المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 326



Aburas
2013-02-26, 10:32 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif


في هذا الملــــف:


صمت حماس على اغلاق الانفاق
رأي القدس العربي

مشكلة مصالحة بين الفلسطينيين أم معضلة قيام نظام سياسي جديد؟
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياةاللندنية

حمص طريق أخرى إلى فلسطين!
حازم صاغيّة عن الحياة اللندنية

اللهو الخفي وسحب الجنسيات في الأردن مجددا
بسام البدارين (مدير مكتب القدس العربي في الاردن) عن القدس العربي

عقيدة الديمقراطية الاسرائيلية: قتل المتظاهرين لا تفريقهم!
واصف عريقات عن القدس العربي

نحو دعم أهل القدس على الارض
رأي الدستور الأردنية

تحريم زيارة القدس!
خليل قنديل عن الدستور الأردنية

الوضع الفلسطيني وسط التحديات
صلاح محمد عن الشروق الجزائرية

الإخوان والاحتلال الصهيونى
محمد سلماوي عن المصري اليوم

الإسرائيليون والملفات النووية
إبراهيم البحراوي عن المصري اليوم

لماذا يحارب الإخوان وثيقة زمزم؟
أ.د. محمد وليد العبادي (عميد كلية القانون/ جامعة آل البيت) عن الدستور الأردنية

الفلسطينيون وصراحة أوباما
رأي البيان

هذيان جنبلاط!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت

«دولنة» الإخوان
عمرو خفاجى عن الشروق المصرية




صمت حماس على اغلاق الانفاق
رأي القدس العربي
يواصل الامن المصري حملته لاغلاق الانفاق تحت الخط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة، وذلك من خلال ضخ مياه الصرف الصحي فيها، وهي طريقة مبتكرة تؤدي الى اتلاف تربتها، وزعزعة جدرانها، وبما يؤدي الى انهيارها في نهاية المطاف.
الانفاق كانت تشكل صداعا امنيا دائما للحكومة المصرية يصعب عليها التعايش معه في ظل الضغوط الاسرائيلية والامريكية المكثفة، حتى ان الامن المصري، في زمن الرئيس السابق حسني مبارك لجأ الى زرع جدران حديدية لاغلاقها ومنع اعادة حفرها من جديد.
الفلسطينيون في قطاع غزة لجأوا الى حفر هذه الانفاق لكسر الحصار الخانق الذي تفرضه اسرائيل، واستيراد احتياجاتهم الضرورية من السلع والوقود، حيث فرضت اسرائيل كميات محدودة جدا من المواد الغذائية على ابناء القطاع في حدود 2225 وحدة حرارية بالكاد تبقيهم على قيد الحياة.
لا نجادل بان هذه الانفاق تحولت الى تجارة مربحة لمعظم اصحابها، ومصدر دخل لسلطة حماس التي تحكم القطاع وتفرض ضرائب على السلع المستوردة من خلالها، ولكن في ظل غياب اي مداخيل اخرى، وارتفاع نسبة البطالة في اوساط الشباب الغزي، ظلت هذه الانفاق توفر فرص عمل، وبعض العوائد التي تحرك عجلة اقتصاد صدئة ومتآكلة.
الانفاق ظاهرة شاذة، وغير قانونية، املتها ظروف حصار استثنائية، واغلاق محكم لكل المعابر في معظم الاوقات، وتجارة رابحة لمجموعة من الفلسطينيين والمصريين على جانبي الحدود، واغلاقها في الوقت الراهن، وبمثل هذه الطريقة البشعة، ودون توفير البدائل وازالة الاسباب التي املتها، وحتمت وجودها على مدى السنوات العشر الماضية على الاقل، سيكون قرارا مجحفا، خاصة انه يأتي بعد نجاح الثورة المصرية، ووصول حركة الاخوان المسلمين الى الحكم في مصر الكنانة.
نحن مع الحفاظ على الامن المصري ليس في منطقة سيناء، وانما في كل بقعة من ارض مصر، واذا كانت الحكومة المصرية لجأت الى خطوة اغلاق الانفاق بعد جريمة الهجوم على رجال الامن المصريين في شهر رمضان الماضي واستشهاد 18 منهم، فان ابناء قطاع غزة يجب ان لا يدفعوا ثمن هذه الجريمة خاصة ان التحقيقات لم تكشف تورط بعضهم فيها.
لا نريد لحكومة الرئيس مرسي الاسلامية ان ترضخ للضغوط الاسرائيلية، وان تنفذ املاءاتها في اغلاق الانفاق، خاصة ان اسرائيل اعربت اكثر من مرة عن رضاها على الجهود الامنية المصرية المبذولة في مصادرة اطنان من الاسلحة والمتفجرات كانت في طريقها الى قطاع غزة.
حكومة الرئيس حسني مبارك، ورغم مواقفها العدائية لقطاع غزة وحركة المقاومة فيها، لم تذهب الى ما ذهبت اليه الحكومة الحالية في استخدام مياه الصرف الصحي لاغلاق الانفاق كليا.
لا مانع من اغلاق الانفاق في حالة السماح لابناء القطاع في استيراد جميع احتياجاتهم عبر معبر رفح، وفوق الارض، اسوة بكل البشر، لكن ان يتم الاغلاق ودون خلق البدائل الطبيعية والمشروعة فان هذا امر يستعصي على الفهم، فهمنا نحن على الاقل.
نستغرب صمت حكومة حماس على مثل هذه الخطوات من الحكومة المصرية، وهي التي كانت تملأ الدنيا صراخا كلما اقترب نظام الرئيس مبارك من الانفاق في محاولة لاغلاقها خاصة ان الضرر من هذه الخطوة، اي الاغلاق، سيصيبها وبعض المحسوبين عليها من رجال اعمال وملاك، اكثر من غيرها بكثير، وممنّ؟ من اقرب حلفائها وداعميها او هكذا نعتقد.



مشكلة مصالحة بين الفلسطينيين أم معضلة قيام نظام سياسي جديد؟
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياةاللندنية
لم ينجم عن اجتماع القاهرة أي جديد بشأن المصالحة الفلسطينية وإعادة اللحمة للكيان السياسي الفلسطيني، باستثناء بثّ مزيد من مشاعر الإحباط والضياع والشعور بعدم الجدوى بين الفلسطينيين، بسبب ما يعانونه من أوضاع صعبة ومعقدة.
حقاً هذا مؤسف جدّاً، ويبعث على المرارة، إذ استغرق البحث في مسألة إنهاء الانقسام أكثر من خمسة أعوام من عمر الشعب الفلسطيني ومعاناته، مع عشرات الاجتماعات، والعديد من الاتفاقيات، في القاهرة ومكة والدوحة وصنعاء، وضمنها بشكل خاص لقاءان سابقان جمعا الرئيس محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، في القاهرة (أيار/ مايو2011) وفي الدوحة (شباط/ فبراير 2012)، حيث نجم عن اللقاء الأول توقيع «اتفاقية الوفاق الوطني»، ونجم عن اللقاء الثاني «إعلان الدوحة».
اللافت أن كل الاتفاقيات التي تم تدبيجها خلال السنوات السابقة ظلّت تستند إلى وثيقة «الوفاق الوطني» (وثيقة الأسرى المعدلة)، التي جرى التوقيع عليها من قبل كل الفصائل المعنية (في حزيران/ يونيو2006)، ما يفيد بأن المشكلة لا تكمن في النصوص، ولا في القناعات السياسية، وهي باتت متقاربة لدى الطرفين المتنازعين على السلطة والهيمنة («فتح» و «حماس»)، وإنما هي تكمن في مكان آخر. وبعد كل هذه الأعوام بات الحال واضحاً، فقيادتا الفصيلين الكبيرين لا توفران المتطلّبات و «التنازلات» اللازمة لإنهاء الانقسام، فكل منهما يرفض التخلّي عن ركائزه في السلطة («فتح» في الضفة و «حماس» في غزة)، التي تشمل القوة العسكرية والمصادر المالية والقدرة على التحكم في المجالين السياسي والاجتماعي.
بديهي أن هذا وضع عبثي ومضرّ وميؤوس منه تقريباً، لا سيما أن حال الانقسام هذه، مع استمرارها، باتت تغذي ذاتها بذاتها، وباتت تعيد إنتاج بناها وعلاقاتها ورموزها، الأمر الذي لا يدع مجالاً للتفاؤل بإمكان تحقيق مجرّد مصالحة، أو إنهاء الانقسام في الظروف والمعطيات الراهنة.
ماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أن ما يجري يتجاوز عملية المصالحة، وأن الفلسطينيين -على ما يبدو- باتوا في إطار عمليتين سياسيتين متداخلتين يصعب التكهّن بمآلاتهما، أولاهما تتعلق بإرهاصات بناء نظام سياسي فلسطيني جديد، وضمنه البتّ بمصير حركة التحرر الفلسطيني ورؤاها وكياناتها وطرق عملها، والثانية تتعلق بإدارة الوضع الفلسطيني على أساس نوع من الشراكة، أو تقاسم السلطة بين «فتح» و «حماس».
عموماً، كانت العملية الأولى بدأت منذ عقدين، مع إقامة كيان السلطة (1993) وانحسار مكانة منظمة التحرير، حيث انتهت بذلك مرحلة من عمر الحركة الوطنية الفلسطينية، بما لها وما عليها، لكن من دون النجاح في توليد مرحلة جديدة، بما فيها من خطابات وكيانات وطرق عمل جديدة. وقد جاء صعود حركة «حماس» في ما بعد، ولا سيما مع فوزها في الانتخابات التشريعية (2006) وهيمنتها على قطاع غزة، ليفاقم من أزمة النظام السياسي الفلسطيني، لا سيما مع إخفاق خيارات المقاومة والانتفاضة والمفاوضة.
وهكذا، ما عاد بالإمكان، من الناحية الواقعية، الفصل بين العمليتين المذكورتين (إعادة البناء والشراكة)، فقد باتتا متداخلتين جداً، لا سيما أن انتهاء زمن احتكار «فتح» القيادة في السلطة والمنظمة والمجتمع، لم يتم إدراكه على النحو المناسب، وبالتالي لم يجر تأطيره نظرياً وتنظيمياً بما يفيد هذه الحركة، أو بما يعيد تأهيلها لتمكينها من استنهاض أوضاعها، بدلاً من تركها تستمرئ الاتكاء على تاريخها فيما مكانتها تتآكل.
هذا ينطبق أيضاً على واقع الكيانات السياسية الفلسطينية ونمط العلاقات في ما بينها، ومصادر شرعيتها، فالمنظمة باتت مجرد ديكور، ومن دون فاعلية، وبينما من المفترض أن تُعتبر بمثابة مرجعية عليا بالنسبة إلى السلطة، إذا بهذه تستحوذ على معظم مصادر القوة والهيمنة في الوضع الفلسطيني، مهمشة المنظمة إلى أبعد حدّ، ناهيك عن أفول المكانة التمثيلية للمنظمة إزاء الفلسطينيين، ولا سيما اللاجئين خارج الأراضي المحتلة. أما بالنسبة إلى الفصائل، فهذه لها قصة أخرى، فثمة فصائل لم يعد لها وجود تقريباً، وهي فقط تستمد بقاءها، وحتى شرعيتها، من نظام المحاصصة الفصائلية («الكوتا»)، ومن ميلها إلى أحد القطبين الرئيسين («فتح» و «حماس»). وبديهي أن هذا الوضع بات يثقل على الفلسطينيين، ويعيق حراكاتهم السياسية، ويغطي على هيمنة الفصيلين الكبيرين، ناهيك عن انه يعيق تشكيل قطب ثالث يمكن أن يضغط لوضع حد لهذا التجاذب المجاني والسلبي بين «فتح» و «حماس».
المعنى من ذلك أن الفلسطينيين في معمعان معركتهم على المصالحة وحيثياتها، إنما يخوضون غمار معركة أكبر تتعلق ببناء نظام سياسي جديد، وضمنه اتخاذ قرار بين تحديد مصير المنظمة واستمرارها وتفعيلها أو عدم ذلك، وتحديد مكانة السلطة، إلى جانب التأسيس لشرعية جديدة تنتهي معها شرعية المحاصصة الفصائلية، وتعيد رسم الخريطة السياسية الفلسطينية على أسس جديدة، قوامها الشرعية الانتخابية والتمثيلية.
الآن، يبدو أن الطرفين («فتح» و «حماس») باتا في مفترق طرق، فحركة «فتح» وصلت إلى نهاية طريقها السياسي في المفاوضة، بعد عقدين على اتفاق اوسلو، لذا لا بد من إدخال تغييرات ما، لكن مشكلة قيادة هذه الحركة، أنها غير جاهزة تماماً لتغييرات كبيرة ونوعية قد تطيح مكانتها. أما حركة «حماس»، فهي باتت أكثر حماساً لإيجاد معادلات فلسطينية جديدة، ومن ضمنها الانخراط في المنظمة، باعتبار كل ذلك من مستلزمات تعزيز شرعيتها، لمواكبة التغييرات في البيئة السياسية العربية، التي ترى أنها تعمل لمصلحتها، ولو جاء ذلك على حساب أقلمة ذاتها مع البيئة السياسية العربية والدولية (برنامج الدولة في الضفة والقطاع واعتماد المقاومة الشعبية).
المهم أن ثمة حاجة مشتركة للطرفين المعنيين، في هذه المرحلة، لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وهذا يشمل السلطة والمنظمة، وفق نوع من التوافق، أو قل التواطؤ، على نوع من شراكة سياسية، أو تقاسم سلطة، على ألا يمسّ أي منهما بمصادر السلطة والهيمنة للطرف الآخر، كلٌّ في نطاق إقليمه («فتح» في الضفة و «حماس» في غزة).
لكن ما ينبغي الانتباه إليه في غضون ذلك، أن عملية الشراكة هذه تخدم في عملية التخلص من النظام القديم، ولكنها لا تساهم تماما في توليد نظام سياسي فلسطيني جديد، لأن كلا الطرفين («فتح» و «حماس») لا يمتلكان الرؤية السياسية المناسبة لذلك، ولا يشتغلان على إيجاد البنى اللازمة لهذا الأمر، لا سيما أنهما يعملان كسلطة تحت الاحتلال أكثر من عملهما كحركة تحرر وطني، بخاصة إذا كانت هذه الحركة معنية بإعادة الاعتبار للتطابق بين قضية فلسطين وأرض فلسطين وشعب فلسطين.
إذاً، هذا هو الواقع الذي يقف وراء استغراق عملية المصالحة كل هذا الزمن والجهود والمناقشات، وهذا ما تبيّنه النقاط التي تمحورت حولها مناقشات اجتماع القاهرة (مؤخراً)، وكل الاجتماعات التي سبقته، حيث إن الخلافات لم تتركّز على الحكومة، ولا على الانتخابات، وإنما حول إعادة بناء المنظمة أو تفعيلها، وحول كيفية ضمان مكانة «فتح» و «حماس» في السلطة، لجهة عدم المسّ بترتيباتها السلطوية (مصادر دخلها وتشكيلاتها الأمنية وقدرتها على السيطرة في مجالها)، وهذا هو بالضبط معنى كلام خالد مشعل عن ضرورة اعتبار عملية المصالحة «رزمة واحدة وبمسارات متوازية».
عموماً، هناك العديد من الأسباب التي أوصلت حال الفلسطينيين إلى ما وصلت إليه، ويأتي ضمنها تحول حركتهم التحررية إلى سلطة تحت الاحتلال، بعد إخفاق مشروعات المقاومة والانتفاضة والمفاوضة، والاستقطاب من حول فصيلين متنازعين، مع غياب قوة ثالثة بحكم ضمور بقية الفصائل، وغياب حالة شعبية ضاغطة على الأطراف المعنيين، إضافة إلى المداخلات الإسرائيلية في أحوالهم، لكن أساس الخلل يبقى كامناً في ضياع رؤيتهم السياسية الجماعية، وفي افتقادهم الطابع المؤسسي والديموقراطي والتمثيلي في بناء كياناتهم السياسية.
على كل، يحقّ للفلسطينيين أن يأملوا في أن تمضي عملية المصالحة في طريقها، لا أن تنكسر مجدداً، كما حصل في تجارب سابقة، بحيث يصل المتخاصمون إلى نوع من التوافق -على الأقل- بشأن إدارة خلافاتهم بوسائل ديموقراطية، وعبر الاحتكام لصناديق الاقتراع. وبين هذا وذاك، ربما يجدر بالفلسطينيين أن يدركوا أن أي مصالحة، أو مشاركة، لن تكون بديلاً من إعادة بناء حركة التحرر الفلسطيني، بناء على الدروس المستخلصة من التجربة الماضية، وبناء على التطورات الجديدة.

حمص طريق أخرى إلى فلسطين!
حازم صاغيّة عن الحياة اللندنية
دائماً كانت هناك «طريق إلى فلسطين» لا تمرّ بها وطبعاً لا تنتهي إليها. ودائماً كانت هذه الطريق مطلوبة لأغراض يتصدّرها تحويل النظر عن المشكلات الفعليّة في البلد المعنيّ، أو التستّر على علاقات وارتباطات يراد التستّر عليها، أو خداع شعوب المنطقة، لا سيّما الشعب الفلسطينيّ، وكسب شعبيّة رخيصة لا صلة لها بفلسطين وأهلها.
وربّما كان الرئيس المصريّ جمال عبد الناصر مؤسّس هذه الطريقة، هو الذي قادته الطريق إلى فلسطين إلى... اليمن، فتورّط هناك، على مدى الستينات، في نزاع أهليّ ومديد ومكلف. والبائس أنّ السير إلى فلسطين عبر اليمن لم يتوقّف إلاّ في 1967 حين كادت إسرائيل، التي أراد عبد الناصر الوصول إليها، تصل إلى القاهرة. لكنّ الزعيم المصريّ، قبل أن يصل إلى اليمن، عرّج على العراق والأردن ولبنان أواخر الخمسينات، متورّطاً في دعم قوى وفي منازعة قوى أخرى، ما تأدّى عنه رضّ تلك المجتمعات العربيّة وإضعاف نسيجها الوطنيّ الضعيف أصلاً.
كذلك وعدنا البعثان الحاكمان في سوريّة والعراق بطريق توصل إلى فلسطين. لكنّ البعث الأوّل آثر أن يقفز فوق الجولان ليستقرّ في لبنان، حيث قدّم مساهمته الكبرى والفعّالة في تعزيز أسباب الصراع الداخليّ بين اللبنانيّين، مقدماً على حصار المقاومة الفلسطينيّة فيه ثمّ طردها منه. أمّا البعث الآخر، العراقيّ، فكانت طريقه الالتفافيّة إلى فلسطين أطول كثيراً، إذ قادته شرقاً إلى إيران حيث نشبت حرب هائلة الكلفة والطول، قبل أن تقوده جنوباً إلى الكويت التي أدّى طرده منها إلى استدعاء جيوش العالم وأساطيله إلى المنطقة.
وبدورها شاءت الثورة الإيرانيّة ونظامها اصطحابنا إلى فلسطين، ولهذا الغرض أنشآ «يوم القدس»، فإذا بهما يصطحباننا إلى معارك ومواجهات تبدأ باستطابة البقاء في النزاع مع العراق ولا تتوقّف عند ما بات يُعرف بـ «الملفّ النوويّ».
حتّى المحاولة الصادقة الوحيدة لشقّ تلك الطريق، أي محاولة المقاومة الفلسطينيّة، طمرتها رمال التكوين الأهليّ والنزاعيّ لمجتمعاتنا. فإذا بهذه الطريق تتّجه إلى عمّان، ثمّ إلى جونيه التي جعلها قائد فلسطينيّ شهير محطّة شرعيّة على تلك الطريق. وهذا فيما حلّق البعض في الفضاء الخارجيّ متوهّمين أنّ خطف طائرة من هنا وطائرة من هناك هو ما يوصل إلى فلسطين.
ومن غير أن نشير إلى محاولات أكثر سخافة وأشدّ كذباً كتلك التي كان يرعاها على نحو موسميّ معمّر القذّافي، يشقّ «حزب الله» طريقاً أخرى إلى فلسطين. وحين يتّضح أنّ مزارع شبعا ليست سبباً كافياً للاحتفاظ بسلاح غير شرعيّ، يؤتى على ذكر فلسطين المجاورة لجنوب لبنان. لكنّ الجوار الجغرافيّ هنا لم ينفع بأكثر ما نفع جوار الجولان السوريّ وفلسطين. وفي المعنى هذا، نعاود الاكتشاف أنّ الطريق الفعليّة إلى فلسطين إنّما تمرّ بمدينة حمص وبلدة القصير السوريّتين. فهناك يسقط لـ «حزب الله» قتلى وجرحى لم يكونوا ينوون إلاّ الصلاة في المسجد الأقصى.
أفما آن لهذه الطرق الملتوية أن تكفّ عن الالتواء ما دام أنّ التكرار يعلّم... البشر؟
اللهو الخفي وسحب الجنسيات في الأردن مجددا
بسام البدارين (مدير مكتب القدس العربي في الاردن) عن القدس العربي
الحلم بوزير داخلية {دستوري} في الأردن يتصدى يؤمن بالمواطنة أشبه بحلم إبليس في الجنة فحتى الأقوياء من هؤلاء الوزراء الذين يقسمون على الولاء للملك وللدستور وللأمة تحد من تطلعاتهم {قوى خفية} لا أحد إلا الله- يعلم ماهيتها وأين تقيم وتجلس وفي أي مكان.
البعض ومن باب { كبر حجرك} يسميها الـ{دولة العميقة}..عميقة بماذا؟..انا شخصيا وكمواطن أردني كامل الدسم على حد تعبير أنيس القاسم لم تسحب جنسيته بعد لا ألمس عمقا من أي نوع في كل نواحي الإدارة في بلادي.
رغم ذلك يحق لي السؤال: أين العمق بصورة محددة في معاقبة أولاد وأحفاد أشخاص هربوا لسوريا بعدما إرتكبوا مخالفات او حتى جرائم عام 1970 ؟.
الآباء في حالة هؤلاء خذلوا الدولة الأردنية وشعبهم لسبب أو لآخر ولاذوا بالغربة فارين من حرب أهلية وكانت جنسياتهم أردنية وما دامت جنسية المرء أردنية فعند التزاوج الطبيعي كما يحصل مع بقية خلق ألله يكون الإبن أردنيا .
لا أتصور ان أردنيا يتزوج في إفريقيا مثلا من إمرأة أردنية فينجبان معا طفلا أستراليا أو إيطاليا ..ذلك يحصل فقط عند البيرقراطية العمياء في عمان التي تعتقد مثل الديك الفرنسي الشهير بأن الشمس لا تشرق صباح كل يوم إلا لكي تمارس وظيفتها الوطنية الأزلية في تقليص عدد الأردنيين من ذوي الأصول الفلسطينية.
قد تشرق الشمس يوما بدون قيام بيروقراطي ما في الأردن بوظيفته الأساسية المتمثلة في سحب جنسية مواطن وتحويله إلى مواطن سابقا ..هذا على الأقل ما أثبتته الدجاجات في القصة الفرنسية الشهيرة.
الآباء هربوا بعد الأحداث الأهلية عام 1970 وتزاوجوا كالبشر في سوريا فانجبوا أردنيين فل اوبشن وحضر هؤلاء المواطنون إلى بلدهم الأردن عشرات المرات في الماضي وأصدرت لهم حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وثائقهم بصورة إعتيادية كما تفعل اي دولة متحضرة.
ما الذي غير المزاج فجأة ودفع الأجهزة والمؤسسات لسحب ما يمكن وما يتيسر من جنسيات اولاد واحفاد الأردنيين الذين خذلوا الجميع في الأحداث المؤسفة ؟...لمصلحة من إحياء ذكريات أليمة في أنفس شباب وشابات لم يختاروا آباءهم عبر سحب جنسياتهم التي سبق لهم أن حصلوا عليها بصورة نظامية وشرعية ؟.
..طيب قد يقول قائل بأن الآباء أخطأوا ولديهم سجلات أمنية أو حتى إجرامية.. المنطق يقول بان هؤلاء يدخلون إلى بلدهم بصورة طبيعية ويخضعون لمحكمة أردنية ويحاكمون كأردنيين فما هو السياق القانوني لمضايقة أولادهم وسحب جنسية أحفادهم. بالنسبة لي أشاهد صالات كبار الضيوف وإستقبالات رسمية ومآدب عشاء ليلية تخصص لقادة بعض الفصائل المسؤولة عن أحداث 1970 ..هؤلاء يتم تكريمهم في عمان بإعتبارهم من عائلة الـ{خيار} أما بعض الجنود الذين عملوا تحت إمرتهم فهم على الأرجح من عائلة الـ{فقوس}.
حقيقة أستطعم بالفقوس أكثر من الخيار ولا أعرف سببا لإحترام الخيار وتقديمه على الفقوس لكن لرزمة الأمثال الشعبية أحكاما بطبيعة الحال تنطبق على سياسة الأردن الرسمية فيما يتعلق بالمسلسل الطويل المعني بسحب الجنسيات.
أي عمق في قصة الشابة الأردنية رولا إسماعيل عطية التي حاولت الإنتحار من أعلى قمة مبنى الجوازات العامة بعدما دخلت البلاد لتجديد جواز سفرها تاركة خلفها إبنها الرضيع المريض وزوجها في سوريا لتقع في مصيدة الحرمان والعذاب لأكثر من 95 يوما بعد سحب وثائقها وجنسيتها وإبلاغها بان تعليمات فك الإرتباط تنطبق على والدها.
والد رولا قد يكون بين الذين تنطبق عليهم تلك التعليمات السرية التي تتضخم كالخيار المهرمن في ثلاجة مخفية ..إذا كان الأمر كذلك كيف حصلت هي وأشقاؤها ووالدتها على جنسياتهم الأردنية قبل سحبها ؟...على حد علمي لا توجد دولة في الكرة الأرضية بما في ذلك الصومال تسحب جنسية مواطن فيها لأي سبب من أي نوع.
دون كلل أو ملل تواصل {جهة غامضة} في البيروقراطية الأردنية وعندما يتعلق الأمر بالأرقام الوطنية حصريا ضرب عرض الحائط ليس فقط بالقانون والدستور وأخلاقيات {المواطنة} ولكن بإتجاهات ومفردات وتوجيهات القصر الملكي والأهم بقرارات مجلس الوزراء.
إليكم مثالا حيويا: مهندسان شابان من عائلة واحدة {احتفظ بقصتهما ووثائقهما} فوجئا أثناء مراجعة روتينية لإحدى الدوائر الرسمية بان سجلات الكومبيوتر تؤشر على وجود {بطاقة خضراء} بحوزتهما علما بانهما لا يحملان إطلاقا اي بطاقة من أي لون لها صلة بالجسور. لعلم القارىء الكريم بطاقة خضراء في الأردن تعني ببساطة شديدة سحب الجنسية وتحول صاحبها إلى {بدون} عاطل عن العمل لا يستطيع فتح بقالة أو شراء خط هاتفي او حتى تسجيل طفلة عند ولادته بإسمه في المستشفى.
المهندسان لا تنطبق عليهما أيا من التعليمات المعلنة والسرية لفك الإرتباط ورغم ذلك صرفت لهما بطاقة خضراء .. الأنكى أن ذلك حصل بدون علمهما أو إبلاغهما وبدون أي صلة بينهما وبين الضفة الغربية وبعد قرار شهير لمجلس الوزراء الذي ترأسه رئيس الديوان الملكي الحالي فايز الطراونة يقضي بأن صلاحيات إصدار البطاقات والأرقام الوطنية ومنحها محصورة بمجلس الوزراء وليس بموظفين.
إنها بيروقراطية متطورة جدا في الأردن فهي تصدر وثائق لمواطنين بدون علمهم.
لكن في الطريق ما هو انكى وأشد فتكا: ضللت الحكومة علنا الرأي العام واعلنت بان مجلس الوزراء قرر آلية سحب بطاقات الجسور والأرقام الوطنية قبل عدة أسابيع وأن زمن سحب الجنسية على كاونتر من موظف او ضابط صغير ولى بلا رجعة وان تغيير البطاقة والقيد المدني وسحب وإعادة الجنسية من صلاحية مجلس الوزراء حصريا عبر لجنة وزارية شكلت للغاية.
..صفقنا للقرار وهو دون مستوى الطموح عمليا لكن التصفيق كان مجانيا فخلال الأسبوع الماضي فقط زارني ثلاثة مواطنين سحب موظفون صغار وبدون الرجوع لمجلس الوزراء جنسياتهم.
لا معنى للأمر إلا أن مجموعة {اللهو الخفي} المسؤولة عن سحب الجنسيات تمد لسانها ساخرة لمجلس الوزراء ولرئيس الوزراء وللجنة الوزارية حتى تثبت للعالم بأن وجود حكومة دستورية في الأردن كذبة وليس فقط وجود وزير داخلية دستوري يعرف ما الذي يجري حوله.
رئيس الوزراء عبدلله النسور إعترض بطريقة إستعراضية الأسبوع الماضي تحت قبة البرلمان على مداخلة برلمانية ألمحت لمخالفة الدستور قائلا: مخالفة الدستور جريمة لا يمكن السكوت عليها.
اليوم يخالف موظفون بيروقراطيون قرارا موثقا لمجلس وزراء المملكة جهارا نهارا ويقترحون على الحكومة ضمنيا البحث عن {قطة وتبليق عينيها} بدلا من الإلتزام بأحكام الدستور وانا اتحدث عن حالات سحب للجنسية حصلت بدون الرجوع لمجلس الوزراء وخلافا لقراره وبعد تاريخ القرار وبين يدي الوثائق كاملة.
حتى جرائم الإعتداء على الدستور والقانون من قبل حراس القانون يتم التمييز بينها على قاعدة خيار وفقوس.
أخيرا وحتى لا أتهم بتمرير عبارات غير مفهومة للقارىء الكريم لابد من شرح قصة القطة وتبليق العينين فجارتنا أم ملوح رحمها الله كانت تسترق السمع لي وأنا أقرأ بعض نصوص الشعر الحر من وزن {يتكىء السجن على قملتين .. إلخ } مثلا.
..طبعا أم ملوح لم تكن تفهم شيئا ولا أنا في الواقع من تلك النصوص المجنونة فكانت دوما ردة فعلها على النحو التالي:' يا إبني روح..روح شوفلك بسه بلق عينيها' والقصد دعوتي للبحث عن قطة في الشارع والإنشغال بإستئصال عينيها بدلا من قراءة نصوص غير مفهومة وهي بطبيعة الحال مهمة مستحيلة أقصد تثقيب عيني القط- .
ختاما أتصور بأن من يسحبون الجنسيات في الدولة الأردنية يطالبون مجلس الوزراء ضمنيا بالبحث عن قطط الشوارع والإنغماس في نفس المهمة المستحيلة بدلا من الكلام عن صلاحيات دستورية وولاية عامة.



عقيدة الديمقراطية الاسرائيلية: قتل المتظاهرين لا تفريقهم!
واصف عريقات عن القدس العربي
حق التجمع والتنظيم وحرية الكلام والتظاهر من حقوق الإنسان وهو حق مشروع ونص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدساتير في الكثير من الدول، وهناك نص يتكرر منذ العام 1975 ويتضمن اعادة تأكيد الجمعية العامة للأمم المتحدة على شرعية كفاح الشعوب في سبيل الاستقلال وانهاء الإحتلال، وقد حظي هذا النص عند التصويت على موافقة 99 دولة ضد دولة واحدة هي اسرائيل وامتناع 18 دولة عن التصويت منها الولايات المتحدة الأمريكية وفي كل مرة يجري التصويت تتزايد الدول المؤيدة، وفي وقتنا الحالي يبلغ عدد المؤيدين 80 ' من اعضاء الجمعية العامة اي حوالي 155 دولة، علما ان معظم الدول عندما تصوت على النص تصوت لصالح حق الشعب الفلسطيني في مقاومته الاحتلال الاسرائيلي، والغريب ان الولايات المتحدة الأمريكية ساندت واعترفت بالمقاومات الوطنية اثناء الحرب العالمية الثانية، وتنكر هذا الحق على الشعب الفلسطيني وبالمقابل تعتبر اعتداءات اسرائيل وجرائم حربها بحق الشعب الفلسطيني دفاعا عن النفس.
وأكثر من ذلك فهي من تزود اسرائيل بالأسلحة والمعدات الحربية الفتاكة لإدامة احتلالها بما فيها الأسلحة والوسائل القتالية التي تستخدمها اسرائيل في قمع المظاهرات السلمية، ومن هذه الوسائل قنابل الغاز المسيل للدموع الكيماوي الحارق والرصاص المطاطي بنماذجة المتعددة البلاستيكي والاسفنجي 40 ملم والمعدني المغلف بطبقة رقيقة من المطاط اضافة للمقذوفات الانشطارية والدمدم، وصهريج المياه العادمة النتنة، ولم تكتف اسرائيل بتصنيع الولايات المتحدة الأمريكية بل تعمل على تطوير هذا السلاح ليصبح فتاكا أكثر، كما تصنع اسلحة جديدة ومنها المدفع الذي يستخدم غاز الطبخ والاوكسجين لينتج موجات صوتية عالية تحدث الصدمة والرعب والهلع بحسب مجلة Popular Science الأمريكية.
كما تستخدم اسرائيل الشعب الفلسطيني حقل تجارب لصناعاتها هذه فهي من ناحية تتخلص من العدد الأكبر من الفلسطينيين ومن ناحية أخرى تختبر المنتج الإسرائيلي وتسوقه في الأسواق العالمية، ومن الأمثلة على هذا التصنيع والتجارب ما شهده مستشفى المقاصد الخيرية في القدس يوم 7 / 12 / 1998 من إقتحام لاسترجاع الرصاصة الاسطوانية التي قنصت فيها الطالب سنة ثالثة في جامعة بير زيت الشاب ناصر محمد خالد عريقات غدرا وهو يدرس فوق سطح منزله في قرية ابوديس شرق القدس وعلى مسافة امتار قليلة، لأن هذه الرصاصة محرمة دوليا، حيث عملت على اختراق جمجمة الشهيد ناصر تناثر الدماغ على أثرها يؤكد هذا ما سمعته ولاحظته من استغراب واستهجان أطباء المستشفى عند مداهمة الجيش الاسرائيلي للمستشفى وإصرارهم على استرجاع المقذوف، علما بأن القوات الاسرائيلية لم تكتف بقنص الشهيد ناصر بل عملت على اقتحام المنزل والإعتداء بالضرب على والده عندما حاول اسعافه وعملت على إعاقة سيارة الإسعاف وتأخير وصولها لمستشفى المقاصد، وهو ما يعتبر جريمة قتل مع سبق الإصرار.
معظم الأسلحة والرصاص والقذائف والوسائل التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن محرمة دوليا ومحظور استخدامها ضد المدنيين بحسب البروتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف الموقعة في اب 1949، حيث القسم الاول من الباب الثالث يتحدث عن الوسائل والأساليب والمادة 35 تتحدث عن القواعد الاساسية والقيود على الاستخدام، والمادة 37 تتحدث عن حظر الغدر، لكن اسرائيل تدير ظهرها لكل القوانين الدولية والأعراف والقيم الأخلاقية وتعتدي على ابناء الشعب الفلسطيني والأمثلة كثيرة لا عد لها ولا حصر، وإذا ما حاول الفلسطيني المكلوم والمقهور اللجوء الى القضاء تلاحقه وتحاول النيل منه وتعتقلة كما حصل مع الشاب شادي مشارقه من بلدة دورا جنوب غرب الخليل يوم 1 /12 / 2012 حيث اصيب بعيار ناري في بطنه وبشظايا القنابل الصوتية في يده وصدره وهو يقف باب محل والده التجاري ويريدون اجباره بالتنازل عن شكواه.

لا يوجد في قاموس الجيــــش الإسرائــــيلي مصطلح تفريق المتظاهرين بل قتلهم أو إعاقتهم جسديا كما لايوجد عليهم رقيب اوحسيب وهو ما يثبته الإستخدام السيء للسلاح والرصاص والوسائل والإفراط في استخدامها مما يعني التقصد بالقتل وهي كلها جرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي.
منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والهيئات المعنية نشيطة في هذا المجال إلا أن تزايد الجرائم الإسرائيلية بحاجة الى مزيد من التكاتف وتكثيف التركيز عليها والتشهير بهذه الجرائم وفضحها عبر الوسائل كافة، خاصة في ظل تطور وسائل الإعلام وسهولة تداول الأخبار وتوثيقها كشهادات إثبات يمكن استخدامها في المحاكم الجنائية.



نحو دعم أهل القدس على الارض
رأي الدستور الأردنية
مشهدان يجسدان الوجع الفلسطيني والواقع المؤلم الذي يتجرعه أهلنا الصامدون في القدس المحتلة ويختصران الكثير من الكلام الذي أصبح لا معنى له.
الأول: مصادرة الاحتلال العديد من البيوت العربية في القدس المحتلة وهدمها بحجة عدم قدرة أهلها دفع الضرائب المترتبة عليها، وطردهم من مدينتهم، ومدينة آبائهم وأجدادهم وقومهم منذ أن خلق الله الأرض وما عليها.. تجسيداً لسياسة الاحتلال القائمة على تفريغ المدينة من أهلها، تمهيداً لتهويدها.. يضاف إلى ذلك إمكانية انهيار عدد من المدارس والمباني الأثرية القديمة بسبب عدم قدرة الفلسطينيين على ترميمها وصيانتها، ولعل التذكير بانهيار إحدى المدارس خلال العام الماضي بسبب حفر الأنفاق تحت البلدة القديمة يسهم بتوضيح الصورة أكثر.
وفي ذات السياق تأتي مناشدة مديري المستشفيات العربية في القدس الدول الشقيقة بخاصة الغنية لمساعدتها ودعمها ودفع الديون المترتبة عليها والبالغة حوالي “60” مليون دولار لحمايتها من الإغلاق، وهو ما تعمل سلطات الاحتلال الصهيوني على تحقيقه، استكمالاً لمخططاتها التهويدية العدوانية.
الثاني: مشهد جرافات الاحتلال الصهيونية التي تدنس الأرض الفلسطينية، وتعمل على تغيير معالمها الجغرافية، بإقامة المستوطنات، والبؤر الاستيطانية، وتجريف المقابر كما حدث لمقبرة “مأمن الله” التي تضم رفات جنود الفتح وجنود صلاح الدين، وإقامة متحف على جزء منها، وإقامة الكنس حول المسجد الأقصى، وهدم المباني المحيطة به، كما حدث مؤخراً، إذ تم هدم مبنى أثري لا يبعد خمسين متراً عن الحرم لتوسيع ساحة البراق، والذي يسمونه زوراً وبهتاناً حائط المبكى، وقد تزامنت هذه الجريمة مع عقد مؤتمر القمة الإسلامية في القاهرة، وكانت ردة الفعل الإسلامية غائبة ومغيبة، وكأن القدس والأقصى لا يتعرضان لاعتداء صهيوني غاشم مستمر منذ أكثر من اربعين عاما، ولا يزال وفق نهج صهيوني خبيث يقوم على تهويد المدينة، وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضها.
لا نريد من الدول الشقيقة ان تجيّش الجيوش وتعلن الحرب على العدو الصهيوني، فهذا غير ممكن الآن، ولكن نريد منها فقط ان تقوم بدعم صمود أهل القدس من خلال صناديق حقيقية تتولى مهمة دفع الضرائب، وترميم المنازل والمدارس والمؤسسات العامة الآيلة للسقوط، ودفع الديون عن المستشفيات، وإقامة مشاريع اسكانية على غرار ما يفعله أثرياء اليهود، وبالذات المليونير موسكوفيتش الذي يمول إقامة المستوطنات في القدس العربية، وتثبيت الشباب الفلسطيني في وطنه, وتخصيص صندوق لمساعدة العمال الفلسطينيين الذين يضطرون للعمل في إسرائيل، وإنقاذهم من هذا الذل الذي لا مثيل له.
مجمل القول: تتحمل الجامعة العربية مسؤولية إعادة تفعيل قرارات القمم العربية المتعلقة بدعم صمود أهل القدس، وهو ما يفرض على أمينها العام إعادة فتح هذا الملف الخطير، والطلب من الدول الشقيقة دفع التزاماتها لصندوق القدس، وعقد مؤتمر صحفي يعلن فيه الحقائق كاملة وأسماء الدول التي أوفت بما عليها والأخرى التي ماطلت ولا تزال تماطل، وتحميل تلك الدول المسؤولية التاريخية والأخلاقية أمام شعوبها وأمام الأمة كلها.
“فلقد بلغ السيل الزبى”.


تحريم زيارة القدس!
خليل قنديل عن الدستور الأردنية
الغريب أن اسم الجهة الداعية في الندوة التي أقيمت في مجمع النقابات حملت عنوان «من اجل فلسطين والقدس» حيث شارك في هذه الندوة علماء شريعة من الاردن وفلسطين والسعودية. ونقول وتنبع الغرابة من العلماء الذين شاركوا في الندوة أعلنوا فيما يشبه التحريم زيارة القدس المحتلة وهي تحت وطأة الاحتلال.
وهنا اسمحوا لنا بالعودة الى التاريخ النضالي العربي والفلسطيني والعودة الى ذاك العماء النضالي الذي كان يحرمنا من مشاهدة فلسطين، والعمل على ابقاء فلسطين في تلك المساحة التجريدية التي استطاعت أن تحول فلسطين الى حالة تقيم في الاغنيات الوطنية وفي النشيد وهي بعيدة كل البعد عن التصور الاحتلالي الواقعي الذي كان يعمل ليل نهار وطوال اكثر من ستين عاما على تجريد الطبوغرافيا الفلسطينية من الحلم التي تقيم فيه،والتسريع بتهويد كل شيء فيها حتى اوكسجينها.
ولعله من نافلة القول التوضيح بأن المواطن العربي والفلسطيني كان لا يُسمح له الا أن يرى فلسطين عربية، أويحاول أن يقتنع أن هناك شرطي مرور اسرائيليا ينظم المرور في عكا أوفي يافا وأن هناك لغة عبرية كنقيق الضفادع تلهج بها تلك الارض، ولهذا كان من الطبيعي أن يتعبرن الجيل العربي الفلسطيني الذي ظل يقيم فوق أرض فلسطين وهويأخذ مسمى عائماً وهوعرب «48»، مثلما كان من الطبيعي أيضاً أنه وحينما سمحت اتفاقية اوسلو للمقاومة الفلسطينية بالعودة الى أراضي الضفة الغربية أن يصيح أحد الشعراء حين وطأ أرض فلسطين أن يقول بدهشة شعرية «أهذا هو الوطن؟!!»
إن هذا التساؤل على شاعريته يدلنا على المسافة الموجعة بين فلسطين التي تقيم في التجريد وبين فلسطين الواقع الموجع عند اللمس!!
وعَودٌ على بدء فإن المقدسي وهو يرى مدينته تهوّد أمامه بحاجة الى ان يرى على الصعيد الفيزيائي المصري والسوري والسعودي والاماراتي والتونسي بجانبه يشد من عضده لا أن يسمع لغة التحريم في زيارة الاقصى على أي عربي أومسلم!.
أن يزور العربي المسلم أوالمسيحي مدينة القدس ويتعرّف مساحةَ الجرح المقدسي بأم العين فإن مثل هذا المسلك قد يساعد بالفعل لا بالقول على تحرير القدس ودعم اهلها.
أما هذا التحريم الذي يغرقنا في المشهد التجريدي للقدس فإنه يعيدنا الى تلك النعامة حينما تغرس رأسها في الرمال بينما جسمها يطفح فوق الرمال!.


الوضع الفلسطيني وسط التحديات
صلاح محمد عن الشروق الجزائرية
أفرزت الأحداث والتطورات العربية والإقليمية والتي لا زالت جارية مجموعة من التحديات فرضت نفسها على الوضع الفلسطيني، إضافة إلى تلك التحديات المقيمة في الداخل الوطني أو الملازمة للمسيرة الوطنية التحررية، وإن بدى الموقف الفلسطيني غير موحد اتجاهها لأنه يفتقد للمنهج الداخلي الثابت والموحد في صياغة موقف الإجماع الوطني، فالمؤسسة الفلسطينية لا زالت بعيدة عن وقفات المراجعة السياسية المعمقة لتقييم مرحلة محددة أو مواقف مفصلية، وهذا لا يعني إنها لا تأخذ القرارات في المجالات المختلفة، لكنها في الغالب تكون معروفة بوجهتها لأن تركيبة المؤسسة تفرض طبيعة القرارات وآلية اتخاذها. إلا أننا نلاحظ التناغم الموضوعي أحيانا بين مختلف التيارات السياسية والكفاحية اتجاه الأحداث الكبرى. وسط هذه التموجات اجتمعت، يومي 8-9/02/2013 في القاهرة، لجنة الإطار القيادي لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تنجح في لملمة التمزق الفلسطيني وبقي التخندق في ذات المواقف، هكذا يتم الانتقال إلى جولة أخرى كالعادة ولا مشكلة في تحديد مكانها وزمانها.
أولا، تحديات جديدة تفرضها المتغيرات: إن الأحداث الطاحنة التي تشهدها البعض من عواصمنا العربية أو تلك التحولات، لن تكون قضيتنا الوطنية بمنأى عن رياحها سواء كانت خفيفة أو ثقيلة، إيجابية أم سلبية، آنية أم مستقبلية، وبدأنا فعلا نرى ونلمس شيئا من نتائجها، عبر ما يعاني منه أهلنا في المخيمات الفلسطينية في سوريا، بالتأكيد فإن وطنيي شعبنا أينما كانوا يتألمون لما يتألم منه الشعب العربي السوري، بل إن تدمير المؤسسات العلمية وتكسير مكونات الدولة هو عمل عدائي ضد شعوبنا ومصالحها، ويلحق الضرر بنضالنا التحرري، إن الموقف الذي سطرته فصائل منظمة التحرير بسوريا باتخاذها الحياد اتجاه الصراع المسلح الداخلي المؤسف هو موقف وطني يحتوي على نقطتين: الأولى، التضامن مع المطالب المشروعة للشعب السوري والتي يتوجب تحقيقها بالطرق الديمقراطية... الخ والثانية، رفض التدخلات الخارجية بالشأن السوري والتي تؤجج القتال الداخلي بوجهة تدمير الدولة السورية. هذا الموقف كما يبدو لم يرض الجماعات المسلحة، حيث لجأت إلى احتلال مخيم اليرموك ثم تلا ذلك احتلال مخيمات أخرى على طريق الزج بها في الصراع، وأصبح سكان المخيمات وسط مربع النار يقدمون الشهداء بشكل يومي، بالقصف أو بالخطف والتصفية، وبرز هنا عدم انسجام موقف "الخارج" مع موقف الفصائل داخل سوريا، وأمعن الإعلام الفلسطيني بالانحياز لصالح المعارضة، وذهب بعض القادة إلى التعبير عن ذلك بوتائر غير مفهومة، بالمقابل دأبت بعض القوى الفلسطينية في داخل سوريا على اتهام بعض الفصائل الأخرى بعدم سحبها للغطاء السياسي عن بعض المجموعات المسلحة التي تدعي الانتماء لها وتشارك المعارضة السورية في أفعالها اللا إنسانية داخل مخيم اليرموك وغيره. ارتباطا بذلك نسجل النقاط التالية:

1- من الأفضل، بل من الضروري، توحيد الموقف الفلسطيني اتجاه معاناة المخيمات، وهو جزء أساسي من شعبنا ومن نضاله التحرري، وبالاستناد إلى المصلحة الوطنية، لإخراج أبناء شعبنا من هذه المعاناة، بالتالي التخلص من تلك المواقف التي تبحث عن المكاسب الفئوية لهذا الفصيل أو ذاك، فالانحياز على أساس ذاتي أو بناء على صفقة مع هذه الجهة أو تلك يلحق الضرر المبدئي بنضالنا الوطني التحرري، عدا عن الحصاد المر والمباشر الذي يجنيه أبناء مخيماتنا.

2- أن تقوم القيادة الفلسطينية بطرح هذه المشكلة وحلها مع الدول التي تدعم المجموعات المسلحة لكي تنسحب من المخيمات للمحافظة على حيادها ومن ثم عودة سكانها إلى بيوتهم بعد مغادرتها قسرا.

3- من جوانب أخرى هناك معاناة حقيقية بسبب عدم توفر المقومات اليومية للحياة، فمن يوفر ذلك في أماكن الهجرة الجديدة داخل سوريا وخارجها، لماذا لم يدخل هذا الموضوع كعنوان أساسي على أجندة القيادة الفلسطينية للتصدي له عبر جامعة الدول العربية، أو من خلال المساعدات التي تصل للقيادة الفلسطينية وللحكومة المقالة أيضا.

إن طبيعة الصراع الدامي في سوريا ونتائجه على الدولة السورية وشعبها، وسعي بعض الأطراف الخارجية إلى إدامته، يفرض على بعض القوى الفلسطينية التخلص من وهم المراهنة على انتصار المعارضة المسلحة أو بعض الاتجاهات ضمنها، حتى يعاد للموقف الفلسطيني توازنه وتماسكه.

وسط الأمواج المضطربة للمتغيرات في منطقتنا كيف نستطيع حماية ثوابت وحقوق شعبنا، ومواصلة مسيرتنا التحررية وإعادة الزخم لمفاعيلها.

ثانيا، نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في 22/01/2013: إن خلاصة انتخابات الكنيست الأخيرة من زاوية نتائجها السياسية على القضية الفلسطينية لم تختلف عما سبقها إن لم تكن أكثر تشددا، حيث يلحظ التراجع في عدد مقاعد تحالف الليكود-بيتنا برئاسة نتنياهو إلى 31 مقعدا، في حين كان عددها في انتخابات عام 2009 42 مقعدا. في ذات السياق يكون الليكود قد حصل على 20 مقعدا بعد أن كان له 27 مقعد، إنها المرة الأولى التي يتم فيها تكليف رئيس حزب بتشكيل الحكومة وهو لم يحصل إلاّ على 20 مقعد من أصل 120 مقعد، لقد حصل تغير في أرقام الخارطة السياسية داخل الكنيست، هناك أحزاب جديدة وأخرى صغيرة حازت على مقاعد أكثر من بعض الأحزاب التاريخية، باستثناء حركة مير تسى التي حصلت على 06 مقاعد إضافة إلى 11 مقعد للقوائم العربية، وهي بطبيعة الحال لا تحدث الخلل في توازن القوى النهائي والحاسم لصالح القوى الصهيونية، فإن باقي التشكيلات تكون متطابقة في مواقفها اتجاه الحقوق الفلسطينية برفضها لحق العودة، وبرفضها لحدود الرابع من حزيران كحدود للدولة الفلسطينية، ذات الشيء بالنسبة لمدينة القدس العربية، رافضة لتفكيك المستوطنات المزروعة في خاصرة الضفة الغربية والتي تحتل ما يقارب من 60% من أراضيها مع تلك المساحة التي يصادرها جدار الفصل العنصري... الخ. أي بشكل مختصر فإن موقفها الموحد الجاري تنفيذه على الأرض لا يترك مجالا لإقامة دولة فلسطينية، بل حكم ذاتي معدل للمناطق ذات الكثافة السكانية فقط، حتى يتحرر الاحتلال من متطلبات احتلاله نحو السكان وفقا للقوانين والأعراف الدولية. إن التجربة قد أكدت أن التراجع في عدد مقاعد قائمة الليكود بيتنا يعني تزايد الطابع العدواني للحكومة الجديدة برئاسة نتنياهو اتجاه الفلسطينيين، بالتالي لا مجال لتعدد الخيارات أمام القيادة الفلسطينية: إن الرد على ذلك يكون في تحقيق الوحدة الوطنية بالاستناد للبرنامج السياسي الوطني الرافض للمخططات التصفوية الأمريكية-الصهيونية، والالتفاف حول المقاومة بكل أشكالها، إنه التحدي المحوري.

ثالثا، المفاوضات... والمقاومة: تعتبر المسيرة التحررية الوطنية والديمقراطية الفلسطينية من التجارب "المتمايزة" في مسيرة الشعوب التي انتزعت استقلالها وفرضت سيادتها التامة على كامل ترابها الوطني.. في التعامل مع الأشكال النضالية اتجاه المفاوضات والمقاومة المسلحة، لكن فرادة التجربة لا تعني فرادة الخيار النضالي، لأن التجارب الحية للشعوب قد جسدت العلاقة بين كافة أشكال النضال، بين المفاوضات كجزء أساسي من النضال السياسي وبين المقاومة المسلحة، بالعادة يتم صناعة التزاوج بين الشكلين وفي الزمن المناسب، بحيث تكون المفاوضات مسنودة بالنتائج المباشرة للمقاومة حتى يصار إلى إنجاز نقاط سياسية، بل إنه في بعض التجارب الثورية كانت بعض جلسات المفاوضات مع العدو الاستعماري لا تستغرق دقائق أحيانا حتى ينسحب وفدها فورا من الجلسة لأن ممثلي الطرف الآخر الاستعماري لم يستجيبوا لمطالب محددة للمقاومة في وقت محدد أيضا..ليستمر النضال ضد جيش الاحتلال.. الخ هكذا كانت التجربتين الفيتنامية والجزائرية. وإذ كنا لسنا بصدد الحديث عن خصائص كل تجربة، لكن التقاطعات واسعة بينهم، في هذا السياق قد ألفنا الحديث المتكرر بالساحة الفلسطينية عن هاتين التجربتين على وجه التحديد، وعن الاستفادة منهما، لكن الحديث بقي محصورا بالجانب النظري الخطابي وعلى وجه الخصوص بموضوع العلاقة بين المفاوضات والمقاومة في المراحل المختلفة من المسيرة الوطنية، لكن بالمعنى العملي نجد أن العنوانين قد تم وضعهما في موقع التصادم، بالرغم من أن مسار المفاوضات قد فشل ونجح الاحتلال في استثماره لتحقيق مخططه.

لا أحد يدعو إلى المغامرة أو إلى الانتحار، بل إلى التناغم بين الخيارين، على أن يتم توحيد أدوات المقاومة والاتفاق الوطني على شكلها في كل مرحلة. لقد أكدت التجربة الفلسطينية في شهر نوفمبر 2012 على أهمية التناغم بين الشكلين في تحقيق الإنجازين: تكسير أهداف العدوان الدموي على قطاع غزة، وإصدار قرار الجمعية العامة في 29/11/2012 باعتبار دولة فلسطين عضو مراقب بالهيئة الدولية. إن الإجماع الوطني لكل التيارات السياسية الكفاحية حول المعركتين كان العامل الحاسم في تحقيق الإنجازين، ليس هناك في حياة الشعوب أهم مما تفرزه التجربة الخاصة لأنها تكون مجبولة بالمعاناة والتضحيات.

بطبيعة الحال هناك تحديات وطنية كبرى تلعب دورا مركزيا ومحوريا في توجيه دفة المواقف اتجاه كافة العناوين في حالة التمكن من تفكيك عقباتها ومن ثم إنجازها: كالخروج من مأزق الانقسام وتداعياته المختلفة وتحقيق الوحدة الوطنية، وكذلك استعادة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها القيادي للساحة الوطنية في الداخل والخارج، وذلك من خلال إعادة بناء كافة مؤسساتها على أساس ديمقراطي.



الإخوان والاحتلال الصهيونى
محمد سلماوي عن المصري اليوم
الهوية الوطنية لكل شعب هى التى تمنحه شخصيته المميزة، وهى التى تدفعه للمقاومة ضد كل من يتربص به، لذلك فهى دائماً الهدف الأول للغزاة، فالإنجليز فرضوا لغتهم على الهند كى يحكموا سيطرتهم عليها، والفرنسيون فرضوا ثقافتهم على الجزائر للغرض نفسه، وحين قامت الجزائر بثورتها كان أول أهدافها تأصيل اللغة العربية من أجل إسقاط سيطرة المستعمر واستعادة الهوية الوطنية، وعند أرنولد توينبى، كبير المؤرخين البريطانيين فى القرن الـ20، أن الهوية الوطنية التى يسميها National Identity هى ما حمى بعض شعوب الأرض من الاندثار، وغيابها هو الذى أدى لاختفاء البعض الآخر مما لم يعد له وجود فى عالمنا اليوم.

وإذا نظرنا إلى وطننا العربى نجد أن هويتنا الوطنية تتعرض الآن إلى هجوم ضار يسير فى خطين متوازيين، الأول يتمثل فى المخطط الممنهج للاحتلال الصهيونى لفلسطين، والثانى هو ما يفعله الإخوان بالمجتمعات التى تطالها أيديهم.

فمنذ أيام أطلقت بعض المنظمات الفلسطينية، وفى مقدمتها اتحاد كتاب فلسطين، صيحة استغاثة ضد سطو سلطات الاحتلال على التراث الثقافى الفلسطينى وسرقة ما يقدر بـ80 ألف كتاب ومخطوط منذ بداية الاحتلال وحتى الآن ضمن مخططها لنهب وسرقة الممتلكات الثقافية للشعب العربى فى فلسطين، وقد عرضت أخيراً إحدى القنوات الفضائية فيلماً للمخرج الإسرائيلى بينى نرونز بعنوان «السرقة العظمى للكتب» استغرق إنتاجه 5 سنوات، يفضح عمليات طمس الهوية الوطنية فى الأراضى المحتلة عن طريق تحطيم معالمها الرئيسية وسرقة تراثها الثقافى وإلغاء مظاهرها بتغيير الأسماء العربية للشوارع والأحياء.

وفى الأسبوع نفسه وجدنا فى سوريا من يحطمون تمثال أحد أكبر الشعراء العرب وهو أبوالعلاء المعرى، وفى مصر وجدنا من يخلعون رأس تمثال طه حسين من على قاعدته ومن يطمسون وجه أم كلثوم بتحجيب تمثالها، كما سمعنا عمن لا يقفون احتراماً للنشيد الوطنى المصرى، وعن مدارس للإخوان تلغى هذا النشيد وتعلم الأطفال نشيداً جهادياً آخر. إن ما يفعله الإخوان عندنا من تهجم على رموزنا الثقافية لا يختلف عما يفعله الاحتلال الصهيونى فى فلسطين، فالاثنان يهدفان لاقتلاع هويتنا الوطنية وإحلال هوية أخرى وافدة ودخيلة على تراثنا.


الإسرائيليون والملفات النووية
إبراهيم البحراوي عن المصري اليوم
أرجو أن يتمكن العقل المصرى من دخول منطقة الحوار والمشاركة حتى لا يبدو أننا سنظل فى غفلة عن الأحداث الكبرى التى تجرى من حولنا فى الشرق الأوسط وفى العالم، والتى تنتج موازين قوى تدفع مصر ومكانتها الإقليمية والدولية إلى قاع الأمم. هناك ثلاثة أحداث كبرى يجب أن ننتبه إلى مغزاها. الأول، التفجير النووى الذى قامت به كوريا الشمالية تحت الأرض فجر يوم الثلاثاء 13 فبراير الجارى.

والثانى، جولة المفاوضات حول الملف النووى الإيرانى والتى ستجرى فى كازاخستان بين مجموعة الدول الست وبين إيران يوم 26 فبراير الحالى. والثالث، الزيارة التى سيقوم بها الرئيس أوباما إلى إسرائيل ومنطقة السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية والأردن، حتى هذه اللحظة لم أسمع تصريحاً سياسياً مصرياً يعلق على هذه الأحداث فى الوقت الذى يفتح فيه الإسرائيليون عيونهم على أقصاها وهم يراقبون ما يحدث ويجرون حسابات الربح والخسارة الخاصة بهم فى كل حدث.

لقد جاء التفجير النووى الكورى ليدق ناقوس الخطر فى تل أبيب فأصدرت الحكومة بياناً يستنكره ويطالب القوى الكبرى بتوجيه رسالة واضحة إلى كوريا الشمالية وإيران بأن أنشطة التسلح النووى غير مقبولة ولا يمكن التسامح معها.

ترى ما الذى يقلق إسرائيل من تجربة كورية بعيدة عنها. يجيب أساتذة الهندسة النووية الإسرائيليون والمحللون الاستراتيجيون عن السؤال بالقول إن هناك احتمالاً كبيراً لمشاركة خبراء وعلماء إيرانيين فى التجربة الكورية والتى تتسم بالتقدم والتعقيد التكنولوجى، ويطالبون أجهزة مخابراتهم بتحرى هذا الاحتمال الكبير والتأكد منه.

ما لا تقوله التحليلات الإسرائيلية هو أن أهداف هذا التحرى ستتراوح بين قياس درجات الخبرة التكنولوجية العسكرية التى وصل إليها الإيرانيون من ناحية وبين تحديد شخصيات الخبراء الإيرانيين الذين شاركوا فى التجربة الكورية لتعقبهم وتصفيتهم بدنياً كما سبق أن حدث مع الدكتور المشد الخبير النووى المصرى الذى كان يعمل فى مشروع المفاعل النووى العراقى فى الثمانينيات من القرن العشرين.

من المفيد هنا أن نعرف ميزان القوى النووية فى العالم طبقاً للمصادر العالمية. تتوزع الترسانة النووية فى العالم على تسع دول طبقاً لعدد الرؤوس النشطة المتفجرة الجاهزة للاستخدام على النحو التالى : 1- الولايات المتحدة 2150 رأساً، 2- الاتحاد السوفيتى 1740 رأساً، 3- فرنسا 290 رأساً، 4- بريطانيا 160 رأساً، 5- الصين 240 رأساً، 6- الهند 80 – 100 رأس، 7- باكستان 90 – 110 رؤوس، 8- كوريا الشمالية أقل من عشرة رؤوس، 9- إسرائيل 80 – 200 رأس.

إن هذا الميزان يبين حاجة الدول العربية والإسلامية إلى إدراك حجمها فى موازين القوى الإقليمية والدولية. إن إسرائيل التى تحافظ على سياسة الغموض النووى بعدم الاعتراف صراحة بأنها تمتلك هذا السلاح من ناحية وبدون نفى التقارير الدولية عن عدد الرؤوس التى تمتلكها من ناحية ثانية تعمل بدأب على حرمان أى دولة عربية أو إسلامية بما فى ذلك إيران من امتلاك هذا السلاح أو تحضير القوى البشرية اللازمة لإنتاجه.

من هنا تنظر إسرائيل إلى كوريا الشمالية الصديقة للعرب ولإيران على أنها ظهير خطير يساند العرب والمسلمين ضدها ومن هنا أيضاً تعمل قدر الإمكان على محاصرة هذه الدولة الآسيوية وتعقب أى مساندة تكنولوجية تقدمها للعرب، وتدميرها مبكراً تماماً مثلما فعلت بقصف المنشأة النووية السورية فى دير الزور التى بناها الخبراء الكوريون الشماليون قبل بدء تشغيلها عام 2007.

يصف إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلى كوريا الشمالية بأنها مثل جرافة الثلج وهى جرافة تستخدم لتحطيم وإزاحة الثلوج التى تتراكم على الممرات والطرقات وتسدها. ويرى أنها تفتح الطريق أمام السفينة النووية الإيرانية لتنطلق دون عقبات- ويرى المحلل روف بن يشاى فى يديعوت أحرونوت أن هذا التشبيه صحيح تماماً وهو ما يفسر لماذا يعتبر التفجير النووى الكورى نذير شؤم على إسرائيل.

إن الحدث الثانى المهم والمتمثل فى اجتماع الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا، فيما يعرف بالدول الست مع إيران فى كازاخستان يثير قلق الإسرائيليين وهو اجتماع سيدور حول وقف تخصيب اليورانيوم. إن لدى الإسرائيليين قلقاً شديداً من موقف أوباما فإدارة الرئيس أوباما لا تبدو مستعدة لمجاراة خط نتنياهو الداعى إلى مزيد من الضغوط على إيران والذى يلوح بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. بل يبدو أن أوباما مهتم بالوصول إلى صفقة مع إيران بالطرق السلمية تحقق الأمن لإسرائيل من ناحية، وتحقق لإيران مكاسب معقولة من ناحية أخرى. هنا قال نتنياهو أخيراً إن هناك أجهزة طرد مركزى حديثة ستشغلها إيران فى منشأة فردو المحصنة، يمكنها أن تختصر فترة تصنيع القنبلة الإيرانية بنسبة الثلث، واعتبر هذا اقتراباً إيرانياً من الخط الأحمر الذى يستوجب التدخل العسكرى.

إن الرئيس أوباما يتطلع إلى تقدم فى مفاوضات كازاخستان قبل زيارته إلى إسرائيل فى شهر مارس ليمكنه وضع فرامل على اتجاه نتنياهو للتصعيد ضد إيران. إن الإسرائيليين يرون أن كوريا الشمالية قد استنت منهج الابتزاز مع القوى الدولية بمفاجأة العالم بتفجيراتها النووية التى بلغت ثلاثة حتى الآن، وفى أعقاب كل تفجير يسارع العالم إلى تهديدها بالعقوبات، ويجرى معها مفاوضات تنتهى بتزويدها بالغذاء والوقود مقابل إعلان شفوى أنها ستنزع سلاحها النووى لتفاجئ العالم بعد فترة بتفجير جديد. ويرى المحللون الإسرائيليون أن إيران تطبق نفس المنهج وأنها ستعد فى كازاخستان وعوداً معسولة تعود بعدها لاستئناف برنامجها النووى. أين مصر من هذا كله؟ أرجو أن نسأل أنفسنا هذا السؤال.


لماذا يحارب الإخوان وثيقة زمزم؟
أ.د. محمد وليد العبادي (عميد كلية القانون/ جامعة آل البيت) عن الدستور الأردنية
تحاول قيادة الأخوان المسلمين جاهدة منذ اطلاق وثيقة زمزم التصدي لها ومحاربتها بل اجهاضها ومحاكمة رموزها.
وأتساءل لماذا هذا الهجوم؟
هل لأن متزعمي وثيقة زمزم أكّدوا انها مبادرة اجتماعية لإيجاد تيار اسلامي عريض يضم بين صفوفه اخواناً وغير اخوان؟
هل لأن هذه الوثيقة أتت في الوقت المناسب والحرج والذي اجتاحت وتجتاح بعض دولنا العربية ثورات تؤكد على المطالبة بالديمقراطية والحرية..بينما تمارس أنظمتها الحاكمة شرعية الدم بدلاً من شرعية الحوار وترسيخ الديمقراطية لشعوبها.
فهذه الوثيقة كما يقول متزعمها الدكتور رحيل الغرايبة بأنها (جزء لا يتجزأ من العمل الشعبي والحراك الوطني الإصلاحي الراشد الذي يهدف إلى تحقيق الإصلاح الشامل بطرق حضارية سلمية وعلنية بعيداً عن العنف والتطرف والتعصب الديني أو المذهبي أو الإقليمي).
هل يأتي هجوم قيادة الاخوان على الوثيقة لأنها تؤكد (أن الاخوان المسلمين أهملوا الشأن الداخلي واهتموا بقضايا أخرى على حساب القضايا الداخلية، وإن بعض قيادات جماعة الاخوان يستثمرون بالقضية الفلسطينية ويتاجرون بها على حساب المشروع الوطني، وأن حماس ما زالت تتدخل بالشأن الاخواني، كما أن هذه القيادات تستخدم المال السياسي لإقصاء الآخرين من كوادر الحركة كالفصل والتهميش والذين لا يُشكّوا بوطنيتهم وولائهم للأردن ومحاولتهم التأكيد على قضايا وطنهم الداخلية وهموم شعبهم بعيداً عن أجندة الاخوان الخارجية. وأقول عندما يدعو أصحاب وثيقة زمزم إلى الابتعاد عن لغة التكفير والتخوين والتجريح في الخطاب العام وتبنّي الخطاب العقلاني الإيجابي..فهم يهدفون إلى تبنّي مشروع وطني ديمقراطي.
ونعتقد أن أصحاب هذا التيار (زمزم) سيصبح عمّا قريب تيَاراً شعبياً واسعاً يضم معظم الاتجاهات الأردنية المثقّفة على اختلاف انتماءاتها وتوجهاتها لرسم سياسات جديدة لبلدهم وترسيخ مستقبله من خلال تأسيس وبناء الأردن من جديد على أساس مشاركة ساسية واسعة تضم كافة التيَارات والاتجاهات.
وخلاصة القول فأرى أن وثيقة زمزم تعتبر بداية مشروع وطن أتت من أبناء الوطن.



الفلسطينيون وصراحة أوباما
رأي البيان
توجه وفد فلسطيني إلى واشنطن لشرح الموقف في مختلف القضايا المتعلقة بالمفاوضات والاستيطان والأسرى، استعدادا للزيارة المرتقب أن يقوم بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة في العشرين من مارس المقبل، رغم أن جملة «سوف نقف إلى جانب إسرائيل سعيا لتحقيق الأمن والسلام الدائمين»، هي الجملة اليتيمة المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي ذكرها أوباما في خطاب الأمة والتي سيحملها إلى الشرق الأوسط.

ومن الواضح أن ما في داخل حقيبة الوفد، هو كيفية إعادة العملية التفاوضية بين الفلسطينيين وإسرائيل، والأسس التي تقوم عليها الفرصة الجديدة لعودة انطلاق المفاوضات للستة شهور المقبلة، وهي المبادرة التي أطلقها الرئيس الفلسطيني خلال لقاء عربي في الدوحة قبل أكثر من شهرين، بمنح الإدارة الأميركية فرصة مضافة لبحث السبل لعودة المفاوضات، ومن هنا يفترض أن زيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة بعد فوزه الثاني، لن تكون لمجرد السياحة.

ولذلك طار الوفد الفلسطيني إلى واشنطن لبحث فرص عودة المفاوضات وتحديد أسسها وأفقها.. إلا أن المتابع لطبيعة الأحداث ومجرياتها يمكن أن يقرأ المكتوب من عنوانه، وهو أن أوباما لا يرى في المنطقة من يستحق الأمن والسلام سوى دولة الاحتلال، وما يؤكد ذلك أنه لم يأت على ذكر الشعب الفلسطيني وأمنه المفقود أو أرضه المحتلة، في خطابه للأمة، كما أنه لم يكلف نفسه عناء تطمين الفلسطينيين الذين يأملون في تحريك عملية السلام واستعادة حقوقهم وأرضهم المغتصبة.

ومن هنا، ورغم أننا نتمنى أن تكون الشهور المقبلة حاسمة للقضية الفلسطينية، إلا أن المؤشرات لا تدل على ذلك، فأوباما لن يخرج دولة فلسطينية ولن يشذ عن القاعدة فيمارس أي ضغط على دولة الاحتلال، وستظل الأمور على حالها. وما يجعلنا نذهب إلى هذا الاعتقاد، هو صراحة أوباما الذي أعرض عن بيع الفلسطينيين الأوهام، كما فعل هو وغيره من رؤساء أميركا في السابق، عندما قالها صراحة «نحن مع إسرائيل»، أي أنه مع الرؤية الإسرائيلية لكيفية تحقيق الأمن والسلام في المنطقة، لكن ما تريده إسرائيل لن يحقق الأمن ولا السلام، ولن يؤدي إلا لمزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار في كامل المنطقة.


هذيان جنبلاط!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
وليد جنبلاط لولا تباعد الجغرافيا بين لبنان وليبيا، لاعتبرناه التوأم مع القذافي، فصفاته تتلاقى مع عبثية الزعيم، فهو ينتقل من حزب ومنظمة، وتكتل لبناني، إلى آخر، فمرة هو طائفي وأخرى قومي عربي، وثالثة أممي بنزعة اشتراكية، ورجل بهذه التقلبات السريعة وتعددية المواقف، يحتاج لأن يعرض نفسه على طبيب نفسي يشخّص حالته المرضية التي أساءت للبنان أولاً، وخلقت مشاكل داخلية في رحلاته بين تأييد نظام صدام، ثم معاداته له، وكذلك مع سورية، وحلوله ضيفاً على سفارات أجنبية وعربية، معتقداً أنه علامة فارقة في تحريك السياسة اللبنانية، وزعيم غير متوج لها..

والده كان صاحب مذهب ومبادئ ورؤية بعيدة راح ضحية التزامه الوطني والعربي، لكن الابن عانق قاتل أبيه، ولم يكن وليد بتلك القيمة، لولا أنه يستغل المناسبات ويحاول أن يكون صوتاً بلا صدى، ولم يكن مفاجئاً أن يجترّ شعارات وتصريحات بدأت مع عبدالناصر، وكررها صدام، والقذافي، وهي بلدان نفطية في مستوى دول الخليج، لكن حين يخرج جنبلاط وكأنه وصيّ على هذه الدول، بأن أموالها ملك للعرب فهو يدرك أن هذه التصريحات فرقعات تعكس مرضاً نفسياً لشخص يدعي المسؤولية الأدبية، وكان من المفترض أن يعرف ما هي أبجديات العلاقات السياسية مع بلده وتلك الدول، وطالما لا يمثل إلا نفسه فنريد أن نذكّره فقط ببعض الواجبات التي جعلت بالفعل أموال الخليج في خدمة العرب، ولبنان تحديداً الذي حظي بأكبر نصيب منها..

قبل الحرب الأهلية، كانت أموال الخليج والمملكة تحديداً، رافداً أساسياً للعجز الذي كان يعيشه لبنان سواء من خلال ضمانات عند مصارف عالمية، أو إعانات وقروض، وبعد الحرب تحملت دول الخليج إعادة إعماره بمئات الملايين، أو البلايين، وكان الدافع الأساسي هو إنقاذ لبنان من التشرذم، أو الوقوع ضحية ظروف تعيد دولاب تلك الحرب والتي أطفأتها السعودية باتفاق الطائف..

ثم جاء تدفق الأموال الخليجية بعد الحرب في شراء عقاراته، وعودة الاستثمارات التي فاقت البلايين، إلى جانب الأرقام الكبيرة للسياح الذين حركوا دولاب الاقتصاد الوطني، فيما يعيش ويعمل من جنسية هذا البلد مئات الآلاف في وظائف كبرى جنوا منها البلايين والتي حُولت لترفد اقتصاد بلدهم شبه المنهار، ولم تفرق بين درزي، أو مسيحي، مسلم سني أو شيعي، وفي أقسى الظروف الصعبة كانت نجدة أموال الخليج هي الأساس في استقراره وعدم انزلاقه للفوضى، بما في ذلك إمداده بالنفط بأسعار خاصة..

صادرات لبنان من الخضروات والفواكه، وبعض الصناعات المختلفة، تستقبلها دول الخليج، لأن محيطها بدءاً من سورية وتركيا، وقبرص، والأردن، وهي مصدرة لهذه السلع ولا تحتاجها، وفي كل الحروب والأزمات كانت حكومات لبنان تلقى التكريم المفتوح من دول مجلس التعاون بلا أي اعتبارات أخرى..

هذه القوائم من الامتيازات التي حظي بها لبنان على مدى نصف قرن قوبلت من صحافته بأسوأ الحملات، وحالات الابتزاز لدول الخليج، وقد تغاضت عن ذلك لمعرفتها أن تلك الدكاكين، إذا كانت سبباً في إشعال حروب لبنان، فهي موجهة من قبل قوى استهدفت عرب الخليج لأسباب نعرفها، ولا يجهلها أي سياسي في بيروت بما في ذلك جنبلاط نفسه..

وعموماً فما جرى لن يغير من العلاقات، ولكنه إنذار قد لا يكون في صالح لبنان..



«دولنة» الإخوان
عمرو خفاجى عن الشروق المصرية
فى ذات اللحظة التى يشهد فيها الجو السياسى العام، اعتراضات بالغة وعنيفة، عما يطلق عليه «أخونة الدولة»، تنطلق بمحاذاتها، أصوات قوية تنفى الفكرة، ليس من باب الدفاع عن الجماعة، ولكن بهدف الوصول إلى التوصيف الدقيق لما يحدث فى أعصاب الدولة المصرية حاليا، ومنذ قيام الرئيس محمد مرسى بمهامه فى قصر الرئاسة، وهى أصوات تحاول قراءة ما يحدث، فى إطار الحالة الثورية التى تعيشها البلاد، أو من المفترض أن تعيشها، وفى إطار ما ينبغى أن تكون عليه مصر الجديدة.

الأصوات الأكاديمية المتشددة، تؤكد ألا وجود لفكرة «الأخونة»، لأنه لا وجود قانونيا لهذه الجماعة، حيث يصعب وضع البعض فى هذه الخانة، دون وجود مرجعيات قانونية أو إدارية رسمية، ولذا يرى هذا الفريق ــ صراحة ــ أن الخطيئة الكبرى، لمن يحكم، هو عدم إخضاعه «الجماعة» للإطار القانونى والسياسى الذى يجب أن تكون فيه، وأن هذا الوضع أربك الجميع بمن فيهم من يحكم، على اعتبار أن حزب «الحرية والعدالة» لم يصبح الذراع السياسية للجماعة، كما كان متصورا عند الإعلان عنه، بل تحول بغرابة شديدة إلى الواجهة التى يحكم منها الإخوان، فخرج ثلاثتهم (الجماعة، الحزب، الرئيس) عن قضبان السياسة، ليمشى فى مسار، بالضرورة سيعترض عليه الجميع، وهو الأمر الحاصل حاليا، ويسبب حالة الاحتقان السياسى المستمرة بين الإخوان وبقية القوى، بما فيها القوى التى كانت قريبة منهم، وحالة احتقان أو احتكاك خشن، بين العناصر الثلاثة المكونة لحكم الإخوان، وربما يتحول هذا الاحتكاك إلى صراع عقب أى حالة مأسسة للرئاسة أو الحزب.

وإذا كان الفريق المذعور من فكرة الأخونة، يعتمد فى إطلاق تحذيراته، من تولى عناصر من الجماعة لمناصب قيادية عديدة فى مختلف جهات الدولة، وسيطرتهم عليها، ومحاولتهم الهيمنة على مجريات الأمور بها، وفرض سياساتهم على أعمالها، فإن الحاصل ــ حتى الآن على الأقل ــ يبدو عكس ذلك، أى أن الذين ذهبوا لهذه المواقع أو المناصب هم الذين «تدولنوا» بمعنى أن الدولة أخضعتهم لإرادتها وسياستها، وباتوا يلعبون بذات القوانين التى كانت مستخدمة قبل الثورة، وخير دليل على ذلك، تعيين ياسر على فى منصب آخر بعد الإطاحة به من منصب المتحدث الرسمى، كما كان يحدث من قبل، أو طريقة وفلسفة تشريع القوانين الجديدة (المظاهرات، تداول المعلومات) أو حتى الخضوع الكامل للشرطة باعتبارها ذراع الحكم القوية (يمكن مراجعة تصريحات صبحى صالح بالشورى ومناظرتها بتصريحات رجال الحزب الوطنى سابقا)، وحتى قانون انتخابات البرلمان، حيث كانت الجماعة تناضل من أجل عدم تغيير الصفة الحزبية للأعضاء المنتخبين، وها هى تقاتل الآن من أجل الحفاظ عليه، تماما كما كان يفعل الحزب الوطنى ورجال النظام السابق، وأركان الدولة، التى ثارت عليها الجماهير فى يناير ٢٠١١.

الخطر هنا يبدو جليا وواضحا، وبالمناسبة هو أخطر كثيرا من «الأخونة»، حيث يتضح المشهد الآن، بعد «دولنة الإخوان»، أن النظام الجديد يلعب بنفس قوانين وطرائق الدولة القديمة، مما يعنى أنه لا مكان للثورة وأفكارها، لدى من يحكم، وأن ما تشهده مصر الآن هو استمرار رخيص وردىء وخرب للنظام السابق، وهو الأمر الذى يعنى ببساطة استحالة ولادة دولة جديدة كان يتمناها المصريون بعد ثورتهم، التى ستستمر بالضرورة، إذا استسلم الإخوان لدولنتهم، وساروا على درب من ثار عليهم الناس.