Aburas
2013-03-20, 10:03 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (293) الاثنيـــن- 18/03/2013 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
النافذة الفلسطينية
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
حينما يتحدث الرئيس ولا يقول شيئا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
فرصة مميزة للحكومة
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
طهران ستتبنى استراتيجية كوريا الشمالية
بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم
انتهاء ايام البراءة
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
من حرب اهلية الى صراع عالمي
بقلم:أساف جبور،عن معاريف
سيناريوهات نتيجة الصراع في سوريا
بقلم:د. يهودا بلنجا،عن معاريف
</tbody>
النافذة الفلسطينية
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
صحفية أمريكية، صحفية إسرائيلية وبشار المصري الفلسطيني صاحب الرؤيا والمنفذ لمشروع المدينة الفلسطينية المخططة الاولى، يقفون في نقطة المراقبة الاعلى في روابي التلال. وحيالهم تظهر رام الله، ومن خلفها جامعة بيرزيت.
في يوم صافٍ يمكن من هنا متابعة حركة السفن التي ترسو في ميناء اسدود، فيرى الناس حتى عسقلان وربما يلاحظون المباني العالية لتل أبيب. القدس توجد على مسافة 40كم، عمان 70كم. ولكن الجيران الاقرب يسكنون على مسافة ثلاث دقائق سفر. طريق النزاع الذي يتلوى من رأس التلة يمكنه أن يرتبط بسهولة مع مستوطنة عطيرت. تسعون عائلة نزلوا في طابور طويل من المباني السكنية غير القانونية. في عطيرت يتابعون روابي بعيون معادية. وبين الحين والاخر يأتون للتظاهر، واغلاق طريق الشاحنات.
كيفما نظرنا الى الامر، فان مشروع روابي يقبض الانفاس. الصحفية الامريكية، جوديث ميلر، ستكتب مقالا يوصي الرئيس اوباما بالقفز للزيارة. هذا لن يحصل. اوباما لن يدخل في خطة زيارته التواء سياسي. نحن، من رأس التلة، نوصي وزراء حكومة اسرائيل الجديدة الا يفوتوا حدثا يتبلور بسرعة بناء عنيدة.
قبل سنة فقط كانت الخطط لا تزال على الورق. والمال لم يكن يبدو في الافق. اما الان، دفعة واحدة، 3 الاف عامل، مهندس، منتج ومقدم خدمات يقومون باعمال التشطيب للاسكانات متعددة الطوابق، لمركز تجاري، ثماني مدارس، مسرح كبير وحديقة خضراء، الحديقة الاكبر التي ستكون في مناطق السلطة الفلسطينية. ويستهدف المشروع استيعاب 45 ألف فلسطيني. 600 عائلة سجلت اون لاين لمرحلة الاسكان الاولى. واسعار الشقق أدنى بـ 30 في المائة مقارنة برام الله، تتراوح بين 75 الف دولار للشقة من أربع غرف عادية وحتى 150 الف دولار للفيلا الاعتبارية. فقط باستثناء انها بدون اسطح حمراء، كما طالب المشترون، كي لا يذكروا بصور مشاهد المستوطنات.
بعد قليل ستصبح روابي مدينة مستقلة تختار لنفسها مدراءها من تحت أنف رئيس السلطة محمود عباس. من يريد أن يشتري يجب أن يتلقى الاذن من وزارة الداخلية الفلسطينية بحيث لا يتسلل سكان اشكاليون. وفي هذه الاثناء لا يباع للفلسطينيين من الخارج، نوع من الحاجز في وجه حق العودة.
العناد الطموح لبشار المصري هو قصة بحد ذاتها. لسنتين تجول مبعوثوه في أرجاء العالم وحصلوا على تواقيع الاف الفلسطينيين على بيع الارض. بعضهم حتى لم يعرف بانهم مسجلون كاصحاب اراض في الضفة. وهو نفسه من مواليد عائلة ميسورة من نابلس، خرج في حملة تجنيد للمستثمرين توقفت في المحطة الاولى. حكام إمارة قطر في الخليج تحمسوا جدا للفكرة بحيث تعهدوا بان يدفعوا أكثر من 600 مليون دولار.
ويقول المصري ان قطر تعهدت لحماس في غزة باربعمائة مليون دولار بصفة تبرع خيري. اما في مشروعي فهم يرون استثمار تجاريا وهذا ما يحدث الفرق. كما أنه تبنى طريقة السلوك الاسرائيلي. في البداية يخلقون حقائق على الارض، وبعد ذلك يجادلون في التراخيص. وهذا، حسب المصري، تبنى دولة.
روابي هي اختبار مزدوج. سيكون مشوقا اكتشاف من هم ابناء الطبقة الوسطى الفلسطينية ممن يمكنهم أن يسمحوا لانفسهم بشراء شقة الاحلام وادخال السيارة الخاصة الى موقف السيارات الذي يحفر تحت المجمع التجاري. إذ ان الفلسطيني، الذي يمكنه أن يقوم بالشي على النار في الحديقة، ان يشتري في السوبرماركت (بما في ذلك البضائع الاسرائيلية)، وأن يسبح في البركة، او ينفس طاقته في نادي اللياقة ويتسلى في السينما، فسيكون جارا هادئا.
الحقيقة؟ في عيون اسرائيلية ايضا لا توجد كلمة سيئة تقال عن مشروع روابي. التعلق بتوريد مواد البناء والمعدات الاسرائيلية يوفر 85 مليون دولار لشركاء غير خفيين. وزير العالم الجديد، يعقو بيري، زار هنا العام الماضي، وتأثر جدا بحيث جلب أربعين من رجال الاقتصاد الرواد لدينا. اخرجوا في اعقابهم. من يريد أن يرى صورة اخرى، فعليه ان يصعد الى تلال روابي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حينما يتحدث الرئيس ولا يقول شيئا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
استقر رأي براك اوباما على ان يعاقب مواطني اسرائيل، فهو يتحدث اليهم كأنهم طائفة من الجهلة. واستقر رأي رئيس الولايات المتحدة ايضا على ان يعاقب نفسه، فهو يخون قيمه التي منحته المجد العالمي وجائزة نوبل للسلام ايضا، ولا سبيل اخرى لفهم كلامه في المقابلة التي أجراها لاخبار القناة الثانية قُبيل زيارته لاسرائيل. فالتملق الذي أسبغه فيها على رئيس اسرائيل يتجاوز كثيرا قواعد الدبلوماسية بل مقدار الأدب الامريكي المزيف. ويتجاوز تنكره لقيمه ايضا كثيرا الانتهازية المطلوبة من السياسي.
قال اوباما انه يريد 'أن يُصادق الشعب الاسرائيلي'. وقد فعل هذا خصوصا بصورة جيدة فقد قال للاسرائيليين فقط ما يحبون سماعه. لكننا كنا نتوقع من اوباما أكثر من ذلك. وحينما يقول اوباما انه 'يُجل قيم اسرائيل الأساسية'، يجب ان نسأله عن أية قيم يتحدث. هل عن سلب الفلسطينيين انسانيتهم؟ هل عن معاملة المهاجرين الأفارقة؟ هل عن الاستكبار والعنصرية والقومية؟ هل يُجل هذه؟ أولا تُذكره الحافلات المستقلة بشيء ما؟ ألا 'تقرع الجرس عنده' جماعتان مستقلتان تعيشان على نفس قطعة الارض ولاحداهما حقوق كاملة والثانية بلا أي حق؟ هل يُجل القيم الأساسية وهو يعلم ان الحديث عن واحدة من أشد الدول عنصرية مع جدار الفصل وكل ظواهر التمييز العنصري الاخرى؟ إن تجاهل كل ذلك يعني خيانة كل القيم الأساسية لحركة حقوق المواطن في الولايات المتحدة التي بفضلها نشأت أعجوبة اوباما. ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يحقق طموحه 'الى إلصاق شارب له' والحديث مباشرة الى الاسرائيليين: فقد كان لو فعل لسمع كيف يتحدثون عن السود أمثاله. ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يجلس في مقهى 'ويُباسطهم' كما كان يريد لأنه لو فعل لسمع ما هي القيم الأساسية التي تستحثهم.
يريد اوباما خفض التوقعات من زيارته. ولا يمكن التدني الى أخفض من ذلك. قالوا في الولاية الاولى انه يجب انتظار الثانية. وقد جاءت الآن وهو يقول انه سيأتي 'للاستماع' فقط. لكن عمله ليس الاستماع لأن الجميع قد استمعوا من قبل بما يزيد على الحاجة. وحان الآن وقت العمل وهو يتأخر مرة اخرى. ولنترك العمل ونقول انه يجب الانتباه الى الكلمات ايضا: فرئيس وزراء اسرائيل هو 'بيبي' على لسانه أبدا، أما قادة الفلسطينيين فهم أبو مازن وسلام فياض. وهو 'سيقول' لأبو مازن، و'سيقترح' على بيبي. وهو يذكر 'بيبي' مرات لا تحصى ولا يذكر حتى مرة واحدة وحيدة الاحتلال. إن الحديث عن 'حكم ذاتي' للفلسطينيين كأنه العودة الى الوراء عشرات السنين، ومن غير أية كلمة عن العدل، وهو الامر الطبيعي الذي يفترض ان يثور عند كل ذي ضمير بازاء الاحتلال الاسرائيلي. وكذلك الحديث عن الأمن الذي هو أبدا أمن اسرائيل فقط لا أمن الفلسطينيين ألبتة الذين يعيشون في خطر أكبر بكثير.
إننا بين اثنتين فاما أننا اخطأنا فيه وإما أنه يحاول تضليلنا وليس من الواضح لماذا. ما الذي يعطيه تملق اسرائيل اذا لم يوجد الى جانبه مطالب منها، وأي قيمة لطموحه الى الحديث الى الاسرائيليين اذا لم يكن ينوي ان يقول لهم شيئا سوى التملق الأجوف. وأية قيمة للزيارة اذا كانوا لا يريدون مسبقا ان يروا أية نتائج تصدر عنها. إن اوباما الذي يعلم شيئا أو اثنين عن الحقوق والظلم والسلب والتمييز والاحتلال والذي سمع في بداية طريقه غير قليل عن مصير الفلسطينيين من صديقه في الجامعة البروفيسور رشيد الخالدي، هل نسي كل شيء. هل يُمحى كل شيء في السياسة الدولية حتى حينما تكون براك اوباما، نجمها الأعلى المدهش والأكثر اثارة وتأثيرا؟.
وسيكون من يقولون مرة اخرى: انتظروا انتظروا، فاللقاء الصحفي هو لقاء صحفي فقط، وبعد ذلك ستأتي الخطبة في مباني الأمة، وستكون هي ايضا خطبة فقط. إن السنين تمر والمستوطنات تزداد عمقا والاحتلال يزيد رسوخا. وبعد قليل، وربما الآن يا سيدي الرئيس، سيكون متأخرا، متأخرا كثيرا: إن القيم الأساسية التي تُجلها تغرق ولا مُخلص لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
فرصة مميزة للحكومة
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
في تأخر ظاهر، بعد ستة اسابيع مُعذِّبة من المساومة والحيل والتلون يبدو انه أصبح لنا حكومة في نهاية الامر. إن الرابحين الرئيسيين هم ناس يوجد مستقبل والبيت اليهودي الذين عقدوا حلفا على تفاوض مشترك ونجحوا في احباط جهود بنيامين نتنياهو في ضرب بعضهم ببعض. واضطروه في نهاية الامر الى قبول كل مطالبهم الأساسية.
والخاسرات البارزات هي الاحزاب الحريدية التي أُبعدت عن الحكومة برغم جهود نتنياهو غير العادية لضمها. يرى كثيرون من الاسرائيليين ان هذه الاحزاب مبتزة مستعدة لأن تبيع اصواتها لمن يزيد في السعر، مع ارادتها ان تفرض التفسيرات الشرعية الأكثر تشددا على الشعب كله، واستُقبل منع دخولها الى الحكومة بارتياح عند أجزاء واسعة من الشعب.
سيرأس الحكومة الجديدة بنيامين نتنياهو لكنه سيكون متعلقا بشركائه في الائتلاف تعلقا أكبر مما كان في الماضي. لكنه اذا استغل الوضع كما ينبغي فقد يبدو ان ذلك نعمة خفية. فستكون عنده فرصة مميزة لاقرار وضع اسرائيل في العالم وتنفيذ اصلاحات في المجال الاجتماعي والاقتصادي المهم وهي اصلاحات لقيت في الماضي معارضة الجماعات الحريدية مرة بعد اخرى.
إن دخول يوجد مستقبل (وتسيبي لفني وهي أكثر هامشية) الى الحكومة قد يُخفف شيئا ما العداوة الدولية لاسرائيل وذلك باظهار حقيقة أن الحكومة قطاع عرضي يمثل الشعب بقدر أكبر. إن لبيد رجل مركز حقيقي يلتزم بتصور 'الدولتين'، لكنه يؤيد الحفاظ على الكتل الاستيطانية وعلى اريئيل والقدس الموحدة. ومن المؤكد أن آراءه لا تُعرفه بأنه يساري ويتوقع ان يجد فيه نتنياهو توأمه في أكثر الموضوعات.
يجب ان يكون التحدي الداخلي الأشد إلحاحا على الحكومة هو عرض خطوات اصلاحية مؤلمة لضمان ألا يُجرب اقتصادنا انهيارا. وعليها ان تعالج موضوعات لا حل لها في مجالات الدين والدولة، وليس الحديث فقط عن الشأن العاطفي في أساسه وهو المساواة في عبء الخدمة العسكرية بل عن ضمان أن يوزن كل الاسرائيليين الذين يحظون بتربية مدعومة ان يدرسوا خطة دراسية أساسية تشمل الرياضيات والانجليزية والمدنيات والتاريخ. وهكذا يُربى الطلاب جميعا على ان يكونوا مواطنين نافعين يعملون كسبا للرزق بدل أن يعيشوا على رفاهة الدولة. ينبغي ان نعامل الحريديين في الحقيقة بأدب واحترام لكن مع الزامهم بأن يشاركوا في عبء المواطنة كما يتمتعون بخيراتها.
لأول مرة منذ عقود يوجد اليوم في الكنيست من اعضاء الكنيست المتدينين الصهاينة أكثر مما يوجد من الحريديين. وعند البيت اليهودي فرصة لتغيير النظام الذي يسيطر الحريديون في نطاقه على المؤسسات الدينية كالحاخامية الرئيسة. ويستطيع هذا الحزب ان يدفع قدما بحاخامين صهاينة الى مناصب رسمية وان يزيد بذلك جذب اليهودية الى اسرائيليين لا يقيمون الفرائض بطريق القدوة لا بالارغام.
ستغير هذه الحكومة طريقة الحكم وتقلل عدد الاحزاب. ويجب عليها كذلك ان تطور طريقة جديدة لانتخاب اعضاء الكنيست مع الغاء طريقة الانتخابات التمهيدية القائمة التي تُستغل استغلالا سيئا مشحونا بالفساد.
برغم حقيقة ان لبيد قاد قوة بشرية جديدة ذات خبرة الى الكنيست، ينبغي تطوير نظام لا يُجند فيه المرشحون للكنيست بحسب النزوات الشخصية لرؤساء الاحزاب. قد يمكن استعمال أجسام متوسطة منتخبة يُنتخب فيها المرشحون مسبقا مع الامتناع عن استعمال الانتخابات التمهيدية استعمالا سيئا. ويُحتاج كذلك الى ترتيب يضمن ان يتحمل أكثر اعضاء الكنيست مسؤولية مباشرة نحو ناخبيهم بدل ان تكون نحو رؤساء الاحزاب.
عند نتنياهو اربع سنوات حاسمة يتوقع ان تُتخذ فيها قرارات أساسية ستؤثر في مستقبل اسرائيل. فاذا نجح في اقناع الائتلاف بحصر العناية في صوغ استراتيجيات لأمد بعيد في سياق مسيرة السلام وتحقيق الاصلاحات في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية وتغيير طريقة الحكم فسيتم تذكره بأنه واحد من أعظم زعماء الدولة. وعليه كي يحقق ذلك ان يعمل في تصميم على القضاء على الحروب السياسية الداخلية المريبة وان يحصر عنايته في دفع المصلحة القومية لا غير، قدماً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
طهران ستتبنى استراتيجية كوريا الشمالية
بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم
إن التقارير الصحفية التي جاءت من جولة المحادثات الاخيرة بين الغرب الذي تمثله الدول الخمس + 1 وبين ايران والذي تم في كازاخستان، كانت ايجابية على نحو يثير التساؤل. وأعلن عنوان تقرير في هذا الشأن نشر في صحيفة 'واشنطن بوست' في 27 شباط ان 'المحادثات الذرية مع ايران انتهت بنغمة ايجابية'. وقال سعيد جليلي رئيس فريق التفاوض الايراني للمراسلين انه قد يتوصل الطرفان الى 'نقطة تحول' في المحادثات بينهما. لكن هل كان يوجد تسويغ لكل هذا التفاؤل؟.
بيّن جليلي الذي حاول بلا شك ان يعرض نفسه على انه مفاوض متشدد يدافع عن المصالح الايرانية، ان تفاؤله ينبع من ان الولايات المتحدة تجري الآن تنازلات لم تكن توافق على القيام بها في الماضي: '... هم الذين اقتربوا أكثر من وجهة نظرنا'.
ووجدت بضع دلائل شهدت على ذلك. فقد اعتقدت مقالة أسرة التحرير في صحيفة 'وول ستريت جورنال' ان السلوك الايراني حول طاولة التفاوض تأثر بقرار واشنطن على مضاءلة عدد حاملات الطائرات في الخليج الفارسي من 2 الى 1 وهذا تغيير أضعف قدرة الغرب على المساومة.
بل تبنت صحيفة 'واشنطن بوست' نهجا انتقاديا مضادا لادارة اوباما في مقالة التحرير الرئيسة في الصحيفة والتي نشرت في 28 كانون الثاني وسألت فيها على نحو متحدٍ هل الولايات المتحدة 'تستكين لايران'؟ وذكرت المقالة انه في اثناء التفاوض السابق الذي تم في بغداد في أيار 2012 طلبت حلقة دول الخمس + 1 من ايران ان تغلق تماما منشأة تخصيب اليورانيوم تحت الارض في فوردو. وأصرت القوى الغربية ايضا على ان تُخرج ايران كل مخزونات اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة في حوزتها الى خارج الدولة. ومع ذلك اكتفت الخمس + 1 في المحادثات الحالية في كازاخستان بتعليق عمل المنشأة في فوردو فقط من غير ان تُغلق المنشأة. وتستطيع ايران بحسب المقترحات الجديدة ان تحفظ لديها جزءا من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة. ونقول من اجل العدل ان الاقتراح الجديد عبر عن موقف موحد لحلقة الخمس + 1 لا عن الموقف الامريكي فقط.
يبدو ان الايرانيين يريدون تليين مواقف اعضاء اخرى في حلقة الخمس + 1 لاستعمال ضغط على واشنطن لتقوم بتنازلات اخرى لطهران. ويلاحظ ان المسؤولة عن الشؤون الخارجية من جهة الاتحاد الاوروبي، كاثرين آشتون، التي هي المفاوضة الرئيسة من قبل الخمس + 1 لا تستعمل لغة تشبه لغة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي يقول ان وقت الحل الدبلوماسي أخذ ينفد. ورفضت في مؤتمر ميونيخ للامن الذي عُقد في مطلع شباط ان تتبنى هذا الموقف من الايرانيين. ويبدو أنها تعبر عن رأي اوروبي رائج يقول ان التفاوض مع ايران يجب ان يستمر بكل ثمن وإن بدا انه لا يفضي الى أية نتائج حقيقية.
إن أكبر معارضة لهذا التصور، اذا استثنينا اسرائيل، هي العربية السعودية. ففي مقالات برزت بسبب صدقها وقيلت في الحفل الصحفي المشترك في الرياض مع وزير الخارجية الامريكي كيري في الرابع من آذار، أعلم الامير سعود الفيصل الذي يتولى وزارة الخارجية السعودية أن المحادثات مع ايران لا يمكن ان تستمر الى الأبد وأضاف أن 'التفاوض يجب ان ينتهي في وقت ما'.
وأكد ان الايرانيين ليسوا جديين في محادثاتهم مع الغرب: 'لقد استمروا في التفاوض للتوصل فقط الى محادثات اخرى في المستقبل. اذا استمر مثل هذا التفاوض فسنجد أنفسنا نواجه سلاحا ذريا لكن لا يمكننا ان نسمح بحدوث ذلك'.
تنبع رؤية السعوديين الواقعية بلا شك من وضعهم الاستراتيجي. فالعربية السعودية محاطة بتوابع ايرانية تحظى بمساعدة مباشرة من طهران.
ففي الجنوب يوجد المتمردون الشيعة في اليمن؛ في شهر كانون الثاني 2013 تم وقف سفينة سلاح ثالثة حملت صواريخ ايرانية مضادة للطائرات وصواريخ كاتيوشا قبل ان تستطيع نقل شحنتها الى المتمردين هناك. وفي الشمال يوجد رئيس حكومة العراق نوري المالكي الذي ترى السعودية أنه لا يقل عن كونه عميلا ايرانيا.
وفي الشرق، اتهمت قوات أمن البحرين مؤخرا الحرس الثوري الايراني بالمشاركة في التخطيط لعمليات ارهابية في الجزيرة التي تقع على مبعدة 25كم فقط عن المنطقة الشرقية من العربية السعودية.
زعم موظفون سعوديون انه توجد 'مؤامرات خارجية' تشارك في الهبة الشيعية في داخل السعودية نفسها. وليس من المفاجيء لذلك ان السعوديين من القلة الذين يدركون الحيلة الايرانية لاستغلال المحادثات الذرية مع الغرب لكسب وقت والتقدم نحو السلاح الذري.
بيّن حسين مسبيان الذي كان عضوا في فريق التفاوض الذري من الايرانيين من 2003 2005، بيّن استراتيجية تفاوض طهران في اثناء محادثات تمت في حينه مع البريطانيين والفرنسيين والالمان. وحينما تحدث في القناة الثانية في التلفاز الايراني اعترف بصدق قائلا: 'بفضل التفاوض مع اوروبا كسبنا سنة اخرى، أنهينا فيها بناء منشأة تحويل اليورانيوم في اصفهان'.
فرض خبراء كثيرون بالشأن الذري الايراني الى اليوم ان طهران ستتبنى استراتيجية كوريا الشمالية التي تسمى 'الاندفاع قدما'، وأنها ترفض رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعمل على ان تُتم سريعا تخصيب اليورانيوم لدرجة عسكرية. اذا كانت هذه خطة ايران فان نقطة البدء باليورانيوم بدرجة 20 في المائة تُقصر الوقت الى الدرجة العسكرية بمقدار النصف. وهذا هو الذي جعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحدد الخط الاحمر الاسرائيلي متعلقا بكمية اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة وهي كمية تتيح انتاج قنبلة واحدة فقط (نحو من 225 كغم).
بدأت ايران في رد على الخط الاحمر الذي رسمته اسرائيل وفي مقابل الاستمرار في التخصيب بدرجة 20 في المائة، تحول جزءا من اليورانيوم المخصب بهذه الدرجة الى اهداف اخرى ليست عسكرية. وأفضت هذه الخطوة الى ان أصبح لديها اليوم 167 كغم فقط بدل 280 كغم يورانيوم مخصب. وهذا الشيء منعها في واقع الامر من اجتياز الخط الاحمر في الخريف الاخير.
يبدو ان ايران تتبنى بدل ذلك استراتيجية جديدة وهي الزيادة الكثيفة للبنى التحتية لتخصيب اليورانيوم بزيادة عدد آلات الطرد المركزي على منشأة نتناز بعدد لم يسبق له مثيل.
والى ذلك اعلنت ايران بعد انتهاء المحادثات في كازاخستان انها تبنى 3 آلاف آلة طرد مركزي من نوع أكثر تقدما وسرعة على نحو قوي. وهكذا اذا استقر رأي ايران على استراتيجية الانطلاق الذري قدما فسيشتمل ذلك على استخلاص اليورانيوم المخصب الذي سيكون كافيا لأكثر من قنبلة واحدة.
ان مصلحة ايران في هذه النقطة ان تدق إسفينا بين الولايات المتحدة والاوروبيين للحصول على تنازلات اخرى من حلقة الخمس + 1. لكن نظرة لايران من الشرق الاوسط تدل على ان كل تنازل من الغرب سيزيد فقط في سلوك ايران العدواني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
انتهاء ايام البراءة
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
مر عامان. أيام بعيدة كانت فيها الجماهير تحتشد في دمشق وتهتف للديمقراطية، ووسائل الاعلام العالمية كانت تبلغ عن هذا بحماسة. كانت سوريا جزءا من الربيع العربي. بعد لحظة سينتهي حكم الاسد، او أن الدائرة الداخلية ستقرر الخلاص منه، مثلما حصل لمبارك. عدة أسابيع أو أشهر اخرى، والاسد سيفر او سيجد موته مثل القذافي.
كان قليل جدا من البراءة في الثورة السورية، وسرعان ما انقضت وبوحشية. فالحكم السوري ليس حرسا وطنيا من النوع المصري لمبارك أو دكتاتورية رجل وحيد من نوع القذافي. النظام السوري هو الطائفة العلوية التي تعرف بان هزيمتها كفيلة بان تؤدي الى قتل كامل ومطلق لجالية كاملة. وهي تكافح، الى جانب قطاعات تتناقص في الجمهور السوري، ضد الابادة. وهي تفعل ذلك بواسطة الابادة.
ايام البراءة للاسرة الدولية مرت هي ايضا. التصريحات الكبرى تبددت. بعض منا ربما يتذكرون الايام التي كان صبح مساء يعلن فيها زعيم غربي (واحيانا اسرائيلي ايضا) بان ها هو الاسد يسقط. وكان هذا تكتيكا مقصودا غايته تسريع سقوطه من خلال التنبؤ به. بعد سنتين، يمكن القول بيقين بان هذا فشل. لم يكن للاسرائيليين أوهام كبرى عن الثوار، ولكن في هاتين السنتين تعلم الغرب ايضا كيف يتعرف من جديد على الثوار السوريين. الاجزاء الاكثر ليبرالية في الثورة، وكذا الجهاديين. الثورة الشعبية السورية، تلك التي عانقها الغرب ورفعت يافطات كبرى طلبت مساعدة امريكا، ضعفت واستبدلت. انعدام الوسيلة الذي ابدته الاسرة الدولية ووحشية نظام الاسد عززا وخلقا الثورة الحالية، تلك التي عناصرها البارزة هم الراديكاليون الاسلاميون من النوع الاكثر اخافة.
انعدام الوسيلة هو التعبير الاساسي. العالم يعرف بان سوريا تتفكك. العالم يفهم جيدا بان يحتمل ان تنتهي الحرب الاهلية بظواهر قتل شعب حقا. ويتابع زعماء الغرب بقلق هائل كميات اللاجئين الذين يندفعون الى خارج الدولة، الجهاديين الذين يتدفقون الى داخلها وقواعد السلاح الكيميائي. ولكن اداة العمل هي مجلس الامن، وهذا يخضع للفيتو الروسي. الروس، مستاؤون، من المناورة التي اجرتها لهم الولايات المتحدة في ليبيا حيث استخدمت قرارا ناعما في مجلس الامن لاسقاط القذافي- كانوا مصممين على عدم السماح بذلك في حالة الاسد. وصدهم الدبلوماسي يستمر هذه الايام ايضا، ولكن الحقيقة هي أن ما حصل في هذه الاثناء هو أن المعركة السورية الداخلية تعقدت. فصعود قوة الثوار الاسلاميين برد الحماسة الغربية لتسليح المعارضة السورية. وتبين أنه خلافا للوضع في ليبيا، من الصعب جدا توحيد المعارضة السورية. الدولة نفسها تجتاز عملية تفكك. ومعظم الجهود تركزت على محاولة توحيد معارضي النظام والتنسيق بينهم، قبل التفكير بما يزودون به وفي اي ظروف على الاطلاق.
وفي هذا الوقت تستمر المذبحة. مذبحة فظيعة، هي الافظع الذي شهدها الشرق الاوسط منذ الحرب الاهلية اللبنانية الطويلة وربما أخطر منها. مذبحة تركز على التطهير العرقي لمناطق قروية على خلفية الهوية العرقية. جثث الاطفال تقدم للاستعراض. مقاتلون علويون يتباهون باعداد المواطنين الذين قتلوا. جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
هذه لعبة باردة، لعبة أرقام. مذبحة كبيرة جدا ستؤدي الى صرخة عامة في الغرب؛ ضغط جماهيري لتدخل انساني ضد نظم الاسد. ولكن في هذه الاثناء، في اعداد الموتى التي تنشر اسبوعيا وشهريا، الضغط الجماهيري مضبوط. فقد تعلم الغرب كيف يحتوي ويسلم بالقتل الجماعي الذي يجري على اساس يومي في سوريا. اوروبا والولايات المتحدة تريدان معارك سهلة يمكن حسمها سريعا والاعلان عن النصر، مثلما في مالي. وعلى اي حال فان التلفزيون عودنا على الفظائع. ربما يصعب على السوريين الاعتياد، ولكنه سهل على مشاهدي التلفزيون.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
من حرب اهلية الى صراع عالمي
بقلم:أساف جبور،عن معاريف
في اطار الحرب الجارية في سوريا بين قوات الاسد وقوات الثوار، يدخل أصحاب مصالح كثيرون. بعضهم يؤيدون الاسد علنا او بشكل خفي، آخرون ينقلون السلاح، الذخيرة والتدريب للثوار.
قطر، تركيا، السعودية والاردن: محافل سورية رسمية افادت بتدخل قطر والسعودية في الشؤون الداخلية لسوريا وبنقل وسائل قتالية ومعدات عسكرية للثوار السوريين تحت غطاء المساعدات الانسانية للاجئين. الوسائل القتالية، التي تشكل نحو 40 في المائة من قدرة السلاح لدى الثوار السوريين، تنقل من معابر الحدود على تركيا، العراق ولبنان، التي يتحكم بها الثوار. في الاردن، بالتوازي مع اقامة مخيمات للاجئين، اقيمت حسب تقارير في وسائل الاعلام البريطانية، معسكرات تدريب لمقاتلي الثوار من قبل الولايات المتحدة، قبل أن يقاتلوا في الميدان.
الولايات المتحدة واوروبا: لقد كانت الولايات المتحدة هي التي دفعت قوات الحلف والدول الاوروبية الى رفع الحظر كي يكون ممكنا تسليح الثوار. فبعد أن اصطدم اوباما بالرفض من جانب اوروبا قرر العمل على تدريب القوات ووقع على وثيقة سرية في السي.اي.ايه صادق فيها لوكالة الاستخبارات على مساعدة الثوار في اسقاط نظام الاسد.
القاعدة: أدت الحدود المفتوحة الى تسلل مقاتلين اسلاميين وصلوا الى سوريا للمشاركة في اسقاط نظام الاسد وترسيخ سيطرة منظمات متطرفة كالقاعدة. ومن اصل عشرات الكتائب المختلفة التي تقاتل ضد النظام، تحت اسم 'الجيش السوري الحر'، تتماثل مجموعتان مركزيتان مع منظمة القاعدة، جبهة النصرة ولواء الفرقان، اللتان تنجحان في تحقيق سيطرة في القرى المجاورة للحدود مع العراق، لبنان واسرائيل. في شريط التقطته، على مسافة امتار قليلة من الجدار الحدودي مع اسرائيل، احدى هاتين الكتيبتين، التقطت في الكاميرا حركة سيارات جيب اسرائيلية على طريق الدوريات. وافاد العراقيون من جهتهم بان نشطاء القاعدة الذين يواصلون التسلل عبر الحدود الى سوريا اقاموا قواعد دائمة في عدد من المراكز قرب الحدود.
حزب الله: في مرحلة متقدمة من القتال، عندما بدأ جيش الاسد يتكبد خسائر فادحة، ونجح الثوار في احتلال المدن، افادت قوات الجيش السوري الحر بتواجد مقاتلي حزب الله في اثناء القتال. ووقعت مواجهات شديدة بين مقاتلي حزب الله في مداخل المدن المجاورة للحدود اللبنانية السورية. وأدت التقارير عن تواجد مقاتلي حزب الله في وسط سوريا وفي دمشق، وتوثيق المقاتلين بكاميرات الثوار الى انتقاد داخل لبنان ايضا وشجب تدخل حزب الله في ما يجري في سوريا.
الحرس الثوري الايراني: ايران، التي سعت الى الدفاع عن حليفها الاسد، وأكثر من ذلك عن قاعدتها العسكرية المتقدمة التي عملت عليها على مدى سنوات طويلة، بعثت بمقاتلين وضباط من الحرس الثوري الايراني. وحسب التقارير المختلفة بعثت ايضا بجنود من وحدة البسيج المعروفين بوحشيتهم. وافاد جيش الثوار بوجود ضباط ايرانيين يشاركون في الحرب في سوريا ويقدمون المشورة لقوات الاسد ومقاتلي حزب الله. ومع أنهم في ايران نفوا هذه التقارير، ولكن دليلا ثابتا على التعاون الايراني اللبناني السوري توفر في اثناء تصفية مسؤول الحرس الثوري حسن شاطري في شباط 2013، حين كان في طريقه من سوريا الى لبنان.
روسيا والصين: بالتوازي مع محاولات دق العصي في عجلات دول العالم في كل ما يتعلق بمساعدة المقاتلين ضد الاسد، واصل الروس تأييد النظام وتشغيل المنشآت العسكرية التي توجد لهم في سوريا. وكلما مالت الحرب في اتجاه الثوار، وفقد الاسد من قوته، يهجر الروس الذين يعيشون في سوريا الدولة ومن يبقى يتواجد في طرطوس واللاذقية اللتين بقيتا تحت سيطرة النظام.
الامم المتحدة: رغم استمرار المذابح في سوريا، اختار اعضاء مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة البحث في لقائهم الاخير في جنيف بالذات ببيان شجب خاص لاسرائيل على خلفية 'أزمة السكان السوريين في هضبة الجولان'. وفي اثناء النقاش، الذي اداره الممثل الباكستاني، طرح مشروع قرار حسب التقديرات سيرفع الى التصويت قريبا ويحمل عنوان: 'حقوق الانسان في الجولان السوري المحتل'.
في المشروع نفسه يعرب المجلس عن 'قلق شديد على معاناة المواطنين السوريين'، ليس في أعقاب المذابح النكراء التي يرتكبها بحقهم الرئيس الاسد، بل في ضوء الخرقات المستمرة والمنهاجية لحقوق الانسان من قبل اسرائيل منذ الاحتلال في 1967'، على حد تعبير مشروع القرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سيناريوهات نتيجة الصراع في سوريا
بقلم:د. يهودا بلنجا،عن معاريف
عنف جديد يهدد النظام في سوريا'، كتب في 'الجارديان'. فقد روى تقرير دافيد هيرست عن اضطرابات عنف، عن تضعضع حكم الاسد وعن أن 'ايام النظام معدودة'. فهل يبدو هذا معروفا؟ إذن، اعلموا بان هذا تقرير كتب في 12 اذار 1980. الايام: ذروة تمرد 'الاخوان المسلمين' في سوريا، عندما فقد النظام السيطرة على اجزاء من شمالي الدولة. في 26 حزيران 1980 نجح 'الاخوان' من الاقتراب من الاسد والقاء قنابل يدوية عليه، ولكنهم اخطأوا الهدف ونجا الاسد من محاولة الاغتيال. في حينه ايضا سوريا كانت في عزلة تامة. ولكن حافظ الاسد نجا بعد ست سنوات من الكفاح، وبعد أن ذبح عشرات الالاف في حماة، قمع التمرد وأصبح زعيما ذا قامة ليس فقط في سوريا، بل وفي العالم العربي باسره.
وها هو الان يقف 'الكافر من دمشق' في ذات الوضع الذي كان يعيشه أبوه قبل 31 سنة. ذات العزلة، ذات النزاع الطائفي المهدد بشق سوريا اليوم، ذات حملة القتل الوحشية، ولكن ليست ذات الازمنة. فالتدخل الذي تسمح لنفسها به الاسرة الدولية في الازمة السورية كفيلة بان تؤدي بالاسد وبلاده الى واقع مختلفا تماما عن ذاك الذي عاشه الاسد الاب، وربما لا. سأحاول ان اعرض عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل سوريا.
الاسد يبقى: الذي لا يصدق يحصل والاسد ينجح في النجاة من الثورة الهائلة ضده. وبمساعدة الايرانيين، حزب الله والروس يقمع الاسد الاضطرابات في المدن الكبرى والعنف يهدأ في ارجاء سوريا. والنتيجة المباشرة: خلق زعيم جديد ذي قامة في العالم العربي بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام، إذ ان ما لم ينجح في عمله مبارك، القذافي وبن علي، نجح في عمله بشار الشاب.
الاسد يفر: بعد ان تحتل دمشق جيوش الثوار، وهؤلاء أقرب من أي وقت مضى من قصر الرئاسة في حي المزة، يقرر الاسد طلب بطاقة سفر من سوريا. فيحصل على ملجأ سياسي في جنوب افريقيا أو في روسيا وينقل خيوط السيطرة الى نائبه فاروق الشرع. في هذه الحالة، تغرق سوريا في جهود طويلة من اعادة البناء، ولعلها تتوقف لفترة زمنية معينة من لعب دور مركزي في المنطقة.
تمترس علوي في الشمال: غير مرة علم عن تسلح علوي في الشمال وعن اعداد التربة لاقامة دولة منفصلة، في حالة سقوط النظام المركزي في دمشق. ومعروف عن مال علوي نقل الى حسابات في الخارج وعن هروب شباب ومسؤولين كبار من ابناء الطائفة. وتروي الشائعات ايضا عن أبناء عائلة الاسد ممن وجدوا ملجأ في دول الخليج الفارسي. وهكذا فان الحاجة الى ضمان سلامة الطائفة ستؤدي الى انقطاعها عن سوريا.
تفكك سوريا: كون سوريا تتشكل من اكثر من 30 في المائة من ابناء الاقليات، وفي المواجهة الحالية تنعكس المسألة الفئوية الطائفية في سوريا، فان الكثير من المراقبين يتوقعون تفككها في اليوم التالي للاسد. وبالمقابل، يجب أن نتذكر نحو مائة سنة من السعي الى الوحدة؛ المصالح عموم الطائفية المشتركة. والاهم: مبدأ القومية في سوريا والوحدة العربية.
سيطرة المتطرفين على سوريا: عدم التنسيق بين جهات المعارضة، وعلى رأسهم العسكرية، ادى الى وضع سيطرت فيه مجموعات مسلحة مختلفة على قرى بل ومناطق كاملة، وتقيم فيها نوعا من الحكم الذاتي. بعض من هذه المجموعات تحتفظ بايديولوجيا اسلامية متطرفة وتحصل على تمويل من محافل ودول في الخليج الفارسي. في السيناريو الحالي تنجح منظمات اسلامية مختلفة (بما في ذلك تلك المتفرعة عن القاعدة) في أن تفرض سيادتها في مناطق مختلفة من المحيط السوري، ومن هناك تخرج في أعمال ارهابية ضد المركز (ولا سيما دمشق) وجيران سوريا. ويؤدي هذا الوضع الى تصعيد داخلي في سوريا، وبالاساس الى تصعيد اقليمي وذلك لانه ستنشأ مصلحة اسرائيلية، اردنية وتركية مشتركة بدعم من الغرب وروسيا لقمع هذه الجهات.
غرق في حرب طويلة: من بين جملة السيناريوهات التي عرضت، معقول بالتأكيد ان تغرق سوريا في صراع عنيف لا تبدو نهايته بالعين. ولما كان هذا لزمن طويل فأي من الاطراف لا ينجح في تحقيق نقطة 'تحطيم التعادل' يحتمل أن تدور سوريا حول الوضع الراهن الحالي حرب عنيفة يحتفظ بها الحكم بمكانته حول دمشق ويتمتع بدعم من أبناء الاقليات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (293) الاثنيـــن- 18/03/2013 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
النافذة الفلسطينية
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
حينما يتحدث الرئيس ولا يقول شيئا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
فرصة مميزة للحكومة
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
طهران ستتبنى استراتيجية كوريا الشمالية
بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم
انتهاء ايام البراءة
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
من حرب اهلية الى صراع عالمي
بقلم:أساف جبور،عن معاريف
سيناريوهات نتيجة الصراع في سوريا
بقلم:د. يهودا بلنجا،عن معاريف
</tbody>
النافذة الفلسطينية
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
صحفية أمريكية، صحفية إسرائيلية وبشار المصري الفلسطيني صاحب الرؤيا والمنفذ لمشروع المدينة الفلسطينية المخططة الاولى، يقفون في نقطة المراقبة الاعلى في روابي التلال. وحيالهم تظهر رام الله، ومن خلفها جامعة بيرزيت.
في يوم صافٍ يمكن من هنا متابعة حركة السفن التي ترسو في ميناء اسدود، فيرى الناس حتى عسقلان وربما يلاحظون المباني العالية لتل أبيب. القدس توجد على مسافة 40كم، عمان 70كم. ولكن الجيران الاقرب يسكنون على مسافة ثلاث دقائق سفر. طريق النزاع الذي يتلوى من رأس التلة يمكنه أن يرتبط بسهولة مع مستوطنة عطيرت. تسعون عائلة نزلوا في طابور طويل من المباني السكنية غير القانونية. في عطيرت يتابعون روابي بعيون معادية. وبين الحين والاخر يأتون للتظاهر، واغلاق طريق الشاحنات.
كيفما نظرنا الى الامر، فان مشروع روابي يقبض الانفاس. الصحفية الامريكية، جوديث ميلر، ستكتب مقالا يوصي الرئيس اوباما بالقفز للزيارة. هذا لن يحصل. اوباما لن يدخل في خطة زيارته التواء سياسي. نحن، من رأس التلة، نوصي وزراء حكومة اسرائيل الجديدة الا يفوتوا حدثا يتبلور بسرعة بناء عنيدة.
قبل سنة فقط كانت الخطط لا تزال على الورق. والمال لم يكن يبدو في الافق. اما الان، دفعة واحدة، 3 الاف عامل، مهندس، منتج ومقدم خدمات يقومون باعمال التشطيب للاسكانات متعددة الطوابق، لمركز تجاري، ثماني مدارس، مسرح كبير وحديقة خضراء، الحديقة الاكبر التي ستكون في مناطق السلطة الفلسطينية. ويستهدف المشروع استيعاب 45 ألف فلسطيني. 600 عائلة سجلت اون لاين لمرحلة الاسكان الاولى. واسعار الشقق أدنى بـ 30 في المائة مقارنة برام الله، تتراوح بين 75 الف دولار للشقة من أربع غرف عادية وحتى 150 الف دولار للفيلا الاعتبارية. فقط باستثناء انها بدون اسطح حمراء، كما طالب المشترون، كي لا يذكروا بصور مشاهد المستوطنات.
بعد قليل ستصبح روابي مدينة مستقلة تختار لنفسها مدراءها من تحت أنف رئيس السلطة محمود عباس. من يريد أن يشتري يجب أن يتلقى الاذن من وزارة الداخلية الفلسطينية بحيث لا يتسلل سكان اشكاليون. وفي هذه الاثناء لا يباع للفلسطينيين من الخارج، نوع من الحاجز في وجه حق العودة.
العناد الطموح لبشار المصري هو قصة بحد ذاتها. لسنتين تجول مبعوثوه في أرجاء العالم وحصلوا على تواقيع الاف الفلسطينيين على بيع الارض. بعضهم حتى لم يعرف بانهم مسجلون كاصحاب اراض في الضفة. وهو نفسه من مواليد عائلة ميسورة من نابلس، خرج في حملة تجنيد للمستثمرين توقفت في المحطة الاولى. حكام إمارة قطر في الخليج تحمسوا جدا للفكرة بحيث تعهدوا بان يدفعوا أكثر من 600 مليون دولار.
ويقول المصري ان قطر تعهدت لحماس في غزة باربعمائة مليون دولار بصفة تبرع خيري. اما في مشروعي فهم يرون استثمار تجاريا وهذا ما يحدث الفرق. كما أنه تبنى طريقة السلوك الاسرائيلي. في البداية يخلقون حقائق على الارض، وبعد ذلك يجادلون في التراخيص. وهذا، حسب المصري، تبنى دولة.
روابي هي اختبار مزدوج. سيكون مشوقا اكتشاف من هم ابناء الطبقة الوسطى الفلسطينية ممن يمكنهم أن يسمحوا لانفسهم بشراء شقة الاحلام وادخال السيارة الخاصة الى موقف السيارات الذي يحفر تحت المجمع التجاري. إذ ان الفلسطيني، الذي يمكنه أن يقوم بالشي على النار في الحديقة، ان يشتري في السوبرماركت (بما في ذلك البضائع الاسرائيلية)، وأن يسبح في البركة، او ينفس طاقته في نادي اللياقة ويتسلى في السينما، فسيكون جارا هادئا.
الحقيقة؟ في عيون اسرائيلية ايضا لا توجد كلمة سيئة تقال عن مشروع روابي. التعلق بتوريد مواد البناء والمعدات الاسرائيلية يوفر 85 مليون دولار لشركاء غير خفيين. وزير العالم الجديد، يعقو بيري، زار هنا العام الماضي، وتأثر جدا بحيث جلب أربعين من رجال الاقتصاد الرواد لدينا. اخرجوا في اعقابهم. من يريد أن يرى صورة اخرى، فعليه ان يصعد الى تلال روابي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حينما يتحدث الرئيس ولا يقول شيئا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
استقر رأي براك اوباما على ان يعاقب مواطني اسرائيل، فهو يتحدث اليهم كأنهم طائفة من الجهلة. واستقر رأي رئيس الولايات المتحدة ايضا على ان يعاقب نفسه، فهو يخون قيمه التي منحته المجد العالمي وجائزة نوبل للسلام ايضا، ولا سبيل اخرى لفهم كلامه في المقابلة التي أجراها لاخبار القناة الثانية قُبيل زيارته لاسرائيل. فالتملق الذي أسبغه فيها على رئيس اسرائيل يتجاوز كثيرا قواعد الدبلوماسية بل مقدار الأدب الامريكي المزيف. ويتجاوز تنكره لقيمه ايضا كثيرا الانتهازية المطلوبة من السياسي.
قال اوباما انه يريد 'أن يُصادق الشعب الاسرائيلي'. وقد فعل هذا خصوصا بصورة جيدة فقد قال للاسرائيليين فقط ما يحبون سماعه. لكننا كنا نتوقع من اوباما أكثر من ذلك. وحينما يقول اوباما انه 'يُجل قيم اسرائيل الأساسية'، يجب ان نسأله عن أية قيم يتحدث. هل عن سلب الفلسطينيين انسانيتهم؟ هل عن معاملة المهاجرين الأفارقة؟ هل عن الاستكبار والعنصرية والقومية؟ هل يُجل هذه؟ أولا تُذكره الحافلات المستقلة بشيء ما؟ ألا 'تقرع الجرس عنده' جماعتان مستقلتان تعيشان على نفس قطعة الارض ولاحداهما حقوق كاملة والثانية بلا أي حق؟ هل يُجل القيم الأساسية وهو يعلم ان الحديث عن واحدة من أشد الدول عنصرية مع جدار الفصل وكل ظواهر التمييز العنصري الاخرى؟ إن تجاهل كل ذلك يعني خيانة كل القيم الأساسية لحركة حقوق المواطن في الولايات المتحدة التي بفضلها نشأت أعجوبة اوباما. ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يحقق طموحه 'الى إلصاق شارب له' والحديث مباشرة الى الاسرائيليين: فقد كان لو فعل لسمع كيف يتحدثون عن السود أمثاله. ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يجلس في مقهى 'ويُباسطهم' كما كان يريد لأنه لو فعل لسمع ما هي القيم الأساسية التي تستحثهم.
يريد اوباما خفض التوقعات من زيارته. ولا يمكن التدني الى أخفض من ذلك. قالوا في الولاية الاولى انه يجب انتظار الثانية. وقد جاءت الآن وهو يقول انه سيأتي 'للاستماع' فقط. لكن عمله ليس الاستماع لأن الجميع قد استمعوا من قبل بما يزيد على الحاجة. وحان الآن وقت العمل وهو يتأخر مرة اخرى. ولنترك العمل ونقول انه يجب الانتباه الى الكلمات ايضا: فرئيس وزراء اسرائيل هو 'بيبي' على لسانه أبدا، أما قادة الفلسطينيين فهم أبو مازن وسلام فياض. وهو 'سيقول' لأبو مازن، و'سيقترح' على بيبي. وهو يذكر 'بيبي' مرات لا تحصى ولا يذكر حتى مرة واحدة وحيدة الاحتلال. إن الحديث عن 'حكم ذاتي' للفلسطينيين كأنه العودة الى الوراء عشرات السنين، ومن غير أية كلمة عن العدل، وهو الامر الطبيعي الذي يفترض ان يثور عند كل ذي ضمير بازاء الاحتلال الاسرائيلي. وكذلك الحديث عن الأمن الذي هو أبدا أمن اسرائيل فقط لا أمن الفلسطينيين ألبتة الذين يعيشون في خطر أكبر بكثير.
إننا بين اثنتين فاما أننا اخطأنا فيه وإما أنه يحاول تضليلنا وليس من الواضح لماذا. ما الذي يعطيه تملق اسرائيل اذا لم يوجد الى جانبه مطالب منها، وأي قيمة لطموحه الى الحديث الى الاسرائيليين اذا لم يكن ينوي ان يقول لهم شيئا سوى التملق الأجوف. وأية قيمة للزيارة اذا كانوا لا يريدون مسبقا ان يروا أية نتائج تصدر عنها. إن اوباما الذي يعلم شيئا أو اثنين عن الحقوق والظلم والسلب والتمييز والاحتلال والذي سمع في بداية طريقه غير قليل عن مصير الفلسطينيين من صديقه في الجامعة البروفيسور رشيد الخالدي، هل نسي كل شيء. هل يُمحى كل شيء في السياسة الدولية حتى حينما تكون براك اوباما، نجمها الأعلى المدهش والأكثر اثارة وتأثيرا؟.
وسيكون من يقولون مرة اخرى: انتظروا انتظروا، فاللقاء الصحفي هو لقاء صحفي فقط، وبعد ذلك ستأتي الخطبة في مباني الأمة، وستكون هي ايضا خطبة فقط. إن السنين تمر والمستوطنات تزداد عمقا والاحتلال يزيد رسوخا. وبعد قليل، وربما الآن يا سيدي الرئيس، سيكون متأخرا، متأخرا كثيرا: إن القيم الأساسية التي تُجلها تغرق ولا مُخلص لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
فرصة مميزة للحكومة
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
في تأخر ظاهر، بعد ستة اسابيع مُعذِّبة من المساومة والحيل والتلون يبدو انه أصبح لنا حكومة في نهاية الامر. إن الرابحين الرئيسيين هم ناس يوجد مستقبل والبيت اليهودي الذين عقدوا حلفا على تفاوض مشترك ونجحوا في احباط جهود بنيامين نتنياهو في ضرب بعضهم ببعض. واضطروه في نهاية الامر الى قبول كل مطالبهم الأساسية.
والخاسرات البارزات هي الاحزاب الحريدية التي أُبعدت عن الحكومة برغم جهود نتنياهو غير العادية لضمها. يرى كثيرون من الاسرائيليين ان هذه الاحزاب مبتزة مستعدة لأن تبيع اصواتها لمن يزيد في السعر، مع ارادتها ان تفرض التفسيرات الشرعية الأكثر تشددا على الشعب كله، واستُقبل منع دخولها الى الحكومة بارتياح عند أجزاء واسعة من الشعب.
سيرأس الحكومة الجديدة بنيامين نتنياهو لكنه سيكون متعلقا بشركائه في الائتلاف تعلقا أكبر مما كان في الماضي. لكنه اذا استغل الوضع كما ينبغي فقد يبدو ان ذلك نعمة خفية. فستكون عنده فرصة مميزة لاقرار وضع اسرائيل في العالم وتنفيذ اصلاحات في المجال الاجتماعي والاقتصادي المهم وهي اصلاحات لقيت في الماضي معارضة الجماعات الحريدية مرة بعد اخرى.
إن دخول يوجد مستقبل (وتسيبي لفني وهي أكثر هامشية) الى الحكومة قد يُخفف شيئا ما العداوة الدولية لاسرائيل وذلك باظهار حقيقة أن الحكومة قطاع عرضي يمثل الشعب بقدر أكبر. إن لبيد رجل مركز حقيقي يلتزم بتصور 'الدولتين'، لكنه يؤيد الحفاظ على الكتل الاستيطانية وعلى اريئيل والقدس الموحدة. ومن المؤكد أن آراءه لا تُعرفه بأنه يساري ويتوقع ان يجد فيه نتنياهو توأمه في أكثر الموضوعات.
يجب ان يكون التحدي الداخلي الأشد إلحاحا على الحكومة هو عرض خطوات اصلاحية مؤلمة لضمان ألا يُجرب اقتصادنا انهيارا. وعليها ان تعالج موضوعات لا حل لها في مجالات الدين والدولة، وليس الحديث فقط عن الشأن العاطفي في أساسه وهو المساواة في عبء الخدمة العسكرية بل عن ضمان أن يوزن كل الاسرائيليين الذين يحظون بتربية مدعومة ان يدرسوا خطة دراسية أساسية تشمل الرياضيات والانجليزية والمدنيات والتاريخ. وهكذا يُربى الطلاب جميعا على ان يكونوا مواطنين نافعين يعملون كسبا للرزق بدل أن يعيشوا على رفاهة الدولة. ينبغي ان نعامل الحريديين في الحقيقة بأدب واحترام لكن مع الزامهم بأن يشاركوا في عبء المواطنة كما يتمتعون بخيراتها.
لأول مرة منذ عقود يوجد اليوم في الكنيست من اعضاء الكنيست المتدينين الصهاينة أكثر مما يوجد من الحريديين. وعند البيت اليهودي فرصة لتغيير النظام الذي يسيطر الحريديون في نطاقه على المؤسسات الدينية كالحاخامية الرئيسة. ويستطيع هذا الحزب ان يدفع قدما بحاخامين صهاينة الى مناصب رسمية وان يزيد بذلك جذب اليهودية الى اسرائيليين لا يقيمون الفرائض بطريق القدوة لا بالارغام.
ستغير هذه الحكومة طريقة الحكم وتقلل عدد الاحزاب. ويجب عليها كذلك ان تطور طريقة جديدة لانتخاب اعضاء الكنيست مع الغاء طريقة الانتخابات التمهيدية القائمة التي تُستغل استغلالا سيئا مشحونا بالفساد.
برغم حقيقة ان لبيد قاد قوة بشرية جديدة ذات خبرة الى الكنيست، ينبغي تطوير نظام لا يُجند فيه المرشحون للكنيست بحسب النزوات الشخصية لرؤساء الاحزاب. قد يمكن استعمال أجسام متوسطة منتخبة يُنتخب فيها المرشحون مسبقا مع الامتناع عن استعمال الانتخابات التمهيدية استعمالا سيئا. ويُحتاج كذلك الى ترتيب يضمن ان يتحمل أكثر اعضاء الكنيست مسؤولية مباشرة نحو ناخبيهم بدل ان تكون نحو رؤساء الاحزاب.
عند نتنياهو اربع سنوات حاسمة يتوقع ان تُتخذ فيها قرارات أساسية ستؤثر في مستقبل اسرائيل. فاذا نجح في اقناع الائتلاف بحصر العناية في صوغ استراتيجيات لأمد بعيد في سياق مسيرة السلام وتحقيق الاصلاحات في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية وتغيير طريقة الحكم فسيتم تذكره بأنه واحد من أعظم زعماء الدولة. وعليه كي يحقق ذلك ان يعمل في تصميم على القضاء على الحروب السياسية الداخلية المريبة وان يحصر عنايته في دفع المصلحة القومية لا غير، قدماً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
طهران ستتبنى استراتيجية كوريا الشمالية
بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم
إن التقارير الصحفية التي جاءت من جولة المحادثات الاخيرة بين الغرب الذي تمثله الدول الخمس + 1 وبين ايران والذي تم في كازاخستان، كانت ايجابية على نحو يثير التساؤل. وأعلن عنوان تقرير في هذا الشأن نشر في صحيفة 'واشنطن بوست' في 27 شباط ان 'المحادثات الذرية مع ايران انتهت بنغمة ايجابية'. وقال سعيد جليلي رئيس فريق التفاوض الايراني للمراسلين انه قد يتوصل الطرفان الى 'نقطة تحول' في المحادثات بينهما. لكن هل كان يوجد تسويغ لكل هذا التفاؤل؟.
بيّن جليلي الذي حاول بلا شك ان يعرض نفسه على انه مفاوض متشدد يدافع عن المصالح الايرانية، ان تفاؤله ينبع من ان الولايات المتحدة تجري الآن تنازلات لم تكن توافق على القيام بها في الماضي: '... هم الذين اقتربوا أكثر من وجهة نظرنا'.
ووجدت بضع دلائل شهدت على ذلك. فقد اعتقدت مقالة أسرة التحرير في صحيفة 'وول ستريت جورنال' ان السلوك الايراني حول طاولة التفاوض تأثر بقرار واشنطن على مضاءلة عدد حاملات الطائرات في الخليج الفارسي من 2 الى 1 وهذا تغيير أضعف قدرة الغرب على المساومة.
بل تبنت صحيفة 'واشنطن بوست' نهجا انتقاديا مضادا لادارة اوباما في مقالة التحرير الرئيسة في الصحيفة والتي نشرت في 28 كانون الثاني وسألت فيها على نحو متحدٍ هل الولايات المتحدة 'تستكين لايران'؟ وذكرت المقالة انه في اثناء التفاوض السابق الذي تم في بغداد في أيار 2012 طلبت حلقة دول الخمس + 1 من ايران ان تغلق تماما منشأة تخصيب اليورانيوم تحت الارض في فوردو. وأصرت القوى الغربية ايضا على ان تُخرج ايران كل مخزونات اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة في حوزتها الى خارج الدولة. ومع ذلك اكتفت الخمس + 1 في المحادثات الحالية في كازاخستان بتعليق عمل المنشأة في فوردو فقط من غير ان تُغلق المنشأة. وتستطيع ايران بحسب المقترحات الجديدة ان تحفظ لديها جزءا من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة. ونقول من اجل العدل ان الاقتراح الجديد عبر عن موقف موحد لحلقة الخمس + 1 لا عن الموقف الامريكي فقط.
يبدو ان الايرانيين يريدون تليين مواقف اعضاء اخرى في حلقة الخمس + 1 لاستعمال ضغط على واشنطن لتقوم بتنازلات اخرى لطهران. ويلاحظ ان المسؤولة عن الشؤون الخارجية من جهة الاتحاد الاوروبي، كاثرين آشتون، التي هي المفاوضة الرئيسة من قبل الخمس + 1 لا تستعمل لغة تشبه لغة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي يقول ان وقت الحل الدبلوماسي أخذ ينفد. ورفضت في مؤتمر ميونيخ للامن الذي عُقد في مطلع شباط ان تتبنى هذا الموقف من الايرانيين. ويبدو أنها تعبر عن رأي اوروبي رائج يقول ان التفاوض مع ايران يجب ان يستمر بكل ثمن وإن بدا انه لا يفضي الى أية نتائج حقيقية.
إن أكبر معارضة لهذا التصور، اذا استثنينا اسرائيل، هي العربية السعودية. ففي مقالات برزت بسبب صدقها وقيلت في الحفل الصحفي المشترك في الرياض مع وزير الخارجية الامريكي كيري في الرابع من آذار، أعلم الامير سعود الفيصل الذي يتولى وزارة الخارجية السعودية أن المحادثات مع ايران لا يمكن ان تستمر الى الأبد وأضاف أن 'التفاوض يجب ان ينتهي في وقت ما'.
وأكد ان الايرانيين ليسوا جديين في محادثاتهم مع الغرب: 'لقد استمروا في التفاوض للتوصل فقط الى محادثات اخرى في المستقبل. اذا استمر مثل هذا التفاوض فسنجد أنفسنا نواجه سلاحا ذريا لكن لا يمكننا ان نسمح بحدوث ذلك'.
تنبع رؤية السعوديين الواقعية بلا شك من وضعهم الاستراتيجي. فالعربية السعودية محاطة بتوابع ايرانية تحظى بمساعدة مباشرة من طهران.
ففي الجنوب يوجد المتمردون الشيعة في اليمن؛ في شهر كانون الثاني 2013 تم وقف سفينة سلاح ثالثة حملت صواريخ ايرانية مضادة للطائرات وصواريخ كاتيوشا قبل ان تستطيع نقل شحنتها الى المتمردين هناك. وفي الشمال يوجد رئيس حكومة العراق نوري المالكي الذي ترى السعودية أنه لا يقل عن كونه عميلا ايرانيا.
وفي الشرق، اتهمت قوات أمن البحرين مؤخرا الحرس الثوري الايراني بالمشاركة في التخطيط لعمليات ارهابية في الجزيرة التي تقع على مبعدة 25كم فقط عن المنطقة الشرقية من العربية السعودية.
زعم موظفون سعوديون انه توجد 'مؤامرات خارجية' تشارك في الهبة الشيعية في داخل السعودية نفسها. وليس من المفاجيء لذلك ان السعوديين من القلة الذين يدركون الحيلة الايرانية لاستغلال المحادثات الذرية مع الغرب لكسب وقت والتقدم نحو السلاح الذري.
بيّن حسين مسبيان الذي كان عضوا في فريق التفاوض الذري من الايرانيين من 2003 2005، بيّن استراتيجية تفاوض طهران في اثناء محادثات تمت في حينه مع البريطانيين والفرنسيين والالمان. وحينما تحدث في القناة الثانية في التلفاز الايراني اعترف بصدق قائلا: 'بفضل التفاوض مع اوروبا كسبنا سنة اخرى، أنهينا فيها بناء منشأة تحويل اليورانيوم في اصفهان'.
فرض خبراء كثيرون بالشأن الذري الايراني الى اليوم ان طهران ستتبنى استراتيجية كوريا الشمالية التي تسمى 'الاندفاع قدما'، وأنها ترفض رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعمل على ان تُتم سريعا تخصيب اليورانيوم لدرجة عسكرية. اذا كانت هذه خطة ايران فان نقطة البدء باليورانيوم بدرجة 20 في المائة تُقصر الوقت الى الدرجة العسكرية بمقدار النصف. وهذا هو الذي جعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحدد الخط الاحمر الاسرائيلي متعلقا بكمية اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة وهي كمية تتيح انتاج قنبلة واحدة فقط (نحو من 225 كغم).
بدأت ايران في رد على الخط الاحمر الذي رسمته اسرائيل وفي مقابل الاستمرار في التخصيب بدرجة 20 في المائة، تحول جزءا من اليورانيوم المخصب بهذه الدرجة الى اهداف اخرى ليست عسكرية. وأفضت هذه الخطوة الى ان أصبح لديها اليوم 167 كغم فقط بدل 280 كغم يورانيوم مخصب. وهذا الشيء منعها في واقع الامر من اجتياز الخط الاحمر في الخريف الاخير.
يبدو ان ايران تتبنى بدل ذلك استراتيجية جديدة وهي الزيادة الكثيفة للبنى التحتية لتخصيب اليورانيوم بزيادة عدد آلات الطرد المركزي على منشأة نتناز بعدد لم يسبق له مثيل.
والى ذلك اعلنت ايران بعد انتهاء المحادثات في كازاخستان انها تبنى 3 آلاف آلة طرد مركزي من نوع أكثر تقدما وسرعة على نحو قوي. وهكذا اذا استقر رأي ايران على استراتيجية الانطلاق الذري قدما فسيشتمل ذلك على استخلاص اليورانيوم المخصب الذي سيكون كافيا لأكثر من قنبلة واحدة.
ان مصلحة ايران في هذه النقطة ان تدق إسفينا بين الولايات المتحدة والاوروبيين للحصول على تنازلات اخرى من حلقة الخمس + 1. لكن نظرة لايران من الشرق الاوسط تدل على ان كل تنازل من الغرب سيزيد فقط في سلوك ايران العدواني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
انتهاء ايام البراءة
بقلم:نداف ايال،عن معاريف
مر عامان. أيام بعيدة كانت فيها الجماهير تحتشد في دمشق وتهتف للديمقراطية، ووسائل الاعلام العالمية كانت تبلغ عن هذا بحماسة. كانت سوريا جزءا من الربيع العربي. بعد لحظة سينتهي حكم الاسد، او أن الدائرة الداخلية ستقرر الخلاص منه، مثلما حصل لمبارك. عدة أسابيع أو أشهر اخرى، والاسد سيفر او سيجد موته مثل القذافي.
كان قليل جدا من البراءة في الثورة السورية، وسرعان ما انقضت وبوحشية. فالحكم السوري ليس حرسا وطنيا من النوع المصري لمبارك أو دكتاتورية رجل وحيد من نوع القذافي. النظام السوري هو الطائفة العلوية التي تعرف بان هزيمتها كفيلة بان تؤدي الى قتل كامل ومطلق لجالية كاملة. وهي تكافح، الى جانب قطاعات تتناقص في الجمهور السوري، ضد الابادة. وهي تفعل ذلك بواسطة الابادة.
ايام البراءة للاسرة الدولية مرت هي ايضا. التصريحات الكبرى تبددت. بعض منا ربما يتذكرون الايام التي كان صبح مساء يعلن فيها زعيم غربي (واحيانا اسرائيلي ايضا) بان ها هو الاسد يسقط. وكان هذا تكتيكا مقصودا غايته تسريع سقوطه من خلال التنبؤ به. بعد سنتين، يمكن القول بيقين بان هذا فشل. لم يكن للاسرائيليين أوهام كبرى عن الثوار، ولكن في هاتين السنتين تعلم الغرب ايضا كيف يتعرف من جديد على الثوار السوريين. الاجزاء الاكثر ليبرالية في الثورة، وكذا الجهاديين. الثورة الشعبية السورية، تلك التي عانقها الغرب ورفعت يافطات كبرى طلبت مساعدة امريكا، ضعفت واستبدلت. انعدام الوسيلة الذي ابدته الاسرة الدولية ووحشية نظام الاسد عززا وخلقا الثورة الحالية، تلك التي عناصرها البارزة هم الراديكاليون الاسلاميون من النوع الاكثر اخافة.
انعدام الوسيلة هو التعبير الاساسي. العالم يعرف بان سوريا تتفكك. العالم يفهم جيدا بان يحتمل ان تنتهي الحرب الاهلية بظواهر قتل شعب حقا. ويتابع زعماء الغرب بقلق هائل كميات اللاجئين الذين يندفعون الى خارج الدولة، الجهاديين الذين يتدفقون الى داخلها وقواعد السلاح الكيميائي. ولكن اداة العمل هي مجلس الامن، وهذا يخضع للفيتو الروسي. الروس، مستاؤون، من المناورة التي اجرتها لهم الولايات المتحدة في ليبيا حيث استخدمت قرارا ناعما في مجلس الامن لاسقاط القذافي- كانوا مصممين على عدم السماح بذلك في حالة الاسد. وصدهم الدبلوماسي يستمر هذه الايام ايضا، ولكن الحقيقة هي أن ما حصل في هذه الاثناء هو أن المعركة السورية الداخلية تعقدت. فصعود قوة الثوار الاسلاميين برد الحماسة الغربية لتسليح المعارضة السورية. وتبين أنه خلافا للوضع في ليبيا، من الصعب جدا توحيد المعارضة السورية. الدولة نفسها تجتاز عملية تفكك. ومعظم الجهود تركزت على محاولة توحيد معارضي النظام والتنسيق بينهم، قبل التفكير بما يزودون به وفي اي ظروف على الاطلاق.
وفي هذا الوقت تستمر المذبحة. مذبحة فظيعة، هي الافظع الذي شهدها الشرق الاوسط منذ الحرب الاهلية اللبنانية الطويلة وربما أخطر منها. مذبحة تركز على التطهير العرقي لمناطق قروية على خلفية الهوية العرقية. جثث الاطفال تقدم للاستعراض. مقاتلون علويون يتباهون باعداد المواطنين الذين قتلوا. جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
هذه لعبة باردة، لعبة أرقام. مذبحة كبيرة جدا ستؤدي الى صرخة عامة في الغرب؛ ضغط جماهيري لتدخل انساني ضد نظم الاسد. ولكن في هذه الاثناء، في اعداد الموتى التي تنشر اسبوعيا وشهريا، الضغط الجماهيري مضبوط. فقد تعلم الغرب كيف يحتوي ويسلم بالقتل الجماعي الذي يجري على اساس يومي في سوريا. اوروبا والولايات المتحدة تريدان معارك سهلة يمكن حسمها سريعا والاعلان عن النصر، مثلما في مالي. وعلى اي حال فان التلفزيون عودنا على الفظائع. ربما يصعب على السوريين الاعتياد، ولكنه سهل على مشاهدي التلفزيون.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
من حرب اهلية الى صراع عالمي
بقلم:أساف جبور،عن معاريف
في اطار الحرب الجارية في سوريا بين قوات الاسد وقوات الثوار، يدخل أصحاب مصالح كثيرون. بعضهم يؤيدون الاسد علنا او بشكل خفي، آخرون ينقلون السلاح، الذخيرة والتدريب للثوار.
قطر، تركيا، السعودية والاردن: محافل سورية رسمية افادت بتدخل قطر والسعودية في الشؤون الداخلية لسوريا وبنقل وسائل قتالية ومعدات عسكرية للثوار السوريين تحت غطاء المساعدات الانسانية للاجئين. الوسائل القتالية، التي تشكل نحو 40 في المائة من قدرة السلاح لدى الثوار السوريين، تنقل من معابر الحدود على تركيا، العراق ولبنان، التي يتحكم بها الثوار. في الاردن، بالتوازي مع اقامة مخيمات للاجئين، اقيمت حسب تقارير في وسائل الاعلام البريطانية، معسكرات تدريب لمقاتلي الثوار من قبل الولايات المتحدة، قبل أن يقاتلوا في الميدان.
الولايات المتحدة واوروبا: لقد كانت الولايات المتحدة هي التي دفعت قوات الحلف والدول الاوروبية الى رفع الحظر كي يكون ممكنا تسليح الثوار. فبعد أن اصطدم اوباما بالرفض من جانب اوروبا قرر العمل على تدريب القوات ووقع على وثيقة سرية في السي.اي.ايه صادق فيها لوكالة الاستخبارات على مساعدة الثوار في اسقاط نظام الاسد.
القاعدة: أدت الحدود المفتوحة الى تسلل مقاتلين اسلاميين وصلوا الى سوريا للمشاركة في اسقاط نظام الاسد وترسيخ سيطرة منظمات متطرفة كالقاعدة. ومن اصل عشرات الكتائب المختلفة التي تقاتل ضد النظام، تحت اسم 'الجيش السوري الحر'، تتماثل مجموعتان مركزيتان مع منظمة القاعدة، جبهة النصرة ولواء الفرقان، اللتان تنجحان في تحقيق سيطرة في القرى المجاورة للحدود مع العراق، لبنان واسرائيل. في شريط التقطته، على مسافة امتار قليلة من الجدار الحدودي مع اسرائيل، احدى هاتين الكتيبتين، التقطت في الكاميرا حركة سيارات جيب اسرائيلية على طريق الدوريات. وافاد العراقيون من جهتهم بان نشطاء القاعدة الذين يواصلون التسلل عبر الحدود الى سوريا اقاموا قواعد دائمة في عدد من المراكز قرب الحدود.
حزب الله: في مرحلة متقدمة من القتال، عندما بدأ جيش الاسد يتكبد خسائر فادحة، ونجح الثوار في احتلال المدن، افادت قوات الجيش السوري الحر بتواجد مقاتلي حزب الله في اثناء القتال. ووقعت مواجهات شديدة بين مقاتلي حزب الله في مداخل المدن المجاورة للحدود اللبنانية السورية. وأدت التقارير عن تواجد مقاتلي حزب الله في وسط سوريا وفي دمشق، وتوثيق المقاتلين بكاميرات الثوار الى انتقاد داخل لبنان ايضا وشجب تدخل حزب الله في ما يجري في سوريا.
الحرس الثوري الايراني: ايران، التي سعت الى الدفاع عن حليفها الاسد، وأكثر من ذلك عن قاعدتها العسكرية المتقدمة التي عملت عليها على مدى سنوات طويلة، بعثت بمقاتلين وضباط من الحرس الثوري الايراني. وحسب التقارير المختلفة بعثت ايضا بجنود من وحدة البسيج المعروفين بوحشيتهم. وافاد جيش الثوار بوجود ضباط ايرانيين يشاركون في الحرب في سوريا ويقدمون المشورة لقوات الاسد ومقاتلي حزب الله. ومع أنهم في ايران نفوا هذه التقارير، ولكن دليلا ثابتا على التعاون الايراني اللبناني السوري توفر في اثناء تصفية مسؤول الحرس الثوري حسن شاطري في شباط 2013، حين كان في طريقه من سوريا الى لبنان.
روسيا والصين: بالتوازي مع محاولات دق العصي في عجلات دول العالم في كل ما يتعلق بمساعدة المقاتلين ضد الاسد، واصل الروس تأييد النظام وتشغيل المنشآت العسكرية التي توجد لهم في سوريا. وكلما مالت الحرب في اتجاه الثوار، وفقد الاسد من قوته، يهجر الروس الذين يعيشون في سوريا الدولة ومن يبقى يتواجد في طرطوس واللاذقية اللتين بقيتا تحت سيطرة النظام.
الامم المتحدة: رغم استمرار المذابح في سوريا، اختار اعضاء مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة البحث في لقائهم الاخير في جنيف بالذات ببيان شجب خاص لاسرائيل على خلفية 'أزمة السكان السوريين في هضبة الجولان'. وفي اثناء النقاش، الذي اداره الممثل الباكستاني، طرح مشروع قرار حسب التقديرات سيرفع الى التصويت قريبا ويحمل عنوان: 'حقوق الانسان في الجولان السوري المحتل'.
في المشروع نفسه يعرب المجلس عن 'قلق شديد على معاناة المواطنين السوريين'، ليس في أعقاب المذابح النكراء التي يرتكبها بحقهم الرئيس الاسد، بل في ضوء الخرقات المستمرة والمنهاجية لحقوق الانسان من قبل اسرائيل منذ الاحتلال في 1967'، على حد تعبير مشروع القرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سيناريوهات نتيجة الصراع في سوريا
بقلم:د. يهودا بلنجا،عن معاريف
عنف جديد يهدد النظام في سوريا'، كتب في 'الجارديان'. فقد روى تقرير دافيد هيرست عن اضطرابات عنف، عن تضعضع حكم الاسد وعن أن 'ايام النظام معدودة'. فهل يبدو هذا معروفا؟ إذن، اعلموا بان هذا تقرير كتب في 12 اذار 1980. الايام: ذروة تمرد 'الاخوان المسلمين' في سوريا، عندما فقد النظام السيطرة على اجزاء من شمالي الدولة. في 26 حزيران 1980 نجح 'الاخوان' من الاقتراب من الاسد والقاء قنابل يدوية عليه، ولكنهم اخطأوا الهدف ونجا الاسد من محاولة الاغتيال. في حينه ايضا سوريا كانت في عزلة تامة. ولكن حافظ الاسد نجا بعد ست سنوات من الكفاح، وبعد أن ذبح عشرات الالاف في حماة، قمع التمرد وأصبح زعيما ذا قامة ليس فقط في سوريا، بل وفي العالم العربي باسره.
وها هو الان يقف 'الكافر من دمشق' في ذات الوضع الذي كان يعيشه أبوه قبل 31 سنة. ذات العزلة، ذات النزاع الطائفي المهدد بشق سوريا اليوم، ذات حملة القتل الوحشية، ولكن ليست ذات الازمنة. فالتدخل الذي تسمح لنفسها به الاسرة الدولية في الازمة السورية كفيلة بان تؤدي بالاسد وبلاده الى واقع مختلفا تماما عن ذاك الذي عاشه الاسد الاب، وربما لا. سأحاول ان اعرض عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل سوريا.
الاسد يبقى: الذي لا يصدق يحصل والاسد ينجح في النجاة من الثورة الهائلة ضده. وبمساعدة الايرانيين، حزب الله والروس يقمع الاسد الاضطرابات في المدن الكبرى والعنف يهدأ في ارجاء سوريا. والنتيجة المباشرة: خلق زعيم جديد ذي قامة في العالم العربي بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام، إذ ان ما لم ينجح في عمله مبارك، القذافي وبن علي، نجح في عمله بشار الشاب.
الاسد يفر: بعد ان تحتل دمشق جيوش الثوار، وهؤلاء أقرب من أي وقت مضى من قصر الرئاسة في حي المزة، يقرر الاسد طلب بطاقة سفر من سوريا. فيحصل على ملجأ سياسي في جنوب افريقيا أو في روسيا وينقل خيوط السيطرة الى نائبه فاروق الشرع. في هذه الحالة، تغرق سوريا في جهود طويلة من اعادة البناء، ولعلها تتوقف لفترة زمنية معينة من لعب دور مركزي في المنطقة.
تمترس علوي في الشمال: غير مرة علم عن تسلح علوي في الشمال وعن اعداد التربة لاقامة دولة منفصلة، في حالة سقوط النظام المركزي في دمشق. ومعروف عن مال علوي نقل الى حسابات في الخارج وعن هروب شباب ومسؤولين كبار من ابناء الطائفة. وتروي الشائعات ايضا عن أبناء عائلة الاسد ممن وجدوا ملجأ في دول الخليج الفارسي. وهكذا فان الحاجة الى ضمان سلامة الطائفة ستؤدي الى انقطاعها عن سوريا.
تفكك سوريا: كون سوريا تتشكل من اكثر من 30 في المائة من ابناء الاقليات، وفي المواجهة الحالية تنعكس المسألة الفئوية الطائفية في سوريا، فان الكثير من المراقبين يتوقعون تفككها في اليوم التالي للاسد. وبالمقابل، يجب أن نتذكر نحو مائة سنة من السعي الى الوحدة؛ المصالح عموم الطائفية المشتركة. والاهم: مبدأ القومية في سوريا والوحدة العربية.
سيطرة المتطرفين على سوريا: عدم التنسيق بين جهات المعارضة، وعلى رأسهم العسكرية، ادى الى وضع سيطرت فيه مجموعات مسلحة مختلفة على قرى بل ومناطق كاملة، وتقيم فيها نوعا من الحكم الذاتي. بعض من هذه المجموعات تحتفظ بايديولوجيا اسلامية متطرفة وتحصل على تمويل من محافل ودول في الخليج الفارسي. في السيناريو الحالي تنجح منظمات اسلامية مختلفة (بما في ذلك تلك المتفرعة عن القاعدة) في أن تفرض سيادتها في مناطق مختلفة من المحيط السوري، ومن هناك تخرج في أعمال ارهابية ضد المركز (ولا سيما دمشق) وجيران سوريا. ويؤدي هذا الوضع الى تصعيد داخلي في سوريا، وبالاساس الى تصعيد اقليمي وذلك لانه ستنشأ مصلحة اسرائيلية، اردنية وتركية مشتركة بدعم من الغرب وروسيا لقمع هذه الجهات.
غرق في حرب طويلة: من بين جملة السيناريوهات التي عرضت، معقول بالتأكيد ان تغرق سوريا في صراع عنيف لا تبدو نهايته بالعين. ولما كان هذا لزمن طويل فأي من الاطراف لا ينجح في تحقيق نقطة 'تحطيم التعادل' يحتمل أن تدور سوريا حول الوضع الراهن الحالي حرب عنيفة يحتفظ بها الحكم بمكانته حول دمشق ويتمتع بدعم من أبناء الاقليات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ