Aburas
2013-03-17, 11:06 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (289) الثلاثاء- 12/03/2013 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
مواجهات الاستاد تهدد باحراق مصر
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
عندما شعر الامير بالاهانة
بقلم: سمدار بيري ،عن يديعوت
بين الاسد والثوار
بقلم: عدي حشمونائي،عن معاريف
الرجل المريض على البوسفور'
بقلم: زلمان شوفال ،عن اسرائيل اليوم
الشراكة مع لبيد ستؤثر في السياسة نحو ايران
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هآرتس
حكومة المليون
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
</tbody>
مواجهات الاستاد تهدد باحراق مصر
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
مباراة كرة قدم واحدة، مدينتان مصريتان وقرار محكمة تجمع في داخلها كل الغضب الذي تراكم في الاشهر التي قضت منذ المباراة وتهدد اليوم استقرار مصر. يخيل أنه أكثر من محاكمة مبارك ومحاكمة نجليه وقادة النظام السابق أصبحت هذه المحاكمة الفتيل الصاخب الذي بدأ يشتعل قبل نحو سنة ونصف ووصل امس الى حافة برميل البارود. السؤال هو اذا كان سيحدث انفجار أم في اللحظة الاخيرة تنجح قوات الامن في وقف العملية التي من شأنها أن تنقل مصر الى هزة لا يمكن التحكم بها. عندما تلا القاضي في المحكمة في القاهرة قرار الحكم والذي تضمن عقوبة الموت لـ 21 من اصل 73 متهما، وعقوبة المؤيد لـ 24 منهم وتبرئة ساحة 28 كانت الاضطرابات في أوجها.
في بور سعيد، التي جاء منها معظم المتهمين، تجري منذ كانون الثاني اضطرابات شوارع عنيفة وصلت أول أمس الى ذرتها عندما نقلت الانباء عن ان الاف المواطنين 'احتلوا' الطريق المؤدي الى المطار وان الجيش اخذ من الشرطة صلاحية فرض النظام. وفي القاهرة احتشد المئات قرب مبنى وزارة الداخلية وقرب المحكمة فيما منعت قوات الجيش سيطرتهم على المؤسسات التي اصبحت هدفا للغضب.
بداية القضية في مباراة كرة القدم بين فريق كرة القدم الاهلي القاهري وبين فريق المصري من بور سعيد، والتي جرت في اوائل شباط من العام الماضي. في نهاية المباراة، نشبت، بمبادرة مؤيدي المصري، حرب حقيقية بين الفريقين الخصمين. وديس على الناس، وحطمت العصي الرؤوس واطلقت النار دون تمييز وفي نهاية اليوم احصي 73 قتيلا. وعلى مدى سنة ترقب ابناء عائلات الضحايا مع المؤيدين المتحمسين لفريق الاهلي القاهري قرار المحكمة.
لاشهر عديدة شهدت مصر هزات سياسية شديدة هددت بتفكيكها: قضية صياغة الدستور؛ القرارات الرئاسية التعسفية التي اتخذها محمد مرسي؛ الاستفتاء الشعبي المتسرع لاقرار الدستور؛ الصراع العنيف قرب قصر الرئاسة بطلب تجميد الدستور؛ الصدع العميق بين المعارضة والنظام؛ والتوتر الحاد في العلاقات بين الجيش والنظام، بينما في الخلفية تلقي الازمة الاقتصادية بظلالها المهددة. كل هذا غذى الغليان الذي انتظر الحدث الذي يمكن ان يتجه اليه الاحباط.
هل محاكمة 'مذبحة بور سعيد' كما تعرف في وسائل الاعلام المصرية سيكون ذاك الحدث؟ الجواب على ذلك منوط بحجم العنف وبعدد المصابين الذين سيقعون في الاضطرابات، بقدرة النظام على صد المظاهرات وباستعداد الجيش للتدخل والعمل ضد المواطنين عند الحاجة.
في بور سعيد وصفوا الاعتراف القانوني بانه 'قرار حكم سياسي' هدفه ارضاء مؤيدي الاهلي، الذين يعتبرون مؤيدي النظام. ولكن في القاهرة ايضا لم يسارع مؤيدو الاهلي الى الفرح. فهم غاضبون من عقوبات السجن الخفيفة التي فرضت على قادة الشرطة ومن أن 28 متهما خرجوا أبرياء. بعد ساعات من تلاوة قرار المحكمة، والتي جرت في جلسة محكمة بلا جمهور ونقلت عبر كاميرة واحدة للتلفزيون المصري، واصل مواطنون في القاهرة الاحتجاج خارج وزارة الداخلية، مطالبين باقالة وزير الداخلية، وبعضهم شق طريقه نحو ميدان التحرير. ودعا بعض المتظاهرين الى اسقاط نظام مرسي واعادة النظام العسكري في مصر.
وفي الوقت الحالي يمتنع زعماء المعارضة عن استغلال الاحتشاد الجماهيري والاضطرابات لتحقيق مكسب سياسي ومناكفة نظام مرسي. واكتشفت قوى المعارضة بالذات في المحكمة شريكا مجديا خدم حتى الان مصالحهم وبالتالي فان الانضمام الى المتظاهرين قد يفسر كتشكيك بشرعية السلطة القضائية. ولكن اذا ما تدهورت الامور، فان قرار المحكمة ومباراة كرة القدم سيصبحان ذخيرة سياسية تحتدم قبيل موعد الانتخابات في الشهر القادم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
عندما شعر الامير بالاهانة
بقلم: سمدار بيري ،عن يديعوت
ثمة شيء منكر وعديم الاحترام في الحرب الاعلامية الصاخبة الدائرة بين الملياردير السعودي، الامير وليد بن طلال وبين مجلة 'فوربس' في موضوع تصنيفه في قائمة اغنياء العالم. الامير، الذي تتوزع أعماله في أرجاء العالم، يدعي بانهم ظلموه عندما أنزلوه من العشرية الاولى الى المرتبة الـ 26.
في 'فوربس' يصرون على أنهم نجحوا في أن يشخصوا لدى الامير 'فقط' 20 مليار دولار. أما هو من جهته فيدعي بان 'فوربس' شطبت له بنية مبيتة 10 مليارات. وترد عليه 'فوربس' بتحقيق أصفر، مع كشف طائرة 'ايرباص' الطائرة الجديدة التي اشتراها الامير لتضاف الى اسطول طائراته والتي يعلوها تاج ملكي مصنوع من الذهب الصافي، وتكشف أيضا أربع رسائل تحذير غاضبة ارسلت من مكاتب رب المال السعودي يطالب فيها برد اعتباره.
هذه القضية ـ والتي يهدد فيها ابن أخ الملك عبدالله بتخفيض مستوى التعاون الاقتصادي مع واشنطن ويشكو من 'التنكيل به على سبيل المس بصورة السعودية' ـ تغتسل في طول وعرض الصحف الاقتصادية الهامة في العالم. ثمة شماتة بالامير السعودي وبقيم الصحيفة في نفس الوقت. فرب المال الذي يشعر بالاهانة أعلن منذ الان مقاطعته لـ 'فوربس' (كيف سيتدبرون امورهم دون اعلاناته بعشرات الاف الدولارات؟) وتوجهه الى منافستها ـ شبكة 'بلومبرغ'. هناك مرتبته أعلى بكثير: رقم 16 في قائمة اصحاب المليارات في العالم.
36 ملياردير من العالم العربي يلعبون أدوار النجوم في التصنيف الاعتباري ويبلغ راسمالهم 118 مليار دولار. وتوزيع الاستثمارات، وكذا الانتماء للدول، مثير للاهتمام. السعودية تتصدر مع ثمانية مليارديريين يتركزون في شركاء البناء، الاتصالات، الفنادق في اوروبا ومشاريع في افريقيا. بعدهم سبعة أرباب مال من مصر. عائلة سواريس القبطية، أب ونجلاه، يلعبون كل واحد على حده دور النجم في قائمة 'فوربس' مع 3 مليارات دولار. ورغم ميل الانخفاض في السوق المالية المصرية، رغم شكاوى الاقباط من القمع والظلم ورغم أن مصر تبدو على حافة الافلاس، فان الثلاثي سواريس، ارباب المال في الاتصالات، لم يسقط.
من لبنان، يأتي بين اصحاب المليارات رئيس وزراء، الحالي، نجيب ميقاطي، وسلفه، سعد الحريري، مع ثلاثة اخوته ورثوا امبراطورية تجارية مزدهرة. منضم جديد الى القائمة هو رب المال المغربي عثمان بن جالون، الذي نجح في توسيع اعماله التجارية في اعقاب الاصلاحات الاقتصادية. ولم تنسى الاسرة المالكة في الرباط بائع الخضار العاطل عن العمل الذي أحرق نفسه في تونس المجاورة فأدى الى اسقاط النظام. فكابوس الربيع العربي يملي التشجيع والتحفيز لكل من يتعهد بخلق عمالة للمتعلمين العاطلين عن العمل، ممن سيغمرون الميادين.
امام أرباب المال حسب 'فوربس' و'بلومبرغ' ، تنكشف قائمة 100 امرأة عربية مؤثرة. وجدت مليارديرية ـ الأميرة أميرة، احدى زوجات الامير السعودي الذي يتقاتل مع 'فوربس'، واخرى مليونيرية، مستثمرة في البناء، هي الاخرى سعودية، لبنى عليان. اما الباقيات، فنساء مثيرات للاهتمام، مبادرات بفضل كفاءتهن وعنادهن.
في المكان الاول وزيرة التجارة الدولية من امارات الخليج، لبنى القاسمي. بعدها المعمارية من العراق زهاء حديد، الحاصلة على جائزة نوبل، من اليمن تواكل رمان، مغنية البوب اللبنانية نانسي عجرمي، الى جانب النشيطتين النسويتين منى تهامي ونوال سعداوي من مصر. الاخيرتان فرتا من الاسلاميين وتواصلان الانتقاد من بعيد لقمع النساء.
قائمة أصحاب المليارات العرب تؤدي الى استنتاج واضح: الحكم يواصل انتاج اناس وهميين، يحرصون على دعمه كشريك خفي في الارباح. وسواء كانت الثورات أم لا، فان رب المال يبقى متعلقا بالدكتاتور. فحجم الرشوة يملي حدود النشاط التجاري.
قائمة النساء مثيرة للفضول اكثر. حسنا أن شطبت بطلة الشارع المؤقتة، سميرة ابراهيم من القاهرة، التي كشفت عن فحص العذرية للمتظاهرات. للحظة واحدة جعلوها عزيزة البيت الابيض الى أن وضعوا اليد على خفاياها المنحطة في التويتر، تقطر كراهية لليهود وتشجع قتل الاسرائيليين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بين الاسد والثوار
بقلم: عدي حشمونائي،عن معاريف
من كل زاوية نظر تعتبر الحرب في سوريا مأساة، من المواطن الفرد حتى الشعب بأسره. احدى القصص الاكثر حزنا التي تدور في اوساط الدروز في هضبة الجولان تجسد بالملموس الواقع المركب، المتعذر، للحياة على جانبي الحدود الاسرائيلية والسورية.
'يدور الحديث عن عروس سورية وصلت الى اسرائيل قبل سنتين'، روى أمس احد السكان. 'قلبها يتمزق قلقا وشوقا لاهلها الذين يسكنون قرب دمشق. في تشرين الاول الماضي اجتازت معبر القنيطرة مع قلة من الطلاب الذين سافروا للدراسة في سوريا وتركت هنا رضيعا بعمر بضعة اشهر. ومنذئذ وهي تحاول العودة، ولا تنجح. في الاسبوع الماضي خرجت من هنا الى سوريا عدة شاحنات تفاح. ووقفت في الطرف السوري من معبر الحدود واستجدت السماح لها بالعودة الى بيتها، الى ابنها الرضيع والى زوجها. وكل يوم بيومه تصل الى المعبر، ولكن لا يسمح احد لها بالعودة الى اسرائيل'.
شوارع القرى الدرزية في شمال هضبة الجولان هادئة اكثر من أي وقت مضى. فلا دليل على التقارير عن مغادرة قريبة لقوات الامم المتحدة لسوريا وتهديدات الثوار بخرق الهدوء الذي يمتد الى أربعين سنة على الحدود مع اسرائيل قريبا. ومثل الجميع، فان الدروز، الذين يعتبرون سوريا وطنهم، ينتظرون ما سيأتي. ومثل اقربائهم الدروز في الطرف السوري، فانهم هم ايضا يؤيدون الاسد. التفسير الاكثر تكرارا لتأييد الاسد الذي يذبح جيشه الثوار وبالعكس هو أن الاسد، كابن لطائفة الاقلية العلوية، هو جيد لابناء الاقليات مثل الدروز.
حسن فخر الدين، من منظمي مهرجانات التأييد للاسد في قرى الجولان يشرح بان العطف للاسد أكبر في القرى الدرزية لانه بسط عليهم رعايته وهو يميزهم ايجابا بالنسبة لباقي مواطني سوريا لانهم يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي. غير أن فخر الدين قلق من المؤشرات التي تدل على أن قوات الامم المتحدة التي تفصل بين اسرائيل وسوريا وبدأت تحزم أمتعتها، والحدود ستترك سائبة للثوار الذين يسيطرون في معظم القرى على طولها.
'اسرائيل لن توافق على خروج الامم المتحدة من سوريا'، يقول. 'توجد أرض وقف النار واسرائيل لن توافق ان يدخل الثوار بدلا من قوات الامم المتحدة. اذا وافقت اسرائيل على هذا فواضح أنه ستكون الفوضى. ولكني شخصيا لا أخاف حتى لو قتل احد ما هنا، فنحن الدروز نؤمن بانه سيعود بسبب تناسخ الارواح.
وئام عماشة اضرب عن الطعام ضد الاسد عندما كان سجينا امنيا في سجن هداريم، وبعد تحرره في صفقة شاليط اصبح احد الزعماء البارزين في مجموعة معارضي الرئيس الاخذة في الاتساع في الجولان. 'توجد الان حرب بيننا وبين سمير قنطار، الذي هو ايضا درزي'، يقول عماشة عن قاتل عائلة هيرن في الهجوم الارهابي على نهاريا في 1979.
أنا أعرفه جيدا من السجن.كلجنة سجناء نظمنا الاضراب عن الطعام ضد شروطنا الاعتقالية في العام 2004'.
عماشة، ابن 31، قضى 14 سنة في السجن. 'حكم الاسد صنف بمعونته فكرة ان الدرزي المعارض للاسد هو مع الاحتلال الاسرائيلي'، يواصل عماشة فيقول. 'اضربت عن الطعام كي اري بان الدرزي الذي سبق أن اثبت بانه يعارض الاحتلال الاسرائيلي يمكنه ايضا ان يعارض الاسد، يؤيد الثوار ويقاتل من اجل الديمقراطية وحرية شعبه'.
ويروي عماشة بان أقرباءه في سوريا قطعوا الاتصال به. 'صحيح أن معظم الدروز في سوريا يعرفون انفسهم كمؤيدين للاسد، ولكن ليس كل الدروز الذين يعلنون بانهم يؤيدون الاسد هم حقا كذلك'، يقول. 'أنا اؤمن بانه يوجد الكثير جدا من الدروز الذين يعلنون عن ذلك انطلاقا من الخوف. في الاشهر الاخيرة تبلورت كتيبة كاملة من الضباط والجنود الدروز الذين فروا من جيش الاسد. وقد تجمعوا في منطقة جبل العرب جنوب سوريا، وقبل شهر ونصف قصفهم الجيش السوري. معظمهم قتلوا والقلة الذين نجوا فروا الى الاردن'. عماشة وفخر الدين يؤمنان بانه في الاشهر القريبة القادمة ستحسم الحرب الاهلية في سوريا. 'الثوار ليسوا المواطنين'، يقول فخر الدين. 'هؤلاء رجال القاعدة ومنظمات الجهاد من دول كثيرة. يريدون دولة اسلامية، ونحن مع دولة علمانية. اؤمن بانه بعد كل شيء سينتصر الاسد بل وسيكون اقوى. في النهاية سيكون ايضا سلام بين اسرائيل وسوريا وهضبة الجولان ستتحرر'.
عماشة هو الاخر يؤمن بان في نهاية الحرب الاهلية سيحل السلام. 'اؤمن بان قريبا سيبدأ الثوار باطلاق النار نحو اسرائيل، ولكن هذا سيكون خطأ جسيما'، يقول. لا يمكن الانتصار في الحرب ضد احد الجيوش الاقوى في العالم ببندقية كلاشينكوف. حتى جيش الاسد لا يمكن أن ينتصر في مثل هذه الحرب لانه متخلق في تكنولوجيته. في النهاية كل الاطراف ستفهم بان هضبة الجولان لن يكون ممكنا تحريرها الا بالسلام'.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
'الرجل المريض على البوسفور'
بقلم: زلمان شوفال ،عن اسرائيل اليوم
يتوقع ان تكون تركيا ايضا بين الموضوعات التي ستُطرح في اللقاء القريب بين الرئيس اوباما ورئيس الوزراء نتنياهو. لقد أسموها في القرن التاسع عشر 'الرجل المريض على البوسفور'، وكتبت صحيفة بريطانية مهمة آنذاك ان سلوكها 'قد يورط اوروبا بل قد يفضي الى حرب'. وتورط تركيا اردوغان نفسها اليوم ايضا لا مع اوروبا فقط بل مع الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي الذي هي عضو فيه. ولا تستطيع تركيا ان تحرر نفسها من ذكرى ان العراق كان ذات مرة جزءا لا ينفصل منها، وهي تتدخل في شؤونه الداخلية وتزيد في عدم الاستقرار هناك. وقد قال دبلوماسي غربي مؤخرا ان 'من الصعب أن نبالغ في وصف عدم مسؤولية تركيا'. ويعبر عن عدم مسؤوليتها ايضا المساعدة التي تقدمها لايران لتسويق نفطها برغم العقوبات الاقتصادية.
وفي السياق القبرصي ايضا تُغضب تركيا حليفاتها في الغرب، فالاتحاد الاوروبي يطلب الى أنقرة ان تعترف باستقلال الجزء اليوناني من الجزيرة لكنها ترفضه؛ ويطلب الغرب اليها ان تُجلي قواتها العسكرية عن الجزء الشمالي من الجزيرة وان تُبطل القطيعة الاقتصادية التي فرضتها على الجمهورية القبرصية اليونانية لكن عبثا. بل انها تهدد بالاضرار بالمشروعات القبرصية للكشف عن مخزونات الغاز في مياهها الاقليمية. وتقوم فوق كل ذلك السحابة السوداء لعلاقات الحب الكراهية بين تركيا والاتحاد الاوروبي. في سنة 2000 صاغت اوروبا وثيقة حددت شروط انضمام تركيا الى الاتحاد ومنها خطوات في المجال الداخلي والاقتصادي لم يتم الوفاء بأكثرها. وقبل بضعة اسابيع عبرت مستشارة ألمانيا ميركل وقت زيارتها لتركيا عن ايمان بانضمام تركيا لكنها أضافت انه 'تتوقع الى الآن طريق طويلة'. ومن المؤكد ان احتمالات ان تُقبل تركيا للاتحاد لم تتحسن بعد تشهير اردوغان بالصهيونية. وقد ندد وزير الخارجية الالماني (كالامريكي) بها بلغة شديدة، وأرسل اعضاء البرلمان الاوروبي العشرون رسالة شديدة اللهجة الى المسؤولة عن العلاقات الخارجية في الاتحاد السيدة آشتون طالبين التنديد بتصريح اردوغان في مؤتمر مجلس وزراء الخارجية القريب.
أين تدخل امريكا في الصورة؟ ان واشنطن تؤيد على نحو عام التوجهات الاوروبية لكنها ما زالت ترى تركيا دعامة استراتيجية مهمة لحفظ المصالح الامريكية في الشرق الاوسط وهي مصالح ما زالت شديدة الأهمية وإن أعلن اوباما بأن المحور المركزي لسياسة الخارجية والامن الامريكية سيوجه منذ الآن الى جنوب شرق آسيا. في الماضي قامت الاستراتيجية الامريكية في هذا السياق على المثلث امريكا تركيا اسرائيل لكن الضلع التركية الاسرائيلية من هذا المثلث قد أخذت تتصدع منذ بضع سنوات (حتى قبل قضية 'مرمرة)
تسعى واشنطن اذا الى اعادة الامور الى سابق عهدها، والقدس معنية لاسبابها الخاصة بمساعدتها على ذلك حتى لو اضطرت الى 'ابتلاع ريقها' ومقاربة مطالب أنقرة المتعلقة بالقافلة البحرية الى غزة. إن التعاون الامني بين الولايات المتحدة وتركيا مهم لاسرائيل ايضا كما أن التعاون الامني الامريكي الاسرائيلي مهم لتركيا ايضا، لكن اذا أردنا الحكم على حسب تصريحات اردوغان ووزير خارجيته داود اوغلو المتحرشة فان احتمالات اعادة بناء 'المثلث' برغم الجهد الامريكي، ليست كبيرة.
أخذ يتبين أكثر فأكثر ان اردوغان يرى ان التشهير باسرائيل والصهيونية رافعة لتقديم مطامحه في المنطقتين العربية والاسلامية. كانوا يأملون في الغرب ذات مرة ان تستطيع تركيا 'المعتدلة' التي يحكمها حزب العدالة والتنمية الاسلامي، ان تكون نموذجا يحتذي عليه العالم العربي 'الناهض'. وبرغم ان تركيا تدعي الوقوف على رأس الهلال الاسلامي السني فان هدفها الحقيقي هو انشاء اطار جغرافي سياسي وايديولوجي بالهام منها وبقيادتها يشتمل على أكثر البلدان والشعوب التي كانت تنتمي في الماضي الى الدولة العثمانية، وهو هدف كان يقوم في مركز سياستها التي هي 'صفر مشكلات مع الجارات' (ما عدا اسرائيل بالطبع). وقد فشلت هذه السياسة الى الآن لكنها سببت تعكير علاقاتها بالولايات المتحدة وشبه قطيعة للعلاقات باسرائيل (بالمعنى الرسمي لا الاقتصادي). فهل يستعيد 'الرجل المريض على البوسفور' صحته في القريب؟ من المؤكد ان الامريكيين سيحاولون العمل في هذا الاتجاه وستكون اسرائيل مستعدة للمساعدة، لكن احتمالات ان تنجحا غير مشجعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الشراكة مع لبيد ستؤثر في السياسة نحو ايران
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هآرتس
بعد ان اتضحت بصورة نهائية صورة وضع تشكيل حكومة نتنياهو الثالثة، ستتم تسوية مسألة العضوية في الحلقتين السياسيتين الامنيتين في الحكومة وهما المجلس الوزاري المصغر والحلقة التي هي أضيق وهي السُباعية (أو الُثمانية أو التُساعية بحسب عدد اعضائها). وستكون هاتان هما الحلقتين الاخيرتين، أكثر من جلسة الحكومة العامة اللتين ستوجهان القرارات الحاسمة الأهم في هذين المجالين الحاسمين في الحكومة القادمة.
جلس في المجلس الوزاري المصغر التابع للحكومة الذاهبة بفعل القانون ستة اصحاب مناصب (رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدفاع ووزير القضاء ووزير المالية ووزير الامن الداخلي) وتسعة وزراء اعضاء آخرون وثلاثة وزراء مراقبين، على حسب قرارات الحكومة. ولا يمكن ان يكون عدد الاعضاء أكبر من نصف عدد اعضاء الحكومة.
لكن بالفعل وبسبب كبر المجلس الوزاري المصغر انتقلت المباحثات الاستراتيجية المهمة الى حلقة السبعة التي كبرت بعد ذلك حتى أصبحت تسعة اعضاء. وبُحثت هناك، بلا تسريبات في الأكثر، قضايا كسياسة اسرائيل المتعلقة بعلاج التهديد الذري الايراني. لكن رأيا استشاريا قانونيا صيغ في فترة الحكومة الآفلة قرر انه يجب وقت الحاجة ان يُتخذ قرار اجراء عسكري (كهجوم جوي على ايران) في المجلس الوزاري المصغر لا في الحلقة الضيقة التي مكانتها القانونية غامضة.
على حسب عدد من الأنباء المنشورة. نشأ حينما كانت المسألة الذرية الايرانية تُبحث بحثا مبدئيا على عهد الحكومة الذاهبة، تساوٍ في العدد بين مواقف المؤيدين والمعارضين، مع ممتنع واحد. ويصعب ان نجري حسابات مشابهة تتعلق بالحكومة التالية لا لأن التشكيلات لم تحدد نهائيا الى الآن بل لأن موعد القرارات المتوقعة ونوعها غير معلومين. ويوجد فرق عظيم بين قرار حاسم الآن على مهاجمة ايران (مع معرفة وجود معارضة الادارة الامريكية والمستوى المختص من الأذرع الامنية) وبين قرار في المستقبل، في وضع فشل نهائي لجهد العقوبات الدولية على طهران.
ومع كل ذلك يبدو ان اختيار نتنياهو لحكومة فيها يوجد مستقبل هو الشريك الرئيس قد يؤثر ايضا في السياسة المتعلقة بايران برغم الضريبة الكلامية التي ما زال رئيس الوزراء يدفعها عن أهمية القضية الايرانية في كل ظهور علني تقريبا. انتُخب لبيد للكنيست كي يُخفف عن الطبقة الوسطى لا ليدهور الشرق الاوسط الى حرب اقليمية. ولا يبدو أن احتمال ان يصوت لبيد مؤيدا لهجوم مدبر قبل استنفاد كل شيء، لا يبدو مرتفعا.
ويعتبر وزير الدفاع القادم بوغي يعلون ايضا معتدلا نسبيا في قضية ايران ومثله وزيرة القضاء تسيبي لفني. وسيكون هناك سؤال آخر هو نظرة الحكومة للمسيرة السياسية مع الفلسطينيين. إن يعلون والوزير القادم نفتالي بينيت يعتبران في الحقيقة صقرين لكنهما اذا ظنا ان الحديث عن تفاوض فقط من غير هدف عملي واضح فلن يعارضا تجديد المحادثات.
وفي غضون ذلك أصبحوا في الجيش الاسرائيلي يستعدون لاستقبال وزير الدفاع الجديد. يُخطط في الغد (الثلاثاء) مساء في قاعدة سلاح الجو في مركز البلاد لوداع رسمي تُجريه هيئة القيادة العامة للوزير التارك عمله اهود باراك بعد ست سنوات ولاية تقريبا. ولا يتوقع ان تكون الرسوم الدراسية للوزير يعلون مرتفعة لأنه كان رئيس هيئة اركان ونائب رئيس هيئة اركان، ورئيس شعبة الاستخبارات وقائد منطقة الوسط وهو يسيطر سيطرة جيدة على المادة المهنية. ولم تكن هذه حال عمير بيرتس. وتُعد علاقة يعلون برئيس هيئة الاركان بني غانتس الذي عمل قائدا لمنطقة الشمال تحت إمرة رئيس الاركان يعلون، تُعد جيدة.
سيضطر يعلون الى ان يقرر في الايام القريبة من الذين يتولون اعمالا في مكتبه القادم. عنده ثلاثة مستشارين مقربين مدير عام الوزارة للشؤون الاستراتيجية العميد احتياط يوسي كوبرفاسر، ومستشار الاعلام عوفر هرئيل والمستشار السياسي ايتسيك اشكنازي. والادراج الجديد في المكتب قد يؤثر في المستقبل المهني لموظفين رفيعي الشأن آخرين على الأقل وهما المدير العام لوزارة الدفاع اللواء احتياط أودي شني، ورئيس القسم السياسي في الوزارة اللواء احتياط عاموس جلعاد (وكلاهما مثل غانتس خريج هيئة القيادة العامة تحت إمرة يعلون).
قد يعمل كوبرفاسر رئيسا لمقر يعلون أو رئيسا للقسم السياسي اذا ترك جلعاد. ويُذكر اسم نائب رئيس هيئة الاركان السابق اللواء احتياط دان هرئيل مرشحا للادارة العامة للوزارة الى جانب أسماء اخرى. وعند الثلاثة المحتملين يعلون وكوبرفاسر وهرئيل خبرة كبيرة وعلم واستقامة. لكن الوزير القادم سيضطر الى ان يأخذ في حسابه أو على الأقل في مسألة شغل منصب رئيس مقر العمل، انه يحتاج ايضا الى شخص يعرف كيف يُتم صفقات في سرية بل كيف يسرق عددا من الخيول السياسية. وهنا، ومع كل كراهية بوغي للثعابين في الكرياه، فانه يحتاج كما يبدو الى واحد كهذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حكومة المليون
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
ستنتهي المعركة الانتخابية هذا الاسبوع مع تشكيل الحكومة الى انتصار واضح لليمين. فقد أنعش رئيس الوزراء نتنياهو نفسه من الضربة التي تلقاها في صناديق الاقتراع ونجح في ان يستخرج أكبر قدر في التفاوض الائتلافي الذي أجراه مع يئير لبيد ونفتالي بينيت. إن الثعلب القديم علّم المبتدئين السياسيين درسا.
بدأ نتنياهو التفاوض فقط بعد شهر من الاجراءات الباطلة التي كانت ترمي الى استنزاف مُحادثيه، فكان الشجار المغطى اعلاميا مع بينيت، ودموع التماسيح للانفصال عن الحريديين، وعرض وزارة المالية على شيلي يحيموفيتش، وضمان التفاوض السياسي لتسيبي لفني. وحينما انتهت الحيل الدعائية وترتبت المكعبات لمصلحة نتنياهو بقيت سياسة الخارجية والامن في يد الليكود بيتنا ورُكل لبيد الى وزارة المالية وسيكون البيت اليهودي شريكا ثانويا.
تميز التفاوض الائتلافي باشتغال مبالغ فيه بالسخافات مثل الاشياء التي تكرهها سارة نتنياهو، وعدد الوزراء أو انتاج 'صورة نصر' لبيد من غير الحريديين. ودُفعت شؤون جوهرية كسياسة الخارجية والامن الى خارج المباحثات ما عدا تحذير نتنياهو الاسبوعي من التهديد الايراني والخطر السوري. بل ان السياسة الاقتصادية بُحثت في الهامش هذا اذا بُحثت أصلا.
نجح نتنياهو في جعل خصمه شريكه لبيد قزما وفي عرضه على أنه سياسي فارغ باحث عن التكريم والشهرة، أراد ان يُرفه عن نفسه في وزارة الخارجية بدل ان يبحث 'أين المال' في المالية. وفي نهاية الاسبوع الماضي استسلم لبيد لحملة ضغوط اعلامية وتولى المهمة المثقلة التي أراد التهرب منها. وفشل ايضا في تطهير الحكومة من حقائب وزارية لا معنى لها مثل 'القدس واماكن الشتات'.
تنتهي الآن 'ألعاب العرش' وتبدأ الحياة الحقيقية. ولحكومة نتنياهو الثالثة هدف واضح هو توسيع المستوطنات وتحقيق حلم 'مليون يهودي في يهودا والسامرة'. ويفترض ان يحبط هذا العدد السحري تقسيم البلاد ويمنع بمرة واحدة والى الأبد انشاء الدولة الفلسطينية. وستُسلم الوزارتان ذواتا الصلة وهما الأمن والاسكان الى بوغي يعلون وأوري اريئيل. ولن يجلسا فيهما كي يُجمدا البناء بل ليُحققا تقرير ادموند ليفي وبرنامج عمل البيت اليهودي أي ضم الضفة بالتدريج.
استعمل نتنياهو تعبير 'الرياضيات' كي يُفسر صعابه السياسية التي منعته من ان يُلين مواقفه نحو الفلسطينيين. وقد كان هذا في الولاية السابقة التي تولى فيها المعتدلان اهود باراك ودان مريدور مناصب رفيعة. أما في الحكومة الجديدة فان الرياضيات تعمل بقوة أكبر في مضادة كل مصالحة في المناطق. فاليمين المتطرف مُقوى وموحد، ويحتاج من يريدون ان يرثوا نتنياهو في الليكود الى دعم المستوطنين وسيفعلون كل شيء لارضائهم ورشوتهم. أما الاعتدال السياسي فيفترض ان يعرضه لبيد ولفني لكن سيصعب عليهما ان يواجها يعلون وبينيت وساعر وكاتس وليبرمان ويئير شمير. وسيشترون لبيد بأمور صغيرة مثل 'قانون المساواة في العبء' كي تظل المليارات تتدفق على المستوطنات، ولفني أضعف من ان تؤثر.
ستكون مهمة نتنياهو المركزية الحصول على هدوء سياسي يُمكّن من توسيع المستوطنات بكلفة ضئيلة من التنديد الدولي. وسيستمر في الحيلة الناجحة من الولاية السابقة وهي التهديد بالهجوم على ايران وسوريا الذي يجذب انتباه الامريكيين. وباراك اوباما مشغول بتسكين الجبهة الايرانية وبمنع اشتعال في الجبهة السورية ويغض الطرف عن اعمال اسرائيل في المناطق. وهذه هي الصفقة التي سيسعى نتنياهو الى احرازها مع اوباما في لقائهما الاسبوع القادم في القدس. فقد نتنياهو من قوته في صناديق الاقتراع لكنه استغل لمصلحته الشقاق في المعسكر الخصم وانشأ حكومة مؤمنة بالقوة نحو الخارج وقومية نحو الداخل. وقيد إليه لبيد وبينيت الطامحين اللذين سيجهدان في إثبات أنفسهما وأبقى في الخارج الحريديين الجياع الذين سيستغلون كل شق كي يزحفوا عائدين الى الحكومة. وكانت الزيادة من اجل النهاية انه خفض توقعات وزراء الليكود الذين تخلوا عن أحلام ترفيع مناصبهم وتوسلوا اليه للبقاء في وزاراتهم القديمة. وهذه نتيجة مدهشة اذا قيست بالحملة الانتخابية البائسة لـ 'رئيس الحكومة القوي' نتنياهو.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (289) الثلاثاء- 12/03/2013 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
مواجهات الاستاد تهدد باحراق مصر
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
عندما شعر الامير بالاهانة
بقلم: سمدار بيري ،عن يديعوت
بين الاسد والثوار
بقلم: عدي حشمونائي،عن معاريف
الرجل المريض على البوسفور'
بقلم: زلمان شوفال ،عن اسرائيل اليوم
الشراكة مع لبيد ستؤثر في السياسة نحو ايران
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هآرتس
حكومة المليون
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
</tbody>
مواجهات الاستاد تهدد باحراق مصر
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
مباراة كرة قدم واحدة، مدينتان مصريتان وقرار محكمة تجمع في داخلها كل الغضب الذي تراكم في الاشهر التي قضت منذ المباراة وتهدد اليوم استقرار مصر. يخيل أنه أكثر من محاكمة مبارك ومحاكمة نجليه وقادة النظام السابق أصبحت هذه المحاكمة الفتيل الصاخب الذي بدأ يشتعل قبل نحو سنة ونصف ووصل امس الى حافة برميل البارود. السؤال هو اذا كان سيحدث انفجار أم في اللحظة الاخيرة تنجح قوات الامن في وقف العملية التي من شأنها أن تنقل مصر الى هزة لا يمكن التحكم بها. عندما تلا القاضي في المحكمة في القاهرة قرار الحكم والذي تضمن عقوبة الموت لـ 21 من اصل 73 متهما، وعقوبة المؤيد لـ 24 منهم وتبرئة ساحة 28 كانت الاضطرابات في أوجها.
في بور سعيد، التي جاء منها معظم المتهمين، تجري منذ كانون الثاني اضطرابات شوارع عنيفة وصلت أول أمس الى ذرتها عندما نقلت الانباء عن ان الاف المواطنين 'احتلوا' الطريق المؤدي الى المطار وان الجيش اخذ من الشرطة صلاحية فرض النظام. وفي القاهرة احتشد المئات قرب مبنى وزارة الداخلية وقرب المحكمة فيما منعت قوات الجيش سيطرتهم على المؤسسات التي اصبحت هدفا للغضب.
بداية القضية في مباراة كرة القدم بين فريق كرة القدم الاهلي القاهري وبين فريق المصري من بور سعيد، والتي جرت في اوائل شباط من العام الماضي. في نهاية المباراة، نشبت، بمبادرة مؤيدي المصري، حرب حقيقية بين الفريقين الخصمين. وديس على الناس، وحطمت العصي الرؤوس واطلقت النار دون تمييز وفي نهاية اليوم احصي 73 قتيلا. وعلى مدى سنة ترقب ابناء عائلات الضحايا مع المؤيدين المتحمسين لفريق الاهلي القاهري قرار المحكمة.
لاشهر عديدة شهدت مصر هزات سياسية شديدة هددت بتفكيكها: قضية صياغة الدستور؛ القرارات الرئاسية التعسفية التي اتخذها محمد مرسي؛ الاستفتاء الشعبي المتسرع لاقرار الدستور؛ الصراع العنيف قرب قصر الرئاسة بطلب تجميد الدستور؛ الصدع العميق بين المعارضة والنظام؛ والتوتر الحاد في العلاقات بين الجيش والنظام، بينما في الخلفية تلقي الازمة الاقتصادية بظلالها المهددة. كل هذا غذى الغليان الذي انتظر الحدث الذي يمكن ان يتجه اليه الاحباط.
هل محاكمة 'مذبحة بور سعيد' كما تعرف في وسائل الاعلام المصرية سيكون ذاك الحدث؟ الجواب على ذلك منوط بحجم العنف وبعدد المصابين الذين سيقعون في الاضطرابات، بقدرة النظام على صد المظاهرات وباستعداد الجيش للتدخل والعمل ضد المواطنين عند الحاجة.
في بور سعيد وصفوا الاعتراف القانوني بانه 'قرار حكم سياسي' هدفه ارضاء مؤيدي الاهلي، الذين يعتبرون مؤيدي النظام. ولكن في القاهرة ايضا لم يسارع مؤيدو الاهلي الى الفرح. فهم غاضبون من عقوبات السجن الخفيفة التي فرضت على قادة الشرطة ومن أن 28 متهما خرجوا أبرياء. بعد ساعات من تلاوة قرار المحكمة، والتي جرت في جلسة محكمة بلا جمهور ونقلت عبر كاميرة واحدة للتلفزيون المصري، واصل مواطنون في القاهرة الاحتجاج خارج وزارة الداخلية، مطالبين باقالة وزير الداخلية، وبعضهم شق طريقه نحو ميدان التحرير. ودعا بعض المتظاهرين الى اسقاط نظام مرسي واعادة النظام العسكري في مصر.
وفي الوقت الحالي يمتنع زعماء المعارضة عن استغلال الاحتشاد الجماهيري والاضطرابات لتحقيق مكسب سياسي ومناكفة نظام مرسي. واكتشفت قوى المعارضة بالذات في المحكمة شريكا مجديا خدم حتى الان مصالحهم وبالتالي فان الانضمام الى المتظاهرين قد يفسر كتشكيك بشرعية السلطة القضائية. ولكن اذا ما تدهورت الامور، فان قرار المحكمة ومباراة كرة القدم سيصبحان ذخيرة سياسية تحتدم قبيل موعد الانتخابات في الشهر القادم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
عندما شعر الامير بالاهانة
بقلم: سمدار بيري ،عن يديعوت
ثمة شيء منكر وعديم الاحترام في الحرب الاعلامية الصاخبة الدائرة بين الملياردير السعودي، الامير وليد بن طلال وبين مجلة 'فوربس' في موضوع تصنيفه في قائمة اغنياء العالم. الامير، الذي تتوزع أعماله في أرجاء العالم، يدعي بانهم ظلموه عندما أنزلوه من العشرية الاولى الى المرتبة الـ 26.
في 'فوربس' يصرون على أنهم نجحوا في أن يشخصوا لدى الامير 'فقط' 20 مليار دولار. أما هو من جهته فيدعي بان 'فوربس' شطبت له بنية مبيتة 10 مليارات. وترد عليه 'فوربس' بتحقيق أصفر، مع كشف طائرة 'ايرباص' الطائرة الجديدة التي اشتراها الامير لتضاف الى اسطول طائراته والتي يعلوها تاج ملكي مصنوع من الذهب الصافي، وتكشف أيضا أربع رسائل تحذير غاضبة ارسلت من مكاتب رب المال السعودي يطالب فيها برد اعتباره.
هذه القضية ـ والتي يهدد فيها ابن أخ الملك عبدالله بتخفيض مستوى التعاون الاقتصادي مع واشنطن ويشكو من 'التنكيل به على سبيل المس بصورة السعودية' ـ تغتسل في طول وعرض الصحف الاقتصادية الهامة في العالم. ثمة شماتة بالامير السعودي وبقيم الصحيفة في نفس الوقت. فرب المال الذي يشعر بالاهانة أعلن منذ الان مقاطعته لـ 'فوربس' (كيف سيتدبرون امورهم دون اعلاناته بعشرات الاف الدولارات؟) وتوجهه الى منافستها ـ شبكة 'بلومبرغ'. هناك مرتبته أعلى بكثير: رقم 16 في قائمة اصحاب المليارات في العالم.
36 ملياردير من العالم العربي يلعبون أدوار النجوم في التصنيف الاعتباري ويبلغ راسمالهم 118 مليار دولار. وتوزيع الاستثمارات، وكذا الانتماء للدول، مثير للاهتمام. السعودية تتصدر مع ثمانية مليارديريين يتركزون في شركاء البناء، الاتصالات، الفنادق في اوروبا ومشاريع في افريقيا. بعدهم سبعة أرباب مال من مصر. عائلة سواريس القبطية، أب ونجلاه، يلعبون كل واحد على حده دور النجم في قائمة 'فوربس' مع 3 مليارات دولار. ورغم ميل الانخفاض في السوق المالية المصرية، رغم شكاوى الاقباط من القمع والظلم ورغم أن مصر تبدو على حافة الافلاس، فان الثلاثي سواريس، ارباب المال في الاتصالات، لم يسقط.
من لبنان، يأتي بين اصحاب المليارات رئيس وزراء، الحالي، نجيب ميقاطي، وسلفه، سعد الحريري، مع ثلاثة اخوته ورثوا امبراطورية تجارية مزدهرة. منضم جديد الى القائمة هو رب المال المغربي عثمان بن جالون، الذي نجح في توسيع اعماله التجارية في اعقاب الاصلاحات الاقتصادية. ولم تنسى الاسرة المالكة في الرباط بائع الخضار العاطل عن العمل الذي أحرق نفسه في تونس المجاورة فأدى الى اسقاط النظام. فكابوس الربيع العربي يملي التشجيع والتحفيز لكل من يتعهد بخلق عمالة للمتعلمين العاطلين عن العمل، ممن سيغمرون الميادين.
امام أرباب المال حسب 'فوربس' و'بلومبرغ' ، تنكشف قائمة 100 امرأة عربية مؤثرة. وجدت مليارديرية ـ الأميرة أميرة، احدى زوجات الامير السعودي الذي يتقاتل مع 'فوربس'، واخرى مليونيرية، مستثمرة في البناء، هي الاخرى سعودية، لبنى عليان. اما الباقيات، فنساء مثيرات للاهتمام، مبادرات بفضل كفاءتهن وعنادهن.
في المكان الاول وزيرة التجارة الدولية من امارات الخليج، لبنى القاسمي. بعدها المعمارية من العراق زهاء حديد، الحاصلة على جائزة نوبل، من اليمن تواكل رمان، مغنية البوب اللبنانية نانسي عجرمي، الى جانب النشيطتين النسويتين منى تهامي ونوال سعداوي من مصر. الاخيرتان فرتا من الاسلاميين وتواصلان الانتقاد من بعيد لقمع النساء.
قائمة أصحاب المليارات العرب تؤدي الى استنتاج واضح: الحكم يواصل انتاج اناس وهميين، يحرصون على دعمه كشريك خفي في الارباح. وسواء كانت الثورات أم لا، فان رب المال يبقى متعلقا بالدكتاتور. فحجم الرشوة يملي حدود النشاط التجاري.
قائمة النساء مثيرة للفضول اكثر. حسنا أن شطبت بطلة الشارع المؤقتة، سميرة ابراهيم من القاهرة، التي كشفت عن فحص العذرية للمتظاهرات. للحظة واحدة جعلوها عزيزة البيت الابيض الى أن وضعوا اليد على خفاياها المنحطة في التويتر، تقطر كراهية لليهود وتشجع قتل الاسرائيليين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بين الاسد والثوار
بقلم: عدي حشمونائي،عن معاريف
من كل زاوية نظر تعتبر الحرب في سوريا مأساة، من المواطن الفرد حتى الشعب بأسره. احدى القصص الاكثر حزنا التي تدور في اوساط الدروز في هضبة الجولان تجسد بالملموس الواقع المركب، المتعذر، للحياة على جانبي الحدود الاسرائيلية والسورية.
'يدور الحديث عن عروس سورية وصلت الى اسرائيل قبل سنتين'، روى أمس احد السكان. 'قلبها يتمزق قلقا وشوقا لاهلها الذين يسكنون قرب دمشق. في تشرين الاول الماضي اجتازت معبر القنيطرة مع قلة من الطلاب الذين سافروا للدراسة في سوريا وتركت هنا رضيعا بعمر بضعة اشهر. ومنذئذ وهي تحاول العودة، ولا تنجح. في الاسبوع الماضي خرجت من هنا الى سوريا عدة شاحنات تفاح. ووقفت في الطرف السوري من معبر الحدود واستجدت السماح لها بالعودة الى بيتها، الى ابنها الرضيع والى زوجها. وكل يوم بيومه تصل الى المعبر، ولكن لا يسمح احد لها بالعودة الى اسرائيل'.
شوارع القرى الدرزية في شمال هضبة الجولان هادئة اكثر من أي وقت مضى. فلا دليل على التقارير عن مغادرة قريبة لقوات الامم المتحدة لسوريا وتهديدات الثوار بخرق الهدوء الذي يمتد الى أربعين سنة على الحدود مع اسرائيل قريبا. ومثل الجميع، فان الدروز، الذين يعتبرون سوريا وطنهم، ينتظرون ما سيأتي. ومثل اقربائهم الدروز في الطرف السوري، فانهم هم ايضا يؤيدون الاسد. التفسير الاكثر تكرارا لتأييد الاسد الذي يذبح جيشه الثوار وبالعكس هو أن الاسد، كابن لطائفة الاقلية العلوية، هو جيد لابناء الاقليات مثل الدروز.
حسن فخر الدين، من منظمي مهرجانات التأييد للاسد في قرى الجولان يشرح بان العطف للاسد أكبر في القرى الدرزية لانه بسط عليهم رعايته وهو يميزهم ايجابا بالنسبة لباقي مواطني سوريا لانهم يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي. غير أن فخر الدين قلق من المؤشرات التي تدل على أن قوات الامم المتحدة التي تفصل بين اسرائيل وسوريا وبدأت تحزم أمتعتها، والحدود ستترك سائبة للثوار الذين يسيطرون في معظم القرى على طولها.
'اسرائيل لن توافق على خروج الامم المتحدة من سوريا'، يقول. 'توجد أرض وقف النار واسرائيل لن توافق ان يدخل الثوار بدلا من قوات الامم المتحدة. اذا وافقت اسرائيل على هذا فواضح أنه ستكون الفوضى. ولكني شخصيا لا أخاف حتى لو قتل احد ما هنا، فنحن الدروز نؤمن بانه سيعود بسبب تناسخ الارواح.
وئام عماشة اضرب عن الطعام ضد الاسد عندما كان سجينا امنيا في سجن هداريم، وبعد تحرره في صفقة شاليط اصبح احد الزعماء البارزين في مجموعة معارضي الرئيس الاخذة في الاتساع في الجولان. 'توجد الان حرب بيننا وبين سمير قنطار، الذي هو ايضا درزي'، يقول عماشة عن قاتل عائلة هيرن في الهجوم الارهابي على نهاريا في 1979.
أنا أعرفه جيدا من السجن.كلجنة سجناء نظمنا الاضراب عن الطعام ضد شروطنا الاعتقالية في العام 2004'.
عماشة، ابن 31، قضى 14 سنة في السجن. 'حكم الاسد صنف بمعونته فكرة ان الدرزي المعارض للاسد هو مع الاحتلال الاسرائيلي'، يواصل عماشة فيقول. 'اضربت عن الطعام كي اري بان الدرزي الذي سبق أن اثبت بانه يعارض الاحتلال الاسرائيلي يمكنه ايضا ان يعارض الاسد، يؤيد الثوار ويقاتل من اجل الديمقراطية وحرية شعبه'.
ويروي عماشة بان أقرباءه في سوريا قطعوا الاتصال به. 'صحيح أن معظم الدروز في سوريا يعرفون انفسهم كمؤيدين للاسد، ولكن ليس كل الدروز الذين يعلنون بانهم يؤيدون الاسد هم حقا كذلك'، يقول. 'أنا اؤمن بانه يوجد الكثير جدا من الدروز الذين يعلنون عن ذلك انطلاقا من الخوف. في الاشهر الاخيرة تبلورت كتيبة كاملة من الضباط والجنود الدروز الذين فروا من جيش الاسد. وقد تجمعوا في منطقة جبل العرب جنوب سوريا، وقبل شهر ونصف قصفهم الجيش السوري. معظمهم قتلوا والقلة الذين نجوا فروا الى الاردن'. عماشة وفخر الدين يؤمنان بانه في الاشهر القريبة القادمة ستحسم الحرب الاهلية في سوريا. 'الثوار ليسوا المواطنين'، يقول فخر الدين. 'هؤلاء رجال القاعدة ومنظمات الجهاد من دول كثيرة. يريدون دولة اسلامية، ونحن مع دولة علمانية. اؤمن بانه بعد كل شيء سينتصر الاسد بل وسيكون اقوى. في النهاية سيكون ايضا سلام بين اسرائيل وسوريا وهضبة الجولان ستتحرر'.
عماشة هو الاخر يؤمن بان في نهاية الحرب الاهلية سيحل السلام. 'اؤمن بان قريبا سيبدأ الثوار باطلاق النار نحو اسرائيل، ولكن هذا سيكون خطأ جسيما'، يقول. لا يمكن الانتصار في الحرب ضد احد الجيوش الاقوى في العالم ببندقية كلاشينكوف. حتى جيش الاسد لا يمكن أن ينتصر في مثل هذه الحرب لانه متخلق في تكنولوجيته. في النهاية كل الاطراف ستفهم بان هضبة الجولان لن يكون ممكنا تحريرها الا بالسلام'.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
'الرجل المريض على البوسفور'
بقلم: زلمان شوفال ،عن اسرائيل اليوم
يتوقع ان تكون تركيا ايضا بين الموضوعات التي ستُطرح في اللقاء القريب بين الرئيس اوباما ورئيس الوزراء نتنياهو. لقد أسموها في القرن التاسع عشر 'الرجل المريض على البوسفور'، وكتبت صحيفة بريطانية مهمة آنذاك ان سلوكها 'قد يورط اوروبا بل قد يفضي الى حرب'. وتورط تركيا اردوغان نفسها اليوم ايضا لا مع اوروبا فقط بل مع الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي الذي هي عضو فيه. ولا تستطيع تركيا ان تحرر نفسها من ذكرى ان العراق كان ذات مرة جزءا لا ينفصل منها، وهي تتدخل في شؤونه الداخلية وتزيد في عدم الاستقرار هناك. وقد قال دبلوماسي غربي مؤخرا ان 'من الصعب أن نبالغ في وصف عدم مسؤولية تركيا'. ويعبر عن عدم مسؤوليتها ايضا المساعدة التي تقدمها لايران لتسويق نفطها برغم العقوبات الاقتصادية.
وفي السياق القبرصي ايضا تُغضب تركيا حليفاتها في الغرب، فالاتحاد الاوروبي يطلب الى أنقرة ان تعترف باستقلال الجزء اليوناني من الجزيرة لكنها ترفضه؛ ويطلب الغرب اليها ان تُجلي قواتها العسكرية عن الجزء الشمالي من الجزيرة وان تُبطل القطيعة الاقتصادية التي فرضتها على الجمهورية القبرصية اليونانية لكن عبثا. بل انها تهدد بالاضرار بالمشروعات القبرصية للكشف عن مخزونات الغاز في مياهها الاقليمية. وتقوم فوق كل ذلك السحابة السوداء لعلاقات الحب الكراهية بين تركيا والاتحاد الاوروبي. في سنة 2000 صاغت اوروبا وثيقة حددت شروط انضمام تركيا الى الاتحاد ومنها خطوات في المجال الداخلي والاقتصادي لم يتم الوفاء بأكثرها. وقبل بضعة اسابيع عبرت مستشارة ألمانيا ميركل وقت زيارتها لتركيا عن ايمان بانضمام تركيا لكنها أضافت انه 'تتوقع الى الآن طريق طويلة'. ومن المؤكد ان احتمالات ان تُقبل تركيا للاتحاد لم تتحسن بعد تشهير اردوغان بالصهيونية. وقد ندد وزير الخارجية الالماني (كالامريكي) بها بلغة شديدة، وأرسل اعضاء البرلمان الاوروبي العشرون رسالة شديدة اللهجة الى المسؤولة عن العلاقات الخارجية في الاتحاد السيدة آشتون طالبين التنديد بتصريح اردوغان في مؤتمر مجلس وزراء الخارجية القريب.
أين تدخل امريكا في الصورة؟ ان واشنطن تؤيد على نحو عام التوجهات الاوروبية لكنها ما زالت ترى تركيا دعامة استراتيجية مهمة لحفظ المصالح الامريكية في الشرق الاوسط وهي مصالح ما زالت شديدة الأهمية وإن أعلن اوباما بأن المحور المركزي لسياسة الخارجية والامن الامريكية سيوجه منذ الآن الى جنوب شرق آسيا. في الماضي قامت الاستراتيجية الامريكية في هذا السياق على المثلث امريكا تركيا اسرائيل لكن الضلع التركية الاسرائيلية من هذا المثلث قد أخذت تتصدع منذ بضع سنوات (حتى قبل قضية 'مرمرة)
تسعى واشنطن اذا الى اعادة الامور الى سابق عهدها، والقدس معنية لاسبابها الخاصة بمساعدتها على ذلك حتى لو اضطرت الى 'ابتلاع ريقها' ومقاربة مطالب أنقرة المتعلقة بالقافلة البحرية الى غزة. إن التعاون الامني بين الولايات المتحدة وتركيا مهم لاسرائيل ايضا كما أن التعاون الامني الامريكي الاسرائيلي مهم لتركيا ايضا، لكن اذا أردنا الحكم على حسب تصريحات اردوغان ووزير خارجيته داود اوغلو المتحرشة فان احتمالات اعادة بناء 'المثلث' برغم الجهد الامريكي، ليست كبيرة.
أخذ يتبين أكثر فأكثر ان اردوغان يرى ان التشهير باسرائيل والصهيونية رافعة لتقديم مطامحه في المنطقتين العربية والاسلامية. كانوا يأملون في الغرب ذات مرة ان تستطيع تركيا 'المعتدلة' التي يحكمها حزب العدالة والتنمية الاسلامي، ان تكون نموذجا يحتذي عليه العالم العربي 'الناهض'. وبرغم ان تركيا تدعي الوقوف على رأس الهلال الاسلامي السني فان هدفها الحقيقي هو انشاء اطار جغرافي سياسي وايديولوجي بالهام منها وبقيادتها يشتمل على أكثر البلدان والشعوب التي كانت تنتمي في الماضي الى الدولة العثمانية، وهو هدف كان يقوم في مركز سياستها التي هي 'صفر مشكلات مع الجارات' (ما عدا اسرائيل بالطبع). وقد فشلت هذه السياسة الى الآن لكنها سببت تعكير علاقاتها بالولايات المتحدة وشبه قطيعة للعلاقات باسرائيل (بالمعنى الرسمي لا الاقتصادي). فهل يستعيد 'الرجل المريض على البوسفور' صحته في القريب؟ من المؤكد ان الامريكيين سيحاولون العمل في هذا الاتجاه وستكون اسرائيل مستعدة للمساعدة، لكن احتمالات ان تنجحا غير مشجعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الشراكة مع لبيد ستؤثر في السياسة نحو ايران
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هآرتس
بعد ان اتضحت بصورة نهائية صورة وضع تشكيل حكومة نتنياهو الثالثة، ستتم تسوية مسألة العضوية في الحلقتين السياسيتين الامنيتين في الحكومة وهما المجلس الوزاري المصغر والحلقة التي هي أضيق وهي السُباعية (أو الُثمانية أو التُساعية بحسب عدد اعضائها). وستكون هاتان هما الحلقتين الاخيرتين، أكثر من جلسة الحكومة العامة اللتين ستوجهان القرارات الحاسمة الأهم في هذين المجالين الحاسمين في الحكومة القادمة.
جلس في المجلس الوزاري المصغر التابع للحكومة الذاهبة بفعل القانون ستة اصحاب مناصب (رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدفاع ووزير القضاء ووزير المالية ووزير الامن الداخلي) وتسعة وزراء اعضاء آخرون وثلاثة وزراء مراقبين، على حسب قرارات الحكومة. ولا يمكن ان يكون عدد الاعضاء أكبر من نصف عدد اعضاء الحكومة.
لكن بالفعل وبسبب كبر المجلس الوزاري المصغر انتقلت المباحثات الاستراتيجية المهمة الى حلقة السبعة التي كبرت بعد ذلك حتى أصبحت تسعة اعضاء. وبُحثت هناك، بلا تسريبات في الأكثر، قضايا كسياسة اسرائيل المتعلقة بعلاج التهديد الذري الايراني. لكن رأيا استشاريا قانونيا صيغ في فترة الحكومة الآفلة قرر انه يجب وقت الحاجة ان يُتخذ قرار اجراء عسكري (كهجوم جوي على ايران) في المجلس الوزاري المصغر لا في الحلقة الضيقة التي مكانتها القانونية غامضة.
على حسب عدد من الأنباء المنشورة. نشأ حينما كانت المسألة الذرية الايرانية تُبحث بحثا مبدئيا على عهد الحكومة الذاهبة، تساوٍ في العدد بين مواقف المؤيدين والمعارضين، مع ممتنع واحد. ويصعب ان نجري حسابات مشابهة تتعلق بالحكومة التالية لا لأن التشكيلات لم تحدد نهائيا الى الآن بل لأن موعد القرارات المتوقعة ونوعها غير معلومين. ويوجد فرق عظيم بين قرار حاسم الآن على مهاجمة ايران (مع معرفة وجود معارضة الادارة الامريكية والمستوى المختص من الأذرع الامنية) وبين قرار في المستقبل، في وضع فشل نهائي لجهد العقوبات الدولية على طهران.
ومع كل ذلك يبدو ان اختيار نتنياهو لحكومة فيها يوجد مستقبل هو الشريك الرئيس قد يؤثر ايضا في السياسة المتعلقة بايران برغم الضريبة الكلامية التي ما زال رئيس الوزراء يدفعها عن أهمية القضية الايرانية في كل ظهور علني تقريبا. انتُخب لبيد للكنيست كي يُخفف عن الطبقة الوسطى لا ليدهور الشرق الاوسط الى حرب اقليمية. ولا يبدو أن احتمال ان يصوت لبيد مؤيدا لهجوم مدبر قبل استنفاد كل شيء، لا يبدو مرتفعا.
ويعتبر وزير الدفاع القادم بوغي يعلون ايضا معتدلا نسبيا في قضية ايران ومثله وزيرة القضاء تسيبي لفني. وسيكون هناك سؤال آخر هو نظرة الحكومة للمسيرة السياسية مع الفلسطينيين. إن يعلون والوزير القادم نفتالي بينيت يعتبران في الحقيقة صقرين لكنهما اذا ظنا ان الحديث عن تفاوض فقط من غير هدف عملي واضح فلن يعارضا تجديد المحادثات.
وفي غضون ذلك أصبحوا في الجيش الاسرائيلي يستعدون لاستقبال وزير الدفاع الجديد. يُخطط في الغد (الثلاثاء) مساء في قاعدة سلاح الجو في مركز البلاد لوداع رسمي تُجريه هيئة القيادة العامة للوزير التارك عمله اهود باراك بعد ست سنوات ولاية تقريبا. ولا يتوقع ان تكون الرسوم الدراسية للوزير يعلون مرتفعة لأنه كان رئيس هيئة اركان ونائب رئيس هيئة اركان، ورئيس شعبة الاستخبارات وقائد منطقة الوسط وهو يسيطر سيطرة جيدة على المادة المهنية. ولم تكن هذه حال عمير بيرتس. وتُعد علاقة يعلون برئيس هيئة الاركان بني غانتس الذي عمل قائدا لمنطقة الشمال تحت إمرة رئيس الاركان يعلون، تُعد جيدة.
سيضطر يعلون الى ان يقرر في الايام القريبة من الذين يتولون اعمالا في مكتبه القادم. عنده ثلاثة مستشارين مقربين مدير عام الوزارة للشؤون الاستراتيجية العميد احتياط يوسي كوبرفاسر، ومستشار الاعلام عوفر هرئيل والمستشار السياسي ايتسيك اشكنازي. والادراج الجديد في المكتب قد يؤثر في المستقبل المهني لموظفين رفيعي الشأن آخرين على الأقل وهما المدير العام لوزارة الدفاع اللواء احتياط أودي شني، ورئيس القسم السياسي في الوزارة اللواء احتياط عاموس جلعاد (وكلاهما مثل غانتس خريج هيئة القيادة العامة تحت إمرة يعلون).
قد يعمل كوبرفاسر رئيسا لمقر يعلون أو رئيسا للقسم السياسي اذا ترك جلعاد. ويُذكر اسم نائب رئيس هيئة الاركان السابق اللواء احتياط دان هرئيل مرشحا للادارة العامة للوزارة الى جانب أسماء اخرى. وعند الثلاثة المحتملين يعلون وكوبرفاسر وهرئيل خبرة كبيرة وعلم واستقامة. لكن الوزير القادم سيضطر الى ان يأخذ في حسابه أو على الأقل في مسألة شغل منصب رئيس مقر العمل، انه يحتاج ايضا الى شخص يعرف كيف يُتم صفقات في سرية بل كيف يسرق عددا من الخيول السياسية. وهنا، ومع كل كراهية بوغي للثعابين في الكرياه، فانه يحتاج كما يبدو الى واحد كهذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حكومة المليون
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
ستنتهي المعركة الانتخابية هذا الاسبوع مع تشكيل الحكومة الى انتصار واضح لليمين. فقد أنعش رئيس الوزراء نتنياهو نفسه من الضربة التي تلقاها في صناديق الاقتراع ونجح في ان يستخرج أكبر قدر في التفاوض الائتلافي الذي أجراه مع يئير لبيد ونفتالي بينيت. إن الثعلب القديم علّم المبتدئين السياسيين درسا.
بدأ نتنياهو التفاوض فقط بعد شهر من الاجراءات الباطلة التي كانت ترمي الى استنزاف مُحادثيه، فكان الشجار المغطى اعلاميا مع بينيت، ودموع التماسيح للانفصال عن الحريديين، وعرض وزارة المالية على شيلي يحيموفيتش، وضمان التفاوض السياسي لتسيبي لفني. وحينما انتهت الحيل الدعائية وترتبت المكعبات لمصلحة نتنياهو بقيت سياسة الخارجية والامن في يد الليكود بيتنا ورُكل لبيد الى وزارة المالية وسيكون البيت اليهودي شريكا ثانويا.
تميز التفاوض الائتلافي باشتغال مبالغ فيه بالسخافات مثل الاشياء التي تكرهها سارة نتنياهو، وعدد الوزراء أو انتاج 'صورة نصر' لبيد من غير الحريديين. ودُفعت شؤون جوهرية كسياسة الخارجية والامن الى خارج المباحثات ما عدا تحذير نتنياهو الاسبوعي من التهديد الايراني والخطر السوري. بل ان السياسة الاقتصادية بُحثت في الهامش هذا اذا بُحثت أصلا.
نجح نتنياهو في جعل خصمه شريكه لبيد قزما وفي عرضه على أنه سياسي فارغ باحث عن التكريم والشهرة، أراد ان يُرفه عن نفسه في وزارة الخارجية بدل ان يبحث 'أين المال' في المالية. وفي نهاية الاسبوع الماضي استسلم لبيد لحملة ضغوط اعلامية وتولى المهمة المثقلة التي أراد التهرب منها. وفشل ايضا في تطهير الحكومة من حقائب وزارية لا معنى لها مثل 'القدس واماكن الشتات'.
تنتهي الآن 'ألعاب العرش' وتبدأ الحياة الحقيقية. ولحكومة نتنياهو الثالثة هدف واضح هو توسيع المستوطنات وتحقيق حلم 'مليون يهودي في يهودا والسامرة'. ويفترض ان يحبط هذا العدد السحري تقسيم البلاد ويمنع بمرة واحدة والى الأبد انشاء الدولة الفلسطينية. وستُسلم الوزارتان ذواتا الصلة وهما الأمن والاسكان الى بوغي يعلون وأوري اريئيل. ولن يجلسا فيهما كي يُجمدا البناء بل ليُحققا تقرير ادموند ليفي وبرنامج عمل البيت اليهودي أي ضم الضفة بالتدريج.
استعمل نتنياهو تعبير 'الرياضيات' كي يُفسر صعابه السياسية التي منعته من ان يُلين مواقفه نحو الفلسطينيين. وقد كان هذا في الولاية السابقة التي تولى فيها المعتدلان اهود باراك ودان مريدور مناصب رفيعة. أما في الحكومة الجديدة فان الرياضيات تعمل بقوة أكبر في مضادة كل مصالحة في المناطق. فاليمين المتطرف مُقوى وموحد، ويحتاج من يريدون ان يرثوا نتنياهو في الليكود الى دعم المستوطنين وسيفعلون كل شيء لارضائهم ورشوتهم. أما الاعتدال السياسي فيفترض ان يعرضه لبيد ولفني لكن سيصعب عليهما ان يواجها يعلون وبينيت وساعر وكاتس وليبرمان ويئير شمير. وسيشترون لبيد بأمور صغيرة مثل 'قانون المساواة في العبء' كي تظل المليارات تتدفق على المستوطنات، ولفني أضعف من ان تؤثر.
ستكون مهمة نتنياهو المركزية الحصول على هدوء سياسي يُمكّن من توسيع المستوطنات بكلفة ضئيلة من التنديد الدولي. وسيستمر في الحيلة الناجحة من الولاية السابقة وهي التهديد بالهجوم على ايران وسوريا الذي يجذب انتباه الامريكيين. وباراك اوباما مشغول بتسكين الجبهة الايرانية وبمنع اشتعال في الجبهة السورية ويغض الطرف عن اعمال اسرائيل في المناطق. وهذه هي الصفقة التي سيسعى نتنياهو الى احرازها مع اوباما في لقائهما الاسبوع القادم في القدس. فقد نتنياهو من قوته في صناديق الاقتراع لكنه استغل لمصلحته الشقاق في المعسكر الخصم وانشأ حكومة مؤمنة بالقوة نحو الخارج وقومية نحو الداخل. وقيد إليه لبيد وبينيت الطامحين اللذين سيجهدان في إثبات أنفسهما وأبقى في الخارج الحريديين الجياع الذين سيستغلون كل شق كي يزحفوا عائدين الى الحكومة. وكانت الزيادة من اجل النهاية انه خفض توقعات وزراء الليكود الذين تخلوا عن أحلام ترفيع مناصبهم وتوسلوا اليه للبقاء في وزاراتهم القديمة. وهذه نتيجة مدهشة اذا قيست بالحملة الانتخابية البائسة لـ 'رئيس الحكومة القوي' نتنياهو.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ