Aburas
2013-04-15, 10:45 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
الشعب الفلسطيني ضحية حيرة «حماس»
عزمي عاشور (كاتب مصري) عن الحياة اللندنية
جولة كيري للسلام أم للحرب؟
رأي القدس العربي
ماذا يدبر جون كيري؟
اسامة الشريف عن الدستور الأردنية
أوباما: النظر بعيون فلسطينية
جيمس زغبي عن السفير
ما جدوى المفاوضات؟
أسامة عبد الرحمن عن دار الخليج
إسرائيل متشائمة من استمرار الفتور التركي بشأن المصالحة
حلمي موسى عن السفير
نعم للانقلاب.. على الانقسام
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
قمة المصالحة الفلسطينية
ناجي صادق شراب عن دار الخليج
الفلسطيني بعيون عربية والعربي بعيون فلسطينية
معن بشور(كاتب من لبنان) عن القدس العربي
«الأقصى» يواجه التهويد وحيداً
رأي الدستور الأردنية
لماذا لم تتشيّع غزة؟
عمرو الشوبكي عن المصري اليوم
عز الدين القسام.. أم المتطرفون المسيحيون؟
عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
في لحظة يأس.. هل يطلق الأسد صواريخه تجاه تركيا.. وإسرائيل؟!
كلمة الراياض بقلم : يوسف الكويليت
الشعب الفلسطيني ضحية حيرة «حماس»
عزمي عاشور (كاتب مصري) عن الحياة اللندنية
إذا كان بناء مؤسسات الدولة هو التطور الأبرز في القضية الفلسطينية، فإن التطور المضاد والأسوأ هو الذي ارتبط بفوز «حماس» في انتخابات 2006، فعلى رغم أنها جاءت بطريقة ديموقراطية، إلا أن هذه الحركة كانت مثل الخنجر الذي غُرس في ظهر القضية الفلسطينية، ليس فقط لدخولها في صراع وجود مع حركة «فتح»، وإنما أيضاً في استخدامها كأداة لقوى إقليمية تحت شعار الدفاع عن الشعب الفلسطيني. ومنذ وجود «حماس» بهذا الشكل الموظف من الخارج، وجدنا كيانين فلسطينيين، في وقت كان من المهم جداً أن يتحدا تحت سلطة واحدة، ودخلنا في قضية الصراع الداخلي بين الفلسطينيين بطريقة المباراة الصفرية، ولتتحول القضية وتتقزم من قضية عالمية يسعى الجميع إلى وجود حلول لها، إلى أن تصبح قضية أنفاق غير مشروعة على الحدود بين مصر وغزة بتوقيع حركة «حماس» ومباركتها.
وهنا ليس المهم أن يتوحد من يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية مثلما كان الوضع قبل الانتخابات التي جاءت بحماس، وإنما المهم أن تعيش زعيماً أو قائد فصيل بمباركة الخارج. وجاء فوز جماعة الإخوان المسلمين بالحكم في مصر مثل طوق نجاة ليس للشعب الفلسطيني وإنما لحماس، لتجد من يدعمها ويقويها على باقي الفصائل الفلسطينية من خارج الحدود، ولكي ندور من جديد في الدائرة المفرغة التي أضاعت كثيراً من الحقوق الفلسطينية. ومن ثم، لم يكن مستغرباً أن يشرف إخوان مصر على انتخابات رئيس حماس الجديد من القاهرة، التي اجتمع فيها المكتب السياسي للحركة في مطالع نيسان (أبريل) الجاري ليستمر خالد مشعل في ولايته الخامسة رئيسا لها. والسؤال: لماذا يصر الفلسطينيون على تكرار أخطاء الماضي ولا يتعلمون منه؟ فخبرة السبعين سنة تؤكد أن أول ركن في استرجاع حقوقهم هو ضرورة الانطلاق من الداخل الفلسطيني والبعد من التوظيفات والمتاجرة بالقضية التي دخلت فيها جماعات لن تضيع فقط القضية الفلسطينية وإنما البلاد التي تحكمها.
آن الأوان للفلسطينيين أن يكون لهم ربيعهم، وأن يغيروا هذه النخب والوجوه التي أضرت أكثر مما أفادت الفلسطينيين. فنجاح حماس أو حتى فتح لن يكون متوقفاً على مدى ارتباطها بإخوان مصر، بقدر ارتباطه بما سوف تحققه على الأرض من المصالحة والتوحد للدفاع عن الحقوق الفلسطينية من دون تمييز عقائدي. وتحقيق هذا الأمر يتطلب أولاً أن تبتعد القيادات التقليدية التي كانت سبباً للانقسام وأداة للتوظيف الخارجي، وثانياً ضرورة الارتباط بالداخل والتحرك بناء على معطياته وليس على معطيات الخارج الذي قد يكون في دمشق أو طهران، أو حتى في القاهرة، فالقضية الفلسطينية لم تعد قيادات تتاجر بمصير شعب وإنما باتت مرتبطة بمن يحقق لهم إنجازات على أرض الواقع، التي يشغلها اليوم الإسرائيليون ببناء المستوطنات وترجمة حلمهم حقيقة، في حين أن أصحاب الأرض الحقيقيين حقوقهم تضيع ما بين هؤلاء القيادات والدول التي توظف قضيتهم.
جولة كيري للسلام أم للحرب؟
رأي القدس العربي
لم نستغرب ما نشره يوم امس موقع 'واللا' الالكتروني الاسرائيلي نقلا عن مسؤول امني كبير وصف جولة جون كيري وزير الخارجية الامريكي الماراثونية الحالية في منطقة الشرق الاوسط، بانها تهدف الى تكوين تحالف او محور لفرض المزيد من العقوبات ضد ايران، لارغامها على وقف برنامجها النووي، واحتمال شن هجوم عسكري عليها في حال فشلت العقوبات في تحقيق اهدافها.
عدم استغرابنا هذا نابع من تجاربنا السابقة مع التحركات الامريكية المشابهة، ففي كل مرة تحدث فيها مسؤول امريكي عن احياء عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين اقدمت الولايات المتحدة على ارسال جيوشها وقاذفاتها العملاقة (B52) لقصف واحتلال دولة شرق اوسطية.
في عام 1990 وبعد اجتياح القوات العراقية للكويت وعدنا جورج بوش الاب بعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية، وبعد تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001 وعدنا جورج بوش الابن باقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل انتهاء ولايته الرئاسية الاولى، وجدد الوعد نفسه قبل وبعد احتلاله للعراق على اساس اكذوبة اسلحة الدمار الشامل، وبقية القصة معروفة.
الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي وعد في بداية رئاسته الاولى بجعل قضية الدولة الفلسطينية المستقلة على قمة اولوياته، رضخ لتهديدات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي واللوبي اليهودي الامريكي الداعم له، وتراجع عن هذا التوجه كليا، رافعا راية الاستسلام، ومنكفئا في مكتبه البيضاوي، بحجة معالجة ازمات بلاده الاقتصادية، وتمرير برنامجه الصحي الاصلاحي.
الآن بدأ العد التنازلي للهجوم الاسرائيلي ـ الامريكي على ايران لتدمير طموحاتها النووية، بعد ان فشلت جولة المباحثات الاخيرة في التوصل الى اتفاق سلمي، وهناك من يقدر ان هذا الهجوم بات وشيكا وقد يقع في شهر حزيران (يونيو) المقبل.
وهناك عدة مؤشرات في هذا الصدد علاوة على محاولات احياء عملية السلام الفلسطينية ـ الاسرائيلية.
' اولا: زيارة اوباما لتل ابيب وتجديد التزامه بعدم السماح لايران بان تتحول الى قوة نووية.
' ثانيا: تحقيق المصالحة التركية ـ الاسرائيلية واقناع نتنياهو بالاعتذار لرجب طيب اردوغان نظيره التركي.
' ثالثا: وصول تشاك هاغيل وزير الدفاع الامريكي الى القدس المحتلة لاحياء التعاون والتنسيق العسكري التركي ـ الاسرائيلي والعودة به الى صيغته السابقة.
' رابعا: تكرار التصريحات الايرانية من قبل كبار المسؤولين وابرزهم السيد علي خامنئي بان ايران سترد ردا ساحقا في حال تعرضها لهجوم اسرائيلي على مفاعلاتها النووية.
لتسهيل قيام هذا المحور الجديد، واعطاء ثماره يتعرض بنيامين نتنياهو الى ضغوط مكثفة حاليا من قبل الادارة الامريكية ووزير خارجيتها كيري لتقديم بعض التنازلات الشكلية للفلسطينيين، مثل دفع مشاريع اقتصادية فلسطينية في المنطقة 'ج' الخارجة عن ولاية سلطة الرئيس عباس، وتحويل مستحقات الضرائب الفلسطينية المستحقة للسلطة دون تأخير.
تجري محاولة دؤوبة حاليا لتجميل وجه نتنياهو وتصويره كحمل وديع يريد السلام وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والشيء نفسه يقال عن حكومته اليمينية الاستيطانية المتطرفة، ومن اللافت ان السلطة الفلسطينية التي استخدمت بطرق بشعة، ولدغت من الجحر نفسه اكثر من مرة في السابق، تجاري هذا المخطط الامريكي وتتجاوب معه.
ماذا يدبر جون كيري؟
اسامة الشريف عن الدستور الأردنية
رسميا لا توجد خطة مفصلة لدى وزير الخارجية الاميركية جون كيري الذي يزور المنطقة للمرة الثالثة بعد تنصيبه في فبراير الماضي وللمرة الثانية بعد زيارة الرئيس باراك اوباما. الحديث يدور حول محاولة كيري انعاش عملية السلام المتعطلة منذ عام 2009 بين الفلسطينيين والاسرائيليين من خلال جولات مكوكية بين رام الله والقدس الغربية. الواضح ان كيري لديه تصور لتهيئة الاجواء، ويقال انه يقترح على كل من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خارطة طريق جديدة تتضمن تعديل مبادرة السلام العربية لعام 2002 بحيث تتيح للطرفين العودة الى طاولة المفاوضات.
مصادر فلسطينية تحدثت عن اقتراح اميركي لتعديل مبادرة السلام العربية بحيث تتحدث عن مبادلات للاراضي يتفق عليها بين الطرفين حول حدود 1967. والمبادرة الاصلية كانت قد تحدثت عن حل مقبول للطرفين يتناول عودة اللاجئين الفلسطينيين. واسرائيل كما نعرف ترفض الاعتراف بهذا الحق اصلا.
كيري يطمح الى انجاز تاريخي باعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات بعد انقطاع دام لاكثر من اربع سنوات. في تركيا طرح كيري على الاتراك دورا في عملية السلام، وهو موقف ترفضه كل من اسرائيل ومصر. لكن وبعد اعادة انتخاب خالد مشعل كرئيس للدائرة السياسية لحماس الاسبوع الفائت فأن الانظار تتجه الى تغير سياسي ايجابي في موقف الحركة. وبالطبع فان لتركيا علاقات سياسية مميزة مع حركة حماس في غزة.
التغير الآخر هو توقيع اتفاقية تاريخية بين عباس والملك عبد الله الثاني صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس و تؤكد دور الاردن التاريخي في القدس القديمة . من الواضح ان السلطة الفلسطينية تدرك اهمية المعركة القادمة حول القدس ولا تريد ان تتحمل مسؤوليتها لوحدها. الدور الاردني معترف به في اتفاقية وادي عربة ويستطيع الاردن مقاضاة اسرائيل في المحافل الدولية.
هناك مؤشرات على احتمال استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل، بعد ان تتعهد الاخيرة تأجيل العمل ببناء مستوطنات في المنطقة المسماة بايي واحد بين القدس ومستوطنة معالية ادوميم. في نظر السلطة فان ذلك يعد نوعا من التجميد في بناء المستوطنات يبرر لها العودة الى المفاوضات في مقابل تأجيل تحريك قضايا ضد اسرائيل امام محكمة الجنايات الدولية. مصادر فلسطينية اعلنت تأجيل العمل برفع قضايا ضد اسرائيل امام المحاكم الدولية لاعطاء فرصة لتحريك عملية السلام.
واخيرا ورغم نفي مصادر فلسطينية لخبر عقد قمة رباعية (فلسطينية-اردنية-اسرائيلية-اميركية) في عمان في ايار المقبل، فان جهود كيري الحالية تنصب حول تحقيق اختراق في عملية السلام. وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي لفني قالت ان هناك فرصة متاحة واسرائيل قد تتجاوب مع معظم المتطلبات الفلسطينية بحجة بناء الثقة، والاردن يؤكد دوره في استئناف مفاوضات السلام. هل يفعلها كيري؟
أوباما: النظر بعيون فلسطينية
جيمس زغبي عن السفير
أثناء زيارة أوباما الأخيرة لإسرائيل والضفة الغربية والأردن، حث الإسرائيليين على النظر للعالم من خلال عيون الفلسطينيين. وهذا الجزء من كلمته يستدعي مني إيراد نصه الكامل: «يجب أيضاً الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحقه في العدالة. عليكم أن تضعوا أنفسكم مكانهم. عليكم أن تنظروا للعالم من خلال عيونهم. ليس من العدل أن ينمو الطفل الفلسطيني ويترعرع في دولة ليست دولته، ويعيش حياته كلها بعد ذلك في وجود جيش أجنبي يتحكم في تحركاته. ليس فقط تحركات الصغار، وإنما تحركات آبائهم وأجدادهم، كل يوم. ليس من العدل أن يمضي عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين من دون عقاب. ليس من العدل منع الفلسطينيين من زرع أراضيهم، أو الحد من قدرة طلابهم على التحرك في مختلف أنحاء الضفة، أو طرد العائلات الفلسطينية من بيوتها. لا الاحتلال ولا الطرد هما الإجابة الصحيحة. وتماماً مثلما بنى الإسرائيليون دولة في أراضيهم من حق الفلسطينيين أيضاً أن يكونوا شعبا حرا في أراضيهم.
سوف أخرج عن نص كلمتي هنا لثانية ــ الكلام لا يزال لأوباما ــ قبل أن آتي هنا، قابلت مجموعة من الفلسطينيين صغار السن تتراوح أعمارهم ما بين 15و22. وعندما تحدثت إليهم لم أجدهم مختلفين كثيراً عن بناتي كما لم يكونوا مختلفين عن بناتكم وأبنائكم.
اعتقد بأمانة أن أي أب إسرائيلي لو جلس مع هؤلاء الفتيات والفتية فإنه سيقول لنفسه: أريد لهؤلاء الفتية والفتيات أن ينجحوا، وأن يزدهروا، وأن تتاح أمامهم فرص، مثل تلك التي تتاح لأطفالي. أعتقد أن هذا هو ما سيريده الآباء الإسرائيليون لو أتيحت لهم فرصة الاستماع إليهم، والحديث معهم.
لا شك أن الإسرائيليين سيجدون أن اتباع هذه النصيحة قد يكون تحديا صعبا، ولكنها نصيحة يجب على صناع السياسة والمحللين في الولايات المتحدة أن يستمعوا إليها أيضا. إن المشكلة المتمثلة في عدم القدرة على رؤية الفلسطينيين كبشر متساوين معنا، وفي رفض رؤية العالم من خلال عيونهم، وسمت لفترة طويلة مقاربات الولايات المتحدة والمقاربات الغربية بشكل عام للصراع العربي الإسرائيلي.
ورفض منح الصفة الإنسانية الكاملة للفلسطينيين، يعود لبداية الصراع ذاته. فبعد الحرب العالمية الأولى، واجه الرئيس الأميركي وودرو ويلسون المخططات الإمبريالية البريطانية والفرنسية، لتقسيم الشرق العربي من خلال الدعوة للاعتراف بحق العرب في تقرير مصيرهم، والدعوة للفهم الأفضل لما يريده العرب حقا. ودعا ويلسون لإجراء أول استطلاع على الإطلاق للرأي العام العربي. وكانت نتيجة الاستفتاء الرفض الكامل لتقسيم الشرق العربي، وللسيطرة البريطانية والفرنسية، ورفض إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والمطالبة بالاستقلال، وتكوين دولة عربية واحدة.
وعند سماعه لنتيجة الاستطلاع هون اللورد بلفور وزير الخارجية البريطاني من شأنها قائلا: «نحن لا نهتم أصلاً بأخذ آراء سكان البلد (فلسطين)... والصهيونية في رأيي ذات مغزى أعمق بكثير من رغبات، الـ 700 ألف نسمة الذين يسكنون هذا البلد، وأعمق أيضاً من أي ادعاءات بالتحيز ضدهم»!
وعلى مدى التسعين عاماً الماضية، كان فهم بلفور، وليس رؤية ويلسون، هو الذي ميز طريقة تعامل الغرب مع صراع الشرق الأوسط. فقد اهتم الغرب دوماً باحتياجات إسرائيل متوقعاً من العرب أن يتفهموا ذلك. ودخل دبلوماسيو الولايات المتحدة في جدل مستمر مع الفلسطينيين محاولين إقناعهم بضرورة التعامل مع «الحقائق السياسية» في الولايات المتحدة وفي إسرائيل. وقيل للفلسطينيين إنه يتوجب عليهم الاعتراف بالقيود والمحددات المفروضة على الرئيس الأميركي من قبل الكونغرس، وعلى رئيس الوزراء الإسرائيلي من قبل الكنيست، وهما مؤسستان شديدتا المراس.
ويقول صناع السياسة الأميركية إنهم يريدون مفاوضات من دون شروط مسبقة تقود إلى حل الدولتين. ومع ذلك يوافقون، ويريدون من القادة الفلسطينيين القبول بالكتل الاستيطانية كحقائق على الأرض، ويرفضون حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة باعتباره ــ الحق ــ شيئاً غير عملي، ويعترفون بإسرائيل كدولة يهودية ويتجاهلون حقيقة أن 20 في المئة من سكان إسرائيل عرب.
ولو كانت ملاحظات أوباما في القدس صحيحة، فإن ذلك يعني أن الشعب الإسرائيلي ليس هو وحده المطالب بالاستماع لنصيحته بـ«النظر إلى العالم من خلال عيون الفلسطينيين» وإنما يعني أن صناع السياسة في الولايات المتحدة أيضاً بحاجة لعمل الشيء نفسه. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة مع الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية جون كيري للمنطقة في إطار جهد لصنع السلام.
وإذا ما أراد كيري أن ينجح في ما فشل فيه غيره، فإنه يجب الاعتراف بإنسانية الفلسطينيين. وأن يعرف أنه لكونهم ضحايا الاحتلال فإنهم يمثلون الطرف الأضعف في الصراع، وبالتالي لا ينبغي أن يطلب منهم أن يتحملوا العبء الأكبر كي يجعلوا السلام ممكناً.
وقبل مطالبة أوباما لعباس بتحمل المخاطر، وهو ما ليس بمقدوره إذا ما أخذنا في الاعتبار وضعه الصعب في الداخل الفلسطيني، فإننا يجب أن نعمل على تحدي قيودنا السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، ونطلب من نتنياهو عمل الشيء نفسه في إسرائيل أيضا.
ما جدوى المفاوضات؟
أسامة عبد الرحمن عن دار الخليج
أكد أوباما خلال زيارته للمنطقة أن السلام لا يمكن أن يتم عبر المفاوضات . ومعروف أن السلطة الفلسطينية تقبل المفاوضات شريطة وقف الاستيطان . ومعروف أيضاً أن الكيان الصهيوني يرفض تجميد الاستيطان ويعده شرطاً مسبقاً، وهو لا يقبل بالشروط المسبقة، مع أنه يفرض شروطاً مسبقة على الفلسطينيين من قبيل الاعتراف بيهودية الدولة .
وبديهي أن الطرف الفلسطيني وكذلك النظام الرسمي العربي على دراية تامة بتجربة المفاوضات التي دار الكيان الصهيوني بالطرف الفلسطيني في ردهاتها سنين طويلة من دون الإفضاء إلى أي محصلة . كما أن الطرف الفلسطيني دخل في مفاوضات مباشرة وأخرى غير مباشرة وما سمي باللقاءات الاستكشافية، وهي مفاوضات أيضاً، وكل ذلك مثل تجارب عبثية أساءت إلى القضية الفلسطينية، وأضاعت الجهد والوقت في مسار معروف منذ البداية، أنه موصد بسبب التعنت الصهيوني وإصرار الكيان على فرض إرادته على أرض الواقع وتغيير الوقائع على الأرض من خلال مواصلة بناء المستعمرات .
الطرف الفلسطيني يعرف أن الدعوة الأمريكية قبل بضع سنوات لتجميد الاستيطان جزئياً، ولمدة ثلاثة أشهر لاستمرار المفاوضات خلالها لم تفلح، وأصرّ الكيان على مواصلة الاستيطان رغم الحوافز المغرية التي قدمتها له الإدارة الأمريكية .
إن أوباما يؤكد مبدأ حل الدولتين ولا يشترط وقف الاستيطان، فكيف يكون تطبيق حل الدولتين بينما الاستيطان يلتهم الأرض الفلسطينية، حتى في ظل المفاوضات . وتجربة الطرف الفلسطيني في هذا المسار لا تحتاج إلى مزيد من التجارب في مسار عبثي لا طائل منه ولا جدوى من ورائه .
إن الكيان الصهيوني الذي يرى الاستيطان حقاً وركيزة محورية لترسيخ مشروعه العنصري الاستعماري، يواصل الاستيطان ولن يقبل بتجميده ولو مؤقتاً . وإذا ظل الطرف الفلسطيني معتمداً على خيار واحد هو المفاوضات حتى مع شرط وقف الاستيطان، فإن خياره سيظل معلقاً في الهواء، ولن يحدث أثراً في أرض الواقع الذي يفرض الكيان الصهيوني عليه إرادته، ويغيّر هذا الواقع وفق بوصلته وصولاً إلى هدفه الرئيس في إقامة مشروعه الاستعماري العنصري الذي يقضي على فكرة الدولة الفلسطينية . ولعل قرارات الكيان الصهيوني الأخيرة التي تكثف الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية تمثل صورة واضحة لهذا النهج العنصري الاستعماري الذي يحاول فرض وجوده بالقوة . وإلغاء وجود الفلسطينيين وحقهم في دولة فلسطينية وهم أصحاب الأرض وأصحاب الحق .
هذه القرارات الصهيونية الاستعمارية واجهت هذه المرة انتقادات واسعة في المجتمع الدولي، حتى من دول أوروبية تربطها بالكيان الصهيوني علاقات وثيقة . بل إن جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن باستثناء الولايات المتحدة نددت بهذه القرارات وعدّها الأمين العام للأمم المتحدة “انتهاكاً سافراً للقانون الدولي” .
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تقف الأمم المتحدة عاجزة عن فعل شيء إزاء هذا الانتهاك السافر للقانون الدولي، وهي الهيئة الأممية المنوط بها تطبيق القانون الدولي، وحفظ الحقوق وصون السلم والأمن في العالم .
إن الولايات المتحدة بحكم ثقلها الكبير في هذه الهيئة الأممية ودورها الفاعل والمؤثر في مجلس الأمن، تعطي الكيان الصهيوني حصانة إزاء المواقف والقرارات الدولية والقانون الدولي، ولذلك فهو لا يعبأ بها ولا يعيرها اهتماماً، ويواصل انتهاكاته للحق الفلسطيني والأرض الفلسطينية وارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني من دون خشية من ملاحقة أو مساءلة أو إدانة، ومن دون رادع يمنعه من مواصلة انتهاك الحقوق وارتكاب الجرائم . فأي سلام وأي مفاوضات يريدها أوباما؟
إسرائيل متشائمة من استمرار الفتور التركي بشأن المصالحة
حلمي موسى عن السفير
نشرت صحيفة «هآرتس»، أمس الأول، كاريكاتوراً يظهر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان يشرب كأس عصير، فيما يقف نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلف عربة بيع عصير يشتكي لوزير الخارجية الأميركي جون كيري من أن الأول أخذ العصير ولم يدفع ثمنه.
ويشرح الكاريكاتور إحساس حكومة إسرائيل التواقة لإعادة العلاقات مع تركيا إلى مجاريها، في حين لا تبادلها الحكومة التركية هذا الإحساس. وبرغم نجاح الإدارة الأميركية في إبرام اتفاقية مصالحة إلا أن الإسرائيليين لا يرون حتى الآن ثمار هذه المصالحة ويبحثون بين السطور عن إنجاز.
وفي إطار البحث عن إنجاز مع الأتراك، أظهرت الصحف الإسرائيلية تقارير إعلامية تركية تفيد بنجاح الرئيس الأميركي باراك أوباما في ثني أردوغان عن عزمه زيارة قطاع غزة بعد زيارته الوشيكة إلى واشنطن. وقد نشرت صحيفة «حرييت» التركية هذا الخبر برغم أن أردوغان نفسه كان أجاب على سؤال بهذا الخصوص بعد لقائه كيري قائلاً «الزيارة ستتم بشكل شبه مؤكد بعد زيارتي للولايات المتحدة». وكانت الأنباء أشارت إلى أن كيري نصح أردوغان بإعادة النظر في الزيارة وإتمام المصالحة مع إسرائيل، في وقت كان أعلن أردوغان أن زيارة غزة ستتم في نيسان الحالي برغم أن كيري قال إنها قد تشوش على جهود المصالحة مع إسرائيل.
وعموما يزداد الغضب الإسرائيلي من عدم تغيير تركيا لموقفها من إسرائيل برغم إعلان المصالحة بينهما. وحسب «معاريف»، فإن تركيا استخدمت مؤخرا حق النقض (الفيتو) مرة أخرى ضد مشاركة إسرائيل في اجتماع «الناتو» على مستوى وزراء الخارجية، برغم مرور أكثر من أسبوعين على المصالحة. وقد دأبت تركيا منذ نشوء أزمة أسطول الحرية ومقتل الأتراك في سفينة «مرمرة» على عرقلة تعاون «الناتو» مع إسرائيل، كما صارت تستخدم حق النقض الممنوح لها كعضو رئيس في الحلف لحرمان إسرائيل من أي مشاركة في الاجتماعات أو المناورات.
وكشفت «معاريف» النقاب عن أن تركيا منعت مؤخراً مشاركة إسرائيل في الحوار المتوسطي الذي يقيمه حلف «الناتو» والذي يضم إلى جانب إسرائيل دولا عربية مثل مصر والمغرب والأردن وتونس والجزائر وموريتانيا. وبعد أن دعا الحلف إسرائيل لحضور اجتماع مقرر لهذه المجموعة أعلنت أنقرة اعتراضها، ما قاد إلى تأجيل الاجتماع. وأضافت الصحيفة أن التقدير في إسرائيل هو أن تركيا، برغم اتفاق المصالحة، لن تسارع إلى سحب حق استخدام الفيتو على التعاون الإسرائيلي مع «الناتو».
وأشارت «معاريف» إلى أنه منذ تدهور العلاقات بين الدولتين، استخدمت تركيا «الفيتو» ضد فتح ممثلية إسرائيلية في مقر «الناتو» في بروكسل. كما استخدمت أنقرة «الفيتو» ضد مشاركة إسرائيل في الحوار المتوسطي مع «الناتو»، وهو حوار يُعنى ليس فقط بالجوانب العسكرية وإنما أيضا بجوانب إدارة المقدرات وحالات الطوارئ. كما منعت تركيا إقرار ورقة موقف إسرائيلية تتعلق بالتعاون الإقليمي مع «الناتو» في مجالات الكوارث الطبيعية، وإقامة فرق خاصة لمعالجة اللاجئين. إلى ذلك، منع «الفيتو» التركي التعاون أيضا في مجالات مكافحة الإرهاب، النار الصاروخية والحرب الالكترونية.
واستخدمت تركيا «الفيتو» أيضاً ضد مشاركة إسرائيل في سلسلة من المناورات العسكرية، في البحر وفي الجو وفي البر، وكذا على التعاون مع إسرائيل في مسائل انتشار السلاح والحوار الإستراتيجي وإدارة الأزمات العسكرية والحماية البحرية وغيرها. ولم تسمح تركيا لإسرائيل حتى بالمشاركة في اجتماعات «الناتو» التي عقدت في أراضيها، ومنعت انعقاد حوار خاص بين «الناتو» وإسرائيل في مجال مكافحة الإرهاب.
وتضع إسرائيل هذا الموقف إلى جانب المماطلة في تنفيذ بنود اتفاق المصالحة التي رعاها أوباما. وقد طلبت تركيا، أمس الأول، من إسرائيل تأجيل اجتماع طاقم المفاوضات بين الدولتين الذي كان مقرراً أن يجتمع اليوم للبحث في التعويضات والعلاقات. وتنظر إسرائيل بتشاؤم شديد إلى هذا السلوك التركي، وإلى احتمالات تطبيع تركيا فعليا علاقاتها معها.
نعم للانقلاب.. على الانقسام
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
وأخيرا حسمت حركة حماس أمرها واختارت زعيمها ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، بعد مخاض عسير تأرجح فيه القرار والرهان على مجموعة من الأسماء التي قيل بأنها ستقود دفة مكتبها السياسي.
استطال الأمر بصورة بدت غريبة للمراقبين سمعنا فيها عن مجلس الشورى وعن انتخابات داخلية وانتخابات الإعادة وغيرها الكثير، مما دار وقيل وجرى في جنبات الحركة ومكوناتها ولمدة عام كامل.
وبغض النظر عن اسم الفائز بهذا الموقع فإن الظفر بالموقع ليس أمراً عادياً وليس حدثاً ثانوياً حتى عند خصوم الحركة ومحبيها. لكنه أمر داخلي بامتياز وقرار حركي محض بغض النظر عن طبيعة التجاذبات والعلاقات المترابطة والمتشعبة هنا وهناك.
حركة فتح بدورها، التي انتظرت القرار لم تتدخل بالأمر رغم قولها بضرورة حسمه لما لذلك من اعتبارات عديدة وكبيرة ليس أقلها موضوع المصالحة، بل ان البعض قال بأن التوافق الشخصي بين الرئيس عباس وخالد مشعل، الذي حصل خلال العامين الماضيين تحديداً، سيشكل لبنة رئيسية نحو تذليل معوقات المصالحة والدخول في تنفيذها بقمة عربية أو بدونها. نعم الأمور بين الحركتين ليست قائمة على اعتبارات شخصية وروابط ودية بين أفراد، بل هي مفاصل عقائدية وفكرية تحكم إيقاعها الكثير من المصالح والمشارب المختلفة التي قتلها البعض شرحاً وتوصيفاً خلال أعوام الانقسام البائس.
لكن 'الكيمياء' الشخصية مهمة للغاية لأنها تختصر التمترس المسبق القائم على الشك في النوايا وتتجاوز معارك الثقة والتشكيك في القدرة على التواصل الآدمي الحضاري المعقول.
اليوم ومع انتخاب مشعل يقول البعض بأن 'كيمياء' الحل باتت جاهزة وبأننا بتنا أقرب إلى الانقلاب على الانقسام.
البعض الآخر ومن التقيتهم في غزة يقولون بأن لا انقلاب على الواقع المعاش ولا أمل في أن ينتصر خالد مشعل في حرب الانقلاب على الانقسام، خاصة في وجه من لا يرون في المصالحة هدفاً استراتيجياً مستعجلاً.
لكن المنطق لا يمكن أن يقبل معادلة الانقسام، خاصة أننا في عالم متحرك تحكمه المتغيرات وأمام خارطة جديدة لجغرافيا الفوضى الخلاقة سياسياً واستراتيجياً وأمام خصم تقليدي هو الاحتلال.
المهم أن معركة الدخان الأبيض في حرب الديمقراطية الداخلية لحماس قد حسمت فهل تكون الخطوة القادمة انقلاباً واضحاً وصريحاً على الانقسام؟.
قمة المصالحة الفلسطينية
ناجي صادق شراب عن دار الخليج
أثار اقتراح دولة قطر في القمة العربية الأخيرة، بعقد قمة عربية مصغرة، تساؤلات ونقاشات كثيرة بعثت الشك في جدوى القمة قبل أن تعقد . وأكتفي من هذه التساؤلات بثلاثة: الأول يتعلق بمدى فعالية وقدرة هذه القمة على وضع نهاية لهذا الملف الفلسطيني المؤلم ليس فلسطينياً بل عربياً، وترتبط بهذا التساؤل تساؤلات مهمة: ماذا لو أن حماس وفتح تعنتتا في موقفيهما أو رؤيتيهما السياسية التي يرى كل منهما أنها الطريق الوحيد لإنهاء الانقسام؟ هل تملك القمة أن تفرض رؤيتها، وتلزم الطرفين بالاتفاقات الموقعة؟ والأكثر أهمية، هل تملك أن تعلن صراحة الطرف المسؤول عن فشل المصالحة وتعيد التعامل معه، كما مثلاً في الحالة السورية مع الفرق بين الحالتين؟
السؤال الثاني يتعلق بتحديد آليات عمل هذه القمة وجدول أعمالها، ومن سيحضرها، وكيفية توجيه الدعوات وبأي صفة، وخصوصاً الطرفين الفلسطينيين، ودور دولة الرئاسة في الحرص على نجاح هذه القمة قبل أن تعقد، لأن نجاح القمة المصغرة في إنهاء هذا الملف المعقد هو نجاح لرئاستها؟
وهناك سؤال ثالث يتعلّق بمعنى حضور حماس وهو حضور ضروري، وعلاقة ذلك بالتمثيل الفلسطيني؟
هذه التساؤلات في حاجة لإجابات واضحة، وهي إجابات أقرب إلى الإجتهاد قبل الذهاب إلى عقد هذه القمة لمعالجة ملف من أهم الملفات التي تواجه مستقبل القضية الفلسطينية في حقبة تسوية القضية، وتواجه الأمن القومي العربي والعمل العربي المشترك على اعتبار أن القضية الفلسطينية والصراع العربي “الإسرائيلي” من أهم مكونات الأمن القومي العربي، وعلى اعتبار أن “إسرائيل” والحركة الصهيونية ما زالتا تشكلان خطراً على أمن الدول العربية . واستمرار الانقسام الفلسطيني له تداعيات وانعكاسات مباشرة على تصورات ومفاهيم الأمن القومي العربي، ومن ثم إنهاء هذا الملف وصولاً إلى تسوية القضية الفلسطينية، سيفرض نفسه على إعادة صياغة مفهوم هذا الأمن، وتبدل مفهوم العدو أو الخطر المشترك الذي يهدد أمن المنطقة كلها . وهو الأمر الذي يحتاج إلى وضع رؤية جديدة للأمن القومي العربي في ظل تحولات سياسية يغلب عليها فوز الإسلاميين بالحكم في دول مهمة، وما لهذا التحوّل السياسي من علاقة مباشرة بمستقبل هذه النظم، وعلاقتها بحركة حماس في غزة، وأي مصلحة لهذه النظم وخصوصاً مصر في بقاء الانقسام مستمراً؟ والتوجه عن تشكيل تكتل إسلامي محوره مصر وتركيا وإيران، وعلاقة ذلك بحركة حماس وسيطرتها الكاملة ليس فقط على غزة، بل على كل المشهد السياسي الفلسطيني، وإعادة هيكلة منظمة التحرير بما يضمن هذه السيطرة، وهو ما يعني الدخول في مرحلة سياسية مصيرية في مستقبل القضية الفلسطينية .
أما خيار الصراع مع “إسرائيل” وإحياء خيارات الحرب فهو خيار مستبعد .
في سياق هذه التصورات قد نفهم عقد هذه القمة العربية وأبعادها وأهدافها البعيدة، وهو ما ينبغي إدراكه فلسطينياً في الاتجاه نحو المصالحة وليس الانقسام . لا شك أن هذه القمة وإن كان هدفها المعلن هو إنهاء الانقسام، لكنها في الوقت ذاته لها رؤيتها الشاملة لكل التحولات التي تواجه المنطقة، ومستقبل المنظومة العربية . البعد الآخر لهذه القمة العربية أن الدول العربية منشغلة بقضاياها الداخلية التي لها أولوية على أي أولوية أخرى بما فيها فلسطين، فالدول العربية التي اجتاحتها “الثورات” ما زالت تعيش مرحلة من عدم الاستقرار السياسي المصحوب بالعنف، الذي قد يطيح القوى الإسلامية عن الحكم، والدول الأخرى منشغلة بتثبيت أوضاعها السياسية وليست بمنأى عن تأثير هذه التحولات .
وفي قلب ذلك القضية الفلسطينية تفرض نفسها لأنها ما زالت قضية عربية وإسلامية، ومن ثم لا بد من منح الفلسطينيين دوراً مباشراً في إدارة قضيتهم، والاكتفاء بتقديم المساعدات الاقتصادية، والمالية لسلطة واحدة وليس لسلطتين . وبانتهاء الملف السوري الذي قد يعني وصول “الإخوان” للحكم، لا يبقى إلا دائرة الأردن . وباكتمال هذه الدورة نكون أمام حالة سياسية غير مسبوقة، وهذا الدور لن يكتمل أيضاً إلا بحل الملف النووي الإيراني، وهو ما يعني تشكيل تكتل سياسي جديد قد يأتي على حساب بقاء النظام العربي. ومستقبل هذا المشهد مرهون أيضاً بحل القضية الفلسطينية، ووضع حد لإنهاء ملف الانقسام السياسي الفلسطيني، لأن أحد أهم وظائف هذا التكتل هو القبول بأي تسوية سياسية للقضية الفلسطينية، وأي تسوية لا يمكن أن تكون بالانقسام . إذن لا بد من إنهاء هذا الملف الذي قد يقود إلى إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية الواحدة التي يمكن من خلالها الوصول لهذه التسوية . التي في سياقها لا تملك حماس رفضها . والوظيفة الأخرى، ولها علاقة أيضاً بإنهاء ملف الانقسام، هو احتواء قوى التشدد والتطرف الإسلامي، لأن التطرف وهذه قناعة أمريكية وأوروبية، لا يمكن التغلب إلا من خلال قوى إسلامية معتدلة . وهنا قد يبرز دور تركيا كنموذج حكم إسلامي معتدل، ودورها في هذه المعادلة السياسية الكاملة، وهذا ما قد يفسر لنا في أحد جوانبه الاعتذار “الإسرائيلي” لتركيا وعودة علاقات التحالف بينهما . وما قد يعزز من هذه التصورات وعلاقتها بالانقسام أن بيئة الانقسام أصبحت متجذرة ولا يمكن تجاوزها بأي اتفاق بل بصيغة التعايش معها .
ما علاقة كل هذه التفاصيل بقمة عربية من أجل المصالحة الفلسطينية؟ العلاقة واضحة لأن القضية الفلسطينية، وهذه قناعة أمريكية، أكد عليها الرئيس أوباما هي أن مفتاح حل مشكلات المنطقة، وقيام الدولة الفلسطينية والقبول ب”إسرائيل” دولة يهودية . والخطوة الأولى تتمثل في إنهاء الانقسام الفلسطيني للذهاب إلى حل الدولتين وتسوية القضية الفلسطينية .
هل من مصلحة عربية في إنهاء الانقسام؟ والإجابة بشكل قاطع وحاسم نعم، لأن القضية الفلسطينية لم تعد قضية أولوية عربية .
إن مصداقية القمة من عدمها سيرتبط بقدرتها على إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني الذي قد يعود بالمصلحة على كل الدول العربية . والحقيقة التي ينبغي التأكيد عليها أن هذه القمة لا تمنح صفة التمثيل لا لحماس ولا لفتح، بل الذي يمنح التمثيل الشرعي هو الشعب الفلسطيني عبر انتخابات فلسطينية يشارك فيها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج .
وعليه فإن عقد القمة فرصة تاريخية ضرورية لا ينبغي تفويتها، بل على الفلسطينيين أن يوسعوا من دورها وأهدافها ليس بالإعلان عن إنهاء الانقسام الفلسطيني، بل بتثبيت حالة المصالحة التي تحتاج إلى جهد عربي من خلال دور أكبر للجامعة العربية فنياً وأمنياً واقتصاديا، وتشكيل صندوق عربي للمصالحة الفلسطينية، والمساهمة في الوصول إلى تصور عربي فلسطيني شامل لتسوية القضية الفلسطينية، قبل إن تبتلعها رؤى سياسية أخرى .
الفلسطيني بعيون عربية والعربي بعيون فلسطينية
معن بشور(كاتب من لبنان) عن القدس العربي
فلسطيني بعيون عربية، وعربي بعيون فلسطينية، بل مقاوم برؤى نهضوية، ونهضوي بمنظور مقاوم، هذا هو ابو خالد الشمال الذي بدأ حياته مناضلاً في حركة القوميين العرب، وغادرها وهو قائد في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
لقد جمعتنا مع اللواء صبحي جابر (ابو خالد) عقود من النضال في ساحات النضال اللبناني ـ الفلسطيني المشترك، كما في ساحات النضال العربي والعالمي، إلى أن استقرت علاقاتنا بشكل خاص في تأسيس 'الحملة الاهلية لنصرة فلسطين والعراق'، كما في 'المنتدى القومي العربي'، فشاركنا معاً، ومع عدد من الرفاق والأخوة في اطلاق حملات كسر الحصار على العــــراق ومسيرات مناهضة الحرب والاحتلال، وفعاليات دعم المقاومة العراقية، كما في تحركات وهيئات داعمة للقدس وللانتفاضة في فلسطين، كما لكسر الحصار على غزة.
واليوم في 9 نيسان (ابريل) 2013، وبعد عشر سنوات بالتمام والكمال من احتلال بغداد، تتكشف سلامة الرؤية التي التزمنا بها مع ابي خالد في تعاملنا مع ما كان يحاك للعراق الحبيب من مكائد ومؤامرات، بل ما كان يُكاد للمنطقة كلها من خلال العراق على يد المخطط الامريكي ـ الصهيوني، وبتواطؤ أو تخاذل من بعض النظام الرسمي في المنطقة.
لقد كانت رؤيتنا آنذاك لا تنبع فقط من موقف وطني وقومي واسلامي صافٍ يرفض الحصار والعدوان والاحتلال لأي بلد عربي أو اسلامي، أو أي بلد في العالم، بل كانت تنبع من ادراكنا ان الأمة كلها مستهدفة من خلال العراق، فاحتلال ارض العراق كانت مقدمة لاحتلال ارادة الأمة بأسرها، وتدمير العراق كان مدخلاً لتدمير اقطار الأمة بأسرها من سورية إلى مصر إلى لبنان والاردن إلى الجزائر والمغرب العربي، وحل جيش العراق هو نموذج لحل جيوش الأمة كلها وانهاكها، وإثارة الفتنة في العراق هو لاثارة الفتنة المذهبية في عموم المنطقة، وضرب العروبة والوحدة ورموزها وأدواتها في العراق هو لضربها وضرب ادواتها ورموزها في كل مكان.
واليوم ، وبعد عشر سنوات على احتلال بغداد، فالجميع مدعو إلى مراجعة مواقفه مما جرى ويجري في العراق، بل إلى عملية نقد ونقد ذاتي شاملة يخرج فيها كل طرف من متاريسه السياسية والفكرية والعقائدية، فلا شيء يطفئ نار الفتنة في العراق وغير العراق سوى اعتماد منطق المشاركة واقصاء اسلوب الاجتثاث والاقصاء، وصون الوحدة الوطنية ومحاصرة كل عصبية يسعى مثيروها إلى تفتيت المجتمع والامة.
ولقد واجه ابو خالد الشمال، كما كل من كان يشاركه الرأي والرؤية، ضغوطاً كبيرة لتغيير موقفه، أو موقعه، ولكنه كان مقتنعاً بسلامة رؤيته داعياً الاخرين إلى الانتباه لها، محذراً من مخاطر تجاهل الأبعاد الاستراتيجية لما يتعرض له العراق...
وكما كان صلباً في موقفه تجاه احتلال العراق، والداعم للمقاومة العراقية، والرافض لكل محاولات زجها في قمقم الفتنة المذهبية والتفجيرات الارهابية، كان ايضاً صلباً في دفاعه عن الثوابت الوطنية الفلسطينية وفي مقدمها نهج المقاومة وخط الوحدة الوطنية، رافضاً ان يكون دعم المقاومة سبباً لضرب هذه الوحدة، كما رفض ان يكون التمسك بهذه الوحدة على حساب المقاومة، فكان، كما كنا، ندفع ثمن هذا الموقف المتوازن، لأن في صراعاتنا الداخلية، لا مكان عند البعض للمواقف المتوازنة والوحدوية فكثيرون على ما يبدو مؤمنون بمبدأ بوش: 'أما ان تكون معنا أو أن تكون ضدنا...' وهذه أقرب الوصفات للحروب الاهلية. وفي ضوء هذا الموقف لم يقع مع رفاقه في جبهة النضال يوماً أسير اوهام التسوية، ورأى فيها دائما خطة امريكية - اسرائيلية لكسب الوقت وفرض وقائع على الأرض وأبرزها التهام 'المستوطنات' لما تبقى من ارض فلسطين، وتهويد القدس، وإحكام الحصار على غزة، وإسقاط حق العودة التي شاركنا مع الأخوة في تحالف القوى الفلسطينية عموماً، وجبهة النضال خصوصاً، في اطلاق الملتقى العربي الدولي لحق العودة في دمشق في تشرين الثاني /نوفمبر 2008. واليوم مع جولة السيد جون كيري وزير الخارجية الامريكية في المنطقة، والمشروع 'السري' الذي يحمله، تنكشف أيضاً سلامة رؤية ابي خالد وكل رفاقه.
فكيري يريد تعديل 'المبادرة العربية' التي اعلنتها قمة بيروت عام 2002، ليدعو إلى تعاون أمني كامل بين الدول العربية والكيان الصهيوني (علماً ان التعاون قائم الان بين العدو والعديد من انظمتنا أو بعض المسؤولين فيها)، ولاسقاط حق العودة عبر الاقرار بيهودية الكيان، كما يدعو إلى توجه وفد عربي كبير برئاسة ممثل قطر إلى واشنطن ليفاوض هناك باسم فلسطين والتوقيع لاحقاً على اتفاقات 'سلام' مع العدو توفر له تطمينات امنية يحتاجها.
وكما جاء اوباما قبل اسبوعين ليحدد لقمة الدوحة قراراتها، يأتي كيري اليوم ليشرف على تنفيذ تلك القرارات لا سيّما بعد نجاح هذه القمة في اقتلاع الدولة العربية التي حالت على مدى عقود دون التفريط بالحقوق العربية، فبات ممكناً بعد تغييبها واعتماد بديل عنها، ان تندفع عميلة الاستسلام للعدو الصهيوني من دون عقبات أو روادع. لقد أدرك ابو خالد بوعيه الوطني وفكره القومي ونزوعه التقدمي ترابط القضايا والازمات في منطقتنا والعالم، فرأى في مشروع الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية ترجمة لمشروع الشرق الاوسط الكبير، ورأى في الوحدة الوطنية على مستوى القطر، وفي الوحدة العربية على مستوى الأمة الرد الاسلم والأفعل على كل ما يحاك لأمتنا من مؤامرات..
وها هو ابو خالد يغادرنا اليوم يشيّعه اصدقاؤه ورفاقه ومحبوه الكثر في لبنان وسورية، كما يشيّعه أيضاً الأسرى الابطال في سجون الاحتلال الذين لم ينسهم ابو خالد يوماً وهو يشترك على مدى عشر سنوات في اعتصام 'خميس الاسرى' أمام مقرات الصليب الاحمر في بيروت وطرابلس وصيدا وصور والبقاع، ويشيّعه ابطال الانتفاضة الفلسطينية المتجددة الذين كان ابو خالد واخوانه سنداً لهم في كل حين، ويشيعه احرار الأمة والعالم وقد عرفوه في مؤتمرات ومنتديات وملتقيات انعقدت وما تزال من أجل فلسطين.
الرحمة لأبي خالد، الخلود للشهداء، السلامة للجرحى، الحرية للاسرى، والتحرير لفلسطين.
«الأقصى» يواجه التهويد وحيداً
رأي الدستور الأردنية
بدأ العدو الصهيوني تنفيذ جريمة تهويد المسجد الاقصى، ضاربا عرض الحائط بالقانون الدولي، والمعاهدات ذات الصلة، كاشفا عن وجهه العنصري القبيح، واهدافه التوراتية التلمودية التي لم يتراجع عنها والتي لخصها مؤسس الكيان الصهيوني بن غوريون بعبارة مكثفة: “لا قيمة لاسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون اقامة الهيكل”..!!.
ان مباشرة العدو بالحفر في ساحة البراق لاقامة متحف ديني، تعني انه بدأ عمليا بتهويد ساحات الاقصى، وانه ماض في هذا النهج حتى يحقق اهدافه المرسومة ولن يتراجع عنها هذا اولا.
ثانيا: يجيء هذا الانتهاك السافر لاقدس مقدسات المسلمين بعد مغادرة وزير خارجية امريكا جون كيري المنطقة، وبعد اجرائه محادثات مكثفة مع القيادات الاسرائيلية والفلسطينية، وهذا يعني ان العدو ماض في تنفيذ استراتيجيته، وغير معني حقيقة بالسلام، ولا باستئناف المفاوضات الا ضمن شروطه واشتراطاته واهمها استمرار الاستيطان والتهويد.
ثالثا: ان المباشرة بتهويد الاقصى هي تصعيد نوعي خطير، يضع القيادة الفلسطينية والدول الشقيقة، امام تحدِّ حقيقي، بعد ان وصل الخطر الفعلي الى اقدس مقدسات المسلمين، الى معراج الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا؛ فان الرد على هذا العدوان الصهيوني، والذي يحمل في ثناياها التحدي لكل العرب والمسلمين يستدعي قرارات حاسمة تلجم العدو قبل ان يصبح التهويد حقيقة، وقبل ان يضيع المسجد، وتضيع القدس في غمرة الخلافات العربية- العربية، وفي غمرة التواطؤ الامريكي- الغربي مع العدو الصهيوني.
وبشيء من التفصيل؛ فان خطورة هذا العدوان تستدعي من القيادة الفلسطينية استنهاض جماهير الشعب الفلسطيني، وتفعيل المقاومة الشعبية كخيار لا رجعة عنه وحث الجماهير الفلسطيني على التوجه الى الاقصى والمرابطة في ساحاته، والتصدي لجنود العدو ولآلياته بصدورهم العارية، لاحباط المؤامرة، وحماية الاقصى وساحاته وفي مقدمتها ساحة البراق من التهويد.
ان اي تقاعس عن نجدة الاقصى، يسهم في دفع العدو الى تنفيذ جريمته وخلق امر واقع من خلال اقامة الكُنُس التوراتية والمتاحف اليهودية، استكمالا لتهويد المدينة وتغيير طابعها العربي- الاسلامي.
ومن ناحية اخرى؛ فان المطلوب من الدول الشقيقة وهي تشاهد جرافات العدو وقد بدأت تنتهك حرمات البراق لتحويله الى متحف ديني يهودي ان تبادر الى قطع كافة العلاقات وتجميد المعاهدات ووقف التطبيع مع العدو، واحياء المقاطعة الاقتصادية، كسبيل وحيد للجم العدوان وحماية الاقصى.
مجمل القول: اقدام العدو الصهيوني على تنفيذ جريمة تهويد ساحة البراق بعد مغادرة وزير خارجية امريكا للمنطقة، هو رسالة للجميع وخاصة للاطراف المعنية بالعملية السلمية، بان العدو الصهيوني ليس معنيا بالسلام ولا بالمفاوضات، وانما معني بتحقيق اهدافه القائمة على تهويد القدس والاقصى، ما يفرض على القيادة الفلسطينية والدول الشقيقة ان تخرج من مربع الانتظار والتسويف والتلكؤ وتواجه العدوان الصهيوني بشجاعة، باعلان المقاومة الشعبية والمرابطة في الاقصى لحمايته، قبل ان تضيع اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
لماذا لم تتشيّع غزة؟
عمرو الشوبكي عن المصري اليوم
لم يحدث أن وصل حجم التدهور الدينى والسياسى فى مصر إلى تلك الدرجة التى نشاهدها الآن، فقد اجتهد كثيرون من أجل إخراج أسوأ ما فى المجتمع من جهل وفجر فى الخصومة، وإقالة للعقل، حتى صارت الشائعات والكلام «الأهبل» هما لغة الكثيرين فى مصر الآن، وصار الانتقام وتصفية الحسابات خارج أى إطار قانونى وأخلاقى هما السمة التى تحكم أداء معظم السياسيين.
أما إخوان الحكم فقد تركوا كل هذه الأمور يدفع ثمنها الشعب طالما لا تهدد الكرسى ومشروع التمكين، واهتموا بالمطالبة بمحاكمة البرادعى، تماماً مثلما فعل رجال مبارك بحق الرجل، وبحق الإخوان أيضا، فى مفارقة صادمة للتحول النفسى والسياسى الذى أصاب الكثيرين من قادة الإخوان بعد وصولهم للسلطة. المشهد الحالى صادم، ليس فقط بسبب أداء الإخوان، إنما أيضا بسبب وضع المجتمع والقوى السياسية، حتى أصبح يسير بثبات نحو الدولة الفاشلة، التى لا يحكمها أى عقل ولا منطق، وتترك نفسها للغرائز البدائية والبلطجة السياسية والدينية.
موضوع العلاقة مع إيران والشيعة نموذج للحالة التى وصلت إليها مصر من انهيار ثقافى وعجز كامل، أن تدير علاقاتها مع العالم الخارجى حتى صرنا أضحوكة أمام كثير من دول العالم. السؤال الأول: هل هناك مشكلة أن تكون لمصر علاقة مع دولة شيعية أو بوذية أو مسيحية أو ملحدة؟.. الإجابة التلقائية من الجميع: لا توجد مشكلة، فنحن لدينا علاقات بكل دول العالم تقريباً، بما فيها إسرائيل المحتلة للأرض العربية، أما السؤال الثانى فهو: لماذا تظاهر بعض السلفيين ضد السفير الإيرانى وسبوا الرجل والشيعة، وكتبوا «شتائم عار» طائفية على سور منزله؟ والإجابة: لأنهم خائفون من التشيع، ويعتبرون إيران لديها خطة لكى تصبح مصر شيعية، وفق نظرية المؤامرة التى «عششت» فى أذهان كثير من الفشلة فى عالمنا العربى، وبقية الإجابة على هذا السؤال بسؤال آخر: لماذا لم تتشيع حركة حماس ومعها قطاع غزة الفقير والمحاصر «عدد سكانه أقل من حى شبرا فى القاهرة»، رغم تحالف حماس السابق مع إيران، ودعم الأخيرة للقطاع بالمال والعتاد وليس السياح؟ والإجابة أن إيران لم تتحرك كدولة شيعية، إنما دافعت بمهارة عن مصالح الأمة الإيرانية وطموحاتها الإقليمية، فوظفت الورقة الشيعية سياسياً، حيث يوجد الشيعة، وورقة المقاومة والسياسة، حيث يوجد السنة، ففى العراق، حيث يشكل الشيعة 55% من عدد سكانه، تحالفت إيران مع كثير من الأحزاب الشيعية، واستغلت الفشل الأمريكى والعربى فى العراق لتصبح البلد الأكثر تأثيرا فى المعادلة الداخلية العراقية، بعد أن قامت أمريكا بغزوه وسقط مئات الآلاف من الضحايا، لتقدم البلد بعد ذلك هدية لإيران، مما يذكرنا بأداء المجلس العسكرى فى مصر الذى تخلى عن مبارك ليسلم البلد بلا دستور للإخوان. وفى لبنان يشكل الشيعة أكبر طائفة من ناحية العدد (حوالى 30%)، مقارنة بباقى الطوائف، فتحالفت إيران مع حزب الله الذى تحول من حزب مقاوم إلى حارس للمصالح الإيرانية فى المنطقة، فى حين تحركت إيران مع حركة حماس وتنظيمات الممانعة على محور آخر، هو المقاومة ومواجهة الصهيونية، وهى كلها أوراق تخدم الطموح النووى الإيرانى ودورها الإقليمى، وتصعب على أمريكا وإسرائيل مهاجمتها. المؤكد أن هناك أطرافا عربية كثيرة تكره إيران وبعض هذه الكراهية لأسباب مذهبية، لكن لا يوجد بلد خاف من بضعة سياح إيرانيين مثل مصر، واعتبر أن إيران تحقق طموحها الإقليمى عبر هذه الطريقة البلهاء، أى عن طريق إرسال سياح هدفهم الوحيد دعوة 85 مليون مصرى للمذهب الشيعى. إن درجة «الهطل» التى تعامل بها بعضنا مع إيران ودفعته إلى الخوف من سياح إيرانيين، ودفعت بعض الحمقى لأن يضعوا هذه البذاءات على جدران منزل السفير الإيرانى، تدل على حجم التدهور الذى وصل إليه مستوى تفكير البعض فى أرض الكنانة، فحماس وغزة المحاصرة اختلفت مع إيران وابتعدت عنها بعد موقفها السلبى من الثورة السورية، وليس بسبب الخوف من التشيع، والمغرب أغلق سفارة إيران فى فترة من الفترات، لأنها تدخلت فى شؤونه الداخلية، أما مصر فمخجل أن نقول إننا خفنا من بضعة سياح على أمننا القومى، وعلى هويتنا الدينية والمذهبية.. فأى ضعف ووهن وصلنا إليه؟! لقد أتيحت لى فرصة زيارة إيران مرة واحدة منذ حوالى 10 سنوات، بمبادرة من مؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية، فى رحلة ضمت بعض أساتذة الجامعات ومثقفين وممثلين عن بعض منظمات المجتمع المدنى، وكان من بينهم وزير الإسكان الحالى، د. طارق وفيق، وذلك للتحاور مع نظراء لهم فى إيران، وقضينا ٨ أيام بين طهران وأصفهان (واحدة من أجمل مدن العالم)، فزرت «طهران الشمالية» بأحيائها الراقية و«طهران الجنوبية» بأحيائها الشعبية، ورأيت كرم الإيرانيين وحفاوتهم البالغة وحبهم لمصر، خاصة أن من كان فى الحكم فى ذلك الوقت هو الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى.
ودعانى إعلامى إيرانى شاب إلى عشاء فى منزله وعرفنى بزوجته وأطفاله بحفاوة وكرم بالغين، وكان يعمل فى إذاعة إيرانية ناطقة بالفرنسية، واعتاد أن يتصل بى وقتها لكى أعلق على بعض الأحداث السياسية، وأخذنى بسيارته لجولة فى أحياء طهران المختلفة، ووجدت بها فقراً نسبياً أقل بكثير من مصر، والشعب مثقف وحى، والمرأة ساحرة وفاعلة، وشاركت بحيوية مذهلة فى كل المناقشات واللقاءات التى حضرتها دون ادعاء أو تصنع.
مازلت أذكر أنى كنت أقول وقتها إن لديهم أوهاماً عنا لأنهم لم يزورونا، ولا توجد علاقات معهم، لأنهم كانوا يتحدثون عن مصر كأنها واحة التسامح والسلام وبلد الحضارة والتاريخ، وكان حلم معظم من قابلتهم أن يزوروا مصر، وتطوع بعضهم وأخبرنى برفضه الاحتفاظ باسم ميدان خالد الإسلامبولى، الذى اغتال الرئيس السادات، فى إيران، وأبدى البعض الآخر تعاطفاً مع الاعتدال المزيف فى مصر مبارك فى ذلك الوقت، فحيث يوجد خطاب المقاومة يكون الحنين للاعتدال والعكس صحيح.
من حقنا أن نختلف مع سياسة إيران الخارجية وموقفها السيئ من الثورة السورية، كما يجب أيضا أن يعرف الناس أن شعارات إيران «المقاومة» ضد إسرائيل، وليست كما تقول من أجل تحرير القدس وفلسطين، إنما هى أوراق ضغط تحتفظ بها من أجل استكمال مشروعها النووى وتنفيذ طموحاتها الإقليمية.
لم يناقش أحد خبرة إيران الدولة ولا الثورة، ولم يحاول أحد أن يفهم طبيعة هذا النموذج السياسى الحيوى، وهذا الشعب المبدع وهذه الحضارة العريقة، فمن حق البعض أن يختلف مع كل أو جزء من سياسة إيران، لكن هذا الخطاب الطائفى الساذج الذى يختزل تعقيدات العلاقات بين الدول فى مذهبهم الدينى أمر لا يمكن أن نسمعه إلا فى الصومال، أو داخل تنظيم القاعدة، وأضيف إليها مؤخرا بكل أسف «إنك أكيد فى مصر».
المؤكد أن خبرة مصر السياسية تختلف عن إيران تماما، مثلما أن تركيا «السنية» تختلف عن إيران، ليس فقط فى توجهاتها السياسية، إنما أيضا فى خبرتها ونموذجها السياسى، الذى هو تقريبا نقيض النموذج الإيرانى، ومع ذلك ظلت هناك علاقات دبلوماسية طيبة بين البلدين، وتبادل تجارى وحوار سياسى لا ينقطع، والفارق بين تركيا ومصر أن الأولى دولة لم يستقل منها العقل ويحكمها نظام ديمقراطى يتسم بالكفاءة الاقتصادية والسياسية، فى حين أن مصر تسير بخطوات ثابتة نحو بناء دولة فاشلة أقيل منها العقل. أفهم أن نختلف مع توجهات إيران أو حتى نقاطعها بسبب سياساتها وليس بسبب سائحيها، وهذا هو الفارق بين دولة تمتلك علماء قادرين على تصنيع قنبلة نووية، فقدمت أمس الأول وروداً للسفير المصرى الحالى فى طهران، ودولة أخرى تمتلك «علماء» قادرين على صناعة الكراهية فى كل مكان من المسيحيين حتى المسلمين الشيعة.
عز الدين القسام.. أم المتطرفون المسيحيون؟
عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
فى يوم واحد قرأت رأيين متناقضين ومتطرفين بشأن المسئول عن اندلاع الفتنة الطائفية فى الخصوص بالقليوبية والتى انتقلت إلى كاتدرائية العباسية.
الرأى الأول يقول إن الذى أشعل الفتنة أفراد من كتائب عزالدين القسام ــ الذراع العسكرية لحركة حماس الفلسطينية ــ بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين، لصرف النظر عن الأزمة التى تواجهها الجماعة والرئيس.
والرأى الثانى يقول إن الذى أشعل الفتنة هم «المتطرفون المسيحيون» الذين بادروا بإطلاق النار فى الأحداث.
لا أملك أنا وغيرى حتى هذه اللحظة معلومات مؤكدة تكشف عن المتهم الحقيقى والمتسبب فى اشتعال الفتنة بهذا الشكل، لكن أزعم أننى أملك حسا لرفض كلا الرأيين واعتبارهما نتاج خيال موغل فى المرض والتطرف، وإذا ثبت صحة أحدهما فمعنى ذلك أن «البلد خربت وعليه العوض».
أصحاب الرأى الأول الذين يتهمون كتائب عزالدين القسام لا يرمش لهم جفن وهم يلقون بهذا الاتهام الخطير، وواضح أنه لا يصمد أمام أى منطق، فإذا افترضنا جدلا أن الإخوان يريدون حرق البلد فهل يستوردون مقاتلين من حماس فى حين أن لدينا فائضا من البلطجية يعانون البطالة، ويمكنهم ارتكاب أى جريمة دون لفت النظر إلى هويتهم الغريبة؟!.
والغريب أيضا أن شخصا كتب يقول إن الأهالى شاهدوا هذه الوجوه الغريبة للمرة الأولى أثناء الأحداث، ولا أعرف لماذا لم يقبضوا عليهم، ولماذا لم يبلغوا عنهم فورا أو يلتقطوا لهم صورا حتى بالموبايل؟!.
الرأى الثانى يصر على أن الكنيسة تحولت إلى ترسانة تحوى كل أنواع الأسلحة، وأن المسيحيين هم من قتلوا ضحايا الخصوص بمن فيهم المسيحيون أيضا، وأن بعض المسلمين فى الخصوص كانوا مجموعة من الملائكة، كلما ضربهم المسيحى على خدهم الأيمن أداروا له خدهم الأيسر!، وللأسف قرأت رواية منسوبة لأحد قيادات حزب النور السلفى فى القليوبية، تكرر نفس الأسباب السابقة.
مرة ثانية قانونا، علينا أن ننتظر نتائج التحقيقات، لكن سياسيا علينا أن نحذر من محاولة جر البلاد بأكملها إلى حريق كبير قد لا يبقى ولا يذر.
المؤكد أن هناك من يحاول استغلال الحادث سياسيا فى كلا المعسكرين كى يعظم مكاسبه حتى لو كانت على حساب المستقبل. والمؤكد أن المناخ المحتقن والجهل والتخلف والفقر تربة خصبة لمثل هذه الحوادث التى ستتكرر طالما استمر هذا المناخ.
السؤال البديهى: من يتحمل المسئولية؟.
بنفس المنطق الذى كنا ندين به نظام حسنى مبارك وأجهزة أمنه بأنها المسئولة عن الاحتقان الطائفى واستغلاله لمصلحة بقائها علينا أن نحمل إدارة الرئيس محمد مرسى كامل المسئولية.
محمد مرسى هو رئيس المجلس الأعلى للشرطة، وعليه أن يسألها لماذا تأخرت أو تلكأت فى التحرك، ولماذا لم تبادر بتأمين تشييع ضحايا الخصوص، وإذا كان بعض المسيحيين هم المسئولىن فلماذا لا يتم تقديمهم للمحاكمة وفضحهم حتى لا يكرر غيرهم نفس الفعلة؟!.
هل هناك من يحاول توريط الرئيس مرسى والإخوان فى مستنقع الفتنة الطائفية، وهل هناك طرف ثالث يحاول إغراق البلد بأكمله فى المستنقع؟!.
ربما كان ذلك صحيحا، لكن على الرئيس وأجهزته كشف ذلك وألا نكتفى بترديد حكاية الطرف الثالث دون تقديم الدليل.
سياسيا الرئيس يتحمل كل المسئولية، لأنه صاحب السلطة، وسياسيا أيضا تتحمل جماعته المسئولية لأنها الجماعة التى خرج منها الرئيس، حتى لو لم يكن للرئيس أو جماعته أى مسئولية فى اندلاع الأحداث.
من الذى استفاد من الكارثة داخليا؟!.
هذا سؤال صعب، لأن الوضع مرتبك وغائم و«الأصابع» التى تلعب كثيرة، لكن المؤكد أن كل مصر هى الخاسر الأكبر.
في لحظة يأس.. هل يطلق الأسد صواريخه تجاه تركيا.. وإسرائيل؟!
كلمة الراياض بقلم : يوسف الكويليت
سوريا تحاط بقوتين أكبر منها بمراحل بالتسلح والتقدم العلمي والنمو الاقتصادي والنظام السياسي إلى جانب رعاية تامة من دول حلف الأطلسي في حال تعرضت إحداهما إلى هجوم مسلح من أي طرف عربي أو إقليمي، كإيران مثلاً..
فإسرائيل قوة ظلت هاجس سوريا في حال الحرب والسلم وفي مختلف المراحل التي بدأ معه الصراع العربي - الإسرائيلي، فهي تسيطر على الجولان ومزارع شبعا المتنازع عليهما بين سوريا ولبنان وتحتلها إسرائيل، وقد ظلت مخترقة من قبل استخباراتها سنوات طويلة حين كان الجاسوس الشهير «إيلي كوهين» يرسل المعلومات السرية عن الجيش والمخابرات والتحركات العسكرية وبيئة العمل داخل المخابرات السورية إلى أن كشف وأعدم، ثم مارست عسكرياً العديد من التجاوزات بما فيها ضرب مواقع حساسة عجزت حكومات دمشق وخاصة في عهد عائلة الأسد الرد على أي اعتداء..
الجهة الثانية، تركيا التي لم تكن سياساتها تجاه سوريا بذلك الدفء الذي حدث مع الحكومة الراهنة، إذ ظل موضوع لواء الاسكندرون أحد مصادر الخلاف بين البلدين ما قبل حكومة (أردوغان) والذي أدخل تعديلات جوهرية على سياسته تجاه العرب، وخاصة سوريا، وكذلك أزمة الزعيم الكردي (أوجلان) عندما عاش بحماية حكومة الأسد داخل البقاع اللبناني مما أدى إلى استنفار القوات التركية الدخول في حرب مع سوريا، لولا أنها تصرفت بشكل سريع بإخراجه ثم القبض عليه من قبل الأتراك، ومع أن المبادرة بين البلدين كانت ايجابية ومتسارعة أدت إلى فتح الحدود والأبواب للتبادل التجاري والاستثمارات والسياحة وغيرها، إلاّ أن الثورة قلبت تلك المحاولة باتجاه العداء بين البلدين والتصعيد والتهديد العسكري، مما استدعى تركيا نصب صواريخ «باتريوت» تحسباً لأي مفاجأة قد تحدث من حكومة دمشق..
الأسد سبق أن قال لأغلو وزير خارجية تركيا في لحظة فقدان أعصابه «لا أحتاج لأكثر من ست ساعات حتى أشعل الشرق الأوسط وأسقط الأنظمة القائمة به «وبناء على هذه النوايا هل يصل الأسد في لحظة يأس تام ومن خلال شعوره بالنهايات الأبدية، أن يقوم بمغامرة مجنونة تؤدي إلى اطلاق صواريخه المحملة بالأسلحة الكيماوية تجاه تركيا وإسرائيل معاً في عملية انتحارية، ليجعل من موته قصة حرب تختلط فيها كل الأوراق كسابقة أولى في تاريخ المنطقة الحديث؟!..
بالتأكيد أن رد الفعل قد لا يقف على ثلاثي الأزمة، سواء أمريكا وأوروبا، أو روسيا وإيران، وهما على الأرجح لن ينجرا لمغامرة كهذه، لكن قد تحدث هزات دبلوماسية، ربما تدفع بالعديد من الدول العيش على خط النار، خاصة لو دخل حزب الله بتوجيه صواريخه لإسرائيل تضامناً مع الأسد، أو افتعلت إيران أزمة مع الدول الخليجية العربية، أو ناوشت قواعد أمريكا..
المسرح سيكون مرعباً لأن الأسد لن يخسر شيئاً طالما دخل وسط الحريق الملتهب وقد تبنى المواقف على النوايا، وتصريحاته بحرق المنطقة تؤخذ باحتمالاتها المعقدة، وبالتالي هل دراية الدول التي تفهم معنى استخدام سلاح مدمر، عليها المبادرة بالتصرف السريع والمباشر باحتواء هذا السلاح قبل أن تواجه مفاجأة غير منتظرة، أو محسوبة؟!
الأسد مصاب بعاهة البقاء، أو موت شعبه وما يجاوره من أقطار ليحملوا في نفس الجنازة، وبالتأكيد، فإن تركيا، وإسرائيل على دراية تامة بما يدور في الداخل السوري، لكن الاحتياطات مطلوبة قبل أن تحل الكارثة..
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
الشعب الفلسطيني ضحية حيرة «حماس»
عزمي عاشور (كاتب مصري) عن الحياة اللندنية
جولة كيري للسلام أم للحرب؟
رأي القدس العربي
ماذا يدبر جون كيري؟
اسامة الشريف عن الدستور الأردنية
أوباما: النظر بعيون فلسطينية
جيمس زغبي عن السفير
ما جدوى المفاوضات؟
أسامة عبد الرحمن عن دار الخليج
إسرائيل متشائمة من استمرار الفتور التركي بشأن المصالحة
حلمي موسى عن السفير
نعم للانقلاب.. على الانقسام
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
قمة المصالحة الفلسطينية
ناجي صادق شراب عن دار الخليج
الفلسطيني بعيون عربية والعربي بعيون فلسطينية
معن بشور(كاتب من لبنان) عن القدس العربي
«الأقصى» يواجه التهويد وحيداً
رأي الدستور الأردنية
لماذا لم تتشيّع غزة؟
عمرو الشوبكي عن المصري اليوم
عز الدين القسام.. أم المتطرفون المسيحيون؟
عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
في لحظة يأس.. هل يطلق الأسد صواريخه تجاه تركيا.. وإسرائيل؟!
كلمة الراياض بقلم : يوسف الكويليت
الشعب الفلسطيني ضحية حيرة «حماس»
عزمي عاشور (كاتب مصري) عن الحياة اللندنية
إذا كان بناء مؤسسات الدولة هو التطور الأبرز في القضية الفلسطينية، فإن التطور المضاد والأسوأ هو الذي ارتبط بفوز «حماس» في انتخابات 2006، فعلى رغم أنها جاءت بطريقة ديموقراطية، إلا أن هذه الحركة كانت مثل الخنجر الذي غُرس في ظهر القضية الفلسطينية، ليس فقط لدخولها في صراع وجود مع حركة «فتح»، وإنما أيضاً في استخدامها كأداة لقوى إقليمية تحت شعار الدفاع عن الشعب الفلسطيني. ومنذ وجود «حماس» بهذا الشكل الموظف من الخارج، وجدنا كيانين فلسطينيين، في وقت كان من المهم جداً أن يتحدا تحت سلطة واحدة، ودخلنا في قضية الصراع الداخلي بين الفلسطينيين بطريقة المباراة الصفرية، ولتتحول القضية وتتقزم من قضية عالمية يسعى الجميع إلى وجود حلول لها، إلى أن تصبح قضية أنفاق غير مشروعة على الحدود بين مصر وغزة بتوقيع حركة «حماس» ومباركتها.
وهنا ليس المهم أن يتوحد من يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية مثلما كان الوضع قبل الانتخابات التي جاءت بحماس، وإنما المهم أن تعيش زعيماً أو قائد فصيل بمباركة الخارج. وجاء فوز جماعة الإخوان المسلمين بالحكم في مصر مثل طوق نجاة ليس للشعب الفلسطيني وإنما لحماس، لتجد من يدعمها ويقويها على باقي الفصائل الفلسطينية من خارج الحدود، ولكي ندور من جديد في الدائرة المفرغة التي أضاعت كثيراً من الحقوق الفلسطينية. ومن ثم، لم يكن مستغرباً أن يشرف إخوان مصر على انتخابات رئيس حماس الجديد من القاهرة، التي اجتمع فيها المكتب السياسي للحركة في مطالع نيسان (أبريل) الجاري ليستمر خالد مشعل في ولايته الخامسة رئيسا لها. والسؤال: لماذا يصر الفلسطينيون على تكرار أخطاء الماضي ولا يتعلمون منه؟ فخبرة السبعين سنة تؤكد أن أول ركن في استرجاع حقوقهم هو ضرورة الانطلاق من الداخل الفلسطيني والبعد من التوظيفات والمتاجرة بالقضية التي دخلت فيها جماعات لن تضيع فقط القضية الفلسطينية وإنما البلاد التي تحكمها.
آن الأوان للفلسطينيين أن يكون لهم ربيعهم، وأن يغيروا هذه النخب والوجوه التي أضرت أكثر مما أفادت الفلسطينيين. فنجاح حماس أو حتى فتح لن يكون متوقفاً على مدى ارتباطها بإخوان مصر، بقدر ارتباطه بما سوف تحققه على الأرض من المصالحة والتوحد للدفاع عن الحقوق الفلسطينية من دون تمييز عقائدي. وتحقيق هذا الأمر يتطلب أولاً أن تبتعد القيادات التقليدية التي كانت سبباً للانقسام وأداة للتوظيف الخارجي، وثانياً ضرورة الارتباط بالداخل والتحرك بناء على معطياته وليس على معطيات الخارج الذي قد يكون في دمشق أو طهران، أو حتى في القاهرة، فالقضية الفلسطينية لم تعد قيادات تتاجر بمصير شعب وإنما باتت مرتبطة بمن يحقق لهم إنجازات على أرض الواقع، التي يشغلها اليوم الإسرائيليون ببناء المستوطنات وترجمة حلمهم حقيقة، في حين أن أصحاب الأرض الحقيقيين حقوقهم تضيع ما بين هؤلاء القيادات والدول التي توظف قضيتهم.
جولة كيري للسلام أم للحرب؟
رأي القدس العربي
لم نستغرب ما نشره يوم امس موقع 'واللا' الالكتروني الاسرائيلي نقلا عن مسؤول امني كبير وصف جولة جون كيري وزير الخارجية الامريكي الماراثونية الحالية في منطقة الشرق الاوسط، بانها تهدف الى تكوين تحالف او محور لفرض المزيد من العقوبات ضد ايران، لارغامها على وقف برنامجها النووي، واحتمال شن هجوم عسكري عليها في حال فشلت العقوبات في تحقيق اهدافها.
عدم استغرابنا هذا نابع من تجاربنا السابقة مع التحركات الامريكية المشابهة، ففي كل مرة تحدث فيها مسؤول امريكي عن احياء عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين اقدمت الولايات المتحدة على ارسال جيوشها وقاذفاتها العملاقة (B52) لقصف واحتلال دولة شرق اوسطية.
في عام 1990 وبعد اجتياح القوات العراقية للكويت وعدنا جورج بوش الاب بعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية، وبعد تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001 وعدنا جورج بوش الابن باقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل انتهاء ولايته الرئاسية الاولى، وجدد الوعد نفسه قبل وبعد احتلاله للعراق على اساس اكذوبة اسلحة الدمار الشامل، وبقية القصة معروفة.
الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي وعد في بداية رئاسته الاولى بجعل قضية الدولة الفلسطينية المستقلة على قمة اولوياته، رضخ لتهديدات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي واللوبي اليهودي الامريكي الداعم له، وتراجع عن هذا التوجه كليا، رافعا راية الاستسلام، ومنكفئا في مكتبه البيضاوي، بحجة معالجة ازمات بلاده الاقتصادية، وتمرير برنامجه الصحي الاصلاحي.
الآن بدأ العد التنازلي للهجوم الاسرائيلي ـ الامريكي على ايران لتدمير طموحاتها النووية، بعد ان فشلت جولة المباحثات الاخيرة في التوصل الى اتفاق سلمي، وهناك من يقدر ان هذا الهجوم بات وشيكا وقد يقع في شهر حزيران (يونيو) المقبل.
وهناك عدة مؤشرات في هذا الصدد علاوة على محاولات احياء عملية السلام الفلسطينية ـ الاسرائيلية.
' اولا: زيارة اوباما لتل ابيب وتجديد التزامه بعدم السماح لايران بان تتحول الى قوة نووية.
' ثانيا: تحقيق المصالحة التركية ـ الاسرائيلية واقناع نتنياهو بالاعتذار لرجب طيب اردوغان نظيره التركي.
' ثالثا: وصول تشاك هاغيل وزير الدفاع الامريكي الى القدس المحتلة لاحياء التعاون والتنسيق العسكري التركي ـ الاسرائيلي والعودة به الى صيغته السابقة.
' رابعا: تكرار التصريحات الايرانية من قبل كبار المسؤولين وابرزهم السيد علي خامنئي بان ايران سترد ردا ساحقا في حال تعرضها لهجوم اسرائيلي على مفاعلاتها النووية.
لتسهيل قيام هذا المحور الجديد، واعطاء ثماره يتعرض بنيامين نتنياهو الى ضغوط مكثفة حاليا من قبل الادارة الامريكية ووزير خارجيتها كيري لتقديم بعض التنازلات الشكلية للفلسطينيين، مثل دفع مشاريع اقتصادية فلسطينية في المنطقة 'ج' الخارجة عن ولاية سلطة الرئيس عباس، وتحويل مستحقات الضرائب الفلسطينية المستحقة للسلطة دون تأخير.
تجري محاولة دؤوبة حاليا لتجميل وجه نتنياهو وتصويره كحمل وديع يريد السلام وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والشيء نفسه يقال عن حكومته اليمينية الاستيطانية المتطرفة، ومن اللافت ان السلطة الفلسطينية التي استخدمت بطرق بشعة، ولدغت من الجحر نفسه اكثر من مرة في السابق، تجاري هذا المخطط الامريكي وتتجاوب معه.
ماذا يدبر جون كيري؟
اسامة الشريف عن الدستور الأردنية
رسميا لا توجد خطة مفصلة لدى وزير الخارجية الاميركية جون كيري الذي يزور المنطقة للمرة الثالثة بعد تنصيبه في فبراير الماضي وللمرة الثانية بعد زيارة الرئيس باراك اوباما. الحديث يدور حول محاولة كيري انعاش عملية السلام المتعطلة منذ عام 2009 بين الفلسطينيين والاسرائيليين من خلال جولات مكوكية بين رام الله والقدس الغربية. الواضح ان كيري لديه تصور لتهيئة الاجواء، ويقال انه يقترح على كل من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خارطة طريق جديدة تتضمن تعديل مبادرة السلام العربية لعام 2002 بحيث تتيح للطرفين العودة الى طاولة المفاوضات.
مصادر فلسطينية تحدثت عن اقتراح اميركي لتعديل مبادرة السلام العربية بحيث تتحدث عن مبادلات للاراضي يتفق عليها بين الطرفين حول حدود 1967. والمبادرة الاصلية كانت قد تحدثت عن حل مقبول للطرفين يتناول عودة اللاجئين الفلسطينيين. واسرائيل كما نعرف ترفض الاعتراف بهذا الحق اصلا.
كيري يطمح الى انجاز تاريخي باعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات بعد انقطاع دام لاكثر من اربع سنوات. في تركيا طرح كيري على الاتراك دورا في عملية السلام، وهو موقف ترفضه كل من اسرائيل ومصر. لكن وبعد اعادة انتخاب خالد مشعل كرئيس للدائرة السياسية لحماس الاسبوع الفائت فأن الانظار تتجه الى تغير سياسي ايجابي في موقف الحركة. وبالطبع فان لتركيا علاقات سياسية مميزة مع حركة حماس في غزة.
التغير الآخر هو توقيع اتفاقية تاريخية بين عباس والملك عبد الله الثاني صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس و تؤكد دور الاردن التاريخي في القدس القديمة . من الواضح ان السلطة الفلسطينية تدرك اهمية المعركة القادمة حول القدس ولا تريد ان تتحمل مسؤوليتها لوحدها. الدور الاردني معترف به في اتفاقية وادي عربة ويستطيع الاردن مقاضاة اسرائيل في المحافل الدولية.
هناك مؤشرات على احتمال استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل، بعد ان تتعهد الاخيرة تأجيل العمل ببناء مستوطنات في المنطقة المسماة بايي واحد بين القدس ومستوطنة معالية ادوميم. في نظر السلطة فان ذلك يعد نوعا من التجميد في بناء المستوطنات يبرر لها العودة الى المفاوضات في مقابل تأجيل تحريك قضايا ضد اسرائيل امام محكمة الجنايات الدولية. مصادر فلسطينية اعلنت تأجيل العمل برفع قضايا ضد اسرائيل امام المحاكم الدولية لاعطاء فرصة لتحريك عملية السلام.
واخيرا ورغم نفي مصادر فلسطينية لخبر عقد قمة رباعية (فلسطينية-اردنية-اسرائيلية-اميركية) في عمان في ايار المقبل، فان جهود كيري الحالية تنصب حول تحقيق اختراق في عملية السلام. وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي لفني قالت ان هناك فرصة متاحة واسرائيل قد تتجاوب مع معظم المتطلبات الفلسطينية بحجة بناء الثقة، والاردن يؤكد دوره في استئناف مفاوضات السلام. هل يفعلها كيري؟
أوباما: النظر بعيون فلسطينية
جيمس زغبي عن السفير
أثناء زيارة أوباما الأخيرة لإسرائيل والضفة الغربية والأردن، حث الإسرائيليين على النظر للعالم من خلال عيون الفلسطينيين. وهذا الجزء من كلمته يستدعي مني إيراد نصه الكامل: «يجب أيضاً الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحقه في العدالة. عليكم أن تضعوا أنفسكم مكانهم. عليكم أن تنظروا للعالم من خلال عيونهم. ليس من العدل أن ينمو الطفل الفلسطيني ويترعرع في دولة ليست دولته، ويعيش حياته كلها بعد ذلك في وجود جيش أجنبي يتحكم في تحركاته. ليس فقط تحركات الصغار، وإنما تحركات آبائهم وأجدادهم، كل يوم. ليس من العدل أن يمضي عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين من دون عقاب. ليس من العدل منع الفلسطينيين من زرع أراضيهم، أو الحد من قدرة طلابهم على التحرك في مختلف أنحاء الضفة، أو طرد العائلات الفلسطينية من بيوتها. لا الاحتلال ولا الطرد هما الإجابة الصحيحة. وتماماً مثلما بنى الإسرائيليون دولة في أراضيهم من حق الفلسطينيين أيضاً أن يكونوا شعبا حرا في أراضيهم.
سوف أخرج عن نص كلمتي هنا لثانية ــ الكلام لا يزال لأوباما ــ قبل أن آتي هنا، قابلت مجموعة من الفلسطينيين صغار السن تتراوح أعمارهم ما بين 15و22. وعندما تحدثت إليهم لم أجدهم مختلفين كثيراً عن بناتي كما لم يكونوا مختلفين عن بناتكم وأبنائكم.
اعتقد بأمانة أن أي أب إسرائيلي لو جلس مع هؤلاء الفتيات والفتية فإنه سيقول لنفسه: أريد لهؤلاء الفتية والفتيات أن ينجحوا، وأن يزدهروا، وأن تتاح أمامهم فرص، مثل تلك التي تتاح لأطفالي. أعتقد أن هذا هو ما سيريده الآباء الإسرائيليون لو أتيحت لهم فرصة الاستماع إليهم، والحديث معهم.
لا شك أن الإسرائيليين سيجدون أن اتباع هذه النصيحة قد يكون تحديا صعبا، ولكنها نصيحة يجب على صناع السياسة والمحللين في الولايات المتحدة أن يستمعوا إليها أيضا. إن المشكلة المتمثلة في عدم القدرة على رؤية الفلسطينيين كبشر متساوين معنا، وفي رفض رؤية العالم من خلال عيونهم، وسمت لفترة طويلة مقاربات الولايات المتحدة والمقاربات الغربية بشكل عام للصراع العربي الإسرائيلي.
ورفض منح الصفة الإنسانية الكاملة للفلسطينيين، يعود لبداية الصراع ذاته. فبعد الحرب العالمية الأولى، واجه الرئيس الأميركي وودرو ويلسون المخططات الإمبريالية البريطانية والفرنسية، لتقسيم الشرق العربي من خلال الدعوة للاعتراف بحق العرب في تقرير مصيرهم، والدعوة للفهم الأفضل لما يريده العرب حقا. ودعا ويلسون لإجراء أول استطلاع على الإطلاق للرأي العام العربي. وكانت نتيجة الاستفتاء الرفض الكامل لتقسيم الشرق العربي، وللسيطرة البريطانية والفرنسية، ورفض إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والمطالبة بالاستقلال، وتكوين دولة عربية واحدة.
وعند سماعه لنتيجة الاستطلاع هون اللورد بلفور وزير الخارجية البريطاني من شأنها قائلا: «نحن لا نهتم أصلاً بأخذ آراء سكان البلد (فلسطين)... والصهيونية في رأيي ذات مغزى أعمق بكثير من رغبات، الـ 700 ألف نسمة الذين يسكنون هذا البلد، وأعمق أيضاً من أي ادعاءات بالتحيز ضدهم»!
وعلى مدى التسعين عاماً الماضية، كان فهم بلفور، وليس رؤية ويلسون، هو الذي ميز طريقة تعامل الغرب مع صراع الشرق الأوسط. فقد اهتم الغرب دوماً باحتياجات إسرائيل متوقعاً من العرب أن يتفهموا ذلك. ودخل دبلوماسيو الولايات المتحدة في جدل مستمر مع الفلسطينيين محاولين إقناعهم بضرورة التعامل مع «الحقائق السياسية» في الولايات المتحدة وفي إسرائيل. وقيل للفلسطينيين إنه يتوجب عليهم الاعتراف بالقيود والمحددات المفروضة على الرئيس الأميركي من قبل الكونغرس، وعلى رئيس الوزراء الإسرائيلي من قبل الكنيست، وهما مؤسستان شديدتا المراس.
ويقول صناع السياسة الأميركية إنهم يريدون مفاوضات من دون شروط مسبقة تقود إلى حل الدولتين. ومع ذلك يوافقون، ويريدون من القادة الفلسطينيين القبول بالكتل الاستيطانية كحقائق على الأرض، ويرفضون حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة باعتباره ــ الحق ــ شيئاً غير عملي، ويعترفون بإسرائيل كدولة يهودية ويتجاهلون حقيقة أن 20 في المئة من سكان إسرائيل عرب.
ولو كانت ملاحظات أوباما في القدس صحيحة، فإن ذلك يعني أن الشعب الإسرائيلي ليس هو وحده المطالب بالاستماع لنصيحته بـ«النظر إلى العالم من خلال عيون الفلسطينيين» وإنما يعني أن صناع السياسة في الولايات المتحدة أيضاً بحاجة لعمل الشيء نفسه. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة مع الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية جون كيري للمنطقة في إطار جهد لصنع السلام.
وإذا ما أراد كيري أن ينجح في ما فشل فيه غيره، فإنه يجب الاعتراف بإنسانية الفلسطينيين. وأن يعرف أنه لكونهم ضحايا الاحتلال فإنهم يمثلون الطرف الأضعف في الصراع، وبالتالي لا ينبغي أن يطلب منهم أن يتحملوا العبء الأكبر كي يجعلوا السلام ممكناً.
وقبل مطالبة أوباما لعباس بتحمل المخاطر، وهو ما ليس بمقدوره إذا ما أخذنا في الاعتبار وضعه الصعب في الداخل الفلسطيني، فإننا يجب أن نعمل على تحدي قيودنا السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، ونطلب من نتنياهو عمل الشيء نفسه في إسرائيل أيضا.
ما جدوى المفاوضات؟
أسامة عبد الرحمن عن دار الخليج
أكد أوباما خلال زيارته للمنطقة أن السلام لا يمكن أن يتم عبر المفاوضات . ومعروف أن السلطة الفلسطينية تقبل المفاوضات شريطة وقف الاستيطان . ومعروف أيضاً أن الكيان الصهيوني يرفض تجميد الاستيطان ويعده شرطاً مسبقاً، وهو لا يقبل بالشروط المسبقة، مع أنه يفرض شروطاً مسبقة على الفلسطينيين من قبيل الاعتراف بيهودية الدولة .
وبديهي أن الطرف الفلسطيني وكذلك النظام الرسمي العربي على دراية تامة بتجربة المفاوضات التي دار الكيان الصهيوني بالطرف الفلسطيني في ردهاتها سنين طويلة من دون الإفضاء إلى أي محصلة . كما أن الطرف الفلسطيني دخل في مفاوضات مباشرة وأخرى غير مباشرة وما سمي باللقاءات الاستكشافية، وهي مفاوضات أيضاً، وكل ذلك مثل تجارب عبثية أساءت إلى القضية الفلسطينية، وأضاعت الجهد والوقت في مسار معروف منذ البداية، أنه موصد بسبب التعنت الصهيوني وإصرار الكيان على فرض إرادته على أرض الواقع وتغيير الوقائع على الأرض من خلال مواصلة بناء المستعمرات .
الطرف الفلسطيني يعرف أن الدعوة الأمريكية قبل بضع سنوات لتجميد الاستيطان جزئياً، ولمدة ثلاثة أشهر لاستمرار المفاوضات خلالها لم تفلح، وأصرّ الكيان على مواصلة الاستيطان رغم الحوافز المغرية التي قدمتها له الإدارة الأمريكية .
إن أوباما يؤكد مبدأ حل الدولتين ولا يشترط وقف الاستيطان، فكيف يكون تطبيق حل الدولتين بينما الاستيطان يلتهم الأرض الفلسطينية، حتى في ظل المفاوضات . وتجربة الطرف الفلسطيني في هذا المسار لا تحتاج إلى مزيد من التجارب في مسار عبثي لا طائل منه ولا جدوى من ورائه .
إن الكيان الصهيوني الذي يرى الاستيطان حقاً وركيزة محورية لترسيخ مشروعه العنصري الاستعماري، يواصل الاستيطان ولن يقبل بتجميده ولو مؤقتاً . وإذا ظل الطرف الفلسطيني معتمداً على خيار واحد هو المفاوضات حتى مع شرط وقف الاستيطان، فإن خياره سيظل معلقاً في الهواء، ولن يحدث أثراً في أرض الواقع الذي يفرض الكيان الصهيوني عليه إرادته، ويغيّر هذا الواقع وفق بوصلته وصولاً إلى هدفه الرئيس في إقامة مشروعه الاستعماري العنصري الذي يقضي على فكرة الدولة الفلسطينية . ولعل قرارات الكيان الصهيوني الأخيرة التي تكثف الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية تمثل صورة واضحة لهذا النهج العنصري الاستعماري الذي يحاول فرض وجوده بالقوة . وإلغاء وجود الفلسطينيين وحقهم في دولة فلسطينية وهم أصحاب الأرض وأصحاب الحق .
هذه القرارات الصهيونية الاستعمارية واجهت هذه المرة انتقادات واسعة في المجتمع الدولي، حتى من دول أوروبية تربطها بالكيان الصهيوني علاقات وثيقة . بل إن جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن باستثناء الولايات المتحدة نددت بهذه القرارات وعدّها الأمين العام للأمم المتحدة “انتهاكاً سافراً للقانون الدولي” .
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تقف الأمم المتحدة عاجزة عن فعل شيء إزاء هذا الانتهاك السافر للقانون الدولي، وهي الهيئة الأممية المنوط بها تطبيق القانون الدولي، وحفظ الحقوق وصون السلم والأمن في العالم .
إن الولايات المتحدة بحكم ثقلها الكبير في هذه الهيئة الأممية ودورها الفاعل والمؤثر في مجلس الأمن، تعطي الكيان الصهيوني حصانة إزاء المواقف والقرارات الدولية والقانون الدولي، ولذلك فهو لا يعبأ بها ولا يعيرها اهتماماً، ويواصل انتهاكاته للحق الفلسطيني والأرض الفلسطينية وارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني من دون خشية من ملاحقة أو مساءلة أو إدانة، ومن دون رادع يمنعه من مواصلة انتهاك الحقوق وارتكاب الجرائم . فأي سلام وأي مفاوضات يريدها أوباما؟
إسرائيل متشائمة من استمرار الفتور التركي بشأن المصالحة
حلمي موسى عن السفير
نشرت صحيفة «هآرتس»، أمس الأول، كاريكاتوراً يظهر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان يشرب كأس عصير، فيما يقف نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلف عربة بيع عصير يشتكي لوزير الخارجية الأميركي جون كيري من أن الأول أخذ العصير ولم يدفع ثمنه.
ويشرح الكاريكاتور إحساس حكومة إسرائيل التواقة لإعادة العلاقات مع تركيا إلى مجاريها، في حين لا تبادلها الحكومة التركية هذا الإحساس. وبرغم نجاح الإدارة الأميركية في إبرام اتفاقية مصالحة إلا أن الإسرائيليين لا يرون حتى الآن ثمار هذه المصالحة ويبحثون بين السطور عن إنجاز.
وفي إطار البحث عن إنجاز مع الأتراك، أظهرت الصحف الإسرائيلية تقارير إعلامية تركية تفيد بنجاح الرئيس الأميركي باراك أوباما في ثني أردوغان عن عزمه زيارة قطاع غزة بعد زيارته الوشيكة إلى واشنطن. وقد نشرت صحيفة «حرييت» التركية هذا الخبر برغم أن أردوغان نفسه كان أجاب على سؤال بهذا الخصوص بعد لقائه كيري قائلاً «الزيارة ستتم بشكل شبه مؤكد بعد زيارتي للولايات المتحدة». وكانت الأنباء أشارت إلى أن كيري نصح أردوغان بإعادة النظر في الزيارة وإتمام المصالحة مع إسرائيل، في وقت كان أعلن أردوغان أن زيارة غزة ستتم في نيسان الحالي برغم أن كيري قال إنها قد تشوش على جهود المصالحة مع إسرائيل.
وعموما يزداد الغضب الإسرائيلي من عدم تغيير تركيا لموقفها من إسرائيل برغم إعلان المصالحة بينهما. وحسب «معاريف»، فإن تركيا استخدمت مؤخرا حق النقض (الفيتو) مرة أخرى ضد مشاركة إسرائيل في اجتماع «الناتو» على مستوى وزراء الخارجية، برغم مرور أكثر من أسبوعين على المصالحة. وقد دأبت تركيا منذ نشوء أزمة أسطول الحرية ومقتل الأتراك في سفينة «مرمرة» على عرقلة تعاون «الناتو» مع إسرائيل، كما صارت تستخدم حق النقض الممنوح لها كعضو رئيس في الحلف لحرمان إسرائيل من أي مشاركة في الاجتماعات أو المناورات.
وكشفت «معاريف» النقاب عن أن تركيا منعت مؤخراً مشاركة إسرائيل في الحوار المتوسطي الذي يقيمه حلف «الناتو» والذي يضم إلى جانب إسرائيل دولا عربية مثل مصر والمغرب والأردن وتونس والجزائر وموريتانيا. وبعد أن دعا الحلف إسرائيل لحضور اجتماع مقرر لهذه المجموعة أعلنت أنقرة اعتراضها، ما قاد إلى تأجيل الاجتماع. وأضافت الصحيفة أن التقدير في إسرائيل هو أن تركيا، برغم اتفاق المصالحة، لن تسارع إلى سحب حق استخدام الفيتو على التعاون الإسرائيلي مع «الناتو».
وأشارت «معاريف» إلى أنه منذ تدهور العلاقات بين الدولتين، استخدمت تركيا «الفيتو» ضد فتح ممثلية إسرائيلية في مقر «الناتو» في بروكسل. كما استخدمت أنقرة «الفيتو» ضد مشاركة إسرائيل في الحوار المتوسطي مع «الناتو»، وهو حوار يُعنى ليس فقط بالجوانب العسكرية وإنما أيضا بجوانب إدارة المقدرات وحالات الطوارئ. كما منعت تركيا إقرار ورقة موقف إسرائيلية تتعلق بالتعاون الإقليمي مع «الناتو» في مجالات الكوارث الطبيعية، وإقامة فرق خاصة لمعالجة اللاجئين. إلى ذلك، منع «الفيتو» التركي التعاون أيضا في مجالات مكافحة الإرهاب، النار الصاروخية والحرب الالكترونية.
واستخدمت تركيا «الفيتو» أيضاً ضد مشاركة إسرائيل في سلسلة من المناورات العسكرية، في البحر وفي الجو وفي البر، وكذا على التعاون مع إسرائيل في مسائل انتشار السلاح والحوار الإستراتيجي وإدارة الأزمات العسكرية والحماية البحرية وغيرها. ولم تسمح تركيا لإسرائيل حتى بالمشاركة في اجتماعات «الناتو» التي عقدت في أراضيها، ومنعت انعقاد حوار خاص بين «الناتو» وإسرائيل في مجال مكافحة الإرهاب.
وتضع إسرائيل هذا الموقف إلى جانب المماطلة في تنفيذ بنود اتفاق المصالحة التي رعاها أوباما. وقد طلبت تركيا، أمس الأول، من إسرائيل تأجيل اجتماع طاقم المفاوضات بين الدولتين الذي كان مقرراً أن يجتمع اليوم للبحث في التعويضات والعلاقات. وتنظر إسرائيل بتشاؤم شديد إلى هذا السلوك التركي، وإلى احتمالات تطبيع تركيا فعليا علاقاتها معها.
نعم للانقلاب.. على الانقسام
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
وأخيرا حسمت حركة حماس أمرها واختارت زعيمها ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، بعد مخاض عسير تأرجح فيه القرار والرهان على مجموعة من الأسماء التي قيل بأنها ستقود دفة مكتبها السياسي.
استطال الأمر بصورة بدت غريبة للمراقبين سمعنا فيها عن مجلس الشورى وعن انتخابات داخلية وانتخابات الإعادة وغيرها الكثير، مما دار وقيل وجرى في جنبات الحركة ومكوناتها ولمدة عام كامل.
وبغض النظر عن اسم الفائز بهذا الموقع فإن الظفر بالموقع ليس أمراً عادياً وليس حدثاً ثانوياً حتى عند خصوم الحركة ومحبيها. لكنه أمر داخلي بامتياز وقرار حركي محض بغض النظر عن طبيعة التجاذبات والعلاقات المترابطة والمتشعبة هنا وهناك.
حركة فتح بدورها، التي انتظرت القرار لم تتدخل بالأمر رغم قولها بضرورة حسمه لما لذلك من اعتبارات عديدة وكبيرة ليس أقلها موضوع المصالحة، بل ان البعض قال بأن التوافق الشخصي بين الرئيس عباس وخالد مشعل، الذي حصل خلال العامين الماضيين تحديداً، سيشكل لبنة رئيسية نحو تذليل معوقات المصالحة والدخول في تنفيذها بقمة عربية أو بدونها. نعم الأمور بين الحركتين ليست قائمة على اعتبارات شخصية وروابط ودية بين أفراد، بل هي مفاصل عقائدية وفكرية تحكم إيقاعها الكثير من المصالح والمشارب المختلفة التي قتلها البعض شرحاً وتوصيفاً خلال أعوام الانقسام البائس.
لكن 'الكيمياء' الشخصية مهمة للغاية لأنها تختصر التمترس المسبق القائم على الشك في النوايا وتتجاوز معارك الثقة والتشكيك في القدرة على التواصل الآدمي الحضاري المعقول.
اليوم ومع انتخاب مشعل يقول البعض بأن 'كيمياء' الحل باتت جاهزة وبأننا بتنا أقرب إلى الانقلاب على الانقسام.
البعض الآخر ومن التقيتهم في غزة يقولون بأن لا انقلاب على الواقع المعاش ولا أمل في أن ينتصر خالد مشعل في حرب الانقلاب على الانقسام، خاصة في وجه من لا يرون في المصالحة هدفاً استراتيجياً مستعجلاً.
لكن المنطق لا يمكن أن يقبل معادلة الانقسام، خاصة أننا في عالم متحرك تحكمه المتغيرات وأمام خارطة جديدة لجغرافيا الفوضى الخلاقة سياسياً واستراتيجياً وأمام خصم تقليدي هو الاحتلال.
المهم أن معركة الدخان الأبيض في حرب الديمقراطية الداخلية لحماس قد حسمت فهل تكون الخطوة القادمة انقلاباً واضحاً وصريحاً على الانقسام؟.
قمة المصالحة الفلسطينية
ناجي صادق شراب عن دار الخليج
أثار اقتراح دولة قطر في القمة العربية الأخيرة، بعقد قمة عربية مصغرة، تساؤلات ونقاشات كثيرة بعثت الشك في جدوى القمة قبل أن تعقد . وأكتفي من هذه التساؤلات بثلاثة: الأول يتعلق بمدى فعالية وقدرة هذه القمة على وضع نهاية لهذا الملف الفلسطيني المؤلم ليس فلسطينياً بل عربياً، وترتبط بهذا التساؤل تساؤلات مهمة: ماذا لو أن حماس وفتح تعنتتا في موقفيهما أو رؤيتيهما السياسية التي يرى كل منهما أنها الطريق الوحيد لإنهاء الانقسام؟ هل تملك القمة أن تفرض رؤيتها، وتلزم الطرفين بالاتفاقات الموقعة؟ والأكثر أهمية، هل تملك أن تعلن صراحة الطرف المسؤول عن فشل المصالحة وتعيد التعامل معه، كما مثلاً في الحالة السورية مع الفرق بين الحالتين؟
السؤال الثاني يتعلق بتحديد آليات عمل هذه القمة وجدول أعمالها، ومن سيحضرها، وكيفية توجيه الدعوات وبأي صفة، وخصوصاً الطرفين الفلسطينيين، ودور دولة الرئاسة في الحرص على نجاح هذه القمة قبل أن تعقد، لأن نجاح القمة المصغرة في إنهاء هذا الملف المعقد هو نجاح لرئاستها؟
وهناك سؤال ثالث يتعلّق بمعنى حضور حماس وهو حضور ضروري، وعلاقة ذلك بالتمثيل الفلسطيني؟
هذه التساؤلات في حاجة لإجابات واضحة، وهي إجابات أقرب إلى الإجتهاد قبل الذهاب إلى عقد هذه القمة لمعالجة ملف من أهم الملفات التي تواجه مستقبل القضية الفلسطينية في حقبة تسوية القضية، وتواجه الأمن القومي العربي والعمل العربي المشترك على اعتبار أن القضية الفلسطينية والصراع العربي “الإسرائيلي” من أهم مكونات الأمن القومي العربي، وعلى اعتبار أن “إسرائيل” والحركة الصهيونية ما زالتا تشكلان خطراً على أمن الدول العربية . واستمرار الانقسام الفلسطيني له تداعيات وانعكاسات مباشرة على تصورات ومفاهيم الأمن القومي العربي، ومن ثم إنهاء هذا الملف وصولاً إلى تسوية القضية الفلسطينية، سيفرض نفسه على إعادة صياغة مفهوم هذا الأمن، وتبدل مفهوم العدو أو الخطر المشترك الذي يهدد أمن المنطقة كلها . وهو الأمر الذي يحتاج إلى وضع رؤية جديدة للأمن القومي العربي في ظل تحولات سياسية يغلب عليها فوز الإسلاميين بالحكم في دول مهمة، وما لهذا التحوّل السياسي من علاقة مباشرة بمستقبل هذه النظم، وعلاقتها بحركة حماس في غزة، وأي مصلحة لهذه النظم وخصوصاً مصر في بقاء الانقسام مستمراً؟ والتوجه عن تشكيل تكتل إسلامي محوره مصر وتركيا وإيران، وعلاقة ذلك بحركة حماس وسيطرتها الكاملة ليس فقط على غزة، بل على كل المشهد السياسي الفلسطيني، وإعادة هيكلة منظمة التحرير بما يضمن هذه السيطرة، وهو ما يعني الدخول في مرحلة سياسية مصيرية في مستقبل القضية الفلسطينية .
أما خيار الصراع مع “إسرائيل” وإحياء خيارات الحرب فهو خيار مستبعد .
في سياق هذه التصورات قد نفهم عقد هذه القمة العربية وأبعادها وأهدافها البعيدة، وهو ما ينبغي إدراكه فلسطينياً في الاتجاه نحو المصالحة وليس الانقسام . لا شك أن هذه القمة وإن كان هدفها المعلن هو إنهاء الانقسام، لكنها في الوقت ذاته لها رؤيتها الشاملة لكل التحولات التي تواجه المنطقة، ومستقبل المنظومة العربية . البعد الآخر لهذه القمة العربية أن الدول العربية منشغلة بقضاياها الداخلية التي لها أولوية على أي أولوية أخرى بما فيها فلسطين، فالدول العربية التي اجتاحتها “الثورات” ما زالت تعيش مرحلة من عدم الاستقرار السياسي المصحوب بالعنف، الذي قد يطيح القوى الإسلامية عن الحكم، والدول الأخرى منشغلة بتثبيت أوضاعها السياسية وليست بمنأى عن تأثير هذه التحولات .
وفي قلب ذلك القضية الفلسطينية تفرض نفسها لأنها ما زالت قضية عربية وإسلامية، ومن ثم لا بد من منح الفلسطينيين دوراً مباشراً في إدارة قضيتهم، والاكتفاء بتقديم المساعدات الاقتصادية، والمالية لسلطة واحدة وليس لسلطتين . وبانتهاء الملف السوري الذي قد يعني وصول “الإخوان” للحكم، لا يبقى إلا دائرة الأردن . وباكتمال هذه الدورة نكون أمام حالة سياسية غير مسبوقة، وهذا الدور لن يكتمل أيضاً إلا بحل الملف النووي الإيراني، وهو ما يعني تشكيل تكتل سياسي جديد قد يأتي على حساب بقاء النظام العربي. ومستقبل هذا المشهد مرهون أيضاً بحل القضية الفلسطينية، ووضع حد لإنهاء ملف الانقسام السياسي الفلسطيني، لأن أحد أهم وظائف هذا التكتل هو القبول بأي تسوية سياسية للقضية الفلسطينية، وأي تسوية لا يمكن أن تكون بالانقسام . إذن لا بد من إنهاء هذا الملف الذي قد يقود إلى إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية الواحدة التي يمكن من خلالها الوصول لهذه التسوية . التي في سياقها لا تملك حماس رفضها . والوظيفة الأخرى، ولها علاقة أيضاً بإنهاء ملف الانقسام، هو احتواء قوى التشدد والتطرف الإسلامي، لأن التطرف وهذه قناعة أمريكية وأوروبية، لا يمكن التغلب إلا من خلال قوى إسلامية معتدلة . وهنا قد يبرز دور تركيا كنموذج حكم إسلامي معتدل، ودورها في هذه المعادلة السياسية الكاملة، وهذا ما قد يفسر لنا في أحد جوانبه الاعتذار “الإسرائيلي” لتركيا وعودة علاقات التحالف بينهما . وما قد يعزز من هذه التصورات وعلاقتها بالانقسام أن بيئة الانقسام أصبحت متجذرة ولا يمكن تجاوزها بأي اتفاق بل بصيغة التعايش معها .
ما علاقة كل هذه التفاصيل بقمة عربية من أجل المصالحة الفلسطينية؟ العلاقة واضحة لأن القضية الفلسطينية، وهذه قناعة أمريكية، أكد عليها الرئيس أوباما هي أن مفتاح حل مشكلات المنطقة، وقيام الدولة الفلسطينية والقبول ب”إسرائيل” دولة يهودية . والخطوة الأولى تتمثل في إنهاء الانقسام الفلسطيني للذهاب إلى حل الدولتين وتسوية القضية الفلسطينية .
هل من مصلحة عربية في إنهاء الانقسام؟ والإجابة بشكل قاطع وحاسم نعم، لأن القضية الفلسطينية لم تعد قضية أولوية عربية .
إن مصداقية القمة من عدمها سيرتبط بقدرتها على إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني الذي قد يعود بالمصلحة على كل الدول العربية . والحقيقة التي ينبغي التأكيد عليها أن هذه القمة لا تمنح صفة التمثيل لا لحماس ولا لفتح، بل الذي يمنح التمثيل الشرعي هو الشعب الفلسطيني عبر انتخابات فلسطينية يشارك فيها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج .
وعليه فإن عقد القمة فرصة تاريخية ضرورية لا ينبغي تفويتها، بل على الفلسطينيين أن يوسعوا من دورها وأهدافها ليس بالإعلان عن إنهاء الانقسام الفلسطيني، بل بتثبيت حالة المصالحة التي تحتاج إلى جهد عربي من خلال دور أكبر للجامعة العربية فنياً وأمنياً واقتصاديا، وتشكيل صندوق عربي للمصالحة الفلسطينية، والمساهمة في الوصول إلى تصور عربي فلسطيني شامل لتسوية القضية الفلسطينية، قبل إن تبتلعها رؤى سياسية أخرى .
الفلسطيني بعيون عربية والعربي بعيون فلسطينية
معن بشور(كاتب من لبنان) عن القدس العربي
فلسطيني بعيون عربية، وعربي بعيون فلسطينية، بل مقاوم برؤى نهضوية، ونهضوي بمنظور مقاوم، هذا هو ابو خالد الشمال الذي بدأ حياته مناضلاً في حركة القوميين العرب، وغادرها وهو قائد في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
لقد جمعتنا مع اللواء صبحي جابر (ابو خالد) عقود من النضال في ساحات النضال اللبناني ـ الفلسطيني المشترك، كما في ساحات النضال العربي والعالمي، إلى أن استقرت علاقاتنا بشكل خاص في تأسيس 'الحملة الاهلية لنصرة فلسطين والعراق'، كما في 'المنتدى القومي العربي'، فشاركنا معاً، ومع عدد من الرفاق والأخوة في اطلاق حملات كسر الحصار على العــــراق ومسيرات مناهضة الحرب والاحتلال، وفعاليات دعم المقاومة العراقية، كما في تحركات وهيئات داعمة للقدس وللانتفاضة في فلسطين، كما لكسر الحصار على غزة.
واليوم في 9 نيسان (ابريل) 2013، وبعد عشر سنوات بالتمام والكمال من احتلال بغداد، تتكشف سلامة الرؤية التي التزمنا بها مع ابي خالد في تعاملنا مع ما كان يحاك للعراق الحبيب من مكائد ومؤامرات، بل ما كان يُكاد للمنطقة كلها من خلال العراق على يد المخطط الامريكي ـ الصهيوني، وبتواطؤ أو تخاذل من بعض النظام الرسمي في المنطقة.
لقد كانت رؤيتنا آنذاك لا تنبع فقط من موقف وطني وقومي واسلامي صافٍ يرفض الحصار والعدوان والاحتلال لأي بلد عربي أو اسلامي، أو أي بلد في العالم، بل كانت تنبع من ادراكنا ان الأمة كلها مستهدفة من خلال العراق، فاحتلال ارض العراق كانت مقدمة لاحتلال ارادة الأمة بأسرها، وتدمير العراق كان مدخلاً لتدمير اقطار الأمة بأسرها من سورية إلى مصر إلى لبنان والاردن إلى الجزائر والمغرب العربي، وحل جيش العراق هو نموذج لحل جيوش الأمة كلها وانهاكها، وإثارة الفتنة في العراق هو لاثارة الفتنة المذهبية في عموم المنطقة، وضرب العروبة والوحدة ورموزها وأدواتها في العراق هو لضربها وضرب ادواتها ورموزها في كل مكان.
واليوم ، وبعد عشر سنوات على احتلال بغداد، فالجميع مدعو إلى مراجعة مواقفه مما جرى ويجري في العراق، بل إلى عملية نقد ونقد ذاتي شاملة يخرج فيها كل طرف من متاريسه السياسية والفكرية والعقائدية، فلا شيء يطفئ نار الفتنة في العراق وغير العراق سوى اعتماد منطق المشاركة واقصاء اسلوب الاجتثاث والاقصاء، وصون الوحدة الوطنية ومحاصرة كل عصبية يسعى مثيروها إلى تفتيت المجتمع والامة.
ولقد واجه ابو خالد الشمال، كما كل من كان يشاركه الرأي والرؤية، ضغوطاً كبيرة لتغيير موقفه، أو موقعه، ولكنه كان مقتنعاً بسلامة رؤيته داعياً الاخرين إلى الانتباه لها، محذراً من مخاطر تجاهل الأبعاد الاستراتيجية لما يتعرض له العراق...
وكما كان صلباً في موقفه تجاه احتلال العراق، والداعم للمقاومة العراقية، والرافض لكل محاولات زجها في قمقم الفتنة المذهبية والتفجيرات الارهابية، كان ايضاً صلباً في دفاعه عن الثوابت الوطنية الفلسطينية وفي مقدمها نهج المقاومة وخط الوحدة الوطنية، رافضاً ان يكون دعم المقاومة سبباً لضرب هذه الوحدة، كما رفض ان يكون التمسك بهذه الوحدة على حساب المقاومة، فكان، كما كنا، ندفع ثمن هذا الموقف المتوازن، لأن في صراعاتنا الداخلية، لا مكان عند البعض للمواقف المتوازنة والوحدوية فكثيرون على ما يبدو مؤمنون بمبدأ بوش: 'أما ان تكون معنا أو أن تكون ضدنا...' وهذه أقرب الوصفات للحروب الاهلية. وفي ضوء هذا الموقف لم يقع مع رفاقه في جبهة النضال يوماً أسير اوهام التسوية، ورأى فيها دائما خطة امريكية - اسرائيلية لكسب الوقت وفرض وقائع على الأرض وأبرزها التهام 'المستوطنات' لما تبقى من ارض فلسطين، وتهويد القدس، وإحكام الحصار على غزة، وإسقاط حق العودة التي شاركنا مع الأخوة في تحالف القوى الفلسطينية عموماً، وجبهة النضال خصوصاً، في اطلاق الملتقى العربي الدولي لحق العودة في دمشق في تشرين الثاني /نوفمبر 2008. واليوم مع جولة السيد جون كيري وزير الخارجية الامريكية في المنطقة، والمشروع 'السري' الذي يحمله، تنكشف أيضاً سلامة رؤية ابي خالد وكل رفاقه.
فكيري يريد تعديل 'المبادرة العربية' التي اعلنتها قمة بيروت عام 2002، ليدعو إلى تعاون أمني كامل بين الدول العربية والكيان الصهيوني (علماً ان التعاون قائم الان بين العدو والعديد من انظمتنا أو بعض المسؤولين فيها)، ولاسقاط حق العودة عبر الاقرار بيهودية الكيان، كما يدعو إلى توجه وفد عربي كبير برئاسة ممثل قطر إلى واشنطن ليفاوض هناك باسم فلسطين والتوقيع لاحقاً على اتفاقات 'سلام' مع العدو توفر له تطمينات امنية يحتاجها.
وكما جاء اوباما قبل اسبوعين ليحدد لقمة الدوحة قراراتها، يأتي كيري اليوم ليشرف على تنفيذ تلك القرارات لا سيّما بعد نجاح هذه القمة في اقتلاع الدولة العربية التي حالت على مدى عقود دون التفريط بالحقوق العربية، فبات ممكناً بعد تغييبها واعتماد بديل عنها، ان تندفع عميلة الاستسلام للعدو الصهيوني من دون عقبات أو روادع. لقد أدرك ابو خالد بوعيه الوطني وفكره القومي ونزوعه التقدمي ترابط القضايا والازمات في منطقتنا والعالم، فرأى في مشروع الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية ترجمة لمشروع الشرق الاوسط الكبير، ورأى في الوحدة الوطنية على مستوى القطر، وفي الوحدة العربية على مستوى الأمة الرد الاسلم والأفعل على كل ما يحاك لأمتنا من مؤامرات..
وها هو ابو خالد يغادرنا اليوم يشيّعه اصدقاؤه ورفاقه ومحبوه الكثر في لبنان وسورية، كما يشيّعه أيضاً الأسرى الابطال في سجون الاحتلال الذين لم ينسهم ابو خالد يوماً وهو يشترك على مدى عشر سنوات في اعتصام 'خميس الاسرى' أمام مقرات الصليب الاحمر في بيروت وطرابلس وصيدا وصور والبقاع، ويشيّعه ابطال الانتفاضة الفلسطينية المتجددة الذين كان ابو خالد واخوانه سنداً لهم في كل حين، ويشيعه احرار الأمة والعالم وقد عرفوه في مؤتمرات ومنتديات وملتقيات انعقدت وما تزال من أجل فلسطين.
الرحمة لأبي خالد، الخلود للشهداء، السلامة للجرحى، الحرية للاسرى، والتحرير لفلسطين.
«الأقصى» يواجه التهويد وحيداً
رأي الدستور الأردنية
بدأ العدو الصهيوني تنفيذ جريمة تهويد المسجد الاقصى، ضاربا عرض الحائط بالقانون الدولي، والمعاهدات ذات الصلة، كاشفا عن وجهه العنصري القبيح، واهدافه التوراتية التلمودية التي لم يتراجع عنها والتي لخصها مؤسس الكيان الصهيوني بن غوريون بعبارة مكثفة: “لا قيمة لاسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون اقامة الهيكل”..!!.
ان مباشرة العدو بالحفر في ساحة البراق لاقامة متحف ديني، تعني انه بدأ عمليا بتهويد ساحات الاقصى، وانه ماض في هذا النهج حتى يحقق اهدافه المرسومة ولن يتراجع عنها هذا اولا.
ثانيا: يجيء هذا الانتهاك السافر لاقدس مقدسات المسلمين بعد مغادرة وزير خارجية امريكا جون كيري المنطقة، وبعد اجرائه محادثات مكثفة مع القيادات الاسرائيلية والفلسطينية، وهذا يعني ان العدو ماض في تنفيذ استراتيجيته، وغير معني حقيقة بالسلام، ولا باستئناف المفاوضات الا ضمن شروطه واشتراطاته واهمها استمرار الاستيطان والتهويد.
ثالثا: ان المباشرة بتهويد الاقصى هي تصعيد نوعي خطير، يضع القيادة الفلسطينية والدول الشقيقة، امام تحدِّ حقيقي، بعد ان وصل الخطر الفعلي الى اقدس مقدسات المسلمين، الى معراج الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا؛ فان الرد على هذا العدوان الصهيوني، والذي يحمل في ثناياها التحدي لكل العرب والمسلمين يستدعي قرارات حاسمة تلجم العدو قبل ان يصبح التهويد حقيقة، وقبل ان يضيع المسجد، وتضيع القدس في غمرة الخلافات العربية- العربية، وفي غمرة التواطؤ الامريكي- الغربي مع العدو الصهيوني.
وبشيء من التفصيل؛ فان خطورة هذا العدوان تستدعي من القيادة الفلسطينية استنهاض جماهير الشعب الفلسطيني، وتفعيل المقاومة الشعبية كخيار لا رجعة عنه وحث الجماهير الفلسطيني على التوجه الى الاقصى والمرابطة في ساحاته، والتصدي لجنود العدو ولآلياته بصدورهم العارية، لاحباط المؤامرة، وحماية الاقصى وساحاته وفي مقدمتها ساحة البراق من التهويد.
ان اي تقاعس عن نجدة الاقصى، يسهم في دفع العدو الى تنفيذ جريمته وخلق امر واقع من خلال اقامة الكُنُس التوراتية والمتاحف اليهودية، استكمالا لتهويد المدينة وتغيير طابعها العربي- الاسلامي.
ومن ناحية اخرى؛ فان المطلوب من الدول الشقيقة وهي تشاهد جرافات العدو وقد بدأت تنتهك حرمات البراق لتحويله الى متحف ديني يهودي ان تبادر الى قطع كافة العلاقات وتجميد المعاهدات ووقف التطبيع مع العدو، واحياء المقاطعة الاقتصادية، كسبيل وحيد للجم العدوان وحماية الاقصى.
مجمل القول: اقدام العدو الصهيوني على تنفيذ جريمة تهويد ساحة البراق بعد مغادرة وزير خارجية امريكا للمنطقة، هو رسالة للجميع وخاصة للاطراف المعنية بالعملية السلمية، بان العدو الصهيوني ليس معنيا بالسلام ولا بالمفاوضات، وانما معني بتحقيق اهدافه القائمة على تهويد القدس والاقصى، ما يفرض على القيادة الفلسطينية والدول الشقيقة ان تخرج من مربع الانتظار والتسويف والتلكؤ وتواجه العدوان الصهيوني بشجاعة، باعلان المقاومة الشعبية والمرابطة في الاقصى لحمايته، قبل ان تضيع اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
لماذا لم تتشيّع غزة؟
عمرو الشوبكي عن المصري اليوم
لم يحدث أن وصل حجم التدهور الدينى والسياسى فى مصر إلى تلك الدرجة التى نشاهدها الآن، فقد اجتهد كثيرون من أجل إخراج أسوأ ما فى المجتمع من جهل وفجر فى الخصومة، وإقالة للعقل، حتى صارت الشائعات والكلام «الأهبل» هما لغة الكثيرين فى مصر الآن، وصار الانتقام وتصفية الحسابات خارج أى إطار قانونى وأخلاقى هما السمة التى تحكم أداء معظم السياسيين.
أما إخوان الحكم فقد تركوا كل هذه الأمور يدفع ثمنها الشعب طالما لا تهدد الكرسى ومشروع التمكين، واهتموا بالمطالبة بمحاكمة البرادعى، تماماً مثلما فعل رجال مبارك بحق الرجل، وبحق الإخوان أيضا، فى مفارقة صادمة للتحول النفسى والسياسى الذى أصاب الكثيرين من قادة الإخوان بعد وصولهم للسلطة. المشهد الحالى صادم، ليس فقط بسبب أداء الإخوان، إنما أيضا بسبب وضع المجتمع والقوى السياسية، حتى أصبح يسير بثبات نحو الدولة الفاشلة، التى لا يحكمها أى عقل ولا منطق، وتترك نفسها للغرائز البدائية والبلطجة السياسية والدينية.
موضوع العلاقة مع إيران والشيعة نموذج للحالة التى وصلت إليها مصر من انهيار ثقافى وعجز كامل، أن تدير علاقاتها مع العالم الخارجى حتى صرنا أضحوكة أمام كثير من دول العالم. السؤال الأول: هل هناك مشكلة أن تكون لمصر علاقة مع دولة شيعية أو بوذية أو مسيحية أو ملحدة؟.. الإجابة التلقائية من الجميع: لا توجد مشكلة، فنحن لدينا علاقات بكل دول العالم تقريباً، بما فيها إسرائيل المحتلة للأرض العربية، أما السؤال الثانى فهو: لماذا تظاهر بعض السلفيين ضد السفير الإيرانى وسبوا الرجل والشيعة، وكتبوا «شتائم عار» طائفية على سور منزله؟ والإجابة: لأنهم خائفون من التشيع، ويعتبرون إيران لديها خطة لكى تصبح مصر شيعية، وفق نظرية المؤامرة التى «عششت» فى أذهان كثير من الفشلة فى عالمنا العربى، وبقية الإجابة على هذا السؤال بسؤال آخر: لماذا لم تتشيع حركة حماس ومعها قطاع غزة الفقير والمحاصر «عدد سكانه أقل من حى شبرا فى القاهرة»، رغم تحالف حماس السابق مع إيران، ودعم الأخيرة للقطاع بالمال والعتاد وليس السياح؟ والإجابة أن إيران لم تتحرك كدولة شيعية، إنما دافعت بمهارة عن مصالح الأمة الإيرانية وطموحاتها الإقليمية، فوظفت الورقة الشيعية سياسياً، حيث يوجد الشيعة، وورقة المقاومة والسياسة، حيث يوجد السنة، ففى العراق، حيث يشكل الشيعة 55% من عدد سكانه، تحالفت إيران مع كثير من الأحزاب الشيعية، واستغلت الفشل الأمريكى والعربى فى العراق لتصبح البلد الأكثر تأثيرا فى المعادلة الداخلية العراقية، بعد أن قامت أمريكا بغزوه وسقط مئات الآلاف من الضحايا، لتقدم البلد بعد ذلك هدية لإيران، مما يذكرنا بأداء المجلس العسكرى فى مصر الذى تخلى عن مبارك ليسلم البلد بلا دستور للإخوان. وفى لبنان يشكل الشيعة أكبر طائفة من ناحية العدد (حوالى 30%)، مقارنة بباقى الطوائف، فتحالفت إيران مع حزب الله الذى تحول من حزب مقاوم إلى حارس للمصالح الإيرانية فى المنطقة، فى حين تحركت إيران مع حركة حماس وتنظيمات الممانعة على محور آخر، هو المقاومة ومواجهة الصهيونية، وهى كلها أوراق تخدم الطموح النووى الإيرانى ودورها الإقليمى، وتصعب على أمريكا وإسرائيل مهاجمتها. المؤكد أن هناك أطرافا عربية كثيرة تكره إيران وبعض هذه الكراهية لأسباب مذهبية، لكن لا يوجد بلد خاف من بضعة سياح إيرانيين مثل مصر، واعتبر أن إيران تحقق طموحها الإقليمى عبر هذه الطريقة البلهاء، أى عن طريق إرسال سياح هدفهم الوحيد دعوة 85 مليون مصرى للمذهب الشيعى. إن درجة «الهطل» التى تعامل بها بعضنا مع إيران ودفعته إلى الخوف من سياح إيرانيين، ودفعت بعض الحمقى لأن يضعوا هذه البذاءات على جدران منزل السفير الإيرانى، تدل على حجم التدهور الذى وصل إليه مستوى تفكير البعض فى أرض الكنانة، فحماس وغزة المحاصرة اختلفت مع إيران وابتعدت عنها بعد موقفها السلبى من الثورة السورية، وليس بسبب الخوف من التشيع، والمغرب أغلق سفارة إيران فى فترة من الفترات، لأنها تدخلت فى شؤونه الداخلية، أما مصر فمخجل أن نقول إننا خفنا من بضعة سياح على أمننا القومى، وعلى هويتنا الدينية والمذهبية.. فأى ضعف ووهن وصلنا إليه؟! لقد أتيحت لى فرصة زيارة إيران مرة واحدة منذ حوالى 10 سنوات، بمبادرة من مؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية، فى رحلة ضمت بعض أساتذة الجامعات ومثقفين وممثلين عن بعض منظمات المجتمع المدنى، وكان من بينهم وزير الإسكان الحالى، د. طارق وفيق، وذلك للتحاور مع نظراء لهم فى إيران، وقضينا ٨ أيام بين طهران وأصفهان (واحدة من أجمل مدن العالم)، فزرت «طهران الشمالية» بأحيائها الراقية و«طهران الجنوبية» بأحيائها الشعبية، ورأيت كرم الإيرانيين وحفاوتهم البالغة وحبهم لمصر، خاصة أن من كان فى الحكم فى ذلك الوقت هو الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى.
ودعانى إعلامى إيرانى شاب إلى عشاء فى منزله وعرفنى بزوجته وأطفاله بحفاوة وكرم بالغين، وكان يعمل فى إذاعة إيرانية ناطقة بالفرنسية، واعتاد أن يتصل بى وقتها لكى أعلق على بعض الأحداث السياسية، وأخذنى بسيارته لجولة فى أحياء طهران المختلفة، ووجدت بها فقراً نسبياً أقل بكثير من مصر، والشعب مثقف وحى، والمرأة ساحرة وفاعلة، وشاركت بحيوية مذهلة فى كل المناقشات واللقاءات التى حضرتها دون ادعاء أو تصنع.
مازلت أذكر أنى كنت أقول وقتها إن لديهم أوهاماً عنا لأنهم لم يزورونا، ولا توجد علاقات معهم، لأنهم كانوا يتحدثون عن مصر كأنها واحة التسامح والسلام وبلد الحضارة والتاريخ، وكان حلم معظم من قابلتهم أن يزوروا مصر، وتطوع بعضهم وأخبرنى برفضه الاحتفاظ باسم ميدان خالد الإسلامبولى، الذى اغتال الرئيس السادات، فى إيران، وأبدى البعض الآخر تعاطفاً مع الاعتدال المزيف فى مصر مبارك فى ذلك الوقت، فحيث يوجد خطاب المقاومة يكون الحنين للاعتدال والعكس صحيح.
من حقنا أن نختلف مع سياسة إيران الخارجية وموقفها السيئ من الثورة السورية، كما يجب أيضا أن يعرف الناس أن شعارات إيران «المقاومة» ضد إسرائيل، وليست كما تقول من أجل تحرير القدس وفلسطين، إنما هى أوراق ضغط تحتفظ بها من أجل استكمال مشروعها النووى وتنفيذ طموحاتها الإقليمية.
لم يناقش أحد خبرة إيران الدولة ولا الثورة، ولم يحاول أحد أن يفهم طبيعة هذا النموذج السياسى الحيوى، وهذا الشعب المبدع وهذه الحضارة العريقة، فمن حق البعض أن يختلف مع كل أو جزء من سياسة إيران، لكن هذا الخطاب الطائفى الساذج الذى يختزل تعقيدات العلاقات بين الدول فى مذهبهم الدينى أمر لا يمكن أن نسمعه إلا فى الصومال، أو داخل تنظيم القاعدة، وأضيف إليها مؤخرا بكل أسف «إنك أكيد فى مصر».
المؤكد أن خبرة مصر السياسية تختلف عن إيران تماما، مثلما أن تركيا «السنية» تختلف عن إيران، ليس فقط فى توجهاتها السياسية، إنما أيضا فى خبرتها ونموذجها السياسى، الذى هو تقريبا نقيض النموذج الإيرانى، ومع ذلك ظلت هناك علاقات دبلوماسية طيبة بين البلدين، وتبادل تجارى وحوار سياسى لا ينقطع، والفارق بين تركيا ومصر أن الأولى دولة لم يستقل منها العقل ويحكمها نظام ديمقراطى يتسم بالكفاءة الاقتصادية والسياسية، فى حين أن مصر تسير بخطوات ثابتة نحو بناء دولة فاشلة أقيل منها العقل. أفهم أن نختلف مع توجهات إيران أو حتى نقاطعها بسبب سياساتها وليس بسبب سائحيها، وهذا هو الفارق بين دولة تمتلك علماء قادرين على تصنيع قنبلة نووية، فقدمت أمس الأول وروداً للسفير المصرى الحالى فى طهران، ودولة أخرى تمتلك «علماء» قادرين على صناعة الكراهية فى كل مكان من المسيحيين حتى المسلمين الشيعة.
عز الدين القسام.. أم المتطرفون المسيحيون؟
عماد الدين حسين عن الشروق المصرية
فى يوم واحد قرأت رأيين متناقضين ومتطرفين بشأن المسئول عن اندلاع الفتنة الطائفية فى الخصوص بالقليوبية والتى انتقلت إلى كاتدرائية العباسية.
الرأى الأول يقول إن الذى أشعل الفتنة أفراد من كتائب عزالدين القسام ــ الذراع العسكرية لحركة حماس الفلسطينية ــ بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين، لصرف النظر عن الأزمة التى تواجهها الجماعة والرئيس.
والرأى الثانى يقول إن الذى أشعل الفتنة هم «المتطرفون المسيحيون» الذين بادروا بإطلاق النار فى الأحداث.
لا أملك أنا وغيرى حتى هذه اللحظة معلومات مؤكدة تكشف عن المتهم الحقيقى والمتسبب فى اشتعال الفتنة بهذا الشكل، لكن أزعم أننى أملك حسا لرفض كلا الرأيين واعتبارهما نتاج خيال موغل فى المرض والتطرف، وإذا ثبت صحة أحدهما فمعنى ذلك أن «البلد خربت وعليه العوض».
أصحاب الرأى الأول الذين يتهمون كتائب عزالدين القسام لا يرمش لهم جفن وهم يلقون بهذا الاتهام الخطير، وواضح أنه لا يصمد أمام أى منطق، فإذا افترضنا جدلا أن الإخوان يريدون حرق البلد فهل يستوردون مقاتلين من حماس فى حين أن لدينا فائضا من البلطجية يعانون البطالة، ويمكنهم ارتكاب أى جريمة دون لفت النظر إلى هويتهم الغريبة؟!.
والغريب أيضا أن شخصا كتب يقول إن الأهالى شاهدوا هذه الوجوه الغريبة للمرة الأولى أثناء الأحداث، ولا أعرف لماذا لم يقبضوا عليهم، ولماذا لم يبلغوا عنهم فورا أو يلتقطوا لهم صورا حتى بالموبايل؟!.
الرأى الثانى يصر على أن الكنيسة تحولت إلى ترسانة تحوى كل أنواع الأسلحة، وأن المسيحيين هم من قتلوا ضحايا الخصوص بمن فيهم المسيحيون أيضا، وأن بعض المسلمين فى الخصوص كانوا مجموعة من الملائكة، كلما ضربهم المسيحى على خدهم الأيمن أداروا له خدهم الأيسر!، وللأسف قرأت رواية منسوبة لأحد قيادات حزب النور السلفى فى القليوبية، تكرر نفس الأسباب السابقة.
مرة ثانية قانونا، علينا أن ننتظر نتائج التحقيقات، لكن سياسيا علينا أن نحذر من محاولة جر البلاد بأكملها إلى حريق كبير قد لا يبقى ولا يذر.
المؤكد أن هناك من يحاول استغلال الحادث سياسيا فى كلا المعسكرين كى يعظم مكاسبه حتى لو كانت على حساب المستقبل. والمؤكد أن المناخ المحتقن والجهل والتخلف والفقر تربة خصبة لمثل هذه الحوادث التى ستتكرر طالما استمر هذا المناخ.
السؤال البديهى: من يتحمل المسئولية؟.
بنفس المنطق الذى كنا ندين به نظام حسنى مبارك وأجهزة أمنه بأنها المسئولة عن الاحتقان الطائفى واستغلاله لمصلحة بقائها علينا أن نحمل إدارة الرئيس محمد مرسى كامل المسئولية.
محمد مرسى هو رئيس المجلس الأعلى للشرطة، وعليه أن يسألها لماذا تأخرت أو تلكأت فى التحرك، ولماذا لم تبادر بتأمين تشييع ضحايا الخصوص، وإذا كان بعض المسيحيين هم المسئولىن فلماذا لا يتم تقديمهم للمحاكمة وفضحهم حتى لا يكرر غيرهم نفس الفعلة؟!.
هل هناك من يحاول توريط الرئيس مرسى والإخوان فى مستنقع الفتنة الطائفية، وهل هناك طرف ثالث يحاول إغراق البلد بأكمله فى المستنقع؟!.
ربما كان ذلك صحيحا، لكن على الرئيس وأجهزته كشف ذلك وألا نكتفى بترديد حكاية الطرف الثالث دون تقديم الدليل.
سياسيا الرئيس يتحمل كل المسئولية، لأنه صاحب السلطة، وسياسيا أيضا تتحمل جماعته المسئولية لأنها الجماعة التى خرج منها الرئيس، حتى لو لم يكن للرئيس أو جماعته أى مسئولية فى اندلاع الأحداث.
من الذى استفاد من الكارثة داخليا؟!.
هذا سؤال صعب، لأن الوضع مرتبك وغائم و«الأصابع» التى تلعب كثيرة، لكن المؤكد أن كل مصر هى الخاسر الأكبر.
في لحظة يأس.. هل يطلق الأسد صواريخه تجاه تركيا.. وإسرائيل؟!
كلمة الراياض بقلم : يوسف الكويليت
سوريا تحاط بقوتين أكبر منها بمراحل بالتسلح والتقدم العلمي والنمو الاقتصادي والنظام السياسي إلى جانب رعاية تامة من دول حلف الأطلسي في حال تعرضت إحداهما إلى هجوم مسلح من أي طرف عربي أو إقليمي، كإيران مثلاً..
فإسرائيل قوة ظلت هاجس سوريا في حال الحرب والسلم وفي مختلف المراحل التي بدأ معه الصراع العربي - الإسرائيلي، فهي تسيطر على الجولان ومزارع شبعا المتنازع عليهما بين سوريا ولبنان وتحتلها إسرائيل، وقد ظلت مخترقة من قبل استخباراتها سنوات طويلة حين كان الجاسوس الشهير «إيلي كوهين» يرسل المعلومات السرية عن الجيش والمخابرات والتحركات العسكرية وبيئة العمل داخل المخابرات السورية إلى أن كشف وأعدم، ثم مارست عسكرياً العديد من التجاوزات بما فيها ضرب مواقع حساسة عجزت حكومات دمشق وخاصة في عهد عائلة الأسد الرد على أي اعتداء..
الجهة الثانية، تركيا التي لم تكن سياساتها تجاه سوريا بذلك الدفء الذي حدث مع الحكومة الراهنة، إذ ظل موضوع لواء الاسكندرون أحد مصادر الخلاف بين البلدين ما قبل حكومة (أردوغان) والذي أدخل تعديلات جوهرية على سياسته تجاه العرب، وخاصة سوريا، وكذلك أزمة الزعيم الكردي (أوجلان) عندما عاش بحماية حكومة الأسد داخل البقاع اللبناني مما أدى إلى استنفار القوات التركية الدخول في حرب مع سوريا، لولا أنها تصرفت بشكل سريع بإخراجه ثم القبض عليه من قبل الأتراك، ومع أن المبادرة بين البلدين كانت ايجابية ومتسارعة أدت إلى فتح الحدود والأبواب للتبادل التجاري والاستثمارات والسياحة وغيرها، إلاّ أن الثورة قلبت تلك المحاولة باتجاه العداء بين البلدين والتصعيد والتهديد العسكري، مما استدعى تركيا نصب صواريخ «باتريوت» تحسباً لأي مفاجأة قد تحدث من حكومة دمشق..
الأسد سبق أن قال لأغلو وزير خارجية تركيا في لحظة فقدان أعصابه «لا أحتاج لأكثر من ست ساعات حتى أشعل الشرق الأوسط وأسقط الأنظمة القائمة به «وبناء على هذه النوايا هل يصل الأسد في لحظة يأس تام ومن خلال شعوره بالنهايات الأبدية، أن يقوم بمغامرة مجنونة تؤدي إلى اطلاق صواريخه المحملة بالأسلحة الكيماوية تجاه تركيا وإسرائيل معاً في عملية انتحارية، ليجعل من موته قصة حرب تختلط فيها كل الأوراق كسابقة أولى في تاريخ المنطقة الحديث؟!..
بالتأكيد أن رد الفعل قد لا يقف على ثلاثي الأزمة، سواء أمريكا وأوروبا، أو روسيا وإيران، وهما على الأرجح لن ينجرا لمغامرة كهذه، لكن قد تحدث هزات دبلوماسية، ربما تدفع بالعديد من الدول العيش على خط النار، خاصة لو دخل حزب الله بتوجيه صواريخه لإسرائيل تضامناً مع الأسد، أو افتعلت إيران أزمة مع الدول الخليجية العربية، أو ناوشت قواعد أمريكا..
المسرح سيكون مرعباً لأن الأسد لن يخسر شيئاً طالما دخل وسط الحريق الملتهب وقد تبنى المواقف على النوايا، وتصريحاته بحرق المنطقة تؤخذ باحتمالاتها المعقدة، وبالتالي هل دراية الدول التي تفهم معنى استخدام سلاح مدمر، عليها المبادرة بالتصرف السريع والمباشر باحتواء هذا السلاح قبل أن تواجه مفاجأة غير منتظرة، أو محسوبة؟!
الأسد مصاب بعاهة البقاء، أو موت شعبه وما يجاوره من أقطار ليحملوا في نفس الجنازة، وبالتأكيد، فإن تركيا، وإسرائيل على دراية تامة بما يدور في الداخل السوري، لكن الاحتياطات مطلوبة قبل أن تحل الكارثة..