تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 310



Aburas
2013-04-15, 10:35 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (310) الاثنيــن- 8/04/2013 م



</tbody>

<tbody>





</tbody>


<tbody>
في هــــــذا الملف



القتل بالحجر
بقلم:يعقوب أحيمئير،عن اسرائيل اليوم
'القاعدة' ستحكم سورية.. الاسد افضل
بقلم:العميد (احتياط) تسفيكا فوغل،عن اسرائيل اليوم
لنرسم الخريطة
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
يتعامون عن عنف المحتل الاسرائيلي
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
المصلحة التي توجد في نهاية النفق
مشعل لم يعارض اجراء مفاوضات مع اسرائيل يديرها عباس وهو الشخصية الاساسية التي يمكنها ان تهدئ الاصوات المتطرفة داخل حماس
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
الوهم الامريكي.. لا يمكن تغيير الحقائق
بقلم:شلومو أفنري،عن هآرتس















</tbody>


القتل بالحجر

بقلم:يعقوب أحيمئير،عن اسرائيل اليوم

ماذا ستقول الأم العبرية حينما تقرأ توصية عميره هاس الحماسية في صحيفة 'هآرتس' للفلسطينيين بأن يستمروا في رمي الحجارة؟ وماذا ستعتقد تلك الأم في محاولات قتلها هي وأبناء عائلتها في وقت تحظى فيه هذه الجهود بـ 'مباركة الحجر' من صحيفة مركزية في اسرائيل؟.
يمكن فقط ان نُخمن ما هو مسار التفكير الخطير الذي قد يتغلغل الى الواقع الاسرائيلي: ذلك هو فساد قيمة الصحافة الحرة في اسرائيل الى درجة شللها المطلق. ان توصية عميره هاس باذن من المحرر والناشر لـ 'هآرتس' قد تكون حافزا كبيرا على تقييد حرية التعبير عن الرأي في اسرائيل، واحدى ظواهره البارزة هي حرية الصحافة، بالقانون. انها حرية صحافة وجدت منذ نشأت الدولة، ولم توجد برعاية القانون في الحقيقة بل برعاية احكام المحكمة العليا.
يبدو لنا الآن ان الصحيفة التي تدعي أنها ليبرالية ومُدافعة عن حقوق الانسان (بشرط ألا يسكن هذا الانسان وراء الخط الاخضر مثلا في حي التلة الفرنسية في القدس) قد تحرز هدفا فظيعا آخر بواسطة التحريض على الرشق بالحجارة الذي يُطبع فوق صفحاتها، رشق مواطنينا أو جنودنا، لأن نشر مقالة عميره هاس قد يجعل عددا من اعضاء الكنيست يحاولون مضاءلة حرية الصحافة في الكنيست الحالية. ونقول واليد فوق القلب: كم من اعضاء الكنيست ومن الليبراليين ايضا سيُظهرون في الحقيقة معارضة لاقتراحات قانون قد توضع على الطاولة وتُحرم كل قول يدعو أعداء اسرائيل الى الاستمرار على المس بها؟.
توصي هاس الفلسطينيين ايضا بانشاء قاعدة نظرية واكاديمية لنظرية الرشق بالحجارة، أي لمحاولات الفلسطينيين القتل. وماذا سيحدث الآن في البرامج التي تُحاكي الحياة الواقعية التي تُبث في الراديو والتلفزيون؟ سيُدعى من اجل التوازن الى النقاش المثقف في قاعة البث من يؤيد ولو ضمنا القتل بالحجر ومن يعارض التحريض من هذا القبيل.
كان مُخيبا للآمال جدا رد داليا دورنر، رئيسة مجلس الصحافة، وهي قاضية (متقاعدة) من المحكمة العليا، والتي بدل ان تندد بلا تحفظ بما كُتب وطُبع قالت انه لا يجوز لها ان تعبر عن موقفها كي لا يكون لردها تأثير في محكمة الاخلاق التي ستبت في الشكوى لأنه قد رُفعت شكوى على صحيفة 'هآرتس'. وتوقعت باعتباري عضوا في مجلس الصحافة ان تتخذ دورنر موقفا قيميا واخلاقيا كما يفعل زملاؤها من القضاة المتقاعدين. وكان يمكن ان نتوقع ان تكون بمثابة حزمة نور لجمهور الصحفيين وتلزم موقفا مفهوما كثيرا يعارض التحريض على القتل، لكنها بدل ذلك اختارت اتجاها مختلفا.
تم الحفاظ على حرية الصحافة مدة سني وجود الدولة الـ 65 وكانت سنوات طواريء وحروب. ويبدو ان مقالة هاس ستشير الى كثيرين قائلة لا نريد بعد الاتصالات وحرية الصحافة. ويوجد كثيرون يعتقدون هذا الاعتقاد وسيزداد هذا الشعور عمقا.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

'القاعدة' ستحكم سورية.. الاسد افضل

بقلم:العميد (احتياط) تسفيكا فوغل،عن اسرائيل اليوم

تتعرض دولة اسرائيل للتهديد منذ 65 سنة. ويتغير التهديد قوة وصورة لكن نواياه لم تختلف ألبتة وهي إبعاد الشعب اليهودي عن ارضه. ولم يُستوعب هذا الفهم كاملا وهذا هو السبب الذي يجعل اطلاق النار من الشمال والجنوب على اسرائيل لا ينقطع ويبدو انه لن ينقطع. إن ضعف الفهم والتبني الشعوري للقيم الاخلاقية هما نقطتا الضعف اللتان يستغلهما صبح مساء من يطلبون لأنفسهم قطعة الارض التي بنينا دولة فوقها. ولم ننجح الى الآن في فهم ثمن خسارة اولئك المهددين لوجودنا.
إن 'الشرق الاوسط الجديد' هو وهم نشأ بالفرض المخطيء وهو ان الرفاه الاقتصادي سيفضي الى تغيير تصور العالم العربي الذي يحيط بنا، قد لُطم لطمة مجلجلة. وقد مكّن الاسلام مجموعات متطرفة من اكتساب ثقة وتأييد حينما رفعت راية التقوى الدينية وكلما زادت التقوى وقويت منزلة الداعين اليها انضم الى هذه المجموعات مؤمنون أكثر. وكلما زاد وجود هذه المجموعات زادت قوتها العسكرية ومعها استعدادها للموت في سبيل 'رابط الصمت الاسلامي'، وهو الرابط الذي يميز مجتمعا علمانيا سليما عن مجتمع ديني متطرف مريض.
حظيت هذه المجموعات المسلحة على مر السنين باسم منظمات ارهابية، وهذا يعني وجود فرق بين حاملي السلاح في سبيل الاسلام ومن لا يفعلون ذلك. ويبرهن تاريخ القرن الاخير على ان الفرق الوحيد هو بين اولئك الذين يستعملون السلاح اليوم وبين اولئك الذين سيستعملونه في المستقبل. فاذا عرفنا الكف عن التفريق في ردنا بين المنظمات المختلفة والجماعات المختلفة فسننجح في إحداث ضغط داخلي ولا سيما عند اولئك الذين يوجد ما يخسرونه.
إن المنظمات الارهابية التي أضرت بها الصدامات العسكرية مع اسرائيل في الماضي لم تضع سلاحها، ولم يصدأ هذا السلاح بل العكس هو الصحيح. وقد استغلت المنظمات الارهابية في اليوبيل الماضي كل فرصة للاستيلاء على اراض تُمكنها من انشاء مجتمع ذي ايديولوجية دينية متطرفة وصبغة مجتمع في عوز طول الوقت. 'إن ايديولوجية العوز' التي تبناها قادة منظمات الارهاب تُمكّنهم من توحيد الجماعة بـ 'شعور المضطهدين والمسلوبين' واستعمال اصبع الاتهام للغرب وفي مقدمته اسرائيل والولايات المتحدة. ولا يعلم كثيرون انه حتى حينما فُتحت أبواب معبري إيرز ورفح لم يُمكّن قادة حماس من ادخال جميع السلع وعُرض النقص على أنه شر اسرائيلي.
والحل الحماسي الأصلي الأنفاق التي أمدّت بشيء مما يسد العوز عززت تعلق السكان بالمنظمة وزادت في أموال خزانتها وأموال جيوب قادتها. لأن تدمير الأنفاق سيضر بهم ضررا مباشرا بالغا، والأنفاق شيء لا تستطيع حماس أن تخسره.
إن الاحداث الجارية حولنا توجب علينا ان نعمل بصورة لا لبس فيها. فمنذ ان نشبت الحرب الأهلية في سوريا والعناوين الصحفية تصرخ قائلة إن 'حكم الاسد لن يصمد'. وقد رأى كثيرون من اولئك الذين تمنوا سقوط الاسد في خيالهم حمام السلام يطير بين دمشق والقدس، بل وُجد من توقعوا تحطم 'محور الشر' الذي يخرج من ايران ويمر بسوريا ويصل الى حزب الله في لبنان. ولم يسأل أحد من الذي سيُمسك بمقود الحكم السوري بعد تنحية الطائفة العلوية، بل اشتغلت المناكفات بسؤال متى.
مر أكثر من سنتين وأصبح الواقع يلطم وجوه المحللين مرة اخرى، فما زال الاسد في الحكم، ومن بين المجموعات الصقرية المشاركة في الحرب الأهلية، اذا سقط الاسد، بقي لنا ان نقرر أيها ستكون أقل سوءا في الأمد القريب. إن القاعدة والجهاد العالمي وسائر المجموعات المختلفة قد ثبتت اماكنها في سوريا، واذا سقط الاسد فستكون هي التهديد القادم. وأنا شخصيا أفضل الحاكم الحالي لا بسبب حب لا مثيل له بل لأن قوة الردع الاسرائيلية تؤثر فيه وعنده ما يخسره.
إن عملية 'عمود السحاب' التي انتهت قبل خمسة اشهر أحدثت لاسرائيل قوة ردع ناجعة في مواجهة حماس. وبخلاف انجازات 'الرصاص المصبوب' سيكفي المس بقادة حماس الكبار أو ببيوتهم من اجل اعادة الحال الى ما كانت عليه. مرت خمسة اشهر فقط وأصبحت قذائف الراجمات والقذائف الصاروخية تمنع اولاد الجنوب مرة اخرى من ان يعيشوا حياتهم المعتادة المناسبة. وقد نسينا الحاجة الى الحفاظ على الردع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لنرسم الخريطة

بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس

وزير الخارجية الامريكي جون كيري، الذي يصل غدا الى اسرائيل، طلب تمديدا لشهرين كي يحرك المسيرة السياسية. الرئيس الفلسطيني محمود عباس مستعد لفحص امكانية الوساطة الامريكية على مدى شهرين ثلاثة اشهر قبل أن يتوجه الى المؤسسات الدولية. كل هذا حين تتصاعد المواجهات العنيفة في الضفة وتتبلور لتصبح تهديدا بمواجهة شاملة. وتفترض الفرصة والتهديد بدولة اسرائيل أن تستغل الوقت القصير كي تعرض مواقف واضحة، تبدد الغموض المريح الذي أخفت خلفه غياب سياسة، وتترجم عمليا تعبير 'دولتين للشعبين'.
كخطوة اولى يطلب عباس من نتنياهو ان يعرض خريطة حدود مفصلة على أساسها تجري المفاوضات. ليس 'مبادىء عامة' بعد اليوم مثلما كان يعرض في الماضي اسحق مولخو وتسيبي لفني. ليس بعد اليوم 'بقع ملونة'، بل خطوط حدودية دقيقة. وأوضح عباس بانه 'سيرى في ترسيم خريطة كهذه دليلا على جدية نوايا اسرائيل. وسيمنح الامر مضمونا حقيقيا لمطلب اسرائيل العيش بسلام في حدود آمنة ومعترف بها. فبلا حدود معترف بها لا يمكن أن تكون حياة آمنة. مواطنو اسرائيل ينتظرون أن يعرفوا اخيرا كيف هي دولتهم عديمة الحدود كفيلة بان تكون، ومثل هذه الخريطة ستوضح للمستوطنين حدود الاعتراف السياسي بمشروعهم.
الجهد الامريكي، الذي بدأ مع زيارة الرئيس اوباما، سيتضرر بشدة اذا استمرت مناورات التملص العادية التي تميزت بها الحكومة السابقة. زمن 'البادرات الطيبة'، مثل تحرير السجناء، وهو موضوع جدير بحد ذاته أو تحرير أموال الضرائب التي يستحقها الفلسطينيون على اي حال، انتهى. فهذه لا يمكنها أن تكون بديلا عن رسم حدود وخريطة طريق دقيقة ومحددة زمنيا. كما أن الذريعة المعتادة، التي تقول انه طالما تعتمل الضفة لا مكان للمفاوضات، لا يمكن أن تكون مقنعة. فسنوات من الهدوء، تحقق ضمن أمور اخرى بفضل جهود قوات أمن السلطة الفلسطينية، لم تلطف حدة موقف اسرائيل. وقد تحولت في نظر الاسرة الدولية الى رافضة للسلام، ومكانتها في أوساط اصدقائها تآكلت الى أن بات بعضهم لا يرفضون امكانية معاقبتها. ان حكومة اسرائيل ستجرم تجاه مواطنيها اذا ما تركت الفرصة الجديدة تفلت من ايديها.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

يتعامون عن عنف المحتل الاسرائيلي

بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس

إن العاصفة التي هبت على أثر مقالة عميره هاس التأسيسية 'الانشاء الداخلي لرشق الحجارة' ('هآرتس'، 3/ 4) هي عاصفة مباركة: فقد كشفت دفعة واحدة عن نفاق أو جهل أجزاء واسعة من الرأي العام الاسرائيلي. انه نفاق لأن المتحمسين تجاهلوا العنف الأولي والأساسي والمؤسسي والمنهجي لمجرد فعل الاحتلال على اختلاف ألوانه؛ وهو جهل لأنه يُبين ان المتحمسين ربما لا يعلمون مبلغ قسوة الاستبداد العسكري في المناطق. إن الذين اتهموا هاس في غضب شديد بـ 'تجاوز الحدود' و'الدعوة الى القتل' لم يقرأوا ايضا مقالتها حتى نهايتها. فليست فيها دعوة الى القتل بل تأمل سديد ونزيه وشجاع في النضال الفلسطيني من اجل الحرية يغيب عن الخطاب الاسرائيلي. واذا كان يوجد في مقالتها دعوة فهي مخصصة في أساسها لنضال الاحتلال غير العنيف بصورة دعوة الى توثيقه والخروج للعمل في الاراضي التي سُلبت والتغلب على الخوف في التحقيقات؛ وسوغت استعمال الحجر ايضا باعتباره ملاذا لا امتناع عنه.
نُشرت المقالة بعد بضعة ايام من قراءة شعب اسرائيل قصة الفصح التي تروي قصة نضال شعب من اجل الحرية وهو نضال اشتمل على ضربات أشد فظاعة من رشق سالبي الحرية بالحجارة. ويقرأ شعب اسرائيل على اختلاف أجياله هذا النص في إجلال وتأثر ويرويه لأبنائه. لكنه غير مستعد لتطبيق نفس القاعدة الأساسية ونفس العدل الداخلي الذي يقول إن مقاومة السلطة الاجنبية ومنها المقاومة العنيفة، هي حق وواجب فطري لكل شعب واقع تحت الاحتلال كما كتبت هاس، وهو ينطبق انطباقا عاما على نضال كل شعب لا على نضال شعب اسرائيل فقط.
ويتم التعبير بذلك عن فكرة مغروسة عميقا جدا في الكيان الاسرائيلي وهي ان ما يحل للشعب اليهودي محرم على الآخرين، لكن لا حاجة ألبتة الى الابعاد الى ايام فرعون لأن التاريخ البشري مليء منذ ذلك الحين بنضالات الحرية الموجهة على حكام اجانب من تلك التي أثارت إجلالا تاريخيا وكان أكثرها ايضا عنيفا بل أعنف احيانا من النضال الفلسطيني. 'أيها المحتلون ضقنا بكم ذرعا'، ليست هذه صرخة تُسمع بالعربية فقط بل سُمعت في خلال التاريخ بكل لغة تقريبا ومنها اللغة العبرية الحالية.
إن هاس تعارض العنف، مثلي. وأنا أُبيح لنفسي أن أكتب هذا في اقتناع داخلي عميق. لأنه من الذي يريد ان يرى اولادا قتلى بحجارة ومدنيين مهشمي الاعضاء بشحنة ناسفة أو فتيانا أُطلقت النار عليهم. لكن يجب ان تكون مقاومة العنف مباشرة وعامة ونزيهة، فيجب ان تشتمل على مقاومة عنف المحتل. ولا يجب ان نحصي عدد الموتى والجرحى والمعوقين والمصدومين من الشعبين كي ندرك ان العنف الأكبر والأقوى هو عنف المحتل. إن الحجر والشحنة الناسفة الفلسطينيين سببا خسائر وضررا كبيرا بالشعبين والطريق الوحيد لوضع حد لهما هو انهاء الاحتلال. وللأسف الشديد لا يمكن ان يحدث هذا من تلقاء نفسه، فقد برهنت اسرائيل في سني الاحتلال الـ 46 على انه لا يوجد أي طريق لارغامها على وقف عملها الشرير بصورة طيبة. ويجب الآن ان نسأل المعترضين على هاس: ما الذي تتوقعونه؟ وما الذي تقترحونه أنتم الوطنيين ومعارضي العنف على الفلسطينيين؟ هل تعتقدون حقا ان يطأطئوا رؤوسهم في استكانة وطاعة 46 سنة اخرى كهذه؟ وهل توجد سابقة في التاريخ لشعب فعل ذلك؟ وحتى لو فعلوا ذلك فماذا سيحدث؟ ان قضيتهم ستُنسى أكثر فقط لأن هذا هو الدرس الذي منحته اسرائيل لهم بطريقتها القاسية.
إن الحجر قد يكون قاتلا حقا ومثله ايضا كرة المطاط وقنبلة الغاز والنار الحية والقذيفة والقنبلة. وحقيقة ان اسرائيل تستعمل هذه الاخيرة لا تُخفف من عنفها. وزعم ان اسرائيل تستعملها للدفاع عن النفس فقط سخيف بالضبط مثل زعم ان اسرائيل هي الضحية في كل هذا الشأن الدامي وان الاحتلال قد فُرض عليها (!) أصلا وهو زعم قد سُمع في ذروة العاصفة. هكذا يكون النفاق والاخلاق المعوجة والكذب، وهي عناصر الانشاء الداخلي لعاصفة هاس.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

المصلحة التي توجد في نهاية النفق
مشعل لم يعارض اجراء مفاوضات مع اسرائيل يديرها عباس وهو الشخصية الاساسية التي يمكنها ان تهدئ الاصوات المتطرفة داخل حماس

بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس

أعادة انتخاب خالد مشعل لمنصب رئيس المكتب السياسي لحماس لم تأتي مفاجئة، على الاقل بالنسبة للمخابرات المصرية التي كان رئيسها الجنرال رافت شحاتة بين الضاغطين الاساسيين لتنفيذ التعيين. حاكم قطر هو الاخر، التي اصبحت احدى الدول الممولة للمنظمة في العصر ما بعد انقطاعها عن سوريا، وكذا الملك عبدالله الذي اقام في الاشهر الاخيرة علاقات جديدة مع زعيم حماس، عملوا كي يتراجع مشعل عن نيته بالاستقالة التي ليس واضحا كم كانت جدية منذ البداية.
وحسب مصادر مصرية، فقد 'اصبح مشعل شخصية لا يمكن التنازل عنها في هذا الزمن. فقد اثبت زعامة وقدرة على التحكم بالمجريات على الارض، ولديه حضور ليس لدى خصومه، بمن فيهم موسى ابو مرزوق او اسماعيل هنية، وهو ملتزم بالخط العربي وليس بايران'. وبينما تجتهد مصر ايضا لتحقيق المصالحة بين فتح وحماس، فان مشعل هو الشخصية الاساس التي يمكنها أن تهدىء الاصوات المتطرفة داخل المنظمة، اولئك النشطاء الذين اداروا في حينه الصراع الفتاك ضد نشطاء فتح. كما أن مشعل لم يعارض ادارة مفاوضات مع اسرائيل شريطة أن يكون محمود عباس (ابو مازن) هو التي يديرها وليس هو شخصيا. بل انه كان هو الذي وافق، بعد ضغط مكثف، على المبادرة العربية. اذا ما توجه الفلسطينيون الى الانتخابات وانتصرت حماس، فان الدول العربية تفضل مشعل على اي من النشطاء الكبار الاخرين في القطاع.
ولكن العلاقة الوثيقة بين رئيس المخابرات المصرية وبين مشعل لا يمكنها أن تشهد على ان الاوضاع بين حماس والجيش المصري خلافا للعلاقة مع الرئيس المصري محمد مرسي تجري على مياه هادئة. فبينما ادار مشعل وهنية في نهاية الاسبوع الماضي محادثات مع قادة المخابرات المصرية، واصل الجيش المصري تدمير الانفاق التي تربط بين غزة وسيناء. وبعد أن دمر الجيش في الشهر الماضي نحو 250 نفقا، أغرق الان بالمياه العادمة 76 نفقا آخر، يعثر عليه من المعلومات التي تصل من الاقمار الصناعية، على ما يبدو ثمرة التعاون مع الامريكيين. عشرات الشاحنات التي وصلت الى منطقة الانفاق كي تخلي شحناتها اضطرت الى العودة الى العريش مخلفة وراءها ليس فقط تجار غزيين ومصريين محبطين بل وايضا موجة من ارتفاع الاسعار في القطاع والضرر الاقتصادي لحكومة حماس التي تجبي رسوما على عبور البضائع في الانفاق.
وأوضح وزير الدفاع المصري، الجنرال عبد الفتاح السيسي، هذا الاسبوع بان الجيش سيواصل نشاطات واسعة يقوم بها ضد الارهاب في سيناء وان 'ليس للجيش المصري اي حاجة لمساعدة حماس أو اي جهة اخرى. فالجيش المصري قادر على التصدي للارهاب بنفسه'. وجاء هذا الايضاح بعد أن اقترح قادة حماس مرة اخرى مساعدتهم في احباط تهريب السلاح والعمليات الارهابية التي مصدرها سيناء. وكانت بداية هذا الشرخ العميق بين الجيش المصري وحماس في العملية التي قتل فيها 23 ضابط مصريا على حدود رفح العملية التي يتحمل مسؤوليتها، حسب المصريين، نشطاء في حماس. ولم يجدِ نفعا في مشعل وهنية، ورفض السيسي طلباتهما للقائه أو لقاء ضباط كبار آخرين، وحتى جهود الوساطة من مرسي لم تغير موقف السيسي، الذي علاقاته مع الرئيس المصري بعيدة عن ان تكون حميمة. ولم يوافق السيسي الا على لقاءات رئيس المخابرات مع مشعل وهنية وذلك على حد تعبيره 'لان هذه شؤون سياسية خارجية وداخلية تتعلق بالمصالحة الفلسطينية التي تتحمل مسؤوليتها قيادة المخابرات المصرية'.
وقال مسؤولون كبار في الجيش المصري لصحيفة 'التحرير' ان 'الجيش المصري يقيم علاقات مع جيوش نظامية لدول وليس مع منظمات سرية'. و 'منظمات سرية' هو تعبير معتدل نسبيا اكثر من التعابير التي تستخدمها مصادر مصرية تجاه حماس لغير الاقتباس. ورفض اللقاء مع قادة حماس ومواصلة تدمير الانفاق ليست فقط اعمال ترمي الى تعزيز الامن في سيناء او المحاسبة مع قادة حماس، فالسيسي يستخدم هذه الاعمال، التي تحظى بدعم جماهيري، كي يوضح للرئيس مرسي ايضا بان الجيش هو من يحدد ما هو التهديد الوطني وهو الذي يحدد سبل العمل ضد هذا التهديد، سوى كان هؤلاء مهربين في سيناء أم منفذي عمليات في بورسعيد. وبهذا الشكل يرسم وزير الدفاع، الذي عينه مرسي نفسه، خط الفصل بين صلاحيات القيادة السياسية وبين القيادة العسكرية.
ومع ذلك، فان مثل هذا الفصل بين السلطات العسكرية والحكم من شأنه أن يتشوش على اي حال حين يتخذ الجيش أعمالا تؤثر على ما يجري في غزة، على اقتصادها وعلى قدرة حماس على ادارة القطاع. لا توجد معطيات رسمية عن الضرر الاقتصادي الذي الحقه تدمير الانفاق التي تمر عبرها نحو 30 في المائة من بضائع الاستيراد من القطاع. ويفهم من التقارير من غزة بانه منذ بدأ الجيش المصري في شهر شباط بهدم الانفاق، ارتفعت اسعار مواد البناء بعشرات في المائة.
وهكذا مثلا، فان سعر طن الاسمنت ارتفع بين ليلة وضحاها من 350 شيكل الى 650 شيكل، وتوقف بناء منازل للسكن، وتوقفت خطط لشق طرق واضيف الاف العمال الى مخزون العاطلين عن العمل. وتوضح الرافعة الاقتصادية الامنية التي يستخدمها الجيش المصري حيال حماس بالتالي لمرسي حدود قوته، حتى في ادارة علاقاته مع الفلسطينيين بشكل عام ومع حماس بشكل خاص.
وفي الجبهة الداخلية ايضا يتعرض مرسي لضغوط شديدة وليس فقط من جهة المعارضة العلمانية. وأوضح المسؤول الكبير السابق في الاخوان المسلمين، د. عبدالمنعم ابو الفتوح، الذي كان بنفسه مرشحا للرئاسة بان 'المعارضة الوطنية مصممة على اسقاط النظام الحالي بوسائل ديمقراطية'، وأن 'الرئيس، حزبه وقبيلته غير قادرين على الحكم في مصر أو اكمال اهداف الثورة'.
ويضاف الى الانتقاد على الاخوان المسلمين نشر تحقيق طويل ومفصل لصحيفة 'الوطن' المعارضة عن مصادر دخل الحركة.
وحسب هذا التحقيق، يتمتع الاخوان المسلمون بتبرعات بعشرات ملايين الدولارات، تدار في فروع للبنوك وشركات التمويل في سويسرا، في ايطاليا، في جزر البهاما وفي دول عربية. وذلك اضافة الى استثمارات مدرة للربح بحجم مليارات الدولارات قام بها رجال أعمال الاخوان المسلمين في الدول العربية والتي تشكل مصدرا دائما لتمويل نشاطاتهم.
في تحقيق استغرق خمسة اشهر واعتمد على وثائق تذكر الصحيفة أحد رجال الاعمال الهامين للحركة الا وهو يوسف الندى الذي اقام في التسعينيات 'بنك التقوى' في جزر البهاما، والذي يندرج ضمن قائمة الارهاب لدى الولايات المتحدة للشك بدوره في تمويل عمليات القاعدة في 11 ايلول 2001. في التحقيق اياه نقل عن المرشد العام السابق للحركة، محمد مهدي عاكف الذي صرح بان الاخوان المسلمين يعملون في 72 دولة ويديرون عشرات الجمعيات الخيرية في أرجاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة. كما أن رجل الاخوان المسلمين السابق، ثروت الحرباوي، في لقاء مع الصحيفة روى أن الحركة تتمتع بتبرعات شهرية تأتي عبر هذه الجمعيات الخيرية، بحجم 100 مليون دولار.
ولا يصل كل المال الى مصر. بعضه ينتقل على حد قوله الى فروع اخرى من الاخوان المسلمين في ارجاء العالم وبعضه موجه الى الاستثمارات التجارية. وحين تكون مصر في أزمة اقتصادية عميقة وتبحث عن مصادر تمويل لتشغيل خدمات الحكم، فان مثل هذا التقرير لا يضيف الى سمعة أو شرعية الحركة وزعيمها السياسي محمد مرسي اللذين لا يرون في هذه الاثناء نهاية للتمرد ضدهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

الوهم الامريكي.. لا يمكن تغيير الحقائق

بقلم:شلومو أفنري،عن هآرتس

الرئيس براك اوباما جاء وذهب، ولم يحصل ما خاف منه اليمين وأمل به اليسار المتطرف: الرئيس الامريكي لم يضغط، والمسيرة السلمية لم تدفع الى الامام. إذ في نهاية المطاف يتبين أنه مع كل القوة والعظمة ليست الولايات المتحدة وليس رئيسها بقادر على ايجاد حلول لنزاعات دولية حين تكون الاطراف المعنية بالامر غير مستعدة للقيام بالخطوات اللازمة لتحقيقها. هكذا هو الامر ليس فقط في الشرق الاوسط بل وفي قبرص أيضا، في كوسوفوا، في البوسنة وحتى في كشمير: في كل واحد من هذه النزاعات للولايات المتحدة يوجد موقف واقتراح للحل احيانا طرحت على مدى السنين عدة اقتراحات حل أمريكية ولكن أيا من هذه الحلول لم يتحقق.
مخاوف اليمين يمكن التفهم. وبالآمال غير الواقعية لليسار المتطرف يمكن التعجب. اليسار بشكل عام لا يتحمس للسياسة الخارجية الامريكية، وبالتأكيد لا يحب ما يسمى باللغة السياسية 'الامبريالية الامريكية'. وعندما تسعى واشنطن الى فرض رأيها على دولة ما، فان اليسار وعن حق يرى في ذلك تعبيرا عن نزعة القوة الامبريالية. وفي حالة اسرائيل وحدها يأمل اليسار الامريكي والاوروبي وأجزاء من اليسار المتطرف في اسرائيل أيضا بان تتصرف الولايات المتحدة مع اسرائيل كما تتصرف مع جمهورية موز. عن التضارب المنطقي والاخلاقي في هذا الموقف من الافضل عدم الحديث.
لا يعني الامر ان ليس للولايات المتحدة قدرات سياسية كفيلة بان تجد تعبيرا ايجابيا لها في معمعان الشرق الاوسط. ولكن الامر لا يرتبط فقط بقوة أو ارادة رئيسها، بل انه منوط بالسياق. وبالفعل يوجد سياقان للولايات المتحدة فيهما قدرة هائلة على دفع سياقات ايجابية الى الامام، أو على الاقل منع التطرف في سياقات سلبية؛ ولكن في غياب هذه السياقات ليس لواشنطن قدرة على فرض تسوية على الاطراف. هذا ما تعلمه اوباما بعد اخفاقاته في بداية ولايته الاولى.
يجدر بنا أن نفحص ما هما هذان السياقان. السياق الاول هو في حالة الحرب الحقيقية، حين يكون تخوف في أن يكون من شأنها ان تصبح حربا اقليمية شاملة او حتى تتسلل لتصبح صداما بين القوى العظمى. في مثل هذه الحالات يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم قوتها وتنهي القتال من خلال ممارسة ضغط شديد على اسرائيل. هكذا حصل في حرب السويس في 1956، عندما مارس الرئيس دويت آيزنهاور ضغطا ليس فقط على اسرائيل بل وايضا على فرنسا وبريطانيا؛ هكذا حصل في الايام الاخيرة لحرب يوم الغفران حين أدى وزير الخارجية هنري كيسنجر الى وقف تقدم قوات الجيش الاسرائيلي، التي باتت في الجانب الغربي من قناة السويس؛ هكذا دفع الرئيس رونالد ريغان رئيس الوزراء مناحيم بيغن الى وقف تقدم الجيش الاسرائيلي الى داخل غربي بيروت بعد اغتيال بشير الجميل على ايدي السوريين في حرب لبنان الاولى؛ هكذا منعت ادارة الرئيس جورج بوش الاب من مهاجمة وسائل اطلاق الصواريخ العراقي في حرب الخليج الاولى.
في كل هذه الحالات كانت مصلحة امريكية مباشرة وواضحة لمنع التدهور، وكانت الضغط الامريكي حادا ومركزا: العمل على وقف القتال. هذا فعل لمرة واحدة قابل للتأكيد السريع والقطعي حين يكون عدم الاستجابة للطلب الامريكي يمكنه أن يؤدي الى مواجهة عميقة وفورية مع واشنطن.

السياق الثاني هو بالضبط عكس الاول: في وضع تصل فيه اسرائيل وجهة عربية بمبادرتهما الى مفاوضات تقدمت جيدا ولكنها علقت عند نهايتها تحققت توافقات واسعة، ولكن في عدة مواضيع لم ينجح الطرفان في الوصول الى نقطة التعادل. هكذا كان بعد نحو سنة من زيارة أنور السادات الى القدس، حين اتفقت اسرائيل ومصر في المفاوضات الثنائية على معظم المسائل، ولكن كانت لا تزال عدة نقاط حساسة وجد الطرفان صعوبة في الاتفاق حولها. عندها - وعندها فقط جمع الرئيس جيمي كارتر بيغن والسادات في كامب ديفيد وفي ظل استخدام الضغوط الشديدة على الطرفين أدى الى التغلب على خلافات الرأي المتبقية. ووجد الطرفان صعوبة في التنازل الواحد للاخر في المسائل موضع الخلاف، ولكنهما وجدا السبيل للقيام بهذه التنازلات، ظاهرا للرئيس الامريكي.
هكذا كان بعد أن توصلت اسرائيل وم.ت.ف الى اعتراف متبادل واتفاقات خارقة للطريق في اوسلو، ولكنهما وجدا صعوبة في عدة مواضيع. عندها فقط عندها استدعى بيل كلينتون الطرفين الى البيت الابيض، وهناك اوضحت واجملت المسائل المتبقية موضع خلاف. هكذا أيضا في موضوع اتفاق السلام مع الاردن، والذي تحقق في أساس الامر بين الملك حسين ورئيس الوزراء اسحق رابين، ولم يفعل الرئيس كلينتون سوى أن منحه مباركته. في هذه السياق يدور الحديث عن حالات بادر فيها الطرفان الى الخطوات بنفسيهما سواء كان هذا السادات الذي زار القدس وبيغن الذي استجاب له، أم اسرائيل وم.ت.ف في اوسلو، بينما عملت الولايات المتحدة كعراب أو كمحفز، حين كان الاتفاق مثابة مصلحة للطرفين وكان في متناول اليد حقا.
ولكن عندما لا يكون أي من هذين السياقين موجودا لا حربا حقيقية تشكل تهديدا اقليميا ولا مفاوضات تجري عمليا وتتقدم بين الطرفين الولايات المتحدة لا تكون قادرة على حمل الطرفين على الاتفاق بل واحيانا ليس حملهما الى مفاوضات ذات مغزى. وعلى مدى السنين كانت خطط أمريكية للسلام في الشرق الاوسط بعدد لا يحصى من مبادرة وزير الخارجية وليم روجرز، عبر مؤتمر انابوليس في عهد الرئيس جورج بوش الابن وحتى خطوات اوباما في ولايته الاولى. في هذه المحاولات الفاشلة كان أيضا مؤتمر كامب ديفيد 2000، حين حاول كلينتون حمل رئيس الوزراء ايهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات على الاتفاق؛ هكذا أيضا في المحاولة الفاشلة السابقة لكلينتون لتحقيق اتفاق بين اسرائيل وسوريا في مؤتمر شبردزتاون.
في مطارحنا درجنا على التركيز على مسألة من 'المذنب' في هذه الاخفاقات، ولكن المسألة هي أكثر جوهرية ومبدئية: عندما لا تكون ارادة سياسية لدى الطرفين أو لدى واحد منهما فليس بوسع الولايات المتحدة أن تفرض عليهما الاتفاق. بتعبير آخر: لا يوجد خيار لتسوية مفروضة.
ليس صعبا الوقوف على سبب ذلك: حتى لو كان رئيس امريكي قادرا على جلب الطرفين الى طاولة المفاوضات، وحتى لو نجح في حملهما على التوقيع على هذه الوثيقة أو تلك، ان مسيرة احلال السلام معقدة، متعددة المراحل وعديدة السنين (كما تثبت معاهدة السلام مع مصر واتفاقات اوسلو). الرئيس الامريكي يمكنه أن يتفرغ لاسبوع أو لعشرة ايام كي يعنى بالشرق الاوسط، ولكنه لا يمكنه أن يرافق عملية تنفيذ الاتفاق على مدى سنين. واذا كان يودع هذا في يد مبعوث ما وتثبت ذلك حالة دنيس روس فانه تنقصه قوة الرئيس، ولن ينجح في حمل الطرفين الصقريين على عمل ما لا يرغبان في عمله.
مؤتمر مدريد هو الاخر، حيث مورس ضغط وحشي جدا على رئيس الوزراء اسحق شمير، هو دليل على قيود القوة الامريكية. كان يمكن جلب اسرائيل الى طاولة المباحثات، خلافا لارادة حكومة شمير، ولكن في نهاية المطاف رغم عدة فرص لالتقاط الصور والخطابات المثيرة للانطباع وكل أنواع اللقاءات والاجتماعات في أرجاء العالم كان مؤتمر مدريد فشلا، وذلك لانه كان أحد الطرفين على الاقل لم يكن مستعدا للتقدم.
وكما اسلفنا، فان هذا هو الوضع في نزاعات مشابهة اخرى. المفتاح يوجد في نهاية المطاف في أيدي الاطراف؛ وفي السياق الاسرائيلي في أيدي الساحة السياسية الاسرائيلية. اذا كان اليسار الاسرائيلي لا ينجح في الانتصار في الانتخابات، والناخب الاسرائيلي يرفع الى الحكم المرة تلو الاخرى حكومات يمينية، والفلسطينيون غير قادرين على توحيد صفوفهم خلف قيادة معتدلة فانه لا يمكن لاي رئيس امريكي أن يغير هذه الحقائق الاساسية.
في نهاية المطاف، فان احدا لا يمكنه أن يحررنا ويحرر الفلسطينيين من المسؤولية عن مستقبلنا. زيارة الرئيس اوباما هي دليل على ذلك، وقد وجد الامر تعبيره بشكل خاص في خطابه المؤثر في مباني الامة. اوباما قال للاسرائيليين: في يدكم المفتاح، أنتم يمكنكم ربما ان تغيروا سياستكم، ولكن لا تعيشوا الاوهام في أن احدا ما قادر على عمل الامر السليم بدلا منكم


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ