تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 344



Aburas
2013-03-17, 11:00 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif



في هذا الملــــف:
«حماس».. غير «الإرهابية»!
محمد خروب عن الرأي الأردنية

نحو الانتفاضة الثالثة..
سلامة العكور عن الرأي الأردنية

الحكومة الإسرائيلية الجديدة: 20 وزيراً وخلافات اللحظات الأخيرة
حلمي موسى عن السفير

نتنياهو يستعد لاستقبال أوباما بحكومة جديدة ترفض تقديم تنازلات
رندى حيدر عن النهار اللبنانية

باراك عندما يتحدث عن اختفاء سورية
رأي القدس العربي

فرصة لبنانية للضغط على إسرائيل وتسابق أميركي - بريطاني للاستثمار
خليل فليحان عن النهار اللبنانية

البيض الفلسطيني والسلّة الأمريكية
بركات شلاتوة عن دار الخليج

أهداف زيارة أوباما للمنطقة
الأهرام المصرية

أمريكا و”الإخوان”
محمد خالد عن دار الخليج

الفشل ينتصر!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت


متى ينزل الجيش؟
ياسر رزق عن المصري اليوم
«حماس».. غير «الإرهابية»!
محمد خروب عن الرأي الأردنية
تطرح التصريحات المثيرة التي أدلى بها أحمد يوسف، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية - حماس، الكثير من الأسئلة الكبيرة، المحمولة على مخاوف من احتمال حدوث صفقات سريّة بين أطراف إقليمية ودولية كانت في الأساس نتاج «التسوية» التي انضجتها الوساطة المصرية بين حماس وإسرائيل خلال عدوان «عامود السحاب»، الذي استمر لثمانية أيام فقط، على نحو اثارت فيه مواقف خالد مشعل وتصريحاته (وقتذاك) عن المصالحة ودعم ذهاب سلطة رام الله (على ما يصفها مسؤولو حماس) إلى الأمم المتحدة لنيل مكانة الدولة غير العضو وإقامة الدولة في حدود العام 1967، المزيد من الشكوك حول أسباب هذه «المرونة» اللافتة وبخاصة انها جاءت بعد مواجهة قالت حماس إنها انتهت إلى «انتصار» على إسرائيل، وخصوصاً بعد ان نجحت المقاومة في ضرب تل أبيب وضواحي القدس بالصواريخ لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي (بشكل ثنائي)..
ما قاله مسؤول حماس عن «قرب» رفع اسم حماس عن قائمة الإرهاب ينبئ بأن ثمة وراء الأكمه، مساعي حثيثة لنقل حماس الى مربع العمل السياسي «وحده» بعيداً بل تخلياً مصحوباً بتعهدات وضمانات عن السلاح، الذي لا يضير إسرائيل لو بقي في أيدي منتسبي حماس للاستعراض او لضبط الحدود او للجم المعارضة، ما يعني وضع الشعب الفلسطيني امام استمرار حال الارتهان للثنائي الممسك بقضيته ومستقبله، اذ انحصر حتى الآن بين اتهامات حماس لفتح (والسلطة بالتالي) بأنها تُفرّط في الحقوق وتُنسّق امنياً مع إسرائيل وتعتقل «مجاهدي» حماس ولا تتورع عن تعذيبهم وتسليمهم وأسلحتهم لقوات العدو، السلطة من جهتها لا تتوقف عن اتهام حماس بأنها جزء من محور إقليمي وانها «تتاجر» بدماء الفلسطينيين وان صواريخها عبثية ويدفع ثمن تحرشها بإسرائيل، شعب غزة الذي لا يجد من يحميه بعد ان «يهرب» مقاتلو حماس وقادتها..
سيخرج «السلاح» ومصطلح المقاومة المسلحة من التداول والسجالات الحمساوية الفتحاوية، وسيبدأ فصل جديد من الجدل حول المقاومة الشعبية (غير العنفية كما يجب التذكير) وهنا لن يختلف «الطرفان» حول المصطلح الجديد اللهم الا في كيفية استثماره لدعم وصول احدهما (او بقاء الآخر) في السلطة، ما يعني ان حماس التي احتفلت في شكل صاخب اقرب الى الافتعال والمبالغة بمناسبة ذكرى مرور «ربع قرن» على انشائها، قد انخرطت في المشروع التسووي الذي ترعاه دول اقليمية لم يتردد احمد يوسف في تسميتها والقول انها (تلك الدول العربية مع تركيا) تُجري اتصالات لـ (اقناع) الدول الكبرى (اقرأ اميركا) والاوروبية برفع اسم حماس عن قائمة الارهاب.
ولأن المريب يكاد يقول خذوني، فان ما ذهب اليه القيادي في حماس، ليس زلة لسان بل يأتي في السياق ذاته الذي «حكم» مسار الاحداث في المنطقة منذ ان اختطفت تيارات الاسلام السياسي وخصوصاً جماعة الاخوان المسلمين الثورات الشعبية وتواصل مساعيها للتمكّن من السلطة وإحكام قبضتها عليها، مديرة ظهرها في ازدراء لقواعد اللعبة الديمقراطية التي اوصلتها الى الحكم وها هي تتنكر لها ولتضحيات الشهداء.
«.. ليس من المعقول ان تدعم الدول الغربية الانظمة الاسلامية في تونس ومصر وتواصل مقاطعة حماس التي خرجت من «رحم» هذه التيارات السياسية وتبقيها على قائمة الارهاب.. هذا خطأ في المعادلة الدولية»، قال احمد يوسف.. بكل وضوح وصراحة.
فهل ثمة غموض او التباس في النهج «الجديد» الذي تسير عليه حماس وبخاصة ان مصر الاخوانية تعهدت لاميركا وطمأنت اسرائيل، بأنها لا ترى الاخيرة «عدواً»، اما تونس «النهضة» فهي لا ترى في التطبيع مع اسرائيل جريمة وتقول ان لا شأن لها بالصراع..
«الخطأ» الذي رآه احمد يوسف في المعادلة الدولية، سيتم تصحيحه وسترضخ حماس لشروط «الرباعية الدولية»، وتدخل في «السيستم» الاقليمي، رغم ان «عمرها» لم يتجاوز ربع القرن الا انها «كوّعت» مبكراً فيما فتح رفعت الراية البيضاء بعد «28» عـامـاً بالتوقيع على اوسلو، إضافة إلى ما حفل به مسارها من مناورات وتراجعات وهمبكات وتخبط، بدءاً من برنامج النقاط العشر (1974) وليس انتهاء بالتحكم في مسار ومصير الانتفاضة الاولى..
أليس هذا لافتاً؟

نحو الانتفاضة الثالثة..
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
في المواجهات بين قوات الاحتلال الاسرائيلي وبين المواطنين الفلسطينيين الذين هبوا لطرد قطعان المستوطنين من باحات الاقصى المبارك، سقط أكثر من «60» فلسطينيا بين شهيد وجريح.. إنه النضال الوطني والقومي الحقيقي المشروع في مواجهة عمليات تدنيس المسجد المبارك وباحاته..
لقد قدم الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948م مئات الآلاف من أبنائه وأطفاله وحرائره على صخرة صموده ومقاومته للاحتلال الاسرائيلي الفاشي..وإذا تراجعت وتيرة النضال الوطني الفلسطيني قليلا أو كثيرا فذلك يعود إلى التشبث الخاطئ بالمفاوضات العقيمة التي لم تسفر عن شيء.. ويعود إلى الرهان الخاطئ على الدور الامريكي والاوروبي في تحقيق تسوية سلمية يستعيد الشعب الفلسطيني من خلالها حقوقه الوطنية ويقيم دولته المستقلة على ترابه الوطني..
نقول هو رهان خاطئ لأنه معروف للجميع أن واشنطن ولندن وباريس قد زرعت هذا الكيان الصهيوني العدواني في فلسطين ـ في قلب الوطن العربي ـ ليكون قاعدة عسكرية أمامية لجيوشها الاستعمارية ولسياساتها التآمرية ضد الامة العربية وأمنها القومي وتطلعاتها نحو التقدم والازدهار.. ونحو وحدة أقطارها وشعوبها..لذلك ظلت تزوده بالمال والسلاح المتطور والتكنولوجيا لكي يواصل سياسته العدوانية والتوسعية على حساب الاراضي والمياه والثروات الفلسطينية والعربية.. منذ عام 1967 والمفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية لم تسفر عن شيء في صالح السلام..وذلك لأن العدو الاسرائيلي يريد استسلاما ولا يريد سلاما..وهولا يؤمن إلا بالقوة العسكرية سبيلا لحماية أمنه وتحقيق أطماعه..وكذلك لا يذعن إلا للقوة..لذلك اعترف مكرها بمنظمة التحرير الفلسطينية بعد الانتفاضة الأولى.
ووافق على اتفاقات أوسلو والقاهرة وشرم الشيخ وغيرها بفضل الانتفاضة الثانية..وهاهو يدعو لاستئناف المفاوضات بسبب ارهاصات الانتفاضة الثالثة التي تلوح في الافق ويجهد لتطويقها واجهاضها من الآن.
إن العدو الاسرائيلي يستفرد بالشعب الفلسطيني الشقيق لأن الدول العربية قد أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية وعزفت عن تقديم الدعم اللازم للنضال الوطني الفلسطيني..وكذلك بسبب تجاهل المجتمع الدولي وتعاميه عما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
والأنكى أن الدول العربية والاسلامية لم تعد تكترث لما يتعرض له الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس والخليل وبيت لحم وفي مختلف أنحاء فلسطين من اعتداءات وانتهاكات وعمليات تدنيس اسرائيلية فاشية.. وراحت تفتعل معارك ومواجهات غير مبررة مع شعوبها لمجرد مطالبتها بتحقيق الاصلاحات اللازمة..ولمجرد مطالبتها بالعمل على ردع العدو الاسرائيلي ووضع حد لأطماعه واعتداءاته.
فهل تهب رياح الربيع الفلسطيني لتنهض انتفاضة ثالثة تجبر اسرائيل على الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.. وهل ترعوي الفصائل الفلسطينية وتعمل على تحقيق المصالحة الصادقة وصولا إلى تحقيق وحدتها الوطنية ووضع برنامج نضالي جدي يلتف حوله جميع المناضلين الفلسطينيين والعرب والقوى المحبة للسلام في العالم؟!..

الحكومة الإسرائيلية الجديدة: 20 وزيراً وخلافات اللحظات الأخيرة
حلمي موسى عن السفير
تسارعت الخطوات لإعلان الحكومة الإسرائيلية بعدما نفد وقت ساعة الرمل أو كاد ينفد إثر اجتماعات ماراثونية بين طواقم التفاوض من «الليكود بيتنا» والتحالف الثلاثي (هناك مستقبل، البيت اليهودي وكديما). واجتمع أمس مرتين رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو وزعيمي حزبي «هناك مستقبل» يائير لبيد و«البيت اليهودي» نفتالي بينت. وأُعلن عن حدوث «تقدم في المفاوضات» وُصف بأنه جوهري، ويتعلق خصوصاً بعدد الوزراء، حيث تم تحديده بـ20 وزيراً.
وبحسب آخر المعطيات فإن الخلافات لا تزال تدور حول آخر التفاصيل، بشأن قانون المساواة في تحمّل الأعباء والعقوبات التي ستفرض على المتهربين من الخدمة العسكرية باسم الدراسة الدينية. كذلك، لا يزال هناك خلاف غير جوهري، وفي إطار مساومات اللحظة الأخيرة، حول المكاسب الوزارية بعدما تم الاتفاق على حكومة لا يزيد عدد أعضائها عن 20 وزيراً، وفيها ثمانية نواب وزراء فقط.
وكان الاختراق الجوهري قد تحقق في لقاء جمع نتنياهو ولبيد وبينت لمناقشة قضايا الخلاف الأصعب، واستمر حتى منتصف الليل. وعاد رؤساء «الليكود بيتنا» و«هناك مستقبل» و«البيت اليهودي» للاجتماع مرة ثانية بعد ظهر يوم أمس. وكان واضحاً أن نتنياهو، الذي بات متوتراً من عدم إنجاز الاتفاق النهائي حتى الآن، معني بالمشاركة بنفسه في المفاوضات. وحضر لقاء بعد ظهر أمس شريكه في رئاسة «الليكود بيتنا» وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان. ولكن طواقم المفاوضات كانت قد سبقت ذلك بمناقشات مستفيضة استمرت حتى الرابعة فجراً، واستؤنفت ظهر ومساء أمس.
وأعلن بينت عند اجتماعه مع نتنياهو «أننا نسعى لتشكيل حكومة مستقرة وجيدة لشعب إسرائيل. وآمل أنه خلال ساعات أو في اليومين القريبين سننجز المهمة بعون الله». وأشار مقربون من بينت ولبيد إلى أن جوهر المفاوضات الجارية مع الليكود يتعلق بالمساواة في تحمل الأعباء العسكرية، وهي نقطة الخلاف الجوهرية مع الحريديم. وكانت الأنباء قد تضاربت حول قبول «الليكود بيتنا» بخطة «هناك مستقبل» لتجنيد الحريديم. وتمارس الأحزاب الحريدية ضغوطاً هائلة على الليكود وقيادته عموماً، وعلى نتنياهو خصوصاً، لمنعهم من التوافق على حل يغضب الحريديم بشأن المساواة في الأعباء، وأيضاً بشأن وزارة التعليم. فالحريديم يريدون بقاء هذه الوزارة بأيدي الليكود، الأمر الذي يضمن عدم تغيير صورة التعامل المعهودة معهم.
غير أن الاختراق الحقيقي في المفاوضات الائتلافية وقع عندما اتفق نتنياهو مع لبيد وبينت على ألا يزيد عدد الوزراء في الحكومة الجديدة عن 18 وزيراً. وشكل عدد الوزراء نقطة خلاف جوهري بسبب تعهد «هناك مستقبل» بعدم المشاركة في حكومة يزيد أعضاؤها عن هذا العدد. وأشارت التقديرات إلى أن الطرفين قد يتوصلان إلى حل أساسه تشكيل حكومة من 24 وزيراً على أن تتعهد الحكومة سن قانون لتقييد عدد أعضاء الحكومات المقبلة بـ18 وزيراً فقط. ولكن، كما سلف، تم الاتفاق على 20 وزيراً، الأمر الذي يشكل إنجازاً للبيد في ضوء إصرار نتنياهو على عدم تقييد عدد أعضاء الحكومة.
والواقع أن تقييد عدد أعضاء الحكومة ليس أمراً إحصائياً فحسب، فقد جرت العادة أن يشكل العدد الكبير للوزراء متنفساً لرئيس الحكومة يستطيع من خلاله حل جملة من مشاكله الحزبية والائتلافية. ويبدو أن الاتفاق على 20 وزيراً، سيزيد من حجم الخيبة في صفوف الليكود، ويزيد الصراعات بين قادته حول احتلال المناصب الوزارية القليلة الباقية.
وعلى الصعيد الوزاري، لا يزال الخلاف مستعراً حول عدد من الحقائب الهامة في نظر الأفرقاء. وأبرز الحقائب المختلف عليها، التعليم والإسكان. ويصر التحالف الثلاثي على نيل هاتين الحقيبتين الخدماتيتين نظراً للدور الذي تلعبانه في ترسيخ العلاقة مع أوسع جمهور. ولكن الليكود كان قد وعد في حملته الانتخابية بإبقاء هاتين الحقيبتين بين يديه. وليس مستبعداً أن يتم الاتفاق على تقاسمهما، خصوصاً أن الليكود تخلى عن الوزارة الأهم وهي وزارة المالية لمصلحة يائير لبيد. ويطالب الليكود بحقيبة التعليم للوزير الحالي جدعون ساعر، فيما يطالب لبيد بهذه الحقيبة لمصلحة الرجل الثاني في القائمة الحاخام شاي بيرون.
عموماً، يبدو أن تكثيف الجهود التفاوضية يرمي الى تحقيق التوصل إلى اتفاق ائتلافي حتى ظهر اليوم، وإعلانه بقصد التوجه بعد ذلك إلى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز لإبلاغه بإنجاز مهمة التكليف، وتحديد موعد لإقرار التشكيلة في الكنيست.

نتنياهو يستعد لاستقبال أوباما بحكومة جديدة ترفض تقديم تنازلات
رندى حيدر عن النهار اللبنانية
قد تكون الحصيلة الاساسية الناتجة من استبعاد بنيامين نتنياهو الأحزاب الحريدية عن ائتلافه الجديد والتعاون مع التحالف السياسي الجديد الذي قام بين يائير لابيد زعيم حزب "يوجد مستقبل" (19 مقعداً) ونفتالي بينت زعيم حزب "البيت اليهودي" (12 مقعداً) هو ان الحكومة الجديدة لنتنياهو على نقيض تلك المنتهية ولايتها ستكون ظاهراً موزعة بين معسكرين: معسكر اليمين القومي المتشدد الذي يمثله نفتالي بينت وتحالف "ليكود- بيتنا"، ومعسكر الوسط المعتدل المتمثل بحزبي "هناك مستقبل" والحزب الجديد "هتنوعا" الذي ترأسه تسيبي ليفني. ولكن يدل توزيع الحقائب الوزارية على ان الحكومة الجديدة ستكون عكس ما يبدو ظاهراً حكومة ذات توجهات متطرفة في المواضيع الأساسية ولن يكون للمعتدلين فيها تأثير حقيقي وفاعل قادر على تغيير التوجهات الصقرية المتطرفة التي شهدناها طوال الاعوام الاربعة الأخيرة من المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، وتجميد الاستيطان سعياً الى تحقيق حل الدولتين، والموقف من مشكلة السلاح النووي الإيراني.
ان تكليف موشي يعالون أحد أبرز صقور حزب "الليكود" وزارة الدفاع، وهو الذي يشغل اليوم منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاستراتيجية، مؤشر واضح لكون أقصى ما قد تقدم عليه الحكومة المقبلة هو معاودة المفاوضات مع الفلسطينيين من دون اي طرح حقيقي لأفق تسوية تتضمن تنازلات إسرائيلية تأخذ شكل انسحابات إسرائيلية من مدن الضفة الغربية، او شكل تجميد سياسة الاستيطان. فالمعروف عن يعالون مقارنته الخطر الفلسطيني بمرض السرطان، وتشبيهه حركة "السلام الآن" الإسرائيلية بالفيروس. وقد قامت شهرته العسكرية خصوصا على قمعه الانتفاضة الثانية وعمليات الاغتيال التي نفذها للقادة الفلسطينيين. كما يعتبر يعالون من أشد المؤيدين للمستوطنين، ومعروفة معارضته لخطة أرييل شارون للانفصال عن قطاع غزة. ولدى مقارنة يعالون بإيهود باراك وزير الدفاع المنتهية ولايته يبدو باراك رمزاً من رموز الاعتدال، فهو على الأقل كان مع فكرة الانسحاب من 96 % من اراضي الضفة الغربية وتفكيك المستوطنات المعزولة وتبادل اراض مع الفلسطينيين مقابل ضم إسرائيل الكتل الاستيطانية الكبرى اليها.
ومما لاشك فيه ان الخبرة والمعرفة الطويلة لموشي يعالون بالفلسطينيين ومواقفه المتطرفة منهم والتي تكاد تلامس العنصرية، هي ايذان بعهد جديد من التشدد في التعامل مع المسائل الأمنية والسياسية سواء تلك المتعلقة بالسلطة الفلسطينية أم بحركة "حماس" في قطاع غزة. ومع ذلك فان يعالون من الرافضين لفكرة شن هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران.
يرى المعلق السياسي ألوف بن في صحيفة "هآرتس" ان وجود يعالون في وزارة الدفاع مع وجود أوري أريال من حزب "البيت اليهودي" في وزارة الاسكان معناه ان الحكومة المقبلة هي حكومة توسيع الاستيطان وتحقيق نبوءة ان يصل عدد اليهود في الضفة الغربية الى مليون نسمة، ومنع قيام دولة فلسطينية. ومما لاشك فيه ان وجود حزب "البيت اليهودي" المؤيد للمستوطنين والرافض رفضاً باتا لاخلاء أي مستوطنة يهودية في الضفة والداعي الى التمرد والعصيان على اوامر الحكومة في حال صدور مثل هذه الاوامر، يزيد الى حد بعيد تأثير المستوطنين في الحكومة المقبلة ونفوذهم لديها.
في التركيبة الحكومية المقبلة ستكون مساهمة تسيبي ليفني التي من المفترض ان تتولى وزارة العدل والتي كلفها نتنياهو الاهتمام بمعالجة موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين، هامشية. فهي ستكون عاجزة عن ادخال تغييرات حاسمة ومؤثرة في مسار التسوية السياسية. أما يائير لابيد الذي سيتولى وزارة المال فسيكون على الارجح مشغولاً بهموم التقليصات والموازنة بحيث لن يستطيع التأثير فعلاً في الموقف من التسوية السياسية. يسعى نتنياهو الى استقبال الرئيس الأميركي باراك أوباما ومن حوله حكومة قوية تحظى بتأييد واسع وتمنحه تفويضاً قوياً كي يرفض أي ضغط أميركي لاستئناف المفاوضات او تقديم تنازلات للفلسطينيين.



باراك عندما يتحدث عن اختفاء سورية
رأي القدس العربي
عندما يتوقع ايهود باراك وزير الامن الاسرائيلي تفكك سورية وحسم موضوع الملف النووي الايراني في الاشهر القليلة المقبلة، فهذا يعني ان احتمالات الحرب باتت اكبر من احتمالات السلام.
سورية لا تتفكك، بل تتآكل ايضا، تتآكل كدولة وكيان، وتتحول الى جزر صغيرة تتبع هذا الفصيل او ذاك في ظل انحسار نفوذ الحكومة المركزية في العاصمة دمشق وبعض المدن الاخرى.
الاحاديث عن الحلول السياسية تخفت حدتها يوما بعد يوم وسط انباء عن تكثيف عمليات التسليح للنظام والمعارضة المسلحة في الوقت نفسه، روسيا تسلح النظام والدول الخليجية تسلح المعارضة باسلحة نوعية، مما يعني ان الحسم العسكري بات هو الحل المتفق عليه بين طرفي الصراع، او بالاحرى اطرافه جميعا.
الارتباك والتردد هما السمة التي تحكم تصرفات ما يسمى بالمجتمع الدولي، ولا ننسى بان هذه السمة تنطبق ايضا على جامعة الدول العربية، بل وحتى الائتلاف الوطني السوري الذي عجز، ورغم جهود عديدة، عن تشكيل حكومة مؤقتة تلبي مطالب الجامعة وشروطها لاحتلال مقعد سورية في القمة العربية المقبلة في الدوحة.
الموضوع الحيوي الذي يحاول معظم المتورطين في الملف السوري الحديث عنه هو مستقبل سورية، وهوية النظام الذي يحكمها وحدوده الجغرافية والاراضي الخاضعة لسيطرته، وما اذا سيكون النظام الوحيد ام ان جيرانا آخرين سوريين ايضا سيشاركونه في حكم مناطق اخرى؟
الحاضر واضح للعيان، جيش سوري حر يقول وزير العدل الامريكي الزائر للمنطقة ان غالبية عناصره تتبنى ايديولوجية تنظيم القاعدة، وجماعات جهادية متعددة تسيطر على جيوب في الشمال الشرقي واخرى في الشمال الغربي، ونظام يتغول في القتل والقصف بالصواريخ للمناطق الخارجة عن سيطرته.
المشهد السوري يبدو ملطخا ببقع الدماء وجثث ضحايا المجازر، وارتفاع غير عادي لاعداد القتلى والجرحى، فهناك من يقول ان هناك سبعين الف شهيد، وهناك من يقدر الرقم بتسعين الفا، لكن الرقم المتفق عليه هو حول عدد اللاجئين الذي وصل الى مليون لاجئ في دول الجوار، ومن المتوقع ان يصل الى ثلاثة ملايين مع انتهاء العام الحالي.
هجمة التسليح الحالية للمعارضة المسلحة من قبل دول الخليج تريد كسر معادلة الجمود الحالية واجبار النظام على الجلوس الى طاولة المفاوضات مع خصومه للتفاوض على رحيله، ولكن النظام، ومثلما تشير كل الدلائل على الارض، مصمم على البقاء، ومواصلة القتال مدعوما بدولة عظمى هي روسيا، ودولة اقليمية كبرى هي ايران، وميليشيا مسلحة خبرت الحروب جيدا هي حزب الله.
المنطقة كلها مهددة بالتفتيت، التفتيت الجغرافي، والتفتيت المذهبي الطائفي، والشيء الوحيد المؤكد ان لا دولة محصنة، او معصومة.

فرصة لبنانية للضغط على إسرائيل وتسابق أميركي - بريطاني للاستثمار
خليل فليحان عن النهار اللبنانية
أمام لبنان فرصة ذهبية ليطلب من الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة لدى مجلس الامن، وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية الضغط على اسرائيل للانسحاب من 870 كيلومترا من مساحة لبنان في "المنطقة الاقتصادية الخالصة" التي قد تحتوي على آبار للنفط والغاز ترفض الانسحاب منها وسجلتها في الدوائر المختصة في منظمة الامم المتحدة على أنها تابعة لها رغم مطالبة المنظمة بوضع ثقلها للانسحاب منها.
واللافت ان واشنطن ولندن وعواصم عالمية أخرى تتسابق على عرض خدماتها على لبنان من أجل الافساح في المجال امام شركاتها للمجيء الى تلك المنطقة من أجل التنقيب عن النفط. والجميع يذكر ان وزير خارجية بريطانيا وليم هيغ زار بيروت في 20 شباط الماضي خصيصا لابلاغ المسؤولين باهتمام بلاده بالثروة النفطية وبمنابع الغاز، وخرج عن المألوف الذي يتبعه كل وزير خارجية في برنامج لقاءاته الرسمية، فاجتمع الى وزير الطاقة وعرضا الامكانات المتاحة أمام شركات بلاده للتنقيب عن النفط والغاز، وشاهد تجربة حية أقيمت في باحة الوزارة عن سبل العثور على النفط والغاز في اليابسة.
وأمس كانت زيارة لوفد أميركي للغرض عينه، وضم نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ونائب وزير الطاقة اللذين أعربا عن استعداد بلدهما لتقديم التسهيلات من أجل التنقيب واستخراج النفط والغاز. واللافت أن الرئيس نبيه بري توسع في البحث معهما في الثروة التي تنتظرها البلاد، وقد استمع الوفد الى شرح مفصل من وفد لقيادة الجيش برئاسة اللواء عبد الرحمن شحيتلي الذي تولى عرض ترسيم الحدود البحرية اللبنانية وتحضيرات لبنان لاستثمار ثروته من الغاز والنفط، وكان شرح موسع للآليات التي يتبعها الجيش في ترسيم تلك الحدود وفقا للمعايير والمعاهدات الدولية، وأجاب عن اسئلة الزائرين. وما لفت المسؤولين الذين التقاهم الوفد، هو الاستفسار عما اذا كان البدء العملي باستخراج النفط والغاز سيتم بجو هادئ اذا لم تنسحب اسرائيل، وهل "حزب الله" سينفذ تهديداته اذا لم تنسحب من المساحة التي تحتلها؟ مع التذكير بأن واشنطن نصحت للبنان والاطراف الآخرين المعنيين بالبدء باستخراج الثروة من المنطقة التي تخص كل دولة، وابقاء المنطقة المتنازع عليها الى حين انتهاء الاحتلال الاسرائيلي للكيلومترات اللبنانية المحتلة.
وتوقعت دوائر ديبلوماسية لدى سؤال لـ"النهار" عن مدى جذب الدول لافادة شركاتها من مادتي الغاز والنفط، أن تجذب المادتان المستثمرين في مجال الطاقة، وأن هؤلاء يلجأون الى دولهم لتمهيد الطريق أمام مشاريعهم. ودعت تلك الدوائر السلطات الامنية المختصة الى توفير الامن في البلاد وفي المنطقة البحرية حيث يفترض وجود منابع للغاز والنفط، من أجل اقبال المستثمرين العالميين على بيروت لاستثمار الثروة البحرية.
وسألت ماذا تفعل السلطات السياسية والامنية لتحصين لبنان من شظايا الحرب السورية، بينما توقعت لجنة التحقيق الدولية المكلفة تقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الانسان في سوريا امتداد المواجهات الدامية الى لبنان، لان العجز الدولي عن وقف العنف ينذر بخطر حقيقي من تمدد العنف الى الدول المجاورة وفي طليعتها لبنان، وأسهب التقرير في تفصيل ما يجري من تجاوزات من الطرفين المتصارعين.

البيض الفلسطيني والسلّة الأمريكية
بركات شلاتوة عن دار الخليج
يقول المثل العربي “لا تضع كل ما تملك من بيض في سلة واحدة” ما يعني عدم التعلّق بخيار واحد أوحد من دون البحث عن سواه من بدائل، لأن هذا الخيار قد تخسره . في الحالة الفلسطينية يبدو أن هناك تصميماً على وضع البيض والمزرعة بالكامل في سلة واحدة متعددة المستويات على صعد عدة، من دون الانتقال إلى خيارات جديدة أو اللعب بأوراق رابحة .
على صعيد المقاومة بات من الواضح أن خيار المقاومة السلمية أثبت أنه لن يكون ناجعاً إذا ما اعتمد كخيار وحيد في مواجهة كيان متغطرس عنصري يمارس كل أنواع القتل والقمع والتنكيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ويستغل هذا الخيار لإشباع تعطشه لإراقة الدم وإشاعة جو من الترهيب ضد الفلسطينيين .
آخر هذه الأمثلة قتل الاحتلال بدم بارد للشهيد محمد عصفور خلال تظاهرة سلمية خرجت في قرية عابود بالضفة الغربية نصرة للأسرى في سجون الاحتلال واحتجاجاً على تصفية الشهيد عرفات جرادات في أقبية التحقيق “الإسرائيلية” . فعصفور لم يكن يحمل أي سلاح بل واجه المحتلين بصدره العاري، لكن جنود الاحتلال لم يحتملوا حتى ذلك وأطلقوا عليه رصاصاً معدنياً اخترق جمجمته وأدخله في غيبوبة إلى أن ارتقى إلى جوار ربه، رغم أنه كان بإمكانهم إنهاء المسيرة السلمية من دون اللجوء إلى القتل .
حتى الآن لم تفلح مسيرات وتظاهرات التضامن مع الأسرى في وقف تضييق الخناق الصهيوني عليهم أو إطلاق سراح أي منهم، كما لم تفلح المناشدات الدولية في الإفراج عن الأسرى المضربين عن الطعام رغم أن سامر العيساوي دخل يومه ال232 من دون أن يدخل معدته أي طعام، لكن في المقابل فإن المقاومة وحدها من حررت المئات منهم بعد أن غيبتهم عتمة السجون لعشرات السنين، بعيداً عن “مبادرات حسن النيّة” التي تخلي سبيل من تبقى لهم أيام معدودات في الأسر . ما يفرض إعادة الاعتبار للمقاومة المسلّحة كأحد الخيارات المهمة في مواجهة كيان لا يفهم غير لغة القوة .
دبلوماسياً فإن أحد التحركات التي تأخر القيام بها كثيراً، في ظل التعنت والعنجهية “الإسرائيلية”، هي قيام “دولة فلسطين” بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية لتقديم شكوى ضد “إسرائيل” وجرائمها وممارساتها رغم أنه مر أربعة أشهر على تعديل وضع فلسطين في الأمم المتحدة . وليس هناك أية مبررات لتأخير ذلك في ظل تساقط الشهداء الواحد تلو الآخر، ومعاناة الأسرى وتصاعد الاستيطان وسرقة ونهب الأرض الفلسطينية وتهويد القدس وانتهاك حرمة المقدسات وعربدات المستوطنين وجنود الاحتلال .
لذلك لا يرى أصغر فلسطيني أي منطق في تأجيل التحرك إلى ما بعد زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى المنطقة، خاصة أن المكتوب قرئ من عنوانه، بل قالت الإدارة الأمريكية بصريح العبارة إنه لن تكون هناك أي مبادرات جديدة للتسوية، وأكد أوباما نفسه أن الزيارة لتأكيد “الدعم الثابت” للكيان الصهيوني .
بعد كل هذا التلميح والتصريح، هل من داع للإبقاء على البيض الفلسطيني في السلة الأمريكية التي ثبت أنها بلا قعر وتستنزف الفلسطينيين وجهدهم وتحيّد نضالهم ومقاومتهم وترهنهم في مربع اللاشيء إلى الأبد؟


أهداف زيارة أوباما للمنطقة
الأهرام المصرية
حذر ساسة فلسطينيون من التعاطي السياسي مع زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي المسجد الأقصي في إطار زيارته للمنطقة في العشرين من مارس الجاري‏,‏ نظرا لان تلك الزيارة ستتم تحت سلطة الاحتلال .
وإضافة الي ما يراه الفلسطينيون ان هذا يشكل إعلان حرب علي الأمة العربية والإسلامية واستفزازا لمشاعر الأمة ودفعت أجواء الزيارة تلك, الفلسطينيين الي مطالبة الرئيس الأمريكي بالعدول عنها, بل والتصدي لها وحتي منع أوباما من دخول المسجد الأقصي تحت حراسة إسرائيلية. ثم تمادي البعض بمطالبة المقدسيين بالتصدي لأوباما ومنعه ورجمه بالأحذية اذا اقتضت الضرورة.
خطورة زيارة أوباما ان الجانب الأمريكي لم يكشف حتي الآن رغم قرب موعد الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي الي الشرق الأوسط, تفاصيل توجهات واشنطن نحو استئناف عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. كما انه من الواضح ان الفلسطينيين والإسرائيليين كل علي حدة لم يتفقا بعد علي ما سيطرحونه من مبادرات لتشجيع واشنطن علي تحمل إعلان استنئاف المفاوضات المجمدة منذ فترة.
يضاف الي هذا شعور الفلسطينيين بالغبن خاصة بعد ما كشفه الإعلام الأمريكي بان الإدارة الأمريكية تميل بزاوية كبيرة نحو تل ابيب, في ظل اجتماعات أوباما مع جمع من الزعماء اليهود الأمريكيين في البيت الأبيض, وكذلك إبلاغ أوباما ضيوفه من زعماء القيادات اليهودية انه يضع جملة من الأهداف لزيارته لإسرائيل, أولها التشديد علي الالتزام الصلب للولايات المتحدة تجاه إسرائيل, وثانيها, التأكيد علي انه يدرك حقيقة أن الشرق الأوسط يتحول إلي منطقة قاسية جدا بالنسبة لإسرائيل مع تحديات صعبة من قبل مصر وسوريا وإيران, وأنه بالتالي يجب علي الولايات المتحدة أن تقف بحزم إلي جانب إسرائيل. وثالثها, فهو لإرسال رسالة مباشرة إلي إيران مفادها أن كل الخيارات موجودة علي الطاولة بما في ذلك الخيار العسكري. ثم آخرها, بحسب أوباما, فهو إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية, معترفا في الوقت نفسه بضآلة هذا الاحتمال, وهو الأمر الذي أصاب الفلسطينيين والعرب بالإحباط.

أمريكا و”الإخوان”
محمد خالد عن دار الخليج
في أواخر القرن التاسع عشر تناقش رجل دين مع أحد أساتذة الفلسفة قائلاً: “إن كل شيء في الطبيعة قد تم اكتشافه، وإن أهم الاختراعات قد تم تنفيذها” . اعترض أستاذ الفلسفة قائلاً: “خلال سنوات سوف يكون باستطاعة الإنسان أن يطير في الفضاء” . اعترض رجل الدين قائلاً: “إنها فكرة غير منطقية، فالطيران محجوز لكائنين اثنين: الطيور والملائكة” .
رجل الدين (القسيس رايت) كان والداً لطفلين سيدخلان التاريخ كمخترعين للطائرة أسمهما الأخوان رايت: أورفيل وويلبور .
ميزة التطور أن الأبناء لا يتقيّدون بإنجازات آبائهم فلكل جيل طموحاته الخاصة وبصماته المتميزة .
يغرد طائر الشوك قبل أن يموت بيوم واحد فقط، بحيث تكون تغريدته الأولى هي تغريدته الأخيرة . إنه مثل الفدائي الفلسطيني الذي يزنّر خصره بالديناميت فتكون معركته الأولى هي معركته الأخيرة . . طائر الشوك والفدائي الفلسطيني يحملان جواز سفر موحداً .
في الخريف العربي غاب طائر الشوك وحلّت محله جماعة “الاخوان” في بلد الكنانة مصر، وحين تسلّموا الحكم كشروا عن أنيابهم وانقلبوا على كل ما وعدوا به .
وأول سقوط لهم هو الشعار البراق الذي عاش معهم في أقبية الزنازين والمنافي: “الإسلام هو الحل”، إذ أثبتوا بتصرفاتهم أن الإسلام بحاجة إلى حل بعيداً منهم، فالإخوان المسلمون هم ضد كل الرموز المصرية البراقة: (المثقفون - الليبراليون - اليساريون - المسيحيون - المرأة - العلم - الفنون - الموسيقا - الشعر - المسرح - النحت - الرسم - الغناء . .) .
هم ضد الديمقراطية، فالحكم بالنسبة إليهم ليس المشاركة بل سيطرة كاملة . مصر وطن لكل المصريين وليست مزرعة للإخوان يفقسون فيها عُقد 80 سنة من البعد عن الحكم تحت الأرض في ظلام دامس، وعندما تسلّموا الحكم أخذوا الظلام معهم إلى كرسي الحكم .
لقد أخذتهم العزة بالإثم عندما أبرموا مع أمريكا حلفاً أصبحوا فيه الركيزة الجديدة الإضافية لأمريكا في الشرق .
اثنان لا يرجعان إلى الوراء: العمر والأسعار .
اثنان لا يتقدمان إلى الأمام: البارحة والإخوان المسلمون .
ثلاث قلاع عربية يتم تدميرها:
- العراق تم تدميره من الخارج .
- سوريا يتم تدميرها من الداخل والخارج .
- مصر تجرى محاولة تدميرها من الداخل بحلف “إخواني - أمريكي” .
في مصر خصوصية ساطعة مثل عين الشمس لا يستطيع غربال الإخوان المسلمين تغطيتها بتعصب الجهل ونكران الحقيقة، إنها وجود الأقباط في مصر قبل الفتح العربي ودخول الإسلام إلى مصر لاحقاً، وهو وجود أصيل . وعندما تعرب الأقباط ازدانت مصر بتلاحم المسيحية والإسلام برباط أخوي رائع المثال، لذلك فإن تجاهل الإخوان المسلمين هذه الرابطة هو جهل فاضح لحقائق التاريخ، وهو إنذار ساطع من أحد فطاحل شعراء الجاهلية موجه إلى عنجهية الإخوان المسلمين: (فنجهل فوق جهل الجاهلينا) .
لذلك حذار:
* ليست الكنيسة القبطية مكاناً لإنتاج الخائف، وليس المسجد مكاناً لإنتاج المخيف .
* كذلك ليست الكنيسة فقّاسة المرعوب، وليس المسجد حاضنة المرعب .
أقباط مصر عروبيون حتى العظم وهم جزء أساسي وأولي في نسيح مصر بغض النظر عن العدد أو اللون أو المذهب أو الدين، فعلى الإخوان المسلمين أن يزنوا ذلك بميزان الذهب لا بميزان التعصب الديني الأعمى .
- “الإسلام ليس دين كشّافة وفُتوّة، ولا حاكمية، ولا نظام خاص . . إنه دين لا دولة ملثمين”، شكراً رشيد الخيون .
- “جئنا إلى الحكم بدعم أمريكي مقابل تعهدنا الالتزام بأمن “إسرائيل””، تصريح الإخواني الأول خيرت الشاطر لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية .
أسوأ أنواع الهزائم هو أن تهزم نفسك قبل أن يتولى عدوك ذلك .
السياسي هو سيد الكلمة التي لم يقلها . . المثقف هو سيد الكلمة التي قالها .
الآن جاء دور المثقف الحقيقي ليقول كلمته بغض النظر عن اتجاه الريح .
لقد سقط الخوف وسقط معه الطغاة والجلادون، بعضهم دفن تحت الأرض، وبعضهم دفن نفسه فوقها بانتظار أن ينزل مترين تحتها .
صحيح أن مرحلة الانتقال من الديكتاتورية والطغيان إلى مرحلة الديمقراطية والاستقرار مازالت مرحلة رجراجة يصعب التكهن بطولها أو اتجاهها، ولكنْ في النهاية ستكون الأمور في مصلحة الشعوب . في النهاية، لا يصح إلا الصحيح .
كل إنجاز عربي - مهما عظم - سيظل ناقصاً إلى أن تتحرر فلسطين وتزول دولة “إسرائيل” من الوجود (سلماً أو حرباً) . . هذا هو الأساس والباقي خرز ملون .



الفشل ينتصر!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
لم تحلّ الانقلاباتُ وما تلاها من استيراد أيدلوجيات المشكلَ العربي ما بعد رحيل الاستعمار، ولا تحولت الحروب التي تراوحت بين الهزائم والانتصارات إلى مرحلة مراجعة شاملة للإخفاقات الكثيرة أمام النجاحات المتواضعة العربية، وقد جاءت الثورات لتعيد الشارع للتظاهر وتباشير عصر جديد انبثق من ظلام السنين التي تجاوزت نصف قرن، ولكنها أعادتنا إلى شريط الأزمات التي عشناها طيلة العقود الخمسة..
الآن والصدامات والخلافات في دول الربيع العربي، دخلت الأنفاق المظلمة، هل يمكن أن تتسع مساحة الحوار، إلى فهم طبيعة الأحداث، والوقوف عليها بمبدأ الوطن للجميع، لا الحزب أو فئة أو شريحة تريد فرض أفكارها ومنهجها على القطاع الشعبي كله، حتى لو تناقض مع رغبات نسبة غير بسيطة من الشعب، والذي تتوجه له كل السلطات في تلك الدول؟ ثم لماذا يفشل الحوار الوطني العربي بين الفرقاء، والغرق في الشكليات على الأساسيات، وتجييش الإعلام للتشكيك في نوايا كل طرف، وبما يعد حرباً نفسية يدفع الشعب وحده أثمان هذه الخسائر؟
المشكل في هذا كله، أن القناعات بالآراء، تسبق سماع صوت الآخر المعارض، ويأتي الاجتماع ليس بقانون كيف نفهم بعضنا، ونتفق على حل مشترك، وإنما كيف تكون الفرضيات التي يجب أن يخضع لها الطرف الآخر، سواء أكان الأكثرية، أم الأقلية هي الحل!
وقطعاً هناك طرف ثالث يضغط على أحد الطرفين، إما أن يتجه وفق سياسته، أو يخسره، مادياً داعماً، أو سياسياً مؤيداً، وهذا الارتهان للخارج سواء جاء بشكل دولة إقليمية أو عربية أو قوة عظمى، فالأمر هنا ينزع عن المتحاورين صفة أصحاب القرار المستقل والحر، وهذا أضاف لحالة هذه الدول إشكالاً جعلهم في المواجهة مع المواطن صاحب المطالب التي لن تتحقق في ظروف زادت تعقيداتها..
مصر واليمن وتونس وسورية، هذه البلدان تبحث عن حل جديد ينقذ بلدانها من الغرق فيما بعد الثورات والطريق الوحيد السالك هو مواجهة الواقع بالعقل، أي اجتماع الأطراف على توافق محدد، وليس في ذلك بطولة، أو تضحيات طالما الهدف هو الوطن، لكن الأنانيات الذاتية التي حشدت خلفها المؤيدين والأنصار لا تقف على مسافة واحدة، مع بعضها البعض، ويعود ذلك إلى أن كل حزب يرى نفسه الممثل الحقيقي للشعب وقيادته..
فلا التيار الإسلامي يريد التسليم للفريق الليبرالي، أو الوسطي الإسلامي، ولا الليبراليون يريدون التنازل عن حق لم يحصلوا عليه، فحل البديل المعقد، أي الاضطراب الأمني عندما أصبح الشارع يُحكم بالفوضى من المفلوتين وأصحاب السوابق، ووضع اقتصادي ينحدر، وضحايا بالآلاف كما يجري في سورية، وهذا أكد أن هذه الثورات قامت بعاطفة الشارع وحده، دون قيادات أو مشروع وطني يرقى إلى المضي في التغيير السلمي دون إخلال في بنية المجتمع ووحدته، وإذا ما استمرت الحالة تجرّ معها كل يوم مشكلاً جديداً، فإن تراكم المشكلات قد يجعل الأطراف كلها على خط واحد في الخسارة، ليكون رد الفعل ثورة الشارع الجائع وفاقد الأمن، والكافر بكل من هم على ساحة النزاع سواء من كان في الدولة أو خارجها..
متى ينزل الجيش؟
ياسر رزق عن المصري اليوم
عصر يوم 12 أغسطس الماضى.. عاد المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، كلٌ بسيارته الرسمية، إلى مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، بعد مقابلة صادمة مع الرئيس «مرسى» فى قصر «الاتحادية».

هناك، باغتهما الرئيس بقرار إعفائهما من منصبيهما، كقائد عام وكرئيس لأركان حرب القوات المسلحة. كان المبرر الذى ساقه «مرسى» هو «دواعى المصلحة العامة».

قبلها بساعات، تلقى المشير طنطاوى فى مكتبه بكوبرى القبة رسالة شفهية نقلت إليه من الرئيس تتضمن طلبين عاجلين.

- الأول: تحويل 3 مليارات دولار من ودائع القوات المسلحة بالبنوك المصرية والمخصصة للتسليح إلى البنك المركزى، للإنفاق منها على واردات الوقود والسلع الأساسية.

- الثانى: إحالة كل قادة القوات المسلحة المستدعين للخدمة إلى التقاعد.

رغم حاجة القوات المسلحة إلى كل دولار، لتحديث نظم التسليح فى أفرعها الرئيسية وتشكيلاتها البرية، لم يكن المشير يمانع فى تحويل المليارات الثلاثة، فلم تبخل القوات المسلحة على الشعب بتحويل ما يوازى 29 مليار جنيه من أرصدتها بالعملة الأجنبية خلال المرحلة الانتقالية لتدبير احتياجات الجماهير.

لكن كان المشير يخشى من أن يؤدى سحب هذا المبلغ الضخم من البنوك مرة واحدة إلى انهيارها، لذا طلب من أحد مساعديه دراسة حجم ما يمكن تحويله من أموال دون الإضرار بالبنوك.

أما المطلب الثانى، فقد وجده المشير غير مفهوم، خاصة أن الرئيس يشدد على تنفيذه فى اليوم نفسه، دون أن يعى أن هناك قواعد ترتب مواعيد خروج القادة من الخدمة أو التجديد لهم، ومع ذلك كلف مدير شؤون الضباط بإعداد قوائم بأسماء القادة المستدعين للنظر فيها على ضوء الإجراءات المرعية داخل القوات المسلحة.

■ ■ ■

غادر المشير طنطاوى قصر «الاتحادية» وقد أدرك أن الرئيس كان يتعجل صدور قرار إعفاء هؤلاء القادة ممهوراً بتوقيع المشير، قبل أن يحيله هو والفريق عنان إلى التقاعد فى اليوم نفسه.

كان غرض الرئيس ألا يظهر أمام الرأى العام وضباط الجيش فى صورة من يطيح بعدد كبير من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعلى رأسهم المشير والفريق، أو من يسعى إلى تفريغ الجيش من قادة متمرسين يتمتعون بالخبرة دون سبب واضح، وهى صورة قد تكلف صاحبها فواتير غالية لا يقدر على تحملها.

حين رجع المشير طنطاوى إلى مبنى وزارة الدفاع، كان خبر الإقالة وتعيين القادة الجدد قد أذيع تواً فى التليفزيون.

على السلالم الخارجية للمبنى.. سأل أحد كبار القادة المشير: سيادتك حتعمل إيه؟!.. رأيى إنك تجمع أعضاء المجلس الأعلى وهم موجودون بالداخل، وتحيطهم علماً باللقاء وتفاصيله، وتترك لهم القرار.

رفض المشير الاقتراح على الفور دون أى تردد.. وقال لمحدثه:

- أنت تعرف أننى لا أريد سلطة ولا أسعى للحكم، ثم إن إجراءً كهذا، سوف يضيّع كل ما تحملناه وضحينا من أجله هباء، وسوف يهز صورة القوات المسلحة.

كان المشير محقاً، فلو استجاب لهذا الاقتراح، واستدعى أعضاء المجلس الأعلى للرد على قرارات رئيس الجمهورية، سوف تبدو القوات المسلحة فى وضع تمرد على الشرعية، وهو أمر لا تقبله على نفسها، أو قد يبدو القادة وكأنهم ينقلبون على الرئيس المنتخب، وهو أمر لا يرضاه الشعب.

تاريخياً.. كلمة «تمرد» ليست من مفردات العسكرية المصرية.

وواقعياً.. كلمة «انقلاب» حذفت من قاموس القوات المسلحة منذ 23 يوليو 1952.

ما جرى يوم 28 يناير 2011، لم يكن تمرداً من الجيش على الحاكم، إنما كان نزولاً إلى الشارع بأوامر من القائد الأعلى، تماماً مثلما تم فى انتفاضة الخبز عام 1977، وأحداث الأمن المركزى عام 1986.

وما حدث يوم 11 فبراير 2011، لم يكن انقلاباً على رئيس الجمهورية، إنما تسلماً للسلطة بإرادة شعبية، من حاكم خسر شرعيته فى ثورة جماهيرية.

وما حصل يوم 30 يونيو 2012 دليل على أن البقاء فى السلطة لم يكن هدف المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ تولى إدارة شؤون البلاد، وبرهان على أن المجلس أوفى بالعهد الذى قطعه على نفسه فى بيانه الثالث فور اضطرار «مبارك» إلى التنحى، بألا يكون بديلاً عن الشرعية التى يرتضيها الشعب، وبالوعد الذى التزم به أمام الجماهير بنقل الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة فى نهاية فترة الانتقال.

فى ذلك اليوم.. تسلم الرئيس المنتخب محمد مرسى سلطة الحكم من المجلس الأعلى فى احتفال عسكرى مهيب بالهايكستب، بعد أن أدى اليمين الدستورية فى ثلاث مناسبات، وأقسم بالله العظيم فى كل مرة على احترام الدستور والقانون، لكنه فيما بعد حنث باليمين والقسم غير مرة!

■ ■ ■

منذ تلك الظهيرة الصيفية الحارة، التى شهدت تنصيب أول رئيس منتخب لمصر، جرت المقادير على غير ما تمنى الكثيرون، وبأسرع مما ظن البعض.

تدفقت تحت جسور النيل، وبين شاطئى القناة، مياه غزيرة، وتلاحقت فى السماء غيوم وراء سحب.

ذبلت زهور الربيع المصرى قبل الأوان فى صيف مضطرب، وتساقطت أوراقها جافة فى خريف غاضب، وحل شتاء السخط بأنواء عاتية، تنذر بمصير محتوم لسفينة لا يدير دفتها ربانها.

الآن.. يلوح الربيع مبكراً فى أذيال الشتاء، تسبقه رياح خماسينية، تغشى الأبصار وتخنق الصدور، وتحبط بقايا أمل فى نفوس كانت تتوق إلى صفو أجواء من بعد طول عواصف.

ثمانية أشهر فقط مضت على تولى الرئيس «مرسى» مهامه، خاب فيها مسعاه، وخيب آمال الناس، حتى الذين انتخبوه بات معظمهم يندمون.

منذ أول بيان، وأول قرار، وأول اجتماع رسمى.. بدا الرئيس راغباً فى أن يختزل وطناً فى جماعة، وشعباً فى عشيرة، ودولة فى فصيل.

ومن أجل جماعته، أهدر استقلال القضاء، وانتهك الدستور، وخرق القانون، وقوّض قواعد الديمقراطية، وأخلف وعوده للمعارضة، وأجهز على الشرطة، وأغضب الجيش.

الأخطر أنه غدر بالثورة التى أخرجته من وراء القضبان، وبالشعب الذى جاء به إلى سُدة الحكم، حين استهان بأرواح الناس، فسالت دماء، وسقط شهداء فى شوارع وميادين، وخرجت جماهير يائسة من إصلاح أحوال السياسة والحكم والمعيشة تعلن عصيانها، وبعضها نزل يحمل الأوانى وأرغفة الخبز، فى نذير بثورة جياع محدقة.

■ ■ ■

سألت أحد العارفين: هل مازلت ترى ضوءاً فى آخر النفق؟!

- قال: «الرئيس مرسى معذور.. إنه رهين محبسين: محبس قصر يحاصره فيه أتباع الرجل القوى فى الإخوان، ويحصون عليه أنفاسه.. ومحبس الجماعة التى تصوغ له قراراته وترتب خطواته، ولا يملك أمام مرشدها إلا السمع والطاعة، ثم ألا تعلم أن هناك فى داخل الجماعة من يستكثر عليه ما أصبح فيه، ومن يرى أنه كان الأحق منه بالحكم والسلطة، ويتمنى لمرسى الفشل أكثر مما يتمنى له ألد خصومه؟!.. ساعدوه لكى يخرج من الأسر».

سألت آخر أكثر اقتراباً ومعرفة:

- «هل يستطيع مرسى أن يتحرر من قيود مكتب الإرشاد؟.. هل يقدر أن يتصرف كرئيس لدولة، لا كمرؤوس لمرشد أو لنائب مرشد؟.. هل يمكن أن يستجيب لنداء الجماهير الرافضة لأخونة الدولة، وأن يعمل مع الناس لبناء دولة المصريين لا دولة الجماعة؟.. هل فى مقدوره أن يرفض الفرمانات الصادرة من «المقطم» بتعيين الأهل والعشيرة فى مناصب مهمة تحتاج لغيرهم من أهل الخبرة والكفاءة.. هل يستطيع أن يكبح طموحاتهم الجامحة فى الهيمنة على القضاء والداخلية والمخابرات والجيش؟!».

أجابنى قائلاً: «ليس السؤال: هل يقدر؟! إنما: هل يريد أصلاً؟!.. إنه يقيناً يعلم، لولا عضويته فى الجماعة ما ترشح، ولولا أموالها وأتباعها ما صار رئيساً، ولولا دعمها السياسى والمعنوى وقدرتها على الحشد ما بقى حتى الآن رئيساً. الأهم أنه مازال يؤمن بأن انتماءه للجماعة أبقى من منصبه الزائل، مهما أدارت رأسه أبهة الحكم وأغوته السلطة»!

■ ■ ■

لا يبدو الرئيس مرسى حريصاً إذن على أن يعطى أذنه للشارع إذا كان الثمن إغضاب الجماعة، رغم أن جماعته لن تتوانى أبداً عن التضحية به، ولن تمانع فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إذا أيقنت أن فى استمرار بقائه زوال سلطانها.

لا يبدو الرئيس معنياً بدماء تراق وأرواح تزهق يوماً بعد يوم، ولا يبدو مدركاً أن شرعية حكمه تتآكل، بل تتبدد مع كل طلقة رصاص توقع مصاباً أو تسقط شهيداً.

هناك من يستمسك بأحبال ذائبة، أملاً فى أن يفيق الرئيس ويفضل شعبه على جماعته، لكنهم كلما أطالوا البصر، لا يلحظون أمارات، ولو كانت مجرد لمعان سراب، تنبئ باحتمال تصحيح مسار على اتجاه يفضى حتماً إلى التهلكة.

وثمة نداءات قنوط من انصلاح الحال بدأت خافتة تطالب الجيش بالنزول، ثم أخذت تعلو وتتصاعد يوماً بعد يوم، حتى من أفواه أُناس طالما هتفوا بسقوط «حكم العسكر»!

يقينى أن الجيش لن ينزل فى انقلاب، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يعود إلى السلطة مستنسخاً تجربة المرحلة الانتقالية الأولى.

لن ينزل الجيش إلا مضطراً، لتلبية نداء واجب وطنى، يمليه عليه التاريخ والمسؤولية والدستور، درءاً لفوضى، وحقناً لدماء، وصوناً لأمن وطن، وحماية لمقدرات شعب، وحفاظاً على تماسك دولة تلين مفاصلها وتتداعى.

حينئذ لن يكون الجيش قد حنث - كغيره - بيمين ولاء وقسم.. فالإخلاص لرئيس الجمهورية مرهون بإخلاصه للشعب، ومقرون بتمتعه بشرعية لم تنزعها عنه الجماهير. الطاعة للرئيس القائد الأعلى واجبة، إلا فى معصية الشعب.

للمفارقة، فإن المؤسسة العسكرية تعتنق كجماعة الإخوان مبدأ «السمع والطاعة»، غير أن الجيش يسمع صوت جماهير لا جماعة، ويطيع أمر شعب لا قرار مرشد.

إذا نزل الجيش مجدداً فلن يعيد حكماً عسكرياً إلى بلد ثار من أجل حكم ديمقراطى ودولة مدنية. لا المؤسسة العسكرية تريد أو ترضى، ولا الشعب يقبل، ولا مصلحة البلاد.

الأرجح عندى أن تجرى انتخابات رئاسية مبكرة عن موعدها، وإلى أن يحين أوانها، يتشكل لفترة انتقالية مدتها عامان مجلس رئاسى من خمس أو سبع شخصيات وطنية ذات شعبية وخبرة، تمثل ألوان الطيف السياسى، ومن بينها شخصية عسكرية كبرى تمثل الجيش.. ويكلف هذا المجلس حكومة شابة من الكفاءات لإدارة العمل التنفيذى، على أن ينصبّ تركيز المجلس الرئاسى فى المقام الأول صوب إنقاذ البلاد من أوضاعها الكارثية اقتصادياً وأمنياً، ثم يشرف على تصحيح الانحراف الدستورى والتشريعى الذى فتح أبواب جهنم على مصاريعها.

أكاد أرى فيما يرى اليقظان، وهج انفجار لتفاعل متسلسل، يشعل فتائله نظام حكم بائس، كفيف فى رؤاه، عنين فى تفكيره، قعيد عن النهوض بواجباته، أصم لا يسمع أجراس خطر تدق، وهو يندفع بالوطن اندفاعاً على طريق الهلاك.