المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 355



Aburas
2013-03-31, 09:15 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif



في هذا الملــــف:
مطلوب ربيع فلسطيني سلمي!
بقلم: عرفان نظام الدين عن الحياة اللندنية

أوباما ... قوس التاريخ والثوابت القلقة
بقلم: محمد حسين أبو العلا (كاتب مصري) عن الحياة اللندنية

رأي القدس العربي: الاتفاق التركي الاسرائيلي وتداعياته
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي

عودة إلى قضية حماس
بقلم: عبد الحليم قنديل ( كاتب مصري) عن القدس العربي

إيران والاعتذار الإسرائيلي لتركيا
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
كيف أسهم أوباما في تحسين البيئة الإستراتيجية لـ «إسرائيل»؟
بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
رأي البيان: إسرائيل والعدوان المتجدد
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الإماراتية

المصالحة الفلسطينية.. عبثية وحوار بيزنطي
بقلم: زيّاد أبو شاويش عن البعث السورية

تسويق الأساطير الصهيونية
بقلم: محمد العبدالله ( كاتب فلسطيني) عن الأخبار البيروتية

السلام ضرورة.. والسلام عدل .. والسلام ممكن !
بقلم: عبدالله بن يحيى المعلمي عن المدينة السعودية

النتائج "الكارثية" لزيارة أوباما
بقلم: خميس بن حبيب التوبي عن الوطن العمانية

درس تركي مجّاني في السياسة!!
بقلم: إبراهيم الشيخ عن أخبار الخليج البحرينية

دماء الإخوان فى رقبة مرسى
بقلم: وائل قنديل عن الشروق المصرية





مطلوب ربيع فلسطيني سلمي!
بقلم: عرفان نظام الدين عن الحياة اللندنية
من المثير للعجب والاستغراب أن يستمر هذا الجمود الفلسطيني عل كل الصعد ويتواصل الصمت الرهيب حول كل ما يجري داخل فلسطين وخارجها وفي المنطقة العربية في شكل عام: لا مبادرات، ولا تحرك جماهيري، ولا وجود سياسي فاعل، ولا حركة عربية جدية وكأن القضية الفلسطينية، التي كانت توصف بالقضية المركزية الرئيسة والأساسية، قد طواها النسيان، وأن رديفتها أزمة الشرق الأوسط قد نامت في أدراج المحافل العربية والدولية.
كيف يستمر هذا الجمود ونحن نشهد تخاذلاً دولياً، وضياعاً عربياً، وعربدة إسرائيل تأكل الأخضر واليابس وتطاول كل مفاصل القضية:
• قضم يومي للقدس الشريف بإقامة المزيد من المستعمرات الاستيطانية وتوسع عمليات التهويد في البشر والحجر وإقرار مشاريع جديدة سيؤدي تنفيذها إلى دق المسمار الأخير في نعش المدينة المقدسة ومحو هويتها العربية الإسلامية – المسيحية المقدسة وصورتها المشرقة كمدينة سلام وتعايش وحضارة مجيدة.
• التهديد المتواصل والمتصاعد والمنهجي المدروس للمسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وترتيب موجات من المد والجزر خلال فترات زمنية متقاربة للترويج لمؤامرة هدم المسجد الذي بارك الله من حوله وبناء الهيكل المزعوم. وعلى رغم فشل كل الجهود وأعمال التنقيب الإسرائيلية للعثور على آثار الهيكل أو أية مؤشرات عن وجود آثار يهودية، فإنها باءت بالفشل فعمدت السلطات الاستعمارية إلى حفر الأنفاق وتعريض الأساسات لخطر الانهيار كجزء من المؤامرة وكخطوة أولى تليها خطوات منع إعادة إعماره والسيطرة عليه لفترات من الزمن قبل تنفيذ الخطوة النهائية. وقد تابعنا عن كثب قبل أسابيع فيلماً وثائقياً افتراضياً يصور مسجد قبة الصخرة المشرفة وقد زال أثره ليظهر مكانه هيكل سليمان المزعوم.
• التهويد المنهجي للضفة الغربية المحتلة بإقامة المستعمرات ومصادرة المزيد من الأراضي والتضييق على الأهالي أصحاب الحق والأرض والشرعية.
• توالي قدوم الحكومات اليمينية المتطرفة التي ترفض أي بحث في السلام وتعمل على إلغاء كل مفاعيل اتفاقات أوسلو ووجود السلطة الوطنية الفلسطينية والترويج لحلول كنا نظن أنها طويت منذ زمن، مثل إعادة تسليم ما يتبقى من الضفة الغربية إلى الأردن لضمها إليه في مقابل تسليم قطاع غزة لمصر في خطوة مماثلة أو اقتراح قيام كونفيديرالية أردنية – فلسطينية وصولاً إلى مؤامرة الوطن البديل في الأردن، ما يعني عملياً دفن حلم قيام دولة فلسطينية مستقلة متواصلة الحدود والأطراف عاصمتها القدس الشريف.
في المقابل، نجد أن الانقسام الفلسطيني لم يعالج جدياً بعد، وأن المصالحة تحتاج إلى مزيد من البحث والتدقيق والحوار من دون أن نفهم لماذا؟ ولمصلحة من؟ وماذا ينتظر أصحاب القرار في غزة والضفة، وبين حركتي «حماس» و «فتح».
وفيما يشتد الحصار وتتواصل فصول المؤامرة الصهيونية، نشهد جموداً عربياً مقابلاً لا يبشر بالخير ولا يفتح باب الأمل بالعودة إلى المنابع والأصول والإيمان بأن عدم إيجاد حل عاجل وعادل للقضية الفلسطينية سيؤجج نيران الأزمات في المنطقة، ويدفع إلى انفجار أو زلزال مدمر في أية لحظة، لا سيما في حال حصول المنكر الأكبر وهو هدم المسجد الأقصى المبارك أو تعريضه لخطر حائل.
ولهذا كله لا بد من تحرك فلسطيني غير عادي بعيداً من المجاملات والديبلوماسية وانتظار الترياق من العرب أو من الأجانب، وكما يقول المثل: لا يحك جلدك سوى ظفرك، ولا ينفعك أحد إلا نفسك... أي إبدأ بنفسك أولاً وقم بالواجب لأن «الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، وإلا فإن أصحاب القضية يساهمون بدفنها ويصنعون بأيديهم نهايتها. فالوقت من ذهب، وكل يوم تأخير يعطي إسرائيل المزيد من التهويد والمزيد من بناء المستعمرات الاستيطانية ومن ثم المزيد من الوقت لإسدال ستار النسيان على أكثر القضايا في التاريخ ظلماً وقهراً وأشدها عهراً وتمثيلاً لانتصار الباطل على الحق والتزوير والتزييف على الشرعية.
ففي غياب الحلول والمبادرات وانحسار الآمال بتحقيق أي خطوة لكسر الجمود، لا بد من تحول فلسطيني شعبي شامل ومنظم طابعه التام سلمي يبعد عن التهور والأعمال الإرهابية وكل عمل آخر فيه عنف يستغله الأعداء ويتاجرون به لضرب إسفين آخر والزعم بأن معركة إسرائيل هي ضد الإرهاب وليس ضد شعب حر يطالب بحقوقه الشرعية وتحرير أراضيه المحتلة واستعادة هويته الوطنية الفلسطينية التي حاول العدو طمسها من دون جدوى طوال أكثر من 64 عاماً ونيف.
باختصار شديد، ومن دون التدخل في التفاصيل الدقيقة، لأنها من شأن الشعب الفلسطيني، لا بد من قيام ربيع فلسطيني سلمي شامل يجابه العدو الغاشم بالصدور العارية وأغصان الزيتون يبدأ بمسيرة مليونية تتجه نحو القدس الشريف.
وهذا العمل الوطني التاريخي الكبير يحتاج إلى تحضير تام وإعداد مدروس وتخطيط لكل شاردة وواردة وحذر شديد من تحوير المسار أو الانحراف عن الخط المرسوم وهو الخط السلمي القائم على اللاعنف.
ومن الخطوات الأولى المطلوبة إتمام المصالحة الوطنية وإعادة توحيد الضفة وغزة واتفاق جميع الفصائل وعلى رأسها «فتح» و «حماس» على كل التفاصيل والتنسيق مع فلسطينيي الشتات وتأمين التمويل اللازم لمثل هذا التحرك من رجال الأعمال والمتبرعين الفلسطينيين والعرب. ورسم خط المسيرة ومضمون اللافتات والهتافات، والتنسيق مع عرب الداخل وضمان الدعم العربي ومظلة المنظمات الإنسانية والأهلية والدولية، وإعداد خطة إعلامية شاملة تقوم بالتمهيد للتحرك وكسب الرأي العام العالمي، ومن ثم تأمين حضور أكبر عدد من أجهزة الإعلام العربية والأجنبية لمواكبة جميع فعاليات هذا التحرك.
وقد يقول قائل إن هذا الاقتراح عاطفي ومثالي صعب التنفيذ ومستحيل الاستمرارية. ونجيب عليه بالتساؤل عن الربيع العربي ومن كان يتوقع كل ما جرى من أحداث وتغييرات مزلزلة وما أظهرته الشعوب من جرأة وشجاعة وصمود ومثابرة وإصرار على المضي في حركاتها حتى تحقيق الأهداف المرجوة على رغم الانتكاسات ومحاولات بعض الأطراف لركوب الموجة واستغلالها للقفز على السلطة والاستئثار بها والهيمنة على الأوطان.
وبعيداً من كل حركات اللاعنف من المهاتما غاندي إلى نيلسون مانديلا، لا بد من أن نذكّر بالإنجازات الكبرى التي حققتها الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية وأولها الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه وهويته، وثانيها كسب تعاطف الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي. ولولا الانحرافات والانتكاسات، وأعمال العنف وصولاً إلى زلزال تفجيرات نيويورك وواشنطن وما تبعها من حرب عالمية على الإرهاب، لتحققت كل مطالب الشعب الفلسطيني ولما تمكنت إسرائيل من استغلال هذه الفرصة لنسف مسيرة السلام والتنكيل بالشعب الفلسطيني والمضي في مؤامرة التهويد.
ومهما قيل في هذا المجال، فإنه لا بد من توفير الفرص لتحرك جديد وحشد الطاقات لإنجاحه ضمن مسيرة ربيع فلسطيني شامل. ومهما حاول البعض وضع العصي في الدواليب والتقليل من أهمية هذا العمل، فإن من واجبنا طرح الاقتراح وتشجيع أي نهج يحيي القضية ويعيد ضخ الدماء في جسدها المتهالك بفعل الضربات المتلاحقة التي تلقاها خلال العقد الماضي.
ومهما حاولت إسرائيل، فإنها لن تستطيع قمع مثل هذه المسيرة السلمية أمام أعين العالم ومسامعه. فماذا يمكن أن تفعل؟ هل ستطلق النار على المتظاهرين؟ هل ستقصفهم بالطائرات والدبابات والمدفعية؟ كم ستقتل منهم؟ مهما سقط من الشهداء، فإن دماءهم لن تذهب هدراً وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة وهو ممهد بأجساد الشهداء ومعبّد بدماء الأبرياء، ومهما تجبرت إسرائيل، فإنها لن تنجح في قمع أطفال ونساء ورجال يسيرون بسلام ويهتفون للحرية والكرامة.
ولضمان نجاح مثل هذا التحرك، لا بد من مواكبته بحشد الطاقات العربية والقيام بتحرك سياسي ديبلوماسي عربي وعالمي يعاد فيه طرح مبادرة السلام العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأجمع عليها العرب في قمة بيروت التاريخية. والمطلوب الملحّ هو تشديد الضغوط لإنجاح التحرك وإحياء مسيرة السلام. والأجواء مهيأة اليوم لمثل هذا التحرك السلمي، بعد فوز الرئيس أوباما بولاية ثانية واقتناع الدول الغربية بوجوب إحلال السلام في المنطقة منعاً لقيام حركات متطرفة، وتأييد روسيا والصين للمبادرة وإجماع العالم على التنديد بسياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ومضيها في الغي والاستكبار وعودة الحديث بقوة عن حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
نعم إنها محاولة لتحريك الجمود وكسر الجليد والرد على المؤامرة الصهيونية الكبرى. فالشعب الفلسطيني لن يخسر منها مهما جرى و «الحركة بركة» والربيع الفلسطيني آتٍ إن آجلاً أو عاجلاً والأفضل أن ينجح سلمياً ومن ينتصر لحقه وينصر الله ينصره.

أوباما ... قوس التاريخ والثوابت القلقة
بقلم: محمد حسين أبو العلا (كاتب مصري) عن الحياة اللندنية
لا تزال أميركا هي أميركا، لا تزال هي الدولة المراهنة على التحديات المستحيلة والآفاق الضبابية، لا تزال هي صاحبة الرؤية والعاطفة السياسية الشاذة تجاه الدولة العبرية، حتى صارت هذه العلاقة تمثل أنموذجاً خاصاً في تاريخ العلاقات الدولية التي تتوثق حين تتفق المصالح والأهواء وتفتر ثم تتلاشى حين تتناقض التوجهات والمرامي.
لكن أميركا أطاحت تلك المبادئ والأسس التي تحكم تلك العلاقات مسجلة بصمة أدبية تستوجب الإشادة لدى الكيانات الجائرة على الحق السياسي والاستراتيجي والإنساني أيضاً، وتستوجب السخرية والتهكم لدى الكيانات التي لم تنصفها الأحوال المتردية للعالم المعاصر ولم تشفع لها الأخوة الدولية أو وضعيتها المزرية وحقوقها المهدورة، فجاءت استفاقة أوباما مجدداً في إحدى جولاتها المناصرة والمشايعة لإسرائيل ليس بحثاً عن الديموقراطية الضائعة أو إقراراً لحقوق الإنسان المعصوف بها دوماً، أو لتطويق ذلك الشر المستطير الذي يحدق بجنبات العالم العربي والإسلامي.
لقد جاء ليقدم إحدى تجليات العقل الأميركي وما يتضمنه من حل ناجع لذلك الصراع المحتدم بين إسرائيل وفلسطين مرتكزاً على إحدى الثوابت القلقة، وهي ضرورة اعتراف كل طرف بشرعية الآخر، فالفلسطينيون في حاجة ملحة لأن يشعروا بأن لديهم أرضهم الخاصة، والإسرائيليون كذلك في أمس الحاجة إلى أن يعرفوا أن هذا لن يكون على حساب أمنهم، مستبعداً في الآن ذاته مطالبة اسرائيل بتجميد بناء المستوطنات، باعتبار أنه تم تجاوز نقطة الشروط المسبقة.
ولعل هذه المعادلة السياسية التي يطرحها أوباما هي معادلة مغلوطة في مفرداتها غير المتكافئة، لعدم اعتمادها شرعية أو معيارية الحقوق الأصيلة، والمعنى الكامن وراء تلك المعادلة هو أن اجتياح الأرض واغتصابها يقابله اعتراف بحق ذلك الآخر الإسرائيلي، وأن بناء المستوطنات سيكون ذا مد مستقبلي مكلل بكل عناصر الاعتراف والدعم والتأييد المطلق، وهي قضية تجاوزت حدود الاتفاق والرضى بين الطرفين.
ولعل هذه المعادلة تحمل أيضاً من المعاني والدلالات ما يمكن أن يصل إلى أن التدمير والإبادة وطمس الوجود الفلسطيني يمكن أن يوازيه على صعيد آخر اعتراف مهيب بالوجود الإسرائيلي المتألق في إضفاء مشروعية الاغتصاب. ويكمن لباب الحقيقة في جولة أوباما هذه في إجراء محادثات مستفيضة بشأن العديد من القضايا دعماً للتعاون ومؤازرة الكيان الأليف في أحضان الوحشية والبربرية العربية، استناداً لقيام أوباما بزيارة إحدى بطاريات القبة الحديد الممثلة لإحدى مظاهر الدعم الأميركي والمنقذة لأرواح الإسرائيليين من غوائل إطلاق الصواريخ الطائشة، ثم ينطلق إلى متحف إسرائيل حاملاً أشواقه القديمة لمشاهدة مخطوطات البحر الميت، التي تؤكد -في رؤيتهم الزائفة- عمق العلاقة التاريخية لليهودية بإسرائيل. بعدها يستطيع الذهاب إلى القدس ومن مركز المؤتمرات الدولي ليردد ملحمته الشعرية وأنشودته الروحية للشعب الإسرائيلي، باعثاً فيهم أمل البقاء وتراتيل الخلود، ثم تكون الخاتمة بدموع الولاء عند قبري هرتزل وإسحاق رابين، تجديداً للعهد وسحقاً لأي أمل عربي في انفصام عرى الصداقة الأبدية وقهر الشعور السياسي لديهم في وجود حليف استراتيجي للحق الدولي.
ولعل ذلك في جملته إنما يشير إلى شيء واحد هو إرهاب العرب معنوياً بالتأكيد، على أن أميركا كانت وستظل هي اليد الطولى لإسرائيل تستظل بها وتبطش بها بمن تشاء، وعلى ذلك تنطلق التساؤلات، نحو: ماذا كانت الجبهة العربية تنتظر من أوباما؟ هل كانت بانتظار فجر جديد يلوح خلفه ميثاق عالمي للسلام؟ أم التخلي عن دعم الأمن الإسرائيلي؟ أو طرح استراتيجية جديدة تفك طلسمات الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني؟ وهل حدد أوباما هدف زيارته في الاستماع والإنصات فقط إلى الطرفين المتنازعين انطلاقاً من جهله بمفردات القضية؟
أو جهله بالمتغيرات المستحدثة فيها؟ أم أنها قضية طارئة على الساحة الدولية يريد التعرف على ملامحها وظروفها ومعطياتها ليحظى برؤية موضوعية تسمح له بالفصل فيها؟ ولماذا لم يعر أوباما اهتماماً خاصاً بذلك الذي يردده عن تلك الديناميكية السياسية المجتاحة للمنطقة العربية، أم أنه شعار استخفافي أجوف يتخذه ذريعة وتوطئة لإحكام القبضة حول الأمن الإسرائيلي؟ ومنذ متى تطالب واشنطن ذاتها أو تطالب إسرائيل أو حتى غيرها بوضع الرأي العام العربي في دوائر الاعتبار والتخطيط؟ ولماذا؟ بالضرورة ليس إلا إمعاناً في مراعاة المناخ المنفلت الذي ربما لا يعبأ بتشويش الأمن الإسرائيلي وليس دفعاً للعملية التفاوضية في خطواتها ومراحلها المزعومة من أجل السلام.
وإذا كان طوفان الثورات العربية وبعد أكثر من نصف قرن من الاستبداد والقمع والديكتاتورية لم يحرك أميركا نحو النهوض بدور القيادة الكونية، وإذا كان أوباما وهو في فترة رئاسته الثانية ليس في حاجة فعلية إلى الدعم الإسرائيلي، لا سيما وأن هذا الدعم تحول في لحظة ما إلى خصم أوباما في الجولة الانتخابية الأميركية الأخيرة، وإذا كانت قضية الصراع العربي-الإسرائيلي قضية شائكة معقدة تستحيل على الحل السياسي والاستراتيجي، باعتراف أوباما من قبل، فهل أصبحت هذه القضية وبتلقائية، سهلة يسيرة حتى يخوض فيها، وهل يتصور أوباما بالفعل أنه يحرك قوس التاريخ تجاه العدالة ليمنح الشعوب تلك الثقة بديمومة المجد الإمبراطوري، كما قال في بداياته؟ أم أن ذلك هو نوع من خيانة العقل الأميركي لذاته حين نبذ وصايا الآباء المؤسسين التي رددها جيفرسون، والتي منها: لقد أقسمت على مذبح الرب على العداوة الأبدية لكل صور الطغيان على عقل الإنسان.

رأي القدس العربي: الاتفاق التركي الاسرائيلي وتداعياته
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
تتضارب التفسيرات لاتفاق المصالحة التركي ـ الاسرائيلي الذي رعاه الرئيس الامريكي باراك اوباما وتضمن اعتذارا رسميا واضحا من قبل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الى نظيره التركي رجب طيب اردوغان من خلال مكالمة هاتفية في حضور الرئيس الامريكي الزائر لتل ابيب.
الجانب التركي قال ان نتنياهو اعتذر رسميا وتعهد بالتعويض لاسر ضحايا شهداء السفينة مرمرة التي اقتحمتها وحدة كوماندوز بحرية اسرائيلية في المياه الدولية وكانت في طريقها لكسر الحصار عن قطاع غزة، ورفع هذا الحصار.
الجانب الاسرائيلي في المقابل قال ان نتنياهو لم يتعهد برفع الحصار عن الاراضي الفلسطينية المحتلة، والقطاع على وجه الخصوص، وان هناك اتفاقا على تخفيف هذا الحصار في حال التزم الجانب الفلسطيني بالهدوء، وتوقف عن اطلاق الصواريخ لكن اذا ما استأنف اطلاقها فان الحصار قد يزداد تشددا.
الاسرائيليون الذين يواجهون عزلة اقليمية ودولية يريدون اعادة العلاقات والتنسيق الامني مع اسطنبول، مثلما يريدون التنسيق ايضا تجاه تطورات الاوضاع في سورية التي تزداد سوءا، حيث تتزايد احتمالات تحولها الى دولة فاشلة، وسيطرة جماعات جهادية على مساحات شاسعة من الارض، واستيلائها على اسلحة كيماوية.
السيد احمد داوود اوغلو اكد في تصريحات بثتها وكالة الاناضول الرسمية ان اتفاق المصالحة التركي ـ الاسرائيلي ليس له اي علاقة بالملف السوري، نافيا بطريقة غير مباشرة احتمالات اي تنسيق عسكري او استخباراتي بين البلدين في هذا المضمار، لكن بنيامين نتنياهو اعترف بان الاوضاع السورية وتطوراتها هي التي كانت الارضية لمثل هذا الاتفاق، بالنسبة الى اسرائيل على الاقل.
الولايات المتحدة تضررت كثيرا من استمرار التوتر في علاقات حليفيها التركي والاسرائيلي، خاصة في مثل هذا الظرف الحرج الذي تمر به منطقة الشرق الاوسط، وعدم التوصل الى حل سلمي للملف النووي الايراني، وعدم وضوح الرؤية في المنطقة بعد ثورات الربيع العربي واتساع خطر التنظيمات الجهادية الاقرب الى فكر القاعدة.
نحن نعرف الاسباب التي دفعت اسرائيل لتقديم هذا الاعتذار المهين وهي التي لم تعتذر مطلقا لاي من خصومها في السابق، اي محاولة كسر عزلتها الاقليمية والدولية، واعادة العلاقات مع حليف قديم كان سندا لها على الصعد كافة، لكننا لا نعرف دوافع السيد اردوغان وهو الذي استطاع كسب شعبية كبرى لنفسه ولحزبه ولبلاده بسبب موقفه الحازم في وجه الارهاب الاسرائيلي والحصار المفروض على مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
من الصعب الاجابة على هذا السؤال في الوقت الراهن، ولا بد من انتظار ان يهدأ غبار الاتفاق لنرى الحقائق على الارض واضحة وجلية. فقد جاء الاتفاق مفاجئا، بل صادما لكثيرين ونحن منهم، الذين اعتقدنا بان تركيا حزب العدالة والتنمية قد ادارت ظهرها لاسرائيل والى الابد وعادت الى جذورها الاسلامية الصلبة.

عودة إلى قضية حماس
بقلم: عبد الحليم قنديل ( كاتب مصري) عن القدس العربي
حسنا فعلت حركة حماس بالاستجابة الجزئية ـ إلى الآن ـ لمضمون مقالنا المعنون (تحذير لحركة حماس)، فقد بدأت في توسيع نطاق اتصالاتها بجهات وتيارات سياسية وصحافية مصرية متنوعة، وكسر أحادية اتصالاتها وتفضيلاتها لحزب الإخوان الحاكم افتراضيا في مصر الآن.
ولا أحد يناقش أو يجادل في طبيعة أيديولوجيا حركة حماس، فمن حقها أن تفكر كما تشاء، ومن حقها أن تعتنق فكر الإخوان المسلمين أو غيرهم، لكن بطاقة تقديم حركة حماس إلى الشارع لا يصح أن تبقى حبيسة 'إخوانيتها'، بل قد لا يميزها ذلك في شيء عند الناس خارج فلسطين المحتلة، فجماعات الإخوان منتشرة في أقطار العالم العربى وفي خارجه، وليست كلها شيئا واحدا، حتى وإن بدت العباءة واحدة، فجماعة الإخوان في العراق ـ مثلا ـ شاركت في حكومات الاحتلال الأمريكى، لكن حماس ـ في فلسطين ـ بدت عند الموقف العكسي بالضبط، وتوارى المعنى الإخواني فيها مقابل بروز المعنى المقاوم، وبدت حماس كحركة تحرير وطني فلسطيني بامتياز، وبالذات بعد أن ضعفت وترهلت حركة فتح، وسيطرت 'جماعة إسرائيل' على كثير من مفاصلها ومواضع القرار فيها، وبصورة جعلت 'فتح' تعتزل مبدأ المقاومة المسلحة.
وفي الوقت الذي تسللت فيه أمارات الضعف إلى حركة 'فتح'، برزت حركة حماس مع انتفاضة 1987، ولدت في غزة تماما حيث ولدت حركة فتح، ولكن بروح عفية شابة مقابل شيخوخة آلت إليها حركة 'فتح'، وهو ما يفسر الظهور التنافسي لفتح وحماس في حوادث الانتفاضة الأولى، بينما بدت حماس ـ بعدها ـ صاحبة الثقل الأكبر في حوادث الانتفاضة الثانية التي اشتعلت أواخر العام 2000، وبين الانتفاضتين، كانت حماس تبرز كرقم صعب في المعادلة الفلسطينية، وتتزايد شعبيتها في اطراد بالتوازي مع عبقرية عملياتها الاستشهادية، وبتقديم أخلاقية جديدة لحركة المقاومة الفلسطينية مقابل فساد استشرى بين قادة فتح، وبتقديم مثال رفيع لعمل اجتماعي وسياسي مبدئي الطابع، يسنده تنظيم صارم وديناميكى يحصر همه في المعنى الفلسطيني الجامع، ويوسع في دوائر تحالفاته وصداقاته، ويطور الوضع القتالي لجناحه المسلح، خاصة بعد أن أثمرت الانتفاضة الثانية جلاء للمحتل الإسرائيلي عن غزة، وتفكيك المستوطنات فيها، وهو ما أتاح لحركة المقاومة الفلسطينية المسلحة موطئ قدم ثابت داخل الأراضى المقدسة ذاتها، مكن حماس من الصمود البطولي في حرب 2008 ـ 2009 وحرب 2012، واكتسبت حماس قبل الحرب الثانية سنداهائلا مع تغيرات درامية في البيئة المحيطة بتدافع الثورات العربية، وخاصة ثورة مصر التي خلعت مبارك 'أعظم كنز استراتيجي لإسرائيل'.
غير أن القصة بدا لها وجه آخر، فالثورات العربية الجديدة ذات طبيعة خاصة، وولدت بلا قيادة مطابقة لحشودها الجماهيرية المليونية، وتتدافع موجاتها في إصرار، ولم تستقر بعد على مشهد ختام صالح للاستقرار، وبالذات في مصر، والتي كانت ـ ولا تزال ـ في وضع المستعمرة الأمريكية بامتياز، ولم تتحرر بعد من قيود فرضت بمعاهدة السلام المذل، وبالمعونة الأمريكية الضامنة للهوان، وبوجود ثلاثين ألف خبير أمريكي في كافة أجهزة الدولة المصرية، وبوجود سفارة أمريكية متضخمة الحجم، تمارس دور 'المندوب السامي'، وكلها مشاهد احتلال سياسى لم تمسها جماعة الإخوان الحاكمة، والتي تعيد استنساخ اختيارات وسيرة جماعة مبارك، وبفارق وحيد، هو أن جماعة الإخوان أكثر سلاسة في التواصل مع حركة حماس بدواعي الأيديولوجيا المشتركة، وهو مايجري توظيفه أمريكيا لدفع الإخوان إلى ممارسة ضغط أكبر على حماس، ولجم تصرفاتها المسلحة إزاء إسرائيل، وتدجين المعنى المقاوم لحماس، وهذا وجه من وجوه الخلل في مابدا من تفضيل حماس للتواصل مع الإخوان وحدهم، وفي لحظة مصرية مضطربة، تحاول فيها واشنطن احتواء الثورة المصرية عبر حكم الإخوان، وتمارس عملية 'خض ورج' للسلطة الافتراضية الجديدة، وبمزيج من ضغوط الاقتصاد وإغراءات السياسة، وحصار القوى الثورية الساعية لاستعادة الاستقلال الوطني، وتقليص النفوذ الأمريكي، واستعادة السيطرة العسكرية الكاملة على سيناء، والاستغناء عن المعونة الأمريكية، وتفكيك أجهزتها، وكل ذلك مما لا يجرؤ عليه حكم الإخوان الملتزم بمصالح 'رأسمالية المحاسيب'، وهو ما تظهر معه حركة حماس، وبتفضيلاتها للرفاق الإخوان، وربما بدون قصد واع، وكأنها ـ دون أن تقصد ـ ضد هدف تحرير مصر، بينما الشعور الوطني المصري ـ تاريخيا ـ مع تحرير فلسطين، وتحرير مصر مقدمة جوهرية لاستئناف عملية تحرير فلسطين، وهو ما قد يصح معه أن تنفتح حماس ـ وكافة فصائل فلسطين المقاومة ـ على التيارات الوطنية الأكثر جذرية في مصر، وبين الأخيرة وحكم الإخوان صدام سياسي واجتماعي واسع في مصر الآن، وقد لايكون مرغوبا أن تتدخل حماس في الصدام الجاري، ولا أن تدلي برأيها فيه علنا، ولا أن تعطى إيحاء بدعم سياسي لنهج الإخوان، وهنا يظهر جوهر الخلل في الإيحاءات الحماسية التي تبدو مفضلة للتواصل مع الإخوان، ولحكمهم الذي يواجه غضبا متصاعدا، وتنخفض شعبيتهم فى اطراد، وتزول عنهم صفة الالتزام بالإسلام والشريعة، وفي مقابل تأكيد صفة 'جماعة البيزنس' الراعية لاختيار الرأسمالية المتوحشة، والاستمرار في خصخصة وبيع أصول مصر على طريقة مبارك ذاتها، وبصكوك تعيد سيرة صكوك محمود محي الدين رجل جمال مبارك، أضف إلى ذلك إعادة حكم الإخوان لسيرة مبارك ذاتها في القتل الهمجي للثائرين والمتظاهرين، والانتهاك الواسع لحقوق الإنسان، وهذه كلها ـ مع غيرها ـ من خطايا الإخوان التي لا دور لحماس فيها، وإن بدت حماس مشاركة بالإيحاء بسبب 'التوأمة المخصوصة' مع جماعة الإخوان.
وقد لايصح ـ مع ذلك ـ تجاهل دور ملموس لجهات بعينها في تسويد صورة حركة حماس داخل مصر، ومحو التعاطف الشعبي معها، وتصويرها كعدو للشعب المصري، وإشاعة روح الكراهية بين المصريين والفلسطينيين، وشيطنة حماس والفلسطينيين جميعا، ولأن الحياة لا تعرف الفراغ، ولأن كل فراغ تتركه خلفك يملأه غيرك، فإن شيطنة الفلسطينيين قد يحل محلها غض الطرف أو تجاهل أولوية مواجهة جرائم الإسرائيليين، وهذه كارثة مفزعة قد يصح التحذير منها قبل وقوعها، وتعيق جهد القوى الوطنية الساعية لتحرير مصر من الهيمنة الأمريكية الراعية لمصالح إسرائيل، ولا نريد لحماس أن تتورط بدون قصد في جهد الإعاقة، بل نريدها أن تكون في موضعها الصحيح على الجانب الآخر، وربما قد يصح أن ننصح الإخوة في حماس بطرق أخرى للتصرف، أولها: إعلان أن شهداء الجيش المصري في حادث رفح هم شهداء فلسطين، والتعهد الأمني بتسليم أي عنصر فلسطيني تكشف التحقيقات تورطه في المجزرة، وثانيها: أن تعلن حماس وتؤكد نيتها عدم التدخل في شؤون مصر الداخلية، وثالثها: أن يدخل قادة حماس إلى مصر من بابها الوطني الواسع، وليس من شباك الإخوان الضيق، وأن يحصروا قضيتهم فى طلب النصرة لفلسطين وحدها.

إيران والاعتذار الإسرائيلي لتركيا
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
من السهل جدا فهم تداعيات الاعتذار الإسرائيلي لتركيا، على خلفية الاعتداء على السفينة «مرمرة» عام 2010، والتي كانت تحمل مواد إغاثة لأهالي غزة، ويمكن فهم تداعيات ذلك الاعتذار من خلال ترقب رد فعل إيران الذي لم يتأخر، حيث وصفت طهران اعتذار نتنياهو لنظيره التركي أردوغان بأنه «لعبة جديدة» تهدف إلى «التأثير على الصحوة الإسلامية بالمنطقة».
وبالطبع فإن رد فعل إيران متوقع، لأنها تعي أن هدف هذا الاعتذار هو إزالة كل عوائق التواصل بين أنقرة وتل أبيب، لأن مصالحهما باتت تتطلب التنسيق والتشاور الآن، خصوصا في الملف السوري، وهو الأمر الذي لم يخفه رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث قال إن هذه الخطوة جاءت بهدف تعزيز «التنسيق مع تركيا بشأن معالجة الأوضاع المتدهورة في سوريا»، مضيفا أن الأزمة هناك «تزداد سوءا كل دقيقة، وكان ذلك من الاعتبارات الرئيسية أمام عيني لحظة الإقدام على هذه الخطوة»، مشيرا إلى أن سوريا تنهار، والترسانة العسكرية والأسلحة المتطورة تكاد تقع في أيدي الجهات المختلفة.
ولذا فقد قرأت إيران الاعتذار الإسرائيلي لتركيا، والذي تم من خلال مكالمة هاتفية استغرقت نصف ساعة بين نتنياهو وأردوغان، وبوساطة من الرئيس الأميركي أوباما، قراءة صحيحة؛ فالمتضرر الأبرز من استئناف العلاقات الإسرائيلية - التركية بعد قطيعة ثلاثة أعوام هو إيران، خصوصا أن من شأن عودة العلاقات هذه تمكين أنقرة وتل أبيب من التشاور بشكل أوسع حول تداعيات الأزمة السورية، والملف النووي الإيراني، كما أن عودة هذه العلاقات ستعزز من مكانة تركيا الدولية، خصوصا في واشنطن التي ترى أن «إخوان تركيا» نموذج إيجابي بالمنطقة، مما سيعزز فرص أنقرة التي شرعت في ترتيب الملف الكردي داخليا في مواجهة المالكي بالعراق، وهناك أمر مهم أيضا لكل من إسرائيل وتركيا وهو ضعف «الإخوان المسلمين» في مصر.
كل ذلك دفع الإسرائيليين والأتراك لطي صفحة الخلاف واستعادة العلاقات. والقصة ليست قصة اعتذار وحسب؛ فتركيا، سياسيا، أدركت أنها كانت ضحية وهم «تصفير المشاكل»، وضحية بشار الأسد الذي استدرجها لسنوات من أجل تلميع صورته في الغرب حين أوهم أنقرة بأنه يسعى للسلام مع إسرائيل، كما استغل الأسد الأتراك لتلميع صورة حلف الممانعة الكاذب وذلك خدمة لكل من إيران وحزب الله وحماس، ولإقصاء الدور المصري إبان حكم مبارك، ولمشاغلة السعودية أيضا. أما إسرائيل فقد أدركت أن عنجهية نتنياهو لن تخدم مصالحها، فخسارة العلاقة مع دولة مثل تركيا أمر ليس بالسهل، خصوصا في ظل الصراع الإسرائيلي - الإيراني، واقتراب سقوط الأسد.
وعليه فإن الاعتذار الإسرائيلي وقبوله من قبل تركيا يمثل صلح المضطر، فأنقرة وتل أبيب تريدان ترتيب أوراقهما الخارجية استعدادا لما هو أصعب، وأخطر، وهذا ما فهمته إيران مباشرة، ولذلك فقد تشهد منطقتنا تصعيدا جديدا مفاجئا من قبل إيران لإحراج الأتراك، وإنقاذ الأسد، من خلال الهروب للأمام، كما حدث في حرب لبنان 2006 وحرب غزة الأخيرة.

كيف أسهم أوباما في تحسين البيئة الإستراتيجية لـ «إسرائيل»؟
بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
حتى أكثر المتفائلين في الكيان الصهيوني لم يكن يتوقع حجم الإنجازات التي حققتها تل أبيب من الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما. لقد خرج أوباما عن طوره من أجل أن تسهم زيارته في تحسين البيئة الإقليمية والدولية لـ»إسرائيل» بشكل فارق، من خلال جملة من المواقف السياسية والإسناد العاطفي، وحلّ معضلات إستراتيجية عجزت القيادة الصهيونية عن مواجهتها.
تبني مزاعم الصهيونية التاريخية
لقد كان الهدف الرئيس لزيارة أوباما مخاطبة الجمهور الإسرائيلي بشكل مباشر ومحاولة وضع حد للانطباع الذي ساد في «إسرائيل» حول «عدائية» أوباما للكيان الصهيوني، وهو الانطباع الذي نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تكريسه هو ومساعدوه خلال ولاية حكمه السابقة. لقد فطن أوباما إلى أنّ ما أغضب الإسرائيليين في الخطاب الذي ألقاه في جامعة القاهرة عام 2009، وسعى خلال هذه الزيارة إلى التراجع عنه بشكل واضح، فقد غضب الإسرائيليون عندما ربط أوباما في خطابه في جامعة القاهرة بين حق «إسرائيل» في الوجود وبين ما جرى لليهود على أيدي النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، فقط دون ذكر ما يزعمه اليهود بوجود رابط بين حق «إسرائيل» في الوجود والعلاقة «التاريخية» بين اليهود وهذه الأرض التي تعود لثلاثة آلاف من السنين، كما يزعم الإسرائيليون. وقد حرص أوباما في بداية حديثه على التأكيد على عمق الرابط التاريخي بين اليهود وهذه الأرض. في الوقت ذاته، حرص على تذكير الإسرائيليين أنّه يدعم مواقفه السياسية بدعم مادي وعسكري كبير، حيث أشار إلى حقيقة أنّ المساعدات الأمريكية على الصعيدين العسكري والاقتصادي بلغت في عهده مستوى غير مسبوق. مع العلم أنّ مجمل المساعدات التي تلقّتها «إسرائيل» من الولايات المتحدة منذ تأسيسها عام 1948 وحتى الآن 860 مليار دولار.
مواجهة تبعات الربيع العربي
لقد كان من الواضح أنّ واحدة من أهم القضايا التي حرص أوباما على مناقشتها خلال زيارته لـ»إسرائيل» هو سبل مواجهة تداعيات التحولات في العالم العربي، جنوباً وشرقاً. وقد ألمح أوباما إلى أنّ هناك تنسيق وتعاون كبير وعميق بين تل أبيب وواشنطن بشأن سبل مواجهة هذه التحولات، لا سيما على صعيد الثورة السورية. وقد أكّد يوفال شطاينتس وزير الاستخبارات الإسرائيلية الجديد أنّ أوباما ناقش آخر المستجدات على صعيد التعاون والتنسيق بشأن سبل مواجهة السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تنتهي إليها الثورة السورية. وقد بات واضحاً أنّ أكثر ما يشغل بال أوباما ونتنياهو هو عدم السماح بوصول السلاح غير التقليدي والصواريخ بعيدة المدى الموجودة في جعبة النظام السوري للجماعات الجهادية، التي باتت تتواجد على بعد بضع مئات من الأمتار من الحدود من الجولان الذي تحتلّه «إسرائيل». ولقد حرص أوباما على التأكيد على أنّ الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل لتجنيب «إسرائيل» أيّ مخاطر ناجمة عن تسرب السلاح للجماعات التي يمكن أن تشكِّل خطراً على «إسرائيل».
توافق بشأن إيران
لقد بدا أنّ هناك توافق تام بين كل من أوباما ونتنياهو بشأن تقييم الخطر الناجم عن تحوُّل إيران إلى قوة نووية، حيث اتّفق أوباما ونتنياهو على أنّ حصول إيران على سلاح نووي يمثّل «كارثة» للمصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة. ولقد تغلّب نتنياهو وأوباما على الخلاف التقليدي الذي كان سائداً بينهما بشأن سبل مواجهة البرنامج النووي الإيراني، حيث تدلّ التسريبات على أنّ نتنياهو بات مطمئناً للإجراءات التي تم التوافق عليها بشأن سبل معالجة البرنامج النووي الإيراني، سواء على صعيد العقوبات الاقتصادية، أو على صعيد الحرب السرية ذات الطابع الاستخباري التي تشنّ على البرنامج النووي الإيراني بتنسيق تام بين الولايات المتحدة و»إسرائيل»، والتي تتضمن توسيع دائرة الحرب الإلكترونية، وعمليات خاصة أخرى. علاوة على ذلك، فإنّ أوباما قدّم تعهدات صارمة بأنّ تهديده بالخيار العسكري لمواجهة إيران هو تهديد واقعي يستند إلى نية حقيقية.
صفعة لعباس
لقد أصبح في حكم المؤكد أنّ أقل القضايا التي شغلت بال أوباما خلال زيارته لـ»إسرائيل» والضفة الغربية هي عملية التسوية بين «إسرائيل» والفلسطينيين، على الرغم من أنّه أفسح لها جزءاً مهمّاً في حديثه. لقد وجّه أوباما صفعة قوية للفلسطينيين، وتحديداً للرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما طالبه بالتراجع عن طرح شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات، أيّ أنّ أوباما يطالب عباس بأن يتراجع عن مطالبته بوقف الاستيطان والتهويد قبل بدء المفاوضات. ليس هذا فحسب، بل إنّ أوباما حرص متعمداً على تيئيس الفلسطينيين من الرهان على دور الولايات المتحدة في عملية التسوية، ففي الوقت الذي أكّد وقوفه إلى جانب «إسرائيل» بكل قوة، وبغضّ النظر عن سلوكها من التسوية مع الفلسطينيين؛ فقد أوضح أوباما لعباس بشكل لا يقبل التأويل أنّ الولايات المتحدة غير عازمة على استثمار جهود كبيرة في تحقيق انطلاقة في التسوية. أيّ أنّ ما يتوقعه أوباما من السلطة الفلسطينية يتمثّل في ضرورة الذهاب باتجاه «إسرائيل» عبر مواءمة مواقفها مع ما يمكن أن توافق عليه الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وتدلّ كل المؤشرات على أنّ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيحرص على إقناع الدول العربية بمنح عباس التفويض لاستئناف المفاوضات دون وقف الاستيطان.
إصلاح العلاقة مع تركيا
من الواضح أنّه لولا الجهود الكبيرة التي بذلها أوباما لما تمكّنت «إسرائيل» من تحقيق هذا الإنجاز الكبير. صحيح إنّ «إسرائيل» استجابت لبعض الشروط التي وضعتها تركيا، لكن من الواضح أنّه لولا التدخل النشط لأوباما وكيري لما تحقق هذا الإنجاز. ومن الواضح أنّ الهدف الأمريكي من إصلاح العلاقة بين تل أبيب وأنقرة هو تحسين البيئة الإقليمية لـ»إسرائيل» وتمكينها من مواجهة تحولات العالم العربي، لا سيما على الصعيد السوري.
رأي البيان: إسرائيل والعدوان المتجدد
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الإماراتية
لا يكاد يمرّ يوم على قوات الاحتلال الإسرائيلي، من دون أن ترتكب عدوانا جديدا في حق الشعب الفلسطيني الأعزل. سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تمضي قدما في سياسة الاستيطان تحت الغطاء والدعم الأميركي، تضيق ذرعا بخيام الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب معهم في حي «أحفاد يونس» بقرية باب الشمس شرق القدس المحتلة، إذ أقدمت على إخلائها بالقوة وهدمت الخيام المقامة في الحي.
هذه الخيام التي هي رمز لثبات الفلسطينيين وصمودهم في وجه التهويد والاحتلال وسياسة الغطرسة، تضيق بها إسرائيل ذرعاً لأنها تثبت أن الاحتلال لا يعرف لحقوق الإنسان معنى. وإسرائيل لم تعرف يوما طريقا للسلام واحترام المعاهدات.. ومع فجر كل يوم تأتي بممارسات تؤكد أن تل أبيب أبعد ما تكون عن مراعاة حقوق الإنسان.
ولم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالاجتياح والترويع، بل امتد العدوان إلى اعتقال العشرات والتعدي على النشطاء، وتحويل المكان إلى ثكنة عسكرية.
هذه الممارسات تكشف إلى أي مد تمضي إسرائيل في سياساتها العنصرية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، من دون رادع ومن دون النظر إلى اتفاقيات أو معاهدات لا تعرف لاحترامها طريقا.
عناوين العدوان الإسرائيلي كثيرة، ولن يكون اجتياح قرية باب الشمس آخرها ولا أخطرها، لكنها نقطة سوداء جديدة تضاف إلى سجل ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يأبى أن يقدم إشارة ولو بسيطة على أنه يمكن أن يبقي على اتفاقيات أو يلتزم بمعاهدات. هذه الحملة تصحبها موجة اعتقالات للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
إن العالم الذي يئن تحت وطأة المتغيرات السياسية المتلاحقة، عليه ألا ينسى الشعب الفلسطيني الأعزل ومعاناته مع الاحتلال التي لا تتوقف، وأن يمارس جهودا أكبر من أجل وضع حد لتلك المعاناة. ويجب على الولايات المتحدة الأميركية أن تضغط على حليفتها إسرائيل، من أجل حقوق الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.
كما أن الجامعة العربية، رغم ما تمر به المنطقة من أحداث سريعة ومتلاحقة، يجب ألا تغيب عنها القضية الفلسطينية المحورية بالنسبة للعرب جميعا، وأن تدفع نحو مساندة الفلسطينيين في نيل حقوقهم والتصدي لممارسات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.




المصالحة الفلسطينية.. عبثية وحوار بيزنطي
بقلم: زيّاد أبو شاويش عن البعث السورية
> السؤال الذي يطرح، أمام غياب ما يؤشر إلى نتيجة إيجابية لجولات الحوار المتتالية لإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي يتفق الجميع على أنه حجر عثرة في طريق الكفاح الوطني الفلسطيني: لماذا الحوار والمصالحة وأطراف الانقسام ليسوا في وارد التخلي عن سمات الانشقاق والفصل بين الضفة وغزة؟. لماذا المصالحة وكل طرف من طرفي الانقسام الذي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني له أجندته الخاصة ومصالحه الحزبية الضيقة التي تحكم سلوكه وتوجهاته، مايجعل العمل السياسي الفلسطيني أشبه باللوغاريتمات، أو السوريالية، أو مهرجانات السيرك المتنقلة ؟.
لا يعرف أحد على وجه الدقة لماذا يتحاور أطراف الانقسام الفلسطيني الذي لم يضر أحداً بقدر إضراره بالشعب الفلسطيني وقضيته، ما داموا غير جاهزين للمصالحة وإنهاء هذا الانقسام الذي استغرق وقتاً أكثر مما يجب، ولا يستطيع أي محلل أو منجم أن يفهم مجريات هذا الحوار الذي ما انفك يروج التفاؤل بقرب إنهاء القطع الدامي والمؤلم في تاريخ ثورة الشعب الفلسطيني وكفاحه الوطني، حين قامت حماس وعبر تمهيدات ساعدتها حركة فتح وسلطتها في غزة على ترويجها بين الناس وكأنها حقائق بانقلاب عسكري أطاحت فيه بكل أسس الوحدة الوطنية، وحفرت خندقاً من التباعد والكراهية وعدم الثقة بين أبناء الوطن الواحد، خندقاً يحتاج لعمليات ردم كبرى كي ينتهي وتعود الأمور لما كانت عليه قبل ذاك الحسم العسكري الحمساوي، والذي لا يمكن تبريره أو تسويغه حتى لو كان كل ما تقوله حماس صحيحاً عن سلوك فتح وسلطتها.
لماذا الحوار والمصالحة وقادة حماس وفتح ليسوا في وارد التخلي عن سمات الانشقاق والفصل بين الضفة وغزة؟. لماذا المصالحة وكل طرف من طرفي الانقسام الذي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني له أجندته الخاصة ومصالحه الحزبية الضيقة التي تحكم سلوكه وتوجهاته؟. والأهم لماذا يتصالحون والفلسطينيون بأغلبيتهم مستكينون ويقبلون الخداع والكذب؟
اجتمعوا في القاهرة وتحدثوا طويلاً طويلاً، وسمعنا تصريحاتهم الطنانة حول قرب الحل والاتفاق، كما أطلت علينا فصائل ليس لها في الخلاف ناقة ولا جمل فزاد المهرجان بريقاً وتفاءل القوم بقرب الفرج وانتهاء الانقسام، لنفاجأ بأن الأمر عاد لنقطة الصفر، كما قرأنا تصريحات من نوع التصريح الذي أدلى به السيد نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية وأبدى فيه تشاؤمه من الوصول لحل ينهي الانقسام ويوصل للمصالحة، والذي أعقبه بتصريح في نفس الإطار يحمل حماس مسؤولية فشل الحوار والمصالحة.
المدهش في هذا الموضوع والذي يجعل العمل السياسي الفلسطيني أشبه باللوغاريتمات، أو السوريالية، أو مهرجانات السيرك المتنقلة أن بعض الشخصيات من طرفي الحوار الرئيسيين كفتح وحماس حملوا المستقلين مسؤولية فشل الجولة الجديدة التي كنا نعول عليها كثيراً بحكم التدخل المصري المتوازن، ونتائج الجولة السابقة بين الطرفين، وكلام خالد مشعل الايجابي تجاه المصالحة ومديحه للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقال بعضهم إن المستقلين تلقوا رسالة من السفير الأمريكي في القدس يحذرهم من مغبة تمرير الحل الذي طال انتظاره وإنهاء الانقسام، وطالبهم (أي المستقلين) بعرقلة الوصول للحل وتأخيره إلى ما بعد زيارة الرئيس الأمريكي بارك أوباما للمنطقة، التي يبدأها، وكما هو متوقع، بزيارة الكيان الصهيوني في أواخر هذا الشهر.
وفي رواية أخرى أن وزارة الخارجية الأمريكية، وعبر الوزير الجديد، اتصلت بالرئيس أبو مازن وطلبت منه تأجيل التوقيع على ورقة المصالحة أو أي اتفاق آخر حتى نهاية هذا الصيف، باعتبار أن المصالحة ستضعف فرص الحل الوهمي الذي تروج له الولايات المتحدة (حل الدولتين) منذ عدة سنوات دون أن يبدو في الأفق مايشير إلى قرب الوصول إليه، كما ستؤثر في قدرة الإدارة الأمريكية على منح الفلسطينيين الأموال اللازمة لبقاء السلطة الفلسطينية ولتسديد رواتب موظفيها.
في الجهة الأخرى من الصورة وما يتعلق بأمر المصالحة هناك رجال في حماس لا يريدون هذه المصالحة بتاتاً، ليس لأن الطرف الآخر لديه برنامج تفاوضي لا تقبله حماس، ولا لأن حركة فتح مع أوسلو وحماس ضدها، ولا بسبب عدم وجود قواسم مشتركة فيما يخص مقاومة العدو وطرق التصدي للاحتلال، ليس كل هذا ما يجعل مواقف البعض في حماس متشنجة ورافضة للقاء والحوار من الأساس، بل إنهم ينطلقون في موقفهم المعرقل والتخريبي للوحدة الوطنية من مفاهيم ذاتية مغرقة في العدمية والتماهي مع مصالح خاصة ورؤية خشبية تغلف بكلام ممل عن البرنامج الوطني وعن المقاومة وعن التنسيق مع الاحتلال وخلاف ذلك من كلام الحق الذي يراد به باطلاً. وهنا لابد لي أن أذكر كلاماً قاله أحد قياديي حماس النافذين في غزة حين سأله زواره من مصريين وغيرهم وفي منزله في مدينة غزة عن المصالحة حين أجابهم بالتالي: "نحن لا نحب أبو مازن وهو لا يحبنا، ولذلك هو في حاله ونحن في حالنا، وكل واحد يشوف مصلحته ولن نسمح بعودة الأمور للوراء". طبعاً هناك أيضاً في حركة فتح من لا يقلون تطرفاً وعدمية تجاه الحوار والمصالحة عن شخصيات حماس الرافضة للمصالحة..وماذا بعد؟
يمكن أن نكتب آلاف الشعارات عن أهمية الوحدة الوطنية، وندبج آلافاً أخرى عن المصالحة وآثارها الإيجابية على العمل الوطني الفلسطيني، كما يمكننا الحديث مطولاً ودون توقف عن التسامح وحب الشقيقن وعن العدو المشترك وأولوية مواجهته والظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، كما يمكن أن ننتقد كل القيادات ونحملها مسؤولية الخلل والضعف الذي يعترينا في ظل واقع عربي معقد وليس في أولوياته قضية الفلسطينيين أو الصراع مع الكيان الصهيوني.
كل هذا وغيره يمكن الحديث فيه لتبيان ضرورة الوحدة وخطأ العرقلة، لكن الصحيح يكمن في غياب القوى البديلة وحراك الشارع وقواه الحية في مواجهة هؤلاء العابثين بمصلحة الشعب الوطنية وكذلك في تقصيرنا جميعاً تجاه مستقبل قضيتنا وترك هؤلاء يسخرون منا بحوار بيزنطي نعرف سلفاً أنه نوع من الخداع والتضليل.. فمتى نستيقظ ونوقظهم؟

تسويق الأساطير الصهيونية
بقلم: محمد العبدالله ( كاتب فلسطيني)عن الأخبار البيروتية
مع إعلان الحكومة الثالثة التي يترأسها نتنياهو خلال حياته السياسية، وعلى وقع هذا التشكيل الذي يحمل الرقم 33 منذ تأسيس حكومات الغزو الhحتلالي/ الإجلائي، وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما في جولة قادته للعديد من دول المنطقة. وإذا كانت فاتحة حركته السياسية/ الدبلوماسية، الخارجية، في بداية فترته الرئاسية الثانية، انطلقت من الثكنة /الكيان، فإن مدلولات الزيارة أخذت بعداً استراتيجياً واضحاً، في أهمية حكومة العدو في مركز السياسة/ المصالح، الإمبريالية الأميركية في الوطن العربي والمنطقة.
زيارة الـ48 ساعة للكيان، اقتطع منها الرئيس وطاقمه خمس ساعات للقاء قيادة سلطة رام الله المحتلة التي لا تعدو كونها «محطة وقوف!» أتاحت للطرفين تبادل الرأي حول الاستعصاء الحاصل في «قضية القضايا»: المفاوضات. لكن ما تسرب عن حوارات تلك الساعات، وما تضمنه المؤتمر الصحافي المشترك لمحمود عباس وأوباما، أضاف خيبة أمل جديدة إلى قيادة المقاطعة، بعد أن عبّر العديد من مسؤولي السلطة أثناء التحضير للجولة الموعودة، عن آمال ــ لا تعدو كونها أوهاماً ــ في أن تشكل الزيارة المرتقبة «بداية سياسة أميركية جديدة»! خاصة، وأن التصريحات الرسمية التي سبقت الزيارة حملت مواقف لا تساعد على تحقيق تلك الآمال. المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني صرّح قبل أيام «أنّ زيارة أوباما للمنطقة لن تركز على مقترحات محددة لعملية السلام في الشرق الأوسط... لأنّ ذلك ليس هدف الزيارة، فالرئيس لا يحمل معه خطة سلام جديدة». وهذا ما أكّدته صحيفة «هآرتس» «أن الموضوع الفلسطيني لم يحتل سوى جانب هامشي من ساعات اللقاء الثلاث الأولى التي تمّت بين أوباما ونتنياهو، وأن المداولات تركزت حول سوريا وإيران».
مواقف أوباما النقدية، كما جاءت في مقابلته الصحافية الشهيرة قبل انتخابات الكنيست الأخيرة، والتي تحدث فيها بامتعاض عن سياسة نتنياهو، تحولت، كما وصفها في خطابه في «مباني الأمة» في القدس الغربية المحتلة، إلى دراما بينه وبين صديقه بيبي. فخلال السنوات لم تكن سوى لعبة لإيجاد مواد «لإيريتز نيهيدير» (برنامج «إسرائيلي» تلفزيوني ساخر).
لقد «قرر أوباما احتضان نتنياهو بدلاً من مواجهته» كما كتب البروفسور إيتان غلبوع، الباحث في جامعة بار إيلان في صحيفة «يديعوت أحرونوت». هكذا إذن، أمام المصالح المشتركة وطبيعة الوظيفة للكيان، يتم تجاوز كل المواقف «الحادة» بين الليكود وزعيمه، وأوباما وحزبه الديمقراطي كما ظهرت أثناء الانتخابات الأميركية الأخيرة. فالعلاقات الأميركية ــ الإسرائيلية محكومة بالخدمات المتبادلة التي يقدمها كل طرف للآخر في تنفيذ السياسات الاستعمارية التوسعية وفي سياسة الهيمنة الاقتصادية. لهذا، أعاد أوباما التذكير بتاريخية العلاقة ومتانتها (لقد نشأت بعد إحدى عشرة دقيقة من قيام «إسرائيل» عبر اعتراف أميركا بها، وهي تتطور منذ ذلك الوقت بسبب القيم المشتركة).
خطاب الرئيس الأميركي في مباني الأمة أمام حشد من الشباب ــ معظمهم من طلبة الجامعات ــ قرأه البعض من نشطاء المقاومة بالوطن المحتل، بأنه «وعد بلفور جديد». كانت الأساطير الصهيونية، تتكشف في العديد من العبارات والأفكار و«الأحلام»، فالرواية الصهيونية كانت حاضرة في كلام الرئيس عندما تحدث عن «أرض الميعاد» وعلاقتها بـ«الشعب اليهودي» وحريته! (حلم الحرية وجد أخيراً تعبيره الكامل في فكرة الصهيونية: أن تكون حراً في وطنك). لقد جاء خطابه في بداية فترته الرئاسية الثانية، معاكساً ونقيضاً، لما توهمه البعض من المراهنين على السراب، لخطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة 4/6 /2009، وهو في بداية رئاسته الأولى. كانت أوضاع المنطقة والساسيات الأميركية في العالم، هي التي فرضت على أوباما في بداية كل فترة رئاسية تحديد نقطة الانطلاق في كلّ جولة. في فترته الرئاسية الأولى، تبنّى أوباما مطلب تجميد المستوطنات كشرط مسبق للمفاوضات. أما في زيارته الأخيرة، فقد تنازل عن هذا المطلب، بل ربط الاعتراف بدولة فلسطينية، بضرورة اعتراف الفلسطينيين ــ سلطة رام الله المحتلة ــ بكيان العدو («إسرائيل» دولة يهودية) بمعنى انتقال تلك القيادة للتعامل مع الديمغرافيا بعد أن تعاملت ــ بالخضوع والإذعان ــ مع الجغرافيا، بالتنازل عن 78% من أرض فلسطين التاريخية، لتنتقل إلى وضع مليون وثلاثمائة ألف عربي فلسطيني يقيمون في وطنهم التاريخي أمام سياسة الإبعاد.
ازدواجية المعايير برزت بوضوح في نفاق السياسة الأميركية، والعواطف الإنسانية عند التكلم عن الأسلحة الكيميائية في المنطقة. رئيس الدولة الدموية، نسي نتائج قصف القوات الأميركية لمدينة الفلوجة بالفوسفور الأبيض بعد غزو العراق عام 2003 ببضعة أشهر. كما تناسى ما فعله مضيفه الصهيوني، من استخدام ذات السلاح الفوسفوري في عدوانه المتكرر على غزة. التخوف الذي أبداه أوباما على «مستقبل اليهود وأمن أطفالهم»، لم يقابله حديث عن الأسرى من الرجال والنساء والأطفال. بل إن طرد الفلسطينيين وتشردهم من وطنهم، والمجازر بحق أطفالهم في العدوان المستمر على غزة، هي دفاع عن «القيم الديمقراطية»!.
بعد خطاب القاهرة الحزيراني الذي سوّق فيه وعوده التي لم تتحقق بوقف الاستيطان، ازدادت المستعمرات وعدد المستعمرين بشكل واضح. والآن، بعد خطاب مباني الأمة ولقاءات رام الله المحتلة، وزيارة كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، المحاصرة والمستباحة لقوات العدو، كيف تكون «العودة للمفاوضات بدون شروط مسبقة» ــ كما طلب الرئيس الزائر ــ في ظلّ حكومة صهيونية جديدة، يحتلّ أصحاب مشروع بناء المستعمرات وتوسيع الموجود منها، الثقل الأكبر في تشكيلتها. كل هذا ستجيب عنه الأشهر القليلة المقبلة.

السلام ضرورة.. والسلام عدل .. والسلام ممكن !
بقلم: عبدالله بن يحيى المعلمي عن المدينة السعودية
هذه الكلمات اختصرت النداء الذي وجهه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الشعب الإسرائيلي، من فوق رؤوس زعمائه.. شرح الرئيس أوباما كيف أن حقائق الجغرافيا والديموغرافيا ووقائع الأرض ومسيرة التاريخ كلها تعني أن إسرائيل لا يمكن أن تتمتع بالأمن إلا بتحقيق السلام، وشرح كيف أن غياب السلام فيه من الإجحاف تجاه الفلسطينيين ما لا يمكن أن يتقبله ضمير ولا إحساس، ثم بشَّر الرئيس أوباما بفجر جديد من الرخاء الذي يمكن أن يحققه السلام للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.. وتحدث الرئيس أوباما بحرارة وعمق عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وفي إقامة دولتهم المستقلة، وحق أبنائهم في التطلع إلى حياة كريمة ومستقبل مشرق، وتحدث عن معاناة الفلسطينيين المزارعين الذين لا يتمكنون من فلاحة أراضيهم، والطلبة الذين لا يستطيعون الوصول إلى جامعاتهم، والأطفال الذين يشاهدون آباءهم وأجدادهم يتعرضون للمهانة والإذلال على يد حواجز الجيش الإسرائيلي، وعن القرويين الذين يعانون من اعتداءات المستوطنين المتكررة عليهم دون رادع يردعهم أو رقيب يوقع عليهم العقاب المستحق، وقال إنه لا توجد في العالم حصون دفاعية أو أسوار شاهقة تستطيع تأمين الحماية ما لم يتحقق السلام العادل، ثم أطلق صرخته العالية بأن الاحتلال والإبعاد، وأضيف إليهما الاضطهاد والسجن والتعذيب، لا يمكن أن يكون بديلاً عن السلام.. والملفت للنظر أن الجمهور الإسرائيلي قابل حديث الرئيس أوباما عن حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم بأطول فترة من التصفيق الحار المتواصل.
سوف يهمل بعضنا كل هذا الكلام ويركزون على النصف الأول من الخطاب الذي كان أوباما فيه يهودياً أكثر من كوهينات العالم، وصهيونياً ذا قبعة أشد سواداً من قبعة هرتزل أو نتنياهو، ولكن النصف الأول من الخطاب كان عن التاريخ، وما علينا لو اختلفنا في نظرتنا إليه أو روايتنا له، وما يضيرنا لو قلنا للرئيس أوباما بكل احترام إننا لا نقبل مغالطاتك التاريخية، ولا الأسس الشوفينية للعقيدة الصهيونية، ولسنا ملزمين بإعجابك بما حققه الكيبوتز على أراضٍ مغتصبة، أو أنجزته التقنيات الإسرائيلية بأموال المواطن الأمريكي الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها بلاده منذ عشرات السنين.. ما علينا من كل هذا ودعنا نأكل معك يا أوباما العنب ولنترك الناطور في حاله.. إن الإنصاف يقتضي أن نقول إن ما قاله الرئيس أوباما عن حقوق الفلسطينيين وطموحاتهم لا يختلف كثيراً عما نقوله ونتطلع إليه.
هل سينهار الصلف الإسرائيلي غداً؟ وهل سيهرول نتنياهو إلى محمود عباس طالباً الصفح والغفران ومقدماً ما يسميه بالتنازلات المؤلمة؟ بالطبع لا!! ولكن تصفيق الشباب الإسرائيلي الحار، ونتائج الانتخابات الأخيرة التي أسفرت عن تحولات رئيسية في الخارطة السياسية لإسرائيل، والشجاعة الأدبية التي أظهرها أوباما عندما أسمع الإسرائيليين ما كان قادتهم يعملون على حجبه عنهم، كل ذلك لا بد وأن يتبلور في إعادة بحث عميقة لدى شباب إسرائيل وأسرها، مما قد يسفر عن تيار داعم للسلام بشكل لم تشهده إسرائيل من قبل، وقد يساعد على الضغط على القيادة الإسرائيلية بأكثر مما يترتب على صاروخ هنا أو هناك.
قد أكون متفائلاً بعض الشيء، ولا ضير في ذلك.. فلنمنح السلام فرصة، والأهم من ذلك هو أن يمنح الإسرائيليون السلام فرصة.. فلقد جنحنا إلى السلم قبل أن يجنحوا إليه، وانتظرناهم طويلاً فلعلهم يجنحون!!

النتائج "الكارثية" لزيارة أوباما
بقلم: خميس بن حبيب التوبي عن الوطن العمانية
اختلفت الآراء حول زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة، هل هي زيارة سياسة سياحية أم زيارة سياحة سياسية؟ لكن وقائع الأحداث ونتائجها تشير إلى أنها زيارة سياسية بامتياز، وقد حاول البيت الأبيض إلباسها لبوسًا سياحيًّا، باستباق بدء الزيارة بالإعلان عن أن أوباما لا يحمل شيئًا جديدًا ولا مبادرة سلام، وإنما جل ما هنالك هو استطلاع الآراء وسبر الأجواء.
نعم الزيارة جاءت على وقع ملفات ساخنة تشهدها المنطقة وخاصة ملف البرنامج النووي الإيراني وملف الأزمة السورية، حيث تقتضي سخونة الملفين درجة عالية من التنسيق بين كيان الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي، لأن تطورات الملفين تلامس بصورة مباشرة هواجس الأمن المزعومة لدى المحتلين الصهاينة التي يجب أن يتداعى عليها الحلفاء والمؤسسات والمنظمات الدولية لإزالة أسباب الهواجس والقضاء عليها، وهنا لا بد أن يصار إلى نقاط محددة يجب الارتكاز عليها للانطلاق نحو تبديد الهواجس ومشاعر القلق المزعومة، فجاءت على وقعها الزيارة التاريخية في الولاية الثانية لأوباما، ولضمان بقاء هذا الكيان المحتل العنصري القوة الأوحد في المنطقة، وبالتالي كان من الأهمية بمكان أن تخرج بنتائج حقيقية أقل ما يمكن وصفها به هو أنها "كارثية"، حيث مقتضى الضرورة أن تنتهي بهذه النتائج لترتيب الخريطة السياسية والأمنية والديموغرافية والاقتصادية للمنطقة، والتي يمكن ترتيبها قبيل وأثناء الزيارة كالآتي:
الأولى: استخدام العصابات المسلحة الحليفة لكيان الاحتلال الصهيوني السلاح الكيماوي لأول مرة منذ بدء الأزمة في سوريا، والهدف من ذلك واضح وهو ليس لاستفزاز دمشق لجرها إلى ردات فعل مساوية لفعل العصابات المسلحة فحسب، وإنما ليكون ملف الأسلحة الكيماوية متصدرًا جدول برنامج زيارة أوباما ويأخذ مداه في النقاش إلى حيث يريد المحتلون الصهاينة.
الثانية: التأكيد على أبدية التحالف الاستراتيجي القائم بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني، باعتباره أحد الثوابت في السياسة الأميركية، وبالتالي التزام أميركا ـ كما قال أوباما ـ بالحفاظ على أمن الكيان المحتل وعلى بقاء تفوقه، ومواصلة تقديم التكنولوجيا المتقدمة له.
الثالثة: إعطاء الضوء الأخضر لكيان الاحتلال الصهيوني في التعاطي مع البرنامج النووي الإيراني، وحسب أوباما فإن حصول إيران على السلاح النووي يشكل خطرًا على الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني، ولذلك فإن كل الخيارات متاحة ومتروكة على الطاولة.
الرابعة: على الفلسطينيين الاعتراف بما يسمى "يهودية" كيان الاحتلال الصهيوني، مقابل دولة فلسطينية قابلة للحياة، لكن غير معروف مكانها قد تكون في المريخ أو في أحلام الواهمين، وعلى العرب التحرك سريعًا نحو خطوة التطبيع، شرطًا أساسيًّا إن أرادوا تعاون الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني في معالجة أسخن ملفين يرون أنهما مصدر قلق وتوجس، ويسعون إلى التخلص منهما بأسرع ما يمكن، وهما ملف البرنامج النووي الإيراني وملف الأزمة السورية.
الخامسة: المطالبة باعتبار حزب الله منظمة إرهابية وأن "كل بلد يعترف بقيمة العدالة يجب أن يسمي حزب الله بما هو عليه: منظمة إرهابية"، وهي مطالبة ليست من قبيل الصدفة المحضة، وإنما تأتي في ظل ترتيبات تجري لمحاصرة الحزب تمهيدًا لتصفيته والتخلص منه سياسيًّا ومقاومة.
السادسة: استقالة الحكومة اللبنانية التي يرأسها نجيب ميقاتي، وهي استقالة أيضًا لم تكن مصادفة، بل مرتبطة ارتباطًا عضويًّا بما يجري في سوريا، في إطار محاولات إحكام القبضة الحديدية بالسلاح والنار على سوريا، إذ يسير المخطط في لبنان ـ والذي بدأ بهذه الاستقالة ـ نحو تغيير في عقيدة الجيش اللبناني وهيكلته، وإضعاف الأجهزة الأمنية (بما فيها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي)، وتحويل شمال لبنان إلى قواعد لتنظيم القاعدة الذي أصبح بالفعل ملاذًا آمنًا لما تسمى "جبهة النصرة" وبقية الألوية الإرهابية؛ بمعنى آخر الهدف التخلي عن سياسة النأي بالنفس بالتحول إلى الانخراط المباشر في الأزمة السورية بفتح الحدود لدخول آلاف المسلحين ومختلف الأسلحة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إعداد شمال لبنان المستهدف بملئه بالتطرف للمواجهة الكبرى مع حزب الله، حيث سيجري توظيف الاختلاف الأيديولوجي في تأجيج المواجهة، وبالتالي ستكون المقاومة اللبنانية بين فكي كماشة بين شمال لبناني متطرف وبين كيان الاحتلال الصهيوني الإرهابي على الحدود في الجنوب.
السابعة: اغتيال الشيخ العلامة محمد سعيد رمضان البوطي وذلك بهدف القضاء على الإسلام المعتدل في بلاد الشام، وزرع الغلو والتطرف مكانه بقصد ضمان عدم استقرار بلاد الشام، بحيث تظل في بحار متلاطمة من العنف والدماء والاقتتال الطائفي، فقد كان العلامة البوطي شخصية ذات كاريزما لها حضورها وتأثيرها، فكلماته ـ بما يمتلكه من بصيرة نافذة ودراية بما يحاك ضد وطنه سوريا ـ كان لها سحر وإقناع، وهذا ما يتعارض مع مخطط التدمير وتضليل الشباب والأطفال السوريين، حيث يقتضي المخطط اغتيال صوت العقل والحكمة والروح الوطنية لدى الشعب السوري.
الثامنة: اعتذار بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني لنظيره التركي رجب طيب أردوغان عن القرصنة الصهيونية على السفينة التركية مرمرة، فالاعتذار ما كان له أن يكون بالأساس، فنتنياهو كان هو من يطالب نظيره التركي بالاعتذار، وهذا ما يشي بأن المرحلة تستدعي تقديم الاعتذار. وفي اعتقادي ليس مكافأة على الدور التدميري الذي تقوده الحكومة التركية ضد سوريا، وإنما لأن هذا الدور مطلوب في الاتجاه الآخر بإسناد كيان الاحتلال الصهيوني إذا ما قرر مهاجمة إيران وتقديم الدعم اللوجستي اللازم، ويتزامن هذا الاعتذار مع دعوة عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني أتباعه إلى التوقف عن العمل المسلح، الأمر الذي يرجح احتمالات الحرب أكثر من احتمالات السلم.
التاسعة: إرغام الأردن على الانخراط بصورة كاملة في مخطط تدمير سوريا، وقول أوباما إنه واثق بأن الرئيس السوري سيرحل، يذكرنا بالأيام التي سبقت غزو العراق حتى قيام الولايات المتحدة بتوجيه أول ضربة جوية لقطع ما وصفته بـ"رأس الأفعى"؛ أي الرئيس الراحل صدام حسين، وقد جاءت الضربة بعد مكالمة هاتفية قام بها زعيم عربي وذلك بهدف تحديد مكان الراحل صدام حسين.

درس تركي مجّاني في السياسة!!
بقلم: إبراهيم الشيخ عن أخبار الخليج البحرينية
في عام 2010 هاجمت القوات الصهيونية سفينة «مافي مرمرة» التركية، في ما سمّي أسطول الحريّة لكسر الحصار عن غزّة، حيث قتلت حينها 9 أتراك وجرحت آخرين.
في ذلك الوقت، وقف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو وقال: «إن تركيا ستقطع علاقتها مع (اسرائيل) ما لم تتلق اعتذارا».
أوغلو قال بكل وضوح: «أمام (اسرائيل) ثلاثة خيارات: إما أن تعتذر وإمّا أن تقبل نتائج لجنة دولية تحقّق في الهجوم وإمّا أن تقطع تركيا العلاقات»!
البعض قلّل حينها من التهديد التركي، وخاصّة بعد تصريحات ليبرمان وزير الخارجية الصهيوني حينها الذي قال بكل غرور: «ليس لدينا أي نيّة للاعتذار، نعتقد أن العكس هو الصحيح»! ليردّ أغلو في موقع آخر: «تركيا لن تنتظر رداً إلى الأبد»!
قبل زيارة أوباما الأخيرة للمنطقة وإعلان وزير خارجيته جهودهم لحلّ الخلاف التركي «الإسرائيلي»، وخلال اجتماع للأمم المتحدة حول الحوار بين الأديان بداية شهر مارس الجاري، وصف أردوغان «الصهيونية» بأنّها ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية!
في المؤتمر ذاته أعلن أردوغان التالي: «كما هو الحال مع الصهيونية ومعاداة السامية والفاشية أصبح من الضروري أن نعتبر الخوف المرضي من الإسلام (الإسلاموفوبيا) جريمة ضد الإنسانية»!
تصريح أردوغان - في ظنّي المتواضع -، كان مدروساً وكان مقصوداً وإليكم ما حدث بعدها.
بعد مفاوضات مباشرة دامت أسبوعا تقريباً أشرف عليها جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، قدّم الكيان الصهيوني للمرّة الأولى في تاريخه اعتذاراً رسمياً لتركيا عن هجومها المجرم على السفينة التركية، متبوعاً بالالتزام بدفع تعويضات لأهالي القتلى، إضافة إلى تعهد الطرف الصهيوني برفع بعض القيود على حركة الأشخاص والبضائع إلى الأراضي الفلسطينية ومن بينها غزة.
بعد الاعتذار الصهيوني، أعلن أردوغان مباشرة عزمه القيام بزيارة خلال الشهر القادم لقطاع غزّة والضفّة الغربية، وأعلن أن ذلك الاعتذار لبّى شروط تركيا وأظهر نفوذها الإقليمي المتزايد.
بدوره أعلن رئيس الوزراء الصهيوني «النتن ياهو» على صفحته في موقع «فيسبوك» أنّ الأزمة في سوريا كانت دافعاً رئيسياً لذلك الاعتذار، ليأتيه الردّ مباشرة من أوغلو بأنّ ذلك الاعتذار ليس له علاقة بالأزمة السورية!
أوغلو قال أيضاً في نفس المقابلة مع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية «تي آر تي»: ان تركيا لا تخادع على الإطلاق في مواقفها، وإنّما تصرّ عليها لأنّها تكون على حق في ما تدّعيه.
كما أكّد أن أردوغان قبل أن يعطي قراره بقبول الاعتذار الصهيوني تشاور مع رئيس حكومة حماس ورئيس السلطة الفلسطينية، كما تواصل مع الرئيس المصري ورئيس الوزراء اللبناني قبل استقالته وأمير قطر، وهو ما يحرق «النتن ياهو» وعصابته حرقا!
اعتذار الكيان الصهيوني هو بمثابة إدانة لجنوده، وهو انتصار للموقف التركي في الوقت نفسه.
ما زاد الموقف التركي قوّة هو التوضيحات التي أعلنها أوغلو، وتصريحات أردوغان النارية قبل وبعد الاعتذار الصهيوني، وتأكيده أنّ الموقف التركي سيتغيّر وفقاً للنتائج على الأرض.
آخر السّطر: هذه هي السياسة لمن أراد أن يتعلّم أصولها. تركيا مازالت تقدّم دروسها المجّانية لمن أراد أن يتعلّم!
برودكاست: كم كنّا نتمنّى على تركيا وعلى دولنا أن تدير ملفّ دعم القضيّة السورية بهذه القوّة، حيث مازالت إيران وأذنابها ينتهكون الدم والعرض والأرض هناك... مواقف جميع أنظمتنا العربية والإسلامية بلا استثناء من القضيّة السورية وصمة عار ستظل تلاحقهم أبد الدهر.

دماء الإخوان فى رقبة مرسى
بقلم: وائل قنديل عن الشروق المصرية
إذن كانت جمعة الاستقالة النهائية من الثورة، والانسلاخ التام من الآدمية، وتشييع الإنسانية إلى مثواها الأخير.. جمعة الانفلات من البشرية والغوص عميقا فى قاع «البهائمية» كانت.
تذكر جيدا كيف اقشعرت جلود المصريين حين أقدم أهالى قرية لبنانية على سحل وقتل شاب مصرى وتعليق جثته على قارعة الطريق، بعد اتهامه بارتكاب مذبحة أودت بحياة أربعة من أسرة لبنانية فى «كترمايا».
فى ذلك الوقت انتفض المصريون غضبا على هذه البشاعة الموغلة فى الهمجية، غير أن المصريين بعد نحو ثلاثة أعوام استنسخوا تلك المجزرة وطبقوها بأنفسهم على أنفسهم، فى الريف وفى الحضر، معلنين التحول مع سبق الإصرار والترصد إلى حالة حيوانية، مع فارق كبير وهو أن البشاعة صارت أسلوب حياة، أو بصياغة الأديب محمد المخزنجى فى مقال نشرته «الشروق» وقتها «انحطاط نفسى بالغ الاتضاع، وخطير الدلالة، ولا يمكن استيعابه إلا فى حضيض مصطلح شاع فى علم النفس الجنائى، هو: البهيمة البشرية «human beast».
وبعد مشاهدات ليلة الانحطاط الثورى فى المقطم لن تجد تعبيرا أوقع من مصطلح «البهيمة البشرية» لوصف ما جرى، لكن الكل قبل التوصيف ينبغى أن يشغلوا أنفسهم وضمائرهم بسؤال أهم: من الذى أدخل ثورة الكرامة الإنسانية إلى خرائب البهيمة البشرية؟
لقد اشتغلت ماكينة إعلام الثورة المضادة طوال الشهور الماضية على تدمير الوشائج بين جميع الأطراف التى شاركت فى إبداع مشهد الثمانية عشر يوما الموزعة بين الربع الأخير من يناير والثلث الأول من فبراير ٢٠١١، وبمهارة وإلحاح شديدين تم اعتماد مصطلح «الخرفان» الموغل فى بذائته مرادفا للمنتسبين إلى الإخوان وقوى الإسلام السياسى، وبالإلحاح ذاته جرت عملية تجريدهم من مصريتهم وإسقاط الوطنية والثورية عنهم، ثم التحريض والتشجيع على ذبحهم وسلخهم، حتى جاءت لحظة التنفيذ فى أسوأ ليالى مصر وأكثرها سوادا على الإطلاق.
وبالطبع يمكنك أن تنحو باللائمة على الذين حولوا الثورة إلى حرفة «باليومية» ودللوا البلطجة بأن منحوها لقب ثورة، ووفروا الملاذات الثورية الآمنة لفلول وبقايا الثورة المضادة، وجعلوا المسافات تضيق حتى التلاشى بينهم كرموز ثورية كما اعتبرناهم يوما وبين جنرالات الانتقام من الثورة، بل أنهم أمعنوا فى التضاؤل والاتضاع أكثر حتى صاروا وكلاءهم داخل مصر، وأظن أن تصريحات زعيم الثورة المضادة الهارب قبل ساعات من المذبحة التى تحدث فيها عن عودته الوشيكة إلى مصر تستحق التفكير، لمن أراد أن يقرأ تفاصيل المشهد جيدا.
لكن قبل توجيه اللوم إلى ملوك الطوائف وأمراء الحرائق والخرائب، ينبغى أن يوجه اللوم إلى الرئيس الساكن الساكت الذى يكتفى بمشاهدة ألسنة النار تعلو وتمسك بملابسه وتحرق وطنا دون أن يحرك ساكنا، أو يطبق قانونا أو دستورا على صناع الموت، ويستسلم لأحضان الدولة العميقة، تلك الأحضان التى فيها مقتله ومقبرته.
وكما علقنا دماء المقتولين عند الاتحادية وفى التحرير فى رقبة محمد مرسى، فإن الدماء التى أريقت والأجساد التى ذبحت والنفوس التى انتهكت وأهينت فى موقعة المقطم أيضا فى رقبته.
وعلى الرئيس أن يقف أمام المرآة ويواجه نفسه بالأسئلة: أين هى الدولة التى يحكمها؟
أين شرطته التى وقفت تتفرج على تدفق بنادق الخرطوش وترسانة المولوتوف وقطعان المدججين بالأسلحة البيضاء وهى تمرح فى الشوارع؟
أين الجيش الذى تنتهك أدق شئونه إعلاميا صباحا ومساء وهو صامت؟ أين القضاء؟ أين المحاسبة والعدل؟ أين مصر يا رئيس مصر المنتخب؟