تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 305



Haneen
2013-01-23, 12:51 PM
23/1/2013

اقلام واراء عربي

في هذا الملـــــــف:
أبو* ‬مازن*: ‬هناك* ‬من* ‬يحاول* ‬قتلي؟*!‬
صالح عوض عن الشروق الجزائرية

غزة والرهانات الحزبية الضيقة
علي جرادات عن الدستور

وداعا لاوسلو وحل الدولتين
رأي القدس العربي

الانتخابات البرلمانية الاردنية بين الوحدة الوطنية و'بعبع' الوطن البديل؟
راتب عمرو (كاتب فلسطيني) عن القدس العربي

الانتخابات الإسرائيلية بمنظـور لبــناني
طلال سلمان عن السفير

فلسطينيو 48 وانتخابات الكنيست: مقاطعة "عفوية" لنظام يزداد عنصرية
امجد سمحان عن السفير

حماية شرف الصوت الإسرائيلي
د.مطلق سعود المطيري عن الرياض

انتخـابات إسـرائيـل: فـوز خاص للمستوطنين!
حلمي موسى عن السفير

إسرائيل أمام خيارين: الدولة الدينية أو الدولة الديموقراطية
رندى حيدر عن النهار اللبنانية

المستوطنات وموازين القوة
فيصل جلول عن دار الخليج

عيون وآذان (أنتظر انتفاضة أو حرباً)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية

«أوباما الثاني» الرئيس رقم 44
عماد الدين أديب عن الشرق الأوسط

واشنطن إذ توزع «توكيلاتها» في الإقليم !
عريب الرنتاوي عن الدستور

تهويد مصر
أمجد عرار عن دار الخليج

إلى العلّامة يوسف القرضاوي..
حمدي رزق عن المصري اليوم






أبو* ‬مازن*: ‬هناك* ‬من* ‬يحاول* ‬قتلي؟*!‬
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
في مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين، كرر الرئيس الفلسطيني قوله بأن هناك من يحاول قتلي والتخلص مني، "وإن عرفات ذهب نفس الطريقة غيلة".. لم تكن هذه المرة الأولى التي يشير فيها أبو مازن إلى ان الضغوط عليه وصلت إلى مستوى التهديد بالقتل، وهذا ليس سرا بعد ان اصبح* ‬من* ‬لازمة* ‬القول* ‬لدى* ‬ليبرمان* ‬وعصابة* ‬اليمين* ‬المتطرف* ‬في* ‬اسرائيل* ‬ان* ‬يهددوا* ‬علنا* ‬بطرد* ‬او* ‬سجن* ‬او* ‬قتل* ‬الرئيس* ‬الفلسطيني*.‬
قبل أيام قليلة شاع بأن الاسرائيليين عرضوا على أبو مازن مليار دولار على ان لا يتوجه لمحكمة الجنايات الدولية، الا انه رفض العرض الاسرائيلي.. وفي الاتجاه نفسه لا بد من التذكير بأن ذهابه إلى الأمم المتحدة كان رغما عن الإدارة الأمريكية وبعض الإدارات الغربية، الأمر* ‬الذي* ‬جلب* ‬النقمة* ‬المالية* ‬عليه،* ‬اذ* ‬أوقفت* ‬الإدارة* ‬الأمريكية* ‬مساعداتها* ‬فورا* ‬ووجهت* ‬اشاراتها* ‬لأتباعها* ‬في* ‬المنطقة* ‬بتوقيف* ‬الالتزام* ‬بما* ‬سبق* ‬ان* ‬أخذوه* ‬على* ‬انفسهم*.‬
والسؤال هنا: لماذا يريدون قتل أبومازن؟! ألم يبرهن أبو مازن بالقول والفعل انه يريد السلام والتعايش مع دولة اسرائيلية يعترف بشرعية وجودها على 80 بالمئة من أرض فلسطين؟ ألم يفعل أبو مازن وسعه لتحييد العناصر الفلسطينية المقاتلة في الفصائل الفلسطينية ويحول أجهزة أمن السلطة إلى مهمات داخلية لضبط الأمن وقمع الشغب؟ ألم يكن أبو مازن هو من وضع حجر الأساس في عملية التفاوض مع اسرائيل التي انتجت اتفاقية أوسلو وما لحقها..؟ فلماذا اذن هذا التحريض على قتله علنا؟
بوضوح شديد ان كل هذه الحملة التي تستهدف أبو مازن انما هي لأنه فعلا مصمم على التسوية مع اسرائيل ووفر لها شروطها من طرفه، وانه لم يترك مبررا واحدا للتلكؤ الاسرائيلي.. لهذه الأسباب لابد من التخلص منه، لأنه يمثل حالة إحراج كبيرة للسياسة الاسرائيلية التي طالما استفادت* ‬من* ‬الرفض* ‬الفلسطيني* ‬والعربي* ‬للتسوية* ‬وجعلت* ‬من* ‬ذلك* ‬مادة* ‬حيوية* ‬لكسب* ‬التأييد* ‬الدولي* ‬والمساعدات* ‬غير* ‬المحدودة*.‬
ما يحصل الآن يكشف زيف الموقف الغربي الذي يطالب العرب بتسوية سلمية مع اسرائيل، ويكشف بأن العرب لم يضيعوا أية فرصة للتسوية مع اسرائيل، لأنها لا ريد التسوية اصلا، انما هي محاولات لتضييع الوقت وفرض وقائع على الأرض تغير من شروط المفاوضات.. وبعد ذلك تتحرك اسرائيل لقتل كل من سار معها خطوة في مسألة التسوية.. ألم يقتلوا عرفات بعد ان اعترف بشرعية وجود اسرائيل ودخل مفاوضات معها وألجم المقاومة المسلحة ضدها لمدة تزيد عن خمس سنوات.. فبماذا قابلت اسرائيل ذلك؟ لقد قابلته بالسم.
ليس المهم الآن الحديث عن ضرورة تغيير المنهج في التعامل مع الاحتلال، لأن ذلك يحتاج أوضاعا مختلفة وليس فقط حديثا مختلفا.. المهم هنا التأكيد على الثوابت الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة، ونحن لا نستبعد أن يفعل الاسرائيليون فعلتهم.. ولن يكون أي تصرف عدواني يقومون* ‬به* ‬مفاجئا* ‬انما* ‬هو* ‬اضافة* ‬جديدة* ‬في* ‬الذاكرة* ‬الفلسطينية* ‬والعربية*.. ‬فمتى* ‬يحين* ‬الوقت* ‬لتقول* ‬الأمة* ‬كلمتها؟






غزة والرهانات الحزبية الضيقة
علي جرادات عن الدستور
بصورة غير مسبوقة، فاجأت الجميع، احتشد في غزة، (وفقاً لأكثر التقديرات تواضعاً وحيادية)، 700 - 800 ألف، لإحياء الذكرى 48 لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، انطلاقة حركة «فتح» . هنا حدث فلسطيني كبير يحتاج إلى قراءة وطنية موضوعية، تنأى عن حشر دلالاته واستحقاقاته الكبيرة في نطاق تفسيرات فئوية ضيقة تواصل الدوران في حلقة الانقسام الداخلي، وما أفرزه من وعي حزبي مريض، بائس، ومشوّه، يتناقض، على طول الخط، مع وعي الشعب الوطني الأصيل الرافض للانقسام، والطافح بالاستعداد للتضحية في سبيل الخلاص من الاحتلال، وانتزاع الحقوق الوطنية المغتصبة في الحرية والاستقلال والعودة . وفي إطار القراءة الوطنية الموضوعية العميقة لهذا الحدث، يمكن الاجتهاد بالقول: منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي صار واضحاً وصول تجارب أحزاب حركات التحرر الوطني التي حازت السلطة بالشرعية الثورية إلى طريق مسدودة، بسبب عدم إدراكها، سيان بوعي أو بجهالة، أن تجديد، أو الحفاظ على الشرعية الثورية التي أوصلتها إلى السلطة بات مرهوناً بشرعية الانتخابات القائمة على التعددية والتنافس الحر بين البرامج المختلفة، وهو ما يتناقض مع نظام الحزب الواحد الذي لا يقود، (حتى مع ديكور الجبهة الوطنية)، إلا إلى الخلط بين الحزب الحاكم والنظام السياسي، وبين الأخير والدولة، وبالتالي إلى التفرد والإقصاء والانقسام والاحتراب والفساد . وقد كانت خسارة جبهة التحرير الجزائرية للانتخابات في العام ،1990 النموذج العربي الأبرز لعواقب هذا الخلط .
لهذا، وعليه، كان على حركة «فتح»، بوصفها التنظيم القائد للإطار الوطني الفلسطيني التحرري الجامع، منظمة التحرير الفلسطينية، أن تهضم الدرس، وأن تتعلم من تجربة غيرها، إذ بنشوء «السلطة الفلسطينية» في العام ،1994 ورغم طابعها الانتقالي، ومحدودية صلاحياتها، وفقاً لشروط اتفاق أوسلو القاسية والتزاماته الثقيلة، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، احتل معيار كيفية إدارة الشأن الداخلي مساحة أوسع في الحكم الشعبي على أداء فصائل المقاومة الفلسطينية المتنوعة، حتى إن ظلت إدارة الصراع مع الاحتلال والفعالية النضالية ضده، هي المصدر الأساسي، والمعيار الأول لشعبية هذه الفصائل . لكن يبدو أن قيادة حركة «فتح» التي نالت شرف تفجير الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة، وظلت بلا منازع، التنظيم القائد لحركة التحرر الوطني الفلسطيني، وأكثر فصائلها كفاحية، لم تلتقط، أو لم تلتقط بما يكفي، هذا التحول النوعي، حيث أدى، إدخال، (كيلا نقول «تذويب»)، التنظيم الشعبي للحركة في تنظيم السلطة وأجهزتها الأمنية والإدارية، إلى تحميله وزر هذه السلطة، بما هي خيار فاشل في إدارة الصراع مع الاحتلال، ومنفرد، وفاسد، وزبائني في الحكم وإدارة المجتمع، ما أدى، (منطقياً وبالضرورة)، إلى هزيمة حركة «فتح»، رغم سجلها النضالي المديد، في الانتخابات التشريعية والمحلية في العام 2006 التي كشفت عن تراجع شعبية الحركة، وتصدع تنظيمها، واستفحال الصراع بين أجنحتها . والأنكى، وعلى الرغم من هذه الهزيمة، فإن قيادة حركة «فتح» لم تتعظ، ولم تقم بإجراء المراجعة النقدية المطلوبة، لا كسياسة ولا كسلطة، فهل تقوم بذلك بعد المكافأة المعنوية، (الرهان)، التي أعطتها إياها جماهير غزة في ذكرى انطلاقتها ال48؟
وفي المقابل، يبدو أن قيادة حركة «حماس» التي حققت فوزاً مبهراً في تلك الانتخابات، لم تتعلم الدرس، بل واغترت بفوزها إلى درجة تجاهلت معها حقيقة أن فوزها كان تعبيراً عن رغبة شعبية في التغيير وجدت ضالتها، (آنذاك)، في ما قالته هي، («حماس»)، عن نفسها كقوة معارضة غير مجربة كسلطة، وأن اعتمادها «شيطنة» المنافسين وسيلة لكسب السلطة، يزيد متطلبات إثبات «ملائكية» الذات، وأن حصادها وفقاً للقائمة النسبية هو المعيار الأدق لقياس شعبيتها آنذاك، حيث حصلت على 29 مقعداً مقابل 35 مقعداً لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، (28 منها ل»فتح»، وأن اكتساحها لمقاعد القوائم الفردية، بحصولها على (45 مقعداً)، مقابل، (21)، ل»فتح» يعود إلى تشتيت الأصوات الفعلية التي حصلت عليها حركة «فتح» بسبب تعدد مرشحيها، وتنافسهم الذاتي، وأن جزءاً من التصويت لها، كان نكاية بمنافسها، «فتح»، وليس قناعة بها، ما يبقي رأيه قابلاً للتغيير بناء على ملموس إدارة الفائز للشأن الوطني، داخلياً وخارجياً، ويبدو لي أن هذا هو الدرس الداخلي الأهم لحدث إحياء الذكرى 48 لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، ذلك أن اغترار قيادة «حماس» بفوزها في تلك الانتخابات فاق كل تصور، وبلغ حدود عدم التدقيق في المخاطر، والتبعات، والتداعيات، الوطنية، التي ينطوي عليها اللجوء إلى الوسائل العسكرية سبيلاً لحسم الخلاف السياسي الداخلي، حيث أقدمت في يونيو/حزيران 2007 على السيطرة، بقوة السلاح، على قطاع غزة، وشق «السلطة الفلسطينية» إلى قسمين، بل وعلى انتهاج نظام سلطوي فج، فئوي، احتكاري، تسلطي، لم يتحمل حتى رؤية احتشاد مئات الألوف من المواطنين في نهاية العام ،2007 لإحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس والزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، حيث تم الاعتداء على المهرجان، ما أدى إلى سقوط 8 شهداء، وإصابة عشرات المواطنين، وإلى اتخاذ قرار يحظر عل حركة «فتح» إحياء المناسبات الوطنية، مع ما في ذلك من تجاهل لحقيقة أن هذه الحركة، هي، وعلى الرغم من خسارتها لجولة انتخابية، ما زالت تحظى بقاعدة شعبية واسعة وعريضة .
هذا فضلاً عن أن سلطة «حماس» لم تتسع حتى لمشاركة التنظيمات المحسوبة على تيار «الإسلام السياسي»، أو التنظيمات المناهضة، مثلها، لاتفاق أوسلو، مع كل ما أفرزه ذلك من أشكال القمع للحريات العامة والفردية، وممارسات الاستدعاء، والاعتقال، ومنع السفر، والتعدي على المؤسسات، بوضع اليد عليها، أو إغلاقها، في ظل حالة مجتمعية مثقلة بسياسة الحصار والعدوان والحروب «الإسرائيلية»، وبمشكلات اجتماعية واقتصادية حادة، مثل مشكلات الكهرباء، والتعليم، والصحة، والبطالة، وانهيار شرائح اجتماعية واقتصادية مقابل صعود شرائح أخرى ترعاها، وتستفيد منها، «حماس»، سواء عبر إدارتها ل»اقتصاد الأنفاق»، أو عبر جعل الوظيفة العمومية حكراً على أعضائها، ما جعل تبعات الحصار من نصيب الجميع، كمجتمع، بينما «المغانم» من نصيب «حماس»، كتنظيم .

وداعا لاوسلو وحل الدولتين
رأي القدس العربي
لا نجادل في ان الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية التي انتهت مساء امس هي اكثر الانتخابات مللا ولكنها قد تأتي باكثر النتائج خطورة على اسرائيل والمنطقة العربية باسرها.
وعندما نصفها بالملل وانعدام الاثارة، فاننا نشير بذلك الى معرفة نتائجها مسبقا، وغياب اي مفاجآت يمكن ان تغير في المعادلات السياسية. فنتنياهو وتحالف 'الليكود بيتنا' الذي يتزعمه سيكون الفائز حتما باكبر عدد من المقاعد التي تؤهله لتشكيل الحكومة الجديدة.
المنافسة في هذه الانتخابات كانت بين اليمين العنصري المتطرف، واليمين الاكثر عنصرية والاكثر تطرفا، اي بين 'اسرائيل بيتنا' وتحالف الوطن اليهودي الذي يتزعمه نيفتالي بينيت ويمثل الاستيطان والمستوطنين في الاراضي العربية المحتلة.
اكتساب الاصوات والتودد للناخبين للفوز باصواتهم لم يكن عن طريق طرح برامج سياسية لدعم العملية السلمية، وانما من خلال التأكيد على المضي قدما، وبوتيرة اسرع، في عمليات الاستيطان، ومصادرة الاراضي المملوكة للفلسطينيين، واقتحام باحة المسجد الاقصى وحائط البراق لاستفزاز الفلسطينيين وارهابهم واظهار التمسك بالقدس المحتلة ورفض اي تنازل عنها.
بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الحالي والقادم زار حائط البراق صباح يوم الانتخابات من اجل استمالة المتشددين والمترددين للتصويت له بذريعة انه الاكثر تمسكا بالقدس المحتلة والاستيطان فيها وحولها لاكمال عملية تهويدها.
هذه الانتخابات ونتائجها، والاجواء التحريضية التي رافقتها ضد العرب ستكون نقطة تحول رئيسية في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي من حيث قتل حل الدولتين والعملية السلمية التي من المفترض ان تؤدي اليه، واعادة ضم الضفة الغربية او اجزاء رئيسية منها في افضل الاحوال.
وليم هيغ وزير خارجية بريطانيا الذي يوصف بانه من اكثر المنحازين الى اسرائيل قال امام البرلمان البريطاني امس ان احتمالات تطبيق حل الدولتين للصراع العربي ـ الاسرائيلي انعدمت تقريبا بسبب التوسع في النشاط الاستيطاني اليهودي في الاراضي المحتلة، وحذر من ان ذلك يفقدها تأييد المجتمع الدولي.
اكتفاء دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة باطلاق مثل هذه التحذيرات والانتقادات الكلامية فقط هو الذي ادى الى التغول الاستيطاني الاسرائيلي وقتل حل الدولتين.
فهذه الدول، والولايات المتحدة زعيمة العالم الغربي على وجه الخصوص تشهر سيف المقاطعة الاسرائيلية، وتحشد دباباتها وطائراتها في وجه اي دولة تنتهك القانون الدولي وتهدد السلام العالمي، ولكن عندما تكون اسرائيل هي الدولة المتهمة فان الحال يتغير كليا، ويصبح الاستجداء والتحذير هو الاسلوب المتبع في التعاطي معها.
امامنا اسبوعان او ثلاثة اسابيع على الاقل حتى يكمل رئيس الوزراء المعين مشاوراته مع الكتل النيابية المتطرفة لتشكيل حكومته ولا نستبعد ان يتسارع الاستيطان فيها وعمليات مصادرة الاراضي.
الحكومة الوليدة ستكون حكومة حرب: حرب على الفلسطينيين اولا، ثم حرب اقليمية في المنطقة تحت ذريعة انهاء الخطر النووي الايراني، وتهديدات حركتي حماس في غزة وحزب الله في لبنان.


الانتخابات البرلمانية الاردنية بين الوحدة الوطنية و'بعبع' الوطن البديل؟
راتب عمرو (كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
ما من شك ان النقاشات الدائرة على الساحة السياسية الأردنية هذه الأيام والمتمثلة في تصريحات العديد من الشخصيات السياسية والبرلمانية والأعلامية والشعبية، والتي طفت على السطح في الأونة الأخيرة وبدت وكأن هؤلاء يدقون ناقوس الخطر بنبش ملفٍ من اخطر الملفات في تاريخ المملكة منذ تأسيسها، من باب خوفهم على الأردن من خلال تكرارهم لما يسمى بمقولة 'الوطن البديل' وأسطوانته المشروخة البالية والتي تأتي في غير توقيتها المناسب، خاصة وقد طغى على تلك النقاشات والمناكفات رائحة المناطقية وتغليب ذلك على التاريخ السياسي الطويل.
المتأمل في تلك النقاشات والتجاذبات التي ارتفعت وتيرتها في السنوات والأشهر الماضية يلاحظ وللوهــــلة الأولى بأنها تتناقض مع التوجهات الرسمية لرأس النظام وممارسات الدولة الأردنية على الأرض وخاصة تلك التي طغت على المشهد السياسي الأردني خلال الأشهر الماضية، وجُل اسبابها يتعلق بالعلاقة الأردنية الفلسطينية التي كثُر الحديث عنها مؤخراً في اعقاب اعلان 'الدولة' الفلسطينية، والأنتخابات البرلمانية الأردنية المقررة اليوم.
ما اريد قوله هنا فيما يتعلق بمقولة 'الوطن البديل' يصب في مصلحة ابناء الأردن دونما استثناء ودون تحّيز او تمييز، وهو ان بعض الأوساط الأسرائيلية المتطرفة درجت في السنوات الأخيرة وعلى فترات تكرار عبارة ' الوطن البديل' كجزء من حربها النفسية الممنهجة ضد الفلسطينيين، سواء من بقي منهم على ما تبقى من ارض فلسطين التاريخية في الضفة والقطاع، او من يتواجد منهم في دول الجوار العربي وأغلبهم على اراضي المملكة الأردنية الهاشمية، في محاولة لطرد شبح 'حق العودة' من عقولهم وأيصالهم الى مرحلة متقدمة من اليأس، ثم ان المطلوب اسرائيلياً هو ان يعيش الأردن بكافة مكوناته السياسية والأجتماعية حالة خوف على الدوام من المكوّن الفلسطيني، ناهيك ان افساد العلاقة الأردنية الفلسطينية هو هدف من اهداف التطرف الأسرائيلي ويأخذ مساحة واسعة من مخططاته وأهتماماته الممنهجة، جازما بأن لا هذا ولا ذاك لم ولن يكون ممكنا لأن مخططات اسرائيل في السنوات القادمه تتمثل ان تتمدد اسرائيل في المنطقة العربية وتصبح جزءا من منظومة 'الشرق الأوسط الجديد' التي يتم الأعداد لها اميركيا وأوربياً من خلال التجييش ضد الملف النووي الأيراني بعد ان التقى الخوف العربي مع المصالح الأسرائيلية.
ولا اظن ان حق العودة الى الوطن الأم فارق الذاكرة الفلسطينية، حتى على الرغم من ان مساحة كبيرة من تلك الذاكرة لم تعد تؤمن او انها لم تعد تصدق مقولة 'التحرير' التي عاش على ايقاعها نفر ليس بالقليل خلال السنوات الماضية، ثم ان اعلان الدولة الفلسطينية جاء ليضع العلاقة الأردنية الفلسطينية امام امتحان صعب وأن هذا الأمتحان إما ان يجمعنا لنبني مستقبلنا السياسي والأقتصادي والأجتماعي معاً، وإما ان يفرقنا الى ان نصحو لنجد اننا اخطأنا بحقنا وحق اجيالنا القادمه التي سترفض الفُرّقة وتتمرد عليها وعلينا.
غير ان الحقيقة المرة التي لا يرغب الكثير سماعها ممن يعتقدون بتفردهم بالولاء لهذا الوطن الذي يضم بين جنباته اخوة واشقاء من كافة الأصول والمنابت، هي ان تلك الأوساط الأسرائيلية المتطرفة تؤمن ان الأردن بحدوده الجغرافية هو جزء من ارض شعب اسرائيل التي منحها اليهم الرب 'ارض الميعاد'، وهي جزء مما ورد في بروتوكولات حكماء صهيـــــون 'من النيل الى الفرات'، وهذا ُحُلمٌّ عفى عليه الزمن منذ ان وقعّت اسرائيل والأردن على اتفاقية وادي عربة التي يعترض عليها البعض حتى ممن يعزفون على وتر 'الوطن البديل'، وأن اعلان الدولة الفلسطينية والعـــلاقة الأردنية الفلسطينية اذا قُدّر لها ان تكون ستنهــي هذه المقولة وتضع حدا لها والى الأبد، خاصة اذا كان لهذه الدولة الفلسطينية ان تكتمل، ولهذه العلاقة التاريخــية ان تتجذر وتطفو على السطح.
وقد اتفهم هذا الحرص والقلق على الأردن من باب ان الأطماع الأسرائيلية ليس لها حدود ولا تحكمها معاهدات او اتفاقيات دولية اذا ما سادها التطرف وطغى عليها التنكّر والجحود، ولكنني لا افهم هذا اذا ما كان مرده الخوف من 'البعبع' الفلسطيني، تحت هذه الأسطوانة التي مللنا من سماعها وسئمنا من تكرارها، والتي اعتاد الكثيرون على ترديدها ليس من باب الخوف على الأردن بل من باب الخوف من الآخر ومن باب المصالح الشخصية طمعا في منصب او تقرّبا من مسؤول اعتقادا منهم ان الولاء للوطن والنظام لا يتأتى الا من خلال التحيّز ضد الأخر والتجني على انجازاته والتنكر لحقوقه، رغم ان هذا الآخر ومن ثبت منهم على التراب الأردني لم يكن في يوم من الأيام الا نموذجا من نماذج الولاء والأنتماء لهذا الأردن الذي احب، وأن الولاء للأردن لم يكن في يوم من الأيام على حساب فلسطين، كما ان الأنتماء لفلسطين لم يكن ولن يكون على حساب الأردن، ثم أن من بقي على ارض فلسطين فقد تشبث بها حباً وأنتماءً لهذا الفُتات من الوطن الذي تبقى له.
افهم كذلك ان الأنتخابات البرلمانية الأردنية تَقرر اجراؤها اليوم، وأن الحكومة الأردنية عملت كل ما تستطيع لأنجاحها وأنجاح التجربة البرلمانية في الأردن. ولكنني لا افهم هذا التناقض بين الجهد الذي قامت به الدولة لانجاح التجربة الديموقراطية، وتشجيع المواطن الأردني على الأقبال على تلك الأنتخابات، من خلال الحملة الأعلامية المكثفة في جميع وسائل الأعلام المرئية والمسموعة، حتى انها خصصت من برامجها تلك مساحة واسعة من جهدها الرسمي والشعبي لتشجيع ذوي الأصول الفلسطينية على الأقبال لأستلام بطاقاتهم الأنتخابية والمبادرة للأدلاء بأصواتهم في صناديق الأقتراع، مستعينة بجهات فلسطينية رسمية وشعبية داخلية وخارجية لأتمام هذا العرس الديموقراطي الذي نتمنى ان يتم على احسن وجه.
الأمر الذي يبدو للمتابع منذ الوهلة الأولى انه يشكل تناقضاً واضحاً بين ما يُقال في وسائل الأعلام وعلى السنة نخبة من كبار القوم في مجالسهم الخاصة تارة وعلى رؤوس الأشهاد تارات اخرى وبين ما قامت به الدولة خلال الأشهر الماضية. ثم ان ما قامت به الدولة من جهد مُضن لأنجاح التجربة الديموقراطية- واذا ما فهمناه على طريقة من يعتقدون بتفردهم بالولاء لهذا الوطن كأنه تعزيز لمقولة 'الوطن البديل' وترسيخ لها على اعتبار ان من بين الذين استهدفتهم جهود الدولة ادوات لهذا 'البعبع' الذي يخافون ويحذّرون منه. الأمر الذي يمكن فهمه على ان خوف هؤلاء وتحذيراتهم ومناكفاتهم انما هي اهدار للوقت ونبش للماضي وتقليب للمواجع، وأن رأس النظام وطموحاته وتطلعاته المستقبلية في واد وأن هؤلاء العازفون على هذه الأسطوانة المشروخة في واد اخر.
تمنيت لو ان الحكومة الأردنية لم تلجأ الى جهات فلسطينية رسمية، وتمنيت اكثر لو ان الجهات الرسمية الفلسطينية لم تحشر نفسها في الشأن الداخلي الأردني، لأن ذلك قد يُستغل من قبل بعض النُخب الأردنية بأنه تكريس لما يُسمى 'بالوطن البديل' سواء ضد الدولة او ضد ذوي الأصول الفلسطينية بأعتبار ان مرجعيتهم ليست اردنية وأنهم يحددون علاقتهم وأنتماءهم لهذا الوطن بموجب اجندات خارجية.
وفي غفلة من هؤلاء وغفلة من الزمن اقتربوا كثيرا من احد اهم اركان التميّز الأردني، وأسباب منعته وأستقراره الا وهو ركن 'الوحدة الوطنية'، وصحيح ان شبح 'الوطن البديل' يطارد الذاكرة الأردنية من كافة المنابت والأصول، ولكن غير صحيح ان نُصبح ادوات ومن حيث لا ندري في ايدي التطرف الأسرائيلي لنعبث في المحرمات وندخل دهاليز الصراعات الضيقة من بوابة هذا المسمى، بدلا من ان نوحدَّ جهودنا وأمكانياتنا وهي كثيرة للوقوف في وجه اي مخطط للعبث بهذه الوحدة الوطنية الأنموذج والأنجح في تاريخ المنطقة العربية.
وأخيراً فإن ما جمع اطراف المعادلة الأردنية سواء من هم من شرقي النهر او من غربه سويّا على هذا التراب الذي تعايش الجميع معه فأصبحوا جزءا من ذاكرته التاريخية والسياسية هو وحدة مقدسة، وقدما معا وجنبا الى جنب التضحيات والشهيد تلو الآخر في الكرامة والمغطس وغور الصافي وديرعلا والشونة الجنوبية والشمالية، فداءً للأردن ودفاعا عن ترابه الطهور، كما قدما معا وسويا التضحيات والشهيد تلو الآخر في القدس وباب الواد واللطرون والسموع وقلقيلية وجنين فداءً لفلسطين ودفاعا عن ترابها الطهور.
كما ان المكوّن الفلسطيني عاش على تراب هذا الأردن الذي احب، عليه كل ما عليه من واجبات وله بعض ما له من حقوق، وقبل بما لا ولم ولن يقبله اقرانه من اي مكوّن اخر، ورغم كل هذا وذاك فهو قابل وصامت ولكن ماذا بعد؟
كل ذلك يدفع الجميع بل يتوجب عليهم ان يتعمقوا اكثر وأكثر بأن تلك الوحدة المقدسة كانت ولا تزال وستبقى على مدى الزمن نموذجا ونبراسا للوحدة العربية، بدأت معالمها في الظهور حتى قبل سقوط فلسطين وقبل قرار التقسيم، وترسّخت وتجذّرت بعد ذلك، ثم اننا نعيش هذه الأيام احداث الربيع العربي بما فيها من تناقضات اوصلت البعض من دول الجوار الى ما لا يسر الصديق ولا حتى العدو، فلماذا لا نتعظ؟.


الانتخابات الإسرائيلية بمنظـور لبــناني
طلال سلمان عن السفير
أفترض أن نسبة لا بأس بها من المواطنين العرب في مختلف أقطارهم، مشرقاً ومغرباً، قد تسمّروا ليل أمس، أمام الفضائيات يتابعون نتائج الانتخابات في إسرائيل، ويستمعون إلى الشروحات والتعليقات حول مسار هذه «العملية الديموقراطية»، التي أريد لها أن تكون نموذجية وكاشفة لبؤس أحوال الشعوب العربية بالمقارنة مع هذه «الأقوام» التي تمّ تجميعها من مختلف جهات الأرض لإقامة دولة يهود العالم على أرض فلسطين.. العربية؟!
هي دولة العدو، نعم. لكنها تتحدى الأمة العربية جمعاء بأنها وهي العنصرية بالمشروع والنشأة والتكوين، يمكنها أن تدعي أنها تكاد تكون «الدولة الديموقراطية الوحيدة» فوق الأرض العربية.
لقد غطت بالديموقراطية عيوب التكوين العنصري، وطبيعتها العدوانية، وجرائم احتلالها أرض الشعب الفلسطيني وأراضي دول أخرى، بينها لبنان وسوريا ومصر الممنوعة من بسط سيادتها على شبه جزيرة سيناء فضلاً عن القيود المفروضة عليها في حركتها السياسية وفي اقتصادها. أما الأردن فترعاه وتحافظ على كيانه ودوره كمركز استخباري مهم وكجدار حماية عند الضرورة.
وأفترض أن المهتمين بالسياسة والمعنيين بالشأن العام من أهل الطبقة السياسية قد تابعوا هذه الانتخابات في «دولة العدو» من باب الاهتمام بما يدور من حولنا عموماً، وبالذات في الكيان الإسرائيلي، واستمعوا إلى أكثر من تحليل جاد لاتجاهات الرأي العام في إسرائيل.
وأحب أن أفترض، أيضاً، أن بعض أهل الطبقة السياسية، ولا أقول كلهم، ربما يكون قد اكتشف أنه أكثر عنصرية من الأحزاب والقوى السياسية في الكيان الإسرائيلي، وهي عنصرية بالعقيدة والتكوين.
لقد تمكن المشروع الإسرائيلي من بناء دولة مركزية قوية، وصهر أشتاتاً من اليهود استقدمهم من أربع رياح الأرض في بوتقة «دولته» موحداً في جنسيته (العنصرية) جنسياتهم المتعددة، وأقام مجتمعاً راسخ البناء.
أما نحن في هذا الوطن الصغير، لبنان، فإن الطبقة السياسية قد نجحت وإلى أقصى حد في تقسيم الموحّد وتفتيت المؤتلف، فصار مجتمعنا مجتمعات متواجهة، وصارت الطائفية والمذهبية سدوداً فاصلة بين «الرعايا» الممنوعين من أن يكونوا موطنين.
إن المناقشات الجارية منذ أسابيع طويلة حول قانون الانتخاب مهينة لكل لبناني. إنها تجتهد لنسف كل ما هو موحِّد ولكل ما هو مشترك بين اللبنانيين. وأول ما تلغيه هو «المواطن» إذ تعيده إلى «رعية» لطائفته، أي للقيادات المطهمة من ملوك الطوائف.. وباسم الديموقراطية.
من قبل، كان غلاة الطائفيين من أهل الطبقة السياسية يتباهون بأن لبنان قد اتسع لسبع عشرة طائفة، وأن نظامه الفريد قد نجح في صهر هذه الأشتات فوحّد رعاياها في بوتقة الهوية اللبنانية الجامعة.
لكن الواقع قد كشف أن هذا الكيان المقام أصلاً على قواعد طائفية هي أركان نظامه لا يقبل أن يتوحد رعاياه بالانتماء الوطني، ولا يعترف بهم كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.
وها هي الطبقة السياسية تعيد الموضوع إلى ما هو أدنى من الطوائف، إلى المذاهب والشيع، فإذا الكاثوليكي غير الماروني وإذا الأرثوذكسي من أصل عربي (لبناني) غير الأرثوذكسي من أصل أرمني، وبطبيعة الحال فإن السني غير الشيعي والدرزي غير العلوي، وإذا ليس في لبنان «مواطنون» بل «رعايا» لطوائفهم.. وإذا الزعامات والقيادات المقرّرة في شأن التمثيل الشعبي (الديموقراطي!!) هي المرجعيات السياسية من «ملوك الطوائف».
ويجب أن نشهد لهذه الطبقة السياسية في لبنان أنها في كل تجربة انتخابية جديدة تتجاوز ذاتها، فمن كان طائفياً صار مذهبياً.. وليس أسهل من أن تتحول الطائفية عنصرية، وما أسهل ما تنمو الكراهية والأحقاد في صدور من كانوا «مواطنين» هم أبناء شعب واحد ووطن واحد ليصيروا خصوماً وأعداء يقتتلون ـ بالسلاح ـ في المعركة المجسّدة للديموقراطية: الانتخابات اللاغية للوطن الواحد ووحدة رعاياه.
إننا نهدم مشاريع دول لشعوب كانت موحدة، في حين أن عدونا الإسرائيلي يبني دولة منيعة من أشتات بشر كانوا «مواطنين» في دول أخرى، فاستقدمهم بمشروعه العنصري وأقام منهم أقوى دولة في هذه المنطقة، وجعلها قاهرة لإرادة الأمة جميعاً.
وفي لبنان الذي كان مشروع دولة لوطن صغير يُمزق الآن بأيدي قادته من أهل الطبقة السياسية ليغدو مجموعة من إمارات الطوائف والكيانات المنفصلة إلى حد العداء، لا تجمع بين أهلها وحدة الأرض ولا وحدة المصير.
وهناك أقطار عربية أخرى تمزقها الحروب الأهلية، معلنة أو مستترة، متفجرة أو هي في الطريق إلى التفجّر، الآن، لأن «الزعماء» و«القادة المخلدين» فيها لم يعرفوا كيف يحفظونها بدولة لكل مواطنيها، قبل أي حديث عن التقدم والازدهار والمنعة، فكانت النتيجة أن عرّضوها للتفكك، وعرّضوا عمرانها للتدمير، وتركوا شعوبها مزقاً من الطوائفيين المفقرين والمهجرين الباحثين عن بطاقة لجوء إلى أي بلد آخر.
هل يخجل أهل الطبقة السياسية في لبنان من هذا النموذج الإسرائيلي في التوحيد، أم تراهم يتباهون بأنهم قد نجحوا في أن يؤذوا وطنهم في وحدة شعبه، وفي حقه في دولة لكل أبنائها، فحققوا ما عجز عنه الآباء في المشروع الصهيوني ثم الأبناء في دولة يهود العالم؟!


فلسطينيو 48 وانتخابات الكنيست: مقاطعة "عفوية" لنظام يزداد عنصرية
امجد سمحان عن السفير
تراوحت مواقف فلسطينيي 48 بين مقاطع ومشارك في انتخابات الكنيست أمس، ولكل أسبابه السياسية والاجتماعية. ولكن يبدو أن مشاركة الفلسطينيين سجلت نسبة ضعيفة مقارنة بالعام 2009 (أكثر من 50 في المئة)، ما شكل مفاجأة للأحزاب العربية المتنافسة. وبرغم النداءات المتكررة من كل الأحزاب العربية في الأراضي المحتلة العام 1948، والمناشدات بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، من أجل حماية الأصوات العربية في الكنيست، وعدم خسارة مقاعد للأحزاب المشاركة، قاطع جزء من الفلسطينيين الانتخابات.
وأبدى كثير من فلسطينيي 48 عدم مبالاتهم بالانتخابات، ولم يستجيبوا لنداءات الأحزاب التي أرسلت إليهم عبر أبواق المساجد والكنائس، وبواسطة الهواتف النقالة.
وقالت الكاتبة رجاء زعبي عمري (55 عاما) لـ"السفير" إن هذه المقاطعة "عفوية وغير منظمة لكنها مقاطعة سياسية"، مضيفة "أنا واحدة من شريحة تقاطع الكنيست الصهيوني لأنه يعبر عما يسمى حق اليهود على أرض فلسطين، ويجسد سيادة الشعب اليهودي على أرض فلسطين، وهذا أمر لا نقبله". وأوضحت أن "وجود الأحزاب العربية في هذا الكنيست يعني أنها ستشارك على أساس أنها تمثل أقلية، وهذا ما لا نريده".
وأشارت عمري إلى أن المقاطعة العربية للانتخابات تعبر عن قناعة واحدة، هي أن "نصف الفلسطينيين خارج اللعبة الديموقراطية التي تتغنى بها إسرائيل".
من جهتها، اعتبرت الناشطة الاجتماعية رنا عوايسة، المقاطعة للانتخابات، في حديث إلى "السفير"، أن "الكنيست هي السلطة التشريعية في إسرائيل، وهي التي تشرع القوانين العنصرية ضد شعبنا وبالتالي ليس منطقياً أن نكون ضمنها"، لافتة إلى أن "تجربة أعضاء الكنيست منذ 30 عاماً لم تنجح في التصدي للقوانين العنصرية". وتابعت "من يحاول القول إننا ومن خلال وجودنا في الكنيست كعرب ننتزع حقوقنا، أقول له إن هذه الحقوق تنتزع عبر النضال والنزول إلى الشارع وليس عبر الدخول في الكنيست لنكون ديكورات".
أما الصحافي زهير اندراوس، الذي شارك في عملية الاقتراع، فعزا عدم مشاركة الفلسطينيين إلى ثلاثة أسباب، هي "الإحباط الشديد لعدم إيمانهم بجدوى العمل البرلماني في ظل عدم تمكن الأحزاب العربية تاريخيا من إجراء تغيير في سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بالإضافة إلى الفقر الذي ولد حالة من اللامبالاة تجاه الوضع السياسي، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين الأحزاب العربية والجمهور". إلا أن إندراوس رأى في وجود الفلسطينيين في الكنيست وسيلة لمجابهة العنصرية الإسرائيلية.
وكان بحث حول "أنماط التصويت والمشاركة السياسية في انتخابات الكنيست" نشر مؤخراً، أظهر أن نسبة المقاطعين الفلسطينيين في الانتخابات ستكون فوق 50 في المئة. وبيّن أن "31 في المئة من الرافضين يعتبرون أن القوائم المشاركة لا تلبي تطلعاتهم، و26 في المئة لا تهمه الانتخابات، والبقية اعتبرت أن أصواتها لا تؤثر أو أنها لن تشارك لأنها تقاطع الأجسام الإدارية الإسرائيلية".
وحتى الساعة السابعة من مساء أمس وقبل ساعتين من إقفال صناديق الاقتراع، لم تتعدّ المشاركة العربية في الانتخابات نسبة 25 في المئة مقارنة بمشاركة غير مسبوقة للناخب اليهودي تعدت 63 في المئة. يذكر أن المقدسيين لا يصوتون في الانتخابات إلا إذا حصلوا على جواز سفر إسرائيلي.


الخروج عن النص
حماية شرف الصوت الإسرائيلي
د.مطلق سعود المطيري عن الرياض
ضعف الإرادة السياسية للجامعة العربية ليس عنصرا طارئا برز كاستثناء في منظومة العمل العربي المشترك، بل هو قاعدة لا يوجد له استثناء، حتى أصبحت الجامعة العربية رمزا يدل على الضعف والهوان العربي، فكل محاولات الانعاش التى تظهر بين فترة وفترة - على شكل مبادرات او تحركات - يتسرب من انابيبها الهواء قبل ان يصل للرئة العربية المشتركة.

الوحدة العربية هي وحدة اسطورة وتراث أدبي نجد لها حضورا مهما في الرواية والشعر، ولكنه ليس وحدة سياسية رغم الاصرار السياسي وسطوته على كل مجالات الحياة التي يتواجد بها الانسان العربي، هذا الانسان الذي آمن في السابق وازداد قناعة في الحاضر ان الشيء المشترك الذي يجمعه مع شقيقه العربي الآخر هو قناعتهما ان الجامعة العربية مصدر الضعف والتكاسل السياسي ويتساوى وجودها مع عدمه.

لا جديد في الضعف، ولكن الجديد أن يكون للضعف بيان يعبر عنه، فدعوة الجامعة العربية لعرب 48 في الأراضي المحتلة للمشاركة في الانتخابات الاسرائيلية حتى يكون لهم حضور مؤثر في الكنيست الاسرائيلي، ويمنع دولة العدو من ممارسة القمع والعنصرية على الشعب الفلسطيني، يعد تجليا مبدعا من تجليات الهوان والانكسار..

وحقيقة امام هذا البيان لا تعلم فهل الضعف أنتج جهلا، ام ان الجهل كان نتيجة طبيعية لحالة الضعف؟

وهل الجامعة العربية ظلت غائبة عن ساحة الصراع على مدار عقود من الزمن، حتى توصي بهذه المشاركة التي لا تأمن من خوف، ولا تطعم من جوع ؟

مصيبة أنها الى اليوم لا تعرف ان الصوت الفلسطيني خال تماما من التأثير في الكنيست الاسرائيلي، وان الدولة العبرية استخدمته كإطار تجميلي لديمقراطيتها المتفردة في المنطقة، والصوت الفلسطيني في الانتخابات الاسرائيلية يمثل تماما حالة الانسان الفلسطيني الذي يقبع تحت الاحتلال، له حق في الحياة ما دام يخضع لقوانين الحياة التي فُرضت عليه، فكيف يخطف قانون حياته من يد من شرع له قانونها، ويجعل من وجوده حالة مستقلة عن يهودية الدولة التي يعيش في وسطها المحتل؟

نتفهم ان توصي الجامعة العربية عرب 48 بالصمود والثبات في دولة الاحتلال، ولكن أن توصي بالمشاركة في صياغة يهودية الدولة فذاك أمر لم يسبقها إليه أحد من اعضاء الجامعة العربية او دولها في السابق.

التمثيل العربي في الكنيست لا يتعدى ان يكون تعبيرا سياسيا عن الصوت العربي، هذه فقط حدود تمثيله، رأي يعلن ويسمع فقط، ليس له تأثير في صنع القرار السياسي، أو ترجيح كفة أغلبية، صوت نشاز لا يرغب في ترديده أكثر من مرة، وهو حالة تشبه صوت عزمي بشارة، حديث للتاريخ، بدون صفحات توثيق.

الشيء المفيد في بيان الجامعة العربية - إن بقي به شيء مفيد - انه إعلان صريح عن عجز الجامعة عن تجميع اصوات التنديد ضد السياسات الاسرائيلية، أو كأن الجامعة تقول : لا ينتظر سكان الأرض المحتلة من اشقائهم العرب عوناً يمكن أن يدعم صمودهم، " أهل فلسطين أعلم بشؤون فلسطين"، ولعله، هذا البيان، الصادق الوحيد الذي سمعه الشعب الفلسطيني من جامعة أشقائه الموقرة .




نسبة مشاركة مرتفعة .. والمفاجأة حزب «هناك مستقبل» الوسطي
انتخـابات إسـرائيـل: فـوز خاص للمستوطنين!
حلمي موسى عن السفير
أثارت نماذج التصويت الموازي التي عرضتها معاهد استطلاع الرأي في إسرائيل الحلبة السياسية بعدما عرضت مفاجآت أثبتت من ناحية أخرى الفارق بين التقديرات والنتائج الفعلية. كما فاقت نسبة التصويت التوقعات، إذ بلغت 66,6 في المئة، وشكلت مفاجأة وعنصر توتر طوال ساعات ما بعد ظهر أمس جراء التخوف من أن تحمل بباطنها مفاجأة انتخابية كبرى.
غير أن المفاجأة الأكبر التي وجهت ضربة شديدة لمعاهد استطلاع الرأي في إسرائيل كانت الفوز غير المتوقع لحزب «هناك مستقبل» بزعامة يائير لبيد بالمرتبة الثانية بعد الليكود وتردي حزب العمل للمرتبة الثالثة. ومع ذلك فإن تقلبات نسبة التصويت ومفاجأة لبيد لم تغير الوجهة العامة للانتخابات حيث نال معسكر اليمين غالبية النصف زائدا واحدا، وكان المستوطنون الرابحين والأحزاب الصغيرة الخاسرة.
وأظهرت نماذج التصويت أن قائمة «هناك مستقبل» التي كانت تقع في الغالب في الترتيب الخامس بعد الليكود والعمل
و«البيت اليهودي» و«شاس» فازت بالمكان الثاني، ونالت 18 أو 19 مقعدا، في حين تراجعت قوة «الليكود بيتنا» بحصوله فقط على 31 مقعداً، ونال حزب العمل 17 مقعدا. وحصل كل من «البيت اليهودي» و«شاس» من 12 إلى 13 مقعداً وفقاً للنماذج، بينما نال «يهدوت هتوراه» ستة مقاعد. وهذا يعني أن معسكر اليمين سينال 61 مقعدا وسينال معسكر الوسط واليسار والعرب 59 مقعدا. وتشكل هذه النتيجة، إذا تأكدت، تغييرا في وجهة التصويت تخالف ما أشارت إليه استطلاعات الرأي. وقد نال حزب «الحركة» بزعامة تسيبي ليفني سبعة مقاعد. وشُطب حزب «كديما»، الذي كان أكبر الأحزاب في الكنيست، من الخريطة تماماً.
وبرغم عناصر الإثارة في النتائج التي كشفتها نماذج التصويت، فمن الواجب التعامل معها على أنها توجهات أولية وليست نتائج نهائية. وربما لهذا السبب لا تزال زعيمة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش تتحدث عن احتمالات حدوث انقلاب في الأصوات والنتائج. ومع ذلك فإن الاحتفال كان من نصيب أنصار لبيد، بينما سيبدأ قادة الليكود في سن خناجرهم لتحديد المسؤول عن مثل هذه الخيبة الكبيرة، الأمر الذي ينبئ بصراع كبير مقبل.
وفي وقت ستنظر كل القطاعات والشرائح في المجتمع الإسرائيلي إلى ما كسبته أو خسرته في الانتخابات الحالية، فإن قطاعاً واحداً فقط سيحــصي أرباحه الصافية. وهذا القطاع يتمثل بالمستوطنين الذين سيحصون من يقف إلى جانبهم بنسبــة مئة في المئة أو 90 في المئة في كل من «الليكود بيتنــا»، و«البيت اليهودي»، و«شاس» وربما «عوتسما لإسرائيل». وهم خلافاً للآخرين سيمــتلكون في الكنيست، وأيضاً في الحكومة المقبلة حصة الأسد مهما كانت حـصة القطاعات الأخرى. أما الآخرون من أنصار السلام أو التوزيع العادل للأعباء أو التقاسم المنصف للثروات، فسوف يجدون أن شيئاً جدياً لم يتغير، وإذا كان هناك من تغيير فهو نحو الأسوأ.
وكانت صناديق الاقتراع، التي زاد عددها على عشرة آلاف صندوق موزعة في انحاء اسرائيل، لاستقبال أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون من أصحاب حق الاقتراع، قد فتحت أبوابها الساعة السابعة صباحاً وأغلقتها في العاشرة مساء. وبرغم أن ما أعلن كالعادة، في تمام العاشرة، هو نتائج استطلاعات رأي تجريبية أو حقيقية جزئية تتبارى محطات التلفزة على تقديمها، فإن النتائج الرسمية لن تعلن قبل الثلاثين من كانون الثاني الحالي. لكن حتى فجر اليوم تم الإعلان عن نتائج حقيقية لغالبية صناديق الاقتراع، يتضح من خلالها الفائز الفعلي في الانتخابات قبل أن تبدأ مشاورات التكليف بتشكيل الحكومة.
وبدأت مظاهر الإثارة في الانتخابات عندما تبين أن نسبة التصويت ترتفع بشكل متزايد عن المعدلات المعروفة في المعارك الانتخابية الخمس الأخيرة. ومعروف أن لجنة الانتخابات المركزية تعلن كل ساعتين عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حتى ذلك الوقت ونسبة التصويت العامة. وأول من تثيرهم هذه المعطيات نشطاء القوائم الصغيرة التي تصارع للخروج عن نسبة الحسم التي تتقرر أساساً بحساب اثنين في المئة من مجموع عدد الناخبين الصالحة أصواتهم في الانتخابات. وكلما ارتفعت نسبة المشاركة ارتفع عدد الأصوات الملبية لنسبة الحسم. والأدهى أن ارتفاع عدد الأصوات الملبية لنسبة الحسم يزيد من عدد الأصوات الضائعة والمقاعد التي تكسبها، جراء ذلك، الأحزاب الكبيرة بعد تسوية اتفاقيات الفائض الانتخابي المبرمة بين الأحزاب.
وكبرت عوامل الإثارة لاحقا بين معسكري اليمين والوسط. فالشائع، بشكل متناقض لدى اليمين واليسار، أن زيادة نسبة التصويت تعني اندفاع أنصار كل معسكر للتصويت خشية أن يخدم التراخي الطرف الآخر. لذلك كثرت التصريحات من قادة الطواقم الانتخابية وزعماء الأحزاب التي تُخوف من التكاسل وتشيع بوجود احتمالات للنكسة. واستغل ذلك قادة الليكود على وجه الخصوص حيث عقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اجتماعاً طارئاً ومتوترا لطاقمه، دعا فيه الليكوديين إلى الذهاب بجموعهم إلى صناديق الاقتراع لترجيح الكفة. وكان رئيس الطاقم الانتخابي لـ«الليكود بيتنا» جدعون ساعر، قد أعلن أن ازدياد نسبة التصويت كانت أساسا في «معاقل اليسار»، وهو إعلان تحريضي الطابع بشكل واضح. ومع ذلك فإن الإثارة لم تنبع فقط من الخشية على الخسارة بين اليمين واليسار، بل أيضاً في داخل كل معسكر.
عموماً لاحظ المراقبون للانتخابات الإسرائيلية الحالية أنماطاً جديدة من الأداء لم تكن معهودة سابقاً. وبيّن أول هذه الأنماط أن حزب الليكود، وقائمة «الليكود بيتنا»، الذي أريد له أن يجدد شباب الصهيونية أعطى الانطباع بأن مظاهر العجز والشيخوخة بدت عليه. وربما لهذا السبب يتجه أنصار اليمين بشكل متزايد نحو الابتعاد عنه والاقتراب من «البيت اليهودي» الذي يمثل زعيمه نفتالي بينت، الشباب الديني القومي المعبر عن الطليعة الصهيونية الاستيطانية الجديدة.
ويذهب خبراء إلى حد الاعتقاد أنه مع مرور الوقت تقلصت القاعدة الشعبية التقليدية لليكود، من الفقراء والمهمشين والشرقيين، بفضل الرفاهية والقاعدة الشعبية لـ«إسرائيل بيتنا» المتمثلة بالمهاجرين الروس، بعد الاندماج بينهما. ودفع ذلك سيفر بلوتسكر في «يديعوت» إلى اعتبار أن الليكود يسير خلف خطى حزب «مباي» العمالي التاريخي نحو «بيت العجزة» السياسي. وأشار كبير معلقي «يديعوت» ناحوم بارنيع إلى المصاعب التي تعترض نتنياهو وحزبه في إلهاب حماسة الجمهور بسبب «تعب» هذا الجمهور، حيث «رأى الناس نفس الوجوه لسنوات كثيرة وذات الغمز وذات الحيل السياسية. وهم ينجذبون الى الجديد الطازج والمنتعش».
لقد أسهم الليكود، أكثر من غيره، في تنويم المعركة الانتخابية وجعلها خاوية تقريبا من القضايا الحقيقية وفي تضييع الوقت. وكتبت «هآرتس» في افتتاحيتها أن «اختيار معسكر اليمين يعكس تفضيلا للارض على السلام وصيغا شوهاء للصهيونية واليهودية على قيم الديموقراطية، حتى بثمن تصفية الصهيونية الحقيقية والعزلة الدولية». ومن الجائز أن تفضيل الليكود هذا سوف يعود عليه بمصاعب جدية تسبق تشكيل الائتلاف الحكومي، وقد تقرر عمر الحكومة وتجعلها قصيرة. فلا شيء اليوم أبرز في إسرائيل من ظاهرة الخوف ليس فقط من الحاضر وإنما أيضا من المستقبل.


إسرائيل أمام خيارين: الدولة الدينية أو الدولة الديموقراطية
رندى حيدر عن النهار اللبنانية
يتوجه الناخبون الإسرائيليون اليوم الى صناديق الاقتراع ليحددوا ما ستكون عليه صورة إسرائيل في السنوات الاربع المقبلة وما اذا كانوا يريدون دولة يهودية دينية متشددة كتلك التي تحمل شعارها أحزاب اليمين القومي والاحزاب الدينية، أم أنهم سيختارون "الدولة اليهودية الديموقراطية" التي تنادي بها احزاب الوسط واليسار من انصار الصهيونية الاشتراكية، وورثة الجيل الاول المؤسس لدولة إسرائيل قبل 65 سنة. واذا كانت المعركة الانتخابية الأخيرة افتقرت الى عناوين كبيرة وواضحة لحملة المرشحين من مختلف الأحزاب المتنافسة سواء انتموا الى اليسار أو الى اليمين، فالراهن ان الصراع الدائر اليوم هو في شأن مفهوم دولة اليهود، وما اذا كانت إسرائيل هي دولة للشعب اليهودي بالمفهوم القومي للكلمة، أم دولة تمثل الديانة اليهودية، كما تراها أحزاب اليمين الديني والاحزاب المتدينة المتشددة التي تعرف بالاحزاب الحريدية.
هذا هو التحدي الاساسي الذي تتنافس عليه الأحزاب الكبرى بين اليمين الديني المتطرف واليمين المعتدل ومعسكرالوسط واليسار. وهو تحدّ يواجهه أيضاً حزب "الليكود" الذي على رغم الصعود البارز لصقور اليمين المتشدد فيه، يحاول المحافظة على تمثيله لليمين العلماني المعتدل المختلف عن اليمين الديني، يساعده في ذلك تحالفه مع حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يمثل المهاجرين الروس وهو من الاحزاب العلمانية ايضاً.
ولكن اذا لم يستطع تحالف ليكود - بيتنا تخطي المقاعد الـ32 التي تتوقعها له استطلاعات الرأي، ونجحت احزاب اليمين الديني القومي المتمثلة بحزب "البيت اليهودي" وحزب "عوتسما لإسرائيل"، مع الاحزاب الدينية والحريدية مثل حزب "شاس" وحزب "يهودت هاتواره" في الحصول على عدد مساو من المقاعد، فان هذا معناه ان نتنياهو سيكون في ولايته الثالثة واقعاً تحت رحمة التيارات الدينية القومية منها والمتطرفة على أنواعها لدى تشكيله الائتلاف الحكومي المقبل.
أما اذا نجحت أحزاب الوسط وفي مقدمها حزب "يش عتيد" بزعامة يائير لبيد الذي حافظ منذ بدء الحملة الانتخابية على قوته الانتخابية (12 مقعداً) ونجح حزب "كاديما" في تخطي نسبة الحسم وجذب اصوات المستوطنين اليه، واستطاع حزب العمل الممثل لليسار الصهيوني العلماني وحزب الوسط "هتنوعا" الجديد الذي أسسته تسيبي ليفني استقطاب الاصوات الخائفة من انتصار اليمين الديني والناخبين الذين لا يزالون مترددين، واستطاعوا تقليص الفارق الذي يفصل بين المعسكرين (حتى الآن تتحدث الاستطلاعات عن 63 مقعداً لمعسكر اليمين في مقابل 57 مقعداً للوسط واليسار والاحزاب العربية)، فإن هذا يمكن أن يؤثر بصورة واضحة على نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وان يكبح نفوذ الاحزاب الدينية على أنواعها ويفسح في المجال لقيام ائتلاف واسع يضم الى تحالف ليكود- بيتنا أحزاباً من الوسط المعتدل.
ومن هذا المنظور تبدو المعركة الانتخابية الإسرائيلية ذات ارتدادت داخلية في الدرجة الأولى. ففي حال فوز اليمين المتطرف الديني، فمعنى هذا أننا ازاء منعطف في تاريخ دولة إسرائيل كما عرفناها حتى اليوم، قد لا يعني البدء بتطبيق الشرعية اليهودية (الهالاخاه) في دولة إسرائيل، إلا أنه سيكون ايذاناً بعهد من صهيونية مختلفة عن رؤية بن غوريون وجابوتنسكي زعيم الحركة الصهيونية الاصلاحية، حيث لا يضطلع الدين اليهودي بدور أساسي. كما سيشكل نقطة بارزة في النزاع الدائر منذ عقود على هوية دولة إسرائيل بين معسكر المتدينين دعاة تطبيق الشريعة والفرائض الدينية، ومعسكر العلمانيين دعاة الدولة العصرية الرافض للاكراه الديني.
كيف يمكن أن ينعكس ذلك على النزاع مع الفلسطينيين والعرب؟ بالتأكيد سينعكس مزيداً من التطرف والتعنت والتمسك بالاحتلال ورفض التفاوض مع الفلسطينيين وعودة مقولة أرض إسرائيل الكاملة. لكن هذا لن يكون عملياً مختلفاً بصورة جذرية عما عرفناه من مواقف سياسية تقليدية حتى اليوم. إلا أن فائدته قد تكون في انه سيؤدي أخيراً الى سقوط قناع الاعتدال الإسرائيلي، وادعاءات السعي الى السلام، وسيكشف الوجه الحقيقي لدولة إسرائيل كدولة احتلال وفصل عنصري.



المستوطنات وموازين القوة
فيصل جلول عن دار الخليج
كشفت صحيفة “معاريف” الصهيونية يوم السبت الماضي النقاب عن سجال يدور بين وزارة الداخلية في “تل أبيب” والمستوطنين في مستعمرة “مسكفعام” المواجهة لقرية عديسة اللبنانية الجنوبية على حق المستوطنين في توسيع المستوطنة، وبناء مساكن جديدة ترى السلطات الصهيونية أن أراضي هذه المساكن لبنانية، وبالتالي لايحق لهم التصرف فيها . وتفيد الصحيفة أن الأراضي المذكورة كانت ملحقة بالكيبوتز “الإسرائيلي” منذ بنائه في العام ،1945 أي منذ 67 عاماً ويستخدم جزء منها اليوم خلف الخط الأزرق طريقاً للسيارات “الإسرائيلية” من الجهة الأخرى للحدود . والجدير ذكره في هذا السياق أن الجانب اللبناني كان قد رفض تثبيت الحدود عبر الخط الأزرق، معتبراً أن الصهاينة يستولون على أراض لبنانية لا يمكن السكوت عنها، وأن أصحابها لبنانيون ومن بينهم أصحاب أراضي “مسكفعام” وهم من بلدة عديسة ويملكون حتى اليوم وثائق تثبت ملكيتهم .
وإذا ما انتقلنا إلى فلسطين المحتلة تختلف الصورة تماماً، حيث يقطع الصهاينة زيتون الفلسطينيين حيثما وجد، ويستولون على أراضيهم لإقامة مستوطنات جديدة أو لتوسيع المستوطنات القديمة، ويكثفون مصادرة الأراضي في القدس الشرقية غير عابئين بالقرارات الدولية، ولايعيرون بالاً لكلام الرئيس الأمريكي في هذا الشأن، ويضربون عرض الحائط بالنصائح الأوروبية، ويواصلون هذا التصرف الأرعن انطلاقاً من عقيدتهم الصهيونية التقليدية الزاعمة أن لا فرق بين الاستيطان في أراضي فلسطين التاريخية تلك العائدة إلى العام 1948 أو العام ،1967 ويردد المتشددون منهم عبارة صريحة لوصف هذا الحال مفادها أن المستوطنات في الضفة الغربية لا تقل قدسية عن “تل أبيب”، والأرض في كلتيهما شرعية ومقدسة، وسند ملكيتها يكمن في التوراة وليس في الوثائق العثمانية أو البريطانية .
ويضاف إلى مثال “مسكفعام” أمثلة أخرى لا تقل أهمية أبرزها مثال “المستوطنات المقدسة” في صحراء سيناء التي فككتها “إسرائيل” ضاربة عرض الحائط بشرعيتها “السماوية”، وما كان لها أن تفككها لولا حرب أكتوبر/تشرين الأول عام ،1973 واضطرارها إلى التخلي عنها عنوة كنتيجة من نتائج الحرب، وأيضاً مستوطنات قطاع غزة التي فككها المحتل الصهيوني وانسحب منها صاغراً بسبب ضغوط المقاومة الفلسطينية المسلحة والمدنية التي شاركت فيها بقوة “حماس” و”فتح” و”الجهاد الإسلامي” وغيرها من الفصائل المقاتلة . وإذا كانت مستوطنات سيناء قد زالت بثمن باهظ هو اتفاقية كامب ديفيد، فإن مستوطنات غزة قد دمرت وانتهت من دون قيد أو شرط .
تفصح الأمثلة المذكورة عن خلاصات جديرة بالتذكير الدائم في سياق الصراع الفلسطيني - “الإسرائيلي”، والعربي - “الإسرائيلي” ومن بينها :
* أولاً: ليست أرض المستوطنات الصهيونية مقدسة بدليل أنها دمرت في غزة وسيناء، وتقول “إسرائيل” إنها قد تدمر مستوطنات الجولان وأية مستوطنات أخرى في حال توقيع السلام مع العرب . بعبارة أخرى هي مقدسة فقط عندما لا يستطيع العرب الدفاع عنها، أو عندما تنجح “إسرائيل” في الاحتفاظ بها .
* ثانياً: لم يخرج المحتل من أية مستوطنة بالمفاوضات وبالضغوط الدولية، بل لم يتخل عن أي مشروع استيطاني بالمحادثات والوسائل الدبلوماسية، وإنما دائماً بواسطة القوة ولا شيء غير القوة .
* ثالثاً: لم تجرؤ “إسرائيل” طوال احتلالها جنوب لبنان الذي امتد لنحو ربع قرن، على بناء مستوطنة واحدة حتى في الشريط الحدودي الذي كان يسيطر عليه “جيش لبنان الحر” المتعامل معها، بل لم تتمكن من بناء بيت واحد، وقد أجرت اختباراً في إحدى المرات لبناء منشأة عامة، فكان أن دمرها المقاومون بالمتفجرات قبل أن تكتمل .
* رابعاً: لم يجرؤ طرف عربي على بث الرعب في نفوس “الإسرائيليين” تجاه الأرض أكثر من الفلسطينيين والمقاومة اللبنانية التي أصرت خلال تخطيط الحدود على استرجاع آلاف الدونمات والاحتفاظ بحق لبنان في ما يعتبرها أراضيَ وطنية متنازعاً عليها، ولايزال يطالب بها ويهدد باسترجاعها بكل الوسائل المتاحة .
* خامساً: إن الحديث العلني في الصحف الصهيونية عن رفض الحكومة التصريح لمستوطني “مسكفعام” باستيطان أراض لبنانية منذ ما قبل إعلان الكيان، هو بمرتبة رسالة تطمين إلى اللبنانيين مفادها أن أراضيكم محفوظة ولن نمسسها، وهذا السلوك ينطوي على خوف جدي من أن يؤدي التصرف الصهيوني بالأراضي اللبنانية إلى رد موجع يكشف أكثر فأكثر تراجع الردع الصهيوني واضطرار الكيان إلى التخلي مرة أخرى عن أرض بالقوة وبطريقة مهينة .
بعد حرب يونيو/حزيران العام 1967 طرح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر شعاره الشهير حول الأرض المحتلة بقوله: “ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة” . ولم يخسر العرب في كل مرة طبقوا فيها هذا الشعار وفشلوا في كل مرة أحجموا عن تطبيقه . . وفي لبنان حكمة شعبية تطابق هذا الشعار وتقول إن “الرطل لا يهزمه إلا رطل آخر زائد أوقية”، ولعل الرطل اللبناني هو الذي صان أراضي عديسة المسروقة في “مسكفعام” الصهيونية، وكل تفسير آخر لا يعول عليه .

عيون وآذان (أنتظر انتفاضة أو حرباً)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
اليوم ينتخب الاسرائيليون الأعضاء المئة والعشرين في الكنيست، أو البرلمان التاسع عشر منذ قيام اسرائيل في أراضي فلسطين، وكل استطلاع للرأي العام يقول أن اليمين الاسرائيلي متقدم، وسينال 63 مقعداً الى 70 مقعداً. وكان نصيب تحالف ليكود واسرائيل بيتنا منها 33 مقعداً الى 37 مقعداً غير أنه هبط الاثنين الى 32 مقعداً بحسب آخر إستطلاع قبل الإنتخابات.
ربما حقق الوسط واليسار أرقاماً أفضل مما تُظهر الإستطلاعات، إذا كان الإقبال على التصويت كثيفاً، إلا أنني لم أقرأ تقريراً واحداً يرجح خسارة اليمين، فأقول للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين جميعاً إن السلام مستحيل مع أي حكومة اسرائيلية قادمة، كما كان مستحيلاً مع حكومة بنيامين نتانياهو الحالية، وعليهم أن يراجعوا الإحتمالات الأخرى، من انتفاضة ثالثة، أو حرب جزئية أو شاملة، أو يتحمل كل واحد منا نصيبه من خيانة القدس والمسجد الأقصى.
الوسط الاسرائيلي لا يوحي بالسلام وبين رموزه تسيبي ليفني التي انتقلت من عميلة للموساد في فرنسا الى ليكود ثم كديما، والآن هاتنوا (الحركة). أما العمل فهو لن يحصل على أكثر من 16 مقعداً بحسب الإستطلاعات، ولا توجد تحالفات حزبية كافية حوله للحكم.
أسوأ ما في تحوّل اسرائيل الى يمين عنصري أو متطرف أن غالبية من الاسرائيليين تقبل حل الدولتين، وأن جماعات السلام الاسرائيلية نشطة جداً، ويمكن لو حكمت عُقد سلام معها غداً.
الحكم في اسرائيل لم يعد في أيدي حكومة وإنما عصابة جريمة منظمة تتوكأ على خرافات توراتية، كتِبَت بعد 500 سنة وربما ألف سنة، من الحدث المزعوم ولا آثار على الأرض تؤيدها.
قائمة ليكود تضم في أول عشرين إسماً منها إثني عشر مرشحاً يريدون ضم الضفة الغربية كلها أو بعضها، مثل دان مريدور ومايكل ايتان وبيني بيغن.
المستوطن موشي فيغلن، من قائمة ليكود حضر أخيراً المؤتمر السنوي الثالث لنشر السيادة الاسرائيلية على اليهودية والسامرة (الضفة الغربية)، وهو يؤمن بأكاذيب التوراة، وقد وضع وراء مكتبه رسماً لهيكل سليمان. أقول أن لا آثار إطلاقاً لأي هيكل في الحرم الشريف وعندما نقب اسحق رابين خلال وزارته الأولى في أوائل الثمانينات وجد آثار قصر أموي.
الليكودي الآخر زئيف ايلكن قال أن على اسرائيل وقف التنازلات (ما هي؟ لمن؟) وبدء هجوم خطوة خطوة.
الليكودية ميري ريغيف كانت ناطقة باسم الجيش الاسرائيلي وتقول أن الأعضاء العرب في الكنيست «خونة» وأن اللاجئين الافريقيين «سرطان»، وتأسف لأنها فشلت السنة الماضية في إقناع الكنيست بضم الضفة. هي تذكِّرنا بزانيات التوراة، مثل راحاب في سفر يشوع الذي تزعم التوراة أنه دخل فلسطين عبر نهر الأردن باتجاه أريحا. وأزعم أن هذا لم يحدث ولا آثار إطلاقاً تؤيده.
طبعاً حزب اسرائيل بيتنا يضم مستوطنين روساً وغيرهم يعرفون فلسطين منذ السبعينات الماضية أو بعدها. وكلهم يريد إحتلال فلسطين كلها.
ثم هناك نفتالي بنيت، وهو إبن مهاجرين من أميركا، أسّس حزب بيت يهودي، ويقف سياسياً على يمين ليكود إذا كان هذا ممكناً.
بنيت من أصل أميركي وهو مثل نتانياهو من أتباع زئيف جابوتنسكي الذي كان يريد إقامة اسرائيل على أراضي ضفتَي الأردن. وبنيت أعلن أنه سيفعل كل ما في وسعه لمنع قيام دولة فلسطينية ويعارض مزيداً من المفاوضات والوهم. بل أنه قال يوماً أن «شعار إسرائيل الكبرى ليس شعارنا الرئيسي»، ما يعني أنه يؤمن به. وأقول إنه لا يوجد في التاريخ اسرائيل كبرى أو صغرى، وإن خرافات التوراة ليست تاريخاً.
وأشير بسرعة الى شاس حزب اليهود السفارديم الشرقيين، والى حزب التوراة المتحد الذي يضم الأشكناز من أصول أوروبية شرقية ووسطى، وهما أكثر إلتصاقاً بخرافات التوراة من الآخرين.
قلت في السابق وأقول اليوم أن لا سلام ممكناً مع هؤلاء النازيين الجدد العنصريين مجرمي الحرب. وأنتظر انتفاضة أو حرباً، لأنني لا أتوقع عودة الوسط أو اليسار الاسرائيلي القديم في الجيل الحالي.


«أوباما الثاني» الرئيس رقم 44
عماد الدين أديب عن الشرق الأوسط
أدى الرئيس باراك حسين أوباما اليمين الدستورية لفترة رئاسته الثانية للولايات المتحدة الأميركية في حفل تنصيب استمر من الساعة الثانية عشرة من منتصف يوم أول من أمس حتى حفل ساهر وصل إلى منتصف ليلة أمس في البيت الأبيض. وبهذا القسم يصبح الرئيس أوباما هو الرئيس رقم 44 في تاريخ الولايات المتحدة، والرئيس رقم 17 الذي نجح في أن يفوز بالرئاسة للولاية الثانية. وجاء خطاب «أوباما» خارج الطقس المعتاد في مثل هذه الحالات الرئاسية؛ فلم يكن خطابا تعبيريا تقليديا يتحدث عن عظمة الدستور الأميركي أو أهمية النظام الديمقراطي في تاريخ الحياة السياسية، لكنه اصطبغ بصبغة سياسية معاصرة للأحداث الحالية وكأن الرئيس أوباما يريد أن يؤكد على 3 مبادئ أساسية:

1) أنه يدافع عن قيمة الليبرالية التحررية ومنها المساواة في الحقوق، بما في ذلك حقوق من سماهم «بأشقائنا وشقيقاتنا من الشواذ جنسيا»، وهو أمر غير معتاد في حفل تنصيب رئاسي. 2) التأكيد على دعمه اللانهائي «للمهمشين والفقراء والأرامل والمقعدين» ليس من قبيل التعاطف الإنساني أو الصدقة الخيرية ولكن من منظور أنهم أصحاب حقوق أصيلة في الرعاية. 3) أن رؤية أوباما لسياسة الولايات المتحدة الأميركية لهذا العالم المضطرب: «هي أن واشنطن لن تنفرد بقيادة العالم ولن تسعى إلى خوض الحروب في كل مكان»، وأكد على أنها «ستحل خلافاتها سلميا». هذا ما قاله الرئيس أمام مليون مشارك في حفل التنصيب وأمام كاميرات وعدسات وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

ويبقى السؤال: هل يستطيع أوباما الوفاء بهذه الوعود؟

فيما يختص بالمساواة في حقوق أطياف الشعب الأميركي، فإن موضوع «الشواذ» هو قضية سياسية واجتماعية بالغة التعقيد ولها معارضة شديدة داخل القوى المحافظة في الحزب الجمهوري المعارض وداخل مجلسي الشيوخ والنواب، كما أن القوى الدينية الكنسية المحافظة التي يبلغ تعدادها 60 مليونا فيما يعرف بالحزام الإنجيلي تشن حربا ضروسا على هذا الموضوع. ويتشكك البعض في قدرة أوباما على الوفاء بوعوده الاجتماعية في مجالات مقاومة الفقر وتخفيض البطالة وتحسين الرعاية الصحية في ظل اقتصاد مأزوم للغاية يعاني من تراجعات في معدلات الاستهلاك ومنافسة عالمية من المنتجات الآسيوية مما يخفض من القدرة التصديرية للاقتصاد الأميركي. ونأتي إلى الملف الثالث والأكثر تعقيدا وهو السياسة الخارجية التي التزم فيها أوباما بالتسوية السلمية وعدم الانفراد بالقرار ولا اللجوء للحروب. هذا الالتزام يصعب الحفاظ على مصداقيته في ظل اقتراب موعد اكتمال التخصيب النووي الإيراني في النصف الثاني من هذا العام، وفي ظل تدهور الوضع في سوريا، ودخول فرنسا عسكريا على الخط في مالي، واستمرار التجارب النووية في كوريا الشمالية. «أوباما» الثاني عليه أن يثبت قدرته على الوفاء بوعوده في ولايته الثانية، بعدما فشل في الالتزام بها في ولايته الأولى.



واشنطن إذ توزع «توكيلاتها» في الإقليم !
عريب الرنتاوي عن الدستور
مثلما فعل في ليبيا ومالي، سيعمد الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال ولايته الثانية، إلى توزيع “التوكيلات” على حلفاء واشنطن الدوليين والإقليميين للتعامل ميدانياً مع بعض الملفات الساخنة في المنطقة..وسيكتفي سيد البيت الأبيض بتقديم النصح والإسناد والدعم اللوجستي، وإعلان التأييد والتبريك لـ”القرارات الشجاعة” لحلفائه، تماماً مثلما فعل مع صديقه فرانسوا هولاند الذي يكاد يغرق بلاده في رمال الصحراء الأفريقية الكبرى.
مفتاح أوباما الأول لولوج عتبات البيت الأبيض، تمثل في موقفه المُشدد على الانسحاب من حربي جورج بوش الكونيتين في أفغانستان والعراق، والتي خرجت منهما واشنطن “تجرجر” أذيال الخيبة..وهو عاد للبيت الأبيض مرة ثانية، تحت مظلة الوعد ذاته: لا حروب جديدة..وقد حرص في خطاب الفوز في الانتخابات، والقسم الرئاسي الثاني، على تأكيد هذا الموقف من جديد، علّ الرسالة تصل لمن تعذر عليهم استقبالها.
لا حرب أمريكية على سوريا..ولأن سوريا ليست مالي ولا ليبيا من قبل، فلن يكون بمقدور أية قوة دولية على الأرض، شنّ حرب واسعة تنتهي بالإطاحة بنظام الأسد..وحدها تركيا تمتلك القوة والجغرافيا والحوافز لفعل ذلك، لكن أنقرة باتت أسيرة سياستها السورية، وهي دخلت مرحلة تلقي انعكاسات الأزمة السورية، على الداخل التركي، وبات عبد الله أوجلان، المسجون في جزيرة معزولة، فرس الرهان لإخراج حكومة العدالة والتنمية من عزلتها، وتفكيك أطواق الأزمة وأقواسها، التي تحيط بها من كل جانب.

ولا حرب أمريكية على إيران..هذا ما تشي به كلمات أوباما القديمة المتجددة...وكل العبارات من نوع “كل الخيارات فوق الطاولة” لم يعد لها من معنى، سوى تحسين شروط التفاوض..أما من يتوثب للحرب فهم فريقان، عربي أعجز من أن يشن حرباً على أريتريا، دع عنك إيران، ونتنياهو الذي جاء للحكم مرتين (الأولى في 2009 والثانية قد تعلن اليوم)، تحت شعار واحد: إيران هي العدو، والحرب عليها آتية لا ريب فيها إن لم تنجح الدبلوماسية في تقليع أسنانها وتخليع أظافرها..لكن هيهات أن تقوى إسرائيل على شن حرب مؤثرة على إيران، دع عنك أيضا، سيناريوهات اليوم التالي وما يمكن لحرب تتورط فيها إسرائيل ضد دولة إقليمية كبرى كإيران، أن تحدثه من تداعيات وانعكاسات.
اليمن متروك للسعودية (تحت عنوان المبادرة الخليجية)، وسوريا متروكة لحلف خليجي تركي متحمس، مدعوم برئيس فرنسي يهوى المغامرة على ما يبدو..وإيران متروكة لإسرائيل إن هي قررت في لحظة جنون، فتح نيران قاذفاتها وصواريخها على المنشآت النووية الإيرانية..لكن واشنطن ستظل من خلف ستار، تدعم وتبارك وتقدم العون اللوجستي، وكفى الله الأمريكان شر كل قتال.
لكن أوباما الذي قرر أن لا يحارب، خضع أيضا لليأس من خيار السلام..فالقضية الفلسطينية، بل وقضايا الشرق الأوسط بمجملها، لم تعد تحتل مكان الصدارة والأولوية على جدول أعمال البيت الأبيض..واشنطن التي قررت تدعيم اكتفائها الذاتي من الطاقة، قررت أيضاً أن تجعل من آسيا والباسيفيك، محطاً لأنظارها..هناك المال والتجارة والأسواق والمصالح والتهديدات الكبرى: الاقتصاد الصيني والعسكرية الروسية المنتعشة بفضل نزعات بوتين القومية الظاهرة.
الشرق الأوسط متروك للفوضى، خلّاقة كانت أم بنّاءة..إدارته أمريكياً ستتم عبر الوسطاء والوكلاء والموزعين المعتمدين، وهم كثر بالمناسبة، لكن أياً منهم أعجز (وأحياناً أجبن) من أن يملأ الفراغ الأمريكي..وسيكون الباب مفتوحاً على رحابته، للاعبين الإقليميين وللمنظمات والحركات “اللا دولاتية” للاضطلاع بأدوار متنامية.
فلسطينياً، يجب أن يقرع هذا الأمر ناقوس الخطر..فثمة سبب إضافي لـ”نعي” عملية السلام و”حل الدولتين”، ولا سبيل للخروج من وهم الرهان على هذا الطريق، سوى باشتقاق طريق آخر، ومن البؤس اعتماد سياسة “المزيد من الشيء ذاته”...وعربياً آن أوان إسقاط الرهانات على التدخل الدولي العسكري لحل الأزمة السورية، وبات على العرب أن يكونوا أكثر فاعلية في “تخليق” مسار سياسي للحل في سوريا..أما في إيران ومعها، فقد حلت لحظة الحقيقة والاستحقاق: فإما أن نصطف خلف نتنياهو في “حفر الباطن 2”، وإما إعمال العقل، والبحث عن حلول سياسية لأزمات العرب مع إيران، لتبريد خطوط التماس ابتداءً، ولتوفير الحلول السياسية والتفاوضية للملفات العالقة بين الأمتين الجارتين الشريكتين في تاريخ هذا الإقليم ومستقبله.


تهويد مصر
أمجد عرار عن دار الخليج
في عالم السياسة تأتي المناسبات بالمواقف المتفقة والمتعارضة وما بينهما، وتتسبب الأحداث بردود الفعل المؤيدة أو الرافضة وما بينهما . لكن أن تصدر مواقف من دون مناسبة فهذا أمر يثير الريبة والشك ويعطي المشروعية للتأويلات التي تبحث لها عن مناسبة وسياق . شيء من هذا القيبل ينطبق على تصريحات نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المصري عصام العريان الذي خرج بدعوة مفاجئة لليهود بالعودة إلى مصر وتأييده منحهم “تعويضات” بسبب ما أسماه طردهم من مصر . لم يعثر أحد على رابط واضح ودامغ بين هذه التصريحات ومناسبة تأخذ مكاناً في الدماغ، ولم يكن توضيح حزب الحرية والعدالة وحصره التصريحات في قالب شخصي لمطلقها، كافياً لإطفاء زر الجدل .
لم تكد تمر بضعة أيام على تصريحات العريان حتى خرجت صحيفة “معاريف” الصهيونية بتصريحات منسوبة للسفيرة الامريكية في القاهرة آن باترسون تتحدث فيها عن “أحقية اليهود بمصر” باعتبارهم “بناة الأهرامات . كان يمكن لهذه التصريحات أن تخرج بطريقة تبدو فيها “مقطوعة من شجرة”، لولا مجيئها بعد أيام من تصريحات العريان . وهنا يمكن للتأويلات الاتهامية أن تشيّد جسراً من التنسيق أو التناغم القصدي بين تصريحات العريان والسفيرة الأمريكية . وإذا كان هذا التأويل بلا دليل، فإن هناك استنتاجاً يفرض نفسه وحيداً، وهو أن العريان بتصريحاته، بوعي أو من دون وعي، فتح شهية أصدقاء “إسرائيل” للبناء عليها وصياغة مزاعم لا تكتفي بالربط بين بعض اليهود كأفراد ومصر، إنما بين اليهود كجماعة وربما ك “شعب” ومصر كأرض ووطن .
لا يقلل من خطورة هذه التصريحات صدور نفي عن السفارة الأمريكية، ليس فقط بسبب نشر النفي على صفحة السفارة في موقع “فيسبوك”، إنما لأن هذه التصريحات تنتمي إلى ذلك النوع الذي تتشكل مفاعيله من ثنائية الإعلان والنفي . هذا النوع من المواقف لا يفعل نفيها شيئاً إلا في الشق القانوني، لكنها في الوقت نفسه تفعل فعلها السياسي والنفسي الذي يؤسس لعملية إحياء مؤجّلة للوقت الأكثر ملاءمة .

إذا كانت هذه التصريحات قد أثارت آثاريين مصريين لينبروا دفاعاً عن الإهرامات وبراءة اليهود من تهمة بنائها، فإنها في الوقت ذاته نجحت في تحويل قضية مبدئية إلى مسألة نقاشية تدخل في إطار الجدل، في حين أن من المفروض تحريم النقاش فيها . وإذا كانت باترسون تلوّح بعدوان ثلاثي جديد، أطرافه أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” لتطويب مصر لليهود، فإن على المصريين، ومعهم العرب، أن يتجنّبوا النقاش في هذا الهراء وأن يقولوا بصوت واحد “يا أهلاً بالمعارك”، ولن يكون مصير العدوان الثلاثي الملوّح به ل ،2013 أفضل حالاً من العدوان الثلاثي في 1956 .
وفي الجانب المصري، يغدو حزب الحرية والعدالة أمام وقائع جديدة لا تكفي معها شخصنة تصريحات العريان، وذلك في ضوء التصريحات الأخيرة التي إن لم تكن فعلاً صادرة عن السفيرة الامريكية، فإنها ستكون صادرة عن “معاريف”، أي أن رصاصة ما أطلقت بغض النظر عن السلاح . جماعة الإخوان المسلمين في مصر مطالبة إجراء تحقيق فوري وإخضاع العريان للإجراءات الانضباطية واتخاذ ما يلزم بحقه في ضوء نتائج التحقيق، ذلك بأننا أمام خيوط متجمّعة لا يمكن حشرها في زاوية الصدفة، بدءاً بتصريحات العريان وانتهاء بتصريحات “معاريف”-باترسون، مروراً بمبالغة الرئيس محمد مرسي في تبرئة نفسه من تصريحات مستخلصة من النبش في دفاتر قديمة، لإدانته ب “اللاسامية” .


إلى العلّامة يوسف القرضاوي..
حمدي رزق عن المصري اليوم
قبل أن تصعد المنبر الكبير يا شيخنا الجليل، منبر الأزهر الشريف فى جمعة الخامس والعشرين، وهو منبر لو تعلمون عظيم، وقبل أن تصلى وتسلم على المبعوث رحمة للعالمين، أوصيكم ونفسى بتقوى الله فى غضبة هذا الشعب الكريم، أوصيكم ونفسى بتقوى الله فى شباب ثائر سيملأ ساحات التحرير يطلب «سلمياً» عيش، حرية، عدالة اجتماعية، أوصيكم ونفسى بتقوى الله فى مصر التى أحببت، كن للغاضبين نصيراً، كن للثائرين ظهيرا، كن للمصريين لا تكن للإخوان المسلمين.
أما بعد، وكما برزت ساعة الوغى أسداً هصوراً فى التحرير، تحمل على مبارك ورجاله، وكانوا قوماً فاسدين، اصدح يا مولانا بالحق، وقل لجماعة الرئيس قولاً سديداً يصلح لهم أعمالهم ويغفر لهم ذنوبهم، قل لهم ولا تخش فى الله لومة لائم من مكتب الإرشاد، قل لمرسى: مالى أراك سيادة الرئيس وقد غرك بجماعتك الغرور، ماذا دهاكم.. استعليتم بعد استضعاف؟! أتمكنتم فى الأرض، أصرتم تبيعون وتشترون فى المصريين؟! وهذا شعب أبىّ لا يباع ولا يشترى، ولا يقدر على ثمنه شاطر ولا مالك ولو ملك كنوز الأرض كلها، تجوع مصر الحرة ولا تأكل من أيدى المرشد، لسنا عصافير يا مولانا تلقط الحب، أو هررة تأكل من خشاش الأرض، تحسبهم أغنياء من التعفف، تعفَّفْنا كثيراً يا مولانا، والرئيس وجماعته فى غيهم سادرون.
قل للرئيس: يا هذا إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا، وكانوا، وكانوا، قل للرئيس: الرئاسة ليست منحة بل محنة، أنت ممتحن يا مرسى، لن تهنأ بمقعدك الوثير لحظة، ستظل تتقلب ذات اليمين وذات الشمال، تسترجى الراحة لن تجدها، ولن يرحمكم الشهداء فى قبورهم، لقد حكمت على نفسك بالألم، ستظل تتألم، وتتألم، مثل كثير من الفراعين تألموا كثيراً، وتتعذب بحق شعب أعطاك حباً وأصواتاً، ونصّبك على العرش وهذه الأنهار من تحتك، سممت النهر، صار نهر السموم كالمهل يغلى فى البطون، شراب الأثيم.
قل للرئيس: كيف صارت مصر جماعات متقاتلة، شيعاً متحاربة، فصائل متناحرة، كيف فُرقت بعد جمع، وكيف شُتّتت بعد شمل؟ المصريون يا مولانا لن يصبروا على حزب واحد يحكم، وجماعة تؤخون، وتخوّن. المصريون لن يبلعوا لكم الزلط، لن يهضموا زلط الدستور، دستوركم سفاح، مصر حبلى بغضب أكيد يشيب منه الوليد، وإياكم إياكم من الغضب يستولى على النفوس، غضب على غضب، ثار المصريون، وحذار من غضبة لن تبقى ولن تذر.
قل للرئيس لا لغيره: قبل أن تغادر القصر الكبير الذى كنت ترتع فيه وتحكم اعمل لشعبك كأنك تعيش بينهم أبداً، ولا تعمل لجماعتك كأنك تعود إليها غداً، ولو خلفت العهد والميثاق مع شعبك ستظل طوال حكمك - إن طال أو قصر - تحكم خفية، تحكم فى جماعة، فى رهط، أما الشعب فسيخرج على طاعتك التى تخيلت أنك أحكمت، وسترى لو مدت صناديق الانتخابات سيكون تصويتاً على بقائكم وجماعتكم فى الحكم، وسيعلم الذين ظلموا شعب مصر أى منقلب سينقلبون.