تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 353



Aburas
2013-03-31, 09:13 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif


في هذا الملــــف:
رسالة حرب من اوباما لايران
بقلم: عبد الباري عطوان – القدس العربي
مصر تنجرف نحو الفوضى
رأي القدس – القدس العربي
زيارة صديق للأردن!
بقلم: طارق مصاروة – الراي
في الكرامة.. انتصرالأردنيون لكرامة العرب!
بقلم: د. سحر المجالي - الراي
نهاية «القضايا الإقليمية الراهنة»... إنه زمن القضايا الداخلية وتدخلات «الأصدقاء»
بقلم: جمال خاشقجي – الحياة اللبنانية
ماذا تغير في زيارة أوباما الجديدة؟
بقلم: يوسف الكويليت - الرياض
التأكيد الأميركي على الدور المحوري الأردني
بقلم: رأي الدستور
الشيخ البوطي .. يا خسـارة
بقلم: محمد حسن التل - الدستور
الفلسطينيون و«الاحتواء الناعم»
بقلم: عريب الرنتاوي - الدستور
المتحدث الرسمى أخرس.. والمستمع مواطن
بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع















رسالة حرب من اوباما لايران
بقلم: عبد الباري عطوان – القدس العربي
لا نعتقد ان زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الى المنطقة التي اقتصرت على دولتين هما اسرائيل والاردن، وثالثة وهمية شكلية، هي السلطة الفلسطينية في رام الله، جاءت من اجل السلام، وانما من اجل الحرب، وفي اطار الاستعداد لها وتوزيع الادوار والمهام على 'فرسانها'.
فعندما يجتمع اوباما مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي لثماني ساعات على مرحلتين، ويتوجه من المطار مباشرة لزيارة القبة الصاروخية الحديدية التي بُنيت بمساعدة امريكية، مالية وتقنية، فهذه ليست زيارة مجاملة، ولا هي من اجل السياحة السياسية، ولا يمكن ان يكون هدفها الاستماع الى القادة المعنيين، مثلما اشاع المتحدثون الرسميون الامريكيون قبل بدئها.
الرئيس اوباما ركز في خطابه الذي نافق فيه الاسرائيليين بطريقة غير مسبوقة، على عدم تكرار، او السماح بمحرقة اخرى لليهود، واكد ان اسرائيل قوية وستبقى، وستحظى دائما بالدعم الامريكي القوي. وتطرق الى البرنامج النووي الايراني مشددا على ان كل الخيارات واردة تجاهه، وان ايران النووية لا يمكن احتواؤها، ومعطيا اسرائيل الحرية المطلقة في التعاطي مع الخطر الايراني دون التشاور مع واشنطن.
السيد علي خامنئي المرشد الايراني الاعلى التقط هذه الرسالة بسرعة، وردّ عليها بشكل مباشر على غير عادته، عندما هدد بسحق تل ابيب وحيفا في حال شن اسرائيل اي عدوان على ايران، متوعدا برد قوي مزلزل وغير مسبوق، وهذا الرجل هو الوحيد الذي يملك في يده مفتاح السلام او الحرب.
من يزور المنطقة مرتديا قبعة السائح لا يرعى مصالحة متعثرة او شبه مستحيلة، بين اسرائيل وتركيا، ويطلب من نتنياهو الاتصال هاتفيا بالسيد رجب طيب اردوغان مقدما اعتذارا صريحا واضحا لا لبس فيه، ومتعهدا بدفع تعويضات لأسر ضحايا السفينة مرمرة، ورفع الحصار عن الاراضي الفلسطينية المحتلة، وقطاع غزة على وجه الخصوص.
' ' '
قادة اسرائيل لم يعتــذروا مطلقا عن اي جريمة او مجزرة ارتكبوها منذ قيام دولتهم في فلسطين، ونتنياهو اكد اكثر من مرة انه لن يعتذر لتركيا، بل طالب الاخيرة بالاعتذار، في وقاحة وغطرسة غير مسبوقتين، وتعمّد وزير خارجيته افيغدور ليبرمان ان يستدعي السفير التركي في تل ابيب ويجلسه على كرسي منخفض، ويحاضر عليه حول كيفية التعاطي مع اسرائيل، ويوبخه على تصريحات لرئيس وزرائه اردوغان حول قطاع غزة والحصار الاسرائيلي له.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن الاسباب والدوافع التي تكمن وراء هذا التراجع من قبل نتنياهو عن مواقفه المتغطرسة هذه، ويرفع سماعة الهاتف ليتصل بأردوغان، معتذرا دون تحفظ، وقابلا جميع شروطه، وفوقها، مثلما قال البيان الرسمي، رفع الحصار عن الاراضي الفلسطينية المحتلة؟
ثم هناك سؤال آخر حول الدوافع التي دفعت رئيس الوزراء التركي اردوغان لقبول هذا الاعتذار فورا، والمسارعة الى تبادل السفراء، وتطبيع العلاقات بين البلدين، ودون السماح بفترة انتقالية لاختبار النوايا على الاقل، والاسرائيليين على وجه الخصوص؟
هناك طبخة ما عكف اوباما في الايام الاربعة من زيارته على سلقها على نار ملتهبة، ربما نرى نتائجها جلية في الاسابيع او الاشهر المقبلة، احداها تتعلق بالملف السوري، وثانيها بالملف الايراني، وهي طبخة غير سلمية على الاطلاق، والا لشاهدنا اوباما يقذف بعظمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، مثل تجميد الاستيطان مثلا، وعدم الاصرار على يهودية اسرائيل والتطبيع العربي المجاني معها.
الغرب لا يبني تدخلاته العسكرية على ردود الفعل، وبطريقة مفاجئة، مثل معظم دول العالم الثالث، والعربية منها على وجه الخصوص، وانما وفق مخططات معدة سلفا وقبل سنوات او اشهر من موعد التنفيذ، فقد خططوا لاحتلال العراق قبل ثلاث سنوات، واقاموا دولة اسرائيل بعد اكثر من ثلاثين عاما من اصدار وعد بلفور، والشيء نفسه يمكن ان يقال عن اي خطة تتبلور وتنتقل الى حيز التنفيذ قريبا ضد ايران.
' ' '
لا نعتقد انه من قبيل الصدفة ان تتصالح تركيا مع اكرادها، ويصدر عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني قرارا لأنصاره بإلقاء السلاح، ولا نعتقد ايضا ان نصب صواريخ الباتريوت المضادة للصواريخ على الحدود السورية ـ التركية قبل شهرين تقريبا، جاء صدفة، ولا نعتقد للمرة الثالثة ان اعلان المملكة العربية السعودية عن كشف شبكة تجسس ايرانية هو من قبيل الصدفة.
تركيا عضو في حلف الناتو، ودورها في عملية اسقاط النظام السوري علني، وقلقها من القوة النووية الايرانية المتبلورة لا يقل عن القلقين الاسرائيلي والسعودي.
اوباما تصرف في زيارته هذه كشيخ عربي ثري، ينثر الملايين في المحطات التي توقف فيها، فقد لوّح لسلطة عباس بصك بنصف مليار دولار لاخراج السلطة من ازمتها المالية وتمكينها من تسديد رواتب موظفيها، ووعد الاردن بمئتي مليون دولار لمساعدته على مواجهة تبعات استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، الأمر الذي دفع العاهل الاردني الى الاعلان بأنه لن يغلق الحدود وسيتركها مفتوحة على مصراعيها امام الجدد منهم الفارين الى ملاذات الاردن الآمنة للنجاة بأرواحهم، فهذا الكرم الامريكي الحاتمي المفاجئ لا يمكن ان يكون مجانيا، ودون مقابل.
لا نستبعد، وبعد كل ما تقدم، ان تكون الحرب على الابواب في المنطقة، وهي حرب اذا ما اشتعل فتيلها ستكون كارثية بكل المقاييس، فحالة الجمود الحالية، سواء على الجبهة السورية، او على صعيد الملف النووي الايراني، ممنوع ان تستمر، ولا بد من الحسم.
اربطوا الأحزمة على البطون، لان الاشهر المقبلة ستكون صعبة جدا، فعام 2013 قد يدخل التاريخ كعام الحسم العسكري في منطقة الشرق الاوسط.

مصر تنجرف نحو الفوضى
رأي القدس – القدس العربي
مصر تعيش حالة غليان، فأحداث العنف تتصاعد، والاشتباكات التي وقعت امس قرب المقر الرئيسي لجماعة الاخوان المسلمين بهضبة المقطم في القاهرة هي عنوان لمرحلة من الفوضى قد تقود الى حرب اهلية بين مؤيدي حركة الاخوان المسلمين ومعارضيهم.
سقوط العشرات من الجرحى، اصيبوا بحجارة شجت رؤوسهم، واسالت دماءهم ظاهرة غريبة على مصر التي عرف اهلها بالتسامح والابتعاد عن العنف وسفك الدماء والجدل بالحسنى.
الهجوم على مقرات الاخوان المسلمين واقتحامها ومحاولة تحطيمها، والاشتباك بالعصى والحجارة مع الذين جاءوا للدفاع عنها وحمايتها عمل مدان ايا كانت اسبابه، ولا يمت للديمقراطية باي صلة، ويندرج في اطار البلطجة. فالديمقراطية تقوم على الحوار الحضاري، واحترام القانون، والمؤسسات العامة والابتعاد عن اعمال التخريب باشكالها كافة.
الاحتجاج ضد سياسات الرئيس محمد مرسي الذي جاء من رحم حركة الاخوان المسلمين يجب ان يكون سلميا لا بتحطيم مقرات حزبه، وقذف حراسها بالحجارة.
الثورة المصرية التي اطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك الفاسد حظيت باحترام العالم باسره وحققت جميع اهدافها عندما قدمت نموذجا مشرفا في الاعتصامات والاحتجاجات المدنية السلمية في مقابل بطش نظام قمعي واجهزته الامنية المتغولة، ادى الى سقوط ما يقرب من الف شهيد بالرصاص الحي، نسبة كبيرة منهم في ميدان التحرير موطن الثورة، وحاضنة شراراتها الاولى.
ندرك جيدا ان الاوضاع الاقتصادية في مصر تتدهور بسرعة، وان البطالة في تصاعد خاصة في اوساط الشباب، مثلما ندرك ايضا ان الامن في اسوأ حالاته، ولكن هذا لا يعني، ولا يبرر، اللجوء الى العنف، ومهاجمة مقرات حركة الاخوان وحزب العدالة والتنمية الجناح السياسي لها، وتحطيم محتوياتها، ونثر اوراقها ومستنداتها.
قد يكون بعض الناشطين المعارضين للرئيس مرسي تعرضوا لاعتداءات او ضرب من قبل قوات الامن عندما اعتصموا امام هذه المقرات، ولكن الخطأ لا يعالج بخطأ آخر مماثل، خاصة ان المعتدي والمعتدى عليهم كانوا شركاء في هذه الثورة وقدموا الشهداء من اجل اطاحة نظام ديكتاتوري فاسد.
لا يخامرنا ادنى شك بان هناك طرفا ثالثا، لا نستبعد ان يكون من انصار النظام المخلوع، يلعب دورا توتيريا لزعزعة الامن في البلاد واغراقها في صدامات دموية، في تعمد واضح لافشال الثورة، ودفع البلاد الى دوامة الفوضى، وبما يؤدي في نهاية المطاف الى تدخل المؤسسة العسكرية واستيلائها على الحكم واعلان حالة الطوارئ.
الشعب المصري الذي قدم الشهداء من اجل بناء نظام ديمقراطي وانهاء حالة الطوارئ، ومعها حكم العسكر، لا يستحق هذا التطور الخطير الذي يقود البلاد نحو العنف وعدم الاستقرار، مما يضاعف من ازماتها الاقتصادية والامنية.
علينا ان نتصور حجم الكارثة لو تم الاحتكام الى السلاح، ومصر محاطة بجيران (ليبيا والسودان) يباع فيها الكلاشينكوف باقل من عشرين دولارا، وتنعدم سيطرة الحكومة المركزية على سدس حجمها تقريبا (سيناء).
اعمال الانتقام، والانتقام المضاد هي البداية للسقوط في دوامة الفوضى التي اذا ما اندلعت سيكون من الصعب السيطرة عليها.
مصر تحتاج الى ضبط النفس من جميع الاطراف، مثلما تحتاج الى حكماء، ومن المؤسف ان اعمال التحريض التي تمارسها بعض احزاب المعارضة، وسوء ادارة الازمة من قبل الحكومة في الجانب الآخر يتحملان مسؤولية ما يحدث وما سيحدث.
الرئيس محمد مرسي يجب ان يخاطب الشعب بكل صراحة ووضوح، ويؤكد له حرصه على التعايش مع كل الاطراف، باعتباره رئيسا لكل مصر، كما ان حركة الاخوان مطالبة بالابتعاد عن اي اعمال استفزازية يمكن ان تثير غضب خصومها، وآخرها تصريحات الدكتور عصام العريان التي تهجم فيها على عهد الرئيس جمال عبد الناصر واتهمه بقتل 70 الف جندي مصري في سيناء واليمن، وكأن محاربة اسرائيل والتصدي لعدوانها وطموحاتها العدوانية التوسعية امر معيب.
زيارة صديق للأردن!
بقلم: طارق مصاروة – الراي
يشعر الرئيس أوباما، في عمّان، انه بين أصدقاء يمكن الاعتماد عليهم. فنحن، حتى الآن، نخلط حين نتحدث عن الولايات المتحدة بين التاريخ الامبريالي للقوة الكبرى، وبين يوميات العمل السياسي!!. ونخلط أكثر حين نستعمل لغة الحرب الباردة، في عدائنا للرأسمالية وانحيازنا للمعسكر الاشتراكي الذي لم يَعُد موجوداً!!.
في زيارة الرئيس أوباما للمنطقة لأول مرّة، في 4 حزيران 2009، وعد في جامعة القاهرة بـ«بداية جديدة». ولعل أحداً لا ينكر أن الاستماع إلى شاب إفريقي الأصل.. ابن كيني مسلم يثير في نفس العربي المهزوم أملاً بعلاقات جديدة مع الأميركيين تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة، وهذا ما لم يستطع الرئيس المتحمس أن يحققه لا في واشنطن، ولا في المنطقة. فكارثة اعتداءات 11 أيلول 2001 كانت أكبر من أي رئيس يريد أن يتجاوزها!!.
لقد نجح الملك عبدالله الثاني في إقامة علاقات استراتيجية بين قوتين دولية وإقليمية، مع الولايات المتحدة، ومع السعودية، وكان سهلاً أن تؤثر مثل هذه العلاقات المميزة على الأوروبيين، وتؤثر على دول الخليج العربي.
والذين يحبون الغوص في الأوهام «حللوا» قبل ايام زيارة اوباما للأردن، بانها تستهدف الضغط عليه للاسراع في عمليات الاصلاح السياسي والاقتصادي، والحقيقة ان الرجل يزور الأردن ليحمل اليه التقدير والاحترام، وليرسخ المزيد من علاقات الصداقة مع الأردن، فالاصلاح على طريقة الغائصين في الأوهام لم يكن إصلاحاً لا في مصر ولا في تونس ولا في ليبيا ولا في سوريا طبعا، وإنما كان فوضى ودمارا فقد غامر جورج بوش الابن في الحرب على العراق «لاقامة الديمقراطية» وكانت النتيجة كارثية على السياسة الاميركية وعلى العراق.
إن الأردن إذ يستقبل صديقا فانه يعرف طريقه دون نصائح ودون ضغوط ويسير في الاتجاه الذي سار فيه واحرز تقدير العالم من الأصدقاء والحذر من الذين يريدون به الضرّ.
في الكرامة.. انتصرالأردنيون لكرامة العرب!
بقلم: د. سحر المجالي - الراي
في ذكرى عزيزة على نفس كل أردني وعربي ومسلم، نستذكر في كل عام، وتحديدا في الحادي والعشرين من آذار، ذكرى معركة الكرامة الخالدة عام 1968، حيث سطر فيها الجيش العربي الأردني أروع البطولات والتضحيات. وإستطاعت هذه المعركة أن تشكل حداً فاصلا ً بين الإنهيار النفسي والمعنوي للإنسان العربي وبين إعادة الثقة بالذات العربية للخلاص من تبعات هزيمة الخامس من حزيران سنة 1967. ولأهمية هذه المعركة المصيرية، أردنيا وعربياً، ودورها في إعادة موازين القوى في الصراع العربي- الصهيوني، وأهميتها في وضع حد للشعور بإستمرارية الهزيمة وصعوبة التخلص من آثارها وقدرها، فقد إستحقت أن يطلق عليها الشعب الأردني معركة الفخر والعز والكرامة.
لقد دخل الجيش العربي الأردني المعركة، والتي كانت تشكل بالنسبة له معركة حياة أو موت، وخصوصاً إنه على وعي تام، بما حصل في الهزيمة الحزيرانية لعام 1967، وتجرع آلامها، وما ألت إليه من خسارة للأردن وللأمة العربية جمعاء. فكان عليه أن يقف سداً منيعاً أمام حدوث أي إختراق عسكري آخر قد يؤدي إلى هزيمة أخرى تصيب الوطن والأمة في مقتل. فدخل المعركة وهو خالص النية وصادق العهد مع أمته وأردنه وقيادته. وكان قد تهيأ للمفاجأة وبنفس يحدوها الأمل برد الإعتبار لشهداء الهزيمة الحزيرانية، فصنع نصراً ميدانيا ًعلى ارض المعركة، التي خططت إسرائيل للدخول إليها بقوات عسكرية برية وعلى مستوى فرق وألويه، مع إسناد جوي كثيف وعلى ثلاثة مفترقات «مفترق العارضة، ومفترق سويمه، ومفترق وادي شعيب»، ومفترق رابع هو غور الصافي من اجل التضليل. وكان الهدف من المحور القتالي الرابع هو تشتيت الجهد الدفاعي للجيش العربي الأردني وتضليله عن الهجوم الرئيسي، والتي هدفت إسرائيل من خلاله إحتلال المرتفعات الغربية الأردنية (مرتفعات البلقاء) والاقتراب من العاصمة عمان، وذلك للضغط على القيادة الأردنية للقبول بشروطها «للسلام»، وبالتالي ضم أجزاء من الأردن إليها تحقيقا لمخططها التوسعي الإستعماري ألإحلالي، وضمان أمنها على طول خط وقف أطلاق النار مع الأردن، وزعزعة الروح المعنوية للعشائر العربيية الأردنية.
ولكن إسرائيل أخطأت التقدير، حيث استطاع الجيش العربي الأردني من إعادة تنظيم نفسه وبسرعة فائقة في أعقاب هزيمة حزيران 1967، وتمركز في مواقعه الإستراتيجية على الأرض الاردنية بروح قتالية عالية، وتصميم على الصمود ضد أي عدوان قادم. ونتيجة للبعد السوقي للقيادة العسكرية الأردنية، إستطاع الجيش العربي إستدراج القوات الإسرائيلية إلى خطوطه الدفاعية، وبالتالي انتهت هذه المعركة بدحر القوات الإسرائيلية، وتكبيده خسائر بشرية ومادية فادحة. وتم تحقيق النصر الذي أنهى الغرور الذي سيطر على الجيش الإسرائيلي نتيجة لإنتصاراته المتكررة على الجيوش العربية مجتمعة في حروب 1948، 1956 و1967، وأنهى أسطورة» الجيش الذي لا يقهر»، قبل أن يحاول الآخرين ذلك بثمان وثلاثين سنة.
لقد أعادت معركة الكرامة ما هدر من الكرامة العربية في حزيران الأسود، فهل تكون هذه الذكرى عبرة للأمة العربية وربيعها الواعد، سواء ما يتعلق بحاضرة الأمة؛ بغداد، أو بما آل إليه الوضع في فلسطين وحروب الإستنزاف الشاملة على السودان والصومال وغيرها من الامصار العربية؟؟. وهل يضع ذكرى معركة الكرامة حداً للتشرذم العربي، وجلد الذات، والتخندق في دروع الآخرين وخلف أسوارهم، والعودة إلى تغليب المصالح القومية على آفة القطرية والرقص في أعراس الآخرين من أعداء الأمة؟؟. وهل يجعل الشعب الأردني من ذكرى الكرامة صخرة تتحطم عليها أحلام الصهاينة وأعوانهم» داخلياً وخارجياً» في حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن ووجوده؟؟، فقد أثبتت معركة الكرامة بأن التلاحم المصيري للجيش العربي والأجهزة الأمنية مع العشائر الأردنية، خلق المستحيل في الدفاع عن الأردن وعن أمنه ومنجزاته من أي عدوان، خارجيا كان أم داخليا؟
نهاية «القضايا الإقليمية الراهنة»... إنه زمن القضايا الداخلية وتدخلات «الأصدقاء»
بقلم: جمال خاشقجي – الحياة اللبنانية
زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل كانت زيارة لـ «اسرائيل» وليست للمنطقة، حتى وإن عرج على الضفة والأردن، هكذا تعامل الإعلام الأميركي، بل حتى العربي مع الزيارة. كل التركيز والتحليلات كانت حول العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، أو لنكن أكثر تحديداً، علاقة أوباما بإسرائيل، لقد اختفت «المنطقة».
بل إنها ستختفي أكثر، ثمة قليل تبقى من «القضايا الإقليمية الراهنة التي تباحث فيها الزعيمان»، وفق ما اعتاد كاتب البيانات الرسمية ذكره في البيان الختامي للزيارة، مثل الوضع السوري، والملف النووي الإيراني، وبالطبع القضية الفلسطينية، ولكن التاريخ يسرع الخطى لحسم هذه الملفات إما بالحسم أو التجاهل.
عندما يعود أوباما أو أي رئيس أميركي قادم للمنطقة، لن يناقش «القضايا الإقليمية الراهنة»، وإنما «العلاقات الثنائية» بين البلدين كالاقتصاد مثلاً، ومعه كتلة حرجة من القضايا الداخلية للدولة المضيفة، ما يجري فيها حراك سياسي وإصلاحات، وما اشتد عوده حتى أصبح أزمة تستدعي الاهتمام، وما تعارض فيها مع قيم حقوق الإنسان وفق معايير القوى، إنه موضوع غير محبب ولكنه قادم لا محالة.
في أعوام الحرب الباردة، وانقسام دول المنطقة بين أحلاف، كان هناك دوماً قدر من «قضايا المنطقة الراهنة» يستغرق معظم الزيارات الرسمية والاجتماعات، مثل التمدد الناصري القومي في الستينات الذي قسم المنطقة بين محورين، أو أعوام ما بعد الثورة الإيرانية، التي أعادت رسم المحاور، ثم غزو صدام للكويت.
بالطبع هناك استثناءات، مثل تلك العلاقة الخاصة السريعة التي تطورت بين الملك فيصل والرئيس كيندي، التي سمحت «بتدخلات أميركية محمودة» في السعودية، فدعمت مشاريع الإصلاح والتطوير التي قادها العاهل السعودي الراحل، التي تمثلت في الخدمات التي قدمتها «مؤسسة فورد» من دراسات استشارية ومقترحات تبلور بعضها وأفاد المملكة، مثل معهد الإدارة العامة، والبعض الآخر ترددت القيادة السعودية في اعتماده، مثل نظام المناطق، وتشكيل مجالس بلدية منتخبة واسعة الصلاحيات، ولا تزال أضابيره موجودة في مكتبة وزارة التخطيط السعودية.
شيء مثل هذا حصل في أكثر من بلد، ولكن كان يتم دوماً وفق قاعدة «عدم التدخل» إلا بطلب واتفاق بين الطرفين، فالتدخل الأجنبي دوماً مسألة حساسة. كان الزعيم المحلي يضيق بسؤال صديقه الأوروبي أو الأميركي في شؤونه الداخلية، ولا يتركه إلا وقد عرف بذلك. في النهاية استقرت العلاقة على عدم التدخل وتفهّم الظروف الداخلية لكل بلد. عززت ذلك التوازنات الدولية والمصالح السياسية والاقتصادية، بالتالي نجا صدام حسين من أن يحاسبه أحد على مذبحة حلبجة، وحافظ الأسد من أن يعاتبه آخر على ما اقترفت يداه هو وشقيقه رفعت في حماة.
حتى في ما يخص العلاقات البينية بين الدول العربية، كان مبدأ «عدم التدخل» هو المهيمن - باستثناء لبنان حيث يتدخل الجميع - فعندما كانت السعودية مثلاً تريد أن تمارس بعضاً من نفوذها، كانت تتدخل بالحسنى للمصالحة بين العراق وسورية، أو المغرب والجزائر، بينما مصر عبدالناصر مارست قدراً من التدخلات في دول المنطقة، بغية إحداث تغيير ثوري هائل اعتقد عبدالناصر أنه قد حان أوانه، وأنه رجل المرحلة، ولكنها كلفته الكثير وأضعفته هو ومصر، ثم أورث ذلك الطبع السيئ لآخرين مثل القذافي وصدام حسين، فمارساه بفجاجة وتهوّر أكبر، ومثلهما فعل حافظ الأسد، ولكنه كان استراتيجياً أفضل وأكثر حذراً منهما.
ولكن كل ذلك انتهى مع «الربيع العربي»، فكان من جملة ما تغيّر «قواعد العلاقات» بين العالم العربي والولايات المتحدة وأوروبا. بدأ هذا التحول تحديداً بعد 11 أيلول (سبتمبر)، الذي يمكن اختصاره بجملة شهيرة قالتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس: «لقد سعت الولايات المتحدة مدة 60 عاماً من أجل تحقيق الاستقرار على حساب الديموقراطية في الشرق الأوسط، لكننا لم نحقق أياً منهما. والآن نحن ننتهج أسلوباً آخر. فنحن ندعم التطلعات الديموقراطية لكل الشعوب»، صحيح أنها قالت ذلك في زمن ما قبل الربيع وتحديداً في القاهرة عام 2005، كان اليمين المحافظ الأميركي قد توصل إلى قناعة - أعتقد أنها صحيحة - بأن سبب الإرهاب الذي وصل شره إلى الولايات المتحدة هو حالة الانسداد السياسي الذي أصاب العالم العربي، مع توابع ذلك من تخلّف وسوء إدارة، وتوزيع مختل للثروة وتعليم رديء، إلى نهاية قائمة أمراض العرب، ثم فقد الأميركان حماستهم بعد فشلهم في العراق، وبالتالي لم تحدث موجات الديموقراطية التي تمنوها أو خططوا لها في المنطقة.
ثم فوجئوا هم أيضاً بقدر ما فوجئ قادة المنطقة، بل حتى شعوبها بموجة الربيع العربي، التي من أهم نتائجها، عودة الشعوب إلى سدة القيادة في بعض الدول والتأثير في دول أخرى، ما دفع «القضايا الإقليمية الراهنة» إلى الوراء، وقدّم مصالح الشعوب في العيش الكريم والمشاركة والحرية والكرامة، وكلها قضايا داخلية، ولكنها في أساس الأجندة الأميركية التي شرحتها يومها كوندوليزا رايس، وقد عاد الاهتمام بها مع الولادة الجديدة للعالم العربي.
من العبث الجدل حول نوايا الأميركيين، وما إذا كانوا صادقين في نواياهم أم لا. إن موجة تدخلاتهم قادمة لا شك فيها، بدا ذلك جلياً في زيارة وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري لمصر قبل أيام. لقد أمضى وقته هناك غارقاً في تفاصيل القضايا الداخلية المصرية: العلاقة بين الجيش والإخوان، الاقتصاد، بل ذهب الى المعارضة ينصح قادتها ألا يقاطعوا الانتخابات. إن جولة سريعة على أعمدة الصحف المصرية ستظهر قدر «التأثير» الأميركي والاختلاف حوله في القضايا الداخلية المصرية.
من الضروري أن يستعد لذلك قادة المنطقة، قد يسمّون هذه العلاقات الجديدة «تبادل نصح بين أصدقاء»، فهي لا تأخذ دوماً شكلاً فظاً غليظاً، وإنما ضغط ناعم، حديث عابر حول حقوق الأقليات، إظهار القلق حول اعتقالات جرت، طلب توضيح حول سياسة الدولة لعلاج التضخم أو البطالة وإبلاغها أنهم مستعدون للمساعدة. وبغض النظر عن ديبلوماسية القول بندية القوى، إلا أن ميزانها سيكون دوماً في هذه العلاقة بين مؤثر ومتأثر، وضاغط ومضغوط، خصوصاً في ظل التداخل الاقتصادي، والعولمة، والكلفة الباهظة للعزلة، فما الحل؟
الحل هو ألا نعطي أحداً ذريعة للتدخل.
ماذا تغير في زيارة أوباما الجديدة؟
بقلم: يوسف الكويليت - الرياض
من يتفاءل بزيارة أوباما للمنطقة، يجهل كيف أن سياسة أمريكا ثابتة تجاه إسرائيل ومتغيرة مع العرب، وهذا ليس جديداً أو مستنكراً لأننا نفهم أن إسرائيل هي العمق الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة والأب الروحي والديني لها، لكن الزيارة تبقى في إطارها المعتاد لأي رئيس يصل لإسرائيل، أي أن الحوار يتم وفقاً للظروف السائدة في المنطقة مع دعم لا محدود عسكرياً ومادياً لها، إلا أن الواقع المستجد سواء بمسألة السلام التي لم تفك أمريكا طلاسمه أو الربيع العربي الذي اجتاح أكثر من دولة، وخاصة تلك التي تجاور إسرائيل، أو تنامي قوة إيران العسكرية والمراوحة بين الضغط عليها اقتصادياً وسياسياً، وخيار الضربة النوعية، كل هذا يطرح ويعالج وفق المصلحة المشتركة بين البلدين..
أوباما في زيارته الأولى للمنطقة وخطابه في جامعة القاهرة اختلف عن أوباما في مرحلة حكمه الثانية، أي أن تلك الأماني والوعود بعلاقات حميمة وإيجاد سلام وانفتاح تام على القضايا المتشابكة والسعي لحلها، تبخرت مع الأيام، ويبدو أن الحماس في بدايات عهده، صارت تحفظات في نهاياته وهذا لا يعني أن أوباما لا يفهم كيف تدار سياسة بلده، ولا الحلال والحرام اللذين تقاس بهما العلاقات، وكدولة عظمى يهتز لها العالم، فأولوياتها تتغير حسب الزمان والمكان، وقد لا نستغرب أن تكون همومها الراهنة تتجه إلى الكيفية التي صعدت بها آسيا من قارة ظلت تحتويها لسنوات طويلة إلى منافس شرس على المستويات المختلفة، وقد يكون هذا القرن وما يتلوه زمنها وتنامي قوتها..
أمريكا في عهد أوباما عاشت انتصارات على الإرهاب في قتل زعيم القاعدة، وأنهت الحروب العبثية، لكنها تواجه أزمة مالية حادة جاءت نتيجة تراكم العديد من التجاوزات، غير أنها تظل الجسم الكبير المتحرك في العالم وأي صعود أو هبوط لها يؤثر على العالم كله، ومع ذلك فإدارتها السياسية تبقى مرتهنة لمصالحها والتي على ضوئها تحدد المهام..
المنطقة العربية مهمة لها ليس فقط اقتصادياً، وإنما استراتيجياً كموقع تتقاطع عليه القارات، أو كبعد جغرافي وديني كمركز للعالم الإسلامي، لكنها المنطقة الأكثر ارتطاماً مع سياساتها، سواء بوجود إسرائيل كمحرك أساسي لأي تصرف تقوم به، أو لرؤية تاريخية أنها جزء من صدام حضارات قادم، ولذلك لن ننتظر من أوباما حلولاً أو متغيراً جديداً طالما تحكمه سياسة لا ينفرد بنفوذها وحده..
الحماس الذي جرى لاستقبال أوباما في زيارته الأولى لا يقابل بمثله في زيارته الثانية، بل إن خيبة الأمل أكثر، وحتى ما قيل عن تأثره بالإسلام من خلال نشأته ووالده، ليست ذات شأن لأن مقياس العواطف لا يتفق مع السياسات الثابتة التي يرى أوباما أنها الأولى في أي خطوة له..
التأكيد الأميركي على الدور المحوري الأردني
بقلم: رأي الدستور
تشكل القمة الأردنية - الأميركية حدثاً مفصلياً في مسار العلاقات بين البلدين الصديقين، في ضوء إصرار القيادتين على تطوير هذه العلاقات وتمتينها لصالح الشعبين الصديقين، واتفاق وجهتي نظر جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميركي “أوباما” إزاء العديد من القضايا التي تم بحثها وفي مقدمتها حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، كسبيل وحيد لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة وتحريرها من الارتهان للاحتلال والخوف.
ومن هنا أكد جلالة الملك التزام الأردن بالعملية السلمية على أساس حل الدولتين، وإيمانه بأهمية الدور الأميركي في استئناف المفاوضات التي توقفت بفعل الاستيطان الإسرائيلي، خاصة وان الفرصة مواتية لاستئناف المفاوضات، وبحث قضايا الوضع النهائي “القدس، اللاجئون، الاستيطان، المياه والحدود”.
وهذا يستدعي الإشارة إلى تصريحات الرئيس “أوباما” خلال لقائه الرئيس الفلسطيني في رام الله، إذ أكد وقوف واشنطن مع إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة جغرافياً، إلى جانب دولة إسرائيل، لإحلال السلام في الشرق الأوسط، داعياً إلى استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة.
المباحثات الأردنية - الأميركية تناولت الأزمة السورية، حيث أكد الزعيمان خطورة الأوضاع في سوريا الشقيقة، وخطورة انتشار العنف في المنطقة كلها، حيث أكد جلالة الملك موقف الأردن الداعي إلى حل الأزمة سلمياً، وهذا يستدعي وقف العنف وسفك الدماء، وتشكيل حكومة انتقالية تتولى الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لإنقاذ القطر الشقيق من حرب طائفية بدأت ترتسم نذرها في الأفق.
وأكد الرئيس الأميركي تضامنه مع الأردن بضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بتقديم المساعدات المالية العاجلة، والتي من شأنها أن تسهم في تخفيف العبء المالي الثقيل الذي يرهق اقتصاده، والذي تجاوز 550 مليون دولار بعد وصول اللاجئين إلى أكثر من 460 ألفاً، وهم في حالة تزايد مستمر يومياً، ما يستدعي مساعدات عاجلة لإنقاذهم من المأساة التي تحيق بهم.
جلالة الملك وضع الرئيس الأميركي في صورة مسيرة الإصلاح الأردنية، والتي تعتبر بمثابة طريق ثالث، ونموذج يحتذى في المنطقة، وخاصة في ضوء النهج السلمي الذي انتهجه الربيع الأردني، وأسفر عن إصلاحات جذرية في مواد الدستور، أدت إلى تشكيل محكمة دستورية، وهيئة مشرفة على الانتخابات، حظيت بوفاق وطني، وأدت إلى انتخابات نيابية تاريخية بنزاهتها وشفافيتها، ما يمثل مرحلة جديدة.
مجمل القول : ثلاثة ملفات مهمة بحثتها القمة الأردنية - الأميركية، حيث اتفق الزعيمان جلالة الملك والرئيس الأميركي على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وضرورة حل الأزمة السورية حلاً سلمياً، وتقديم المساعدات المالية العاجلة للدول المضيفة للاجئين وخاصة للأردن، في ضوء تزايد أعداد اللاجئين وكلفتهم الثقيلة والتي تجاوزت 550 مليون دولار، إلى جانب تثمين الرئيس “أوباما” للإصلاح في الأردن باعتباره مثالا يحتذى في المنطقة، بفضل وعي وحكمة جلالة الملك عبدالله الثاني.
القمة تؤكد دور الأردن المحوري في المنطقة، والذي لا يستطيع أحد أن يتجاوزه أو يتجاهله.


الشيخ البوطي .. يا خسـارة
بقلم: محمد حسن التل - الدستور
بعيدا عن المواقف السياسية وعن التخندق الذي خلقته الأزمة السورية في الأمة، تأتي الجريمة التي طالت الشيخ البوطي إمام وخطيب المسجد الأموي ورئيس هيئة علماء بلاد الشام في دمشق الفيحاء وهو في مسجده وبين المصلين، بشعة بكل المقاييس السماوية والأرضية، وتشير بوضوح إلى الخواء والخراب الذي أصاب قطاعا كبيرا من الأمة، وتشير أيضا إلى فكرة الجهاد المشوّهة في نفوس البعض، فالجهاد لا يكون بقتل العلماء ولا انتهاك حرمات بيوت الله وسفك الدماء في محاريبها، والدفاع عن حرية الشعوب لا يكون بالتطاول على هيبة العلماء ودمائهم وقدسية حياتهم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- روي عنه أنه قال: «الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه». وروي عنه أيضا -عليه الصلاة والسلام- «موت العالم ثلمة في الإسلام لا تسد ما اختلف الليل والنهار» فما بالكم بقتله؟!
لقد شكل اغتيال الامام البوطي خسارة فادحة للأمة، فهذا العالم الجليل أمضى ما يزيد على ستة عقود وهو يدافع عن سماحة الاسلام وحرية الرأي والتعبير في الشريعة، وإن أعلن وقوفه إلى جانب نظامه في سوريا فهذا حقه ورأيه فلكم دينكم ولي دين، وهو كان حرا برأيه وفي الطريقة التي اختارها للدفاع عن وطنه ولا يستحق هذا الاعتداء الغاشم على حرمته كإنسان وكعالم. لقد شكل اغتيال البوطي في مسجده انعطافا خطيرا في الأزمة السورية، حيث دخلت باعتقادي نفقا مظلما جديدا نحو القتل الأعمى والطائفية البغيضة التي تفتك بالشام منذ عامين أمام نظر الأمة التي للأسف حتى هذا اليوم لم تقدم أية مبادرة نحو الأشقاء في سوريا للوصول إلى حل يلتقي عليه أبناء هذا البلد العزيز الذي يشكل عمقا حقيقيا لأمته.
إن الجريمة التي وقعت مساء الخميس الماضي في قلب دمشق وفي أحد مساجدها تشكل إدانة لكل من يصمت على ما يجري في سوريا وينتظر الحل من خلف المحيطات الذي لن يأتي إلا بالخراب والدمار للشام، وما حدث للعراق أصدق مثال على ذلك، لن تخرج سوريا من هوة أزمتها إلا بمساعدة أبناء أمتها الخلـّص الذين يجب أن ينظروا إلى مصلحة الإنسان السوري قبل كل شيء، بعيدا عن التخندق وتشجيع كل طرف من أطراف الأزمة للبطش بالآخر، قلنا وسنظل نردد أن النار السورية إن لم تجد من يطفؤها فستخرج ألسنة لهيبها إلى كل الأرض العربية لتطيح بما تبقى من هذه الأمة.
إننا عندما نحزن على رحيل إمام كبير وعالم جليل فإننا في الوقت نفسه ندين كل من يحاول الإساءة إلى سماحة الإسلام وهيبة علمائه وحرية الفكر والرأي فيه. كما قلنا لقد اتخذ الشيخ موقفا واضحا وصريحا من الأزمة في وطنه وهو كان حرا في ذلك، لم يكفر أحدا ولم يخرج أحدا من دينه بل كان ينادي بالصلح، أهذا ذنب يُعاقب عليه صاحبُه بسفك دمه؟!
وفي هذه المناسبة فإننا نطالب القمة العربية المرتقبة في الدوحة أن تكون على مستوى الحدث السوري بالذات، وأن يقدم قادة الأمة مشروعا حقيقيا يحاكي مصلحة الشعب السوري وانقاذه من الأزمة التي تعصف به منذ أكثر من عامين حيث سالت الدماء من حلب إلى درعا وتكاد تغرق أرض الشام.
إننا اليوم إذ ننعى بعيدا عن السياسة وسوادها شيخا حمل القرآن في صدره والدعوة في فكره فإننا نضع في الوقت نفسه أيدينا على قلوبنا من المنعطف الخطير الذي تشكل باغتيال الشيخ البوطي والذي ندعو الله ألا يزيد الأزمة السورية عمقا وتجذرا.
إن دماء الشيخ البوطي ومن قتل من المصلين معه ستنتصب بين يدي الله لتشكو ظلم ذوي القربى واستهتارهم بالدم السوري وصمتهم المريب على ما يجري في الشام وتغليب المصالح السياسية الضيقة على مصالح الأمة الكبرى والحفاظ على مكوناتها والشام واحدة من أهم هذه المكونات.
إذا كان السوريون ومعهم علماؤهم لم يعودوا يأمنون على أرواحهم ودمائهم حتى وهم جالسون في مساجدهم وفي محاريبهم، فهل سيأمن أي واحد في الامة على نفسه بعد اليوم إن بقيت نار الشام مشتعلة؟ سؤال نضعه بين يدي كل ذي بصيرة في هذه الأمة!!
الفلسطينيون و«الاحتواء الناعم»
بقلم: عريب الرنتاوي - الدستور
وجهان أراد لهما أن يكونا لعملة واحدة، واحدٌ أظهره الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حديثه أمام المسؤولين الإسرائيليين، والثاني، حرص على تظهيره أمام طلبة الجامعات الإسرائيلية وفي مناطق السلطة الفلسطينية..لكن المتأمل في ملامح كلا الوجهين، يخلص إلى أنهما “وجه وقناع” في واقع الأمر.
أما الوجه، فقد تماهى إلى حدٍ كبير من وجوه أعضاء الطاقم الوزاري لحكومة نتنياهو الثالثة، حيث بدا زعيم أقوى دولة في العالم، على صورة نتنياهو – ليبرمان – بينيت – لبيد – ليفني..مواقفه هنا، كانت قاطعة كحد السكين..أمن إسرائيل من أمن أمريكا القومي، وما دامت أمريكا على قيد الوجود، سيظل أمن إسرائيل مُصاناً..إسرائيل دولة يهوديه، وهي لن تنتقل إلى مكان آخر، ويتعين على الجميع الاعتراف بهذه الحقيقة والتعامل معها والانفتاح عليها..واشنطن ستقف بالمرصاد للتهديد الإيراني، ومن دونه، تهديدات حماس وحزب الله للدولة العبرية..لا يمكن أن نفرض على إسرائيل ما لا ترغب به ولا تريده ولا تقوى عليه، حتى وإن كان الثمن، التضحية بعملية السلام وحل الدولتين.
في الجانب الثاني من زيارته، تدثّر الرئيس الأمريكي بقناع الواعظين والمبشرين..وعود فضفاضة لجيل الشباب الفلسطيني، وتكرارلشعار الدولة المستقلة التي تعيش بسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وانتقادات للاستيطان والمستوطنات، لا تسمن ولا تغني من جوع، سمعها الفلسطينيون منذ أن كان الاستيطان مشروعاً جنينياً وحتى استحال إلى سرطان زاحف يطيح بحل الدولتين، ومعه الأرض والحقوق والمقدسات.
جوهر الإفكار التي حملها الرئيس الأمريكي، لا تتعدى استئناف المفاوضات بلا شروط ولا مرجعيات ولا جداول زمنية..مقابل ذلك، يمكن أن تُمنح السلطة الفلسطينية “جوائر ترضية” تندرج في سياق “إجراءات بناء الثقة”، وفي أحسن الأحوال (وفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً)، العودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر 2001، وسيتضح مع جولة جون كيري الشهر المقبل في المنطقة، ما إذا كانت هذه المفاوضات ستنطلق ثنائياً لتتوج بـ”أنابوليس 2”، أم أنها ستكون بحاجة لمظلة عربية ودولية، فيكون “أنابوليس 2” نقطة انطلاقها الرسمية.
نجح أوباما في توزيع عباراته “الحميمة” مناصفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين..تحدث عن آمال الفلسطينيين وتطلعات شبابهم الذين لا يختلفون بشيء عن الشباب الإسرائيلي..تحدث عن توق شعب للحرية والعيش تحت راية مستقلة، تماماً مثلما تحدث عن حق الإسرائيليين في دولة يهودية ديمقراطية أمنة ومستقرة..لكن الرجل جانبه الإنصاف تماماً عندما تحدث في القضايا الجوهرية التي تذكي الصراع وتديمه، بين سلطة احتلال واستيطان من جهة، وشعب خاضع للقهر والاستعباد من جهة ثانية..مكّن إسرائيل من كل ما طالبت به وتطلعت إليه، وأبقى الفلسطينيين في دوامة الانتظار اليائس المستمرة من سنوات وعقود..فما قيمة المجاملات والعبارات “الحميمة” إن لم تكن مشفوعة بخطوات ملموسة، وخطط مجدولة، وضغوط تمارس على الجهة التي يعرف أوباما تماما المعرفة، أنها العقبة الكؤود أمام عملية السلام وحل الدولتين؟
والحقيقة أن المتابع للحفاوة الرسمية والإعلامية الفلسطينية التي استقبلت بها مواقف وتصريحات أوباما، يصاب بالدهشة والاستغراب..لقد “اشتروا” عباراته الحميمية، وضربوا صفحاً عمّا قاله في القدس ومطار اللد، لقد تركزت أنظارهم أمام عبارات سبق لهم وأن استمعوا إليها بالحرف الواحد، وعلى ألسنة أوباما وعشرات المسؤولين الغربيين، وربما أكثر منها في السنوات العشرين الفائتة، من دون أن تجد طريقها إلى حيّز التنفيذ..فهل نجح أوباما في “احتواء” الموقف الفلسطيني وإسقاط مطالبهم (شروطهم) لاستئناف المفاوضات؟.
وإذا ما نزعنا عن تصريحات أوباما طابعها الإنشائي الجميل، فإن حصيلتها الفلسطينية، تصب القمح صافياً في طاحونة حكومة نتنياهو الثالثة، التي ترغب في بقاء السلطة واستمرار التنسيق الأمني واستئناف المفاوضات، ولكن من دون التزام من أي نوع، بوضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية الثابتة في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
إن إخطر ما يمكن أن يترتب على نجاح سياسة “الاحتوء الناعم” للموقف الفلسطيني، إنما يكمن في انتعاش الأوهام الكاذبة أو تفشي الرهانات الخائبة من جديد، ودائماً تحت ضغط اليأس والإحساس بانعدام الخيارات والبدائل، فتعود السلطة مجدداً لممارسة طقوس “المفاوضات العبثية”، بعد أن وفّر أوباما لها السلم للهبوط عن الشجرة، وهو ذات السلم الذي سبق لأوباما أن قدمه للسلطة للصعود إلى قمة الشجرة بعد خطابه الشهير في جامعة القاهرة قبل ثلاثة اعوام أو أزيد قليلاً.
المتحدث الرسمى أخرس.. والمستمع مواطن
بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع
لدينا كمية من المتحدثين الرسميين، وليس لدينا حديث رسمى، وعندنا فائض من المصرحين، وليس لدينا غير تصريحات جبر الخواطر، ولدينا مراكز معلومات تكفى ثلاث دول وتفيض، ومع هذا ليس لدينا إجابة عن أى سؤال، مع العلم أننا فى عصر المعلومات والاتصالات.
لدينا مراكز معلومات، وليس لدينا معلومات، ونلجأ غالبا إلى ضرب الودع، وقراءة النجوم لمعرفة ما يجرى من حولنا، ومن تحتنا ومن خلفنا، وهى ظاهرة تشترك فيها الرئاسة والحكومة، ومجلس الشورى وباقى المؤسسات و«المخمسات والمربعات».
الرئاسة لديها متحدثون رسميون كثيرون، أغلبهم يمارس النفى قبل الإثبات، ومن الصعب أن يحصل المواطن على إجابة شافية لما يحدث، وقد عرفنا الدكتور ياسر على متحدثا رسميا أو نافيا، قبل أن ينتقل إلى مركز معلومات مجلس الوزراء، ليترك عددا من المتحدثين الرسميين الجدد.
وانتقال الدكتور ياسر إلى رئاسة مركز المعلومات قصة تخلو من المعلومات، وليس لها تفسير منطقى أو علمى غير إعادة منح الممنوحات. والدكتور ياسر ليس من خبراء المعلومات، ولا من حكماء الاتصالات، فضلا على أنه لم يقدم فى خدمته كمتحدث ما ينبئ عن موهبة عبقرية فى تنظيم وبث المعلومات.
ولو ذهبنا إلى مركز المعلومات، ودعم اتخاذ القرار، فهو مركز أقيم لخدمة اتخاذ القرار وتوفير المعلومات والأرقام الصحيحة والكافية التى يمكن أن تقدم خدمة لصانع القرار، فى الرئاسة أو الحكومة، أو حتى الاستثمار والجمهور، لكن المركز لم يكن أبدا مركزا للمعلومات والقرار، لكنه غالبا ما تفرغ لاختراع استطلاعات رأى تظهر الرئاسة والحكومة على أنهما الأفضل، وأن المواطنين يرضون عنهما. وللحق فقد كان هذا فى عهد مبارك وحكوماته، لكنه للأسف استمر كذلك بينما كان يفترض أن يصبح مركزا مستقلا يقدم خدمة للدولة بصرف النظر على التأييد أو المعارضة.
وأهم وظائف مراكز المعلومات أنها توفر البيانات والإحصاءات، وتتوقع المشكلة قبل وقوعها، لكن ما يحدث أن الحكومة تفاجأ بالأزمات مثل المواطنين تماما، وهو ما ظهر فى أزمات السولار والكهرباء، والتى ما أن تظهر حتى تقع الحكومة فى حيص بيص وتفقد توازنها، وتبدو جاهلة بما يجرى، وينعكس هذا على الأداء، والتصريحات المتناقضة، والأرقام الخاطئة المرتبكة، بالرغم من أن أهم وظائف الحكومة هو توقع الأزمات قبل وقوعها، والتخطيط لتلافيها، والعمل على عدم اتساعها، ومخاطبة الرأى العام بالحقائق حتى لا تتواصل تفاعلات الأزمة وتتعقد.
ومع هذا يخرج رئيس الوزراء ليعرض على المواطنين أن يسألوه، وأنه على استعداد للإجابة عن أى سؤال، لكن الإعلان عن موقع «اسأل استشر» رئيس الوزراء، جاء فى وقت تغيب فيه المعلومات أو الإجابات، وهناك نوع من الأسئلة يفترض أن تكون الإجابة عنها اختيارية لا تنتظر سؤالا من المواطن، فطابور السولار أو العيش هو فى حد ذاته سؤال مطروح منذ أسابيع، لا يجد إجابة من أى نوع.
وليست الحكومة بأفضل من الرئاسة التى لم تجب هى الأخرى عن أى سؤال مطروح، وكأنها لا تعيش بيننا، وكأننا أمام مراكز معلومات للفرجة، ومتحدثين رسميين أقرب للخرس.