Aburas
2013-04-03, 09:33 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
فلسطين للبيع!
بقلم: عبد الحليم قنديل (كاتب مصري) عن القدس العربي
لهذا اعتذرت اسرائيل من تركيا
بقلم: منور مسالمة عن القدس العربي
لن تكون المخيمات وطنا بديلا!
بقلم: امين الكلح عن القدس العربي
عصر الليمون... و«الإخوان»
بقلم: محمد صلاح عن الحياة اللندينة
دعم لصندوق الفلسطينيين ويوم الارض!!
بقلم: عبدالله محمد القاق عن الزمان العراقية
نعم لإسرائيل الأكبر من الكبرى!
بقلم: زهير أندراوس عن الأخبار البيروتية
سامر العيساوي
بقلم: محمد عبيد عن الخليج الاماراتية
الاعتذار الصهيوني الكاذب
بقلم: فايز رشيد عن الخليج الاماراتية
هل تسهم «إسرائيل» في دعم الأمن القومي الأمريكي؟
بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
الخليج واحتواء الإخوان المسلمين!
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
قطرنة مصر.. أم مصرنة قطر؟!
بقلم: عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
أميركا وخطر فنلندة الخليج العربي
بقلم: إميل أمين ( كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
إسقاط الشبهة عن (ربيع العرب)
بقلم: أنور رجا عن الوطن السورية
كلمة الرياض: من سيمحو أمريكا..كوريا الشمالية.. أم إيران؟!
بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
لماذا عين «إسرائيل » على لبنان ؟
بقلم: عصام نعمان عن الوطن القطرية
فلسطين للبيع!
بقلم: عبد الحليم قنديل (كاتب مصري) عن القدس العربي
نتائج القمة العربية الأخيرة في الدوحة ـ المعتاد ـ نفسه على الجبهة الفلسطينية، قرار إرسال وفد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبمهمة وحيدة هي التوسل وتسول دعم الكبار لإعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبدت المفارقة ظاهرة بين قرار القمة ـ إياها ـ تسليح المعارضة السورية المشتبكة في حرب أهلية مع نظام الطاغية بشار الأسد، بينما لم تذكر القرارات شيئا عن وجود مقاومة فلسطينية من أصله، فما بالك بالحديث الممنوع عن التسليح.
وهكذا تحولت القضية الفلسطينية عند الحكام العرب إلى قضية 'لت وعجن'، وتكرار الإكليشيهات ذاتها عن القدس والدولة الفلسطينية، ودون أي إنجاز يذكر سوى اقتراح إنشاء صندوق لإنقاذ القدس بقيمة مليار دولار، وقيل أن ربع المبلغ جرى توفيره، والله أعلم بسيرة هذه الأموال، وكيفية إنفاقها، ناهيك عن إمكانية توفيرها من الأصل، خاصة وأن القمم العربية المتتابعة اتخذت قرارات سابقة بتوفير مليارات الدولارات سواء لدعم صمود القدس، أو حتى لدعم خزانة الدولة الفلسطينية الافتراضية القائمة، ولم ينفذ من هذه القرارات سوى النذر اليسير، وهو ما تشكو منه سلطة رام الله دائما، ولا تمانع إسرائيل ـ بالطبع ـ في أن يدفع الحكام العرب مالا لإخوتهم الفلسطينيين، وبشرط ألا يهدد أحد احتلالها المتصل للأراضي الفلسطينية، ولا حربها المتصلة لتهويد القدس والضفة الغربية، وابتلاع الأرض قطعة قطعة، وبدعم أمريكي وصل إلى ذروته مع زيارة الرئيس أوباما الأخيرة إلى إسرائيل، ولا مانع ـ بعدها وقبلها ـ من ترك الفرصة واسعة لثرثرات القمة العربية، أو إرسالها وفود لتسول المفاوضات، وكسب المزيد من الوقت لإنقاذ خطط إسرائيل على الأرض، وإطلاق يدها في تعقب وإعتقال كوادر المقاومة الفلسطينية، وإضافة مئات جديدة إلى آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وبهدف تعقيد الوضع الفلسطيني، ومنع بروز أى ميل لإستعادة سيرة المقاومة المسلحة في الضفة الغربية والقدس بالذات، وإدامة احتلالها منخفض التكاليف، والتي تتكفل موازنات الدول العربية بدفع نفقاته وفواتيره، بينما تتمتع إسرائيل بسلاسة احتلالها، وتوسيع مستوطناتها، والتظاهر برغبة كاذبة في سلام لا يأتي، وفي استئناف مفاوضات إهدار الوقت.
والحكام العرب ليسوا من الغافلين عما يجري، وهم يدركون ما يفعلونه جيدا، ويعرفون أن طريقتهم تتكامل مع ما ترغبه إسرائيل بالضبط، ويتحركون تحت سقف المشيئة الأمريكية، وهنا يكمن بيت الداء، فما بين أمريكا وإسرائيل حالة اندماج استراتيجي، وما بين أمريكا والحكام العرب حالة تبعية استراتيجية، وقد تغير عدد من الحكام العرب في السنتين الأخيرتين، وبسبب ثورات خلعت حكام التبعية المخلصة لأمريكا، وحل محلهم حكام يقال أنهم منتخبون، لكن الحكام الجدد ظلوا كالمخلوعين في حال التبعية لأمريكا، وبدت القصة موصولة مع الأزمة المحتدمة الراهنة فى مسار الثورات العربية المعاصرة، فواشنطن سعت بكل قوة إلى احتواء أثر هذه الثورات، وحصرها في تفاعلات ومخاضات عنيفة داخل دول الثورات العربية، ودون أن تمتد آثارها إلى تفكيك حالة التبعية، أو إلى إنجاز استقلال وطني حقيقي، وهو ما يفسر التماثل المرئي بين الحكام الديكتاتوريين المخلوعين والحكام ( الديمقراطيين ) الجدد، وبالذات في اختيارات السياسة والاقتصاد الجوهرية، وعلى الأخص في البقاء ضمن بيت الطاعة الأمريكي، والخروج من أي التزامات تفرضها الطبيعة الحقيقية للصراع العربي الإسرائيلي، والذي جرى تضييق دائرته إلى مجرد صراع فلسطيني إسرائيلي، ثم خفض سقفه بالابتعاد عن سيرة المقاومة المسلحة، وحصر القصة كلها في ثرثرات لا تنتهي عن مفاوضات لا تأتي، وإن أتت فهي تستمر سنوات وعقود، ثم لا تفضي إلى شيء غير تكريس الأمر الواقع بقوة الاحتلال، وعلى نحو ما جرى لمفاوضات تقررت في اتفاق أوسلو قبل عشرين سنة، والتي قيل أنها ستنتهي عام 1998 بإقامة دولة فلسطينية محررة في القدس وغزة والضفة الغربية، وعلى 22' فقط من أرض فلسطين المغتصبة، لكن الأعوام والعقود مرت، ودون تقدم إلا إلى الاستيطان والتهويد الكامل الجاري للقدس وأغلب الضفة الغربية. وقد يقال لك أن القمة العربية الأخيرة في الدوحة صنعت شيئا حسنا للفلسطينيين، صحيح أنها دارت في متاهة طلب المفاوضات العبثية نفسها بالنسبة للقضية الفلسطينية، لكنها رغبت في تحسين حال الفلسطينيين، وقررت عقد قمة مصغرة لدفع خطوات المصالحة بين حماس وعباس، وقد قيل قبل شهور أن المصالحة تمت، وقيل قبلها بسنوات أن اتفاقا نهائيا جرى التوصل إليه، ثم لم يتحقق شيء يذكر، اللهم إلا نوع من التهدئة بين سلطتين فلسطينيتين افتراضيتين في غزة ورام الله، وما من جديد جوهري يحمل على الاعتقاد بإمكانية إنجاز مصالحة حقيقية، ثم هب ـ جدلا ـ أن هذه المصالحة المرغوبة تحققت، وشهدنا عودة إلى سلطة فلسطينية افتراضية واحدة، فهل يعني ذلك شيئا بالنسبة للقضية الفلسطينية الأصلية ؟، وهي قضية احتلال استيطاني للأرض، ثم قضية مقاومة وتحرير وطني لفلسطين السليبة، لا يجيبك أحد، ولن يفعل، والسبب معروف، وهو أن قضية التحرير بالمقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية ليست مطروحة، وهي خارج اهتمام الوسطاء العرب المحكومين بسقف الرغبات الأمريكية، والهادفة بوضوح إلى تزييف معنى القضية الفلسطينية، وتحويلها من قضية احتلال وتحرير إلى قضية معاناة ومعونات، لا تستلزم سوى فتح دفاتر الشيكات الخليجية، وكتابة الشيكات باسم سلطة مصالحة فلسطينية افتراضية واحدة، وإجراء مقايضة عبثية تنتهي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وطمس مشروع المقاومة، والبقاء ضمن خانة مساومة مريحة جدا لإسرائيل، تسمح لها باحتكار السلاح وحرية التصرف بالأرض، فيما يبقى العرب على حال (النعاج).
وبالجملة، ثمة عطف كاذب على فلسطين والفلسطينيين في القمة العربية الأخيرة، وثمة تكامل مرئي بين قرارات القمة ورغبات إسرائيل، وثمة سقف أمريكي تحتمي به إسرائيل، ويلتزم الحكام العرب بمقتضياته وأوامره، حتى لو كان الثمن هو بيع فلسطين في سوق مفاوضات النخاسة.
لهذا اعتذرت اسرائيل من تركيا
بقلم: منور مسالمة عن القدس العربي
من نافلة القول ان الاعتذار الاسرائيلي لتركيا على ارتكاب مجزرة اسطول الحرية، التي ذهب ضحيتها 9 اتراك، عزز من مكانة تركيا في المنظومة السياسية الدولية، وأكد على زعامتها الإقليمية في منطقة الشرق الاوسط. اعتذار ظل يراوح مكانه مدة ثلاث سنوات، حاولت فيها اسرائيل التجاوز عن هذا المطلب والاستعاضة عنه بصيغ مخففة تلغي البعد السياسي والقانوني الذي يحمله الاعتذار، مثل كلمة 'نأسف وأخواتها' التي ظهرت في تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المعبرة عن أسف اسرائيل لوجود مواطنين أتراك على متن الأسطول !! في محاولة منه لطي صفحة الخلاف، الأمر الذي لم تقبله أنقرة بتاتا وشددت على الصيغة نفسها بحروفها وما تحمله تلك الحروف من معاني في القواميس السياسية والقانونية والأخلاقية.
تزامن الاعتذار مع تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، وزيارة الرئيس الأمريكي المنتخب لولاية جديدة باراك اوباما للمنطقة. إلا ان المتتبع لمسألة الخلاف التركي - الاسرائيلي في هذه القضية لا يرى في الحدثين سببا لتغيير القرار الاسرائيلي بعدم الاعتذار، فهما اعادة انتاج لتركيبات سابقة، فالحكومة الجديدة نسخة لسابقتها ببرامجها ورؤيتها ودوغمائيتها وشخصياتها التي كانت لها تصريحات سابقة ومتكررة حول استحالة إقدام اسرائيل على مثل هذه الخطوة، كوزير الخارجية ليبرمان، ووزير الدفاع موشيه يعلون - القائم بأعمال رئيس الحكومة السابق- ورئيس الوزراء نتنياهو، فقد عزز هذا الفريق فكرته الرافضة للتسوية على الطريقة التركية بالحفاظ على الإرث الاسرائيلي في زعامة المنطقة الذي قد يتزعزع لصالح تركيا الراغبة في تأصيل عمقها الاستراتيجي، وتوسيع تأثيرها السياسي، فعقدة المنشار من وجهة نظرهم هي طبيعة العلاقات الخارجية لمن يحكم بتركيا والتي ترى في اسرائيل عبئا يثقل كاهل المشروع التركي الجديد نحو العالمية. فضلا عما يراه هذا الفريق في الاعتذار من اعتراف بجرم، واختراق للقانون، وادانة للنفس ما يسهل رفع دعاوى قضائية ضد قادة اسرائيل وملاحقتهم قانونيا على جرائم ارتكبوها. كذلك الامر بالنسبة لزيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما الى اسرائيل في مستهل زيارته للمنطقة والتي وصفت بأنها 'زيارة سائح' وفي أحسن نعوتها 'زيارة تصالح' مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، فقد سبق لاوباما ان توسط لحل الأزمة التركية - الاسرائيلية عدة مرات بالضغط على اسرائيل لتقديم الاعتذار والذي رفضه نتنياهو متذرعا بحتمية انسحاب 'اسرائيل بيتنا' من الائتلاف الحكومي إذا أقدم على هذه الخطوة، بالإضافة الى الصغط الشعبي الاسرائيلي ضد الاعتذار على حد وصف نتنياهو.
لم تنجح الدوغمائية الاسرائيلية في إعادة التواصل والتصالح مع الحليف الاستراتيجي لعقود طويلة، فكانت لغة البراغماتية والتكتيك السياسي والنفعية هي الطريق الأنسب مع مثل هكذا دول، فبالحديث عن الخسائر الناتجة عن هذه الازمة يُجمع قادة اسرائيل على انها المتضرر الاكبر من تأثر العلاقات وانحسارها، ولعل ابرز تجليات هذه العلاقات المفقودة هي ما يتعلق بالجانب العسكري والاستخباراتي والامني بين الدولتين والتي قطعت نهائيا بعد تقرير لجنة بالمر الاممية الذي لم يعط الحق اهله، فردت تركيا بطرد الملحق الامني الاسرائيلي ووقف الصفقات العسكرية وانهاء المناورات التدريبية. اضافة الى خطوات اخرى في الجانب السياسي من علاقة البلدين كطرد السفير الاسرائيلي؛ ولذلك رأينا ان المؤسسة الامنية الاسرائيلية وعلى رأسها ايهود باراك وزير الدفاع السابق طالبت مرارا بتقديم الاعتذار وتغليب المصالح المكتسبة بدل ذلك الانتظار لتراجع المطلب التركي بفعل ضغط الوساطات الامريكية والروسية والبريطانية التي لم تفلح في التخفيف من حدة النزاع.
إذن تحاملت اسرائيل على نفسها طوال هذه المدة في سبيل حفظ ماء الوجه، ولكن تطورات منطقة الشرق الاوسط كانت على علاقة عكسية مع جدوى هذا التصبر الاسرائيلي، فالثورات العربية افقدت اسرائيل حليفا استراتيجيا اخر في المنطقة وهو الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ومستقبل سورية ما بعد الثورة مبهم في نسقه السياسي الايدولوجي، لذلك لا بد للمصلحة الاسرائيلية من اعادة حساب التركيبة التحالفية بتحييد من يمكن تحييده، وكسب من يمكن كسبه.
لن تكون المخيمات وطنا بديلا!
بقلم: امين الكلح عن القدس العربي
ما زالت صور الماضي تنبعث امامي، امعن النظر بها اتفحصها واحدة تلو الاخرى ليس حبا بماضٍ مؤلم كنت قد ولدتُ به في خيمة للامم المتحدة في مخيم للاجئين الفلسطينيين يبدو لناظره اول الامر كمخيم لرحاله لن يبقوا!
ما زالت صور الماضي تنبعث امامي امعن به اكثر الايام. الارض مبللة بالطين واجساد الاطفال شبه عارية والايدي التي ترتجف وهم يصطفون خلف شاحنة للاونروة بغية حصولهم على بعض الملابس القديمة كانت الاونروة قد حصلت عليها من منظمات انسانية لشأن اغاثي محض. ما زالت تلك الصورة تحاصرني الى الان.. ثلاثة مخاتير يجلسون في موخرة صندوق الشاحنة يرتدون معاطف عسكرية قديمة لم يبق من ازرارها النحاسية سوى واحد او اثنين تذكار هزيمة جنود او ضباط في معركة خاسرة ضاع جراءها وطن بأكملهُ، وحتى الاحذية العسكرية في اقدامهم كانت متسخة وقديمة ولم يتحصلوا على شيء لربطها فغدت تشبه الحياة في المخيم، واما موزع الملابس الذي يختار حجم الصرة او البقجة كما سماها اللاجئون، فيسمع صرخة من هنا وهناك.. كبرها الله يخليك كبرها.. واخر يصرخ به كأنك جايبها من بيت ابوك.. بينما على الطرف الاخر للشاحنة فتحت عجوز بقجتها ولبست جاكيتا طويلا اكبر من مقاسها فرفعت يديها الى السماء وقالت (الله ينصرك امريكا) ضحك الاطفال المجتمعون حول السيارة وقالوا: بدهشة (امريكا...الله ينصر ...ما امريكا سبب المشكل ناقص تقول وبريطانيا العظمى)...
لا احد يعلم شكل الاطفال صبيحة اليوم الثاني لدرجة تشعر انك في كرنفال او حتى حفلة تنكرية من الالوان وموديلات الالبسة وكلٌ حسب بقجته فمن بعض رجال لبس قميص بلون زهر ومن لم يجد الا فردة حذاء واحدة احتار ماذا يفعل بها، وتحسر وربما شتم المتبرع الذي لم يضع الاثنين معا، ومنهم من اشار عليه ان يراجع مكتب الاونروة واقاويل كثيرة تزداد كل ما زاد مشهد اللاجىء اكثر هزلية. ذاك فيض من غيض ما زلنا نخشى ان تعود تلك الايام المؤلمة الينا مرة اخرى..
ما كنا نخشى وقوعه يحدث الان في بداية اعادة فيلم اللجوء المرعب وبشكل مروع، فالموت تحالف مع القذائف والرصاص فقتل البشر ودمر البيوت فوق رؤوس اللاجئيين، فخروجهم من المخيم يعني اذلالهم مرة اخرى امام شاحنات الاونروة ان تمكنت من الوصول اليهم واما بقاؤهم تحت الانقاض فذلك يعني الموت الزؤام، مقتولا او مذبوحا بسكين، وربما اشياء اكثر من الموت نفسه، الاردن ولبنان لن يقبلا الفلسطيني زائرا او عابرا، فكيف ستقبله لاجىء، السعودية وكل دول الخليج؟!
لن تقبل لاجئا واحدا، وخاصة ان كان فلسطينيا! العراق ارض الحضارة والفكر اصبح طائفيا يفرق بحرب اهلية من يسوسه اليوم هجر الفلسطينيين الى الارجنتين، امريكا تقول المخيمات خط احمر، وذلك يعني يجب الابقاء عليهم في المخيمات ليموتوا وان قتلوا جميعا فلن تفعل شيئا سوى اصدار بيان يبدأ 'ان حكومة الولايات المتحدة الامريكية تأسف لمقتل فلسطينيين في المخيمات'! وهي في واقع الامر تفرح لمقتل كل الفلسطينيين، اينما كانوا، فليس اسف امريكا وبريطانيا ومن بحكمهم من الاوروبيين اقل ايلاما من وعد بلفور المشؤوم، فأين يذهب الفلسطينيون ومحمود عباس يريد تسليم السلطة الى نتنياهو.\
حقا ضاق بنا الوطن العربي ولم يعد يتسع لنا احياء او حتى شبه احياء، ان كان يتعذر كسر الاسلاك الشائكة حول فلسطين المحتلة بتسويات سلمية ومفاوضات ماراثونية لا تؤول الا الى مفاوضات عبثية فلا بد من الذي ليس منهُ بد (الانتفاضة الثالثة) ليس من الداخل بل ومن الخارج ايضا.
عصر الليمون... و«الإخوان»
بقلم: محمد صلاح عن الحياة اللندينة
ليس معنى الاعتراض على حكم «الإخوان» الحنين إلى عصر مبارك، وسواء أقر «الإخوان المسلمون» بالأخطاء التي وقعوا فيها، منذ انطلاق الثورة المصرية وحتى الآن، أو لم يقروا، فإنهم في النهاية حققوا ما أرادوه. والمؤكد أن وصولهم إلى الحكم، بغض النظر عن الطريقة التي يحكمون بها، ظل حلمهم منذ عقود وهم يعيشونه واقعاً الآن. وسواء اعترف الرئيس محمد مرسي، ومناصروه من «الإخوان» وباقي الجماعات الإسلامية، بتردي الأوضاع المعيشية للناس، واهتراء الأداء الحكومي، واستمرار الانفلات الأمني، وغياب أي رؤية للإصلاح، أو لم يقروا، فإن الواقع أن مرسي يجلس على كرسي الحكم متمتعاً بصلاحيات كاملة، يرى البعض أنها تفوق ما كان لدى حسني مبارك، الذي ثار الناس عليه، وذلك بالنظر بالطبع إلى أن سلطة التشريع في حوزة مجلس ينتمي غالبية أعضائه إلى الجماعة نفسها، التي يؤمن الرئيس بأفكارها ومبادئها وأهدافها.
القوى المنافسة لـ «الإخوان» بكل أطيافها، سواء من هم داخل جبهة الإنقاذ، أو الذين يُغردون خارجها، خصوصاً هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم اسم «عاصرو الليمون» في إشارة إلى كونهم انتخبوا مرسي في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، ليس حباً فيه، أو تأييداً لبرنامجه «النهضوي»، أو إيماناً بقدرته على قيادة دولة بحجم مصر، وإنما فقط نكاية في منافسه الفريق أحمد شفيق، وسعياً إلى إبعاده عن المقعد الرئاسي، وسداً لأي ثقب يمكن أن ينفذ منه أي من المنتمين إلى نظام مبارك، أو عمل معه إلى سدة الحكم بعد الثورة، غالبية هؤلاء مازالوا على حالهم، ماضون في طريقهم، وكأنهم احترفوا الثورة وامتهنوها، ولا تقل أهانوها. لم يُقروا بخطأ وقعوا فيه، أو ندموا على تصرف أقدموا عليه، أو دعوة أطلقوها وحرضوا الناس عليها، حتى بعدما ثبت أن ليمونهم كان أحد الأسباب التي قادت البلاد إلى الوضع الذي هي فيه الآن.
«عاصرو الليمون» يفخرون بعصيرهم وحين تسأل أحدهم عن فعلته فإنه غالباً ما يجهز حنجرته ليطلق صيحته المدوية بأن الزمن لو عاد لكررها! دون أن يؤثر فيه مشهد والدة الشهيد محمد الجندي في جنازة ابنها، وهي تضرب نفسها بالحذاء لوماً على انتخابها مرسي!
صحيح أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وحقيقي أن المناخ الذي أحاط الانتخابات الرئاسية، والوعود التي أطلقها مرسي، والتعهدات التي أخذها على نفسه، كلها ظروف شجعت معارضيه من كارهي شفيق على أن يعصروا الليمون وينتخبوا مرشح «الإخوان»، لكن هؤلاء هم أنفسهم الذين يقودون الحملات لإسقاط مرسي، وإبعاد الجماعة دون أن يغيروا استراتيجيتهم أو... عصيرهم. فقط هم يعتقدون أنهم أسقطوا حكماً فاسداً وأن لديهم القدرة على إسقاط حكم فاشل. بينهم سياسيون وإعلاميون وناشطون ثوريون تغلب الرعونة سلوكهم، والحماس تصرفاتهم، والشطط عقولهم. وبافتراض حسن النوايا فإن الحكمة التي تقول إن نقطة ضعف الطيبين أنهم لا يتوقعون حدوث الأسوأ قد تنطبق عليهم، لكن أيضاً كل بداية جديدة تحتاج من صاحبها أولاً الإقرار بخطئه حتى لا يقع فيه مجدداً.
لا مجال للمقارنة بين سيئ وأسوأ، فالاثنان مرفوضان، ولا يعني رفض أسلوب «الإخوان» في إدارة البلاد أن الحزب الوطني كان أفضل. والاعتراض على محمد مرسي لا يعني القبول بمبارك.
الحقيقة أن أخطاء معارضي «الإخوان» بدأت قبل المواجهة بين مرسي وشفيق، حينما عجزوا عن التوافق حول مرشح واحد، فتشتتوا وتشرذموا وهم الذين لا يجمعهم تنظيم له تاريخ جماعة «الإخوان المسلمين»، ولا يمتلكون خبرة تحريك الجماهير والتأثير فيها كما خبرة الإسلاميين. المواطن المصري الذي شارك في الثورة لا يعنيه كثيراً من يحكم، المهم أن يكون شريفاً غير فاسد، ناجحاً وليس فاشلاً، لديه رؤية للإصلاح وتحقيق التنمية وتوفير أسس العيش الكريم للناس فعلاً وليس خيالاً أو وهماً. وإذا كان العناد يسيطر على «الإخوان» ويمنعهم من الإقرار بأخطائهم، قد يقودهم إلى نهاية غير التي يتمنونها، ويبعدهم عن الحكم ويفشل مشروعهم الذي ظلوا عقوداً يعملون من أجله فإن الأمر يبقى مجرد احتمال قد يتحقق أو لا، أما عناد أصحابنا من عاصري الليمون فلا احتمالات له رغم نواياهم «الطيبة»، فالمؤكد أنهم لم يقدموا بديلاً للناس، وجهودهم قد تُفشل حكم «الإخوان» لكنها لا تسقطه، وإذا غادر مرسي مقعد الرئاسة فإن أكثر ما يقدر عليه عاصرو الليمون أن يعصروا مجدداً كميات أخرى، فقد احترفوا الليمون وعصره.
دعم لصندوق الفلسطينيين ويوم الارض!!
بقلم: عبدالله محمد القاق عن الزمان العراقية
في الوقت الذي يحتفل فيه العرب بيوم الارض احياء لذكرى استشهاد ستة فلسطينيين في الثلاثين من آذار عام 1976 برصاص جنود اسرائيليين اثناء تظاهرات احتجاد على مصادرة سلطات الاحتلال الاراضي الفلسطينية يجيء اعلان القمة العربية في قطر بمبادرة من سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير قطر باقتراح بتأسيس صندوق حجمه مليار دولار لمساعدة الفلسطينيين في القدس الشرقية واعلان تبرعها بمائتين وخمسين مليون دولار لتكون نواة لانشاء هذا الصندوق الذي سيسهم في اعادة بناء ما دمرته اسرائيل من المباني ووقف حملة التشريد والتهجير والقضم للاراضي الفلسطينية ومواصلة سياستها في طمس معالم القدس والهوية الفلسطينية الامر الذي نال الاقتراح استحسان وتقدير الدول العربية وابناء الفلسطنيين الذين يتعرضون لحصار جائر من قبل الاحتلال الاسرائيلي بغية تفريغ الارض وتشريد اهلها... فيما تواصل حكومة اسرائيلي اليمينية رفضها الاذعان للقرارات الدولية لاقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وتنفيذ مبادرة السلام العربية التي نصت على حل الدولتين.
هذا الصندوق الذي انتقدت اسرائيل انشاءه ووصفت الاقتراح القطري «بانه محاولة قطرية اخرى لنشر الجهل والكراهية» يمثل خطوة جادة لدعم الفلسطينيين وهو بمثابة خطة استراتيجية يتبناها رئيس القمة العربية الجديدة سمو الشيخ لكونها تجيء لدعم موارد صندوقي القدس والاقصى انطلاقا من قمة الكويت ليكونا قادرين على تمويل مشروعات الخطة لدعم وصمود ابناء القدس وتجسيد حق الشعب الفلسطيني باقامة الدولة المستقلة والمساعدة على تثبيت الفلسطينيين في ارضهم بالاضافة الى ادانة الانتهاكات التي تمارسها السلطات الاسرائيلية في العديد من مناطق القدس الشرقية.
وكانت باحات المسجد الاقصى قد شهدت بالامس مواجهات بين شباب فلسطينيين وسلطات الاحتلال لمنعهم من اداء فريضة الجمعة في المسجد حيث وقعت اصابات في صفوف الفلسطينيين جراء هذه السياسة القمعية الاسرائيلية.
والواقع ان هذا القرار الذي وافقت عليه القمة العربية قد اكد مجددا الدور الكبير الذي لعبته قطر في اقراره لتجسيد الحرص على ان قضية الامة دائما في عين الحدث وهي قضية القدس خاصة بعد ان توهم الاحتلال الاسرائيلي ان الربيع العربي سينسي العرب قضيتهم الاولى فلسطين والمقدسات الاسلامية فراح يعيث فسادا واستيطانا واعتداء في هذه المدينة الامر الذي حدا بالمراقبين للشديد على ان قمة الدوحة تشكل علامة فارقة ومنعطفا تاريخيا مهما نحو اقرار الحقوق المشروعة للفلسطينيين وحماية القدس من كل المحاولات الاسرائيلية الهادفة الى طمس هويتها ومصادرة حقوق اهلها.
ففي يوم الارض الذي تحاول اسرائيل منع التظاهر او تجسيد فعالياته الكبيرة لانه يمثل الذكرى الذي اعلن فيه الفلسطينيون التشبث بأراضيهم وبهويتهم الفلسطينية وهي ذكرى يعانق فيها الفلسطينيون اراضيهم التي تعمدت بالدم الزكي القاني الذي تخضبت به الارض العطشى لدماء ابنائها الابرار الذين يدافعون عن حياض وطنهم، لان هذا اليوم اصبح مناسبة قومية ووطنية ويكرس ويعزز ضرورة وحدة الدم والشعب الفلسطيني الذي واجه هذا الشعب كل عوامل البطش والقهر والتمزق... انها ذكرى التلاحم البطولي للشعب الفلسطيني في شتى انحاء المعمورة والذي نأمل ان يكون خطوة نحو المصالحة الفلسطينية المنشودة.
والواقع ان اسرائيل منذ انشاء الكيان الصهيوني عام 1948 صادرت ملايين الدونمات من الاراضي العربية في الجليل والمثلث وجنين والقدس والخليل وبيت لحم وغيرها وفرضت القوانين الجائرة على الشعب الفلسطيني والتي اعتبرت من خلالها ان مالك الارض ليس من يفلحها بل من سجلت اسمه في سجلات الطابو...
ففي مثل هذا اليوم من عام 1976 وبعد ثمانية وعشرين يوما من سياسة القهر والغطرسة والغطرسة والتعسف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وما صاحب ذلك من ارهاب وتمييز عنصري واغتصاب الاراضي وهدم القرى وقيام السلطات الاسرائيلية بمصادرة حوالي 25 الف دونم من قرى الاراضي العربية في عرابة وسخنين ودير حنا وغيرها بغية تنفيذ مخطط تهويد الجليل لتخصيصها للمستوطنات الصهيونية وخلال تصدي المواطنين الفلسطينيين لهذا المخطط الشرس والدفاع عن اراضيهم التي ورثوها عن اجدادهم قاموا بثورة في جميع المدن عبر تظاهرات كبيرة واضراب شامل، قامت خلالها القوات الاسرائيلية باعمال القتل والارهاب للفلسطينيين حيث فتحت النار على المتظاهرين مما ادى الى استشهاد ستة فلسطينيين بالاضافة الى عشرات الجرحى والمصابين واعتقال ما ينوف على خمسمائة فلسطيني امنيا واستمرت عمليات القضيم للاراضي والمصادرة تحت ذرائع وحجج واهية حيث استغلت ادارة الاراضي الاسرائيلية الضائقة السكنية في القرى العربية والنقص في اراضي البناء وتعطيهم اقل من دونم واحد من اراضيهم الشاسعة لبناء بيت صغيرعليها.
هذا يوم يتزامن مع دعم امريكي واوروبي لحكومة الاحتلال اليمينية التي تواصل سياسة التعسف والغطرسة وقضم الاراضي وتكالب المؤامرات الدولية على الشعب الفلسطيني لشطب حقه في العودة الى موطنه بذريعة الحفاظ على الطابع اليهودي وللخشية من ان يصبح اليهود اقلية في فلسطين التاريخية اذ لا يمكن حل القضية الفلسطينية بمعزل عن عودة اللاجئين الفلسطينيين والحفاظ على ارضهم التاريخية..
فالارض الفلسطينية تمثل معلما بارزا في تاريخ النضال الفلسطيني رغم عمليات القتل والترهيب الاسرائيلي والاعتقال والحصار واستفحال الاستيطان وتسارع وتيرة البناء في الاراضي المحتلة.
اننا ونحن نحيي الشعب الفلسطيني الصامد في يوم الارض لنؤكد ان هذا الشعب لن يستسلم لمخططات اسرائيل وسيؤكد ان الصراع هو بين طرفين حول الارض خاصة وان الشعب الفلسطيني جذوره في ارض فلسطين منذ بداية التاريخ اما الصهاينة فانهم ماضون في السعي لقضم الاراضي لتمكين وجودهم فوق ارض فلسطين من خلال الاستيلاء على الاراضي وهدم البيوت واقامة المستوطنات التي تعم اراضي الضفة الغربية والقدس.
ان هذا اليوم هو يوم الاجماع الفلسطيني على قضية واحدة على الرغم من حالة الشتات التي عاشها هذا الشعب جراء النكبة والنكسة وان يوم فلسطين والجليل والمثلث والنقب وعرابة وكفر كنا وسخنين والطيبة ونور الشمس دير حنا سيظل خالدا ابد الدهر حتى تعود فلسطين التاريخية ويزول الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
نعم لإسرائيل الأكبر من الكبرى!
بقلم: زهير أندراوس عن الأخبار البيروتية
سنتان مرّتا منذ بدء الحراك الشعبي في سوريا ضد نظام حزب البعث الحاكم. في البداية اعتقدنا أنّ التظاهرات السلمية تهدف بحق وحقيقة إلى إجبار الرئيس بشار الأسد على إجراء الإصلاحات، بما في ذلك مصلحة الشعب السوريّ العظيم. وبما أننّا نؤيد حقوق الشعوب بالحريّة، فقد أعلنا عن مؤازرتنا لحق الشعب العربي السوري الذي قدّم الغالي والنفيس من أجل قضية فلسطين في العيش بكرامة وحرية تامّتين، ولكن مع مرور الوقت بدأت خيوط المؤامرة الكونيّة على معقل العروبة الأخير في الوطن العربيّ تنتشر كالنار في الهشيم. أطراف عديدة وجهات أكثر، إن كانت إقليميّة أو دوليّة، وتحديداً عربية، استغلّت الوضع من أجل تفكيك الدولة السورية التي كانت وما زالت شوكةً عالقةً في حلق الإمبرياليين والصهاينة والمستعربين، الذين لا يألون جهداً في تدمير هذه الدولة لتحقيق مآربهم الخبيثة والمبيّتة ضدّ أمّة الناطقين بالضاد. المعارك في بلاد الشام ما زالت مستمرّة، وما زالت النهاية غير معروفة، هل يُمكن حسم المعركة باللجوء إلى الحلّ الأمني العسكري من قبل الطرفين، أم أنّ هناك إمكانية لرأب الصدع بينهما عن طريق الحوار والمفاوضات. ولكن قبل الولوج في سبر غور هذا السؤال الإشكاليّ، علينا تسجيل العديد من الملاحظات حول الوضع، مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدّات الأخيرة على الساحة الداخلية والدولية والإقليمية:
أولاً: من مميّزات «الثورة السورية» أنّها صُودرَتْ من أصحابها الحقيقيين، وحُوِّلَت بسرعة فائقة إلى ثورة تقودها قوى سلفيّة ترغب بإعادة هذا البلد العربيّ، صاحب حضارة الـ8 آلاف سنة، إلى العصور الحجريّة وإقامة دولة الخلافة الإسلاميّة. هذا النمط من الدول الذي أكل الدهر عليه وشرب، لا يُمكن فرضه على أيّ شعب في العالم، لأنّه يتناقض جوهرياً مع توجهات المسلمين العلمانيين ومعتقداتهم، وحتى المتدينين منهم، فضلاً عن أنّه ليس مقبولاً بأيّ حالٍ من الأحوال على كلّ من لا ينتمي إلى الإسلام، وبالتالي فإنّ السؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذا السياق: إذا صحّ الزعم والافتراض بأنّ الشعب السوريّ الذي يعيش تحت حكم الرئيس الأسد المستبد والظالم والقامع للحريّات، يُريد الانتقال إلى العيش تحت كنف الدولة الإسلاميّة التي تقودها من تُطلق على نفسها جبهة النصرة، المرتبطة ارتباطاً عضوياً بتنظيم القاعدة الإرهابيّ، أو كما يقول مثلنا العاميّ: «من تحت الدلفة إلى تحت المزراب». فهل هذا الانتقال، في حال خروجه إلى حيّز التنفيذ، ينسحب على مقولة كارل ماركس بأنّ كلّ ثورة تُلغي المجتمع القديم هي ثورة اجتماعيّة؟ لكن، حتى هذه الرواية المتوازنة والمحايدة لا تعطي الحقيقة حقها. فقد اتضح منذ حادثة درعا أنّ المخابرات الأردنيّة وراء الحادثة وأنّ الهدف منها كان استدراج الجيش إلى كمين تم قتل مجموعة منه. ومع ذلك زار الرئيس الأسد درعا وعزل المحافظ وطيّب الخواطر. لكن المسألة لم تقف هناك لأنّ المعارضة المسلحة كانت بالمرصاد، وهذه ليست المعارضة السلميّة التقدميّة التي بدأت في دمشق.
ثانياً: بات واضحاً بل مثبتاً بالصوت والصورة أنّ الـ«ثوار» في سوريا، هم في سوادهم الأعظم ليسوا من الشعب السوريّ، فقد تمّ استجلابهم من دولٍ عربيّة وإسلاميّة للـ«جهاد» ضدّ الـ«طاغية». ولم نسمع في التاريخ القديم أو الحديث عن ثورة بالإنابة، أو عن ثورة تقودها مجموعات من الإرهابيين الذين ينتقلون من دولة عربيّة أو إسلامية إلى أخرى لقلب نظام الحكم. في تونس ثار الشعب على الحاكم زين العابدين بن علي، ولم نسمع عن وصول مجاهدين من هذه الدولة أو تلك. في مصر أيضاً تمكّن الشعب المصري من إطاحة حسني مبارك، دون أنْ تصل جحافل المجاهدين لتقديم العون، وبالتالي: لماذا لم يتمّ مثل هذا الأمر في سوريا؟ بل تكالبت الدول العربية الرجعية، وتحديداً دول الخليج، ضدّ بلاد الشام. وما هو السبب الذي يدفع دويلة أوْ بالأحرى مشيخة مثل قطر لتخصيص المليارات من الدولارات لدعم المرتزقة الذين يصلون إلى سوريا للقتال ضد هذه الدولة العربية؟ ما هو السرّ الذي تُخفيه المملكة العربية السعودية عن العالم لتفسير دعمها الكامل لقلب نظام الحكم في سوريا؟ الجواب، باعتقادنا المتواضع، هو أولاً وأخيراً، الحفاظ على أمن دولة الاحتلال التي تحصل على الدعم السياسيّ والاقتصاديّ من الولايات المتحدة الأميركية، والتخلّص من سوريا العروبة التي لم تعترف بالدولة العبرية. يعني فتح الطريق أمام الدول العربية الخجولة، والمتخاذلة والمتواطئة لإبرام معاهدات السلام مع هذا الكيان الاستعماريّ دون الحصول على أيّ مقابل، أي أنّ المعادلة بالنسبة لدول الرجعية العربية الإمعان في التبعيّة لأميركا بغرض حماية العروش المهزوزة والمملكات المأزومة، مقابل تدمير الدولة العربية السورية.
ثالثاً: الأنكى، لا بل الأخطر ممّا ذكرناه، أنّ المجاهدين الجدد، إذا جاز التعبير، استباحوا حرمة الدولة السورية وسيادتها. هذه الدولة التي تعترف بها الأمم المتحدة! هذه المنظمة الأمميّة، عوضاً عن معالجة هذا الملف، باتت تتآمر مع المتآمرين للنيل من سوريا، وأكثر من ذلك، فقد وجدنا أمينها العام، بان كي مون، يقوم بمطالبة النظام السوريّ بالمحافظة على الحريات والمعتقدات على أراضيه. علاوة على ذلك، فإنّ الصلف والوقاحة سجّلا معاً، وكل واحدٍ على حدة، رقماً قياسياً بدعمٍ ومؤازرةٍ من دول تتشدّق بالمحافظة على سيادة الدول واحترام المعاهدات الدوليّة ذات الصلة، فالأخطر أنّ المجاهدين الجدد يُريدون، عن طريق الإرهاب الذي تقشعّرُّ له الأبدان، فرض نظام حكم جديد على السوريين، شاء من شاء، وأبى من أبى. والشارع العربيّ يعيش أزمة موت سريريّ على هذا التوجه، ناسياً أوْ متناسياً، أنّ هؤلاء الإرهابيين سيصلون عاجلاً أمْ آجلاً إلى جميع الدول العربيّة تحت مسميّات مختلفة لتفتيت ما تبقى من هذه الدول التي لم ترتق حتى اليوم إلى مستوى الدول الحديثة، بل ما زالت في طور ما قبل الدولة العصريّة، أو بالأكثر تقترب من الحصول على لقب الدولة الفاشلة التي تعتاش على الفتات الاستعماريّ. ومن جهة ثانية، فإنّ سوريا تمثل التوجه القوميّ الذي لا يمكنه التعايش مع الكيانات الإقليميّة التابعة وخاصة الخليجيّة، وعليه تلتقي تماماً مصالح مشايخ الخليج، والكيان والغرب أجمعه ضد أيّ نظام قوميّ التوجه.
رابعاً: وبمّا أنّنا جئنا على ذكر الموت السريريّ للشارع العربيّ، فلا بدّ من التعريج على المثقفين العرب الذين يلتزمون الصمت حيال ما يجري، لا بلْ إنّ الكثيرين منهم يبتكرون حلولاً سحريّة لتحويل التدّخل الحرام في سوريا إلى حلال، ربّما مستعينين بمقولة لينين المأثورة: «إنّ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻫﻢ ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ، ﻷنّهم ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮﻫﺎ». فخيانة المثقفين العرب أصبحت أكثر من مجرّد وجهة نظر، وباتت مدرسة أيديولوجية جديدة في كلّ ما يتعلّق بالأزمة السوريّة. المثقفون الذين يُحتّم عليهم موقعهم في التأثير على الرأي العام وترشيده نحو الأفضل، يعملون وبوتيرةٍ عاليةٍ جداً لتأليب الرأي العام ضدّ سوريا. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه العجالة: كيف يلتقي المفكّر العربيّ بالمكفّر العربيّ؟ ما هو الذي يجمعهما معاً؟ ذلك أنّ المثقف يجب أنْ يكون في وادٍ والمكفّر في وادٍ آخر، وإجماع هاتين الشريحتين يؤكّد لكلّ من في رأسه عينان على أنّ وراء الأكمَة ما وراءها، وأنّ المثقف العربيّ، وبطبيعة الحال ــ ولا نعود باللائمة على جميعهم ــ بات مثله مثل الـ«مجاهد» الذي يتّم عبر المال استجلابه إلى سوريا للـ«جهاد». الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً ويُبيح قتل السوريين الأبرياء من قبل العصابات الإجراميّة بفتاوى دينيّة وأخرى ثقافيّة، مع التحفظ على كلمة ثقافة، لأنّها براء من هؤلاء.
خامساً: ما لا يُثير الدهشة والاستغراب هو قيام قادة الكيان الاستعماريّ بتقديم الأوامر، على شكل نصائح للزعماء العرب حول كيفية التصّرف وآليته من أجل إسقاط الأسد. وقبل التعليق على ذلك، لا بدّ من التذكير بأنّ العديد من أشباه الكتبة ومن مثقفي النصّ كم أشبعونا محاضرات عن أنّ إسرائيل تُريد المحافظة على نظام الأسد، وها هو وزير الأمن المنصرف، إيهود باراك، يقول إنّ سوريا تختفي أمام أعيننا، أمّا معلّمه، الثعلب الأبديّ، شمعون بيريز، جزّار قانا، فيقوم بإسداء النصائح ويُطالب الجيوش العربيّة بالتدخل في بلاد الشام! فعلاً، بات العار يمشي عارياً، وإذا حصل هذا المجرم على جائزة نوبل للسلام، فماذا تنتظرون يا عربان أميركا؟ لماذا لا تقومون بطرح مبادرة لتعيينه في منصب الأمين العام للجسم الهلاميّ المسّمى بجامعة الدول العربيّة؟ ذلك أنّ إسرائيل لن يهدأ لها بال، إلا بعد أنّ تُسيطر على العرب جغرافياً وعقلياً، بمعنى آخر صهينتهم، وعندئذ تكون أميركا وعملاؤها العرب أو المستعربون، اشطب الزائد، قد طبّقت البرنامج الكبير للشرق الأوسط الجديد، الذي يعني السيطرة الكاملة للصهيونيّة على العقل العربيّ عن طريق كيّه، فالمجاهدون موجودون، والمثقفون كذلك والأنظمة التبعيّة ستُرحب ترحاباً كبيراً بهذا المخطط حفاظاً على عروشها.
خلاصة القول: نعم، لإسرائيل الأكبر من الكبيرة، نعم لإسرائيل من المحيط إلى الخليج، ولمَ لا يُخرج هذا المخطط إلى حيّز التنفيذ، لأنّ الأنظمة العربيّة الرسميّة فقدت الكرامة، والشعوب التي تئّن تحت نيرها باتت عبيداً. وهنا يكمن المأزق، فالأنظمة معروفة سلفاً، ولكن المأزق في إيصال الجماهير إلى عمى الرؤيا تحت الاعتقاد بأنّها عامرة بنور الإيمان. أيّ إيمان هذا؟ ومع ذلك، فليس أمامنا سوى مواصلة السير إلى الوعي.
سامر العيساوي
بقلم: محمد عبيد عن الخليج الاماراتية
مع كتابة هذه السطور أنهى الأسير الفلسطيني ابن القدس المحتلة سامر العيساوي أكثر من 252 يوماً متتالياً من معركة الأمعاء الخاوية التي فتحها على قهر سجانيه وجرائمهم، وضد اعتقاله الذي لا تقره شرعة ولا قانون، لا يؤازره في معركته الفردية إلا عدد قليل من ذوي الأسرى، ورفاقه الأسرى الحاليون أو المحررون منهم، وعند نقطة بات الرجوع عنها أمراً مستحيلاً على أقل تقدير، فالأسير المضرب يدرك أنه أمام أحد خيارين، إما أن يقهر الاحتلال، وإما أن يمضي شهيداً .
أكثر من ثمانية أشهر من الجوع الطوعي، المدعوم بالإرادة التي لا يهزها ضغط، ولا تلين أمام شدة، والأسرى على الموعد، إذ يعلنون إضراباً تضامنياً هو “أضعف الإيمان”، بين حين وآخر، نصرة لأخيهم المناضل الذي ترك للأسف وحيداً .
لم يتوقع أحد هذه المعركة الطويلة، بعدما تركت تجارب سابقة علامات من نور في مسيرة النضال السلمي هذه، فمن قبل العيساوي، أضرب أسرى كثر بطريقة فردية أيضاً انتصاراً لكرامتهم وكرامة رفاقهم أسرى الحرب في سجون الاحتلال، لكن سامر حطّم كل الأرقام، والاحتلال في المقابل تجاوز كل الخطوط الحمر، ولم يدع مجالاً لمشكك في أنه يسعى إلى اغتيال الأسير المضرب، من خلال الإهمال المتعمد، والإصرار على تركه يموت بطريقة بطيئة جداً .
لعل كون الرجل من القدس المحتلة أرعب العدو الذي يرى في المدينة “عاصمة موحدة” لكيانه الغاشم العنصري، ولعل فكرة أو هاجس التفكير في فك قيد العيساوي، أرّق كثيراً مجرمي الحرب الصهاينة، فكيف يمكنهم الرضوخ لأسير مضرب ومن القدس؟ وكيف يمكنهم أن يغلفوا هذه الهزيمة المعنوية إن اضطروا إلى مثل تلك الخطوة؟
إنه ابن القدس الفلسطيني، الذي قاوم الاحتلال ويواصل مقاومة سياساته القائمة على جرائم نهب الأرض واقتلاع أصحابها الأصليين منها، وتهويد مدينة يتلخص في أزقتها وكنائسها ومساجدها، ومبانيها العتيقة تاريخ العالم، إنه المرابط في وجه سيل الاعتداءات والتنكيل والملاحقة، وهو الثابت في عصر يسود فيه المتغيرون والمتلونون وأصحاب الأجندات الشخصية، فكيف لمثل هذا الكيان أن يقبل بالانكسار أمام صموده الأسطوري .
يوم الأرض الذي يحييه الفلسطينيون في الثلاثين من آذار/مارس من كل عام، مر على سامر العيساوي ليضاف رقماً إلى عدد أيام إضرابه الذي بلغ حينها 252 يوماً، لم يكن كغيره من الأيام، بل كان كما هو تذكرة بجرائم الاحتلال بحق فلسطينيي الأرض المحتلة العام ،1948 تذكيراً وتنبيهاً أيضاً للفلسطينيين أنفسهم، وتحذيراً من خطورة ما وصلت إليه حالهم من تشظٍ وانقسام على الذات، ودعوة لمواجهة مفتوحة مع الاحتلال على الأرض الفلسطينية وفي المحافل الدولية، بدلاً من ملاحقة سراب تسوية نعاها كبار ساسة الكيان .
ما للعاجز إلا انتهاج سياسة “أضعف الإيمان”، لكن سامر الأسير الموارى خلف قضبان الزنازين، رفض العجز ولو على حساب حياته، وأبى إلا أن يضرب أروع الأمثلة في الكرامة الفلسطينية، والنضال المشروع ضد المحتل وسياساته، وعلى الفلسطينيين قوى سياسية وشعبية ورسمية أن يرفعوا عن أنفسهم رداء العجز سريعاً، وإلا لن يتبقى ما يمكن إنقاذه .
الاعتذار الصهيوني الكاذب
بقلم: فايز رشيد عن الخليج الاماراتية
جاء ما يسمى بالاعتذار “الإسرائيلي” لتركيا بضغط وترتيب مباشرين من الرئيس أوباما في أثناء زيارته الأخيرة إلى المنطقة، ليضع ملف العلاقات بين الطرفين التركي و”الإسرائيلي” على الطاولة من جديد . الإعلام التركي حاول الإيحاء بأن الدولة الصهيونية خضغت للمطلب التركي . فقد تناولت صحيفة “يني شفق” التركية الموالية “لحزب التنمية والعدالة” هذا الموضوع تحت عنوان رئيس فيها “تركيع “إسرائيل””، فمن وجهة نظر أنقرة فإن “تل أبيب” استجابت للطلبات التركية: قدمت الاعتذار، وستدفع تعويضات لأهالي ضحايا ومصابي سفينة “مرمرة” التي تعرضت لاعتداء وحشي في 31 مايو/أيار 2010 وذهب ضحيته تسعة أتراك وأصيب عديدون، وأن “إسرائيل” ستعمل على رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، هذا وفقاً لتصريحات العديد من المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم أحمد داود أوغلو وزير الخارجية، عن الشرط التركي الثالث “رفع الحصار عن غزة” .
جاء في البيان الذي أصدره رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو عن هذا الموضوع “إن “إسرائيل” لن ترفع الحصار كلياً عن قطاع غزة والضفة الغربية، وإنها سترفع بعض القيود عن حركة المواطنين الفلسطينيين والبضائع” . البيان “الإسرائيلي” تضمّن أيضاً، أن تركيا وافقت على إغلاق ملف الإجراءات القضائية التي تبنتها قبلاً ضد الجنود “الإسرائيليين”، هذا الأمر لم تجر الإشارة إليه من قبل أي مسؤولٍ تركي .
بداية، فإن من الضروري التأكيد أن العلاقات التركية-”الإسرائيلية” تأثرت قليلاً بعد العدوان الهمجي على السفينة مرمرة، وبعد إهانة السفير التركي في وزارة الخارجية “الإسرائيلية”، لكنها لم تنقطع! فقد تم سحب السفير التركي من “تل أبيب” في ظل عدم قطع العلاقات الدبلوماسية .
هذا من جانب، أما من جانب ثانٍ فإن العلاقات العسكرية والأخرى الأمنية بقيت كما هي متينة بين الجانبين، فقد استأنفت “إسرائيل” تزويدها لطائرات الأسطول الجوي التركي، بأجهزة إلكترونية (هذا وفقاً للعديدين من المراقبين العسكريين) . كما أسهمت تركيا عبر إرسالها طائرات، في إطفاء الحرائق التي اندلعت في شمالي فلسطين المحتلة في نهاية العام ،2010 وإن جاء هذا الأمر تحت عنوان “المشاركة الإنسانية” وفقاً للتفسير التركي .
أما العلاقات الاقتصادية فيشير ميزان التبادل التجاري بين الجانبين إلى أن حجم التجارة بين البلدين في العام 2009 بلغ ثلاثة مليارات دولار، وخمسة مليارات في العام 2011 (أي بعد حادثة السفينة مرمرة) . الصحف “الإسرائيلية” أجمعت من جانبها على أن: التقارب بين البلدين (بعد الهجوم الصهيوني على السفينة التركية) قد تم الإعداد له في السنتين الأخيرتين وبحماسة شديدة في الولايات المتحدة و(الناتو)، وأن ما سرّع التوصل إليه هو التطورات في سوريا وتدخل جون كيري وأوباما شخصياً في هذا الملف، وكذلك خشية البلدين من خطر انتقال الأسلحة الكيماوية إلى حزب الله والتنظيمات الأصولية .
يأتي التقارب التركي-”الإسرائيلي” في وقت تراجعت، بل تدهورت فيه علاقات تركيا مع دول أخرى كثيرة في المنطقة مثل سوريا وإيران والعراق وأخرى خارجها مثل، روسيا والصين، الأمر الذي يشي بضغوط أمريكية وغربية و”إسرائيلية” كبيرة مورست على أنقرة لبدء سياسة جديدة لتركيا في المنطقة، متقاربة تماماً مع السياسات الأمريكية والغربية تجاهها، ولهذا حرص (الناتو) على نشر صواريخ “باتريوت” في الأراضي التركية . الغريب أن تركيا بدت وكأنها في انتظار طويل لسماع هذا (الاعتذار) من الدولة الصهيونية، ليأخذ التعاون بين الجانبين وتائره السابقة، وبخاصة أن ملفات كثيرة تطرح استحقاقاتها على جدول الأعمال التركي: الملف السوري، الملف الكردي، إعادة رسم خرائط المنطقة . سفير تركيا السابق في “إسرائيل” (وهو السفير التركي الحالي في واشنطن) ناميك تان صرّح قائلاً: “إن الأصدقاء الحقيقيين فقط هم الذين يستطيعون الاعتذار إلى بعضهم” . في كل الأحوال فإن الدولة الصهيونية هي المستفيد الأول والأخير من إعادة العلاقات مع أنقرة: إن بالنسبة إلى فتح المجال الجوي والأراضي التركية لسلاح الجو “الإسرائيلي”، وإجراء المناورات المشتركة مع تركيا (وفقاً للاتفاقيات المعقودة بين الجانبين وما تقتضيه شروط حلف الناتو) . أيضاً وفي إعادة العلاقات المتينة بين الجانبين في المجالات الأخرى كافة .
بالنسبة إلى العلاقات التركية-”الإسرائيلية” (بعد الاعتذار)، وتأثيرها في القضية الفلسطينية، فإن فك الحصار كلياً هو غير تخفيفه، لكن تركيا لم تجعل من شرط إنهاء الحصار على غزة، قضية رئيسة، فقد أعلن أردوغان بعد الاعتذار أنه سيقوم بزيارة إلى قطاع غزة، الأمر يبدو وكأنه “مجاملة سياسية تركية للفلسطينيين ليس إلا”، فتركيا تدرك مثلما أردوغان، أن “إسرائيل” وفي حالة إعادة الكرّة بإرسال سفينة تركية جديدة تحمل مواد غذائية وإنسانية إلى قطاع غزة من دون موافقة الدولة الصهيونية ودون التنسيق معها،فستقوم باعتداء جديد على هذه السفينة، وبخاصة في ظل وجود الحكومة الأكثر تطرفاً في الدولة الصهيونية على رأس الحكم، ووجود حلفاء لنتنياهو ولليكود يقفون موقفاً معارضاً من تقديم (الاعتذار) الذي جاء على لسان نتنياهو مثل الفاشي ليبرمان .
في السياق إياه تأتي الاتصالات الهاتفية التي حرص أردوغان على إجرائها مع محمود عباس وإسماعيل هنية وخالد مشعل، ووضعهم في أجواء ما يسمى ب(الاعتذار “الإسرائيلي”) هو محاولة “تبرئة ذمة” من قبل تركيا وأردوغان شخصياً وحزب التنمية والعدالة، أمام تراجع الالتزام التركي عن عدم إعادة العلاقات مع إسرائيل قبل رفع الحصار الصهيوني الكامل عن القطاع .وهو محاولة أيضاً لكي يبدو الفلسطينيون وكأنهم موافقون على عودة العلاقات التركية - الإسرائيلية إلى طبيعتها . حركة حماس في بيانها الصادر عن هذا الموضوع اعتبرته “انتصاراً وإنجازاً كبيرين” . السلطة الفلسطينية لم تُصدر أي بيان ضد عودة هذه العلاقات، رغم الحصار المستمر المفروض على قطاع غزة وأيضاً إلى حد ما على الضفة الغربية .
دول الحراكات العربية، وبخاصة مصر وتونس والحزبان الحاكمان فيهما (حزب الحرية والعدالة في مصر وحركة النهضة في تونس)، وهما يمتلكان أوثق الصلات مع حزب التنمية والعدالة التركي، وكل هذه الأحزاب تابعة لحركة الإخوان المسلمين، اعتبرا أن عودة علاقات تركيا مع الدولة الصهيونية يبدو أنه أمر طبيعي وكأنه لا يمسهما ولا يمس المنطقة العربية، بغض النظر عن الاستهدافات الأمريكية “الإسرائيلية” الغربية لدول المنطقة ومنها مصر وتونس ، وبخاصة أن الطرفين (التركي و”الإسرائيلي”) يقعان على تجاور وتلاصق مع المنطقة العربية .
على ما يبدو، فإن أردوغان لا يدرك حقيقة “إسرائيل”، فهو، على رغم مجازرها ضد الفلسطينيين والعرب والسفينة التركية، وافق على إعادة العلاقة معها إلى طبيعتها السابقة، فإن كان لا يدرك (فهذه مصيبة)، وإن كان يدرك حقيقتها ورغم ذلك يعيد العلاقات معها فالحالة فالمصيبة أعظم .
هل تسهم «إسرائيل» في دعم الأمن القومي الأمريكي؟
بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
لقد بات في حكم المؤكد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مثله مثل من سبقه من الرؤساء الأمريكيين يرفض اعتبار العلاقة مع «إسرائيل» عبئاً استرايتجيا، بل ذخراً من الطراز الأول، وهذا الذي يفسر خروج أوباما عن طوره وهو يحاول التعبير عن تأييده غير المتحفظ «إسرائيل». وعلى الرغم من أن كل ما جاء في الخطابات التي ألقاها الرئيس أوباما خلال زيارته «إسرائيل» تؤكد أن الإدارة الأمريكية ترى في «إسرائيل» ذخراً استراتيجيا للولايات المتحدة، إلا أن القلق الإسرائيلي من الجدل الأمريكي الداخلي، دفع الكثير من المستويات الرسمية الإسرائيلية إلى تسريب معلومات، تعكس حجم إسهام «إسرائيل» في خدمة الأمن القومي للولايات المتحدة.
ففي مقال نشره في صحيفة «إسرائيل اليوم»، أوضح دوري غولد مدير مركز القدس لدراسات المجتمع والدولة، وسفير «إسرائيل» السابق في الأمم المتحدة الذي عمل مستشاراً سياسياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية وسعت من دائرة اهتماماتها وانشغالاتها من أجل جمع معلومات استخبارية، تخدم بشكل أساسي الأمن القومي الأمريكي، علاوة على طرح الكثير من الأمثلة التي تعكس مدى الدور الإسرائيلي في درء المخاطر عن الولايات المتحدة.
المفارقة أن زيارة أوباما جاءت في ذروة تعبير الكثير من النخب في «إسرائيل» عن مخاوفها من الانطباع المتعاظم داخل الولايات المتحدة، بأن واشنطن باتت تدفع أثماناً استراتيجية نيابة عن «إسرائيل»، دون أن تقدم «تل أبيب» أي مقابل يذكر. فكثير من النخب الأمريكية باتت ترى بعد تفجر ثورات «الربيع العربي»، أن دوائر صنع القرار في «إسرائيل» باتت تطالب الولايات المتحدة بأن توفر الشروط التي تضمن عدم تدهور بيئتها الاستراتيجية، بعد زوال أو تصدع بعض أنظمة الاستبداد العربية التي كانت حافظت على استقرار البيئة الاستراتيجية للكيان الصهيوني، بما يخدم مصالحه. فعلى سبيل المثال، تطالب «إسرائيل» بأن تضمن الولايات المتحدة ألا يؤثر سقوط نظام مبارك وفوز مرشح الإخوان المسلمين بمنصب الرئاسة سلباً في التزام القاهرة باتفاقية «كامب ديفيد»، بل وصل الأمر إلى حد أن صناع القرار في «تل أبيب» يراهنون على أن توظف الإدارة الأمريكية المساعدات لمصر في إجبار النخبة الحاكمة في القاهرة حالياً، على مواصلة خط الشراكة الاستراتيجية مع «تل أبيب». وقد هدفت الزيارات العديدة التي قام بها وزير الحرب الإسرائيلي السابق إيهود براك للولايات المتحدة مؤخراً، إلى الضغط على واشنطن لكي تضمن ألا يؤدي أي حل للأزمة السورية إلى تمكين الجماعات الجهادية السنية من الحصول على موطئ قدم في سورياً، في حال تم التخلص من نظام بشار الأسد، وهو ما تعتبره «تل أبيب» تطوراً يغير بيئتها الاستراتيجية بشكل كارثي. ولم يعد سراً أن «إسرائيل» تطالب عبر القنوات السرية واشنطن بالتأثير في مجريات الأمور في الأردن؛ بحيث لا ينجح الحراك السياسي في الأردن في تغيير طابع الحكم هناك، بشكل يؤثر في الشراكة الاستراتيجية القائمة والمتجذرة بين الكيان الإسرائيلي والاردن. ولقد تجندت واشنطن لصالح «إسرائيل» ومنعت قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وتوظف حالياً كل أدوات الضغط السياسي والمالي على السلطة الفلسطينية لثنيها عن التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لعرض ملف الاستيطان اليهودي هناك، بعد أن تم قبول فلسطين، كدولة مراقب في الجمعية العامة.
ولم تتردد «إسرائيل» في توظف كل آليات الابتزاز؛ من أجل دفع الولايات المتحدة لتصعيد العقوبات الاقتصادية ضد إيران، من أجل إجبارها على وقف برنامجها النووي. تدرك «إسرائيل» أن وفاء الولايات المتحدة بهذه المطالب أو بعضها يتطلب من الأمريكيين دفع أثمان اقتصادية واستراتيجية كبيرة، ومع ذلك فإنها ترفض القيام بالخطوات التي ترى الإدارة الأمريكية أنها تساعدها على الوفاء بهذه المطالب؛ وعلى رأس هذه الخطوات دفع التسوية السياسية للصراع مع الشعب الفلسطيني قدماً. ليس هذا فحسب، بل إن «إسرائيل» تحرص على جعل قدرة واشنطن على مساعدتها أمراً بالغ الصعوبة؛ عبر إصرارها على مواصلة الاستيطان ومشاريع التهويد الهاذية في القدس وأرجاء الضفة الغربية، بشكل يحرج الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي. ومن الأهمية بمكان التنويه هنا إلى حقيقة أن المطالب الإسرائيلية الآنفة الذكر تأتي في ظل تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، كنتاج للثورات العربية، وغياب أو تضعضع أنظمة الحكم التي كانت أدوات الضغط الأمريكية ذات قدرة كبيرة على التأثير فيها.
إن أحد القضايا التي باتت تستحوذ على الجدل الإسرائيلي الداخلي، وتغذي القلق الصهيوني بشأن مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة هو التحول الاقتصادي الهائل، الذي يحدث في الولايات المتحدة، والمتمثل في ثورة «الغاز الصخري»، والتي من المتوقع أن تضمن للولايات المتحدة اكتفاءها الذاتي من النفط والغاز بحلول عام 2016؛ أي إن هذا التطور يعني استغناء الولايات المتحدة عن مصادر الطاقة في الشرق العربي. ولا خلاف في «إسرائيل» على أنه في حال تحققت هذه التنبؤات، فإنها تعتبر تطوراً استراتيجياً سلبياً على «إسرائيل».
وحسب المنطق الإسرائيلي، فإنه في حال استغنت الولايات المتحدة عن مصادر الطاقة في العالم العربي، فإن هذا يعني المس بمكانة «إسرائيل» الاستراتيجية لدى الولايات المتحدة، ولن يكون هناك ثمة حاجة إلى دورها كشرطي يعمل لصالح الأمريكيين. وهنا علينا أن نذكر ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون في مقابلة مع قناة التلفزة الأمريكية «سي.أن.أن»، عندما سئل عن حجم الثمن الاقتصادي الذي تدفعه الولايات المتحدة إلى «إسرائيل»، فجاء رد شارون بسيطاً ومباشراً، حيث قال: «إسرائيل هي كحاملة طائرات ثابتة تعمل لصالح الولايات المتحدة في المنطقة». على الرغم من أن هناك شكوكاً كبيرة إن كان شارون صدق نفسه عندما قال هذه العبارة، لكن كل المؤشرات تدلل على أن أوباما على الأقل يتبنى وجهة نظر شارون، ويتعامل مع «إسرائيل» على النحو الذي صوره، فهو يرى أنه بالإمكان منع حدوث مزيد من التراجع في مكانة الولايات المتحدة؛ عبر تعزيز قوة «إسرائيل» بصفتها أحد أهم عوامل الاستقرار في المنطقة.
الخليج واحتواء الإخوان المسلمين!
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
مع إقلاع أول رحلة طيران تجاري مباشر بين مصر وإيران من القاهرة، ومنذ أكثر من 34 عاما، عاد الحديث الآن إلى ضرورة أن تحتوي دول الخليج العربي مصر، بمعنى أن تقدم لها مساعدات مالية تساعد فيها الإخوان المسلمين للخروج من ورطتهم الكبرى. وهذا الحديث لا يدل على عقلانية سياسية بقدر ما يدل على نفاق فج.
فدول الخليج كانت تتهم، وإلى فترة قريبة، بدعمها لنظام مبارك رغم النقمة الشعبية ضده، كما كان يقال وقتها، وحتى إبان ثورة 25 يناير، وكان ذلك أيضا حديث الإدارة الأميركية ومن خلال التسريبات الصحافية، واليوم يطالب أنصار الإخوان المسلمين دول الخليج باحتواء إخوان مصر ودعمهم ماديا، بحجة عدم دفع الإخوان للارتماء بأحضان إيران، ورغم كل ما يفعله الإخوان من قمع وتهميش لشريحة عريضة لا يستهان بها من المصريين، بدلا من لجوء الإخوان لحلول سياسية عقلانية توحد الصف، وتجمع الفرقاء بالقاهرة! وأفضل وصف سمعته لما يحدث بمصر كان من رئيس وزراء عربي؛ حيث يقول إن الرئيس محمد مرسي «يتصرف وكأنه جاء بانقلاب وليس بصناديق الانتخاب»! ويكفي تأمل ملاحقة أجهزة مصر الديمقراطية اليوم لمقدم برامج ساخر وهو الدكتور باسم يوسف!
فبدلا من أن يدين المناصرون للإخوان المسلمين تسيير رحلات تجارية بين مصر وإيران في الوقت الذي قامت به قوات الجيش الحر السوري قبل يومين باستهداف طائرة إيرانية كانت تنقل أسلحة لقوات بشار الأسد من أجل قمع وقتل السوريين، يقوم مناصرو الإخوان بتحميل دول الخليج المسؤولية على ارتماء إخوان مصر بأحضان ملالي طهران، وهذا أمر عجيب لا يمكن فهمه، أو تفسيره إلا أنه نفاق سياسي، فكان الأحرى بمحبي مصر أن يحملوا الإخوان مسؤولية ما يحدث بمصر بدلا من تخويف وابتزاز دول الخليج العربي بالقول بأنه في حال لم تدعموا إخوان مصر فإن أرض الكنانة ستصبح شيعية، أو صفوية.
وقصة الاحتواء بالدعم هذه ليست جديدة، بل تمت تجربتها مرارا من قبل دول الخليج بمنطقتنا وفشلت سواء عربيا أو إسلاميا، فقد فشل الاحتواء المادي والسياسي مع صدام حسين، وبشار الأسد، وبشير السودان، وصالح اليمن، وياسر عرفات، وبعده حماس، وطالبان، والجماعات الإسلامية كلها، ومنها الإخوان المسلمون وغيرهم، خصوصا في قصة تحرير الكويت بعد احتلال العراق لها، كما فشلت تجربة احتواء ودعم المقاومة الكذابة، وخصوصا حزب الله في لبنان، والتي تزعمتها قطر، وانطلت حتى على تركيا، فلماذا على دول الخليج أن تكرر اليوم تجربة ثبت فشلها مرارا وتحت عناوين مختلفة؟
وعليه فالمفروض اليوم أن يقوم محبو مصر، إن كانوا صادقين، بتوجيه اللوم للسياسات الإخوانية الفاشلة، والتي أحوجت القاهرة إلى أن تتوسل الدعم الدولي، والمفروض أن ينتقدوا الإقصاء الإخواني بحق شريحة عريضة من المصريين، كما يجب أن ينتقدوا ارتماء مصر بأحضان إيران التي تدعم الأسد بكل جرائمه المرتكبة بحق السوريين بدلا من انتقاد دول الخليج العربي.
قطرنة مصر.. أم مصرنة قطر؟!
بقلم: عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
المصريون فى قطر يعيشون الان أفضل أيامهم، هم الجالية الأكثر تدليلا، يعملون فى كل مكان وفى كل المهن والوظائف.
سألت عامل نظافة فى احد الفنادق عن درجة إحساسه بالأمان فرد بقوله انه بعد الثورة صارت المعاملة أفضل كثيرا، هى لم تكن سيئة فى الماضى، لكنها تحسنت اكثر الان وصارت نظرة القطريين لهم افضل حالا.
سألت صحافيا مصريا يعمل هناك منذ تسع سنوات عن الذى تغير فى المعاملة فرد فقال انه مناخ العمل صار افضل.
سألت مسئولا قطريا نفس السؤال، فقال لم يتغير شىء، ولم نلجأ فى ظل سوء العلاقات مع نظام حسنى مبارك إلى أى إجراءات تنعكس سلبا على العمالة المصرية.
المسئول القطرى قال ضاحكا ان العمالة المصرية أكثر من عدد السكان القطريين أنفسهم، مضيفا بتهكم: وبالتالى فالخوف هو ان تحصل «مصرنة لقطر» وليس «قطرنة لمصر» كما تخشى بعض القوى السياسية المصرية.
لا توجد إحصاءات دقيقة للمصريين فى قطر وإن كانت تقديرات تشير إلى ان عددهم يتراوح بين ربع ونصف مليون شخص يعملون فى كافة المهن خصوصا التدريس.
غالبية هؤلاء المدرسين يتعاطفون مع التيار الإسلامى خصوصا الإخوان، ومعظمهم صوت لهذا التيار وللرئيس محمد مرسى فى كل الاستحقاقات الانتخابية خصوصا الرئاسة والاستفتاء.
قابلت كثيرين من هذه العينة فى فندق الريتز كارلتون بالدوحة أثناء لقاء الرئيس محمد مرسى مع أبناء الجالية المصرية فى قطر، كلهم انتقدوا المعارضة والإعلام واشادوا بمرسى، وكالعادة فإنهم جميعا باستثناء السلفيين انكروا انهم من الإخوان.
بالطبع ليس كل المصريين فى قطر اخوانا أو سلفيين، بعضهم لم يكن منتميا لاى حزب وكان على باب الله.
أحد هؤلاء ــ ويعمل فى التجارة ــ كنت قد رأيته من قبل ولم يكن لديه ميول سياسية واضحة وان كان وقتها أقرب إلى التيار الليبرالى، فجأة صار إخوانيا قُحًا، وبدأ يتحدث وكأنه عضو فى مكتب الإرشاد، وبين كل كلمة وأخرى يصر على سب المعارضة وقادة جبهة الإنقاذ وكل هدفه أن يرضى أهل الحكم الجدد عسى ان تزدهر تجارته!.
حجم هؤلاء ليس قليلا، وهم يطبقون نظرية «من يتزوج أمى.. اقول له يا عمى»، وأغلب الظن انهم يريدون تأمين وظائفهم أو حياتهم عبر تأييد من هو فى الحكم بغض النظر عما إذا كان يحبه أم لا.
نموذج آخر متعاطف مع المعارضة ويقول انه بدأ يشعر بالحصار لان غالبية المصريين معه فى نفس العمل ينتمون إلى التيار الإسلامى وكل يوم يحاصرونه نفسيا لدرجة انه بدأ يشعر بالقلق على مستقبل وظيفته.
المتعاطفون مع المعارضة يقولون ان السفير المصرى فى الدوحة محمد مرسى قام بأخونة السفارة، نقلت هذا الاتهام إلى السفير حيث التقيته ثلاث مرات على هامش القمة العربية التى انعقدت بالدوحة، فرد ضاحكا بقوله «هذه تهمة صارت مكررة والذين يطلقونها لا يعرفون ان الذى يعين الناس هو الوزارة فى القاهرة وليس السفير، وان مكتبه مفتوح للجميع، وأن مهمة السفير هى تنفيذ سياسة الدولة ولا ينبغى ان تظهر عليه أى ميول سياسية أثناء أداء وظيفته، لأن مهمته خدمة كل المصريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية».
حال المصريين فى قطر يشبه إلى حد كبير مع الفارق حال إخوانهم فى مصر، هم ايضا يعيشون فترة انتقالية، كل يحاول الاستفادة من هذه المرحلة باقصى درجة ممكنة، يتعاطفون، يتجادلون، يتناقشون، لكن الذى يجمعهم جميعا هو الأمل والخوف من الغد.
أميركا وخطر فنلندة الخليج العربي
بقلم: إميل أمين ( كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
ما الذي تعنيه استطلاعات رأي عدة اجريت اخيرا في الولايات المتحدة الأميركية بشان الخيار المفضل للأميركيين لمواجهة برنامج إيران النووي وجاءت بعض نتائجها متجاوزة لحاجز الستين في المئة من المؤيدين لضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية?
باختصار غير مخل تعني أن المخاوف عند الأميركيين قد بلغت ذروتها انطلاقا من اعتبارهم أن إيران من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة, ليس فقط بالنسبة لإسرائيل, بل لبقية دول المنطقة.
هل من معطيات جديدة توافرت للأميركيين دفعتهم في اتجاه التصعيد العسكري, رغم أن إدارة اوباما تحاول جاهدة حتى الساعة تجنب هذا الخيار?
ربما يكون ما كشفت عنه الشبكة الإخبارية الأميركية WND واسعة الانتشار عن وجود موقع سري إيراني تطلق عليه إيران " قدس " هو السبب وراء ذلك, ما الذي يجري في هذا الموقع?
تقول البيانات المنشورة على الموقع الأميركي المذكور: انه "اي الموقع" حصل على معلومات من ضابط رفيع المستوى في الاستخبارات الإيرانية تفيد بأن علماء إيرانيين يقتربون من إنتاج رؤوس عسكرية نووية في موقع سري تحت الأرض وغير معروف للغرب أو للمراقبين ويدعى "قدس". هل موقع قدس هذا هو نفسه موقع بارشين العسكري? هناك احتمالات بالفعل لأن يكون كذلك, ولاسيما ان وكالة الطاقة الدولية قد طلبت مرارا وتكرارا من إيران زيارة موقع بارشين العسكري, والذي يعتقد انه تجرى فيه العديد من الاختبارات النووية العسكرية لكن طهران ترفض هذه المطالب .
ولعل ما عزز مخاوف الأميركيين اخيرا أن الصور التي تم التقاطها بالأقمار الاصطناعية لموقع بارشين العسكري تظهر عمليات تنظيف واسعة في المنطقة وهو ما يشير إلى محاولة النظام الإيراني إخفاء آثار التجارب التي تجري داخل الموقع.
هل يعني ذلك أن إيران ستتمكن من صنع قنبلتها النووية بأسرع بكثير من التوقعات التي تسود لدى أوساط أجهزة الاستخبارات الغربية حيث إن لديها أنشطة سرية قطعت فيها شوطا كبيرا في المجال النووي ?
خطورة المشهد والبيانات الأخيرة استدعت صدور ورقة بحثية على درجة عالية من الأهمية عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في واشنطن تحت عنوان "خطر فنلندة الخليج العربي" وصاحباها هما سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن والثاني جيب شانيمان الزميل الزائر في المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي, ما الذي تحويه هذه الورقة المهمة للغاية?
تطرح الورقة تساؤلا أوليا مثيرا: هل بإمكان أجهزة الاستخبارات الأكثر تطورا معرفة التقدم النووي لبلد تبلغ مساحته نصف مساحة أوروبا في الوقت نفسه الذي يحدث فيه هذا التقدم? الثابت أن الولايات المتحدة قد أخذت على حين غرة من قبل كل بلد ¯ تقريبا ¯ أصبح دولة نووية, من الاتحاد السوفياتي عام 1949 إلى كوريا الشمالية عام 2006 ما علاقة فنلندة تحديدا بالمشهد الإيراني الحالي?
المؤكد ان فنلندة رغم تعرضها للغزو السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية اعتمدت سياسة الحياد بالإكراه ما أدى إلى ظهور مصطلح ال¯ " فنلندة " وهي العملية التي تؤثر من خلالها دولة واحدة قوية تأثيرا كبيرا جدا في سياسات بلد اصغر مجاور, الأمر الذي يسبب النظر إلى البلد الأصغر مثلما كان ينظر إلى فنلندة من قبل الكثيرين في الغرب خلال الحرب الباردة.
ماذا تريد إيران في الحال ? وكيف سيكون حالها في المستقبل إذا امتلكت قنبلة نووية?
من دون تهويل أو تهوين, طهران تريد السيطرة على الشرق الأوسط بلعبها ورقة الهيمنة الإقليمية, واستغلال مواردها من الطاقة وتفوقها الثقافي, وكونها أقلية مزدوجة في المنطقة " فارسية وشيعية ", في حين باقي دول المنطقة "عربية وسنية" كما تسعى طهران إلى إمالة ميزان القوى من خلال إظهار تأثيرها في عمق الأراضي العربية وقد جاءتها اضطرابات ما يسمى الربيع العربي لتقدم لها فرصة لم تحلم بها أما حيازة إيران لسلاح نووي فمعناها هيمنتها على دول الخليج ما سيدفع هذه الأخيرة إلى السعي للحصول على سلاح نووي أو تطويره بأي وسيلة هل ستسمح واشنطن بفنلندة الخليج العربي?
تاريخيا استمرت الهيمنة السوفياتية على أوروبا الشرقية نحو أربعة عقود, وعلامة الاستفهام في هذا المقام كم من الوقت ستستغرق هيمنة إيران على الخليج العربي إذا ملكت سلاحا نوويا ?
الخلاصة إما القضاء على هذا البرنامج سلميا أو عسكريا, وإما تهديد لمصالح الغرب في تلك المنطقة لعقود طويلة, أما حال غض واشنطن ¯ اوباما الطرف عن وصول إيران الى حيازة قنبلة نووية فهذا مؤشر على وجود صفقات سرية بين واشنطن وطهران وتل أبيب ضمن حلف المصالح المشتركة, وهنا على دول الخليج أن تضع هذا الاحتمال على طاولة الأفكار انطلاقا من أن طرح القضايا يبدأ من الذات لا من الأميركيين .
إسقاط الشبهة عن (ربيع العرب)
بقلم: أنور رجا عن الوطن السورية
المؤكد أن النازية الهتلرية لو انتصرت في حروبها لكان وقع كلمة (نازي) مختلفاً الآن في السياسة والثقافة على مستوى العالم كله.
حالة الإبهار المباشرة التي تصدرت العالم في أعقاب السقوط المدوي المتسارع لبعض الأنظمة العربية وخاصة نظام كامب ديفيد في مصر جعل الساحة عرضة لصراع المصطلحات والمفاهيم، واستدرج عامة الناس إلى فخ الفوضى الذي روج له منظرون بصفتهم مفكرين ومحللين استراتيجيين، واخترق مستشرقو السياسة الأمنية قلب الحراك الشعبي من أمثال (هنري ليفي) النسخة الحديثة للورنس العرب. فجأة اكتشف العالم الحر وأبناؤه من مستعربين ومستشرقين أن رمال الصحراء العربية ومشايخها وأمراءها وملوكها قادرون على نفض غبار الخيمة لتزهر ربيعاً ثورياً!! هكذا استيقظ العرب على أزاهير ورياحين بستان الربيع ودون مقدمات موحيه، هبط وحي الثورة العربية.. أسقط من قاموس التاريخ والثورات وتجاربها وضروراتها مبدأ النظرية والقيادة الثورية.. ومن تحت العباءة الفكرية للأمراء والملوك، ومن قلب ثقافة البادية الهجينة ولدت ثقافة جديدة!! ثقافة كل شيء فيها مباح لأجل استيعاب وتقنين الحراك الشعبي الذي انتفض في وجه دكتاتورية الحاكم الذي أذل العباد ورهن البلاد لسياسات أميركا والدول الغربية..
الماكنة الإعلامية الدولية وفروعها العربية وظفت كل طاقاتها لمغازلة الشارع العربي ولا مانع في هذه الحالة من إصباغ كل الصفات الثورية على هدير الشارع على أن تصب المياه التي تجري في نهر التغير خلف جدار السد الأميركي الأوروبي حيث يمكن إعادة صياغة النظام السياسي والاقتصادي بعيداً عن شعارات ومناهج الوطنية والكرامة القومية واستنهاض عوامل الحرية التي تضمن تحرير فلسطين كمقدمة لحرية الأمة..
ثورة (الربيع) ووروده المتهاطلة مع صواريخ الناتو في ليبيا لتحصد كل شيء إلا آبار النفط باركها قادة رأي وفكر، وصناع سياسات، وتنظيمات وأحزاب أتخمتنا بشعاراتها الثورية، والجهادية، منها العروبية والإسلامية وبعضها يتصدر قائمة المتحمسين لتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها.. ثقافة الغاية تبرر الوسيلة ارتوت من بحر المناقشات والمطالعات الثقافية في أصول علم الثورات، وانتعش سوق الحوار، فاغرقت ميادين التحرير بثرثرات وصخب الثوريين الذين تصدروا شاشات وإعلام قادة الربيع في الدوحة والرياض واسطنبول، وكي تكتمل صورة المشهد الثقافي المركب كان لابد من تعميد (الربيع العربي) في مياه مقدسة بأخذ سورية على بساط الموجة الربيعية المستوردة عن طابور المثقفين الثوريين المتظللين بمرجعهم الروحي (هنري ليفي)، بدلالة أن (الربيع) حين يجتاح سورية سيعد ثقافة ثورية عربية حقيقية وفتحاً تاريخياً مبيناً بدعم وتأييد أميركا!!
فشل إسقاط سورية وتقسيمها ديمغرافياً فجر أحقاد أعداء الأمة، فدفعوا بكل عناصر الإرهاب وأدوات التخريب، وحولوا الأرض والناس لحقل تجارب وتدمير وساحة لاختبار قوة (الفوضى الخلاقة) وتشريع إزهاق الروح وقطع الأعناق على وقع موسيقا وثقافة الذبح والتكبير باسم الله.. وسط هذه الثقافة الدامية تكونت بالفعل ملامح مرحلة من تاريخ الأمة العربية أنبتت لغتها وحواراتها فوق جثث ضحايا.. ثقافة استئصالية ضحيتها الأولى من يجرؤ على رفع الصوت مندداً ومعترضاً وقائلاً ما يجري هو أفعال عصابات والربيع العربي مجرد لافتة لبرنامج مدروس بعناية لوأد حلم الثورة.
كلمة الرياض: من سيمحو أمريكا..كوريا الشمالية.. أم إيران؟!
بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
قبل 1967م كنا من خلال الدعاية المضللة نعتقد أن إسرائيل سيهزمها فريق كشافة عربية ففوجئنا بعجزنا الصمود ست ساعات أمام قوتها الحديثة والتخطيط السليم للحرب، والسبب لا يعود لعدم كفاءة الضابط والجندي العربي، وإنما سوء تقدير قوة العدو وإستراتيجيته، وقصور النظرة الحادة عند السياسيين..
يتكرر هذا الغرور بالقوة مع إيران التي ستحول إسرائيل إلى رماد في حال حاولت القيام بضربة عسكرية لها، وأن الأمر لا يقتصر على البلدين، وإنما ستضرب القواعد الأمريكية في الخليج العربي بهجوم انتقائي سيدمرها، هذا إلى جانب غلق مضيق هرمز على الملاحة العالمية وخاصة صادرات النفط، ونحن من خلال مبادئ المعرفة البسيطة التي يدركها طلاب المدارس المتوسطة، أن أمريكا هي القوة العسكرية العظمى في العالم، وأن ميزان الإنتاج والابتكار والتسلح وتقنيات لم تمتلكها دول أكثر تطوراً من إيران عاجزة عن اللحاق بهذه القوة الهائلة، وبالتالي فإيران تستطيع أن تقنع بعض السذج أنها معادلٌ إستراتيجي لأمريكا ولكن الحقيقة عكس ذلك فبين البلدين أزمنة وأجيال وإمكانات طويلة، لأن إيران في العرف الاقتصادي والتقني تقع ضمن العالم الثالث، وأمريكا سيدة العالم الأول رغم أننا لا نتفق مع الكثير من سياساتها ولكنها الواقع الذي من المستحيل تجاهله وإنكاره..
كوريا الشمالية التي تقع في سلّم الدول الفقيرة، اعتمدت نظريات وأقوال «ماوتسي تونج» حينما هدد الغرب الإمبريالي بجناحيه أوروبا وأمريكا بأنه «سيجعل من جماجمهم منافض لسجائر شعبه» وهذا البلد الذي امتلك بعض صواريخ سكود الروسية التي تقادم عليها الزمن، ويمتلك عدة قنابل نووية بدائية، أعلن أنه سيضرب البر الأمريكي وتدمير جميع قواعدها في آسيا وكذلك جارتها كوريا الجنوبية والتهديد حمل قاموس نفس الكلمات الإيرانية بمعنى أنه إذا كانت إسرائيل التي تهدد إيران حليفاً لأمريكا، فإن كوريا الجنوبية تأخذ نفس الصفة والمعنى، والغريب أن أحد الإستراتيجيين الروس أول من سفّه بهذا التهديد واعتبره نوعاً من التنفيس الساذج، إذ إن الحليف الصيني الذي يرقب التصريحات النارية ولا يعقب عليها يعلم أن أي خطوة متهورة من كوريا الشمالية بمثابة كارثة عليها، وحتى لو أرادت اللعب على التناقضات بانتزاع مواقف جديدة لصالحها من أمريكا في لجم الحليف الصغير، فهي تدرك أن التنازلات في مثل هذه المواقف مستحيلة لدولة عظمى تحتاجها الآن وفي المستقبل، ولذلك فكل ما تظهره كوريا الشمالية لا يعدو مجازفة لغوية لأنها إذا كانت تعتمد في قوتها السياسية والمعنوية على الصين تعلم أن اليابان وكوريا الجنوبية ودولاً آسيوية أخرى ستنحاز لأمريكا وتشاركها الضغط السياسي والعسكري إذا لزم الأمر..
الفرقعة السياسية والدعائية والتهديد بالقوة من قبل إيران وكوريا الشمالية لا تعدو أكثر من مزحة ثقيلة، لأن الحروب الكونية التي قد تشعلها دول بحجم إيران وكوريا الشمالية لا تستقيم على منطق، فهي مجرد اختبار ساذج لمدى ردة الفعل عند الخصم الأقوى وهذا لم يغير من صواريخ السوفييت في كوبا، ولا قواعد الأطلسي في تركيا وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى حين أصبحت أمريكا هي من تحاصر خصومها الأكبر من إيران وكوريا الشمالية..
لماذا عين «إسرائيل » على لبنان ؟
بقلم: عصام نعمان عن الوطن القطرية
قالت صحيفة «هآرتس» (29/3/2013) المستقلة والقريبة من اليسار الإسرائيلي إن ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بَرّرَ اعتذار «اسرائيل» من تركيا بأنه استجابة لضغط كبير من جانب الرئيس الاميركي باراك اوباما، وانه جاء نتيجة الاوضاع المستجدة في سوريا، وان مقربين من نتنياهو قالوا إن خطورة الوضع في سوريا فر
الحقيقة ان الوضع في سوريا، في رأي «هآرتس»، لا يزعج «اسرائيل». ما يزعجها هو الوضع في لبنان بدليل قيام الجيش الإسرائيلي بنقل فرقة عسكرية من الجبهة مع سوريا الى الجبهة مع لبنان. هذا التغيير يشي بأن القيادة العسكرية تقدّر ان الخطر على الجبهة مع لبنان اكبر من خطر نشوب مواجهة تقليدية مع الجيش السوري.
قائد الجبهة الداخلية الجنرال ايال ايزنبرغ بدا اكثر انزعاجاً وتوجساً. قال إن مبعث القلق هو القدرة الصاروخية لحزب الله. في تقديره ان الحزب بات بحوزته عشرة أضعاف عدد الصواريخ التي كان يملكها في حرب 2006، وانه قادر على اطلاق اكثر من الف صاروخ يومياً على «اسرائيل» في الحرب المقبلة، وان تركيزه سيكون على «غوش دان»، اي المنطقة الصناعية والكثيفة العمران والسكان الكائنة بين يافا (تل ابيب) وحيفا، بطول نحو 90 كيلومتراً وعرض عشرة كيلومترات الامر الذي يلحق بها اضراراً شديدة. ختم بقوله : «الطرفان سيخرجان من الحرب جريحين».
هل تصريحات ايزنبرغ للتهويل والضغط على لبنان في وقت تتفاقم الازمة السياسية بين اطرافه المتصارعة ؟ ام هي تضخيم لقدرات حزب الله لتبرير ضربه ؟
الاحتمالان واردان، ذلك ان المنطقة كلها تبدو في خضم صراع محتدم بين روسيا ومعها الصين وايران وبعض دول «البريكس» من جهة واميركا واوروبا من جهة اخرى. ذلك يطرح سؤالاً : هل ثمة صلة بين ما يجري في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر وما يجري بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة في الشرق الاقصى، وبين مناورات الاسطول الروسي في البحر الاسود عقب المصالحة الإسرائيلية - التركية ؟
سؤال آخر : هل يمكن معرفة ماذا تريد «اسرائيل» من لبنان إن لم نعرف ماذا تريد اميركا من فلسطين ولبنان وسوريا ؟
كان اوباما ابلغ محمود عباس خلال لقائه في رام الله مؤخراً ضرورة «الكفّ عن انتظار ان يحلّ الآخرون، بما فيهم الولايات المتحدة، النزاع بدلاً منهم» (صحيفة «يسرائيل هيوم» 22/3/2013 .
وكان ناطق باسم حلف «الناتو» ابلغ معاذ الخطيب الرسالة نفسها عندما طالب بغطاء من قواعد «باتريوت» الاميركية في تركيا للمجموعات المسلحة في شمال سوريا.
موقفا اوباما و«الناتو» اوحيا بأن اميركا معنية بأمن «اسرائيل» وحدها لأنه جزء من أمنها. ومع ان اميركا معنية بأمن «اسرائيل» إلاّ أنها ليست مستعدة للقتال نيابةً عنها. لقد انهكتها حرب العراق، وهي تعاني الامرّين من حرب افغانستان، وما زالت تعالج تداعيات ازمتها الاقتصادية منذ صيف 2008، فلا سبيل لمزيد من الإنهاك والمعاناة.
اميركا قد تنصح وتدعم حلفاءها، لكنها لا تخوض حروبهم ولا تحارب نيابةً عنهم.
كيف تنصح اميركا حلفاءها وتدعمهم ؟
بالمال والسلاح والتدريب والخبرة والمعلومات الإستخبارية. لكن، ما معنى ان تصرّح الناطقة بإسم الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند ان بلادها تفكر بفرض منطقة حظر جوي على سوريا ؟ هل تنوي اميركا تغيير سياستها بشكل جذري؟
اوباما نصح عباس بأمور كثيرة. نصحه، بحسب «يسرائيل هيوم»، بعدم وضع شروط مسبقة لإستئناف المفاوضات، مثل شرط تجميد الإستيطان. ودعمه بأن طلب من نتنياهو التريث في اتخاذ خطوات يمكن ان تؤدي الى تفجير المفاوضات، مثل تنفيذ اعمال بناء في المستوطنات او تسريع خطة البناء في منطقة E1 الفاصلة بين مستوطنة «معاليه ادوميم » والقدس. اكثر من ذلك، طلب من نتنياهو ان يستأنف تحويل اموال الضرائب التي تجبيها «اسرائيل» الى السلطة الفلسطينية، وقد فعل.
ماذا عن موقف اميركا من الازمة المتفاقمة في لبنان؟
على الصعيد السياسي، انحازت اميركا الى جانب قوى المعارضة بالدعوة الى اجراء الإنتخابات وفق قانون 1960 المواتي لها رغم وجود شبه اجماع بين مختلف القوى السياسية على عدم صلاحيته وعلى وجوب إلغائه. على الصعيد الامني، تخلّت واشنطن عن تأييد سياسة النأي بالنفس عن الازمة السورية التي كانت تنتهجها حكومة نجيب ميقاتي بدليل وقوفها الى جانب القوى المحلية والاقليمية التي دعت الى اسقاط حكومته بغية المجيء بحكومة جديدة يُبعَد عنها حزبُ الله، وتكون مهمتها انتهاج سياسة جديدة تجاه سوريا قوامها النأي بالنفس عن...النظام السوري.
بموازاة هذا التطور اللافت في موقف اميركا من الدور المطلوب للساحة اللبنانية في الازمة السورية، رصد المراقبون تطوراً مشابهاً في موقف «اسرائيل». فقد كشفت صحيفة «هآرتس» (26/3/2013) أن الجيش الإسرائيلي يقوم بتركيز اهتمامه الامني على لبنان بدلاً من سوريا ومباشرته عمليات تدريب ملحوظة في الجبهة الشمالية، وتجهيز قواته على هذا الاساس.
هذا التطور الحاصل يعزوه خبراء إستراتيجيون الى امرين : الاول، قيام القيادة العسكرية السورية بإعادة توزيع قوتها الصاروخية على مراكز داخل البلاد. الثاني، ازدياد الحديث عن توسيع دعم الحلفاء للمعارضة السورية المسلحة في سياق هجوم قيل إنه يستهدف قوات النظام السوري من جهة الشمال (تركيا) والجنوب (الاردن) والغرب (لبنان).
الى ذلك، نقلت «هآرتس» عن جهات استخبارية ان «حزب الله» قام في العام الماضي بعدة عمليات استثنائية جريئة كان ابرزها إرسال طائرة من دون طيار في اكتوبر الماضي، حلقت على مدى 300 كيلومتر قبل ان يتمكّن سلاح الجو الإسرائيلي من إسقاطها. ويبدو، بحسب «هآرتس»، ان القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي تنوي مواجهة حزب الله بخطة المزج بين حركة فرق مشاة عدة داخل الاراضي اللبنانية وبين تفعيل قوة نارية مكثفة من الجو. في هذا الإطار تمّ تدريب لوائي الاحتياط في الاسبوع الماضي، وهو تدريب بري واسع شمل حركات واسعة النطاق لمدرعات ومشاة داخل قرى تشبه القرى اللبنانية.
قد ينطوي ما ذكرته «هآرتس» من معلومات على بعض الصحة والجدية، وقد يكون مجرد فصل من فصول الحرب الإعلامية والنفسية التي تشنها «اسرائيل» على اعدائها. المهم ان هذه الحرب تنعكس بعجرها وبجرها وتأثيرها على الوضع السياسي والامني المضطرب في لبنان، ويُخشى ان تدفع الاطراف السياسية المتصارعة الى اتخاذ مواقف او اعتماد سياسات تؤدي، بدورها، الى زيادة الازمة اللبنانية المزمنة تعقيداً.
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
فلسطين للبيع!
بقلم: عبد الحليم قنديل (كاتب مصري) عن القدس العربي
لهذا اعتذرت اسرائيل من تركيا
بقلم: منور مسالمة عن القدس العربي
لن تكون المخيمات وطنا بديلا!
بقلم: امين الكلح عن القدس العربي
عصر الليمون... و«الإخوان»
بقلم: محمد صلاح عن الحياة اللندينة
دعم لصندوق الفلسطينيين ويوم الارض!!
بقلم: عبدالله محمد القاق عن الزمان العراقية
نعم لإسرائيل الأكبر من الكبرى!
بقلم: زهير أندراوس عن الأخبار البيروتية
سامر العيساوي
بقلم: محمد عبيد عن الخليج الاماراتية
الاعتذار الصهيوني الكاذب
بقلم: فايز رشيد عن الخليج الاماراتية
هل تسهم «إسرائيل» في دعم الأمن القومي الأمريكي؟
بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
الخليج واحتواء الإخوان المسلمين!
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
قطرنة مصر.. أم مصرنة قطر؟!
بقلم: عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
أميركا وخطر فنلندة الخليج العربي
بقلم: إميل أمين ( كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
إسقاط الشبهة عن (ربيع العرب)
بقلم: أنور رجا عن الوطن السورية
كلمة الرياض: من سيمحو أمريكا..كوريا الشمالية.. أم إيران؟!
بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
لماذا عين «إسرائيل » على لبنان ؟
بقلم: عصام نعمان عن الوطن القطرية
فلسطين للبيع!
بقلم: عبد الحليم قنديل (كاتب مصري) عن القدس العربي
نتائج القمة العربية الأخيرة في الدوحة ـ المعتاد ـ نفسه على الجبهة الفلسطينية، قرار إرسال وفد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبمهمة وحيدة هي التوسل وتسول دعم الكبار لإعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبدت المفارقة ظاهرة بين قرار القمة ـ إياها ـ تسليح المعارضة السورية المشتبكة في حرب أهلية مع نظام الطاغية بشار الأسد، بينما لم تذكر القرارات شيئا عن وجود مقاومة فلسطينية من أصله، فما بالك بالحديث الممنوع عن التسليح.
وهكذا تحولت القضية الفلسطينية عند الحكام العرب إلى قضية 'لت وعجن'، وتكرار الإكليشيهات ذاتها عن القدس والدولة الفلسطينية، ودون أي إنجاز يذكر سوى اقتراح إنشاء صندوق لإنقاذ القدس بقيمة مليار دولار، وقيل أن ربع المبلغ جرى توفيره، والله أعلم بسيرة هذه الأموال، وكيفية إنفاقها، ناهيك عن إمكانية توفيرها من الأصل، خاصة وأن القمم العربية المتتابعة اتخذت قرارات سابقة بتوفير مليارات الدولارات سواء لدعم صمود القدس، أو حتى لدعم خزانة الدولة الفلسطينية الافتراضية القائمة، ولم ينفذ من هذه القرارات سوى النذر اليسير، وهو ما تشكو منه سلطة رام الله دائما، ولا تمانع إسرائيل ـ بالطبع ـ في أن يدفع الحكام العرب مالا لإخوتهم الفلسطينيين، وبشرط ألا يهدد أحد احتلالها المتصل للأراضي الفلسطينية، ولا حربها المتصلة لتهويد القدس والضفة الغربية، وابتلاع الأرض قطعة قطعة، وبدعم أمريكي وصل إلى ذروته مع زيارة الرئيس أوباما الأخيرة إلى إسرائيل، ولا مانع ـ بعدها وقبلها ـ من ترك الفرصة واسعة لثرثرات القمة العربية، أو إرسالها وفود لتسول المفاوضات، وكسب المزيد من الوقت لإنقاذ خطط إسرائيل على الأرض، وإطلاق يدها في تعقب وإعتقال كوادر المقاومة الفلسطينية، وإضافة مئات جديدة إلى آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وبهدف تعقيد الوضع الفلسطيني، ومنع بروز أى ميل لإستعادة سيرة المقاومة المسلحة في الضفة الغربية والقدس بالذات، وإدامة احتلالها منخفض التكاليف، والتي تتكفل موازنات الدول العربية بدفع نفقاته وفواتيره، بينما تتمتع إسرائيل بسلاسة احتلالها، وتوسيع مستوطناتها، والتظاهر برغبة كاذبة في سلام لا يأتي، وفي استئناف مفاوضات إهدار الوقت.
والحكام العرب ليسوا من الغافلين عما يجري، وهم يدركون ما يفعلونه جيدا، ويعرفون أن طريقتهم تتكامل مع ما ترغبه إسرائيل بالضبط، ويتحركون تحت سقف المشيئة الأمريكية، وهنا يكمن بيت الداء، فما بين أمريكا وإسرائيل حالة اندماج استراتيجي، وما بين أمريكا والحكام العرب حالة تبعية استراتيجية، وقد تغير عدد من الحكام العرب في السنتين الأخيرتين، وبسبب ثورات خلعت حكام التبعية المخلصة لأمريكا، وحل محلهم حكام يقال أنهم منتخبون، لكن الحكام الجدد ظلوا كالمخلوعين في حال التبعية لأمريكا، وبدت القصة موصولة مع الأزمة المحتدمة الراهنة فى مسار الثورات العربية المعاصرة، فواشنطن سعت بكل قوة إلى احتواء أثر هذه الثورات، وحصرها في تفاعلات ومخاضات عنيفة داخل دول الثورات العربية، ودون أن تمتد آثارها إلى تفكيك حالة التبعية، أو إلى إنجاز استقلال وطني حقيقي، وهو ما يفسر التماثل المرئي بين الحكام الديكتاتوريين المخلوعين والحكام ( الديمقراطيين ) الجدد، وبالذات في اختيارات السياسة والاقتصاد الجوهرية، وعلى الأخص في البقاء ضمن بيت الطاعة الأمريكي، والخروج من أي التزامات تفرضها الطبيعة الحقيقية للصراع العربي الإسرائيلي، والذي جرى تضييق دائرته إلى مجرد صراع فلسطيني إسرائيلي، ثم خفض سقفه بالابتعاد عن سيرة المقاومة المسلحة، وحصر القصة كلها في ثرثرات لا تنتهي عن مفاوضات لا تأتي، وإن أتت فهي تستمر سنوات وعقود، ثم لا تفضي إلى شيء غير تكريس الأمر الواقع بقوة الاحتلال، وعلى نحو ما جرى لمفاوضات تقررت في اتفاق أوسلو قبل عشرين سنة، والتي قيل أنها ستنتهي عام 1998 بإقامة دولة فلسطينية محررة في القدس وغزة والضفة الغربية، وعلى 22' فقط من أرض فلسطين المغتصبة، لكن الأعوام والعقود مرت، ودون تقدم إلا إلى الاستيطان والتهويد الكامل الجاري للقدس وأغلب الضفة الغربية. وقد يقال لك أن القمة العربية الأخيرة في الدوحة صنعت شيئا حسنا للفلسطينيين، صحيح أنها دارت في متاهة طلب المفاوضات العبثية نفسها بالنسبة للقضية الفلسطينية، لكنها رغبت في تحسين حال الفلسطينيين، وقررت عقد قمة مصغرة لدفع خطوات المصالحة بين حماس وعباس، وقد قيل قبل شهور أن المصالحة تمت، وقيل قبلها بسنوات أن اتفاقا نهائيا جرى التوصل إليه، ثم لم يتحقق شيء يذكر، اللهم إلا نوع من التهدئة بين سلطتين فلسطينيتين افتراضيتين في غزة ورام الله، وما من جديد جوهري يحمل على الاعتقاد بإمكانية إنجاز مصالحة حقيقية، ثم هب ـ جدلا ـ أن هذه المصالحة المرغوبة تحققت، وشهدنا عودة إلى سلطة فلسطينية افتراضية واحدة، فهل يعني ذلك شيئا بالنسبة للقضية الفلسطينية الأصلية ؟، وهي قضية احتلال استيطاني للأرض، ثم قضية مقاومة وتحرير وطني لفلسطين السليبة، لا يجيبك أحد، ولن يفعل، والسبب معروف، وهو أن قضية التحرير بالمقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية ليست مطروحة، وهي خارج اهتمام الوسطاء العرب المحكومين بسقف الرغبات الأمريكية، والهادفة بوضوح إلى تزييف معنى القضية الفلسطينية، وتحويلها من قضية احتلال وتحرير إلى قضية معاناة ومعونات، لا تستلزم سوى فتح دفاتر الشيكات الخليجية، وكتابة الشيكات باسم سلطة مصالحة فلسطينية افتراضية واحدة، وإجراء مقايضة عبثية تنتهي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وطمس مشروع المقاومة، والبقاء ضمن خانة مساومة مريحة جدا لإسرائيل، تسمح لها باحتكار السلاح وحرية التصرف بالأرض، فيما يبقى العرب على حال (النعاج).
وبالجملة، ثمة عطف كاذب على فلسطين والفلسطينيين في القمة العربية الأخيرة، وثمة تكامل مرئي بين قرارات القمة ورغبات إسرائيل، وثمة سقف أمريكي تحتمي به إسرائيل، ويلتزم الحكام العرب بمقتضياته وأوامره، حتى لو كان الثمن هو بيع فلسطين في سوق مفاوضات النخاسة.
لهذا اعتذرت اسرائيل من تركيا
بقلم: منور مسالمة عن القدس العربي
من نافلة القول ان الاعتذار الاسرائيلي لتركيا على ارتكاب مجزرة اسطول الحرية، التي ذهب ضحيتها 9 اتراك، عزز من مكانة تركيا في المنظومة السياسية الدولية، وأكد على زعامتها الإقليمية في منطقة الشرق الاوسط. اعتذار ظل يراوح مكانه مدة ثلاث سنوات، حاولت فيها اسرائيل التجاوز عن هذا المطلب والاستعاضة عنه بصيغ مخففة تلغي البعد السياسي والقانوني الذي يحمله الاعتذار، مثل كلمة 'نأسف وأخواتها' التي ظهرت في تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المعبرة عن أسف اسرائيل لوجود مواطنين أتراك على متن الأسطول !! في محاولة منه لطي صفحة الخلاف، الأمر الذي لم تقبله أنقرة بتاتا وشددت على الصيغة نفسها بحروفها وما تحمله تلك الحروف من معاني في القواميس السياسية والقانونية والأخلاقية.
تزامن الاعتذار مع تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، وزيارة الرئيس الأمريكي المنتخب لولاية جديدة باراك اوباما للمنطقة. إلا ان المتتبع لمسألة الخلاف التركي - الاسرائيلي في هذه القضية لا يرى في الحدثين سببا لتغيير القرار الاسرائيلي بعدم الاعتذار، فهما اعادة انتاج لتركيبات سابقة، فالحكومة الجديدة نسخة لسابقتها ببرامجها ورؤيتها ودوغمائيتها وشخصياتها التي كانت لها تصريحات سابقة ومتكررة حول استحالة إقدام اسرائيل على مثل هذه الخطوة، كوزير الخارجية ليبرمان، ووزير الدفاع موشيه يعلون - القائم بأعمال رئيس الحكومة السابق- ورئيس الوزراء نتنياهو، فقد عزز هذا الفريق فكرته الرافضة للتسوية على الطريقة التركية بالحفاظ على الإرث الاسرائيلي في زعامة المنطقة الذي قد يتزعزع لصالح تركيا الراغبة في تأصيل عمقها الاستراتيجي، وتوسيع تأثيرها السياسي، فعقدة المنشار من وجهة نظرهم هي طبيعة العلاقات الخارجية لمن يحكم بتركيا والتي ترى في اسرائيل عبئا يثقل كاهل المشروع التركي الجديد نحو العالمية. فضلا عما يراه هذا الفريق في الاعتذار من اعتراف بجرم، واختراق للقانون، وادانة للنفس ما يسهل رفع دعاوى قضائية ضد قادة اسرائيل وملاحقتهم قانونيا على جرائم ارتكبوها. كذلك الامر بالنسبة لزيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما الى اسرائيل في مستهل زيارته للمنطقة والتي وصفت بأنها 'زيارة سائح' وفي أحسن نعوتها 'زيارة تصالح' مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، فقد سبق لاوباما ان توسط لحل الأزمة التركية - الاسرائيلية عدة مرات بالضغط على اسرائيل لتقديم الاعتذار والذي رفضه نتنياهو متذرعا بحتمية انسحاب 'اسرائيل بيتنا' من الائتلاف الحكومي إذا أقدم على هذه الخطوة، بالإضافة الى الصغط الشعبي الاسرائيلي ضد الاعتذار على حد وصف نتنياهو.
لم تنجح الدوغمائية الاسرائيلية في إعادة التواصل والتصالح مع الحليف الاستراتيجي لعقود طويلة، فكانت لغة البراغماتية والتكتيك السياسي والنفعية هي الطريق الأنسب مع مثل هكذا دول، فبالحديث عن الخسائر الناتجة عن هذه الازمة يُجمع قادة اسرائيل على انها المتضرر الاكبر من تأثر العلاقات وانحسارها، ولعل ابرز تجليات هذه العلاقات المفقودة هي ما يتعلق بالجانب العسكري والاستخباراتي والامني بين الدولتين والتي قطعت نهائيا بعد تقرير لجنة بالمر الاممية الذي لم يعط الحق اهله، فردت تركيا بطرد الملحق الامني الاسرائيلي ووقف الصفقات العسكرية وانهاء المناورات التدريبية. اضافة الى خطوات اخرى في الجانب السياسي من علاقة البلدين كطرد السفير الاسرائيلي؛ ولذلك رأينا ان المؤسسة الامنية الاسرائيلية وعلى رأسها ايهود باراك وزير الدفاع السابق طالبت مرارا بتقديم الاعتذار وتغليب المصالح المكتسبة بدل ذلك الانتظار لتراجع المطلب التركي بفعل ضغط الوساطات الامريكية والروسية والبريطانية التي لم تفلح في التخفيف من حدة النزاع.
إذن تحاملت اسرائيل على نفسها طوال هذه المدة في سبيل حفظ ماء الوجه، ولكن تطورات منطقة الشرق الاوسط كانت على علاقة عكسية مع جدوى هذا التصبر الاسرائيلي، فالثورات العربية افقدت اسرائيل حليفا استراتيجيا اخر في المنطقة وهو الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ومستقبل سورية ما بعد الثورة مبهم في نسقه السياسي الايدولوجي، لذلك لا بد للمصلحة الاسرائيلية من اعادة حساب التركيبة التحالفية بتحييد من يمكن تحييده، وكسب من يمكن كسبه.
لن تكون المخيمات وطنا بديلا!
بقلم: امين الكلح عن القدس العربي
ما زالت صور الماضي تنبعث امامي، امعن النظر بها اتفحصها واحدة تلو الاخرى ليس حبا بماضٍ مؤلم كنت قد ولدتُ به في خيمة للامم المتحدة في مخيم للاجئين الفلسطينيين يبدو لناظره اول الامر كمخيم لرحاله لن يبقوا!
ما زالت صور الماضي تنبعث امامي امعن به اكثر الايام. الارض مبللة بالطين واجساد الاطفال شبه عارية والايدي التي ترتجف وهم يصطفون خلف شاحنة للاونروة بغية حصولهم على بعض الملابس القديمة كانت الاونروة قد حصلت عليها من منظمات انسانية لشأن اغاثي محض. ما زالت تلك الصورة تحاصرني الى الان.. ثلاثة مخاتير يجلسون في موخرة صندوق الشاحنة يرتدون معاطف عسكرية قديمة لم يبق من ازرارها النحاسية سوى واحد او اثنين تذكار هزيمة جنود او ضباط في معركة خاسرة ضاع جراءها وطن بأكملهُ، وحتى الاحذية العسكرية في اقدامهم كانت متسخة وقديمة ولم يتحصلوا على شيء لربطها فغدت تشبه الحياة في المخيم، واما موزع الملابس الذي يختار حجم الصرة او البقجة كما سماها اللاجئون، فيسمع صرخة من هنا وهناك.. كبرها الله يخليك كبرها.. واخر يصرخ به كأنك جايبها من بيت ابوك.. بينما على الطرف الاخر للشاحنة فتحت عجوز بقجتها ولبست جاكيتا طويلا اكبر من مقاسها فرفعت يديها الى السماء وقالت (الله ينصرك امريكا) ضحك الاطفال المجتمعون حول السيارة وقالوا: بدهشة (امريكا...الله ينصر ...ما امريكا سبب المشكل ناقص تقول وبريطانيا العظمى)...
لا احد يعلم شكل الاطفال صبيحة اليوم الثاني لدرجة تشعر انك في كرنفال او حتى حفلة تنكرية من الالوان وموديلات الالبسة وكلٌ حسب بقجته فمن بعض رجال لبس قميص بلون زهر ومن لم يجد الا فردة حذاء واحدة احتار ماذا يفعل بها، وتحسر وربما شتم المتبرع الذي لم يضع الاثنين معا، ومنهم من اشار عليه ان يراجع مكتب الاونروة واقاويل كثيرة تزداد كل ما زاد مشهد اللاجىء اكثر هزلية. ذاك فيض من غيض ما زلنا نخشى ان تعود تلك الايام المؤلمة الينا مرة اخرى..
ما كنا نخشى وقوعه يحدث الان في بداية اعادة فيلم اللجوء المرعب وبشكل مروع، فالموت تحالف مع القذائف والرصاص فقتل البشر ودمر البيوت فوق رؤوس اللاجئيين، فخروجهم من المخيم يعني اذلالهم مرة اخرى امام شاحنات الاونروة ان تمكنت من الوصول اليهم واما بقاؤهم تحت الانقاض فذلك يعني الموت الزؤام، مقتولا او مذبوحا بسكين، وربما اشياء اكثر من الموت نفسه، الاردن ولبنان لن يقبلا الفلسطيني زائرا او عابرا، فكيف ستقبله لاجىء، السعودية وكل دول الخليج؟!
لن تقبل لاجئا واحدا، وخاصة ان كان فلسطينيا! العراق ارض الحضارة والفكر اصبح طائفيا يفرق بحرب اهلية من يسوسه اليوم هجر الفلسطينيين الى الارجنتين، امريكا تقول المخيمات خط احمر، وذلك يعني يجب الابقاء عليهم في المخيمات ليموتوا وان قتلوا جميعا فلن تفعل شيئا سوى اصدار بيان يبدأ 'ان حكومة الولايات المتحدة الامريكية تأسف لمقتل فلسطينيين في المخيمات'! وهي في واقع الامر تفرح لمقتل كل الفلسطينيين، اينما كانوا، فليس اسف امريكا وبريطانيا ومن بحكمهم من الاوروبيين اقل ايلاما من وعد بلفور المشؤوم، فأين يذهب الفلسطينيون ومحمود عباس يريد تسليم السلطة الى نتنياهو.\
حقا ضاق بنا الوطن العربي ولم يعد يتسع لنا احياء او حتى شبه احياء، ان كان يتعذر كسر الاسلاك الشائكة حول فلسطين المحتلة بتسويات سلمية ومفاوضات ماراثونية لا تؤول الا الى مفاوضات عبثية فلا بد من الذي ليس منهُ بد (الانتفاضة الثالثة) ليس من الداخل بل ومن الخارج ايضا.
عصر الليمون... و«الإخوان»
بقلم: محمد صلاح عن الحياة اللندينة
ليس معنى الاعتراض على حكم «الإخوان» الحنين إلى عصر مبارك، وسواء أقر «الإخوان المسلمون» بالأخطاء التي وقعوا فيها، منذ انطلاق الثورة المصرية وحتى الآن، أو لم يقروا، فإنهم في النهاية حققوا ما أرادوه. والمؤكد أن وصولهم إلى الحكم، بغض النظر عن الطريقة التي يحكمون بها، ظل حلمهم منذ عقود وهم يعيشونه واقعاً الآن. وسواء اعترف الرئيس محمد مرسي، ومناصروه من «الإخوان» وباقي الجماعات الإسلامية، بتردي الأوضاع المعيشية للناس، واهتراء الأداء الحكومي، واستمرار الانفلات الأمني، وغياب أي رؤية للإصلاح، أو لم يقروا، فإن الواقع أن مرسي يجلس على كرسي الحكم متمتعاً بصلاحيات كاملة، يرى البعض أنها تفوق ما كان لدى حسني مبارك، الذي ثار الناس عليه، وذلك بالنظر بالطبع إلى أن سلطة التشريع في حوزة مجلس ينتمي غالبية أعضائه إلى الجماعة نفسها، التي يؤمن الرئيس بأفكارها ومبادئها وأهدافها.
القوى المنافسة لـ «الإخوان» بكل أطيافها، سواء من هم داخل جبهة الإنقاذ، أو الذين يُغردون خارجها، خصوصاً هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم اسم «عاصرو الليمون» في إشارة إلى كونهم انتخبوا مرسي في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، ليس حباً فيه، أو تأييداً لبرنامجه «النهضوي»، أو إيماناً بقدرته على قيادة دولة بحجم مصر، وإنما فقط نكاية في منافسه الفريق أحمد شفيق، وسعياً إلى إبعاده عن المقعد الرئاسي، وسداً لأي ثقب يمكن أن ينفذ منه أي من المنتمين إلى نظام مبارك، أو عمل معه إلى سدة الحكم بعد الثورة، غالبية هؤلاء مازالوا على حالهم، ماضون في طريقهم، وكأنهم احترفوا الثورة وامتهنوها، ولا تقل أهانوها. لم يُقروا بخطأ وقعوا فيه، أو ندموا على تصرف أقدموا عليه، أو دعوة أطلقوها وحرضوا الناس عليها، حتى بعدما ثبت أن ليمونهم كان أحد الأسباب التي قادت البلاد إلى الوضع الذي هي فيه الآن.
«عاصرو الليمون» يفخرون بعصيرهم وحين تسأل أحدهم عن فعلته فإنه غالباً ما يجهز حنجرته ليطلق صيحته المدوية بأن الزمن لو عاد لكررها! دون أن يؤثر فيه مشهد والدة الشهيد محمد الجندي في جنازة ابنها، وهي تضرب نفسها بالحذاء لوماً على انتخابها مرسي!
صحيح أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وحقيقي أن المناخ الذي أحاط الانتخابات الرئاسية، والوعود التي أطلقها مرسي، والتعهدات التي أخذها على نفسه، كلها ظروف شجعت معارضيه من كارهي شفيق على أن يعصروا الليمون وينتخبوا مرشح «الإخوان»، لكن هؤلاء هم أنفسهم الذين يقودون الحملات لإسقاط مرسي، وإبعاد الجماعة دون أن يغيروا استراتيجيتهم أو... عصيرهم. فقط هم يعتقدون أنهم أسقطوا حكماً فاسداً وأن لديهم القدرة على إسقاط حكم فاشل. بينهم سياسيون وإعلاميون وناشطون ثوريون تغلب الرعونة سلوكهم، والحماس تصرفاتهم، والشطط عقولهم. وبافتراض حسن النوايا فإن الحكمة التي تقول إن نقطة ضعف الطيبين أنهم لا يتوقعون حدوث الأسوأ قد تنطبق عليهم، لكن أيضاً كل بداية جديدة تحتاج من صاحبها أولاً الإقرار بخطئه حتى لا يقع فيه مجدداً.
لا مجال للمقارنة بين سيئ وأسوأ، فالاثنان مرفوضان، ولا يعني رفض أسلوب «الإخوان» في إدارة البلاد أن الحزب الوطني كان أفضل. والاعتراض على محمد مرسي لا يعني القبول بمبارك.
الحقيقة أن أخطاء معارضي «الإخوان» بدأت قبل المواجهة بين مرسي وشفيق، حينما عجزوا عن التوافق حول مرشح واحد، فتشتتوا وتشرذموا وهم الذين لا يجمعهم تنظيم له تاريخ جماعة «الإخوان المسلمين»، ولا يمتلكون خبرة تحريك الجماهير والتأثير فيها كما خبرة الإسلاميين. المواطن المصري الذي شارك في الثورة لا يعنيه كثيراً من يحكم، المهم أن يكون شريفاً غير فاسد، ناجحاً وليس فاشلاً، لديه رؤية للإصلاح وتحقيق التنمية وتوفير أسس العيش الكريم للناس فعلاً وليس خيالاً أو وهماً. وإذا كان العناد يسيطر على «الإخوان» ويمنعهم من الإقرار بأخطائهم، قد يقودهم إلى نهاية غير التي يتمنونها، ويبعدهم عن الحكم ويفشل مشروعهم الذي ظلوا عقوداً يعملون من أجله فإن الأمر يبقى مجرد احتمال قد يتحقق أو لا، أما عناد أصحابنا من عاصري الليمون فلا احتمالات له رغم نواياهم «الطيبة»، فالمؤكد أنهم لم يقدموا بديلاً للناس، وجهودهم قد تُفشل حكم «الإخوان» لكنها لا تسقطه، وإذا غادر مرسي مقعد الرئاسة فإن أكثر ما يقدر عليه عاصرو الليمون أن يعصروا مجدداً كميات أخرى، فقد احترفوا الليمون وعصره.
دعم لصندوق الفلسطينيين ويوم الارض!!
بقلم: عبدالله محمد القاق عن الزمان العراقية
في الوقت الذي يحتفل فيه العرب بيوم الارض احياء لذكرى استشهاد ستة فلسطينيين في الثلاثين من آذار عام 1976 برصاص جنود اسرائيليين اثناء تظاهرات احتجاد على مصادرة سلطات الاحتلال الاراضي الفلسطينية يجيء اعلان القمة العربية في قطر بمبادرة من سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير قطر باقتراح بتأسيس صندوق حجمه مليار دولار لمساعدة الفلسطينيين في القدس الشرقية واعلان تبرعها بمائتين وخمسين مليون دولار لتكون نواة لانشاء هذا الصندوق الذي سيسهم في اعادة بناء ما دمرته اسرائيل من المباني ووقف حملة التشريد والتهجير والقضم للاراضي الفلسطينية ومواصلة سياستها في طمس معالم القدس والهوية الفلسطينية الامر الذي نال الاقتراح استحسان وتقدير الدول العربية وابناء الفلسطنيين الذين يتعرضون لحصار جائر من قبل الاحتلال الاسرائيلي بغية تفريغ الارض وتشريد اهلها... فيما تواصل حكومة اسرائيلي اليمينية رفضها الاذعان للقرارات الدولية لاقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وتنفيذ مبادرة السلام العربية التي نصت على حل الدولتين.
هذا الصندوق الذي انتقدت اسرائيل انشاءه ووصفت الاقتراح القطري «بانه محاولة قطرية اخرى لنشر الجهل والكراهية» يمثل خطوة جادة لدعم الفلسطينيين وهو بمثابة خطة استراتيجية يتبناها رئيس القمة العربية الجديدة سمو الشيخ لكونها تجيء لدعم موارد صندوقي القدس والاقصى انطلاقا من قمة الكويت ليكونا قادرين على تمويل مشروعات الخطة لدعم وصمود ابناء القدس وتجسيد حق الشعب الفلسطيني باقامة الدولة المستقلة والمساعدة على تثبيت الفلسطينيين في ارضهم بالاضافة الى ادانة الانتهاكات التي تمارسها السلطات الاسرائيلية في العديد من مناطق القدس الشرقية.
وكانت باحات المسجد الاقصى قد شهدت بالامس مواجهات بين شباب فلسطينيين وسلطات الاحتلال لمنعهم من اداء فريضة الجمعة في المسجد حيث وقعت اصابات في صفوف الفلسطينيين جراء هذه السياسة القمعية الاسرائيلية.
والواقع ان هذا القرار الذي وافقت عليه القمة العربية قد اكد مجددا الدور الكبير الذي لعبته قطر في اقراره لتجسيد الحرص على ان قضية الامة دائما في عين الحدث وهي قضية القدس خاصة بعد ان توهم الاحتلال الاسرائيلي ان الربيع العربي سينسي العرب قضيتهم الاولى فلسطين والمقدسات الاسلامية فراح يعيث فسادا واستيطانا واعتداء في هذه المدينة الامر الذي حدا بالمراقبين للشديد على ان قمة الدوحة تشكل علامة فارقة ومنعطفا تاريخيا مهما نحو اقرار الحقوق المشروعة للفلسطينيين وحماية القدس من كل المحاولات الاسرائيلية الهادفة الى طمس هويتها ومصادرة حقوق اهلها.
ففي يوم الارض الذي تحاول اسرائيل منع التظاهر او تجسيد فعالياته الكبيرة لانه يمثل الذكرى الذي اعلن فيه الفلسطينيون التشبث بأراضيهم وبهويتهم الفلسطينية وهي ذكرى يعانق فيها الفلسطينيون اراضيهم التي تعمدت بالدم الزكي القاني الذي تخضبت به الارض العطشى لدماء ابنائها الابرار الذين يدافعون عن حياض وطنهم، لان هذا اليوم اصبح مناسبة قومية ووطنية ويكرس ويعزز ضرورة وحدة الدم والشعب الفلسطيني الذي واجه هذا الشعب كل عوامل البطش والقهر والتمزق... انها ذكرى التلاحم البطولي للشعب الفلسطيني في شتى انحاء المعمورة والذي نأمل ان يكون خطوة نحو المصالحة الفلسطينية المنشودة.
والواقع ان اسرائيل منذ انشاء الكيان الصهيوني عام 1948 صادرت ملايين الدونمات من الاراضي العربية في الجليل والمثلث وجنين والقدس والخليل وبيت لحم وغيرها وفرضت القوانين الجائرة على الشعب الفلسطيني والتي اعتبرت من خلالها ان مالك الارض ليس من يفلحها بل من سجلت اسمه في سجلات الطابو...
ففي مثل هذا اليوم من عام 1976 وبعد ثمانية وعشرين يوما من سياسة القهر والغطرسة والغطرسة والتعسف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وما صاحب ذلك من ارهاب وتمييز عنصري واغتصاب الاراضي وهدم القرى وقيام السلطات الاسرائيلية بمصادرة حوالي 25 الف دونم من قرى الاراضي العربية في عرابة وسخنين ودير حنا وغيرها بغية تنفيذ مخطط تهويد الجليل لتخصيصها للمستوطنات الصهيونية وخلال تصدي المواطنين الفلسطينيين لهذا المخطط الشرس والدفاع عن اراضيهم التي ورثوها عن اجدادهم قاموا بثورة في جميع المدن عبر تظاهرات كبيرة واضراب شامل، قامت خلالها القوات الاسرائيلية باعمال القتل والارهاب للفلسطينيين حيث فتحت النار على المتظاهرين مما ادى الى استشهاد ستة فلسطينيين بالاضافة الى عشرات الجرحى والمصابين واعتقال ما ينوف على خمسمائة فلسطيني امنيا واستمرت عمليات القضيم للاراضي والمصادرة تحت ذرائع وحجج واهية حيث استغلت ادارة الاراضي الاسرائيلية الضائقة السكنية في القرى العربية والنقص في اراضي البناء وتعطيهم اقل من دونم واحد من اراضيهم الشاسعة لبناء بيت صغيرعليها.
هذا يوم يتزامن مع دعم امريكي واوروبي لحكومة الاحتلال اليمينية التي تواصل سياسة التعسف والغطرسة وقضم الاراضي وتكالب المؤامرات الدولية على الشعب الفلسطيني لشطب حقه في العودة الى موطنه بذريعة الحفاظ على الطابع اليهودي وللخشية من ان يصبح اليهود اقلية في فلسطين التاريخية اذ لا يمكن حل القضية الفلسطينية بمعزل عن عودة اللاجئين الفلسطينيين والحفاظ على ارضهم التاريخية..
فالارض الفلسطينية تمثل معلما بارزا في تاريخ النضال الفلسطيني رغم عمليات القتل والترهيب الاسرائيلي والاعتقال والحصار واستفحال الاستيطان وتسارع وتيرة البناء في الاراضي المحتلة.
اننا ونحن نحيي الشعب الفلسطيني الصامد في يوم الارض لنؤكد ان هذا الشعب لن يستسلم لمخططات اسرائيل وسيؤكد ان الصراع هو بين طرفين حول الارض خاصة وان الشعب الفلسطيني جذوره في ارض فلسطين منذ بداية التاريخ اما الصهاينة فانهم ماضون في السعي لقضم الاراضي لتمكين وجودهم فوق ارض فلسطين من خلال الاستيلاء على الاراضي وهدم البيوت واقامة المستوطنات التي تعم اراضي الضفة الغربية والقدس.
ان هذا اليوم هو يوم الاجماع الفلسطيني على قضية واحدة على الرغم من حالة الشتات التي عاشها هذا الشعب جراء النكبة والنكسة وان يوم فلسطين والجليل والمثلث والنقب وعرابة وكفر كنا وسخنين والطيبة ونور الشمس دير حنا سيظل خالدا ابد الدهر حتى تعود فلسطين التاريخية ويزول الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
نعم لإسرائيل الأكبر من الكبرى!
بقلم: زهير أندراوس عن الأخبار البيروتية
سنتان مرّتا منذ بدء الحراك الشعبي في سوريا ضد نظام حزب البعث الحاكم. في البداية اعتقدنا أنّ التظاهرات السلمية تهدف بحق وحقيقة إلى إجبار الرئيس بشار الأسد على إجراء الإصلاحات، بما في ذلك مصلحة الشعب السوريّ العظيم. وبما أننّا نؤيد حقوق الشعوب بالحريّة، فقد أعلنا عن مؤازرتنا لحق الشعب العربي السوري الذي قدّم الغالي والنفيس من أجل قضية فلسطين في العيش بكرامة وحرية تامّتين، ولكن مع مرور الوقت بدأت خيوط المؤامرة الكونيّة على معقل العروبة الأخير في الوطن العربيّ تنتشر كالنار في الهشيم. أطراف عديدة وجهات أكثر، إن كانت إقليميّة أو دوليّة، وتحديداً عربية، استغلّت الوضع من أجل تفكيك الدولة السورية التي كانت وما زالت شوكةً عالقةً في حلق الإمبرياليين والصهاينة والمستعربين، الذين لا يألون جهداً في تدمير هذه الدولة لتحقيق مآربهم الخبيثة والمبيّتة ضدّ أمّة الناطقين بالضاد. المعارك في بلاد الشام ما زالت مستمرّة، وما زالت النهاية غير معروفة، هل يُمكن حسم المعركة باللجوء إلى الحلّ الأمني العسكري من قبل الطرفين، أم أنّ هناك إمكانية لرأب الصدع بينهما عن طريق الحوار والمفاوضات. ولكن قبل الولوج في سبر غور هذا السؤال الإشكاليّ، علينا تسجيل العديد من الملاحظات حول الوضع، مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدّات الأخيرة على الساحة الداخلية والدولية والإقليمية:
أولاً: من مميّزات «الثورة السورية» أنّها صُودرَتْ من أصحابها الحقيقيين، وحُوِّلَت بسرعة فائقة إلى ثورة تقودها قوى سلفيّة ترغب بإعادة هذا البلد العربيّ، صاحب حضارة الـ8 آلاف سنة، إلى العصور الحجريّة وإقامة دولة الخلافة الإسلاميّة. هذا النمط من الدول الذي أكل الدهر عليه وشرب، لا يُمكن فرضه على أيّ شعب في العالم، لأنّه يتناقض جوهرياً مع توجهات المسلمين العلمانيين ومعتقداتهم، وحتى المتدينين منهم، فضلاً عن أنّه ليس مقبولاً بأيّ حالٍ من الأحوال على كلّ من لا ينتمي إلى الإسلام، وبالتالي فإنّ السؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذا السياق: إذا صحّ الزعم والافتراض بأنّ الشعب السوريّ الذي يعيش تحت حكم الرئيس الأسد المستبد والظالم والقامع للحريّات، يُريد الانتقال إلى العيش تحت كنف الدولة الإسلاميّة التي تقودها من تُطلق على نفسها جبهة النصرة، المرتبطة ارتباطاً عضوياً بتنظيم القاعدة الإرهابيّ، أو كما يقول مثلنا العاميّ: «من تحت الدلفة إلى تحت المزراب». فهل هذا الانتقال، في حال خروجه إلى حيّز التنفيذ، ينسحب على مقولة كارل ماركس بأنّ كلّ ثورة تُلغي المجتمع القديم هي ثورة اجتماعيّة؟ لكن، حتى هذه الرواية المتوازنة والمحايدة لا تعطي الحقيقة حقها. فقد اتضح منذ حادثة درعا أنّ المخابرات الأردنيّة وراء الحادثة وأنّ الهدف منها كان استدراج الجيش إلى كمين تم قتل مجموعة منه. ومع ذلك زار الرئيس الأسد درعا وعزل المحافظ وطيّب الخواطر. لكن المسألة لم تقف هناك لأنّ المعارضة المسلحة كانت بالمرصاد، وهذه ليست المعارضة السلميّة التقدميّة التي بدأت في دمشق.
ثانياً: بات واضحاً بل مثبتاً بالصوت والصورة أنّ الـ«ثوار» في سوريا، هم في سوادهم الأعظم ليسوا من الشعب السوريّ، فقد تمّ استجلابهم من دولٍ عربيّة وإسلاميّة للـ«جهاد» ضدّ الـ«طاغية». ولم نسمع في التاريخ القديم أو الحديث عن ثورة بالإنابة، أو عن ثورة تقودها مجموعات من الإرهابيين الذين ينتقلون من دولة عربيّة أو إسلامية إلى أخرى لقلب نظام الحكم. في تونس ثار الشعب على الحاكم زين العابدين بن علي، ولم نسمع عن وصول مجاهدين من هذه الدولة أو تلك. في مصر أيضاً تمكّن الشعب المصري من إطاحة حسني مبارك، دون أنْ تصل جحافل المجاهدين لتقديم العون، وبالتالي: لماذا لم يتمّ مثل هذا الأمر في سوريا؟ بل تكالبت الدول العربية الرجعية، وتحديداً دول الخليج، ضدّ بلاد الشام. وما هو السبب الذي يدفع دويلة أوْ بالأحرى مشيخة مثل قطر لتخصيص المليارات من الدولارات لدعم المرتزقة الذين يصلون إلى سوريا للقتال ضد هذه الدولة العربية؟ ما هو السرّ الذي تُخفيه المملكة العربية السعودية عن العالم لتفسير دعمها الكامل لقلب نظام الحكم في سوريا؟ الجواب، باعتقادنا المتواضع، هو أولاً وأخيراً، الحفاظ على أمن دولة الاحتلال التي تحصل على الدعم السياسيّ والاقتصاديّ من الولايات المتحدة الأميركية، والتخلّص من سوريا العروبة التي لم تعترف بالدولة العبرية. يعني فتح الطريق أمام الدول العربية الخجولة، والمتخاذلة والمتواطئة لإبرام معاهدات السلام مع هذا الكيان الاستعماريّ دون الحصول على أيّ مقابل، أي أنّ المعادلة بالنسبة لدول الرجعية العربية الإمعان في التبعيّة لأميركا بغرض حماية العروش المهزوزة والمملكات المأزومة، مقابل تدمير الدولة العربية السورية.
ثالثاً: الأنكى، لا بل الأخطر ممّا ذكرناه، أنّ المجاهدين الجدد، إذا جاز التعبير، استباحوا حرمة الدولة السورية وسيادتها. هذه الدولة التي تعترف بها الأمم المتحدة! هذه المنظمة الأمميّة، عوضاً عن معالجة هذا الملف، باتت تتآمر مع المتآمرين للنيل من سوريا، وأكثر من ذلك، فقد وجدنا أمينها العام، بان كي مون، يقوم بمطالبة النظام السوريّ بالمحافظة على الحريات والمعتقدات على أراضيه. علاوة على ذلك، فإنّ الصلف والوقاحة سجّلا معاً، وكل واحدٍ على حدة، رقماً قياسياً بدعمٍ ومؤازرةٍ من دول تتشدّق بالمحافظة على سيادة الدول واحترام المعاهدات الدوليّة ذات الصلة، فالأخطر أنّ المجاهدين الجدد يُريدون، عن طريق الإرهاب الذي تقشعّرُّ له الأبدان، فرض نظام حكم جديد على السوريين، شاء من شاء، وأبى من أبى. والشارع العربيّ يعيش أزمة موت سريريّ على هذا التوجه، ناسياً أوْ متناسياً، أنّ هؤلاء الإرهابيين سيصلون عاجلاً أمْ آجلاً إلى جميع الدول العربيّة تحت مسميّات مختلفة لتفتيت ما تبقى من هذه الدول التي لم ترتق حتى اليوم إلى مستوى الدول الحديثة، بل ما زالت في طور ما قبل الدولة العصريّة، أو بالأكثر تقترب من الحصول على لقب الدولة الفاشلة التي تعتاش على الفتات الاستعماريّ. ومن جهة ثانية، فإنّ سوريا تمثل التوجه القوميّ الذي لا يمكنه التعايش مع الكيانات الإقليميّة التابعة وخاصة الخليجيّة، وعليه تلتقي تماماً مصالح مشايخ الخليج، والكيان والغرب أجمعه ضد أيّ نظام قوميّ التوجه.
رابعاً: وبمّا أنّنا جئنا على ذكر الموت السريريّ للشارع العربيّ، فلا بدّ من التعريج على المثقفين العرب الذين يلتزمون الصمت حيال ما يجري، لا بلْ إنّ الكثيرين منهم يبتكرون حلولاً سحريّة لتحويل التدّخل الحرام في سوريا إلى حلال، ربّما مستعينين بمقولة لينين المأثورة: «إنّ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻫﻢ ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ، ﻷنّهم ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮﻫﺎ». فخيانة المثقفين العرب أصبحت أكثر من مجرّد وجهة نظر، وباتت مدرسة أيديولوجية جديدة في كلّ ما يتعلّق بالأزمة السوريّة. المثقفون الذين يُحتّم عليهم موقعهم في التأثير على الرأي العام وترشيده نحو الأفضل، يعملون وبوتيرةٍ عاليةٍ جداً لتأليب الرأي العام ضدّ سوريا. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه العجالة: كيف يلتقي المفكّر العربيّ بالمكفّر العربيّ؟ ما هو الذي يجمعهما معاً؟ ذلك أنّ المثقف يجب أنْ يكون في وادٍ والمكفّر في وادٍ آخر، وإجماع هاتين الشريحتين يؤكّد لكلّ من في رأسه عينان على أنّ وراء الأكمَة ما وراءها، وأنّ المثقف العربيّ، وبطبيعة الحال ــ ولا نعود باللائمة على جميعهم ــ بات مثله مثل الـ«مجاهد» الذي يتّم عبر المال استجلابه إلى سوريا للـ«جهاد». الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً ويُبيح قتل السوريين الأبرياء من قبل العصابات الإجراميّة بفتاوى دينيّة وأخرى ثقافيّة، مع التحفظ على كلمة ثقافة، لأنّها براء من هؤلاء.
خامساً: ما لا يُثير الدهشة والاستغراب هو قيام قادة الكيان الاستعماريّ بتقديم الأوامر، على شكل نصائح للزعماء العرب حول كيفية التصّرف وآليته من أجل إسقاط الأسد. وقبل التعليق على ذلك، لا بدّ من التذكير بأنّ العديد من أشباه الكتبة ومن مثقفي النصّ كم أشبعونا محاضرات عن أنّ إسرائيل تُريد المحافظة على نظام الأسد، وها هو وزير الأمن المنصرف، إيهود باراك، يقول إنّ سوريا تختفي أمام أعيننا، أمّا معلّمه، الثعلب الأبديّ، شمعون بيريز، جزّار قانا، فيقوم بإسداء النصائح ويُطالب الجيوش العربيّة بالتدخل في بلاد الشام! فعلاً، بات العار يمشي عارياً، وإذا حصل هذا المجرم على جائزة نوبل للسلام، فماذا تنتظرون يا عربان أميركا؟ لماذا لا تقومون بطرح مبادرة لتعيينه في منصب الأمين العام للجسم الهلاميّ المسّمى بجامعة الدول العربيّة؟ ذلك أنّ إسرائيل لن يهدأ لها بال، إلا بعد أنّ تُسيطر على العرب جغرافياً وعقلياً، بمعنى آخر صهينتهم، وعندئذ تكون أميركا وعملاؤها العرب أو المستعربون، اشطب الزائد، قد طبّقت البرنامج الكبير للشرق الأوسط الجديد، الذي يعني السيطرة الكاملة للصهيونيّة على العقل العربيّ عن طريق كيّه، فالمجاهدون موجودون، والمثقفون كذلك والأنظمة التبعيّة ستُرحب ترحاباً كبيراً بهذا المخطط حفاظاً على عروشها.
خلاصة القول: نعم، لإسرائيل الأكبر من الكبيرة، نعم لإسرائيل من المحيط إلى الخليج، ولمَ لا يُخرج هذا المخطط إلى حيّز التنفيذ، لأنّ الأنظمة العربيّة الرسميّة فقدت الكرامة، والشعوب التي تئّن تحت نيرها باتت عبيداً. وهنا يكمن المأزق، فالأنظمة معروفة سلفاً، ولكن المأزق في إيصال الجماهير إلى عمى الرؤيا تحت الاعتقاد بأنّها عامرة بنور الإيمان. أيّ إيمان هذا؟ ومع ذلك، فليس أمامنا سوى مواصلة السير إلى الوعي.
سامر العيساوي
بقلم: محمد عبيد عن الخليج الاماراتية
مع كتابة هذه السطور أنهى الأسير الفلسطيني ابن القدس المحتلة سامر العيساوي أكثر من 252 يوماً متتالياً من معركة الأمعاء الخاوية التي فتحها على قهر سجانيه وجرائمهم، وضد اعتقاله الذي لا تقره شرعة ولا قانون، لا يؤازره في معركته الفردية إلا عدد قليل من ذوي الأسرى، ورفاقه الأسرى الحاليون أو المحررون منهم، وعند نقطة بات الرجوع عنها أمراً مستحيلاً على أقل تقدير، فالأسير المضرب يدرك أنه أمام أحد خيارين، إما أن يقهر الاحتلال، وإما أن يمضي شهيداً .
أكثر من ثمانية أشهر من الجوع الطوعي، المدعوم بالإرادة التي لا يهزها ضغط، ولا تلين أمام شدة، والأسرى على الموعد، إذ يعلنون إضراباً تضامنياً هو “أضعف الإيمان”، بين حين وآخر، نصرة لأخيهم المناضل الذي ترك للأسف وحيداً .
لم يتوقع أحد هذه المعركة الطويلة، بعدما تركت تجارب سابقة علامات من نور في مسيرة النضال السلمي هذه، فمن قبل العيساوي، أضرب أسرى كثر بطريقة فردية أيضاً انتصاراً لكرامتهم وكرامة رفاقهم أسرى الحرب في سجون الاحتلال، لكن سامر حطّم كل الأرقام، والاحتلال في المقابل تجاوز كل الخطوط الحمر، ولم يدع مجالاً لمشكك في أنه يسعى إلى اغتيال الأسير المضرب، من خلال الإهمال المتعمد، والإصرار على تركه يموت بطريقة بطيئة جداً .
لعل كون الرجل من القدس المحتلة أرعب العدو الذي يرى في المدينة “عاصمة موحدة” لكيانه الغاشم العنصري، ولعل فكرة أو هاجس التفكير في فك قيد العيساوي، أرّق كثيراً مجرمي الحرب الصهاينة، فكيف يمكنهم الرضوخ لأسير مضرب ومن القدس؟ وكيف يمكنهم أن يغلفوا هذه الهزيمة المعنوية إن اضطروا إلى مثل تلك الخطوة؟
إنه ابن القدس الفلسطيني، الذي قاوم الاحتلال ويواصل مقاومة سياساته القائمة على جرائم نهب الأرض واقتلاع أصحابها الأصليين منها، وتهويد مدينة يتلخص في أزقتها وكنائسها ومساجدها، ومبانيها العتيقة تاريخ العالم، إنه المرابط في وجه سيل الاعتداءات والتنكيل والملاحقة، وهو الثابت في عصر يسود فيه المتغيرون والمتلونون وأصحاب الأجندات الشخصية، فكيف لمثل هذا الكيان أن يقبل بالانكسار أمام صموده الأسطوري .
يوم الأرض الذي يحييه الفلسطينيون في الثلاثين من آذار/مارس من كل عام، مر على سامر العيساوي ليضاف رقماً إلى عدد أيام إضرابه الذي بلغ حينها 252 يوماً، لم يكن كغيره من الأيام، بل كان كما هو تذكرة بجرائم الاحتلال بحق فلسطينيي الأرض المحتلة العام ،1948 تذكيراً وتنبيهاً أيضاً للفلسطينيين أنفسهم، وتحذيراً من خطورة ما وصلت إليه حالهم من تشظٍ وانقسام على الذات، ودعوة لمواجهة مفتوحة مع الاحتلال على الأرض الفلسطينية وفي المحافل الدولية، بدلاً من ملاحقة سراب تسوية نعاها كبار ساسة الكيان .
ما للعاجز إلا انتهاج سياسة “أضعف الإيمان”، لكن سامر الأسير الموارى خلف قضبان الزنازين، رفض العجز ولو على حساب حياته، وأبى إلا أن يضرب أروع الأمثلة في الكرامة الفلسطينية، والنضال المشروع ضد المحتل وسياساته، وعلى الفلسطينيين قوى سياسية وشعبية ورسمية أن يرفعوا عن أنفسهم رداء العجز سريعاً، وإلا لن يتبقى ما يمكن إنقاذه .
الاعتذار الصهيوني الكاذب
بقلم: فايز رشيد عن الخليج الاماراتية
جاء ما يسمى بالاعتذار “الإسرائيلي” لتركيا بضغط وترتيب مباشرين من الرئيس أوباما في أثناء زيارته الأخيرة إلى المنطقة، ليضع ملف العلاقات بين الطرفين التركي و”الإسرائيلي” على الطاولة من جديد . الإعلام التركي حاول الإيحاء بأن الدولة الصهيونية خضغت للمطلب التركي . فقد تناولت صحيفة “يني شفق” التركية الموالية “لحزب التنمية والعدالة” هذا الموضوع تحت عنوان رئيس فيها “تركيع “إسرائيل””، فمن وجهة نظر أنقرة فإن “تل أبيب” استجابت للطلبات التركية: قدمت الاعتذار، وستدفع تعويضات لأهالي ضحايا ومصابي سفينة “مرمرة” التي تعرضت لاعتداء وحشي في 31 مايو/أيار 2010 وذهب ضحيته تسعة أتراك وأصيب عديدون، وأن “إسرائيل” ستعمل على رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، هذا وفقاً لتصريحات العديد من المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم أحمد داود أوغلو وزير الخارجية، عن الشرط التركي الثالث “رفع الحصار عن غزة” .
جاء في البيان الذي أصدره رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو عن هذا الموضوع “إن “إسرائيل” لن ترفع الحصار كلياً عن قطاع غزة والضفة الغربية، وإنها سترفع بعض القيود عن حركة المواطنين الفلسطينيين والبضائع” . البيان “الإسرائيلي” تضمّن أيضاً، أن تركيا وافقت على إغلاق ملف الإجراءات القضائية التي تبنتها قبلاً ضد الجنود “الإسرائيليين”، هذا الأمر لم تجر الإشارة إليه من قبل أي مسؤولٍ تركي .
بداية، فإن من الضروري التأكيد أن العلاقات التركية-”الإسرائيلية” تأثرت قليلاً بعد العدوان الهمجي على السفينة مرمرة، وبعد إهانة السفير التركي في وزارة الخارجية “الإسرائيلية”، لكنها لم تنقطع! فقد تم سحب السفير التركي من “تل أبيب” في ظل عدم قطع العلاقات الدبلوماسية .
هذا من جانب، أما من جانب ثانٍ فإن العلاقات العسكرية والأخرى الأمنية بقيت كما هي متينة بين الجانبين، فقد استأنفت “إسرائيل” تزويدها لطائرات الأسطول الجوي التركي، بأجهزة إلكترونية (هذا وفقاً للعديدين من المراقبين العسكريين) . كما أسهمت تركيا عبر إرسالها طائرات، في إطفاء الحرائق التي اندلعت في شمالي فلسطين المحتلة في نهاية العام ،2010 وإن جاء هذا الأمر تحت عنوان “المشاركة الإنسانية” وفقاً للتفسير التركي .
أما العلاقات الاقتصادية فيشير ميزان التبادل التجاري بين الجانبين إلى أن حجم التجارة بين البلدين في العام 2009 بلغ ثلاثة مليارات دولار، وخمسة مليارات في العام 2011 (أي بعد حادثة السفينة مرمرة) . الصحف “الإسرائيلية” أجمعت من جانبها على أن: التقارب بين البلدين (بعد الهجوم الصهيوني على السفينة التركية) قد تم الإعداد له في السنتين الأخيرتين وبحماسة شديدة في الولايات المتحدة و(الناتو)، وأن ما سرّع التوصل إليه هو التطورات في سوريا وتدخل جون كيري وأوباما شخصياً في هذا الملف، وكذلك خشية البلدين من خطر انتقال الأسلحة الكيماوية إلى حزب الله والتنظيمات الأصولية .
يأتي التقارب التركي-”الإسرائيلي” في وقت تراجعت، بل تدهورت فيه علاقات تركيا مع دول أخرى كثيرة في المنطقة مثل سوريا وإيران والعراق وأخرى خارجها مثل، روسيا والصين، الأمر الذي يشي بضغوط أمريكية وغربية و”إسرائيلية” كبيرة مورست على أنقرة لبدء سياسة جديدة لتركيا في المنطقة، متقاربة تماماً مع السياسات الأمريكية والغربية تجاهها، ولهذا حرص (الناتو) على نشر صواريخ “باتريوت” في الأراضي التركية . الغريب أن تركيا بدت وكأنها في انتظار طويل لسماع هذا (الاعتذار) من الدولة الصهيونية، ليأخذ التعاون بين الجانبين وتائره السابقة، وبخاصة أن ملفات كثيرة تطرح استحقاقاتها على جدول الأعمال التركي: الملف السوري، الملف الكردي، إعادة رسم خرائط المنطقة . سفير تركيا السابق في “إسرائيل” (وهو السفير التركي الحالي في واشنطن) ناميك تان صرّح قائلاً: “إن الأصدقاء الحقيقيين فقط هم الذين يستطيعون الاعتذار إلى بعضهم” . في كل الأحوال فإن الدولة الصهيونية هي المستفيد الأول والأخير من إعادة العلاقات مع أنقرة: إن بالنسبة إلى فتح المجال الجوي والأراضي التركية لسلاح الجو “الإسرائيلي”، وإجراء المناورات المشتركة مع تركيا (وفقاً للاتفاقيات المعقودة بين الجانبين وما تقتضيه شروط حلف الناتو) . أيضاً وفي إعادة العلاقات المتينة بين الجانبين في المجالات الأخرى كافة .
بالنسبة إلى العلاقات التركية-”الإسرائيلية” (بعد الاعتذار)، وتأثيرها في القضية الفلسطينية، فإن فك الحصار كلياً هو غير تخفيفه، لكن تركيا لم تجعل من شرط إنهاء الحصار على غزة، قضية رئيسة، فقد أعلن أردوغان بعد الاعتذار أنه سيقوم بزيارة إلى قطاع غزة، الأمر يبدو وكأنه “مجاملة سياسية تركية للفلسطينيين ليس إلا”، فتركيا تدرك مثلما أردوغان، أن “إسرائيل” وفي حالة إعادة الكرّة بإرسال سفينة تركية جديدة تحمل مواد غذائية وإنسانية إلى قطاع غزة من دون موافقة الدولة الصهيونية ودون التنسيق معها،فستقوم باعتداء جديد على هذه السفينة، وبخاصة في ظل وجود الحكومة الأكثر تطرفاً في الدولة الصهيونية على رأس الحكم، ووجود حلفاء لنتنياهو ولليكود يقفون موقفاً معارضاً من تقديم (الاعتذار) الذي جاء على لسان نتنياهو مثل الفاشي ليبرمان .
في السياق إياه تأتي الاتصالات الهاتفية التي حرص أردوغان على إجرائها مع محمود عباس وإسماعيل هنية وخالد مشعل، ووضعهم في أجواء ما يسمى ب(الاعتذار “الإسرائيلي”) هو محاولة “تبرئة ذمة” من قبل تركيا وأردوغان شخصياً وحزب التنمية والعدالة، أمام تراجع الالتزام التركي عن عدم إعادة العلاقات مع إسرائيل قبل رفع الحصار الصهيوني الكامل عن القطاع .وهو محاولة أيضاً لكي يبدو الفلسطينيون وكأنهم موافقون على عودة العلاقات التركية - الإسرائيلية إلى طبيعتها . حركة حماس في بيانها الصادر عن هذا الموضوع اعتبرته “انتصاراً وإنجازاً كبيرين” . السلطة الفلسطينية لم تُصدر أي بيان ضد عودة هذه العلاقات، رغم الحصار المستمر المفروض على قطاع غزة وأيضاً إلى حد ما على الضفة الغربية .
دول الحراكات العربية، وبخاصة مصر وتونس والحزبان الحاكمان فيهما (حزب الحرية والعدالة في مصر وحركة النهضة في تونس)، وهما يمتلكان أوثق الصلات مع حزب التنمية والعدالة التركي، وكل هذه الأحزاب تابعة لحركة الإخوان المسلمين، اعتبرا أن عودة علاقات تركيا مع الدولة الصهيونية يبدو أنه أمر طبيعي وكأنه لا يمسهما ولا يمس المنطقة العربية، بغض النظر عن الاستهدافات الأمريكية “الإسرائيلية” الغربية لدول المنطقة ومنها مصر وتونس ، وبخاصة أن الطرفين (التركي و”الإسرائيلي”) يقعان على تجاور وتلاصق مع المنطقة العربية .
على ما يبدو، فإن أردوغان لا يدرك حقيقة “إسرائيل”، فهو، على رغم مجازرها ضد الفلسطينيين والعرب والسفينة التركية، وافق على إعادة العلاقة معها إلى طبيعتها السابقة، فإن كان لا يدرك (فهذه مصيبة)، وإن كان يدرك حقيقتها ورغم ذلك يعيد العلاقات معها فالحالة فالمصيبة أعظم .
هل تسهم «إسرائيل» في دعم الأمن القومي الأمريكي؟
بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
لقد بات في حكم المؤكد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مثله مثل من سبقه من الرؤساء الأمريكيين يرفض اعتبار العلاقة مع «إسرائيل» عبئاً استرايتجيا، بل ذخراً من الطراز الأول، وهذا الذي يفسر خروج أوباما عن طوره وهو يحاول التعبير عن تأييده غير المتحفظ «إسرائيل». وعلى الرغم من أن كل ما جاء في الخطابات التي ألقاها الرئيس أوباما خلال زيارته «إسرائيل» تؤكد أن الإدارة الأمريكية ترى في «إسرائيل» ذخراً استراتيجيا للولايات المتحدة، إلا أن القلق الإسرائيلي من الجدل الأمريكي الداخلي، دفع الكثير من المستويات الرسمية الإسرائيلية إلى تسريب معلومات، تعكس حجم إسهام «إسرائيل» في خدمة الأمن القومي للولايات المتحدة.
ففي مقال نشره في صحيفة «إسرائيل اليوم»، أوضح دوري غولد مدير مركز القدس لدراسات المجتمع والدولة، وسفير «إسرائيل» السابق في الأمم المتحدة الذي عمل مستشاراً سياسياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية وسعت من دائرة اهتماماتها وانشغالاتها من أجل جمع معلومات استخبارية، تخدم بشكل أساسي الأمن القومي الأمريكي، علاوة على طرح الكثير من الأمثلة التي تعكس مدى الدور الإسرائيلي في درء المخاطر عن الولايات المتحدة.
المفارقة أن زيارة أوباما جاءت في ذروة تعبير الكثير من النخب في «إسرائيل» عن مخاوفها من الانطباع المتعاظم داخل الولايات المتحدة، بأن واشنطن باتت تدفع أثماناً استراتيجية نيابة عن «إسرائيل»، دون أن تقدم «تل أبيب» أي مقابل يذكر. فكثير من النخب الأمريكية باتت ترى بعد تفجر ثورات «الربيع العربي»، أن دوائر صنع القرار في «إسرائيل» باتت تطالب الولايات المتحدة بأن توفر الشروط التي تضمن عدم تدهور بيئتها الاستراتيجية، بعد زوال أو تصدع بعض أنظمة الاستبداد العربية التي كانت حافظت على استقرار البيئة الاستراتيجية للكيان الصهيوني، بما يخدم مصالحه. فعلى سبيل المثال، تطالب «إسرائيل» بأن تضمن الولايات المتحدة ألا يؤثر سقوط نظام مبارك وفوز مرشح الإخوان المسلمين بمنصب الرئاسة سلباً في التزام القاهرة باتفاقية «كامب ديفيد»، بل وصل الأمر إلى حد أن صناع القرار في «تل أبيب» يراهنون على أن توظف الإدارة الأمريكية المساعدات لمصر في إجبار النخبة الحاكمة في القاهرة حالياً، على مواصلة خط الشراكة الاستراتيجية مع «تل أبيب». وقد هدفت الزيارات العديدة التي قام بها وزير الحرب الإسرائيلي السابق إيهود براك للولايات المتحدة مؤخراً، إلى الضغط على واشنطن لكي تضمن ألا يؤدي أي حل للأزمة السورية إلى تمكين الجماعات الجهادية السنية من الحصول على موطئ قدم في سورياً، في حال تم التخلص من نظام بشار الأسد، وهو ما تعتبره «تل أبيب» تطوراً يغير بيئتها الاستراتيجية بشكل كارثي. ولم يعد سراً أن «إسرائيل» تطالب عبر القنوات السرية واشنطن بالتأثير في مجريات الأمور في الأردن؛ بحيث لا ينجح الحراك السياسي في الأردن في تغيير طابع الحكم هناك، بشكل يؤثر في الشراكة الاستراتيجية القائمة والمتجذرة بين الكيان الإسرائيلي والاردن. ولقد تجندت واشنطن لصالح «إسرائيل» ومنعت قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وتوظف حالياً كل أدوات الضغط السياسي والمالي على السلطة الفلسطينية لثنيها عن التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لعرض ملف الاستيطان اليهودي هناك، بعد أن تم قبول فلسطين، كدولة مراقب في الجمعية العامة.
ولم تتردد «إسرائيل» في توظف كل آليات الابتزاز؛ من أجل دفع الولايات المتحدة لتصعيد العقوبات الاقتصادية ضد إيران، من أجل إجبارها على وقف برنامجها النووي. تدرك «إسرائيل» أن وفاء الولايات المتحدة بهذه المطالب أو بعضها يتطلب من الأمريكيين دفع أثمان اقتصادية واستراتيجية كبيرة، ومع ذلك فإنها ترفض القيام بالخطوات التي ترى الإدارة الأمريكية أنها تساعدها على الوفاء بهذه المطالب؛ وعلى رأس هذه الخطوات دفع التسوية السياسية للصراع مع الشعب الفلسطيني قدماً. ليس هذا فحسب، بل إن «إسرائيل» تحرص على جعل قدرة واشنطن على مساعدتها أمراً بالغ الصعوبة؛ عبر إصرارها على مواصلة الاستيطان ومشاريع التهويد الهاذية في القدس وأرجاء الضفة الغربية، بشكل يحرج الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي. ومن الأهمية بمكان التنويه هنا إلى حقيقة أن المطالب الإسرائيلية الآنفة الذكر تأتي في ظل تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، كنتاج للثورات العربية، وغياب أو تضعضع أنظمة الحكم التي كانت أدوات الضغط الأمريكية ذات قدرة كبيرة على التأثير فيها.
إن أحد القضايا التي باتت تستحوذ على الجدل الإسرائيلي الداخلي، وتغذي القلق الصهيوني بشأن مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة هو التحول الاقتصادي الهائل، الذي يحدث في الولايات المتحدة، والمتمثل في ثورة «الغاز الصخري»، والتي من المتوقع أن تضمن للولايات المتحدة اكتفاءها الذاتي من النفط والغاز بحلول عام 2016؛ أي إن هذا التطور يعني استغناء الولايات المتحدة عن مصادر الطاقة في الشرق العربي. ولا خلاف في «إسرائيل» على أنه في حال تحققت هذه التنبؤات، فإنها تعتبر تطوراً استراتيجياً سلبياً على «إسرائيل».
وحسب المنطق الإسرائيلي، فإنه في حال استغنت الولايات المتحدة عن مصادر الطاقة في العالم العربي، فإن هذا يعني المس بمكانة «إسرائيل» الاستراتيجية لدى الولايات المتحدة، ولن يكون هناك ثمة حاجة إلى دورها كشرطي يعمل لصالح الأمريكيين. وهنا علينا أن نذكر ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون في مقابلة مع قناة التلفزة الأمريكية «سي.أن.أن»، عندما سئل عن حجم الثمن الاقتصادي الذي تدفعه الولايات المتحدة إلى «إسرائيل»، فجاء رد شارون بسيطاً ومباشراً، حيث قال: «إسرائيل هي كحاملة طائرات ثابتة تعمل لصالح الولايات المتحدة في المنطقة». على الرغم من أن هناك شكوكاً كبيرة إن كان شارون صدق نفسه عندما قال هذه العبارة، لكن كل المؤشرات تدلل على أن أوباما على الأقل يتبنى وجهة نظر شارون، ويتعامل مع «إسرائيل» على النحو الذي صوره، فهو يرى أنه بالإمكان منع حدوث مزيد من التراجع في مكانة الولايات المتحدة؛ عبر تعزيز قوة «إسرائيل» بصفتها أحد أهم عوامل الاستقرار في المنطقة.
الخليج واحتواء الإخوان المسلمين!
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
مع إقلاع أول رحلة طيران تجاري مباشر بين مصر وإيران من القاهرة، ومنذ أكثر من 34 عاما، عاد الحديث الآن إلى ضرورة أن تحتوي دول الخليج العربي مصر، بمعنى أن تقدم لها مساعدات مالية تساعد فيها الإخوان المسلمين للخروج من ورطتهم الكبرى. وهذا الحديث لا يدل على عقلانية سياسية بقدر ما يدل على نفاق فج.
فدول الخليج كانت تتهم، وإلى فترة قريبة، بدعمها لنظام مبارك رغم النقمة الشعبية ضده، كما كان يقال وقتها، وحتى إبان ثورة 25 يناير، وكان ذلك أيضا حديث الإدارة الأميركية ومن خلال التسريبات الصحافية، واليوم يطالب أنصار الإخوان المسلمين دول الخليج باحتواء إخوان مصر ودعمهم ماديا، بحجة عدم دفع الإخوان للارتماء بأحضان إيران، ورغم كل ما يفعله الإخوان من قمع وتهميش لشريحة عريضة لا يستهان بها من المصريين، بدلا من لجوء الإخوان لحلول سياسية عقلانية توحد الصف، وتجمع الفرقاء بالقاهرة! وأفضل وصف سمعته لما يحدث بمصر كان من رئيس وزراء عربي؛ حيث يقول إن الرئيس محمد مرسي «يتصرف وكأنه جاء بانقلاب وليس بصناديق الانتخاب»! ويكفي تأمل ملاحقة أجهزة مصر الديمقراطية اليوم لمقدم برامج ساخر وهو الدكتور باسم يوسف!
فبدلا من أن يدين المناصرون للإخوان المسلمين تسيير رحلات تجارية بين مصر وإيران في الوقت الذي قامت به قوات الجيش الحر السوري قبل يومين باستهداف طائرة إيرانية كانت تنقل أسلحة لقوات بشار الأسد من أجل قمع وقتل السوريين، يقوم مناصرو الإخوان بتحميل دول الخليج المسؤولية على ارتماء إخوان مصر بأحضان ملالي طهران، وهذا أمر عجيب لا يمكن فهمه، أو تفسيره إلا أنه نفاق سياسي، فكان الأحرى بمحبي مصر أن يحملوا الإخوان مسؤولية ما يحدث بمصر بدلا من تخويف وابتزاز دول الخليج العربي بالقول بأنه في حال لم تدعموا إخوان مصر فإن أرض الكنانة ستصبح شيعية، أو صفوية.
وقصة الاحتواء بالدعم هذه ليست جديدة، بل تمت تجربتها مرارا من قبل دول الخليج بمنطقتنا وفشلت سواء عربيا أو إسلاميا، فقد فشل الاحتواء المادي والسياسي مع صدام حسين، وبشار الأسد، وبشير السودان، وصالح اليمن، وياسر عرفات، وبعده حماس، وطالبان، والجماعات الإسلامية كلها، ومنها الإخوان المسلمون وغيرهم، خصوصا في قصة تحرير الكويت بعد احتلال العراق لها، كما فشلت تجربة احتواء ودعم المقاومة الكذابة، وخصوصا حزب الله في لبنان، والتي تزعمتها قطر، وانطلت حتى على تركيا، فلماذا على دول الخليج أن تكرر اليوم تجربة ثبت فشلها مرارا وتحت عناوين مختلفة؟
وعليه فالمفروض اليوم أن يقوم محبو مصر، إن كانوا صادقين، بتوجيه اللوم للسياسات الإخوانية الفاشلة، والتي أحوجت القاهرة إلى أن تتوسل الدعم الدولي، والمفروض أن ينتقدوا الإقصاء الإخواني بحق شريحة عريضة من المصريين، كما يجب أن ينتقدوا ارتماء مصر بأحضان إيران التي تدعم الأسد بكل جرائمه المرتكبة بحق السوريين بدلا من انتقاد دول الخليج العربي.
قطرنة مصر.. أم مصرنة قطر؟!
بقلم: عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
المصريون فى قطر يعيشون الان أفضل أيامهم، هم الجالية الأكثر تدليلا، يعملون فى كل مكان وفى كل المهن والوظائف.
سألت عامل نظافة فى احد الفنادق عن درجة إحساسه بالأمان فرد بقوله انه بعد الثورة صارت المعاملة أفضل كثيرا، هى لم تكن سيئة فى الماضى، لكنها تحسنت اكثر الان وصارت نظرة القطريين لهم افضل حالا.
سألت صحافيا مصريا يعمل هناك منذ تسع سنوات عن الذى تغير فى المعاملة فرد فقال انه مناخ العمل صار افضل.
سألت مسئولا قطريا نفس السؤال، فقال لم يتغير شىء، ولم نلجأ فى ظل سوء العلاقات مع نظام حسنى مبارك إلى أى إجراءات تنعكس سلبا على العمالة المصرية.
المسئول القطرى قال ضاحكا ان العمالة المصرية أكثر من عدد السكان القطريين أنفسهم، مضيفا بتهكم: وبالتالى فالخوف هو ان تحصل «مصرنة لقطر» وليس «قطرنة لمصر» كما تخشى بعض القوى السياسية المصرية.
لا توجد إحصاءات دقيقة للمصريين فى قطر وإن كانت تقديرات تشير إلى ان عددهم يتراوح بين ربع ونصف مليون شخص يعملون فى كافة المهن خصوصا التدريس.
غالبية هؤلاء المدرسين يتعاطفون مع التيار الإسلامى خصوصا الإخوان، ومعظمهم صوت لهذا التيار وللرئيس محمد مرسى فى كل الاستحقاقات الانتخابية خصوصا الرئاسة والاستفتاء.
قابلت كثيرين من هذه العينة فى فندق الريتز كارلتون بالدوحة أثناء لقاء الرئيس محمد مرسى مع أبناء الجالية المصرية فى قطر، كلهم انتقدوا المعارضة والإعلام واشادوا بمرسى، وكالعادة فإنهم جميعا باستثناء السلفيين انكروا انهم من الإخوان.
بالطبع ليس كل المصريين فى قطر اخوانا أو سلفيين، بعضهم لم يكن منتميا لاى حزب وكان على باب الله.
أحد هؤلاء ــ ويعمل فى التجارة ــ كنت قد رأيته من قبل ولم يكن لديه ميول سياسية واضحة وان كان وقتها أقرب إلى التيار الليبرالى، فجأة صار إخوانيا قُحًا، وبدأ يتحدث وكأنه عضو فى مكتب الإرشاد، وبين كل كلمة وأخرى يصر على سب المعارضة وقادة جبهة الإنقاذ وكل هدفه أن يرضى أهل الحكم الجدد عسى ان تزدهر تجارته!.
حجم هؤلاء ليس قليلا، وهم يطبقون نظرية «من يتزوج أمى.. اقول له يا عمى»، وأغلب الظن انهم يريدون تأمين وظائفهم أو حياتهم عبر تأييد من هو فى الحكم بغض النظر عما إذا كان يحبه أم لا.
نموذج آخر متعاطف مع المعارضة ويقول انه بدأ يشعر بالحصار لان غالبية المصريين معه فى نفس العمل ينتمون إلى التيار الإسلامى وكل يوم يحاصرونه نفسيا لدرجة انه بدأ يشعر بالقلق على مستقبل وظيفته.
المتعاطفون مع المعارضة يقولون ان السفير المصرى فى الدوحة محمد مرسى قام بأخونة السفارة، نقلت هذا الاتهام إلى السفير حيث التقيته ثلاث مرات على هامش القمة العربية التى انعقدت بالدوحة، فرد ضاحكا بقوله «هذه تهمة صارت مكررة والذين يطلقونها لا يعرفون ان الذى يعين الناس هو الوزارة فى القاهرة وليس السفير، وان مكتبه مفتوح للجميع، وأن مهمة السفير هى تنفيذ سياسة الدولة ولا ينبغى ان تظهر عليه أى ميول سياسية أثناء أداء وظيفته، لأن مهمته خدمة كل المصريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية».
حال المصريين فى قطر يشبه إلى حد كبير مع الفارق حال إخوانهم فى مصر، هم ايضا يعيشون فترة انتقالية، كل يحاول الاستفادة من هذه المرحلة باقصى درجة ممكنة، يتعاطفون، يتجادلون، يتناقشون، لكن الذى يجمعهم جميعا هو الأمل والخوف من الغد.
أميركا وخطر فنلندة الخليج العربي
بقلم: إميل أمين ( كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
ما الذي تعنيه استطلاعات رأي عدة اجريت اخيرا في الولايات المتحدة الأميركية بشان الخيار المفضل للأميركيين لمواجهة برنامج إيران النووي وجاءت بعض نتائجها متجاوزة لحاجز الستين في المئة من المؤيدين لضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية?
باختصار غير مخل تعني أن المخاوف عند الأميركيين قد بلغت ذروتها انطلاقا من اعتبارهم أن إيران من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة, ليس فقط بالنسبة لإسرائيل, بل لبقية دول المنطقة.
هل من معطيات جديدة توافرت للأميركيين دفعتهم في اتجاه التصعيد العسكري, رغم أن إدارة اوباما تحاول جاهدة حتى الساعة تجنب هذا الخيار?
ربما يكون ما كشفت عنه الشبكة الإخبارية الأميركية WND واسعة الانتشار عن وجود موقع سري إيراني تطلق عليه إيران " قدس " هو السبب وراء ذلك, ما الذي يجري في هذا الموقع?
تقول البيانات المنشورة على الموقع الأميركي المذكور: انه "اي الموقع" حصل على معلومات من ضابط رفيع المستوى في الاستخبارات الإيرانية تفيد بأن علماء إيرانيين يقتربون من إنتاج رؤوس عسكرية نووية في موقع سري تحت الأرض وغير معروف للغرب أو للمراقبين ويدعى "قدس". هل موقع قدس هذا هو نفسه موقع بارشين العسكري? هناك احتمالات بالفعل لأن يكون كذلك, ولاسيما ان وكالة الطاقة الدولية قد طلبت مرارا وتكرارا من إيران زيارة موقع بارشين العسكري, والذي يعتقد انه تجرى فيه العديد من الاختبارات النووية العسكرية لكن طهران ترفض هذه المطالب .
ولعل ما عزز مخاوف الأميركيين اخيرا أن الصور التي تم التقاطها بالأقمار الاصطناعية لموقع بارشين العسكري تظهر عمليات تنظيف واسعة في المنطقة وهو ما يشير إلى محاولة النظام الإيراني إخفاء آثار التجارب التي تجري داخل الموقع.
هل يعني ذلك أن إيران ستتمكن من صنع قنبلتها النووية بأسرع بكثير من التوقعات التي تسود لدى أوساط أجهزة الاستخبارات الغربية حيث إن لديها أنشطة سرية قطعت فيها شوطا كبيرا في المجال النووي ?
خطورة المشهد والبيانات الأخيرة استدعت صدور ورقة بحثية على درجة عالية من الأهمية عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في واشنطن تحت عنوان "خطر فنلندة الخليج العربي" وصاحباها هما سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن والثاني جيب شانيمان الزميل الزائر في المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي, ما الذي تحويه هذه الورقة المهمة للغاية?
تطرح الورقة تساؤلا أوليا مثيرا: هل بإمكان أجهزة الاستخبارات الأكثر تطورا معرفة التقدم النووي لبلد تبلغ مساحته نصف مساحة أوروبا في الوقت نفسه الذي يحدث فيه هذا التقدم? الثابت أن الولايات المتحدة قد أخذت على حين غرة من قبل كل بلد ¯ تقريبا ¯ أصبح دولة نووية, من الاتحاد السوفياتي عام 1949 إلى كوريا الشمالية عام 2006 ما علاقة فنلندة تحديدا بالمشهد الإيراني الحالي?
المؤكد ان فنلندة رغم تعرضها للغزو السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية اعتمدت سياسة الحياد بالإكراه ما أدى إلى ظهور مصطلح ال¯ " فنلندة " وهي العملية التي تؤثر من خلالها دولة واحدة قوية تأثيرا كبيرا جدا في سياسات بلد اصغر مجاور, الأمر الذي يسبب النظر إلى البلد الأصغر مثلما كان ينظر إلى فنلندة من قبل الكثيرين في الغرب خلال الحرب الباردة.
ماذا تريد إيران في الحال ? وكيف سيكون حالها في المستقبل إذا امتلكت قنبلة نووية?
من دون تهويل أو تهوين, طهران تريد السيطرة على الشرق الأوسط بلعبها ورقة الهيمنة الإقليمية, واستغلال مواردها من الطاقة وتفوقها الثقافي, وكونها أقلية مزدوجة في المنطقة " فارسية وشيعية ", في حين باقي دول المنطقة "عربية وسنية" كما تسعى طهران إلى إمالة ميزان القوى من خلال إظهار تأثيرها في عمق الأراضي العربية وقد جاءتها اضطرابات ما يسمى الربيع العربي لتقدم لها فرصة لم تحلم بها أما حيازة إيران لسلاح نووي فمعناها هيمنتها على دول الخليج ما سيدفع هذه الأخيرة إلى السعي للحصول على سلاح نووي أو تطويره بأي وسيلة هل ستسمح واشنطن بفنلندة الخليج العربي?
تاريخيا استمرت الهيمنة السوفياتية على أوروبا الشرقية نحو أربعة عقود, وعلامة الاستفهام في هذا المقام كم من الوقت ستستغرق هيمنة إيران على الخليج العربي إذا ملكت سلاحا نوويا ?
الخلاصة إما القضاء على هذا البرنامج سلميا أو عسكريا, وإما تهديد لمصالح الغرب في تلك المنطقة لعقود طويلة, أما حال غض واشنطن ¯ اوباما الطرف عن وصول إيران الى حيازة قنبلة نووية فهذا مؤشر على وجود صفقات سرية بين واشنطن وطهران وتل أبيب ضمن حلف المصالح المشتركة, وهنا على دول الخليج أن تضع هذا الاحتمال على طاولة الأفكار انطلاقا من أن طرح القضايا يبدأ من الذات لا من الأميركيين .
إسقاط الشبهة عن (ربيع العرب)
بقلم: أنور رجا عن الوطن السورية
المؤكد أن النازية الهتلرية لو انتصرت في حروبها لكان وقع كلمة (نازي) مختلفاً الآن في السياسة والثقافة على مستوى العالم كله.
حالة الإبهار المباشرة التي تصدرت العالم في أعقاب السقوط المدوي المتسارع لبعض الأنظمة العربية وخاصة نظام كامب ديفيد في مصر جعل الساحة عرضة لصراع المصطلحات والمفاهيم، واستدرج عامة الناس إلى فخ الفوضى الذي روج له منظرون بصفتهم مفكرين ومحللين استراتيجيين، واخترق مستشرقو السياسة الأمنية قلب الحراك الشعبي من أمثال (هنري ليفي) النسخة الحديثة للورنس العرب. فجأة اكتشف العالم الحر وأبناؤه من مستعربين ومستشرقين أن رمال الصحراء العربية ومشايخها وأمراءها وملوكها قادرون على نفض غبار الخيمة لتزهر ربيعاً ثورياً!! هكذا استيقظ العرب على أزاهير ورياحين بستان الربيع ودون مقدمات موحيه، هبط وحي الثورة العربية.. أسقط من قاموس التاريخ والثورات وتجاربها وضروراتها مبدأ النظرية والقيادة الثورية.. ومن تحت العباءة الفكرية للأمراء والملوك، ومن قلب ثقافة البادية الهجينة ولدت ثقافة جديدة!! ثقافة كل شيء فيها مباح لأجل استيعاب وتقنين الحراك الشعبي الذي انتفض في وجه دكتاتورية الحاكم الذي أذل العباد ورهن البلاد لسياسات أميركا والدول الغربية..
الماكنة الإعلامية الدولية وفروعها العربية وظفت كل طاقاتها لمغازلة الشارع العربي ولا مانع في هذه الحالة من إصباغ كل الصفات الثورية على هدير الشارع على أن تصب المياه التي تجري في نهر التغير خلف جدار السد الأميركي الأوروبي حيث يمكن إعادة صياغة النظام السياسي والاقتصادي بعيداً عن شعارات ومناهج الوطنية والكرامة القومية واستنهاض عوامل الحرية التي تضمن تحرير فلسطين كمقدمة لحرية الأمة..
ثورة (الربيع) ووروده المتهاطلة مع صواريخ الناتو في ليبيا لتحصد كل شيء إلا آبار النفط باركها قادة رأي وفكر، وصناع سياسات، وتنظيمات وأحزاب أتخمتنا بشعاراتها الثورية، والجهادية، منها العروبية والإسلامية وبعضها يتصدر قائمة المتحمسين لتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها.. ثقافة الغاية تبرر الوسيلة ارتوت من بحر المناقشات والمطالعات الثقافية في أصول علم الثورات، وانتعش سوق الحوار، فاغرقت ميادين التحرير بثرثرات وصخب الثوريين الذين تصدروا شاشات وإعلام قادة الربيع في الدوحة والرياض واسطنبول، وكي تكتمل صورة المشهد الثقافي المركب كان لابد من تعميد (الربيع العربي) في مياه مقدسة بأخذ سورية على بساط الموجة الربيعية المستوردة عن طابور المثقفين الثوريين المتظللين بمرجعهم الروحي (هنري ليفي)، بدلالة أن (الربيع) حين يجتاح سورية سيعد ثقافة ثورية عربية حقيقية وفتحاً تاريخياً مبيناً بدعم وتأييد أميركا!!
فشل إسقاط سورية وتقسيمها ديمغرافياً فجر أحقاد أعداء الأمة، فدفعوا بكل عناصر الإرهاب وأدوات التخريب، وحولوا الأرض والناس لحقل تجارب وتدمير وساحة لاختبار قوة (الفوضى الخلاقة) وتشريع إزهاق الروح وقطع الأعناق على وقع موسيقا وثقافة الذبح والتكبير باسم الله.. وسط هذه الثقافة الدامية تكونت بالفعل ملامح مرحلة من تاريخ الأمة العربية أنبتت لغتها وحواراتها فوق جثث ضحايا.. ثقافة استئصالية ضحيتها الأولى من يجرؤ على رفع الصوت مندداً ومعترضاً وقائلاً ما يجري هو أفعال عصابات والربيع العربي مجرد لافتة لبرنامج مدروس بعناية لوأد حلم الثورة.
كلمة الرياض: من سيمحو أمريكا..كوريا الشمالية.. أم إيران؟!
بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
قبل 1967م كنا من خلال الدعاية المضللة نعتقد أن إسرائيل سيهزمها فريق كشافة عربية ففوجئنا بعجزنا الصمود ست ساعات أمام قوتها الحديثة والتخطيط السليم للحرب، والسبب لا يعود لعدم كفاءة الضابط والجندي العربي، وإنما سوء تقدير قوة العدو وإستراتيجيته، وقصور النظرة الحادة عند السياسيين..
يتكرر هذا الغرور بالقوة مع إيران التي ستحول إسرائيل إلى رماد في حال حاولت القيام بضربة عسكرية لها، وأن الأمر لا يقتصر على البلدين، وإنما ستضرب القواعد الأمريكية في الخليج العربي بهجوم انتقائي سيدمرها، هذا إلى جانب غلق مضيق هرمز على الملاحة العالمية وخاصة صادرات النفط، ونحن من خلال مبادئ المعرفة البسيطة التي يدركها طلاب المدارس المتوسطة، أن أمريكا هي القوة العسكرية العظمى في العالم، وأن ميزان الإنتاج والابتكار والتسلح وتقنيات لم تمتلكها دول أكثر تطوراً من إيران عاجزة عن اللحاق بهذه القوة الهائلة، وبالتالي فإيران تستطيع أن تقنع بعض السذج أنها معادلٌ إستراتيجي لأمريكا ولكن الحقيقة عكس ذلك فبين البلدين أزمنة وأجيال وإمكانات طويلة، لأن إيران في العرف الاقتصادي والتقني تقع ضمن العالم الثالث، وأمريكا سيدة العالم الأول رغم أننا لا نتفق مع الكثير من سياساتها ولكنها الواقع الذي من المستحيل تجاهله وإنكاره..
كوريا الشمالية التي تقع في سلّم الدول الفقيرة، اعتمدت نظريات وأقوال «ماوتسي تونج» حينما هدد الغرب الإمبريالي بجناحيه أوروبا وأمريكا بأنه «سيجعل من جماجمهم منافض لسجائر شعبه» وهذا البلد الذي امتلك بعض صواريخ سكود الروسية التي تقادم عليها الزمن، ويمتلك عدة قنابل نووية بدائية، أعلن أنه سيضرب البر الأمريكي وتدمير جميع قواعدها في آسيا وكذلك جارتها كوريا الجنوبية والتهديد حمل قاموس نفس الكلمات الإيرانية بمعنى أنه إذا كانت إسرائيل التي تهدد إيران حليفاً لأمريكا، فإن كوريا الجنوبية تأخذ نفس الصفة والمعنى، والغريب أن أحد الإستراتيجيين الروس أول من سفّه بهذا التهديد واعتبره نوعاً من التنفيس الساذج، إذ إن الحليف الصيني الذي يرقب التصريحات النارية ولا يعقب عليها يعلم أن أي خطوة متهورة من كوريا الشمالية بمثابة كارثة عليها، وحتى لو أرادت اللعب على التناقضات بانتزاع مواقف جديدة لصالحها من أمريكا في لجم الحليف الصغير، فهي تدرك أن التنازلات في مثل هذه المواقف مستحيلة لدولة عظمى تحتاجها الآن وفي المستقبل، ولذلك فكل ما تظهره كوريا الشمالية لا يعدو مجازفة لغوية لأنها إذا كانت تعتمد في قوتها السياسية والمعنوية على الصين تعلم أن اليابان وكوريا الجنوبية ودولاً آسيوية أخرى ستنحاز لأمريكا وتشاركها الضغط السياسي والعسكري إذا لزم الأمر..
الفرقعة السياسية والدعائية والتهديد بالقوة من قبل إيران وكوريا الشمالية لا تعدو أكثر من مزحة ثقيلة، لأن الحروب الكونية التي قد تشعلها دول بحجم إيران وكوريا الشمالية لا تستقيم على منطق، فهي مجرد اختبار ساذج لمدى ردة الفعل عند الخصم الأقوى وهذا لم يغير من صواريخ السوفييت في كوبا، ولا قواعد الأطلسي في تركيا وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى حين أصبحت أمريكا هي من تحاصر خصومها الأكبر من إيران وكوريا الشمالية..
لماذا عين «إسرائيل » على لبنان ؟
بقلم: عصام نعمان عن الوطن القطرية
قالت صحيفة «هآرتس» (29/3/2013) المستقلة والقريبة من اليسار الإسرائيلي إن ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بَرّرَ اعتذار «اسرائيل» من تركيا بأنه استجابة لضغط كبير من جانب الرئيس الاميركي باراك اوباما، وانه جاء نتيجة الاوضاع المستجدة في سوريا، وان مقربين من نتنياهو قالوا إن خطورة الوضع في سوريا فر
الحقيقة ان الوضع في سوريا، في رأي «هآرتس»، لا يزعج «اسرائيل». ما يزعجها هو الوضع في لبنان بدليل قيام الجيش الإسرائيلي بنقل فرقة عسكرية من الجبهة مع سوريا الى الجبهة مع لبنان. هذا التغيير يشي بأن القيادة العسكرية تقدّر ان الخطر على الجبهة مع لبنان اكبر من خطر نشوب مواجهة تقليدية مع الجيش السوري.
قائد الجبهة الداخلية الجنرال ايال ايزنبرغ بدا اكثر انزعاجاً وتوجساً. قال إن مبعث القلق هو القدرة الصاروخية لحزب الله. في تقديره ان الحزب بات بحوزته عشرة أضعاف عدد الصواريخ التي كان يملكها في حرب 2006، وانه قادر على اطلاق اكثر من الف صاروخ يومياً على «اسرائيل» في الحرب المقبلة، وان تركيزه سيكون على «غوش دان»، اي المنطقة الصناعية والكثيفة العمران والسكان الكائنة بين يافا (تل ابيب) وحيفا، بطول نحو 90 كيلومتراً وعرض عشرة كيلومترات الامر الذي يلحق بها اضراراً شديدة. ختم بقوله : «الطرفان سيخرجان من الحرب جريحين».
هل تصريحات ايزنبرغ للتهويل والضغط على لبنان في وقت تتفاقم الازمة السياسية بين اطرافه المتصارعة ؟ ام هي تضخيم لقدرات حزب الله لتبرير ضربه ؟
الاحتمالان واردان، ذلك ان المنطقة كلها تبدو في خضم صراع محتدم بين روسيا ومعها الصين وايران وبعض دول «البريكس» من جهة واميركا واوروبا من جهة اخرى. ذلك يطرح سؤالاً : هل ثمة صلة بين ما يجري في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر وما يجري بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة في الشرق الاقصى، وبين مناورات الاسطول الروسي في البحر الاسود عقب المصالحة الإسرائيلية - التركية ؟
سؤال آخر : هل يمكن معرفة ماذا تريد «اسرائيل» من لبنان إن لم نعرف ماذا تريد اميركا من فلسطين ولبنان وسوريا ؟
كان اوباما ابلغ محمود عباس خلال لقائه في رام الله مؤخراً ضرورة «الكفّ عن انتظار ان يحلّ الآخرون، بما فيهم الولايات المتحدة، النزاع بدلاً منهم» (صحيفة «يسرائيل هيوم» 22/3/2013 .
وكان ناطق باسم حلف «الناتو» ابلغ معاذ الخطيب الرسالة نفسها عندما طالب بغطاء من قواعد «باتريوت» الاميركية في تركيا للمجموعات المسلحة في شمال سوريا.
موقفا اوباما و«الناتو» اوحيا بأن اميركا معنية بأمن «اسرائيل» وحدها لأنه جزء من أمنها. ومع ان اميركا معنية بأمن «اسرائيل» إلاّ أنها ليست مستعدة للقتال نيابةً عنها. لقد انهكتها حرب العراق، وهي تعاني الامرّين من حرب افغانستان، وما زالت تعالج تداعيات ازمتها الاقتصادية منذ صيف 2008، فلا سبيل لمزيد من الإنهاك والمعاناة.
اميركا قد تنصح وتدعم حلفاءها، لكنها لا تخوض حروبهم ولا تحارب نيابةً عنهم.
كيف تنصح اميركا حلفاءها وتدعمهم ؟
بالمال والسلاح والتدريب والخبرة والمعلومات الإستخبارية. لكن، ما معنى ان تصرّح الناطقة بإسم الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند ان بلادها تفكر بفرض منطقة حظر جوي على سوريا ؟ هل تنوي اميركا تغيير سياستها بشكل جذري؟
اوباما نصح عباس بأمور كثيرة. نصحه، بحسب «يسرائيل هيوم»، بعدم وضع شروط مسبقة لإستئناف المفاوضات، مثل شرط تجميد الإستيطان. ودعمه بأن طلب من نتنياهو التريث في اتخاذ خطوات يمكن ان تؤدي الى تفجير المفاوضات، مثل تنفيذ اعمال بناء في المستوطنات او تسريع خطة البناء في منطقة E1 الفاصلة بين مستوطنة «معاليه ادوميم » والقدس. اكثر من ذلك، طلب من نتنياهو ان يستأنف تحويل اموال الضرائب التي تجبيها «اسرائيل» الى السلطة الفلسطينية، وقد فعل.
ماذا عن موقف اميركا من الازمة المتفاقمة في لبنان؟
على الصعيد السياسي، انحازت اميركا الى جانب قوى المعارضة بالدعوة الى اجراء الإنتخابات وفق قانون 1960 المواتي لها رغم وجود شبه اجماع بين مختلف القوى السياسية على عدم صلاحيته وعلى وجوب إلغائه. على الصعيد الامني، تخلّت واشنطن عن تأييد سياسة النأي بالنفس عن الازمة السورية التي كانت تنتهجها حكومة نجيب ميقاتي بدليل وقوفها الى جانب القوى المحلية والاقليمية التي دعت الى اسقاط حكومته بغية المجيء بحكومة جديدة يُبعَد عنها حزبُ الله، وتكون مهمتها انتهاج سياسة جديدة تجاه سوريا قوامها النأي بالنفس عن...النظام السوري.
بموازاة هذا التطور اللافت في موقف اميركا من الدور المطلوب للساحة اللبنانية في الازمة السورية، رصد المراقبون تطوراً مشابهاً في موقف «اسرائيل». فقد كشفت صحيفة «هآرتس» (26/3/2013) أن الجيش الإسرائيلي يقوم بتركيز اهتمامه الامني على لبنان بدلاً من سوريا ومباشرته عمليات تدريب ملحوظة في الجبهة الشمالية، وتجهيز قواته على هذا الاساس.
هذا التطور الحاصل يعزوه خبراء إستراتيجيون الى امرين : الاول، قيام القيادة العسكرية السورية بإعادة توزيع قوتها الصاروخية على مراكز داخل البلاد. الثاني، ازدياد الحديث عن توسيع دعم الحلفاء للمعارضة السورية المسلحة في سياق هجوم قيل إنه يستهدف قوات النظام السوري من جهة الشمال (تركيا) والجنوب (الاردن) والغرب (لبنان).
الى ذلك، نقلت «هآرتس» عن جهات استخبارية ان «حزب الله» قام في العام الماضي بعدة عمليات استثنائية جريئة كان ابرزها إرسال طائرة من دون طيار في اكتوبر الماضي، حلقت على مدى 300 كيلومتر قبل ان يتمكّن سلاح الجو الإسرائيلي من إسقاطها. ويبدو، بحسب «هآرتس»، ان القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي تنوي مواجهة حزب الله بخطة المزج بين حركة فرق مشاة عدة داخل الاراضي اللبنانية وبين تفعيل قوة نارية مكثفة من الجو. في هذا الإطار تمّ تدريب لوائي الاحتياط في الاسبوع الماضي، وهو تدريب بري واسع شمل حركات واسعة النطاق لمدرعات ومشاة داخل قرى تشبه القرى اللبنانية.
قد ينطوي ما ذكرته «هآرتس» من معلومات على بعض الصحة والجدية، وقد يكون مجرد فصل من فصول الحرب الإعلامية والنفسية التي تشنها «اسرائيل» على اعدائها. المهم ان هذه الحرب تنعكس بعجرها وبجرها وتأثيرها على الوضع السياسي والامني المضطرب في لبنان، ويُخشى ان تدفع الاطراف السياسية المتصارعة الى اتخاذ مواقف او اعتماد سياسات تؤدي، بدورها، الى زيادة الازمة اللبنانية المزمنة تعقيداً.