تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء حماس 248



Haneen
2013-01-23, 12:54 PM
اقلام واراء حماس
21/1/2013

في هذا الملف

إما المصالحة أو المصالحة
بقلم مصطفى الصواف عن المركز الفلسطيني للاعلام

القرصنة الأسرائيلية والآثار القانونية
بقلم صهيب الترك عن المركز الفلسطيني للاعلام

مهلاً أيها المفتون.. نعم للاستقطاع
بقلم توفيق محمد أبو الروس عن المركز الفلسطيني للاعلام

حقيقة الصراع داخل حماس!
بقلم إبراهيم الديراوي عن فلسطين الان

الحوار السلفي الليبرالي
بقلم ممدوح الشيخ عن فلسطين اون لاين

المصالحة – مخاوف مشروعة
بقلم يحيى موسى العبادسة عن فلسطين اون لاين

هل أصبح حجب (فيس بوك) ضرورة ملحة؟
بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين

الرؤية الإسرائيلية تجاه الأنظمة الملكية والعراق
بقلم عدنان أبو عامر عن فلسطين اون لاين

اقتلوا الببغاء
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
إما المصالحة أو المصالحة

بقلم مصطفى الصواف عن المركز الفلسطيني للاعلام
رغم شح المعلومات عن لقاء القاهرة بين فتح وحماس حول تنفيذ اتفاق المصالحة، وما يصدر عبر وسائل الإعلام يعطي انطباعا أن الأمور تسير على خير ما يرام، وان الأجواء ايجابية وهناك سيل من الابتسامات المتبادلة بين الطرفين وإصرار على ضرورة تطبيق المصالحة على ارض الواقع بعد الجدولة التي وضعت لتنفيذ الاتفاق والتي تعتبر خطوة متقدمة تنتظر الاختبار على أرض الواقع.
رغم هذه الأجواء إلا أن المواطن غير مطمئن إلى ما يجري في القاهرة وينظر إلى هذه اللقاءات بنظرة لا تحمل التفاؤل المطلوب، خاصة أن الواقع يقول إن الأمور على ما هي ولم يتغير منها شيء يمكن أن يبعث الأمل في نفوس المواطنين.
ويبدو أن المتفاوضين في القاهرة في واد والأجهزة الأمنية في الضفة الغربية في واد آخر ولا تدري ما يجري أو أنها تسير وفق رؤيتها وليس وفق ما يتم التوافق عليه وإن كان ملف الأجهزة الأمنية لازال معلقا أو مؤجلا إلى المرحلة اللاحقة وقد يشكل القنبلة التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة ويصبح كل الحديث الذي جرى في القاهرة على مدى الأيام الماضية وكأنه لم يكن ونعود إلى المربع الأول ويبقى الحال على ما هو عليه ونعود إلى أجواء المناكفات السياسية والتراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات حول من افشل الاتفاق فتح أو حماس.
الحقيقة التي يجب أن يؤمن بها كل المتفائلين والمتشائمين لا يوجد أمام الكل الفلسطيني إلا المصالحة ولا خيار ثانٍ لهذه الحقيقية، ولكن هذه المصالحة لن تكون أمرا واقعا ما دام محمود عباس في دائرة صنع القرار لأن أبا مازن هو العقبة الوحيدة أمام إتمام اتفاق المصالحة في كل مراحل تعثرها وليس فتح أو حماس، وما دام هذا الرجل على هرم المنظومة السياسية الفلسطيني على الأقل في شقها العربي والدولي فلن يكون هناك مصالحة لأن المصالحة لا تخدم تركيبته النفسية والسياسية والأيدلوجية.
محمود عباس ينطلق من نفسية المهزوم غير القادر على صنع النصر أو تحقيق الأهداف في ظل الانبهار بقوة العدو الإسرائيلي واستحالة هزيمته وفق معتقدات ومفاهيم لن يغيرها محمود عباس حتى لو قدم له ألف دليل ودليل على أن هذا الكيان رغم قوته وجبروته يمكن هزيمته أو تسجيل النقاط عليه لصالح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية لو كان هناك تفكير ايجابي بعيد عن حالة الانبهار ونفسية الهزيمة والتبعية وفق المثل الفلسطيني ( أطعمني اليوم وموتني بكرة).
أول أمس كنت في لقاء جمع المفكر الإسلامي منير شفيق وعددا من المثقفين والكتاب في مدينة غزة وتحدث في الشأن الفلسطيني أننا مطالبون بانتفاضة في الضفة الغربية ضد الاحتلال الصهيوني، هذه الانتفاضة ستعمل على تقصير عمل الاحتلال وهي التي يمكن أن توقف الاستيطان والتهويد سواء في القدس أو الضفة الغربية، مؤكدا أن الكيان الصهيوني لم يعد بالصورة التي كان عليها وسرد الكثير من النقاط وكذلك الإدارة الأمريكية التي باتت اضعف مما كانت عليه وهي تشكل الحامي لهذا الكيان الغاصب.
هذه الانتفاضة التي يدعو إليها شفيق وفق رؤية عباس لن تقوم ما كان على رأس السلطة وعليه يجب أن ينحى هذا الرجل عن الملف السياسي وأن يتم إنزاله عن قمة الهرم بأي شكل من الأشكال وهذا الأمر منوط بالشعب الفلسطيني الذي يجب أن يقرر الطريقة التي ينحي فيها الرجل حتى تستقيم أمور الشعب الفلسطيني وعندها ستكون المصالحة واقعا عمليا على الأرض في اقل من اثنين وسبعين ساعة، وستعقبها الانتفاضة الكبرى التي ستشكل بداية الانطلاق نحو التحرير وإزالة هذا الكيان الغاصب.


القرصنة الأسرائيلية والآثار القانونية

بقلم صهيب الترك عن المركز الفلسطيني للاعلام
أعلنت الأمم المتحدة في 29 نوفمبر من العام المنصرم قيام الدولة الفلسطينية وأفاد هذا الإعلان من الناحية القانونية أن الأراضي الفلسطينية هي اراضٍ محتلة وليست ارضي متنازع عليها, وهذا يفي ضمنياً اعتراف المجتمع الدولي أن اسرائيل دولة محتلة أيضاً, ومنذ كسر أنف اسرائيل في الأمم المتحدة أخذت بالقيام بأعمال قرصنة بحق الشعب الواقع تحت سيطرتها.
احدى فصول تلك القرصنة الإسرائيلية ظهرت في امتناع اسرائيل عن تحويل اموال الضرائب لخزينة السلطة الفلسطينية مما ترتب عليه أوضاع اقتصادية في غاية الخطورة عملت بالتأثير على مختلف فئات الشعب الفلسطيني بشكل عام وعلى فئة موظفيه بشكل خاص التي تعتبر هذه الفئة نواة الاقتصاد الفلسطيني .
ومن منطلقات مسؤولية الدولة المحتلة تجاه الدولة الواقع تحت سيطرتها يتوجب على اسرائيل توفير المقومات الأساسية وضمان الأمن والرفاهية الاجتماعية لسكان المناطق المحتلة استناداً إلى العديد من المواثيق الدولية والمصادر القضائية من ضمنها قوانين الاحتلال الموثقة في ميثاق هاج 1970 وميثاق جنيف الرابع 1949 بالإضافة إلى مبادئ العرف الدولي العامة.
ويرى خبراء القانون الإنساني إن معيار سريان أحكام الاحتلال هو السيطرة الفعالة من قبل الدولة المحتلة مع عدم الاشتراط بتواجد عسكري ثابت في جميع أجزاء المناطق المحتلة حسب ادعاء اسرائيل للتنصل من واجباتها وأضاف الخبراء يشترط السيطرة على النقاط الرئيسية في منطقة معينة بشكل يعكس سلطتها في المنطقة بأسرها وهذا ما ينطبق على الواقع الفلسطيني الحالي.
وهناك مصدر قضائي آخر هو حقوق الإنسان العالمي 1948 وتم ارساء البنود الأساسية لهذا القانون عبر السنين في ستة مواثيق دولية وتبرز مدى أهمية تلك البنود بسبب مصادقة اسرائيل عليها وقبول الأمم المتحدة بها وتعترف هذه البنود بحق كل انسان بحرية الحركة والعمل وظروف معيشية لائقة وهذه المواثيق تلزم الدول المصادقة عليها وهو ما ينطبق على اسرائيل على تنفيذ التزاماتها ليس فقط في مناطق سيادتها وإنما تجاه الأشخاص الخاضعين لسيطرتها.
فإذا كانت جميع تلك المواثيق والالتزامات التي مر ذكرها تلزم بها الدولة المحتلة على تقديم مساعدات وتسهيلات من تلقاء نفسها فاعتقد انه من باب أولى أن تدفع اسرائيل مستحقات الشعب التي جنيت من خلال ضرائب جمركية فرضت على بضائع عملت على ارتفاع اسعار السلع على المستهلك.
ومن منطلق مسؤولياتها يستوجب على الدولة الفلسطينية في ظل هذه الظروف العمل على اتخاذ اجراءات قانونية يكون لها أثر بشكل أو بآخر على الضغط على الجانب الاسرائيلي أو تؤثر على صورة الكيان في المجتمع الدولي من خلال اللجوء الى محكمة العدل الدولية للحصول على قرار استشاري بشأن حجز اموال الضرائب اعتماداً على واجبات الدولة المحتلة واستناداً إلى مبادئ العرف الدولي والتزامات الدول تجاه بعضها البعض.
وهذه الخطوات تعتبر أقل ما يمكن فعله من جانب الدولة الفلسطينية حيث يوجد هناك العديد من الخطوات التي تعتبر أكثر تأثيراً وضغطاً أصبحت في جعبتنا بعد الحصول على دولة من الأمم المتحدة ولو كان بصفة مراقب فاذا لم نستخدم امتيازات الدولة في مثل هذه الأمور متى نستخدمها واذا لم نكن جاهزين لمقارعة اسرائيل في المحافل الدولية لماذا تعجلنا في إعلان دولتنا أم انه كان مجرد قرار ثوري من أجل متطلبات مرحلة لا أكثر ولا أقل انعكست أضراره على الموظفين بشكل عام حتى أصبح لسان حالهم يقول في يدينا بقيةٌ من رواتب فاستريحوا كي لا يضيع البقية؟

مهلاً أيها المفتون.. نعم للاستقطاع

بقلم توفيق محمد أبو الروس عن المركز الفلسطيني للاعلام
سارع بعض علماء الإفتاء المشهود لهم بالعلم في قطاع غزة بتحريم استقطاع أية نسب مالية من رواتب الموظفين لما سُمي بـ"زكاة الرواتب"، وأكدوا أن الاستقطاع من الرواتب أو أخذ نسب مالية منه حرام قطعاً ولا يجوز شرعاً من ناحية فقهية".
عنوان المقال ليس اعتراضاً على الفتوى وإنما الشعور بمشكلة حقيقية وخطيرة، والأولى وضع الحلول العملية لها، انها مشكلة الفقراء في قطاع غزة وكيف يجب المساهمة في حلها، لست معترضاَ على تحريم الاستقطاع تحت مسمى الزكاة والعبرة في المعاني وليس في المباني، ولكن السؤال هل يجوز الاستقطاع من اجل الفقراء والمعدمين للمساهمة في تخفيف معاناتهم، وخاصة أن الاستقطاع سيكون محصوراً فقط على اصحاب المرتبات العالية وليس بالضرورة أن يكون تحت مسمى الزكاة وقد جعل الإسلام فى المال حقًا سوى الزكاة يفرض على الغني من أجل صالح الفقراء ؟.
الفقر من أخطر الأمراض الاجتماعية التي تصيب الأمة ولا يقل خطورة عن أمراض الانقسام والفرقة والجهل. لا يكفى أن نردد الآيات والأحاديث التي تدعو الى محاربة الفقر أو القول إن الاسلام وضع نظاماً اقتصادياً لمعالجة الفقر وتداعياته، بل المسارعة في وضع الحلول العملية وتطبيقها للمساهمة في حل المشكلة، الفقراء يحتاجون أعمالاَ لا اقوالا.
الغرب تبنى النظام الرأسمالي ووضع حلولاً عملية لمعالجة الفقر والبطالة عن طريق نظام الضمان الاجتماعي، بل ويساهم بشكل كبير بتقديم منح للفقراء في الضفة والقطاع، وهو المساهم الأول في ميزانية وكالة الغوث والسلطة الفلسطينية ولا يكفي أن نقول هذا دعم له ثمن سياسي ومن المؤكد أن الفقراء سيقبلون هذا الدعم لأن البديل هو الموت.
لقد تفكك الاتحاد السوفياتي والقى بنظرياته الاشتراكية خلف ظهره وانتهت مقولة الحتمية الاشتراكية، عندما وجدت الشعوب أن هناك فرقا كبيرا بين القول والعمل.
قطاع غزة من اكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، وأسعار الارض فيه خيالية يعجز الكثير من سكانه عن شراء قطعة ارض لإقامة بيت عليها، الخريجون فيه بالآلاف اصيب الكثير منهم بالإحباط لأنهم لم يجدوا عملاً، والكثير من العاطلين عن العمل نتيجة اتفاقية اوسلو وانتفاضة الاقصى 2000 م ونتيجة لتدمير الكيان الصهيوني لكثير من المصانع عبر عدوانها المستمر على غزة.
نعم قطاع غزة ليس به مقومات دولة لحل المشكلة جذرياً، ولن تستطيع الحكومة أي حكومة حل المشكلة لوحدها، ليس المطلوب ضمن هذه المعطيات حل المشكلة لأن العدو مستمر في الحصاره والتدمير، بل المطلوب المساهمة في الحل، والمسارعة في ميدان العمل والتوقف عن الأقوال التي لا تسمن من جوع.
ليس المطلوب من رجال الحكم وضع حجارة على بطونهم إنما المساهمة قي تقليص الفجوة بين المرتبات العالية والمنخفضة وبين الفقراء والأغنياء حينها لن تستطيع قوى العالم تسخير واستخدام الفقراء لتحقيق أهدافهم، بل ستجد هؤلاء الفقراء طلائع المجاهدين وسيكون الدعم السياسي حتماً حسرة وندامة.
{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105]




حقيقة الصراع داخل حماس!

بقلم إبراهيم الديراوي عن فلسطين الان
وسط غموض وتساؤلات خرجت من النطاق الفلسطيني المحلى إلى النطاقين الإقليمي والدولي، باتت نتائج الانتخابات الداخلية لحركة حماس قاب قوسين أو أدنى، وهذه النتائج وإن كانت معظم تفاصيلها تظل طي الكتمان والسرية (بحكم الضرورات الأمنية للحركة المستهدفة من خصوم عدة)، إلا أن الذى يعنينا فيها هو رئاسة المكتب السياسي (أعلى هيئة قيادية-سياسية، ثاني سلطة تنظيمية في الحركة)، بشكل محدد يعنينا من سيفوز برئاسة هذا المكتب ليقود مسيرة الحركة خلال الأعوام الأربعة المقبلة؟
ولم تتوقف التحليلات والتأويلات ومحاولات الغمر واللمز حول هذا الملف، كونه يرتبط بمستقبل حركة مقاومة انخرطت لاحقا في العمل السياسي، فباتت محط أنظار العالم، الذى راح يتساءل عما يحدث داخلها من تفاعلات، وزاد البعض فاعتقدوا أن هذه التفاعلات يمكنها أن تتحول إلى صراع على السلطة (كما يزعم البعض ويروِّج آخرون)، بصورة يفهم منها القريبون من الحركة والمتابعون لنشاطها والمقّيمون لمسيرتها أن هناك من يحاول الدفع بحماس إلى مساحات رخوة لا يمكنها أن تنجر إليها أبدا.
وثمة ثوابت مهمة تنير الطريق لحركة حماس (وقياداتها وكوادرها في هذا الشأن)، التي نشأت أساسا لمقاومة الاحتلال وتحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر، يتصدر هذه الثوابت أقوال الشيخ المؤسس للحركة، الشهيد أحمد ياسين، الذى ظل يرى فيها "حركة مجاهدة.. علنية وسرية.. ما هو مفهوم للناس فهو علني، وما هو غير مفهوم للناس فهو سرى.. وحركة مجاهدة لا يمكن أن تكشف للناس كل أوراقها وكل ما عندها، لكنها تعمل بالشورى والنظام الصحيح...".
و يمكننا أن ننسى في هذا الشأن أنه لم يُضبط أي من القيادات التاريخية (أو حتى القيادات الوسيطة للحركة)، متلبسًا بالبحث عن موقع أو ساعيًا لمنصب، ارتباطا بالتربية والروابط الروحية بين حماس وجماعة الإخوان المسلمين في مصر، ما أكسبها مناعة داخلية، وجعلها تعمل منذ البدايات الأولى ثم النشأة (في السادس من ديسمبر عام 1987) وفقا للقاعدة المعروفة بين الإخوان، ألا وهى أن "طالب الولاية لا يُوَلَّى".
وثالثا، أن حركة حماس التي اكتسبت زخمها ووضعها المميز بين حركات المقاومة على مستوى العالم، بسبب الهدف الذى نشأت من أجله، لا يمكنها التخلي بسهولة عن هذه المكانة والانسياق خلف صراعات ومغانم، تتنافى تمامًا مع أفكارها كحركة مقاومة إسلامية-وطنية، كونها تعي جيدا دقة وحساسية موقفها في خضم صراعات وتشابكات داخلية وإقليمية وخارجية منذ اكتساحها الانتخابات التشريعية الفلسطينية (مطلع عام 2006)، التي تعاطت معها في السابق بمنطق الخطاب السياسي وفعل المقاومة، بينما تتفاعل معها حاليا من منطلق القابض على جمرة القرار السياسي.
وأخيرا وليس آخرا بالطبع أن قيادات وكوادر الحركة لديهم قناعة بأن الانشغال بالهم العام (ميدانيًّا.. سياسيًّا.. اجتماعيًّا) داخل قطاع غزة تحديدًا، يفرض على حماس نمطًا معينًا في إدارة شئونها الداخلية، لا مجال فيه للتنازع والصراعات.. كما أن المواجهة المستمرة مع الاحتلال والأوضاع الصعبة التي تعيشها الحركة في ضوء هذه المواجهة، لا يمكنها أن تُنتج هذه الحالة من الرفاهية، لكنها تنسحب على حركات وتنظيمات أخرى (داخل وخارج فلسطين) تتبنى في الظاهر مقاومة الاحتلال، بينما قادتها يتقاسمون المناصب والأموال وينسقون أمنيًّا مع الاحتلال (!)، فهل يمكن أن تنزلق حماس إلى هذه الهاوية، وهى التي تؤمن بأن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود"؟ ما يعنى مشروعية الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة لإتمام هدف تحرير فلسطين.
هذا عن الوضع العام، فماذا عن المنتج السياسي.. أقصد مستقبل رئاسة المكتب السياسي للحركة؟
يعي الرئيس الحالي للمكتب السياسي لحماس، خالد مشعل (أبو الوليد)، وأصغر كادر في حماس حقيقة مهمة؛ تتمثل في خضوع الجميع (بلا استثناءات أو اعتبارات) للمؤسسات والأطر القيادة للحركة، والخضوع لرأى الجماعة، واحترام إرادتها والنزول عند قرارها المدروس دائما.
والمؤكد أن طرح اسم "أبو الوليد" مجددا لاستمرار في قيادة الحركة لم يكن وليد لحظة تعاطف مع شخصية كاريزمية أعطت من وقتها ومجهودها الكثير لحماس، ليس على امتداد الـ16 عاما التي قضاها (بالتوافق الداخلي) رئيسا للمكتب السياسي للحركة، لكن للتقييم الصارم لهذه المسيرة من مؤسسات حماس، التي يتصدرها بالطبع مجلس شورى الحركة (يتراوح من 50 إلى 70 عضوًا يمثلون الحركة في فلسطين - قطاع غزة.. الضفة الغربية.. السجون الإسرائيلية- والخارج).
وقد دارت مناقشات مستفيضة بشأن هذا الملف داخل مجلس الشورى العام لحماس، باعتباره أعلى سلطة رقابية وتشريعية داخل الحركة؛ إلى جانب أنه يمثل الهيئة الدعوية العليا، التي توفر الإسناد الشرعي لنشاطات وقرارات حماس الحركية والسياسية ووضع السياسات العامة وإقرار خطط عمل مؤسساتِها وهيئاتِ الحركة المنتخبة، فضلا عن تصديه لمناقشة القوانينَ واللوائحَ التي تحكمها وتنظم عملها.
وقد كشفت المناقشات داخل المكتب السياسي المعني برسم سياسات حماس وتمثيلها في العلاقات الخارجية والتفاوض باسمها في كل الملفات التي تتعلق بإدارة العلاقات الفلسطينية-الفلسطينية، وكذلك التعامل مع الحكومات والمنظمات العربية والإسلامية، فضلا عن الجهات الرسمية والشعبية في العالم"، عن ترجمة صادقة لطبيعة العلاقات الداخلية في حماس، ما يعد استمرار للمثالية (النسبية) لهذه الحركة المباركة، وليس هناك دليل يؤكد إنكار الذات والزهد في المواقع التنظيمية بين قيادات الحركة، من عملية التسليم والتسلم التي تمت بين مؤسس المكتب السياسي لحركة حماس، أول رئيس له منذ عام 1989، الدكتور موسى أبو مرزوق، الذى أعاد بناء الحركة (بعد الضربة الشاملة التي تلقتها آنذاك، على خلفية اعتقال الشيخ المجاهد أحمد ياسين وعدد كبير من قادة الحركة ونشطائها في الداخل، وتفكيك أجهزتها العسكرية والأمنية، إلى أن جرى اعتقاله في الولايات المتحدة عام 1995 لمدة عامين)، ما دفع خالد مشعل إلى إعادة تشكيل المكتب السياسي وإجراء الانتخابات في العاصمة الأردنية (عمان) عام 1996، حيث تم تعيينه رئيسًا للمكتب وانتخابه لأربع دورات لاحقة حتى الآن، كانت خلالها العلاقة بين مشعل-أبو مرزوق (وكذلك كل قيادات الحركة في الداخل والخارج) نموذجًا للاحترام والتقدير والجهاد المشترك من أجل قوة حماس في مواجهة الاحتلال، ومواجهة مؤامرات الداخل والخارج.
ومن واقع العلاقة الشخصية يجب التأكيد في ثنائية العلاقة بين قيادات حماس في الداخل والخارج، أن هناك حالة خاصة في إدارة الحركة؛ بعيدًا عمَّا يروِّجه البعض من حسابات، مفادها أن الداخل يمتلك ورقة التنظيم ويتحكم في القرارات الميدانية، بينما الخارج لديه ورقة العلاقات الخارجية والتمويل، حيث توزيع الأدوار القيادية والتنفيذية والمهمات يخضع لعملية منضبطة، تحكمها أوضاع وظروف المقاومة، كما أنها محكومة بنظام الشورى الذى استمدته حركة حماس من التربية والإدارة التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين، نجحت قيادات حماس في تطويره وتطويعه حتى يتناسب مع الشأن الفلسطيني وظروفه الصعبة في مواجهة الاحتلال، ما جنَّب الحركة أزمات تنظيمية، كان يمكن أن تعطل مسيرتها وتضعفها أمام العدوان الإسرائيلي المستمر.
وقد كشف الاحتفال بذكرى الانطلاقة الـ25 لحركة حماس عن حجم الافتراءات والادعاءات التي تلاحق قادة الحركة؛ حيث لا انقسامات أو خلاف محتدم في قيادة الحركة على رئاستها.. بل كان الاحتفال إشارة مهمة على عافية ووحدة الحركة، ولا أذيع سرًّا عندما أقول إن قيادات الحركة في الداخل والخارج بذلوا جهدًا عظيمًا في إقناع "مشعل" بالاستمرار في قيادة الحركة للدورة المقبلة، لـ"مصلحة الحركة".
وفى هذا الشأن جرى طرح مبادرات داخلية وخارجية لإقناع "مشعل" بالاستمرار في موقعه، حيث يبدو الداخل الفصائلي متمسك بوجوده "كونه شخصية توافقية ومحل إجماع داخلي وخارجي"، وعلى صعيد الداخل الحمساوي لا أكتم سرا عندما أؤكد أن نحو معظم أعضاء مجلس شورى الحركة يدعمون بقاء "مشعل"، وهو الحال نفسه بالنسبة لقيادات وكوادر الحركة في القطاع والضفة والسجون والخارج.
وقد دفعت هذه الحالة الشقيقة الكبرى مصر للدخول على خط الأحداث، حيث جرى ممارسة ضغوط على "مشعل" من مستويات ثلاث: الرئاسة المصرية.. جماعة الإخوان المسلمين (وجناحها السياسي ممثل في حزب الحرية والعدالة)، فضلا عن الدعم الشعبي والحزبي الذى يحظى به "مشعل" في مصر، ومن مصر يمكن تتبع سلسلة الضغوط التي تحاول إثناء "مشعل" عن قراره لاسيما من تركيا وقطر والسودان، ودولا عربية وإسلامية أخرى.
مضمون المبادرات المطروحة تؤكد أن ضرورات التجديد والتغيير والحرص على مبدأ التداول على القيادة (سواء داخل حماس كما بقية الحركات والتنظيمات، بل والدول أيضا)، قد تكون مبررة بسبب الفشل أو التخاذل أو فقدان القدرة على القيادة، وعندها يصبح التمسك بالمنصب (أو الموقع) مطمع ومغنم، إنما إذا كانوا من أصحاب الإنجازات والشعبية ولديهم القدرة على توحيد الصف الوطني فلا شيء في ذلك.

الحوار السلفي الليبرالي

بقلم ممدوح الشيخ عن فلسطين اون لاين
قبل أيام من الذكرى الثانية لثورة الخامس والعشرين من يناير شهدت مصر تحولاً تاريخياً لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام، رغم أنه سيكون له ما بعده، وأعني به الحوار الليبرالي السلفي الذي شهده منزل الداعية محمد حسين يعقوب برعاية الداعية السلفي الأكثر شهرة محمد حسان. اللقاء في حد ذاته سابقة هي الأولى من نوعها منذ الثورة بعد أشواط من الصراع الإعلامي والسياسي، وصولاً إلى الصراع المسلح في واقعتين شهيرتين إحداهما أمام قصر الاتحادية الرئاسي والثانية أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وأياً كانت التفاصيل التي يمكن الوقوف أمامها في التركيبة السياسية للمعسكرين، فإنهما يظلان معسكرين متمايزين أشد التمايز، وخط التماس بينهما إصرار أحدهما على الدولة المدنية كحل وحيد لمصر، ورفض الطرف الآخر – بإصرار لا يقل عن خصمه – على رفض الدولة المدنية رفضاً قاطعاً.
وخلال الفترة التي تلت الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الدكتور محمد مرسي في نوفمبر الماضي، كانت ساحة السياسة في مصر غارقة في خطاب التهديد والوعيد والاستقطاب الحاد بين التيارين. ومع زوال حدة الاستقطاب – مؤقتاً – بدا بشكل جلي أن الطرفين يخفيان وراء الهدوء المصطنع، عداء سينفجر لا محالة.
ومع اقتراب ذكرى الثورة كان هذا اليوم الذي احتل المكان الأهم والمكانة الأرفع في الوجدان المصري ساحة صراع متوقعة، على الثورة ورمزيتها ومستقبلها، وهو ما انعكس بوضوح شديد في مطالبات ذات أسقف متفاوتة بعضها يستهدف إعادة رفع شعار "الشعب يريد إسقاط النظام". وفي الطريق إلى الصدام الذي كان محتملاً كان هناك حصار مدينة الإنتاج الإعلامي والقصف السياسي والإعلامي الدعوي المتبادل الذي لم يهدأ حتى الآن.
واللقاء بين رموز الفصيلين السياسيين الكبيرين يتجاوز في أهميته الدلالات الرمزية، فبعض الرموز الدينية التي حضرت كانوا بأشخاصهم يرفعون شعارات تصور الخلاف السياسي صراعاً بين الحق والباطل وبين المشروع الإسلامي وخصومه، فضلاً عن خطاب تكفيري طال كثيراً من الأفراد والجماعات وترك في المناخ العام علامات استفهام يتفائل كثيرون بأن هذا اللقاء السلفي الليبرالي أزال غير قليل منها.
ولا شك في أن التيار السلفي الذي كان ينظر إليه منذ بداية انخراطه في العمل السياسي بمعناه المباشر بوصفه الأكثر تشدداً قد شهد تغيرات ملحوظة باتجاه الاعتدال والمرونة، وإن لم تنضج بعد. وهو – باستثناء أسماء محدودة – ما تزال تصر على "الحد الأقصى" ولا ترى سوى الصراع قاعدة للعلاقة مع الخصوم السياسيين، يشهد مراجعة لأفكار بقيت لعقود أشبه بالثوابت التي لا تقبل النقاش، ومثل هذا اللقاء كان حتى وقت قريب أشبه ما يكون بالمستحيل.
والظاهرتان السلفية والليبرالية تتحولان بالتدريج إلى رقمين كبيرين في معادلة السياسة المصرية بعد أن كان الأقرب إلى الرسوخ في صورة هذه الساحة السياسية أنها محكومة بالصراع الثنائي بين الإخوان المسلمين وبقايا نظام مبارك "الفلول"، وبخاصة بعد أن حالت عقبات عديدة دون حصول القوى الثورية الشابة التي لعبت الدور الأكبر في إطلاق شرارة الثورة، على نصيب كبير في التنافس على السلطة.
وتحول المواجهة السلفية الليبرالية إلى حوار – رغم أن اللقاء هو الأول – يظل مؤشراً إيجابياً على احتمال أن تختفي نغمة الصدام والاستبعاد التي سادت خلال الأشهر القليلة الماضية لتحل محلها آلية أخرى حتى لو لم تؤد إلى بناء مشتركات عامة بين تيارين ما زالت المسافة بينهما كبيرة جداً، لكنه يطرح احتمال وضع بذور تقاليد سياسية مصر في أمس الحاجة إليها، فالجمود السياسي الذي بدأ مع الإعلان الدستوري بدأ يلقي بظلال قاتمة على السياسة والاقتصاد معاً، وإذا لم ينجح ذوو الكلمة المسموعة في التيارات السياسية كافة البناء على هذه المبادرة، فإن التداعيات الاقتصادية يمكن أن تطيح بالعملية السياسية كلها.
ولا جدال في أن التغيير مطلوب من الجانبين بالقدر نفسه، فالحديث الواضح من الرموز الليبرالية عن أنهم لا يستهدفون الرئيس المنتخب تطمين له دلالاته وستترتب عليه نتائج مهمة، فهذا أحد أهم الهواجس التي ساهمت إشاعتها في تأزيم العلاقة بين الطرفين، والتيار الليبرالي مطالب هو الآخر بإعادة النظر في أجندته السياسية والكيفية التي يتعامل بها مع "الخارج"، ذلك أن المخاوف متبادلة، والثقة هي وحدها ما يحتاجه الجميع.

المصالحة – مخاوف مشروعة

بقلم يحيى موسى العبادسة عن فلسطين اون لاين
أمسكت بالقلم وترددت كثيراً في الكتابة في موضوع المصالحة بين حركتي فتح وحماس تحسباً أن يسيء البعض فهم مقصدي، أو أن تصادم أفكاري أحلام الطيبين المخلصين من أبناء شعبنا، والذين لم يعودوا قادرين على احتمال بقاء الحال على ما هو من السوء والشقاق، فقد سئموا المناكفات الإعلامية من جهة، ولم يعودوا قادرين على فهم الحقيقة التي بسببها تتعطل المصالحة كل مرة، فالوطنيون الغيورين يدعون الله أن يحقق السلم الاجتماعي، والوحدة الوطنية، وكثير من هؤلاء الطيبين يعلقون آمالاً عريضة على تغيير الحال، عسى الله أن يحقق بالمصالحة حل مشكلات البطالة والفقر ويخلص الشعب من ضيق العيش وضنك الحياة.
ويعلم الله أنني من أشد المتحمسين للوحدة الوطنية، ومن أكثر المدافعين عن الوئام الوطني، وكم حلمت بإتمام المصالحة، وذلك قناعة مني بأنها باتت ممراً إجبارياً لعودة الثقة بين حركتي فتح وحماس، وصولاً إلى بيئة سياسية ووطنية صحيحة، توفر أرضية مشتركة للحوار حول إعادة بناء مشروعنا التحرري، وإطلاق طاقات شعبنا نحو تحقيق هدف التحرير والعودة.
ومع تفاؤلي بما تحقق أخيراً في اجتماعات القاهرة، حيث ألمس جدية غير مسبوقة من الرئيس محمد مرسي، لجهة الضغط على الأطراف من أجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه في حوارات سابقة، إلا أنني لم استطع التحرر من مخاوفي وقلقي، وذلك لوجود أسئلة عديدة، تفتقد إلى إجابات واضحة في اتفاق المصالحة.
إذ إن الاتفاق الحالي للمصالحة، قد وُضِعَت أسسه وقواعده زمن النظام المصري المخلوع، وبإشراف عمر سليمان شخصياً، وجاء في حينه محصلة لسياسات الإكراه التي تجاوزتها ثورات الربيع العربي، ولا يستصحب الدروس المستفادة من سنوات الانقسام العجاف، ولا يعالج أصل الخلاف، بل على العكس يقفز على أصل الخلاف، ويعيد بناء المصالحة على نفس الأسس القديمة والمصممة أصلاً على مقاسات المواقف الأمريكية والتي تقدم معالجة لإشكال وجود حماس في السلطة، وتحاول تقديم مقاربة للتوافق مع شروط الرباعية، عن طريق تولي عباس رئاسة الحكومة.
كما أنها جاءت لمعالجة الانقسام الناتج عن إدارة سفينة السلطة، فكل فريق يريد أن يوجه دفة السفينة الوجهة التي يرضاها، ويظن أن فيها النجاة، فوجهة عباس الوحيدة هي التفاوض، والتفاوض فقط، ووجهة حماس هي المقاومة باعتبارها الطريق الأقرب لتحقيق الحرية، بينما لم يفكر المتخاصمان من فتح وحماس بأن السفينة التي يتنازعون على عجلة قيادتها هي سفينة معطوبة وخربة ومتهالكة ولا تصلح للقيادة، ولا تصلح كأداة للنجاة وبلوغ شواطئ التحرير والعودة، والحكمة تتطلب أن يسارع الجميع للقفز منها، قبل أن تحطمها الأمواج السياسية العاتية أو تطيح بها الخطوب المتوقعة.
إن مصالحة مبنية على تقاسم السلطة، من المتوقع أن لا تكون حلاً للأزمة، وإنما تسهم في إعادة إنتاج الأزمة وتعميقها من جديد، لأن السؤال الذي من الواجب الإجابة عنه، قبل أن ندخل إلى نفق انتخابات جديدة للتشريعي والرئاسة، هو: ما هي مآلات الأوضاع في حال فوز حماس بالرئاسة والتشريعي؟، هل ستتمكن من إدارة الضفة الغربية؟، بينما الضفة جميعها واقعة تحت الاحتلال المباشر، وهل ستقبل الرباعية بنتائج الانتخابات؟ أم أن هذه الأطراف ستعيد الكَرة مرة أخرى وتعاقب الشعب الفلسطيني، على خياره الحر، بانتخاب حماس، في محاولة من هذه الأطراف مجتمعة لإرغام الشعب على استبدال وتغيير خياراته في أي انتخابات قادمة.
وعلى فَرَض فوز فتح في الانتخابات، هل ستقبل حماس ببرنامج أبو مازن، في حل كتائب القسام أو قبول التنسيق الأمني أو قبول إعادة غزة إلى بيت الطاعة الأوسلوي أو استمرار نهج التفاوض العبثي.
هذه أسئلة مشروعة ينبغي أن يجيب عنها الفرقاء قبل الانتخابات، وأحب أن أذكر الجميع بأن العمر الافتراضي للسلطة قد انتهى منذ زمن بعيد, فالسلطة قد صممت على مقاسات الفترة الانتقالية والتي تحددت بخمس سنوات، ثم تدخل المفاوضات المرحلة النهائية على القضايا المؤجلة، وتتحول السلطة إلى دولة، ولكن رفض (إسرائيل) ومراوغتها وتهديداتها والتواطؤ الأمريكي، وعجز القيادة الفلسطينية، كلها عوامل أدت إلى تحول الفترة الانتقالية إلى فترة دائمة، حتى قارب عمر السلطة على العقدين من الزمان، مما فرغ السلطة في الضفة من مضمونها واختصرها لتصبح أداة أمنية أو وكالة احتلالية.
وغدت وسيلة يستخدمها الاحتلال لتجميل وجهه القبيح والتغطية على سوءاته وجرائمه في تهويد القدس ومصادرة الأرض وهدم البيوت وبناء جدار الفصل العنصري واستمرار سياسة الاعتقال والإبعاد.
وبعد مرور قرابة العقدين من الزمان لازالت السلطة تعيش مرحلة الطفل الرضيع ولم تصل بعد إلى مرحلة الفطام عن المساعدات الدولية والتي توَظَّف لصالح التحكم في توجهات السلطة السياسية وخيارات قياداتها، لتبقي أحلام القيادة طفولية غير راشدة على شاكلة أحلام فياض الساذجة والتي حاولت أن تسوق مشروع بناء مؤسسات الدولة، كخطوة لإقناع العالم و(إسرائيل) باستحقاق منح الشعب الفلسطيني دولة، وبعد سنوات من الدعاية المسيسة لهذه الفكرة، يكتشف الشعب الحقيقة ويتبخر السحر والخداع الفياضي، وبدلاً من قيام الدولة، نجد السلطة مثقلة بالديون والتي تجاوزت مليارات الدولارات، ويكتشف الشعب عجز السلطة عن دفع فاتورة الرواتب المستحقة.
بل إن (إسرائيل) ومن ورائها أمريكا، قامت بمعاقبة عباس على خطواته الصغيرة والتي تقدم فيها لطلب مكانة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، ورأوا فيها شقاً لعصا الطاعة، على الرغم من أن عباس، لم يهدد وجود (إسرائيل) بالزوال، ولم يناد بالعودة إلى الكفاح المسلح، ولم يهدد بعزل (إسرائيل)، وأعلن أنه لن يذهب إلى محكمة الجنايات الدولية، وكل يوم يؤكد التزامه بالتنسيق الأمني، واتفاقيات أوسلو، ويتعهد علناً بأنه لن يسمح بانتفاضة جديدة، ما دام يجلس على كرسي السلطة، ولا زال يمارس الاعتقال السياسي، ومع ذلك فلا تشفع له هذه الجدية في محاربة المقاومة، ويعاقبه نتنياهو بحجز أموال السلطة، مما دفع بعباس إلى التهديد بتسليم مفاتيح السلطة إلى نتنياهو، في محاولة بائسة للتأثير على صانع القرار الإسرائيلي والغربي.
كيف لنا أن نجعل مدخل المصالحة هو الانتخابات والتي يتحكم بمصيرها الاحتلال، بينما مصير السلطة نفسه في مهب الريح، ألم يهدد عباس بحلها تارة، وبتركها وتسليم مفاتيحها لنتنياهو تارة أخرى.
وسؤال آخر أوجهه إلى كل القوى والفصائل، هل يمكن اختصار مشروعنا التحرري بمشروع السلطة؟، ومتى كانت إقامة سلطة تحت حراب الاحتلال خياراً وطنياً؟، إن مشروع السلطة بكليته هو مشروع حركة فتح، وعلى حماس إعادة النظر في جدوى الاستمرار في السلطة دون أن تقدم رؤية لإعادة بنائها على أسس تحررها من اتفاقيات أوسلو، حتى تتحول إلى رافعة وطنية، ودرعاً للمقاومة، ولعل نموذج غزة المتمرد على أوسلو نموذج يمكن أن يبنى عليه.
نعم إن المصالحة المتوقع تطبيقها لن تحل الأزمة، وإنما ستزيحها وتؤجلها إلى ما بعد الانتخابات، ليبدأ بعد ذلك فصول صراع جديد، وانقسام آخر، قد يكون أكثر عمقاً من السابق، والسؤال هل ستوقف أمريكا تدخلاتها وفرض شروطها من جديد، هل يمكن أن ندخل الانتخابات الجديدة، دون ضمانات إسرائيلية أمريكية أوروبية، باحترام نتائجها، ودون التزام عربي رسمي وتعهد وضمانات أكيدة بتوفير شبكة أمان تحمي القيادة المنتخبة من عقوبات وحصار جديد على الشعب الفلسطيني نتيجة خياراته الديمقراطية.
إن جوهر الخلاف بين فتح وحماس، وعلى الأقل من وجهة نظري، ليس في التنازع على المناصب أو المواقع في السلطة، وإنما جوهر الخلاف هو في الرؤية والمنهج والبرنامج السياسي، ودون أن تتوقف قيادتا حماس وفتح عن الهروب إلى الأمام، أو إغماض العيون عن جوهر الخلاف، وأن يجلسوا بقلوب وعقول مفتوحة للتحاور حول رؤية كل طرف لمشروع التحرير والعودة، ويتفقوا على رؤية عامة مشتركة، ويضعوا القواعد والأسس والمقومات لتحقيق هذه الرؤية التحررية.
وإنني من المنطلق الوطني، العابر للحزبيات والأيديولوجيات والبرامج الفصائلية، أقول إن المدخل المنطقي للمصالحة، هو في التوافق حول إعادة بناء المشروع التحرري الواحد، مشروع التحرير والعودة، مستفيدين من التغيرات الإقليمية والدولية بعد ثورات الربيع العربي وما أصاب المشروع الصهيوني من ضعف وما أصاب قوة أمريكا من تراجع.
وأن نركز الجهد حول إعادة بناء الإطار الجامع والناظم، والوعاء الوطني الكبير، والمتمثل بـ م.ت.ف باعتبارها بعد إعادة بنائها هي التجسيد العملي لآمالنا وتطلعاتنا بالتحرير والعودة، بعد إعادة الاعتبار لميثاقها، وبعد دخول القوى الإسلامية إليها.
إن عنوان الوحدة قيادة واحدة للمنظمة، يشارك فيها الجميع، القوى الإسلامية والقوى العلمانية، وهذه القيادة هي المخولة بوضع البرنامج السياسي ووضع الاستراتيجيات الكفاحية وهي وحدها التي تحدد أساليب النضال في كل مرحلة وهي ذاتها تقرر مصير السلطة، وتجيب عن سؤال هل لا زلنا في حاجة لبقاء السلطة كما هي، أم أننا في حاجة لسلطة تدير الشأن العام، وتقدم خدمات عامة للشعب بدون برنامج ، وأن يشارك الجميع في إدارتها، مع بقاء الدور السياسي حكراً على م.ت.ف.
وهكذا قد نتوافق داخل أطر المنظمة على إدارة السلطة واختيار قيادة السلطة بالانتخاب أو التوافق، أيهما كان أصلح للمسار التحرري.
لعل من الحكمة إعادة النظر في انتخابات السلطة، والتركيز على انجاز بناء م.ت.ف فالمشروع التحرري، رهن بالمنظمة وقيادة المنظمة هي التي تتولى بعد ذلك إعادة بناء السلطة على أسس وطنية حتى تكون السلطة حامية للمقاومة، ورافعة وطنية وحاضنة لفصائل المقاومة.

هل أصبح حجب (فيس بوك) ضرورة ملحة؟

بقلم عصام شاور عن فلسطين اون لاين
لو كان الأمر بيدي لأغلقت موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) في مناطق السلطة الفلسطينية؛ لأن أضراره كبيرة، ومن الصعب حصرها أو الإحاطة بها، ومنافعه قليلة، ويمكن تحقيقها بوسائل أخرى.
الناطق باسم جيش الاحتلال (الإسرائيلي) _ولا داعي لذكر اسمه_ لديه حساب باللغة العربية على موقع (فيس بوك)، ولا أظن ذلك الصهيوني أنشأه لقتل وقته، أو للتسلية والدردشة وتبادل النكات والمناكفات مع المواطنين العرب، ولكنه جعل موقعه نقطة إسقاط واجتذاب عملاء جدد، وخاصة بعد الحملة التي شنتها أجهزة الأمن في قطاع غزة ضد العملاء، ووعدها بتطهير القطاع منهم خلال عام 2013م.
عن جهالة أو سوء نية تتعمد بعض المواقع الفلسطينية نشر الكثير مما يقوله الصهيوني المشار إليه، وكأنها تدعو الشباب الفلسطينيين إلى زيارة موقعه، أغلب المخدوعين يقصدون الموقع من أجل شتم صاحبه، أو من أجل طرح وجهات نظرهم، أما الثعلب الصهيوني والفريق المختص الذي معه فيعملون ليل نهار على تحليل شخصيات الزوار، من خلال أحاديثهم لاصطيادهم بطرق شتى، أخطرها نشوء صداقات بين أصدقاء الموقع، يكون أحد أطرافها فلسطينيًّا، والآخر فتاة أو رجل مخابرات (إسرائيليًّا)، فيدعون في البداية أنهم فلسطينيون أو أجانب يدعمون القضية الفلسطينية، ثم تكون مرحلة الإسقاط. أحد مشاهير برامج (توك شو) المصريين خصص حلقة عن صاحب موقع الإسقاط الصهيوني، وزاد من شعبيته، وهذا يوحي بأن الصهيوني وفريقه يحققون نجاحات في الوسط الفلسطيني وأيضًا العربي، وهذا يعني زيادة الخطورة، ما يستدعي التدخل الجاد لتدارك الموقف.
إدارة (فيس بوك) حجبت بالأمس موقعًا خاصًّا بأحد أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، وهي تفعل ذلك لكل موقع يناصر القضية الفلسطينية ويهاجم الصهاينة، وهذا يشير إلى أن إدارة (فيس بوك) منحازة للعدو (الإسرائيلي)، وتحاول حمايته من خلال إلغاء الحسابات "الضارة" للكيان (الإسرائيلي)، وأعتقد أننا أولى منهم بحماية قضيتنا وأمن شعبنا وأخلاقه، وأدعو السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة إلى حجب موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)؛ لأنه طريق للإسقاط الأخلاقي يسلكه الصهاينة لتجنيد عملاء، وكذلك يسلكه الساقطون أخلاقيًّا لابتزاز الفتيات، وما نعلمه عن نوع الأضرار وكمها لـ(فيس بوك) لا يقارن بما نجهله، والله أعلم.

الرؤية الإسرائيلية تجاه الأنظمة الملكية والعراق

بقلم عدنان أبو عامر عن فلسطين اون لاين
تواصل الجهات البحثية والأمنية الإسرائيلية متابعة تطورات "الربيع العربي"، وتنشغل بمستقبل الأنظمة الملكية بدوافع أمنية وسياسية وأكاديمية، زاعمةً أنّ بقاءها مرده تمتعها بشرعية بفضل تساوقها مع القيم الدينية والقبلية التي تميّز الثقافة العربية، إلى جانب عوامل أخرى أهمها الثروة النفطية والمكانة الجيو-سياسية، والدعم الخارجي لها.
وتتساءل: هل كان "مبارك" أو "بن علي" سيسقطان بسرعة لو كان بحوزتهما آبار نفط بقيمة مائة مليار دولار؟ مشيرة إلى أنّ السعودية وأنظمة الخليج أنفقت منذ عام 2011 مليارات الدولارات لتمويل إصلاحات تشمل رفع أجور وطرح مبادرات جديدة وفرص عمل بهدف احتواء التمرد.
أما بالنسبة للأنظمة الملكية التي لا تملك نفطاً، كالأردن والمغرب، فقد حازتا على دعم مالي وسياسي دولي، وهبات من دول الخليج، دون أن تستبعد هبوب نسائم "الربيع العربي" عليها لتوفر عناصر ومسببات الثورة في دولها، كالفساد والبطالة لدى الشباب.
مع العلم أنّ هذه الأنظمة الملكية تعلمت دروس سقوط نظامي بن علي ومبارك في تونس ومصر، حيث سارع النظام الملكي في المغرب مبكراً لإجراء إصلاحات، بينما بادرت السعودية بتوزيع الأموال، أما الأردن فقد بادر الملك بتغيير 3 حكومات ليظهر كأنه يحارب الفساد، متفقة مع سابقها حول دور الدعم الأجنبي، في إشارة إلى أنّ الولايات المتحدة ندمت على عدم حماية مبارك من السقوط، ولذلك فهي تدعم اليوم الأنظمة الملكية.
ومع ذلك، فإن التقدير الإسرائيلي السائد أن الخطر ما زال يتربص بالمملكات العربية خاصة في الأردن، رغم جهود الملك في احتواء الغضب بتوزيع الأموال وتوفير فرص العمل، دون أن يوزع الهبات على الشعب، ولم يقلص نسب البطالة، ولذلك يمكن اعتبار ما يجري مسيرة اجتماعية داخلية فحسب، رغم أن مستقبل الأردن حيوي جداً بالنسبة لـ"إسرائيل" وللفلسطينيين، وينعكس على الصراع.
في ذات السياق، فإن انشغال مؤسسات إسرائيلية كثيرة بمثل هذه المواضيع جزء من رؤية رسمية ترى "الربيع العربي" تهديداً أمنياً سياسياً، لأنّ "إسرائيل" تجد صعوبة بإيجاد تعبير إيجابي لصعود قوى المجتمع المدني في التغييرات التاريخية التي تعصف بالشعوب العربية، لأن أوساطاً واسعة في "إسرائيل" لا تقلق على مستقبل مسيرة السلام، وتفضل استمرار أنظمة استبدادية في الدول العربية كمبارك والأسد، وتنظر لمحيطها برؤية أمنية بالأساس.
وفي إطار هذا الملف الإقليمي، هناك الملف العراقي الذي راح يكتسب أهمية واهتماما كبيرين في الآونة الأخيرة هذا على ضوء التقديرات الاستخباراتية التي قدمتها المؤسسة المركزية للاستخبارات والمهمات الخاصة "الموساد" وكذلك وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان".
وجاءت التقديرات بتوصية من رئيس الوزراء لمعرفة حقائق الوضع الحالي في العراق، وهل يمكن أن يتطور إلى مستوى التدهور الذي لا رجعة فيه فيما يتعلق بـ:
1- اندلاع حرب أهلية في العراق لأسباب طائفية وأثنية، بين الشيعة والسنة من جهة، وبين الأكراد والسلطة المركزية.

2- احتمالات تقسيم العراق إلى ثلاث دول على نفس الأساس: دولة الأكراد في منطقة كردستان في الشمال، ودولة السنة في غرب العراق إضافة لمحافظتي صلاح الدين ونينوى، وفي الجنوب دولة الشيعة.
وقد أجابت منظومة الاستخبارات الإسرائيلية على استفسارات من رئيس الوزراء ومستشاره للأمن القومي، وتطرقت إلى اللاعبين الرئيسيين في الساحة العراقية، وحددتهم كالآتي:
- أولاً: تركيا التي تنشط في شمال العراق وفي غربه، من أجل ضمان نفوذها في هذه المناطق، ولكي تشكل في المستقبل امتدادا لسوريا في حالة حدوث التغيير.
- ثانياً: في الجنوب إيران تعزز من وجودها في محافظات الجنوب، لضمان أن تبقى عمقا استراتيجيا لها تستخدمها إذا ما تعرضت لهجمات أمريكية أو غربية، وبمشاركة دول خليجية.
وتحدثت المنظومة الاستخباراتية عن لاعبين غير رئيسيين في الساحة العراقية ومنهم: السعودية وقطر والأردن، ويتركز دورها في منطقة غرب العراق حيث تتواجد عشائر لها ارتباطات مع الأردن والسعودية، وقد تسلم "بنيامين نتنياهو" ملفاً حول الوضع الحالي واحتمالات تطوراته المستقبلية من أجل إثارة هذا الموضوع مع الولايات المتحدة والتوصل إلى مشتركات بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي تجاه هذه التطورات.
مستشار الأمن القومي "يعقوب عميدرور" يعتزم زيارة واشنطن للتباحث في الموضوع، خاصة في اتخاذ موقف موحد إذا اندلعت حرب أهلية، وتدخلت تركيا وإيران فيها، والتي ستكون لها تداعيات عابرة للحدود تمتد إلى الأردن وإلى دول الجوار الأخرى بما فيها الكويت والسعودية وحتى "إسرائيل".

اقتلوا الببغاء

بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
(التطرف) و(الإرهاب) و(الأصولية) مصطلحات لا يكاد يجمع المختصون على تحديد مفاهيم لها. ولكن السياسة الغربية والإعلام الغربي والأمريكي والصهيوني يجمعون على إلصاقها بالجماعات الإسلامية.
إنه بتكرير استخدامها في السياسة وفي الإعلام صفة للجماعات الإسلامية كـ(القاعدة-وأنصار الشريعة- والسلفية الجهادية في المغرب العربي- وجماعة التوحيد والشريعة)، صارت كالمسلمات في الإعلام العربي كـ(العربية- والجزيرة- والفضائيات الرسمية). وهذا الأمر يحتاج إلى تحرير يزيل العتمة، ويرفع الظلم، ويكشف اللبس.
التطرف والإرهاب صفتان لكل عدوان عنيف ضد الآخرين بلا مبررات كافية أو موجبة لأعمال عنيفة. والعدوان العنيف ليس صفة حصرية بالجماعات الإسلامية المذكورة. العدوان هو صفة تاريخية تستغرق تاريخ الاستعمار الأوروبي، وبالذات البريطاني والفرنسي للعالم العربي والإسلامي، وهو عدوان متطرف وما تزال آثاره ماثلة حتى الآن في جل البلاد التي تحررت من الاستعمار.
قد يقبل بعض المتابعين للشأن العام بعض ما يصف به الغرب القاعدة وغيرها من الجماعات الجهادية، ولكن أليس الاستعمار التقليدي والتاريخي هو أصل التطرف والإرهاب، وهو بدايته التاريخية. ثم ماذا نسمي الآن العدوان الفرنسي على مالي وقتل الجماعات الإسلامية المالية وغير المالية، وقتل المدنيين الماليين، وتهجير الآلاف منهم من مساكنهم؟! (95% من سكان مالي مسلمون) يقولون عن مالي هي منطقة نفوذ تقليدي لفرنسا، وكأن استعمار فرنسا القديم لمالي والمغرب العربي يعطيها الحق في العودة إلى مالي، وتحديد نوع نظام الحكم فيها تحت مبرر الحفاظ على مصالح فرنسا، ومن ثم تترجم فرنسا (المحافظة على مصالحها) بمقاومة الإرهاب والتطرف. وهنا يصير معنى التطرف والإرهاب ليس العدوان، وإنما المصالح، وبهذا تكون فرنسا عي المعتدية وهي المتطرفة، وما يصدر عنها هو عمل إرهابي تمامًا كما يقال عن أمريكا في أفغانستان، وفي العراق، وكما يقال عن (إسرائيل) في فلسطين.
أعمال فرنسا، وبريطانيا، وأمريكا، و(إسرائيل)، له ظاهر إعلامي مخادع اسمه (مكافحة الإرهاب والتطرف) وله باطن حقيقي هو المصالح على اختلاف أشكالها من نفط، ومال، ومناجم، ومناطق نفوذ، واستراتيجيات أمنية.
والمؤسف هنا في تحرير المصطلح أمران: الأول/ أن الإعلام العربي يكرر كالببغاء ما يقوله الغرب دون تنقية، ودون تحرير، لأن خصومة الأنظمة العربية مع الجماعات الإسلامية لا تقل فسادًا عن خصومة الغرب معها. والثاني/ أن بعض ردود أفعال الجماعات الإسلامية غير المدروسة تعطي مبررا للغرب القوي والمتنفذ أن يلصق الإرهاب بهذه الجماعات.
يبدو في منطق القوة العلمية، والقوة العسكرية أن من يستخدم طائرات f16، أو الميراج الفرنسية، أو طائرات الاستطلاع، والصواريخ الذكية، والقنابل المتطورة، وهي عناصر تحتكرها أمريكا ودول الغرب، لا يعد إرهابًا أو تطرفًا، بينما من يستخدم الرشاش الخفيف، والبارود القديم، يعد إرهابيًا ومتطرفا، ونحن إذا قمنا بعمل إحصائي لمن قتلتهم أمريكا في أفغانستان أو في العراق من المدنيين فقط، ومن قتلتهم فرنسا من مدنيين في مالي لوجدنا فارقًا هائلًا في العدد والإحصاء بين ما قتلته الجماعات الإسلامية المسلحة، وما قتلته فرنسا وأمريكا. من يقتل القليل إرهابي متطرف، ومن يقتل الكثير ليس كذلك، وعادة تكون القلة مع الغرب الأبيض صاحب العيون الزرقاء، وتكون الكثرة مع الإسلاميين من ذوي البشرة العربية والإفريقية. لذا نطلب بتحرير المصطلح، ونطلب قتل الببغاء.