تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 316



Aburas
2013-04-15, 10:39 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (316) الاثنيـــن- 15/04/2013 م



</tbody>

<tbody>





</tbody>


<tbody>
في هــــــذا الملف


حرب غزة… الجرائم ستطمس
بقلم:غيلي كوهين،عن هآرتس

لكل جندي اسم
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس

والقلب في القدس
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

عن الحياة وعن الموت
بقلم:عمانوئيل روزان،عن يديعوت

حداد بلا تمييز
بقلم:أسرة التحرير،عن يديعوت

المهرج من بيونغ يانغ
بقلم:د. تشيلو روزنبرغ/ مؤرخ وخبير في الامن القومي عن معاريف

حتى 120 سنة
بقلم:عاموس جلبوع،عن معاريف

ليت نتنياهو كان تاتشريا
بقلم:إنشل بابر،عن هآرتس













</tbody>


حرب غزة… الجرائم ستطمس

بقلم:غيلي كوهين،عن هآرتس

استقر رأي النيابة العسكرية على عدم الأمر بتحقيق جنائي للفحص عن الواقعة التي أفضت الى اصابة أبناء عائلة الدلو في اثناء عملية ‘عمود السحاب’ والى موت 12 مدنيا منهم 4 أولاد و5 نساء من عائلة واحدة.
في اليوم الخامس من عملية الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة أبلغوا في الجيش ان سلاح الجو الاسرائيلي نجح في اصابة رئيس نظام الصواريخ من حماس يحيى ربيع في هجوم على بيته في جباليا شمال القطاع. وبعد ذلك ببضع ساعات تبين ان ذلك الهجوم على البيت في حي ناصر في غزة سبب موت مدنيين لم يكونوا مشاركين في القتال وفيهم اطفال رضع واولاد. وبيّن التقرير آنذاك ان سلاح الجو هاجم خطأ بيت أحد جيران ربيع وهو محمد الدلو وقتل 12 شخصا، أما ربيع خصوصا فنجا من الهجوم. وبيّنت التقديرات بعد الواقعة ان خطأ التعرف هو الذي أفضى الى اصابة المواطنين المدنيين الشديدة من أبناء عائلة الدلو.
وأيد الفحص الذي أُجري في النيابة العسكرية للفحص عن الواقعة نفسها تصديق اصابة ربيع – وهو هدف قصف سلاح الجو، وذكر أن ‘اصابة المخربين الذين كانوا هدفا عسكريا ترمي الى تقليل مقدار اطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية على اسرائيل’. وقضت النيابة العامة ايضا بأنه ‘تم الأخذ بوسائل حذر مختلفة لتقليل خطر المس العارض بأبرياء حين مهاجمة الهدف العسكري واشتمل ذلك على استعمال سلاح ملائم’. وذكروا مع ذلك في النيابة العسكرية ان ‘الجهات العملياتية لم تتوقع ان يحدث ضرر عارض بالمدنيين غير المشاركين في القتال في المقدار الذي زُعم وقوعه بالفعل، نتيجة الهجوم’.
وعلى حسب ما قال المدعي العام العسكري الرئيس، اللواء داني عفروني، ‘إن الواقعة لا تثير شُبهة تنفيذ مخالفة جنائية وإن النتيجة المؤسفة حدثت برغم الجهود التي بُذلت لتقليل الاصابة العارضة للمواطنين الذين لم يكونوا مشاركين في القتال’. وتقرر لذلك، كما أضافوا في النيابة العامة، أنه لا مكان للأمر باجراء تحقيق جنائي أو الأخذ بخطوات اخرى في قضية موت أبناء عائلة الدلو.
أنهوا في النيابة العامة العسكرية مؤخرا الفحص عن أكثر الدعاوى التي تم تلقيها في الجيش الاسرائيلي والمتعلقة بالنشاط العسكري خلال عملية ‘عمود السحاب’ في قطاع غزة، وذلك بعد عمل لجنة برئاسة اللواء نوعم تيبون عينها رئيس هيئة الاركان للتحقيق في الأحداث التي حدثت في اثناء العملية. وكانت اللجنة هي التي جمعت المعطيات عن الأحداث التي حدثت وجمعت ايضا توثيق الهجمات الجوية التي نفذت ونقلت النتائج لتفحص النيابة العامة العسكرية عنها.
من بين نحو من 80 حادثة استقر الرأي في النيابة العامة العسكرية على انه لا تسويغ لبدء تحقيق جنائي في 65 واقعة.
أما سائر الوقائع التي يبلغ عددها 15 فهي في طور فحص آخر أخير قبل اتخاذ قرار بشأنها. والحديث في جملة ما يُتحدث عنه عن تقارير عن مهاجمة المنشآت الاعلامية في قطاع غزة. فقد نشرت منظمة حقوق الانسان ‘هيومن رايتس ووتش’ في شهر كانون الاول/ديسمبر تقريرا يزعم ان هذا الهجوم هو جريمة حرب لأنه قُتل كما تزعم المنظمة بهذه الهجمات مصوران فلسطينيان وجُرح عشرة من الاعلاميين على الأقل.
وأمر المدعي العام العسكري اللواء داني عفروني باجراء تحقيقات اخرى في شأنها قبل اتخاذ القرار بدء تحقيق جنائي في هذا الشأن أو عدم بدئه. وأبلغوا في النيابة العامة العسكرية في تقرير عن وضع التحقيقات التي تمت إثر العملية أن القرارات المتعلقة بهذه الوقائع ‘يتوقع ان تُتخذ قريبا’.
وذكروا في النيابة العامة العسكرية انه وجد في عدد من الحوادث أساس لزعم أنه أصيب مواطنون أبرياء لم يكونوا مشاركين في القتال أو انه أصيبت أملاك مدنية، ‘كانت في الأكثر ضررا مصاحبا غير مرغوب فيه نبع من الهجوم على أهداف عسكرية أو اخطاء عملياتية تم فيها تحديد مدنيين بأنهم ناشطو ارهاب بالخطأ’، كتبوا في النيابة العامة العسكرية.
‘هذه النتيجة مؤسفة لكن من المؤكد أنها في حد ذاتها لا تشهد على الاخلال بقوانين الحرب وهي تنبع بصورة مباشرة من نشاط المنظمات الارهابية الفلسطينية التي اختارت ان تقوم بعملياتها الآثمة متخفية بين السكان المدنيين’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ



لكل جندي اسم

بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس

يبدو ان ما حدث في مساء يوم الاربعاء الثالث من نيسان/ابريل عند أسفل برج الحراسة في حاجز عناف عند مدخل طولكرم، يبدو أنه إعدام؛ فلا يوجد مصطلح آخر نصف به ما حدث هناك. اقترب اربعة شبان فلسطينيون سيرا على الأقدام الى الحاجز وتابعهم الجيش الاسرائيلي بوسائله الى ان أصبحوا على مبعدة 2 كم. ورآهم يقتربون ويحاولون مرة بعد اخرى إشعال الزجاجة الحارقة التي كانت في أيديهم ولم يفعل شيئا لوقفهم. وحينما رموا في نهاية الامر بالزجاجة نحو الجدار الاسمنتي للبرج احتجاجا على موت السجين ميسرة أبو حمدية بالسرطان خرج نحوهم جنديان وأطلقوا عليهم نارا حية. فقتل عامر نصار فورا وجُرح فادي أبو أصل بيده وهرب واعتقل ضياء نصار. لكن ذلك لم يكف الجنود فبدأوا يطاردون ناجي البلبيسي الذي فر الى ساحة مصنع الجلد القريب وأطلقوا عليه النار هناك في ظهره من مدى قصير كما يبدو وقتلوه ايضا.
لم يتعرض الجنود في حصنهم لخطر حقيقي في أية مرحلة. فبرجهم قد اسود منذ زمن بسبب الزجاجات الحارقة – ولا سيما بعد ان بدأ الشباب يفرون. ولم يكونوا يستحقون الموت بل كان يمكن ويجب اعتقالهم كما اعتقل ضياء نصار في ذلك المكان وأبو أصل بعد بضعة ايام، لكن استقر رأي جندي واحد (أو اثنين) على تلقين البلبيسي درسا، وعقابه وإعدامه.
بدأت الشرطة العسكرية السرية التحقيق في الواقعة، واعتقل ضياء نصار وأبو أصل الجريح (الذي استطعت أن ألتقي به). ولم يعتقل أي جندي. والوقت يلح على اعتقال رُماة الزجاجة الحارقة لكنه لا يُلح حقا حينما يبلغ الى الجنود المشتبه بهم بهذا العمل الآثم. ‘حينما ينتهي التحقيق’ قال متحدث الجيش الاسرائيلي كعادته، ‘ستُنقل نتائجه الى النيابة العامة العسكرية’. وسيحدث هذا بعد زمن طويل والنهاية معروفة سلفا، وربما تغلق القضية لعدم الاهتمام أو عدم الأدلة؛ وربما يوجه توبيخ ‘شديد’؛ وربما يحصل خفض للرتبة العسكرية؛ وربما عزل من الوحدة العسكرية؛ بل ربما يوجد عمل عقابي لبضعة اسابيع؛ من يعلم.
لكنه يكمن وراء هذا الفعل جندي وهو شاب اسرائيلي خالص. لا نشك فقط في انه لن يُعاقب كما ينبغي بل ربما لا يُنشر اسمه أبدا وسيظل يتجول بيننا بل ربما يُدعى هذا الاسبوع ‘جنديا ممتازا’ الى منزل الرئيس، وسيُسرح بعد قليل من الجيش الاسرائيلي ويخرج الى حياته وتأخذ ذكرى عمل قتله تخفت في وعيه. من المؤكد أنه جندي ‘مُسمم’، ذاك الذي يحب الاسرائيليون التأثر به، وربما قص على أبناء عائلته ما فعله وربما افتخروا بابنهم. ونشك في ان يكون قادته ورفاقه في الوحدة قد أداروا له ظهورهم، ونشك في ان يكون ضميره يؤنبه الآن: لو أنه زار مأتم ناجي البلبيسي في عنبتا فلربما ثار فيه شيء ما.
سيظل جنديا مجهولا من غير اسم ومن غير ذنب ومن غير مسؤولية، وبذلك يتحمل الجيش الاسرائيلي كامل المسؤولية عن فعله. إن الجندي الذي يختبئ وراء رداء الجيش الاسرائيلي يلقي كامل المسؤولية على الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، فاذا كان الامر كذلك فلا يمكن الحديث عن حالة شاذة بل عن جزء لا ينفصل عن جهاز يسمح باعدام كهذا ويُحلّه بعد ذلك بل يشجعه – بصمته والتغطية التي يمنحه إياها. ولن يمحو هذا ايضا عقاب رمزي سخيف كالعادة. إن الجيش الاسرائيلي الذي لم يعتقل الجندي فورا ولم يأت به للمحاكمة هو منظمة تشجع على تنفيذ اعمال مشابهة في المستقبل ايضا.
حدثت الحادثة في عناف قبل الاسبوع الوطني الاسرائيلي ببضعة ايام. وستُغلف الايام القريبة بقصص البطولة والتضحية والذكرى والانتصار والثكل، ويجب ان نضيف اليها ايضا قصة الجندي الذي طارد شابا فر ناجيا بنفسه غير مسلح بعد ان رمى مع رفاقه بزجاجة حارقة لم تصب أحدا؛ والجندي الذي سدد إليه بندقيته في هروبه وأطلق النار على ظهره في الساحة المظلمة لمصنع الجلود بعيدا عن عيون الجميع، هو ايضا جندي من الجيش الاسرائيلي وهو ايضا جزء من تراثه.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ






والقلب في القدس

بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

طلبت إلي كارمن فينشتاين، رئيسة الطائفة اليهودية في القاهرة ذات مرة أن أعلمها كيف ندعو الله من اجل سلامة دولة اسرائيل. ‘ماذا ستفعلون بهذا؟’ قلت محققة بلغة توبيخ، ‘فالمخابرات تنصت وتعلم في كل لحظة أين توجدين. ولا تستطيعين ان تبيحي لنفسك على ارض مصر ان تباركي دولة اسرائيل’.
‘سأدعو الله في صمت’، وعدت، وعادت فورا الى الصحوة. ‘ينبغي ألا يكون مكان للخطأ فأنا أولا مواطنة مصرية ‘حتى النخاع′ وأنا يهودية في المكان الثاني فقط، لكن يجوز ان ندعو الله لسلامة الجيران’، قال لي في غمز. ‘أليس كذلك؟’. أمس توفيت فينشتاين في سن الثانية والثمانين في الشقة التي تسكنها في حي الزمالك. وهي امرأة شديدة البأس حملت على كاهليها الى شهور حياتها الاخيرة الطائفة الضئيلة واستطاعت الى قُبيل موتها ان تتابع ترميم الكنيس الصغير في حي المعادي وان تستحث العمال. فلو أنك قلت يهود مصر لقلت في نفس الوقت كارمن فينشتاين.
التقيت بها آخر مرة قبل تنحية الرئيس مبارك بأيام معدودة، وكانت تدير في جد مراسيم مؤثرة لافتتاح المعبد المسمى باسم الرمبام (موسى بن ميمون). وقامت متثاقلة على رجليها عند مدخل ‘حي اليهود’ القديم وأشارت الى ضباط الامن المحلي تُعلمهم من هم مدعووها ومن يجب ان يُبعدوه عن الحفل.
لم تبق في تلك المراسيم عيون جافة، واستطعت ان أتعرف على اعضاء الطائفة اليهودية التي عرفت قبل ذلك سنين مجيدة. بقي فقط 22 امرأة واربعة رجال أي أنهم لا يكفون حتى لصلاة الجماعة، وعشرون حاضرا آخر. ولد هؤلاء يهودا واختاروا الذوبان في زواج مختلط لكن القلب يقودهم في أعياد اسرائيل الى مكان الاجتماع في القاهرة والاسكندرية. وتضع النساء على وجوههن خُمر المسلمين من اجل أمنهن.
عرفت كارمن ايضا من اختاروا الابتعاد عن الطائفة. وهبت للمساعدة حينما دُفعوا الى ازمة اقتصادية أو تورطوا مع السلطات. وكانت تتنقل بين الأرامل وكانت مشاركة في العمليات السرية لتهجير الجيل الشاب الى اسرائيل. وقد طلبت إلي في يوم من الايام أن أعلمها صلاة الجنازة عندنا على ضحايا الجيش الاسرائيلي. فسألت متعجبة. ‘أمرة اخرى؟’. وأبرزت أمامي أصابع يدها اليمنى الخمس ملوحة بها ووضعتها فوق القلب: ‘سيكون ذلك بيني وبين نفسي’، أقسمت: ‘فمن ينصت ايضا لن يستطيع أن يسمع′.
استطاعت ان تحتفل بليل الفصح الاخير في الكنيس الكبير في وسط القاهرة الذي أحاط به حزام ثخين من الحرس، وكانت هناك سفيرة الولايات المتحدة وثلاثة دبلوماسيين كبار من اوروبا، والحاخام الذي جاء من فرنسا بصورة خاصة. لم يعد للاسرائيليين موطئء قدم ولا يوجد سياح يهود ومع ذلك توجد موائد مليئة بطعام العيد وهي المطاردة بالمحاكم التي بُرئت منذ قريب من القضايا المتشعبة المتعلقة بأملاك الطائفة اليهودية. إنها امرأة عجوز شديدة البأس تشرف على جماعة تحذر جدا في دولة انتقلت الى حكم الحركة الاسلامية.
وجدت مصدر عيشها في دار النشر العائلية، وكانت تأتي الى القدس في احيان نادرة بحجة العلاج الطبي، وقللت الظهور عندنا وحذرت ألا تتأثر ورجعت من غير ان تثير انتباها، واختفت قبل سنتين في ذروة دعوى قضائية، وأصرت وسائل الاعلام في القاهرة على ان رئيسة الطائفة اليهودية استسلمت وفرت، لكنها عادت الى القاهرة واستأجرت محامين وخرجت للنضال، وقالت لكل من هاتفها ليهنئها بالعيد الاخير في صوت متعب ‘انتصرنا’.
نامي في سلام يا كارمن. فقد انتهت شجارات حياتك. ويا لمبلغ رمزية أنك توفيت قُبيل يوم ذكرى الدولة التي تطلعت اليها واقتربت بصورة خاطفة وروضت نفسك على الابتعاد ولم تستطيعي حتى ان تتجرأي على الدعاء لله من أجلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ






عن الحياة وعن الموت

بقلم:عمانوئيل روزان،عن يديعوت

إن يوم ذكرى ضحايا الجيش الاسرائيلي هو يوم تأسيسي في تقويم دولتنا المميزة. وأنا على ثقة بأنه يجب الاستمرار في الاحتفال به كما هو، أي يوم حداد وطني. انه يومنا وليس بالضرورة يوم أبناء العائلات الثكلى التي أصبح ‘يوم الذكرى’ عند كثيرات منها هو كل واحد من ايام السنة.
إن يوم الذكرى هو يوم حزين ومهم ومقدس ومن اجل ذلك خاصة أستهجن جعله مهرجان تمجيد وتعظيم للموت. إن الألم المطلوب والحزن الذي لا ينتهي يُلحنان ويُنشدان، وتتحول الكليشيهات الى اقوال ثكلى. ‘مهدوا لنا بموتهم الحياة’، و’حسان النواصي والوجوه’. وكذلك فان صلاة ‘الاله الممتلئ رحمة’ التي تمت ملاءمتها لضحايا الجيش الاسرائيلي لا يعوزها قول: ‘مقدسون طاهرون وأبطال، يضيئون كاضاءة السماء… بذلوا مهجاتهم من اجل تقديس الرب…’.
بالنسبة لأبناء العائلة وبالنسبة للاصدقاء فان كل واحد من الموتى قدّيس وحسن وطاهر. وسيكون من الحمق ان نحاول تحليل صورة كلامهم على أعزائهم أو ان ننتقد أو ان نحاول ان نُدخل في النص تعديلات وتناسبا، فالحداد والتعبير عنه شخصيان وغير محدودين.
ولا جدل ايضا في الواجب على سلطات الدولة ان تحترم اولئك الذين ماتوا حينما كانوا رسلها، ولا يهم سبب الموت ولا تهم الظروف، وكذلك زعم ان كثيرا من الاموات لم يكونوا بالضرورة أبطالا وأن كثيرا منهم لم يسقطوا في القتال قد يكون هو ايضا صحيحا لكن لا حاجة اليه. فالمراسيم هي المراسيم ولا يتم التدقيق في التفصيلات في يوم الذكرى. ان المشكلة هي مشكلة اولئك في الحكومة والجيش ووسائل الاعلام ايضا الذين يحاولون تجميل الموت وتحسين الثمن الفظيع بكلام جميل لأن الموت قبل الأوان هو دائما أمر لا حاجة اليه، لأن الموتى أرادوا ان يحيوا وخرجوا لخدمة الدولة لأن ذلك كان الواجب عليهم لكنهم لم يشاؤوا ان يمهدوا لها الحياة بموتهم. وإن جملة الكليشيهات تطمس على عمد على حقيقة ان الثمن باهظ جدا وهو ليس ضروريا دائما. وهي تطمس عن عمد حقيقة انه في كثير من الحالات كان الموت في الجيش نتيجة تقصير سياسي أو اخفاق عسكري. إن ‘حسان النواصي والوجوه’، ان هذا القول في نظري قول مغسول يرمي الى تمكين السلطة من الاستمرار في جباية ثمن حياتنا وحياة أعزائنا.
أصبحنا نعلم اليوم ان ترومبلدور لم يقل ‘الموت من اجل ارضنا حسن’. وأنا محتار ايضا في أنه هل كان ما قام به روعي كلاين الراحل الذي ضحى بنفسه بقفزه على القنبلة اليدوية لانقاذ جنود آخرين عملا بطوليا أو عدم مسؤولية عن نفسه وعن عائلته. هل من الصحيح ومن الواجب ان نربي الجنود على الانتحار في معركة لانقاذ آخرين؟
في تاريخ اسرائيل معارك كان الموت فيها ضروريا، فقد صد جنود العدو بأجسادهم لأن العدو كان هناك وكانوا هم هناك ولم تكن توجد أية سبيل للفرار أو الدفاع عن النفس. ومنع فريق منهم بلا خيار بأجسادهم دخول العدو الى داخل البلاد ولم تكن هذه حال روعي كلاين. إن روعي، وهو ضابط شجاع ممتاز، لم يمهد حياتنا بموته بل أنقذ حياة عدد من رفاقه الذين كانوا يقفون الى جانبه بثمن موته الفظيع.
أنا أرى ان يوم الذكرى مع كونه وقتا للصلوات والذكرى والبكاء هو يوم يستحق بحثا عميقا في أكثر القضايا حساسية – في مسألة ألم ننسَ في طريقنا الى تقديس الموت وتجميله احيانا، الحياة نفسها؟ وأنا على يقين من ان بعض اصدقائي المدفونين تحت الشواهد الحجرية كان سيفرحهم لو استطاعوا ان يشاركوا في هذا الحوار المهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

حداد بلا تمييز

بقلم:أسرة التحرير،عن يديعوت

في المقبرة العسكرية في جبل هرتسل تجري منذ عقد ظاهرة تتعارض واحدى الافكار الاساس لواضع فكرة دولة اسرائيل: الفصل بين الدولة – وفي هذا السياق، جيشها – وبين الدين. شهداء الجيش الاسرائيلي يتفرقون الواحد عن الآخر في موتهم حسب دينهم. من ليسوا يهودا حسب موقف الحاخامين يدفنون في القطعة المركزية. اما المسيحيون، المسلمون وغيرهم – ففي قطعة جانبية. من كانوا مواطنين من الصنف الثاني في حياتهم في دولة اليهود يصبحون شهداء من الصنف الثاني بموافقة الجيش الاسرائيلي.
هذه بحد ذاتها فضيحة لا يحتملها العقل. كل من يؤم مقابر الجيش الذي حرر اوروبا من ربقة النازيين وفقد في المعارك الشديدة الالاف وعشرات الالاف يرى بين صفوف الصلبان نجمة داود ايضا. اخوة المقاتلين لم تتوقف عند موتهم.
لا يوجد اي مبرر للتصرف المغاير في اسرائيل. الى جانب اليهود يخدم في الجيش ويسقط ابناء اديان اخرى، او من يعرفون أنفسهم يهودا ولكنهم لا يستوفون مقاييس الحاخامية. المقابر العسكرية يجب أن تكون متساوية ومجردة من كل تمييز ديني. لا يجب السماح للمتدينين بان يهددوا باستخدام الفيتو على دفن غير اليهود الى جانب اليهود. فالعائلات المعنية بدفن اعزائها في مقابر اخرى، في بلدات سكناهم مثلا، يمكنهم أن يفعلوا ذلك.
رئيس الاركان، الفريق بيني غانتس، ابرز الاسبوع الماضي خطوة الفضيحة حين أعلن بانه سيضع علما صغيرا على قبر الشهيد الاخير في جبل هرتسل ولكنه تجاهل آخر الشهداء، الذي لم يكن يهوديا واقصي عن قطعة الدفن المركزية. غانتس رئيس الاركان الاول الذي يركز على القطعة اليهودية، هكذا تصرف ايضا ثلاثة من أسلافه، بمن فيهم وزير الدفاع اليوم موشيه يعلون. من هنا فان عادة التفكير المتحجر تقبع في أساس قرارات ذات معنى عام لم يكلف غانتس نفسه اعادة النظر فيها. وفقط في اعقاب النشر عن الحدث، قرروا في الجيش الاسرائيلي ووزارة الدفاع اتباع نظام جديد بحيث يضع رئيس الاركان العلم الصغير على قبر الشهيد الاخير، بصفته هذه، الذي دفن في جبل هرتسل، وذلك الى جانب الشهيد الاخير الذي دفن في القطعة المركزية.
على دولة اسرائيل أن تتطلع الى المساواة المدنية المطلقة في كل مجالات وجودها. لا مكان للتمييز، لا في الجيش الاسرائيلي ولا في جبل هرتسل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
المهرج من بيونغ يانغ

بقلم:د. تشيلو روزنبرغ/ مؤرخ وخبير في الامن القومي عن معاريف

بتواضع شديد أقرر: لن يأمر باطلاق صاروخ نووي – لا على كوريا الجنوبية، لا على اليابان ولا على الولايات المتحدة. ما نجح هذا الساحر في عمله هو استغباء العالم. كل من له عينان في رأسه يفهم بان كوريا الشمالية لن تطلق صاروخا نوويا.
وذلك لسببين أساسين: أولا، احتمال أن يكون لدى كوريا الشمالية صاروخ نووي جاهز للاطلاق يقترب من الصفر. وحتى لو كان، فعدد الصواريخ قليل للغاية. ثانيا، زعماء كوريا الشمالية يعرفون ان خطوة من هذا النوع ستؤدي الى تصفية دولتهم، سواء بخطوات عسكرية أم بعقوبات اقتصادية.
الخطاب الحربي للمهرج من بيونغ يانغ يأتي لتثبيت مكانته الجديدة داخل الدولة. كل الانظمة الشمولية وبالتأكيد تلك الشيوعية، استخدمت دوما دعاية من هذا النوع على أمل ان تساعد في مواصلة حكمهم الدكتاتوري الوحشي. إذن فان يواصل تقاليد جده وأبيه، والعالم الغربي ينجر الى هذا المعمعان. نمط السلوك يشبه نمط سلوك زعماء العالم الشيوعي رحمه الله؛ الدعاية في التلفزيون، المسيرات التي لا تتوقف، الدقة المجنونة لكل حركة، صفوف مستقيمة كالمسطرة، خطابات ‘شمس الشعب’ الذي سترته الخالدة أكبر من عقله.
يروى انه في احدى الدول الشيوعية تجمع عشرات آلاف الجنود للاستماع الى استعراض هام للغاية عنوانه ‘كيف ندافع عن أنفسنا في وجه هجوم عسكري امريكي علينا’. الجنرال الخبير وعظيم المجد الذي حاضر امام الجنود كان متأكدا من أن جنوده سيهزمون الامريكيين بسرعة ونجاعة. فسأل عدد من الجنود الجنرال في ختام المحاضرة كيف بالضبط سيتمكنون من الانتصار على الجيش الهائل للولايات المتحدة بينما لا يحملون سوى بضع بنادق قديمة، مجنزرات قديمة وطائرات بصعوبة تنجح في الاقلاع.
فامتلأ الجنرال بالعناد، ولكنه لم يتردد وأجاب: بفضل الايديولوجيا الماركسية اللينينية، تصميم وحكمة الزعيم. هكذا انتهى استعراض آخر فاشل وخيالي. كي يستوعب الجنود السائلون الرسالة أرسلوا الى معسكرات لاعادة تثقيفهم.
من خلف يقف الحرس القديم الذي يحاول حماية مكانته. خرائط الحرب التي خلف طاولته، وقفة التفكير التحليلي له، النظر في منظار والمظاهر الغبية الاخرى هي دليل على المسرحية الضحلة. قيادة كوريا الشمالية مجنونة، ولكن ليست غير عقلانية. مفهوم بالنسبة لها ولكل من له يد ورجل في ادارة الدولة بان كل خطوة حربية ضد الدول المجاورة ستؤدي الى الحرب. لا يمكن الاعتماد على الصين وروسيا. فهما راضيتان عن الضغط الذي توجد فيه الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى.
اضافة الى ذلك، واضح للصين ولروسيا بانه اذا ما ضربت كوريا الشمالية الولايات المتحدة، اليابان أو كوريا الجنوبية، فانهما لن تتمكنا من منع الهجوم على بيونغ يانغ.
هناك من يعتقد بان كيم يونغ اون صعد الى سلم عالٍ جدا. ومع ذلك، ففي دولة – معسكر إبادة – سجن مثل كوريا الشمالية لا توجد مشكلة للزعيم للنزول عن السلالم.
محقون اولئك الذين يدعون بان سوق الولايات المتحدة والغرب في الازمة الحالية لا يحسن للمساعي لاخراج ايران من دائرة النووي لاغراض عسكرية. واضح أن طهران مرتاحة من الازمة. ورغم ذلك محظور على الايرانيين أن ينسوا بان الاحداث التاريخية المشابهة لا تتماثل.
وتصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري لدى زيارته الى اسرائيل عن التزام الولايات المتحدة بعدم السماح بنووي ايراني – يجب أن تؤخذ بالحسبان في طهران.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حتى 120 سنة

بقلم:عاموس جلبوع،عن معاريف

65 سنة لدولة اسرائيل، أي لدولة شعب اسرائيل الذي هو الشعب اليهودي. هذا تقريبا هو سن التقاعد. الجد المتقاعد اليوم هو ابن الجيل الذي ولد حوالي موعد اقامة الدولة. أبواهما اللذان قدما التضحية الاكبر من أجل الانتصار في حرب الاستقلال وبناء دولة اسرائيل. نحو 6.000 قتيل من اصل سكان يبلغ عددهم نحو 600.000 نسمة في العام 1948 هو نحو 60.000 قتيل في هذا الزمن! جيل الجد المتقاعد هو الذي قاتل في حروب اسرائيل (في حملة السويس في 1956، في حرب الايام الستة 1967 وفي حملات اخرى) من أجل الدفاع عن البناء الذي أقامه أبواه وصيانته.
جيل ابنائهم وأحفادهم هو الذي ثبت البناء واستقر بدولة اسرائيل في جبهة الدول المزدهرة في العالم رغم مشاكل الامن التي لا تنقطع: مع تكنولوجيا وعلم في جبهة التقدم؛ مع المكان الثالث من بين شركات التكنولوجيا العليا في بورصة نيويورك قبل بريطانيا واليابان؛ مع طب واجهزة طبية وادوية جديدة من الرائدة في العالم؛ مع زراعة تأسر البلدان، مع قدرات طاقة من الاكثر تقدما؛ مع اقتصاد مستقر في عالم اقتصادي من عدم الاستقرار، والقائمة طويلة.
من كان في شنغهاي في المعرض العالمي قبل سنتين ونصف السنة، وزار الجناح الاسرائيلي وكان شاهدا للانفعال الصيني والعالمي – كان بوسعه أن يشعر بالفخار بعظمة انجازات الدولة. وكعظمة الانجازات هكذا ايضا حجم النواح والبكاء على الامور السيئة التي في الدولة. وهكذا أيضا شدة الشر والاغراض لتعطيل الانجازات وتشويه كل ما هو جميل. وبالطبع الكثير جدا من الامور ليس كما ينبغي أن تكون، وارتكبت العديد من الاخطاء وهنا ايضا القائمة طويلة ومحزنة. ولكن التوازن ورؤية عموم الصورة هما اللذان ينبغي أن يوجهانا وليس الحماسة احادية الجانب.

عندما اقيمت الدولة كانت لنا مشاكل فقط تقريبا، وكانت لدى بعض من الدول العربية الكنوز فقط، كنوز النفط. ماذا حصل لهم؟ ماذا فعلت السعودية مع كل مالها؟ هل حظي سعودي بجائزة نوبل؟ هل ساهمت في شيء ما في صالح صحة البشرية؟ هل انتجت شيئا ما مجديا بذاتها؟ لا شيء! إمارة قطر عرفت كيف تشتري بالمال فرق كرة قدم في اوروبا، ولكن لا أن تساهم في شيء ما في صالح البشرية. وعن الدول العربية التي لا كنوز لها حدث ولا حرج. مجتمعاتها غرقت وتواصل الغرق فقط. الا أنها تحاول اليوم ايجاد الحل في الاسلام السياسي.
المفارقة هي أنه بسبب دولة اسرائيل، فان الفلسطينيين الذين لم يحظوا بعد بدولة مسقلة خاصة بهم (رغم ‘الاحتلال’) بشروط معيشة أفضل تقريبا منها في كل الدول العربية. في السنة الـ 120 للدولة في 2068، ماذا سيروي الجد، الحفيد الصغير اليوم، لاحفاده؟ صغار الايمان، المتشائمون الخائفون، سيقولون انه لن يكون هناك جد يروي. برأيي يوجد لدولة اسرائيل قدرة كامنة هائلة على مضاعفة النمو في المستقبل، بما في ذلك في المقدرات البشرية التي يوجد فيها ارتفاع مذهل في الخصوبة (تصل الى ثلاث ولادات للمرأة وليس فقط لدى الاصوليين!).
التهديدات والمخاطر أقسمها الى اثنين: الاول، الخارجي، الذي يدعوه البروفيسور يحزقيل درور: ‘حرب الابادة المستمرة ضد اسرائيل والنابعة من الجذور العميقة للنزاع العربي – اليهودي الاسرائيلي – الاسلامي’. في هذا الاطار يعد وجود سلاح نووي فاعل في يد ايران بمثابة تهديد شبه وجودي. الثاني، وهو ليس أقل اهمية، داخلي: فقدان الثقة بعدالة الطريق الصهيوني: على ماذا نُقتل وعلى ماذا نُكافح؛ الكراهية العابثة المتحمسة والكراهية الذاتية المدمرة؛ ‘عبادة الاصنام’: السجود الاعمى لارض بلاد اسرائيل من جهة والايمان المسيحي ‘بالسلام الحقيقي’ السريع لقاء أي ثمن. أؤمن بان أحفادي وحفيداتي سيحظون بل وسيحظون جدا في أن يرووا لاحفادهم عن روعة دولة اسرائيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

ليت نتنياهو كان تاتشريا

بقلم:إنشل بابر،عن هآرتس

إعتادوا في اسرائيل لسبب من الاسباب أن يسموا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ‘تاتشريا’. ويُسمع هذا بصورة جيدة وبخاصة حينما يصدر هذا اللقب من فم شيلي يحيموفيتش في احتقار. لكن في حين توجد خطوط تشابه ما بين سياسة نتنياهو الاقتصادية واجراءات مارغريت تاتشر الراحلة في الحكم (وهو تشابه ضعيف جدا حينما نأخذ في الحسبان ان خصخصة نتنياهو أكثر ترددا ولم يتجرأ بعد على مواجهة لجنة العمال الأقوى في الدولة التي يرأسها رئيس هيئة الاركان)، فالتاتشرية هي أكثر من تصور اقتصادي – اجتماعي.
لا يستطيع حتى أكثر معارضي المرأة الحديدية سُما، اولئك الذين يرونها مسؤولة عن فقدان مصدر عيش ملايين المواطنين البريطانيين وتدمير مئات المجموعات في المملكة، لا يستطيعون ان يُنكروا أن اسلوب قيادتها كان قويا وشجاعا وناجعا. فهي لم تخش التعبير عن اعتقاداتها من غير أن تحسب حسابا للرأي العام، وسعت الى تحقيقها في حزم. وقد أعلن نتنياهو انه ‘في حداد’ لوفاة تاتشر و’أنها كانت مُلهمة لجيل من الزعماء الساسة’، لكن لا يبدو أن هذا الالهام قد أصابه جزء منه.
إن القيادة السياسية لنتنياهو المتردد والمتعوج المُغرى باستطلاعات الرأي، والذي يفحص بلا كلل عن شعبية كل قول وعمل، ليست تاتشرية. وصورة توقيعه على صفقة الافراج عن جلعاد شليط المناقض تماما لتصوره الأمني، وذلك في الأساس من اجل وقف تهاوي الليكود بعقب الاحتجاج الاجتماعي، غريبة تماما على تاتشر التي لم تحجم مرة بعد اخرى عن إغضاب الجمهور في بريطانيا عليها. وقد فازت في ثلاث معارك انتخابية وغيرت وجه المجتمع البريطاني تغييرا أساسيا برغم أنها كانت لفترات طويلة رئيسة الوزراء ذات أقل نسب التأييد منذ كانت الحرب العالمية الثانية.
وقد عرفت تاتشر برغم صورتها الصارمة كيف تُظهر البراغماتية حتى حينما أغضب ذلك مجموعات مؤيدين تقليدية من حزبها. وقادت نهجا لا هوادة فيه في محاربة الـ ‘آي.آر.إيه’ لكن بعد سنة فقط من محاولة اغتيالها بقنبلة في الفندق الذي نزلت فيه، وقعت على اتفاق مع حكومة ايرلندة منح دبلن مشاركة في ادارة شؤون شمال ايرلندة البريطانية على نحو أغضب البروتستانت القوميين. وكانت تاتشر التي كانت مفاوضة صارمة مع رؤساء المجتمع الاوروبي في تقسيم الميزانية المشتركة، كانت ايضا من الحاثين الرئيسين على انشاء سوق موحدة وتوسيع المجتمع ليتجاوز غرب اوروبا.
وقد عرفت كيف تجعل رئيس الولايات المتحدة رونالد ريغان صديقا وشريكا برغم فروق المزاج التامة بينهما، وأن تعارض مع ذلك امريكا وقت الحاجة كما في الخروج الى حرب الارجنتين عن جزء فوكلاند، وحينما ضغطت الادارة نحو الاتجاه الدبلوماسي، أو حينما نددت بالغزو الامريكي لجزيرة غرينادا وهي مستعمرة بريطانية سابقة. قارنوا هذا فقط بصورة نجاح نتنياهو في تكريه نفسه الى رئيسين وفي التكمش مع كل ذلك حينما استُعمل ضغط عليه.
تم اتهام تاتشر بصدق ما بأنها حاربت قطاعا كاملا من طبقة العمال في شمال انجلترا وويلز وسكوتلاندة حينما أغلقت مناجم الفحم وقضت على فروع صناعية كاملة. لكن لا يمكن ان يُزعم أنها فعلى ذلك بتفويض من النخب القديمة. فقد كانت تحتقر النبلاء وتجاهلت الكنيسة المؤسسة وواجهت الطبقة المثقفة في اكسفورد (حيث درست) وكامبردج. بل كانت لها علاقات باردة مع الأسرة المالكة. وانشأت تاتشر طبقة وسطى جديدة مبادرة طموحة. فيها ناس من جميع أجزاء السكان أرادوا التقدم ونيل الثراء. وقد امتازوا حقا بطمعهم لكنهم لم يتمتعوا بحقوق زائدة بسبب أصولهم. إن نتنياهو الذي هو برغم جذوره التصحيحية نتاج واضح للنخبة الاشكنازية القديمة لم يفشل فقط في رعاية الطبقة الوسطى بل بنى عالمه السياسي من إغراء اوساط كاملة بعضها ببعض. وهو ينشد قصائد المدح للمشروعات الاسرائيلية لكنه لم يوجد في واقع الامر في تاريخ اسرائيل رئيس وزراء نجح مثله في تخليد الوضع الذي لا يشارك فيه وسط كامل من السكان في سوق العمل، بأحلاف عقدها مع الكتل الحزبية الحريدية.
يا لمبلغ المفارقة في أنه في حين أجلّت تاتشر ‘التأكيد اليهودي لمساعدة النفس وتحمل المسؤولية الشخصية’ وأجلّت الطائفة اليهودية في بريطانيا ‘لصورة تخليص أبنائها أنفسهم من أحياء الفقر بعمل صعب ومن غير انتظار مساعدة حكومية’، كان مُجلّها نتنياهو الحليف الأشد ولاءا لليهود الذين يريدون تخليد الفقر والجهل واتكالية مجتمع كامل. فهو لم يكن اذا تاتشريا.


ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ