Aburas
2013-03-31, 09:13 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
أوباما وخطواته الأولى على أرض فلسطين
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
استراتيجية اسرا ـ أمريكية عدوانية قائمة أصلا
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
أوباما يهل مرة كل أربع سنوات
جهاد المومني عن الرأي الأردنية
بعد زيارة أوباما نسأل الله السلامة !
طاهر العدوان عن الرأي الأردنية
هل القضية الفلسطينية قضية سلام أم قضية حقوق؟
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان) عن القدس العربي
اوباما والتحديان الايراني والسوري
رأي القدس العربي
أوبــامــا فـي إســـرائـيــل: زيـــارة واجـــب
حلمي موسى عن السفير
جولة أوباما... لسلام مؤجل
جيمس زغبي عن السفير
أوباما والكابوس السوري
هشام ملحم عن النهار اللبنانية
زيارة أوباما ومناخ التّفاهمات مع موسكو
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
أوباما في إسرائيل.. لا جديد
رأي الجمهورية المصرية
رسالة الشعب الفلسطيني لأوباما
رأي الراية القطرية
شهداء الكرامة.. قناديل الوحدة والنصر
د.حسام العتوم عن الرأي الأردنية
البابا واليهود
محمود الزيودي عن الدستور الأردنية
ما أخبار المصالحة الفلسطينية؟
معن البياري عن الدستور الأردنية
العلاقات الإخوانية- الأمريكية تنصهر بنيران الحدّاد
علي السيد عن المصري اليوم
لقاء الوزير الأمريكي فضح الأسرار!!
شوقي السيد عن المصري اليوم
أوباما وخطواته الأولى على أرض فلسطين
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
بغض النظر كيف سيقييم التاريخ زيارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما إلى أرض فلسطين التاريخية، بعد أن اعترف العالم بجزء من تلك الأرض على أنه يشكل دولة فلسطين بحقوق غير متكاملة، إلا أن التاريخ سيقيم هذه الزيارة على أنها الأولى من نوعها، على الرغم من أن إدارة أوباما صوتت ضدّ الاعتراف بها، في الدورة العادية الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتأتي خطوته هذه في ظل إعلان السكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن هذه المنظمة الدولية قررت: 'تغيير اسم السلطة الفلسطينية إلى دولة فلسطين في جميع إجتماعاتها وأوراقها الرسمية'. وبسرعة إتهمت إسرائيل السكرتير العام بأن القرار الذي أصدره مليء بالمواقف السياسية الأحادية الجانب والمنحازة إلى جانب الفلسطينيين.
ورغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كان يتابع ويحاول أن يعالج الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي نظريا، عن طريق المباحثات الجارية بين الطرفين، والتقارير التي تقدم له، وعن طريق مستشاريه المتخصصين في مشاكل الشرق الأوسط، وعن طريق الأبحاث التي تنشر، إلا أنها، ومهما كانت دقيقة، ينقصها لفتة واقعية وإنسانية. فمثلا هناك فرق بين التحدث عن الحواجز على الطرقات في الأراضي المحتلة ومعاملة الجنود الإسرائيليين للمواطنين الفلسطينيين في التقارير، ومشاهدتها على أرض الواقع.
وبلا شك سيفتش الرئيس أوباما أثر وصوله إلى فلسطين عن أسباب اعمق مما تجيء في التقارير، تمنع قيام دولتين، وحل المشكلة حلا أساسيا من وجهة النظر الأمريكية (والفلسطينية إلى حد ما) .. أسئلة كثيرة وكثيرة جدا ستطرح قبل أن يقرر أوباما اتخاذ خطواته الأخيرة: إما التراجع كليا عن موقفه أو محاولة وضع ضغط على إسرائيل والفلسطينيين؟.
فمن هذا المنطلق، يمكن رؤية وتقييم زيارة أوباما للمنطقة كمحاولة اضافية شخصية من جانبه، لإنقاذ أحد الثوابت الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، بدءا من اتفاق أسلو وصولا إلى الهدف الأمريكي المنشود اليوم وهو إقامة الدولتين.
السؤال هو هل يستطيع أوباما تحقيق الهدف الأمريكي المنشود، بدون أن يسبق ذلك خطوات حاسمة؟ بلا شك سيركز أوباما مجددا على إنجاز تفاهمات تهدف إلى وضع حد لمشاريع البناء في المستعمرات اليهودية (وهي أحدى العقبات الأساسية للعود للحوار)، مقابل إستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ولتحقيق ذلك، خصوصا مع وجود حكومة إسرائيلية متطرفة يحتاج إلى أكثر من 'كلام معسول ولسان لطيف'.
وعلى الرغم من أن الأغلبية تعتقد أنه لن تكون هناك مفاجآت بالمعلومات التي يتطلع باراك أوباما الحصول عليها. على سبيل المثال: رد مقنع عن السبب الحقيقي وراء القرار الأحادي الجانب القيام بتفريغ قرى فلسطينية في عام 1948 والقيام بتدمير جزء منها، وتحويل سكانها إلى لاجئين داخل إسرائيل؟ وهل هذا التصرف له امتداد لما حصل خلال الـ 65 سنة الأخيرة، ويتكرر الآن داخل أراضي الدولة الفلسطينية؟ (صحيفة معاريف الصادرة يوم 16 /3/2013 ).
فبالإضافة إلى تهويد الأراضي العربية التي صادرتها إسرائيل بعد قيامها، إلا أن مصادرتها لعبت دورا في محاصرة المدن والقرى الفلسطينية، خصوصا من النواحي الاقتصادية التي وقف في مقدمتها الإنتاج الزراعي الذي اعتمدت عليه كل القرى العربية، والإنتاج الصناعي الخفيف (صناعة الفخار والأدوات النحاسية، والمصنوعات السياحية من خشب الزيتون وغيرها والتي لاقت رواجا عالميا).
وربما يحاول أوباما العودة إلى بعض القضايا الجذرية الأخرى رغم كل ما كتب عنها مثل منطقة 'آي 1' ومدى أهميتها في تنفيذ مشروع الدولتين الذي تتبناه إدارته؟ وغيرها من الأمور.
ولا بدّ أن مستشاري الرئيس أوباما واعون للأسباب الحقيقية التي تقف وراء تحركات الدمى السياسية الإسرائيلية التي عمل بنيامين نتنياهو جاهدا لائتلاف حكومي معها قبل وصول الرئيس الأمريكي إلى البلاد في أول زيارة له كرئيس للجمهورية، وبعد إعادة إنتخابه لفترة زمنية ثانية. فقد أعلن البيت الأبيض سابقا أن الرئيس أوباما لن يقوم بزيارة إسرائيل إذا لم تكن هناك حكومة شرعية؟ بمعنى آخر ان هذه الحكومة ستبقى بدون مصير بعد مغادرة أوباما المنطقة.
فالأحزاب التي تتألف منها الحكومة الجديدة، تقف حجر عثرة في وجه المواقف الأمريكية. فحتى لو أراد نتنياهو العمل على حل الدولتين سيواجه صعوبات من شركائه في الحكومة الجديدة. وهناك مواقف واضحة بهذا الشأن من حليفه أفغدور ليبرمان (رئيس حزب إسرائيل بيتنا والذي انضم مؤخرا لحزب الليكود). ومن نفتالي بينت (رئيس البيت اليهودي) أنهما لن يوافقا على حل الدولتين، وبدونهما لن تكون هناك حكومة.
وإذا أضفنا إلى كل ما ذكرنا موقف الأغلبية في إسرائيل فإن الصورة تبدأ باتخاذ حجم واقعي، لا يمكن تغافله. فحسب آخر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، فإن أغلبية الشعب في إسرائيل لديه علاقة سلبية لرئيس الولايات المتحدة اوباما (معاريف 15/3/2013 )
فعشية وصول الرئيس أوباما إلى إسرائيل تبين من إستطلاع صحيفة 'معاريف '38 بالمائة من الإسرائيليين يعتقدون أن الرئيس أوباما يحمل العداء لدولة إسرائيل. ومع ذلك فقد تبين من الإستطلاع أن 32 بالمائة يعتقدون أنهم لا يحبونه، ومع ذلك يحترمونه. وعشرة بالمائة فقط قالوا أنهم يحبون أوباما.
ولكننا لا نتحدث عن الحب، بل عن السياسة، وفي المشاكل السياسية لا وجود للحب.
استراتيجية اسرا ـ أمريكية عدوانية قائمة أصلا
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
كل الحروب والاشكال الاخرى من العدوان التي خاضتها واقترفتها اسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب كانت بضوء أخضر أمريكي، وفي عام 1956 شاركت اسرائيل في العدوان الثلاثي البريطاني ـ الفرنسي ـ الصهيوني على مصر. نقول ذلك لأن دراسة جديدة أصدرها 'مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي' رأت: أن على نتنياهو استغلال زيارة الرئيس أوباما الحالية إلى إسرائيل، لبلورة استراتيجية مشتركة جديدة للولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة تحديات الشرق الأوسط. أوصت الدراسة لهذه الاستراتيجية ببعض المبادئ: عدم انقطاع الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، ومنع سقوطه بيد الإسلامين، تعزيز العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين البلدين. الشفافية التامة بين قيادتي البلدين، امتناع الولايات المتحدة عن تحدي حكومة إسرائيل بطلب وقف البناء في القدس. استمرار الحوار لبناء سياسة استراتيجية مشتركة تجاه التحديات المشتركة: السياسية، الأمنية، الدبلوماسية، الاقتصادية والاجتماعية.
على أساس هذه البنود توصي الدراسة ببلورة فهم استراتيجي شامل متعدد الطبقات، الطبقة الأولى: وقف البرنامج النووي الإيراني على أساس المنع وليس الإحتواء. الطبقة الثانية: تحريك المسيرة السياسية مع السلطة وتحقيق التسوية الدائمة. الطبقة الثالثة: بناء الظروف لليوم التالي لنظام الأسد، بلورة سياسة مشتركة لمنع انتقال السلاح الاستراتيجي إلى حزب الله وإلى الجهات المسلحة. الطبقة الرابعة: استقرار الحزام حول سوريا لتقليص خطر الآثار السلبية على جيرانها. تخلص الدراسة إلى نتيجة: لما كان لإسرائيل قدرة محددة على أن تواجه جملة التحديات بالتوازي، من الحيوي الوصول إلى تنسيق استراتيجي وثيق مع الولايات المتحدة، ناهيك عن أنها تقدر بأن قدراتها على مواجهة مشاكل العالم محدودة.
بداية: ان ما يقوله المعهد هو استنتاج عار عن الصحة ويفهم منه وكأن هناك استراتيجيتان منفصلتان: أمريكية وأخرى اسرائيلية فيما يتعلق بالمنطقة، وهذا كذب وافتراء ومجافاة للحقيقة.
دراسة مركز الأبحاث الإسرائيلي تتقاطع مع وجهات النظر القائلة بوجود تناقض بين أوباما ونتنياهو وأولئك الذين يرون بأن الولايات المتحدة تنحو نحو استراتيجية جديدة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. صحيح أن ثمة تباينات قد تنشأ حول هذه القضية أو تلك من القضايا السياسية للمنطقة، بين إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة، لكن لن تصل هذه التباينات بأية حالة من الأحوال إلى وجود ما يسمى بـ'التناقض'! الولايات المتحدة كيّفت سياساتها منذ إنشاء الكيان الصهيوني وبنت الأسس الاستراتيجية لسياساتها في الشرق الأوسط انطلاقاً من الحرص على بقاء إسرائيل، المحافظة على الأمن الإسرائيلي إنجاح السياسات الإسرائيلية وأهدافها في المنطقة، إبقاء إسرائيل القوة العسكرية الأولى في الشرق الأوسط، كبح جماح أية عوامل عربية قد تشكل في المستقبل خطراً على الأمن الإسرائيلي. جعل إسرائيل ركناً أساسياً في المنطقة العربية كحليف استراتيجي للولايات المتحدة. مساندة إسرائيل في مختلف المجالات السياسية، الاقتصادية، العسكرية وغيرها.
لقد حددت الدول الغربية الاستعمارية الهدف من إنشاء إسرائيل ومساعدة الحركة الصهيونية منذ أوائل القرن الزمني الماضي، ففي عام 1907 أوصت الجبهة الاستعمارية الموحدة التي تم إنشاؤها والتي تألفت من بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، البرتغال، إيطاليا، إسبانيا في تقرير مشترك سمي تقرير بنرمان (باسم رئيس الحكومة البريطانية آنذاك) جاء فيه: 'إننا نوصي بضرورة العمل على فصل الجزء الإفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، ونقترح لذلك: إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط آسيا بأفريقيا ويربطهما بالبحر المتوسط، بحيث يشكَّل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة'.
جاءت بعد ذلك اتفاقية سايكس-بيكو لتقسيم الوطن العربي بين الدول الاستعمارية ثم بعدئذٍ وعد بلفور، وجرى الانتداب البريطاني على فلسطين إلى أن تم إنشاء إسرائيل. بعد الحرب العالمية الثانية وبروز الولايات المتحدة كقوة سوبر إمبريالية، كان من الطبيعي أن ينتقل المركز الإمبريالي من أوروبا إلى الولايات المتحدة، التي حلّت محل بريطانيا (بعد أن غابت عن ممتلكاتها الشمس) في التبني لإسرائيل.عملياً منذ قيام الدولة الصهيونية فإن الولايات المتحدة أمدتها وما تزال وستظل بكل ما تحتاجه على الأصعدة المختلفة، ودافعت عن سياساتها واعتداءاتها وجرائهما بمبرر واحد: اعتبار ذلك ضرورياً للأمن الإسرائيلي وحمتها (من خلال الفيتو) في مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي كافة المنظمات والهئيات الدولية التابعة لها من أية إدانة دولية. غالباً ما تم ذلك بالتنسيق مع دولتين دائتمي العضوية في مجلس الأمن وهما: بريطانيا وفرنسا. الولايات المتحدة في كثير من الأحيان وقفت ضد غالبية دول العالم إذا ما تعارضت هذه الدول مع المصالح وللأهداف الإسرائيلية. أمريكا نسقت مع إسرائيل في إلحاق الهزيمة بالعرب في عام 1967 وهناك وثائق تبين خطة أمريكية-إسرائيلية لإسقاط نظام الرئيس عبد الناصر. أمريكا في حرب عام 1973 وعندما فوجئت إسرائيل بالهجوم المصري-السوري في حرب تشرين، دهنت طائراتها لتبدو وكأنها طائرات إسرائيلية وألبست طياريها لباس الطيارين الإسرائيليين وشاركت بطياريها وطائراتها مباشرة في المعركة. أمريكا بررت وما تزال كل الاعتداءات والحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين والدول العربية. وساهمت بشكل أساسي في توقيع اتفاقيات كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة بين إسرائيل ومصر، وبينها وبين الفلسطينيين وبينها وبين الأردن، والتي جاءت في مجملها لصالح إسرائيل. الولايات المتحدة تبنت مشروع بيريز بانشاء الشرق الأوسط الكبير.
في عام 2004، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية إبّان رئاسة بوش الابن رسالة ضمانات استراتيجية جديدة لإسرائيل قرأها ارييل شارون رئيس الوزراء آنذاك من على منبر مؤتمر هرتسيليا الخامس، فحواها: التزام الولايات المتحدة الكامل ببقاء إسرائيل والمحافظة على أمنها. عدم الضغط على إسرائيل ورؤاها للتسوية مع الفلسطينيين والعرب.
منذ اتفاقيات أوسلو وحتى اللحظة، نرى تكيفاً أمريكياً مع السياسات ووجهات النظر الإسرائيلية سواء فيما يتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين والعرب، وليس العكس فالولايات المتحدة تكيفت مع الأطروحات الإسرائيلية: في تبني اللاءات الأسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية.
أما فيما يتعلق بالاقتراحات التي تضمنها تقرير 'مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي' من أجل إنشاء استراتيجية أمريكية إسرائيلية جديدة فإن: الولايات المتحدة ليست منقطعة عن أحداث الشرق الأوسط، وبادرت إلى مباحثات مع حزب الحرية والعدالة في مصر وحركة النهضة في تونس قبل تسلمهما للحكم وضمنت علاقات جيدة للبلدين مع الولايات المتحدة والدول الغربية. عدم المس باتفاقية كمب ديفيد والمحافظة عليها من قبل مصروعدم تضمين الدستور التونسي فقرة 'تجرم التطبيع مع إسرائيل وغيرها من النقاط المهمة أما العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين أمريكا وإسرائيل فالتنسيق في أعظم وأعلى حالاته.
أمريكا تقف موقفاً استراتيجياً بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. على صعيد الساحة الفلسطينية فلا تناقض بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالتسوية. على صعيد سوريا أيضاً لا تناقضات بين الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، فالطرفان متفقان على الخطوط العامة ومنع امتلاك حزب الله للأسلحة الاستراتيجية وبخاصة الأسلحة الكيماوية. كذلك الأمر بالنسبة لحزام الجوار السوري.
الأدق قولاً في أكاذيب المعهد الصهيوني: أن الاستراتيجية المشتركة بين أمريكا واسرائيل قائمة منذ إنشاء دولة الكيان الصهيوني. صحيح أن هناك مستجدات سياسية عربية وهذه بحاجة إلى المزيد من التنسيق لاتخاذ سياسة موحدة تكتيكية إسرائيلية أمريكية مشتركة، وهذا لا ينفي وجود الاستراتيجية المشتركة بين البلدين القائمة فعلاً.
أوباما يهل مرة كل أربع سنوات
جهاد المومني عن الرأي الأردنية
لا يحمل مبادرة من اي حجم او نوع لاعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات او للعودة الى القضية المركزية، وليست لديه اية افكار غير معلنة من قبل عن مواقف الولايات المتحدة من الازمة السورية وطريقة انهائها بما يضمن عدم نجاح المتطرفين في الزحف الى دمشق، اذا لماذا يحل اوباما زائرا على المنطقة في وقت حرج ؟
يقولون في الولايات المتحدة او في بعض اعلامها ان الرئيس يزور المنطقة الاكثر اهمية واقلاقا لسببين, الاول والأهم زيارة اسرائيل التي لم يزرها حتى الان بينما زار في بداية دورته الرئاسية الاولى تركيا ومصر وقد استحق عليه تأدية واجب الاحترام للحليف الأثمن والأعز، ومن هناك سيكيل الرئيس التهديدات لإيران اولا ويقدم ضمانات جديدة لتل ابيب بأن هذه الادارة لا تقل التزاما عن اية ادارة أخرى تجاه أمن اسرائيل, كما سيقدم ايضا ضمانات قوية فيما يخص التهديد القادم من سوريا بعد سقوط النظام وبالاخص تهديد الاسلحة الكيماوية، فما تسعى اليه اسرائيل في هذه المرحلة عدم اسقاط نظام الاسد بل تركه منهكا مع الحرص على عدم وصول المعارضين لوجودها الى السلطة في دمشق.
السبب الثاني للزيارة هو ان اوباما - كما تهكمت بعض الصحافة الاميركية-يأتي سائحا لانه ما من عمل له جدي في الولايات المتحدة، فمشاكل الموازنة وتراجع الاقتصاد الاميركي ليست من اختصاصة وانما من اختصاص الخبراء الاقتصاديين كذلك هي حال بقية المشاكل الداخلية، ومن وجهة المعلقين الساخرين في بعض محطات التلفزة فأن الرئيس يحتاج الى اجازة طويلة في موسم بطالته.
سبب ثالث سمعته من احد خبراء الشؤون الاميركية في الجامعة الاردنية حيث يعتقد ان الرئيس اوباما سيترك ثغرة يستغلها خصومه لو قطع آلاف الكيلومترات لزيارة اسرائيل فقط، وانه سيشعر بحرج سياسي اذا لم يجعل من زيارته حدثا مهما وأكبر من مجرد التودد لاسرائيل، فالتودد ممكن من واشنطن او نيويورك ولا حاجة لقطع المحيط من أجله، وما فكر به الرئيس او المستشارين في البيت الابيض نيابة عنه هو اضافة المزيد من الملفات الى جدول الزيارة حتى لا تكون قضية الملف النووي الايراني هي القضية الوحيدة التي سيتعامل معها اوباما خلال زيارته، ويريد الرئيس ان يقول للأميركيين انه يحمل هموم العالم وعليه كان لا بد من توسعة دائرة الزيارة لتشمل الاردن وفلسطين ايضا لكنه في هاتين المحطتين سيسمع أكثر كثيرا مما سيقول.
بعد زيارة أوباما نسأل الله السلامة !
طاهر العدوان عن الرأي الأردنية
منذ عهد الرئيس الأميركي آيزنهاور الذي اجبر إسرائيل على سحب قواتها من سيناء وغزة بعد ان احتلتهما في عدوان ١٩٥٦ على مصر لم تتغير القناعة عند العرب بأن من يجلس في البيت الأبيض هو الذي يستطيع ان يصنع الحرب أو السلام بين العرب والإسرائيليين. هذه القناعة تعززت في عهود الرؤساء نيكسون ( الفصل بين القوات في سيناء والجولان بعد حرب ٧٣ ) وكارتر ( كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ) وبوش الأب ( مؤتمر السلام في مدريد ) وكلينتون ( أوسلو ووادي عربة ).
دور الرؤساء الأميركيين هذا تغير بشكل انقلابي في عهد الرئيس بوش الابن الذي لبس دروع الحرب في الشرق الأوسط ولم تقتصر حروبه على العراق وأفغانستان فقط إنما أعطى الضوء الأخضر لشارون في لقائهما في البيت الأبيض عام ٢٠٠٢ لخوض حرب بالوكالة ضد الشعب الفلسطيني بعد ان وصف المقاومة بالإرهاب.
لم يستوعب النظام العربي هذا التغيير وظل الجميع بمن فيهم الفلسطينيون متمسكين بحكاية ان رؤساء أميركا سيجلبون لهم الدولة الفلسطينية والجولان على طبق من ذهب. وعندما اصبح أوباما رئيساً وجدوا في نفوره من الحروب وفي خطابه الشهير الذي ألقاه في جامعة القاهرة في بداية ولايته الأولى ذريعة لاستمرار الاعتماد الكلي على البيت الأبيض في حل القضية الفلسطينية، لكن أوباما ( انكسرت عصاته في اول غزواته ) أمام صلافة وصلابة نتنياهو وأصدقاء إسرائيل في الكونغرس ليثبت بانه ليس بايزنهاور ولا كارتر وكلينتون إنما الرئيس الذي ينصاع لضغوط إسرائيل ويبدد الفرصة بعد الأخرى من اجل حل الدولتين.
لم يظهر أوباما قويا إلا في كل ما يدعم الاستيطان في المحصلة ( تحت شعار حماية أمنها). استيطان تمدد في عهده ليتحول إلى سرطان يلتهم الأرض التي هي أساس حل الدولتين بينما لم يعد الحديث عن عملية السلام إلا نكتة. ورجل هذا هو سجل سياساته لا يمكن توقع حدوث أي جديد في زيارته لتل أبيب ورام الله. على العكس تزداد المخاوف من ان تكون الزيارة مناسبة لمنح نتنياهو وعصابة اليمين الحاكم شهادة زور بانهم طلاب سلام وبأنهم مستعدون للمضي في مفاوضات سلام مع الفلسطينيين لكن المشكلة في حماس وعباس !
أما الخوف الآخر، فهو ان تكون زيارة أوباما من اجل حشد العرب خلف خطة إسرائيلية أميركية لضرب ايران وتوسيع دوائر الحرب والأزمات بالمنطقة.
فلقد أصبحت اللعبة الأميركية واضحة بالشرق الأوسط إذ ترتفع نبرة الحديث في واشنطن وتل أبيب عن استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين كلما كانت هناك خطط لحرب جديدة.
فهل الهدف الأخير لجولة أوباما منع إسرائيل من ضرب ايران بتقديم تعهد جديد لها بعدم الضغط على مشاريعها الاستيطانية؟ أم اننا امام فصول مسرحية ( سلام ) جديدة يلعب فيها نتنياهو دور الحريص على تحريك المفاوضات مع الفلسطينيين وذلك لحشد العرب خلف خطة هجوم على مفاعلات ايران أو غيرها ؟
في كلتا الحالتين لا احد يرجو خيرا من زيارة أوباما ويبقى ان نسأل الله السلامة مما يخبئون.
هل القضية الفلسطينية قضية سلام أم قضية حقوق؟
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان) عن القدس العربي
قرأت مقالة جيدة كتبها البروفسور عبد الستار قاسم تساءل فيها عن قضية فلسطين، هل هي قضية فلسطينية أم قضية إسرائيلية ؟
يقول البروفسور قاسم إذا نظرنا إلى الموقف العالمي وجدنا أن كثيرا من الدول تتوجه نحو مواقف حماس وليس تجاه مواقف الكيان الصهيوني الغاصب. وتركز هذه الدول على ضرورة أن تعترف حماس بدولة إسرائيل بوضعها الحالي دون ذكر لمآسي وأحزان الشعب الفلسطيني، وتبدو حماس في مثل هذه المواقف وكأنها هي المعتدية وليس الكيان الصهيوني.
البروفسور قاسم يرى أن الفكر السائد في الولايات المتحدة يحاول أن يوضح للرأي العام العالمي أن إسرائيل دولة متحضرة وناضجة وهي تواجه شعبا متخلفا يفجر أبناؤه أنفٍسهم وسط المدنيين الإسرائيليين بأساليب وحشية، ولا يحاول هذا الفكر أن يصور الظروف المأسوية التي يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون الذين شردوا من أرضهم بسبب قسوة الهمجية الإسرائيلية ومساندة العالم الغربي لها.
وإذا نظرنا إلى موقف العالم العربي اليوم من القضية الفلسطينية وجدناه قد تحول مئة وثمانين درجة، إذ بعد أن كانت الدول العربية ترفع شعارات التحرير واستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة، أصبح الشعار المرفوع في الوقت الحاضر هو شعار السلام وليس شعار الحقوق، وحتى بالنسبة للسلام فإن المجتمع الدولي يحمل الفلسطينيين مسؤولية فشل المباحثات المستمرة دون أن يتعرض للمواقف الإسرائيلية. وهو يأخذ بوجهة النظر الإسرائيلية بصورة كاملة كما هو الشأن في المقالة التي كتبها 'يوسف كوبرواسير' و'شالوم ليبنر' يتساءلان فيها لماذا لا يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة يهودية ؟
يقول الكاتبان مضى عقدان لمباحثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ولم تحقق هذه المباحثات نتيجة لأن الفلسطينيين لا يريدون الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية .
ويقول الكاتبان إن اتفاقات 'كامب ديفيد' التي وقعت عام ألف وتسعمئة وثلاثة وتسعين نصت على أن يعترف الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي ببعضهما بعضا، وأن يحلا المشاكل العالقة بينهما مثل تقسيم القدس وعودة لاجئي ثمانية وأربعين بالطرق السلمية لكن شيئا من ذلك لم يتحقق، وذلك بسبب رفض الفلسطينيين الاعتراف بالدولة اليهودية دون أن يتساءل الكاتبان عن المقابل الذي يجده الفلسطينيون نظير هذا الاعتراف وهم يرون الإسرائيليين مستمرين في إقامة المستوطنات في الأراضي التي احتلوها في عام 1967 دون الاعتراف للفلسطينيين بأي حق مشروع في العودة إلى بلادهم، وكل ما يطلبه الإسرائيليون من الفلسطينيين هو الاستمرار في مباحثات لا جدوى منها ولا تحقق فوائد ظاهرة للشعب الفلسطيني. والشيء الذي لا يفهمه الإسرائيليون حتى الآن هو البعد الإنساني للقضية الفلسطينية، وهو البعد الذي لمسه الدكتور 'محسن صالح ' في كتابه القيم بعنوان ' الحقائق الأربعون عن القضية الفلسطينية '، الذي يرى فيه أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وهي تمثل صرخة المظلوم في وجه أدعياء حقوق الإنسان، وفي الوقت الذي تعلو فيه أًصوات المطالبين بحقوق الحيوان في العالم الغربي فإن هؤلاء يتجاهلون - في الوقت ذاته - حقوق أكثر من ستة ملايين لاجىء مشردين في العراء بينما يرعون حقوق لاجئين إسرائيليين يأتون من أقصى اصقاع الأرص زاعمين أن أرض فلسطين كانت لهم قبل أكثر من أربعة ألاف عام. ويرى الدكتور 'صالح' أن الحركة الصهيونية التي تقف وراء الكيان الإسرائيلي حركة ظالمة، وهي تمثل آخر رموز الاستعمار التقليدي وستصاب بالفشل عاجلا أم آجلا.
ولا يعني ما ذهب إليه منتقدو العالم الغربي أنه لا توجد أصوات في هذا العالم تدافع عن الحقوق الفلسطينية لأنه قد ظهرت كثير من المنظمات الإنسانية والسياسية العالمية تتعاطف مع القضية الفلسطينية وتستنكر المعاملة المتوحشة التي يقابل بها الإسرائيليون المطالب الفلسطينية.
ويقودنا ذلك إلى التساؤل بصورة دقيقة عن المقصود بمباحثات السلام التي تشكو إسرائيل بأنها لا تسير في طريقها الصحيح بسبب وجود منظمات فلسطينية ترفض فكرة السلام من أساسها، والسؤال المهم هو السلام من أجل من ؟ هل هو من أجل الفلسطينيين أم من أجل الإسرائيليين؟ فإذا افترضنا أن السلام من أجل الفلسطينيين فإن ذلك يعني اعترافا رسميا من الإسرائيليين بأنهم يعتدون على الفلسطينيين، وإذا كان من جانب الفلسطينيين فإن ذلك يعني أن يتخلى الفلسطينيون عن حقوقهم من أجل توفير الأمن للإسرائيليين، وباختصار شديد فإن مجرد تسمية المباحثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بأنها مباحثات سلام هو خطأ كبير، لأن ما يبحث عنه الفلسطينيون هو الحقوق، أما ما يبحث عنه الإسرائيليون فهو السلام الذي يريحهم من المطالب الفلسطينية، وهنا لا بد أن نؤكد أن ترك العالم العربي الفلسطينيين يقفون وحدهم في هذا المعترك هو خطأ استراتيجي كبير ولن يؤدي إلى حل لهذه القضية المعقدة كما لن يريح الدول العربية من مسؤولياتها الحقيقية عاجلا أم آجلا، لأن القضية الفلسطينية لا بد أن تحل وبدون حلها فلن يتحقق سلام من أي نوع، إذ كيف لإسرائيل أن تعتقد أنها يمكن أن تعيش في سلام بينما ملايين الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين يعيشون في حالة تشرد، إنه خطأ استراتيجي في الفهم وهذا الخطأ لن تحله القوة العسكرية أو الأسلحة النووية التي ستكون إسرائيل ضمن المتضررين منها إذا ما استخدمت في هذه المنطقة، وهنا لا بد أن ندعو الدول العربية مجتمعة للعودة لتحمل مسؤوليتها بالنسبة للقضية الفلسطينية كما كان شأنها في الماضي لأنه لا يعقل أن تقف أمة كبيرة يساندها ربع سكان العالم من المسلمين مكتوفة الأيدي وغير قادرة على تقديم العون للفلسطينيين، ولعل أول بند من بنود العون هو أن تقنع الدول العربية إسرائيل والمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية هي قضية حقوق وليس قصية سلام، ومتى تحققت هذه الحقوق سيتحقق السلام بصورة تلقائية وفق معطيات الواقع العملي الذي يعيش فيه الفلسطينيون وتعيش فيه المنطقة كلها، وهو واقع غير عصي على الفهم ولا تقبل فيه التنازلات غير المبررة، وهنا يجب أن تدرك إسرائيل أن الفلسطينيين المشردين في أصقاع الأرض هجروا من أرضهم فلسطين، وأن الفلسطينيين الذين يعيشون في وطنهم حياة اللجوء يحتاجون أيضا للحياة بصورة كريمة، وبدون أن تتحقق هذه الحياة فلن يجدى الحديث عن السلام.
اوباما والتحديان الايراني والسوري
رأي القدس العربي
لا نعتقد ان الرئيس الامريكي باراك اوباما يزور المنطقة من اجل السياحة والاستمتاع برؤية كنائس بيت لحم والقدس او معجزة البتراء في الاردن، فالرجل الذي خبر المنطقة العربية منذ ان كان طالبا ومحاضرا في جامعات شيكاغو وهارفرد وكولومبيا لا يمكن ان يقتصر في زيارته هذه على دور المستمع.
ان يعلن البيت الابيض ان الرئيس اوباما لا يملك خطة للسلام وانهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي، فهذا صحيح ولا يحتاج الى تأكيد رسمي، فعملية السلام التي قادتها الولايات المتحدة على مدى العشرين عاما الماضية ماتت وشبعت موتا ومعها حل الدولتين واتفاقات اوسلو سيئة الذكر.
اوباما يحط الرحال في المنطقة من اجل ان ينفي عن نفسه تهمة معاداة اسرائيل، وتأكيد صداقته لليهود بشكل عام والامريكيين منهم بشكل خاص، وللرد على اتهامات نتنياهو له في هذا الخصوص في محاولة لارهابه ودفعه للتخلي عن مطالبه بتجميد الاستيطان، فالرئيس اوباما، وبشهادة شمعون بيريز رئيس الدولة العبرية، قدم لاسرائيل اسلحة نوعية متطورة ومساعدات عسكرية اخرى ما لم يقدمه اي رئيس امريكي آخر.
القضية الفلسطينية تتراجع بشكل متسارع على سلم اولويات الرئيس الامريكي الزائر للمنطقة، فالرجل مسكون حاليا بقضيتين أخريين، الاولى: هي كيفية التعاطي مع الازمة السورية الملتهبة، والثانية وضع خطط مع حليفه الاسرائيلي لمنع ايران من الوصول، وليس فقط امتلاك، اسلحة نووية.
بالنسبة الى القضية الاولى، اي الازمة السورية، بات واضحا ان الرئيس اوباما يدرس خياراته بعناية، وان كان يفضل ان لا يتورط في اي حرب في منطقة الشرق الاوسط، وهذا ما يفسر موافقة ادارته على خطط فرنسا وبريطانيا لتسليح المعارضة السورية باسلحة حديثة نوعية يمكن ان تمكن الجيش السوري الحر من كسر حالة الجمود الحالية، وتثبيت وجوده على الارض، واضعاف موقف النظام التفاوضي.
الرئيس اوباما مهتم بالدرجة الاولى بالاسلحة الكيماوية السورية، وكيفية الحيلولة دون وقوعها في ايدي الجماعات الجهادية المتطرفة، واستخدامها ضد اسرائيل. فهو لا يريد ان يتكرر السيناريو الليبي، اي تتحول سورية الى دولة فاشلة، وتشكل منطقة جذب للمتشددين المسلمين من مختلف انحاء العالم، وتتحول الى قاعدة لمحاربة اسرائيل.
الرئيس الاسرائيلي بيريز قال امس في حديث لمحطة 'سي ان ان' الامريكية ان اوباما ملتزم بتعهده بمنع ايران من امتلاك اسلحة نووية، والخلاف بينه وبين اسرائيل يتمحور حول توقيت الهجوم العسكري.
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي تعامل مع اوباما بصلف وغرور طوال فترة ولايته الاولى، وجد نفسه في موقف حرج وهو يستقبل ضيفه الامريكي الذي سدد له ضربة قاضية قبل الانتخابات الاسرائيلية عندما وصفه اي نتنياهو بانه جبان ويشكل عبئا على الشعب الاسرائيلي. نتنياهو ارتكب حماقة عندما وضع بيضه في سلة المرشح الجمهوري ميت رومني نكاية باوباما، وها هو يدفع ثمنا باهظا في المقابل.
الحلقة الاضعف في جولة اوباما هي السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، فاللقاء معه يأتي نوعا من المجاملة والتقاط الصور لا اكثر ولا اقل، فلن يكون لدى الرئيس الامريكي اي صدر رحب للاستماع الى الشكاوى من الاستيطان وحكومة نتنياهو اليمينية التي تلوح بزيادة كبيرة في حجم الاستيطان.
من الصعب اصدار احكام جازمة حول هذه الجولة ونتائجها، لكن ما يمكن استخلاصه هو انها جولة يمكن ان تكون للاعداد لحرب، سواء ضد ايران او لاسقاط النظام السوري، او الاثنين معا.
الفلسطينيون ارتكبوا خطأ كبيرا عندما تحلوا بالهدوء، واوقفوا كل اشكال المقاومة المدنية لمنع التشويش على زيارة اوباما، فالهدوء هو اسوأ محام عن قضيتهم العادلة.
تحذير للأسد .. وتفاهم غامض بشأن إيران
أوبــامــا فـي إســـرائـيــل: زيـــارة واجـــب
حلمي موسى عن السفير
قام الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، بأول زيارة له كرئيس إلى اسرائيل. وقد تم الاتفاق على إتمام هذه الزيارة في ظروف غامضة عندما لم يكن واضحاً البتة كيف سيكون شكل الحكومة الإسرائيلية، وهل ستكون أصلاً أم ستعاد الانتخابات التشريعية. فالزيارة كانت في أساسها غير موجهة نحو الحكومة الإسرائيلية أياً كان رئيسها، وإنما نحو إسرائيل كدولة وربما كشعب، وبين السطور نحو يهود أميركا.
والواقع أن حكومة إسرائيل تعاطت مع الزيارة على هذا الأساس، وبالتالي لم تر فيها ما يوجب تقديم مقابل بل إنها في الجوهر اعتبرتها واجباً على الرئيس الأميركي، وليست منّة منه. ومن الجائز أنها تعمدت رش الملح على جرح العلاقات مع إدارة أوباما بدعوتها ليس فقط الوزراء المستوطنين، وإنما كذلك رؤساء المستوطنين، لحضور حفل استقبال الرئيس الذي خاصم الحكومة الإسرائيلية أصلاً بسبب الاستيطان.
ومع ذلك لا يمكن لأحد ألا يقرأ الزيارة من جهة سياسية على الأقل، وذلك بسبب العلاقات الخاصة بين الدولتين، فضلاً عن التعقيدات الكامنة فيها لجهة الحرب والسلام وأثرهما على المصالح الأميركية في المنطقة. وبديهي أن أبرز ما يظهر على شاشة العلاقات في هذه الآونة هو الوضع الأمني في سوريا والمشروع النووي الإيراني من جهة، واستئناف المفاوضات من جهة ثانية.
ولا يمكن تجاهل واقع أن البعد الداخلي الأميركي ليس هامشياً في العلاقة الأميركية الإسرائيلية بفضل مكانة اللوبي الصهيوني والجالية اليهودية، ولكنه ليس البعد النهائي والمقرر. فأميركا تنظر إلى إسرائيل بوصفها حاملة الطائرات الأقل تكلفة لديها في العالم، وذلك برغم التكلفة الكبيرة التي تتجسد في تخصيص ما لا يقل عن 60 في المئة من المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.
وقد شدّد الرئيس الأميركي والمقربون منه على عدم توفر نية لعرض أي خطة لتحريك العملية السياسية قريباً. وهناك من يؤكد، برغم ذلك، أنه في وارد عرض خطة ولكن بعد بضعة أشهر. بل إن البعض اعتبر الزيارة نوعاً من الديبلوماسية العامة التي يحاول أن يقفز من خلالها على الحكومة الإسرائيلية ليخاطب الجمهور الإسرائيلي ويهود أميركا. وهو لهذا السبب يظهر التزامه بأمن إسرائيل وازدهارها، وأنه يتطلع لترسيخ ذلك عبر توجيهها نحو السلام مع جيرانها. ويؤكد أوباما وكبار مستشاريه على أن الواقع الإقليمي تغيّر، وأن الأمر لم يعد كما كان ولم يعد بالوسع الركون إلى موقف الزعماء، بل هناك حاجة لإقناع الجماهير العربية.
ويعرف نتنياهو أن العلاقة بين حكومته والإدارة الأميركية تقوم على توازن بين البعدين الداخلي والخارجي الأميركيين. وفي الداخل الإسرائيلي، وبرغم القناعة التامة لدى الغالبية الساحقة من الجمهور والخبراء بأن العلاقة مع واشنطن هي بين أبرز ركائز الأمن القومي للدولة العبرية، فإن الضغوط على نتنياهو للتجاوب مع المصالح الأميركية محدودة. وشكلت هذه المسألة نقطة قوة مركزية بيد نتنياهو في مواجهة أوباما، الذي عانى من ضغوط متنوعة في العلاقة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية وسياسة دولته.
وليس صدفة أن أوباما أرسل وزير خارجيته جون كيري، إلى إسرائيل قبله، وهو سيبقى فيها بعده، والهدف ليس جس النبض الإسرائيلي، وإنما لاستكشاف فرص تحول دون صدامات جديدة مع حكومة إسرائيل. وهناك قناعة متزايدة لدى الأميركيين بأن فرص تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين ضئيلة، وأن الصدام مع حكومة نتنياهو غير مجدٍ. ولذلك، وبرغم الحديث عن تحريك العملية السياسية، فإن هذا التحريك لم يعد مصمّماً لتحقيق اختراق والتوصل إلى تسوية بقدر ما يهدف لمنع انفجار. وعملياً بات الهدف الأساسي للفعل الديبلوماسي الأميركي، صيانة العملية السياسية ومنع انهيارها عبر السعي لمنع الحلول من طرف واحد.
وبديهي أن الحلول من طرف واحد، من وجهة نظر أميركية، هي فرض الوقائع الاستيطانية من جانب إسرائيل على الأرض، الأمر الذي يقضي فعلياً على حل الدولتين، وتوجه السلطة الفلسطينية لإعلان نفسها دولة على أساس الشرعية الدولية ومن دون موافقة إسرائيل. وترمي الديبلوماسية الأميركية لمنع هذه الحلول عبر إقناع إسرائيل بعدم التمادي في إظهار نشاطات استيطانية من جهة، والتقرب من السلطة الفلسطينية عبر تحريك بعض المبادرات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي المخففة الاحتقان من جهة ثانية. وفي المقابل تحاول الإدارة الأميركية إقناع السلطة الفلسطينية بعدم إثارة إسرائيل في المحافل الدولية، والاكتفاء بخطوات تدريجية اقتصادية وأمنية وعدم التطلع لصدام سياسي مع إسرائيل.
وباختصار فإن السياسة الأميركية حالياً تقوم على مبدأ إدارة الأزمة واحتوائها وليس الأمل في تحقيق اختراقات.
وإلى جانب ذلك تحاول الإدارة الأميركية إحراز أعلى درجة من التوافق مع إسرائيل في الشؤون الإقليمية الأخرى. فهي تريد توحيداً للموقف مما يجري في سوريا ومصر ولبنان وكذلك بشأن إيران. وتولي إسرائيل أولوية كبيرة للموقف من المشروع النووي الإيراني. وبحسب التقديرات فإن الشأن الإقليمي هو الشأن القابل للمداولة في زيارة أوباما. ويعتقد البعض بأن نتنياهو يريد معرفة الهامش الممنوح لإسرائيل في الموقف من إيران والوضع الإقليمي. كما يرى آخرون في المقابل أن هدف زيارة أوباما الفعلي تجاه نتنياهو، عدا هدفه تجاه الجمهور، هو وضع الخطوط الحمراء النهائية لنتنياهو في المجال الإقليمي.
ومع ذلك هناك من يعتقد أن زيارة أوباما ليست أكثر من سياحة وأنها لا تحمل الكثير من المعاني ولن تكون لها إنجازات.
أوباما في إسرائيل
وفي كلمته فور وصوله إلى مطار «بن غوريون» في تل أبيب، أكد أوباما أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل «أبدي»، مشدداً على أن «السلام يجب أن يأتي إلى الأراضي المقدسة... لن نفقد الأمل برؤية إسرائيل في سلام مع جيرانها». وأكد أنه «من مصالح أمننا القومي الرئيسية الوقوف مع إسرائيل. فإن ذلك يجعل كل منا أقوى».
وبعد لقاء استمر ساعتين، خرج أوباما ونتنياهو إلى مؤتمرهما الصحافي ليؤكدا التزامهما بالسلام، وبمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.
وأكد نتنياهو أن إسرائيل ما زالت ملتزمة بحلّ للنزاع مع الفلسطينيين يتضمّن دولتين لشعبين. وقال إنه يأمل في أن تساعد زيارة أوباما في فتح صفحة جديدة في علاقات إسرائيل مع الفلسطينيين.
وعن إيران، أكد أوباما أن الولايات المتحدة «ستفعل ما هو ضروري» لمنع طهران من حيازة السلاح النووي. وقال «إننا نحاول منع إيران من امتلاك هذا السلاح بالوسائل الديبلوماسية»، موضحاً أن «المجتمع الدولي سيستمر بالضغط عليها لمنعها من الحصول على هذه الأسلحة». والأهم من ذلك كله، أنه قال إنه لا يوجد قرار أهم بالنسبة لأي زعيم من القرار «المرعب» بإصدار الأمر بتنفيذ عمل عسكري، مضيفاً «لا أدري إن كانوا سيقومون بتلك الخطة»، مضيفاً إنه لا يتوقع أن يعود الإسرائيليون إلى واشنطن بشأن المسألة الإيرانية.
أما نتنياهو، فقال إن إسرائيل «لا يمكن أن تتخلى عن حق الدفاع عن نفسها حتى لأقرب حلفائها»، ولكنه أكد أنه مقتنع بأن أوباما لن يسمح لإيران بتطوير سلاح نووي.
ولم تغب سوريا عن المحادثات، حيث قال أوباما إن «الأسد يجب أن يرحل وسيرحل»، مؤكداً أن بلاده «دعمت المعارضة السورية واعترفت بها وعملت مع الدول الأخرى من أجل عملية انتقال سياسي». ولفت إلى أن «الأمر ليس سهلاً بسبب وجود حرب طائفية وعدم تنظيم المعارضة لصفوفها»، مشدداً على أن «الأسد سيتحمّل مسؤولية نقل الأسلحة الكيميائية إلى الجماعات الإرهابية... إننا نعتزم التحقيق بشكل معمّق في سوريا بشأن استخدام هذه الأسلحة». وأضاف «أنا أشك في شكل كبير بشأن استخدام المعارضة السورية لهذا النوع من الأسلحة... ونشاطر إسرائيل قلقها من نقل الأسد الأسلحة الكيميائية إلى الإرهابيين مثل حزب الله».
ووفقاً للرئيس الأميركي، فإن إسرائيل والولايات المتحدة «ستبدآن المحادثات» لتمديد صفقة المساعدات العسكرية للدولة العبرية لما بعد العام 2017، حيث تم الاتفاق على «زيادة المساعدات العســـكرية لإسرائيل بقيمة 200 مليون دولار لتقوية نظام القبة الحديدية».
ومن الأحداث التي لفتت الإعلام، أن سيارة الليموزين الخاصة بأوباما تعطّلت قبل وصوله، ويعود ذلك بحسب بعض التقارير إلى أنه تمّت تعبئتها بالسولار بدلاً من البنزين. وقال متحدث باسم جهاز الخدمة السرية الأميركي إن إحدى سيارات موكب الرئيس المصفحة تعطلت، لكنها لم تؤثر على قدرته على التحرك في القدس. وأضاف «هذا يفسر لماذا نصطحب سيارات عدة بالإضافة إلى فني (إصلاح سيارات) في كل الرحلات».
جولة أوباما... لسلام مؤجل
جيمس زغبي عن السفير
منذ أسابيع قليلة، افترضت أن التركيز الرئيسي لرحلة أوباما المقبلة إلى الشرق الأوسط، لن يكون موضوع السلام الإسرائيلي - الفلسطيني. وما حدث هو انني، واستنادا إلى مؤشرات مستمدة من رحلة وزير الخارجية «جون كيري» التي انتهت مؤخراً، وعلى الطريقة التي كان البيت الأبيض يقلل من شأن التوقعات المتعلقة بتحقيق أي تقدم في مسألة إعادة استئناف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية، ظننت في ذلك الوقت أن الرئيس سيركز في رحلته - إلى حد كبير - على التحديات التي يمثلها البرنامج النووي الإيراني، وعلى الأزمتين السياسية والإنسانية الناتجتين من الصراع الذي يزداد تفاقماً باستمرار في سوريا.
ولكن بعد اجتماع مدته ساعة مع أوباما، وفريقه للأمن القومي، متبوعاً بعد ذلك بأيام قليلة بإيجاز صحافي مفصل عن خط سير رحلة الرئيس، قدمه نائب مستشاره للأمن القومي، أدركت بوضوح أنني كنت مخطئاً في ما كنت أظن.
ففي بداية هذا الأسبوع، كنت جزءاً من مجموعة من القيادات العربية الأميركية التي التقت أوباما وكبار مستشاريه لمناقشة زيارته المزمعة لإسرائيل وفلسطين والأردن.
وعقب تلك المناقشة، أصدر البيت الأبيض بياناً كان من ضمن ما قاله فيه إن الرئيس «يدرك أن الرحلة تمثل فرصة بالنسبة له كي يظهر مدى التزام الولايات المتحدة بدعم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والتزامه بالشراكة مع السلطة الفلسطينية، وهي تواصل بناء المؤسسات التي ستكون ضرورية لبناء دولة فلسطينية مستقلة حقاً».
وكانت مناقشتنا مع الرئيس مفيدة على مستويات عدة، خصوصاً ذلك المتعلق باهتمامه بسماع أفكارنا حول الكيفية التي يمكن بها جعل الزيارة مثمرة، وذات معنى، قدر الإمكان. وقد قمنا بدورنا بتقديم حزمة من الاقتراحات تشمل الحاجة للتواصل مباشرة مع الشعب الفلسطيني: أي بمجتمع الأعمال الذي يكافح من أجل توفير وظائف، والشباب المحتاج للأمل، والمسيحيين القلقين على مستقبلهم في الأراضي المقدسة، والنساء الساعيات للتمكين، وأولئك الملتزمين بالنهج غير العنيف في تحدي الاحتلال.
وأكدنا على نقطة أن الرئيس مثلما ينوي في إسرائيل الحديث مباشرة لأفراد الشعب الإسرائيلي موضحاً لهم أنه يفهم تاريخهم، والتزامه بأمنهم، فإنه سيكون من الأهمية بمكان أيضاً أن يعمل على خلق الفرص لتوجيه ملاحظاته للفلسطينيين العاديين. والشيء الذي وجدناه واعداً في هذا السياق هو ذلك البيان الذي صدر عقب الاجتماع من قبل البيت الأبيض، واحتوى على تفاصيل الجدول النهائي للرحلة.
وكما تم التوضيح في مناسبات عديدة من قبل مسؤولي إدارة أوباما، فإن الرئيس لن يستخدم زيارته لتقديم خطة تتعلق باستئناف المفاوضات مباشرة، وهو ما يرجع لعدم توافر الشروط اللازمة لتقديم مبادرة صنع سلام مثمرة. فالحكومة الإسرائيلية المشكّلة حديثاً تميل بشكل مبالغ فيه لليمين، كما أن البيت الفلسطيني ما زال في حالة من الاضطراب، بسبب استمرار تعثر ملف التسوية بين «فتح» و«حماس».
وبناء على ذلك، فإن أفضل ما يمكن للرئيس القيام به في المدى القريب، هو محاولة الحديث مباشرة للشعبين مع العمل على تأكيد تعهداته لهما، بمستقبل سلمي، في إطار جهد لتغيير الخطاب السائد في المجتمعين سوياً، بعيداً من الارتياب المتبادل والآراء المتطرفة التي جعلت التقدم نحو السلام مسألة غاية في الصعوبة.
وإذا ما نظرنا إلى الزيارة من هذا المنظور، فإننا سندرك أن كل جانب من جوانبها، سيتضمن رسائل موجهة للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. ومن أجل توصيل تلك الرسائل، فإنه سيكون بحاجة إلى اكتساب ثقتهما معاً، وإظهار أنه يفهم تاريخهما، وحقائق واقعهما الحالي، كما سيكون بحاجة أيضاً للانخراط مع قيادتيهما.
ولا شك أن أوباما سيناقش كذلك موضوعَي إيران و«الربيع العربي» في كل من إسرائيل والأردن. وأثناء وجوده في الأردن، سيكون راغباً حتماً في دعم التغييرات التي تتم حالياً في ذلك البلد، وتشجيعه على المضي قدماً في طريق التجديد، كما سيركز على تأثير الأزمة الإنسانية السورية التي شهدت تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على الأردن وهو ما يمثل اختباراً جدياً لموارده.
ومن التداعيات الأخرى للحرب في سوريا، والاضطراب الذي ساد الشرق الأوسط خلال العقد الأخير ذلك الخاص بالانكشاف المتزايد لمسيحيي المنطقة. وفي بادرة مفاجئة، أضاف البيت الأبيض بنداً إضافياً يشمل التوقف في مدينة بيت لحم بين زيارة الرئيس لإسرائيل، وزيارته للأردن.
وفي تلك المدينة العتيقة سيزور الرئيس كنيسة المهد، حيث سيتاح له التأمل في موضوع الوجود المسيحي على امتداد ألفي سنة، ليس في هذه المدينة المقدسة فحسب، وإنما أيضاً في دول أخرى مثل مصر، ولبنان، وسوريا، والأردن، والعراق.
ومن المهم ملاحظة أن فريق أوباما أثناء زيارته لبيت لحم، سيكون قادراً على أن يرى بشكل مباشر تأثير الاحتلال في معالم الحياة اليومية للفلسطينيين ومن أهمها الجدار العازل الذي يبلغ ارتفاعه 30 قدماً، والذي يلتف حول المدينة الصغيرة ويفصلها عن القدس، ومستوطنة «هارهوما».
وفي حين يشير الإسرائيليون إلى تلك المستوطنة على أنها من أحياء القدس، إلا أن الحقيقة هي أنها مبنية على أرض مقتطعة إلى حد كبير من بيت لحم. ومما سيتم تذكره أثناء الزيارة، أن الرئيس الأسبق بيل كلينتون أثناء زيارته للأراضي المقدسة في أواخر تسعينيات القرن الماضي، رفض بقوة خطط نتنياهو الذي كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت، لبناء مستوطنة «هارهوما» على تل أخضر من تلال جبل أبوغنيم. وفي ذلك الوقت تحدى نتنياهو الولايات المتحدة، ومضى قدماً في تنفيذ خططه.
وفي الوقت الراهن اختفت المساحة الخضراء، وحلت محلها مستوطنة تضم 15 ألف إسرائيلي (مع خطط توسع لتوطين عدة آلاف إضافيين) وهذه المستوطنة مثلها في ذلك مثل الجدار العازل تفصل بيت لحم عن القدس.
وستكون هذه الزيارة هي الزيارة الأولى في فترة ولاية أوباما الثانية. وفي حين أنه لن يطرح خطة سلام فإن كل المؤشرات تدل على أنه سيظل ملتزماً بالسلام الإسرائيلي الفلسطيني. وهذه الزيارة مصممة كي تكون بداية لعملية تواصل مع الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني (ومع اليهود الأميركيين والعرب الأميركيين) في محاولة لكسب دعم جديد لجهود صنع السلام التي ستلي ذلك.
أوباما والكابوس السوري
هشام ملحم عن النهار اللبنانية
حتى قبل التقارير والشكوك المتزايدة في شأن "الاحتمال العالي" كما قال رؤساء لجان الاستخبارات في الكونغرس الأميركي لاستخدام الجيش السوري الاسلحة الكيميائية، تتزايد الضغوط على الرئيس باراك اوباما ليقود الجهود الاقليمية والدولية من أجل التعجيل في اسقاط نظام بشار الاسد من طريق تسليح المعارضة السورية وتدريبها بموجب خطة سياسية – استراتيجية - اقتصادية تحضر لمرحلة ما بعد الاسد وتشمل ردع العناصر الاسلامية المتشددة وعزلها.
وتأتي الضغوط من مختلف المصادر: من الكونغرس، ومن مراكز الابحاث، ومن المعلقين، وحتى من المسؤولين العسكريين وآخرهم الاميرال جيمس ستافيريدس قائد قوات حلف شمال الأطلسي الذي قال ان تسليح المعارضة "سيساعد على كسر الجمود واسقاط نظام الاسد". لكن الرئيس اوباما لا يزال يقاوم هذه الدعوات ولا يزال يدعو "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" الى التفاوض مع ممثلين لنظام الاسد. وفي هذا السياق قالت مصادر في المعارضة السورية ان تأليف الحكومة المؤقتة ورفض رئيسها غسان هيتو التفاوض مع النظام "يهدفان الى قتل فكرة التفاوض". وتوقعت ان يؤدي هذا الموقف الى تأخر واشنطن - وهي المترددة أصلاً - في الاعتراف بالحكومة الجديدة. وللمرة الاولى اقترح السناتور الجمهوري ليندزي غراهام ارسال القوات الاميركية للسيطرة على مواقع الاسلحة الكيميائية السورية. وقبل ذلك بايام تقدم النائب الديموقراطي اليوت اينغل بمشروع قرار يهدف الى تسليح عناصر من المعارضة وتدريبها. عضوا مجلس الشيوخ بوب كيسي الديموقراطي وماركو روبيو الجمهوري اقترحا توفير مساعدات عسكرية ولكن غير قتالية للمعارضة مثل السترات الواقية واجهزة الاتصال. وابقى السناتور كيسي الباب مفتوحا في المستقبل لمعدات قتالية.السناتور الديموقراطي كارل ليفين رئيس لجنة القوات العسكرية في مجلس الشيوخ دعا اوباما الى اقامة منطقة عازلة داخل سوريا لحماية اللاجئين والى قصف الدفاعات الجوية.
وأخيراً اصدر مركز برنت سكوكروفت للامن الدولي التابع للمجلس الاطلسي تقريرا اكد فيه ان "وحدها القيادة الاميركية القوية" قادرة على الاشراف على الجهود الدولية لدعم المعارضة السورية عسكريا وماديا لاسقاط النظام بما في ذلك الاستخدام المحدود للقوة الجوية. وقبل ايام اصدرت مؤسسة بايكر (اسسها جيمس بايكر وادوارد دجيرجيان) تقريرا اشرف عليه دجيرجيان واوصى بتعاون اوثق مع الائتلاف السوري، ودعا واشنطن الى التعاون مع الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي لتوفير الاموال للائتلاف، كما اوصى واشنطن بان "تدرس امكان توفير المساعدات العسكرية" لبعض عناصر المعارضة، والتعاون مع شمال الأطلسي الناتو لانشاء قيادة مشتركة للعمليات الخاصة يكون مركزها تركيا للاشراف على توزيع الاسلحة والدعم اللوجستي للثوار. ودعا التقرير واشنطن الى قيادة الجهود الدولية لمساعدة الدول المتأثرة سلبا بالنزاع السوري وتحديدا الاردن ولبنان. المؤكد هو ان اوباما لم يعد محصنا ضد الكابوس السوري.
زيارة أوباما ومناخ التّفاهمات مع موسكو
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
كان الملفّ الفلسطيني أحد الملفّات الهامّة في برنامج الرئيس الأميركي باراك أوباما، فور تولّيه سدّة الرئاسة في 2009، وخصّص له آنذاك مبعوثاً خاصّاً هو السيناتور السابق جورج ميتشل. لكن الآن، وبعد مضيّ أربع سنوات على وجود أوباما في "البيت الأبيض"، نجد تراجعاً من إدارته عن شرط تجميد إسرائيل لكلّ أعمال الاستيطان، وتوقّفاً كاملاً للمفاوضات الإسرائيلية/ الفلسطينية.
فمع حضور الضغط الإسرائيلي الفاعل داخل الولايات المتحدة، تكون الإدارات (الحكومات) في أميركا أسيرة ضغوط السلطة التشريعية، وسلطة الإعلام.
والمعضلة هنا، أنّ الفرز لا يكون فقط بين "حزب ديمقراطي" حاكم و"حزب جمهوري" معارض، بل يتوزّع "التأثير الإسرائيلي" (كما هو أيضاً في قوى الضغط الأخرى) على الحزبين معاً، علماً بأنّ تعثّر "البرنامج الأوبامي" ليس سببه حصراً حجم تأثير "اللوبي الإسرائيلي"، فهناك طبعاً "مصالح أميركية عليا" ترسمها قوى النفوذ المهيمنة تاريخياً على صناعة القرار وعلى الحياة السياسية الأميركية.
لكنْ هناك اختلال كبير في ميزان "الضغوطات" على الإدارة الأميركية، لجهة حضور "الضغط الإسرائيلي" وغياب "الضغط العربي"، ممّا يسهّل الخيارات دائماً للحاكم الأميركي بأن يتجنّب الضغط على إسرائيل ويختار الضغط على الجانب العربي، والطرف الفلسطيني تحديداً، وهو الطرف المستهدف أولاً من قِبَل إسرائيل، كما أنّه "الحلقة الأضعف"!
وقد أصبحت "معادلة الضغوطات" تقوم على أنّ إسرائيل تضغط على واشنطن، فتبادر واشنطن بالضغط على الفلسطينيين والعرب. وهذا يحدث في كل مرّة يظهر فيها تحرّك أميركي جاد للتعامل مع ملفات الصراع العربي/ الإسرائيلي!
ويبدو أنّ إدارة أوباما تريد الآن تحقيق إنجازٍ سياسي في منطقة الشرق الأوسط، وتخلّت من أجل ذلك عن شرط تجميد المستوطنات، آملةً إحياء التفاوض من جديد على المسار الفلسطيني/ الإسرائيلي، لأنّه المدخل الأساس لعملية تسوية شاملة للصراع، تريدها واشنطن كجزء من ترتيب جديد للمنطقة، يعكس تفاهمات أميركية تحدث الآن مع موسكو، وتنعكس على الموقف الأميركي من إيران وسوريا، وهما دولتان لهما تأثير كبير في أوضاع العراق المنطقة، وفي مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل.
ولا يمكن تحقيق استقرار سياسي وأمني في المنطقة، مع استمرار تصاعد الأحداث الدامية في سوريا واستمرار التأزّم في العلاقات الأميركية والغربية مع إيران.
كما لا يمكن تحقيق التسوية الشاملة مع إسرائيل من دون الجبهتين السورية واللبنانية، ممّا يتطلب وضع الملفّ الفلسطيني وقضاياه الكبرى على سكّة التفاوض من جديد، إضافةً إلى ما نراه الآن من تحريك للتفاوض الدولي مع إيران، ومن سعي أميركي/ روسي مشترك لإنهاء الحرب الدامية في سوريا.
هكذا هي ملامح أهداف زيارة الرئيس أوباما للمنطقة، حيث التداخل الكبير بين كل ملفاتها وأزماتها، لكن يبقى الهدف الأساس هو تهيئة المناخ المناسب لما قد تتفق عليه القمّة الروسية/ الأميركية المرتقبة. فإدارة أوباما، في عهده الثاني، تدرك أهمية أن يكون العام الجاري هو عام "الإنجازات" في السياسة الخارجية، وفي ملفات يرتبط معظمها بالتفاهمات المنشودة مع موسكو.
وهناك مؤشرات عديدة الآن تؤكّد وجود أجواء إيجابية في العلاقات الأميركية/ الروسية، آخرها إعلان وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل عن إلغاء المرحلة الأخيرة من مشروع الدرع الصاروخية الأميركي في أوروبا، والذي كانت موسكو تعترض دائماً عليه.
وتأتي زيارة أوباما للمنطقة، بينما تعاني الأوضاع العربية والفلسطينية من ضعف التأثير في القرار الأميركي وفي كل المراجع الدولية عموماً، ومن حدّة الانقسامات الداخلية العربية والفلسطينية، وغياب الرؤية العربية لمستقبل المنطقة وقضاياها المصيرية.
وهذا المزيج من سوء الأوضاع العربية والفلسطينية، لا يُبشّر بالخير من أيِّ تحرّكٍ دولي، ولا طبعاً من أي واقع حروب وأزمات، أو مشاريع تسويات. فالحروب الأهلية ساحاتها هي أرض وأوطان العرب، والتسويات الدولية غنائمها هي مقدّرات وثروات العرب.
العرب منشغلون اليوم في "جنس شياطين" حكّامهم، بينما تُخلَع أبواب أوطانهم الواحد تلو الآخر، بل إنّ أساسات بعض هذه الأوطان تتهدّم وتتفكّك لتُبنى عليها "مستوطنات" عربية جديدة، بأسماء دينية أو إثنية، كما حدث في جنوب السودان وشمال العراق، وكما يحدث بينهما وحولهما من أوطان عربية أخرى مهدّدة الآن بحروبٍ أهلية وبتفكيك كياناتها!
فالقضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة لم تعد تعني الكثير لغير الفلسطينيين من العرب، بل للأسف أصبحت أيضاً قضية "التحرّر الوطني" عموماً مسألة "فيها نظر".. فهي الآن حالة تهميش للقضية الفلسطينية، وطلب تدخّل عسكري أجنبي، ومعايير طائفية ومذهبية وإثنية، مقابل ما كانت عليه الأمّة العربية قبل أربعة عقود؛ من مركزية للقضية الفلسطينية، وأولويّة لمعارك التحرّر الوطني من المستعمر الأجنبي.
يريد أوباما نتائج إيجابية من زيارته للشرق الأوسط، لاعتباراتٍ سياسية شخصية ولمصالح أميركية، لكن يبدو أيضاً أنّ مصلحة الدولة الأميركية (بغضِّ النّظر عن الحاكم) تتطلّب الآن عملية تسوية سلمية في المنطقة، تشمل الجبهات السورية واللبنانية، وتسمح بالانتقال إلى "شرق أوسط جديد"، يسوده تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعرب، خاصّةً بعد أن جرى خلال السنتين الماضيتين إضعاف خصوم أميركا في المنطقة، وبعد التغيير الذي حصل في مصر وأدّى إلى حكم "الإخوان المسلمين" فيها بدعمٍ أميركيٍّ مشروط!
صحيح أن نتانياهو ما زال على "لاءاته" بشأن رفض الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، وإقرار حقّ العودة، وجعل القدس عاصمةً للدولة الفلسطينية المنشودة، لكن ما تقدر عليه إدارة أوباما هو تكرار ما حدث في مطلع التسعينات، من ضغوط أميركية ودولية أدّت إلى انعقاد "مؤتمر مدريد"، رغم إرادة حكومة شامير آنذاك.
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قال أكثر من مرَّة (قبل وبعد اتفاق أوسلو) إنّه يريد "بناء دولة فلسطينية ولو على شبرٍ واحد من أرض فلسطين".
وربّما يكون هذا ما ستمنحه الآن فعلاً أميركا والتفاهمات الدولية القادمة، ولن تمنعه إسرائيل! وذلك ضمن "اتفاق إطار عام" يشير إلى القضايا الكبرى في الملف الفلسطيني، دون أيّ التزام إسرائيلي محدّد بشأنها.. بحيث تتحقّق نتيجة أولية يكون فيها إرضاء للسلطة الفلسطينية وإزالة للاحتقان الموجود الآن في الشارع الفلسطيني، ومبرّرات عربية ودولية لعقد "مؤتمر دولي" جديد (قد يكون في موسكو هذه المرّة) برعاية أطراف اللجنة الرباعية، لبدء مفاوضات عربية/ إسرائيلية شاملة تستهدف توقيع معاهدات إسرائيلية مع سوريا ولبنان، وتعمل من أجل التطبيع العربي الشامل مع إسرائيل.. وربما هذا يُفسّر الكثير مما يحدث الآن على الأرض العربية!
أوباما في إسرائيل.. لا جديد
رأي الجمهورية المصرية
حطت طائرة الرئيسي الأمريكي أوباما في إسرائيل في بداية جولة بالمنطقة لا تشمل مصر. يلتقي خلالها برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي انتهي لتوه من تشكيل حكومة جديدة أبرز أهدافها استمرار إنشاء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتهويد القدس أولي القبلتين.
لا يتوقع المراقبون أن تسفر جولة أوباما عن شيء يتعلق بالقضية الفلسطينية. لب الصراع في الشرق الأوسط قبل أن ينشغل العرب بصراعاتهم الداخلية علي حساب قضاياهم الرئيسية. ويشغلون أجنداتهم. قصدا أو غفلا. بما يحقق أهداف ومصالح القوي الأجنبية التي تري في إسرائيل قلعة الحرية والديمقراطية بينما هي في الحقيقة كيان عنصري عدواني يعتمد في تنفيذ مخططاته ضد الفلسطينيين والعرب علي ما تقدمه له الولايات المتحدة الأمريكية من أموال وأسلحة بلا مقابل إلا إرهاب الشعوب العربية ومحاولة إخضاعها.
رسالة الشعب الفلسطيني لأوباما
رأي الراية القطرية
يعرف الشعب الفلسطيني أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يزور المنطقة لا يحمل في جعبته جديداً حول استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وهم لا يحملون أوهاما حول المدى الذي يمكن أن تغير فيه زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة مسار الأحداث وتحدث تغييراً في حياتهم خاصة.
الرسالة التي أراد الناشطون الفلسطينيون الذين اعتصموا على جبل البابا في منطقة العيزرية في القدس الذي تعتزم إسرائيل إقامة مشروع استيطاني عليه، ملخصها كما حملته إحدى اليافطات التي رفعوها "أوباما أنت تقف في الجانب الخطأ في التاريخ" وكفى تحيزاً ومساندة لإسرائيل".
الانحياز الأمريكي لإسرائيل ليس جديداً على الشعب الفلسطيني الذي تعود على استخدامها (حق النقض) الفيتو ضد الحقوق الفلسطينية لكن خيبة أملهم كانت كبيرة ولا شك مع الرئيس باراك أوباما الذي وعد بالأمل والتغيير فكانت النتيجة مزيداً من المستعمرات والمستوطنات ومزيداً من سياسة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني.
ما يجب أن يدركه الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقع مجدداً في وهم السلام والمفاوضات وهو يرى حكومة الاحتلال الإسرائيلي تبتلع أراضيه وتهود مقدساته وتنهي آخر أمل في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة.
المنتظر من الرئيس أوباما - الذي أكد في خطابه لدى وصوله إلى تل أبيب " أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل "أبدي" وأنه لن يكف عن الأمل برؤية "إسرائيل" في سلام مع جيرانها" ـ أن يمارس ضغطاً حقيقياً على حليفته "إسرائيل" من أجل وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل كامل وأن تلتزم بمرجعية واضحة للمفاوضات تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية.
ما يجب أن يعرفه الرئيس أوباما أن إسرائيل ماضية في ابتلاع الأراضي الفلسطينية وماضية في تطبيق سياسية الفصل العنصري وترفض الاعتراف بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وهي بذلك تهدد السلام والاستقرار في المنطقة وما يجب أن يعرفه أيضا أن القيادة الفلسطينية - التي ترفض العودة إلى طاولة المفاوضات دون قيام إسرائيل بتطبيق التزاماتها بموجب الاتفاقات السابقة خاصة المتعلقة منها بوقف الاستيطان وتهويد الأراضي الفلسطينية - لا يمكن لها تحت أي ظرف أن تتراجع عن قراراتها لأن ذلك يعني ببساطة ضياع الحقوق الفلسطينية ويعني أنها لن تجد ما تفاوض من أجل استرجاعه من دولة الاحتلال.
شهداء الكرامة.. قناديل الوحدة والنصر
د.حسام العتوم عن الرأي الأردنية
خريطة طريق إسرائيل تجاه «الكرامة» رسمت وتم تطبيق طاولتها الرملية بطريقة تراكمية منذ مؤتمر بازل عام 1897 بزعامة تيودور هرتزل، الذي استهدف إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وتم لهم ذلك عبر الالتفاف على الأمم المتحدة وتشكيل لجنة UNSCOP لإصدار قرار التقسيم، من أجل تشكيل دولة يهودية قامت وتحولت إلى كيان إسرائيلي هو الآن على شكل دولة بسلاح غير تقليدي، وأخرى عربية فلسطينية تم الاعتراف بعضويتها بصفة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، وبسبب معارضة العرب لقرار التقسيم ولتثبيت أرجل الاحتلال وقعت نكبة 1948، وواجه أهل فلسطين هجرتهم الأولى بحجم 85 % وضياع فلسطينهم التاريخية، وفي عام 1967 تبارز مشروع الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر التحريري مع المشروع الاحتلالي الصهيوني المستمر تحت شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة» وكانت الغلبة للأسف للصهيونية بسبب الفجوة بين الشعار الناصري وواقع القوة العربية المشتركة في المعركة على مستوى السلاح والاستخبار وحجم الوحدة، بينما كانت الصهيونية موحدة ومرتبطة جيوبولوتيكياً مع الغرب وأميركا، فانتهت بضياع كامل فلسطين والقدس إلى جانب الجولان وسيناء «التي أعادتها لاحقاً عام 1979 بسلام منفرد»، وزاد حجم الهجرة الفلسطينية تجاه شرق الأردن فوصل عدد السكان إلى أكثر من مليوني نسمة، وزاد حجم تمركز منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن وتحديداً في منطقة الأغوار بما في ذلك بلدة الكرامة.
وللمصادفة أرصد هنا تطابق السبب الإسرائيلي الظاهر لمعركتي الـ67 الخاسرة والـ 68 الرابحة في تصريح «ليفي أشكول» رئيس وزرائهم الأوكراني الأصل والذي لوحظ وراء النشاط الفدائي الفلسطيني بعد كل مرحلة احتلالية لأرض فلسطين ويلقي باللوم عليه، وحسب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري، فإن ساسة إسرائيلي البروتستانتيين جعلوا دائماً من فلسطين قبلة لهم، وكتب شهيدنا الكبير وصفي التل في كتابه «كتابات في القضايا العربية»، بأنه ليست فلسطين هي الهدف النهائي للصهيونية، وإنما هي رأس جسر لتوسعات احتلالية أخرى.
وجاءت حادثة إنفجار لغم بحافلة إسرائيلية جنوب النقب في 18/3/1968 حسب كتاب «معركة الكرامة» للواء محمود الناطور ص63 ذريعةً للتخلص من رجالات الشهيد ياسر عرفات وأسلحتهم الخفيفة، وللتوسع إتجاه الأردن حتى لو كلف الأمر الاصطدام مع جيشه من أجل فرض شروط سلام جديدة على العرب، وفرض حالة من فقدان الذاكرة على فلسطين، والتلويح بورقة «الوطن البديل» التي يطيب للكنيست الإسرائيلي أن يعزف عليها كل ما دقت أزمات بناء الدولة الفلسطينية في جرة سياسة إسرائيل العنصرية، فما هي حقيقة واقعة الكرامة؟
بالإرتكاز على كتاب اللواء محمود الناطور «معركة الكرامة» من جديد، وهو المتوازن والموضوعي من زاوية انصاف الدور الفلسطيني والأردني في تلك الملحمة التاريخية، التي امتزج فيها الدم العربي للشعبين الشقيقين، وبتواجد رمزي للجيش العراقي، وهو الكتاب المؤلف من 359 صفحة، أمكنني من إدخال قلمي في عمليتي استنباط Deduction واستقراء Induction لتسلسل أحداث الكرامة البطلة، التي استمرت بدايةً بالسلاح الأبيض لمدة خمسين دقيقة، ثم لمدة 16 ساعة متواصلة بين الجيش العربي الأردني الباسل بقيادة قائده الميداني البطل اللواء الركن «مشهور حديثة الجازي» وتحت إشرافٍ كامل لعظيم الأردن الراحل الملك حسين طيب الله ثراه، والجيش الإسرائيلي بقيادة الجنرال «موشي ديان» وزير الحرب الصهيوني آنذاك وبموافقة سياسية من إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل وقتها، وبمشاركة قوية وملاحظة من الفدائيين الفلسطينيين من رجالات الشهيد ياسر عرفات، وصلاح خلف، وممدوح صيام، وفاروق القدومي، وعبدالفتاح الحمود، وخليل الوزير، ومنذ البداية أرادت إسرائيل كما سياستها دائماً أن تنفرد بالفدائيين الفلسطينيين وتتمكن منهم بعد سحقهم من دون الحاجة لإستفزاز الأردن وجيشه، فأجرت اتصالات مع أميركا بشأن ذلك لكنها فشلت حتى في خطوتها الاستباقية هذه، فوجد الجندي الأردني الأسد يواجهها في الخنادق الأمامية التي أطلق عليها عسكرياً بالحجاب، يدافع بشراسة عن تراب وطنه ويحمي أبناء فلسطين حملة السلاح وغيرهم من المسالمين، وعمل الأردن على ترحيل المخيمات من أرض المعركة إلى وسطه وشماله، وجاء على لسان عرفات نفسه وصفها بمعركة «ستالين جراد» إبان الحرب العالمية الثانية التي استمرت ستة شهور، وراح ضحيتها مليوني إنسان سوفيتي وانتهت بهزيمة أودلف هتلر وجيشه النازي، رغم أن الإمكانيات الفدائية كانت متواضعة، وكانت «أم يوسف» بمثابة مستشفى فدائي ميداني متقدم، وكان مقهى «أبو عجوة» في مخيم عيرا ويرقه مكاناً آمناً لتجميع الشهداء من الفدائيين، واعتمد الفدائيون سياسة «إضرب واختفي وأترك الجندي المعادي يتقدم وقابله بالمفاجآت، وسحب القيادات الفدائية من قلب المعركة»، وفي المقابل وبما أن الحرب خدعة موه الجيش الإسرائيلي إنزالاته من طائراته بالزي العسكري الأردني والفدائي الفلسطيني على أرض المعركة، واستشهد من منظمة فتح 74 شهيداً، ومن قوات التحرير الشعبية 24 شهيداً أي ما مجموعه 98 شهيداً، فيما استشهد من الجيش الأردني 74 شهيداً، وقتل من الإسرائيليين 250 عسكرياً، وأضرحة شهداء الأردن وفلسطين في الكرامة وفي عمان قناديل حقيقية للوحدة والنصر، وتعزيز لإتفاقية الوحدة الأردنية والفلسطينية الشعبية والشرعية التي وقعها شيوخ عشائر الأردن وفلسطين عام 1950بعد مؤتمرهم في أريحا 1948، وفي المقابل لقد أبلى الجيش الأردني بلاءً حسناً وسط لهيب المعركة وحوّل أرضها السوداء إلى جمراً أحمر تحت أقدام الإسرائيليين الغزاة منذ الخامسة والنصف من صبيحة 21/3/ 1968 وأمام محاور وجسور الملك حسين، والأمير محمد، والملك عبدالله، وغور الصافي، فكان النصر التاريخي الأكيد باسم كل العرب.
انقلب السحرعلى الساحر في الكرامة وتحول حلم وزير الحرب الصهيوني موشي ديان بشرب الشاي مع ثلاثمائة صحفي في السلط الأبية إلى سراب، وبادرت إسرائيل بنفسها بوقف إطلاق النار في سابقة سجلت في دفاتر حروبها مع العرب، وهي الشهادة التي أدلى بها مشهور الجازي بنفسه، وحسب الرواية الإسرائيلية لسبب المعركة الحقيقي أوردته هنا صحيفة يديعوت أحرنوت 21 /3/ 1968 بعدم رغبة الأردن منع العمليات الفدائية تجاههم، والتصريح الذي تكرر بنفس الصحيفة في 24/3 من نفس العام عندما رصدت 34 عملية فدائية في شهرٍ واحد.
شهداء الكرامة من العسكريين الأردنيين تراوحت رتبهم من جندي إلى ملازم ومثلوا مدناً وقرى أردنية وأخرى فلسطينية متلاحمة ومختلفة وجلهم توزعوا على مجموعات قيادية فدائية سبعة مثل « أبو شريف، والفسفوري، والملازم رؤوف حسين، وربحي أبو الشعر، وقاعدة الكوادر، وقاعدة الانتشار، وقاعدة قوات التحرير، فهل توقف أم انتهى الصراع مع إسرائيل أردنياً وعربياً عند الكرامة؟
ويحضرني القول بأن واقعة الكرامة تحديداً أسست لإعلان «يوم المحاربين القدامى» في 15شباط من كل عام، وشملت كل الحروب السابقة الأردنية مع الصهيونية، وتأتي مناسبة استشهاد بطل القدس الشهيد منصور كريشان تأكيداً على ضرورة انصاف رجالات الأردن العسكريين وبطولاتهم المشهودة، وللمصادفة أجد هنا تطابقاً في مكان ميلاد بطل الكرامة المرحوم الجازي، وشهيد القدس كريشان، وهو مدينة معان البطلة، المعروفة بالمدينة التي رست على أطرافها الثورة الهاشمية العربية، بانية دولة الإمارة والمملكة المستقرة بعون الله، والتي أتمنى من وسطها لجيشنا العربي الأردني الباسل الذي خدمت فيه جندياً مكلفاً بإعتزازٍ كبير الإزدهار والمنعة وخدمة الإنسان والسلام والدفاع عن ثرى الوطن الأردن الغالي، عندما يصدح وينادي.
وهنا أعيد شريط الذاكرة من جديد لمعركتي اللطرون وباب الواد التي حرر من خلالهما جيشنا الأردني القدس بقيادة المشير المرحوم حابس المجالي على أنغام الأغنية الاردنية الشعبية عام 1948 «سريه قايدها حابس... تقش الأخضر واليابس»، وإلى ذكرى تعريب قيادة الجيش لتصبح أردنية بلون ترابه وهوائه وسمائه مائة بالمائة.
البابا واليهود
محمود الزيودي عن الدستور الأردنية
حينما استقبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بابا الأقباط الراحل شنوده سأله كلينتون ... هل صحيح ان اليهود هم شعب الله المختار ؟ ... اجاب البابا ... اذا كانوا هم وحدهم المختارين من الله . فمن اختارنا نحن باقي سكان المعمورة ؟
في أول حركة سياسية للبابا الجديد فرنسيس الأول رئيس الكنيسة الكاثولوكية في العالم . مد يده خاطبا ً ود اليهود قبل غيرهم من الديانات وأتباع المذاهب المسيحيّة الأخرى التي لا تدين له بالولاء أو الايمان بمذهب كنيسته ... قلنا حركة سياسية لأن البابا لم تكن بدايته بتقليد اسلافه الذين استهلّوا عهدهم في الكرسي الرسولي بأمنيات السلام للبشرية جمعاء كما هي أمنية عيسى ابن مريم عليه السلام لأتباعه ورعاياه الذين كانوا يعيشون في مجتمع تنخر فيه أعمال اللصوص ابتداء من السرقة والربا وانتهاء ً بالاحتلال والاستعباد وقتل الصالحين الذين افتوا بحرمة الخروج عن الشريعة ( يوحنا المعمدان ) ... وفي الكلمة التي كانت هي البدء نجد أن اسلاف الحبر الأعظم قد استنكروا الحروب بضحاياها والجوع الذي فرضه الأغنياء على الفقراء . بحيث ينفق على معدات ازهاق الأرواح من اسلحة القتل والدمار أقل من ربع ما ينفق على الطعام والدواء ومكافحة الأمراض التي سببها احتكار الدول الغنية بشركاتها الكبرى لشعوب الدول الفقيرة التي نهبت ثرواتها الطبيعية .
تجاهل الرجل تصريح الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة ومؤسسة الأزهر الشريف باستثمار مناسبة انتخاب الحبر الأعظم لتطوير وتحسين العلاقات بين الاسلام والمسيحيّة واستعادة الصداقة الحميمة بين الديانتين السماويتين . سيما وأن الدول التي تدين شعوبها بالإسلام تضم جماعات مسيحية من مختلف المذاهب بما فيها رعايا البابا الكاثوليك . تتعايش مع المسلمين بروح التسامح التي بشّر بها السيد المسيح عليه السلام ووصية النبي صلى الله عليه وسلم بالذمييّن الذين يتمتعون بحق المواطنة الكاملة في الدولة الاسلامية الحديثة ..
من المعروف أنه لا يصل الى الكرسي البابوي الاّ رجل دين مثقف صاحب معرفة بكل الديانات السماوية وغير السماويّة . يعرف البابا فرنسيس الأول أن السيد المسيح عليه السلام نبي مقدس في ضمير المسلمين ووجدانهم . لا يلفظ اسمه على لسان مسلم الاّ بتقديس الأنبياء الذين سبقوا خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم ... ويعرف ايضا ً أن الشريعة اليهوديّة تنص على كراهية الأغيار من غير اليهود ... وان الكيان الاسرائيلي ساع لإنشاء دولة دينيّة لا يتمتع فيها بالمواطنة الاّ اليهودي من أم يهوديّة ... ويعرف البابا ان الدولة اليهودية في فلسطين قامت على انقاض وطن تشتت شعبه في الافاق وهذا ما لم يحدث لأي شعب في المعمورة ... فحتى الايرلنديون الذين هجّرهم البريطانيون الى استراليا والعالم الجديد بقيت لهم ايرلندا ولم يحتلها شعب اخر . ومع هذا استهل خلافته على رعاياه بالتقرب من اليهود دون غيرهم من أتباع الديانات الأخرى متناسيا ً أن دولة الفاتيكان تمد حبال الود ولو دبلوماسيا ً مع جميع أقطار العالم بغض النظر عن علاقة البابا الشخصية مع أي ديانة كما هي حال البابا الجديد الذي أصدر مع الحاخام الأرجنتيني ابراهام سكورسا كتابا َ عن الحوار بين الأديان عام 2010 ... نتمنى على البابا الجديد أن يكون داعية عدالة وسلام ومحبة الى جميع المعذبين في الأرض وليس الى أقويائها وأغنيائها فقط ... فنحن في هذا الزمن احوج ما نكون الى عدالة الحبر الأعظم بالكلمة التي لا يملك سلاحا ً غيرها .
ما أخبار المصالحة الفلسطينية؟
معن البياري عن الدستور الأردنية
“كنا نريدُ مصالحةً، ولم نعد الآن نُريدها”.. أَحد تعليقاتٍ فلسطينيةٍ، وفيرةٍ في “فيسبوك”، على أخبارٍ توالت، في الأَيام الماضية، عن اعتقال السلطة الوطنية في رام الله عناصر من “حماس”، وتضييق الأَخيرة على كوادر فتحاوية في قطاع غزة، بعد اجتماعاتٍ في القاهرة بين الطرفين، أَطنبا فيها في التأكيد على المصالحةِ بينهما، خياراً وحيداً، وأَعلنا عن خطواتٍ إِجرائيةٍ ستنشط باتجاه إِنهاء الانقسام، المخزي كما يلحُّ كاتب هذه السطور على نعته، حتى خُيِّل لنا أَنَّ المصالحة تقترب، وأَننا سنُعاينها حقيقةً ماثلةً بعد أَيام.
ومما عزَّز هذه التخمينات التي أَحسنت الظن بطرفي الخصام الفلسطيني التافه أَنَّ مقادير غزيرةً من الغزل بينهما، تبادلاها في أَثناء العدوان الإسرائيلي الحربي على قطاع غزة وبعدَه، وعقب رفع عضوية فلسطين في الأُمم المتحدة. وكانت ذروةُ ذلك الغزل، وكذا فائضُ الكلام إِياه عن وحدة المصير، في خطابات خالد مشعل في زيارتِه غزة. ولم نكن سذَّجاً في انتظارنا حكومةً فلسطينية واحدة، وانتخاباتٍ تشريعيةً ورئاسيةً قريبة، نواتجَ عمليةِ مصالحةٍ مشتهاةٍ منذ ست سنوات. ببساطةٍ، لأَنَّ الرغبات في الحالة الفلسطينية أَقوى من أَيِّ كلامٍ سياسي يذهب إِلى الاجتهادات والتحليلات، ويفحصُ حقائق الواقع الماثلة.
ثمَّة استعباطٌ كثير، واستهبالٌ أَكثر لعقولنا، في الزعم أَن “طوشةً” كلاميةً بين مسؤول التفاوض في “فتح” مع “خماس”، عزام الأَحمد، ورئيس المجلس التشريعي القيادي في “حماس”، عزيز الدويك، هي سبب التعثر المستجد في مسار إنهاء الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، المخزي كما يحسنُ الدأبُ على نعته. وأَنْ يُقال إِنَّ عدم حماس حركة حماس للمصالحة، وتقدّمها خطوةً وتراجعها خطوتين، يعودُ إِلى استثمارِها الربيع الإسلامي الراهن في مصر وفي غير بلد عربي، ما يُشجّعها على التريث لجني مكاسبَ أكثر، وبشروط أَفضل، في المصالحةِ وما بعدها، أَنْ يُقال هذا، فإِنه يعني أَنَّ الحركةَ المذكورةَ ليست وطنيةً فلسطينيةً أَبداً، ولا يجوز لها أَنْ تفترضَ انتسابَها إِلى المشروع الوطني الفلسطيني. ولأَن “حماس” ليست كذلك، ولا يمكن أَنْ تكون كذلك، فإننا لا نستسلم لسوءِ الظنِّ هنا، وسنفترضُ أَنَّ أَسباباً أُخرى تُبرّر للحركةِ الإسلامية تباطؤها الملحوظ نحو إِنجاز المصالحة العتيدة. وأَنْ يُقال إِنَّ “فتح” إِنما تستجيبُ لضغوطٍ أَميركية، فلا تندفع باتجاه هذه المصالحة المتمناة، فذلك يعني أَنَّ الحركة الوطنية الرائدة صارت ذيلاً مرتهناً لإرادة الأَجنبي المعادي للمشروع الكفاحي الفلسطيني. ولأَنَّ “فتح”، بما نعرفُ عن راهنها وتراثها يستحيل أَنْ تسقطَ في هذا القاع، فإِنَّ تخميناً مسوغاً سيذهبُ إِلى أَنَّ أَسباباً أُخرى تُبرّر فيها قيادة “فتح” التلكؤ الملحوظ، والمساومات الصغيرة التي تُمارسها، في ملف إِنجاز المصالحة المبتغاة.
كأَننا أَمام متاهةٍ ملغزة، وأُحجيةٍ سمجةٍ، ولسنا أَمام ممارسةٍ وطنيةٍ مسؤولةٍ ورفيعة، يرتقي فيها أَداء قيادتي “حماس” و”فتح” إِلى المستوى الذي يستحقُّه الشعب الفلسطيني الصابر والصامد، والذي يفترضُ في القيادتين هاتين شمائلَ، يبدو، والله أَعلم، أَنهما تفتقران إِليها، حين يُشيعان أَمام الكاميرات والميكروفونات أَوهاماً تُطرب جمهوراً فلسطينياً، محبطاً، تراكمت لديه جبالٌ من عدم المبالاة بمصالحةٍ أَو مخاصمةٍ بين الحركتين، ثم ينصرفان إِلى المكايداتِ البائخة، ولعبةِ الاعتقالات والتنغيصات السخيفة في غزة ورام الله. .. رحم الله صديقَنا محمد طمليه، كتبَ مازحاً وساخراً، في غضون الاقتتال غير المنسيِّ بين “فتح” و”حماس”، يطلبُ منهما الاستمرار فيه، بهمةٍ، حتى يُنهيان بعضَهما، فيرتاح الفلسطينيون منهما معاً.
العلاقات الإخوانية- الأمريكية تنصهر بنيران الحدّاد
علي السيد عن المصري اليوم
إذا رقص الأمريكان اهتز الشرق الأوسط وتحزّمت مصر. هكذا علمتنا التجارب، فكثرة البكاء تعلم النواح، والنواح الآن سُنة حياتنا، بعدما جفت العيون. ومثلما فعلت أمريكا فى العراق تريد أن تفعل بمصر، جعلت العراق دولة محكومة بصراعات طائفية لا تمنحها فرصة للتلفت حولها، وتريدنا كذلك. أصبح العراق مفرخة للعنف والإرهاب وجغرافيا قابلة للتقسيم، ومخزناً نفطياً مضموناً. وفى علاقة الإخوان بأمريكا يظل الظاهر أقل كثيراً مما جرى ويجرى خلف الأبواب المغلقة.
ولكى نفهم طبيعة العلاقات الإخوانية- الأمريكية سأتوقف فى هذا المقال عند محطتين مهمتين، وإن كانت المحطات فى هذا الملف كثيرة ومليئة بالألغاز:
الأولى تخص عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، وتلك وظيفة مستحدثة تكشف عن عدم ثقة الإخوان فى مؤسسات الدولة، وفى المقدمة وزارة الخارجية، وتبين أن ما تريده الجماعة لا ينبغى أن تعرفه الدولة. الجماعة ترى نفسها فوق الدولة، وأن ما تدبره فى الخفاء لا ينكشف للعلن. التوقف.. «الحداد» رجل لغز فى دوره، محير فى تصرفاته. دخل البيت الأبيض كما دخل قصر الاتحادية، وفى الحالتين كان الأمر غامضاً.. التقى الرئيس الأمريكى، بينما رئيس الدولة لم يستطع، وكذلك وزير الخارجية، بل لم يلتق أى وزير خارجية مصرى بأى رئيس أمريكى منفرداً على مدى ٣٨ عاماً مضت - وفقا لكلام نبيل فهمى، سفير مصر بالولايات المتحدة- ولهذا دلالات متعددة يرتبط بعضها بطبيعة المخططات «الإخوأمريكية » قبل الثورة، وأسرار صفقات ما بعد الثورة، وبعضها الآخر يرتبط بشخصية «الحداد» والدور الذى لعبه فى ملف الجماعة خارجياً، واختيار الجماعة له ليكون مسؤولاً عن الملف الخارجى بالجماعة والحزب، ثم الرئاسة. كان لافتاً دخول «الحداد» إلى رئاسة الجمهورية فى أول يوم للرئيس الجديد، رغم أنه لم يكن ذا صفة سوى أنه عضو فى مكتب الإرشاد، ولم تكن صفته الرسمية قد تحددت بعد، لكن الرجل كان مع الرئيس كتفاً بكتف. الحداد الذى كان يوصف- بصورة سطحية- بأنه ظل «الشاطر»، واحد من أخطر رجال مكتب الإرشاد، ويمسك بأهم الملفات وأكثرها حساسية. ملف تراهن عليه الجماعة لكى تظل فى السلطة. رجل غزل خيوط العلاقة مع الأمريكان وفقا للرغبات الأمريكية التى لم تحد عنها الجماعة حتى الآن قيد أنملة.
ولا يخفى على أحد أن العلاقات الأمريكية- الإخوانية كانت تسير، منذ ما يقرب من عشر سنوات، بخطى منضبطة وبطريقة محكمة لم يستوعبها نظام مبارك، وإن كان أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية الأسبق، أوضح فى مذكراته أن «مبارك» أخبره بأن الأمريكان يريدون دفع مصر إلى المجهول من خلال علاقاتهم مع الإخوان. هذا الكلام قاله «مبارك» لـ«أبوالغيط» فى ٢٠٠٥، وما يناقض هذا الكلام أن «مبارك» لم يحتط للأمر بالترتيب لنقل السلطة بطريقة قانونية وإظهار دعمه للمعارضة، لكنه فعل العكس تقريباً. كانت الجماعة على تواصل دائم مع الأمريكان، لكن تحت غطاء جمعية أمريكية تسمى «ماس»، تعمل لصالح التنظيم الدولى للجماعة، وكان الأمر يظهر وفقاً لما نشره كثير من الصحف الغربية على أنه ندوات وحسب.. كانت مهمة الاتصالات مع الأمريكان من مهام مكتب لندن، الذى كان يسيطر عليه خيرت الشاطر، رغم وجود أمين التنظيم الدولى لـ«الإخوان» إبراهيم منير.. تراجع دور «منير»، وتم تصعيد «الحداد» ليمسك بملف العلاقات الخارجية، خصوصاً الأمريكية بعد أن صار مقرباً على خلفية الإفراج عن الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى. حيث لعب «الحداد» الدور الأول لإنهاء هذه القضية الشائكة، بمساعدة «الشاطر» طبعاً.
جاء «الحداد» مساعداً لرئيس الجمهورية ترجمة عملية على صداقته بالأمريكان، وتلبية لرغبة إخوانية ترى الملف الخارجى أهم مئات المرات من ملفات الداخل رغم تفجرها. فالجماعة التى تعهدت بضمان أمن إسرائيل عبر تلجيم حماس وإنهاء حالة العداء التقليدى مع الصهاينة رهنت وجودها فى السلطة بالعلاقة مع الأمريكان، وكانت سباقة فى هذا الأمر. وربما تكون حرب غزة الأخيرة هى بالون الاختبار لحكم الجماعة.
المحطة الثانية تخص ما قاله جون كيرى، وزير خارجية أمريكا، عن أن أمن إسرائيل يضمنه الإخوان، فضلاً عن تأكيداته الدعم الأمريكى للنظام المصرى ومساعدته للخروج من كبوته الاقتصادية، وتلميحاته بعدم الرغبة الأمريكية فى تدخل الجيش فى العملية السياسية.
وهنا تظهر رؤية الأمريكان للمنطقة وكيفية الخروج بأكبر قدر من المكاسب، وهى رؤية مضطربة وتدل على قصر نظر تماماً مثلما حدث مع العراق. فالأمريكان دعّموا المعارضين لنظام صدام حسين، رغم أن معظمهم كانوا موالين للنظام الإيرانى. قدم الأمريكان للإيرانيين و«الإسرائيليين بالطبع» ما كانوا يحلمون به وأكثر عبر ثلاث خطوات: الأولى تكمن فى القضاء على الجيش العراقى الذى حارب الإيرانيين لثمانى سنوات، وكان دائم التلويح بعداوته للدولة العبرية، والثانية جاءت عبر إقرار نظام المحاصصة الطائفية ومن خلاله نَفذَت فرق الموت الإيرانية إلى قلب العراق ومزّقته، وهذا يخدم إسرائيل أيضاً، والثالثة تمت بقانون اجتثاث البعث، الذى تحول إلى مقصلة للعراقيين السُّنة، مع أن حزب البعث كان يضم سنة وشيعة ومسيحيين. أمريكا كانت تهدف إلى تقسيم العراق، فوقع فى قبضة إيران، وكانت تريد إنهاء دور الجيش العراقى المعادى لإسرائيل، فجاء الجيش الجديد على هوى إيران. وبهذه السياسة النفعية وقصيرة النظر تتعامل أمريكا مع مصر، فهل تغرقها فى بحر الفتن كما فعلت بالعراق؟ والكلام يتواصل.
لقاء الوزير الأمريكي فضح الأسرار!!
شوقي السيد عن المصري اليوم
■ لم تكن زيارة وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى» إلى القاهرة خلال الأسبوع الماضى زيارة عادية لأى وزير «أمريكانى» للمنطقة، خاصة فى بلدنا العزيز مصر، لأن الوزير المذكور مسؤول سياسى كبير، ومقاتل قديم فى سلاح البحرية الأمريكية منذ حرب فيتنام، كما عمل حاكماً لإحدى الولايات الأمريكية، كما كان عضواً بمجلس الشيوخ خلال الثمانينيات والتسعينيات، ورئيساً للجنة الشؤون الدولية، ومرشحاً سابقاً للرئاسة الأمريكية منافساً لجورج بوش الابن، لهذا كانت زيارة الثعلب الأمريكى العجوز والوزير فى إدارة أوباما زيارة غير عادية!!
■ ولأنه لا يخفى على كثير من المصريين تاريخ الرجل، فلم ينخدعوا بتصريحاته أثناء الزيارة بأنه أتى إلى مصر كصديق قديم، كما كشفت تصريحاته التى أطلقها عقب لقائه بالرئاسة بأنه «اطمأن على المسار الديمقراطى الذى ينتهجه الرئيس مرسى.. وعلى حيادية القوات المسلحة»، مؤكداً اهتمام بلاده بالأوضاع الاقتصادية التى تمر بها مصر، وما أوصى به بعض ممثلى التيارات المعارضة المختارة.. أوصاهم ونصحهم بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية.. كما نصح الرئاسة بحكومة توافقية، ولعل أقوى الكلمات كانت مفردات كلمة الإعلامية والناشطة جميلة إسماعيل، والمقاتل محمد أبوحامد، النائب السابق بمجلس الشعب.. على عكس غيرهما من الحضور الذين كانوا مولعين بالموسيقى التى عزفها الوزير العجوز.. أو يخطبون ود بلاده!!
■ وإذا كان الوزير المخضرم لم يعبّر بكلمة واحدة عن رؤيته لما يجرى فى البلاد من الثورة الشعبية الحقيقية الملتهبة فى جميع محافظات مصر.. ومن التيارات الثورية، كما لم يعبر عن مسبباتها ولا عن الخطايا والموبقات التى ارتكبها النظام منذ الصراع على الانتخابات الرئاسية وتزوير الانتخابات، وخطة السيطرة على البرلمان ومفاصل الدولة والاعتداء على القضاء.. ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا، وإعداد الدستور وفرضه على الشعب بالقوة بأقلية غير مسبوقة.. والعودة إلى فرض قانون الانتخاب.. وتفصيل الدوائر الانتخابية لصالح النظام، والدعوة إلى حوارات صورية.. ثم التنصل من نتائجها، ومحاولة الانتقام والسيطرة والإقصاء فى صورة لم تشهدها مصر من قبل، كل ذلك لم يعبر عنه الوزير العجوز بكلمة واحدة فقط.. اكتفى بالإشارة إلى أنه «اطمأن على المسار الديمقراطى، وأن بلاده لا تتدخل فى حل تلك المشاكل لأنها شأن داخلى، وأن شعب مصر رغم عجزه عن حلها.. فإنه يرفض التدخل والمساعدة، وأن مصر ليست حليفة.. ولا عدوة»، لكن المؤكد أن الوزير المخضرم سوف ينقل كل ما شاهده فى البلاد إلى إدارة أوباما وإلى كل من يعنيه الأمر فى الولايات المتحدة الأمريكية عن سقوط شعبية النظام وسخط الأغلبية الكاسحة على إدارة البلاد وعلى ما يجرى فيها.
■ ولهذا فلقد كشف هذا اللقاء المستور عن العلاقة الخفية بين إدارة أوباما والنظام.. خاصة أن الإدارة الأمريكية تزهو وتتفاخر بأنها لم تدرج جماعة الإخوان المسلمين مع الجماعات الإسلامية وجماعة الجهاد من بين الجماعات الإرهابية، وهو أمر يعترف به قيادات الإخوان أنفسهم ولا ينكرون لهم هذا الفضل، بل إن بعض قيادات جماعة الإخوان يعترفون بأنهم قد تلقوا تعليماً وتدريباً فى الولايات المتحدة الأمريكية.. وأنهم يرتبطون معها معنوياً وثقافياً، وقد اعترف أحد قياداتهم فى واشنطن بقوله: «لقد تربى مرسى فى كنفكم، وثقافته وعلمه أمريكيان، ويدين لكم بالفضل فى تعليمه»!!
■ وفى تصريح للسيد عصام العريان قال: «اضمنوا لنا الاستمرار فى الحكم نضمن لكم أمن إسرائيل».. كما صرح القيادى الإخوانى خيرت الشاطر فى واشنطن بأن الجماعة ملتزمة بالاتفاقيات الدولية، وأن حماية إسرائيل ضمن تلك الالتزامات.. إضافة إلى ما أعلن عنه شهود عيان وخبراء من أنه قد تم ترتيب لقاءات بين الجماعة وإدارة أوباما أثناء الانتخابات الرئاسية.. بل الأخطر من ذلك الاستجواب المدوى الذى فجّره عضو الكونجرس «فرانك وولف» الذى تقدم بمذكرة قانونية مدعمة بالمستندات للكونجرس، يطلب فيها مساءلة أوباما والتحقيق معه ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، بشأن دعم جماعة الإخوان بمبلغ خمسين مليون دولار فى الانتخابات الرئاسية، فضلاً عن عاصفة الأسئلة أمام الكونجرس الأمريكى، ومحورها الأساسى السر فى دعم الإدارة الأمريكية لتيار الإسلام السياسى الحاكم فى مصر، رغم استمرار إطلاق بعض قيادات التيار التصريحات العدائية ضد تل أبيب. وفى السياق ذاته أكد «ميت رومنى»، المرشح الجمهورى السابق فى انتخابات الرئاسة الأمريكية أمام أوباما، المعلومات نفسها.. وهكذا انكشف المستور فى زيارة الوزير عندما اطمأن على المسار الديمقراطى فى مصر.. وأن المصريين عليهم أن يحلوا مشاكلهم.. وأنه يدعو المعارضة للمشاركة فى الانتخابات!!
■ ويكشف اللقاء كذلك عن السر فى ذلك الدعم، وعن تلك الصفقات الخفية والظاهرة بين إدارة أوباما والنظام الحاكم فى البلاد.. وعن موقفهم من حماس.. وأمن إسرائيل.. والقنبلة النووية الإيرانية.. وعن رسم السياسة الأمريكية فى المنطقة عن طريق النظام الإخوانى فى مصر باعتبارها مفتاح المنطقة وأكبر مؤثر فيها، خاصة أن الوزير المخضرم قد أجاب فى مؤتمره الصحفى بأن الولايات المتحدة تضع أمن إسرائيل فى مقدمة أولوياتها، وأن المساعدات الأمريكية تأتى فى إطار حرص أمريكا على مصالحها فى مصر فكانت المساعدات محدودة.. والتصريحات توافقية.. ولن تحل الأزمة المصرية.. الأمر الذى يلقى ظلالاً كثيفة على المستقبل قد تكون بشيراً لسيناريو جديد فى الطريق.
■ المهم أن زيارة الوزير الأمريكى كشفت المستور للشعب المصرى عن العلاقة المشبوهة بين إدارة الإخوان فى البلاد.. وإدارة أوباما التى تحرص على استرضائها.. لضمان استمرارهم فى الحكم مقابل ضمان «أمن إسرائيل»، والتزاماً بتحقيق المصالح الأمريكية فى المنطقة والعلاقة الإيرانية.. وما يستجد.. وهو ما يفسر أن نظام الحكم فى البلاد لا يعنيه ما يجرى فى الشارع المصرى.. ولا ما تعبر عنه الإرادة الشعبية من غضب مهما بلغ، أو معارضة مهما كانت موضوعية، وكل ما يعنى النظام استرضاء الإدارة الأمريكية.. ضماناً لاستمراره فى الحكم.. مقابل تحقيق التزاماته فى المنطقة.. ولسوف ينكشف الغطاء الخادع فى القريب العاجل عندما يختلف الفريقان ويرفع الأمريكان أيديهم عن الحماية فى أول الطريق بسبب سقوط شعبية النظام، والفشل فى إدارة شؤون البلاد بعد أن سقطت السيطرة على البلاد.. وفشل الرهان!!
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
أوباما وخطواته الأولى على أرض فلسطين
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
استراتيجية اسرا ـ أمريكية عدوانية قائمة أصلا
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
أوباما يهل مرة كل أربع سنوات
جهاد المومني عن الرأي الأردنية
بعد زيارة أوباما نسأل الله السلامة !
طاهر العدوان عن الرأي الأردنية
هل القضية الفلسطينية قضية سلام أم قضية حقوق؟
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان) عن القدس العربي
اوباما والتحديان الايراني والسوري
رأي القدس العربي
أوبــامــا فـي إســـرائـيــل: زيـــارة واجـــب
حلمي موسى عن السفير
جولة أوباما... لسلام مؤجل
جيمس زغبي عن السفير
أوباما والكابوس السوري
هشام ملحم عن النهار اللبنانية
زيارة أوباما ومناخ التّفاهمات مع موسكو
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
أوباما في إسرائيل.. لا جديد
رأي الجمهورية المصرية
رسالة الشعب الفلسطيني لأوباما
رأي الراية القطرية
شهداء الكرامة.. قناديل الوحدة والنصر
د.حسام العتوم عن الرأي الأردنية
البابا واليهود
محمود الزيودي عن الدستور الأردنية
ما أخبار المصالحة الفلسطينية؟
معن البياري عن الدستور الأردنية
العلاقات الإخوانية- الأمريكية تنصهر بنيران الحدّاد
علي السيد عن المصري اليوم
لقاء الوزير الأمريكي فضح الأسرار!!
شوقي السيد عن المصري اليوم
أوباما وخطواته الأولى على أرض فلسطين
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
بغض النظر كيف سيقييم التاريخ زيارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما إلى أرض فلسطين التاريخية، بعد أن اعترف العالم بجزء من تلك الأرض على أنه يشكل دولة فلسطين بحقوق غير متكاملة، إلا أن التاريخ سيقيم هذه الزيارة على أنها الأولى من نوعها، على الرغم من أن إدارة أوباما صوتت ضدّ الاعتراف بها، في الدورة العادية الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتأتي خطوته هذه في ظل إعلان السكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن هذه المنظمة الدولية قررت: 'تغيير اسم السلطة الفلسطينية إلى دولة فلسطين في جميع إجتماعاتها وأوراقها الرسمية'. وبسرعة إتهمت إسرائيل السكرتير العام بأن القرار الذي أصدره مليء بالمواقف السياسية الأحادية الجانب والمنحازة إلى جانب الفلسطينيين.
ورغم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كان يتابع ويحاول أن يعالج الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي نظريا، عن طريق المباحثات الجارية بين الطرفين، والتقارير التي تقدم له، وعن طريق مستشاريه المتخصصين في مشاكل الشرق الأوسط، وعن طريق الأبحاث التي تنشر، إلا أنها، ومهما كانت دقيقة، ينقصها لفتة واقعية وإنسانية. فمثلا هناك فرق بين التحدث عن الحواجز على الطرقات في الأراضي المحتلة ومعاملة الجنود الإسرائيليين للمواطنين الفلسطينيين في التقارير، ومشاهدتها على أرض الواقع.
وبلا شك سيفتش الرئيس أوباما أثر وصوله إلى فلسطين عن أسباب اعمق مما تجيء في التقارير، تمنع قيام دولتين، وحل المشكلة حلا أساسيا من وجهة النظر الأمريكية (والفلسطينية إلى حد ما) .. أسئلة كثيرة وكثيرة جدا ستطرح قبل أن يقرر أوباما اتخاذ خطواته الأخيرة: إما التراجع كليا عن موقفه أو محاولة وضع ضغط على إسرائيل والفلسطينيين؟.
فمن هذا المنطلق، يمكن رؤية وتقييم زيارة أوباما للمنطقة كمحاولة اضافية شخصية من جانبه، لإنقاذ أحد الثوابت الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، بدءا من اتفاق أسلو وصولا إلى الهدف الأمريكي المنشود اليوم وهو إقامة الدولتين.
السؤال هو هل يستطيع أوباما تحقيق الهدف الأمريكي المنشود، بدون أن يسبق ذلك خطوات حاسمة؟ بلا شك سيركز أوباما مجددا على إنجاز تفاهمات تهدف إلى وضع حد لمشاريع البناء في المستعمرات اليهودية (وهي أحدى العقبات الأساسية للعود للحوار)، مقابل إستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. ولتحقيق ذلك، خصوصا مع وجود حكومة إسرائيلية متطرفة يحتاج إلى أكثر من 'كلام معسول ولسان لطيف'.
وعلى الرغم من أن الأغلبية تعتقد أنه لن تكون هناك مفاجآت بالمعلومات التي يتطلع باراك أوباما الحصول عليها. على سبيل المثال: رد مقنع عن السبب الحقيقي وراء القرار الأحادي الجانب القيام بتفريغ قرى فلسطينية في عام 1948 والقيام بتدمير جزء منها، وتحويل سكانها إلى لاجئين داخل إسرائيل؟ وهل هذا التصرف له امتداد لما حصل خلال الـ 65 سنة الأخيرة، ويتكرر الآن داخل أراضي الدولة الفلسطينية؟ (صحيفة معاريف الصادرة يوم 16 /3/2013 ).
فبالإضافة إلى تهويد الأراضي العربية التي صادرتها إسرائيل بعد قيامها، إلا أن مصادرتها لعبت دورا في محاصرة المدن والقرى الفلسطينية، خصوصا من النواحي الاقتصادية التي وقف في مقدمتها الإنتاج الزراعي الذي اعتمدت عليه كل القرى العربية، والإنتاج الصناعي الخفيف (صناعة الفخار والأدوات النحاسية، والمصنوعات السياحية من خشب الزيتون وغيرها والتي لاقت رواجا عالميا).
وربما يحاول أوباما العودة إلى بعض القضايا الجذرية الأخرى رغم كل ما كتب عنها مثل منطقة 'آي 1' ومدى أهميتها في تنفيذ مشروع الدولتين الذي تتبناه إدارته؟ وغيرها من الأمور.
ولا بدّ أن مستشاري الرئيس أوباما واعون للأسباب الحقيقية التي تقف وراء تحركات الدمى السياسية الإسرائيلية التي عمل بنيامين نتنياهو جاهدا لائتلاف حكومي معها قبل وصول الرئيس الأمريكي إلى البلاد في أول زيارة له كرئيس للجمهورية، وبعد إعادة إنتخابه لفترة زمنية ثانية. فقد أعلن البيت الأبيض سابقا أن الرئيس أوباما لن يقوم بزيارة إسرائيل إذا لم تكن هناك حكومة شرعية؟ بمعنى آخر ان هذه الحكومة ستبقى بدون مصير بعد مغادرة أوباما المنطقة.
فالأحزاب التي تتألف منها الحكومة الجديدة، تقف حجر عثرة في وجه المواقف الأمريكية. فحتى لو أراد نتنياهو العمل على حل الدولتين سيواجه صعوبات من شركائه في الحكومة الجديدة. وهناك مواقف واضحة بهذا الشأن من حليفه أفغدور ليبرمان (رئيس حزب إسرائيل بيتنا والذي انضم مؤخرا لحزب الليكود). ومن نفتالي بينت (رئيس البيت اليهودي) أنهما لن يوافقا على حل الدولتين، وبدونهما لن تكون هناك حكومة.
وإذا أضفنا إلى كل ما ذكرنا موقف الأغلبية في إسرائيل فإن الصورة تبدأ باتخاذ حجم واقعي، لا يمكن تغافله. فحسب آخر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، فإن أغلبية الشعب في إسرائيل لديه علاقة سلبية لرئيس الولايات المتحدة اوباما (معاريف 15/3/2013 )
فعشية وصول الرئيس أوباما إلى إسرائيل تبين من إستطلاع صحيفة 'معاريف '38 بالمائة من الإسرائيليين يعتقدون أن الرئيس أوباما يحمل العداء لدولة إسرائيل. ومع ذلك فقد تبين من الإستطلاع أن 32 بالمائة يعتقدون أنهم لا يحبونه، ومع ذلك يحترمونه. وعشرة بالمائة فقط قالوا أنهم يحبون أوباما.
ولكننا لا نتحدث عن الحب، بل عن السياسة، وفي المشاكل السياسية لا وجود للحب.
استراتيجية اسرا ـ أمريكية عدوانية قائمة أصلا
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
كل الحروب والاشكال الاخرى من العدوان التي خاضتها واقترفتها اسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب كانت بضوء أخضر أمريكي، وفي عام 1956 شاركت اسرائيل في العدوان الثلاثي البريطاني ـ الفرنسي ـ الصهيوني على مصر. نقول ذلك لأن دراسة جديدة أصدرها 'مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي' رأت: أن على نتنياهو استغلال زيارة الرئيس أوباما الحالية إلى إسرائيل، لبلورة استراتيجية مشتركة جديدة للولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة تحديات الشرق الأوسط. أوصت الدراسة لهذه الاستراتيجية ببعض المبادئ: عدم انقطاع الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، ومنع سقوطه بيد الإسلامين، تعزيز العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين البلدين. الشفافية التامة بين قيادتي البلدين، امتناع الولايات المتحدة عن تحدي حكومة إسرائيل بطلب وقف البناء في القدس. استمرار الحوار لبناء سياسة استراتيجية مشتركة تجاه التحديات المشتركة: السياسية، الأمنية، الدبلوماسية، الاقتصادية والاجتماعية.
على أساس هذه البنود توصي الدراسة ببلورة فهم استراتيجي شامل متعدد الطبقات، الطبقة الأولى: وقف البرنامج النووي الإيراني على أساس المنع وليس الإحتواء. الطبقة الثانية: تحريك المسيرة السياسية مع السلطة وتحقيق التسوية الدائمة. الطبقة الثالثة: بناء الظروف لليوم التالي لنظام الأسد، بلورة سياسة مشتركة لمنع انتقال السلاح الاستراتيجي إلى حزب الله وإلى الجهات المسلحة. الطبقة الرابعة: استقرار الحزام حول سوريا لتقليص خطر الآثار السلبية على جيرانها. تخلص الدراسة إلى نتيجة: لما كان لإسرائيل قدرة محددة على أن تواجه جملة التحديات بالتوازي، من الحيوي الوصول إلى تنسيق استراتيجي وثيق مع الولايات المتحدة، ناهيك عن أنها تقدر بأن قدراتها على مواجهة مشاكل العالم محدودة.
بداية: ان ما يقوله المعهد هو استنتاج عار عن الصحة ويفهم منه وكأن هناك استراتيجيتان منفصلتان: أمريكية وأخرى اسرائيلية فيما يتعلق بالمنطقة، وهذا كذب وافتراء ومجافاة للحقيقة.
دراسة مركز الأبحاث الإسرائيلي تتقاطع مع وجهات النظر القائلة بوجود تناقض بين أوباما ونتنياهو وأولئك الذين يرون بأن الولايات المتحدة تنحو نحو استراتيجية جديدة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. صحيح أن ثمة تباينات قد تنشأ حول هذه القضية أو تلك من القضايا السياسية للمنطقة، بين إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة، لكن لن تصل هذه التباينات بأية حالة من الأحوال إلى وجود ما يسمى بـ'التناقض'! الولايات المتحدة كيّفت سياساتها منذ إنشاء الكيان الصهيوني وبنت الأسس الاستراتيجية لسياساتها في الشرق الأوسط انطلاقاً من الحرص على بقاء إسرائيل، المحافظة على الأمن الإسرائيلي إنجاح السياسات الإسرائيلية وأهدافها في المنطقة، إبقاء إسرائيل القوة العسكرية الأولى في الشرق الأوسط، كبح جماح أية عوامل عربية قد تشكل في المستقبل خطراً على الأمن الإسرائيلي. جعل إسرائيل ركناً أساسياً في المنطقة العربية كحليف استراتيجي للولايات المتحدة. مساندة إسرائيل في مختلف المجالات السياسية، الاقتصادية، العسكرية وغيرها.
لقد حددت الدول الغربية الاستعمارية الهدف من إنشاء إسرائيل ومساعدة الحركة الصهيونية منذ أوائل القرن الزمني الماضي، ففي عام 1907 أوصت الجبهة الاستعمارية الموحدة التي تم إنشاؤها والتي تألفت من بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، البرتغال، إيطاليا، إسبانيا في تقرير مشترك سمي تقرير بنرمان (باسم رئيس الحكومة البريطانية آنذاك) جاء فيه: 'إننا نوصي بضرورة العمل على فصل الجزء الإفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، ونقترح لذلك: إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط آسيا بأفريقيا ويربطهما بالبحر المتوسط، بحيث يشكَّل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة'.
جاءت بعد ذلك اتفاقية سايكس-بيكو لتقسيم الوطن العربي بين الدول الاستعمارية ثم بعدئذٍ وعد بلفور، وجرى الانتداب البريطاني على فلسطين إلى أن تم إنشاء إسرائيل. بعد الحرب العالمية الثانية وبروز الولايات المتحدة كقوة سوبر إمبريالية، كان من الطبيعي أن ينتقل المركز الإمبريالي من أوروبا إلى الولايات المتحدة، التي حلّت محل بريطانيا (بعد أن غابت عن ممتلكاتها الشمس) في التبني لإسرائيل.عملياً منذ قيام الدولة الصهيونية فإن الولايات المتحدة أمدتها وما تزال وستظل بكل ما تحتاجه على الأصعدة المختلفة، ودافعت عن سياساتها واعتداءاتها وجرائهما بمبرر واحد: اعتبار ذلك ضرورياً للأمن الإسرائيلي وحمتها (من خلال الفيتو) في مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي كافة المنظمات والهئيات الدولية التابعة لها من أية إدانة دولية. غالباً ما تم ذلك بالتنسيق مع دولتين دائتمي العضوية في مجلس الأمن وهما: بريطانيا وفرنسا. الولايات المتحدة في كثير من الأحيان وقفت ضد غالبية دول العالم إذا ما تعارضت هذه الدول مع المصالح وللأهداف الإسرائيلية. أمريكا نسقت مع إسرائيل في إلحاق الهزيمة بالعرب في عام 1967 وهناك وثائق تبين خطة أمريكية-إسرائيلية لإسقاط نظام الرئيس عبد الناصر. أمريكا في حرب عام 1973 وعندما فوجئت إسرائيل بالهجوم المصري-السوري في حرب تشرين، دهنت طائراتها لتبدو وكأنها طائرات إسرائيلية وألبست طياريها لباس الطيارين الإسرائيليين وشاركت بطياريها وطائراتها مباشرة في المعركة. أمريكا بررت وما تزال كل الاعتداءات والحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين والدول العربية. وساهمت بشكل أساسي في توقيع اتفاقيات كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة بين إسرائيل ومصر، وبينها وبين الفلسطينيين وبينها وبين الأردن، والتي جاءت في مجملها لصالح إسرائيل. الولايات المتحدة تبنت مشروع بيريز بانشاء الشرق الأوسط الكبير.
في عام 2004، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية إبّان رئاسة بوش الابن رسالة ضمانات استراتيجية جديدة لإسرائيل قرأها ارييل شارون رئيس الوزراء آنذاك من على منبر مؤتمر هرتسيليا الخامس، فحواها: التزام الولايات المتحدة الكامل ببقاء إسرائيل والمحافظة على أمنها. عدم الضغط على إسرائيل ورؤاها للتسوية مع الفلسطينيين والعرب.
منذ اتفاقيات أوسلو وحتى اللحظة، نرى تكيفاً أمريكياً مع السياسات ووجهات النظر الإسرائيلية سواء فيما يتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين والعرب، وليس العكس فالولايات المتحدة تكيفت مع الأطروحات الإسرائيلية: في تبني اللاءات الأسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية.
أما فيما يتعلق بالاقتراحات التي تضمنها تقرير 'مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي' من أجل إنشاء استراتيجية أمريكية إسرائيلية جديدة فإن: الولايات المتحدة ليست منقطعة عن أحداث الشرق الأوسط، وبادرت إلى مباحثات مع حزب الحرية والعدالة في مصر وحركة النهضة في تونس قبل تسلمهما للحكم وضمنت علاقات جيدة للبلدين مع الولايات المتحدة والدول الغربية. عدم المس باتفاقية كمب ديفيد والمحافظة عليها من قبل مصروعدم تضمين الدستور التونسي فقرة 'تجرم التطبيع مع إسرائيل وغيرها من النقاط المهمة أما العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين أمريكا وإسرائيل فالتنسيق في أعظم وأعلى حالاته.
أمريكا تقف موقفاً استراتيجياً بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. على صعيد الساحة الفلسطينية فلا تناقض بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالتسوية. على صعيد سوريا أيضاً لا تناقضات بين الموقفين الإسرائيلي والأمريكي، فالطرفان متفقان على الخطوط العامة ومنع امتلاك حزب الله للأسلحة الاستراتيجية وبخاصة الأسلحة الكيماوية. كذلك الأمر بالنسبة لحزام الجوار السوري.
الأدق قولاً في أكاذيب المعهد الصهيوني: أن الاستراتيجية المشتركة بين أمريكا واسرائيل قائمة منذ إنشاء دولة الكيان الصهيوني. صحيح أن هناك مستجدات سياسية عربية وهذه بحاجة إلى المزيد من التنسيق لاتخاذ سياسة موحدة تكتيكية إسرائيلية أمريكية مشتركة، وهذا لا ينفي وجود الاستراتيجية المشتركة بين البلدين القائمة فعلاً.
أوباما يهل مرة كل أربع سنوات
جهاد المومني عن الرأي الأردنية
لا يحمل مبادرة من اي حجم او نوع لاعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات او للعودة الى القضية المركزية، وليست لديه اية افكار غير معلنة من قبل عن مواقف الولايات المتحدة من الازمة السورية وطريقة انهائها بما يضمن عدم نجاح المتطرفين في الزحف الى دمشق، اذا لماذا يحل اوباما زائرا على المنطقة في وقت حرج ؟
يقولون في الولايات المتحدة او في بعض اعلامها ان الرئيس يزور المنطقة الاكثر اهمية واقلاقا لسببين, الاول والأهم زيارة اسرائيل التي لم يزرها حتى الان بينما زار في بداية دورته الرئاسية الاولى تركيا ومصر وقد استحق عليه تأدية واجب الاحترام للحليف الأثمن والأعز، ومن هناك سيكيل الرئيس التهديدات لإيران اولا ويقدم ضمانات جديدة لتل ابيب بأن هذه الادارة لا تقل التزاما عن اية ادارة أخرى تجاه أمن اسرائيل, كما سيقدم ايضا ضمانات قوية فيما يخص التهديد القادم من سوريا بعد سقوط النظام وبالاخص تهديد الاسلحة الكيماوية، فما تسعى اليه اسرائيل في هذه المرحلة عدم اسقاط نظام الاسد بل تركه منهكا مع الحرص على عدم وصول المعارضين لوجودها الى السلطة في دمشق.
السبب الثاني للزيارة هو ان اوباما - كما تهكمت بعض الصحافة الاميركية-يأتي سائحا لانه ما من عمل له جدي في الولايات المتحدة، فمشاكل الموازنة وتراجع الاقتصاد الاميركي ليست من اختصاصة وانما من اختصاص الخبراء الاقتصاديين كذلك هي حال بقية المشاكل الداخلية، ومن وجهة المعلقين الساخرين في بعض محطات التلفزة فأن الرئيس يحتاج الى اجازة طويلة في موسم بطالته.
سبب ثالث سمعته من احد خبراء الشؤون الاميركية في الجامعة الاردنية حيث يعتقد ان الرئيس اوباما سيترك ثغرة يستغلها خصومه لو قطع آلاف الكيلومترات لزيارة اسرائيل فقط، وانه سيشعر بحرج سياسي اذا لم يجعل من زيارته حدثا مهما وأكبر من مجرد التودد لاسرائيل، فالتودد ممكن من واشنطن او نيويورك ولا حاجة لقطع المحيط من أجله، وما فكر به الرئيس او المستشارين في البيت الابيض نيابة عنه هو اضافة المزيد من الملفات الى جدول الزيارة حتى لا تكون قضية الملف النووي الايراني هي القضية الوحيدة التي سيتعامل معها اوباما خلال زيارته، ويريد الرئيس ان يقول للأميركيين انه يحمل هموم العالم وعليه كان لا بد من توسعة دائرة الزيارة لتشمل الاردن وفلسطين ايضا لكنه في هاتين المحطتين سيسمع أكثر كثيرا مما سيقول.
بعد زيارة أوباما نسأل الله السلامة !
طاهر العدوان عن الرأي الأردنية
منذ عهد الرئيس الأميركي آيزنهاور الذي اجبر إسرائيل على سحب قواتها من سيناء وغزة بعد ان احتلتهما في عدوان ١٩٥٦ على مصر لم تتغير القناعة عند العرب بأن من يجلس في البيت الأبيض هو الذي يستطيع ان يصنع الحرب أو السلام بين العرب والإسرائيليين. هذه القناعة تعززت في عهود الرؤساء نيكسون ( الفصل بين القوات في سيناء والجولان بعد حرب ٧٣ ) وكارتر ( كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ) وبوش الأب ( مؤتمر السلام في مدريد ) وكلينتون ( أوسلو ووادي عربة ).
دور الرؤساء الأميركيين هذا تغير بشكل انقلابي في عهد الرئيس بوش الابن الذي لبس دروع الحرب في الشرق الأوسط ولم تقتصر حروبه على العراق وأفغانستان فقط إنما أعطى الضوء الأخضر لشارون في لقائهما في البيت الأبيض عام ٢٠٠٢ لخوض حرب بالوكالة ضد الشعب الفلسطيني بعد ان وصف المقاومة بالإرهاب.
لم يستوعب النظام العربي هذا التغيير وظل الجميع بمن فيهم الفلسطينيون متمسكين بحكاية ان رؤساء أميركا سيجلبون لهم الدولة الفلسطينية والجولان على طبق من ذهب. وعندما اصبح أوباما رئيساً وجدوا في نفوره من الحروب وفي خطابه الشهير الذي ألقاه في جامعة القاهرة في بداية ولايته الأولى ذريعة لاستمرار الاعتماد الكلي على البيت الأبيض في حل القضية الفلسطينية، لكن أوباما ( انكسرت عصاته في اول غزواته ) أمام صلافة وصلابة نتنياهو وأصدقاء إسرائيل في الكونغرس ليثبت بانه ليس بايزنهاور ولا كارتر وكلينتون إنما الرئيس الذي ينصاع لضغوط إسرائيل ويبدد الفرصة بعد الأخرى من اجل حل الدولتين.
لم يظهر أوباما قويا إلا في كل ما يدعم الاستيطان في المحصلة ( تحت شعار حماية أمنها). استيطان تمدد في عهده ليتحول إلى سرطان يلتهم الأرض التي هي أساس حل الدولتين بينما لم يعد الحديث عن عملية السلام إلا نكتة. ورجل هذا هو سجل سياساته لا يمكن توقع حدوث أي جديد في زيارته لتل أبيب ورام الله. على العكس تزداد المخاوف من ان تكون الزيارة مناسبة لمنح نتنياهو وعصابة اليمين الحاكم شهادة زور بانهم طلاب سلام وبأنهم مستعدون للمضي في مفاوضات سلام مع الفلسطينيين لكن المشكلة في حماس وعباس !
أما الخوف الآخر، فهو ان تكون زيارة أوباما من اجل حشد العرب خلف خطة إسرائيلية أميركية لضرب ايران وتوسيع دوائر الحرب والأزمات بالمنطقة.
فلقد أصبحت اللعبة الأميركية واضحة بالشرق الأوسط إذ ترتفع نبرة الحديث في واشنطن وتل أبيب عن استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين كلما كانت هناك خطط لحرب جديدة.
فهل الهدف الأخير لجولة أوباما منع إسرائيل من ضرب ايران بتقديم تعهد جديد لها بعدم الضغط على مشاريعها الاستيطانية؟ أم اننا امام فصول مسرحية ( سلام ) جديدة يلعب فيها نتنياهو دور الحريص على تحريك المفاوضات مع الفلسطينيين وذلك لحشد العرب خلف خطة هجوم على مفاعلات ايران أو غيرها ؟
في كلتا الحالتين لا احد يرجو خيرا من زيارة أوباما ويبقى ان نسأل الله السلامة مما يخبئون.
هل القضية الفلسطينية قضية سلام أم قضية حقوق؟
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان) عن القدس العربي
قرأت مقالة جيدة كتبها البروفسور عبد الستار قاسم تساءل فيها عن قضية فلسطين، هل هي قضية فلسطينية أم قضية إسرائيلية ؟
يقول البروفسور قاسم إذا نظرنا إلى الموقف العالمي وجدنا أن كثيرا من الدول تتوجه نحو مواقف حماس وليس تجاه مواقف الكيان الصهيوني الغاصب. وتركز هذه الدول على ضرورة أن تعترف حماس بدولة إسرائيل بوضعها الحالي دون ذكر لمآسي وأحزان الشعب الفلسطيني، وتبدو حماس في مثل هذه المواقف وكأنها هي المعتدية وليس الكيان الصهيوني.
البروفسور قاسم يرى أن الفكر السائد في الولايات المتحدة يحاول أن يوضح للرأي العام العالمي أن إسرائيل دولة متحضرة وناضجة وهي تواجه شعبا متخلفا يفجر أبناؤه أنفٍسهم وسط المدنيين الإسرائيليين بأساليب وحشية، ولا يحاول هذا الفكر أن يصور الظروف المأسوية التي يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون الذين شردوا من أرضهم بسبب قسوة الهمجية الإسرائيلية ومساندة العالم الغربي لها.
وإذا نظرنا إلى موقف العالم العربي اليوم من القضية الفلسطينية وجدناه قد تحول مئة وثمانين درجة، إذ بعد أن كانت الدول العربية ترفع شعارات التحرير واستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة، أصبح الشعار المرفوع في الوقت الحاضر هو شعار السلام وليس شعار الحقوق، وحتى بالنسبة للسلام فإن المجتمع الدولي يحمل الفلسطينيين مسؤولية فشل المباحثات المستمرة دون أن يتعرض للمواقف الإسرائيلية. وهو يأخذ بوجهة النظر الإسرائيلية بصورة كاملة كما هو الشأن في المقالة التي كتبها 'يوسف كوبرواسير' و'شالوم ليبنر' يتساءلان فيها لماذا لا يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة يهودية ؟
يقول الكاتبان مضى عقدان لمباحثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ولم تحقق هذه المباحثات نتيجة لأن الفلسطينيين لا يريدون الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية .
ويقول الكاتبان إن اتفاقات 'كامب ديفيد' التي وقعت عام ألف وتسعمئة وثلاثة وتسعين نصت على أن يعترف الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي ببعضهما بعضا، وأن يحلا المشاكل العالقة بينهما مثل تقسيم القدس وعودة لاجئي ثمانية وأربعين بالطرق السلمية لكن شيئا من ذلك لم يتحقق، وذلك بسبب رفض الفلسطينيين الاعتراف بالدولة اليهودية دون أن يتساءل الكاتبان عن المقابل الذي يجده الفلسطينيون نظير هذا الاعتراف وهم يرون الإسرائيليين مستمرين في إقامة المستوطنات في الأراضي التي احتلوها في عام 1967 دون الاعتراف للفلسطينيين بأي حق مشروع في العودة إلى بلادهم، وكل ما يطلبه الإسرائيليون من الفلسطينيين هو الاستمرار في مباحثات لا جدوى منها ولا تحقق فوائد ظاهرة للشعب الفلسطيني. والشيء الذي لا يفهمه الإسرائيليون حتى الآن هو البعد الإنساني للقضية الفلسطينية، وهو البعد الذي لمسه الدكتور 'محسن صالح ' في كتابه القيم بعنوان ' الحقائق الأربعون عن القضية الفلسطينية '، الذي يرى فيه أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وهي تمثل صرخة المظلوم في وجه أدعياء حقوق الإنسان، وفي الوقت الذي تعلو فيه أًصوات المطالبين بحقوق الحيوان في العالم الغربي فإن هؤلاء يتجاهلون - في الوقت ذاته - حقوق أكثر من ستة ملايين لاجىء مشردين في العراء بينما يرعون حقوق لاجئين إسرائيليين يأتون من أقصى اصقاع الأرص زاعمين أن أرض فلسطين كانت لهم قبل أكثر من أربعة ألاف عام. ويرى الدكتور 'صالح' أن الحركة الصهيونية التي تقف وراء الكيان الإسرائيلي حركة ظالمة، وهي تمثل آخر رموز الاستعمار التقليدي وستصاب بالفشل عاجلا أم آجلا.
ولا يعني ما ذهب إليه منتقدو العالم الغربي أنه لا توجد أصوات في هذا العالم تدافع عن الحقوق الفلسطينية لأنه قد ظهرت كثير من المنظمات الإنسانية والسياسية العالمية تتعاطف مع القضية الفلسطينية وتستنكر المعاملة المتوحشة التي يقابل بها الإسرائيليون المطالب الفلسطينية.
ويقودنا ذلك إلى التساؤل بصورة دقيقة عن المقصود بمباحثات السلام التي تشكو إسرائيل بأنها لا تسير في طريقها الصحيح بسبب وجود منظمات فلسطينية ترفض فكرة السلام من أساسها، والسؤال المهم هو السلام من أجل من ؟ هل هو من أجل الفلسطينيين أم من أجل الإسرائيليين؟ فإذا افترضنا أن السلام من أجل الفلسطينيين فإن ذلك يعني اعترافا رسميا من الإسرائيليين بأنهم يعتدون على الفلسطينيين، وإذا كان من جانب الفلسطينيين فإن ذلك يعني أن يتخلى الفلسطينيون عن حقوقهم من أجل توفير الأمن للإسرائيليين، وباختصار شديد فإن مجرد تسمية المباحثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بأنها مباحثات سلام هو خطأ كبير، لأن ما يبحث عنه الفلسطينيون هو الحقوق، أما ما يبحث عنه الإسرائيليون فهو السلام الذي يريحهم من المطالب الفلسطينية، وهنا لا بد أن نؤكد أن ترك العالم العربي الفلسطينيين يقفون وحدهم في هذا المعترك هو خطأ استراتيجي كبير ولن يؤدي إلى حل لهذه القضية المعقدة كما لن يريح الدول العربية من مسؤولياتها الحقيقية عاجلا أم آجلا، لأن القضية الفلسطينية لا بد أن تحل وبدون حلها فلن يتحقق سلام من أي نوع، إذ كيف لإسرائيل أن تعتقد أنها يمكن أن تعيش في سلام بينما ملايين الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين يعيشون في حالة تشرد، إنه خطأ استراتيجي في الفهم وهذا الخطأ لن تحله القوة العسكرية أو الأسلحة النووية التي ستكون إسرائيل ضمن المتضررين منها إذا ما استخدمت في هذه المنطقة، وهنا لا بد أن ندعو الدول العربية مجتمعة للعودة لتحمل مسؤوليتها بالنسبة للقضية الفلسطينية كما كان شأنها في الماضي لأنه لا يعقل أن تقف أمة كبيرة يساندها ربع سكان العالم من المسلمين مكتوفة الأيدي وغير قادرة على تقديم العون للفلسطينيين، ولعل أول بند من بنود العون هو أن تقنع الدول العربية إسرائيل والمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية هي قضية حقوق وليس قصية سلام، ومتى تحققت هذه الحقوق سيتحقق السلام بصورة تلقائية وفق معطيات الواقع العملي الذي يعيش فيه الفلسطينيون وتعيش فيه المنطقة كلها، وهو واقع غير عصي على الفهم ولا تقبل فيه التنازلات غير المبررة، وهنا يجب أن تدرك إسرائيل أن الفلسطينيين المشردين في أصقاع الأرض هجروا من أرضهم فلسطين، وأن الفلسطينيين الذين يعيشون في وطنهم حياة اللجوء يحتاجون أيضا للحياة بصورة كريمة، وبدون أن تتحقق هذه الحياة فلن يجدى الحديث عن السلام.
اوباما والتحديان الايراني والسوري
رأي القدس العربي
لا نعتقد ان الرئيس الامريكي باراك اوباما يزور المنطقة من اجل السياحة والاستمتاع برؤية كنائس بيت لحم والقدس او معجزة البتراء في الاردن، فالرجل الذي خبر المنطقة العربية منذ ان كان طالبا ومحاضرا في جامعات شيكاغو وهارفرد وكولومبيا لا يمكن ان يقتصر في زيارته هذه على دور المستمع.
ان يعلن البيت الابيض ان الرئيس اوباما لا يملك خطة للسلام وانهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي، فهذا صحيح ولا يحتاج الى تأكيد رسمي، فعملية السلام التي قادتها الولايات المتحدة على مدى العشرين عاما الماضية ماتت وشبعت موتا ومعها حل الدولتين واتفاقات اوسلو سيئة الذكر.
اوباما يحط الرحال في المنطقة من اجل ان ينفي عن نفسه تهمة معاداة اسرائيل، وتأكيد صداقته لليهود بشكل عام والامريكيين منهم بشكل خاص، وللرد على اتهامات نتنياهو له في هذا الخصوص في محاولة لارهابه ودفعه للتخلي عن مطالبه بتجميد الاستيطان، فالرئيس اوباما، وبشهادة شمعون بيريز رئيس الدولة العبرية، قدم لاسرائيل اسلحة نوعية متطورة ومساعدات عسكرية اخرى ما لم يقدمه اي رئيس امريكي آخر.
القضية الفلسطينية تتراجع بشكل متسارع على سلم اولويات الرئيس الامريكي الزائر للمنطقة، فالرجل مسكون حاليا بقضيتين أخريين، الاولى: هي كيفية التعاطي مع الازمة السورية الملتهبة، والثانية وضع خطط مع حليفه الاسرائيلي لمنع ايران من الوصول، وليس فقط امتلاك، اسلحة نووية.
بالنسبة الى القضية الاولى، اي الازمة السورية، بات واضحا ان الرئيس اوباما يدرس خياراته بعناية، وان كان يفضل ان لا يتورط في اي حرب في منطقة الشرق الاوسط، وهذا ما يفسر موافقة ادارته على خطط فرنسا وبريطانيا لتسليح المعارضة السورية باسلحة حديثة نوعية يمكن ان تمكن الجيش السوري الحر من كسر حالة الجمود الحالية، وتثبيت وجوده على الارض، واضعاف موقف النظام التفاوضي.
الرئيس اوباما مهتم بالدرجة الاولى بالاسلحة الكيماوية السورية، وكيفية الحيلولة دون وقوعها في ايدي الجماعات الجهادية المتطرفة، واستخدامها ضد اسرائيل. فهو لا يريد ان يتكرر السيناريو الليبي، اي تتحول سورية الى دولة فاشلة، وتشكل منطقة جذب للمتشددين المسلمين من مختلف انحاء العالم، وتتحول الى قاعدة لمحاربة اسرائيل.
الرئيس الاسرائيلي بيريز قال امس في حديث لمحطة 'سي ان ان' الامريكية ان اوباما ملتزم بتعهده بمنع ايران من امتلاك اسلحة نووية، والخلاف بينه وبين اسرائيل يتمحور حول توقيت الهجوم العسكري.
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي تعامل مع اوباما بصلف وغرور طوال فترة ولايته الاولى، وجد نفسه في موقف حرج وهو يستقبل ضيفه الامريكي الذي سدد له ضربة قاضية قبل الانتخابات الاسرائيلية عندما وصفه اي نتنياهو بانه جبان ويشكل عبئا على الشعب الاسرائيلي. نتنياهو ارتكب حماقة عندما وضع بيضه في سلة المرشح الجمهوري ميت رومني نكاية باوباما، وها هو يدفع ثمنا باهظا في المقابل.
الحلقة الاضعف في جولة اوباما هي السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، فاللقاء معه يأتي نوعا من المجاملة والتقاط الصور لا اكثر ولا اقل، فلن يكون لدى الرئيس الامريكي اي صدر رحب للاستماع الى الشكاوى من الاستيطان وحكومة نتنياهو اليمينية التي تلوح بزيادة كبيرة في حجم الاستيطان.
من الصعب اصدار احكام جازمة حول هذه الجولة ونتائجها، لكن ما يمكن استخلاصه هو انها جولة يمكن ان تكون للاعداد لحرب، سواء ضد ايران او لاسقاط النظام السوري، او الاثنين معا.
الفلسطينيون ارتكبوا خطأ كبيرا عندما تحلوا بالهدوء، واوقفوا كل اشكال المقاومة المدنية لمنع التشويش على زيارة اوباما، فالهدوء هو اسوأ محام عن قضيتهم العادلة.
تحذير للأسد .. وتفاهم غامض بشأن إيران
أوبــامــا فـي إســـرائـيــل: زيـــارة واجـــب
حلمي موسى عن السفير
قام الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، بأول زيارة له كرئيس إلى اسرائيل. وقد تم الاتفاق على إتمام هذه الزيارة في ظروف غامضة عندما لم يكن واضحاً البتة كيف سيكون شكل الحكومة الإسرائيلية، وهل ستكون أصلاً أم ستعاد الانتخابات التشريعية. فالزيارة كانت في أساسها غير موجهة نحو الحكومة الإسرائيلية أياً كان رئيسها، وإنما نحو إسرائيل كدولة وربما كشعب، وبين السطور نحو يهود أميركا.
والواقع أن حكومة إسرائيل تعاطت مع الزيارة على هذا الأساس، وبالتالي لم تر فيها ما يوجب تقديم مقابل بل إنها في الجوهر اعتبرتها واجباً على الرئيس الأميركي، وليست منّة منه. ومن الجائز أنها تعمدت رش الملح على جرح العلاقات مع إدارة أوباما بدعوتها ليس فقط الوزراء المستوطنين، وإنما كذلك رؤساء المستوطنين، لحضور حفل استقبال الرئيس الذي خاصم الحكومة الإسرائيلية أصلاً بسبب الاستيطان.
ومع ذلك لا يمكن لأحد ألا يقرأ الزيارة من جهة سياسية على الأقل، وذلك بسبب العلاقات الخاصة بين الدولتين، فضلاً عن التعقيدات الكامنة فيها لجهة الحرب والسلام وأثرهما على المصالح الأميركية في المنطقة. وبديهي أن أبرز ما يظهر على شاشة العلاقات في هذه الآونة هو الوضع الأمني في سوريا والمشروع النووي الإيراني من جهة، واستئناف المفاوضات من جهة ثانية.
ولا يمكن تجاهل واقع أن البعد الداخلي الأميركي ليس هامشياً في العلاقة الأميركية الإسرائيلية بفضل مكانة اللوبي الصهيوني والجالية اليهودية، ولكنه ليس البعد النهائي والمقرر. فأميركا تنظر إلى إسرائيل بوصفها حاملة الطائرات الأقل تكلفة لديها في العالم، وذلك برغم التكلفة الكبيرة التي تتجسد في تخصيص ما لا يقل عن 60 في المئة من المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.
وقد شدّد الرئيس الأميركي والمقربون منه على عدم توفر نية لعرض أي خطة لتحريك العملية السياسية قريباً. وهناك من يؤكد، برغم ذلك، أنه في وارد عرض خطة ولكن بعد بضعة أشهر. بل إن البعض اعتبر الزيارة نوعاً من الديبلوماسية العامة التي يحاول أن يقفز من خلالها على الحكومة الإسرائيلية ليخاطب الجمهور الإسرائيلي ويهود أميركا. وهو لهذا السبب يظهر التزامه بأمن إسرائيل وازدهارها، وأنه يتطلع لترسيخ ذلك عبر توجيهها نحو السلام مع جيرانها. ويؤكد أوباما وكبار مستشاريه على أن الواقع الإقليمي تغيّر، وأن الأمر لم يعد كما كان ولم يعد بالوسع الركون إلى موقف الزعماء، بل هناك حاجة لإقناع الجماهير العربية.
ويعرف نتنياهو أن العلاقة بين حكومته والإدارة الأميركية تقوم على توازن بين البعدين الداخلي والخارجي الأميركيين. وفي الداخل الإسرائيلي، وبرغم القناعة التامة لدى الغالبية الساحقة من الجمهور والخبراء بأن العلاقة مع واشنطن هي بين أبرز ركائز الأمن القومي للدولة العبرية، فإن الضغوط على نتنياهو للتجاوب مع المصالح الأميركية محدودة. وشكلت هذه المسألة نقطة قوة مركزية بيد نتنياهو في مواجهة أوباما، الذي عانى من ضغوط متنوعة في العلاقة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية وسياسة دولته.
وليس صدفة أن أوباما أرسل وزير خارجيته جون كيري، إلى إسرائيل قبله، وهو سيبقى فيها بعده، والهدف ليس جس النبض الإسرائيلي، وإنما لاستكشاف فرص تحول دون صدامات جديدة مع حكومة إسرائيل. وهناك قناعة متزايدة لدى الأميركيين بأن فرص تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين ضئيلة، وأن الصدام مع حكومة نتنياهو غير مجدٍ. ولذلك، وبرغم الحديث عن تحريك العملية السياسية، فإن هذا التحريك لم يعد مصمّماً لتحقيق اختراق والتوصل إلى تسوية بقدر ما يهدف لمنع انفجار. وعملياً بات الهدف الأساسي للفعل الديبلوماسي الأميركي، صيانة العملية السياسية ومنع انهيارها عبر السعي لمنع الحلول من طرف واحد.
وبديهي أن الحلول من طرف واحد، من وجهة نظر أميركية، هي فرض الوقائع الاستيطانية من جانب إسرائيل على الأرض، الأمر الذي يقضي فعلياً على حل الدولتين، وتوجه السلطة الفلسطينية لإعلان نفسها دولة على أساس الشرعية الدولية ومن دون موافقة إسرائيل. وترمي الديبلوماسية الأميركية لمنع هذه الحلول عبر إقناع إسرائيل بعدم التمادي في إظهار نشاطات استيطانية من جهة، والتقرب من السلطة الفلسطينية عبر تحريك بعض المبادرات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي المخففة الاحتقان من جهة ثانية. وفي المقابل تحاول الإدارة الأميركية إقناع السلطة الفلسطينية بعدم إثارة إسرائيل في المحافل الدولية، والاكتفاء بخطوات تدريجية اقتصادية وأمنية وعدم التطلع لصدام سياسي مع إسرائيل.
وباختصار فإن السياسة الأميركية حالياً تقوم على مبدأ إدارة الأزمة واحتوائها وليس الأمل في تحقيق اختراقات.
وإلى جانب ذلك تحاول الإدارة الأميركية إحراز أعلى درجة من التوافق مع إسرائيل في الشؤون الإقليمية الأخرى. فهي تريد توحيداً للموقف مما يجري في سوريا ومصر ولبنان وكذلك بشأن إيران. وتولي إسرائيل أولوية كبيرة للموقف من المشروع النووي الإيراني. وبحسب التقديرات فإن الشأن الإقليمي هو الشأن القابل للمداولة في زيارة أوباما. ويعتقد البعض بأن نتنياهو يريد معرفة الهامش الممنوح لإسرائيل في الموقف من إيران والوضع الإقليمي. كما يرى آخرون في المقابل أن هدف زيارة أوباما الفعلي تجاه نتنياهو، عدا هدفه تجاه الجمهور، هو وضع الخطوط الحمراء النهائية لنتنياهو في المجال الإقليمي.
ومع ذلك هناك من يعتقد أن زيارة أوباما ليست أكثر من سياحة وأنها لا تحمل الكثير من المعاني ولن تكون لها إنجازات.
أوباما في إسرائيل
وفي كلمته فور وصوله إلى مطار «بن غوريون» في تل أبيب، أكد أوباما أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل «أبدي»، مشدداً على أن «السلام يجب أن يأتي إلى الأراضي المقدسة... لن نفقد الأمل برؤية إسرائيل في سلام مع جيرانها». وأكد أنه «من مصالح أمننا القومي الرئيسية الوقوف مع إسرائيل. فإن ذلك يجعل كل منا أقوى».
وبعد لقاء استمر ساعتين، خرج أوباما ونتنياهو إلى مؤتمرهما الصحافي ليؤكدا التزامهما بالسلام، وبمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.
وأكد نتنياهو أن إسرائيل ما زالت ملتزمة بحلّ للنزاع مع الفلسطينيين يتضمّن دولتين لشعبين. وقال إنه يأمل في أن تساعد زيارة أوباما في فتح صفحة جديدة في علاقات إسرائيل مع الفلسطينيين.
وعن إيران، أكد أوباما أن الولايات المتحدة «ستفعل ما هو ضروري» لمنع طهران من حيازة السلاح النووي. وقال «إننا نحاول منع إيران من امتلاك هذا السلاح بالوسائل الديبلوماسية»، موضحاً أن «المجتمع الدولي سيستمر بالضغط عليها لمنعها من الحصول على هذه الأسلحة». والأهم من ذلك كله، أنه قال إنه لا يوجد قرار أهم بالنسبة لأي زعيم من القرار «المرعب» بإصدار الأمر بتنفيذ عمل عسكري، مضيفاً «لا أدري إن كانوا سيقومون بتلك الخطة»، مضيفاً إنه لا يتوقع أن يعود الإسرائيليون إلى واشنطن بشأن المسألة الإيرانية.
أما نتنياهو، فقال إن إسرائيل «لا يمكن أن تتخلى عن حق الدفاع عن نفسها حتى لأقرب حلفائها»، ولكنه أكد أنه مقتنع بأن أوباما لن يسمح لإيران بتطوير سلاح نووي.
ولم تغب سوريا عن المحادثات، حيث قال أوباما إن «الأسد يجب أن يرحل وسيرحل»، مؤكداً أن بلاده «دعمت المعارضة السورية واعترفت بها وعملت مع الدول الأخرى من أجل عملية انتقال سياسي». ولفت إلى أن «الأمر ليس سهلاً بسبب وجود حرب طائفية وعدم تنظيم المعارضة لصفوفها»، مشدداً على أن «الأسد سيتحمّل مسؤولية نقل الأسلحة الكيميائية إلى الجماعات الإرهابية... إننا نعتزم التحقيق بشكل معمّق في سوريا بشأن استخدام هذه الأسلحة». وأضاف «أنا أشك في شكل كبير بشأن استخدام المعارضة السورية لهذا النوع من الأسلحة... ونشاطر إسرائيل قلقها من نقل الأسد الأسلحة الكيميائية إلى الإرهابيين مثل حزب الله».
ووفقاً للرئيس الأميركي، فإن إسرائيل والولايات المتحدة «ستبدآن المحادثات» لتمديد صفقة المساعدات العسكرية للدولة العبرية لما بعد العام 2017، حيث تم الاتفاق على «زيادة المساعدات العســـكرية لإسرائيل بقيمة 200 مليون دولار لتقوية نظام القبة الحديدية».
ومن الأحداث التي لفتت الإعلام، أن سيارة الليموزين الخاصة بأوباما تعطّلت قبل وصوله، ويعود ذلك بحسب بعض التقارير إلى أنه تمّت تعبئتها بالسولار بدلاً من البنزين. وقال متحدث باسم جهاز الخدمة السرية الأميركي إن إحدى سيارات موكب الرئيس المصفحة تعطلت، لكنها لم تؤثر على قدرته على التحرك في القدس. وأضاف «هذا يفسر لماذا نصطحب سيارات عدة بالإضافة إلى فني (إصلاح سيارات) في كل الرحلات».
جولة أوباما... لسلام مؤجل
جيمس زغبي عن السفير
منذ أسابيع قليلة، افترضت أن التركيز الرئيسي لرحلة أوباما المقبلة إلى الشرق الأوسط، لن يكون موضوع السلام الإسرائيلي - الفلسطيني. وما حدث هو انني، واستنادا إلى مؤشرات مستمدة من رحلة وزير الخارجية «جون كيري» التي انتهت مؤخراً، وعلى الطريقة التي كان البيت الأبيض يقلل من شأن التوقعات المتعلقة بتحقيق أي تقدم في مسألة إعادة استئناف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية، ظننت في ذلك الوقت أن الرئيس سيركز في رحلته - إلى حد كبير - على التحديات التي يمثلها البرنامج النووي الإيراني، وعلى الأزمتين السياسية والإنسانية الناتجتين من الصراع الذي يزداد تفاقماً باستمرار في سوريا.
ولكن بعد اجتماع مدته ساعة مع أوباما، وفريقه للأمن القومي، متبوعاً بعد ذلك بأيام قليلة بإيجاز صحافي مفصل عن خط سير رحلة الرئيس، قدمه نائب مستشاره للأمن القومي، أدركت بوضوح أنني كنت مخطئاً في ما كنت أظن.
ففي بداية هذا الأسبوع، كنت جزءاً من مجموعة من القيادات العربية الأميركية التي التقت أوباما وكبار مستشاريه لمناقشة زيارته المزمعة لإسرائيل وفلسطين والأردن.
وعقب تلك المناقشة، أصدر البيت الأبيض بياناً كان من ضمن ما قاله فيه إن الرئيس «يدرك أن الرحلة تمثل فرصة بالنسبة له كي يظهر مدى التزام الولايات المتحدة بدعم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والتزامه بالشراكة مع السلطة الفلسطينية، وهي تواصل بناء المؤسسات التي ستكون ضرورية لبناء دولة فلسطينية مستقلة حقاً».
وكانت مناقشتنا مع الرئيس مفيدة على مستويات عدة، خصوصاً ذلك المتعلق باهتمامه بسماع أفكارنا حول الكيفية التي يمكن بها جعل الزيارة مثمرة، وذات معنى، قدر الإمكان. وقد قمنا بدورنا بتقديم حزمة من الاقتراحات تشمل الحاجة للتواصل مباشرة مع الشعب الفلسطيني: أي بمجتمع الأعمال الذي يكافح من أجل توفير وظائف، والشباب المحتاج للأمل، والمسيحيين القلقين على مستقبلهم في الأراضي المقدسة، والنساء الساعيات للتمكين، وأولئك الملتزمين بالنهج غير العنيف في تحدي الاحتلال.
وأكدنا على نقطة أن الرئيس مثلما ينوي في إسرائيل الحديث مباشرة لأفراد الشعب الإسرائيلي موضحاً لهم أنه يفهم تاريخهم، والتزامه بأمنهم، فإنه سيكون من الأهمية بمكان أيضاً أن يعمل على خلق الفرص لتوجيه ملاحظاته للفلسطينيين العاديين. والشيء الذي وجدناه واعداً في هذا السياق هو ذلك البيان الذي صدر عقب الاجتماع من قبل البيت الأبيض، واحتوى على تفاصيل الجدول النهائي للرحلة.
وكما تم التوضيح في مناسبات عديدة من قبل مسؤولي إدارة أوباما، فإن الرئيس لن يستخدم زيارته لتقديم خطة تتعلق باستئناف المفاوضات مباشرة، وهو ما يرجع لعدم توافر الشروط اللازمة لتقديم مبادرة صنع سلام مثمرة. فالحكومة الإسرائيلية المشكّلة حديثاً تميل بشكل مبالغ فيه لليمين، كما أن البيت الفلسطيني ما زال في حالة من الاضطراب، بسبب استمرار تعثر ملف التسوية بين «فتح» و«حماس».
وبناء على ذلك، فإن أفضل ما يمكن للرئيس القيام به في المدى القريب، هو محاولة الحديث مباشرة للشعبين مع العمل على تأكيد تعهداته لهما، بمستقبل سلمي، في إطار جهد لتغيير الخطاب السائد في المجتمعين سوياً، بعيداً من الارتياب المتبادل والآراء المتطرفة التي جعلت التقدم نحو السلام مسألة غاية في الصعوبة.
وإذا ما نظرنا إلى الزيارة من هذا المنظور، فإننا سندرك أن كل جانب من جوانبها، سيتضمن رسائل موجهة للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. ومن أجل توصيل تلك الرسائل، فإنه سيكون بحاجة إلى اكتساب ثقتهما معاً، وإظهار أنه يفهم تاريخهما، وحقائق واقعهما الحالي، كما سيكون بحاجة أيضاً للانخراط مع قيادتيهما.
ولا شك أن أوباما سيناقش كذلك موضوعَي إيران و«الربيع العربي» في كل من إسرائيل والأردن. وأثناء وجوده في الأردن، سيكون راغباً حتماً في دعم التغييرات التي تتم حالياً في ذلك البلد، وتشجيعه على المضي قدماً في طريق التجديد، كما سيركز على تأثير الأزمة الإنسانية السورية التي شهدت تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على الأردن وهو ما يمثل اختباراً جدياً لموارده.
ومن التداعيات الأخرى للحرب في سوريا، والاضطراب الذي ساد الشرق الأوسط خلال العقد الأخير ذلك الخاص بالانكشاف المتزايد لمسيحيي المنطقة. وفي بادرة مفاجئة، أضاف البيت الأبيض بنداً إضافياً يشمل التوقف في مدينة بيت لحم بين زيارة الرئيس لإسرائيل، وزيارته للأردن.
وفي تلك المدينة العتيقة سيزور الرئيس كنيسة المهد، حيث سيتاح له التأمل في موضوع الوجود المسيحي على امتداد ألفي سنة، ليس في هذه المدينة المقدسة فحسب، وإنما أيضاً في دول أخرى مثل مصر، ولبنان، وسوريا، والأردن، والعراق.
ومن المهم ملاحظة أن فريق أوباما أثناء زيارته لبيت لحم، سيكون قادراً على أن يرى بشكل مباشر تأثير الاحتلال في معالم الحياة اليومية للفلسطينيين ومن أهمها الجدار العازل الذي يبلغ ارتفاعه 30 قدماً، والذي يلتف حول المدينة الصغيرة ويفصلها عن القدس، ومستوطنة «هارهوما».
وفي حين يشير الإسرائيليون إلى تلك المستوطنة على أنها من أحياء القدس، إلا أن الحقيقة هي أنها مبنية على أرض مقتطعة إلى حد كبير من بيت لحم. ومما سيتم تذكره أثناء الزيارة، أن الرئيس الأسبق بيل كلينتون أثناء زيارته للأراضي المقدسة في أواخر تسعينيات القرن الماضي، رفض بقوة خطط نتنياهو الذي كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت، لبناء مستوطنة «هارهوما» على تل أخضر من تلال جبل أبوغنيم. وفي ذلك الوقت تحدى نتنياهو الولايات المتحدة، ومضى قدماً في تنفيذ خططه.
وفي الوقت الراهن اختفت المساحة الخضراء، وحلت محلها مستوطنة تضم 15 ألف إسرائيلي (مع خطط توسع لتوطين عدة آلاف إضافيين) وهذه المستوطنة مثلها في ذلك مثل الجدار العازل تفصل بيت لحم عن القدس.
وستكون هذه الزيارة هي الزيارة الأولى في فترة ولاية أوباما الثانية. وفي حين أنه لن يطرح خطة سلام فإن كل المؤشرات تدل على أنه سيظل ملتزماً بالسلام الإسرائيلي الفلسطيني. وهذه الزيارة مصممة كي تكون بداية لعملية تواصل مع الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني (ومع اليهود الأميركيين والعرب الأميركيين) في محاولة لكسب دعم جديد لجهود صنع السلام التي ستلي ذلك.
أوباما والكابوس السوري
هشام ملحم عن النهار اللبنانية
حتى قبل التقارير والشكوك المتزايدة في شأن "الاحتمال العالي" كما قال رؤساء لجان الاستخبارات في الكونغرس الأميركي لاستخدام الجيش السوري الاسلحة الكيميائية، تتزايد الضغوط على الرئيس باراك اوباما ليقود الجهود الاقليمية والدولية من أجل التعجيل في اسقاط نظام بشار الاسد من طريق تسليح المعارضة السورية وتدريبها بموجب خطة سياسية – استراتيجية - اقتصادية تحضر لمرحلة ما بعد الاسد وتشمل ردع العناصر الاسلامية المتشددة وعزلها.
وتأتي الضغوط من مختلف المصادر: من الكونغرس، ومن مراكز الابحاث، ومن المعلقين، وحتى من المسؤولين العسكريين وآخرهم الاميرال جيمس ستافيريدس قائد قوات حلف شمال الأطلسي الذي قال ان تسليح المعارضة "سيساعد على كسر الجمود واسقاط نظام الاسد". لكن الرئيس اوباما لا يزال يقاوم هذه الدعوات ولا يزال يدعو "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" الى التفاوض مع ممثلين لنظام الاسد. وفي هذا السياق قالت مصادر في المعارضة السورية ان تأليف الحكومة المؤقتة ورفض رئيسها غسان هيتو التفاوض مع النظام "يهدفان الى قتل فكرة التفاوض". وتوقعت ان يؤدي هذا الموقف الى تأخر واشنطن - وهي المترددة أصلاً - في الاعتراف بالحكومة الجديدة. وللمرة الاولى اقترح السناتور الجمهوري ليندزي غراهام ارسال القوات الاميركية للسيطرة على مواقع الاسلحة الكيميائية السورية. وقبل ذلك بايام تقدم النائب الديموقراطي اليوت اينغل بمشروع قرار يهدف الى تسليح عناصر من المعارضة وتدريبها. عضوا مجلس الشيوخ بوب كيسي الديموقراطي وماركو روبيو الجمهوري اقترحا توفير مساعدات عسكرية ولكن غير قتالية للمعارضة مثل السترات الواقية واجهزة الاتصال. وابقى السناتور كيسي الباب مفتوحا في المستقبل لمعدات قتالية.السناتور الديموقراطي كارل ليفين رئيس لجنة القوات العسكرية في مجلس الشيوخ دعا اوباما الى اقامة منطقة عازلة داخل سوريا لحماية اللاجئين والى قصف الدفاعات الجوية.
وأخيراً اصدر مركز برنت سكوكروفت للامن الدولي التابع للمجلس الاطلسي تقريرا اكد فيه ان "وحدها القيادة الاميركية القوية" قادرة على الاشراف على الجهود الدولية لدعم المعارضة السورية عسكريا وماديا لاسقاط النظام بما في ذلك الاستخدام المحدود للقوة الجوية. وقبل ايام اصدرت مؤسسة بايكر (اسسها جيمس بايكر وادوارد دجيرجيان) تقريرا اشرف عليه دجيرجيان واوصى بتعاون اوثق مع الائتلاف السوري، ودعا واشنطن الى التعاون مع الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي لتوفير الاموال للائتلاف، كما اوصى واشنطن بان "تدرس امكان توفير المساعدات العسكرية" لبعض عناصر المعارضة، والتعاون مع شمال الأطلسي الناتو لانشاء قيادة مشتركة للعمليات الخاصة يكون مركزها تركيا للاشراف على توزيع الاسلحة والدعم اللوجستي للثوار. ودعا التقرير واشنطن الى قيادة الجهود الدولية لمساعدة الدول المتأثرة سلبا بالنزاع السوري وتحديدا الاردن ولبنان. المؤكد هو ان اوباما لم يعد محصنا ضد الكابوس السوري.
زيارة أوباما ومناخ التّفاهمات مع موسكو
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
كان الملفّ الفلسطيني أحد الملفّات الهامّة في برنامج الرئيس الأميركي باراك أوباما، فور تولّيه سدّة الرئاسة في 2009، وخصّص له آنذاك مبعوثاً خاصّاً هو السيناتور السابق جورج ميتشل. لكن الآن، وبعد مضيّ أربع سنوات على وجود أوباما في "البيت الأبيض"، نجد تراجعاً من إدارته عن شرط تجميد إسرائيل لكلّ أعمال الاستيطان، وتوقّفاً كاملاً للمفاوضات الإسرائيلية/ الفلسطينية.
فمع حضور الضغط الإسرائيلي الفاعل داخل الولايات المتحدة، تكون الإدارات (الحكومات) في أميركا أسيرة ضغوط السلطة التشريعية، وسلطة الإعلام.
والمعضلة هنا، أنّ الفرز لا يكون فقط بين "حزب ديمقراطي" حاكم و"حزب جمهوري" معارض، بل يتوزّع "التأثير الإسرائيلي" (كما هو أيضاً في قوى الضغط الأخرى) على الحزبين معاً، علماً بأنّ تعثّر "البرنامج الأوبامي" ليس سببه حصراً حجم تأثير "اللوبي الإسرائيلي"، فهناك طبعاً "مصالح أميركية عليا" ترسمها قوى النفوذ المهيمنة تاريخياً على صناعة القرار وعلى الحياة السياسية الأميركية.
لكنْ هناك اختلال كبير في ميزان "الضغوطات" على الإدارة الأميركية، لجهة حضور "الضغط الإسرائيلي" وغياب "الضغط العربي"، ممّا يسهّل الخيارات دائماً للحاكم الأميركي بأن يتجنّب الضغط على إسرائيل ويختار الضغط على الجانب العربي، والطرف الفلسطيني تحديداً، وهو الطرف المستهدف أولاً من قِبَل إسرائيل، كما أنّه "الحلقة الأضعف"!
وقد أصبحت "معادلة الضغوطات" تقوم على أنّ إسرائيل تضغط على واشنطن، فتبادر واشنطن بالضغط على الفلسطينيين والعرب. وهذا يحدث في كل مرّة يظهر فيها تحرّك أميركي جاد للتعامل مع ملفات الصراع العربي/ الإسرائيلي!
ويبدو أنّ إدارة أوباما تريد الآن تحقيق إنجازٍ سياسي في منطقة الشرق الأوسط، وتخلّت من أجل ذلك عن شرط تجميد المستوطنات، آملةً إحياء التفاوض من جديد على المسار الفلسطيني/ الإسرائيلي، لأنّه المدخل الأساس لعملية تسوية شاملة للصراع، تريدها واشنطن كجزء من ترتيب جديد للمنطقة، يعكس تفاهمات أميركية تحدث الآن مع موسكو، وتنعكس على الموقف الأميركي من إيران وسوريا، وهما دولتان لهما تأثير كبير في أوضاع العراق المنطقة، وفي مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل.
ولا يمكن تحقيق استقرار سياسي وأمني في المنطقة، مع استمرار تصاعد الأحداث الدامية في سوريا واستمرار التأزّم في العلاقات الأميركية والغربية مع إيران.
كما لا يمكن تحقيق التسوية الشاملة مع إسرائيل من دون الجبهتين السورية واللبنانية، ممّا يتطلب وضع الملفّ الفلسطيني وقضاياه الكبرى على سكّة التفاوض من جديد، إضافةً إلى ما نراه الآن من تحريك للتفاوض الدولي مع إيران، ومن سعي أميركي/ روسي مشترك لإنهاء الحرب الدامية في سوريا.
هكذا هي ملامح أهداف زيارة الرئيس أوباما للمنطقة، حيث التداخل الكبير بين كل ملفاتها وأزماتها، لكن يبقى الهدف الأساس هو تهيئة المناخ المناسب لما قد تتفق عليه القمّة الروسية/ الأميركية المرتقبة. فإدارة أوباما، في عهده الثاني، تدرك أهمية أن يكون العام الجاري هو عام "الإنجازات" في السياسة الخارجية، وفي ملفات يرتبط معظمها بالتفاهمات المنشودة مع موسكو.
وهناك مؤشرات عديدة الآن تؤكّد وجود أجواء إيجابية في العلاقات الأميركية/ الروسية، آخرها إعلان وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل عن إلغاء المرحلة الأخيرة من مشروع الدرع الصاروخية الأميركي في أوروبا، والذي كانت موسكو تعترض دائماً عليه.
وتأتي زيارة أوباما للمنطقة، بينما تعاني الأوضاع العربية والفلسطينية من ضعف التأثير في القرار الأميركي وفي كل المراجع الدولية عموماً، ومن حدّة الانقسامات الداخلية العربية والفلسطينية، وغياب الرؤية العربية لمستقبل المنطقة وقضاياها المصيرية.
وهذا المزيج من سوء الأوضاع العربية والفلسطينية، لا يُبشّر بالخير من أيِّ تحرّكٍ دولي، ولا طبعاً من أي واقع حروب وأزمات، أو مشاريع تسويات. فالحروب الأهلية ساحاتها هي أرض وأوطان العرب، والتسويات الدولية غنائمها هي مقدّرات وثروات العرب.
العرب منشغلون اليوم في "جنس شياطين" حكّامهم، بينما تُخلَع أبواب أوطانهم الواحد تلو الآخر، بل إنّ أساسات بعض هذه الأوطان تتهدّم وتتفكّك لتُبنى عليها "مستوطنات" عربية جديدة، بأسماء دينية أو إثنية، كما حدث في جنوب السودان وشمال العراق، وكما يحدث بينهما وحولهما من أوطان عربية أخرى مهدّدة الآن بحروبٍ أهلية وبتفكيك كياناتها!
فالقضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة لم تعد تعني الكثير لغير الفلسطينيين من العرب، بل للأسف أصبحت أيضاً قضية "التحرّر الوطني" عموماً مسألة "فيها نظر".. فهي الآن حالة تهميش للقضية الفلسطينية، وطلب تدخّل عسكري أجنبي، ومعايير طائفية ومذهبية وإثنية، مقابل ما كانت عليه الأمّة العربية قبل أربعة عقود؛ من مركزية للقضية الفلسطينية، وأولويّة لمعارك التحرّر الوطني من المستعمر الأجنبي.
يريد أوباما نتائج إيجابية من زيارته للشرق الأوسط، لاعتباراتٍ سياسية شخصية ولمصالح أميركية، لكن يبدو أيضاً أنّ مصلحة الدولة الأميركية (بغضِّ النّظر عن الحاكم) تتطلّب الآن عملية تسوية سلمية في المنطقة، تشمل الجبهات السورية واللبنانية، وتسمح بالانتقال إلى "شرق أوسط جديد"، يسوده تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعرب، خاصّةً بعد أن جرى خلال السنتين الماضيتين إضعاف خصوم أميركا في المنطقة، وبعد التغيير الذي حصل في مصر وأدّى إلى حكم "الإخوان المسلمين" فيها بدعمٍ أميركيٍّ مشروط!
صحيح أن نتانياهو ما زال على "لاءاته" بشأن رفض الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، وإقرار حقّ العودة، وجعل القدس عاصمةً للدولة الفلسطينية المنشودة، لكن ما تقدر عليه إدارة أوباما هو تكرار ما حدث في مطلع التسعينات، من ضغوط أميركية ودولية أدّت إلى انعقاد "مؤتمر مدريد"، رغم إرادة حكومة شامير آنذاك.
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قال أكثر من مرَّة (قبل وبعد اتفاق أوسلو) إنّه يريد "بناء دولة فلسطينية ولو على شبرٍ واحد من أرض فلسطين".
وربّما يكون هذا ما ستمنحه الآن فعلاً أميركا والتفاهمات الدولية القادمة، ولن تمنعه إسرائيل! وذلك ضمن "اتفاق إطار عام" يشير إلى القضايا الكبرى في الملف الفلسطيني، دون أيّ التزام إسرائيلي محدّد بشأنها.. بحيث تتحقّق نتيجة أولية يكون فيها إرضاء للسلطة الفلسطينية وإزالة للاحتقان الموجود الآن في الشارع الفلسطيني، ومبرّرات عربية ودولية لعقد "مؤتمر دولي" جديد (قد يكون في موسكو هذه المرّة) برعاية أطراف اللجنة الرباعية، لبدء مفاوضات عربية/ إسرائيلية شاملة تستهدف توقيع معاهدات إسرائيلية مع سوريا ولبنان، وتعمل من أجل التطبيع العربي الشامل مع إسرائيل.. وربما هذا يُفسّر الكثير مما يحدث الآن على الأرض العربية!
أوباما في إسرائيل.. لا جديد
رأي الجمهورية المصرية
حطت طائرة الرئيسي الأمريكي أوباما في إسرائيل في بداية جولة بالمنطقة لا تشمل مصر. يلتقي خلالها برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي انتهي لتوه من تشكيل حكومة جديدة أبرز أهدافها استمرار إنشاء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتهويد القدس أولي القبلتين.
لا يتوقع المراقبون أن تسفر جولة أوباما عن شيء يتعلق بالقضية الفلسطينية. لب الصراع في الشرق الأوسط قبل أن ينشغل العرب بصراعاتهم الداخلية علي حساب قضاياهم الرئيسية. ويشغلون أجنداتهم. قصدا أو غفلا. بما يحقق أهداف ومصالح القوي الأجنبية التي تري في إسرائيل قلعة الحرية والديمقراطية بينما هي في الحقيقة كيان عنصري عدواني يعتمد في تنفيذ مخططاته ضد الفلسطينيين والعرب علي ما تقدمه له الولايات المتحدة الأمريكية من أموال وأسلحة بلا مقابل إلا إرهاب الشعوب العربية ومحاولة إخضاعها.
رسالة الشعب الفلسطيني لأوباما
رأي الراية القطرية
يعرف الشعب الفلسطيني أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يزور المنطقة لا يحمل في جعبته جديداً حول استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وهم لا يحملون أوهاما حول المدى الذي يمكن أن تغير فيه زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة مسار الأحداث وتحدث تغييراً في حياتهم خاصة.
الرسالة التي أراد الناشطون الفلسطينيون الذين اعتصموا على جبل البابا في منطقة العيزرية في القدس الذي تعتزم إسرائيل إقامة مشروع استيطاني عليه، ملخصها كما حملته إحدى اليافطات التي رفعوها "أوباما أنت تقف في الجانب الخطأ في التاريخ" وكفى تحيزاً ومساندة لإسرائيل".
الانحياز الأمريكي لإسرائيل ليس جديداً على الشعب الفلسطيني الذي تعود على استخدامها (حق النقض) الفيتو ضد الحقوق الفلسطينية لكن خيبة أملهم كانت كبيرة ولا شك مع الرئيس باراك أوباما الذي وعد بالأمل والتغيير فكانت النتيجة مزيداً من المستعمرات والمستوطنات ومزيداً من سياسة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني.
ما يجب أن يدركه الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقع مجدداً في وهم السلام والمفاوضات وهو يرى حكومة الاحتلال الإسرائيلي تبتلع أراضيه وتهود مقدساته وتنهي آخر أمل في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة.
المنتظر من الرئيس أوباما - الذي أكد في خطابه لدى وصوله إلى تل أبيب " أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل "أبدي" وأنه لن يكف عن الأمل برؤية "إسرائيل" في سلام مع جيرانها" ـ أن يمارس ضغطاً حقيقياً على حليفته "إسرائيل" من أجل وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل كامل وأن تلتزم بمرجعية واضحة للمفاوضات تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة في الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية.
ما يجب أن يعرفه الرئيس أوباما أن إسرائيل ماضية في ابتلاع الأراضي الفلسطينية وماضية في تطبيق سياسية الفصل العنصري وترفض الاعتراف بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وهي بذلك تهدد السلام والاستقرار في المنطقة وما يجب أن يعرفه أيضا أن القيادة الفلسطينية - التي ترفض العودة إلى طاولة المفاوضات دون قيام إسرائيل بتطبيق التزاماتها بموجب الاتفاقات السابقة خاصة المتعلقة منها بوقف الاستيطان وتهويد الأراضي الفلسطينية - لا يمكن لها تحت أي ظرف أن تتراجع عن قراراتها لأن ذلك يعني ببساطة ضياع الحقوق الفلسطينية ويعني أنها لن تجد ما تفاوض من أجل استرجاعه من دولة الاحتلال.
شهداء الكرامة.. قناديل الوحدة والنصر
د.حسام العتوم عن الرأي الأردنية
خريطة طريق إسرائيل تجاه «الكرامة» رسمت وتم تطبيق طاولتها الرملية بطريقة تراكمية منذ مؤتمر بازل عام 1897 بزعامة تيودور هرتزل، الذي استهدف إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وتم لهم ذلك عبر الالتفاف على الأمم المتحدة وتشكيل لجنة UNSCOP لإصدار قرار التقسيم، من أجل تشكيل دولة يهودية قامت وتحولت إلى كيان إسرائيلي هو الآن على شكل دولة بسلاح غير تقليدي، وأخرى عربية فلسطينية تم الاعتراف بعضويتها بصفة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، وبسبب معارضة العرب لقرار التقسيم ولتثبيت أرجل الاحتلال وقعت نكبة 1948، وواجه أهل فلسطين هجرتهم الأولى بحجم 85 % وضياع فلسطينهم التاريخية، وفي عام 1967 تبارز مشروع الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر التحريري مع المشروع الاحتلالي الصهيوني المستمر تحت شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة» وكانت الغلبة للأسف للصهيونية بسبب الفجوة بين الشعار الناصري وواقع القوة العربية المشتركة في المعركة على مستوى السلاح والاستخبار وحجم الوحدة، بينما كانت الصهيونية موحدة ومرتبطة جيوبولوتيكياً مع الغرب وأميركا، فانتهت بضياع كامل فلسطين والقدس إلى جانب الجولان وسيناء «التي أعادتها لاحقاً عام 1979 بسلام منفرد»، وزاد حجم الهجرة الفلسطينية تجاه شرق الأردن فوصل عدد السكان إلى أكثر من مليوني نسمة، وزاد حجم تمركز منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن وتحديداً في منطقة الأغوار بما في ذلك بلدة الكرامة.
وللمصادفة أرصد هنا تطابق السبب الإسرائيلي الظاهر لمعركتي الـ67 الخاسرة والـ 68 الرابحة في تصريح «ليفي أشكول» رئيس وزرائهم الأوكراني الأصل والذي لوحظ وراء النشاط الفدائي الفلسطيني بعد كل مرحلة احتلالية لأرض فلسطين ويلقي باللوم عليه، وحسب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري، فإن ساسة إسرائيلي البروتستانتيين جعلوا دائماً من فلسطين قبلة لهم، وكتب شهيدنا الكبير وصفي التل في كتابه «كتابات في القضايا العربية»، بأنه ليست فلسطين هي الهدف النهائي للصهيونية، وإنما هي رأس جسر لتوسعات احتلالية أخرى.
وجاءت حادثة إنفجار لغم بحافلة إسرائيلية جنوب النقب في 18/3/1968 حسب كتاب «معركة الكرامة» للواء محمود الناطور ص63 ذريعةً للتخلص من رجالات الشهيد ياسر عرفات وأسلحتهم الخفيفة، وللتوسع إتجاه الأردن حتى لو كلف الأمر الاصطدام مع جيشه من أجل فرض شروط سلام جديدة على العرب، وفرض حالة من فقدان الذاكرة على فلسطين، والتلويح بورقة «الوطن البديل» التي يطيب للكنيست الإسرائيلي أن يعزف عليها كل ما دقت أزمات بناء الدولة الفلسطينية في جرة سياسة إسرائيل العنصرية، فما هي حقيقة واقعة الكرامة؟
بالإرتكاز على كتاب اللواء محمود الناطور «معركة الكرامة» من جديد، وهو المتوازن والموضوعي من زاوية انصاف الدور الفلسطيني والأردني في تلك الملحمة التاريخية، التي امتزج فيها الدم العربي للشعبين الشقيقين، وبتواجد رمزي للجيش العراقي، وهو الكتاب المؤلف من 359 صفحة، أمكنني من إدخال قلمي في عمليتي استنباط Deduction واستقراء Induction لتسلسل أحداث الكرامة البطلة، التي استمرت بدايةً بالسلاح الأبيض لمدة خمسين دقيقة، ثم لمدة 16 ساعة متواصلة بين الجيش العربي الأردني الباسل بقيادة قائده الميداني البطل اللواء الركن «مشهور حديثة الجازي» وتحت إشرافٍ كامل لعظيم الأردن الراحل الملك حسين طيب الله ثراه، والجيش الإسرائيلي بقيادة الجنرال «موشي ديان» وزير الحرب الصهيوني آنذاك وبموافقة سياسية من إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل وقتها، وبمشاركة قوية وملاحظة من الفدائيين الفلسطينيين من رجالات الشهيد ياسر عرفات، وصلاح خلف، وممدوح صيام، وفاروق القدومي، وعبدالفتاح الحمود، وخليل الوزير، ومنذ البداية أرادت إسرائيل كما سياستها دائماً أن تنفرد بالفدائيين الفلسطينيين وتتمكن منهم بعد سحقهم من دون الحاجة لإستفزاز الأردن وجيشه، فأجرت اتصالات مع أميركا بشأن ذلك لكنها فشلت حتى في خطوتها الاستباقية هذه، فوجد الجندي الأردني الأسد يواجهها في الخنادق الأمامية التي أطلق عليها عسكرياً بالحجاب، يدافع بشراسة عن تراب وطنه ويحمي أبناء فلسطين حملة السلاح وغيرهم من المسالمين، وعمل الأردن على ترحيل المخيمات من أرض المعركة إلى وسطه وشماله، وجاء على لسان عرفات نفسه وصفها بمعركة «ستالين جراد» إبان الحرب العالمية الثانية التي استمرت ستة شهور، وراح ضحيتها مليوني إنسان سوفيتي وانتهت بهزيمة أودلف هتلر وجيشه النازي، رغم أن الإمكانيات الفدائية كانت متواضعة، وكانت «أم يوسف» بمثابة مستشفى فدائي ميداني متقدم، وكان مقهى «أبو عجوة» في مخيم عيرا ويرقه مكاناً آمناً لتجميع الشهداء من الفدائيين، واعتمد الفدائيون سياسة «إضرب واختفي وأترك الجندي المعادي يتقدم وقابله بالمفاجآت، وسحب القيادات الفدائية من قلب المعركة»، وفي المقابل وبما أن الحرب خدعة موه الجيش الإسرائيلي إنزالاته من طائراته بالزي العسكري الأردني والفدائي الفلسطيني على أرض المعركة، واستشهد من منظمة فتح 74 شهيداً، ومن قوات التحرير الشعبية 24 شهيداً أي ما مجموعه 98 شهيداً، فيما استشهد من الجيش الأردني 74 شهيداً، وقتل من الإسرائيليين 250 عسكرياً، وأضرحة شهداء الأردن وفلسطين في الكرامة وفي عمان قناديل حقيقية للوحدة والنصر، وتعزيز لإتفاقية الوحدة الأردنية والفلسطينية الشعبية والشرعية التي وقعها شيوخ عشائر الأردن وفلسطين عام 1950بعد مؤتمرهم في أريحا 1948، وفي المقابل لقد أبلى الجيش الأردني بلاءً حسناً وسط لهيب المعركة وحوّل أرضها السوداء إلى جمراً أحمر تحت أقدام الإسرائيليين الغزاة منذ الخامسة والنصف من صبيحة 21/3/ 1968 وأمام محاور وجسور الملك حسين، والأمير محمد، والملك عبدالله، وغور الصافي، فكان النصر التاريخي الأكيد باسم كل العرب.
انقلب السحرعلى الساحر في الكرامة وتحول حلم وزير الحرب الصهيوني موشي ديان بشرب الشاي مع ثلاثمائة صحفي في السلط الأبية إلى سراب، وبادرت إسرائيل بنفسها بوقف إطلاق النار في سابقة سجلت في دفاتر حروبها مع العرب، وهي الشهادة التي أدلى بها مشهور الجازي بنفسه، وحسب الرواية الإسرائيلية لسبب المعركة الحقيقي أوردته هنا صحيفة يديعوت أحرنوت 21 /3/ 1968 بعدم رغبة الأردن منع العمليات الفدائية تجاههم، والتصريح الذي تكرر بنفس الصحيفة في 24/3 من نفس العام عندما رصدت 34 عملية فدائية في شهرٍ واحد.
شهداء الكرامة من العسكريين الأردنيين تراوحت رتبهم من جندي إلى ملازم ومثلوا مدناً وقرى أردنية وأخرى فلسطينية متلاحمة ومختلفة وجلهم توزعوا على مجموعات قيادية فدائية سبعة مثل « أبو شريف، والفسفوري، والملازم رؤوف حسين، وربحي أبو الشعر، وقاعدة الكوادر، وقاعدة الانتشار، وقاعدة قوات التحرير، فهل توقف أم انتهى الصراع مع إسرائيل أردنياً وعربياً عند الكرامة؟
ويحضرني القول بأن واقعة الكرامة تحديداً أسست لإعلان «يوم المحاربين القدامى» في 15شباط من كل عام، وشملت كل الحروب السابقة الأردنية مع الصهيونية، وتأتي مناسبة استشهاد بطل القدس الشهيد منصور كريشان تأكيداً على ضرورة انصاف رجالات الأردن العسكريين وبطولاتهم المشهودة، وللمصادفة أجد هنا تطابقاً في مكان ميلاد بطل الكرامة المرحوم الجازي، وشهيد القدس كريشان، وهو مدينة معان البطلة، المعروفة بالمدينة التي رست على أطرافها الثورة الهاشمية العربية، بانية دولة الإمارة والمملكة المستقرة بعون الله، والتي أتمنى من وسطها لجيشنا العربي الأردني الباسل الذي خدمت فيه جندياً مكلفاً بإعتزازٍ كبير الإزدهار والمنعة وخدمة الإنسان والسلام والدفاع عن ثرى الوطن الأردن الغالي، عندما يصدح وينادي.
وهنا أعيد شريط الذاكرة من جديد لمعركتي اللطرون وباب الواد التي حرر من خلالهما جيشنا الأردني القدس بقيادة المشير المرحوم حابس المجالي على أنغام الأغنية الاردنية الشعبية عام 1948 «سريه قايدها حابس... تقش الأخضر واليابس»، وإلى ذكرى تعريب قيادة الجيش لتصبح أردنية بلون ترابه وهوائه وسمائه مائة بالمائة.
البابا واليهود
محمود الزيودي عن الدستور الأردنية
حينما استقبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بابا الأقباط الراحل شنوده سأله كلينتون ... هل صحيح ان اليهود هم شعب الله المختار ؟ ... اجاب البابا ... اذا كانوا هم وحدهم المختارين من الله . فمن اختارنا نحن باقي سكان المعمورة ؟
في أول حركة سياسية للبابا الجديد فرنسيس الأول رئيس الكنيسة الكاثولوكية في العالم . مد يده خاطبا ً ود اليهود قبل غيرهم من الديانات وأتباع المذاهب المسيحيّة الأخرى التي لا تدين له بالولاء أو الايمان بمذهب كنيسته ... قلنا حركة سياسية لأن البابا لم تكن بدايته بتقليد اسلافه الذين استهلّوا عهدهم في الكرسي الرسولي بأمنيات السلام للبشرية جمعاء كما هي أمنية عيسى ابن مريم عليه السلام لأتباعه ورعاياه الذين كانوا يعيشون في مجتمع تنخر فيه أعمال اللصوص ابتداء من السرقة والربا وانتهاء ً بالاحتلال والاستعباد وقتل الصالحين الذين افتوا بحرمة الخروج عن الشريعة ( يوحنا المعمدان ) ... وفي الكلمة التي كانت هي البدء نجد أن اسلاف الحبر الأعظم قد استنكروا الحروب بضحاياها والجوع الذي فرضه الأغنياء على الفقراء . بحيث ينفق على معدات ازهاق الأرواح من اسلحة القتل والدمار أقل من ربع ما ينفق على الطعام والدواء ومكافحة الأمراض التي سببها احتكار الدول الغنية بشركاتها الكبرى لشعوب الدول الفقيرة التي نهبت ثرواتها الطبيعية .
تجاهل الرجل تصريح الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة ومؤسسة الأزهر الشريف باستثمار مناسبة انتخاب الحبر الأعظم لتطوير وتحسين العلاقات بين الاسلام والمسيحيّة واستعادة الصداقة الحميمة بين الديانتين السماويتين . سيما وأن الدول التي تدين شعوبها بالإسلام تضم جماعات مسيحية من مختلف المذاهب بما فيها رعايا البابا الكاثوليك . تتعايش مع المسلمين بروح التسامح التي بشّر بها السيد المسيح عليه السلام ووصية النبي صلى الله عليه وسلم بالذمييّن الذين يتمتعون بحق المواطنة الكاملة في الدولة الاسلامية الحديثة ..
من المعروف أنه لا يصل الى الكرسي البابوي الاّ رجل دين مثقف صاحب معرفة بكل الديانات السماوية وغير السماويّة . يعرف البابا فرنسيس الأول أن السيد المسيح عليه السلام نبي مقدس في ضمير المسلمين ووجدانهم . لا يلفظ اسمه على لسان مسلم الاّ بتقديس الأنبياء الذين سبقوا خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم ... ويعرف ايضا ً أن الشريعة اليهوديّة تنص على كراهية الأغيار من غير اليهود ... وان الكيان الاسرائيلي ساع لإنشاء دولة دينيّة لا يتمتع فيها بالمواطنة الاّ اليهودي من أم يهوديّة ... ويعرف البابا ان الدولة اليهودية في فلسطين قامت على انقاض وطن تشتت شعبه في الافاق وهذا ما لم يحدث لأي شعب في المعمورة ... فحتى الايرلنديون الذين هجّرهم البريطانيون الى استراليا والعالم الجديد بقيت لهم ايرلندا ولم يحتلها شعب اخر . ومع هذا استهل خلافته على رعاياه بالتقرب من اليهود دون غيرهم من أتباع الديانات الأخرى متناسيا ً أن دولة الفاتيكان تمد حبال الود ولو دبلوماسيا ً مع جميع أقطار العالم بغض النظر عن علاقة البابا الشخصية مع أي ديانة كما هي حال البابا الجديد الذي أصدر مع الحاخام الأرجنتيني ابراهام سكورسا كتابا َ عن الحوار بين الأديان عام 2010 ... نتمنى على البابا الجديد أن يكون داعية عدالة وسلام ومحبة الى جميع المعذبين في الأرض وليس الى أقويائها وأغنيائها فقط ... فنحن في هذا الزمن احوج ما نكون الى عدالة الحبر الأعظم بالكلمة التي لا يملك سلاحا ً غيرها .
ما أخبار المصالحة الفلسطينية؟
معن البياري عن الدستور الأردنية
“كنا نريدُ مصالحةً، ولم نعد الآن نُريدها”.. أَحد تعليقاتٍ فلسطينيةٍ، وفيرةٍ في “فيسبوك”، على أخبارٍ توالت، في الأَيام الماضية، عن اعتقال السلطة الوطنية في رام الله عناصر من “حماس”، وتضييق الأَخيرة على كوادر فتحاوية في قطاع غزة، بعد اجتماعاتٍ في القاهرة بين الطرفين، أَطنبا فيها في التأكيد على المصالحةِ بينهما، خياراً وحيداً، وأَعلنا عن خطواتٍ إِجرائيةٍ ستنشط باتجاه إِنهاء الانقسام، المخزي كما يلحُّ كاتب هذه السطور على نعته، حتى خُيِّل لنا أَنَّ المصالحة تقترب، وأَننا سنُعاينها حقيقةً ماثلةً بعد أَيام.
ومما عزَّز هذه التخمينات التي أَحسنت الظن بطرفي الخصام الفلسطيني التافه أَنَّ مقادير غزيرةً من الغزل بينهما، تبادلاها في أَثناء العدوان الإسرائيلي الحربي على قطاع غزة وبعدَه، وعقب رفع عضوية فلسطين في الأُمم المتحدة. وكانت ذروةُ ذلك الغزل، وكذا فائضُ الكلام إِياه عن وحدة المصير، في خطابات خالد مشعل في زيارتِه غزة. ولم نكن سذَّجاً في انتظارنا حكومةً فلسطينية واحدة، وانتخاباتٍ تشريعيةً ورئاسيةً قريبة، نواتجَ عمليةِ مصالحةٍ مشتهاةٍ منذ ست سنوات. ببساطةٍ، لأَنَّ الرغبات في الحالة الفلسطينية أَقوى من أَيِّ كلامٍ سياسي يذهب إِلى الاجتهادات والتحليلات، ويفحصُ حقائق الواقع الماثلة.
ثمَّة استعباطٌ كثير، واستهبالٌ أَكثر لعقولنا، في الزعم أَن “طوشةً” كلاميةً بين مسؤول التفاوض في “فتح” مع “خماس”، عزام الأَحمد، ورئيس المجلس التشريعي القيادي في “حماس”، عزيز الدويك، هي سبب التعثر المستجد في مسار إنهاء الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، المخزي كما يحسنُ الدأبُ على نعته. وأَنْ يُقال إِنَّ عدم حماس حركة حماس للمصالحة، وتقدّمها خطوةً وتراجعها خطوتين، يعودُ إِلى استثمارِها الربيع الإسلامي الراهن في مصر وفي غير بلد عربي، ما يُشجّعها على التريث لجني مكاسبَ أكثر، وبشروط أَفضل، في المصالحةِ وما بعدها، أَنْ يُقال هذا، فإِنه يعني أَنَّ الحركةَ المذكورةَ ليست وطنيةً فلسطينيةً أَبداً، ولا يجوز لها أَنْ تفترضَ انتسابَها إِلى المشروع الوطني الفلسطيني. ولأَن “حماس” ليست كذلك، ولا يمكن أَنْ تكون كذلك، فإننا لا نستسلم لسوءِ الظنِّ هنا، وسنفترضُ أَنَّ أَسباباً أُخرى تُبرّر للحركةِ الإسلامية تباطؤها الملحوظ نحو إِنجاز المصالحة العتيدة. وأَنْ يُقال إِنَّ “فتح” إِنما تستجيبُ لضغوطٍ أَميركية، فلا تندفع باتجاه هذه المصالحة المتمناة، فذلك يعني أَنَّ الحركة الوطنية الرائدة صارت ذيلاً مرتهناً لإرادة الأَجنبي المعادي للمشروع الكفاحي الفلسطيني. ولأَنَّ “فتح”، بما نعرفُ عن راهنها وتراثها يستحيل أَنْ تسقطَ في هذا القاع، فإِنَّ تخميناً مسوغاً سيذهبُ إِلى أَنَّ أَسباباً أُخرى تُبرّر فيها قيادة “فتح” التلكؤ الملحوظ، والمساومات الصغيرة التي تُمارسها، في ملف إِنجاز المصالحة المبتغاة.
كأَننا أَمام متاهةٍ ملغزة، وأُحجيةٍ سمجةٍ، ولسنا أَمام ممارسةٍ وطنيةٍ مسؤولةٍ ورفيعة، يرتقي فيها أَداء قيادتي “حماس” و”فتح” إِلى المستوى الذي يستحقُّه الشعب الفلسطيني الصابر والصامد، والذي يفترضُ في القيادتين هاتين شمائلَ، يبدو، والله أَعلم، أَنهما تفتقران إِليها، حين يُشيعان أَمام الكاميرات والميكروفونات أَوهاماً تُطرب جمهوراً فلسطينياً، محبطاً، تراكمت لديه جبالٌ من عدم المبالاة بمصالحةٍ أَو مخاصمةٍ بين الحركتين، ثم ينصرفان إِلى المكايداتِ البائخة، ولعبةِ الاعتقالات والتنغيصات السخيفة في غزة ورام الله. .. رحم الله صديقَنا محمد طمليه، كتبَ مازحاً وساخراً، في غضون الاقتتال غير المنسيِّ بين “فتح” و”حماس”، يطلبُ منهما الاستمرار فيه، بهمةٍ، حتى يُنهيان بعضَهما، فيرتاح الفلسطينيون منهما معاً.
العلاقات الإخوانية- الأمريكية تنصهر بنيران الحدّاد
علي السيد عن المصري اليوم
إذا رقص الأمريكان اهتز الشرق الأوسط وتحزّمت مصر. هكذا علمتنا التجارب، فكثرة البكاء تعلم النواح، والنواح الآن سُنة حياتنا، بعدما جفت العيون. ومثلما فعلت أمريكا فى العراق تريد أن تفعل بمصر، جعلت العراق دولة محكومة بصراعات طائفية لا تمنحها فرصة للتلفت حولها، وتريدنا كذلك. أصبح العراق مفرخة للعنف والإرهاب وجغرافيا قابلة للتقسيم، ومخزناً نفطياً مضموناً. وفى علاقة الإخوان بأمريكا يظل الظاهر أقل كثيراً مما جرى ويجرى خلف الأبواب المغلقة.
ولكى نفهم طبيعة العلاقات الإخوانية- الأمريكية سأتوقف فى هذا المقال عند محطتين مهمتين، وإن كانت المحطات فى هذا الملف كثيرة ومليئة بالألغاز:
الأولى تخص عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، وتلك وظيفة مستحدثة تكشف عن عدم ثقة الإخوان فى مؤسسات الدولة، وفى المقدمة وزارة الخارجية، وتبين أن ما تريده الجماعة لا ينبغى أن تعرفه الدولة. الجماعة ترى نفسها فوق الدولة، وأن ما تدبره فى الخفاء لا ينكشف للعلن. التوقف.. «الحداد» رجل لغز فى دوره، محير فى تصرفاته. دخل البيت الأبيض كما دخل قصر الاتحادية، وفى الحالتين كان الأمر غامضاً.. التقى الرئيس الأمريكى، بينما رئيس الدولة لم يستطع، وكذلك وزير الخارجية، بل لم يلتق أى وزير خارجية مصرى بأى رئيس أمريكى منفرداً على مدى ٣٨ عاماً مضت - وفقا لكلام نبيل فهمى، سفير مصر بالولايات المتحدة- ولهذا دلالات متعددة يرتبط بعضها بطبيعة المخططات «الإخوأمريكية » قبل الثورة، وأسرار صفقات ما بعد الثورة، وبعضها الآخر يرتبط بشخصية «الحداد» والدور الذى لعبه فى ملف الجماعة خارجياً، واختيار الجماعة له ليكون مسؤولاً عن الملف الخارجى بالجماعة والحزب، ثم الرئاسة. كان لافتاً دخول «الحداد» إلى رئاسة الجمهورية فى أول يوم للرئيس الجديد، رغم أنه لم يكن ذا صفة سوى أنه عضو فى مكتب الإرشاد، ولم تكن صفته الرسمية قد تحددت بعد، لكن الرجل كان مع الرئيس كتفاً بكتف. الحداد الذى كان يوصف- بصورة سطحية- بأنه ظل «الشاطر»، واحد من أخطر رجال مكتب الإرشاد، ويمسك بأهم الملفات وأكثرها حساسية. ملف تراهن عليه الجماعة لكى تظل فى السلطة. رجل غزل خيوط العلاقة مع الأمريكان وفقا للرغبات الأمريكية التى لم تحد عنها الجماعة حتى الآن قيد أنملة.
ولا يخفى على أحد أن العلاقات الأمريكية- الإخوانية كانت تسير، منذ ما يقرب من عشر سنوات، بخطى منضبطة وبطريقة محكمة لم يستوعبها نظام مبارك، وإن كان أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية الأسبق، أوضح فى مذكراته أن «مبارك» أخبره بأن الأمريكان يريدون دفع مصر إلى المجهول من خلال علاقاتهم مع الإخوان. هذا الكلام قاله «مبارك» لـ«أبوالغيط» فى ٢٠٠٥، وما يناقض هذا الكلام أن «مبارك» لم يحتط للأمر بالترتيب لنقل السلطة بطريقة قانونية وإظهار دعمه للمعارضة، لكنه فعل العكس تقريباً. كانت الجماعة على تواصل دائم مع الأمريكان، لكن تحت غطاء جمعية أمريكية تسمى «ماس»، تعمل لصالح التنظيم الدولى للجماعة، وكان الأمر يظهر وفقاً لما نشره كثير من الصحف الغربية على أنه ندوات وحسب.. كانت مهمة الاتصالات مع الأمريكان من مهام مكتب لندن، الذى كان يسيطر عليه خيرت الشاطر، رغم وجود أمين التنظيم الدولى لـ«الإخوان» إبراهيم منير.. تراجع دور «منير»، وتم تصعيد «الحداد» ليمسك بملف العلاقات الخارجية، خصوصاً الأمريكية بعد أن صار مقرباً على خلفية الإفراج عن الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى. حيث لعب «الحداد» الدور الأول لإنهاء هذه القضية الشائكة، بمساعدة «الشاطر» طبعاً.
جاء «الحداد» مساعداً لرئيس الجمهورية ترجمة عملية على صداقته بالأمريكان، وتلبية لرغبة إخوانية ترى الملف الخارجى أهم مئات المرات من ملفات الداخل رغم تفجرها. فالجماعة التى تعهدت بضمان أمن إسرائيل عبر تلجيم حماس وإنهاء حالة العداء التقليدى مع الصهاينة رهنت وجودها فى السلطة بالعلاقة مع الأمريكان، وكانت سباقة فى هذا الأمر. وربما تكون حرب غزة الأخيرة هى بالون الاختبار لحكم الجماعة.
المحطة الثانية تخص ما قاله جون كيرى، وزير خارجية أمريكا، عن أن أمن إسرائيل يضمنه الإخوان، فضلاً عن تأكيداته الدعم الأمريكى للنظام المصرى ومساعدته للخروج من كبوته الاقتصادية، وتلميحاته بعدم الرغبة الأمريكية فى تدخل الجيش فى العملية السياسية.
وهنا تظهر رؤية الأمريكان للمنطقة وكيفية الخروج بأكبر قدر من المكاسب، وهى رؤية مضطربة وتدل على قصر نظر تماماً مثلما حدث مع العراق. فالأمريكان دعّموا المعارضين لنظام صدام حسين، رغم أن معظمهم كانوا موالين للنظام الإيرانى. قدم الأمريكان للإيرانيين و«الإسرائيليين بالطبع» ما كانوا يحلمون به وأكثر عبر ثلاث خطوات: الأولى تكمن فى القضاء على الجيش العراقى الذى حارب الإيرانيين لثمانى سنوات، وكان دائم التلويح بعداوته للدولة العبرية، والثانية جاءت عبر إقرار نظام المحاصصة الطائفية ومن خلاله نَفذَت فرق الموت الإيرانية إلى قلب العراق ومزّقته، وهذا يخدم إسرائيل أيضاً، والثالثة تمت بقانون اجتثاث البعث، الذى تحول إلى مقصلة للعراقيين السُّنة، مع أن حزب البعث كان يضم سنة وشيعة ومسيحيين. أمريكا كانت تهدف إلى تقسيم العراق، فوقع فى قبضة إيران، وكانت تريد إنهاء دور الجيش العراقى المعادى لإسرائيل، فجاء الجيش الجديد على هوى إيران. وبهذه السياسة النفعية وقصيرة النظر تتعامل أمريكا مع مصر، فهل تغرقها فى بحر الفتن كما فعلت بالعراق؟ والكلام يتواصل.
لقاء الوزير الأمريكي فضح الأسرار!!
شوقي السيد عن المصري اليوم
■ لم تكن زيارة وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى» إلى القاهرة خلال الأسبوع الماضى زيارة عادية لأى وزير «أمريكانى» للمنطقة، خاصة فى بلدنا العزيز مصر، لأن الوزير المذكور مسؤول سياسى كبير، ومقاتل قديم فى سلاح البحرية الأمريكية منذ حرب فيتنام، كما عمل حاكماً لإحدى الولايات الأمريكية، كما كان عضواً بمجلس الشيوخ خلال الثمانينيات والتسعينيات، ورئيساً للجنة الشؤون الدولية، ومرشحاً سابقاً للرئاسة الأمريكية منافساً لجورج بوش الابن، لهذا كانت زيارة الثعلب الأمريكى العجوز والوزير فى إدارة أوباما زيارة غير عادية!!
■ ولأنه لا يخفى على كثير من المصريين تاريخ الرجل، فلم ينخدعوا بتصريحاته أثناء الزيارة بأنه أتى إلى مصر كصديق قديم، كما كشفت تصريحاته التى أطلقها عقب لقائه بالرئاسة بأنه «اطمأن على المسار الديمقراطى الذى ينتهجه الرئيس مرسى.. وعلى حيادية القوات المسلحة»، مؤكداً اهتمام بلاده بالأوضاع الاقتصادية التى تمر بها مصر، وما أوصى به بعض ممثلى التيارات المعارضة المختارة.. أوصاهم ونصحهم بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية.. كما نصح الرئاسة بحكومة توافقية، ولعل أقوى الكلمات كانت مفردات كلمة الإعلامية والناشطة جميلة إسماعيل، والمقاتل محمد أبوحامد، النائب السابق بمجلس الشعب.. على عكس غيرهما من الحضور الذين كانوا مولعين بالموسيقى التى عزفها الوزير العجوز.. أو يخطبون ود بلاده!!
■ وإذا كان الوزير المخضرم لم يعبّر بكلمة واحدة عن رؤيته لما يجرى فى البلاد من الثورة الشعبية الحقيقية الملتهبة فى جميع محافظات مصر.. ومن التيارات الثورية، كما لم يعبر عن مسبباتها ولا عن الخطايا والموبقات التى ارتكبها النظام منذ الصراع على الانتخابات الرئاسية وتزوير الانتخابات، وخطة السيطرة على البرلمان ومفاصل الدولة والاعتداء على القضاء.. ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا، وإعداد الدستور وفرضه على الشعب بالقوة بأقلية غير مسبوقة.. والعودة إلى فرض قانون الانتخاب.. وتفصيل الدوائر الانتخابية لصالح النظام، والدعوة إلى حوارات صورية.. ثم التنصل من نتائجها، ومحاولة الانتقام والسيطرة والإقصاء فى صورة لم تشهدها مصر من قبل، كل ذلك لم يعبر عنه الوزير العجوز بكلمة واحدة فقط.. اكتفى بالإشارة إلى أنه «اطمأن على المسار الديمقراطى، وأن بلاده لا تتدخل فى حل تلك المشاكل لأنها شأن داخلى، وأن شعب مصر رغم عجزه عن حلها.. فإنه يرفض التدخل والمساعدة، وأن مصر ليست حليفة.. ولا عدوة»، لكن المؤكد أن الوزير المخضرم سوف ينقل كل ما شاهده فى البلاد إلى إدارة أوباما وإلى كل من يعنيه الأمر فى الولايات المتحدة الأمريكية عن سقوط شعبية النظام وسخط الأغلبية الكاسحة على إدارة البلاد وعلى ما يجرى فيها.
■ ولهذا فلقد كشف هذا اللقاء المستور عن العلاقة الخفية بين إدارة أوباما والنظام.. خاصة أن الإدارة الأمريكية تزهو وتتفاخر بأنها لم تدرج جماعة الإخوان المسلمين مع الجماعات الإسلامية وجماعة الجهاد من بين الجماعات الإرهابية، وهو أمر يعترف به قيادات الإخوان أنفسهم ولا ينكرون لهم هذا الفضل، بل إن بعض قيادات جماعة الإخوان يعترفون بأنهم قد تلقوا تعليماً وتدريباً فى الولايات المتحدة الأمريكية.. وأنهم يرتبطون معها معنوياً وثقافياً، وقد اعترف أحد قياداتهم فى واشنطن بقوله: «لقد تربى مرسى فى كنفكم، وثقافته وعلمه أمريكيان، ويدين لكم بالفضل فى تعليمه»!!
■ وفى تصريح للسيد عصام العريان قال: «اضمنوا لنا الاستمرار فى الحكم نضمن لكم أمن إسرائيل».. كما صرح القيادى الإخوانى خيرت الشاطر فى واشنطن بأن الجماعة ملتزمة بالاتفاقيات الدولية، وأن حماية إسرائيل ضمن تلك الالتزامات.. إضافة إلى ما أعلن عنه شهود عيان وخبراء من أنه قد تم ترتيب لقاءات بين الجماعة وإدارة أوباما أثناء الانتخابات الرئاسية.. بل الأخطر من ذلك الاستجواب المدوى الذى فجّره عضو الكونجرس «فرانك وولف» الذى تقدم بمذكرة قانونية مدعمة بالمستندات للكونجرس، يطلب فيها مساءلة أوباما والتحقيق معه ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، بشأن دعم جماعة الإخوان بمبلغ خمسين مليون دولار فى الانتخابات الرئاسية، فضلاً عن عاصفة الأسئلة أمام الكونجرس الأمريكى، ومحورها الأساسى السر فى دعم الإدارة الأمريكية لتيار الإسلام السياسى الحاكم فى مصر، رغم استمرار إطلاق بعض قيادات التيار التصريحات العدائية ضد تل أبيب. وفى السياق ذاته أكد «ميت رومنى»، المرشح الجمهورى السابق فى انتخابات الرئاسة الأمريكية أمام أوباما، المعلومات نفسها.. وهكذا انكشف المستور فى زيارة الوزير عندما اطمأن على المسار الديمقراطى فى مصر.. وأن المصريين عليهم أن يحلوا مشاكلهم.. وأنه يدعو المعارضة للمشاركة فى الانتخابات!!
■ ويكشف اللقاء كذلك عن السر فى ذلك الدعم، وعن تلك الصفقات الخفية والظاهرة بين إدارة أوباما والنظام الحاكم فى البلاد.. وعن موقفهم من حماس.. وأمن إسرائيل.. والقنبلة النووية الإيرانية.. وعن رسم السياسة الأمريكية فى المنطقة عن طريق النظام الإخوانى فى مصر باعتبارها مفتاح المنطقة وأكبر مؤثر فيها، خاصة أن الوزير المخضرم قد أجاب فى مؤتمره الصحفى بأن الولايات المتحدة تضع أمن إسرائيل فى مقدمة أولوياتها، وأن المساعدات الأمريكية تأتى فى إطار حرص أمريكا على مصالحها فى مصر فكانت المساعدات محدودة.. والتصريحات توافقية.. ولن تحل الأزمة المصرية.. الأمر الذى يلقى ظلالاً كثيفة على المستقبل قد تكون بشيراً لسيناريو جديد فى الطريق.
■ المهم أن زيارة الوزير الأمريكى كشفت المستور للشعب المصرى عن العلاقة المشبوهة بين إدارة الإخوان فى البلاد.. وإدارة أوباما التى تحرص على استرضائها.. لضمان استمرارهم فى الحكم مقابل ضمان «أمن إسرائيل»، والتزاماً بتحقيق المصالح الأمريكية فى المنطقة والعلاقة الإيرانية.. وما يستجد.. وهو ما يفسر أن نظام الحكم فى البلاد لا يعنيه ما يجرى فى الشارع المصرى.. ولا ما تعبر عنه الإرادة الشعبية من غضب مهما بلغ، أو معارضة مهما كانت موضوعية، وكل ما يعنى النظام استرضاء الإدارة الأمريكية.. ضماناً لاستمراره فى الحكم.. مقابل تحقيق التزاماته فى المنطقة.. ولسوف ينكشف الغطاء الخادع فى القريب العاجل عندما يختلف الفريقان ويرفع الأمريكان أيديهم عن الحماية فى أول الطريق بسبب سقوط شعبية النظام، والفشل فى إدارة شؤون البلاد بعد أن سقطت السيطرة على البلاد.. وفشل الرهان!!