Aburas
2013-02-03, 11:03 AM
<tbody>
اقــلام واراء
(257)
</tbody>
<tbody>
السبــت
2/2/2013
</tbody>
<tbody>
</tbody>
أقلام وآراء
<tbody>
أقلام وآراء من الصحف العبرية
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
العدو من الشمال وقصة البدو في النقب
اسرائيل في الطريق الى مواجهة عسكرية في الشمال وعملية برية ستكون مطلوبة قبل ان يبدأ الطرف الثاني باطلاق الصواريخ
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
معركة سرية لمنع تهريب السلاح الكيميائي
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
لاعبو محور الشر.. تسلح حزب الله وتفكك سوريا!
العالم ينظر بعدم اكتراث الى المذبحة التي تجري في سوريا ليس فقط بسبب اللامبالاة بل ايضا بسبب الحذر الشديد من التورط
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
</tbody>
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
العدو من الشمال وقصة البدو في النقب
اسرائيل في الطريق الى مواجهة عسكرية في الشمال وعملية برية ستكون مطلوبة قبل ان يبدأ الطرف الثاني باطلاق الصواريخ
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
العدو من الشمال: لن تكون قافلة حزب الله التي هوجمت من الجو بحسب مصادر اجنبية حينما كانت تسافر مشحونة بالوسائل القتالية من سوريا الى البقاع اللبناني، لن تكون الاخيرة. فكما كتبت هنا في توسع قبل اسبوعين أصبحوا في القيادة العليا للجيش الاسرائيلي على يقين من ان سوريا ستصبح في غضون اشهر أكثر المشاكل الامنية إلحاحا على اسرائيل. ولن تستطيع اسرائيل ان توقف جميع القوافل. ان السلاح الكيميائي مشكلة لكن الصواريخ التقليدية لا تقل عنه تهديدا. وحزب الله مشكلة لكن العناصر الجهادية التي قد تسيطر على المنطقة الحدودية في الجولان لا تقل عنه خطرا، فستكون عندها نفس الصواريخ ونفس الذخيرة وقدر أقل من المسؤولية.
يبدو من وجهة نظر متشائمة أننا في الطريق الى مواجهة عسكرية في جبهة من جبهتي الشمال على الأقل. ويتحدثون في الجيش الاسرائيلي عن عملية برية ستكون مطلوبة فورا بعد ان يبدأ الطرف الثاني في اطلاق القذائف الصاروخية أو ربما قبل ذلك. ويتم الحديث في لبنان عن عملية ذات نطاق واسع هي حرب حقيقية. ويتم الحديث في الجولان عن سيطرة لسنوات على المنطقة الفاصلة كما كان الامر ذات مرة في جنوب لبنان. لن تبقى الانباء من سوريا على شاشة التلفاز الى الأبد، بل ستنتهي الى التسرب الى كل بيت في اسرائيل.
صاحب الايثار الأخير
في يوم الاحد استقر رأي الحكومة على تبني التقرير الذي يخط طريقا لتسوية استيطان البدو في النقب. وقد كتب الوزير بني بيغن هذا التقرير. والتقرير وهو ثمرة سنوات عمل هو في شبه يقين آخر علامة طريق في حياته السياسية بعد ان أخرجوه خارج قائمة الليكود. إن بيغن سياسي لا مثيل له، ولاعب في ناد خاص به. وإن الجهد الضخم الذي بذله لحل مشكلة البدو مناسب له، فليس فيه مقابل سياسي ما سوى الهجوم عليه من اليمين ومن اليسار؛ وهو لا يعني أكثر الاسرائيليين؛ وهو مهم جدا لمستقبل النقب ولأمن الدولة. يمكن ان نوافق على توصيات بيغن أو نعترض عليها لكن لا مكان للارتياب في طهارة بواعثه. يبدو ان بيغن هو صاحب الايثار السياسي الأخير.
يعيش في النقب نحو 200 ألف بدوي، 120 ألفا منهم تحت سن الثامنة عشرة. وهم أفقر مجموعة في اسرائيل. ويعيش 70 90 ألف بدوي في بلدات غير معترف بها. وينتشر البدو المشتتون في عرض النقب من حدود الخليل الى ما يقرب من غزة. وهناك صراع طويل بين البدو والدولة على السيطرة على الارض وملكيتها. ولم تصل اربعون سنة من الجهود للتوصل الى تسوية الى شيء. وسيتضاءل احتمال التسوية بسبب الزيادة السريعة لعدد السكان من سنة الى سنة.
حينما التقى بيغن بدواً وجهوا دعاوى على التسوية قال لهم: 'إنكم لا تثيرون اهتمام أحد لا في اليمين ولا في اليسار ولا في الوسط. وجاءت حكومة يمينية تعرض عليكم تسوية عادلة. لن تحصلوا على تسوية أفضل منها'.
وفهم بيغن من محادثاته مع البدو ان بعض المعارضة نفسي واحترم ذلك. ويعاملهم تقريره على أنهم مواطنون متساوون في الحقوق ويعترف بطلبهم المبدئي للاراضي التي تم اجلاءهم عنها قبل عشرات السنين وبعضهم في حرب الاستقلال. إن التعويض المالي متواضع لكن الاعتراف موجود. وقد جاء في تقريره: 'ليس البدو شفافين'.
تتعلق المشكلة من ناحية قانونية باربعة أنواع مختلفة من الاراضي وهي: اراض أُجلي البدو عنها في الماضي؛ وأراض صودرت منهم؛ واراض سُجلت باسم الدولة؛ واراض يسكنها البدو. ويرى البدو أنها جميعا رزمة واحدة.
إن ايلي عتسمون اسرائيلي من سكان بئر السبع عمل عشرات السنين بازاء البدو ومعهم في النقب. وقد صاحب ذات يوم بني بيغن لزيارة بدوي في اللقية. ويطالب هذا البدوي بقطعة ارض في اللقية وهي قطعة ارض أُعطيت لكيبوتس لاهف وبقطعة ارض غير بعيدة عن نتيفوت. ويقول خبراء القانون ان لكل قطعة حلا مختلفا.
وقال عتسمون لبيغن: 'لا يُجرى تفاوض مع بدوي على هذا النحو، فاما ان يتم الاتفاق معه على كل شيء وإما الاستمرار الى الأبد'.
وانتصر خبراء القانون كما كان متوقعا. ويقترح القرار تسويات مختلفة ومعقدة لكل مشكلة. وميزة القرار في انه يمهد الطريق لاعتراف بالبلدات غير المعترف بها. ويقدم ما يسميه حاييم أورون رئيس ميرتس السابق، وهو من سكان النقب، 'صندوق أدوات'، أما نقيصته فهي التعقيد والجهاز الضخم الذي أُنشيء والتوتر بين قضية ملكية الارض وقضية الاعتراف. 'هذا أبعد ما تستطيع حكومة اسرائيل السير اليه'، يعترف أورون.
رفض اشخاص بارزون في الوسط البدوي التوصيات. وقد فعل فريق منهم ذلك بسبب عدم ثقة أساسي بحكومات اسرائيل، وبعضهم من اجل المساومة وبعضهم عن اعتقاد أنهم كلما ازدادوا رفضا ازدادوا ربحا. وهم يرون كيف تطورت القرارات في قضية التعويضات للمجلين عن غوش قطيف ويؤمنون بأن هذا ما سيحدث معهم ايضا.
والفرق هو انه كان للمجلين عن غوش قطيف جماعة ضغط ضخمة في الجهاز السياسي وهي غير موجودة للبدو. يفترض ان تقدم الحكومة التالية التوصيات لسن قانون في الكنيست. واذا تغير القانون بين تصويت وآخر فسيتغير لغير مصلحة البدو فقط بضغط من اليمين وهذا بالضبط ما يخشاه بيغن.
لم يُجهد اصحاب الردود من اليمين أنفسهم بقراءة تقرير بيغن، فقد رفضوه لأنه خُيل اليهم فقط انه جيد للعرب.
وحملّت 'اسرائيل لي'، وهي رابطة أوصلت نفتالي بينيت وإييلت شكيد الى الكنيست في الشبكة تسجيلا لمقلد يصدر بلغة عربية ثقيلة اطراءات لليكود لأنه منح البدو بسخاء منه 'مئات آلاف الدونمات' ويقول: 'أنتم مدافع'.
حل شاحر كافتنسكي محل إييلت شكيد في 'اسرائيل لي'. وسألته هل قرأ التقرير فاعترف بأنه لم يفعل. 'إن اعتراضنا هو على صورة القرار لا على القرار نفسه'، قال، 'من الواضح لنا ان بيغن قام بعمل جدي'.
فسألته: لماذا تقولون عكس ذلك اذا. فقال: 'هذه حيلة دعائية. فلو لم تكن هذه الحيلة الدعائية لما اتصلت بي'.
وقلت له انه يحسن به في عمره (32 سنة) ان يكون أقل هزءاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
معركة سرية لمنع تهريب السلاح الكيميائي
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
هاجمت اسرائيل بحسب الصحافة الاجنبية هذا الاسبوع قافلة سلاح لحزب الله على الحدود بين لبنان وسوريا. فاذا كانت هذه التقارير صحيحة فهل يكون هذا هو النذير الذي يُنذر باقتراب مواجهة عسكرية واسعة النطاق في الجبهة الشمالية؟ يجب ان نبدأ البحث عن هذا السؤال قبل كل شيء عند الاشخاص العاملين في 'هيئة القيادة العامة المصغرة' وهي 'المطبخ الصغير' لرئيس هيئة الاركان بني غانتس. فهم الذين سيؤثرون اليوم أكثر من الباقين جميعا في قرارات المستوى السياسي: المجلس الوزاري المصغر والثُمانية ووزير الدفاع ورئيس الوزراء. ولن ينطلق المستوى السياسي في طريقه من غير دفعتهم.
يتغير هذا المطبخ الصغير بحسب الظروف لكنه مؤلف في أساسه اليوم من اربعة جنرالات مقربين جدا من رئيس هيئة الاركان غانتس وهم: يوسي بايدتس وأفيف كوخافي وأمير ايشل وغادي آيزنكوت. وبتثوير الأذهان وبالحوار اليومي الذي يتم بين هؤلاء الاشخاص تولد الافكار العملياتية. إن نائب رئيس هيئة الاركان اللواء غادي آيزنكوت هو الرجل الذي كتب بحث هيئة القيادة العامة لانشاء مقر قيادة العمق المسؤول عن المعركة المتواصلة في عمق ارض العدو. أما رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أفيف كوخافي ويوسي بايدتس وهو رجل استخبارات وقائد معهد الامن القومي فهما منشئا الافكار 'السرية' ونصيرا ما يسمى باللغة العسكرية غير المنظمة 'سياسة المنع' بواسطة اعمال سرية. فاذا أمكن مثلا منع وصول سلاح من ايران الى غزة بالقضاء عليه في الطريق كما يمكن ان نُفسر مثلا الأنباء في وسائل الاعلام الاجنبية عن مهاجمة قوافل سلاح في السودان فما أفضل ذلك. انه أفضل وأصح من هجوم بري على هذا السلاح وقد وصل الى غزة وكذلك الامر في لبنان ايضا.
تشمل 'سياسة المنع' على نحو مبدئي كل احباط صامت لتنظيمات وأنشطة معادية والهدف هو القضاء على التهديدات في أبعد مكان وفي مراحل التنظيم اذا أمكن. أما المخاطرة فهي التورط مع دول معادية الى جانب التورط المحتمل مع دول صديقة مع تعريض مصالح سياسية للخطر.
سواء أكان الهجوم أول أمس قد نفذته اسرائيل أم لا فان وزير الدفاع اهود باراك يعشق هذا المبدأ عشقا شديدا. وفي هذا الشأن للمستوى السياسي والعسكري لغة مشتركة حينما يبلغ ذلك الى مستوى الموافقة على خطط. ان وزير الدفاع باراك ورئيس هيئة الاركان غانتس على عكس الماضي غير البعيد، يُجريان حوارا جيدا ويأتيان وقد نسقا بينهما الى جلسات الحكومة بعد ان يوضحا القضايا بينهما.
وهكذا اذا كان أحد ما يسأل هل نحن على شفا حرب فان الجواب يكمن هناك في المطبخ العسكري المصغر أو في الأساس في التفاعل بين الجنرالات الخلاقين من المجموعة الذين يرون ان السماء هي الحد وبين رئيس هيئة الاركان والمستوى السياسي. والقاسم المشترك بين مجموعة العمل هذه هو الثقة المطلقة بمذهب استعمال القوة الجوية أو البرية بصورة سرية: قوات خاصة، وعمليات خاصة في عمق ارض العدو وأنشطة تحت رادار وسائل الاعلام.
يعتمد هذا المذهب على التأليف بين الايمان بالقدرة الاستخبارية العالية التي تطورت في شعبة الاستخبارات العسكرية في السنين الاخيرة، بفضل غير قليل من الاستثمارات الضخمة، وبين الايمان بالقدرة العملياتية والتكنولوجية لسلاح الجو الاسرائيلي. وقد حشدت القوات الخاصة البرية على اختلاف أنواعها في السنتين الاخيرتين تجربة لم تكن موجودة عندها قط في الماضي. وأنفق الجيش الاسرائيلي موارد لا يستهان بها على شراء معدات متقدمة لهذه القوات كي تستطيع العمل فوق الماء وتحته في كل ميدان وفي كل مناخ.
إن هذا المذهب كما يعتقد اعضاء المطبخ العسكري المصغر وكبار مسؤولي المستوى السياسي هو أنسب طريقة لاحراز ثمار في الشرق الاوسط الهش وهو ينجح ايضا. لكنه ينجح ما بقي سريا وهنا نقيصته الكبرى لأنه في اللحظة التي يُكشف فيها عن العملية أو التي تُخلف وراءك بصمتك فانك تدعو الطرف الثاني الى رد. وعند هذه النقطة يمكن ان تنشب حرب ربما لم تكن تريدها وليس لها تسويغ من جهة الكلفة التي ستدفعها. ولهذا فان من يختار عمليات منع سرية يجب ان يتيقن من ان المخاطرات التي يخاطرها محسوبة جدا. ويجب على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس هيئة الاركان ان يكونا على يقين من ان المعلومات التي يملكانها دقيقة وموثوق بها دون شك. فيما يتعلق بقافلة سلاح مثلا: ماذا يوجد فيها بالضبط والى أين تتجه وهل يوجد تسويغ للمخاطرة والهجوم عليها، وأين يُنفذ الهجوم لمنع التورط. ويجب ان تقنع المعطيات التي يملكانها وزير الدفاع ورئيس الوزراء بأن الحديث في الحقيقة عن 'معلومات استخبارية ذهبية' تعتمد على مصادر موثوق بها، وبأن الهدف قيمي بقدر كاف من اجل المخاطرة بأن هذه العملية قد تحرق الشرق الاوسط أو الجبهة الشمالية على الأقل.
في خلال السنة الاخيرة، وكلما تضاءلت المناطق التي يسيطر عليها الرئيس الاسد في سوريا، نقل أجزاءا كبيرة من السلاح الاستراتيجي الذي في حوزته مثل صواريخ سكاد ومواد قتالية كيميائية الى مناطق كانت له فيها سيطرة أفضل. وأثارت هذه التحركات تأثرا كبيرا عند جهات استخبارية في الغرب لأنه أصبح يُشعر بأن هذا السلاح يوشك ان يصل الى لبنان. وارتفع التأهب الاستخباري والعسكري بازاء هذه التحركات وانخفض على التوالي. وكلما أخذ يضعف النظام العلوي أخذت تقصر الفترات بين استعداد عسكري وآخر وأكثرها لا يبلغ ألبتة الى العناوين الصحفية.
من الذي يحدد ما هو الهدف 'القيمي' الذي يقتضي المهاجمة حتى مع المخاطرة بحرب: هل هو رئيس الوزراء؟ هل هو وزير الدفاع؟ هل هي هيئة القيادة العامة؟ وبازاء أي سلاح للعدو تكون دولة اسرائيل مستعدة للمخاطرة والهجوم وهي عالمة بأن هذا الهجوم قد يتدهور الى حرب؟.
على حسب أنباء منشورة اجنبية، هاجمت اسرائيل في الماضي ودمرت قوافل سلاح، ومخزن وسائل قتالية بل دمرت صواريخ بعيدة المدى على ارض السودان. وأُصيبت قوافل سلاح خرجت من ليبيا، وأُغرقت سفن مهربين في البحر الاحمر، وتنفجر مستودعات سلاح مختلفة من وقت لآخر في لبنان. لكن اسرائيل لم تهاجم في لبنان برغم أنها تعلم انه وصل الى حزب الله صواريخ سكاد وصواريخ 'إم 600' بعيدة المدى، وسائر الصواريخ والقذائف الصاروخية الاخرى التي يملكها الجيش السوري. ويجب على دولة اسرائيل ان تُجري لنفسها الحساب التالي: أين يحسن أن تخاطر وتهاجم لفرض أن احتمال نشوب حرب ضئيل، وأين يحسن ان تضبط نفسها لأنها ما زالت لا تريد ان تدفع الثمن المقرون بنشوب مواجهة عسكرية ظاهرة.
برغم ان اسرائيل غير معنية اليوم ايضا بمواجهة شاملة في الجبهة اللبنانية فان الجيش الاسرائيلي في السنة الاخيرة وفي الاشهر الاخيرة أساسا يستعد ماديا لمواجهة كهذه في مستوى الخطط وفي مستوى التدريبات ايضا. وجبهة الشمال في تفضيل أعلى عند الجيش. إن انتشار الجيش الاسرائيلي وتأهبه في هضبة الجولان ليس له مثيل في الماضي ويشمل ذلك نفقات على بناء العائق على الحدود. وأعد الجيش الاسرائيلي نفسه لمواجهة الساحة المنحلة غير المستقرة ويشمل ذلك نشرا لوسائل حماية فعالة لمواجهة ترسانة الصواريخ والقذائف الصاروخية من سوريا التي قد تتبدل ملكيتها.
لكن عند قيادة الجيش العليا استعدادا ذهنيا ونفسيا لا يقل عن الاستعداد المادي لمواجهة احتمال امكانية نشوب هذه المواجهة العسكرية. أعلن رئيس هيئة الاركان غانتس بعد توليه عمله بزمن قصير أنه لن يكون مفر بحسب فهمه وتقديره من الخروج في عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة لتجديد الردع ومنع تسلح حماس. وبعد نحو من سنة من هذا الاعلان خرج الجيش الاسرائيلي حقا في عملية 'عمود السحاب'. ويتحدث رئيس هيئة الاركان اليوم عن سنة 2013 باعتبارها سنة تغييرات داخلية عميقة في لبنان قد تفضي الى حرب أهلية و/ أو مواجهة مسلحة بين حزب الله واسرائيل. والشعور في اسرائيل هو بأن التسويات غير المكتوبة للردع المتبادل التي نشأت بعد حرب لبنان الثانية بين اسرائيل وحزب الله أخذت تتلاشى. ولهذا يجوز لنا ان نفترض ان اسرائيل اليوم أقرب الى مواجهة عسكرية في الجبهة الشمالية مما كانت في كل وقت منذ 2006. إن سبب هذا الاستعداد العسكري في الحقيقة هو الخوف من انهيار سوريا والتأثيرات التي ستكون لذلك في المنطقة وتشمل عدم استقرار في لبنان سيفضي الى اشتعال الحدود الشمالية، لكن الاستعداد العسكري والذهني للجيش يجعله يُرخي الحبل أكثر مما كان يفعل في الماضي.
الخوف من عملية تفجيرية في الخارج
إن مسار تقديرات الوضع بازاء ما يحدث في سوريا الى جانب المتابعة المكثفة لاحتمال انتقال سلاح تقليدي وكيميائي الى جهات معادية مستمر منذ عدة شهور. والمعلومات التي تتدفق ترفع كثيرا من وقت لآخر درجات الحرارة في غرف المباحثات في جلسة الحكومة. في صباح يوم الاحد كشف رئيس الوزراء علنا أمام السماعات عن شيء من عاصفة النفوس وتحدث عن التهديدات من سوريا. أما الايرانيون الذين يشتغلون كما يبدو بجمع معلومات عن اسرائيل من سوريا ولبنان فلم يظلوا صامتين. فقد حذر واحد من كبار مسؤولي جهاز الامن الايراني في نهاية الاسبوع من أنه اذا هوجمت سوريا فسترى ايران نفسها مهاجمة وترد بحسب ذلك. أكان يقصد هجوما تركيا أو غربيا أو غيره على ارض سوريا؟ أم كان يقصد عملية اسرائيلية؟ إن توقيت الاعلان في نهاية الاسبوع الماضي خاصة يثير الريبة.
في اسرائيل ايضا توجه يرى ان حزب الله أخذ يضعف بسبب انهيار الاسد في سوريا ولهذا يجب ان ندعه يواجه الجهات الداخلية في لبنان ويتحطم هناك وألا نمنحه قوة وشرعية باعتباره 'حامي لبنان' بواسطة هجوم اسرائيلي. وتوجد اصوات ايضا تزعم ان اسرائيل يجب ألا تُحدث مواجهة عسكرية مع حزب الله بسبب تسلحه بسلاح تقليدي. وهم يذكرون ان لحزب الله 60 ألف صاروخ وقذيفة صاروخية وطائرات بلا طيارين وطائرات مسلحة تهدد ارض اسرائيل كلها لكن التسلح ليس سببا للحرب. وهم يزعمون ان الهجوم على سلاح من هذا النوع على ارض لبنان لا يخدم بالضرورة المصلحة الاسرائيلية.
ونقول بالمناسبة انه يفترض اليوم ان يحاضر وزير الدفاع في مؤتمر وزراء الدفاع والامن الذي بادرت اليه حكومة المانيا. وسيقوم في مركز الخطبة قضايا مواجهة محور الشر: ايران وسوريا وحزب الله. ويتوقع ان يجلس في القاعة وزير الدفاع الايراني الذي دُعي هو ايضا الى الحفل وأعلن بصورة غير معتادة عن مشاركته. ومن المثير ان نرى هل يأتي هذان الاثنان بعد قصف القافلة في يوم الاربعاء الى المؤتمر في برلين. اذا حدث هذا فقد يشهد ذلك على ان الازمة قد مرت. والتقدير هو ان حزب الله لن يرد باطلاق النار على اسرائيل بسبب واقعة محلية كالهجوم على قافلة سلاح. ومع ذلك يوجد خوف من عملية لحزب الله أو للايرانيين موجهة على هدف اسرائيلي أو يهودي في الخارج كما حدث في الارجنتين أو بورغوس، ولهذا زيد الاستعداد الى ان يتلاشى التوتر.
يُظهر الجيش الاسرائيلي الآن على الملأ نوعا من الاستعداد والتأهب لشيء قد يحدث قريبا. ويقوم هذا التأهب على نحو عام على معلومات استخبارية. في يوم الجمعة الماضي قبل الظهر شهد آلاف المتنزهين في الجليل مشهدا نادرا، فخلال زمن طويل حلقت طائرات سلاح الجو الاسرائيلي في سماء هضبة الجولان وفوق جبل الشيخ وفوق اصبع الجليل مُخلفة وراءها خطوط دخان من المؤكد أنها قد شوهدت من دمشق ايضا.
وفي يوم الاحد نُقلت بطاريتان من 'القبة الحديدية' من الجنوب الى شمال البلاد. وفي صباح يوم الاربعاء أفاد اللبنانيون ان طائرات سلاح الجو الاسرائيلي حلقت منذ يوم الثلاثاء ظهرا في سماء لبنان. وفي الظهر أفادت وكالات الأنباء الاجنبية وقوع هجوم على قافلة سلاح كانت في طريقها من سوريا، على الحدود بين سوريا ولبنان.
والسؤال هو ما الذي حدث بين تظاهرة طائرات سلاح الجو في سماء الجليل في صباح يوم الجمعة وبين الطلعات التي أجرتها في سماء لبنان في يوم الثلاثاء والهجوم الذي تحدثت التقارير عنه من وكالات الأنباء. أنكر السوريون منذ البدء التقارير عن الهجوم بل قالوا ان منظومات رادارهم لم تلاحظ أية طائرات اسرائيلية.
ويعلم الاسد جيدا انه اذا اعترف بأن اسرائيل هاجمت بلده فسيكون ملزما بأن يرد. لكنه يعلم جيدا ايضا انه اذا رد ولو ردا ضئيلا نسبيا باطلاق اربع قذائف صاروخية أو خمس على اسرائيل فسيتحول القصر الرئاسي الى أنقاض ولهذا فضل السوريون الصمت.
لكن التقارير التي بدأت تتدفق من لبنان والأنباء المنشورة في وسائل الاعلام الاجنبية لم تترك للسوريين خيارا. وهكذا نشر الجيش السوري في ليل يوم الاربعاء اعلانا رسميا تحدث عن هجوم اسرائيلي في ظاهر الامر لكنه لم يتحدث عن قافلة سلاح بل عن 'منشأة بحث عسكري' في منطقة جمراية شمال غرب دمشق.
وعلى حسب وكالة الأنباء السورية الرسمية، قتل عاملان وجرح خمسة آخرون. وزعم المتمردون في سوريا ان الحديث عن عملية لهم لا لاسرائيل وأضافوا ان الحديث عن منشأة لانتاج السلاح الكيميائي وتخزينه.
الخط الاحمر هو السلاح الكيميائي
ما الذي يمكن ان يقلق اسرائيل ويجعلها تخاطر؟ كلما أخذ نظام الاسد يتحطم، أخذ تدخل الجهاد العالمي من جهة وحزب الله والايرانيين من جهة ثانية في ما يجري في سوريا يزداد عمقا. وعلى حسب أنباء نشرت في الصحافة الفرنسية وصل جزء من معدات روسية جديدة للدفاع الجوي حصل عليها السوريون في المدة الاخيرة من الروس الى ايران. ويشتكي الامريكيون منذ زمن طويل للروس من ان حزب الله له املاك عسكرية ايضا في سوريا. ويُجري السوريون وحزب الله منذ زمن تفاوضا لنقل معدات تابعة للمنظمة مخزونة في سوريا الى مخازن في لبنان. ويمكن ان نفترض ان حزب الله مهتم ايضا بمعدات متقدمة تابعة للجيش السوري مثل: صواريخ مضادة للطائرات من نوع 'اس.إي 17'. وقد وصلت بطاريات هذه الصواريخ المحكمة في السنتين الاخيرتين من روسيا الى سوريا ومن المؤكد ان حزب الله يريد ان يرى هذه المنظومة منشورة في لبنان تحبط نشاط سلاح الجو الاسرائيلي في حال وقوع مواجهة عسكرية اخرى.
لا شك في ان حزب الله سيحاول ان يُخرج من سوريا المنهارة بتنسيق مع نظام الاسد كل معدات عسكرية ذات قيمة قد تقع في أيدي المتمردين. وقد اهتم حزب الله دائما باخفاء كل محاولة منه لنقل صواريخ مضادة للطائرات من سوريا الى لبنان. وترى اسرائيل هذه الصواريخ المضادة للطائرات سلاحا يكسر التعادل ويهدد حرية طيران سلاح الجو الاسرائيلي في لبنان. وقد أوضح لحزب الله ولنظام الاسد ايضا على الدوام انه اذا دخل سلاح كهذا الى لبنان فان اسرائيل ستهاجم. حاول حزب الله في السنوات الاخيرة عدة مرات ان يمتحن تصميم الجيش الاسرائيلي في هذه القضية ويُقدرون انه نجح في ان يُهرب منظومات سلاح مضاد للطائرات. لكنه كان حذرا جدا واهتم باخفاء نشاطه وأصبح هذا العمل اليوم أكثر انكشافا لأنه لا يوجد زمن، فالاسد قد ينهار في كل لحظة ولهذا يخاطرون مخاطرة أكبر. إن قصف القافلة الذي أفادت به وكالات الأنباء الاجنبية قد يُفسر بأنه اشارة الى حزب الله ان اسرائيل لم تغير الخطوط الحمراء ولن تُمكّن من نقل بالجملة لسلاح يكسر التعادل الى لبنان.
يوجد شيء واحد لن يمر إلا على جثة اسرائيل وهو السلاح الكيميائي. إن التقارير من سوريا تصف في الايام الاخيرة معارك بين رجال الجيش السوري الحر ورجال حزب الله الذين يحرسون للاسد منشآت استراتيجية مختلفة ومنها كما يبدو منشآت تُخزن فيها مواد حربية كيميائية. إن الخشية من ان ينتقل السلاح الكيميائي الى أيد معادية كرجال الجهاد العالمي أو حزب الله قضية استخبارية عملياتية تشغل الامريكيين والاتراك والاردنيين والفرنسيين ايضا. واسرائيل في هذا الشأن شريكة في تحالف له مصلحة واحدة مشتركة وهي منع انتقال السلاح غير التقليدي الى خارج حدود سوريا.
في الماضي حينما كان خوف من هذا الانتقال أسمع الرئيس اوباما صوته وهدد الاسد مباشرة. فيمكن ان يشير صمت الرئيس الامريكي عن توتر الايام الاخيرة في الجبهة الشمالية الى عكس ذلك خاصة، فقد يكون هذا التوتر غير متعلق بقضية انتقال السلاح غير التقليدي لكن بموضوع تسلح حزب الله بسلاح تقليدي 'فقط'.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لاعبو محور الشر.. تسلح حزب الله وتفكك سوريا!
العالم ينظر بعدم اكتراث الى المذبحة التي تجري في سوريا ليس فقط بسبب اللامبالاة بل ايضا بسبب الحذر الشديد من التورط
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
تحدثت اسرائيل كثيرا في الاسابيع الاخيرة عن امكانية تسرب السلاح غير التقليدي من سوريا. يمكن أن نفسر ذلك بالرغبة في خلق مجال حصانة سياسية لامكانية هجوم عسكري. هذا نجاح مؤكد. امريكا أيضا لن ترغب في أن يصل سلاح كيميائي الى حزب الله، وحلف الناتو هو الاخر لن يسمح لغاز السارين في أيدي ثوار أكراد. الحاجة الى مثل هذه التصريحات يمكن تفسيرها كمحاولة لخلق مجال مناورة دبلوماسي لهجوم اسرائيلي حتى ضد سلاح تقليدي سوري. في نهاية المطاف، هذه هي النقطة: واضح ان السلاح الكيميائي يلزم العالم، الغرب وبالتأكيد اسرائيل على العمل. وسواء كان الحديث يدور عن استخدامه، وهو أمر أقل اقلاقا لنا هنا، أم وبالاساس نقله الى خارج نطاق سوريا.
ولكن السلاح التقليدي لدى الاسد، صواريخ مضادة للطائرات، مضادة للدبابات، صواريخ باليستية وعدة منظومات سلاح اخرى، يمكنها هي ايضا ان تشكل تغييرا جوهريا في موازين القوى، ولا سيما بين حزب الله واسرائيل. وخلف الحديث القلق حقا بالنسبة للسلاح الكيميائي قبعت مسألة ثقيلة تكاد تكون بذات القدر الا وهي احتمال أن تنثر سوريا المنهارة سهام سمها في أرجاء المنطقة.
ولكن الخطر هنا، ولا سيما بعد أحداث الاسبوع الاخير والعملية المنسوبة لسلاح الجو (حسب وسائل الاعلام اللبنانية، التي بلغت عن نشاط معزز)، كبير جدا. فالحرب الاهلية السورية هي دوامة من النوع الاخطر. فقد عرفت اسرائيل في الماضي كيف لا تتدخل في الحرب الاهلية اللبنانية أو ان تتدخل بقدر محدود، وبعد ذلك اجتذبت تحت رعاية أوهام مثل خطة 'صنوبر الكبرى' الى قلب هذا المعمان الاقليمي. الاوروبيون، الاتراك، الامريكيون كلهم يحذرون من التدهور الى تدخل مباشر ويتبنون سياسة التأثير من بعيد. والاسباب واضحة جدا: ضمن امور اخرى، انعدام الثبات في مواقف النظام المنهار، والكفيل بان ينفذ خطوات يائسة، ناهيك عن التدخل الايراني المعني جدا في أن يجعل المعركة في سوريا حربا ضد الغرب. فالعالم ينظر بعدم اكتراث الى المذبحة في سوريا ليس فقط بسبب اللامبالاة، بل وايضا بسبب الحذر الشديد. اما اسرائيل، لشدة الاسف، فليس لها هذا الامتياز. هناك امور يجب القيام بها كي لا تعظم سوريا المتفككة قوة خصوم اسرائيل التقليديين؛ ولكن هذه هي اللحظة التي يجب أن تكون فيها الكثير جدا من الاسئلة على طاولة الحكومة، المجلس الوزاري وهيئة التسعة.
' ' '
صدح صوت موشيه بوغي يعلون وزير، رئيس اركان سابق ووزير الدفاع القادم برأيه هذا الاسبوع في العالم وهو يفشي سرا. فقد سُئل عن الانفجار في بوردو في ايران وقال انه 'قرأ عن هذا في الصحيفة'. كان أيضا آفي ديختر، قريبا الوزير السابق، الذي لاحظ بان 'كل انفجار يضرب المنشآت، ولكن ليس الاشخاص، مبارك في نظرنا'. وكان بالطبع النشر في 'التايمز' اللندنية، والذي استند الى 'مصادر استخبارية اسرائيلية' أكدت له بان بالفعل كان انفجار في المنشأة النووية التحت أرضية قرب قم.
لعله من المجدي ان نفهم: اذا كان التقرير الذي نشر في موقع انترنت أمريكي غامض صحيحا، ومنشأة بوردو تضررت، بل وبشكل شديد جدا (بما في ذلك احتباس مئات العاملين تحت الارض)، فهذه هي الخطوة الاكثر دراماتيكية في الحرب الهادئة التي يقوم بها الغرب، بما في ذلك اسرائيل، ضد ايران نووية. المنشأة بجوار قم هي الدرة التي في تاج البرنامج النووي الايراني. هذه هي النقطة التي تعمل فيها أجهزة الطرد المركزي الاكثر حداثة، والقادرة على تخصيب اليورانيوم الى درجة 20 في المائة فما فوق، وهذا هو المكان الاكثر تحصينا في ايران. المحصن لدرجة ان الامريكيين والاسرائيليين يخشون من أن حتى القنابل الخارقة للتحصينات ذائعة الصيت لن تنجح في ان تتسلل الى اعماقه. الايرانيون هم الخبراء الكبار في العالم في الاسمنت المسلح؛ قدرته على صد الهزات ومنع الصدوع اختبرت في أفضل قواعد البحث العسكري في الولايات المتحدة وكانت النتائج غير لطيفة (لنا).
وعليه فاذا كان بوردو يتضرر، فهذه قصة كبرى. العنوان الرئيس في العالم. توجد فقط مشكلة واحدة: على ما يبدو وينبغي قول ذلك بحذر شديد القاعدة الايرانية لم تنفجر. وحتى لو وقع فيها خلل، وان كان ذا مغزى، فانه كان بعيدا جدا عن التقارير شبه الهستيرية عن اشعاع اليورانيوم الذي يحاول الايرانيون منعه من الوصول الى سطح الارض، في أعقاب عملية تخريب. الامكانية الثانية هي على مستوى المؤامرة: الولايات المتحدة والغرب يبذلان كل جهد ممكن للكذب عن عمد حول ما يجري هناك. مؤكد أن هناك من يصدق ذلك، ولعل هذا صحيح، ولكن كل المؤشرات معاكسة.
كيف نعرف؟ نحن لا نعرف. ولكن يمكن التقدير. بوردو هي منشأة نووية تشرف عليها وكالة الطاقة الذرية. مستوى الرقابة يتغير في اجزاء مختلفة من المنشأة، ولكنه يسمح لمراقبي الوكالة بزيارة المكان في زيارات طواريء ولهم وسائل اخرى داخل المنشأة وخارجها للفحص اذا كان طرأ تغيير. والـ IAEA ملزمة بان ترفع تقرير طواريء لكل الدول الاعضاء في الوكالة بما في ذلك اسرائيل، اذا ما وقع حدث استثنائي بل وبمثل هذا الحجم في منشأة نووية. لم يرفع اي تقرير من هذا القبيل. وحتى لو كانت كل اجهزة الامن المراقبة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية فشلت في العثور على مثل هذا الخلل فان بوردو هي منشأة تتابعها الاقمار الصناعية العسكرية والخاصة بانتظام. ومثل هذا الحدث كان لا بد سيحدث تغييرا على سطح الارض سيتيح للقمر الصناعي أن يراه.
دافيد اولبرايت، من معهد بحوث الامن القومي، والذي هو احد الخبراء الرواد في العالم في الموضوع النووي الايراني ومن يركز هذه الايام على القاعدة العسكرية في برتشين، قال هذا الاسبوع انه 'لا يرى اي مؤشرات استثنائية في الصور الجوية على درجة تفيد بان حدثا استثنائيا وقع في بوردو. اضافة الى ذلك، فقد اصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بيانا رسميا يقضي بان لا شيء استثنائي وقع في بوردو والولايات المتحدة أصدرت تصريحا شبه مماثل.
وهذا يؤدي بنا الى سؤال مثير للاهتمام: لماذا يعطي اصحاب القرار الاسرائيليون الاحساس بانه ربما حصل شيء ما في الوقت الذي يبدو انه لم يحصل؟
' ' '
توجد روايتان. الاولى تسمى 'الرواية الاستراتيجية'. في هذا المفهوم، اسرائيل غير معنية بان تتماثل مع اعمال حقيقية تجري في الواقع وتعتبر مسؤولة عنها. وعليه فان عليها أن ترد على كل حدث في ايران بذات الطريقة الى هذا الحد أو ذاك ان تقول اننا قرأنا عن هذا في الصحيفة. ولما كان هكذا يعقب أصحاب القرار حتى على حدث وقع وعلى حدث لم يقع، فالنتيجة هي أن اسرائيل تبتعد عمليا عن كل تشخيص. وينبغي أن يضاف في هذا السياق انه في 2012 وقعت عملية تخريبية صريحة في بوردو: حسب اعتراف الايرانيين انفسهم، فان خطوط التوتر العالي للمنشأة العسكرية قطعت بانفجار. مفهوم ان ليس لنا اي فكرة كيف حصل هذا ومن قام به.
الرواية الاستراتيجية آنفة الذكر تبدو فهيمة جدا. وهذا بالضبط السبب الذي يجعلنا نشكك فيها. عندنا يرتجلون كثيرا. واسمحوا لي بان أتقدم برواية مختلفة قليلا يمكن أن نسميها 'رواية الدواوين'. هذا جد معقد. إذن هيا نأخذ نفسا عميقا. وبالتالي هكذا هو الحال: اذا كنت تأخذ القرارات والان سألوك عن حدث في ايران ربما وقع، ولكن ربما لم يقع، وليس لديك اي فكرة عن ماذا يدور الحديث، فان الامر المؤكد الآمن والحذر هو اعطاء احساس وكأنك تعرف بالحدث الذي لا علم لك عنه. وكيف يمكن عمل ذلك؟ في اسرائيل، الطريق الناجع لاعطاء احساس بانك تعرف شيء ما محظور عليك ان تروي عنه هو ان تقول انك لا تعرف شيئا عن الحدث. وهنا توجد مفارقة مفهومة: الحقيقة هي انك حقا لا تعرف شيئا، ولكنك تخشى ان مكانتك (الامنية) تستوجب منك ان تعرف. وعليه، فكي يعتقد الناس بانك مطلع على الاسرار، وان خط هاتف آمن اطلعك في الساعة الثالثة صباحا، فيجدر بك ان تقول انك لا تعرف اي شيء. في ايام اخرى، عندما كان امنيون اكثر تواضعا ولكنهم حقا انتصروا في الحروب، فقد كانوا ببساطة يقولون بعجب بان ليس لهم أي فكرة عن ماذا يجري الحديث. ولكن اسرائيل تغيرت، واللغة المتواضعة لجهاز الامن الاسرائيلي في الستينيات استبدلت بالتهديدات المتبجحة التي قد تذكر بعض الشيء باجهزة أمن الجمهوريات العربية في الستينيات ايضا. اليوم، اذا قال صاحب القرار انه 'لا يعرف شيئا' بنبرة مجردة وعادية، فقد يفكر احد ما بانه حقا لا يعرف عن عملية ما سرية للموساد، وسيعد هذا بالطبع وكأنه ليس جزء من دائرة القرارات ونهايته الله يحمينا.
وعليه فانه ملزم بان يعطي الاحساس بان قوله بانه لا يعرف اي شيء ان هذه هي الحقيقة، كما اذكر هو في واقع الامر كذب. هذا حرج! فهو ملزم بان يظهر وكأنه يكذب في الوقت الذي يقول فيه الحقيقة. وعليه فيجب أن يغمز، لنقل. ولكن هذا فظا بعض الشيء. إذن بدلا من الغمز فانه يقول قولا عموميا ما، قولا يسمع وكأنه طبع في المرشد للنفي في الرقابة العسكرية. لنقل 'قرأت هذا في الصحيفة'، أو 'لا اعرف عن هذا شيئا، ببساطة لا شيء، أبدا على الاطلاق لا شيء'.الحقيقة هي أنه حقا قرأ عن هذا في الصحيفة ولكن المسؤول يعتمد على الفرضية ان ليس شخصا مثله سيقرأ امورا من هذا النوع في الصحيفة. فهو يجلس في كل المداولات الاكثر سرية وما شابه وهلمجرا. ومن يقول انه قرأ عن هذا في الصحيفة، فالتأكيد يعرف عن هذا من الاستعراض الاستخباري بدرجة شريك السر الاعلى.
وهكذا يا سادتي، ينتشر الافتراض بانه اذا كان مسؤولو اسرائيل يكلفون أنفسهم جدا عناء القول انهم لا يعرفون شيئا، فالمعنى هو أن اسرائيل هاجمت، بل وهاجمت جدا. هناك من يدعي بان هذا يضيف الكثير من الردع الاسرائيلي. يخيل لي ان هذا يضيف الكثير بالاساس لموضوع اساسي آخر: الدواوين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
اقــلام واراء
(257)
</tbody>
<tbody>
السبــت
2/2/2013
</tbody>
<tbody>
</tbody>
أقلام وآراء
<tbody>
أقلام وآراء من الصحف العبرية
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
العدو من الشمال وقصة البدو في النقب
اسرائيل في الطريق الى مواجهة عسكرية في الشمال وعملية برية ستكون مطلوبة قبل ان يبدأ الطرف الثاني باطلاق الصواريخ
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
معركة سرية لمنع تهريب السلاح الكيميائي
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
لاعبو محور الشر.. تسلح حزب الله وتفكك سوريا!
العالم ينظر بعدم اكتراث الى المذبحة التي تجري في سوريا ليس فقط بسبب اللامبالاة بل ايضا بسبب الحذر الشديد من التورط
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
</tbody>
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
العدو من الشمال وقصة البدو في النقب
اسرائيل في الطريق الى مواجهة عسكرية في الشمال وعملية برية ستكون مطلوبة قبل ان يبدأ الطرف الثاني باطلاق الصواريخ
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
العدو من الشمال: لن تكون قافلة حزب الله التي هوجمت من الجو بحسب مصادر اجنبية حينما كانت تسافر مشحونة بالوسائل القتالية من سوريا الى البقاع اللبناني، لن تكون الاخيرة. فكما كتبت هنا في توسع قبل اسبوعين أصبحوا في القيادة العليا للجيش الاسرائيلي على يقين من ان سوريا ستصبح في غضون اشهر أكثر المشاكل الامنية إلحاحا على اسرائيل. ولن تستطيع اسرائيل ان توقف جميع القوافل. ان السلاح الكيميائي مشكلة لكن الصواريخ التقليدية لا تقل عنه تهديدا. وحزب الله مشكلة لكن العناصر الجهادية التي قد تسيطر على المنطقة الحدودية في الجولان لا تقل عنه خطرا، فستكون عندها نفس الصواريخ ونفس الذخيرة وقدر أقل من المسؤولية.
يبدو من وجهة نظر متشائمة أننا في الطريق الى مواجهة عسكرية في جبهة من جبهتي الشمال على الأقل. ويتحدثون في الجيش الاسرائيلي عن عملية برية ستكون مطلوبة فورا بعد ان يبدأ الطرف الثاني في اطلاق القذائف الصاروخية أو ربما قبل ذلك. ويتم الحديث في لبنان عن عملية ذات نطاق واسع هي حرب حقيقية. ويتم الحديث في الجولان عن سيطرة لسنوات على المنطقة الفاصلة كما كان الامر ذات مرة في جنوب لبنان. لن تبقى الانباء من سوريا على شاشة التلفاز الى الأبد، بل ستنتهي الى التسرب الى كل بيت في اسرائيل.
صاحب الايثار الأخير
في يوم الاحد استقر رأي الحكومة على تبني التقرير الذي يخط طريقا لتسوية استيطان البدو في النقب. وقد كتب الوزير بني بيغن هذا التقرير. والتقرير وهو ثمرة سنوات عمل هو في شبه يقين آخر علامة طريق في حياته السياسية بعد ان أخرجوه خارج قائمة الليكود. إن بيغن سياسي لا مثيل له، ولاعب في ناد خاص به. وإن الجهد الضخم الذي بذله لحل مشكلة البدو مناسب له، فليس فيه مقابل سياسي ما سوى الهجوم عليه من اليمين ومن اليسار؛ وهو لا يعني أكثر الاسرائيليين؛ وهو مهم جدا لمستقبل النقب ولأمن الدولة. يمكن ان نوافق على توصيات بيغن أو نعترض عليها لكن لا مكان للارتياب في طهارة بواعثه. يبدو ان بيغن هو صاحب الايثار السياسي الأخير.
يعيش في النقب نحو 200 ألف بدوي، 120 ألفا منهم تحت سن الثامنة عشرة. وهم أفقر مجموعة في اسرائيل. ويعيش 70 90 ألف بدوي في بلدات غير معترف بها. وينتشر البدو المشتتون في عرض النقب من حدود الخليل الى ما يقرب من غزة. وهناك صراع طويل بين البدو والدولة على السيطرة على الارض وملكيتها. ولم تصل اربعون سنة من الجهود للتوصل الى تسوية الى شيء. وسيتضاءل احتمال التسوية بسبب الزيادة السريعة لعدد السكان من سنة الى سنة.
حينما التقى بيغن بدواً وجهوا دعاوى على التسوية قال لهم: 'إنكم لا تثيرون اهتمام أحد لا في اليمين ولا في اليسار ولا في الوسط. وجاءت حكومة يمينية تعرض عليكم تسوية عادلة. لن تحصلوا على تسوية أفضل منها'.
وفهم بيغن من محادثاته مع البدو ان بعض المعارضة نفسي واحترم ذلك. ويعاملهم تقريره على أنهم مواطنون متساوون في الحقوق ويعترف بطلبهم المبدئي للاراضي التي تم اجلاءهم عنها قبل عشرات السنين وبعضهم في حرب الاستقلال. إن التعويض المالي متواضع لكن الاعتراف موجود. وقد جاء في تقريره: 'ليس البدو شفافين'.
تتعلق المشكلة من ناحية قانونية باربعة أنواع مختلفة من الاراضي وهي: اراض أُجلي البدو عنها في الماضي؛ وأراض صودرت منهم؛ واراض سُجلت باسم الدولة؛ واراض يسكنها البدو. ويرى البدو أنها جميعا رزمة واحدة.
إن ايلي عتسمون اسرائيلي من سكان بئر السبع عمل عشرات السنين بازاء البدو ومعهم في النقب. وقد صاحب ذات يوم بني بيغن لزيارة بدوي في اللقية. ويطالب هذا البدوي بقطعة ارض في اللقية وهي قطعة ارض أُعطيت لكيبوتس لاهف وبقطعة ارض غير بعيدة عن نتيفوت. ويقول خبراء القانون ان لكل قطعة حلا مختلفا.
وقال عتسمون لبيغن: 'لا يُجرى تفاوض مع بدوي على هذا النحو، فاما ان يتم الاتفاق معه على كل شيء وإما الاستمرار الى الأبد'.
وانتصر خبراء القانون كما كان متوقعا. ويقترح القرار تسويات مختلفة ومعقدة لكل مشكلة. وميزة القرار في انه يمهد الطريق لاعتراف بالبلدات غير المعترف بها. ويقدم ما يسميه حاييم أورون رئيس ميرتس السابق، وهو من سكان النقب، 'صندوق أدوات'، أما نقيصته فهي التعقيد والجهاز الضخم الذي أُنشيء والتوتر بين قضية ملكية الارض وقضية الاعتراف. 'هذا أبعد ما تستطيع حكومة اسرائيل السير اليه'، يعترف أورون.
رفض اشخاص بارزون في الوسط البدوي التوصيات. وقد فعل فريق منهم ذلك بسبب عدم ثقة أساسي بحكومات اسرائيل، وبعضهم من اجل المساومة وبعضهم عن اعتقاد أنهم كلما ازدادوا رفضا ازدادوا ربحا. وهم يرون كيف تطورت القرارات في قضية التعويضات للمجلين عن غوش قطيف ويؤمنون بأن هذا ما سيحدث معهم ايضا.
والفرق هو انه كان للمجلين عن غوش قطيف جماعة ضغط ضخمة في الجهاز السياسي وهي غير موجودة للبدو. يفترض ان تقدم الحكومة التالية التوصيات لسن قانون في الكنيست. واذا تغير القانون بين تصويت وآخر فسيتغير لغير مصلحة البدو فقط بضغط من اليمين وهذا بالضبط ما يخشاه بيغن.
لم يُجهد اصحاب الردود من اليمين أنفسهم بقراءة تقرير بيغن، فقد رفضوه لأنه خُيل اليهم فقط انه جيد للعرب.
وحملّت 'اسرائيل لي'، وهي رابطة أوصلت نفتالي بينيت وإييلت شكيد الى الكنيست في الشبكة تسجيلا لمقلد يصدر بلغة عربية ثقيلة اطراءات لليكود لأنه منح البدو بسخاء منه 'مئات آلاف الدونمات' ويقول: 'أنتم مدافع'.
حل شاحر كافتنسكي محل إييلت شكيد في 'اسرائيل لي'. وسألته هل قرأ التقرير فاعترف بأنه لم يفعل. 'إن اعتراضنا هو على صورة القرار لا على القرار نفسه'، قال، 'من الواضح لنا ان بيغن قام بعمل جدي'.
فسألته: لماذا تقولون عكس ذلك اذا. فقال: 'هذه حيلة دعائية. فلو لم تكن هذه الحيلة الدعائية لما اتصلت بي'.
وقلت له انه يحسن به في عمره (32 سنة) ان يكون أقل هزءاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
معركة سرية لمنع تهريب السلاح الكيميائي
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
هاجمت اسرائيل بحسب الصحافة الاجنبية هذا الاسبوع قافلة سلاح لحزب الله على الحدود بين لبنان وسوريا. فاذا كانت هذه التقارير صحيحة فهل يكون هذا هو النذير الذي يُنذر باقتراب مواجهة عسكرية واسعة النطاق في الجبهة الشمالية؟ يجب ان نبدأ البحث عن هذا السؤال قبل كل شيء عند الاشخاص العاملين في 'هيئة القيادة العامة المصغرة' وهي 'المطبخ الصغير' لرئيس هيئة الاركان بني غانتس. فهم الذين سيؤثرون اليوم أكثر من الباقين جميعا في قرارات المستوى السياسي: المجلس الوزاري المصغر والثُمانية ووزير الدفاع ورئيس الوزراء. ولن ينطلق المستوى السياسي في طريقه من غير دفعتهم.
يتغير هذا المطبخ الصغير بحسب الظروف لكنه مؤلف في أساسه اليوم من اربعة جنرالات مقربين جدا من رئيس هيئة الاركان غانتس وهم: يوسي بايدتس وأفيف كوخافي وأمير ايشل وغادي آيزنكوت. وبتثوير الأذهان وبالحوار اليومي الذي يتم بين هؤلاء الاشخاص تولد الافكار العملياتية. إن نائب رئيس هيئة الاركان اللواء غادي آيزنكوت هو الرجل الذي كتب بحث هيئة القيادة العامة لانشاء مقر قيادة العمق المسؤول عن المعركة المتواصلة في عمق ارض العدو. أما رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أفيف كوخافي ويوسي بايدتس وهو رجل استخبارات وقائد معهد الامن القومي فهما منشئا الافكار 'السرية' ونصيرا ما يسمى باللغة العسكرية غير المنظمة 'سياسة المنع' بواسطة اعمال سرية. فاذا أمكن مثلا منع وصول سلاح من ايران الى غزة بالقضاء عليه في الطريق كما يمكن ان نُفسر مثلا الأنباء في وسائل الاعلام الاجنبية عن مهاجمة قوافل سلاح في السودان فما أفضل ذلك. انه أفضل وأصح من هجوم بري على هذا السلاح وقد وصل الى غزة وكذلك الامر في لبنان ايضا.
تشمل 'سياسة المنع' على نحو مبدئي كل احباط صامت لتنظيمات وأنشطة معادية والهدف هو القضاء على التهديدات في أبعد مكان وفي مراحل التنظيم اذا أمكن. أما المخاطرة فهي التورط مع دول معادية الى جانب التورط المحتمل مع دول صديقة مع تعريض مصالح سياسية للخطر.
سواء أكان الهجوم أول أمس قد نفذته اسرائيل أم لا فان وزير الدفاع اهود باراك يعشق هذا المبدأ عشقا شديدا. وفي هذا الشأن للمستوى السياسي والعسكري لغة مشتركة حينما يبلغ ذلك الى مستوى الموافقة على خطط. ان وزير الدفاع باراك ورئيس هيئة الاركان غانتس على عكس الماضي غير البعيد، يُجريان حوارا جيدا ويأتيان وقد نسقا بينهما الى جلسات الحكومة بعد ان يوضحا القضايا بينهما.
وهكذا اذا كان أحد ما يسأل هل نحن على شفا حرب فان الجواب يكمن هناك في المطبخ العسكري المصغر أو في الأساس في التفاعل بين الجنرالات الخلاقين من المجموعة الذين يرون ان السماء هي الحد وبين رئيس هيئة الاركان والمستوى السياسي. والقاسم المشترك بين مجموعة العمل هذه هو الثقة المطلقة بمذهب استعمال القوة الجوية أو البرية بصورة سرية: قوات خاصة، وعمليات خاصة في عمق ارض العدو وأنشطة تحت رادار وسائل الاعلام.
يعتمد هذا المذهب على التأليف بين الايمان بالقدرة الاستخبارية العالية التي تطورت في شعبة الاستخبارات العسكرية في السنين الاخيرة، بفضل غير قليل من الاستثمارات الضخمة، وبين الايمان بالقدرة العملياتية والتكنولوجية لسلاح الجو الاسرائيلي. وقد حشدت القوات الخاصة البرية على اختلاف أنواعها في السنتين الاخيرتين تجربة لم تكن موجودة عندها قط في الماضي. وأنفق الجيش الاسرائيلي موارد لا يستهان بها على شراء معدات متقدمة لهذه القوات كي تستطيع العمل فوق الماء وتحته في كل ميدان وفي كل مناخ.
إن هذا المذهب كما يعتقد اعضاء المطبخ العسكري المصغر وكبار مسؤولي المستوى السياسي هو أنسب طريقة لاحراز ثمار في الشرق الاوسط الهش وهو ينجح ايضا. لكنه ينجح ما بقي سريا وهنا نقيصته الكبرى لأنه في اللحظة التي يُكشف فيها عن العملية أو التي تُخلف وراءك بصمتك فانك تدعو الطرف الثاني الى رد. وعند هذه النقطة يمكن ان تنشب حرب ربما لم تكن تريدها وليس لها تسويغ من جهة الكلفة التي ستدفعها. ولهذا فان من يختار عمليات منع سرية يجب ان يتيقن من ان المخاطرات التي يخاطرها محسوبة جدا. ويجب على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس هيئة الاركان ان يكونا على يقين من ان المعلومات التي يملكانها دقيقة وموثوق بها دون شك. فيما يتعلق بقافلة سلاح مثلا: ماذا يوجد فيها بالضبط والى أين تتجه وهل يوجد تسويغ للمخاطرة والهجوم عليها، وأين يُنفذ الهجوم لمنع التورط. ويجب ان تقنع المعطيات التي يملكانها وزير الدفاع ورئيس الوزراء بأن الحديث في الحقيقة عن 'معلومات استخبارية ذهبية' تعتمد على مصادر موثوق بها، وبأن الهدف قيمي بقدر كاف من اجل المخاطرة بأن هذه العملية قد تحرق الشرق الاوسط أو الجبهة الشمالية على الأقل.
في خلال السنة الاخيرة، وكلما تضاءلت المناطق التي يسيطر عليها الرئيس الاسد في سوريا، نقل أجزاءا كبيرة من السلاح الاستراتيجي الذي في حوزته مثل صواريخ سكاد ومواد قتالية كيميائية الى مناطق كانت له فيها سيطرة أفضل. وأثارت هذه التحركات تأثرا كبيرا عند جهات استخبارية في الغرب لأنه أصبح يُشعر بأن هذا السلاح يوشك ان يصل الى لبنان. وارتفع التأهب الاستخباري والعسكري بازاء هذه التحركات وانخفض على التوالي. وكلما أخذ يضعف النظام العلوي أخذت تقصر الفترات بين استعداد عسكري وآخر وأكثرها لا يبلغ ألبتة الى العناوين الصحفية.
من الذي يحدد ما هو الهدف 'القيمي' الذي يقتضي المهاجمة حتى مع المخاطرة بحرب: هل هو رئيس الوزراء؟ هل هو وزير الدفاع؟ هل هي هيئة القيادة العامة؟ وبازاء أي سلاح للعدو تكون دولة اسرائيل مستعدة للمخاطرة والهجوم وهي عالمة بأن هذا الهجوم قد يتدهور الى حرب؟.
على حسب أنباء منشورة اجنبية، هاجمت اسرائيل في الماضي ودمرت قوافل سلاح، ومخزن وسائل قتالية بل دمرت صواريخ بعيدة المدى على ارض السودان. وأُصيبت قوافل سلاح خرجت من ليبيا، وأُغرقت سفن مهربين في البحر الاحمر، وتنفجر مستودعات سلاح مختلفة من وقت لآخر في لبنان. لكن اسرائيل لم تهاجم في لبنان برغم أنها تعلم انه وصل الى حزب الله صواريخ سكاد وصواريخ 'إم 600' بعيدة المدى، وسائر الصواريخ والقذائف الصاروخية الاخرى التي يملكها الجيش السوري. ويجب على دولة اسرائيل ان تُجري لنفسها الحساب التالي: أين يحسن أن تخاطر وتهاجم لفرض أن احتمال نشوب حرب ضئيل، وأين يحسن ان تضبط نفسها لأنها ما زالت لا تريد ان تدفع الثمن المقرون بنشوب مواجهة عسكرية ظاهرة.
برغم ان اسرائيل غير معنية اليوم ايضا بمواجهة شاملة في الجبهة اللبنانية فان الجيش الاسرائيلي في السنة الاخيرة وفي الاشهر الاخيرة أساسا يستعد ماديا لمواجهة كهذه في مستوى الخطط وفي مستوى التدريبات ايضا. وجبهة الشمال في تفضيل أعلى عند الجيش. إن انتشار الجيش الاسرائيلي وتأهبه في هضبة الجولان ليس له مثيل في الماضي ويشمل ذلك نفقات على بناء العائق على الحدود. وأعد الجيش الاسرائيلي نفسه لمواجهة الساحة المنحلة غير المستقرة ويشمل ذلك نشرا لوسائل حماية فعالة لمواجهة ترسانة الصواريخ والقذائف الصاروخية من سوريا التي قد تتبدل ملكيتها.
لكن عند قيادة الجيش العليا استعدادا ذهنيا ونفسيا لا يقل عن الاستعداد المادي لمواجهة احتمال امكانية نشوب هذه المواجهة العسكرية. أعلن رئيس هيئة الاركان غانتس بعد توليه عمله بزمن قصير أنه لن يكون مفر بحسب فهمه وتقديره من الخروج في عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة لتجديد الردع ومنع تسلح حماس. وبعد نحو من سنة من هذا الاعلان خرج الجيش الاسرائيلي حقا في عملية 'عمود السحاب'. ويتحدث رئيس هيئة الاركان اليوم عن سنة 2013 باعتبارها سنة تغييرات داخلية عميقة في لبنان قد تفضي الى حرب أهلية و/ أو مواجهة مسلحة بين حزب الله واسرائيل. والشعور في اسرائيل هو بأن التسويات غير المكتوبة للردع المتبادل التي نشأت بعد حرب لبنان الثانية بين اسرائيل وحزب الله أخذت تتلاشى. ولهذا يجوز لنا ان نفترض ان اسرائيل اليوم أقرب الى مواجهة عسكرية في الجبهة الشمالية مما كانت في كل وقت منذ 2006. إن سبب هذا الاستعداد العسكري في الحقيقة هو الخوف من انهيار سوريا والتأثيرات التي ستكون لذلك في المنطقة وتشمل عدم استقرار في لبنان سيفضي الى اشتعال الحدود الشمالية، لكن الاستعداد العسكري والذهني للجيش يجعله يُرخي الحبل أكثر مما كان يفعل في الماضي.
الخوف من عملية تفجيرية في الخارج
إن مسار تقديرات الوضع بازاء ما يحدث في سوريا الى جانب المتابعة المكثفة لاحتمال انتقال سلاح تقليدي وكيميائي الى جهات معادية مستمر منذ عدة شهور. والمعلومات التي تتدفق ترفع كثيرا من وقت لآخر درجات الحرارة في غرف المباحثات في جلسة الحكومة. في صباح يوم الاحد كشف رئيس الوزراء علنا أمام السماعات عن شيء من عاصفة النفوس وتحدث عن التهديدات من سوريا. أما الايرانيون الذين يشتغلون كما يبدو بجمع معلومات عن اسرائيل من سوريا ولبنان فلم يظلوا صامتين. فقد حذر واحد من كبار مسؤولي جهاز الامن الايراني في نهاية الاسبوع من أنه اذا هوجمت سوريا فسترى ايران نفسها مهاجمة وترد بحسب ذلك. أكان يقصد هجوما تركيا أو غربيا أو غيره على ارض سوريا؟ أم كان يقصد عملية اسرائيلية؟ إن توقيت الاعلان في نهاية الاسبوع الماضي خاصة يثير الريبة.
في اسرائيل ايضا توجه يرى ان حزب الله أخذ يضعف بسبب انهيار الاسد في سوريا ولهذا يجب ان ندعه يواجه الجهات الداخلية في لبنان ويتحطم هناك وألا نمنحه قوة وشرعية باعتباره 'حامي لبنان' بواسطة هجوم اسرائيلي. وتوجد اصوات ايضا تزعم ان اسرائيل يجب ألا تُحدث مواجهة عسكرية مع حزب الله بسبب تسلحه بسلاح تقليدي. وهم يذكرون ان لحزب الله 60 ألف صاروخ وقذيفة صاروخية وطائرات بلا طيارين وطائرات مسلحة تهدد ارض اسرائيل كلها لكن التسلح ليس سببا للحرب. وهم يزعمون ان الهجوم على سلاح من هذا النوع على ارض لبنان لا يخدم بالضرورة المصلحة الاسرائيلية.
ونقول بالمناسبة انه يفترض اليوم ان يحاضر وزير الدفاع في مؤتمر وزراء الدفاع والامن الذي بادرت اليه حكومة المانيا. وسيقوم في مركز الخطبة قضايا مواجهة محور الشر: ايران وسوريا وحزب الله. ويتوقع ان يجلس في القاعة وزير الدفاع الايراني الذي دُعي هو ايضا الى الحفل وأعلن بصورة غير معتادة عن مشاركته. ومن المثير ان نرى هل يأتي هذان الاثنان بعد قصف القافلة في يوم الاربعاء الى المؤتمر في برلين. اذا حدث هذا فقد يشهد ذلك على ان الازمة قد مرت. والتقدير هو ان حزب الله لن يرد باطلاق النار على اسرائيل بسبب واقعة محلية كالهجوم على قافلة سلاح. ومع ذلك يوجد خوف من عملية لحزب الله أو للايرانيين موجهة على هدف اسرائيلي أو يهودي في الخارج كما حدث في الارجنتين أو بورغوس، ولهذا زيد الاستعداد الى ان يتلاشى التوتر.
يُظهر الجيش الاسرائيلي الآن على الملأ نوعا من الاستعداد والتأهب لشيء قد يحدث قريبا. ويقوم هذا التأهب على نحو عام على معلومات استخبارية. في يوم الجمعة الماضي قبل الظهر شهد آلاف المتنزهين في الجليل مشهدا نادرا، فخلال زمن طويل حلقت طائرات سلاح الجو الاسرائيلي في سماء هضبة الجولان وفوق جبل الشيخ وفوق اصبع الجليل مُخلفة وراءها خطوط دخان من المؤكد أنها قد شوهدت من دمشق ايضا.
وفي يوم الاحد نُقلت بطاريتان من 'القبة الحديدية' من الجنوب الى شمال البلاد. وفي صباح يوم الاربعاء أفاد اللبنانيون ان طائرات سلاح الجو الاسرائيلي حلقت منذ يوم الثلاثاء ظهرا في سماء لبنان. وفي الظهر أفادت وكالات الأنباء الاجنبية وقوع هجوم على قافلة سلاح كانت في طريقها من سوريا، على الحدود بين سوريا ولبنان.
والسؤال هو ما الذي حدث بين تظاهرة طائرات سلاح الجو في سماء الجليل في صباح يوم الجمعة وبين الطلعات التي أجرتها في سماء لبنان في يوم الثلاثاء والهجوم الذي تحدثت التقارير عنه من وكالات الأنباء. أنكر السوريون منذ البدء التقارير عن الهجوم بل قالوا ان منظومات رادارهم لم تلاحظ أية طائرات اسرائيلية.
ويعلم الاسد جيدا انه اذا اعترف بأن اسرائيل هاجمت بلده فسيكون ملزما بأن يرد. لكنه يعلم جيدا ايضا انه اذا رد ولو ردا ضئيلا نسبيا باطلاق اربع قذائف صاروخية أو خمس على اسرائيل فسيتحول القصر الرئاسي الى أنقاض ولهذا فضل السوريون الصمت.
لكن التقارير التي بدأت تتدفق من لبنان والأنباء المنشورة في وسائل الاعلام الاجنبية لم تترك للسوريين خيارا. وهكذا نشر الجيش السوري في ليل يوم الاربعاء اعلانا رسميا تحدث عن هجوم اسرائيلي في ظاهر الامر لكنه لم يتحدث عن قافلة سلاح بل عن 'منشأة بحث عسكري' في منطقة جمراية شمال غرب دمشق.
وعلى حسب وكالة الأنباء السورية الرسمية، قتل عاملان وجرح خمسة آخرون. وزعم المتمردون في سوريا ان الحديث عن عملية لهم لا لاسرائيل وأضافوا ان الحديث عن منشأة لانتاج السلاح الكيميائي وتخزينه.
الخط الاحمر هو السلاح الكيميائي
ما الذي يمكن ان يقلق اسرائيل ويجعلها تخاطر؟ كلما أخذ نظام الاسد يتحطم، أخذ تدخل الجهاد العالمي من جهة وحزب الله والايرانيين من جهة ثانية في ما يجري في سوريا يزداد عمقا. وعلى حسب أنباء نشرت في الصحافة الفرنسية وصل جزء من معدات روسية جديدة للدفاع الجوي حصل عليها السوريون في المدة الاخيرة من الروس الى ايران. ويشتكي الامريكيون منذ زمن طويل للروس من ان حزب الله له املاك عسكرية ايضا في سوريا. ويُجري السوريون وحزب الله منذ زمن تفاوضا لنقل معدات تابعة للمنظمة مخزونة في سوريا الى مخازن في لبنان. ويمكن ان نفترض ان حزب الله مهتم ايضا بمعدات متقدمة تابعة للجيش السوري مثل: صواريخ مضادة للطائرات من نوع 'اس.إي 17'. وقد وصلت بطاريات هذه الصواريخ المحكمة في السنتين الاخيرتين من روسيا الى سوريا ومن المؤكد ان حزب الله يريد ان يرى هذه المنظومة منشورة في لبنان تحبط نشاط سلاح الجو الاسرائيلي في حال وقوع مواجهة عسكرية اخرى.
لا شك في ان حزب الله سيحاول ان يُخرج من سوريا المنهارة بتنسيق مع نظام الاسد كل معدات عسكرية ذات قيمة قد تقع في أيدي المتمردين. وقد اهتم حزب الله دائما باخفاء كل محاولة منه لنقل صواريخ مضادة للطائرات من سوريا الى لبنان. وترى اسرائيل هذه الصواريخ المضادة للطائرات سلاحا يكسر التعادل ويهدد حرية طيران سلاح الجو الاسرائيلي في لبنان. وقد أوضح لحزب الله ولنظام الاسد ايضا على الدوام انه اذا دخل سلاح كهذا الى لبنان فان اسرائيل ستهاجم. حاول حزب الله في السنوات الاخيرة عدة مرات ان يمتحن تصميم الجيش الاسرائيلي في هذه القضية ويُقدرون انه نجح في ان يُهرب منظومات سلاح مضاد للطائرات. لكنه كان حذرا جدا واهتم باخفاء نشاطه وأصبح هذا العمل اليوم أكثر انكشافا لأنه لا يوجد زمن، فالاسد قد ينهار في كل لحظة ولهذا يخاطرون مخاطرة أكبر. إن قصف القافلة الذي أفادت به وكالات الأنباء الاجنبية قد يُفسر بأنه اشارة الى حزب الله ان اسرائيل لم تغير الخطوط الحمراء ولن تُمكّن من نقل بالجملة لسلاح يكسر التعادل الى لبنان.
يوجد شيء واحد لن يمر إلا على جثة اسرائيل وهو السلاح الكيميائي. إن التقارير من سوريا تصف في الايام الاخيرة معارك بين رجال الجيش السوري الحر ورجال حزب الله الذين يحرسون للاسد منشآت استراتيجية مختلفة ومنها كما يبدو منشآت تُخزن فيها مواد حربية كيميائية. إن الخشية من ان ينتقل السلاح الكيميائي الى أيد معادية كرجال الجهاد العالمي أو حزب الله قضية استخبارية عملياتية تشغل الامريكيين والاتراك والاردنيين والفرنسيين ايضا. واسرائيل في هذا الشأن شريكة في تحالف له مصلحة واحدة مشتركة وهي منع انتقال السلاح غير التقليدي الى خارج حدود سوريا.
في الماضي حينما كان خوف من هذا الانتقال أسمع الرئيس اوباما صوته وهدد الاسد مباشرة. فيمكن ان يشير صمت الرئيس الامريكي عن توتر الايام الاخيرة في الجبهة الشمالية الى عكس ذلك خاصة، فقد يكون هذا التوتر غير متعلق بقضية انتقال السلاح غير التقليدي لكن بموضوع تسلح حزب الله بسلاح تقليدي 'فقط'.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لاعبو محور الشر.. تسلح حزب الله وتفكك سوريا!
العالم ينظر بعدم اكتراث الى المذبحة التي تجري في سوريا ليس فقط بسبب اللامبالاة بل ايضا بسبب الحذر الشديد من التورط
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
تحدثت اسرائيل كثيرا في الاسابيع الاخيرة عن امكانية تسرب السلاح غير التقليدي من سوريا. يمكن أن نفسر ذلك بالرغبة في خلق مجال حصانة سياسية لامكانية هجوم عسكري. هذا نجاح مؤكد. امريكا أيضا لن ترغب في أن يصل سلاح كيميائي الى حزب الله، وحلف الناتو هو الاخر لن يسمح لغاز السارين في أيدي ثوار أكراد. الحاجة الى مثل هذه التصريحات يمكن تفسيرها كمحاولة لخلق مجال مناورة دبلوماسي لهجوم اسرائيلي حتى ضد سلاح تقليدي سوري. في نهاية المطاف، هذه هي النقطة: واضح ان السلاح الكيميائي يلزم العالم، الغرب وبالتأكيد اسرائيل على العمل. وسواء كان الحديث يدور عن استخدامه، وهو أمر أقل اقلاقا لنا هنا، أم وبالاساس نقله الى خارج نطاق سوريا.
ولكن السلاح التقليدي لدى الاسد، صواريخ مضادة للطائرات، مضادة للدبابات، صواريخ باليستية وعدة منظومات سلاح اخرى، يمكنها هي ايضا ان تشكل تغييرا جوهريا في موازين القوى، ولا سيما بين حزب الله واسرائيل. وخلف الحديث القلق حقا بالنسبة للسلاح الكيميائي قبعت مسألة ثقيلة تكاد تكون بذات القدر الا وهي احتمال أن تنثر سوريا المنهارة سهام سمها في أرجاء المنطقة.
ولكن الخطر هنا، ولا سيما بعد أحداث الاسبوع الاخير والعملية المنسوبة لسلاح الجو (حسب وسائل الاعلام اللبنانية، التي بلغت عن نشاط معزز)، كبير جدا. فالحرب الاهلية السورية هي دوامة من النوع الاخطر. فقد عرفت اسرائيل في الماضي كيف لا تتدخل في الحرب الاهلية اللبنانية أو ان تتدخل بقدر محدود، وبعد ذلك اجتذبت تحت رعاية أوهام مثل خطة 'صنوبر الكبرى' الى قلب هذا المعمان الاقليمي. الاوروبيون، الاتراك، الامريكيون كلهم يحذرون من التدهور الى تدخل مباشر ويتبنون سياسة التأثير من بعيد. والاسباب واضحة جدا: ضمن امور اخرى، انعدام الثبات في مواقف النظام المنهار، والكفيل بان ينفذ خطوات يائسة، ناهيك عن التدخل الايراني المعني جدا في أن يجعل المعركة في سوريا حربا ضد الغرب. فالعالم ينظر بعدم اكتراث الى المذبحة في سوريا ليس فقط بسبب اللامبالاة، بل وايضا بسبب الحذر الشديد. اما اسرائيل، لشدة الاسف، فليس لها هذا الامتياز. هناك امور يجب القيام بها كي لا تعظم سوريا المتفككة قوة خصوم اسرائيل التقليديين؛ ولكن هذه هي اللحظة التي يجب أن تكون فيها الكثير جدا من الاسئلة على طاولة الحكومة، المجلس الوزاري وهيئة التسعة.
' ' '
صدح صوت موشيه بوغي يعلون وزير، رئيس اركان سابق ووزير الدفاع القادم برأيه هذا الاسبوع في العالم وهو يفشي سرا. فقد سُئل عن الانفجار في بوردو في ايران وقال انه 'قرأ عن هذا في الصحيفة'. كان أيضا آفي ديختر، قريبا الوزير السابق، الذي لاحظ بان 'كل انفجار يضرب المنشآت، ولكن ليس الاشخاص، مبارك في نظرنا'. وكان بالطبع النشر في 'التايمز' اللندنية، والذي استند الى 'مصادر استخبارية اسرائيلية' أكدت له بان بالفعل كان انفجار في المنشأة النووية التحت أرضية قرب قم.
لعله من المجدي ان نفهم: اذا كان التقرير الذي نشر في موقع انترنت أمريكي غامض صحيحا، ومنشأة بوردو تضررت، بل وبشكل شديد جدا (بما في ذلك احتباس مئات العاملين تحت الارض)، فهذه هي الخطوة الاكثر دراماتيكية في الحرب الهادئة التي يقوم بها الغرب، بما في ذلك اسرائيل، ضد ايران نووية. المنشأة بجوار قم هي الدرة التي في تاج البرنامج النووي الايراني. هذه هي النقطة التي تعمل فيها أجهزة الطرد المركزي الاكثر حداثة، والقادرة على تخصيب اليورانيوم الى درجة 20 في المائة فما فوق، وهذا هو المكان الاكثر تحصينا في ايران. المحصن لدرجة ان الامريكيين والاسرائيليين يخشون من أن حتى القنابل الخارقة للتحصينات ذائعة الصيت لن تنجح في ان تتسلل الى اعماقه. الايرانيون هم الخبراء الكبار في العالم في الاسمنت المسلح؛ قدرته على صد الهزات ومنع الصدوع اختبرت في أفضل قواعد البحث العسكري في الولايات المتحدة وكانت النتائج غير لطيفة (لنا).
وعليه فاذا كان بوردو يتضرر، فهذه قصة كبرى. العنوان الرئيس في العالم. توجد فقط مشكلة واحدة: على ما يبدو وينبغي قول ذلك بحذر شديد القاعدة الايرانية لم تنفجر. وحتى لو وقع فيها خلل، وان كان ذا مغزى، فانه كان بعيدا جدا عن التقارير شبه الهستيرية عن اشعاع اليورانيوم الذي يحاول الايرانيون منعه من الوصول الى سطح الارض، في أعقاب عملية تخريب. الامكانية الثانية هي على مستوى المؤامرة: الولايات المتحدة والغرب يبذلان كل جهد ممكن للكذب عن عمد حول ما يجري هناك. مؤكد أن هناك من يصدق ذلك، ولعل هذا صحيح، ولكن كل المؤشرات معاكسة.
كيف نعرف؟ نحن لا نعرف. ولكن يمكن التقدير. بوردو هي منشأة نووية تشرف عليها وكالة الطاقة الذرية. مستوى الرقابة يتغير في اجزاء مختلفة من المنشأة، ولكنه يسمح لمراقبي الوكالة بزيارة المكان في زيارات طواريء ولهم وسائل اخرى داخل المنشأة وخارجها للفحص اذا كان طرأ تغيير. والـ IAEA ملزمة بان ترفع تقرير طواريء لكل الدول الاعضاء في الوكالة بما في ذلك اسرائيل، اذا ما وقع حدث استثنائي بل وبمثل هذا الحجم في منشأة نووية. لم يرفع اي تقرير من هذا القبيل. وحتى لو كانت كل اجهزة الامن المراقبة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية فشلت في العثور على مثل هذا الخلل فان بوردو هي منشأة تتابعها الاقمار الصناعية العسكرية والخاصة بانتظام. ومثل هذا الحدث كان لا بد سيحدث تغييرا على سطح الارض سيتيح للقمر الصناعي أن يراه.
دافيد اولبرايت، من معهد بحوث الامن القومي، والذي هو احد الخبراء الرواد في العالم في الموضوع النووي الايراني ومن يركز هذه الايام على القاعدة العسكرية في برتشين، قال هذا الاسبوع انه 'لا يرى اي مؤشرات استثنائية في الصور الجوية على درجة تفيد بان حدثا استثنائيا وقع في بوردو. اضافة الى ذلك، فقد اصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بيانا رسميا يقضي بان لا شيء استثنائي وقع في بوردو والولايات المتحدة أصدرت تصريحا شبه مماثل.
وهذا يؤدي بنا الى سؤال مثير للاهتمام: لماذا يعطي اصحاب القرار الاسرائيليون الاحساس بانه ربما حصل شيء ما في الوقت الذي يبدو انه لم يحصل؟
' ' '
توجد روايتان. الاولى تسمى 'الرواية الاستراتيجية'. في هذا المفهوم، اسرائيل غير معنية بان تتماثل مع اعمال حقيقية تجري في الواقع وتعتبر مسؤولة عنها. وعليه فان عليها أن ترد على كل حدث في ايران بذات الطريقة الى هذا الحد أو ذاك ان تقول اننا قرأنا عن هذا في الصحيفة. ولما كان هكذا يعقب أصحاب القرار حتى على حدث وقع وعلى حدث لم يقع، فالنتيجة هي أن اسرائيل تبتعد عمليا عن كل تشخيص. وينبغي أن يضاف في هذا السياق انه في 2012 وقعت عملية تخريبية صريحة في بوردو: حسب اعتراف الايرانيين انفسهم، فان خطوط التوتر العالي للمنشأة العسكرية قطعت بانفجار. مفهوم ان ليس لنا اي فكرة كيف حصل هذا ومن قام به.
الرواية الاستراتيجية آنفة الذكر تبدو فهيمة جدا. وهذا بالضبط السبب الذي يجعلنا نشكك فيها. عندنا يرتجلون كثيرا. واسمحوا لي بان أتقدم برواية مختلفة قليلا يمكن أن نسميها 'رواية الدواوين'. هذا جد معقد. إذن هيا نأخذ نفسا عميقا. وبالتالي هكذا هو الحال: اذا كنت تأخذ القرارات والان سألوك عن حدث في ايران ربما وقع، ولكن ربما لم يقع، وليس لديك اي فكرة عن ماذا يدور الحديث، فان الامر المؤكد الآمن والحذر هو اعطاء احساس وكأنك تعرف بالحدث الذي لا علم لك عنه. وكيف يمكن عمل ذلك؟ في اسرائيل، الطريق الناجع لاعطاء احساس بانك تعرف شيء ما محظور عليك ان تروي عنه هو ان تقول انك لا تعرف شيئا عن الحدث. وهنا توجد مفارقة مفهومة: الحقيقة هي انك حقا لا تعرف شيئا، ولكنك تخشى ان مكانتك (الامنية) تستوجب منك ان تعرف. وعليه، فكي يعتقد الناس بانك مطلع على الاسرار، وان خط هاتف آمن اطلعك في الساعة الثالثة صباحا، فيجدر بك ان تقول انك لا تعرف اي شيء. في ايام اخرى، عندما كان امنيون اكثر تواضعا ولكنهم حقا انتصروا في الحروب، فقد كانوا ببساطة يقولون بعجب بان ليس لهم أي فكرة عن ماذا يجري الحديث. ولكن اسرائيل تغيرت، واللغة المتواضعة لجهاز الامن الاسرائيلي في الستينيات استبدلت بالتهديدات المتبجحة التي قد تذكر بعض الشيء باجهزة أمن الجمهوريات العربية في الستينيات ايضا. اليوم، اذا قال صاحب القرار انه 'لا يعرف شيئا' بنبرة مجردة وعادية، فقد يفكر احد ما بانه حقا لا يعرف عن عملية ما سرية للموساد، وسيعد هذا بالطبع وكأنه ليس جزء من دائرة القرارات ونهايته الله يحمينا.
وعليه فانه ملزم بان يعطي الاحساس بان قوله بانه لا يعرف اي شيء ان هذه هي الحقيقة، كما اذكر هو في واقع الامر كذب. هذا حرج! فهو ملزم بان يظهر وكأنه يكذب في الوقت الذي يقول فيه الحقيقة. وعليه فيجب أن يغمز، لنقل. ولكن هذا فظا بعض الشيء. إذن بدلا من الغمز فانه يقول قولا عموميا ما، قولا يسمع وكأنه طبع في المرشد للنفي في الرقابة العسكرية. لنقل 'قرأت هذا في الصحيفة'، أو 'لا اعرف عن هذا شيئا، ببساطة لا شيء، أبدا على الاطلاق لا شيء'.الحقيقة هي أنه حقا قرأ عن هذا في الصحيفة ولكن المسؤول يعتمد على الفرضية ان ليس شخصا مثله سيقرأ امورا من هذا النوع في الصحيفة. فهو يجلس في كل المداولات الاكثر سرية وما شابه وهلمجرا. ومن يقول انه قرأ عن هذا في الصحيفة، فالتأكيد يعرف عن هذا من الاستعراض الاستخباري بدرجة شريك السر الاعلى.
وهكذا يا سادتي، ينتشر الافتراض بانه اذا كان مسؤولو اسرائيل يكلفون أنفسهم جدا عناء القول انهم لا يعرفون شيئا، فالمعنى هو أن اسرائيل هاجمت، بل وهاجمت جدا. هناك من يدعي بان هذا يضيف الكثير من الردع الاسرائيلي. يخيل لي ان هذا يضيف الكثير بالاساس لموضوع اساسي آخر: الدواوين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ