Aburas
2013-03-31, 09:15 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
«حماس».. وسط المشهد المصري
طلال عوكل عن البيان الإماراتية
حكومة نتنياهو والصفقة الأمريكية الإسلامية
إبراهيم البحراوي عن المصري اليوم
الشريعة لكم.. ولنا النفط وأمن «إسرائيل»
أمين إسكندر عن المصري اليوم
هل حققت زيارة اوباما للشرق الأوسط النتائج المرجوة منها؟
د. فوزي ناجي (اكاديمي فلسطيني مقيم في المانيا) عن القدس العربي
مُعضِلة المُكَوّن الفلسطيني في الأردُن
حازم مقدادي(كاتب اردني) عن القدس العربي
القمم العربية... ومساحيق التجميل!
جميل الذيابي عن الحياة اللندنية
من أوباما لـ«نتنياهو».. «وتذنبون فنأتيكم ونعتذر»
حسني عايش عن الرأي الأردنية
أوباما مسكون بالهم الإسرائيلي
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
نتنياهو: تفاقم الأزمة أثر على الموقف من تركيا.. لضرورة التواصل
حلمي موسى عن السفير
تركيا وإسرائيل: «شراكة أبدية» وأسئلة فلسطينية
محمد نور الدين عن السفير
«أحفـاد يونـس» حـي فـي قريـة «بـاب الشمـس» نمـوذج دولـة فلسـطينـيـة عنـوانـها «التحـدي»
امجد سمحان عن السفير
نتنياهو في طبعته الجديدة
الحسين الزاوي عن دار الخليج
إنّه البوطي يا جزيرة!
رشيد ولد بوسيافة عن الشروق الجزائرية
«حماس».. وسط المشهد المصري
طلال عوكل عن البيان الإماراتية
المعلومات التي نشرتها أخيراً جريدة الأهرام العربي المصرية، بشأن اتهام حركة حماس بضلوعها في جريمة الهجوم الذي استهدف في العام الماضي كميناً للجيش المصري على الحدود المصرية الإسرائيلية، وأدى إلى استشهاد ستة عشر جندياً وضابطاً مصرياً، لم تكن هي المرة الوحيدة التي تشكل عنوان احتكاك سلبي بين مصر المتأخونة، وحركة حماس التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
الإعلام المصري الذي يشكل الجبهة الأكثر سخونة في مجال مقاومة ما يعتبرونه سياسة الإخوان، التي تستهدف السيطرة على كل مفاصل الدولة، هذا الإعلام، كان كل الوقت يتربص بأي معلومة تتصل بالعلاقة بين حركة حماس في قطاع غزة، ومصر، لاستثمارها في التحريض على حكم مرسي، الذي يرى المعارضون المصريون أنه حكم المرشد.
الإعلام المصري وكذا العديد من القيادات السياسية المعارضة لنظام حكم الإخوان، تقدم نموذج السلوك الذي اتبعته حركة حماس في السيطرة على السلطة في قطاع غزة، وتجربتها في التعامل مع الحريات والحقوق الفردية، خصوصاً في المجال الاجتماعي، لكي يحذروا المجتمع المصري من أن الإخوان المسلمين هم أصل المدرسة التي تنتمي إليها حماس، وبالتالي فإنهم سيفرضون على الشعب المصري التجربة ذاتها والسلوك ذاته.
الحملة على حركة حماس التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، لا تجد ردود الفعل المناسبة الناجحة، لا من حماس ولا من جماعة الإخوان، بما في ذلك الرئيس مرسي، لتحجيم آثار تلك الحملة المتواصلة، على الشارع المصري الذي تتزايد انتقاداته وحذره من كل مواطن فلسطيني يصل من قطاع غزة، حتى لو أنه كان من غير المنتمين لحركة حماس.
لقد اجتهدت كتائب القسام، واجتهدت قيادات من حركة حماس في قطاع غزة، واجتهد رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، ونائبه موسى أبو مرزوق، في الرد على الاتهامات والتأكيد على حرص حماس الأكيد على مصالح مصر وأمنها، إلا أن هذه الاجتهادات لم توقف حملة الإعلام المصري، الذي يحرض على الإخوان المسلمين من باب التحريض على حركة حماس.
حتى الرئيس مرسي، حين أراد أن يدلي بدلوه في الرد على اتهامات الأهرام العربي، اكتفى بالتأكيد على أن الدولة ستضرب بيد من حديد كل من يتطاول على أمن مصر ومصالحها، ولم يتضمن رده أية معلومات عن واقعة استشهاد ستة عشر جندياً وضابطاً مصرياً، رغم مرور الكثير من الوقت، ورغم وعده السابق بالإسراع في التحقيق وكشف الحقائق أمام الجمهور المصري مهما كانت النتائج.
وبذلك اتسع التحريض وآثاره، ليشمل مسؤولية حماس وقطاع غزة إزاء أزمة المحروقات التي تعاني منها مصر، على اعتبار أن المحروقات المدعومة من قبل الدولة، والكثير من المواد التموينية والأساسية الأخرى، يجري تهريبها عبر الأنفاق إلى قطاع غزة.
هذه الحملة المتواصلة، تترك لدى الكثير من المراقبين أسئلة حائرة، تشكك في مدى إيجابية العلاقة بين حماس وجماعة الإخوان في مصر، وما إذا كانت الجماعة قادرة أو هي راغبة حقيقة في تلبية المتطلبات السياسية والاقتصادية واللوجستية التي تنتظرها حماس، بما في ذلك فتح معبر رفح بالكامل، وإنشاء منطقة حرة، وربما تصل إلى مستوى الاعتراف الرسمي من قبل الدولة المصرية بشرعية الوضع القائم في قطاع غزة.
لا شك أن حماس أصيبت بخيبة أمل إزاء وتيرة وطبيعة تعامل مصر التي يقودها الإخواني الدكتور محمد مرسي، وحكومة الدكتور هشام قنديل، وكانت تعتقد وتنتظر أن تسارع مصر بعد انتخاب مرسي، إلى إنهاء الحصار على القطاع، والإقدام على العديد من الإجراءات الإيجابية التي تلبي متطلبات حماس.
في الأصل يبدو أن ثمة خللاً في الحسابات، إذ يبدو أن حركة حماس تعتقد أنها صاحبة التجربة الأولى لحكم جماعة الإخوان، وأنها رأس حربة المشروع الإسلامي النهضوي، وبالتالي فإن جماعة الإخوان في مصر ينبغي أن يقيموا حساباتهم تجاه قطاع غزة، انطلاقاً وابتداءً من حسابات حماس، غير أن الواقع يقدم معادلة معاكسة.
مصر الكبيرة التي يقودها الإخوان ويرغبون في أن ينجحوا في بناء تجربة انتظروا فرصة بنائها منذ عام 1928، مصر الدولة العربية الأكبر، والدولة الإقليمية الكبرى، تتطلع لأن تكون هي مصدر القرار، والأساس الذي يبني عليه الآخرون، خصوصاً ممن يحسبون عليها حساباتهم ومصالحهم.
مصر تعاني من اضطرابات شديدة، وانقسام حاد يتزايد يوماً بعد آخر، وتعاني من شبه انهيار اقتصادي، لا يستطيع مرسي وحكومته وإخوانه وضع الحلول المناسبة لها، ولذلك فإن منطق الإخوان في مصر، كأنه يقول لإخوانهم في حركة حماس إن العين بصيرة ولكن اليد قصيرة، إذ هم لا يستطيعون معالجة أزماتهم ومشكلاتهم الداخلية، حتى يلتفتوا إلى حل الأزمات التي تعاني منها حركة حماس ويعاني منها قطاع غزة.
حركة حماس تعزو الحملات التحريضية ضدها، إلى أن ثمة أطرافاً مصرية تحاول التأثير على المنتخبين المصريين، ويقول أحد قيادات الحركة إن هذه الأطراف لن تنجح في التأثير سلبياً على شعبية جماعة الإخوان، وعلى العلاقة بين مصر الإخوان وحماس.
على أن خطابات التطمين التي تصدر غالباً عن حركة حماس، لا تغير من حقيقة أن انتماءها لجماعة الإخوان، يشكل مادة رسمية للإعلام والوسط الحزبي المعارض لحكم الإخوان في مصر، الأمر الذي يشكل بدوره قيداً على قدرة نظام مرسي على الاستجابة لطلبات حركة حماس.
ومن الواضح أن حركة حماس مستعدة فعلياً لتحمل المزيد من الأعباء، وتفهم التباطؤ المصري إزاء الاستجابة لمتطلباتها، ذلك أنها معنية بإنجاح تجربة الإخوان في مصر، فنجاح تلك التجربة في الحكم يشكل عاملاً مصيرياً بالنسبة لتجربة حماس، التي تتطلع إلى أن تتسيد المؤسسة الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية، وتمتلك القرار الفلسطيني على مختلف الصعد.
وبشكل عام فإن تجربة الإخوان في الحكم حتى الآن، ورغم مرور بضعة أشهر على انتخاب الرئيس محمد مرسي، تشير إلى أن هذه التجربة لن تكون مفروشة بالورد، وأن تفاقم الصراع الداخلي يفتح الباب أمام العديد من الاحتمالات، التي تتصل بقدرة الجماعة على التواصل في ما هي عازمة عليه من أخونة النظام، وليس من باب الصدفة تزايد المطالبة الشعبية، بضرورة تدخل الجيش لتأمين الاستقرار والنظام.
حكومة نتنياهو والصفقة الأمريكية الإسلامية
إبراهيم البحراوي عن المصري اليوم
تزايدت عندى احتمالات وجود صفقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الإسلامية الحاكمة فى دول الربيع العربى، ذلك أن الرئيس أوباما، أكد فى المؤتمر الصحفى مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس أنه على ثقة من أن تصور الحل الشامل لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين موجود، وأنه يفضل عدم الأخذ بأسلوب التفاوض على مراحل حتى لا تعوق كل مرحلة ما بعدها، ولكنه يرى أن أفضل الطرق هو توصل الطرفين إلى اتفاق واسع شامل، يؤمن قيام الدولة الفلسطينية ذات التواصل الجغرافى، ويضمن احتياجات الأمن الإسرائيلى.
لقد قلت هنا الثلاثاء الموافق 26/2/2013 تحت عنوان «صفقة الدولة الفلسطينية بين أمريكا والإسلاميين» إننى أطرح على الأمريكيين والإسلاميين معاً استخدام المدخل التاريخى فى إنجاز اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، عندما ضغطت الولايات المتحدة بقدمها الثقيلة على يايات فرامل عجلة التوسع الإسرائيلية فأوقفتها وأرغمت مناحيم بيجين، زعيم الأطماع التوسعية فى سيناء، على ابتلاع أطماعه والانسحاب التام منها مقابل أمرين : الأول تحقيق المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى طرد النفوذ السوفيتى الاشتراكى من مصر على يد الرئيس السادات، والثانى توفير بعض ضمانات الأمن الإسرائيلى.
كان رأيى أن الولايات المتحدة تحتاج اليوم حكم الإسلاميين كما احتاجت من قبل حكم السادات، وهذه المرة لاحتواء جماعات الجهاد الإسلامى، التى مثلت خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة منذ هجمات سبتمبر 2001 على واشنطن ونيويورك، وأن عليها أن تقدم ثمناً لهذا تماماً كما فعلت بإرغام إسرائيل على الانسحاب من سيناء. طبعاً الثمن هذه المرة هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة على إقليم جغرافى متصل فى الأرض المحتلة عام 1967، مع ضمان وجود القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين.
لقد سبق أن وافق الإسرائيليون والفلسطينيون على مبدأ تبادل أو مقايضة أراضى كتل الاستيطان اليهودية فى الضفة بمثلها فى النقب، وفى داخل إسرائيل، إن العنصر الحاسم فى تقديرى إذن لإنجاز صفقة السلام هو الإرادة الأمريكية الضاغطة، وإذا نظرنا فى تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة سنجد الملامح التالية : أولاً : حزب ليكود بيتنا «31 مقعداً بالكنيست» تحت قيادة نتنياهو، الذى سبق أن أعلن عام 2009 عن قبوله مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، ووضع لذلك عدة شروط، أولها : احتفاظ إسرائيل بكتل الاستيطان الكبرى وغور الأردن وهو ما يمثل حوالى خمسين فى المائة من الضفة، شاملاً القدس الشرقية، وثانيها : اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى وهو أمر يفتح الباب لمبادلة المناطق المأهولة بعرب 1948 داخل إسرائيل ضمن صفقة تبادل الأراضى، ثالثها : السيطرة على المجال الجوى والحدود البرية للدولة الفلسطينية، رابعها : عدم عودة اللاجئين إلى ديارهم، خامساً : الاحتفاظ بالقدس الشرقية كجزء من عاصمة إسرائيل الموحدة.
ثانياً : حزب يشى عاتيد «19 مقعداً» بقيادة يائير لابيد، ويميل برنامجه السياسى كحزب جديد إلى إنهاء النزاع على أسس تقترب من رؤية نتنياهو السابقة.
ثالثاً : حزب هتنوعاه بقيادة تسيبى ليفنى «6 مقاعد» ويميل إلى رؤية مقاربة وإن كانت أقل تشدداً.
رابعاً : حزب البيت اليهودى بقيادة نفتالى بينيت، وهو حزب المستوطنين من أتباع الصهيونية الدينية وغيرها، ولديه رؤية للتسوية تقوم على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى وقسم من الضفة يعرف بالمنطقة سى مع منح الخمسين ألف فلسطينى الذين يعيشون فى المنطقة الجنسية الإسرائيلية.
لقد وقعت هذه الأحزاب الأربعة واتفقت على الخطوط الأساسية الحاكمة لسياسات الحكومة الائتلافية، اسمحوا لنا أن نطالع الجزء الخاص بالسلام والأمن وأنقله لكم عن النص العبرى. أ- للشعب اليهودى حق غير قابل للنقض فى دولة ذات سيادة فى فلسطين «أرض إسرائيل». ب- ستسعى إسرائيل إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين بهدف الوصول إلى تسوية سياسية معهم تنهى النزاع، وإذا تم مثل هذا الاتفاق فلابد أن يحصل على تصديق الحكومة والكنيست، وإذا دعت الضرورة يطرح على الاستفتاء لأخذ تصديق الشعب عليه. ج- ستعمل الحكومة بفاعلية لتعزيز الأمن القومى وتوفير الأمن الشخصى لمواطنيها من خلال مكافحة العنف والإرهاب. د- ستدفع الحكومة العملية السياسية وستعمل على دفع السلام مع جميع جيراننا من خلال الحفاظ على المصالح الأمنية والتاريخية والقومية لإسرائيل.
سيلاحظ القارئ معى أننا أمام صياغة فضفاضة لهذا الجزء من برنامج الحكومة وهى صياغة متعمدة حتى لا تنفجر الخلافات مع حزب البيت اليهودى وحزب إسرائيل بيتنا، بقيادة أفيجدور ليبرمان، والذى دخل الانتخابات فى قائمة موحدة مع ليكود. إن هذين الحزبين يرفضان حتى الآن حل الدولتين ولذا فإن الصياغة الفضفاضة ترضيهما. الخلاصة أن الإرادة الأمريكية إذا ما لوحت بجزرة الأمن ومزيد من الدعم لإسرائيل ووضعت قدمها على يايات التوسع، تحقيقاً لمصالح أمريكية عليا، فإن هؤلاء المتطرفين سيبتلعون تطرفهم أو يخرجون من الحكومة ليحل محلهم حزب العمل والحريديم. فلنركز على ملاحظة التحرك الأمريكى القادم.
■ رسالة لوزير الداخلية : تلقيت رسالة من المواطن أحمد الدرديرى، الموظف بجامعة عين شمس، يناشدنى إيصال صوته لوزير الداخلية بشأن سلوك العاملين بإحدى محطات البنزين امتنعوا عن تزويد سيارته وهددوه رغم قيامهم بملء جراكن وتحميلها للبيع فى السوق السوداء، وباءت محاولته للاستنجاد بشرطة النجدة بالفشل، وأرسل شكواه إلى الوزارة.
الشريعة لكم.. ولنا النفط وأمن «إسرائيل»
أمين إسكندر عن المصري اليوم
هذه هى الاستراتيجية الغربية الجديدة فى الوطن العربى، التى نظر لها وأبدع فيها الصهيونى الفرنسى (برنارد هنرى ليفى)، ومن المعروف أنه لعب دوراً كبيراً فى غزو الحلف الأطلسى لليبيا، وفقا لعقيدة آلان جوبيه السياسية التى اختصرها إبان الحرب على ليبيا قائلا: «حربنا فى ليبيا هى بمثابة استثمار للأجيال الفرنسية المقبلة»، ومن أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية اعتمدت فرنسا وإنجلترا، بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، على الجماعات السلفية المقاتلة والإخوان المسلمين، وقد تمت تجربتهم فى أفغانستان، وتم بنجاح إخراج الاتحاد السوفيتى من وزنه الدولى.
وكان قد بدأ هذا التعاون بين جهاديى تنظيم القاعدة والولايات المتحدة من جهة، والسعودية وباكستان من جهة أخرى، لتطبيق استراتيجية إضعاف الاتحاد السوفيتى وإخراجه من أفغانستان عبر الجماعات الإسلامية، ومن أجل ذلك تعاون الغرب كله والخليج كله وباكستان، وتعاونت أجهزة مخابرات أمريكا وإنجلترا وفرنسا ومصر والسعودية من أجل تنفيذ مصلحة الغرب تحت قيادة أمريكا فى إلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفيتى، وفى الوقت ذاته التخلص من الجهاديين الإسلاميين الذين بزغوا مع الصحوة الإسلامية التى جاءت مع ثورة الخمينى فى إيران.
على النهج ذاته والطريق نفسه تم استرجاع تطبيق ذلك فيما عُرف بـ«ثورات الربيع العربى»، وتحت شعار: لكم الشريعة ولنا النفط وأمن «إسرائيل»، تم تنسيق المواقف وترتيب القوة على الأرض فى كل من ليبيا وتونس ومصر، وقد لعبت قطر دوراً هائلاً فى التمويل وتوظيف المؤسسات الدولية والإقليمية، مثل هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، كما لعب دور المنسق والمنظّر الفكرى والداعية الأيديولوجى لهذا التحالف كلٌّ من برنارد ليفى وعزمى بشارة، الذى لعب أدواراً مهمة فى التنظير لحالة تونس ومصر وليبيا، كما فعل «ليفى» فى حالة ليبيا على وجه الخصوص، ولم يكن هذا الدور فى إطار التنظير فقط، بل امتد على أرض الواقع فى الترتيب والتهيئة، سواء ببذل الجهود فى التنسيق بين القوى المحلية وامتداداتها فى الخارج، وكذلك فى تقديم الدعم المادى الكبير لتنفيذ ذلك على أرض الواقع، وما يحدث فى سوريا هو نفس المخطط بنفس الأدوات والتمويل، فإذا كانت الشريعة وتطبيقها هى غايتكم وأسمى أمانيكم، فلا بأس.. لكم ذلك، ولنا- نحن الغرب- نفطكم، وكذلك لنا أمن إسرائيل، فهى السوط الذى يلهب ظهوركم جميعاً، الممسوك من جانبنا دائما، وهى المدافع عن مصالحنا وقتما نشاء.
تلك هى الاستراتيجية التى جُرِّبت من قبل وتُجرَّب الآن، ويتم تنفيذها فى الماضى والحاضر بأدوات من داخلنا وبتعاون من داخلنا أيضا، مثل ما يحدث من تعاون كبير بين كل من قطر وتركيا وفرنسا وأمريكا والسعودية بغرض استثمار ما يطلق عليه «ثورات الربيع العربى».
لذلك كانت الجماعات السلفية المقاتلة والإخوان المسلمون هما خير حليف للغرب ومصالحه، وهناك وقائع على الأرض من اجتماعات وأجهزة ورجال تعاونوا من أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية.
هل حققت زيارة اوباما للشرق الأوسط النتائج المرجوة منها؟
د. فوزي ناجي (اكاديمي فلسطيني مقيم في المانيا) عن القدس العربي
كنت في زيارة للضفة الغربية في الأسبوعين الماضيين. وقد رأيت مظاهر التحضير لزيارة اوباما لرام الله التي اعاقت حركة السير في الكثير من الطرقات. وشاهدت عدداً من الطائرات المروحية التي شاركت في التحضيرات الأمنــية لهذه الزيارة. لكنني لم اشاهد مظاهر الفرحة بها عند افراد الشعب الفلسطيني، بل العكس هو الصحيح حيث قامت المظاهرات إحتجاجاً على هذه الزيارة. وكان جواب معظم من إلتقيتهم بأن زيارة 'ابو حسين' باراك حسين اوباما للسياحة فقط وهو لن يحمل معه أية مبادرة سياسية ولن يضغط على اسرائيل لتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لا اعتقد ان رئيس أقوى دولة في العالم يأتي الى منطقة الشرق الأوسط في هذا الوقت بالذات من اجل السياحة والتمتع بشمسها الدافئة وزيارة الأماكن المقدسة والتاريخية بها فقط. إذ لا بد من وجود أجندة يُراد لها ان تكون خفية، كما يُراد ان يكون سقف التوقعات لنتائجها المعلنة منخفض.
ماذا يريد الفلسطينيون والأسرائيليون والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الزيارة؟
يطمح الفلسطينيون الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وايجاد حل عادل يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها. وذلك ليتمكنوا من العيش الحر الكريم كباقي شعوب الأرض. يعتقد الفلسطينيون بأن قضيتهم لا تقع حالياً على سلم أولويات السياسة الأمريكية، ولذلك لا يعولون على زيارة الرئيس الأمريكي الحديثة لهم ولا يتوقعون منها شيئاً قيماً. في خطابه في رام الله أكد الرئيس الأمريكي على ما يلي:
تأييده لحل الدولتين من اجل إنهاء الصراع الاسرائيلي العربي.
الدفع قدماً في طريق المفاوضات بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني.
التقارير التي قدمت من الرئيس الفلسطيني الى اوباما حول المستوطنات الاسرائيلية وخطورتها على حل الدولتين، وكذلك التقرير المتعلق بآلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية والذي يناضل كافة افراد الشعب الفلسطيني من اجل إطلاق سراحهم فقد تم الأخذ بالعلــــم بها ولكنها ليست من المواضيع التي تقلق الرئيس الأمريكي وليست على اولويات أجندة زيارته.
معظم الاسرائيليين كانوا غير راغبين أيضاً بهذه الزيارة وكانوا يتوقعون ضغوطاً من اوباما لتغيير سياساتهم. لكن البعض الآخر منهم كان يرغب بهذه الضغوط لحمل اسرائيل على ترك سياساتها التي جعلتها معزولة دولياً. وكذلك اليهود الأمريكيون، حيث وصف باول كروجمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، حسب ما نشر في صحيفة هآرتس الاسرائيلية بتاريخ 25.4.2012، سياسة حكومة نتنياهو بأنها سياسة انتحار وطني.
العلاقة الشخصية بين اوباما ونتنياهو غير حميمة والجميع يعلم ذلك، ولكن العلاقات الدولية تبنى على المصالح ولا تتأثر سلباً او ايجاباً بالعلاقات الشخصية. من خطاب اوباما في اسرائيل يتضح ما يلي:
ـ تأييد اوباما للطابع اليهودي لدولة اسرائيل.
ـ نبه اوباما من الخطر الديمغرافي القادم والذي حذر منه العديد من العلماء الاسرائيليين منذ سنين طويلة ومنهم استاذ الجغرافيا الدكتور ارنون سوفر. كما حذر من ذلك ايضاً اليهود الأمريكيين ومنهم توماس فريدمان في مقالاته في صحيفة نيويورك تايمز. تأكيد التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
تركيز اوباما على جيل الشباب في اسرائيل من اجل إنقاذ اسرائيل من مغبة السياسة الحمقاء التي تتبعها الحكومة الحالية ومن اجل الانتخابات القادمة، حيث يعتقد الكثيرون داخل اسرائيل وخارجها بأن هذه الحكومة لن تعمر طويلا.
إعتبر الأردن، حسب تصريح مسؤوليه، زيارة اوباما زيارة تاريخية وتصب في مصلحة الاردن. من تصريحات اوباما في العاصمة الاردنية عمان يتضح ما يلي:
1-الدعم الامريكي للاصلاحات السياسية والاقتصادية التي يقوم بها العاهل الاردني عبدالله الثاني.
2- رغبة الولايات المتحدة الامريكية في تطوير العلاقات الاردنية الامريكية.
3ـ الدعم الاقتصادي الامريكي للاردن من اجل تحمل اعبائه الناجمة عن إستضافة حوالي مليون لاجئ سوري على اراضيه.
من المنظور الأمريكي تعتبر زيارة اوباما ناجحة لأنها حققت التالي:
1 ـ أنهت الأزمة الاسرائيلية التركية التي نشبت بين الدولتين القويتين والحليفتين لأمريكا في الشرق الأوسط، والتي نشبت بعد مقتل تسعة مواطنين أتراك من قبل الجنود الاسرائيليين على متن السفينة التركية مرمرة في شهر ايار من عام 2010، عندما حاولت نقل مواد إنسانية لكسر الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
2 ـ أعادت الأمل في إحياء عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. على الرغم من أن جميع الأطراف تعلم مسبقاً بأن المفاوضات لن تصل الى اية نتيجة ايجابية في ظل الحكومة الاسرائيلية الحالية التي يشكل المستوطنون جزءاهاماً منها.
3 ـ إيجاد عوامل مشتركة للتحالف بين اسرائيل وتركيا والولايات المتحدة الامريكية واهمها الأحداث الجارية في سورية وامكانية وصول اسلحة تقليدية وكيميائية لأيدي قوى إسلامية تعتبرها الأطراف الثلاثة متطرفة.
4- الاعداد لتنفيذ الأجندة الخفية الامريكية والتي يختلف المحللون السياسيون بشأنها بالتخطيط لضرب سورية وبالتالي ايران او بابعاد شبح الحرب بتهدئة نتنياهو في الوقت الحالي حتى قيام انتخابات برلمانية جديدة في اسرائيل يتوقع منها فشل اليمين الاسرائيلي في المحافظة على السلطة.
يعتبر الفلسطينيون هذه الزيارة فاشلة لأنها لم تقدم أي شيء جديد لهم يحسن من اوضاعهم السياسية والاقتصادية ويعيد الأسرى الفلسطينيين الى ذويهم ويبعد شبح الموت للمضربين عن الطعام منهم منذ فترة طويلة.
ان الانقسام الفلسطيني والتشرذم العربي يجعل من الدول العربية صفراً على الشمال على خارطة السياسية الدولية في الوقت الحالي، ولكنني آمل بان الشباب العربي، الذي حمل راية التغيير من اجل غد أفضل، سيغير من هذه المعادلة السياسية لصالح الشعوب العربية في المدى المنظور.
مُعضِلة المُكَوّن الفلسطيني في الأردُن
حازم مقدادي(كاتب اردني) عن القدس العربي
فَجَّرَت التصريحات التي نُسِبَت إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، تلك التي تضمنتها المقابلة التي أجراها الصحفي 'جولدبيرغ' في صحيفة 'ذي أتلانتك'، موجة من الإحتجاج، وتمخضت عن حالة من الصدمة والتوتر لدى عموم الأردنيين بمختلف دوافعهم. وبرغم مُسارعة الديوان الملكي الأردني للتملّص مما وَرَدَ في تلك المقابلة على لِسان الملك، غير أن ذلك التملّص لم يُؤتِ أكلَه ولم يُقنع الكثيرين ممن تابعوا الأحداث المُتسارعة والتّراشقات المتبادلةِ، لم يُقنعهم بعفوية التصريح الملكي، أو بأن الأمْرَ بِرِمّتِهِ لا يتجاوز إخراجا للحديث الملكي ذاك من سياقه الصحيح. فحِجَجٌ كتلك أصبحت فاقدة لتأثيرها، ومُفرَغة من معناها، خصوصا وأن هذا الحدَث لم يكن الأول من نوعه، كما أنه لن يكون الأخير.
وبرغم حقيقة التصريح الملكي ذاك، كونه مُوجها بمضمونه للخارج وليس للداخل الأردني، غير أن ما جاء على لسان العاهل الأردني في تلك المُقابلة يستدعي التوقف مُطَوّلا، سِيما وأن التصريحات تلك تَمسّ مفاصل الدولة الأردنية بِرِمَّتِها، وعلى رأسها المُكوّن الفلسطيني. إذ أصبح من غير الخافي على أحدٍ أن واقع المُكون الفلسطيني في الأردن، والذي يُجَيَّرُ ويُوَجَّهُ بين الفَيْنَة والأخرى بما يخدم توجُّهات النظام الأردني وبرامجه بمختلف أشكالها، هو واقعٌ فاقِد للإستقرار والتّأطير. فتارَة نرى حكومة أردنية وهي تتعامل مع الأردنيين المُنحدرين من أصول فلسطينية بوصفهم لاجئين تُظِلّهم قوانين وبنود الأمم المتحدة في سياق حرص الحكومة على ممارسة ضغطٍ ما بُغية تحقيق المزيد من المُساعدات الإقتصادية عبر تقديم المُكون الفلسطيني كعبءٍ تنوءُ بهمومه الدّولة الأردنية، وحثّ المجتمع الدولي نحو تحمل مسؤولياته تجاه أولئك اللاجئين. وتارة نرى حكومة أردنية أخرى تتعامل مع أفراد المكون الفلسطيني على أنهم مواطنون بكل ما تتحمله كلمة المواطَنة من معنى، وليس أدَلُّ على ذلك من موقف أوّلِ حكومة في عهد العاهل الأردني، ذاك الذي جاء على لسان رئيسها حين أكد تجاوز الأردن لمرحلة 'المهاجرين والأنصار'، هذا الموقف الذي لن نتوقف الآن عند مخاطره وتبِعَاتِه.
إن تعامُلَ النظام الأردني مع المُكون الفلسطيني كان على الدوام يصُبّ في مصلحة النظام نفسه على مختلف الصُّعُدِ، السياسية منها والإقتصادية والإجتماعية. فَعَلى الصعيد الإقتصادي شَكّل التواجد الفلسطيني على الأرض الأردنية ذريعة دائمة للنظام يستخدمها أنّى شاء في سياق التغطية على فساده وإخفاق سياساته الإقتصادية والخَدَمِيَّة. مُتناسيا النظامُ أن المُكون الفلسطيني عندما جاء إلى الأردن، جاء شعبا وأرضا، وأنه - أي المُكون الفلسطيني- أسهم بشكل مباشر وأساسي في دفع عجلة التنمية في الأردن ولعقود طويلة. غير أن النظام الأردني الذي فَتَح ذراعيه لغنائم النكبة عام 1948 والتي تمثلت ببسط نفوذه على أراضٍ ومُدن مهمة، كالقدس ونابلس وبيت لحم والخليل وغيرها، لم يسعه بعد عام النكسة سِوَى البحث عن قالب سياسي وأخلاقي لا يُحَمّلُه وِزْرَ تحرير الأرض وإنقاذ العِرض، وهنا يمكن لنا إستذكار الشهيد وصفي التل الذي كان آخر مسؤول أردني تحدث عن ضرورة العمل لإستعادة الضفة الغربية حتى وإن كان ذلك بالقوة. غير أن النظام في الأردن لم يتوقف عند هذا الحدّ في إستخدامه وتوظيفه للوجود الفلسطيني على أراضيه، إذ ما زال النظام بين الحين والآخر يُعزّز عُمقه العشائري ويزيد مكاسبه السياسية كُلما راودته الشكوك في شرعيته، إذ أن التواجد الفلسطيني في المجتمع الأردني والذي هو زُهَاء نصف الشعب الأردني بمجمله، ساعَدَ النظامَ على ترسيخ وجوده وبقائه عبر تقديم نفسه على أنه نقطة توازن وإجماع للأردنيين بمختلف أصولهم ومنابتهم. غير أن نقطة التوازن تلك لم تكن على مسافة واحدة من جميع الأردنيين بكل أطيافهم، إذْ ما يزالُ الأردنيون من أصول فلسطينية يعانون من الإقصاء والإتهام، بل ويُلاحَقُون بمِزاجية عالية من قبل ما يسمى بـ 'دائرة المتابعة والتفتيش'، مما كان من شأنه تعطيل جناح واسع من الدولة الأردنية وإحباطه.
و اليوم نرى التصريحات تلك، والمنسوبة إلى العاهل الأردني، تأتي مُنْسَجِمَة مع ما جاء في التحليل الأخير. إذ يتم توجيه رسالة للخارج بُغية تخفيف الضغوط السياسية على النظام الأردني، وتأكيد النظام إنحيازه لحقوق المكون الفلسطيني بمواطنة عادلة ضمن إطار الدولة الأردنية، مع عدم قدرة النظام على تجاهل الضغوط الداخلية من قِبَلِ أجهزة الدولة الأردنية ورموزها العشائرية. فالنظام الأردني هو آخر من يمكن أن يَقبَل حسم مصير المُكون الفلسطيني في الأردن قبل حسم الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
نعم، لقد شَكَّل المُكون الفلسطيني دائما طوق نجاة للنظام الأردني في التعامل مع الكثير من أزماته خصوصا الداخلية منها، تلك المتعلقة بالجوانب الإقتصادية والإجتماعية وصولا للسياسية منها والأمْنِيَّةِ. وليس أَدَلُّ على ذلك من تَوَرُّط النظام في معاهدة وادي عربة تحت ذرائع شَتَّى، كان على رأسها حماية الوطن الأردني من مشروع الوطن البديل وسيناريوهات التوطين، بُغْيَةَ تمرير تلك المعاهدة المشؤومة وتغليفها بالشرعية والإستراتيجية. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، إذْ مَثَّلَ ذاك المشروع المزعوم ذريعة أساسية لإجهاض الإصلاح المنشود والحدّ من المَدِّ الثوري الذي تشهده المنطقة العربية منذ حين والتقليل من آثاره على النظام الأردني. وفي هذا السياق لابُدَّ لنا من إسترجاع موقف الملك الأردني مع بداية الربيع العربي عندما بادَرَ إلى طمأنة الشعب والتقليل من مخاوف الديمُغرافيا والهوية الأردنية، بل ودعوته نحو التركيز في الشأن الداخلي والتوافق الوطني، ذاك الموقف الذي سَرْعَان ما تلاشى ولم يتم التطرق له من جديد، خصوصا مع تَمَتْرُس أزلام النظام وأبواقه وتَذَرُّعِهم بتلك المخاطر وتجاهل التطمينات المَلَكِيّة في هذا الشأن، وهذا أمْرٌ يمكن فهمه في سياق تصوّرنا حالَ النظام الأردني فيما لو فُرِضَت عليه مواجهة الواقع العربي الجديد دون تَمَكُّنِهِ من التلاعب بورقةٍ كورقة الفلسطينين في الأردن، والمشروع المزعوم للوطن البديل والتوطين.
القمم العربية... ومساحيق التجميل!
جميل الذيابي عن الحياة اللندنية
منذ القمة العربية الأولى التي عقدت في مصر في ايار (مايو) 1946، وكتابة البيان الأول الذي أكد الرغبة الأكيدة للدول العربية في السلم، وأن فلسطين هي قضية العرب جميعاً، تشهد المنطقة العربية أوضاعاً حرجة وأمراضاً تلازم ظروف انعقاد كل قمة.
يجتمع القادة العرب في كل قمة للتصوير والتنظير وإلقاء الخطابات ورفع الشعارات وإصدار البيانات، بعد جولات من المجاملات تارة والملاكمات في الجلسات المغلقة تارة أخرى، ثم ينفضون مودعين «بمثل ما استقبلوا به»، فيما لا تزال الأوضاع «تلتهب» والشارع العربي «يغلي»!
وأرجو ألا يخرج من يحاول تذكيرنا بـ«قمة اللاءات الثلاث» في الخرطوم (لا صلح. لا اعتراف. لا تفاوض) بعد «نكسة» حزيران (يونيو) 1967 أو عنتريات جمال عبر الناصر، أو يصدع رؤوسنا بشعارات البعثيين والقوميين «المنتهية الصلاحية»!
مذ عامين، والشعب السوري ينكَّل به وتذبح نساؤه وينحر أطفاله وتدمر مدنه، والعروبة تنحر علناً، وفي ما يبدو أن الأوضاع لم تتغير حتى على رغم أن «الربيع العربي» طيّر جماجم كبيرة وقلب الكراسي رأساً على عقب، إلا أن لا أحد يحبّذ الاستفادة من الدروس «المجانية»، بل يفضل دفع الفاتورة كاملة قبل الرحيل في أبشع صورة!
أصبحت القمم العربية أشبه بـ«عادة روتينية»، يترقبها الزعماء لتلاوة خطاباتهم، فيما لا تتحسر الشعوب العربية عليها بعد أن فقدت الأمل فيها، وفي قراراتها ومخرجاتها، نظراً إلى إخفاقها طوال 67 عاماً في تحقيق أية حقيقة ملموسة، ولو على مستوى إقامة سوق عربية مشتركة!
أليست مثل تلك القمم التي لا تقدم ولا تضيف للشعب العربي «مشوهة» ولو حاولت أن تتجمل بكل المساحيق العالمية؟ لكونها لم تنجز شيئاً لمصلحة الإنسان العربي وكرامته وقيمته، بقدر اكتراثها بتكريس صورة الحاكم وعلاقاته وشعاراته التي لا تنجح حتى في حدود بلاده!
كم من السنوات العجاف نسمع عن أهمية العمل العربي المشترك؟ كم من السنوات نسمع عن التقارب وحلول الملفات العربية - العربية؟ كم مرّ من السنوات ونحن نسمع عن ضرورة قيام تجمع عربي فاعل ومؤثر يحقق طموحات الشعوب العربية وتطلعاتها؟
تستضيف الدوحة غداً وبعد غد، القمة العربية الـ24، ولا تزال التصريحات والتعليقات لم تخرج عن نمط تصريحات صاحبت قمماً سابقة، مثل انعقادها في ظروف حرجة واستثنائية، والتفاؤل بمشاركة قادة الدول العربية كافة، والتقارب بين الدول العربية في الملفات المطروحة أمام القمة. تكرار اللغة نفسها لا يفيد ولا يضيف، لذا آمل أن تتغير الصورة في الدوحة، وألا تمر كقمم عربية سابقة كانت تعقد ثم تقبر قراراتها في اليوم التالي من ختامها!
لتصبح اليد العربية من حديد يجب تكريس حلول عملية عاجلة لحقن حمام الدم في سورية أولاً، وإنقاذ الشعب من نظام مجرم يغتاله بالطائرات والدبابات والأسلحة الكيماوية. كما آمل بألا يجري الحديث عن القضية الفلسطينية طالما الفلسطينيون يصرّون على النزاع وتوسيع الخلافات الداخلية وزيادة الانقسام في البيت الفلسطيني، وأن يتركوا لأنفسهم من دون تدخلات، حتى يروا صورتهم عارية بعد أن جرّبوا المصالحة في غالبية العواصم العربية ثم نكسوا واستمروا في التقاذف بدلاً من التركيز على القضية واستعادة الأرض!
ربما من الأفضل أن يسأل الزعماء والقادة أنفسهم في جلسة مغلقة، ماذا أسقط صدام حسين ومعمر القذافي وحسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلى السكة (قريباً) بشار الأسد؟
تجاوز مرارات وإحباطات وتراكمات العلاقات العربية - العربية، جزء من النجاح الذي سيجعل من القضايا العربية الساخنة المطروحة على طاولة القمة قضايا نافذة ومؤثرة في تغيير الواقع العربي وملامسة تطلعات وآمال الشعوب العربية، وتكريس طاقات الدول العربية لمواجهة التحديات والمخاطر والأزمات، خصوصاً قضايا النزاعات الأمنية والاجتماعية الطاحنة، التي جعلت من المنطقة بركاناً ينفجر طائفية ومذهبية وفئوية، إضافة إلى استغلال الأزمات السياسية والاقتصادية في أكثر من دولة عربية من قوى إقليمية لتحقيق مصالحها.
لا يمكن جعل العالم العربي قوة إقليمية لها استقلاليتها وآلياتها وقدراتها، بالشعارات والخطابات والبيانات مهما علت حدتها، فالقوة لن تتأتّى إلا بالعمل المشترك، والمواقف الموحّدة، والعدالة الاجتماعية وتكريس الحقوق الشعبية كاملة غير منقوصة للحفاظ على الهوية واستقرار المنطقة وأمنها، وإلا فالشعوب ثائرة ومتحفزة، وقادرة على تحطيم القبضات الأمنية، وفرض التغيير!
من أوباما لـ«نتنياهو».. «وتذنبون فنأتيكم ونعتذر»
حسني عايش عن الرأي الأردنية
لا تتصرف أمريكا - للأسف-فيما يتعلق بقضية فلسطين كدولة عظمى محترمة وذات رسالة إنسانية قوامها الحرية والديموقراطية والعدالة... كما تدعي، بل كدولة تابعة لإسرائيل وكأنها أحد الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة في حكومة نتنياهو الإئتلافية.
لعلّ أقوى دليل على انعدام الرسالة الإنسانية والإرادة العادلة عند هذه الدولة العظمى ليس تماهيها مع إسرائيل في الموقف من الشعب الفلسطيني البريء الذي لا تغتصب أرضه وتبيده جغرافياً وبيولوجياً وثقافياً وتاريخياً وذاكرة فقط، بل مزايدتها على إسرائيل في رفض حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية عندما لاحت ما دامت لا تخضع لشروطها التعجيزية بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود أو بإسرائيل اليهودية، وإصرارها على إلحاق اكبر الإهانة وأشد الإذلال بهذا الشعب البريء من دم اليهود ليعترف بحق جلاده في الوجود والأبارتيد (العنصرية) وبشرعية إغتصاب وطنه وتغييبه له. لقد فجرت أمريكا في وجه الشعب الفلسطيني البريء على مر العقود الماضية أربعين فيتو فتكت به ودمرت حقوقه الثابتة في وطنه، وآخرها رفض إدارة أوباما التصويت لصالح الدولة الفلسطينية المنقوصة العضوية في الأمم المتحدة وتحريضها بقية الدول لتحذوا حذوها.
أما الدليل الثاني عليه فزيارة الرئيس أوباما الأخيرة للمنطقة لمجرد الإصغاء لما تقوله له أطراف الصراع وكأنه لم يسمع به أو نشأ بعد ولايته الثانية ومعلوماته مشوشة عنه، وليس لإجبار إسرائيل على الانصياع للحق. إن كنت تدري أيها الرئيس وتقول في إسرائيل الكلام الذي قلت فيها فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم، فأنت في الحقيقة-ككل رؤساء أمريكا السابقين- لن تنحاز للحق والعدل حتى في ولايتك الثانية. ولأن الأمر كذلك كان من الأكرم لك أن لا تأتي بهذه الصيغة، لأنك لن تجرؤ على شرب حليب السباع ولن تستأسد على إسرائيل ولو مرة واحدة ولن تقول كلمة حق ولن تترجمها بفعلٍ عادل وحاسم.
الحق أو الحقيقة أقول لكم: أن أوباما معذور فموقفه من قضية فلسطين لا يختلف عن مواقف الرؤساء السابقين، لأن النظام (system) الأمريكي الصهيوني الإسرائيلي أقوى من أي رئيس، حتى وإن كان الرئيس آتياً من حماس أو من حزب الله أو من القاعدة. وعليه يمكن الاعتقاد أن الرئيس أتى «لينال إعجاب الإسرائيليين، واليهود في بلده» كما قال جدعون ليفي في هآرتس في 21/ 3/ 2013 (الرأي في 22/ 3/ 2013) أو للإعتذار لنتنياهو الذي أهانه في مكتبه في البيت الأبيض أمام العالم أجمع وحسب قول الشاعر العربي الذي نعيد الاستشهاد به كلما زار رئيس أمريكي إسرائيل نادما ً ومعتذرا ً:
إذا مرضنا أتيناكم نعودكم: وتذنبون فنأتيكم ونعتذر
ومع ذلك فنحن نحب أمريكا: نحب أن نعلّم أولادنا فيها. نحب أن نسيح فيها. نحب أن نحصل على جنسيتها... ولكنه حب من طرف واحد للأسف، وفيما يتعلق بفلسطين يجب أن نخيط بمسلـِّة أخرى، فالوقت يضيع وفلسطين معه تضيع.
* * *
مرعبٌ القتل الأعمى للمدنيين «الأبرياء والمصادفين» الذي تمارسه فصائل التكفير في أفغانستان والباكستان والعراق وسورية ومالي... والحقيقة أن كل من يحمل «معتقدات» تكفيرية هو بمثابة قنبلة موقوتة في اليد أو بحزام ناسف على الوسط يمكن أن ينفجر في أي وقت يحدث فيه الاحتكاك أو تتطلب به المكافأة: الجنة والحوريات. إن كل تكفيري مشروع للقتل بالفعل أو بالقوة، فاحذروه، لأنه لا فرق بين تكفيري وآخر: معتدل أو متطرف أو مهووس، سوى في اللحظة الحاسمة التي يسحب فيها الزناد.
يتغير سلوك الإنسان في وعيه وصحوه وفي كل نشاط يقوم به بتغير معتقداته، ومعتقدات هؤلاء دينية تكفيرية راسخة. إن كل سبل الإقناع لا تنفع معهم، بل إنهم يسخرون منها ومن أصحابها ويزدادون تعصبا ً لمعتقداتهم بها. بل وأكثر من ذلك أنهم يعتبرون أي محاولة لاقناعهم بمثابة اعتداء عليهم وعلى فكرهم لأن الاقتناع عندهم يعني الهزيمة أو الخسارة أو الانسحاب وهي أمور غير مقبولة أبداً عند التكفيريين. ولذلك لا يقرأون ما يكتب عنهم من نقد أو نصح وارشاد أو يردون عليها بالتكفير والعدوان إذا قرأوها. يغيّرون معتقداتهم أو يتغيرون بالصدمة أو بفضائح قادتهم أو بغسيل الدماغ الطويل المدى، أو باعتبارهم مرضى نفسيين أو جنسيين يجب وضعهم في مصحات عقلية إلى أن يشفوا.
أوباما مسكون بالهم الإسرائيلي
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
لا يأتي رئيس أو مسؤول امريكي إلى المنطقة إلا وفي برنامجه سبل ووسائل وكيفية خدمة اسرائيل وأمنها وحاضرها ومستقبلها.. وعلى غرار رؤساء امريكا السابقين جاء الرئيس اوباما إلى المنطقة هذه المرة أيضا وهو لا يحمل سوى الهمً الاسرائيلي..ففي زيارته لاسرائيل أكد على يهودية الدولة العبرية..وأكد على مواصلة الدعم الامريكي السياسي والمالي والعسكري اليوم وغدا وفي المستقبل لهذا الكيان العنصري الطامع في الاراضي والمياه والثروات الفلسطينية والعربية..واعتبر عمليات الاستيطان الاسرائيلي في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية» أمرا عاديا « ينبغي تجاوزه..ولم ينس أن يزور ما يسمى « ضحايا الهلوكوست «.
وفي زيارته لرام الله دعا إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية بدون شروط مسبقة..أي بدون وقف الاستيطان، وبدون التزام اسرائيل بحل الدولتين وبدون رفع الحصار الاسرائيلي عن قطاع غزة..وكذلك بدون وقف عمليات القتل والاعتقالات بالجملة..وبدون وقف الاعتداءات على المزارع والمنازل والمقدسات الفلسطينية.. وفي زيارته للاردن ظهر اوباما بحرصه الشديد على تصعيد الازمة السورية، وصولا إلى تدمير سوريا بالكامل خدمة لاسرائيل..
أما القضية الفلسطينية فهي ليست على أجندة اوباما..وعملية السلام لم تعد لها أولوية في سلم الاهتمام الامريكي بشؤون المنطقة..فالاولوية على أجندة اوباما في زيارته الاخيرة هي كيفية حشد الدعم العربي والاسلامي للتدخل في الازمة السورية وعلى النحو الذي يضمن بسط الهيمنة الامريكية والاسرائيلية على سوريا..وإلا فلماذا يواصل نتنياهو ووزير دفاعه تهديداتهما ضد سوريا بحجج واهية لا يصدقها مراقب حيادي ؟..وعلى هذا الاساس فإن الرهان الفلسطيني والعربي على الدور الامريكي لاستعادة الاراضي والحقوق الفلسطينية والعربية هو رهان خاسر..وينبغي إسقاطه من حسابات الدول العربية في قمتها الوشيكة في العاصمة القطرية.. وعلى هذه القمة رفض تأييد أي تدخل عسكري أجنبي في الازمة السورية..فأي تدخل أجنبي يعني إشعال حرب اقليمية ولربما دولية تصل حرائقها حتما إلى دول الجوار.. كما أن على القمة العربية رفض استخدام الاراضي والمياه العربية منطلقا أو سبيلا لشن عدوان اسرائيلي أو امريكي على ايران.. فايران ليست عدوة للأمة العربية..وإنما العدو الرئيسي لأمتنا هي اسرائيل..واسرائيل لا يقلقها ويخيفها شيء في الدنيا أكثر من البرنامج النووي الايراني الذي ترى فيه تهديدا حقيقيا لبرامجها واطماعها في المنطقة العربية..لذلك فهي تمارس الضغوط على واشنطن ومن خلالها على عواصم المنطقة والعالم كي تمنع ايران من تطوير برنامجها النووي..ولتضمن تفوقها العسكري على ايران أيضا كما ضمنته على الدول العربية مجتمعة..
جبهـة الجـولان تحتـدم.. إسـرائيل تدمّـر موقعـاً للجيـش السوري
نتنياهو: تفاقم الأزمة أثر على الموقف من تركيا.. لضرورة التواصل
حلمي موسى عن السفير
للمرة الأولى منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة عقد أمس، المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية لبحث الوضع على الحدود مع سوريا. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه خلال 12 ساعة بين اليومين الماضيين، (أمس وأمس الأول)، أطلقت النيران مرتين على دورياته العسكرية في القاطع الجنوبي من هضبة الجولان السورية المحتلة، وأنه رد على مصادر النيران.
وأشارت المصادر العسكرية الإسرائيلية إلى أن الجيش لم يكتف بتدمير موقع سوري أطلقت منه النيران، وإنما تقدم بشكوى رسمية إلى قوات الفصل الدولية المنتشرة في الهضبة المحتلة.
وقد عقد اجتماع المجلس الوزاري المصغر بتركيبته الجديدة في ظل التوتر القائم على الحدود مع سوريا في هضبة الجولان المحتلة. ومعروف أن المجلس تم تقليصه هذه المرة بعدما كان يضم 15 وزيراً، ولم يعد يشمل سوى رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والمالية والعدل والأمن الداخلي والوزير المسؤول عن الشؤون الاستراتيجية.
وحضر الاجتماع إلى جانب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كل من وزير المالية يائير لبيد، والدفاع موشي يعلون، والعدل تسيبي ليفني، والاقتصاد والتجارة نفتالي بينت، والاتصالات جلعاد أردان، والشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينتس. وبموجب القانون فإن وزير الخارجية عضو في المجلس، لكن المنصب المتروك لأفيغدور ليبرمان، ويشغله الآن نتنياهو بنفسه. وهذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها موشي يعلون في اجتماعات المجلس المصغر كوزير للدفاع.
وأعلن مسؤول أمني أن اجتماع المجلس كان مقرراً سلفاً لتقديم استعراضات أمنية أساسية للوزراء، لكن وضع الحدود مع سوريا أجبر على التعجيل بعقده.
وبحسب الجيش الإسرائيلي فإن دورية عسكرية تابعة له تعرضت لنيران من أسلحة خفيفة، وأن التحقيقات بدأت لمعرفة إن كانت صادرة عن قوات نظامية أم عن قوات المعارضة السورية. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن إطلاق النار في الجولان على الدوريات الإسرائيلية تمّ على أيدي جنود من الجيش النظامي السوري، مضيفة أنه على ما يبدو لم تكن هناك نية لإصابة إسرائيليين، ولكن إطلاق النار من رشاشات جاء أيضاً من موقع أطلقت منه النار أمس الأول، وأصاب وقتها جيب عسكري إسرائيلي. وقد سبق وسقطت قذائف هاون من الجانب السوري، ولكن نُظر إليها على أنها وقعت بالخطأ في القتال الدائر بين الجيش النظامي والمعارضة للسيطرة على هذا القاطع الحدودي المهم.
وإثر إطلاق النار الأول، قال وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد الجنرال موشي يعلون «إننا ننظر بخطورة لإطلاق النيران هذا الصباح من الجانب السوري باتجاه قوة إسرائيلية داخل أراضي دولة إسرائيل»، مضيفاً إنه «وفي أعقاب ذلك رد الجيش الإسرائيلي بما يتناسب والسياسة التي قررتها الحكومة: كل انتهاك للسيادة الإسرائيلية وإطلاق نار من الجانب السوري، يُردّ عليه فوراً بإسكات مصادر النيران حال تشخيصها. ونحن نرى في النظام السوري هو المسؤول عن كل انتهاك للسيادة. ولن نسمح لا للجيش السوري ولا لأي جهة أخرى بانتهاك السيادة الإسرائيلية عبر إطلاق النار على أراضينا».
وأشار رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس إلى أحداث الجولان، وقال إن «حادث هذا الصباح في سوريا هو تذكير لنا بالحساسية المتفجرة على طول الحدود مع سوريا. سنواصل العمل للحفاظ على الهدوء بحكمة وحزم». واعتبر أن إطلاق النار على دوريات الجيش الإسرائيلي ينطوي على تعريض القوات للخطر، مضيفاً «لقد هاجمنا ودمرنا المنطقة التي أطلقت منها النيران. وسنواصل العمل في هضبة الجولان بحزم، وحين يتطلب الأمر فعلاً هجومياً فسوف يتم. الجيش الإســرائيلي جاهــز لكل السيناريوهات».
عموماً، استهدف الجيش الإسرائيلي بصاروخ «تموز» دقيق الإصابة موقعاً عسكرياً سورياً، ودمّره. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن وقوع إصابات بين جنود الموقع السوري. وكان الجيش الإسرائيلي قد رفع حالة التأهب في صفوف قواته في هضبة الجولان حيث تجري إقامة سياج أمني وعوائق عسكرية كبيرة. ويعتبر إطلاق الصاروخ على الموقع السوري واحداً من العمليات القليلة التي يبادر فيها الجيش الإسرائيلي لإطلاق النار على هذه الجبهة منذ إعلان وقف إطلاق النار بعد حرب تشرين العام 1973. وفي أواخر العام الماضي، أطلق الجيش الإسرائيلي نيرانه أيضاً على الجانب السوري بعدما سقطت قذائف هاون على موقع إسرائيلي في الهضبة.
وتؤكد المصادر الإسرائيلية أن الأحداث في سوريا، وخصوصاً اقتراب المعارك الداخلية السورية من هضبة الجولان، كانت بين الأسباب الحاسمة التي دفعت نتنياهو إلى قبول الاشتراطات التركية بتقديم اعتذار عن قتل الناشطين الأتراك في سفينة «مرمرة».
وعلى صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، كتب نتنياهو «حقيقة أن الأزمة تتفاقم في سوريا من لحظة إلى أخرى، وكانت دائماً اعتباراً مركزياً في نظري». وقال إن الأحداث هذه أثرت على موقفه للاعتذار من تركيا، مشيراً إلى أن ترسيخ قوة الجهاديين على الحدود مع الجولان «يخلق تحديات كبيرة للمؤسسة الأمنية عندنا. ونحن نتابع ما يجري هناك وجاهزون للرد بما يناسب ذلك».
وأضاف إنه «من المهم أن تستطيع تركيا وإسرائيل اللتان تحدان سوريا أن تتواصلا فيما بينهما، والأمر ضروري أيضاً لمجابهة تحديات إقليمية أخرى». وشدد نتنياهو على أن «سوريا تتفكك، ومخازن أسلحتها الهائلة والمتطورة بدأت في السقوط بأيدي جهات مختلفة. والخطر الأكبر هو وقوع مخازن السلاح الكيميائي بأيدي منظمات إرهابية».
ولم تهدأ المعارك بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة في الجولان، وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيانات، أن «المسلحين حققوا تقدماً مهماً في جنوب البلاد بسيطرتهم على شريط بطول 25 كيلومتراً من الحدود الأردنية إلى الجولان».
وأوضح أن «مقاتلين من لواء شهداء اليرموك وجبهة النصرة ولواء المعتز بالله وكتائب أخرى، سيطروا على حاجز الري العسكري» شرق بلدة سحم الجولان في الريف الغربي لمحافظة درعا، اثر انسحاب القوات السورية منه، وبذلك «تكون المنطقة الواقعة بين بلدتي المزيريب (قرب الحدود الأردنية) وعابدين (في الجولان) والممتدة لمسافة 25 كيلومتراً خارج سيطرة النظام». وكان «المرصد» قد أعلن، أمس الأول، أن «مسلحين سيطروا على مقر قيادة اللواء 38 للدفاع الجوي في درعا».
تركيا وإسرائيل: «شراكة أبدية» وأسئلة فلسطينية
محمد نور الدين عن السفير
إنه أسبوع «الشراكات الأبدية». الرئيس الأميركي ذو الجذور الإسلامية، باراك حسين أوباما، يعلن شراكة أبدية مع إسرائيل. وبين تركيا وأميركا «شراكة نموذج»، كما وصفها سابقاً أوباما نفسه. واليوم تستعيد العلاقات التركية الإسرائيلية «شراكة»، يبدو أن تغيّر هوية النظام في أنقرة، من علماني ـ عسكري إلى إسلامي، لا يؤثر على صفتها «الأبدية» و«الإستراتيجية»، والتي بدأت حالما تأسست إسرائيل.
اعتذرت إسرائيل من تركيا عن الاعتداء على سفينة «مرمرة»، التي كانت ضمن «أسطول الحرية»، والتي قُتل على متنها تسعة أتراك في 31 أيار العام 2010. وستعمل أيضاً على دفع تعويضات لأهالي الضحايا. أما بالنسبة إلى الشرط الثالث في كسر الحصار على غزة، فقد أكد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لنظيره التركي رجب طيب أردوغان أن إجراءات تخفيف الحصار كانت بدأت في الأساس وستستمر في المستقبل.
ومن وجهة نظر أنقرة، فإن إسرائيل لبّت شروط تركيا، ويمكن لـ«حزب العدالة والتنمية» أن يعتبر ذلك «تركيعاً» لإسرائيل، كما جاء في العنوان الرئيس لصحيفة «يني شفق» الموالية لـ«العدالة والتنمية». ولكن ما هي حقيقة الصورة؟ وما هو الثمن؟ وما صلته بالوضع الإقليمي؟ وما المكاسب التي سيجنيها الشعب الفلسطيني؟
1 ـ لم تتأثر العلاقات بين تركيا وإسرائيل كثيراً بعد حادثة «أسطول الحرية»، فقد استمرت العلاقات الديبلوماسية، وتم سحب السفير فقط. جُمّدت بعض الاتفاقيات لكن التعاون الأمني والعسكري لم يتوقف. أما العلاقات الاقتصادية فقد عرفت طفرة بعد حادثة الاعتداء، إذ كان حجم التجارة بين البلدين مليارين ونصف المليار دولار في العام 2009، أي قبل حادثة «مرمرة»، وارتفع حتى وصل في العام 2011 إلى أربعة مليارات ونصف المليار دولار، قبل أن يتراجع إلى أربعة مليارات في العام 2012.
2 ـ لم تتأثر العلاقات بين تركيا وإسرائيل مطلقاً بوصول حزب إسلامي إلى السلطة في أنقرة، إذ ان تركيا عملت على المصالحة بين إسرائيل والفلسطينيين، بل ان البرلمان التركي شهد إلقاء أول رئيس إسرائيلي كلمة أمامه في خريف العام 2007، وذلك بعد شهرين فقط على اعتلاء عبد الله غول سدة الرئاسة، وفي ظل رئاسة رجب طيب أردوغان للحكومة. ومن المفيد التذكير هنا بأنه كلما كان في سدة السلطة في تركيا حزب له طابع إسلامي مثل «الحزب الديموقراطي» بزعامة عدنان مندريس في الخمسينيات، و«حزب الوطن الأم» بزعامة طورغوت أوزال في الثمانينيات، كانت السياسة الخارجية التركية الأكثر التصاقاً بالغرب وإسرائيل. ولم يشذ «العدالة والتنمية» عن هذه القاعدة.
3 ـ «أسطول الحرية»، السبب في توتير العلاقة بين أنقرة وتل أبيب، كان قد انطلق في ظل معارضة حكومة «حزب العدالة والتنمية» له. وقد منع أردوغان أياً من نواب حزبه من المشاركة فيه. ولكن عندما قتلت إسرائيل تسعة ناشطين أتراك، وجدت الحكومة التركية نفسها محرجة جداً أمام ردة فعل الرأي العام الغاضبة، فلم يكن أمامها سوى أن تطالب إسرائيل بالاعتذار. وأي موقف خلاف ذلك كان سيقوّض صورة أردوغان داخلياً وخارجياً. ولكن في الوقت ذاته، كانت الديبلوماسية التركية بقيادة وزير الخارجية أحمد داود أوغلو تعمل على ترميم العلاقات بشكل أو بآخر، بل كانت، للخروج من هذا المأزق، تغري إسرائيل لتتقدم بالاعتذار، وإلا فكيف نفسّر مثلاً إرسال تركيا طائرات لإخماد حرائق في نهاية العام 2010 في شمالي الأراضي المحتلة في بادرة حسن نية؟ كما عقد داود أوغلو أكثر من اجتماع علني وسري مع المسؤولين الإسرائيليين من دون أي نتيجة، فقد كانت تصطدم دائماً برفض إسرائيل الاعتذار. لم تكن عقدة عودة العلاقات في أنقرة بل في إسرائيل التي كانت ترفض دائماً الطلب التركي، وبدعم أميركي أيضاً للحصول على الأثمان المناسبة من تركيا. وهذا ما حصل حتى قبل الاعتذار، إذ ان أنقرة رفعت الفيتو مؤخراً عن تعاون إسرائيل مع حلف شمال الأطلسي، كما استأنفت إسرائيل تزويد طائرات عسكرية تركية بأنظمة إلكترونية. ولكن المبادرة الأكبر، في هذا الإطار، كانت في موافقة تركيا على نصب الدرع الصاروخية على أراضيها في خطوة «أطلسية» العنوان، لكنها كانت إحدى أهم الخطوات لحماية الأمن القومي الإسرائيلي من سقوط الصواريخ الإيرانية.
4 ـ أدركت تركيا أن الخلاف مع إسرائيل في شأن حادثة «مرمرة»، وانقطاع التواصل السياسي قد أثرا على فعالية الدور التركي في القضية الفلسطينية. لذلك، كانت «صرخة» نائب رئيس الحكومة التركي بولنت ارينتش، أثناء العدوان الإسرائيلي في تشرين الثاني الماضي على غزة، بضرورة إعادة العلاقات بين إسرائيل وتركيا، لتتمكن الأخيرة من استعادة تأثيرها في المنطقة. وليس من ضرورة لتذكير الأتراك بأن أي دور لأنقرة عبر إسرائيل لن يجعل منها سوى الوجه الآخر للسياسات الإسرائيلية في المنطقة. وإذا كان لا بد من أن تعود تركيا إلى موقعها المشرقي، فذلك يحصل فقط عبر بوابة المصالحة مع شعوب المنطقة ومناهضة سياسات الهيمنة الغربية والاحتلال الإسرائيلية.
5 ـ اعتذار إسرائيل وتطبيع العلاقات لم يكونا مفاجأة. فإحدى العقبات أمام التطبيع تمثلت في رفض وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان الاعتذار، فيما كان نتنياهو يريد تقديمه، ولكن لم يكن أمامه سوى الرضوخ لليبرمان بسبب حاجته إليه في بقاء الحكومة. لذلك كان الجميع ينتظر الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل حكومة جديدة. ولم يكن إبعاد ليبرمان عن موقعه صدفة، لذا خلت الحكومة الجديدة، بضغط أميركي وبرغبة من نتنياهو، من اسم ليبرمان ليمكن السير في عملية إعادة التطبيع مع تركيا. وبالفعل كانت أول خطوة اتخذتها الحكومة الإسرائيلية هي الاعتذار، وبرعاية أوباما ذاته ليطال «الانتصار» الجميع.
6 ـ لقد وضعت تركيا الاعتذار شرطاً لتطبيع العلاقات. وهذا كان يعني أن اعتذاراً إسرائيلياً كان كافياً لكي تعود تركيا شريكاً للدولة العبرية في المنطقة. وفي منطق الأشياء أن تركيا ليس لديها مشكلة مع إسرائيل. اعتذار واحد كان كافياً لتقطف إسرائيل ثمناً كبيراً يعزز وجودها وتأثيرها في المنطقة. وقد عبّر السفير التركي في واشنطن نامق طان بأوضح صورة عن طبيعة العلاقات الجيدة بين أنقرة وتل أبيب، بقوله إن «الأصدقاء الحقيقيين فقط هم الذين يعتذرون بعضهم لبعض»، مشدداً على «متانة الصداقة التاريخية بين الشعبين التركي والإسرائيلي»!
7 ـ لا يمكن لكل مظاهر الانتقاد لإسرائيل من جانب أنقرة أن تحجب أن دولة في حلف شمال الأطلسي، مثل تركيا، يمكن أن تكون عدواً لإسرائيل. وبالتالي لم يكن ممكناً الاعتقاد لحظة أن تركيا يمكن أن تنهج نهجاً مخالفاً للمصالح الإسرائيلية، التي هي المصالح الأطلسية ذاتها. لقد أكدت تركيا تقديم هويتها الأطلسية على هويتها المشرقية والإسلامية عندما اعتبر المسؤولون الأتراك جميعهم أن «حدود تركيا هي حدود الأطلسي». ومن تكن حدوده حدود الأطلسي، فهو تلقائياً صديق وحليف إسرائيل مهما بلغت درجات التمويه لحرف هذه الحقيقة.
8 ـ تحمل إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين تركيا وإسرائيل مفارقة كبيرة لجهة التوقيت، ففي وقت «صفّرت» تركيا علاقاتها مع سوريا والعراق وإيران وروسيا والصين وقوى أخرى في المنطقة، إذا بها «تصفّر» مشاكلها مع التهديد الأكبر للمنطقة أي إسرائيل. وهذا يرسم مخاوف جدية ومخاطر جمة من طبيعة ما تخبئ له الكماشة التركية ـ الإسرائيلية المتجددة على أعدائهما المشتركين. وهكذا فإن التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل لا يمكن أن ينفصل عن ـ بل يقع في صلب ـ ما يجري في المنطقة من تطورات وسيناريوهات تحبك خيوطها وترسمها الولايات المتحدة من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع مصالحها، ويضعف المحور الذي تقوده إيران وروسيا. ومن بين تلك التطورات:
أ ـ تهيئة الظروف لتخفيف الأعباء عن أنقرة والمتمثلة في محاولة حل المشكلة الكردية في تركيا.
ب ـ تعطيل العامل الكردي في سوريا من أن يكون ضاغطاً على تركيا.
ج ـ سعي تركيا لإضعاف وإسقاط حكومة نوري المالكي في العراق عبر خطوات مثل إقامة علاقات مع إقليم كردستان العراق بتجاهل للحكومة المركزية في بغداد، ومن تحريك الاضطرابات في المناطق السنية في العراق لتعميم الفوضى.
كل ذلك من أجل تضييق الخناق على سوريا والعراق و«حزب الله» في لبنان (خطف الزوار اللبنانيين في أعزاز) للوصول إلى الهدف النهائي، وهو ضرب إيران وخنقها.
ولإسرائيل دور مهم في استكمال تطويق سوريا بفعّالية، وفي منع عرقلة التسوية الكردية. لذلك كان الضغط الأميركي والتجاوب التركي والإسرائيلي لطي صفحة ماضية، والانتقال إلى مرحلة جديدة من التحالف الإستراتيجي والشراكة من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بما ينسجم مع مرجعية الراعي الأميركي ـ الأطلسي لهما.
وفي هذا الإطار، لا يمكن وضع استقالة نجيب ميقاتي من رئاسة الحكومة اللبنانية خارج هذا السياق الإقليمي الدولي، خصوصاً أنه كان من بين المسؤولين الإقليميين الذين اتصل بهم أردوغان لينال، كما ذكر بنفسه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، موافقتهم على المصالحة بين تركيا وإسرائيل!
اتصال أردوغان بميقاتي، وعدم اتصاله بالملك الأردني عبد الله الثاني يطرح أيضاً علامات استفهام حول دور بعض القوى، ومنها قوى لبنانية، في المحور الذي تعمل عليه تركيا، خصوصاً بعد حادثة بكاء الملك عبد الله الثاني أثناء وضعه إكليلاً على ضريح مصطفى كمال أتاتورك. وقد فسّر البعض دموع الملك ترحّماً منه على أتاتورك الذي كان عدواً للإسلاميين في تركيا. والجدير بالذكر أن «الإخوان المسلمين» أي حلفاء تركيا يريدون تغيير النظام في الأردن، ما دفع بالملك عبد الله الثاني إلى اتهام مصر وتركيا بأنهما طرفا «هلال إخواني» يريد السيطرة على المنطقة، وذلك في مقابلة مع مجلة «أتلانتيك» الأميركية. كذلك، طعن الملك الأردني بديموقراطية أردوغان، قائلاً إنها مجرد وسيلة للوصول إلى أغراضه ثم لا يلبث أن يتخلى عنها. وهذا ما أثار غضب أردوغان وحكومته على الملك عبد الله الثاني، فكان استثناؤه من اتصالات أردوغان الأخيرة. وكم كان معبّراً تعليق نائب رئيس الحكومة التركية بولنت ارينتش على انتقاد الملك الأردني بقوله «منذ أن بكى (الملك الأردني) على ضريح أتاتورك كنا نعرف ما سيقوله لاحقاً».
9 ـ لا يقتصر هدف التطبيع التركي ـ الإسرائيلي على مواجهة قوى المحور الإقليمي الذي تتزعمه إيران، فإن من بين هذه الأهداف الضغط على روسيا والسعي لتحجيم نفوذها، ليس فقط في سوريا والشرق الأوسط عموماً، بل في شرق المتوسط تحديداً، حيث المياه الدافئة وعودة تواجد الأسطول الحربي الروسي بقوة، والتنافس على الغاز الطبيعي والنفط المستكشف، مع توقع تعاون تركي ـ إسرائيلي ـ قبرصي في ذلك القطاع، وبما يؤثر على المصالح الروسية. وفي هذا الإطار جاءت خطة أوروبا لإنقاذ قبرص بطريقة تستهدف الاستثمارات الروسية فيها.
10 ـ إعادة التطبيع بين تركيا وإسرائيل له علاقة مباشرة بما يجري في سوريا، ومؤشر على بدء مرحلة جديدة تزداد الضغوط فيها على دمشق. لقد اعترف نتنياهو في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بأنه من المهم وجود تواصل بين إسرائيل وبلد له حدود مع سوريا مثل تركيا، خصوصاً في ظل تهديدات الأسلحة الكيميائية. إن الأزمة في سوريا كأحد أسباب عودة التطبيع بين تركيا وإسرائيل وتوقع شراكة بينهما، يدحض ما قاله داود أوغلو عن أن التطبيع مع الدولة العبرية لا علاقة له بالوضع السوري.
11 ـ هل يؤثر التطبيع التركي مع إسرائيل على القضية الفلسطينية؟ لا يمكن لرئيس الحكومة التركية أن يزعم أنه نال شرط كسر الحصار على غزة. فهذا يدخل في باب الدعاية التي لا تستند الى أي أساس لتبرير التطبيع مع إسرائيل. فكسر الحصار شيء وتخفيف القيود على دخول بعض المواد التموينية شيء آخر. ولعل امتحان تركيا الفعلي مع القضية الفلسطينية يبدأ الآن، فالعلاقات مع إسرائيل عادت إلى طبيعتها. وعلاقات أنقرة مع حركة حماس معروفة، ورعايتها لـ«الإخوان المسلمين» في مصر قائمة. وما هو موضع ترقب، ولا سيما من جانب الشعب الفلسطيني، هو كيف يمكن لتركيا، بتطبيعها العلاقات مع إسرائيل، أن توقف الاستيطان وأن تمنع تهويد القدس، وأن تضغط لانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وترفع الحصار عن قطاع غزة، وتطلق سراح الأسرى الفلسطينيين، ولم نشمل الجولان والقائمة تطول.
طبعاً لا يمكن تحميل تركيا مسؤولية كل هذه القضايا. ولكن سيكون من المثير أن نرى كيف يمكن لتركيا، و«المحور الإسلامي» الذي تنتمي إليه، أن تساعد الشعب الفلسطيني في وقت تستعيد مع إسرائيل التعاون في كل الأصعدة.
اتصال أردوغان بالقيادات الفلسطينية مثل رئيس حكومة حماس في غزة إسماعيل هنية، ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فضلاً عن الرئيس المصري محمد مرسي، ووضعهم في أجواء الاعتذار الإسرائيلي قبل إعلانه، وأخذ موافقتهم على خطوة التطبيع ـ كما اعترف داود أوغلو شخصياً وهو ما ذكرناه أعلاه ـ مسألة تختزن من التمويه المكشوف والمسيء، بحيث يظهر كما لو أن القيادات الفلسطينية موافقة على التطبيع بين تركيا وإسرائيل، وعودة التعاون بينهما.
ويستخدم ذلك مظلة لزيارة أردوغان إلى غزة في نيسان المقبل لتمرير عودة الشراكة بين دولته وإسرائيل في استكمال ذلك التمويه. اللهم إلا إذا كانت القيادات الفلسطينية، أو بعضها، موافقة على ما تقوم به تركيا في إطار «ربيع الإخوان» من القاهرة إلى أنقرة، مروراً بتونس. وفي هذا الإطار، يبدو مستهجناً أن تعتبر حماس، في بيان لها أمس الأول، اعتذار إسرائيل لتركيا على أنه «انتصار كبير وإنجاز كبير... يؤكد مجدداً أن العدو الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة والصمود والتمسك بالحقوق».
ونسأل حركة حماس: هل فعلاً هو «انتصار كبير» للقضية الفلسطينية أن يكون ثمن الاعتذار عودة علاقات التعاون والتحالف بين تركيا وإسرائيل؟ وهل من عاقل يمكن أن يصدق أن تركيا تؤيد «لغة القوة التي لا تفهم إسرائيل غيرها»، في وقت تنتقد أنقرة الخيار العسكري لحركات المقاومة بما في ذلك إطلاق الصواريخ من غزة رداً على العدوان الإسرائيلي؟
«أحفـاد يونـس» حـي فـي قريـة «بـاب الشمـس» نمـوذج دولـة فلسـطينـيـة عنـوانـها «التحـدي»
امجد سمحان عن السفير
لم تعد «باب الشمس» فكرة لحظية أو نصاً مكتوباً يقرأ لمرة واحدة، بل صارت رواية حقيقية تتوالى فصولها يوماً بعد يوم بأشكال جديدة، وتنتقل من مكان إلى مكان، بأهلها وعاداتها، وأفكارها. صارت مدينة متنقلة أبطالها «أبناء بطوطة» و«أحفاد يونس»، يتحدّون الاحتلال بوسائل بدائية عجزت أمامها آلته العسكرية، وأصبح حائراً لا يعرف ماذا يخبئ له الغد. على الأقل تحولت إلى فكرة تحظى بإجماع في بلد ممزق داخلياً كباقي الأقطار العربية، وفق ما يؤكد أبطال «باب الشمس». فهم بنوا حي «أحفاد يونس» كنموذج مصغر لدولة فلسطينية يطمحون إليها، وشعارها «التحدي».
قبل نحو شهر من الآن تجسدت رواية اللبناني إلياس خوري لتصبح حقيقة على الأرض. وبنى نحو 200 ناشط قرية فلسطينية أطلقوا عليها اسم «باب الشمس» على أراضي منطقة «إي 1» في شرقي القدس المحتلة. و«إي 1» تقع على الأرض الفلسطينية التابعة لقرى العيساوية، والعيزرية، والطور، وعناتا وأبو ديس. وهي منطقة استراتيجية تخطط إسرائيل لبناء أكثر من أربعة آلاف وحدة استيطانية عليها، بهدف فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها وجنوبها، ومنع أي احتمال لقيام دولة فلسطينية متصلة جغرافياً على حدود العام 1967.
يوم أمس أخلت قوات الاحتلال بالقوة حي «أحفاد يونس»، وهو الفرع الثاني من قرية «باب الشمس» أو أحد أحيائها، والذي يقع على تلة مختلفة من المنطقة «إي 1». ويونس هو بطل رواية «باب الشمس» المقاوم الذي كان يتنقل بين لبنان وفلسطين ليلتقي حبيبته في مغارة.
وهاجم أكثر من 300 جندي من القوات الخاصة الإسرائيلية حي «أحفاد يونس»، وأخلوا سكانه بوحشية وعنف بعد أربعة أيام من بنائه كامتداد لفكرة «باب الشمس». ونجح المقاومون بعد استخدامهم أساليب تضليل للاحتلال ببناء خيامهم في تلة «جبل البابا» التابعة لأراضي بلدة العيزرية في شرقي القدس.
محمد الخطيب، أحد أصحاب فكرة «باب الشمس»، يعتقد أن استمرار تكرار الفكرة لن يجعلها مبتذلة، «فلم تكن المقاومة لتنجح يوماً في انتزاع حقوق شعب محتل لو أنها لم تكرر عملياتها مرة ومرة ومرة»، يقول لـ«السفير». ويضيف «نحن نريد أن نجعل باب الشمس حكاية يومية تحاصر الاحتلال ومخططاته، وترفع عالياً مطالب شعبنا بالحرية وتحقق أمنياته بأن يكون له دولة كباقي الشعوب».
وفي حديث إلى «السفير»، يؤكد عبد الله أبو رحمة، وهو أحد قيادات لجان المقاومة الشعبية، «نحن لن نتوقف عن بناء باب شمس، حتى تشق لنا الشمس باباً واسعاً نحو الحرية». ويتابع «بنينا حي أحفاد يونس بالتزامن مع وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إسرائيل لننقل له رسالة واضحة مفادها أن لا مفاوضات في ظل الاستيطان».
لم يكن حي «أحفاد يونس» فكرة مقاومة فقط، بحسب ما يؤكد صلاح الخواجا، وهو أحد من كانوا في الحي أثناء الإخلاء. ويشرح لـ«السفير» أنه «صار لدى الحي نظام حياة مكتمل. ففيه عقدنا قران رفاق لنا، كما كانت تلقى محاضرات جامعية، وفيه مجلس بلدي، وخلايا عمل منظمة كل منها تعرف دورها وتكمل دور الأخرى. ببساطة هو نموذج صغير لدولة فلسطينية يجب أن تقوم برغم الاحتلال».
وشهد حي «أحفاد يونس» لحظة لا تنسى في حياة كل سكانه حين تم عقد قران لينا الشلالدة ومصعب عبيد، وهما شابان فلسطينيان قررا أن يقيما «زواجاً مقاوماً».
لينا العروس تقول إن الفكرة ببساطة كانت من أجل توجيه رسالة إلى العالم، وهي «هذه أرضنا ونحن باقون فوقها، ولن نهاجر عنها أو نتركها وسنبقى لكي نعمرها ونبني فوقها حياتنا».
كذلك، كان حي «أحفاد يونس»، بحسب عبد الله أبو رحمة، فرصة لطلبة الدراسات العليا، الذين يدرسون تخصصاً جديداً تم إقراره حول أساليب المقاومة اللاعنفية، ويقول «تلقينا هنا محاضرات جامعية، عنوانها ببساطة التحدي».
نتنياهو في طبعته الجديدة
الحسين الزاوي عن دار الخليج
لا أحد يعلم على وجه التحديد الأهداف الحقيقية التي تريد حكومة نتنياهو الجديدة تحقيقها، فهذا الخليط السياسي العجيب الذي تشكّل بعد أسابيع من المساومة القائمة على الانتهازية والتنازلات المشبوهة من قبل مختلف التشكيلات السياسية الصهيونية، تضع المنطقة والعالم برمته أمام حكومة لا يمكن توقع نمط وأسلوب تحركاتها المستقبلية، ومن ثمة فإنه من غير المستبعد أن تلجأ هذه الحكومة بتشجيع أو بضغط من وزير حربها الجديد، المعروف بمواقفه العدائية للعرب ولمسار التسوية السلمية، إلى تصعيد الموقف العسكري على خط التماس مع دول الطوق العربي . لقد أكد وزير الدفاع الجديد في لقاءاته وتصريحاته أنه لا يجب البحث عن حل للصراع مع الفلسطينيين والعرب، لأنه بكل بساطة يعتبر أن هناك مشكلات لا يمكن أن نجد لها حلاً، بل يتوجب البحث بشأنها عن طريق آخر يدفع الخصم إلى الخضوع والتسليم بالأمر الواقع، لاسيما أنه يعتقد أن شعار الأرض مقابل السلام الذي رُفع في بداية عملية السلام مع الفلسطينيين في التسعينات من القرن الماضي، تحوّل تباعاً إلى شعار “الأرض مقابل الإرهاب” قبل أن يصبح مرادفاً لمقولة “الأرض مقابل الصواريخ” .
الحقيقة أن حكومة نتنياهو في طبعتها الجديدة لا تريد بديلاً عن الشعار العملي ولكن غير المعلن، الذي ارتضته لنفسها منذ قيامها، المتمثل في “السلام مقابل الاستيطان والاحتلال”؛ لأنها في واقع الأمر مازالت مقتنعة أن “إسرائيل” لم تُحقّق حتى الآن كل طموحاتها المتعلقة بالتراب والأرض في المنطقة . ونزعم أن التطورات الإقليمية الحالية تزيدها اقتناعاً أنها لم تحصل بعد على كل ما تستحقه من جغرافيا تكون في مستوى ما تراه امتداداً هائلاً للتاريخ بالنسبة لأبناء “إسرائيل”، هذه الحالة من “انعدام” التوازن ما بين تجليات التاريخ ومعطيات الجغرافيا في أبعادها السياسية والاستراتيجية، هو ما يؤرّق النخب السياسية والفكرية في تل أبيب ويدفعها إلى التمسك بحلم “إسرائيل” الكبرى .
من الواضح من ناحية أخرى، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فهم جيداً الرسالة التي أرادت تشكيلة حكومة نتنياهو الجديدة أن توصلها له، لذلك فقد حرص حرصاً شديداً على ألا يثير، في زيارته إلى الأراضي المحتلة، حفيظة وغضب مستقبليه، فجاء خطابه يوم الخميس الماضي أمام حشد من الشباب والطلاب “الإسرائيليين”، مملوءاً بالبلاغة الفارغة، وبعيداً كل البعد عن الروح البراغماتية والواقعية التي تميّز العقلية الأمريكية . لقد قال أوباما لمستمعيه كلاماً جميلاً وانتقى كلمات كان يعلم جيّداً أن معانيها لا تحمل مرجعيات حقيقية داخل المجتمع الذي كان يريد أن يخطب ودّه . وكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين، عندما استرسل في كيل المديح للديمقراطية الصهيونية، التي يعلم جيداً أنها أكثر سوءاً وعنصرية من ديمقراطية السادة والعبيد في أثينا . أجل كان أوباما يعلم علم اليقين وهو يختار بعناية مفرداته، أن المستوطنين ينظرون إلى الأطفال الفلسطينيين على أنهم يمثلون مشاريع مستقبلية “لإرهابيين” مفترضين، لأن الذي يتربّى على العقيدة العنصرية لا يمكنه أن ينظر إلى الآخرين بوصفهم أناساً مساوين له في الحقوق، ويمكنهم أن ينعموا مثله بالأمن والسلام .
لقد استنسخ نتنياهو نفسه للمرة الثالثة، لكنه بات يعلم جيداً أن مستقبله السياسي بدأ في الأفول، لأن الذي يبني استراتيجيته على التطرف سيجد دائماً من يُزايد عليه في مواقفه ويذهب بمعادلة التطرف إلى حدودها القصوى، فالوقائع تشير إلى أن دعم الاستيطان في “إسرائيل” لم يعد امتيازاً لطرف دون آخر، ولم يعد بالتالي حكراً على الأحزاب الدينية دون العلمانية، لأن الصهيونية كما الكفر ملة واحدة . لقد قبل نتنياهو على مضض أن يُدخل في حكومته الحالية سياسيين شباباً يتمتعون بالطموح والجاذبية الإعلامية في أوساط الجمهور “الإسرائيلي”، ومن ثمة فهو يعلم جيداً أن الائتلاف الذي شكله يتسم بهشاشة بالغة، ويمكنه أن يصل إلى مرحلة الانفجار عندما يواجه صعوبات جدية على المدى القريب .
ويمكن القول في هذه العجالة، إن نتنياهو لا يكترث كثيراً لمصير حكومته الجديدة بقدر ما يحرص على أن يظلّ الرئيس الفعلي للحكومة الحالية أو حتى المقبلة، وعليه فإن المتابعين للشأن “الإسرائيلي” لا يستبعدون أن يلجأ مجدداً إلى التحالف مع الأحزاب الدينية، من أجل الاحتفاظ بمنصبه، في صورة ما إذا تعرّض طاقمه الحالي للتفكك والانشطار . أسباب ذلك عديدة يأتي في مقدمها اعتقاده الراسخ، أنه بات يعيش آخر فصول خريفه السياسي ويتمنى ألا يكون مصيره مشابهاً لمصير وزير حربه السابق إيهود باراك . لا غرو إذن أن نتنياهو هو في اعتقادنا ديكتاتور من نوع خاص، ولكنه يفتقد إلى كاريزما وجاذبية الديكتاتوريين؛ ولا يمكنه في كل الأحوال سوى أن يكون طاغية من دون طغيان على المستوى الفردي، لأنه يقود مجتمعاً مهووساً بالطغيان من رأسه إلى أخمص قدميه .
إنّه البوطي يا جزيرة!
رشيد ولد بوسيافة عن الشروق الجزائرية
عندما تختصر الجزيرة وأخواتها من الفضائيات العربية الشيخ البوطي- رحمه الله- في كونه مؤيدا لنظام بشار الأسد، يؤكد الإعلام العربي مرة أخرى أنه يعيش أزمة أخلاقية كبيرة تجعله يتخلى عن كل معايير الموضوعية والأداء الإعلامي النزيه، لدرجة اختصر فيها عالم جليل وداعية إلى الله في موقف واحد اتخذه في آخر حياته.
البوطي ضحية فتنة لم يكن محركها بل حاول التصدّي لها بطريقته الخاصة بغض النظر عن تقييم اجتهاده إن كان خطأ أو صوابا، لكن إعلام الفتنة تخندق في طرف سوري على حساب الطرف الآخر، وقفز على كل ما يمثله الشيخ البوطي من علم وتقوى وجهاد بالكلمة والموعظة الحسنة، ولم يبق إلا موقف البوطي من الأزمة السورية أمام الإعلام العربي.
الشيخ البوطي أقر بأن الوضع في بلاده قبل انطلاق الثورة السورية، ليس جنة، ولكنه حذر السوريين من تغيير نظام الحكم باستخدام العنف بالقول إن باب محاولة تغيير النظام يوجد وراءه منحدر طويل وإن التوقف أو محاولة التراجع من المستحيلات وهكذا كان الأمر.
لقد مضى الشيخ البوطي إلى ربه وهو يدعو السوريين إلى المصالحة، وفضل البقاء في بلده والموت فيه على اللّجوء إلى دولة خليجية أو أوروبية رغم كل الإغراءات، وهو موقف يحسب له حتى وإن كان في صالح نظام بشار الأسد الذي يبدو أنه استفاد كثيرا من الشيخ رمضان البوطي حيا وميتا.
وليس مستبعدا أن يكون النظام السوري نفسه وراء عملية الاغتيال لأن قتل الشيخ البوطي كان في صالحه بكل المقاييس، خصوصا أن الإعلام السوري استثمر بشكل فعال في عملية التفجير كما أن الحوار المؤثر جدا الذي أجرته الفضائية السورية ساعات قبل الاغتيال يثير الريبة.
كما لا يمكن تبرئة الجماعات المسلحة المنفلتة التي تسيطر على المدن السورية وترتكب كل أنواع الجرائم من قتل وذبح وشنق ضد من تقول إنهم شبيحة النظام الأسدي، حيث يتم إعدامهم ميدانيا دون محاكمات.
هي فتنة كبيرة كان الإعلام العربي بطلها الرئيس هذا الإعلام الذي يروج للربيع العربي في سوريا وليبيا وتونس ومصر والمغرب والجزائر، بينما يسكت عن دول الخليج التي تحميها عائلات ومشيخات لم تعرف يوما مصطلحات الديمقراطية والانتخابات وحكم الشعب والتداول على السلطة وحرية التعبير.
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
«حماس».. وسط المشهد المصري
طلال عوكل عن البيان الإماراتية
حكومة نتنياهو والصفقة الأمريكية الإسلامية
إبراهيم البحراوي عن المصري اليوم
الشريعة لكم.. ولنا النفط وأمن «إسرائيل»
أمين إسكندر عن المصري اليوم
هل حققت زيارة اوباما للشرق الأوسط النتائج المرجوة منها؟
د. فوزي ناجي (اكاديمي فلسطيني مقيم في المانيا) عن القدس العربي
مُعضِلة المُكَوّن الفلسطيني في الأردُن
حازم مقدادي(كاتب اردني) عن القدس العربي
القمم العربية... ومساحيق التجميل!
جميل الذيابي عن الحياة اللندنية
من أوباما لـ«نتنياهو».. «وتذنبون فنأتيكم ونعتذر»
حسني عايش عن الرأي الأردنية
أوباما مسكون بالهم الإسرائيلي
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
نتنياهو: تفاقم الأزمة أثر على الموقف من تركيا.. لضرورة التواصل
حلمي موسى عن السفير
تركيا وإسرائيل: «شراكة أبدية» وأسئلة فلسطينية
محمد نور الدين عن السفير
«أحفـاد يونـس» حـي فـي قريـة «بـاب الشمـس» نمـوذج دولـة فلسـطينـيـة عنـوانـها «التحـدي»
امجد سمحان عن السفير
نتنياهو في طبعته الجديدة
الحسين الزاوي عن دار الخليج
إنّه البوطي يا جزيرة!
رشيد ولد بوسيافة عن الشروق الجزائرية
«حماس».. وسط المشهد المصري
طلال عوكل عن البيان الإماراتية
المعلومات التي نشرتها أخيراً جريدة الأهرام العربي المصرية، بشأن اتهام حركة حماس بضلوعها في جريمة الهجوم الذي استهدف في العام الماضي كميناً للجيش المصري على الحدود المصرية الإسرائيلية، وأدى إلى استشهاد ستة عشر جندياً وضابطاً مصرياً، لم تكن هي المرة الوحيدة التي تشكل عنوان احتكاك سلبي بين مصر المتأخونة، وحركة حماس التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
الإعلام المصري الذي يشكل الجبهة الأكثر سخونة في مجال مقاومة ما يعتبرونه سياسة الإخوان، التي تستهدف السيطرة على كل مفاصل الدولة، هذا الإعلام، كان كل الوقت يتربص بأي معلومة تتصل بالعلاقة بين حركة حماس في قطاع غزة، ومصر، لاستثمارها في التحريض على حكم مرسي، الذي يرى المعارضون المصريون أنه حكم المرشد.
الإعلام المصري وكذا العديد من القيادات السياسية المعارضة لنظام حكم الإخوان، تقدم نموذج السلوك الذي اتبعته حركة حماس في السيطرة على السلطة في قطاع غزة، وتجربتها في التعامل مع الحريات والحقوق الفردية، خصوصاً في المجال الاجتماعي، لكي يحذروا المجتمع المصري من أن الإخوان المسلمين هم أصل المدرسة التي تنتمي إليها حماس، وبالتالي فإنهم سيفرضون على الشعب المصري التجربة ذاتها والسلوك ذاته.
الحملة على حركة حماس التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، لا تجد ردود الفعل المناسبة الناجحة، لا من حماس ولا من جماعة الإخوان، بما في ذلك الرئيس مرسي، لتحجيم آثار تلك الحملة المتواصلة، على الشارع المصري الذي تتزايد انتقاداته وحذره من كل مواطن فلسطيني يصل من قطاع غزة، حتى لو أنه كان من غير المنتمين لحركة حماس.
لقد اجتهدت كتائب القسام، واجتهدت قيادات من حركة حماس في قطاع غزة، واجتهد رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، ونائبه موسى أبو مرزوق، في الرد على الاتهامات والتأكيد على حرص حماس الأكيد على مصالح مصر وأمنها، إلا أن هذه الاجتهادات لم توقف حملة الإعلام المصري، الذي يحرض على الإخوان المسلمين من باب التحريض على حركة حماس.
حتى الرئيس مرسي، حين أراد أن يدلي بدلوه في الرد على اتهامات الأهرام العربي، اكتفى بالتأكيد على أن الدولة ستضرب بيد من حديد كل من يتطاول على أمن مصر ومصالحها، ولم يتضمن رده أية معلومات عن واقعة استشهاد ستة عشر جندياً وضابطاً مصرياً، رغم مرور الكثير من الوقت، ورغم وعده السابق بالإسراع في التحقيق وكشف الحقائق أمام الجمهور المصري مهما كانت النتائج.
وبذلك اتسع التحريض وآثاره، ليشمل مسؤولية حماس وقطاع غزة إزاء أزمة المحروقات التي تعاني منها مصر، على اعتبار أن المحروقات المدعومة من قبل الدولة، والكثير من المواد التموينية والأساسية الأخرى، يجري تهريبها عبر الأنفاق إلى قطاع غزة.
هذه الحملة المتواصلة، تترك لدى الكثير من المراقبين أسئلة حائرة، تشكك في مدى إيجابية العلاقة بين حماس وجماعة الإخوان في مصر، وما إذا كانت الجماعة قادرة أو هي راغبة حقيقة في تلبية المتطلبات السياسية والاقتصادية واللوجستية التي تنتظرها حماس، بما في ذلك فتح معبر رفح بالكامل، وإنشاء منطقة حرة، وربما تصل إلى مستوى الاعتراف الرسمي من قبل الدولة المصرية بشرعية الوضع القائم في قطاع غزة.
لا شك أن حماس أصيبت بخيبة أمل إزاء وتيرة وطبيعة تعامل مصر التي يقودها الإخواني الدكتور محمد مرسي، وحكومة الدكتور هشام قنديل، وكانت تعتقد وتنتظر أن تسارع مصر بعد انتخاب مرسي، إلى إنهاء الحصار على القطاع، والإقدام على العديد من الإجراءات الإيجابية التي تلبي متطلبات حماس.
في الأصل يبدو أن ثمة خللاً في الحسابات، إذ يبدو أن حركة حماس تعتقد أنها صاحبة التجربة الأولى لحكم جماعة الإخوان، وأنها رأس حربة المشروع الإسلامي النهضوي، وبالتالي فإن جماعة الإخوان في مصر ينبغي أن يقيموا حساباتهم تجاه قطاع غزة، انطلاقاً وابتداءً من حسابات حماس، غير أن الواقع يقدم معادلة معاكسة.
مصر الكبيرة التي يقودها الإخوان ويرغبون في أن ينجحوا في بناء تجربة انتظروا فرصة بنائها منذ عام 1928، مصر الدولة العربية الأكبر، والدولة الإقليمية الكبرى، تتطلع لأن تكون هي مصدر القرار، والأساس الذي يبني عليه الآخرون، خصوصاً ممن يحسبون عليها حساباتهم ومصالحهم.
مصر تعاني من اضطرابات شديدة، وانقسام حاد يتزايد يوماً بعد آخر، وتعاني من شبه انهيار اقتصادي، لا يستطيع مرسي وحكومته وإخوانه وضع الحلول المناسبة لها، ولذلك فإن منطق الإخوان في مصر، كأنه يقول لإخوانهم في حركة حماس إن العين بصيرة ولكن اليد قصيرة، إذ هم لا يستطيعون معالجة أزماتهم ومشكلاتهم الداخلية، حتى يلتفتوا إلى حل الأزمات التي تعاني منها حركة حماس ويعاني منها قطاع غزة.
حركة حماس تعزو الحملات التحريضية ضدها، إلى أن ثمة أطرافاً مصرية تحاول التأثير على المنتخبين المصريين، ويقول أحد قيادات الحركة إن هذه الأطراف لن تنجح في التأثير سلبياً على شعبية جماعة الإخوان، وعلى العلاقة بين مصر الإخوان وحماس.
على أن خطابات التطمين التي تصدر غالباً عن حركة حماس، لا تغير من حقيقة أن انتماءها لجماعة الإخوان، يشكل مادة رسمية للإعلام والوسط الحزبي المعارض لحكم الإخوان في مصر، الأمر الذي يشكل بدوره قيداً على قدرة نظام مرسي على الاستجابة لطلبات حركة حماس.
ومن الواضح أن حركة حماس مستعدة فعلياً لتحمل المزيد من الأعباء، وتفهم التباطؤ المصري إزاء الاستجابة لمتطلباتها، ذلك أنها معنية بإنجاح تجربة الإخوان في مصر، فنجاح تلك التجربة في الحكم يشكل عاملاً مصيرياً بالنسبة لتجربة حماس، التي تتطلع إلى أن تتسيد المؤسسة الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية، وتمتلك القرار الفلسطيني على مختلف الصعد.
وبشكل عام فإن تجربة الإخوان في الحكم حتى الآن، ورغم مرور بضعة أشهر على انتخاب الرئيس محمد مرسي، تشير إلى أن هذه التجربة لن تكون مفروشة بالورد، وأن تفاقم الصراع الداخلي يفتح الباب أمام العديد من الاحتمالات، التي تتصل بقدرة الجماعة على التواصل في ما هي عازمة عليه من أخونة النظام، وليس من باب الصدفة تزايد المطالبة الشعبية، بضرورة تدخل الجيش لتأمين الاستقرار والنظام.
حكومة نتنياهو والصفقة الأمريكية الإسلامية
إبراهيم البحراوي عن المصري اليوم
تزايدت عندى احتمالات وجود صفقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الإسلامية الحاكمة فى دول الربيع العربى، ذلك أن الرئيس أوباما، أكد فى المؤتمر الصحفى مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس أنه على ثقة من أن تصور الحل الشامل لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين موجود، وأنه يفضل عدم الأخذ بأسلوب التفاوض على مراحل حتى لا تعوق كل مرحلة ما بعدها، ولكنه يرى أن أفضل الطرق هو توصل الطرفين إلى اتفاق واسع شامل، يؤمن قيام الدولة الفلسطينية ذات التواصل الجغرافى، ويضمن احتياجات الأمن الإسرائيلى.
لقد قلت هنا الثلاثاء الموافق 26/2/2013 تحت عنوان «صفقة الدولة الفلسطينية بين أمريكا والإسلاميين» إننى أطرح على الأمريكيين والإسلاميين معاً استخدام المدخل التاريخى فى إنجاز اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، عندما ضغطت الولايات المتحدة بقدمها الثقيلة على يايات فرامل عجلة التوسع الإسرائيلية فأوقفتها وأرغمت مناحيم بيجين، زعيم الأطماع التوسعية فى سيناء، على ابتلاع أطماعه والانسحاب التام منها مقابل أمرين : الأول تحقيق المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى طرد النفوذ السوفيتى الاشتراكى من مصر على يد الرئيس السادات، والثانى توفير بعض ضمانات الأمن الإسرائيلى.
كان رأيى أن الولايات المتحدة تحتاج اليوم حكم الإسلاميين كما احتاجت من قبل حكم السادات، وهذه المرة لاحتواء جماعات الجهاد الإسلامى، التى مثلت خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة منذ هجمات سبتمبر 2001 على واشنطن ونيويورك، وأن عليها أن تقدم ثمناً لهذا تماماً كما فعلت بإرغام إسرائيل على الانسحاب من سيناء. طبعاً الثمن هذه المرة هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة على إقليم جغرافى متصل فى الأرض المحتلة عام 1967، مع ضمان وجود القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين.
لقد سبق أن وافق الإسرائيليون والفلسطينيون على مبدأ تبادل أو مقايضة أراضى كتل الاستيطان اليهودية فى الضفة بمثلها فى النقب، وفى داخل إسرائيل، إن العنصر الحاسم فى تقديرى إذن لإنجاز صفقة السلام هو الإرادة الأمريكية الضاغطة، وإذا نظرنا فى تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة سنجد الملامح التالية : أولاً : حزب ليكود بيتنا «31 مقعداً بالكنيست» تحت قيادة نتنياهو، الذى سبق أن أعلن عام 2009 عن قبوله مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، ووضع لذلك عدة شروط، أولها : احتفاظ إسرائيل بكتل الاستيطان الكبرى وغور الأردن وهو ما يمثل حوالى خمسين فى المائة من الضفة، شاملاً القدس الشرقية، وثانيها : اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى وهو أمر يفتح الباب لمبادلة المناطق المأهولة بعرب 1948 داخل إسرائيل ضمن صفقة تبادل الأراضى، ثالثها : السيطرة على المجال الجوى والحدود البرية للدولة الفلسطينية، رابعها : عدم عودة اللاجئين إلى ديارهم، خامساً : الاحتفاظ بالقدس الشرقية كجزء من عاصمة إسرائيل الموحدة.
ثانياً : حزب يشى عاتيد «19 مقعداً» بقيادة يائير لابيد، ويميل برنامجه السياسى كحزب جديد إلى إنهاء النزاع على أسس تقترب من رؤية نتنياهو السابقة.
ثالثاً : حزب هتنوعاه بقيادة تسيبى ليفنى «6 مقاعد» ويميل إلى رؤية مقاربة وإن كانت أقل تشدداً.
رابعاً : حزب البيت اليهودى بقيادة نفتالى بينيت، وهو حزب المستوطنين من أتباع الصهيونية الدينية وغيرها، ولديه رؤية للتسوية تقوم على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى وقسم من الضفة يعرف بالمنطقة سى مع منح الخمسين ألف فلسطينى الذين يعيشون فى المنطقة الجنسية الإسرائيلية.
لقد وقعت هذه الأحزاب الأربعة واتفقت على الخطوط الأساسية الحاكمة لسياسات الحكومة الائتلافية، اسمحوا لنا أن نطالع الجزء الخاص بالسلام والأمن وأنقله لكم عن النص العبرى. أ- للشعب اليهودى حق غير قابل للنقض فى دولة ذات سيادة فى فلسطين «أرض إسرائيل». ب- ستسعى إسرائيل إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين بهدف الوصول إلى تسوية سياسية معهم تنهى النزاع، وإذا تم مثل هذا الاتفاق فلابد أن يحصل على تصديق الحكومة والكنيست، وإذا دعت الضرورة يطرح على الاستفتاء لأخذ تصديق الشعب عليه. ج- ستعمل الحكومة بفاعلية لتعزيز الأمن القومى وتوفير الأمن الشخصى لمواطنيها من خلال مكافحة العنف والإرهاب. د- ستدفع الحكومة العملية السياسية وستعمل على دفع السلام مع جميع جيراننا من خلال الحفاظ على المصالح الأمنية والتاريخية والقومية لإسرائيل.
سيلاحظ القارئ معى أننا أمام صياغة فضفاضة لهذا الجزء من برنامج الحكومة وهى صياغة متعمدة حتى لا تنفجر الخلافات مع حزب البيت اليهودى وحزب إسرائيل بيتنا، بقيادة أفيجدور ليبرمان، والذى دخل الانتخابات فى قائمة موحدة مع ليكود. إن هذين الحزبين يرفضان حتى الآن حل الدولتين ولذا فإن الصياغة الفضفاضة ترضيهما. الخلاصة أن الإرادة الأمريكية إذا ما لوحت بجزرة الأمن ومزيد من الدعم لإسرائيل ووضعت قدمها على يايات التوسع، تحقيقاً لمصالح أمريكية عليا، فإن هؤلاء المتطرفين سيبتلعون تطرفهم أو يخرجون من الحكومة ليحل محلهم حزب العمل والحريديم. فلنركز على ملاحظة التحرك الأمريكى القادم.
■ رسالة لوزير الداخلية : تلقيت رسالة من المواطن أحمد الدرديرى، الموظف بجامعة عين شمس، يناشدنى إيصال صوته لوزير الداخلية بشأن سلوك العاملين بإحدى محطات البنزين امتنعوا عن تزويد سيارته وهددوه رغم قيامهم بملء جراكن وتحميلها للبيع فى السوق السوداء، وباءت محاولته للاستنجاد بشرطة النجدة بالفشل، وأرسل شكواه إلى الوزارة.
الشريعة لكم.. ولنا النفط وأمن «إسرائيل»
أمين إسكندر عن المصري اليوم
هذه هى الاستراتيجية الغربية الجديدة فى الوطن العربى، التى نظر لها وأبدع فيها الصهيونى الفرنسى (برنارد هنرى ليفى)، ومن المعروف أنه لعب دوراً كبيراً فى غزو الحلف الأطلسى لليبيا، وفقا لعقيدة آلان جوبيه السياسية التى اختصرها إبان الحرب على ليبيا قائلا: «حربنا فى ليبيا هى بمثابة استثمار للأجيال الفرنسية المقبلة»، ومن أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية اعتمدت فرنسا وإنجلترا، بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، على الجماعات السلفية المقاتلة والإخوان المسلمين، وقد تمت تجربتهم فى أفغانستان، وتم بنجاح إخراج الاتحاد السوفيتى من وزنه الدولى.
وكان قد بدأ هذا التعاون بين جهاديى تنظيم القاعدة والولايات المتحدة من جهة، والسعودية وباكستان من جهة أخرى، لتطبيق استراتيجية إضعاف الاتحاد السوفيتى وإخراجه من أفغانستان عبر الجماعات الإسلامية، ومن أجل ذلك تعاون الغرب كله والخليج كله وباكستان، وتعاونت أجهزة مخابرات أمريكا وإنجلترا وفرنسا ومصر والسعودية من أجل تنفيذ مصلحة الغرب تحت قيادة أمريكا فى إلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفيتى، وفى الوقت ذاته التخلص من الجهاديين الإسلاميين الذين بزغوا مع الصحوة الإسلامية التى جاءت مع ثورة الخمينى فى إيران.
على النهج ذاته والطريق نفسه تم استرجاع تطبيق ذلك فيما عُرف بـ«ثورات الربيع العربى»، وتحت شعار: لكم الشريعة ولنا النفط وأمن «إسرائيل»، تم تنسيق المواقف وترتيب القوة على الأرض فى كل من ليبيا وتونس ومصر، وقد لعبت قطر دوراً هائلاً فى التمويل وتوظيف المؤسسات الدولية والإقليمية، مثل هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، كما لعب دور المنسق والمنظّر الفكرى والداعية الأيديولوجى لهذا التحالف كلٌّ من برنارد ليفى وعزمى بشارة، الذى لعب أدواراً مهمة فى التنظير لحالة تونس ومصر وليبيا، كما فعل «ليفى» فى حالة ليبيا على وجه الخصوص، ولم يكن هذا الدور فى إطار التنظير فقط، بل امتد على أرض الواقع فى الترتيب والتهيئة، سواء ببذل الجهود فى التنسيق بين القوى المحلية وامتداداتها فى الخارج، وكذلك فى تقديم الدعم المادى الكبير لتنفيذ ذلك على أرض الواقع، وما يحدث فى سوريا هو نفس المخطط بنفس الأدوات والتمويل، فإذا كانت الشريعة وتطبيقها هى غايتكم وأسمى أمانيكم، فلا بأس.. لكم ذلك، ولنا- نحن الغرب- نفطكم، وكذلك لنا أمن إسرائيل، فهى السوط الذى يلهب ظهوركم جميعاً، الممسوك من جانبنا دائما، وهى المدافع عن مصالحنا وقتما نشاء.
تلك هى الاستراتيجية التى جُرِّبت من قبل وتُجرَّب الآن، ويتم تنفيذها فى الماضى والحاضر بأدوات من داخلنا وبتعاون من داخلنا أيضا، مثل ما يحدث من تعاون كبير بين كل من قطر وتركيا وفرنسا وأمريكا والسعودية بغرض استثمار ما يطلق عليه «ثورات الربيع العربى».
لذلك كانت الجماعات السلفية المقاتلة والإخوان المسلمون هما خير حليف للغرب ومصالحه، وهناك وقائع على الأرض من اجتماعات وأجهزة ورجال تعاونوا من أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية.
هل حققت زيارة اوباما للشرق الأوسط النتائج المرجوة منها؟
د. فوزي ناجي (اكاديمي فلسطيني مقيم في المانيا) عن القدس العربي
كنت في زيارة للضفة الغربية في الأسبوعين الماضيين. وقد رأيت مظاهر التحضير لزيارة اوباما لرام الله التي اعاقت حركة السير في الكثير من الطرقات. وشاهدت عدداً من الطائرات المروحية التي شاركت في التحضيرات الأمنــية لهذه الزيارة. لكنني لم اشاهد مظاهر الفرحة بها عند افراد الشعب الفلسطيني، بل العكس هو الصحيح حيث قامت المظاهرات إحتجاجاً على هذه الزيارة. وكان جواب معظم من إلتقيتهم بأن زيارة 'ابو حسين' باراك حسين اوباما للسياحة فقط وهو لن يحمل معه أية مبادرة سياسية ولن يضغط على اسرائيل لتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لا اعتقد ان رئيس أقوى دولة في العالم يأتي الى منطقة الشرق الأوسط في هذا الوقت بالذات من اجل السياحة والتمتع بشمسها الدافئة وزيارة الأماكن المقدسة والتاريخية بها فقط. إذ لا بد من وجود أجندة يُراد لها ان تكون خفية، كما يُراد ان يكون سقف التوقعات لنتائجها المعلنة منخفض.
ماذا يريد الفلسطينيون والأسرائيليون والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الزيارة؟
يطمح الفلسطينيون الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وايجاد حل عادل يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها. وذلك ليتمكنوا من العيش الحر الكريم كباقي شعوب الأرض. يعتقد الفلسطينيون بأن قضيتهم لا تقع حالياً على سلم أولويات السياسة الأمريكية، ولذلك لا يعولون على زيارة الرئيس الأمريكي الحديثة لهم ولا يتوقعون منها شيئاً قيماً. في خطابه في رام الله أكد الرئيس الأمريكي على ما يلي:
تأييده لحل الدولتين من اجل إنهاء الصراع الاسرائيلي العربي.
الدفع قدماً في طريق المفاوضات بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني.
التقارير التي قدمت من الرئيس الفلسطيني الى اوباما حول المستوطنات الاسرائيلية وخطورتها على حل الدولتين، وكذلك التقرير المتعلق بآلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية والذي يناضل كافة افراد الشعب الفلسطيني من اجل إطلاق سراحهم فقد تم الأخذ بالعلــــم بها ولكنها ليست من المواضيع التي تقلق الرئيس الأمريكي وليست على اولويات أجندة زيارته.
معظم الاسرائيليين كانوا غير راغبين أيضاً بهذه الزيارة وكانوا يتوقعون ضغوطاً من اوباما لتغيير سياساتهم. لكن البعض الآخر منهم كان يرغب بهذه الضغوط لحمل اسرائيل على ترك سياساتها التي جعلتها معزولة دولياً. وكذلك اليهود الأمريكيون، حيث وصف باول كروجمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، حسب ما نشر في صحيفة هآرتس الاسرائيلية بتاريخ 25.4.2012، سياسة حكومة نتنياهو بأنها سياسة انتحار وطني.
العلاقة الشخصية بين اوباما ونتنياهو غير حميمة والجميع يعلم ذلك، ولكن العلاقات الدولية تبنى على المصالح ولا تتأثر سلباً او ايجاباً بالعلاقات الشخصية. من خطاب اوباما في اسرائيل يتضح ما يلي:
ـ تأييد اوباما للطابع اليهودي لدولة اسرائيل.
ـ نبه اوباما من الخطر الديمغرافي القادم والذي حذر منه العديد من العلماء الاسرائيليين منذ سنين طويلة ومنهم استاذ الجغرافيا الدكتور ارنون سوفر. كما حذر من ذلك ايضاً اليهود الأمريكيين ومنهم توماس فريدمان في مقالاته في صحيفة نيويورك تايمز. تأكيد التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
تركيز اوباما على جيل الشباب في اسرائيل من اجل إنقاذ اسرائيل من مغبة السياسة الحمقاء التي تتبعها الحكومة الحالية ومن اجل الانتخابات القادمة، حيث يعتقد الكثيرون داخل اسرائيل وخارجها بأن هذه الحكومة لن تعمر طويلا.
إعتبر الأردن، حسب تصريح مسؤوليه، زيارة اوباما زيارة تاريخية وتصب في مصلحة الاردن. من تصريحات اوباما في العاصمة الاردنية عمان يتضح ما يلي:
1-الدعم الامريكي للاصلاحات السياسية والاقتصادية التي يقوم بها العاهل الاردني عبدالله الثاني.
2- رغبة الولايات المتحدة الامريكية في تطوير العلاقات الاردنية الامريكية.
3ـ الدعم الاقتصادي الامريكي للاردن من اجل تحمل اعبائه الناجمة عن إستضافة حوالي مليون لاجئ سوري على اراضيه.
من المنظور الأمريكي تعتبر زيارة اوباما ناجحة لأنها حققت التالي:
1 ـ أنهت الأزمة الاسرائيلية التركية التي نشبت بين الدولتين القويتين والحليفتين لأمريكا في الشرق الأوسط، والتي نشبت بعد مقتل تسعة مواطنين أتراك من قبل الجنود الاسرائيليين على متن السفينة التركية مرمرة في شهر ايار من عام 2010، عندما حاولت نقل مواد إنسانية لكسر الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
2 ـ أعادت الأمل في إحياء عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. على الرغم من أن جميع الأطراف تعلم مسبقاً بأن المفاوضات لن تصل الى اية نتيجة ايجابية في ظل الحكومة الاسرائيلية الحالية التي يشكل المستوطنون جزءاهاماً منها.
3 ـ إيجاد عوامل مشتركة للتحالف بين اسرائيل وتركيا والولايات المتحدة الامريكية واهمها الأحداث الجارية في سورية وامكانية وصول اسلحة تقليدية وكيميائية لأيدي قوى إسلامية تعتبرها الأطراف الثلاثة متطرفة.
4- الاعداد لتنفيذ الأجندة الخفية الامريكية والتي يختلف المحللون السياسيون بشأنها بالتخطيط لضرب سورية وبالتالي ايران او بابعاد شبح الحرب بتهدئة نتنياهو في الوقت الحالي حتى قيام انتخابات برلمانية جديدة في اسرائيل يتوقع منها فشل اليمين الاسرائيلي في المحافظة على السلطة.
يعتبر الفلسطينيون هذه الزيارة فاشلة لأنها لم تقدم أي شيء جديد لهم يحسن من اوضاعهم السياسية والاقتصادية ويعيد الأسرى الفلسطينيين الى ذويهم ويبعد شبح الموت للمضربين عن الطعام منهم منذ فترة طويلة.
ان الانقسام الفلسطيني والتشرذم العربي يجعل من الدول العربية صفراً على الشمال على خارطة السياسية الدولية في الوقت الحالي، ولكنني آمل بان الشباب العربي، الذي حمل راية التغيير من اجل غد أفضل، سيغير من هذه المعادلة السياسية لصالح الشعوب العربية في المدى المنظور.
مُعضِلة المُكَوّن الفلسطيني في الأردُن
حازم مقدادي(كاتب اردني) عن القدس العربي
فَجَّرَت التصريحات التي نُسِبَت إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، تلك التي تضمنتها المقابلة التي أجراها الصحفي 'جولدبيرغ' في صحيفة 'ذي أتلانتك'، موجة من الإحتجاج، وتمخضت عن حالة من الصدمة والتوتر لدى عموم الأردنيين بمختلف دوافعهم. وبرغم مُسارعة الديوان الملكي الأردني للتملّص مما وَرَدَ في تلك المقابلة على لِسان الملك، غير أن ذلك التملّص لم يُؤتِ أكلَه ولم يُقنع الكثيرين ممن تابعوا الأحداث المُتسارعة والتّراشقات المتبادلةِ، لم يُقنعهم بعفوية التصريح الملكي، أو بأن الأمْرَ بِرِمّتِهِ لا يتجاوز إخراجا للحديث الملكي ذاك من سياقه الصحيح. فحِجَجٌ كتلك أصبحت فاقدة لتأثيرها، ومُفرَغة من معناها، خصوصا وأن هذا الحدَث لم يكن الأول من نوعه، كما أنه لن يكون الأخير.
وبرغم حقيقة التصريح الملكي ذاك، كونه مُوجها بمضمونه للخارج وليس للداخل الأردني، غير أن ما جاء على لسان العاهل الأردني في تلك المُقابلة يستدعي التوقف مُطَوّلا، سِيما وأن التصريحات تلك تَمسّ مفاصل الدولة الأردنية بِرِمَّتِها، وعلى رأسها المُكوّن الفلسطيني. إذ أصبح من غير الخافي على أحدٍ أن واقع المُكون الفلسطيني في الأردن، والذي يُجَيَّرُ ويُوَجَّهُ بين الفَيْنَة والأخرى بما يخدم توجُّهات النظام الأردني وبرامجه بمختلف أشكالها، هو واقعٌ فاقِد للإستقرار والتّأطير. فتارَة نرى حكومة أردنية وهي تتعامل مع الأردنيين المُنحدرين من أصول فلسطينية بوصفهم لاجئين تُظِلّهم قوانين وبنود الأمم المتحدة في سياق حرص الحكومة على ممارسة ضغطٍ ما بُغية تحقيق المزيد من المُساعدات الإقتصادية عبر تقديم المُكون الفلسطيني كعبءٍ تنوءُ بهمومه الدّولة الأردنية، وحثّ المجتمع الدولي نحو تحمل مسؤولياته تجاه أولئك اللاجئين. وتارة نرى حكومة أردنية أخرى تتعامل مع أفراد المكون الفلسطيني على أنهم مواطنون بكل ما تتحمله كلمة المواطَنة من معنى، وليس أدَلُّ على ذلك من موقف أوّلِ حكومة في عهد العاهل الأردني، ذاك الذي جاء على لسان رئيسها حين أكد تجاوز الأردن لمرحلة 'المهاجرين والأنصار'، هذا الموقف الذي لن نتوقف الآن عند مخاطره وتبِعَاتِه.
إن تعامُلَ النظام الأردني مع المُكون الفلسطيني كان على الدوام يصُبّ في مصلحة النظام نفسه على مختلف الصُّعُدِ، السياسية منها والإقتصادية والإجتماعية. فَعَلى الصعيد الإقتصادي شَكّل التواجد الفلسطيني على الأرض الأردنية ذريعة دائمة للنظام يستخدمها أنّى شاء في سياق التغطية على فساده وإخفاق سياساته الإقتصادية والخَدَمِيَّة. مُتناسيا النظامُ أن المُكون الفلسطيني عندما جاء إلى الأردن، جاء شعبا وأرضا، وأنه - أي المُكون الفلسطيني- أسهم بشكل مباشر وأساسي في دفع عجلة التنمية في الأردن ولعقود طويلة. غير أن النظام الأردني الذي فَتَح ذراعيه لغنائم النكبة عام 1948 والتي تمثلت ببسط نفوذه على أراضٍ ومُدن مهمة، كالقدس ونابلس وبيت لحم والخليل وغيرها، لم يسعه بعد عام النكسة سِوَى البحث عن قالب سياسي وأخلاقي لا يُحَمّلُه وِزْرَ تحرير الأرض وإنقاذ العِرض، وهنا يمكن لنا إستذكار الشهيد وصفي التل الذي كان آخر مسؤول أردني تحدث عن ضرورة العمل لإستعادة الضفة الغربية حتى وإن كان ذلك بالقوة. غير أن النظام في الأردن لم يتوقف عند هذا الحدّ في إستخدامه وتوظيفه للوجود الفلسطيني على أراضيه، إذ ما زال النظام بين الحين والآخر يُعزّز عُمقه العشائري ويزيد مكاسبه السياسية كُلما راودته الشكوك في شرعيته، إذ أن التواجد الفلسطيني في المجتمع الأردني والذي هو زُهَاء نصف الشعب الأردني بمجمله، ساعَدَ النظامَ على ترسيخ وجوده وبقائه عبر تقديم نفسه على أنه نقطة توازن وإجماع للأردنيين بمختلف أصولهم ومنابتهم. غير أن نقطة التوازن تلك لم تكن على مسافة واحدة من جميع الأردنيين بكل أطيافهم، إذْ ما يزالُ الأردنيون من أصول فلسطينية يعانون من الإقصاء والإتهام، بل ويُلاحَقُون بمِزاجية عالية من قبل ما يسمى بـ 'دائرة المتابعة والتفتيش'، مما كان من شأنه تعطيل جناح واسع من الدولة الأردنية وإحباطه.
و اليوم نرى التصريحات تلك، والمنسوبة إلى العاهل الأردني، تأتي مُنْسَجِمَة مع ما جاء في التحليل الأخير. إذ يتم توجيه رسالة للخارج بُغية تخفيف الضغوط السياسية على النظام الأردني، وتأكيد النظام إنحيازه لحقوق المكون الفلسطيني بمواطنة عادلة ضمن إطار الدولة الأردنية، مع عدم قدرة النظام على تجاهل الضغوط الداخلية من قِبَلِ أجهزة الدولة الأردنية ورموزها العشائرية. فالنظام الأردني هو آخر من يمكن أن يَقبَل حسم مصير المُكون الفلسطيني في الأردن قبل حسم الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
نعم، لقد شَكَّل المُكون الفلسطيني دائما طوق نجاة للنظام الأردني في التعامل مع الكثير من أزماته خصوصا الداخلية منها، تلك المتعلقة بالجوانب الإقتصادية والإجتماعية وصولا للسياسية منها والأمْنِيَّةِ. وليس أَدَلُّ على ذلك من تَوَرُّط النظام في معاهدة وادي عربة تحت ذرائع شَتَّى، كان على رأسها حماية الوطن الأردني من مشروع الوطن البديل وسيناريوهات التوطين، بُغْيَةَ تمرير تلك المعاهدة المشؤومة وتغليفها بالشرعية والإستراتيجية. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، إذْ مَثَّلَ ذاك المشروع المزعوم ذريعة أساسية لإجهاض الإصلاح المنشود والحدّ من المَدِّ الثوري الذي تشهده المنطقة العربية منذ حين والتقليل من آثاره على النظام الأردني. وفي هذا السياق لابُدَّ لنا من إسترجاع موقف الملك الأردني مع بداية الربيع العربي عندما بادَرَ إلى طمأنة الشعب والتقليل من مخاوف الديمُغرافيا والهوية الأردنية، بل ودعوته نحو التركيز في الشأن الداخلي والتوافق الوطني، ذاك الموقف الذي سَرْعَان ما تلاشى ولم يتم التطرق له من جديد، خصوصا مع تَمَتْرُس أزلام النظام وأبواقه وتَذَرُّعِهم بتلك المخاطر وتجاهل التطمينات المَلَكِيّة في هذا الشأن، وهذا أمْرٌ يمكن فهمه في سياق تصوّرنا حالَ النظام الأردني فيما لو فُرِضَت عليه مواجهة الواقع العربي الجديد دون تَمَكُّنِهِ من التلاعب بورقةٍ كورقة الفلسطينين في الأردن، والمشروع المزعوم للوطن البديل والتوطين.
القمم العربية... ومساحيق التجميل!
جميل الذيابي عن الحياة اللندنية
منذ القمة العربية الأولى التي عقدت في مصر في ايار (مايو) 1946، وكتابة البيان الأول الذي أكد الرغبة الأكيدة للدول العربية في السلم، وأن فلسطين هي قضية العرب جميعاً، تشهد المنطقة العربية أوضاعاً حرجة وأمراضاً تلازم ظروف انعقاد كل قمة.
يجتمع القادة العرب في كل قمة للتصوير والتنظير وإلقاء الخطابات ورفع الشعارات وإصدار البيانات، بعد جولات من المجاملات تارة والملاكمات في الجلسات المغلقة تارة أخرى، ثم ينفضون مودعين «بمثل ما استقبلوا به»، فيما لا تزال الأوضاع «تلتهب» والشارع العربي «يغلي»!
وأرجو ألا يخرج من يحاول تذكيرنا بـ«قمة اللاءات الثلاث» في الخرطوم (لا صلح. لا اعتراف. لا تفاوض) بعد «نكسة» حزيران (يونيو) 1967 أو عنتريات جمال عبر الناصر، أو يصدع رؤوسنا بشعارات البعثيين والقوميين «المنتهية الصلاحية»!
مذ عامين، والشعب السوري ينكَّل به وتذبح نساؤه وينحر أطفاله وتدمر مدنه، والعروبة تنحر علناً، وفي ما يبدو أن الأوضاع لم تتغير حتى على رغم أن «الربيع العربي» طيّر جماجم كبيرة وقلب الكراسي رأساً على عقب، إلا أن لا أحد يحبّذ الاستفادة من الدروس «المجانية»، بل يفضل دفع الفاتورة كاملة قبل الرحيل في أبشع صورة!
أصبحت القمم العربية أشبه بـ«عادة روتينية»، يترقبها الزعماء لتلاوة خطاباتهم، فيما لا تتحسر الشعوب العربية عليها بعد أن فقدت الأمل فيها، وفي قراراتها ومخرجاتها، نظراً إلى إخفاقها طوال 67 عاماً في تحقيق أية حقيقة ملموسة، ولو على مستوى إقامة سوق عربية مشتركة!
أليست مثل تلك القمم التي لا تقدم ولا تضيف للشعب العربي «مشوهة» ولو حاولت أن تتجمل بكل المساحيق العالمية؟ لكونها لم تنجز شيئاً لمصلحة الإنسان العربي وكرامته وقيمته، بقدر اكتراثها بتكريس صورة الحاكم وعلاقاته وشعاراته التي لا تنجح حتى في حدود بلاده!
كم من السنوات العجاف نسمع عن أهمية العمل العربي المشترك؟ كم من السنوات نسمع عن التقارب وحلول الملفات العربية - العربية؟ كم مرّ من السنوات ونحن نسمع عن ضرورة قيام تجمع عربي فاعل ومؤثر يحقق طموحات الشعوب العربية وتطلعاتها؟
تستضيف الدوحة غداً وبعد غد، القمة العربية الـ24، ولا تزال التصريحات والتعليقات لم تخرج عن نمط تصريحات صاحبت قمماً سابقة، مثل انعقادها في ظروف حرجة واستثنائية، والتفاؤل بمشاركة قادة الدول العربية كافة، والتقارب بين الدول العربية في الملفات المطروحة أمام القمة. تكرار اللغة نفسها لا يفيد ولا يضيف، لذا آمل أن تتغير الصورة في الدوحة، وألا تمر كقمم عربية سابقة كانت تعقد ثم تقبر قراراتها في اليوم التالي من ختامها!
لتصبح اليد العربية من حديد يجب تكريس حلول عملية عاجلة لحقن حمام الدم في سورية أولاً، وإنقاذ الشعب من نظام مجرم يغتاله بالطائرات والدبابات والأسلحة الكيماوية. كما آمل بألا يجري الحديث عن القضية الفلسطينية طالما الفلسطينيون يصرّون على النزاع وتوسيع الخلافات الداخلية وزيادة الانقسام في البيت الفلسطيني، وأن يتركوا لأنفسهم من دون تدخلات، حتى يروا صورتهم عارية بعد أن جرّبوا المصالحة في غالبية العواصم العربية ثم نكسوا واستمروا في التقاذف بدلاً من التركيز على القضية واستعادة الأرض!
ربما من الأفضل أن يسأل الزعماء والقادة أنفسهم في جلسة مغلقة، ماذا أسقط صدام حسين ومعمر القذافي وحسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلى السكة (قريباً) بشار الأسد؟
تجاوز مرارات وإحباطات وتراكمات العلاقات العربية - العربية، جزء من النجاح الذي سيجعل من القضايا العربية الساخنة المطروحة على طاولة القمة قضايا نافذة ومؤثرة في تغيير الواقع العربي وملامسة تطلعات وآمال الشعوب العربية، وتكريس طاقات الدول العربية لمواجهة التحديات والمخاطر والأزمات، خصوصاً قضايا النزاعات الأمنية والاجتماعية الطاحنة، التي جعلت من المنطقة بركاناً ينفجر طائفية ومذهبية وفئوية، إضافة إلى استغلال الأزمات السياسية والاقتصادية في أكثر من دولة عربية من قوى إقليمية لتحقيق مصالحها.
لا يمكن جعل العالم العربي قوة إقليمية لها استقلاليتها وآلياتها وقدراتها، بالشعارات والخطابات والبيانات مهما علت حدتها، فالقوة لن تتأتّى إلا بالعمل المشترك، والمواقف الموحّدة، والعدالة الاجتماعية وتكريس الحقوق الشعبية كاملة غير منقوصة للحفاظ على الهوية واستقرار المنطقة وأمنها، وإلا فالشعوب ثائرة ومتحفزة، وقادرة على تحطيم القبضات الأمنية، وفرض التغيير!
من أوباما لـ«نتنياهو».. «وتذنبون فنأتيكم ونعتذر»
حسني عايش عن الرأي الأردنية
لا تتصرف أمريكا - للأسف-فيما يتعلق بقضية فلسطين كدولة عظمى محترمة وذات رسالة إنسانية قوامها الحرية والديموقراطية والعدالة... كما تدعي، بل كدولة تابعة لإسرائيل وكأنها أحد الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة في حكومة نتنياهو الإئتلافية.
لعلّ أقوى دليل على انعدام الرسالة الإنسانية والإرادة العادلة عند هذه الدولة العظمى ليس تماهيها مع إسرائيل في الموقف من الشعب الفلسطيني البريء الذي لا تغتصب أرضه وتبيده جغرافياً وبيولوجياً وثقافياً وتاريخياً وذاكرة فقط، بل مزايدتها على إسرائيل في رفض حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية عندما لاحت ما دامت لا تخضع لشروطها التعجيزية بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود أو بإسرائيل اليهودية، وإصرارها على إلحاق اكبر الإهانة وأشد الإذلال بهذا الشعب البريء من دم اليهود ليعترف بحق جلاده في الوجود والأبارتيد (العنصرية) وبشرعية إغتصاب وطنه وتغييبه له. لقد فجرت أمريكا في وجه الشعب الفلسطيني البريء على مر العقود الماضية أربعين فيتو فتكت به ودمرت حقوقه الثابتة في وطنه، وآخرها رفض إدارة أوباما التصويت لصالح الدولة الفلسطينية المنقوصة العضوية في الأمم المتحدة وتحريضها بقية الدول لتحذوا حذوها.
أما الدليل الثاني عليه فزيارة الرئيس أوباما الأخيرة للمنطقة لمجرد الإصغاء لما تقوله له أطراف الصراع وكأنه لم يسمع به أو نشأ بعد ولايته الثانية ومعلوماته مشوشة عنه، وليس لإجبار إسرائيل على الانصياع للحق. إن كنت تدري أيها الرئيس وتقول في إسرائيل الكلام الذي قلت فيها فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم، فأنت في الحقيقة-ككل رؤساء أمريكا السابقين- لن تنحاز للحق والعدل حتى في ولايتك الثانية. ولأن الأمر كذلك كان من الأكرم لك أن لا تأتي بهذه الصيغة، لأنك لن تجرؤ على شرب حليب السباع ولن تستأسد على إسرائيل ولو مرة واحدة ولن تقول كلمة حق ولن تترجمها بفعلٍ عادل وحاسم.
الحق أو الحقيقة أقول لكم: أن أوباما معذور فموقفه من قضية فلسطين لا يختلف عن مواقف الرؤساء السابقين، لأن النظام (system) الأمريكي الصهيوني الإسرائيلي أقوى من أي رئيس، حتى وإن كان الرئيس آتياً من حماس أو من حزب الله أو من القاعدة. وعليه يمكن الاعتقاد أن الرئيس أتى «لينال إعجاب الإسرائيليين، واليهود في بلده» كما قال جدعون ليفي في هآرتس في 21/ 3/ 2013 (الرأي في 22/ 3/ 2013) أو للإعتذار لنتنياهو الذي أهانه في مكتبه في البيت الأبيض أمام العالم أجمع وحسب قول الشاعر العربي الذي نعيد الاستشهاد به كلما زار رئيس أمريكي إسرائيل نادما ً ومعتذرا ً:
إذا مرضنا أتيناكم نعودكم: وتذنبون فنأتيكم ونعتذر
ومع ذلك فنحن نحب أمريكا: نحب أن نعلّم أولادنا فيها. نحب أن نسيح فيها. نحب أن نحصل على جنسيتها... ولكنه حب من طرف واحد للأسف، وفيما يتعلق بفلسطين يجب أن نخيط بمسلـِّة أخرى، فالوقت يضيع وفلسطين معه تضيع.
* * *
مرعبٌ القتل الأعمى للمدنيين «الأبرياء والمصادفين» الذي تمارسه فصائل التكفير في أفغانستان والباكستان والعراق وسورية ومالي... والحقيقة أن كل من يحمل «معتقدات» تكفيرية هو بمثابة قنبلة موقوتة في اليد أو بحزام ناسف على الوسط يمكن أن ينفجر في أي وقت يحدث فيه الاحتكاك أو تتطلب به المكافأة: الجنة والحوريات. إن كل تكفيري مشروع للقتل بالفعل أو بالقوة، فاحذروه، لأنه لا فرق بين تكفيري وآخر: معتدل أو متطرف أو مهووس، سوى في اللحظة الحاسمة التي يسحب فيها الزناد.
يتغير سلوك الإنسان في وعيه وصحوه وفي كل نشاط يقوم به بتغير معتقداته، ومعتقدات هؤلاء دينية تكفيرية راسخة. إن كل سبل الإقناع لا تنفع معهم، بل إنهم يسخرون منها ومن أصحابها ويزدادون تعصبا ً لمعتقداتهم بها. بل وأكثر من ذلك أنهم يعتبرون أي محاولة لاقناعهم بمثابة اعتداء عليهم وعلى فكرهم لأن الاقتناع عندهم يعني الهزيمة أو الخسارة أو الانسحاب وهي أمور غير مقبولة أبداً عند التكفيريين. ولذلك لا يقرأون ما يكتب عنهم من نقد أو نصح وارشاد أو يردون عليها بالتكفير والعدوان إذا قرأوها. يغيّرون معتقداتهم أو يتغيرون بالصدمة أو بفضائح قادتهم أو بغسيل الدماغ الطويل المدى، أو باعتبارهم مرضى نفسيين أو جنسيين يجب وضعهم في مصحات عقلية إلى أن يشفوا.
أوباما مسكون بالهم الإسرائيلي
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
لا يأتي رئيس أو مسؤول امريكي إلى المنطقة إلا وفي برنامجه سبل ووسائل وكيفية خدمة اسرائيل وأمنها وحاضرها ومستقبلها.. وعلى غرار رؤساء امريكا السابقين جاء الرئيس اوباما إلى المنطقة هذه المرة أيضا وهو لا يحمل سوى الهمً الاسرائيلي..ففي زيارته لاسرائيل أكد على يهودية الدولة العبرية..وأكد على مواصلة الدعم الامريكي السياسي والمالي والعسكري اليوم وغدا وفي المستقبل لهذا الكيان العنصري الطامع في الاراضي والمياه والثروات الفلسطينية والعربية..واعتبر عمليات الاستيطان الاسرائيلي في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية» أمرا عاديا « ينبغي تجاوزه..ولم ينس أن يزور ما يسمى « ضحايا الهلوكوست «.
وفي زيارته لرام الله دعا إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية بدون شروط مسبقة..أي بدون وقف الاستيطان، وبدون التزام اسرائيل بحل الدولتين وبدون رفع الحصار الاسرائيلي عن قطاع غزة..وكذلك بدون وقف عمليات القتل والاعتقالات بالجملة..وبدون وقف الاعتداءات على المزارع والمنازل والمقدسات الفلسطينية.. وفي زيارته للاردن ظهر اوباما بحرصه الشديد على تصعيد الازمة السورية، وصولا إلى تدمير سوريا بالكامل خدمة لاسرائيل..
أما القضية الفلسطينية فهي ليست على أجندة اوباما..وعملية السلام لم تعد لها أولوية في سلم الاهتمام الامريكي بشؤون المنطقة..فالاولوية على أجندة اوباما في زيارته الاخيرة هي كيفية حشد الدعم العربي والاسلامي للتدخل في الازمة السورية وعلى النحو الذي يضمن بسط الهيمنة الامريكية والاسرائيلية على سوريا..وإلا فلماذا يواصل نتنياهو ووزير دفاعه تهديداتهما ضد سوريا بحجج واهية لا يصدقها مراقب حيادي ؟..وعلى هذا الاساس فإن الرهان الفلسطيني والعربي على الدور الامريكي لاستعادة الاراضي والحقوق الفلسطينية والعربية هو رهان خاسر..وينبغي إسقاطه من حسابات الدول العربية في قمتها الوشيكة في العاصمة القطرية.. وعلى هذه القمة رفض تأييد أي تدخل عسكري أجنبي في الازمة السورية..فأي تدخل أجنبي يعني إشعال حرب اقليمية ولربما دولية تصل حرائقها حتما إلى دول الجوار.. كما أن على القمة العربية رفض استخدام الاراضي والمياه العربية منطلقا أو سبيلا لشن عدوان اسرائيلي أو امريكي على ايران.. فايران ليست عدوة للأمة العربية..وإنما العدو الرئيسي لأمتنا هي اسرائيل..واسرائيل لا يقلقها ويخيفها شيء في الدنيا أكثر من البرنامج النووي الايراني الذي ترى فيه تهديدا حقيقيا لبرامجها واطماعها في المنطقة العربية..لذلك فهي تمارس الضغوط على واشنطن ومن خلالها على عواصم المنطقة والعالم كي تمنع ايران من تطوير برنامجها النووي..ولتضمن تفوقها العسكري على ايران أيضا كما ضمنته على الدول العربية مجتمعة..
جبهـة الجـولان تحتـدم.. إسـرائيل تدمّـر موقعـاً للجيـش السوري
نتنياهو: تفاقم الأزمة أثر على الموقف من تركيا.. لضرورة التواصل
حلمي موسى عن السفير
للمرة الأولى منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة عقد أمس، المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية لبحث الوضع على الحدود مع سوريا. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه خلال 12 ساعة بين اليومين الماضيين، (أمس وأمس الأول)، أطلقت النيران مرتين على دورياته العسكرية في القاطع الجنوبي من هضبة الجولان السورية المحتلة، وأنه رد على مصادر النيران.
وأشارت المصادر العسكرية الإسرائيلية إلى أن الجيش لم يكتف بتدمير موقع سوري أطلقت منه النيران، وإنما تقدم بشكوى رسمية إلى قوات الفصل الدولية المنتشرة في الهضبة المحتلة.
وقد عقد اجتماع المجلس الوزاري المصغر بتركيبته الجديدة في ظل التوتر القائم على الحدود مع سوريا في هضبة الجولان المحتلة. ومعروف أن المجلس تم تقليصه هذه المرة بعدما كان يضم 15 وزيراً، ولم يعد يشمل سوى رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والمالية والعدل والأمن الداخلي والوزير المسؤول عن الشؤون الاستراتيجية.
وحضر الاجتماع إلى جانب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كل من وزير المالية يائير لبيد، والدفاع موشي يعلون، والعدل تسيبي ليفني، والاقتصاد والتجارة نفتالي بينت، والاتصالات جلعاد أردان، والشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينتس. وبموجب القانون فإن وزير الخارجية عضو في المجلس، لكن المنصب المتروك لأفيغدور ليبرمان، ويشغله الآن نتنياهو بنفسه. وهذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها موشي يعلون في اجتماعات المجلس المصغر كوزير للدفاع.
وأعلن مسؤول أمني أن اجتماع المجلس كان مقرراً سلفاً لتقديم استعراضات أمنية أساسية للوزراء، لكن وضع الحدود مع سوريا أجبر على التعجيل بعقده.
وبحسب الجيش الإسرائيلي فإن دورية عسكرية تابعة له تعرضت لنيران من أسلحة خفيفة، وأن التحقيقات بدأت لمعرفة إن كانت صادرة عن قوات نظامية أم عن قوات المعارضة السورية. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن إطلاق النار في الجولان على الدوريات الإسرائيلية تمّ على أيدي جنود من الجيش النظامي السوري، مضيفة أنه على ما يبدو لم تكن هناك نية لإصابة إسرائيليين، ولكن إطلاق النار من رشاشات جاء أيضاً من موقع أطلقت منه النار أمس الأول، وأصاب وقتها جيب عسكري إسرائيلي. وقد سبق وسقطت قذائف هاون من الجانب السوري، ولكن نُظر إليها على أنها وقعت بالخطأ في القتال الدائر بين الجيش النظامي والمعارضة للسيطرة على هذا القاطع الحدودي المهم.
وإثر إطلاق النار الأول، قال وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد الجنرال موشي يعلون «إننا ننظر بخطورة لإطلاق النيران هذا الصباح من الجانب السوري باتجاه قوة إسرائيلية داخل أراضي دولة إسرائيل»، مضيفاً إنه «وفي أعقاب ذلك رد الجيش الإسرائيلي بما يتناسب والسياسة التي قررتها الحكومة: كل انتهاك للسيادة الإسرائيلية وإطلاق نار من الجانب السوري، يُردّ عليه فوراً بإسكات مصادر النيران حال تشخيصها. ونحن نرى في النظام السوري هو المسؤول عن كل انتهاك للسيادة. ولن نسمح لا للجيش السوري ولا لأي جهة أخرى بانتهاك السيادة الإسرائيلية عبر إطلاق النار على أراضينا».
وأشار رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس إلى أحداث الجولان، وقال إن «حادث هذا الصباح في سوريا هو تذكير لنا بالحساسية المتفجرة على طول الحدود مع سوريا. سنواصل العمل للحفاظ على الهدوء بحكمة وحزم». واعتبر أن إطلاق النار على دوريات الجيش الإسرائيلي ينطوي على تعريض القوات للخطر، مضيفاً «لقد هاجمنا ودمرنا المنطقة التي أطلقت منها النيران. وسنواصل العمل في هضبة الجولان بحزم، وحين يتطلب الأمر فعلاً هجومياً فسوف يتم. الجيش الإســرائيلي جاهــز لكل السيناريوهات».
عموماً، استهدف الجيش الإسرائيلي بصاروخ «تموز» دقيق الإصابة موقعاً عسكرياً سورياً، ودمّره. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن وقوع إصابات بين جنود الموقع السوري. وكان الجيش الإسرائيلي قد رفع حالة التأهب في صفوف قواته في هضبة الجولان حيث تجري إقامة سياج أمني وعوائق عسكرية كبيرة. ويعتبر إطلاق الصاروخ على الموقع السوري واحداً من العمليات القليلة التي يبادر فيها الجيش الإسرائيلي لإطلاق النار على هذه الجبهة منذ إعلان وقف إطلاق النار بعد حرب تشرين العام 1973. وفي أواخر العام الماضي، أطلق الجيش الإسرائيلي نيرانه أيضاً على الجانب السوري بعدما سقطت قذائف هاون على موقع إسرائيلي في الهضبة.
وتؤكد المصادر الإسرائيلية أن الأحداث في سوريا، وخصوصاً اقتراب المعارك الداخلية السورية من هضبة الجولان، كانت بين الأسباب الحاسمة التي دفعت نتنياهو إلى قبول الاشتراطات التركية بتقديم اعتذار عن قتل الناشطين الأتراك في سفينة «مرمرة».
وعلى صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، كتب نتنياهو «حقيقة أن الأزمة تتفاقم في سوريا من لحظة إلى أخرى، وكانت دائماً اعتباراً مركزياً في نظري». وقال إن الأحداث هذه أثرت على موقفه للاعتذار من تركيا، مشيراً إلى أن ترسيخ قوة الجهاديين على الحدود مع الجولان «يخلق تحديات كبيرة للمؤسسة الأمنية عندنا. ونحن نتابع ما يجري هناك وجاهزون للرد بما يناسب ذلك».
وأضاف إنه «من المهم أن تستطيع تركيا وإسرائيل اللتان تحدان سوريا أن تتواصلا فيما بينهما، والأمر ضروري أيضاً لمجابهة تحديات إقليمية أخرى». وشدد نتنياهو على أن «سوريا تتفكك، ومخازن أسلحتها الهائلة والمتطورة بدأت في السقوط بأيدي جهات مختلفة. والخطر الأكبر هو وقوع مخازن السلاح الكيميائي بأيدي منظمات إرهابية».
ولم تهدأ المعارك بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة في الجولان، وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيانات، أن «المسلحين حققوا تقدماً مهماً في جنوب البلاد بسيطرتهم على شريط بطول 25 كيلومتراً من الحدود الأردنية إلى الجولان».
وأوضح أن «مقاتلين من لواء شهداء اليرموك وجبهة النصرة ولواء المعتز بالله وكتائب أخرى، سيطروا على حاجز الري العسكري» شرق بلدة سحم الجولان في الريف الغربي لمحافظة درعا، اثر انسحاب القوات السورية منه، وبذلك «تكون المنطقة الواقعة بين بلدتي المزيريب (قرب الحدود الأردنية) وعابدين (في الجولان) والممتدة لمسافة 25 كيلومتراً خارج سيطرة النظام». وكان «المرصد» قد أعلن، أمس الأول، أن «مسلحين سيطروا على مقر قيادة اللواء 38 للدفاع الجوي في درعا».
تركيا وإسرائيل: «شراكة أبدية» وأسئلة فلسطينية
محمد نور الدين عن السفير
إنه أسبوع «الشراكات الأبدية». الرئيس الأميركي ذو الجذور الإسلامية، باراك حسين أوباما، يعلن شراكة أبدية مع إسرائيل. وبين تركيا وأميركا «شراكة نموذج»، كما وصفها سابقاً أوباما نفسه. واليوم تستعيد العلاقات التركية الإسرائيلية «شراكة»، يبدو أن تغيّر هوية النظام في أنقرة، من علماني ـ عسكري إلى إسلامي، لا يؤثر على صفتها «الأبدية» و«الإستراتيجية»، والتي بدأت حالما تأسست إسرائيل.
اعتذرت إسرائيل من تركيا عن الاعتداء على سفينة «مرمرة»، التي كانت ضمن «أسطول الحرية»، والتي قُتل على متنها تسعة أتراك في 31 أيار العام 2010. وستعمل أيضاً على دفع تعويضات لأهالي الضحايا. أما بالنسبة إلى الشرط الثالث في كسر الحصار على غزة، فقد أكد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لنظيره التركي رجب طيب أردوغان أن إجراءات تخفيف الحصار كانت بدأت في الأساس وستستمر في المستقبل.
ومن وجهة نظر أنقرة، فإن إسرائيل لبّت شروط تركيا، ويمكن لـ«حزب العدالة والتنمية» أن يعتبر ذلك «تركيعاً» لإسرائيل، كما جاء في العنوان الرئيس لصحيفة «يني شفق» الموالية لـ«العدالة والتنمية». ولكن ما هي حقيقة الصورة؟ وما هو الثمن؟ وما صلته بالوضع الإقليمي؟ وما المكاسب التي سيجنيها الشعب الفلسطيني؟
1 ـ لم تتأثر العلاقات بين تركيا وإسرائيل كثيراً بعد حادثة «أسطول الحرية»، فقد استمرت العلاقات الديبلوماسية، وتم سحب السفير فقط. جُمّدت بعض الاتفاقيات لكن التعاون الأمني والعسكري لم يتوقف. أما العلاقات الاقتصادية فقد عرفت طفرة بعد حادثة الاعتداء، إذ كان حجم التجارة بين البلدين مليارين ونصف المليار دولار في العام 2009، أي قبل حادثة «مرمرة»، وارتفع حتى وصل في العام 2011 إلى أربعة مليارات ونصف المليار دولار، قبل أن يتراجع إلى أربعة مليارات في العام 2012.
2 ـ لم تتأثر العلاقات بين تركيا وإسرائيل مطلقاً بوصول حزب إسلامي إلى السلطة في أنقرة، إذ ان تركيا عملت على المصالحة بين إسرائيل والفلسطينيين، بل ان البرلمان التركي شهد إلقاء أول رئيس إسرائيلي كلمة أمامه في خريف العام 2007، وذلك بعد شهرين فقط على اعتلاء عبد الله غول سدة الرئاسة، وفي ظل رئاسة رجب طيب أردوغان للحكومة. ومن المفيد التذكير هنا بأنه كلما كان في سدة السلطة في تركيا حزب له طابع إسلامي مثل «الحزب الديموقراطي» بزعامة عدنان مندريس في الخمسينيات، و«حزب الوطن الأم» بزعامة طورغوت أوزال في الثمانينيات، كانت السياسة الخارجية التركية الأكثر التصاقاً بالغرب وإسرائيل. ولم يشذ «العدالة والتنمية» عن هذه القاعدة.
3 ـ «أسطول الحرية»، السبب في توتير العلاقة بين أنقرة وتل أبيب، كان قد انطلق في ظل معارضة حكومة «حزب العدالة والتنمية» له. وقد منع أردوغان أياً من نواب حزبه من المشاركة فيه. ولكن عندما قتلت إسرائيل تسعة ناشطين أتراك، وجدت الحكومة التركية نفسها محرجة جداً أمام ردة فعل الرأي العام الغاضبة، فلم يكن أمامها سوى أن تطالب إسرائيل بالاعتذار. وأي موقف خلاف ذلك كان سيقوّض صورة أردوغان داخلياً وخارجياً. ولكن في الوقت ذاته، كانت الديبلوماسية التركية بقيادة وزير الخارجية أحمد داود أوغلو تعمل على ترميم العلاقات بشكل أو بآخر، بل كانت، للخروج من هذا المأزق، تغري إسرائيل لتتقدم بالاعتذار، وإلا فكيف نفسّر مثلاً إرسال تركيا طائرات لإخماد حرائق في نهاية العام 2010 في شمالي الأراضي المحتلة في بادرة حسن نية؟ كما عقد داود أوغلو أكثر من اجتماع علني وسري مع المسؤولين الإسرائيليين من دون أي نتيجة، فقد كانت تصطدم دائماً برفض إسرائيل الاعتذار. لم تكن عقدة عودة العلاقات في أنقرة بل في إسرائيل التي كانت ترفض دائماً الطلب التركي، وبدعم أميركي أيضاً للحصول على الأثمان المناسبة من تركيا. وهذا ما حصل حتى قبل الاعتذار، إذ ان أنقرة رفعت الفيتو مؤخراً عن تعاون إسرائيل مع حلف شمال الأطلسي، كما استأنفت إسرائيل تزويد طائرات عسكرية تركية بأنظمة إلكترونية. ولكن المبادرة الأكبر، في هذا الإطار، كانت في موافقة تركيا على نصب الدرع الصاروخية على أراضيها في خطوة «أطلسية» العنوان، لكنها كانت إحدى أهم الخطوات لحماية الأمن القومي الإسرائيلي من سقوط الصواريخ الإيرانية.
4 ـ أدركت تركيا أن الخلاف مع إسرائيل في شأن حادثة «مرمرة»، وانقطاع التواصل السياسي قد أثرا على فعالية الدور التركي في القضية الفلسطينية. لذلك، كانت «صرخة» نائب رئيس الحكومة التركي بولنت ارينتش، أثناء العدوان الإسرائيلي في تشرين الثاني الماضي على غزة، بضرورة إعادة العلاقات بين إسرائيل وتركيا، لتتمكن الأخيرة من استعادة تأثيرها في المنطقة. وليس من ضرورة لتذكير الأتراك بأن أي دور لأنقرة عبر إسرائيل لن يجعل منها سوى الوجه الآخر للسياسات الإسرائيلية في المنطقة. وإذا كان لا بد من أن تعود تركيا إلى موقعها المشرقي، فذلك يحصل فقط عبر بوابة المصالحة مع شعوب المنطقة ومناهضة سياسات الهيمنة الغربية والاحتلال الإسرائيلية.
5 ـ اعتذار إسرائيل وتطبيع العلاقات لم يكونا مفاجأة. فإحدى العقبات أمام التطبيع تمثلت في رفض وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان الاعتذار، فيما كان نتنياهو يريد تقديمه، ولكن لم يكن أمامه سوى الرضوخ لليبرمان بسبب حاجته إليه في بقاء الحكومة. لذلك كان الجميع ينتظر الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل حكومة جديدة. ولم يكن إبعاد ليبرمان عن موقعه صدفة، لذا خلت الحكومة الجديدة، بضغط أميركي وبرغبة من نتنياهو، من اسم ليبرمان ليمكن السير في عملية إعادة التطبيع مع تركيا. وبالفعل كانت أول خطوة اتخذتها الحكومة الإسرائيلية هي الاعتذار، وبرعاية أوباما ذاته ليطال «الانتصار» الجميع.
6 ـ لقد وضعت تركيا الاعتذار شرطاً لتطبيع العلاقات. وهذا كان يعني أن اعتذاراً إسرائيلياً كان كافياً لكي تعود تركيا شريكاً للدولة العبرية في المنطقة. وفي منطق الأشياء أن تركيا ليس لديها مشكلة مع إسرائيل. اعتذار واحد كان كافياً لتقطف إسرائيل ثمناً كبيراً يعزز وجودها وتأثيرها في المنطقة. وقد عبّر السفير التركي في واشنطن نامق طان بأوضح صورة عن طبيعة العلاقات الجيدة بين أنقرة وتل أبيب، بقوله إن «الأصدقاء الحقيقيين فقط هم الذين يعتذرون بعضهم لبعض»، مشدداً على «متانة الصداقة التاريخية بين الشعبين التركي والإسرائيلي»!
7 ـ لا يمكن لكل مظاهر الانتقاد لإسرائيل من جانب أنقرة أن تحجب أن دولة في حلف شمال الأطلسي، مثل تركيا، يمكن أن تكون عدواً لإسرائيل. وبالتالي لم يكن ممكناً الاعتقاد لحظة أن تركيا يمكن أن تنهج نهجاً مخالفاً للمصالح الإسرائيلية، التي هي المصالح الأطلسية ذاتها. لقد أكدت تركيا تقديم هويتها الأطلسية على هويتها المشرقية والإسلامية عندما اعتبر المسؤولون الأتراك جميعهم أن «حدود تركيا هي حدود الأطلسي». ومن تكن حدوده حدود الأطلسي، فهو تلقائياً صديق وحليف إسرائيل مهما بلغت درجات التمويه لحرف هذه الحقيقة.
8 ـ تحمل إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين تركيا وإسرائيل مفارقة كبيرة لجهة التوقيت، ففي وقت «صفّرت» تركيا علاقاتها مع سوريا والعراق وإيران وروسيا والصين وقوى أخرى في المنطقة، إذا بها «تصفّر» مشاكلها مع التهديد الأكبر للمنطقة أي إسرائيل. وهذا يرسم مخاوف جدية ومخاطر جمة من طبيعة ما تخبئ له الكماشة التركية ـ الإسرائيلية المتجددة على أعدائهما المشتركين. وهكذا فإن التطبيع الكامل للعلاقات بين تركيا وإسرائيل لا يمكن أن ينفصل عن ـ بل يقع في صلب ـ ما يجري في المنطقة من تطورات وسيناريوهات تحبك خيوطها وترسمها الولايات المتحدة من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع مصالحها، ويضعف المحور الذي تقوده إيران وروسيا. ومن بين تلك التطورات:
أ ـ تهيئة الظروف لتخفيف الأعباء عن أنقرة والمتمثلة في محاولة حل المشكلة الكردية في تركيا.
ب ـ تعطيل العامل الكردي في سوريا من أن يكون ضاغطاً على تركيا.
ج ـ سعي تركيا لإضعاف وإسقاط حكومة نوري المالكي في العراق عبر خطوات مثل إقامة علاقات مع إقليم كردستان العراق بتجاهل للحكومة المركزية في بغداد، ومن تحريك الاضطرابات في المناطق السنية في العراق لتعميم الفوضى.
كل ذلك من أجل تضييق الخناق على سوريا والعراق و«حزب الله» في لبنان (خطف الزوار اللبنانيين في أعزاز) للوصول إلى الهدف النهائي، وهو ضرب إيران وخنقها.
ولإسرائيل دور مهم في استكمال تطويق سوريا بفعّالية، وفي منع عرقلة التسوية الكردية. لذلك كان الضغط الأميركي والتجاوب التركي والإسرائيلي لطي صفحة ماضية، والانتقال إلى مرحلة جديدة من التحالف الإستراتيجي والشراكة من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بما ينسجم مع مرجعية الراعي الأميركي ـ الأطلسي لهما.
وفي هذا الإطار، لا يمكن وضع استقالة نجيب ميقاتي من رئاسة الحكومة اللبنانية خارج هذا السياق الإقليمي الدولي، خصوصاً أنه كان من بين المسؤولين الإقليميين الذين اتصل بهم أردوغان لينال، كما ذكر بنفسه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، موافقتهم على المصالحة بين تركيا وإسرائيل!
اتصال أردوغان بميقاتي، وعدم اتصاله بالملك الأردني عبد الله الثاني يطرح أيضاً علامات استفهام حول دور بعض القوى، ومنها قوى لبنانية، في المحور الذي تعمل عليه تركيا، خصوصاً بعد حادثة بكاء الملك عبد الله الثاني أثناء وضعه إكليلاً على ضريح مصطفى كمال أتاتورك. وقد فسّر البعض دموع الملك ترحّماً منه على أتاتورك الذي كان عدواً للإسلاميين في تركيا. والجدير بالذكر أن «الإخوان المسلمين» أي حلفاء تركيا يريدون تغيير النظام في الأردن، ما دفع بالملك عبد الله الثاني إلى اتهام مصر وتركيا بأنهما طرفا «هلال إخواني» يريد السيطرة على المنطقة، وذلك في مقابلة مع مجلة «أتلانتيك» الأميركية. كذلك، طعن الملك الأردني بديموقراطية أردوغان، قائلاً إنها مجرد وسيلة للوصول إلى أغراضه ثم لا يلبث أن يتخلى عنها. وهذا ما أثار غضب أردوغان وحكومته على الملك عبد الله الثاني، فكان استثناؤه من اتصالات أردوغان الأخيرة. وكم كان معبّراً تعليق نائب رئيس الحكومة التركية بولنت ارينتش على انتقاد الملك الأردني بقوله «منذ أن بكى (الملك الأردني) على ضريح أتاتورك كنا نعرف ما سيقوله لاحقاً».
9 ـ لا يقتصر هدف التطبيع التركي ـ الإسرائيلي على مواجهة قوى المحور الإقليمي الذي تتزعمه إيران، فإن من بين هذه الأهداف الضغط على روسيا والسعي لتحجيم نفوذها، ليس فقط في سوريا والشرق الأوسط عموماً، بل في شرق المتوسط تحديداً، حيث المياه الدافئة وعودة تواجد الأسطول الحربي الروسي بقوة، والتنافس على الغاز الطبيعي والنفط المستكشف، مع توقع تعاون تركي ـ إسرائيلي ـ قبرصي في ذلك القطاع، وبما يؤثر على المصالح الروسية. وفي هذا الإطار جاءت خطة أوروبا لإنقاذ قبرص بطريقة تستهدف الاستثمارات الروسية فيها.
10 ـ إعادة التطبيع بين تركيا وإسرائيل له علاقة مباشرة بما يجري في سوريا، ومؤشر على بدء مرحلة جديدة تزداد الضغوط فيها على دمشق. لقد اعترف نتنياهو في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بأنه من المهم وجود تواصل بين إسرائيل وبلد له حدود مع سوريا مثل تركيا، خصوصاً في ظل تهديدات الأسلحة الكيميائية. إن الأزمة في سوريا كأحد أسباب عودة التطبيع بين تركيا وإسرائيل وتوقع شراكة بينهما، يدحض ما قاله داود أوغلو عن أن التطبيع مع الدولة العبرية لا علاقة له بالوضع السوري.
11 ـ هل يؤثر التطبيع التركي مع إسرائيل على القضية الفلسطينية؟ لا يمكن لرئيس الحكومة التركية أن يزعم أنه نال شرط كسر الحصار على غزة. فهذا يدخل في باب الدعاية التي لا تستند الى أي أساس لتبرير التطبيع مع إسرائيل. فكسر الحصار شيء وتخفيف القيود على دخول بعض المواد التموينية شيء آخر. ولعل امتحان تركيا الفعلي مع القضية الفلسطينية يبدأ الآن، فالعلاقات مع إسرائيل عادت إلى طبيعتها. وعلاقات أنقرة مع حركة حماس معروفة، ورعايتها لـ«الإخوان المسلمين» في مصر قائمة. وما هو موضع ترقب، ولا سيما من جانب الشعب الفلسطيني، هو كيف يمكن لتركيا، بتطبيعها العلاقات مع إسرائيل، أن توقف الاستيطان وأن تمنع تهويد القدس، وأن تضغط لانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وترفع الحصار عن قطاع غزة، وتطلق سراح الأسرى الفلسطينيين، ولم نشمل الجولان والقائمة تطول.
طبعاً لا يمكن تحميل تركيا مسؤولية كل هذه القضايا. ولكن سيكون من المثير أن نرى كيف يمكن لتركيا، و«المحور الإسلامي» الذي تنتمي إليه، أن تساعد الشعب الفلسطيني في وقت تستعيد مع إسرائيل التعاون في كل الأصعدة.
اتصال أردوغان بالقيادات الفلسطينية مثل رئيس حكومة حماس في غزة إسماعيل هنية، ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فضلاً عن الرئيس المصري محمد مرسي، ووضعهم في أجواء الاعتذار الإسرائيلي قبل إعلانه، وأخذ موافقتهم على خطوة التطبيع ـ كما اعترف داود أوغلو شخصياً وهو ما ذكرناه أعلاه ـ مسألة تختزن من التمويه المكشوف والمسيء، بحيث يظهر كما لو أن القيادات الفلسطينية موافقة على التطبيع بين تركيا وإسرائيل، وعودة التعاون بينهما.
ويستخدم ذلك مظلة لزيارة أردوغان إلى غزة في نيسان المقبل لتمرير عودة الشراكة بين دولته وإسرائيل في استكمال ذلك التمويه. اللهم إلا إذا كانت القيادات الفلسطينية، أو بعضها، موافقة على ما تقوم به تركيا في إطار «ربيع الإخوان» من القاهرة إلى أنقرة، مروراً بتونس. وفي هذا الإطار، يبدو مستهجناً أن تعتبر حماس، في بيان لها أمس الأول، اعتذار إسرائيل لتركيا على أنه «انتصار كبير وإنجاز كبير... يؤكد مجدداً أن العدو الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة والصمود والتمسك بالحقوق».
ونسأل حركة حماس: هل فعلاً هو «انتصار كبير» للقضية الفلسطينية أن يكون ثمن الاعتذار عودة علاقات التعاون والتحالف بين تركيا وإسرائيل؟ وهل من عاقل يمكن أن يصدق أن تركيا تؤيد «لغة القوة التي لا تفهم إسرائيل غيرها»، في وقت تنتقد أنقرة الخيار العسكري لحركات المقاومة بما في ذلك إطلاق الصواريخ من غزة رداً على العدوان الإسرائيلي؟
«أحفـاد يونـس» حـي فـي قريـة «بـاب الشمـس» نمـوذج دولـة فلسـطينـيـة عنـوانـها «التحـدي»
امجد سمحان عن السفير
لم تعد «باب الشمس» فكرة لحظية أو نصاً مكتوباً يقرأ لمرة واحدة، بل صارت رواية حقيقية تتوالى فصولها يوماً بعد يوم بأشكال جديدة، وتنتقل من مكان إلى مكان، بأهلها وعاداتها، وأفكارها. صارت مدينة متنقلة أبطالها «أبناء بطوطة» و«أحفاد يونس»، يتحدّون الاحتلال بوسائل بدائية عجزت أمامها آلته العسكرية، وأصبح حائراً لا يعرف ماذا يخبئ له الغد. على الأقل تحولت إلى فكرة تحظى بإجماع في بلد ممزق داخلياً كباقي الأقطار العربية، وفق ما يؤكد أبطال «باب الشمس». فهم بنوا حي «أحفاد يونس» كنموذج مصغر لدولة فلسطينية يطمحون إليها، وشعارها «التحدي».
قبل نحو شهر من الآن تجسدت رواية اللبناني إلياس خوري لتصبح حقيقة على الأرض. وبنى نحو 200 ناشط قرية فلسطينية أطلقوا عليها اسم «باب الشمس» على أراضي منطقة «إي 1» في شرقي القدس المحتلة. و«إي 1» تقع على الأرض الفلسطينية التابعة لقرى العيساوية، والعيزرية، والطور، وعناتا وأبو ديس. وهي منطقة استراتيجية تخطط إسرائيل لبناء أكثر من أربعة آلاف وحدة استيطانية عليها، بهدف فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها وجنوبها، ومنع أي احتمال لقيام دولة فلسطينية متصلة جغرافياً على حدود العام 1967.
يوم أمس أخلت قوات الاحتلال بالقوة حي «أحفاد يونس»، وهو الفرع الثاني من قرية «باب الشمس» أو أحد أحيائها، والذي يقع على تلة مختلفة من المنطقة «إي 1». ويونس هو بطل رواية «باب الشمس» المقاوم الذي كان يتنقل بين لبنان وفلسطين ليلتقي حبيبته في مغارة.
وهاجم أكثر من 300 جندي من القوات الخاصة الإسرائيلية حي «أحفاد يونس»، وأخلوا سكانه بوحشية وعنف بعد أربعة أيام من بنائه كامتداد لفكرة «باب الشمس». ونجح المقاومون بعد استخدامهم أساليب تضليل للاحتلال ببناء خيامهم في تلة «جبل البابا» التابعة لأراضي بلدة العيزرية في شرقي القدس.
محمد الخطيب، أحد أصحاب فكرة «باب الشمس»، يعتقد أن استمرار تكرار الفكرة لن يجعلها مبتذلة، «فلم تكن المقاومة لتنجح يوماً في انتزاع حقوق شعب محتل لو أنها لم تكرر عملياتها مرة ومرة ومرة»، يقول لـ«السفير». ويضيف «نحن نريد أن نجعل باب الشمس حكاية يومية تحاصر الاحتلال ومخططاته، وترفع عالياً مطالب شعبنا بالحرية وتحقق أمنياته بأن يكون له دولة كباقي الشعوب».
وفي حديث إلى «السفير»، يؤكد عبد الله أبو رحمة، وهو أحد قيادات لجان المقاومة الشعبية، «نحن لن نتوقف عن بناء باب شمس، حتى تشق لنا الشمس باباً واسعاً نحو الحرية». ويتابع «بنينا حي أحفاد يونس بالتزامن مع وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إسرائيل لننقل له رسالة واضحة مفادها أن لا مفاوضات في ظل الاستيطان».
لم يكن حي «أحفاد يونس» فكرة مقاومة فقط، بحسب ما يؤكد صلاح الخواجا، وهو أحد من كانوا في الحي أثناء الإخلاء. ويشرح لـ«السفير» أنه «صار لدى الحي نظام حياة مكتمل. ففيه عقدنا قران رفاق لنا، كما كانت تلقى محاضرات جامعية، وفيه مجلس بلدي، وخلايا عمل منظمة كل منها تعرف دورها وتكمل دور الأخرى. ببساطة هو نموذج صغير لدولة فلسطينية يجب أن تقوم برغم الاحتلال».
وشهد حي «أحفاد يونس» لحظة لا تنسى في حياة كل سكانه حين تم عقد قران لينا الشلالدة ومصعب عبيد، وهما شابان فلسطينيان قررا أن يقيما «زواجاً مقاوماً».
لينا العروس تقول إن الفكرة ببساطة كانت من أجل توجيه رسالة إلى العالم، وهي «هذه أرضنا ونحن باقون فوقها، ولن نهاجر عنها أو نتركها وسنبقى لكي نعمرها ونبني فوقها حياتنا».
كذلك، كان حي «أحفاد يونس»، بحسب عبد الله أبو رحمة، فرصة لطلبة الدراسات العليا، الذين يدرسون تخصصاً جديداً تم إقراره حول أساليب المقاومة اللاعنفية، ويقول «تلقينا هنا محاضرات جامعية، عنوانها ببساطة التحدي».
نتنياهو في طبعته الجديدة
الحسين الزاوي عن دار الخليج
لا أحد يعلم على وجه التحديد الأهداف الحقيقية التي تريد حكومة نتنياهو الجديدة تحقيقها، فهذا الخليط السياسي العجيب الذي تشكّل بعد أسابيع من المساومة القائمة على الانتهازية والتنازلات المشبوهة من قبل مختلف التشكيلات السياسية الصهيونية، تضع المنطقة والعالم برمته أمام حكومة لا يمكن توقع نمط وأسلوب تحركاتها المستقبلية، ومن ثمة فإنه من غير المستبعد أن تلجأ هذه الحكومة بتشجيع أو بضغط من وزير حربها الجديد، المعروف بمواقفه العدائية للعرب ولمسار التسوية السلمية، إلى تصعيد الموقف العسكري على خط التماس مع دول الطوق العربي . لقد أكد وزير الدفاع الجديد في لقاءاته وتصريحاته أنه لا يجب البحث عن حل للصراع مع الفلسطينيين والعرب، لأنه بكل بساطة يعتبر أن هناك مشكلات لا يمكن أن نجد لها حلاً، بل يتوجب البحث بشأنها عن طريق آخر يدفع الخصم إلى الخضوع والتسليم بالأمر الواقع، لاسيما أنه يعتقد أن شعار الأرض مقابل السلام الذي رُفع في بداية عملية السلام مع الفلسطينيين في التسعينات من القرن الماضي، تحوّل تباعاً إلى شعار “الأرض مقابل الإرهاب” قبل أن يصبح مرادفاً لمقولة “الأرض مقابل الصواريخ” .
الحقيقة أن حكومة نتنياهو في طبعتها الجديدة لا تريد بديلاً عن الشعار العملي ولكن غير المعلن، الذي ارتضته لنفسها منذ قيامها، المتمثل في “السلام مقابل الاستيطان والاحتلال”؛ لأنها في واقع الأمر مازالت مقتنعة أن “إسرائيل” لم تُحقّق حتى الآن كل طموحاتها المتعلقة بالتراب والأرض في المنطقة . ونزعم أن التطورات الإقليمية الحالية تزيدها اقتناعاً أنها لم تحصل بعد على كل ما تستحقه من جغرافيا تكون في مستوى ما تراه امتداداً هائلاً للتاريخ بالنسبة لأبناء “إسرائيل”، هذه الحالة من “انعدام” التوازن ما بين تجليات التاريخ ومعطيات الجغرافيا في أبعادها السياسية والاستراتيجية، هو ما يؤرّق النخب السياسية والفكرية في تل أبيب ويدفعها إلى التمسك بحلم “إسرائيل” الكبرى .
من الواضح من ناحية أخرى، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فهم جيداً الرسالة التي أرادت تشكيلة حكومة نتنياهو الجديدة أن توصلها له، لذلك فقد حرص حرصاً شديداً على ألا يثير، في زيارته إلى الأراضي المحتلة، حفيظة وغضب مستقبليه، فجاء خطابه يوم الخميس الماضي أمام حشد من الشباب والطلاب “الإسرائيليين”، مملوءاً بالبلاغة الفارغة، وبعيداً كل البعد عن الروح البراغماتية والواقعية التي تميّز العقلية الأمريكية . لقد قال أوباما لمستمعيه كلاماً جميلاً وانتقى كلمات كان يعلم جيّداً أن معانيها لا تحمل مرجعيات حقيقية داخل المجتمع الذي كان يريد أن يخطب ودّه . وكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين، عندما استرسل في كيل المديح للديمقراطية الصهيونية، التي يعلم جيداً أنها أكثر سوءاً وعنصرية من ديمقراطية السادة والعبيد في أثينا . أجل كان أوباما يعلم علم اليقين وهو يختار بعناية مفرداته، أن المستوطنين ينظرون إلى الأطفال الفلسطينيين على أنهم يمثلون مشاريع مستقبلية “لإرهابيين” مفترضين، لأن الذي يتربّى على العقيدة العنصرية لا يمكنه أن ينظر إلى الآخرين بوصفهم أناساً مساوين له في الحقوق، ويمكنهم أن ينعموا مثله بالأمن والسلام .
لقد استنسخ نتنياهو نفسه للمرة الثالثة، لكنه بات يعلم جيداً أن مستقبله السياسي بدأ في الأفول، لأن الذي يبني استراتيجيته على التطرف سيجد دائماً من يُزايد عليه في مواقفه ويذهب بمعادلة التطرف إلى حدودها القصوى، فالوقائع تشير إلى أن دعم الاستيطان في “إسرائيل” لم يعد امتيازاً لطرف دون آخر، ولم يعد بالتالي حكراً على الأحزاب الدينية دون العلمانية، لأن الصهيونية كما الكفر ملة واحدة . لقد قبل نتنياهو على مضض أن يُدخل في حكومته الحالية سياسيين شباباً يتمتعون بالطموح والجاذبية الإعلامية في أوساط الجمهور “الإسرائيلي”، ومن ثمة فهو يعلم جيداً أن الائتلاف الذي شكله يتسم بهشاشة بالغة، ويمكنه أن يصل إلى مرحلة الانفجار عندما يواجه صعوبات جدية على المدى القريب .
ويمكن القول في هذه العجالة، إن نتنياهو لا يكترث كثيراً لمصير حكومته الجديدة بقدر ما يحرص على أن يظلّ الرئيس الفعلي للحكومة الحالية أو حتى المقبلة، وعليه فإن المتابعين للشأن “الإسرائيلي” لا يستبعدون أن يلجأ مجدداً إلى التحالف مع الأحزاب الدينية، من أجل الاحتفاظ بمنصبه، في صورة ما إذا تعرّض طاقمه الحالي للتفكك والانشطار . أسباب ذلك عديدة يأتي في مقدمها اعتقاده الراسخ، أنه بات يعيش آخر فصول خريفه السياسي ويتمنى ألا يكون مصيره مشابهاً لمصير وزير حربه السابق إيهود باراك . لا غرو إذن أن نتنياهو هو في اعتقادنا ديكتاتور من نوع خاص، ولكنه يفتقد إلى كاريزما وجاذبية الديكتاتوريين؛ ولا يمكنه في كل الأحوال سوى أن يكون طاغية من دون طغيان على المستوى الفردي، لأنه يقود مجتمعاً مهووساً بالطغيان من رأسه إلى أخمص قدميه .
إنّه البوطي يا جزيرة!
رشيد ولد بوسيافة عن الشروق الجزائرية
عندما تختصر الجزيرة وأخواتها من الفضائيات العربية الشيخ البوطي- رحمه الله- في كونه مؤيدا لنظام بشار الأسد، يؤكد الإعلام العربي مرة أخرى أنه يعيش أزمة أخلاقية كبيرة تجعله يتخلى عن كل معايير الموضوعية والأداء الإعلامي النزيه، لدرجة اختصر فيها عالم جليل وداعية إلى الله في موقف واحد اتخذه في آخر حياته.
البوطي ضحية فتنة لم يكن محركها بل حاول التصدّي لها بطريقته الخاصة بغض النظر عن تقييم اجتهاده إن كان خطأ أو صوابا، لكن إعلام الفتنة تخندق في طرف سوري على حساب الطرف الآخر، وقفز على كل ما يمثله الشيخ البوطي من علم وتقوى وجهاد بالكلمة والموعظة الحسنة، ولم يبق إلا موقف البوطي من الأزمة السورية أمام الإعلام العربي.
الشيخ البوطي أقر بأن الوضع في بلاده قبل انطلاق الثورة السورية، ليس جنة، ولكنه حذر السوريين من تغيير نظام الحكم باستخدام العنف بالقول إن باب محاولة تغيير النظام يوجد وراءه منحدر طويل وإن التوقف أو محاولة التراجع من المستحيلات وهكذا كان الأمر.
لقد مضى الشيخ البوطي إلى ربه وهو يدعو السوريين إلى المصالحة، وفضل البقاء في بلده والموت فيه على اللّجوء إلى دولة خليجية أو أوروبية رغم كل الإغراءات، وهو موقف يحسب له حتى وإن كان في صالح نظام بشار الأسد الذي يبدو أنه استفاد كثيرا من الشيخ رمضان البوطي حيا وميتا.
وليس مستبعدا أن يكون النظام السوري نفسه وراء عملية الاغتيال لأن قتل الشيخ البوطي كان في صالحه بكل المقاييس، خصوصا أن الإعلام السوري استثمر بشكل فعال في عملية التفجير كما أن الحوار المؤثر جدا الذي أجرته الفضائية السورية ساعات قبل الاغتيال يثير الريبة.
كما لا يمكن تبرئة الجماعات المسلحة المنفلتة التي تسيطر على المدن السورية وترتكب كل أنواع الجرائم من قتل وذبح وشنق ضد من تقول إنهم شبيحة النظام الأسدي، حيث يتم إعدامهم ميدانيا دون محاكمات.
هي فتنة كبيرة كان الإعلام العربي بطلها الرئيس هذا الإعلام الذي يروج للربيع العربي في سوريا وليبيا وتونس ومصر والمغرب والجزائر، بينما يسكت عن دول الخليج التي تحميها عائلات ومشيخات لم تعرف يوما مصطلحات الديمقراطية والانتخابات وحكم الشعب والتداول على السلطة وحرية التعبير.