المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 303



Aburas
2013-03-31, 09:00 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (303) السبــت- 30/03/2013 م



</tbody>

<tbody>





</tbody>


<tbody>
في هــــــذا الملف



علاقة اسرائيل بتركيا: المرحلة التالية
بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم

بفضل السلام الامريكي
بقلم:زئيف شترنهل،عن هآرتس

الايام الاولى في الحرب القادمة صعبة جدا؟
اذا وقعت المواجهة مع حزب الله فان المدن الاسرائيلية ستتعرض لقصف عنيف ولكن اسرائيل ستنتصر
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس

سلاح وفير وسياسة ضائعة
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس

بين النعمة والجهاد
بقلم:بن ـ درور يميني،عن معاريف












</tbody>


علاقة اسرائيل بتركيا: المرحلة التالية

بقلم:دوري غولد،عن اسرائيل اليوم

تتطلب التفاهمات التي أحرزت بين اسرائيل وتركيا في اطار تطبيع العلاقات بينهما، نظرا أعمق في العلاقات بين الدولتين على خلفية الوضع الحالي في الشرق الاوسط. يوجد في أساس السعي الى المصالحة قلق أخذ يقوى عند الدولتين من موجة عدم الاستقرار الاقليمي الحالية ولا سيما في سوريا، التي قد تنتقل الى دول جارة كالعراق.
برغم ان تركيا مرتبطة بالغرب عن طريق مؤسسات كثيرة كحلف شمال الاطلسي، فانه ما زال يحكمها حزب العدالة والتنمية الذي وصفت ايديولوجيته بأنها 'عثمانية جديدة' في برقيات امريكية داخلية سُربت الى وسائل الاعلام. ومعنى هذا التعريف ان الحديث عن حزب يطمح الى توسيع دوائر تأثيره الى مناطق كانت جزءا من الدولة العثمانية قبل الحرب العالمية الاولى. في تشرين الاول 2009 عرض وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في سراييفو الايديولوجية التي هي في أساس سياسة أنقرة الخارجية بقوله: 'كان البلقان والقفقاز والشرق الاوسط في وضع أفضل حينما كانت تحت تأثير العثمانيين أو حكمهم'.
في تلك السنين استضافت تركيا مؤتمرات لشبكة الاخوان المسلمين العالمية التي اشتملت على حماس وأكدت التزامها بسياسة خارجية ايديولوجية دعمت جهات اسلامية. فهل تستطيع اسرائيل وتركيا اللتان تتمسكان بتصورين عامين مختلفين كثيرا ان تنسقا بينهما بغرض الحفاظ على استقرار اقليمي؟.
في كتاب هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكية السابق الاول الذي كتبه لينال شهادة الدكتورة في جامعة هارفارد تحير في هذه المسألة بالضبط حينما فحص عن السياسة الاوروبية في مطلع القرن التاسع عشر بعد حروب نابليون.
فهم الدبلوماسيون في ذلك العصر مثل ماترنخ النمساوي ووزير الخارجية البريطاني كسلري، فهموا جيدا ان النظام الدولي القديم في القرن الثامن عشر الذي حافظت عليه عائلات النبلاء الاوروبية نقضته القوى الثورية التي اندفعت من فرنسا. وأقروا التسوية الجديدة فيما عُرف بعد مؤتمر فيينا في 1915 بأنه الكونسيرت الاوروبي.
إن النظام الاقليمي الجديد ألف بين دول ذات بنية حكم مختلفة بل متناقضة تماما احيانا. فقد عملت بريطانيا الليبرالية التي نظرت بايجابية الى ازدياد التوجهات الديمقراطية والمطالب الجديدة بين شعوب في اوروبا، عملت مع كل ذلك مع زعماء محافظين في النمسا وروسيا بغرض منح اوروبا استقرارا.
وحاول ماترنخ، الذي هو بطل كيسنجر، ان يربط البريطانيين بغرض حماية نظم الحكم المحافظة. ودفع الدبلوماسي النمساوي قدما بمبادئ سياسية من اجل النظام الاوروبي كله وهي مبادئ عملت في مصلحة نظم الحكم المحافظة.
أراد ماترنخ قبل كل شيء ان تقبل جميع الدول مبدأ 'عدم التدخل في الشؤون الداخلية' لدول اخرى وحاول بذلك ان يوقف الموجة الثورية.
يرى كيسنجر انه كان عند الاتراك تفاهم مشترك على اهداف معقولة بالنسبة للسياسة الاوروبية الخارجية في كل دولة والطرق السياسية التي يمكن استعمالها للدفع قدما بتلك الاهداف. وكفوا عن الجدل في مقدار العدل وراء دعاوى كل دولة.
وكان الهدف الدبلوماسي عندهم في واقع الامر محصورا بقدر أكبر وهو ضمان استقرار اوروبا ومنع حرب كبيرة كحروب نابليون.
نشر كيسنجر بحثه تحت عنوان 'عالم عاد الى سابق عهده: ماترنخ وكسلري ومشكلات السلام 1812 1822'. وحاول ان يفهم الصيغة التي استعملها الدبلوماسيون الاوروبيون ليدفعوا قدما وفي حذر تفاهمات في أنحاء اوروبا، وهي تفاهمات ستبقى بعد ذلك عشرات السنين.
ويذكر ان الطريقة التي أحدثها هؤلاء الساسة منعت مدة 99 سنة (الى 1914) حربا كبيرة في وسط اوروبا. حربا كبيرة ذات قدرة على ان تجذب جميع القوى الاوروبية الكبيرة بخلاف حروب أصغر لم يمكن منعها كحرب القرم (1853 1856) والحرب بين فرنسا وبروسيا (1870 1871).
وحاول كيسنجر ان يطبق دروس ذلك العصر على الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في خلال الحرب الباردة، لكن هل يمكن ان نتعلم من تلك التأملات عن الشروط الأساسية التي ستدفع الى دبلوماسية ناجحة في الشرق الاوسط اليوم؟
أولا كان يجب على زعماء الدول في القرن التاسع عشر ان يقفزوا قفزة ايديولوجية ضخمة ويتبنوا توجها براغماتيا لتحديد أهدافهم الدبلوماسية. واضطرت الدول الى كف جماح الحماسة الايديولوجية التي ثبتتها في وضع مواجهة عسكرية دائمة بعضها لبعض. وذكرت مقالة مهمة في الـ 25 آذار في الصحيفة التركية الاسلامية 'زمان' ان الحكومة التركية 'لا تجد فائدة في وضع مواجهة دائمة مع اسرائيل'.
وبيّن صاحب العمود الصحفي بوصفه اسرائيل أنها 'دولة مهمة في المنطقة' بيّن لقرائه ان الاحداث في سوريا وفي العراق ومع الاكراد 'أجبرت تركيا على ان تفتح على الأقل قنوات تشاور مع اسرائيل'. واذا تبنت حكومة تركيا هذا التوجه فهناك احتمال لأن تؤتي المصالحة أكلها.
وثانيا أدركت الدول الاوروبية التي بحث كيسنجر أحوالها، جيدا الأخطار التي تترصدها والاستقرار العام الذي قد يتضعضع نتاج الواقع الثوري. وهو يُحذر في كتابه من وضع فيه: '... اعتادت فيه القوى الكبرى قبل ذلك حياة وادعة دون تجربة كارثة'، ولم تدرك لذلك الحاجة الملحة الى العمل معا لوقف تدهور اقليمي. ويضيف: 'بعد ان نُومت بفترة استقرار كان يبدو أنها ثابتة، كان من غير الممكن تقريبا ان تستوعب بصورة حقيقية دعوة القوة الثورية التي ترمي الى تحطيم الاطار القائم'.
يبدو ان تركيا التي استوعبت عشرات آلاف اللاجئين من سوريا، ليست عندها أوهام تتعلق بالأخطار التي يثيرها الوضع الحالي في الشرق الاوسط وتأثيرها في مصالحها الحيوية.
وهناك درس آخر وجده كيسنجر من القرن التاسع عشر وهو نظرة أكثر عمقا في النتائج التي قد تأتي بها الدبلوماسية، فقد طمح الى فهم كيف يمكن احلال السلام لكنه كتب انه يجب على الدول قبل كل شيء ان تجعل الاستقرار غايتها لا ان تنصب غاية لا يمكن احرازها.
وأضاف: 'إن تلك العصور التي تبدو لنا في نظرة الى الوراء أكثر سكينة لم تشغل نفسها بالبحث عن السلام. إن اولئك الذين يُخيل الينا ان بحثهم عن السلام لا نهاية له يبدو أنهم الأقل قدرة على جلب الهدوء'.
إن السلام عند كيسنجر ما زال هدفا ساميا لكن لا يمكن التوصل اليه إلا بمسار يجلب قبل كل شيء استقرارا اقليميا وأمنا.
كان كيسنجر على علم بأنه حينما أصبح السلام 'الهدف الأعلى لقوة من القوى العظمى أو مجموعة من القوى العظمى، فان النظام الدولي كله كان خاضعا لأكثر المجتمعات قسوة'. وكان قصده الى الدولة ذات مطامح الى الهيمنة تهدد كل محاولة لاحراز تسوية سلمية.
ان ايران اليوم تضع جنودا من حرس الثورة على ارض سوريا وليس واضحا الى اليوم ما هو موقف تركيا من ايران وجهود تسلحها.
اذا أدركت أنقرة ان طهران في اللحظة التي تجتاز فيها السقف الذري، ستنهي كل جهودها الدبلوماسية مع جاراتها، فان علاقاتها المتجددة باسرائيل قد تصبح فعالة وتكون قاعدة صلبة للتعاون في المستقبل.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

بفضل السلام الامريكي

بقلم:زئيف شترنهل،عن هآرتس

زيارة باراك اوباما اكدت حقيقة لا يزال الكثيرون يفضلون التشكيك فيها: اسرائيل لا تلطف حدة مواقفها بسبب التطورات في الساحة الداخلية بل كنتيجة لاضطرار لضمان الدعم الوجودي الامريكي. في هذا المفهوم كان الحق ولا يزال مع اليسار: ليس للمجتمع الاسرائيلي القوى النفسية اللازمة لان يضع لوحده حدا للاستعمار الاستيطاني. فقط تدخل امريكي مكثف، مسنود بتهديد ناعم في مواضيع امنية حرجة، قادر على أن يفكك المشروع الاستيطاني. بالفعل، لن يكون حل للمشكلة الوطنية الفلسطينية، التي تملي اكثر من اي عامل آخر مستقبل المجتمع الاسرائيلي الا اذا قررت الولايات المتحدة بان هذا ما هو لازم للمصلحة الامريكية. وبهذا الفهم لا يغير في الامر من شيء من يحكم اليوم في القدس: مشكوك أن تكون حكومة حزب العمل والاصوليون شركاء فيها بدلا من 'الاخوين' نفتالي بينيت ويئير لبيد ستتصرف خلافا للحكومة الحالية.
معقول الافتراض بان رجال البحث في واشنطن يعرفون بان هكذا كان الحال منذ قيام الدولة: لقد عرفت اسرائيل كيف تخرج الى حروب مبادر اليها، ولكنها لم تتخذ حتى ولا مرة واحدة مبادرة سلام ذات مغزى انطلاقا من اختيارها. كل مشروع طرح ادين بالانهزامية او رفض خشية أن يضعضع الثقة الذاتية لدى المجتمع الاسرائيلي في حقه المطلق. لا يوجد ما يدعو الى الايمان بان في عصرنا، حين يكون الحكم الحقيقي في يد المستوطنين، سيطرأ فجأة تغيير دراماتيكي في انماط السلوك هذا، المنغرسة عميقا في موقفنا من العالم العربي.
المبدأ الاساسي لم يتغير: لا اخلاء لمناطق الا عندما تستخدم قوة لا يمكن الوقوف في وجهها. حملة السويس كانت انتصارا تكتيكيا متداخلا مع فشل استراتيجي ذريع، دفع اسرائيل الى مكانة هامشية في الاستعمارية الاوروبية واستوجب انذارا امريكيا. حرب الايام الستة كانت المصيبة الكبرى للصهيونية ، اما حرب يوم الغفران فشكلت انتصارا في ميدان المعركة، اكتسب بثمن انساني باهظ يصعب حمله ولا داعي له على الاطلاق. السلام مع مصر، الذي كان ممكنا فقط لو كانت اسرائيل مستعدة لان تنصت للسادات فتخلي سيناء، كان في النهاية نتيجة ضغط من واشنطن، مسنود بتعلق متزايد بالمساعدات العسكرية الامريكية. حرب لبنان الاولى هي الاخرى، الحرب الاسرائيلية الاخيرة بحجم كبير نسبيا، انتهت بفشل هائل وجعلت لبنان دولة عدو. فطرد عرفات من بيروت ثبت فقط سيطرة الحركة الوطنية الفلسطينية في المناطق وفي الوعي الدولي. الانسحاب من غزة، بمبادرة 'بطل' حرب لبنان، اريئيل شارون، لم تترافق ومبادرة سلام، وانتهت، مثل الخطوات السابقة، بفشل استراتيجي.
يعرف المواطن البسيط بان في السياسة لا توجد وجبات مجانية، وهو يقدر بان اسرائيل المستوطنين اضطرت لان تعقد في القدس صفقة رزمة وان توافق على تقسيم عمل. الولايات المتحدة توقف ايران واسرائيل تقدم نصيبها في استقرار المنطقة من خلال التقدم نحو اقامة دولة فلسطينية. معقول أن السياسة الداخلية في اسرائيل ستجبر على التكيف مع هذا الواقع الذي سيتعين فيه الاختيار بين اليمين المستوطن الذي يحاول ايضا تحويل اسرائيل الى دولة يملي هويتها جوهرها اليهودي فيما تمحى شخصيتها الديمقراطية، وبين القيم الاخلاقية لليسار. مشوق أن نعرف في أي جانب سيجد نفسه 'الاخ' يئير و 'الاخت' شيلي.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الايام الاولى في الحرب القادمة صعبة جدا؟
اذا وقعت المواجهة مع حزب الله فان المدن الاسرائيلية ستتعرض لقصف عنيف ولكن اسرائيل ستنتصر

بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس

منذ كانت حرب لبنان الثانية حصلت الجبهة الداخلية الاسرائيلية على مكانة تختلف تمام الاختلاف في نظر الجهاز الامني. فقد حسمت الصواريخ الـ 4200 التي سقطت في داخل اسرائيل في ايام القتال الـ 34 الامر نهائيا. وأصبح واضحا منذ ذلك الحين كما يعلم ذلك جيدا أطراف الصراع جميعا أن كل معركة كبرت أو صغرت ستكون مصحوبة باطلاق كبير لصواريخ وقذائف صاروخية على الجبهة الداخلية في الدولة.
وتغيرت منزلة قائد الجبهة الداخلية الذي هو المسؤول الرئيسي عن علاج حماية الجبهة الداخلية، بحسب ذلك. وما زال هذا منصبا يكمن فيه خطر مهني كبير (فقد اضطر قائد الجبهة الداخلية في حرب لبنان اسحق غرشون الى الاستقالة على أثرها)، لكن مركزيته ما عاد يُشك فيها. ولا يقترن به في مقابل ذلك مجد كبير. ففي الجبهة الداخلية لا توزع أوسمة شجاعة. وفي حين يرسم قادة آخرون في خيالهم مداورات حاسمة في عمق ارض العدو، يجب على قائد الجبهة الداخلية ان يُغرق نفسه في أدق التفصيلات مثل إمداد الاطفال بالحليب وترتيب الأسرة في المستشفيات الميدانية في حال الحرب. ولهذا يُذكرنا حديث مع قائد الجبهة الحالي إيال آيزنبرغ قليلا باسم مسرحية حانوخ ليفين 'أنتِ وأنا والحرب القادمة'.
ليس عند آيزنبرغ مثل أسلافه أوهام تتعلق بطبيعة المواجهة. وهو لا يريد ان يشغل نفسه بالتخويف كما قال في مقابلة صحفية مع صحيفة 'هآرتس' وإن يكن الوضع 'لن يكون سهلا في الحرب التالية. ولو استطعت أن ألون هذا بالالوان الصحيحة من اجل المواطن لكنه ليست لي نقطة مرجعية. سيكون ذلك شيئا مختلفا. فقد تخلى أعداؤنا عن توجه الحسم الذي كان يهديهم في حروب الماضي وتبنوا في السنوات الاخيرة توجه الاستنزاف. وأنت ترى مسارا مذهلا للتسلح بقذائف صاروخية وصواريخ كل الهدف منها اصابة الجبهة الداخلية في دولة اسرائيل. وهذا تغير دراماتي'.
برغم ان حرب لبنان الثانية التي قاتل فيها آيزنبرغ قائدا لفرقة انتهت بنتائج مختلطة، ما زال حزب الله يرى ان اطلاق القذائف الصاروخية على الجبهة الداخلية الاسرائيلية نجاح نسبي. 'هذه أخف نفقة بالنسبة اليه، فهذه وسائل قتالية بسيطة تُحدث أثرا كبيرا نسبيا بكلفة ضئيلة. وهو يشتري استمارة تأمين بسعر منخفض. كان حزب الله قبل 2006 قادرا على اطلاق 500 رأس صاروخي على غوش دان. ولم يحدث ذلك لأن سلاح الجو الاسرائيلي دمر صواريخ فجر الايرانية في أولى ليالي الحرب بعملية 'وزن نوعي'، وقُصفت صواريخ مدى أبعد وهي الزلزال في الايام التي تلت ذلك. وهو قادر اليوم على ان يطلق على مركز البلاد من القذائف الصاروخية عشرة أضعاف ذلك وستكون رؤوس الصواريخ أثقل وأدق ايضا'.
ومعنى هذه المعطيات الجافة انه اذا نشبت حرب مع حزب الله فان 'غوش دان ستقع تحت رشقات صاروخية كثيفة. ويملك حزب الله نحوا من خمسة آلاف رأس صاروخي تبلغ أوزانها بين 300 كغم الى 880 كغم. وأُقدر ان تكون الايام الاولى صعبة جدا. وأنا أستعد لسيناريو يُطلق فيه على الجبهة الداخلية أكثر من ألف صاروخ وقذيفة صاروخية كل يوم قتال'.
ويقول آيزنبرغ ان اسرائيل لا تبحث عن مواجهة عسكرية كهذه 'ولن تكون هذه الحرب مجدية على الطرف الثاني ايضا. فاسرائيل تعرف كيف تُحدث ضررا كبيرا بأعدائها أكبر بدرجات مئوية مضاعفة مما يستطيعون إحداثه لنا'، بواسطة سلاح أكثر تدميرا ودقة يملكه سلاح الجو الاسرائيلي. 'وسيضطر العدو الى ان يختار هل يريد ان يرى انقاضا حينما يخرج من الملاجئ الحصينة بعد انتهاء الحرب. والمشكلة هي ان الطرفين في النهاية سيخرجان مُجرحين من هذه الحادثة وإن كنا نستطيع اعادة بناء أنفسنا بسرعة أكبر'.

نكث عهد

قبل نحو من سنة ونصف، في ذروة الجدل العام بشأن ضرورة الهجوم على ايران، زل لسان وزير الدفاع آنذاك اهود باراك في مقابلة مع صوت الجيش الاسرائيلي بقوله: 'لن يكون في أي سيناريو حتى 500 مصاب في الجبهة الداخلية' نتاج حرب صواريخ. وثبت ذلك الكلام في الذاكرة العامة بصفة تنبؤ بعدد القتلى لكن باراك كان يقصد في واقع الامر القتلى والجرحى واعتمد على تقديرات باحثين في العمليات العسكرية في جهاز الامن.
ويعترف آيزنبرغ قائلا: 'إننا نفحص هل نصدق هذا من جديد (بمعنى اعادة فحص الحسابات). وقد أخذ التهديد يتغير أمام أعيننا. في المعركة التالية قد يوجد في البدء وضع يقع فيه قتلى من المدنيين في الجبهة الداخلية عدد أكبر من الجنود القتلى في الجبهة الأمامية'، يتنبأ ولا يدقق تماما وقد حدث هذا في واقع الامر في الانتفاضة الثانية بسبب هجوم العمليات الانتحارية الفلسطينية في الجبهة الداخلية.
ويقول قائد الجبهة الداخلية ان هذا سيكون على نحو ما 'نكثا لعهد الدولة مع المواطن الذي علم دائما انه في الجبهة الخلفية وسيجد نفسه فجأة في جبهة أمامية ثانية. لن نستطيع الثبات في الحرب بالوسائل العسكرية فقط. ولهذا يجب علينا ان نعالج كثيرا الصمود وقدرة المواطنين على الثبات زمنا طويلا، وأفضل ألا أشغل نفسي بالتخويف بل بالتدريب والتمرين اللذين يُحدثان علما عند المواطنين ويبثان الأمن ويبنيان قدرة على مواجهة التحدي. في جنوب البلاد تعلموا مواجهة تهديد القذائف الصاروخية من غزة ولا أقول إنهم تعلموا العيش لا سمح الله فليس من السوي معايشة الصواريخ لكنهم يعلمون كيف يواجهون لحظات الازمة. واذا نشبت حرب يمكن بمساعدة سلوك صحيح للمواطنين إنهاؤها مع أقل من مئات القتلى الذين يتحدثون عنهم في السيناريوهات. إن طاعة التوجيهات التي صدرت في الماضي في معارك سابقة أنقذت حياة كثيرين. واليوم، بعد اطلاق الصواريخ على تل ابيب زمن عملية عمود السحاب في تشرين الثاني الاخير أظن انه أصبح يوجد عند سكان المركز ادراك لمبلغ محسوسية التهديد'.
منذ الخريف الاخير قل الاشتغال الاعلامي بامكانات الهجوم على ايران لكن زاد الخوف من ان يفضي تدهور الحرب الأهلية في سوريا في نهاية الامر الى تصعيد بين اسرائيل وحزب الله. وقد أفضى قصف قافلة كانت تنقل صواريخ مضادة للطائرات متقدمة من سوريا الى حزب الله (لم تعترف اسرائيل رسميا بالمسؤولية عنه) الى زيادة الاشتغال بذلك. ويقول آيزنبرغ إن تقدير الجيش الاسرائيلي الاستخباري لا يرى حربا يبادر اليها جيش عربي، لا يراها احتمالا معقولا، 'لكن كمية البخار المشتعل في المنطقة زادت جدا. وهناك احتمال عال لأن يحرق ثقاب ضال ما الشرق الاوسط. قد يوجد تعقد تكتيكي يفضي الى معركة شاملة. نحن قلقون جدا لكن هذا جزء من عملنا. ومن اجل هذا ايضا يدفع مواطنو اسرائيل ضرائب كثيرة. يجب ان يستمر المواطن يحيا حياته'. اذا بدأت حرب وحينما تبدأ، 'سيضطر كل مواطن الى ان يدرك انه تحول الى جندي في هذه المعركة بسلوكه الشخصي وبصورة كلامه وباظهار المنعة والتصميم وقتا طويلا'.
برغم المتابعة الجارية التي تقوم بها الاجهزة الاستخبارية في الغرب والمنطقة، ومنها أذرع اسرائيل الامنية، لمصير مخزون السلاح الكيميائي لنظام الاسد في سوريا فان آيزنبرغ 'لا يرى حربا كيميائية مدبرة علينا. هل يمكن ان يصل سلاح كيميائي ما الى أيد غير صحيحة ويُستعمل؟ هذا مؤكد. وهل يوجد احتمال ما لهجوم ارهابي غير تقليدي في المستقبل؟ نعم بلا شك. لن يهزم هذا دولة اسرائيل فنحن نعلم كيف نعالج هذا النوع من الاحداث ونحن مستعدون له'.
برغم ازدياد خطر استعمال السلاح الكيميائي، امتنعت الحكومة عن قرار إفراد نفقة اخرى لشراء أقنعة واقية (زُود أقل من 60 في المائة من الجمهور اليوم بأقنعة ملائمة). وبرغم ان قيادة الجبهة الداخلية أوصت بذلك في الماضي، يعلم آيزنبرغ ان احتمالات تحقيق توصيته ضعيفة. 'اذا سألتني أين أضع أول شيكل اضافي لي'، يقول، 'فانني أختار الانذار'. وقد صيغت في قيادة الجبهة الداخلية خطة تضمن انذارا أكثر تركيزا باطلاق الصواريخ الى مستوى صافرة تُسمع في نطاق بضعة كيلومترات مربعة فقط وتُمكن من حياة طبيعية نسبيا في مناطق اخرى زمن اطلاق الصواريخ. والعائق كالعادة مالي فكلفة الخطة التي تقوم في أكثرها على تحسين برنامج في نظام الحواسيب الموجود تقف على 388 مليون شيكل. وآيزنبرغ على يقين من ان هذا العمل قد يأتي بفائدة اقتصادية وقد يرد كلفته في سنين قليلة. 'فكر فقط في الجدوى على الاقتصاد اذا استطعت منع وقوع المصانع في شلل'.

التسريب ممكن

كانت عملية عمود السحاب آخر جولة قتال أُطلقت فيها قذائف صاروخية على الجبهة الداخلية، فقد أطلق نحو من 1500 قذيفة صاروخية من غزة في ثمانية ايام؛ وقُتل ستة اسرائيليين منهم جنديان واربعة مدنيين نتاج اطلاق الصواريخ. وتلقت المدن الكبيرة في الجنوب ـ بئر السبع وعسقلان وأسدود وسدروت ـ جزءا كبيرا من اطلاق الصواريخ.
واعترضت بطاريات القبة الحديدية بنجاح نحوا من 85 في المائة من القذائف الصاروخية التي كانت تشكل خطرا. ويُحذر آيزنبرغ من استنتاج استنتاجات بشأن طبيعة مواجهة أوسع. 'كانت تلك عملية صغيرة في مواجهة عدو ذي قدرة هجومية محدودة، برغم ان معدل القذائف الصاروخية اليومي التي أطلقت من غزة كان أكثر كثيرا من المعدل في الرصاص المصبوب أو من معدل اطلاق الصواريخ من لبنان في 2006'.
ومكّنت جولة القتال قيادة الجبهة الداخلية من ان تفحص لأول مرة في نطاق كامل عن تصورها العملياتي. ويقول قائد الجبهة الداخلية ان السلطات المحلية أدت عملها بصورة جيدة. 'أظهر رؤساء السلطات مسؤولية وصلابة. وأصبح للمستوى السياسي مجال مداورة واسع. ولم يُستعمل أي ضغط على رئيس الوزراء لانهاء المعركة في وقت أسرع مما كان ضروريا. وحينما أنظر الى بلدية بئر السبع مثلا فانها تستحق الثناء عليها. فبعد 20 دقيقة من سقوط صاروخ وصل الى المكان قائد الواقعة من قبل البلدية التي أصلح ناسها الاضرار وأعادوا النظام الى ما كان عليه. ويدرك رؤساء السلطات ان المنعة الوطنية لا يمليها قرار حكومة بل تبدأ بالمواطن ثم بالقيادة المحلية'.
ويقول آيزنبرغ انه في بدء العملية 'كانت عندنا معضلة كبيرة، فقد علمنا أنهم يستطيعون اطلاق الصواريخ على غوش دان. فهل نعلن وضعا خاصا في الجبهة الداخلية في شريط يبلغ 80 كم أو 40 عن غزة؟ من الواضح لي ان منعة اسرائيل الوطنية مرتبطة ايضا بالقدرة على حفظ التسلسل الأدائي والامتناع عن إضرار مبالغ فيه بالجهاز الاقتصادي.
'بتوصية منا أعلن وزير الدفاع باراك وضعا خاصا في الاربعين كيلومترا القريبة من القطاع فقط، وفي الاربعين كيلومترا التالية هيأنا السكان لامكانية اطلاق صواريخ. وحينما أطلقت قذائف صاروخية لم يتفاجأ المواطنون في غوش دان. كان اطلاق الصواريخ على غوش دان محاولة لبث الرعب. لكن حماس اطلعت على جبهة داخلية مختلفة، فقد تصرف المواطنون بصورة رائعة وبيّن سلوكهم ان المجتمع الاسرائيلي ليس مبنيا من خيوط عنكبوت. وقد عبرت عن المنعة خاصة المقاهي المفتوحة في غوش دان'.
اجتذبت أكثر الانتباه زمن العملية منظومات اعتراض القذائف الصاروخية. 'رأى المواطنون ان المواجهة أقل كثافة مما كانت بالفعل بسبب نجاح منظومة القبة الحديدية. لكن يجب ان نتذكر ان البطاريات تدافع عن مناطق محددة فقط ولا سيما المدن الكبيرة. وعلى حسب فرضنا الأساسي ما زلنا نعمل مع عدم حماية فعالة. وتعطى توجيهات دفاع المواطن عن نفسه وكأنه لا توجد منظومات كهذه. ونحن لا نتحدث عن نجاح بدرجة 100 في المائة لأنه يمكن ان تتسرب آخر الامر قذائف صاروخية. ولهذا أقول للمواطن الى جانب استعمال منظومة الاعتراض: أُدخل المجال المحمي لأنه يمكن ان تصيبك الشظايا ايضا'.
كانت البطاريات العملياتية الخمس من منظومة القبة الحديدية كافية بصعوبة لمنح أكثر السكان في جنوب البلاد وغوش دان وقت عمود السحاب حماية من الصواريخ. ولن يكون هذا كافيا في مواجهة مع حزب الله الذي يملك من القذائف الصاروخية أكثر بكثير مما تملك الفصائل الفلسطينية في غزة. ويتجادلون في جهاز الامن منذ سنوات في انه أين من الصحيح نشر البطاريات وقت الحرب. ويعرض آيزنبرغ لاول مرة موقف قيادة الجبهة الداخلية في هذه الحال: 'أوصي بالدفاع عن التسلسل الأدائي للدولة وعن القدرة على الابقاء على جهد هجومي للجيش الاسرائيلي زمنا طويلا حتى يتم النصر في الحرب. ويعني هذا الدفاع عن محطات توليد الطاقة وقواعد سلاح الجو قبل المدن الكبيرة. وقد نستطيع في المستقبل ان نفعل هذا وذاك معا. لكن الصحيح الآن مع مقدار قوات البطاريات وصواريخ الاعتراض التي نملكها أننا سنحتاج الى استعمال ترتيب أولويات للموارد. وسنضطر الى اتخاذ قرار صعب وصحيح وواضح. وقد نستطيع بعد ذلك ان نمنح أكثر سكان الدولة في المناطق المهددة الحماية، لكن هذا سيحدث مع وجود 10 بطاريات اعتراض زائدة ولسنا كذلك الى الآن'.
تقرر في جهاز الامن شراء 10 بطاريات بمساعدة امريكية، لكنه ستمر سنتان في أحسن وضع الى ان تُنشر 10 بطاريات عملياتية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

سلاح وفير وسياسة ضائعة

بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس

فروع الثورة في سوريا وصلت هذا الاسبوع حتى تونس. الوزير التونسي للشؤون الدينية، نور الدين الحامدي، حذر بنبرة حادة من الانصات الى الفتوى التي نشرها فقيه سعودي هام، هو محمد العريفي يدعو فيها النساء المسلمات الى الانضمام الى مقاتلي الجيش السوري الحر كعشيقات، وليس أقل.
'زواج الجهاد'، هكذا يسمى تجنيد النساء من أجل المقاتلين، والذي يخصص فيه للنساء دور هام: توفير الخدمات الجنسية 'للرجال العزاب الذين ليست لهم فرصة للزواج او للرجال المتزوجين الذين بسبب المعارك لا يمكنهم أن يمارسوا الجنس مع زوجاتهم'.
وقد خرجت الصرخة بالذات من تونس لانه اشتكت هناك بعض العائلات من أن بناتهم سافرن الى سوريا لاداء الفريضة. ومع أن العريفي نفى أن يكون نشر فتوى كهذه، ولكن القصة جعلت لها جناحين واصبحت احدى الاساطير التي ترافق الثورة السورية.
قد يكون الجيش السوري بحاجة الى 'المتعة' ولكن ليس من النوع الذي يعرضه العريفي ولا الفتوى التي تسمح للمقاتلين بعقد 'زواج مؤقت'. وتجدر الاشارة الى أنه حسب الفتوى موضع الحديث يمكن للمقاتل أن 'يطلق' الزوجة المؤقتة وان ينقلها الى رفيقه.
قصص تبعث على الصدمة عن اعمال اغتصاب يقوم بها جنود ورجال الميليشيات تملأ تقارير نشطاء حقوق الانسان ومواقع الانترنت والشهادات التي فيها لا بد ستستخدم لاحقا وقودا لحملة تصفية الحسابات.
ولكن المطلب الاساسي لرئيس أركان الجيش السوري الحر، سليم ادريس، ليس النساء، بل ذخيرة اخرى من النوع الذي يمكن أن يحسم المعركة امام جيش النظام.
الجامعة العربية التي انعقدت هذا الاسبوع في الدوحة عاصمة قطر قررت بان تكون كل دولة من الان فصاعدا حرة في أن تورد السلاح لقوات الثورة. وهذه هي المرة الاولى التي يتخذ فيها قرار عملي، جارف وعلني، لتوريد السلاح للقوات المقاتلة. ولكنه بالاجمال يؤكد الوضع القائم.
حسب بحث نشرته هذا الاسبوع 'نيويورك تايمز' فما لا يقل عن 160 رحلة جوية نقل فيها سلاح الى الجيش السوري الحر تمت منذ بداية 2012. ارسالية السلاح هذه، التي اشترى بعضها في كرواتيا وبعضها في دول اخرى، نفذتها طائرات سعودية، قطرية واردنية، هبطت في المطار في اسطنبول ومن هناك نقلت عبر الحدود الى سوريا.
وحسب هذا التقرير، فان السي.اي.ايه هي شريك في تخطيط الارساليات، العثور على مصادر لشراء السلاح ورسم خريطة للقوات التي يجدر تسليحها. والجميع بالطبع ينفي كل تدخل في ارسال السلاح الى المقاتلين، ولكن لا خلاف في أن نوعية السلاح الذي وضع مؤخرا تحت تصرف قوات الجيش الحر صواريخ متطورة مضادة للطائرات، المعدات الالكترونية الحديثة المعدة لجمع المعلومات الاستخبارية وكميات الذخيرة يدل على تخطيط لوجستي واسع النطاق لا يمكن أن تقوم به القوات المحلية وحدها. وتذكر بعض مواقع الانترنت للمعارضة اسرائيل كمصدر آخر لتوريد السلاح.
ومع ذلك، فان عمليات توريد السلاح بعيدة عن أن تكون ضمن تخطيط أعلى يخضع لرقابة موحدة. لكل واحدة من موردات السلاح السعودية، الاردن، قطر او تركيا ـ يوجد 'زبائن' خاصون بها، بواسطتهم تأمل كل دولة في أن تكسب قدرا من النفوذ في الفترة التي ستلي سقوط بشار الاسد.
وحسب تقارير لمحافل المعارضة، فان قطر تفضل تسليح الكتائب المقربة من الاخوان المسلمين، منظمات ومتبرعين خاصين في دول الخليج يمولون المنظمات الاسلامية المتطرفة، والسعودية تساعد القوى العلمانية والمنظمات الاسلامية الخاضعة لتأثيرها، ولكن ليس 'جبهة النصرة' المتماثلة مع القاعدة. تركيا هي الاخرى تساعد بالاساس كتائب الاخوان المسلمين، اما الاردن فيغض النظر عن تهريب السلاح لمحافل المعارضة في درعا القريبة من الحدود الاردنية.
من الجهة الاخرى تواصل ايران، العراق وروسيا تسليم وتمويل النظام السوري ومنظمات المعارضة الكردية التي اقامت قوة قتالية خاصة بها لا تنسق مع الجيش السوري الحر، فيمولها ويدربها الحكم الذاتي للاقليم الكردي في العراق.
جملة المصالح التي توجه توريد السلاح تجد تعبيرها ايضا في دعم الحركات السياسية والايديولوجية التي تتشكل منها المعارضة المدنية. فعندما انتخب قبل اسبوعين غسان هيتو في منصب رئيس الحكومة المؤقتة، أعلن اعضاء في قيادة المعارضة عن استقالتهم أو عن تجميد عضويتهم. 'هيتو هو رئيس وزراء بتكليف من قطر'، اعلن اعضاء في المعارضة، 'تعيينه يأتي لدق اسفين في عيني السعودية، التي تؤيد معاذ الخطيب (رئيس الائتلاف الوطني الذي يجمع كل حركات المعارضة)، وجعل قطر صاحبة النفوذ'.
لقد أعلن الخطيب عن استقالته من منصب الرئيس، ولكن هذا الاسبوع أعلن بانه مستعد لان يتراجع عن استقالته شريطة توسيع قاعدة تمثيل مزيد من الحركات في سوريا في اطار الائتلاف. ومع أن الخطيب يتحدث عن تمثيل النساء والعلويين، ولكن اساس نيته تتجه الى اضعاف قوة الاخوان المسلمين الذين ضغطوا على انتخاب هيتو.
في أعقاب تعيين هيتو- الذي احرج السعودية، التي تعارض في هذه المرحلة اقامة حكومة مؤقتة أعلن رئيس اركان الجيش السوري الحر بان 'ولاء الجيش الحر للحكومة الجديدة سيكون منوطا بتركيبتها'. اصابع السعودية التي تمول عمل الجيش، واضحة جيدا في هذا التصريح.
كما أن السعودية ضغطت كيف يكون الخطيب، وليس هيتو هو الذي يلقي الكلمة امام مؤتمر القمة العربية بصفته الممثل المعروف للمعارضة. وسيكون تشكيل الحكومة المؤقتة التحدي الاقسى لهيتو الذي كمواطن امريكي، يعيش منذ أكثر من 30 سنة خارج سوريا، لا توجد له خلفية جماهيرية داعمة. ويضاف الى ذلك ايضا الصعوبة في تمويل عمل مثل هذه الحكومة، اذا ما تشكلت، وذلك لانه حسب تقديرات المعارضة سيكون مطلوبا نحو نصف مليار دولار في الشهر لادارة المناطق التي توجد تحت سيطرة قوات الثورة. مثل هذه المبالغ ستستدعي تنسيقا بين الدول العربية المانحة وذلك لان المساعدات الامريكية، التي تبلغ الان 60 مليون دولار، هي قطرة في بحر.
الخلاف بين السعودية والولايات المتحدة من جهة وبين قطر وتركيا من جهة اخرى لا يتعلق فقط بتعيين هيتو، بل يعكس فهما استراتيجيا مختلفا. في هذه المرحلة تؤيد السعودية والولايات المتحدة، الى جانب معاذ الخطيب، المحادثات بين المعارضة والنظام، بينما قطر وهيتو يعارضان بشدة كل اتصال مع ممثلي الاسد. هذه الفوارق تنبع من المسعى الامريكي لمنع تحول سوريا الى عراق ثانٍ مثلما حصل بعد سقوط صدام في العراق. واشنطن، التي في المرحلة الاولى بعد حرب الخليج أيدت حل جيش صدام وتطهير الادارة من كل نشطاء حزب البعث، وجدت نفسها في غضون وقت قصير دون قوى محلية يمكنها أن تقدم الخدمات الحيوية او تساعد الجيش الامريكي في الحفاظ على القانون والنظام. مرت سنوات وعشرات الاف القتلى الى أن اصلح هذا الخطأ الجسيم. ولمنع وضع مشابه في سوريا تجتهد الولايات المتحد والسعودية لاقناع قيادة المعارضة بتقريب ابناء الاقلية العلوية والضمان للضباط العلويين الذين يعلنون عن معارضتهم للنظام بانه لن يحصل لهم اي شر حين يسقط النظام.
ومع أنه من المشكوك فيه أن يؤثر هذا الضغط على استعداد الجيش السوري الحر لان يدمج فيه الجيش السوري الذي سيبقى بعد سقوط الاسد أو يمنع معركة فتاكة لتصفية الحسابات والحرب الاهلية، ولكن قيادة سورية جديدة تعترف بهذه الحاجة هي حيوية لتقليل حجوم الكارثة المتوقعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بين النعمة والجهاد

بقلم:بن ـ درور يميني،عن معاريف

حتى اليوم عرفت اسرائيل كيف تبعد نفسها عن كل دور في حرب الكل ضد الكل في سوريا. وحتى الغارة على منشأة معينة، حسب مصادر أجنبية، لم تنجح في جر اسرائيل الى النزاع الذي لا ينتهي. ولا حتى القذائف القليلة التي وصلت الى اراضي اسرائيل، على سبيل الخطأ أو عن عمد. غير أن الصراع الدموي في سوريا ينتقل الى اسرائيل، حتى خلافا لارادتها.
وتجري المعارك بين النظام ومجموعات الثوار قرب الحدود ايضا. يوجد جرحى، ولا يعرفون الى أين يتوجهون. اسرائيل ليست فقط الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، بل وايضا صاحبة جهاز صحي فاخر. عندما يصل طبيب بريطاني مسلم، هو الدكتور شاغول اسلام، الى سوريا كي يعنى بقطع الرؤوس؛ عندما يغلق العراقيون الحدود؛ عندما يكون من شأن لبنان أن يعود الى الحرب الاهلية بذاته بسبب دعم حزب الله للاسد؛ وعندما يسيطر رجال حزب الله على اي حال على معابر الحدود مع سوريا فان اسرائيل تصبح المخرج الوحيد.
في هذه الاثناء وصل قليل من الجرحى، ولكن يحتمل أن تزداد الاعداد. واذا كانت اسرائيل تبعث بمستشفى ميداني الى هاييتي، في الطرف الاخر من الكرة الارضية، فلا يوجد ما يجعلها تدير الظهر لجرحى يتواجدون على مسافة خطوات. فالموضوع انساني. ومثلما هو الحال دوما، فان كل مساعدة انسانية من اسرائيل تتلقى رد فعل شرطي: 'ورقة تين'. هذا ما قالوه عن المستشفى الاسرائيلي في هاييتي، الذي كان الافضل؛ هذا ما يقولونه عن النهج الليبرالي تجاه المثليين والمثليات؛ هذا يحصل حتى عندما يتم اختيار حسناء من اصل افريقي ملكة جمال او عندما تنتخب عربية، من الجماهير الاسرائيلية، لتكون المغنية التي تفوز في برنامج 'ذي فويس'.
هكذا فانها مسألة وقت فقط الى أن يصبح المستشفى على الحدود السورية 'ورقة تين اخرى'. انها مسألة وقت فقط الى أن يظهر في 'هآرتس' او 'الجارديان' مقال يقول ان اقامة المستشفى هو تضليل اسرائيلي آخر للتغطية على وهنا تظهر سلسلة الاكاذيب الدائمة 'جرائم الحرب، قمع شعب آخر، تطهير عرقي، ابرتهايد وغيرها من الترهات'.
فهل، في هذه الظروف، يوجد معنى لاقامة مستشفى ميداني؟ بالتأكيد يوجد. لان على اسرائيل أن تعمل بالشكل الاكثر اخلاقية دون أي صلة بالجوقة الصاخبة، من الداخل ومن الخارج، التي لن ترى أي شيء جيد حتى عندما تفعل اسرائيل الشيء الاكثر جودة. لان الحديث يدور عن حياة الانسان. لان اسرائيل وحدها يمكنها أن تساعدهم. لان هذا ما تفعله اسرائيل، باستثناء حالات شاذة وبشعة، حتى عندما يدور الحديث عن مخربين يصابون حين يأتون للمس بالاسرائيليين. لان هذه هي المعايير الاخلاقية لاسرائيل رغم أنف اولئك الذين يصرون على نشر الاكاذيب.
يجب العمل بشكل انساني ليس من أجل الحصول على المدائح بل لان هذه هي الطريقة المناسبة. كل من شاهد فيلم شلومي الدار 'حياة عزيزة' لا ينبغي ان يتوقع أي شكر. يمكن التقدير بان يكون جرحى ينالون الحياة الجديدة بفضل أطباء اسرائيليين، وبعد يوم من ذلك سيعودون الى صفوف الجهاد العالمي. هذا مغيظ. هذا مثير. ورغم ذلك، فان اسرائيل قوية ومزدهرة بالذات لانها تحافظ على طابعها الانساني. هذا هو السبيل. يجدر بنا الاستمرار فيه.


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ