اية مفاوضات مع الحكومة الاردنية في شأن الكونفدرالية لا تمتلك السيادة او السلطة او الصلاحية او التفويض. ومن هنا نصل الى اهم مقومات اية اتفاقية دولية، وهي صلاحية الطرف المفاوض واهليته القانونية للتوقيع على أية التزامات، والطرف الفلسطيني لا يملك هذه الصلاحية ولا تلك الاهلية.
ثم ننتقل الآن الى ما هي الفوائد التي سوف تجنيها الدولة الاردنية والدولة الفلسطينية من هذه الكونفدرالية؟ وهل هذه فكرة تصبّ في مصلحة البلدين، وان كان الجواب ايجاباً، فهل هي في مصلحة الشعبين ام في مصلحة النظامين؟
لا جدال في ان الاردن هي الرئة التي تتنفس منها وبها 'الدولة الفلسطينية'، وهذا وضع تاريخي متأصل في الزمان والمكان وازداد هذا الوضع الحاحاً بعد انسلاخ الجزء الاكبر من فلسطين واحتلاله من قبل الغزو الصهيوني. ان القرار التاريخي لوحدة الضفتين قد عبّر بوعي وادراك استراتيجيين، عن هذا الواقع، إذ ورد فيه: 'واستناداً الى حق تقرير المصير، والى واقع ضفتي (الاردن) الشرقية والغربية ووحدتهما القومية والطبيعية والجغرافية وضرورات مصالحهما المشتركة ومجالهما الحيوي، يقرر مجلس الامة...'. وهذا يؤكد ان وضعاً ما، قد يكون كونفدرالية او فيدرالية او وحدة اندماجية، يفرض نفسه على الشعبين وعلى النظامين فرضاً، فالضرورات والمصالح المشتركة هي 'المجال الحيوي' لكلا الطرفين.
ان هذا الوجه المضيء للمجال الحيوي للشعبين، لا يغطي، ويجب ان لا يغطي، على حقيقة مؤداها ان طرح فكرة الكونفدرالية كان، تاريخياً، مرتبطاً بالمصالح الاسرائيلية وخدمتها اولاً وآخراً. ودون الدخول في متاهات الماضي، فان الوضع الحالي القائم في الاراضي الفلسطينية المحتلة، والجشع الكولونيالي المتزايد لدولة المستوطنين، والصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني المقاوم بعناد شديد، قد جعل اسرائيل في وضع من بلع منجلاً، فلا هي قادرة على بلعه، ولا تقدر على اخراجه من حلقها. فالدولة اليهودية تتحول رويداً رويداً الى دولة احادية او ثنائية القومية، وفي الحالين نهاية الحلم الصهيوني في اقامة دولة 'الشعب اليهودي'. ومن هنا يجب ان لا نصاب بالدهشة اذا ما قلنا على سبيل الحدس- ان ما طرح اخيراً من كونفدرالية اردنية- فلسطينية قد يكون تسريباً اسرائيلياً لداخل مؤسسات القرار الفلسطيني، سيما وان الاخ ابو مازن ما زال يتلوّى عطشاً للمفاوضات مع اسرائيل، وقد يكون هذا التسريب هو المنفذ الذي يدخل عبره ابو مازن للمفاوضات.
ولاسرائيل مصالح عديدة في اقتراح الكونفدرالية، ليس أقلها ان ذلك سوف يعطي مشروعية للمستوطنات، وان اجهزة الأمن الاردنية هي التي ستتولى الامن في المناطق المحتلة، وهي اجهزة اكثر مصداقية وكفاية لدى الاسرائيليين من الاجهزة الفلسطينية، وان عودة اللاجئين سوف تصبح من بقايا التاريخ، ويظل نهر الاردن هو الحدود الامنة لاسرائيل، وتتخلص اسرائيل من اعباء الاحتلال القانونية والادانات المستمرة من المجتمع الدولي. طبعاً، ان جميع هذه المنافع التي تصب في الخانة الاسرائيلية لا تنطوي على اقرار ضمني من ان الاردن موافق عليها، بل لابدّ وان له موقفاً من العديد من هذه القضايا.
اذا كان ما ورد اعلاه هو خطاب على المستوى الرسمي، فإن خطاب الجماهير على ضفتي النهر سيكون مختلفاً. ذلك ان تمرير هذا المشروع لا ينطوي على فوائد مادية او سياسية او قانونية او اجتماعية. ان النخب الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني في الضفتين، سوف تدرك ان هذا مشروع اساسه تخفيف اعباء الاحتلال ونقل الثقل على كاهل الاردن، لاسيما وانه مشروع تفوح منه رائحة 'الوطن البديل'، لأن الكونفدرالية سوف تقضي على حق العودة، وسوف تفتح حركة الانتقال والمرور شرقاً تحت تأثير الضغوط المعاشية التي سوف تمارسها اسرائيل على فلسطينيي الاراضي المحتلة. كما ان الفوائد التجارية بين ضفتي النهر ستكون محدودة للغاية، ذلك ان اقتصاد الاراضي المحتلة يعتبر أهم سوق خارجي للتجارة الاسرائيلية، وسوف لا تفرّط اسرائيل بهذه السوق مما يعني ان التجارة بين طرفي الكونفدرالية سوف لا يعود بفوائد مجزية عليهما، بل تظل الفائدة للجانب الاسرائيلي.
ويظل السؤال معلقاً: ما هي الفوائد التي تعود على الاردن وفلسطين ضمن الظروف القائمة- التي تجلبها الكونفدرالية للطرفين؟ وأية حقوق او مصالح سوف تتم صيانتها او تأكيدها بهذا الترتيب؟ الجواب: لا شيء، ولكن لكل مجتهد نصيب!!
رأي القدس: نتنياهو عائد.. فما انتم فاعلون؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
يتوجه ملايين الاسرائيليين الى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد في انتخابات مبكرة دعا اليها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الحالي من اجل تشكيل تحالف يميني اكثر تطرفا من التحالف الحالي الذي يشكل العمود الفقري لحكومته.
الناخبون الاسرائيليون سيختارون في معظمهم من هو الاكثر عداء وكراهية وحقدا للعرب، ومن هو الاكثر تغولا في بناء المستوطنات ومصادرة الاراضي العربية وضم الضفة الغربية او الاجزاء الاكثر خصبا وتحكما في خزانات مياهها الجوفية.
نتنياهو الذي من المتوقع ان يعود الى رئاسة الوزراء على رأس تحالف هو الاكثر يمينية وتطرفا في تاريخ اسرائيل، تباهى امام ناخبيه اليهود بانه لم يزل مستوطنة واحدة، ولم يرسل البلدوزرات لازالة نقاط الاستيطان 'غير الشرعية'، وافتتح اول جامعة يهودية في مستوطنة ارئيل قرب القدس المحتلة، وطرح آلاف العطاءات لبناء وحدات سكنية جديدة لعزل القدس المحتلة عن الضفة الغربية بالكامل.
التنافس الآن هو بين 'الليكود بيتنا' الذي يمثل تحالفا بين نتنياهو وافيغدور ليبرمان وزير الخارجية وبين تكتل نيفتالي بينيت الذي يحمل اسم 'بيت اليهود' الاكثر يمينية وتطرفا ودعما للاستيطان، فالاخير يرفض المفاوضات وحل الدولتين، ويرى ان الضفة الغربية جزء من اسرائيل، ولا بد من ضم اماكن فيها وترك الفلسطينيين كغرباء ليس لهم اي حقوق في الارض التي 'يقيمون' عليها، وسيكونون محظوظين اذا حصلوا على 'صلاحيات بلدية'.
السؤال هو ماذا سيفعل العرب بعد ظهور نتائج الانتخابات فجر اليوم وتأكد فوز تكتل نتنياهو؟
نعيد طرح السؤال بصيغة اخرى: ماذا سيفعل الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة لمواجهة حملة اكثر شراسة من الاستيطان ومصادرة الاراضي، والاعتقالات واسقاط ما تبقى من حل الدولتين؟
من المؤسف انه لا توجد اي خطط واضحة وجدية لدى الطرفين العربي والفلسطيني فاكثر ما فعله العرب حول هذه المسألة هو مطالبة السيد نبيل العربي امين عام جامعة الدول العربية للمواطنين العرب في المناطق المحتلة عام 1948 بالذهاب بكثافة الى صناديق الاقتراع، والتصويت لصالح الاحزاب العربية.
اما السلطة الفلسطينية في رام الله فلم نسمع اي تصريح من رئاستها او المسؤولين الكبار فيها حول الخطر اليميني الزاحف بسرعة، باستثناء تكرار الرئيس محمود عباس لتصريحات سابقة حول استعداده للعودة الى المفاوضات، ومحاولة تعزيز صورته 'المعتدلة'، وتعزيزه لمعسكر اليسار الاسرائيلي باعلان استعداده عدم العودة الى مسقط رأسه مدينة صفد المحتلة عام 1948 الامر الذي فسره الكثيرون على انه تنازل عن 'حق العودة'.
نتنياهو سيعود بحكومة جديدة واجندة جديدة اكثر تغولا في الاستيطان وربما بخطة دموية لاجتياح قطاع غزة، ومن يلومه طالما ان العرب مشغولون بكل شيء ما عدا قضية فلسطين وتهويد القدس. اما السلطة فذروة اهتمامها هو كيفية تأمين الرواتب لموظفيها.
نقاش في مآلات إسرائيل وفكرتها
بقلم: ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
بغضّ النظر عن الجدل بشأن شرعيتها الأخلاقية والقانونية والتاريخية فقد نجم عن قيام إسرائيل، التي أقيمت بدعوى حلّ المسألة اليهودية، الناجمة عن اضطهاد اليهود في أوروبا، أربع مسائل رئيسة، وهي: المسألة الإسرائيلية، التي تخصّ اليهود في إسرائيل وخارجها، والمسألة الفلسطينية، المتعلقة بوجود شعب فلسطين وحقوقه، والمسألة التي تخصّ علاقة إسرائيل بمحيطها وعلاقة العرب بها، وأخيراً المسألة المتعلقة بكيفية إدراك العرب للغرب، والتوتّر الناشئ منها، وضمن ذلك تبعات علاقة الغرب بإسرائيل.
على ذلك فإن المسألة الإسرائيلية لا تتعيّن مقابل الفلسطينيين أو الدول العربية، فحسب، إذ إنها تخصّ يهود إسرائيل، أيضاً، ومعنى وجود دولتهم في هذه المنطقة. فبالنسبة إلى هؤلاء ثمة واقع من هوية إسرائيلية جرى تصنيعها وبلورتها في مجتمع يعيش في إطار دولة متعيّنة، وبالاستناد إلى سردية دينية ومتخيّلة للتاريخ، ومع مؤسسات جمعية مثل: الجيش والأحزاب ونظام الانتخابات والجامعات والهستدروت والكيبوتزات والموشاف ومتحف «الهولوكوست» والصحف والشركات وغيرها. وبديهي أن هذه الهوية تمايز بين يهود «اليشوف» (إسرائيل) ويهود «الدياسبورا» («الشتات»)، ويأتي ضمن ذلك، أيضاً، الجدل بشأن اعتبار إسرائيل مركزاً ليهود العالم أو أحد مراكزهم.
وتتمثّل المسألة الإسرائيلية في تحوّل إسرائيل من دولة حلّ إلى دولة مشكلة، فهنا نشأت هوية إسرائيلية مدنيّة ومتجسّدة في مقابل هويّة يهودية دينية متخيّلة وعابرة للحدود. وهذه الدولة بدلاً من أن تصبح الملاذ الآمن ليهود العالم إذا بها أكثر مكان يشكّل خطراً على اليهود، أو يتعرّض اليهود فيه للخطر، بسبب سياسات دولتهم. وهذه الدولة بدلاً من أن تحمي يهود العالم وتقدّم الدعم لهم باتت بمثابة عبء سياسي وأمني واقتصادي وأخلاقي عليهم. وفي حين اُعتُبِرت إسرائيل ذاتها «واحة» للحداثة، وبمثابة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، إذا بها مجرد دولة دينية شرق أوسطية أخرى، ودولة عنصرية تميّز على أساس الدين. وفي غضون ذلك فإن إسرائيل لم تعد الدولة النموذج، التي تسهر على رفاهية مواطنيها اليهود، لجذب المهاجرين إليها، بخاصّة بعد أن أخذتها رياح النيوليبرالية المتوحّشة، فخصخصت قطاعاتها العامة، وهمّشت مؤسساتها الكبرى (الهستدروت والكيوبوتزات والموشاف)، وقلّصت التقديمات الاجتماعية.
فوق كل ذلك فإن المسألة الإسرائيلية ناجمة أيضاً عن الإخفاق في إقامة دولة يهودية خالصة، إذ ظلت إسرائيل بمثابة دولة «ثنائية القومية»، إن لم يكن دستورياً فبقوة الواقع الديموغرافي. والمفارقة، أيضاً، أن تديين الصهيونية، بدل علمنتها، لم يؤثر فقط في مفاقمة التمييز ضد الفلسطينيين وإنما أثر أيضاً في التضييق على اليهود العلمانيين أنفسهم الذين باتوا يرون أنفسهم في دولة تبدو أكثر فأكثر مجرد دولة دينية أخرى.
هكذا فإن فكرة إسرائيل ذاتها، الدولة والمجتمع، ومآلات وجودها، باتت مطروحة على النقاش، وموضع تشكّك، رغم ما حققته من نجاحات، خلال العقود الماضية، سياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً، وبالنسبة إلى عملية بناء الدولة والمجتمع، وذلك بالقياس إلى محيطها.
هذا يمكن التأكد منه من جدالات النخب الإسرائيلية ذاتها، فهذا مثلا جدعون ليفي يقول: «الدولة، وقد أصبح عمرها 64 سنة، لا تزال تواجه الأسئلة نفسها.. هل يعلم أحد هل ستكون إسرائيل ديموقراطية بعد عشر سنين؟..وهل ستكون علمانية أم تصبح دولة شريعة يهودية؟..مدنية أم عسكرية؟ وهل يوجد فيها مجتمع أوروبي أم شرق أوسطي أم شكل آخر؟..وماذا ستكون حدودها؟» («هآرتس»، 15/4/2012).
والحال فقد شهدت إسرائيل، منذ التسعينات، تحولات نوعية ديموغرافية، مع هجرة ما يقارب مليون من اليهود الروس، وثقافية مع صعود التيار الديني في المجتمع، واقتصادية مع التحول نحو النيوليبرالية في الاقتصاد، بحيث لم تعد هي نفسها، التي كانت في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي. وحتى بالنسبة إلى عديد من المحللين الإسرائيليين فقد انتهى «الحلم»، وظهرت إسرائيل الواقعية على حقيقتها، بإشكالياتها وتناقضاتها، على شكل قبائل عدّة: روس ومستوطنين، وشرقيين وغربيين، ومتدينين وعلمانيين، ويساريين ويمنيين، وأغنياء وفقراء، ويهود وعرب.
لا حاجة هنا لمناقشة المسألتين الفلسطينية والعربية، للتركيز على المسألة المتعلّقة بإدراكات العرب للغرب، وعلاقة الغرب بإسرائيل، التي شكّلت عبئاً سياسياً وأخلاقياً وأمنياً واقتصادياً على الدول الغربية، وعزّزت الاضطراب في علاقات العرب بالغرب، بالنظر إلى محاباته إسرائيل. ولا شك في أن هذه الإدراكات ساهمت في زعزعة إمكان قيام علاقات سوية، أو سليمة، بين الطرفين، بما في ذلك تشكيل إدراكات أكثر موضوعية عن الغرب، بات العرب بحاجة ماسة إليها للمصالحة مع ذاتهم ومحيطهم وعصرهم.
والواقع فإن علاقة إسرائيل بالغرب باتت تثقل على الدول الغربية، بعد أن أضحت بمثابة حجر عثرة أمام التسوية، بإصرارها على مواصلة الاستيطان، وبرفضها الانسحاب من الأراضي المحتلة (1967)، وبظهورها على شكل دولة دينية وعنصرية، بحيث بتنا اليوم إزاء مجتمعات غربية لم تعد تتحمل سياسات إسرائيل.
في هذا الإطار، ربما، يمكننا فهم التطور المتعلق بالاعتراف بفلسطين كدولة (مراقب) في الأمم المتحدة، مؤخراً، إذ أيّدت ذلك كثير من الدول الغربية، ولم تعارضه سوى الولايات المتحدة وكندا، في ما يمكن اعتباره تتويجاً لمسار بدأ منذ الانتفاضة الأولى (1987)، وأسّس لنزع الشرعية عن إسرائيل وعن سياساتها الاحتلالية والعنصرية.
ليس ثمة سبب للاعتقاد بأن الولايات المتحدة خارج هذا المسار، فثمة اليوم رئيس لم يزر إسرائيل، ولا يخفي تبرّمه من سياسات رئيس حكومتها، التي يرى أنها تضر بها وتعرضها للخطر، وتضفي عليها مزيداً من العزلة. وثمة تسريبات تفيد بأن أوباما بات يعتقد بأنه «في حال غدت إسرائيل بمثابة دولة صغيرة في قلب منطقة معادية، دولةً منبوذة تُبعد عنها حتى الولايات المتحدة، صديقتها الوفية الأخيرة فإنها لن تعمّر طويلاً.» («الحياة»، 16/1) وهذا ما دفع البروفيسور إبراهام تسيفي لاعتبار هذه التصريحات «بمنزلة رصاصة البدء في معركة الرأي العام الأميركي» لمعرفة منزلة مؤيدي إسرائيل في الجمهور وفي مجلس النواب الأميركيين. («إسرائيل اليوم»، 17/1).
ولعل هذا التوتّر في علاقة الإدارة الأميركية بإسرائيل هو الذي يشجّع كثيراً من الدول الأوروبية على التلويح بإمكان فرض خطة للتسوية، والانضمام إلى خطة يتبناها الرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة البريطانية، في قمة رؤساء الدول الأوروبية القادمة آذار (مارس)، والتي «تهدف إلى الوصول لإقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع جداول زمنية واضحة لاستكمال المفاوضات في المواضيع الأساسية خلال عام 2013». («يديعوت أحرونوت»،14/1)
ثمة عوامل عديدة لاحتمال أفول مكانة إسرائيل في الغرب، إضافة إلى كل ما تقدم، من ضمنها تحول مركز الاهتمام الأميركي إلى نصف الكرة الشرقي، والتطورات العلمية والتكنولوجية المتعلقة بإيجاد بدائل للطاقة، كما تأتي ضمن ذلك التعددية القطبية، وتأثير الأزمات الاقتصادية التي تضرب في الدول الكبرى، وتعزّز دور المجتمعات الغربية في تقرير السياسات الخارجية، باعتماد قيم الحرية والمساواة والعدالة.
من المثير مراقبة كيف ستستطيع إسرائيل التعامل مع كل تلك التناقضات والتحديات، الداخلية والخارجية، لا سيما مع الأسئلة التي تطرحها. ومثلاً، هل ستبقى إسرائيل على شكل دولة «غيتو»، أي دولة دينية ـ يهودية ومعزولة عن محيطها في الشرق الأوسط؟ وهل ستبقى هذه الدولة بمثابة قلعة تتوجّس من محيطها وتعيش في حالة عداء معه؟ ثم كيف ستحلّ هذه الدولة مشكلة الفلسطينيين داخلها؟ فهل سترسّخ إسرائيل ذاتها على شكل دولة «أبارثايد»، كما هي في الواقع؟ أم ستتحول إلى دولة «ثنائية القومية»؟ وأخيراً كيف ستحاول هذه الدولة أن تحل مشكلة التناقض في مجتمعها بين المتدينين والعلمانيين؟ وما هي التغيرات التي ستطرأ على مكانتها في العالم، وفق أي تحول أو خيار تذهب إليه؟ وطبعاً، هذا كله من دون أن نسأل عن التحديات التي يفرضها «الربيع العربي»، على علاته ومشاكله، على إسرائيل، لا سيما بالنسبة إلى حضور دور المجتمعات في تقرير السياسات، وبالنسبة إلى انتهاء صورة إسرائيل كالديموقراطية الوحيدة في المنطقة.
التغيير... والواقع الفلسطيني المر
بقلم: عدنان مكاوي ( كاتب فلسطيني) عن السياسة الكويتية
لست من حركة "حماس" ولم اكن أتمنى ان يحكم غزة مسقط رأسي رجال دين, بل ولا أؤيد برنامجها السياسي في مجمله, بالعكس تجدني اقرب الى برنامج حركة "فتح" المناوئة لها, ومع هذا او رغم هذا فإني اناصر "حماس" في قطاع غزة الان وأدعو لأن تتسلم مقاليد السلطة في الضفة الغربية كما تسلمتها في قطاع غزة منذ خمس سنوات ونيف, لاسباب عديدة اهمها فوزها في الانتخابات الحرة والنزيهة باعتراف "فتح" نفسها وما حققته من نجاحات بلدية وامنية واجتماعية واقتصادية في قطاع غزة رغم الحصار الاسرائيلي الجائر على هذا القطاع براً وبحراً وجواً, مقابل ما منيت به السلطة في الضفة الغربية والتي تهيمن عليها حركة فتح من اخفاقات اقتصادية.. رغم ما تتلقاه من مساعدات مالية وصلت الى مليارات الدولارات من اميركا وحلفائها باعتراف رجالاتها ومنهم سيء السمعة والصيت محمد دحلان المرمي الان في دبي?
واذا كان البعض يختلف معي حول هذه المساعدات.. فظني انه لا يختلف معي حول من هو الفائز في الانتخابات الفلسطينية التي فازت فيها "حماس" عن جدارة واستحقاق في الضفة والقطاع باعتراف العالم كله.. من دون قبوله ان تمارس دورها هنا وهناك!
لذلك فأنا استغرب دعوات المصالحة بين فتح وحماس التي تهب علينا من حين لاخر واراها مضيعة للجهد والوقت والمال.. أو وسيلة للهروب من المسؤوليات الجسام تجاه سكان الضفة والقطاع او الهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية وأولها مشكلة اسرانا في السجون الاسرائيلية وما يتعرضون له من عذاب وحرمان وتنكيل يهدد حياتهم.. من دون ان يتحرك العرب والغرب بفاعلية لانقاذهم?
المساعي المشروعة بين فتح وحماس يجب ان تكون نحو اعتماد نتائج الانتخابات الفلسطينية وتسليم السلطة في الضفة الغربية لحركة "حماس" كما تسلمتها في قطاع غزة.
وليس نحو ما يسمى بالمصالحة الفلسطينية لان هذه المصالحة ان تحققت بعكس ما اراها, ستهضم حق الفائز في الانتخابات وهو حماس في ان تمارس دورها لفترة زمنية محددة كما يريد لها الشعب الفلسطيني, وستكون لصالح الخاسر في هذه الانتخابات وهو فتح من دون حتى ان تكلف حركة فتح نفسها باصلاح حالها وتغيير بعض رجالاتها الفاسدين المفسدين المسؤولين عن هزيمتها في الانتخابات وعرقلة تسليم السلطة لحماس.
الشعب الفلسطيني -ومثله معظم الشعوب العربية وكما يظهر في صناديق الانتخابات وثوراته ضمن ما يعرف اصطلاحا بالربيع العربي- ملّ هيمنة اليسار واليمين المستبدين في بلاده ويريد التغيير, املا في حياة افضل له وفي جميع جوانب الحياة التعليمية والصحية والاقتصادية.. وليست السياسية والعسكرية فقط.. فلماذا لا يسمح له بالتغيير?!
التغيير حق اصيل لدى الشعوب الحية, وهو يتماشى مع طبيعة الحياة الصحيحة والسليمة.. وحتى لو كان الواقع حسنا فهناك الاحسن.. فلماذا لا يسمحون لنا بالسعي نحو الاحسن والافضل.. لماذا يريدوننا دائما قابعين نعاني البؤس والشقاء والرضا بالامر الواقع مهما كان هذا الواقع صعباً ومراً? ننظر الى كل الشعوب المتحضرة المتقدمة في مجال العلم والادب.. والمتطورة صناعيا وزراعيا وتجارياً والمتفوقة تعليمياً وصحة وفناً... تجدها تؤمن بتداول السلطة في بلادها وبتجديد الدماء والافكار, ولم نذهب بعيداً, انظر الى اسرائيل عدوتنا اللدود.. فهي في حركة دائبة وتغيير مستمر.. ينجح حزب "العمل" الاسرائيلي عبر الانتخابات فيتحول غريمه ومنافسه حزب الليكود الى معارضة.. والعكس يحدث من دون مكابرة وتمرد وانقسام, وبعد مدة تطول او تقصر يعودون لصناديق الانتخابات الحرة النزيهة الى الشعب ليحسم الامر.. ولا تصدق ان حاكماً عربياً يمكن ان يفعل ذلك بمحض ارادته وثقافته وخلفيته الاجتماعية.. ولولا ثورات الربيع العربي لاتى بعد مبارك والقذافي وصالح وبن علي وابومازن أولادهم كما اتاك بشار بعد ابيه حافظ الاسد.. يعني 30 او 40 سنة الاب ومثلها الابن.. ثم تسأل بعد ذلك عن التطور والتقدم?!
وفي حالتنا الفلسطينية نفس المصيبة, نبتلى بمثل صائب عريقات 30 سنة واكثر من دون تقدم في مفاوضاته مع اسرائيل.. ويظل جاثماً على صدورنا, ومثله الكثير من رجالات فتح ورجالات السلطة, اليس هذا ضد طبيعة الحياة السوية? الشعب الفلسطيني اختار "حماس" بعد ان ضاق ذرعا بتجاوزات فتح المالية والادارية ابتداء بقصر مقاعد دراسة الطلاب الجامعية المجانية على ابنائهم ومعارفهم.. وانتهاء بملف تعويضات الفلسطينيين عن الغزو العراقي الغاشم للكويت مروراً بالبذخ والترف في السفارات الفلسطينية المنتشرة في مشارق الارض ومغاربها, وثراء القلة على حساب الكثرة, والاخطر التفريط بالعديد من حقوقنا المشروعة من دون طائل.. وما دام الشعب اختار حماس فليس من حق احد ان يسلب منه هذا الحق حتى رجال حماس انفسهم لا يحق لهم المصالحة على حساب هذا الحق, فلتكن حماس عند حسن ظن الشعب بها وتنشغل بقضايانا الجوهرية وتعلن دولتنا من غزة المحررة على ان تتبعها الضفة الغربية المحتلة بعد ذلك... وللكلام بقية!
قرى تتحدّى الاحتلال
بقلم: أمين الدريوسي عن الثورة السورية
يتجاهل المجتمع الدولي القضية الفلسطينية، وبعض العربان الخائبين يعيبون على الشعب الفلسطيني تمسكه بثوابته الوطنية، وحرصه على وطنه، وسعيه المحموم للعودة إلى أرضه، والانتفاض بوجه من استولى على بلادهم وشرّدهم من ديارهم،
ويستنكرون رفضهم التنازل عن حقوقهم وأي شبر من أرضهم، والتخلي عن أحلامهم وطموحاتهم، وإصرارهم على المقاومة من أجل استعادة ما اغتصب منهم، وهو الحق المشروع الذي يناضلون من أجله.
فعلى خطا من سبقوهم إلى «باب الشمس»، سار اصحاب «قرية الكرامة»، وبات مؤكداً كما تشير الوقائع على الأرض أن باب الشمس قد فُتح ولن يكون في وسع الاحتلال بكل غطرسته وجبروته أن يغلق هذا الباب الذي سيقود حتماً إلى فلسطين كما حلم بها أهلها.
وما إقدام قوات الاحتلال الاسرائيلي على اقتحام قرية الكرامة المقامة فوق أراضي بيت اكسا المهددة بالمصادرة، إلا دليل على العنجهية وصلف الاحتلال الذي يحاول بشتى الوسائل أن يطمس أي مَعلَم من معالم العودة، وهو بفعله هذا لن يثني الشعب الفلسطيني عن نضاله ولن يحبط نهج المقاومة لهذا الشعب، وإن ظاهرة إقامة القرى هو استمرار واستكمال لقرية باب الشمس وهو ابتكار وتطور نوعي في المقاومة الشعبية التي أخذت بالاتساع، وباتت تقلق الاحتلال.
إن انشغال العالم اليوم بالقضايا والمشاكل المستجدة التي أسهمت بشكل فاعل في إهمال القضية الفلسطينية وحقوق ذلك الشعب المضطهد ساعد الحكام الصهاينة بالمضي بمشاريعهم التوسعية في فلسطين، حيث يستفيدون من الوقت لتنفيذ مخططاتهم في الأراضي المحتلة، وإسرائيل بدهائها وإسهامها المباشر في إثارة الفتن والنزاعات على الصعيدين العربي والعالمي حيث لا تزال تتلقى نفس الدعم المعنوي من بعض الدول العربية التي غيّبت القضية الفلسطينية، وجعلت منها بنداً أخيراً على جداول أعمالها، فكان لذلك الأثر البالغ بتنحية القضية الفلسطينية التي أصبحت من القضايا الثانوية لبعض المشيخات والممالك الساعية لإبعاد شبح التغيير الذي قد يطالهم.
إنه العمى الغربي والصلف الأميركي الذي يرى التطرف الصهيوني ويسكت عنه، ويدرك الحق الفلسطيني ويتغاضى ولا يفعل شيئاً لإعادته لأصحابه الشرعيين، إنها معايير باطلة وموازين ضالة، وإنهم أصحاب مبادئ زائفة وشعاراتٍ كاذبة.
عندما تغتال الانتخابات السلام!
بقلم: مازن حماد عن الوطن القطرية
من المؤكد أن تفرز الانتخابات الإسرائيلية واحدة من أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ الدولة العبرية مما سيشكل ضربة قاضية لعملية السلام المتوقفة مع الفلسطينيين. وفي خطاباته التي رفض فيها حل الدولتين أبلغ رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو جمهوره أنه إذا وافق على العودة إلى حدود «1967» فإن حماس ستصبح على بعد أربعمائة متر من منزله!
وفيما يستخدم نتانياهو المتحالف مع حزب «إسرائيل بيتنا» لغة قوية لتبرير موقفه الرافض للدولة الفلسطينية، فإنه قادم لا محالة ليحكم إسرائيل فترة جديدة. ولأول مرة، تضم الحكومة الإسرائيلية التي ستنجم عن انتخابات اليوم أحزاباً معادية علناً للعملية السلمية، كما أن نتانياهو يعتبر أول مرشح لرئاسة الحكومة ينادي بشطب فكرة الدولة الفلسطينية من العقول!
ومن المعروف أن العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي الآن في أسوأ حالاتها بسبب التوسع الاستيطاني الذي تعتبره الدنيا كلها غير شرعي، وتعتبر الضفة الغربية جميعها أرضاً محتلة وكذلك القدس الشرقية التي احتلت في حرب يونيو «67».
ومن خلال استعماله العبارات الرنانة وتبنيه مواقف المستوطنين يقول نتانياهو في خطاباته الانتخابية إن الأيام التي كانت تمنع فيها الجرافات من بناء المنازل الاستيطانية قد ولت إلى غير رجعة، مذكراً مستمعيه بأن سجله «أبيض» لأنه لم يلجأ إلى تفكيك ولو مستوطنة واحدة. ولا يشك المراقبون للأوضاع والسياسات الإسرائيلية أن الحكومة اليمينية المتشددة التي يزرعها نتانياهو ستقود إسرائيل في المستقبل إلى جدار مسدود وإلى عزلة دولية خانقة. أما رده الاستيطاني الشرس على لجوء الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لنيل عضوية المراقب، فمن شأنه أن يسرع في الوصول إلى ذلك الجدار، حيث أن ذلك الرد تضمن التعهد ببناء منازل تصل مستوطنة «معاليه أدوميم» بالقدس الشرقية مما يشطر الضفة إلى شمال وجنوب ويقضي تماماً على حلم الدولة الفلسطينية.
وعلى ضوء ذلك لا يجد الفلسطينيون أمامهم من سبيل سوى المقاومة السلمية الآن ولكن ربما المسلحة غداً، حيث لم تترك سياسات نتانياهو مكاناً للتفاهم. غير أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة مرات إلى جانب حقوق الفلسطينيين يعني عدم رضا العالم عن سرقة إسرائيل العلنية لأراضي الشعب الفلسطيني.
والأمر المؤكد هو أن الفلسطينيين ــ ومن ورائهم العالم كله ــ لن يرضوا بأن تتعامل معهم إسرائيل كغرباء فوق أراضيهم وسيعودون في وقت ما ــ سيكون قريباً جداً ــ إلى الكفاح بكل الوسائل التي تصل إليها أياديهم.
«انقلاب» في إسرائيل.. هل سيقع اليوم؟
بقلم: محمد خروب عن الرأي الأردنية
يذهب الإسرائيليون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار «120» نائباً يشكلون الكنيست «التاسعة عشرة» منذ النكبة الفلسطينية، وسط استطلاعات رأي تقول: أن قوائم اليمين الصهيوني والحريدي (الديني)، ستحصد أغلبية قد لا تكون كاسحة، إلاّ انها ترتفع عن نصف عدد المقاعد بثلاثة الى ستة مقاعد (62 – 66)، ورغم هذه الأجواء التي راهن عليها ائتلاف نتنياهو – ليبرمان عندما قرّرا خوض الانتخابات في قائمة مشتركة حملت اسم «الليكود – بيتنا».. فإن المترددين الذين لم يحسموا خياراتهم (15% من عدد الناخبين) قد يُحدثوا انقلاباً حقيقياً يطيح باليمين الصهيوني الديني او على الأقل يُصعّب من مهمة نتنياهو، إعادة انتاج أسوأ حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل كتلك التي قادها تحالف الليكود، وإسرائيل بيتنا، شاس ويهودوت هاتوراة.
وإذا كان اليمين الصهيوني قد نجح بعد الانقلاب (الديمقراطي بالطبع) الذي قاده مناحيم بيغن في أيار من العام 1977 في الاستمرار في حكم إسرائيل طوال أربعة عقود تقريبا (مع شراكة حزب العمل في حكومتين قبل ان يأتي اسحق رابين على رأس حكومة «يسارية» بمظلة حماية وفّرتها له الأحزاب العربية في الكنيست لترتفع أغلبية إلى مجرد 61 نائبا، كذلك عندما وصل ايهود باراك إلى منصب رئيس الوزراء قبل أن يطاح به سريعا).. فان المشهد الإسرائيلي الراهن يبدو أكثر تعقيدا من الانتخابات السابقة بعد ان وصل اليسار الإسرائيلي إلى مرحلة الانهيار (أو كاد) وبعد أن انزاحت أغلبية الإسرائيليين إلى صفوف اليمين وتأييد خطابه العنصري الاستيطاني الرافض لتقديم اي تنازلات (..) بل وهناك نجم يميني فاشي اسمه «نفتالي بينيت» عمل ذات يوم مديراً لمكتب نتنياهو في دار رئاسة الوزراء، لم يلبث ان انشق عنه وشكل حزباً حمل اسم «البيت اليهودي»، ارتفعت اسهمه في المعركة الانتخابية الراهنة بعد ان لم يجد نتنياهو «سواه» كي يحمل عليه ويتهمه بالكذب وانه هاو في السياسة وغيرها من الاوصاف اللاذعة التي عادت عليه (بينيت) بمزيد من المقاعد، بل اللافت انه بات يغرف من مقاعد الليكود - بيتنا وفي الوقت الذي ارتفعت فيه عدد المقاعد التي ستحصل عليها قائمة البيت اليهودي، كانت توقعات انصار نتنياهو ليبرمان تزداد تشاؤماً، اذ بعد ان تنبأ لها «خبراء» الانتخابات القادمون من الولايات المتحدة بالحصول على 45 مقعداً في اسوأ تقدير (في البدايات بالطبع) ها هي تستقر الآن عند (33-35) (وفق آخر استطلاع نُشر يوم الجمعة الماضي، كموعد اخير حددته لجنة الانتخابات لنشر استطلاعات الرأي).
ماذا عن الانقلاب؟
اذا ما سارت الامور وفق آخر الاستطلاعات، فاننا سنكون مع نتنياهو (الثالث) في حكومة جديدة، لن يستطيع التهرب من التحالف مع اكثر الاحزاب يمينية وتطرفاً وهي اضافة الى اسرائيل بيتنا (ليبرمان) البيت اليهودي (نفتالي بينيت) وشاس (درعي - يشاي) وقوة اسرائيل (غوتسما ليسرائيل بزعامة أرئيه إلداد وما ادراك ما هو هذا العنصري البغيض) وهي في مجملها ستتجاوز النصف زائداً واحداً أو مقعدين او ثلاثة، وهي حكومة ستَشُل يدي نتنياهو وتحول دونه وأي خروج عن الرؤية الصهيونية الدينية الاكثر تطرفاً، والتي تنادي بضم المستوطنات كافة اضافة الى ضم الاراضي الفلسطينية في المنطقة المسماة ج (وفق تسميات اوسلو) بافتراض ان نتنياهو معني بالسلام او حل الدولتين.
اما اذا ما اختار نتنياهو الذهاب الى «اليسار» وقام بضم حزب يائير لبيد (يش عتيد او هناك مستقبل) والحركة (هتنوعاه بقيادة تسيبي ليفني وساوم شاس على مزيد من الاموال، فان الامور ستأخذ مساراً آخر وبخاصة ان زعيمة حزب العمل شيلي يحموفيتش حسمت امرها، وقالت في شكل قاطع: أنها لن تشارك في حكومة يرأسها نتنياهو (طمعاً في الحصول على مزيد من المقاعد بالطبع وليس لأسباب سياسية حيث هذه الصحافية المحسوبة على اليسار لا ترى «مشكلة» في استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية)... اين من هنا؟ مساء اليوم سيُعرف ... الجواب.
الإخوان.. ونهاية مبارك
بقلم: محمد عصمت عن الشروق المصرية
يتوقع الكثيرون يوما دمويا يوم الجمعة القادم الذى يوافق الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، رغم أنه كان من المفترض أن يكون هذا اليوم مناسبة للفرح والاحتفال، بتحقيق قدر كبير من أهداف الثورة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
وقد جاءت الاشتباكات التى وقعت أمام محكمة جنايات الإسكندرية بين قوات الشرطة وأهالى شهداء ثورة يناير، ثم اشتباكات قسم شبرا الخيمة، بين الأمن والأهالى على خلفية مقتل أحد المواطنين بطريق الخطأ برصاص ضابط كان يطارد تجار للمخدرات ــ مجرد بروفة لاشتباكات دامية، قد يشعل فتيلها البعض إذا نفذوا تهديداتهم بضرورة إسقاط حكم الرئيس محمد مرسى والإخوان المسلمين، سواء باقتحام المقار التابعة لهم، أو بمحاولة حصار قصر الاتحادية أو مهاجمة وزارة الداخلية، وهو ما يستدعى بالضرورة، إشعال مواجهات بين هؤلاء الداعين لإسقاط النظام من جهة، وبين التيارات الإسلامية والشرطة من جهة أخرى.
وما يزيد من التوقعات بنشوب أعمال عنف، رسائل التهديد المتبادلة بيت ألتراس الناديين الأهلى والمصرى، والتى تنذر بعواقب وخيمة بانتظار حكم القضاء على المتهمين فى مذبحة نادى بورسعيد يوم 26 يناير، فجماهير الأهلى ترى ضرورة إنزال عقاب صارم على هؤلاء المتهمين كنوع من القصاص للأربعة وسبعين شهيدا، فى حين تهدد جماهير المصرى بأعمال عنف إذا حكم القضاء على هؤلاء المتهمين « الأبرياء» بعقوبات مغلظة، مطالبين بضرورة القبض على الجناة الحقيقيين.
إلا أن الأهم من كل ذلك، هو أن الإخوان أنفسهم هم الذين يهيئون المناخ لأعمال عنف بفشلهم الذريع فى الحكم، بدءا من تقسيمهم البلد إلى تيارين متصارعين.. وسعيهم للسيطرة على مؤسسات الدولة، المفترض أن تكون محايدة بين القوى المختلفة.. وتفصيلهم لقانون انتخابات البرلمان القادم، والذى رفضته كل القوى المدنية والكثير من رموز القوى السلفية لأنه بحسب قولهم جاء على مقاس الإخوان وحدهم، بحيث يضمن لهم أغلبية برلمانية يدركون جيدا أنها ستكون مزورة، بعد تيقنهم التام بتدنى شعبيتهم وسقوط مصداقيتهم وسط ملايين الناخبين.
وبالإضافة لذلك، فقد تبنى الإخوان سياسات اقتصادية تعادى الفقراء ومحدودى الدخل، و ترفع اسعار كل السلع الأساسية، وتصب فى صالح شركات قياداتهم الكبيرة، علاوة على علاقاتهم الغامضة بدول خليجية وبأمريكا وبإسرائيل وبصندوق النقد الدولى الذين رفضوا قرضه حينما سعى إليه نظام حسنى مبارك ووصفوه بالربا، ثم سعيهم الحثيث الآن للحصول عليه، وقبل ذلك كله تراجعهم عن كل وعودهم الانتخابية بدءا من برنامج الـ100 يوم، نهاية بالمشروع الوهمى المسمى زورا بالنهضة.
سلاح الإخوان الوحيد ــ بالإضافة إلى لجانهم الإلكترونية التى يهاجم بعض موظفيها منتقدى الجماعة بمنتهى السوقية والابتذال - هو شراء الوقت بسياسات هى نفس جوهر سياسات مبارك.. أما خطؤهم الكبير، فإنهم يتوقعون نهاية تختلف عن نهايته!
الانتخابات وهواجس الأردنيين
بقلم: عبدالله محمد القاق عن الزمان العراقية
الدعوة التي وجهها الملك عبدالله الثاني الى المواطنين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة واختيار الأكفياء لخدمة الوطن والمواطنين وزيارته مقر الهيئة المستقلة للانتخابات، يدل على رغبته في أن يتم اجراء الانتخابات في جو ديمقراطي وشفاف وبكل نزاهة لأنها حق دستوري لكل مواطن ومواطنة في هذه المرحلة ولاختيار مجلس نواب يُمثل الأردن وشعبه تمثيلاً حقيقياً يُحقق الاهداف والطموحات التي يرنو اليها المواطنون خاصة بعد تعديل قانون الانتخاب وايجاد القائمة النسبية التي تضم 27 نائباً من مختلف المناطق والمحافظات الأمر الذي أدى الى مشاركة 62 قائمة لانجاح هذا العرس الديمقراطي الذي سيتم في الثالث والعشرين من الشهر الجاري حيث سيتم مشاركة بعثات اوربية وعربية بغية الاشراف على الانتخابات والحد من وقوع أية شوائب قد تعطل سيرها.. فضلاً عن تحليل هذه العملية بشكل موضوعي وممنهج
والواقع أن هذه الخطوات التي تقوم بها الهيئة المستقلة للانتخابات بدعم حكومي كبير تنطلق من مبدأ الشورى الذي يرتكز على مبادئ الشريعة الاسلامية والمنبثق من الواقع والتقاليد ممثلا بدعوة جلالته في لقاءاته المتعددة بتطوير هذه التجربة تطويراً فاعلاً لتحقيق تطلعات المجتمع وقدراته الحقيقية للمشاركة في الرأي ليؤدي الى الافادة من خبرات أهل العلم والمعرفة ويُسهم في تنفيذ الاستراتيجية التنموية الشاملة وخدمة الصالح العام على نحو يكفل بناء الحاضر وصياغة المستقبل ومراجعة القوانين المختلفة المؤقتة او المستجدة وفق الصلاحيات المنوطة به، والتي اعدتها الوزارات والجهات المختصة مؤخراً.
فالديمقراطية التي تشهدها المملكة تنطلق من كونها تتجذر في مختلف المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأنها ركيزة أساسية في فكر ومنهاج الملك، وليس أدل على ذلك من الخطابات واللقاءات والكلمات المتكررة التي شدد فيها على أهمية الديمقراطية والشورى، لأنها ليست مستحدثة على الأردن، لأن ايماننا بالنهج الديمقراطي والشورى يعكس قدراتنا الذاتية، وان دستورنا المعدل سيسهم في تعزيز هذه المشاركة الشعبية التي كانت ولا تزال هدفاً نسعى ونجتهد في تحقيقها، لأن الانتخابات تتم في جو ديمقراطي حر ومنفتح؛ ما يؤكد الديمقراطية في مجتمعنا الاردني ويقوم المواطنون بالممارسة لتأصيل حقوقهم الوطنية انطلاقا من ايمان القيادة والشعب باصول هذه الممارسة الديمقراطية الحقة.
وأعتقد أن قوى المعارضة التي لن تشارك في هذه الانتخابات وخاصة جبهة العمل الاسلامي، جانبها الصواب، لأن من خلال هذه المشاركة تستطيع الحصول على المكاسب التي تريد وتُعدل القوانين التي ترى انها غير مناسبة للواقع او لمجتمعنا، ان هذا التخلف في المشاركة لن يؤثر على الانتخابات مهما روج البعض لذلك لان الجميع يريد حياة حرة وديمقراطية وبرلماناً يستطيع مواجهة التحديات الراهنة، خاصة اذا ما علمنا ان حوالي مليونين وربع المليون سجلوا اسماءهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
المشاركة الفعلية
فالمرحلة الحالية، تتطلب من المواطنين المشاركة الفعلية، في الانتخابات وليس العزوف عنها، لأنها تنطلق من العمل الدؤوب لتعزيز التعددية السياسية، والذي ينبغي على المواطنين كافة في مختلف المحافظات السعي الجاد والحثيث، لاختيار الأكفاء من النواب، في هذه الفترة من ثورات الربيع العربي للعمل من أجل توسيع مظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والحد من الفقر والبطالة بل والسعي لمبدأ تكافؤ الفرص وارتفاع الاسعار مستقبلاً، ووضع سياسة ضريبية متوازنة حتى لا يتم ارهاق المواطنين بالاضافة الى ايجاد سياسة واستراتيجية طويلة الامد، لخدمة المواطنين كافة.
ان هذه المرحلة حساسة، والواجب يدعونا جميعاً الى تضافر الجهود من أجل الاداء بأصواتنا في صناديق الاقتراع وعدم التردد في ادء هذه المهمة الوطنية لاختيار كل مخلص، وقادر على القيام بواجبه لخدمة الوطن والمواطنين باعتبار أن النواب هم من يمثلون الأمة جميعاً.
فالتخلف عن اداء الصوت في هذا اليوم بعد ان وفرت الهيئة المستقلة للانتخابات كل وسائل الراحة ويسرت الخدمات للمواطنين، من شأنه أن يكون بمثابة عمل سلبي، ومثلبة من المواطن تجاه بلده ومجتمعه، خاصة أن من عناصر قوة الاردن مشاركة أبنائه في اختيار خيرة الخيرة كما كان يقول الراحل الملك الحسين طيب الله ثراه، لأن الخيرة من شعبنا الأصيل هدفها بناء المستقبل وتميزه ليكون النموذج الافضل في الانفتاح السياسي والاقتصادي، وتبني مفهوم التنمية السياسية وتفعيل الاحزاب وصون الحريات العامة والانفتاح على العالم والافادة من تجارب الاخرين ومعطيات هذا العصر العملية والتكنولوجيا والثقافة، والذي ما انفك الملك عبد الله الثاني عبر جهوده الكبيرة للمطالبة والدعوة الى تحقيقها لتعكس الآثار الايجابية على حياة المواطنين وتوفير الحياة الكريمة والمستقبل الاكثر اشراقاً لشعبنا ووطننا العزيز.
واذا كنا نطالب المجتمع كافة بالقيام بدوره في الانتخابات فاننا ندعو الشباب والسيدات للقيام بدورهم لافراز مجلس نيابي قادر على تمثيل الشعب، ويعكس مطالبه وتحقيق مصالحه واحتياجاته.
والواقع ان الاردن حقق انجازات كبيرة بالرغم من الظروف الاقليمية التي تحيط به، وهو ما أعلنه عبدالله النسور رئيس الوزراء في ندوة في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية، حيث أكد أن الاردن بقيادته الفذة اثبتت نهج الوسطية والاعتدال، والتزمت بالحكمة والعقلانية في ادارة شؤون الدولة وقادت انجازاتها في مختلف المراحل، مشدداً على ان الملك عبدالله الثاني اوعز بكل الجهات الرسمية بعدم التدخل في سير العملية الانتخابية بأي شكل من الأشكال.
الأمل كبير في أن تتضافر كل الجهود لانجاح العملية الانتخابية وأن تجري بكل ديمقراطية وشفافية ونزاهة وحيادية تامة في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق التنمية السياسية وربط الاهدف التربوية والتعليمية والاجتماعية باستراتيجية طويلة الامد والعمل على التقدم نحو المركزية ومحاربة الفقر والفقة والجهوية والفئوية وأن يتوجه كل المواطنين المسجلين في سجلات الناخبين الى دوائرهم الانتخابية لاختيار الاكفأ والقادر على بناء الوطن والتفاعل مع قضاياه والحريص على دعم تطلعاته، وتحقيق اهدافه الوطنية والقومية.
"المرشد" يخوض حرباً مكشوفة ليبقى الأسد
بقلم: أسعد حيدر عن المستقبل البيروتية
تخوض الجمهورية الإسلامية في إيران، حرباً مكشوفة من أجل بقاء بشار الأسد رئيساً إلى الأبد، لأنّ بقاءه مصلحة استراتيجية للنظام الإيراني وتأكيد للخط السياسي الذي رسمه المرشد آية الله علي خامنئي ويتابع تنفيذه مباشرة. منذ اليوم الأوّل للثورة في سوريا، دعمت طهران النظام الأسدي بإسم حماية المقاومة ومواجهة المؤامرة الأميركية. بقي الدعم الإيراني، "مشودراً" بالكثير من المواقف الملتبسة، لكن ميدانياً، يعلم الجميع أنّ طهران لم تترك وسيلة إلاّ واستعملتها لمصلحة الأسد، سواء مادّية أو سياسية أو خبرات عسكرية، خصوصاً في حرب المعلوماتية. تحوّلت سوريا، إلى ساحة مكشوفة للدعم الإيراني المتداخل بالروسي.
التصعيد العسكري والسياسي في فترة ربع الساعة الأخير، دفع طهران إلى نزع "التشادور" عن موقفها. كشف علي ولايتي مستشار الشؤون الخارجية للمرشد الموقف الإيراني. أعلن ولايتي: "إنّ بقاء الأسد خط أحمر". طبعاً، لم ينسَ ولايتي، طبيب الأطفال السابق، تزيين هذا الخط الأحمر بأخضر الديموقراطية الخارجة من التجربة الإيرانية الواسعة، فأقرّ بوجوب إجراء إصلاحات في النظام الأسدي، علماّ أنّ د. ولايتي كان باستطاعته، وبإشارة من المرشد، أن يدفع الأسد قبل سنوات لإجراء الإصلاحات الملحّة والضرورية وأن لا يحوِّل "ربيع دمشق" إلى سجن كبير للمثقفين والمعارضين بهدوء، وأن لا يسخر من كبير هؤلاء ميشال كيلو فيقول لمَن طالب بإطلاق سراحه: "تقصد ميشال أوقية؟". فما الذي تغيّر في شخص الأسد حتى يغيّر عاداته التي شبّ عليها ولينظر إلى السوريين صنواً له، ويقبل بخياراتهم؟
لا أحد يمكنه تقديم ضمانات بأنّ الأسد سينفّذ أي اتفاق حتى لو وقّعته موسكو وطهران وواشنطن. مجرّد أن يشعر الأسد بالقوّة سينظر إلى الجميع وكأنّهم "أشباه الرجال". آخر تجلياته، أنّه فور تحسّن وضعه ميدانياً، عاد واستأسد وتكلم من موقع المنتصر، رغم أنّ الثورة ما زالت مشتعلة والضحايا يتساقطون بالآلاف. يشعر الأسد بالقوّة لأنّ لديه حلفاء يخوضون معه المعركة وكأنّها معركة المربّع الأخير، في حين أنّ حلفاء الثورة يجفّفون عنها المال والسلاح لتقبل بما يريدونه لهم ولسوريا.
إيران المأزومة اقتصادياً باعتراف الرئيس أحمدي نجاد أمام البرلمان أعلنت أنّها قدّمت مليار دولار لسوريا الأسد. هذا الإعلان ليس إلا "غيضاً من فيض". على الأقل قدّمت طهران أكثر من ستة مليارات دولار في السنتين الماضيتين، وفرضت على العراق دفع مليارات عدّة إضافية من النفط والمشتريات التي لا حاجة للعراقيين لها. أما الإعلان عن المليار فإنّه إعلان عن استعداد إيران للتضحية بحاجات الشعب الإيراني طلباً منها لنجاة الأسد، لأنّها تعرف أنّ المال هو "عقدة اخيل" النظام الأسدي. طهران تكرّر نسخ تجربة الاتحاد السوفياتي بأمانة. النظام السوفياتي استمر في الدفع لحلفائه الأوروبيين الشرقيين حتى إنهار من الداخل. لا يمكن لأيّ شعب في العالم أن يرى الصواريخ تصعد إلى الفضاء، وأمواله تطير خارج الحدود، وهو بحاجة إلى هذا المال الطائر لسد حاجاته اليومية الملحّة.
الرئيس بشار الأسد يتعامل مع الثورة بأنّها حرب إرهابية عربية دولية ضدّه، إمّا أن ينتصر عليها وإمّا أن يخسرها ومعه حلفاؤه. لذلك يحارب الأسد دون رحمة وهو يستعد للأسوأ. بالنسبة للأسد الحرب الأهلية الشاملة هي الحل. توحيد "اللجان الشعبية" و"الشبّيحة" و"شبيبة البعث"، في ميليشيا رسمية هي "جيش الدفاع الوطني"، مقدّمة لا بد منها للحرب الأهلية. الذين يعرفون الأسد عن قُرب يقولون إنّه مزدوج الشخصية في أفعاله وانفعالاته. إمّا أنّ "يستأسد" وإمّا أن يضعف وينهار. في الحالتين يبقى خطيراً جداً، لأنّ مَنْ يحرق سوريا ويعمل للحرب الأهلية، قادر على تفجير المنطقة على طريقة "شمشون"، أي "عليّ وعلى أعدائي يا رب".
سوريا أصبحت مشكلة إيرانية داخلية. الانقسام حولها يزداد عمقاً في النسيج السياسي الإيراني. موقف المرشد المتصلّب هو الذي يضبط الإيقاعات حتى الآن. آية الله علي خامنئي يريد بأيّ ثمن أن يبقى الأسد إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حتى لا يؤثّر التغيير في سوريا على الانتخابات، خصوصاً في تحريك الشارع الإيراني، وحتى لا يجلس إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن فيما بعد وهو ضعيف.
مشكلة المرشد آية الله علي خامنئي، أنّه دخل الحرب إلى جانب الأسد وأغلق الأبواب على كل الخيارات الأخرى، في وقت يُقاتل فيه فلاديمير بوتين إلى جانب النظام في سوريا وهو يؤكد أنّ ما يهمّه النظام وليس الأسد لأنّه كما قال في 20/12/2012: "نحن ندرك أنّ هذه العائلة (أي الأسد) في السلطة منذ 40 سنة، ولا ريب أنّ التغيير لا بدّ منه".
قيصر روسيا وضع نقطة بداية لنهاية الأسد في السلطة. يبقى متى وكيف؟
من المسؤول عن فشل الحل السياسي في سوريا
بقلم: النفطي حولة عن الشروق التونسية
كما هو معلوم تشهد سوريا دولة وشعبا أشرس وأشد حرب ارهابية كونية شاملة غير مسبوقة على الاطلاق في تاريخها المعاصر بزعامة تنظيم القاعدة وعلى رأسها كتائب النصرة بدعم سياسي من «أعداء الأمس» وهم أنفسهم «أصدقاء اليوم» من الادارة الأمريكية الى الفرنسية الى البريطانية ومادي ومالي تسليحا وتمويلا من شيوخ الخليج وخاصة من مشيخة قطر والمملكة العربية السعودية ومن تركيا أردوقان العثمانيين الجدد تدريبا وتجنيدا تحت عنوان ما يسمى «الثورة السورية» في سياق ما بات يعرف بالربيع العربي ربيع الاخوان المسلمين أي ربيع الاسلام السياسي المعدل جينيا في واشنطن المستنسخ من ربيع هيلاري كلينتون وربيع الثورات العربية المغدورة والمخطوفة من طرف الاسلامويين الحكام الجدد والعملاء الجدد لأمريكا المطبعين مع العدو الصهيوني. كما تعرض الشعب السوري في اطار هذه المؤامرة والهجمة الشرسة على سوريا المقاومة الى عديد القرارات الجائرة من «مجلس الأمن» القاضية بالحصار الاقتصادي والعسكري والديبلوماسي بتدخل سافر من القوى العظمى المهيمنة في تقرير مصيره.
بل حاولت الزج بمجلس الأمن لوضع سوريا تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة العسكرية ويسمح بالتدخل الأجنبي عسكريا على غرار ما حصل في ليبيا. لكن القوتين الصديقتين روسيا والصين الحريصتين على تطبيق مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية وحماية السلم العالمي واجهتا صلف وتعنت القوى الغربية باستعمال حق النقض في مناسبتين متتاليتين. ما أفشل خطة الهجوم والتدخل العسكري.
ولعله من نافلة القول التذكير بما طرحته القيادة الوطنية الشرعية السورية من مبادرة ترتكز على الحل السياسي والحوار بين كل الفرقاء والشركاء السياسيين منذ بداية الأزمة بعد استجابتها للمطالب الشعبية المشروعة التي نادت بها الجماهير في انتفاضتها السلمية قبل أن يقع عسكرتها وتسليحها من طرف العصابات الارهابية المسلحة والمرتزقة الارهابيين.
ولعله يجدر بنا التذكير أيضا الى السعي الحثيث من طرف الرجعية العربية بقيادة قطر التي رهنت ما يسمى بالجامعة العربية لقراراتها المنسجمة مع الادارة الأمريكية لإفشال خطة الفريق عمر الدابي ومن بعدها لإفشال خطة كوفي عنان في التمسك بالحل السياسي للأزمة في سوريا. وهاهي تتدخل مرة أخرى لإفشال خطة الأخضر الابراهيمي التي تتلخص في التمسك بجوهر خطة جينيف التي تدعو «للالتزام بسيادة واستقلال وسلامة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، ووضع حدّ للعنف ونزع سلاح المجموعات المسلحة، وعدم عسكرة الوضع في سوريا، وإطلاق عملية سياسية يقودها السوريون ويشارك فيها جميع من في سوريا» بعد ما أوحت لـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي صنعته المخابرات الأمريكية والرجعية العربية بتوجيه وإشراف وتدخل وتنصيب مباشر من طرف هيلاري كلينتون شخصيا في مؤتمر الدوحة في نوفمبر 2012«الذي لقي دعما من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بالاضافة الى جامعة الدول العربية » كما صنعت من قبله جماعة اسطنبول برئاسة برهان غليون وأفشلت كل المبادرات السابقة من أجل الوصول الى حل سياسي يحقن دماء الشعب السوري الذي يريد أن يبني سوريا الجديدة والمتجددة محافظا على دور سوريا العروبة في المقاومة والممانعة ومتمسكا بسيادته الوطنية واستقلال قراره الوطني واختيار من يحكمه دون وصاية ولا تدخل من الخارج تحت أي ظرف كان في انسجام تام مع ما كان يقوله الزعيم الخالد للأمة العربية جمال عبدالناصر «ان الشعوب التي تساوم على حريتها توقع في الوقت نفسه وثيقة عبوديتها ».
أو ليس من شروط الانتقال الديمقراطي هو القبول بالصراع الديمقراطي والحل السياسي بالجلوس الى طاولة الحوار والاحتكام في النهاية الى اللعبة الديمقراطية وصندوق الاقتراع؟
أليس من نافلة القول أنه على الذين يبحثون عن الاصلاحات الديمقراطية من المعارضة التي لا نستثني منها إلا من استثنى نفسه المشاركة في الحل السياسي مع شعبهم وقياداته السياسية الشرعية الوطنية المنتخبة؟
أليس حريا بمعارضة تحترم نفسها وشعبها والدولة السورية أن لا تضع شروطا مسبقة اذا كانت فعلا معارضة وطنية وديمقراطية جادة تريد الخير للبلاد وللعباد؟
فمن يا ترى أولى بوضع الشروط المسبقة؟ أليست القيادة الوطنية الشرعية المنتخبة؟ أليست تلك القيادة التي تقود المعركة التي فرضت عليها وعلى الدولة وعلى الشعب وفقا لأجندات خارجية استعمارية وصهيونية من أجل تدمير سوريا الدولة وسورية الدور وسورية المقاومة؟
فمن هو الأحق بوضع هكذا شروط؟ اليس من يدفع بجنوده وضباطه وخيرة كوادره في الجيش العربي السوري للشهادة في سبيل سوريا دولة وشعبا أولى بوضع الشروط المسبقة وأقلهن وضع سقف الشرط الأدنى الوطني؟
أم هل بات الأحق في زمن الجلابيين والكرازيين والاخوان المسلمين تلك المعارضة التي صنعتها المخابرات الأجنبية والرجعية العربية بين اسطنبول والدوحة وباريس وواشنطن وأشرفت على مؤتمراتها وتأسيسها في النزل الفاخرة؟
فعلى العكس من ذلك فالقيادة الوطنية الشرعية وإيمانا منها بالحل السلمي وبحثا منها عن الخروج من النفق المظلم لأصحاب الفكر الظلامي الارهابي الذين يديرون شبكات الارهاب الأعمى الذي فرض على سوريا من طرف العصابات الارهابية المسلحة من المرتزقة وجماعات تنظيم القاعدة ومن أجل مصلحة الجميع المعارضة والشعب والدولة السورية التي ضحى من أجلها يوسف العظمة والقادة التاريخيون الذين بنوها بسواعدهم وعقولهم ,هذه القيادة لم تضع شروطا مسبقة ولا حتى الأدنى الوطني الضروري في مثل هذه الأزمة الخطيرة الغير مسبوقة التي تمر بها الدولة. ذلك أنها قيادة تاريخية وترى أنها مسؤولة عن حقن دماء شعبها ومن واجبها الوطني الاستجابة لمطالب شعبها المشروعة في الاصلاحات الديمقراطية فلا تستثني الا من استثنى نفسه.
فإذا كانت نوايا المعارضة سليمة ولا تشوبها أية شائبة وإذا كانت غايتها حقيقية من أجل التغيير الديمقراطي والإصلاح السياسي الذي كما ذكرنا سابقا استجابت له القيادة الوطنية الشرعية منذ البداية عندما ألغت حالة الطوارئ والبند الثامن من الدستور بل تجديد الدستور جملة وتفصيلا وتأسيسه في ضوء مرحلة التحول الديمقراطي فلماذا لا تستجيب للحوار والحل السياسي دون وضع شروط مسبقة؟
فلماذا لا تتوافق هذه المعارضة في الجلوس الى طاولة الحوار السياسي وتدلي بدلوها في كل شؤون ادارة الحكم والدولة بعيدا عن وصاية الدوحة والباب العالي وواشنطن وباريس ولندن؟
فلماذا الاصرار على الاستقواء بالأجنبي؟ فهل تسمى معارضة وطنية تلك التي تدعي المعارضة للحكم في سوريا مهما كان سواء تحت رئاسة السيد بشار الأسد أو كائنا من كان وتدعي الاصلاح الديمقراطي وتزعم أنها تطالب بالتغيير بالاعتماد على الخارج وخاصة العدو التاريخي للشعب العربي وشعوب العالم قاطبة؟
فهل تسمى معارضة وطنية هذه التي لا تريد أن تؤمّن لشعبها انتقالا ديمقراطيا سلميا ولا هي تعمل على المحافظة على ممتلكاته الخاصة والعامة ومؤسساته ومنشآته الحيوية سواء في الغذاء أو الدواء وتعرض حياة الآلاف من المواطنين السوريين الى الموت والتقتيل والهجرة والتشريد؟
ولسائل أن يسأل : فمتى كانت الامبريالية الأمريكية صديقة للشعوب حتى تنتصر للشعب السوري؟ ألم تضرب شعبنا العربي العراقي بقنابل الفوسفور الأبيض وبأخطر أنواع الأسلحة فتكا ودمارا واحتلت العراق تحت كذبة كبرى اسمها التفتيش عن الاسلحة الكيميائية أو أسلحة الدمار الشامل؟ ألم تسمّ الاحتلال تحريرا في غزوها للعراق لا لشيء إلا لأن قيادته الوطنية تمسكت بالقرار الوطني المستقل وسيادتها على أرضها ودفاعها عن فلسطين القضية؟
أليست أمريكا هي من تصدر الارهاب لكل شعوب العالم وخاصة ضد شعبنا الفلسطيني المقاوم فتمول الجيش الصهيوني بأحدث ترسانة عسكرية بما فيها الأسلحة المحظورة دوليا؟ أليست هي من يقف الى جانب العدو الصهيوني قاعدتها المتقدمة في الوطن العربي لحمايته وتعطيل تنفيذ كل قرارات «مجلس الأمن» الصادرة ضده على الأراضي العربية المحتلة؟
و لسائل أن يسأل فهل مشيخة قطر تتبنى نظاما ديمقراطيا في تسيير شؤون مشيختها حتى تساعد الشعب السوري على ذلك؟ فأين هي هذه المشيخة من أسلوب الحكم الديمقراطي وهي لا زالت ترزخ تحت نظام عشائري تيوقراطي مشائخي قروسطي حتى تدافع وتتباكى عن الشعب السوري؟ فمتى كانت مشيخة قطر التي مازالت قيادتها العميلة والمتصهينة متخلفة سياسيا وثقافيا تفكر بعقلية القرون الوسطى فتوقف شاعرا حيث نقرأ في القدس برس«تعرض الشاعرالقطري محمد بن ذيب إلى السجن المؤبد بعد أن حكمت عليه محكمة أمن الدولة بتلك التهمة على أعتبار أنه تطاول على رموز الدولة والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم وذلك بعد قصيدة رد بها على الشاعر خليل الشبرمي» لا لشيء الا لأنه له رأي مخالف يؤمن بالديمقراطية كخيار في الانتخابات كشكل في الصراع الديمقراطي السياسي؟
والمضحك واللافت للنظر في الأمر أن مشيخة قطر هذه هي من يعمل على نشر «الديموقراطية» في كل من تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا وتروج «للثورات» من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية
فمتى كانت مشيخة قطر التي ثلاثة أرباعها استبدادا بالرأي ومحافظة على الحكم الملكي الموغل في الرجعية والظلامية والقمع والارهاب للرأي الآخر وثلاثة أرباعها محتلة بقواعد عسكرية للحلف الأطلسي في السيلية وهي المعبر الذي يمر منه التطبيع مع الكيان الصهيوني وربعها الآخر مواخير وملاهي للمارينز الأمريكي فمتى كانت مشيخة بهذه المواصفات تدافع عن مصلحة الشعب العربي السوري في الانتقال الديمقراطي ونشر الديمقراطية؟
فهل أن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي يقوده الاخوان المسلمون عملاء الامبريالية الجدد بتحالف مع اليمين الليبرالي والبعض من اليسار الانتهازي كجبهة ظلامية صهيونية نسجت خيوطها وبرزت أسماؤها ما بين اسطنبول وواشنطن والدوحة , هذا الائتلاف الذي أخذ مشروعيته وتوجيهاته وبرنامجه من ألد أعداء الأمة العربية تاريخيا جدير بتمثيل الشعب العربي السوري؟
أوليس حريا بمعارضة سياسية تحترم شعبها وتؤمن بالحد الأدنى الوطني أن تتخلى عن الارهاب وتوقف عصابات الاجرام الوحشي فتساهم في حقن دماء شعبها لتكون جزءا من الحل عوضا أن تكون جزء من المشكلة أو بالأحرى المشكله كلها؟
فمن المسؤول عن فشل زيارة السيد الأخضر الابراهيمي؟ هل من يضع العقبات والعراقيل بفرضه للشروط المسبقة ومن يأتمر بأوامر الدوحة واسطنبول وواشنطن؟
أم من لا يريد غير الجلوس للبحث في الحل السياسي وإدارة حوار وطني ديمقراطي دون املاء ولا شروط مسبقة والاحتكام لرأي الشعب في اختيار من يحكمه؟
فمن المسؤول عن مواصلة ازهاق الأرواح البريئة وتخريب وتدمير الدولة؟ هل هو من طرح الحل السياسي منذ بداية الأزمة ولا يزال محافظا على قراره الوطني ومدافعا عن استقلال سوريا عن الاجندات الخارجية واستجاب لمطالب شعبه المشروعة والعادلة في الاصلاحات السياسية والديمقراطية أم من رفض ولا يزال الحل السياسي وهو مرتهن للأجنبي ولا يريد الخير لا لشعبه ولا لسوريا الدولة؟
فمن هو الشرعي؟هل من يستمد شرعيته من شعبه في الداخل السوري ومن لم يفرط في استقلالية القرار الوطني مهما كان خلافنا معه في شكل الحكم أم من أوتي به من الدوحة واسطنبول ولندن وباريس وواشنطن ليلعب دورا مشبوها ولا شرعية له غير الاستقواء بالخارج؟
فلماذا ترفض هذه المعارضة التي تطرح نفسها بديلا على القيادة الوطنية الاحتكام لرأي الشعب السوري في اختيار من يحكمه ونراها تفرض أجندة أعداء الشعب في التنحي محاولة يائسة وفاشلة منها على تنفيذ أوامر حلف الناتو؟
فمن يؤمن بالخيار الديمقراطي عليه أن يقبل الاحتكام للصندوق وللعبة الديمقراطية دون شروط مسبقة.
فمن أنتم أيها الجلبيون والكرازيون من الاخوان المسلمين حتى تطالبون القيادة الوطنية الشرعية بالتنحي؟ فمن نصبكم؟أولاد ال.... فمن أتى بكم أيها الكرازيون الجدد؟ فمن هو لا وطني وجيء به من الدوحة واسطنبول وعواصم الغرب وكان دوره ولا يزال ديكورا في لعبة مصالح الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية لتدمير وتخريب سوريا الدولة وسوريا الدور وسوريا المقاومة لا يمكن أن يعطي دروسا لأحد لا في الوطنية ولا في الديمقراطية؟
ألا تخجلون من أنفسكم أولاد ال..؟.. فما أوسخكم أولاد ال....؟ فلتخرجوا من ملحنا من جرحنا من وطننا من أرضنا من سمائنا من هوائنا من أعماقنا من لساننا أيها الخونة.
«الإخوان»على حافة الهاوية
بقلم: مغازي البدراوي عن البيان الإماراتية
بعد صعود الإخوان للحكم في مصر مباشرة في العام الماضي، كتبت مقالاً تحت عنوان "الإخوان والصعود للهاوية"، وانتقدني البعض واتهمني بالتسرع في الحكم عليهم بعد أيام قليلة من توليهم الحكم.
والآن وبعد أكثر من نصف عام لهم في الحكم، أسمع الكثيرين يستخدمون نفس العبارة "صعود الإخوان للهاوية"، وليس أعداء الإخوان والكارهون لهم ولحكمهم هم فقط من يتنبأ باقتراب سقوط حكم الإخوان في مصر، بل إن الكثيرين من مؤيديهم ومن أنصارهم وأيضاً من حلفائهم في الخارج يتوقعون هذا الأمر.
وعلى رأسهم الأميركان الذين شككوا، أثناء أزمة الإعلان الدستوري وحصار الاتحادية منذ شهر مضى، في إمكانية استمرار الإخوان في الحكم، الأمر الذي دفع الجماعة لإرسال ممثليها إلى واشنطن لتقديم فروض الطاعة والولاء والتأكيد على مقدرتهم على الاستمرار، وسمعنا تصريحات القيادي البارز وعضو مكتب الإرشاد في الجماعة عصام العريان، يصرح للأميركان في واشنطن بأن "الإخوان في مصر هم أكبر ضمانة لأمن إسرائيل"، وتنقل وسائل الإعلام الأميركية تصريحاته للعالم كله، ويعود إلى مصر ليفجر قنبلته حول عودة اليهود الإسرائيليين لمصر وتعويضهم عن خسائر هجرتهم.
فترة الستة أشهر الماضية من حكم الإخوان، أثبتت بما لا يدعو للشك عدم قدرتهم على إدارة البلاد، حيث لم يهدأ الشارع المصري يوماً واحداً عن التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات ضد حكمهم. ولم يتعظ الإخوان من هذا الأمر ويحسنوا من أدائهم، بل استمروا في أخطائهم التي لا تتوقف، وقد غرتهم صناديق الانتخابات والاستفتاءات، وهذا يعكس عدم قدرتهم على استيعاب الثورة المصرية التي ركبوا موجتها ولم يشاركوا فيها..
هذه الثورة التي استطاعت في بضعة أيام إسقاط حكم مبارك الذي دام ثلاثين عاما، والذي كان يملك من القوة والعدد والعتاد ما لا يملك الإخوان ولا جزءاً بسيط منه، وميليشيات الإخوان وبلطجيتهم ليسوا أقوى من أجهزة أمن مبارك، ولا يستطيعون أن يواجهوا حشود الثوار المليونية، أما الملايين التي صوتت لهم في الصناديق فلم يكونوا في الواقع أعداء لنظام مبارك.
ولا علاقة لهم بالثوار، بل هم من أنصار الهدوء والسكينة والرضى بالأمر الواقع، وهؤلاء يختفون تماماً أثناء الثورات ويجلسون في بيوتهم ينتظرون النتائج ويتقبلونها كأمر واقع. وإذا كان أعضاء جماعة الإخوان عددهم نحو نصف مليون.
كما يدعون، فإن أعضاء حزب مبارك كانوا أضعاف ذلك، وكانت معهم جيوش الأمن، وكان قطاع كبير من الشعب مستفيداً من نظام مبارك، ورغم هذا نجح ثوار ميدان التحرير في إسقاطه، ولم ينفعه الأميركان ولا الصهاينة الذين يتقرب الإخوان إليهم الآن علناً.
الإخوان يعلمون جيداً أن سقوط حكمهم يعني رحيلهم من الساحة تماماً وإلى الأبد، فقد كشفوا كل أوراقهم، وسقطت أقنعتهم كلها، ولم تعد شعاراتهم الدينية الكاذبة تقنع أحداً. وأياً كان ثمن سقوطهم، فالثوار مستعدون لدفعه "كاش" في الميدان بدمائهم.
كانت أمام الإخوان فرصة لحكم مصر وأهدروها بانتهازيتهم السياسية وجهلهم بشؤون الحكم، وتعاملهم مع الأمور بأساليب قديمة وبالية، لا تتناسب إطلاقاً مع تطورات العصر وتقنياته الحديثة.
الحريق العربي
بقلم: أحمد بوكيوض عن بيان اليوم المغربية
بعد كل ما حدث ويحدث في سياق ما سمي ب (الربيع العربي) يتحتم الآن أخذ شيئ من الوقت للتأمل في المسار وقراءة الصورة بالكثير من التجرد وبعيدا عن مؤثرات حماسة العاطفة والاحلام الخاذعة. في كل البلدان التي اهتزت لهذا الربيع، بعد أن عصفت بديكتاتوريتها، قيل الكثير من الكلام الجميل عن (الثورة) والانعتاق والتحرر والديمقراطية والدساتير الجديدة و و و. وبعد كل ما قيل وروج لنتأمل قليلا:
تونس بظاهرتها (البوعزيزية) وبـ (ثورتها) اليسامينية، وبعد سنتين من حكاية (ديكاج )، هاهي عاجزة عن بناء مؤسسات مستقرة، وهاهو وضعها السياسي العام بين سندان (النهضة) ومطرقة الجماعات السلفية، هاهو المرزوقي أشبه برئيس جمعية منه برئيس جمهورية، هاهو الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تراجع وتردي ...
ليبيا جمهور الجماهيرية تائه بين الداعي إلى الفدرالية والمصمم على الإمارة الإسلامية. ونتائج الاستفتاء التي أعطت الأغلبية لـ «اللبراليين»، مطوقة بأحزمة الشبكات التي لا تطمئن الا لسلاحها .
مصر بكبرها وكبريائها «ام الدنيا» تطاحن وانقسام وعودة الى ميدان التحرير للتعبير عن رفض الدكتاتورية الجديدة وفتح الباب امام كل الاحتمالات ...
اليمن: أرض متنازع عليها بين قبائل الارهاب والتحالف الدولى المتردد او الحائر بين الخطط الناجعة في محاربة الارهاب و بين عروض الاوساط التي تنتفع من الشبكات الارهابية.
سوريا. في أرض الشام لكل ثورته وثواره. الجماعات الاسلاموية التي احتضها نظام الأسد تخلت عنه ولم يعد يحتمي الان الا بدعم ايران المشخص في (حزب الله) والاسلحة المهربة. اما بشاعة القتل الجماعي وقصف الاحياء وتذمير المدن والتهجير. فذاك واقع من صنف ما سمي بالثورات العربية التي تتيه في منتصف الطريق. لماذا التيه؟ وهل هذه بالفعل ثورات؟.
هناك من يجيب مباشرة بان ماحصل ويحصل في هذه البلدان فيه تعبير عن رفض الاستمرار في الوضع السابق. فيه رفض لطبيعة النظام القائم, فيه احتجاج على اوضاع اجتماعية. فيه تعبير عن ضيق مجال الحرية الشخصية والجماعية. ولكن مع كل ذلك فلا مجال للحديث عن ثورة او ثورات بمضمون سياسي واجنماعي.
هذه المفارقة يفسرها المتتبعون بضعف التاطير وتراجع دور الاحزاب والفعاليات الديمقراطية التي مفروض فيها ان تقود النضالات الديمقراطية وتوجهها وجهتها الصحيحة.
وفي غياب او ضعف هذا التاطير فالجمهور او الجماهير امامها طريقان لا اكثر:
< إما أن تنحاز الى الانتظار والترقب والانكماش على نفسها.
< أو الانطلاق بعفوية لطرق (باب السماء).
وما كان للعفوية وحركة الشارع في هذه الشروط, الا ان تعطي تلك النتائج الملغومة التي سرعان ما مكنت القوى المحافظة والنكوصية من ان تتولى زمام الامور والاستعداد للانقضاض والاستلاء على سفينة (الثورة) في كل تلك البلدان.
ففي سوريا يعتبر حزب التحرير السلفي ان الهدف الآن هو إقامة «دولة الخلافة» وأن كل المعارضين الآخرين المنضوين في تحالف المجلس الوطني مجرد خونة. ما يعنى أن نهاية نظام الأسد لن تكون سوى بداية لتطاحن جديد من النار والدمار.
في تونس لم تنته الأزمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل الا بمفاوضات ووساطات شاقة ودون أن تتراءى أية بوادر لوضع حد لاستفزازات واعتداءات الظلاميين على الحريات.
في مصر يريدون مركزة كل السلط في يد مرسي لأنه من أهل بيت الإخوان وفي ليبيا يناورون للتقليص أكثر ما يمكن من صلاحيات الجهاز المنتخب لأن قوى أخرى غير (الاسلاميين) هي الاغلبية فيه, وفيما تتحرك القنوات الدولية، أو الأممية، للاستعداد لنشر و(تعميم) الانظمة الاخوانية
تفيد كل هذه المؤشرات ان ما سمي بالربيع العربي سيكون له ما بعد وان زهرات الربيع ستتحول الى جمرات حريق..