Aburas
2013-04-21, 09:49 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
عيون وآذان (الفلسطينيون يلعبون بالنار)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
ليس للفلسطينيين اللاجئين من يمثلهم
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
الطفل الفلسطيني أسير الفاشية الإسرائيلية
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
تأكيد الوصاية الهاشمية.. لماذا الآن؟
رومان حداد عن الرأي الأردنية
استقالة فياض.. والمصالحة الفلسطينية
عبدالله القاق عن الدستور الأردنية
حكاية سلام فياض .. شخص أم منظومة؟!
ياسر الزعاترة عن الدستور
كيري..ونتنياهو... سلام الأمن والاقتصاد
د. ابراهيم بدران عن الدستور
البرغوثي.. بعد 11 عاماً في الأسر:المفاوضات فاشلة والمقاومة هي الحل
امجد سمحان عن السفير
شعبة «أمان» الإسرائيلية: سعة معلوماتها مليار «جيغا»
حلمي موسى عن السفير
كوريا الشمالية و”إسرائيل” والكيل بمكيالين
فايز رشيد عن دار الخليج
الاستقالة وما بعدها
بركات شلاتوة عن دار الخليج
الصراع على غاز المتوسط على ضوء التقارب الإسرائيلى التركى
وليد خدوري (مستشار فى نشرة ميس “MEES” النفطية) عن الشروق المصرية
آن للشيخ أن يترجل
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
عيون وآذان (الفلسطينيون يلعبون بالنار)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
العلاقة بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض لم تكن دافئة يوماً، إلا أنها كانت علاقة عمل إيجابية في ظروف سيئة للغاية. الخلاف الحقيقي هو بين الدكتور فياض وقيادة فتح، كما رأينا في موقف المجلس الثوري من رئيس الوزراء.
سلام فياض ليس إبن عمي، ولا تربطني به أي علاقة خارج القضية الفلسطينية، إلا أنني أرى أنه أفضل من أي عضو مفرد في قيادات فتح (تحت أبو مازن) وأفضل منهم مجتمعين. وهو أيضاً أفضل من أي رئيس وزراء من حماس قد يُقترح لخلافته في محاولة لعودة الوحدة الوطنية.
هو تسلم رئاسة الوزارة سنة 2007 بعد انفصال حماس في غزة، وحارب الفساد والفوضى، وحاول بناء مؤسسات الحكم للدولة الفلسطينية المقبلة، وعمل من أجل فرض حكم القانون والشفافية والمساءلة في عمل أجهزة الدولة. وأصبحت «الفياضية» مرادفة للقدرة والإنتاج لا الكلام الفارغ.
سلام فياض هو الوجه المقبول للسياسة الفلسطينية حول العالم، والدول المانحة تثق فيه، وتعرف أن المساعدات التي تقدمها لن تذهب الى جيوب كبار المسؤولين.
المساعدات الدولية والعربية للفلسطينيين انخفضت تدريجاً، وهناك أزمة مالية عالمية، وإسرائيل تؤخر دفع مستحقات السلطة الوطنية من الضرائب. ومع ذلك فبعض قيادات فتح عارض التقشف كأنه يملك البديل، وحمّل رئيس الوزراء المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية مع أن وجوده منع تفاقمها في حين أنه لو تُرِكت رئاسة الوزارة للقيادات المعترضة لربما انقطعت المساعدات كلها.
رئيس الوزراء استطاع إقرار موازنة قبل تقديم استقالته، وأنتظر أن أرى نوع الموازنة التي سيقدمها خلفه، إذا لم يصل أبو مازن وأخونا سلام الى اتفاق للعودة عن الاستقالة.
تعليقات عدة أعادت الأزمة الى أوائل الشهر الماضي عندما أعلن وزير المالية نبيل قسيس أنه سيستقيل. ويبدو أن سلام فياض قبل استقالته على رغم طلب أبو مازن منه رفضها. نبيل قسيس، مثل الرئيسين، غير متهم عندي لأنني أعرفه، فقد كان معنا في الجامعة الاميركية في بيروت، وأيضاً سلام فياض. وهو عبقري يحمل دكتوراه في الفيزياء النووية من اميركا كما يحمل رئيس الوزراء دكتوراه في الاقتصاد من اميركا.
مثل هؤلاء الرجال يطمئنون الغرب الى أنه يتعامل مع مسؤولين فلسطينيين أصحاب مؤهلات عالية، ويحرم الحكومة الاسرائيلية، وهي إرهابية عنصرية، فرصة أن تتهم قادة السلطة بالإرهاب.
عندما زار باراك اوباما فلسطين المحتلة، علّقت على زيارته في هذه الزاوية لأن العالم كله تابعها، مكرراً رأياً قديماً لي هو أن لا سلام ممكناً مع حكومة نتانياهو. ونتائج الزيارة جعلتني أكثر اقتناعاً برأيي. وتبع وزير الخارجية جون كيري رئيسه وكرر طلب استئناف مفاوضات السلام من دون وقف الاستيطان كما فعل اوباما قبله. على ماذا يتفاوض الفلسطينيون إذا استمر الاستيطان؟ اسرائيل كلها أرض فلسطينية محتلة، وقد قبل الفلسطينيون دولة في 22 في المئة منها، ثم يُطلب منهم أن يفاوضوا فيما حكومة نتانياهو تسرق البقية.
الإيجابية الوحيدة لزيارة كيري كانت اقتراحه مبادرة لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني، ومرة أخرى أقول إن هذا الموقف أساسه الثقة برئيس الوزراء سلام فياض قبل أي سبب آخر. أرجو أن يكون واضحاً أنني لا أتهم قيادات فتح بشيء، وإنما أقارن بين رئيس وزراء يعرفه العالم الغربي ويثق به، وبين أسماء ستكون جديدة على سمع الدول المانحة، وهذه ستحتاج الى وقت لاختبار رئيس الوزراء القادم، وهل هو في قدرة سلام فياض ونزاهته.
أغرب ما قرأت أن قيادات في فتح تقول إن رحيل سلام فياض سيسهل قيام حكومة وحدة وطنية مع حماس، وهذا سخف لأن حماس انفصلت قبل أن يأتي سلام فياض الى رئاسة الوزارة، فالخلاف كان بين فتح وحماس، وليس مع أخينا سلام. وحماس اكتفت من النضال ببناء «إمارة» إسلامية في غزة ولا تزال تقدمها على القضية، بقي سلام فياض أو رحل.
أعتقد أن قيادات فتح وحماس تلعب بالنار، وأن الحريق قد يتجاوز أصابع القادة ليصل الى الشعب الصابر.
ليس للفلسطينيين اللاجئين من يمثلهم
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
منذ بداية ثورة السوريين، باتت مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية في دائرة الاستهداف بدرجات متفاوتة، مثل مختلف المدن والقرى في هذا البلد، بقدْر قربها أو بعدها من المناطق الساخنة، نتيجةَ انتهاج النظام الحلَّ الأمني في مواجهة شعبه.
هكذا كانت مخيمات اللاجئين في درعا واللاذقية (وحمص بدرجة أقلّ) في مقدم المخيمات التي تعرّضت للأخطار الناجمة عن أعمال القصف والقنص والتنكيل، الأمر الذي شمل بقية المخيّمات، بعد تصاعد وتيرة الصراع المسلح، مع استخدام النظام سلاح المدفعية والدبابات والطائرات، في محاولته زيادة كلفة الثورة وتقويض حواضنها المجتمعية وكسر بنيتها العسكرية، بعد أن باتت تفرض ذاتها وسيطرتها على عدد يتزايد باطّراد من المناطق، من حلب إلى دمشق، لاسيما منذ صيف العام الماضي.
واضح أن النظام، الذي لم يوفّر المخيمات ولم يحترم خصوصياتها، وهو أمر بدهي ممن يمعن في شعبه وبلده نفسيهما قتلاً وتدميراً، لن يهمه مقتل فلسطينيين وتدمير مخيماتهم.
الواقع الآن أن معظم المخيّمات باتت تحت الحصار وتحت النار، وهذا ينطبق على مخيمات حندرات (في حلب) ودرعا وخان الشيح وسبينة والست زينب والحسينية واليرموك في دمشق وريفها، الذي بات منذ تموز (يوليو) العام الماضي يتعرّض للقصف الصاروخي باستمرار، ما أدّى إلى سقوط العشرات من قاطنيه، كما تعرّض لقصف من طائرات الميغ مراراً، ما اضطرّ معظم سكانه إلى المغادرة في منتصف كانون الأول (ديسمبر) خوفاً من بطش النظام، لاسيما بعد سيطرة جماعات الجيش الحرّ عليه.
والحال أن هذا المخيم، الذي يعتبر عاصمة المخيمات في بلدان اللجوء، يعاني الحصار المشدّد منذ أربعة أشهر، وبات الدخول إليه ينطوي على أخطار جمّة، مع وجود حاجز أمني يتحكّم بالداخلين والخارجين، ويقنّن دخول المواد التموينية والطبية، فضلاً عن استمرار تعرض الباقين فيه (25 في المئة من سكانه) لأهوال القصف الصاروخي ورصاص القناصة الذين يعتلون البنايات العالية المطلة عليه، والذين ذهب ضحية إجرامهم العشرات.
هذه هي أحوال مخيمات الفلسطينيين في سورية اليوم، لكن ما يجب تأكيده أن هذه هي أيضاً حال السوريين في معظم مناطقهم، بمعنى أن ما يجري في مخيمات اليرموك وحندرات وخان الشيح وغيرها كان يجري مثله منذ أكثر من عام في داريا وبرزة والقابون ودوما، وفي حلب وحمص ودرعا، بحيث غدت حال الفلسطينيين كحال السوريين، ومصيرهم مرتبطاً بمصيرهم.
في هذا الوضع، ما عاد ممكناً بالطبع التمسّك بالموقف الفلسطيني المتعلّق بتجنيب المخيمات التداعيات الناجمة عن الثورة السورية، ولاسيما منها تداعيات الصراع المسلح، لصالح تكريس دورها كمناطق آمنة تقدم المأوى والرعاية للسوريين من أهالي المناطق المنكوبة، فهذا الموقف - الصائب من الناحية النظرية فقط - لم يعد له معنى، ولم يعد مجدياً من الناحية العملية، وذلك بسبب احتدام الصراع المسلح وإصرار النظام على انتهاج الحل الأمني، وبسبب التحوّل إلى الصراع على السيطرة على كل شبر في سورية.
المشكلة أن القصّة لا تنتهي هنا، إذ إن فلسطينيي سورية الذين باتوا لا يتمايزون عن السوريين في معاناتهم وآلامهم وتضحياتهم وآمالهم، باتوا يتعرّضون لتمييز في المعاملة في الإطارات العربية والإقليمية والدولية، رغم أن سبب النزوح وظروفه وأخطاره واحدة للجميع.
مثلاً، في الأردن وُضع النازحون من فلسطينيي سورية في مخيمات أسوأ من تلك التي وضع فيها النازحون السوريون، وفي كل من مصر وتركيا جرى التمييز في تحديد المكانة القانونية لهم. فبينما بإمكان السوري الدخول الى هذين البلدين من دون تأشيرة ومن دون عوائق، مع التمتّع بحرية الخروج والدخول، فإن النازح الفلسطيني لا يملك أيّاً من ذلك، والفلسطيني يحتاج إلى تأشيرة دخول إلى تركيا ومصر، ومن استطاع الدخول، في ظرف ما أو بطريقة ما، فإن عليه تسوية وضعه القانوني بشأن الإقامة والدراسة والعمل، وهي عملية صعبة ومعقدة ومضنية، فضلاً عن أن مصر -مثلاً- لا تمنحه حقّ الخروج والدخول، فإذا خرج لا يُسمح له بالعودة.
وفي لبنان أيضاً ثمة مشكلات من هذا النوع، لاسيما بسبب ظروف هذا البلد السياسية والاجتماعية، وما خفّف حدّة أزمة النازحين الفلسطينيين إليه هو استيعاب أشقائهم اللاجئين إياهم في مخيماتهم.
ثمة تمييز، أيضاً من جانب المنظمات الدولية بشأن التعامل مع النازحين من فلسطينيي سورية، إذ إن «المنظمة الدولية السامية لشؤون اللاجئين» التي ترعى شؤون اللاجئين، في زمن الحرب وفي غيرها، لا تعتبر اللاجئين الفلسطينيين ضمن ولايتها حتى وهم نازحون، مثلهم مثل السوريين.
وعند هذه المفوضية الولاية على اللاجئين الفلسطينيين تقع على عاتق «وكالة الغوث»، رغم علمها بأن هذه الوكالة لا تتعامل مع القضايا المتعلقة بحقوق اللاجئين السياسية والمدنية، وليس لها سلطات في تركيا أو مصر. وبالنتيجة، فقد فشلت كل محاولات النازحين من فلسطينيي سورية، في مصر أو غيرها، في مخاطبة هذه المفوضية ولفْت انتباهها إلى أوضاعهم ومعاناتهم، الأمر الذي يفترض من جميع الأطراف بذل الضغوط لسدّ هذه الثغرة في ولاية هذه المنظمة، بشأن التعامل مع قضايا اللاجئين الفلسطينيين، وهي ثغرة نشأت مع إقامة «وكالة الغوث» من دون أي صلة بالحقوق المدنية والإنسانية التي نصّت عليها المعايير والمواثيق الدولية.
ما يفاقم الأمر أن الظلم والتنكّر واللامبالاة لفلسطينيي سورية تأتي أيضاً من جانب ما يفترض أنه كيانهم السياسي الجامع، منظمة التحرير، التي طالما اعتبرت بمثابة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، في كل أماكن وجوده.
والمشكلة أن هذا يحصل للاجئين الفلسطينيين، ومن ضمنهم فلسطينيو سورية، الذين دفعوا ثمناً باهظاً في سبيل قضيتهم وشعبهم، وفي سبيل صعود حركتهم الوطنية منذ أوائل الستينات إلى أوائل الثمانينات، فهؤلاء هم الذين أعطوا منظمة التحرير مكانتها، ودفعوا النفس والنفيس في سبيل ترسيخ وضعها ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، لا سيما في وجه محاولات النظام السوري الهيمنة على القرار الفلسطيني.
والحال أنه لم يكن مطلوباً من هذه المنظمة ولا من فصائلها الانخراط في حرب ضد النظام السوري، فهذا لم يطلبه أحد، لا من الفلسطينيين ولا من أطراف الثورة السورية، فضلاً عن أن أوضاعها لا تسمح بذلك. كذلك من المفهوم أن هذه المنظمة، مع كل فصائلها، ليس بإمكانها وقف اعتداءات النظام على المخيمات، ولا رفع الحصار المفروض عليها، ولا إعادة النازحين إليها. كان المطلوب منها فقط أن تكون بمستوى قضيتها، وهي قضية تحرّر، بمعنى أن المطلوب مجرّد موقف سياسي وإنساني لا يتنكّر لطلب السوريين الحرية والكرامة والعدالة، ولا يتجاهل الضحايا، لا من السوريين ولا من الفلسطينيين.
وهكذا، فإن المنظمة وفصائلها لم تفشل في هذا الاختبار فحسب، بحكم تماثلها مع النظام العربي القديم وانهيار مشروعها للتحرّر الوطني وتحوّلها الى سلطة تحت الاحتلال، وإنما فشلت حتى في الدفاع عن مكانتها ممثلاً شرعياً وحيداً للفلسطينيين.
فإذا لم يكن بإمكان المنظمة بذل الجهود لوقف الاعتداءات الوحشية على المخيمات ولا رفع الحصار عنها، فإنه كان بإمكانها الإظهار لفلسطينيي سورية أنها معنية بهم، وأنها تتألم لمعاناتهم وآلامهم، كما كان بإمكانها بذل الجهود والتواصل مع الدول والمنظمات الدولية المعنية للتخفيف من مأساة الفلسطينيين النازحين من مناطقهم.
وفي هذا الإطار، كان بإمكانها -ولا يزال- مخاطبة القيادتين التركية والمصرية لتسوية وضع النازحين الفلسطينيين، وإن بصورة موقتة، كما التواصل مع الأردن لوضع حد لهذه للمعاملة التمييزية المهينة للنازحين من فلسطينيي سورية. حتى السفارات الفلسطينية، في تركيا ومصر وعمان ولبنان لم تقم بدورها، في هذا المجال.
في المحصلة، بات الفلسطيني في سورية يعاني مشكلتين: الأولى أنه يكابد مثل شقيقه السوري من تداعيات الصراع الدامي، ومن العنف الإجرامي الذي ينتهجه النظام.
والثانية، أنه بات مكشوفاً، فليس ثمة جهة محددة مسؤولة عنه، أو معنيّة به، فلا قوى الثورة السورية قادرة على ذلك، ولا يبدو أنها واعية أو متنبّهة لهذا الأمر، ولا الممثل الشرعي، أي منظمة التحرير وفصائلها تقوم بما يوجبه عليها الوضع، وفق إمكاناتها، وضمن ذلك إبداء الحد الأدنى من التعاطف، مع ما يعانيه هذا الجزء من شعب فلسطين.
وهكذا، ليس للفلسطينيين اللاجئين من يمثلهم، ويُخشى في إطار ذلك أنه لم يبق ثمة للمنظمة ما تعنيه باعتبارها ممثلاً للفلسطينيين، طالما أنها لا تفعل شيئاً في سبيل ذلك.
الطفل الفلسطيني أسير الفاشية الإسرائيلية
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
في بيان لوزارة الإعلام الفلسطينية بمناسبة يوم الطفل العالمي أوضحت أن قوات الاحتلال الاسرائيلي شنت حملة شرسة ضد الاطفال الفلسطينيين القصر واعتقلت العشرات منهم في مختلف المحافظات الفلسطينية المحتلة .. ومنذ بداية عام 2013 م تم اعتقال « 207 « أطفال تتراوح أعمارهم ما بين « 15-17» عاما ..وذلك بذريعة رشق سيارات المستوطنين بالحجارة .. مشيرة إلى أن « 235» طفلا ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال حتى تاريخ شهر آذار الماضي ..وأن أكثر من 6000 طفل أصيبوا بجروح نتيجة الاعتداءات عليهم منذ انتفاضة عام 2000م..
إن ما جاء في هذا البيان , لا يفاجئ ولو مراقبا واحدا عربيا أو دوليا ..فالشعوب العربية وجميع شعوب المعمورة باتت تعلم أن اسرائيل تشن حملة إبادة جماعية واسعة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل .. وأنها تمارس عمليات القتل والاعتقالات بالجملة في صفوف الفلسطينيين.. وأنها لا تستثني في حملتها العنصرية لاطفلا ولا شيخا ولا امرأة .. فهي تعمل على اقتلاع الفلسطينيين من منازلهم ومزارعهم ومن محلاتهم التجارية .. وتعتدي على الاطفال في مدارسهم وفي منازل ذويهم وفي الميادين والشوارع وحيثما يجدونهم ..أي أن الطفل الفلسطيني يظل عرضة للفاشية الاسرائيلية وأسيرا لجبروتها وطغيانها ..وتصادر الاراضي الفلسطينية في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية لإقامة المزيد من المستوطنات عليها .. وباختصار شديد فإن سياسة اسرائيل تقوم على أساس تفريغ فلسطين من البحر إلى النهر من شعبها ومن ثم اعلان دولتها اليهودية الكبرى عليها .. وحتى المسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية عرضة للهدم والتهويد ..ورغم ذلك فإن الحكومة الاسرائيلية تزعم الحرص على استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ..وذلك لشراء الوقت الذي يلزمها لاستكمال عمليات الاستيطان المتواصلة ..وحتى لاتبقى ارض ولا زرع ولا ضرع يمكن التفاوض حوله .. كل ذلك يجري في حين أن الانقسام في الصف الوطني الفلسطيني ما زال على حاله وفشلت جميع محاولات إنهائه ..والتوجه نحو تحقيق الوحدة الوطنية والتوافق حول برنامج نضالي للتصدي لحملة الابادة الاسرائيلية التي لا تستثني حتى الاطفال واجهاضها قبل فوات الأوان ..
إن على القيادة الفلسطينية تقديم شكاوى إلى الامم المتحدة وإلى جميع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل وبحقوق الانسان وفضح السياسات الاسرائيلية العنصرية ..والمؤسف أن الادارات الامريكية المتعاقبة تدعم هذه السياسات الاسرائيلية وتزعم الحرص على أواصر الصداقة مع الفلسطينيين ومع الدول العربية ..كما تزعم الحرص على تحقيق السلام في المنطقة على أساس « الدولتين « ..لذلك يواصل الجانب الفلسطيني رهانه على الدور الامريكي ..والذي يثير التساؤل حقا هو أنه في الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل استعدادها وتأهبها لخوض حروب جديدة ضد الشعب الفلسطيني وضد الامة العربية فإن العواصم العربية تواصل دعواتها من أجل تحقيق تسوية سلمية تشرف عليها الادارة الامريكية !..وقبل أيام فقط رفض رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو مبادرة وزير الخارجية الامريكي جون كيري المعروف بانحيازه لاسرائيل لأنها لا تستجيب لجميع مطالبه ..لذلك نقول إن استمرار الرهان الفلسطيني والعربي على الدور الامريكي سيكون شبيها بالرهان على إمكانية صيد سمك السلمون في صحراء نيفادا الامريكية ..
تأكيد الوصاية الهاشمية.. لماذا الآن؟
رومان حداد عن الرأي الأردنية
بدأ البعض ممارسة ما يجيدونه وهو الاصطياد في المياه العكرة، فبدأوا بالسؤال عن سر التوقيت في توقيع اتفاقية الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس، وسر منح هذه الوصاية للهاشميين، وحاولوا الذهاب بعيداً في تحليلاتهم لدرجة أن الخيال السياسي تفوق على المعلومة والحقيقة.
وحتى تبقى أسئلتهم معلقة في الهواء، ولا يبقون هم الوحيدون الذين يقدمون الإجابة على (هلوسات مرضية)، فإني سأحاول تقديم الإجابة على سؤالين جوهريين هما لماذا الهاشميون ولماذا الآن؟
حين وقع جلالة الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان اتفاقية تؤكد حق الهاشميين في الوصاية على الأماكن المقدسة وحمايتها في القدس الشرقية، فإنه كان يؤكد المؤكد، فحق الهاشميين في الوصاية على المقدسات الدينية في القدس يعود إلى عام 1924 حين بايع أهل القدس الشريف الحسين بن علي وسلموه الوصاية على الأماكن المقدسة فيها، وهو العام الذي جرى فيه الإعمار الأول في العصر الحديث للمسجد الأقصى وقبة الصخرة.
وقد أوصى الشريف الحسين بن علي أن يُدفن في القدس، وهو ما تم بعد وفاته عام 1931، حيث يضم تراب القدس رفاته.
واستمر الهاشميون يتمتعون بالوصاية على الأماكن المقدسة في مدينة القدس، حيث تمت الوحدة بين الضفتين (الأردن والضفة الغربية) بعد مؤتمر أريحا عام 1949، وتمت الوحدة رسميا في 24 نيسان عام 1950، وأصبحت القدس الشرقية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، ولم تنقطع الوصاية الهاشمية على القدس بعد احتلالها عام 1967.
وقد أبقى الملك الحسين بن طلال الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، في القدس للهاشميين رغم قرار فك الارتباط الصادر في 31 تموز/يوليو عام 1988، وهو قرار فك ارتباط قانوني وإداري.
كما تم النص صراحة على وصاية الهاشميين على المقدسات الدينية في القدس في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، اتفاقية وادي عربة، والموقعة في 26 تشرين الأول/أكتوبر عام 1994، دون اعتراض من قبل منظمة التحرير الفلسطينية.
وبالتالي فالتأكيد على وصاية الهاشميين على المقدسات الدينية لم يأتِ بجديد، وهو ما يجيب على سؤال (لماذا الهاشميون؟).
أما الإجابة على سؤال توقيت توقيع الاتفاقية (لماذا الآن؟)، فيمكن بداية التأكيد على أن الاتفاقية تهدف لقطع الطريق على (تعويم) الوصاية على المقدسات الدينية في القدس خوفاً من أن تكون مدخلاً لهدر حقوق الفلسطينيين والمقادسة تحديداً.
فبقاء باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لفترة رئاسية ثانية يشكل عامل ضغط على جميع الأطراف ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، وترى الإدارة الأمريكية الحالية أن ما يحدث في المنطقة من حراك وتغيير سياسي لإعادة ترتيب المنطقة ديموغرافياً وجيوسياسياً يشكل فرصة مناسبة للضغط على الطرف العربي لقبول حلول جاهزة.
إلا أن جلالة الملك عبد الله الثاني طوال فترة حكمه تعلم أهمية عنصرين في الحياة السياسية وهما الوقت والجاهزية لاستغلال الفرص، فجلالته يدرك أن (الموقع) في المعادلة السياسية قد يتغير في لحظة بسبب مرور الزمن الكافي لكشف معطيات جديدة للمعادلة، شريطة امتلاك الجاهزية للاستفادة من المعطيات الجديدة.
فالأردن كان مظلة الوفد الفلسطيني المفاوض في مدريد، وظل داعماً لخيار الشعب الفلسطيني القائم على (حل الدولتين)، وكان جلالة الملك أول رئيس عربي يزور رام الله بعد الاعتراف الأممي بدولة فلسطين كدولة بصفة مراقب، وفي ظل الهاشميين لم يتم تقسيم المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية، في حين تم تقسيم العديد من المقدسات الدينية في مناطق خارج الوصاية الهاشمية، كما حدث في الحرم الإبراهيمي.
الأردن لا يبحث عن موقع أو دور، فموقعه محفوظ ودوره معروف، فدماء جنود الجيش العربي هي التي سالت في (باب الواد) و(اللطرون)، ودماء عبد الله المؤسس روت الأرض المقدسة، وتراب القدس يحضن الشريف الحسين بن علي، وقبل ذلك كله فالقدس أولى القبلتين ومن أرضها عرج جد الملوك الهاشميين الرسول محمد إلى سدرة المنتهى.
استقالة فياض.. والمصالحة الفلسطينية
عبدالله القاق عن الدستور الأردنية
لعل من الاحداث الهامة التي تشهدها الساحة الفلسطينية حاليا استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بعد خلافات حادة مع الرئيس الفلسطيني لقبوله استقالة وزير المالية نبيل قيسي دون الرجوع الى الرئيس الفلسطيني بالاضافة الى اتهام فياض وزراء في السلطة لا يخضعون له وانما ينفذون اوامر حركة فتح والرئيس الفلسطيني دون الرجوع اليه؛ الامر الذي يعتبر في نظر فياض مخالفا للاعراف ومنافيا للانسجام الحكومي المطلوب خاصة وان السلطة تواجه تحديات كبيرة على الساحتين المحلية والاسرائيلية، وتستعد لاجراء مزيد من المفاوضات مع الجانب الامريكي بغية اطلاق العملية السلمية مجددا، عبر اتصالات سيجريها السيد جون كيري وزير الخارجية مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في الاسبوع المقبل.
هذه الاستقالة التي اعربت الخارجية الامريكية بضرورة عدم قبولها من الرئيس عباس خاصة وان كيري اتصل مرتين بالرئيس الفلسطيني هاتفيا طالبا منه التمسك به في ظل المساعي الجارية لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل.. وبالرغم من ان ممثل وزارة الخارجية الامريكية قال: “ان فياض باقٍ في منصبه” الا ان رئيس الوزراء قال بصوت عالٍ “لو التقت السماء والارض لن ابقى في هذا المنصب”.
والواقع ان الخلاف كان عميقا بين الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه.. خاصة وان اعضاء رئيسين في فتح انتقدوا بشدة فياض قبل استقالته، طالبين من الرئيس الفلسطيني اقالته.. ولعل هذه الهوة بين الرجلين كانت واضحة في حديث القيادي في فتح عزام الاحمد عندما قال: “ان السلطة اصبحت وكأنها ولاية امريكية حيث اتصلت الادارة الامريكية بالرئيس واصرت على ابقاء فياض في منصبه”.. وهذا التدخل كما يقول غير جائز.
فالولايات المتحدة ترى في فياض انه رجل نزيه واداري يحارب الفساد والرشوة التي استشرت في اجهزة السلطة وهي تقدم المساعدات الكبيرة لها لكون فياض هو الضامن الوحيد لهذه الاموال لبناء الاجهزة الحكومية والحد من الفساد والبيروقراطية والرشاوى.
واذا كانت حركة حماس طالبت في السابق بضرورة تشكيل حكومة جديدة بدلا من فياض لبدء خطوات المصالحة فانها اكدت على لسان الناطق باسم الحركة يوم امس “بأنه لا علاقة له باتفاق المصالحة وانما مرتبط فقط بالخلافات بين حركة فتح وفياض وان حركة حماس تؤكد ان تطبيق اتفاق المصالحة مرهون بموقف حركة فتح حينما تكون جاهزة للالتزام بالاتفاق بشكل كامل ودون انتقائية”.
وكانت وكالة الانباء الفلسطينية مهدت للاستقالة بقولها: ان سياسات الحكومة الفلسطينية الحالية “مرتجلة ومرتبكة” في الكثير من القضايا المالية والاقتصادية، في حين استهجن المجلس الثوري لحركة فتح توجهات الحكومة بتصفية صندوق الكرامة الوطنية، والتمكين الذاتي؛ الذي اسس لمكافحة منتجات المستوطنات قائلا: “انه يطلب من الحكومة رسميا الغاء قرار تصفية الصندوق”.
ان فياض كلف بالعمل على تصريف الاعمال حيث تشكيل حكومة جديدة وقد شغل هذا المنصب منذ عام 2007 وذلك عقب سيطرة حركة حماس على السلطة في قطاع غزة واقالة الرئيس عباس لحكومة اسماعيل هنية آنذاك.. وهناك تكهنات ترشيح السيد محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني لرئاسة الحكومة الجديدة لمواقفه الوطنية وحياديته بالتعاون مع مختلف الفصائل.
والواقع ان هذه الاستقالة ستكون ذات اهمية كبيرة في الساحة الفلسطينية؛ اذ ان هذه المسألة يجب ان تكون دافعا للمصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس خاصة وانها تجيء بعد زيارة الرئيس الامريكي اوباما للمنطقة وفشلها في احداث اي اختراق من اجل اطلاق العملية السلمية وانتهاء حركة حماس من انتخاب مكتبها السياسي برئاسة السيد خالد مشعل وانتهاء تحديث السجل الانتخابي حيث لم يبق امام الطرفين الا التوجه لتطبيق ما تم الاتفاق عليه من اجل اعلان المصالحة وانهاء الانقسام وتشكيل حكومة التوافق الوطني والاسراع لعمل انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني في أسرع وقت ممكن.
فالاستقالة جاءت في وقت عصيب لا سيما وان اسرائيل ما زالت تواصل بناء المستوطنات وتحاول طمس الهوية الفلسطينية فضلا، عن ان لجنة المبادرة العربية ستذهب الى واشنطن في محاولة لاقناع الادارة الامريكية بالضغط على اسرائيل لقبول المبادرة العربية وحل الدولتين.. هذه القضايا اكدت للشعب الفلسطيني ان لديه قناعة بان اسرائيل لا تريد سلاما ولا مفاوضات مع الجانب الفلسطيني الا بشروطهم بالاعتراف بالدولة اليهودية وهذا يعني كما يقول السيد حسن الخريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني؛ “انهاء حق العودة للاجئين وطرد السكان الفلسطينيين من اراضي 1948 الى الخارج وهذا بمثابة انهاء للقضية الفلسطينية مشيرا الى انه لا يوجد حقيقة لانهاء الانقسام الداخلي وان المماطلة ما زالت قائمة بين فتح وحماس والمطلوب حاليا من كل الاطراف تحمل المسؤولية تاريخيا عن هذه اللحظات التاريخية التي تشطب بها القضية الفلسطينية.
والواقع ان تفجير ازمة الحكومة الحالية ليس بعيدا عن تدهور بنية السلطة الفلسطينية ونظامها السياسي وبرامجها المستقبلية؛ لانها امتداد لأزمة حركة فتح نظرا لاستمرار تداخلها في شؤون السلطة واتساع حجم المواقع التي تمثلها دون الفصائل الاخرى، فضلا عن ان فياض كان هو الذي يتولى عمليا القضايا المالية برغبة امريكية، خاصة وان الولايات المتحدة تريد تحقيق السلام الاقتصادي بين اسرائيل والفلسطينيين، وهذا ما دعا امريكا الى التدخل لابقاء فياض في منصبه كرئيس للوزراء.
لقد تسربت انباء عن رغبة فياض للترشح لرئاسة الدولة الفلسطينية بمواجهة الرئيس عباس وهذا ايضا اثار حفيظة حركة فتح لهذه الحركة لمواجهة مرشح حماس وهذا يعني اجراء منافسة بين مرشحين من خارج اطار منظمة التحرير الفلسطينية؛ وهذا ما جعل الازمة تزداد قوة وتصلبا بين الرئيس الفلسطيني وفياض.
ان الاوضاع الفلسطينية ازمتها كبيرة وينبغي اجراء حوار وطني فلسطيني؛ لاحتواء هذا الوضع وتشكيل حكومة تستطيع مواجهة الاحداث الراهنة، والتعنت الاسرائيلي، وتحقيق المصالحة الفلسطينية؛ التي يصفها البعض بأنها في غرفة الانعاش.
حكاية سلام فياض .. شخص أم منظومة؟!
ياسر الزعاترة عن الدستور
بعد انتفاضة الأقصى التي سعى ياسر عرفات من خلال دعمها وتأييدها إلى التمرد على شروط أوسلو واستحقاقات سلطته المصممة لخدمة الاحتلال وليس مصالح الشعب الفلسطيني؛ بعد تلك الانتفاضة جيء بسلام فياض من أروقة البنك الدولي لكي يرمم ميزانية السلطة ويديرها على نحو “رشيد”.
كان هذا هو الشعار المعلن لفرض الرجل وزيرا للمالية، لكن الجوهر كان مختلفا، لاسيما أن ذلك لم يكن الشرط الوحيد لإعادة تأهيل ياسر عرفات كي يعود “شريكا تفاوضيا” بعدما تورط في العنف والدماء، وسرّب الأموال إلى خارجين على قانون سلطة أوسلو (إرهابيين بتعبير الصهاينة)، بل هناك شروط أخرى، أولها أن يكون محمود عباس رئيسا للوزراء بصلاحيات كاملة، وأن يكون محمد دحلان مفوضا للأمن، ما يعني “تشليح” عرفات لمصادر قوته (المال والأمن وحتى جزء من السياسة). والنتيجة هي وقف المقاومة وإعادة السلطة إلى مهمتها الأصلية في العمل كمركز شرطة يقوم على أمن المحتلين، وبلدية تزيح عن كاهلهم عبء إدارة السكان الفلسطينيين.
هذا هو الثلاثي الذي كان عليه أن يعيد ترميم واقع أوسلو الذي أصابته انتفاضة الأقصى بجروح بالغة، واضطر معها شارون إلى إدخال قواته من جديد (لا نقول احتلال، لأن الاحتلال لم يخرج تماما) إلى المناطق التي كان أعاد انتشاره خارجها (هذا هو المصطلح المستخدم في اتفاق أوسلو؛ إعادة انتشار، وليس انسحابا) خلال السنوات السابقة منذ عام 95 تقريبا.
كان على الثلاثي إياه أن يرتب لتغييب ياسر عرفات ووراثة السلطة، ومن ثم إعادتها إلى السكة الصحيحة كخادم للاحتلال، أولا- عبر مسار أمني يشرف عليه الجنرال دايتون ويساعده فيه دحلان، وثانيا- عبر مسار اقتصادي يشرف عليه توني بلير، وينفذه سلام فياض، وهو مسار لا هدف له غير إشغال الناس بقصص الرواتب والمال والأعمال وصرفهم عن كل ما يتعلق بمقاومة الاحتلال.
والحق الذي لا يماري فيه أحد أن الثلاثي قد حقق نجاحا مذهلا، إذ سيطر على كل شيء، ونفذ مسارا أمنيا واقتصاديا وسياسيا غيَّب المقاومة تماما من الساحة، وظل مراهنا على المفاوضات، فيما منح الصهاينة حالة أمن غير مسبوقة منذ مجيء الاحتلال قبل عقود.
بعد مناكفات وقصص ذات بعد شخصي، وأخرى ذات بعد سياسي خوفا من استمرار التلويح به كبديل جاهز، نجح عباس في إخراج محمد دحلان من المعادلة، وإن بقي فاعلا، بل مهيمنا على حركة فتح في قطاع غزة، مع استمرار الوساطات العربية لمصالحته مع رئيسه، لكن فياض بقي صامدا رغم الحملات المتقطعة عليه من قبل رموز حركة فتح، وهي حملات بعضها يتعلق بعدم استجابته لطلبات بعضهم المتكررة على الصعيد الشخصي، بينما يتعلق بعضها الآخر بالخوف من تأثير سياساته (سلبا) على شعبية حركة فتح التي تُحسب حكومته عليها حتى لو لم يكن فياض -شخصيا- منتميا إليها، لأن معلمه ومن عينه هو رئيس الحركة (إضافة إلى السلطة ومنظمة التحرير، وكذلك القائد العام للقوات المسلحة الفلسطينية!!). وظل فياض موجودا بقوة الضغط الخارجي من جهة، ولأنه لا يشكل منافسا لعباس، ولا وريثا للسلطة من جهة أخرى؛ هو الذي سيكون بلا قيمة تذكر دون الغطاء الذي يمنحه له عباس، وتبعا له حركة فتح.
فجأة، ودون مقدمات، نكتشف أن خبير البنك الدولي لم يترجم خبرته نجاحا عظيما، فالسلطة تنوء بحمل ثقيل من الديون (4 مليارات)، مع أننا نعرف أنها سلطة تعيش على المعونات الدولية، فيما يقوم نتنياهو ومن سبقوه بمنحها أموال الجمارك، وإن بقدر من الابتزاز والإذلال، مع مخصصات عربية معروفة، بعضها يأتي وبعضها لا يأتي.
بتعيين نبيل قسيس وزيرا للمالية، وجد سلم فياض أن ذلك استهداف شخصي له، إذ ماذا في السلطة العتيدة غير ملف المال (إلى جانب الأمن)؟! وازداد الأمر سوءا حين اتهم قسيس فياض بالفشل في سياسته المالية، ومن ثم تقديم استقالته التي قبلها فياض على الفور رغم مطالبة عباس له بعدم قبولها.
كان فياض يدرك أن “الطخ” عليه من قبل رموز فتح لم يكن ليتم لولا توفر ضوء أخضر من قبل عباس، وهو ما دفعه إلى الحرد (فعل ذلك من قبل) وتقديم الاستقالة على أمل أن تنتهي القضية بذات السيناريو التقليدي ممثلا في إرضائه وإسكات منتقديه، لكن ذلك لم يحدث، إذ قبل عباس الاستقالة.
يُقال: إن فياض سيؤسس حزبا ويبدأ نضالا في الساحة الفلسطينية (أي نضال؟!)، بينما كان حزبه السابق أو قائمته (الطريق الثالث) قد حازت على مقعدين في التشريعي (انتخابات 2006) من أصل 132 مقعدا. وسنرى إن كان ذلك سيحدث، أم سيعود إلى موقعه من جديد بضغوط الخارج.
حكاية فياض، والثلاثي إياه، هي حكاية قضية تم حرفها عن مسارها؛ من مقاومة الاحتلال، إلى تكريس سلطة تعمل في خدمته أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وإلى أن يفجّر الشعب الفلسطيني انتفاضته الجديدة، ويتمرد على هذا الواقع البائس، سنظل نتابع أخبارها وأخبار حكوماتها بكثير من الحزن والقهر.
كيري..ونتنياهو... سلام الأمن والاقتصاد
د. ابراهيم بدران عن الدستور
تبذل إدارة الرئيس أوباما في بداية دورتها الثانية، جهوداً حثيثة لإعادة إحياء عملية السلام التي امتدت على مدى (20) عاماً. وهي عملية تكاد تموت ، ولم يبق منها غير الاسم والتاريخ نتيجة لعدم إيمان الجانب الإسرائيلي أساسا بالسلام، وبالتالي لجوء القادة الإسرائيليين للتهرب والمماطلة. وهذا ما يعمل عليه نتنياهو والفريق اليميني الحاكم في إسرائيل. والهدف المرحلي واضح وصريح يتمثل في: تكريس الاحتلال وخلق حقائق جديدة على الأرض تحيل الشعب الفلسطيني إلى مجموعات سكانية متناثرة دون وطن ودون أرض وبذا تجعل إمكانات الحياة للدولة الفلسطينية مستحيلة.
ويستخدم نتنياهو، والدولة الإسرائيلية بكافة مؤسساتها، و بصورة ممنهجة، شتى الوسائل لتحقيق ذلك، بمن فيها المستوطنون كأداة استعمارية متوحشة لا يوجد لها مثيل في العالم المعاصر على الإطلاق. كل ذلك على طريق إعطاء الاحتلال صفة الديمومة،و تحويل المستوطنين الى مجتمعات دائمة لا ينبغي اقتلاعها، والضغط على الفلسطينيين في كل مناحي الحياة، حتى يتخلوا عن أي مطالبات لهم، أو يغادروا بلادهم. هذا إضافة إلى الإمعان في تشديد الحصار على غزة وغلق المعابر وتدمير الأنفاق من الجانب المصري.
في رئاسته الثانية قبل سنوات، طرح نتنياهو رؤيته الخاصة للسلام وهي: سلام الأمن والاقتصاد .واغفل تماما مسألة الاحتلال وحتمية الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية. وخلال السنوات الأربع الماضية فشلت إدارة أوباما في إقناع نتنياهو بإحداث أي تغيير في موقفه، بما في ذلك تجميد المستوطنات. وعمل آنذاك جورج ميتشل لعدة أشهر، و أجهد نفسه في زيارات مكوكية للمنطقة، ولكن دون جدوى. فترك المهمة برمتها.
وكانت زيارة أوباما في مطلع رئاسته الثانية قبل أسابيع إلى المنطقة، حيث التقى بالقادة الإسرائيليين لكي يعلن تأكيد التحالف الأمريكي الإسرائيلي الذي لا ينفصم، و يتوسط في الصلح مع تركيا ليخفف من عزلة إسرائيل، ويطمئنها على الدعم الأمريكي. ويبدو الآن، وفي أطار الحالة العربية المفككة، وفوضى الربيع العربي، واتجاه حكم الإخوان في مصر للسير على خطى مبارك بالتراضي مع إسرائيل، وتصاعد الأزمة في سوريا إلى تخوم تمزق الدولة، واستمرار الانقسام الفلسطيني الذي تعدى كل التوقعات، وانشغال الإدارة الأمريكية بقضايا محلية وعالمية أكثر أهمية، يبدو أن نتنياهو أقنع الإدارة الأمريكية بمفاهيمه و رؤيته للسلام.
وخلف الستار لدى نتنياهو الآن (4) أولويات إستراتيجية :الأولى استمرار الاقتتال وحالة اللا حسم في سوريا حتى انهيار الدولة أو انقسامها، فينفك التحالف الإيراني السوري تلقائيا. و بالتالي فالمطلوب إشغال الإدارة الأمريكية عن أي تدخل من شأنه أن ينهي المأساة السورية. الثانية: ترسيخ و تجذير حالة الانقسام الفلسطيني على طريق فصل غزة عن الضفة الغربية. الثالثة: الانتهاء من تهويد القدس وابتلاعها، وإزالة المعالم العربية من مسيحية وإسلامية في أقصر فترة ممكنة. الرابعة: تغيير مفاهيم السلام الفلسطيني الإسرائيلي لدى الإدارة الأمريكية ليصبح سلام الأمن والاقتصاد بدلا من السلام السياسي المتمثل في إنهاء الاحتلال و قيام الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية.
و يبدو أن الإدارة الأمريكية في ظل الظروف الراهنة، أصبحت ميالة لاعتناق المفاهيم والغايات الإسرائيلية .فانطلقت تبشر بفتح نافذة جديدة للسلام،وراح كيري يتحدث عن الأمن و إنعاش الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية فقط، ولا شيء عن القدس أو الاستيطان. و أضاف نتنياهو: شريطة أن لا يقترن ذلك بأية مصالحة بين حماس وفتح، وتعزيز الأمن من وجهة النظر الإسرائيلية، وإنشاء حالة من العلاقات الطبيعية، وأن لا تكون غزة مشمولة بهذه البرامج. ويعلن الجانب الإسرائيلي من الآن أنه إذا كانت هناك من مشاريع فلتكن في المنطقة (C) التي تقع تحت الإدارة الإسرائيلية كاملة حسب تفاهمات أوسلو. و بطبيعة الحال عند فشل المفاوضات أو قبل ذلك يمكن للمستوطنين أن يضعوا أيديهم على كل ما تم بناؤه. إما الاحتلال وإما الانسحاب من الضفة وأما الدولة الفلسطينية والقدس و أما حدود الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان فكلها أمور غير واردة لدى نتنياهو وبالتالي لم يعطها أوباما أو كيري أي اهتمام. وهذا يعني أن نظرية نتنياهو في إدارة الأزمة هي التي تتبناها الإدارة الأمريكية. و قد أشار كيري إلى أن المبادرة العربية للسلام على تواضعها لم تعد قابلة للتطبيق.
هل يمكن أن يتم كل ذلك هكذا، دون لقاءات ودون مفاوضات؟ هل يمكن تحقيق أي شيء من ذلك دون حملة دبلوماسية مكثفة ؟ و دون تمثيليات و دراما على طريقة نتنياهو؟ و دون إشراك أطراف من هنا و أخرى من هناك بما في ذلك دول الجوار و تركيا؟ بالطبع لا. فليس هناك أسهل من الدخول في جولة جديدة من المفاوضات يمكن أن تتوقف في أي لحظة و لأي سبب. وهذا ما سنشهده في القادم من الأيام.
والسؤال ماذا يفعل الجانب الفلسطيني والعربي؟ إن إنهاء الانقسام، وللمرة الألف، هو نقطة البداية. وإذا كانت فتح وحماس لا تستطيعان أن تصلا إلى نتيجة حاسمة رغم كل ما تقوم به إسرائيل ضد كل ما هو فلسطيني فإنهما بذلك تعطيان نتنياهو الفرصة التي يبحث عنها. والمطلوب عربيا، التماسك قليلا والمباشرة في فك الحصار على غزة، وتقديم المساعدات العاجلة للضفة والقطاع. والمطلوب فلسطينيا وعربيا الضغط على الإدارة الأمريكية و إسرائيل لتقديم برنامج زمني للانتهاء من المفاوضات ، إضافة إلى تقديم المؤشرات الأساسية المتعلقة بحدود الدولة الفلسطينية والقدس، واللاجئين، والمستوطنات والأسرى. وإذا تم ذلك فعلا، فيمكن للأمن والاقتصاد أن يتحركا جنبا إلى جنب مع التقدم في الحل السياسي. وإذاك فقط تكون الإدارة الأمريكية فتحت نافذة جديدة للسلام .
البرغوثي.. بعد 11 عاماً في الأسر:المفاوضات فاشلة والمقاومة هي الحل
امجد سمحان عن السفير
أطلَّ مروان البرغوثي، القيادي الفلسطيني والنائب الأسير من زنزانته أمس، ليوجه ثلاث رسائل أساسية للشعب الفلسطيني. ويطالب فيها بإعلان فشل طريق المفاوضات لا سيما وأن حكومة بنيامين نتنياهو لا تريد السلام، وبإطلاق مقاومة فلسطينية شاملة، وبذل المزيد من الجهد للإفراج عن الأسرى.
وفي رسالة نشرتها «الحملة الشعبية للدفاع عن البرغوثي»، لمناسبة مرور 11 عاماً على اعتقاله أمس، وتلقت «السفير» نسخة عنها، طالب القيادي الفلسطيني بوقف المفاوضات مع إسرائيل فوراً، وعدم المراهنة على الحكومة الإسرائيلية. وقال إن «نتنياهو يصر على مواصلة الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس، ورفض الانسحاب لحدود العام 1967، فضلاً عن رفض عودة اللاجئين وتحرير الأسرى، فأي اختبار تحتاج له هذه الحكومة وهذه المواقف؟».
وأضاف البرغوثي أن المفاوضات لم تتمكن على مدار 20 عاماً من إنهاء الاحتلال والاستيطان وتحرير الأسرى وعودة اللاجئين وإقامة الدولة، وبالتالي «لا حاجة لمفاوضات جديدة تشكل إضاعة للوقت وغطاء للعدوان والاحتلال والاستيطان».
وقلل القيادي الفلسطيني من أهمية الجهود الأميركية التي يقودها وزير الخارجية جون كيري لإطلاق عملية السلام. وأشار إلى أنه «قبل كيري، عُقدت مئات الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات تحت يافطة ما يسمى بعملية السلام، من دون أن يقود ذلك لإنهاء الاحتلال. جهود كيري وجولاته لن تختلف عن سابقاتها، والعودة إلى نفس التجربة تفتقد للحكمة».
كذلك، هاجم البرغوثي زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة إلى الأراضي الفلسطينية، على اعتبار أن هدفها «تحسين صورته ومخاطبة الرأي العام الإسرائيلي، وتأكيد التحالف الإستراتيجي الأميركي الإسرائيلي، بالإضافة إلى تنسيق موقف مشترك ضد إيران وحول سوريا». وأضاف أن «الزيارة لم تسفر عن نتائج بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولاحظنا تراجع موقف أوباما عن المطالبة بوقف الاستيطان والانسحاب لحدود العام 1967، والزيارة تشكل دعماً للموقف الإسرائيلي العدواني الاستيطاني».
وطالب البرغوثي، الذي حكمت عليه سلطات الاحتلال بالسجن المؤبد خمس مرات وأربعين عاماً إضافية بداعي مسؤوليته عن مقتل وجرح إسرائيليين، الشعب الفلسطيني ببدء مقاومة شاملة ضد الاحتلال و«في كل المجالات طبقا لما نصّت عليه وثيقة الوفاق الوطني».
وكان البرغوثي مع مجموعة من قيادات الحركة الأسيرة أطلقوا وثيقة «الوفاق الوطني» في شهر أيار العام 2006 لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ووضع إستراتيجية فلسطينية مقاومة للتخلص من الاحتلال.
والتمسك بهذه الوثيقة، بالنسبة للبرغوثي، «هو السبيل لإنهاء الانقسام وبدء مقاومة شاملة إن توفرت الإرادة السياسية»، حيث أن «المقاومة يجب أن تكون في إطار خطة إستراتيجية شاملة، وليس في إطار عمل انتقائي وخطوات متفرقة، لتشمل خوض معركة سياسية وديبلوماسية متواصلة في الأمم المتحدة ووكالاتها، ومن خلال المحاكم الدولية والدعوة لمقاطعة إسرائيل وعزلها ومعاقبتها رسمياً وشعبياً وفي كل المجالات، ووقف شامل لكافة أشكال التنسيق الأمني والإداري والتفاوضي مع الاحتلال، وتنظيم مقاطعة رسمية وشعبية شاملة لكافة البضائع والمنتجات الإسرائيلية، وتوسيع دائرة المقاومة الشعبية والانخراط فيها على أوسع نطاق، وتوفير الدعم اللازم لها، والكف عن محاولات حصرها وزجها في نطاق محدود».
واستغرب البرغوثي ما وصفه بـ«الصمت الرسمي والدولي» على اعتقال أكثر من 20 نائباً فلسطينياً في سجون الاحتلال. وطالب القيادي الأسير «كتائب شهداء الأقصى» الجناح العسكري لحركة فتح، ببذل المزيد من الجهود الرسمية والشعبية لإطلاق سراح نحو 5000 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، لا سيما المرضى منهم، فضلاً عن المعتقلين قبل اتفاق أوسلو، ومضى عليهم أكثر من 30 عاماً في الأسر.
شعبة «أمان» الإسرائيلية: سعة معلوماتها مليار «جيغا»
حلمي موسى عن السفير
للمرة الأولى تجد أرقاماً تُوضح لك عملاً استخبارياً. فالأرقام في جوهرها قيمة عددية، تشير إلى الكم، ولكنها، خصوصاً عندما تزاحم بعضها وتتكثف، تتحول، وفق المنطق الهيغلي (الجدلي)، إلى قيمة نوعية. وللمرة الأولى تجد عنواناً في صحيفة «هآرتس» عن الاستخبارات يشدك رغماً عنك لقراءته، بالرغم من أنه يشير إلى قيمة كمية وليست نوعية. فهو يقول «مليار جيغا: سعة تخزين شعبة الاستخبارات العسكرية، وهي تشبه سعة تخزين غوغل وفايسبوك». وبعيداً عن معارف الأخصائيين تعرف أن مليار جيغا يعني أيضاً «إيكسا»، احفظوا هذا الرقم الجديد.
وأشارت مجلة «ذي ماركر» الاقتصادية التابعة لـ«هآرتس» أنه عندما تُقاس المعلومات الاستخبارية بالـ«تيرا بايت»، فإن شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي هي مركز تخزين المعلومات الأكبر في إسرائيل. ولمناسبة الذكرى الـ65 للنكبة الفلسطينية وإعلان دولة إسرائيل، نشر الجيش الإسرائيلي معطيات جديدة تشير إلى العمق التكنولوجي لورش التكنولوجيا العالية الدقة المحلية.
وهكذا فإن شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) لا تجند سوى واحد من كل خمسة مرشحين للخدمة فيها. وتختار واحداً فقط من بين كل 81 مجنداً للعمل في مجال السايبر (الانترنت). ويخدم فيها حالياً 430 جندياً حريدياً في إطار خطة خاصة. وتنظم الشعبة في قواعدها دورات خاصة يحضرها 14 ألف جندي وضابط سنوياً في نطاق 70 دورة أساسية، وأكثر من 160 دورة متقدمة.
وتتراوح أعمار 60 في المئة ممن يخدمون في شعبة الاستخبارات العسكرية ما بين 18 و21 عاماً، وهي سنوات الخدمة الإلزامية. أما متوسط عمر من يشغلون منظومات الأقمار الصناعية في شعبة الاستخبارات فهو 20 عاماً مقابل 35 في الدول الغربية. وعلى الأقل أنشأ خريجو شعبة الاستخبارات الإسرائيلية ما لا يقل عن 150 شركة تكنولوجيا عالية الدقة.
وبحسب الصحيفة، فإن عمليات شعبة الاستخبارات التي تتم غالباً بعيداً عن أضواء الإعلام وأعين الجمهور، أضفت على الشعبة والعاملين فيها مكانة غامضة. وحظي خريجو الشعبة بالمجد عندما أنشأوا شركات تكنولوجية استندت إلى الخبرات التي راكموها أثناء خدمتهم العسكرية، وباعوها بمئات الملايين من الدولارات. والمعلومات التي تكشف عنها الشعبة تظهر عمودّي أساس الشعبة: القوة البشرية النوعية ومنظومة تكنولوجية متطورة.
إن شعبة الاستخبارات الإسرائيلية، بين الشُعب الأكبر في الجيش الإسرائيلي، وهي تتكون من سلسلة من الوحدات التي لا يزال بعضها سرياً، وأخرى معروفة بأشكال مختلفة وبأسمائها الكودية، مثل «وحدة 9900» (استخبارات ظاهرية وجغرافية)، «وحدة 8200» (استخبارات الإشارة)، لواء الأبحاث أو لواء «حيتسب» (استخبارات علنية). وتتولى شعبة الاستخبارات مسؤولية جمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها، بهدف تكوين صورة وضع داعمة للقرارات السياسية والعسكرية. ويستفيد الشبان الذين يخدمون في هذه الشعبة وينخرطون بعد تسريحهم من الخدمة الإلزامية في الشركات التكنولوجة المحلية.
وتولي إسرائيل منذ تأسيسها اهتماماً خاصاً بالاستخبارات التي توفر لها تفوقاً استراتيجياً. وفي عهد تُقاس فيه المعلومات بالـ«جيغا بايت» والـ«تيرا بايت»، من الواضح أن شعبة الاستخبارات هي الجهة التي تملك أكبر سعة تخزين في إسرائيل، وهي سعة تزيد عن كل سعات شركات الإعلام والاتصال أو الانترنت.
وتملك الشعبة أكثر من 30 «آي بي» (IP) يستخدمها بشكل منتظم وتمثل شبكة التواصل الأكبر في الجيش. وتستخدم يومياً ما يعادل مئة «تيرا بايت» أي قدرة تعادل سعة 320 جهاز «آيباد» كل منها بحجم 32 جيغا. كما أنها تملك مركز معلومات مستقلا يحوي ويدير أكثر من «هيكسا بايت» (مليار جيغا بايت) من المعلومات. وهي سعة تخزين تعادل أكثر من ملياري حاسوب بيتي. وبغرض المقارنة، فإن «غوغل» و«فايسبوك»، وهما شركتان تديران معلومات مليارات من المستخدمين، تحتفظان بمراكز معلومات مشابهة في سعتها.
كذلك، فإن واقع أن شعبة الاستخبارات هي مستهلك المعلومات الأكبر في إسرائيل، ولديه الحواسيب الأكبر، فإنه أيضاً مستهلك طاقة رئيسي بشكل يؤثر على قطاع الكهرباء في الدولة العبرية. وتستهلك الشعبة 132 مليون كيلو وات سنوياً.
ولكن يُنظر إلى المعلومات والخبرات، التي تتراكم في شعبة الاستخبارات وتتسرب منها لاحقاً إلى الاقتصاد المدني الإسرائيلي، على أنها حولت إسرائيل إلى إحدى الدول الرائدة في ميدان التكنولوجيا و«Big Data»، وهو ميدان يجذب مستثمرين من كل أرجاء العالم. ويتعذر على أي باحث أن يتخيل كيف كانت ستبدو الصناعات التكنولوجية الإسرائيلية من دون مراكز المعلومات التي نشأت في شعبة الاستخبارات في ميادين، مثل تأمين المعلومات أو شبكات الاتصال.
ويخلص تقرير «ذي ماركر» إلى أن 50 في المئة من ميزانية المشتريات في شعبة الاستخبارات مكرسة للوحدات الفنية. وقد توسعت هذه الوحدات بشكل هائل في العقدين الأخيرين. وعلى سبيل المثال، فيما لم يكن بوسع شعبة الاستخبارات في التسعينات تسجيل أكثر من 480 اتصالاً في الوقت ذاته يومياً، تمتلك الشعبة حالياً القدرة على تسجيل عشرات ملايين الاتصالات يومياً.
كوريا الشمالية و”إسرائيل” والكيل بمكيالين
فايز رشيد عن دار الخليج
عقوبات شديدة اتخذتها الأمم المتحدة بضغط من واشنطن والعواصم الغربية،أدّت مثلما يقول المراقبون إلى تجويع حقيقي لشعب كوريا الشمالية، وإلى معاناة من جراء حصار ظالم يمتد لسنوات طويلة متتالية عليها . المنظمة الدولية على موعد قريب لاتخاذ المزيد من العقوبات ضد بيونع يانغ، الأمر الذي يعني المزيد من الإشكالات الحقيقية لهذا البلد الذي وضعه الرئيس بوش الابن في العام 2004 على قائمة دول “محور الشّر” .
ومع أنه لا يوجد شخص على وجه المعمورة يؤيد التهديد النووي من أيّ دولة، لأن أي حرب كونية جديدة يُستعمل فيها السلاح النووي، ستعني فناءً للبشرية، إلا أن بيونع يانغ لم تجد أمامها وسيلة للخلاص من مآزقها العديدة سوى شد الانتباه إليها وإلى قضية حصارها الخانق من خلال سياسات التهديد لها .
مورس الحصار من قبل على العراق ولايزال مفروضاً على قطاع غزة، وهو مازال قائماً من قبل الولايات المتحدة على جزيرة كوبا .من يعايش الحصار يُدرك آثاره التدميرية على من يُمارَس ضده .إنه نهج لا إنساني أولاً وأخيراً .
إن كثيراً من المحاصَرين هم الأطفال، ويصبح والحالة هذه من المنطقي التساؤل: لماذا الحصار المفروض على كوريا الشمالية؟ لأنها تقوم بتجارب نووية! هذا هو منطق واشنطن التي تعمل على استفزاز كوريا الشمالية من خلال المناورات المشتركة التي تجريها بشكل شبه دوري مع حليفتها كوريا الجنوبية .
حالة التوتر والتصعيد القائمة في هذه المرحلة في شبه الجزيرة الكورية، ليست الأولى من نوعها، ففي العامين 1993-1994 وصلت الأوضاع فيها إلى حافة الهاوية وإلى شبه حالة حرب . تلك المرحلة قادها في بيونع يانغ كيم جونغ-ايل والد الرئيس الحالي كيم جونغ-أون .
“إسرائيل” تمتلك (وفقاً للمراقبين العسكريين) ما يزيد على 400 رأس نووي، ولديها صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية، وهي رفضت وترفض وستظل ترفض التوقيع على المعاهدة الدولية المعنية بحظر انتشار هذه الأسلحة . واشنطن والغرب والدول الصديقة لهما يتفهمون موقف الكيان الصهيوني باعتباره يدافع عن نفسه بامتلاك هذه الأسلحة! ولكن ضد من؟ ما من دولة عربية تمتلك سلاحاً نووياً . لقد دمّرت “إسرائيل” المشروع النووي العراقي، وقامت بضرب ما ادّعت أنه منشأة نووية في سوريا . ليبيا سلّمت ما لديها من مواد أولية لاستعمال الذّرة في الأهداف السلمية إلى واشنطن، و”إسرائيل” قامت باغتيال العالم النووي المصري يحيى المشد وغيره من العلماء العرب . الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تنتقد “إسرائيل” ولا تخاطبها لأجل إخضاع منشآتها النووية لإشرافها! غريب هذا المنطق، وهو الكيل بمكيالين تجاه ذات القضية، ولكن ما يتحكم في تفهم واشنطن لحيازة أية دولة للسلاح النووي هو موقف هذه الدولة منها، فإذا كانت من حليفاتها وتؤيد سياساتها ولها علاقات استراتيجية معها، فلا مانع أن تقوم هذه الدولة بتصنيع الأسلحة النووية . أما الدول غير الصديقة لواشنطن والغرب التي تحرص على انتهاج سياسات مستقلة خاصة بها سواء أعجبت واشنطن أم لم تعجبها، فممنوع على هذه الدول استعمال الطاقة النووية حتى للأغراض السلمية، سواء لتوليد الطاقة أو للأغراض الطبية أو لغيرهما .
واشنطن (ومعها دول الغرب عموماً)، تكيل بمكيالين حتى بالنسبة إلى موضوع الديمقراطية! هي دعمت أكبر ديكتاتور في العقود الأخيرة وهو بينوشيه الذي قاد انقلاباً عسكرياً على رئيس تشيلي الشرعي (المنتخب ديمقراطياً) سلفادور ألليندي (لأنه يساري)، ودعمت يلتسين عندما قام بقصف بيت الدوما (مجلس الشعب) الروسي، ودعمت النظام العنصري في جنوب إفريقيا إلى سنوات طويلة (قبل اتخاذ قرار من مجلس الأمن والجمعية العامة لمناشدة دول العالم بوقف التعاون مع هذا النظام العنصري)، ومع ذلك تدّعي أنها تدعم وتحرص على التطبيق الديمقراطي في كل دولة من دول العالم .
“إسرائيل” حذت وتحذو وستحذو حذو حليفتها الإمبريالية . دعمت الديكتاتوريين والطغاة في دول عديدة من العالم، وتقوم بالمجازر والموبقات وترفض قرارات الأمم المتحدة، وتدّعي أنها ديمقراطية . واشنطن ودول العالم الحليفة لها يشيدون ب(الديمقراطية) “الإسرائيلية”! العالم يكيل بمكيالين .
الاستقالة وما بعدها
بركات شلاتوة عن دار الخليج
قبول الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقالة رئيس وزرائه سلام فيّاض شكلت مفاجأة للعديد من المراقبين، كونها لم تكن متوقعة في ظل دخول الإدارة الأمريكية على الخط والطلب رسمياً من خلال وزير الخارجية جون كيري خلال اتصال هاتفي مع عباس بالإبقاء على فيّاض . صفاقة الموقف الأمريكي والتدخل السافر في شأن فلسطيني داخلي بحت أحدثت حالة من الغضب والغليان في الشارع الفلسطيني أدت إلى تسريع إطاحة رئيس الوزراء في موقف إيجابي يحسب للرئيس عباس، لأنه مثّل تحدياً واضحاً لواشنطن والإدارة الأمريكية، ورداً لا يحتمل التأجيل على تدخلها السافر في البيت الفلسطيني الداخلي .
ولأن الضغوط الأمريكية كانت في السابق تمارس “تحت الطاولة” وفي الخفاء ولم يكن يتسّرب إلى وسائل الإعلام إلا “قمة جبل الجليد” وما خفي أعظم، لذا تطلّب التدخّل الأمريكي رداً قوياً يتناسب مع مستواه .
أما بالنسبة لاستقالة فيّاض بحد ذاتها فقد كانت استحقاقاً منذ فترة إثر تعثره في الجانب الاقتصادي على وجه الخصوص، والسياسات التي اتبعها من خلال فرض الضرائب ورفع الأسعار رغم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون وانقطاع التمويل والمساعدات والرواتب، والأهم من ذلك التظاهرات والإضرابات التي عمّت الضفة الغربية خلال الفترة الماضية رفضاً لسياسات الحكومة ورأسها .
المأخذ على “الإقالة” أنها أتت نتيجة أزمة شخصية بين عباس وفيّاض على خلفية رفض الأول وقبول الثاني استقالة وزير المالية نبيل قسيس إثر خلاف بين فيّاض والوزير على الموازنة العامة للسلطة وسياسات فيّاض المالية بشكل عام، إذ كان الأولى أن تكون بعد أن خرج الشارع الفلسطيني عن بكرة أبيه ليقول لا لسياسات الحكومة ومطالباً برحيل فيّاض، في مظاهرات عمّت الضفة وشلّت مظاهر الحياة فيها .
الآن يجدر أن تكون الاستقالة فرصة ومدخلاً للشروع في تطبيق اتفاق المصالحة، كون شخصية رئيس الحكومة مثّلت إحدى العقبات في طريق إنهاء الانقسام، لذا ينتظر أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، أو حتى كفاءات، تتولى تطبيق بنود المصالحة، تكون أولى مهامها التنظيم والإشراف على انتخابات رئاسية وبرلمانية، بشقيها الداخلي والخارجي (تشريعي ومجلس وطني)، خاصة أن سجل الناخبين تم إنجازه ولجنة الانتخابات المركزية جاهزة للعمل، يصار بعدها إلى إنهاء مظاهر الانقسام بين شطري الوطن وتوحيد الأجهزة الأمنية، وتدير الوطن حكومة مركزية واحدة بتمثيل سياسي خارجي أوحد تحت مظلّة دولة فلسطين .
المؤسف أن البعض بدل أن يستغل التطوّر للدعوة إلى إنهاء الشرذمة الفلسطينية، سارع للقول إن ما جرى “لا علاقة له باتفاق المصالحة”، وهذا دليل عدم حرص على إنهاء حالة الانقسام، كان الأولى أن يقال إن الأمر فرصة مواتية لانطلاق عجلة المصالحة، لا وضع العصي في دواليبها .
الصراع على غاز المتوسط على ضوء التقارب الإسرائيلى التركى
وليد خدوري (مستشار فى نشرة ميس “MEES” النفطية) عن الشروق المصرية
نجح الرئيس الأمريكى باراك اوباما خلال زيارته الأخيرة الى إسرائيل فى وضع حد للخلاف الإسرائيلى ــ التركى وفتح باب العلاقات ما بين البلدين مرة اخرى، بعدما ساءت تلك العلاقات بعد أن هاجمت البحرية الإسرائيلية السفينة التركية «مافى مرمرة» التى كانت تحاول كسر حاجز الحصار البحرى على قطاع غزة، واستشهد فى العملية نحو تسعة نشطاء اتراك كانوا على متن السفينة. وقد اثار هذا الحادث غضب الحكومة التركية فى حينه، وطالبت باعتذار رسمى إسرائيلى، وأن تدفع إسرائيل تعويضات لأهالى الضحايا.
يكمن نجاح الرئيس اوباما فى اقناع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى اجراء مكالمة هاتفية فى 22 مارس الماضى مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان، حيث اعتذر نتنياهو أثناء المكالمة للشعب التركى عن «أى أخطاء قد تكون قد أدت الى خسائر بشرية» أثناء هجوم الكوماندو الإسرائيلى.
لكن، رغم أهمية هذا الاعتذار، فإنه لا يشكل إلا محاولة أولية غير كافية بتاتا فى إعادة العلاقات الى طبيعتها ما بين البلدين. فالعودة الى العلاقات الطبيعية السابقة تتطلب مبادرة واضحة من نتنياهو للإعلان عن خطة للتعاون ما بين البلدين، ناهيك عن تقديم تعويضات لأهالى الضحايا، وهو المطلب الذى لاتزال تصر عليه تركيا. وفى حال عدم تحقيق هذين الشرطين: الإعلان عن خطة إسرائيلية للتعاون وموافقة إسرائيلية على تقديم التعويضات، تبقى المكالمة الهاتفية بين الرئيسيين الإسرائيلى والتركى محاولة أولية محدودة الأهمية.
●●●
هناك عدة مجالات محتملة للتعاون بين الطرفين التركى والإسرائيلى فى حال عودة المياه الى مجاريها بين البلدين.
اولا: التعاون للانتهاء من نظام الرئيس بشار الأسد بأقرب فرصة ممكنة واحتواء النزاع فى سوريا لكى لا يتوسع هذا بالإضافة الى التأكد من طبيعة النظام المقبل. هذه الاهداف تتطلب تبادل المعلومات الاستخبارية بالإضافة الى التأكد من حجب السلاح والاموال من مجموعة من الاحزاب السياسية على طرفى النقيض فى هذا الصراع مثل جبهة النصرة وحزب الله، ناهيك عن تقديم المساعدة للمعارضة، كما تقوم بذلك تركيا فعلا فى الوقت الحاضر.
ثانيا: التعاون فى المجال الاقتصادى، بالذات على مستوى القطاع الخاص. فرغم تدهور العلاقات الاقتصادية بعد حادث «مافى مرمرة»، استمر التبادل التجارى والاستثمارى بين البلدين بل ارتفع عن مستوياته السابقة. وهناك اقتراحات مطروحة للتداول لتصدير الغاز الاسرائيلى عبر خط انابيب عبر البحر الابيض المتوسط الى تركيا ومن ثم الى السوق الاوروبية الواسعة الحجم. طبعا، هناك مشاريع اخرى بنفس الصدد منها ما هو قائم حاليا مثل خط الغاز العربى الذى ينقل الغاز المصرى عبر الاردن وسوريا الى تركيا ومن ثم الى اوروبا. وهناك المشاريع المقترحة لتسييل الغاز فى قبرص أو تصديره عبر خط انابيب الى قبرص ومن ثم الى اوروبا.
رغم محدودية نجاح المكالمة الهاتفية لحد الآن، فانه يتوجب وضعها ضمن محاولات أمريكية أوسع لمعالجة الخلافات السياسية والحدودية ما بين دول شرق المتوسط، الحليفة مع الولايات المتحدة، فى محاولاتهم لاكتشاف وانتاج الغاز الطبيعى، والفقيرة حتى الآن بالموارد الهيدركربونية. فهناك سلسلة من الخلافات ما بين هذه الدول خلافات قد تؤدى أى منها الى نشوب نزاعات عسكرية ما بين الدول المعنية.
فهناك اولا الخلاف الحدودى البحرى لمنطقة حجمها نحو 850 كيلومترا مربعا ما بين لبنان واسرائيل. وهى منطقة واعدة بتروليا بسبب قربها لحقول غازية ضخمة تم اكتشافها فى المياه الاسرائيلية المجاورة (حقلى ليفايثان وتمار). ويجرى وفد من وزارة الخارجية الأمريكية مفاوضات ما بين البلدين لإعادة تقسيم المنطقة المتنازع عليها، إلا انه لم يعلن عن أى موافقة لبنانية أو إسرائيلية على المقترحات الأمريكية، من ثم لايزال الوفد يتنقل بين الحين والآخر بين البلدين من أجل تقليص الخلاف والوصول الى حل متفق عليه بين الطرفين.
كما هناك ضغوط أمريكية على اسرائيل للسماح بالإنتاج من حقل غاز «غزة مارين» التابع للسلطة الفلسطينية فى مياه غزة. وقد اكتشف الحقل شركة «بريتش غاز» البريطانية، واشترك معها كل من هيئة الاستثمار الفلسطينية وشركة اتحاد المقاولين العالمية (سى سى سى) ومقرها اثينا ويرأسها رجل الاعمال الفلسطينى المعروف سعيد خورى. وكان قد تم اكتشاف الحقل فى اوائل العقد الماضى (عام 2000) إلا انه لم يتم تطوير الحقل لخلافات ما بين اسرائيل والجانب الاخر. فقد أصرت اسرائيل تشييد خط الغاز من الحقل الى عسقلان ومن ثم الى غزة، واستعمال الكميات اللازمة للاستهلاك الإسرائيلى أولا وبأسعار منخفضة عن الاسعار العالمية، والخوف الحقيقى لإسرائيل هو كيفية استعمال الاموال المتأتية من بيع الغاز وكيفية منعها فى تمويل «الارهاب». ورفض الجانب الفلسطينى هذا المطلب ومن ثم منعت اسرائيل تطوير الحقل طوال هذه الفترة. وتجرى محاولات أمريكية الآن لكى تبادر إسرائيل تقليص الضغوط الاقتصادية على السلطة الفلسطينية عموما منها السماح بتطوير حقل الغاز . والأمر لا يزال قيد الدرس والمتابعة.
أخيرا، هناك خلاف المصالح التركى والاسرائيلى حول الغاز القبرصى. فهناك عدة محاولات إسرائيلية لولوج قطاع الغاز القبرصى الموعود. وتشارك شركة «ديليك» الاسرائيلية شركة نوبل اينرجى الأمريكية فى حقل «افرودايت» القبرصى الغازى. كما تعمل الشركتان على حصول الموافقات اللازمة لتشييد مصنعا للغاز المسيل بالقرب من مدينة ليماسول وذلك لتسييل كلا من الغاز القبرصى والاسرائيلى وتصديرهما عبر الناقلات الى اوروبا. لكن تواجه هذه المشاريع عقبة كبيرة بسبب التهديدات التركية المستمرة لتطوير الحقول القبرصية. والسبب هو ادعاء تركيا ان لديها حقوقا مكتسبة فى المياه القبرصية بسبب احتلالها للجزء الشمالى من الجزيرة، الذى تقطنه الجالية التركية، ومن ثم يتوجب مراعاة الحقوق المالية لهذه الجالية فى أى عقود بيع للغاز وأن تحصل الجالية التركية على نسبة من الريع المالى.
من الجدير بالذكر، أن إسرائيل كانت قد شاركت فى حماية المياه القبرصية ضد أى محاولات هجوم تركية بحرية. وبالفعل، اعترضت البوارج البحرية الإسرائيلية طائرات تركية كانت قد حاولت منع الشركة الأمريكية نوبل اينرجى من الحفر فى المياه القبرصية. وانتهت العملية دون وقوع أى حادث، واستمرت فبرص فى عمليات الاستكشاف رغم التهديدات التركية المستمرة. ومؤخرا، اعلنت تركيا انها ستعاقب أى شركة نفطية عالمية ستعمل فى المياه القبرصية، وهذا الأمر مهم نظرا الى السوق الكبيرة التركية واهميتها للشركات العالمية، ناهيك عن موقع تركيا الاستراتيجى فى تصدير النفط العراقى والبترول من اذربيجان. وبالفعل اعلنت تركيا مؤخرا انها ستقاطع شركة «اينى» الايطالية النفطية التى حصلت على رخصة عمل للاستكشاف والتطوير فى المياه القبرصية من العمل فى تركيا.
●●●
لا تتوفر لحد الآن وساطات مجدية لحل هذا الخلاف المزمن. فقبرص مصرة على المضى قدما فى استغلال مواردها الطبيعية البحرية. واسرائيل تعمل على قدم وساق فى ولوج القطاع الغازى القبرصى والاشتراك فى تطويره بينما تصر تركيا من جانبها على التهديد والوعيد. والسؤال هنا: هل من الممكن ان يتم التوصل الى حلول لهذه المشاكل العالقة؟ وهل سيستطيع تعاون تركى ــ اسرائيلى حل المشاكل العالقة، ام لا؟
آن للشيخ أن يترجل
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
الشيخ يوسف القرضاوي عالم كبير من علماء الأمة، ملأ الدنيا هتافا ودعوة لنصرة قضايا المسلمين ولنصرة دين الله، وملأت كتبه المكتبات الإسلامية في مرحلة الارتجاج الديني بين التطرف والإفراط فكان بحق من قادة الصحوة الإسلامية في بلاد العرب.
نبدأ بهذا القول أو هذه الشهادة قبل أن نتطرق لمواقفه الأخيرة من جملة قضايا حساسة وخطيرة حتى نستشعر قيمة الكلمات ونحن إزاء عالم كبير من علماء الأمة وإن كنا لا نحوط أحدا بهالات قداسة أمام الحق والأمة.
ما لفت الانتباه تحولات عكسية حصلت على مواقف الشيخ غفر الله له وهداه من قضية حساسة وخطيرة، إنها قضية وحدة الأمة، حتى أصبح الشيخ ينطق بما هو ضد إرثه الثقافي والفكري، وضد ما هو معروف من انتمائه التقليدي للإخوان المسلمين..
الموضوع يحتوي على تصدي الشيخ لانفتاح مصر على إيران خوفا من تشيع الشعب المصري.. هنا نطرح أسئلة فقط على ضمير كل مسلم، وليجب كل واحد بما استقر في قلبه من الخوف من الله والحرص على مستقبل الأمة والإسلام.. السؤال الأول: ألم يكن الشيخ وحركة الإخوان والأزهر من أكثر الناس دعوة لتآلف المسلمين شيعة وسنة، وأصبح المذهب الجعفري أحد المذاهب المدرسة بالأزهر الذي أفتى بجواز التعبد به؟ هل اكتشف الشيخ هذه السنوات الأخيرة من عمره خطورة التشيع والتشييع؟ الشيعة ليسوا إيرانيين فحسب.. فأكثرية الشعب العراقي شيعي، وثلث الشعب اللبناني شيعي، فهل يفتي الشيخ بانغلاق مصر على العراق ولبنان بحجة الخوف من التشييع؟ أليس العرب الشيعة أكثر "خطورة" من الإيرانيين الشيعة في عملية الدعوة إلى التشيع، كونهم يتكلمون بالعربية، وكونهم عربا؟ ثم أين يضع الشيخ موقفه من القرار الأمريكي بمحاصرة إيران والتضييق على مصر؟ ألم ير الشيخ أن دعواه لمقاطعة إيران وسكوته عن اتفاقيات كامبديفد والعلاقات مع إسرائيل خلل كبير؟ ألم ير الشيخ بأنه غاب عن الرشد لما سكت ولايزال يسكت عن الأمريكان، وما يعيثون فيه من فساد في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا وباكستان وأفغانستان؟ ألم يفق الشيخ بأنه يقدم خدمة كبيرة لمن يريدون إثارة الفتن داخل أمة مثخنة بالجراح لصرفها عن قضايا وجودها؟ ثم قبل ذلك وبعده، لماذا يستهين الشيخ بالمجتمع المصري المسلم وبقناعاته ويتخيله كأنه قشة في مهب الريح.. أليس في المجتمع المصري دعاة ومفكرون ومثقفون وحركات إسلامية عريقة تستطيع أن تشرح المذهب السني وأن ترد عنه..؟ ثم ألم ينظر الشيخ إلى المجتمع المصري ومعاناته، واي الطرق لحلها، فذهب يختلق له مشكلة من فراغ.. ملايين البطالين وملايين الذين يسكنون في المقابر وملايين البلطجية وأبناء الشوارع والفاسدين وملايين الجوعى والأميين.. والمديونية التي تكاد تسقط مصر، والعملاء المنتشرون في البلد تحركهم السفارات الغربية.. كل هذا لم ير الشيخ منه خطرا.. وانتبه فجأة إلى خطر الشيعة والتشييع؟!
بعد هذا كله، ها هو يعلن الحرب على الإخوان المسلمين.. وعلى الدكتور مرسي، لأنه سيفتح مصر للسياحة الإيرانية والعلاقات مع إيران.. وعلى كل محاولة لرأب صدع الأمة.. إن الشيخ فقد مهمته التي كنا نعرفه بها والآن ليس له إلا أن يترجل وينزل إلى مصر التي تحتاجه، مفندا لدعاوى العلمانيين الذين يكادون يسقطون المشروع الإسلامي.. وكفى يا شيخ قرضاوي، غفر الله لنا ولك وهدانا وإياك صراط الأمة المستقيم.
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
عيون وآذان (الفلسطينيون يلعبون بالنار)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
ليس للفلسطينيين اللاجئين من يمثلهم
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
الطفل الفلسطيني أسير الفاشية الإسرائيلية
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
تأكيد الوصاية الهاشمية.. لماذا الآن؟
رومان حداد عن الرأي الأردنية
استقالة فياض.. والمصالحة الفلسطينية
عبدالله القاق عن الدستور الأردنية
حكاية سلام فياض .. شخص أم منظومة؟!
ياسر الزعاترة عن الدستور
كيري..ونتنياهو... سلام الأمن والاقتصاد
د. ابراهيم بدران عن الدستور
البرغوثي.. بعد 11 عاماً في الأسر:المفاوضات فاشلة والمقاومة هي الحل
امجد سمحان عن السفير
شعبة «أمان» الإسرائيلية: سعة معلوماتها مليار «جيغا»
حلمي موسى عن السفير
كوريا الشمالية و”إسرائيل” والكيل بمكيالين
فايز رشيد عن دار الخليج
الاستقالة وما بعدها
بركات شلاتوة عن دار الخليج
الصراع على غاز المتوسط على ضوء التقارب الإسرائيلى التركى
وليد خدوري (مستشار فى نشرة ميس “MEES” النفطية) عن الشروق المصرية
آن للشيخ أن يترجل
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
عيون وآذان (الفلسطينيون يلعبون بالنار)
جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
العلاقة بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض لم تكن دافئة يوماً، إلا أنها كانت علاقة عمل إيجابية في ظروف سيئة للغاية. الخلاف الحقيقي هو بين الدكتور فياض وقيادة فتح، كما رأينا في موقف المجلس الثوري من رئيس الوزراء.
سلام فياض ليس إبن عمي، ولا تربطني به أي علاقة خارج القضية الفلسطينية، إلا أنني أرى أنه أفضل من أي عضو مفرد في قيادات فتح (تحت أبو مازن) وأفضل منهم مجتمعين. وهو أيضاً أفضل من أي رئيس وزراء من حماس قد يُقترح لخلافته في محاولة لعودة الوحدة الوطنية.
هو تسلم رئاسة الوزارة سنة 2007 بعد انفصال حماس في غزة، وحارب الفساد والفوضى، وحاول بناء مؤسسات الحكم للدولة الفلسطينية المقبلة، وعمل من أجل فرض حكم القانون والشفافية والمساءلة في عمل أجهزة الدولة. وأصبحت «الفياضية» مرادفة للقدرة والإنتاج لا الكلام الفارغ.
سلام فياض هو الوجه المقبول للسياسة الفلسطينية حول العالم، والدول المانحة تثق فيه، وتعرف أن المساعدات التي تقدمها لن تذهب الى جيوب كبار المسؤولين.
المساعدات الدولية والعربية للفلسطينيين انخفضت تدريجاً، وهناك أزمة مالية عالمية، وإسرائيل تؤخر دفع مستحقات السلطة الوطنية من الضرائب. ومع ذلك فبعض قيادات فتح عارض التقشف كأنه يملك البديل، وحمّل رئيس الوزراء المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية مع أن وجوده منع تفاقمها في حين أنه لو تُرِكت رئاسة الوزارة للقيادات المعترضة لربما انقطعت المساعدات كلها.
رئيس الوزراء استطاع إقرار موازنة قبل تقديم استقالته، وأنتظر أن أرى نوع الموازنة التي سيقدمها خلفه، إذا لم يصل أبو مازن وأخونا سلام الى اتفاق للعودة عن الاستقالة.
تعليقات عدة أعادت الأزمة الى أوائل الشهر الماضي عندما أعلن وزير المالية نبيل قسيس أنه سيستقيل. ويبدو أن سلام فياض قبل استقالته على رغم طلب أبو مازن منه رفضها. نبيل قسيس، مثل الرئيسين، غير متهم عندي لأنني أعرفه، فقد كان معنا في الجامعة الاميركية في بيروت، وأيضاً سلام فياض. وهو عبقري يحمل دكتوراه في الفيزياء النووية من اميركا كما يحمل رئيس الوزراء دكتوراه في الاقتصاد من اميركا.
مثل هؤلاء الرجال يطمئنون الغرب الى أنه يتعامل مع مسؤولين فلسطينيين أصحاب مؤهلات عالية، ويحرم الحكومة الاسرائيلية، وهي إرهابية عنصرية، فرصة أن تتهم قادة السلطة بالإرهاب.
عندما زار باراك اوباما فلسطين المحتلة، علّقت على زيارته في هذه الزاوية لأن العالم كله تابعها، مكرراً رأياً قديماً لي هو أن لا سلام ممكناً مع حكومة نتانياهو. ونتائج الزيارة جعلتني أكثر اقتناعاً برأيي. وتبع وزير الخارجية جون كيري رئيسه وكرر طلب استئناف مفاوضات السلام من دون وقف الاستيطان كما فعل اوباما قبله. على ماذا يتفاوض الفلسطينيون إذا استمر الاستيطان؟ اسرائيل كلها أرض فلسطينية محتلة، وقد قبل الفلسطينيون دولة في 22 في المئة منها، ثم يُطلب منهم أن يفاوضوا فيما حكومة نتانياهو تسرق البقية.
الإيجابية الوحيدة لزيارة كيري كانت اقتراحه مبادرة لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني، ومرة أخرى أقول إن هذا الموقف أساسه الثقة برئيس الوزراء سلام فياض قبل أي سبب آخر. أرجو أن يكون واضحاً أنني لا أتهم قيادات فتح بشيء، وإنما أقارن بين رئيس وزراء يعرفه العالم الغربي ويثق به، وبين أسماء ستكون جديدة على سمع الدول المانحة، وهذه ستحتاج الى وقت لاختبار رئيس الوزراء القادم، وهل هو في قدرة سلام فياض ونزاهته.
أغرب ما قرأت أن قيادات في فتح تقول إن رحيل سلام فياض سيسهل قيام حكومة وحدة وطنية مع حماس، وهذا سخف لأن حماس انفصلت قبل أن يأتي سلام فياض الى رئاسة الوزارة، فالخلاف كان بين فتح وحماس، وليس مع أخينا سلام. وحماس اكتفت من النضال ببناء «إمارة» إسلامية في غزة ولا تزال تقدمها على القضية، بقي سلام فياض أو رحل.
أعتقد أن قيادات فتح وحماس تلعب بالنار، وأن الحريق قد يتجاوز أصابع القادة ليصل الى الشعب الصابر.
ليس للفلسطينيين اللاجئين من يمثلهم
ماجد كيالي (كاتب فلسطيني) عن الحياة اللندنية
منذ بداية ثورة السوريين، باتت مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية في دائرة الاستهداف بدرجات متفاوتة، مثل مختلف المدن والقرى في هذا البلد، بقدْر قربها أو بعدها من المناطق الساخنة، نتيجةَ انتهاج النظام الحلَّ الأمني في مواجهة شعبه.
هكذا كانت مخيمات اللاجئين في درعا واللاذقية (وحمص بدرجة أقلّ) في مقدم المخيمات التي تعرّضت للأخطار الناجمة عن أعمال القصف والقنص والتنكيل، الأمر الذي شمل بقية المخيّمات، بعد تصاعد وتيرة الصراع المسلح، مع استخدام النظام سلاح المدفعية والدبابات والطائرات، في محاولته زيادة كلفة الثورة وتقويض حواضنها المجتمعية وكسر بنيتها العسكرية، بعد أن باتت تفرض ذاتها وسيطرتها على عدد يتزايد باطّراد من المناطق، من حلب إلى دمشق، لاسيما منذ صيف العام الماضي.
واضح أن النظام، الذي لم يوفّر المخيمات ولم يحترم خصوصياتها، وهو أمر بدهي ممن يمعن في شعبه وبلده نفسيهما قتلاً وتدميراً، لن يهمه مقتل فلسطينيين وتدمير مخيماتهم.
الواقع الآن أن معظم المخيّمات باتت تحت الحصار وتحت النار، وهذا ينطبق على مخيمات حندرات (في حلب) ودرعا وخان الشيح وسبينة والست زينب والحسينية واليرموك في دمشق وريفها، الذي بات منذ تموز (يوليو) العام الماضي يتعرّض للقصف الصاروخي باستمرار، ما أدّى إلى سقوط العشرات من قاطنيه، كما تعرّض لقصف من طائرات الميغ مراراً، ما اضطرّ معظم سكانه إلى المغادرة في منتصف كانون الأول (ديسمبر) خوفاً من بطش النظام، لاسيما بعد سيطرة جماعات الجيش الحرّ عليه.
والحال أن هذا المخيم، الذي يعتبر عاصمة المخيمات في بلدان اللجوء، يعاني الحصار المشدّد منذ أربعة أشهر، وبات الدخول إليه ينطوي على أخطار جمّة، مع وجود حاجز أمني يتحكّم بالداخلين والخارجين، ويقنّن دخول المواد التموينية والطبية، فضلاً عن استمرار تعرض الباقين فيه (25 في المئة من سكانه) لأهوال القصف الصاروخي ورصاص القناصة الذين يعتلون البنايات العالية المطلة عليه، والذين ذهب ضحية إجرامهم العشرات.
هذه هي أحوال مخيمات الفلسطينيين في سورية اليوم، لكن ما يجب تأكيده أن هذه هي أيضاً حال السوريين في معظم مناطقهم، بمعنى أن ما يجري في مخيمات اليرموك وحندرات وخان الشيح وغيرها كان يجري مثله منذ أكثر من عام في داريا وبرزة والقابون ودوما، وفي حلب وحمص ودرعا، بحيث غدت حال الفلسطينيين كحال السوريين، ومصيرهم مرتبطاً بمصيرهم.
في هذا الوضع، ما عاد ممكناً بالطبع التمسّك بالموقف الفلسطيني المتعلّق بتجنيب المخيمات التداعيات الناجمة عن الثورة السورية، ولاسيما منها تداعيات الصراع المسلح، لصالح تكريس دورها كمناطق آمنة تقدم المأوى والرعاية للسوريين من أهالي المناطق المنكوبة، فهذا الموقف - الصائب من الناحية النظرية فقط - لم يعد له معنى، ولم يعد مجدياً من الناحية العملية، وذلك بسبب احتدام الصراع المسلح وإصرار النظام على انتهاج الحل الأمني، وبسبب التحوّل إلى الصراع على السيطرة على كل شبر في سورية.
المشكلة أن القصّة لا تنتهي هنا، إذ إن فلسطينيي سورية الذين باتوا لا يتمايزون عن السوريين في معاناتهم وآلامهم وتضحياتهم وآمالهم، باتوا يتعرّضون لتمييز في المعاملة في الإطارات العربية والإقليمية والدولية، رغم أن سبب النزوح وظروفه وأخطاره واحدة للجميع.
مثلاً، في الأردن وُضع النازحون من فلسطينيي سورية في مخيمات أسوأ من تلك التي وضع فيها النازحون السوريون، وفي كل من مصر وتركيا جرى التمييز في تحديد المكانة القانونية لهم. فبينما بإمكان السوري الدخول الى هذين البلدين من دون تأشيرة ومن دون عوائق، مع التمتّع بحرية الخروج والدخول، فإن النازح الفلسطيني لا يملك أيّاً من ذلك، والفلسطيني يحتاج إلى تأشيرة دخول إلى تركيا ومصر، ومن استطاع الدخول، في ظرف ما أو بطريقة ما، فإن عليه تسوية وضعه القانوني بشأن الإقامة والدراسة والعمل، وهي عملية صعبة ومعقدة ومضنية، فضلاً عن أن مصر -مثلاً- لا تمنحه حقّ الخروج والدخول، فإذا خرج لا يُسمح له بالعودة.
وفي لبنان أيضاً ثمة مشكلات من هذا النوع، لاسيما بسبب ظروف هذا البلد السياسية والاجتماعية، وما خفّف حدّة أزمة النازحين الفلسطينيين إليه هو استيعاب أشقائهم اللاجئين إياهم في مخيماتهم.
ثمة تمييز، أيضاً من جانب المنظمات الدولية بشأن التعامل مع النازحين من فلسطينيي سورية، إذ إن «المنظمة الدولية السامية لشؤون اللاجئين» التي ترعى شؤون اللاجئين، في زمن الحرب وفي غيرها، لا تعتبر اللاجئين الفلسطينيين ضمن ولايتها حتى وهم نازحون، مثلهم مثل السوريين.
وعند هذه المفوضية الولاية على اللاجئين الفلسطينيين تقع على عاتق «وكالة الغوث»، رغم علمها بأن هذه الوكالة لا تتعامل مع القضايا المتعلقة بحقوق اللاجئين السياسية والمدنية، وليس لها سلطات في تركيا أو مصر. وبالنتيجة، فقد فشلت كل محاولات النازحين من فلسطينيي سورية، في مصر أو غيرها، في مخاطبة هذه المفوضية ولفْت انتباهها إلى أوضاعهم ومعاناتهم، الأمر الذي يفترض من جميع الأطراف بذل الضغوط لسدّ هذه الثغرة في ولاية هذه المنظمة، بشأن التعامل مع قضايا اللاجئين الفلسطينيين، وهي ثغرة نشأت مع إقامة «وكالة الغوث» من دون أي صلة بالحقوق المدنية والإنسانية التي نصّت عليها المعايير والمواثيق الدولية.
ما يفاقم الأمر أن الظلم والتنكّر واللامبالاة لفلسطينيي سورية تأتي أيضاً من جانب ما يفترض أنه كيانهم السياسي الجامع، منظمة التحرير، التي طالما اعتبرت بمثابة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، في كل أماكن وجوده.
والمشكلة أن هذا يحصل للاجئين الفلسطينيين، ومن ضمنهم فلسطينيو سورية، الذين دفعوا ثمناً باهظاً في سبيل قضيتهم وشعبهم، وفي سبيل صعود حركتهم الوطنية منذ أوائل الستينات إلى أوائل الثمانينات، فهؤلاء هم الذين أعطوا منظمة التحرير مكانتها، ودفعوا النفس والنفيس في سبيل ترسيخ وضعها ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، لا سيما في وجه محاولات النظام السوري الهيمنة على القرار الفلسطيني.
والحال أنه لم يكن مطلوباً من هذه المنظمة ولا من فصائلها الانخراط في حرب ضد النظام السوري، فهذا لم يطلبه أحد، لا من الفلسطينيين ولا من أطراف الثورة السورية، فضلاً عن أن أوضاعها لا تسمح بذلك. كذلك من المفهوم أن هذه المنظمة، مع كل فصائلها، ليس بإمكانها وقف اعتداءات النظام على المخيمات، ولا رفع الحصار المفروض عليها، ولا إعادة النازحين إليها. كان المطلوب منها فقط أن تكون بمستوى قضيتها، وهي قضية تحرّر، بمعنى أن المطلوب مجرّد موقف سياسي وإنساني لا يتنكّر لطلب السوريين الحرية والكرامة والعدالة، ولا يتجاهل الضحايا، لا من السوريين ولا من الفلسطينيين.
وهكذا، فإن المنظمة وفصائلها لم تفشل في هذا الاختبار فحسب، بحكم تماثلها مع النظام العربي القديم وانهيار مشروعها للتحرّر الوطني وتحوّلها الى سلطة تحت الاحتلال، وإنما فشلت حتى في الدفاع عن مكانتها ممثلاً شرعياً وحيداً للفلسطينيين.
فإذا لم يكن بإمكان المنظمة بذل الجهود لوقف الاعتداءات الوحشية على المخيمات ولا رفع الحصار عنها، فإنه كان بإمكانها الإظهار لفلسطينيي سورية أنها معنية بهم، وأنها تتألم لمعاناتهم وآلامهم، كما كان بإمكانها بذل الجهود والتواصل مع الدول والمنظمات الدولية المعنية للتخفيف من مأساة الفلسطينيين النازحين من مناطقهم.
وفي هذا الإطار، كان بإمكانها -ولا يزال- مخاطبة القيادتين التركية والمصرية لتسوية وضع النازحين الفلسطينيين، وإن بصورة موقتة، كما التواصل مع الأردن لوضع حد لهذه للمعاملة التمييزية المهينة للنازحين من فلسطينيي سورية. حتى السفارات الفلسطينية، في تركيا ومصر وعمان ولبنان لم تقم بدورها، في هذا المجال.
في المحصلة، بات الفلسطيني في سورية يعاني مشكلتين: الأولى أنه يكابد مثل شقيقه السوري من تداعيات الصراع الدامي، ومن العنف الإجرامي الذي ينتهجه النظام.
والثانية، أنه بات مكشوفاً، فليس ثمة جهة محددة مسؤولة عنه، أو معنيّة به، فلا قوى الثورة السورية قادرة على ذلك، ولا يبدو أنها واعية أو متنبّهة لهذا الأمر، ولا الممثل الشرعي، أي منظمة التحرير وفصائلها تقوم بما يوجبه عليها الوضع، وفق إمكاناتها، وضمن ذلك إبداء الحد الأدنى من التعاطف، مع ما يعانيه هذا الجزء من شعب فلسطين.
وهكذا، ليس للفلسطينيين اللاجئين من يمثلهم، ويُخشى في إطار ذلك أنه لم يبق ثمة للمنظمة ما تعنيه باعتبارها ممثلاً للفلسطينيين، طالما أنها لا تفعل شيئاً في سبيل ذلك.
الطفل الفلسطيني أسير الفاشية الإسرائيلية
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
في بيان لوزارة الإعلام الفلسطينية بمناسبة يوم الطفل العالمي أوضحت أن قوات الاحتلال الاسرائيلي شنت حملة شرسة ضد الاطفال الفلسطينيين القصر واعتقلت العشرات منهم في مختلف المحافظات الفلسطينية المحتلة .. ومنذ بداية عام 2013 م تم اعتقال « 207 « أطفال تتراوح أعمارهم ما بين « 15-17» عاما ..وذلك بذريعة رشق سيارات المستوطنين بالحجارة .. مشيرة إلى أن « 235» طفلا ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال حتى تاريخ شهر آذار الماضي ..وأن أكثر من 6000 طفل أصيبوا بجروح نتيجة الاعتداءات عليهم منذ انتفاضة عام 2000م..
إن ما جاء في هذا البيان , لا يفاجئ ولو مراقبا واحدا عربيا أو دوليا ..فالشعوب العربية وجميع شعوب المعمورة باتت تعلم أن اسرائيل تشن حملة إبادة جماعية واسعة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل .. وأنها تمارس عمليات القتل والاعتقالات بالجملة في صفوف الفلسطينيين.. وأنها لا تستثني في حملتها العنصرية لاطفلا ولا شيخا ولا امرأة .. فهي تعمل على اقتلاع الفلسطينيين من منازلهم ومزارعهم ومن محلاتهم التجارية .. وتعتدي على الاطفال في مدارسهم وفي منازل ذويهم وفي الميادين والشوارع وحيثما يجدونهم ..أي أن الطفل الفلسطيني يظل عرضة للفاشية الاسرائيلية وأسيرا لجبروتها وطغيانها ..وتصادر الاراضي الفلسطينية في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية لإقامة المزيد من المستوطنات عليها .. وباختصار شديد فإن سياسة اسرائيل تقوم على أساس تفريغ فلسطين من البحر إلى النهر من شعبها ومن ثم اعلان دولتها اليهودية الكبرى عليها .. وحتى المسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية عرضة للهدم والتهويد ..ورغم ذلك فإن الحكومة الاسرائيلية تزعم الحرص على استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ..وذلك لشراء الوقت الذي يلزمها لاستكمال عمليات الاستيطان المتواصلة ..وحتى لاتبقى ارض ولا زرع ولا ضرع يمكن التفاوض حوله .. كل ذلك يجري في حين أن الانقسام في الصف الوطني الفلسطيني ما زال على حاله وفشلت جميع محاولات إنهائه ..والتوجه نحو تحقيق الوحدة الوطنية والتوافق حول برنامج نضالي للتصدي لحملة الابادة الاسرائيلية التي لا تستثني حتى الاطفال واجهاضها قبل فوات الأوان ..
إن على القيادة الفلسطينية تقديم شكاوى إلى الامم المتحدة وإلى جميع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل وبحقوق الانسان وفضح السياسات الاسرائيلية العنصرية ..والمؤسف أن الادارات الامريكية المتعاقبة تدعم هذه السياسات الاسرائيلية وتزعم الحرص على أواصر الصداقة مع الفلسطينيين ومع الدول العربية ..كما تزعم الحرص على تحقيق السلام في المنطقة على أساس « الدولتين « ..لذلك يواصل الجانب الفلسطيني رهانه على الدور الامريكي ..والذي يثير التساؤل حقا هو أنه في الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل استعدادها وتأهبها لخوض حروب جديدة ضد الشعب الفلسطيني وضد الامة العربية فإن العواصم العربية تواصل دعواتها من أجل تحقيق تسوية سلمية تشرف عليها الادارة الامريكية !..وقبل أيام فقط رفض رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو مبادرة وزير الخارجية الامريكي جون كيري المعروف بانحيازه لاسرائيل لأنها لا تستجيب لجميع مطالبه ..لذلك نقول إن استمرار الرهان الفلسطيني والعربي على الدور الامريكي سيكون شبيها بالرهان على إمكانية صيد سمك السلمون في صحراء نيفادا الامريكية ..
تأكيد الوصاية الهاشمية.. لماذا الآن؟
رومان حداد عن الرأي الأردنية
بدأ البعض ممارسة ما يجيدونه وهو الاصطياد في المياه العكرة، فبدأوا بالسؤال عن سر التوقيت في توقيع اتفاقية الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس، وسر منح هذه الوصاية للهاشميين، وحاولوا الذهاب بعيداً في تحليلاتهم لدرجة أن الخيال السياسي تفوق على المعلومة والحقيقة.
وحتى تبقى أسئلتهم معلقة في الهواء، ولا يبقون هم الوحيدون الذين يقدمون الإجابة على (هلوسات مرضية)، فإني سأحاول تقديم الإجابة على سؤالين جوهريين هما لماذا الهاشميون ولماذا الآن؟
حين وقع جلالة الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان اتفاقية تؤكد حق الهاشميين في الوصاية على الأماكن المقدسة وحمايتها في القدس الشرقية، فإنه كان يؤكد المؤكد، فحق الهاشميين في الوصاية على المقدسات الدينية في القدس يعود إلى عام 1924 حين بايع أهل القدس الشريف الحسين بن علي وسلموه الوصاية على الأماكن المقدسة فيها، وهو العام الذي جرى فيه الإعمار الأول في العصر الحديث للمسجد الأقصى وقبة الصخرة.
وقد أوصى الشريف الحسين بن علي أن يُدفن في القدس، وهو ما تم بعد وفاته عام 1931، حيث يضم تراب القدس رفاته.
واستمر الهاشميون يتمتعون بالوصاية على الأماكن المقدسة في مدينة القدس، حيث تمت الوحدة بين الضفتين (الأردن والضفة الغربية) بعد مؤتمر أريحا عام 1949، وتمت الوحدة رسميا في 24 نيسان عام 1950، وأصبحت القدس الشرقية جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، ولم تنقطع الوصاية الهاشمية على القدس بعد احتلالها عام 1967.
وقد أبقى الملك الحسين بن طلال الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، في القدس للهاشميين رغم قرار فك الارتباط الصادر في 31 تموز/يوليو عام 1988، وهو قرار فك ارتباط قانوني وإداري.
كما تم النص صراحة على وصاية الهاشميين على المقدسات الدينية في القدس في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، اتفاقية وادي عربة، والموقعة في 26 تشرين الأول/أكتوبر عام 1994، دون اعتراض من قبل منظمة التحرير الفلسطينية.
وبالتالي فالتأكيد على وصاية الهاشميين على المقدسات الدينية لم يأتِ بجديد، وهو ما يجيب على سؤال (لماذا الهاشميون؟).
أما الإجابة على سؤال توقيت توقيع الاتفاقية (لماذا الآن؟)، فيمكن بداية التأكيد على أن الاتفاقية تهدف لقطع الطريق على (تعويم) الوصاية على المقدسات الدينية في القدس خوفاً من أن تكون مدخلاً لهدر حقوق الفلسطينيين والمقادسة تحديداً.
فبقاء باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لفترة رئاسية ثانية يشكل عامل ضغط على جميع الأطراف ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، وترى الإدارة الأمريكية الحالية أن ما يحدث في المنطقة من حراك وتغيير سياسي لإعادة ترتيب المنطقة ديموغرافياً وجيوسياسياً يشكل فرصة مناسبة للضغط على الطرف العربي لقبول حلول جاهزة.
إلا أن جلالة الملك عبد الله الثاني طوال فترة حكمه تعلم أهمية عنصرين في الحياة السياسية وهما الوقت والجاهزية لاستغلال الفرص، فجلالته يدرك أن (الموقع) في المعادلة السياسية قد يتغير في لحظة بسبب مرور الزمن الكافي لكشف معطيات جديدة للمعادلة، شريطة امتلاك الجاهزية للاستفادة من المعطيات الجديدة.
فالأردن كان مظلة الوفد الفلسطيني المفاوض في مدريد، وظل داعماً لخيار الشعب الفلسطيني القائم على (حل الدولتين)، وكان جلالة الملك أول رئيس عربي يزور رام الله بعد الاعتراف الأممي بدولة فلسطين كدولة بصفة مراقب، وفي ظل الهاشميين لم يتم تقسيم المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية، في حين تم تقسيم العديد من المقدسات الدينية في مناطق خارج الوصاية الهاشمية، كما حدث في الحرم الإبراهيمي.
الأردن لا يبحث عن موقع أو دور، فموقعه محفوظ ودوره معروف، فدماء جنود الجيش العربي هي التي سالت في (باب الواد) و(اللطرون)، ودماء عبد الله المؤسس روت الأرض المقدسة، وتراب القدس يحضن الشريف الحسين بن علي، وقبل ذلك كله فالقدس أولى القبلتين ومن أرضها عرج جد الملوك الهاشميين الرسول محمد إلى سدرة المنتهى.
استقالة فياض.. والمصالحة الفلسطينية
عبدالله القاق عن الدستور الأردنية
لعل من الاحداث الهامة التي تشهدها الساحة الفلسطينية حاليا استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بعد خلافات حادة مع الرئيس الفلسطيني لقبوله استقالة وزير المالية نبيل قيسي دون الرجوع الى الرئيس الفلسطيني بالاضافة الى اتهام فياض وزراء في السلطة لا يخضعون له وانما ينفذون اوامر حركة فتح والرئيس الفلسطيني دون الرجوع اليه؛ الامر الذي يعتبر في نظر فياض مخالفا للاعراف ومنافيا للانسجام الحكومي المطلوب خاصة وان السلطة تواجه تحديات كبيرة على الساحتين المحلية والاسرائيلية، وتستعد لاجراء مزيد من المفاوضات مع الجانب الامريكي بغية اطلاق العملية السلمية مجددا، عبر اتصالات سيجريها السيد جون كيري وزير الخارجية مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في الاسبوع المقبل.
هذه الاستقالة التي اعربت الخارجية الامريكية بضرورة عدم قبولها من الرئيس عباس خاصة وان كيري اتصل مرتين بالرئيس الفلسطيني هاتفيا طالبا منه التمسك به في ظل المساعي الجارية لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل.. وبالرغم من ان ممثل وزارة الخارجية الامريكية قال: “ان فياض باقٍ في منصبه” الا ان رئيس الوزراء قال بصوت عالٍ “لو التقت السماء والارض لن ابقى في هذا المنصب”.
والواقع ان الخلاف كان عميقا بين الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه.. خاصة وان اعضاء رئيسين في فتح انتقدوا بشدة فياض قبل استقالته، طالبين من الرئيس الفلسطيني اقالته.. ولعل هذه الهوة بين الرجلين كانت واضحة في حديث القيادي في فتح عزام الاحمد عندما قال: “ان السلطة اصبحت وكأنها ولاية امريكية حيث اتصلت الادارة الامريكية بالرئيس واصرت على ابقاء فياض في منصبه”.. وهذا التدخل كما يقول غير جائز.
فالولايات المتحدة ترى في فياض انه رجل نزيه واداري يحارب الفساد والرشوة التي استشرت في اجهزة السلطة وهي تقدم المساعدات الكبيرة لها لكون فياض هو الضامن الوحيد لهذه الاموال لبناء الاجهزة الحكومية والحد من الفساد والبيروقراطية والرشاوى.
واذا كانت حركة حماس طالبت في السابق بضرورة تشكيل حكومة جديدة بدلا من فياض لبدء خطوات المصالحة فانها اكدت على لسان الناطق باسم الحركة يوم امس “بأنه لا علاقة له باتفاق المصالحة وانما مرتبط فقط بالخلافات بين حركة فتح وفياض وان حركة حماس تؤكد ان تطبيق اتفاق المصالحة مرهون بموقف حركة فتح حينما تكون جاهزة للالتزام بالاتفاق بشكل كامل ودون انتقائية”.
وكانت وكالة الانباء الفلسطينية مهدت للاستقالة بقولها: ان سياسات الحكومة الفلسطينية الحالية “مرتجلة ومرتبكة” في الكثير من القضايا المالية والاقتصادية، في حين استهجن المجلس الثوري لحركة فتح توجهات الحكومة بتصفية صندوق الكرامة الوطنية، والتمكين الذاتي؛ الذي اسس لمكافحة منتجات المستوطنات قائلا: “انه يطلب من الحكومة رسميا الغاء قرار تصفية الصندوق”.
ان فياض كلف بالعمل على تصريف الاعمال حيث تشكيل حكومة جديدة وقد شغل هذا المنصب منذ عام 2007 وذلك عقب سيطرة حركة حماس على السلطة في قطاع غزة واقالة الرئيس عباس لحكومة اسماعيل هنية آنذاك.. وهناك تكهنات ترشيح السيد محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني لرئاسة الحكومة الجديدة لمواقفه الوطنية وحياديته بالتعاون مع مختلف الفصائل.
والواقع ان هذه الاستقالة ستكون ذات اهمية كبيرة في الساحة الفلسطينية؛ اذ ان هذه المسألة يجب ان تكون دافعا للمصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس خاصة وانها تجيء بعد زيارة الرئيس الامريكي اوباما للمنطقة وفشلها في احداث اي اختراق من اجل اطلاق العملية السلمية وانتهاء حركة حماس من انتخاب مكتبها السياسي برئاسة السيد خالد مشعل وانتهاء تحديث السجل الانتخابي حيث لم يبق امام الطرفين الا التوجه لتطبيق ما تم الاتفاق عليه من اجل اعلان المصالحة وانهاء الانقسام وتشكيل حكومة التوافق الوطني والاسراع لعمل انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني في أسرع وقت ممكن.
فالاستقالة جاءت في وقت عصيب لا سيما وان اسرائيل ما زالت تواصل بناء المستوطنات وتحاول طمس الهوية الفلسطينية فضلا، عن ان لجنة المبادرة العربية ستذهب الى واشنطن في محاولة لاقناع الادارة الامريكية بالضغط على اسرائيل لقبول المبادرة العربية وحل الدولتين.. هذه القضايا اكدت للشعب الفلسطيني ان لديه قناعة بان اسرائيل لا تريد سلاما ولا مفاوضات مع الجانب الفلسطيني الا بشروطهم بالاعتراف بالدولة اليهودية وهذا يعني كما يقول السيد حسن الخريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني؛ “انهاء حق العودة للاجئين وطرد السكان الفلسطينيين من اراضي 1948 الى الخارج وهذا بمثابة انهاء للقضية الفلسطينية مشيرا الى انه لا يوجد حقيقة لانهاء الانقسام الداخلي وان المماطلة ما زالت قائمة بين فتح وحماس والمطلوب حاليا من كل الاطراف تحمل المسؤولية تاريخيا عن هذه اللحظات التاريخية التي تشطب بها القضية الفلسطينية.
والواقع ان تفجير ازمة الحكومة الحالية ليس بعيدا عن تدهور بنية السلطة الفلسطينية ونظامها السياسي وبرامجها المستقبلية؛ لانها امتداد لأزمة حركة فتح نظرا لاستمرار تداخلها في شؤون السلطة واتساع حجم المواقع التي تمثلها دون الفصائل الاخرى، فضلا عن ان فياض كان هو الذي يتولى عمليا القضايا المالية برغبة امريكية، خاصة وان الولايات المتحدة تريد تحقيق السلام الاقتصادي بين اسرائيل والفلسطينيين، وهذا ما دعا امريكا الى التدخل لابقاء فياض في منصبه كرئيس للوزراء.
لقد تسربت انباء عن رغبة فياض للترشح لرئاسة الدولة الفلسطينية بمواجهة الرئيس عباس وهذا ايضا اثار حفيظة حركة فتح لهذه الحركة لمواجهة مرشح حماس وهذا يعني اجراء منافسة بين مرشحين من خارج اطار منظمة التحرير الفلسطينية؛ وهذا ما جعل الازمة تزداد قوة وتصلبا بين الرئيس الفلسطيني وفياض.
ان الاوضاع الفلسطينية ازمتها كبيرة وينبغي اجراء حوار وطني فلسطيني؛ لاحتواء هذا الوضع وتشكيل حكومة تستطيع مواجهة الاحداث الراهنة، والتعنت الاسرائيلي، وتحقيق المصالحة الفلسطينية؛ التي يصفها البعض بأنها في غرفة الانعاش.
حكاية سلام فياض .. شخص أم منظومة؟!
ياسر الزعاترة عن الدستور
بعد انتفاضة الأقصى التي سعى ياسر عرفات من خلال دعمها وتأييدها إلى التمرد على شروط أوسلو واستحقاقات سلطته المصممة لخدمة الاحتلال وليس مصالح الشعب الفلسطيني؛ بعد تلك الانتفاضة جيء بسلام فياض من أروقة البنك الدولي لكي يرمم ميزانية السلطة ويديرها على نحو “رشيد”.
كان هذا هو الشعار المعلن لفرض الرجل وزيرا للمالية، لكن الجوهر كان مختلفا، لاسيما أن ذلك لم يكن الشرط الوحيد لإعادة تأهيل ياسر عرفات كي يعود “شريكا تفاوضيا” بعدما تورط في العنف والدماء، وسرّب الأموال إلى خارجين على قانون سلطة أوسلو (إرهابيين بتعبير الصهاينة)، بل هناك شروط أخرى، أولها أن يكون محمود عباس رئيسا للوزراء بصلاحيات كاملة، وأن يكون محمد دحلان مفوضا للأمن، ما يعني “تشليح” عرفات لمصادر قوته (المال والأمن وحتى جزء من السياسة). والنتيجة هي وقف المقاومة وإعادة السلطة إلى مهمتها الأصلية في العمل كمركز شرطة يقوم على أمن المحتلين، وبلدية تزيح عن كاهلهم عبء إدارة السكان الفلسطينيين.
هذا هو الثلاثي الذي كان عليه أن يعيد ترميم واقع أوسلو الذي أصابته انتفاضة الأقصى بجروح بالغة، واضطر معها شارون إلى إدخال قواته من جديد (لا نقول احتلال، لأن الاحتلال لم يخرج تماما) إلى المناطق التي كان أعاد انتشاره خارجها (هذا هو المصطلح المستخدم في اتفاق أوسلو؛ إعادة انتشار، وليس انسحابا) خلال السنوات السابقة منذ عام 95 تقريبا.
كان على الثلاثي إياه أن يرتب لتغييب ياسر عرفات ووراثة السلطة، ومن ثم إعادتها إلى السكة الصحيحة كخادم للاحتلال، أولا- عبر مسار أمني يشرف عليه الجنرال دايتون ويساعده فيه دحلان، وثانيا- عبر مسار اقتصادي يشرف عليه توني بلير، وينفذه سلام فياض، وهو مسار لا هدف له غير إشغال الناس بقصص الرواتب والمال والأعمال وصرفهم عن كل ما يتعلق بمقاومة الاحتلال.
والحق الذي لا يماري فيه أحد أن الثلاثي قد حقق نجاحا مذهلا، إذ سيطر على كل شيء، ونفذ مسارا أمنيا واقتصاديا وسياسيا غيَّب المقاومة تماما من الساحة، وظل مراهنا على المفاوضات، فيما منح الصهاينة حالة أمن غير مسبوقة منذ مجيء الاحتلال قبل عقود.
بعد مناكفات وقصص ذات بعد شخصي، وأخرى ذات بعد سياسي خوفا من استمرار التلويح به كبديل جاهز، نجح عباس في إخراج محمد دحلان من المعادلة، وإن بقي فاعلا، بل مهيمنا على حركة فتح في قطاع غزة، مع استمرار الوساطات العربية لمصالحته مع رئيسه، لكن فياض بقي صامدا رغم الحملات المتقطعة عليه من قبل رموز حركة فتح، وهي حملات بعضها يتعلق بعدم استجابته لطلبات بعضهم المتكررة على الصعيد الشخصي، بينما يتعلق بعضها الآخر بالخوف من تأثير سياساته (سلبا) على شعبية حركة فتح التي تُحسب حكومته عليها حتى لو لم يكن فياض -شخصيا- منتميا إليها، لأن معلمه ومن عينه هو رئيس الحركة (إضافة إلى السلطة ومنظمة التحرير، وكذلك القائد العام للقوات المسلحة الفلسطينية!!). وظل فياض موجودا بقوة الضغط الخارجي من جهة، ولأنه لا يشكل منافسا لعباس، ولا وريثا للسلطة من جهة أخرى؛ هو الذي سيكون بلا قيمة تذكر دون الغطاء الذي يمنحه له عباس، وتبعا له حركة فتح.
فجأة، ودون مقدمات، نكتشف أن خبير البنك الدولي لم يترجم خبرته نجاحا عظيما، فالسلطة تنوء بحمل ثقيل من الديون (4 مليارات)، مع أننا نعرف أنها سلطة تعيش على المعونات الدولية، فيما يقوم نتنياهو ومن سبقوه بمنحها أموال الجمارك، وإن بقدر من الابتزاز والإذلال، مع مخصصات عربية معروفة، بعضها يأتي وبعضها لا يأتي.
بتعيين نبيل قسيس وزيرا للمالية، وجد سلم فياض أن ذلك استهداف شخصي له، إذ ماذا في السلطة العتيدة غير ملف المال (إلى جانب الأمن)؟! وازداد الأمر سوءا حين اتهم قسيس فياض بالفشل في سياسته المالية، ومن ثم تقديم استقالته التي قبلها فياض على الفور رغم مطالبة عباس له بعدم قبولها.
كان فياض يدرك أن “الطخ” عليه من قبل رموز فتح لم يكن ليتم لولا توفر ضوء أخضر من قبل عباس، وهو ما دفعه إلى الحرد (فعل ذلك من قبل) وتقديم الاستقالة على أمل أن تنتهي القضية بذات السيناريو التقليدي ممثلا في إرضائه وإسكات منتقديه، لكن ذلك لم يحدث، إذ قبل عباس الاستقالة.
يُقال: إن فياض سيؤسس حزبا ويبدأ نضالا في الساحة الفلسطينية (أي نضال؟!)، بينما كان حزبه السابق أو قائمته (الطريق الثالث) قد حازت على مقعدين في التشريعي (انتخابات 2006) من أصل 132 مقعدا. وسنرى إن كان ذلك سيحدث، أم سيعود إلى موقعه من جديد بضغوط الخارج.
حكاية فياض، والثلاثي إياه، هي حكاية قضية تم حرفها عن مسارها؛ من مقاومة الاحتلال، إلى تكريس سلطة تعمل في خدمته أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وإلى أن يفجّر الشعب الفلسطيني انتفاضته الجديدة، ويتمرد على هذا الواقع البائس، سنظل نتابع أخبارها وأخبار حكوماتها بكثير من الحزن والقهر.
كيري..ونتنياهو... سلام الأمن والاقتصاد
د. ابراهيم بدران عن الدستور
تبذل إدارة الرئيس أوباما في بداية دورتها الثانية، جهوداً حثيثة لإعادة إحياء عملية السلام التي امتدت على مدى (20) عاماً. وهي عملية تكاد تموت ، ولم يبق منها غير الاسم والتاريخ نتيجة لعدم إيمان الجانب الإسرائيلي أساسا بالسلام، وبالتالي لجوء القادة الإسرائيليين للتهرب والمماطلة. وهذا ما يعمل عليه نتنياهو والفريق اليميني الحاكم في إسرائيل. والهدف المرحلي واضح وصريح يتمثل في: تكريس الاحتلال وخلق حقائق جديدة على الأرض تحيل الشعب الفلسطيني إلى مجموعات سكانية متناثرة دون وطن ودون أرض وبذا تجعل إمكانات الحياة للدولة الفلسطينية مستحيلة.
ويستخدم نتنياهو، والدولة الإسرائيلية بكافة مؤسساتها، و بصورة ممنهجة، شتى الوسائل لتحقيق ذلك، بمن فيها المستوطنون كأداة استعمارية متوحشة لا يوجد لها مثيل في العالم المعاصر على الإطلاق. كل ذلك على طريق إعطاء الاحتلال صفة الديمومة،و تحويل المستوطنين الى مجتمعات دائمة لا ينبغي اقتلاعها، والضغط على الفلسطينيين في كل مناحي الحياة، حتى يتخلوا عن أي مطالبات لهم، أو يغادروا بلادهم. هذا إضافة إلى الإمعان في تشديد الحصار على غزة وغلق المعابر وتدمير الأنفاق من الجانب المصري.
في رئاسته الثانية قبل سنوات، طرح نتنياهو رؤيته الخاصة للسلام وهي: سلام الأمن والاقتصاد .واغفل تماما مسألة الاحتلال وحتمية الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية. وخلال السنوات الأربع الماضية فشلت إدارة أوباما في إقناع نتنياهو بإحداث أي تغيير في موقفه، بما في ذلك تجميد المستوطنات. وعمل آنذاك جورج ميتشل لعدة أشهر، و أجهد نفسه في زيارات مكوكية للمنطقة، ولكن دون جدوى. فترك المهمة برمتها.
وكانت زيارة أوباما في مطلع رئاسته الثانية قبل أسابيع إلى المنطقة، حيث التقى بالقادة الإسرائيليين لكي يعلن تأكيد التحالف الأمريكي الإسرائيلي الذي لا ينفصم، و يتوسط في الصلح مع تركيا ليخفف من عزلة إسرائيل، ويطمئنها على الدعم الأمريكي. ويبدو الآن، وفي أطار الحالة العربية المفككة، وفوضى الربيع العربي، واتجاه حكم الإخوان في مصر للسير على خطى مبارك بالتراضي مع إسرائيل، وتصاعد الأزمة في سوريا إلى تخوم تمزق الدولة، واستمرار الانقسام الفلسطيني الذي تعدى كل التوقعات، وانشغال الإدارة الأمريكية بقضايا محلية وعالمية أكثر أهمية، يبدو أن نتنياهو أقنع الإدارة الأمريكية بمفاهيمه و رؤيته للسلام.
وخلف الستار لدى نتنياهو الآن (4) أولويات إستراتيجية :الأولى استمرار الاقتتال وحالة اللا حسم في سوريا حتى انهيار الدولة أو انقسامها، فينفك التحالف الإيراني السوري تلقائيا. و بالتالي فالمطلوب إشغال الإدارة الأمريكية عن أي تدخل من شأنه أن ينهي المأساة السورية. الثانية: ترسيخ و تجذير حالة الانقسام الفلسطيني على طريق فصل غزة عن الضفة الغربية. الثالثة: الانتهاء من تهويد القدس وابتلاعها، وإزالة المعالم العربية من مسيحية وإسلامية في أقصر فترة ممكنة. الرابعة: تغيير مفاهيم السلام الفلسطيني الإسرائيلي لدى الإدارة الأمريكية ليصبح سلام الأمن والاقتصاد بدلا من السلام السياسي المتمثل في إنهاء الاحتلال و قيام الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية.
و يبدو أن الإدارة الأمريكية في ظل الظروف الراهنة، أصبحت ميالة لاعتناق المفاهيم والغايات الإسرائيلية .فانطلقت تبشر بفتح نافذة جديدة للسلام،وراح كيري يتحدث عن الأمن و إنعاش الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية فقط، ولا شيء عن القدس أو الاستيطان. و أضاف نتنياهو: شريطة أن لا يقترن ذلك بأية مصالحة بين حماس وفتح، وتعزيز الأمن من وجهة النظر الإسرائيلية، وإنشاء حالة من العلاقات الطبيعية، وأن لا تكون غزة مشمولة بهذه البرامج. ويعلن الجانب الإسرائيلي من الآن أنه إذا كانت هناك من مشاريع فلتكن في المنطقة (C) التي تقع تحت الإدارة الإسرائيلية كاملة حسب تفاهمات أوسلو. و بطبيعة الحال عند فشل المفاوضات أو قبل ذلك يمكن للمستوطنين أن يضعوا أيديهم على كل ما تم بناؤه. إما الاحتلال وإما الانسحاب من الضفة وأما الدولة الفلسطينية والقدس و أما حدود الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان فكلها أمور غير واردة لدى نتنياهو وبالتالي لم يعطها أوباما أو كيري أي اهتمام. وهذا يعني أن نظرية نتنياهو في إدارة الأزمة هي التي تتبناها الإدارة الأمريكية. و قد أشار كيري إلى أن المبادرة العربية للسلام على تواضعها لم تعد قابلة للتطبيق.
هل يمكن أن يتم كل ذلك هكذا، دون لقاءات ودون مفاوضات؟ هل يمكن تحقيق أي شيء من ذلك دون حملة دبلوماسية مكثفة ؟ و دون تمثيليات و دراما على طريقة نتنياهو؟ و دون إشراك أطراف من هنا و أخرى من هناك بما في ذلك دول الجوار و تركيا؟ بالطبع لا. فليس هناك أسهل من الدخول في جولة جديدة من المفاوضات يمكن أن تتوقف في أي لحظة و لأي سبب. وهذا ما سنشهده في القادم من الأيام.
والسؤال ماذا يفعل الجانب الفلسطيني والعربي؟ إن إنهاء الانقسام، وللمرة الألف، هو نقطة البداية. وإذا كانت فتح وحماس لا تستطيعان أن تصلا إلى نتيجة حاسمة رغم كل ما تقوم به إسرائيل ضد كل ما هو فلسطيني فإنهما بذلك تعطيان نتنياهو الفرصة التي يبحث عنها. والمطلوب عربيا، التماسك قليلا والمباشرة في فك الحصار على غزة، وتقديم المساعدات العاجلة للضفة والقطاع. والمطلوب فلسطينيا وعربيا الضغط على الإدارة الأمريكية و إسرائيل لتقديم برنامج زمني للانتهاء من المفاوضات ، إضافة إلى تقديم المؤشرات الأساسية المتعلقة بحدود الدولة الفلسطينية والقدس، واللاجئين، والمستوطنات والأسرى. وإذا تم ذلك فعلا، فيمكن للأمن والاقتصاد أن يتحركا جنبا إلى جنب مع التقدم في الحل السياسي. وإذاك فقط تكون الإدارة الأمريكية فتحت نافذة جديدة للسلام .
البرغوثي.. بعد 11 عاماً في الأسر:المفاوضات فاشلة والمقاومة هي الحل
امجد سمحان عن السفير
أطلَّ مروان البرغوثي، القيادي الفلسطيني والنائب الأسير من زنزانته أمس، ليوجه ثلاث رسائل أساسية للشعب الفلسطيني. ويطالب فيها بإعلان فشل طريق المفاوضات لا سيما وأن حكومة بنيامين نتنياهو لا تريد السلام، وبإطلاق مقاومة فلسطينية شاملة، وبذل المزيد من الجهد للإفراج عن الأسرى.
وفي رسالة نشرتها «الحملة الشعبية للدفاع عن البرغوثي»، لمناسبة مرور 11 عاماً على اعتقاله أمس، وتلقت «السفير» نسخة عنها، طالب القيادي الفلسطيني بوقف المفاوضات مع إسرائيل فوراً، وعدم المراهنة على الحكومة الإسرائيلية. وقال إن «نتنياهو يصر على مواصلة الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس، ورفض الانسحاب لحدود العام 1967، فضلاً عن رفض عودة اللاجئين وتحرير الأسرى، فأي اختبار تحتاج له هذه الحكومة وهذه المواقف؟».
وأضاف البرغوثي أن المفاوضات لم تتمكن على مدار 20 عاماً من إنهاء الاحتلال والاستيطان وتحرير الأسرى وعودة اللاجئين وإقامة الدولة، وبالتالي «لا حاجة لمفاوضات جديدة تشكل إضاعة للوقت وغطاء للعدوان والاحتلال والاستيطان».
وقلل القيادي الفلسطيني من أهمية الجهود الأميركية التي يقودها وزير الخارجية جون كيري لإطلاق عملية السلام. وأشار إلى أنه «قبل كيري، عُقدت مئات الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات تحت يافطة ما يسمى بعملية السلام، من دون أن يقود ذلك لإنهاء الاحتلال. جهود كيري وجولاته لن تختلف عن سابقاتها، والعودة إلى نفس التجربة تفتقد للحكمة».
كذلك، هاجم البرغوثي زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة إلى الأراضي الفلسطينية، على اعتبار أن هدفها «تحسين صورته ومخاطبة الرأي العام الإسرائيلي، وتأكيد التحالف الإستراتيجي الأميركي الإسرائيلي، بالإضافة إلى تنسيق موقف مشترك ضد إيران وحول سوريا». وأضاف أن «الزيارة لم تسفر عن نتائج بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولاحظنا تراجع موقف أوباما عن المطالبة بوقف الاستيطان والانسحاب لحدود العام 1967، والزيارة تشكل دعماً للموقف الإسرائيلي العدواني الاستيطاني».
وطالب البرغوثي، الذي حكمت عليه سلطات الاحتلال بالسجن المؤبد خمس مرات وأربعين عاماً إضافية بداعي مسؤوليته عن مقتل وجرح إسرائيليين، الشعب الفلسطيني ببدء مقاومة شاملة ضد الاحتلال و«في كل المجالات طبقا لما نصّت عليه وثيقة الوفاق الوطني».
وكان البرغوثي مع مجموعة من قيادات الحركة الأسيرة أطلقوا وثيقة «الوفاق الوطني» في شهر أيار العام 2006 لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ووضع إستراتيجية فلسطينية مقاومة للتخلص من الاحتلال.
والتمسك بهذه الوثيقة، بالنسبة للبرغوثي، «هو السبيل لإنهاء الانقسام وبدء مقاومة شاملة إن توفرت الإرادة السياسية»، حيث أن «المقاومة يجب أن تكون في إطار خطة إستراتيجية شاملة، وليس في إطار عمل انتقائي وخطوات متفرقة، لتشمل خوض معركة سياسية وديبلوماسية متواصلة في الأمم المتحدة ووكالاتها، ومن خلال المحاكم الدولية والدعوة لمقاطعة إسرائيل وعزلها ومعاقبتها رسمياً وشعبياً وفي كل المجالات، ووقف شامل لكافة أشكال التنسيق الأمني والإداري والتفاوضي مع الاحتلال، وتنظيم مقاطعة رسمية وشعبية شاملة لكافة البضائع والمنتجات الإسرائيلية، وتوسيع دائرة المقاومة الشعبية والانخراط فيها على أوسع نطاق، وتوفير الدعم اللازم لها، والكف عن محاولات حصرها وزجها في نطاق محدود».
واستغرب البرغوثي ما وصفه بـ«الصمت الرسمي والدولي» على اعتقال أكثر من 20 نائباً فلسطينياً في سجون الاحتلال. وطالب القيادي الأسير «كتائب شهداء الأقصى» الجناح العسكري لحركة فتح، ببذل المزيد من الجهود الرسمية والشعبية لإطلاق سراح نحو 5000 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، لا سيما المرضى منهم، فضلاً عن المعتقلين قبل اتفاق أوسلو، ومضى عليهم أكثر من 30 عاماً في الأسر.
شعبة «أمان» الإسرائيلية: سعة معلوماتها مليار «جيغا»
حلمي موسى عن السفير
للمرة الأولى تجد أرقاماً تُوضح لك عملاً استخبارياً. فالأرقام في جوهرها قيمة عددية، تشير إلى الكم، ولكنها، خصوصاً عندما تزاحم بعضها وتتكثف، تتحول، وفق المنطق الهيغلي (الجدلي)، إلى قيمة نوعية. وللمرة الأولى تجد عنواناً في صحيفة «هآرتس» عن الاستخبارات يشدك رغماً عنك لقراءته، بالرغم من أنه يشير إلى قيمة كمية وليست نوعية. فهو يقول «مليار جيغا: سعة تخزين شعبة الاستخبارات العسكرية، وهي تشبه سعة تخزين غوغل وفايسبوك». وبعيداً عن معارف الأخصائيين تعرف أن مليار جيغا يعني أيضاً «إيكسا»، احفظوا هذا الرقم الجديد.
وأشارت مجلة «ذي ماركر» الاقتصادية التابعة لـ«هآرتس» أنه عندما تُقاس المعلومات الاستخبارية بالـ«تيرا بايت»، فإن شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي هي مركز تخزين المعلومات الأكبر في إسرائيل. ولمناسبة الذكرى الـ65 للنكبة الفلسطينية وإعلان دولة إسرائيل، نشر الجيش الإسرائيلي معطيات جديدة تشير إلى العمق التكنولوجي لورش التكنولوجيا العالية الدقة المحلية.
وهكذا فإن شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) لا تجند سوى واحد من كل خمسة مرشحين للخدمة فيها. وتختار واحداً فقط من بين كل 81 مجنداً للعمل في مجال السايبر (الانترنت). ويخدم فيها حالياً 430 جندياً حريدياً في إطار خطة خاصة. وتنظم الشعبة في قواعدها دورات خاصة يحضرها 14 ألف جندي وضابط سنوياً في نطاق 70 دورة أساسية، وأكثر من 160 دورة متقدمة.
وتتراوح أعمار 60 في المئة ممن يخدمون في شعبة الاستخبارات العسكرية ما بين 18 و21 عاماً، وهي سنوات الخدمة الإلزامية. أما متوسط عمر من يشغلون منظومات الأقمار الصناعية في شعبة الاستخبارات فهو 20 عاماً مقابل 35 في الدول الغربية. وعلى الأقل أنشأ خريجو شعبة الاستخبارات الإسرائيلية ما لا يقل عن 150 شركة تكنولوجيا عالية الدقة.
وبحسب الصحيفة، فإن عمليات شعبة الاستخبارات التي تتم غالباً بعيداً عن أضواء الإعلام وأعين الجمهور، أضفت على الشعبة والعاملين فيها مكانة غامضة. وحظي خريجو الشعبة بالمجد عندما أنشأوا شركات تكنولوجية استندت إلى الخبرات التي راكموها أثناء خدمتهم العسكرية، وباعوها بمئات الملايين من الدولارات. والمعلومات التي تكشف عنها الشعبة تظهر عمودّي أساس الشعبة: القوة البشرية النوعية ومنظومة تكنولوجية متطورة.
إن شعبة الاستخبارات الإسرائيلية، بين الشُعب الأكبر في الجيش الإسرائيلي، وهي تتكون من سلسلة من الوحدات التي لا يزال بعضها سرياً، وأخرى معروفة بأشكال مختلفة وبأسمائها الكودية، مثل «وحدة 9900» (استخبارات ظاهرية وجغرافية)، «وحدة 8200» (استخبارات الإشارة)، لواء الأبحاث أو لواء «حيتسب» (استخبارات علنية). وتتولى شعبة الاستخبارات مسؤولية جمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها، بهدف تكوين صورة وضع داعمة للقرارات السياسية والعسكرية. ويستفيد الشبان الذين يخدمون في هذه الشعبة وينخرطون بعد تسريحهم من الخدمة الإلزامية في الشركات التكنولوجة المحلية.
وتولي إسرائيل منذ تأسيسها اهتماماً خاصاً بالاستخبارات التي توفر لها تفوقاً استراتيجياً. وفي عهد تُقاس فيه المعلومات بالـ«جيغا بايت» والـ«تيرا بايت»، من الواضح أن شعبة الاستخبارات هي الجهة التي تملك أكبر سعة تخزين في إسرائيل، وهي سعة تزيد عن كل سعات شركات الإعلام والاتصال أو الانترنت.
وتملك الشعبة أكثر من 30 «آي بي» (IP) يستخدمها بشكل منتظم وتمثل شبكة التواصل الأكبر في الجيش. وتستخدم يومياً ما يعادل مئة «تيرا بايت» أي قدرة تعادل سعة 320 جهاز «آيباد» كل منها بحجم 32 جيغا. كما أنها تملك مركز معلومات مستقلا يحوي ويدير أكثر من «هيكسا بايت» (مليار جيغا بايت) من المعلومات. وهي سعة تخزين تعادل أكثر من ملياري حاسوب بيتي. وبغرض المقارنة، فإن «غوغل» و«فايسبوك»، وهما شركتان تديران معلومات مليارات من المستخدمين، تحتفظان بمراكز معلومات مشابهة في سعتها.
كذلك، فإن واقع أن شعبة الاستخبارات هي مستهلك المعلومات الأكبر في إسرائيل، ولديه الحواسيب الأكبر، فإنه أيضاً مستهلك طاقة رئيسي بشكل يؤثر على قطاع الكهرباء في الدولة العبرية. وتستهلك الشعبة 132 مليون كيلو وات سنوياً.
ولكن يُنظر إلى المعلومات والخبرات، التي تتراكم في شعبة الاستخبارات وتتسرب منها لاحقاً إلى الاقتصاد المدني الإسرائيلي، على أنها حولت إسرائيل إلى إحدى الدول الرائدة في ميدان التكنولوجيا و«Big Data»، وهو ميدان يجذب مستثمرين من كل أرجاء العالم. ويتعذر على أي باحث أن يتخيل كيف كانت ستبدو الصناعات التكنولوجية الإسرائيلية من دون مراكز المعلومات التي نشأت في شعبة الاستخبارات في ميادين، مثل تأمين المعلومات أو شبكات الاتصال.
ويخلص تقرير «ذي ماركر» إلى أن 50 في المئة من ميزانية المشتريات في شعبة الاستخبارات مكرسة للوحدات الفنية. وقد توسعت هذه الوحدات بشكل هائل في العقدين الأخيرين. وعلى سبيل المثال، فيما لم يكن بوسع شعبة الاستخبارات في التسعينات تسجيل أكثر من 480 اتصالاً في الوقت ذاته يومياً، تمتلك الشعبة حالياً القدرة على تسجيل عشرات ملايين الاتصالات يومياً.
كوريا الشمالية و”إسرائيل” والكيل بمكيالين
فايز رشيد عن دار الخليج
عقوبات شديدة اتخذتها الأمم المتحدة بضغط من واشنطن والعواصم الغربية،أدّت مثلما يقول المراقبون إلى تجويع حقيقي لشعب كوريا الشمالية، وإلى معاناة من جراء حصار ظالم يمتد لسنوات طويلة متتالية عليها . المنظمة الدولية على موعد قريب لاتخاذ المزيد من العقوبات ضد بيونع يانغ، الأمر الذي يعني المزيد من الإشكالات الحقيقية لهذا البلد الذي وضعه الرئيس بوش الابن في العام 2004 على قائمة دول “محور الشّر” .
ومع أنه لا يوجد شخص على وجه المعمورة يؤيد التهديد النووي من أيّ دولة، لأن أي حرب كونية جديدة يُستعمل فيها السلاح النووي، ستعني فناءً للبشرية، إلا أن بيونع يانغ لم تجد أمامها وسيلة للخلاص من مآزقها العديدة سوى شد الانتباه إليها وإلى قضية حصارها الخانق من خلال سياسات التهديد لها .
مورس الحصار من قبل على العراق ولايزال مفروضاً على قطاع غزة، وهو مازال قائماً من قبل الولايات المتحدة على جزيرة كوبا .من يعايش الحصار يُدرك آثاره التدميرية على من يُمارَس ضده .إنه نهج لا إنساني أولاً وأخيراً .
إن كثيراً من المحاصَرين هم الأطفال، ويصبح والحالة هذه من المنطقي التساؤل: لماذا الحصار المفروض على كوريا الشمالية؟ لأنها تقوم بتجارب نووية! هذا هو منطق واشنطن التي تعمل على استفزاز كوريا الشمالية من خلال المناورات المشتركة التي تجريها بشكل شبه دوري مع حليفتها كوريا الجنوبية .
حالة التوتر والتصعيد القائمة في هذه المرحلة في شبه الجزيرة الكورية، ليست الأولى من نوعها، ففي العامين 1993-1994 وصلت الأوضاع فيها إلى حافة الهاوية وإلى شبه حالة حرب . تلك المرحلة قادها في بيونع يانغ كيم جونغ-ايل والد الرئيس الحالي كيم جونغ-أون .
“إسرائيل” تمتلك (وفقاً للمراقبين العسكريين) ما يزيد على 400 رأس نووي، ولديها صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية، وهي رفضت وترفض وستظل ترفض التوقيع على المعاهدة الدولية المعنية بحظر انتشار هذه الأسلحة . واشنطن والغرب والدول الصديقة لهما يتفهمون موقف الكيان الصهيوني باعتباره يدافع عن نفسه بامتلاك هذه الأسلحة! ولكن ضد من؟ ما من دولة عربية تمتلك سلاحاً نووياً . لقد دمّرت “إسرائيل” المشروع النووي العراقي، وقامت بضرب ما ادّعت أنه منشأة نووية في سوريا . ليبيا سلّمت ما لديها من مواد أولية لاستعمال الذّرة في الأهداف السلمية إلى واشنطن، و”إسرائيل” قامت باغتيال العالم النووي المصري يحيى المشد وغيره من العلماء العرب . الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تنتقد “إسرائيل” ولا تخاطبها لأجل إخضاع منشآتها النووية لإشرافها! غريب هذا المنطق، وهو الكيل بمكيالين تجاه ذات القضية، ولكن ما يتحكم في تفهم واشنطن لحيازة أية دولة للسلاح النووي هو موقف هذه الدولة منها، فإذا كانت من حليفاتها وتؤيد سياساتها ولها علاقات استراتيجية معها، فلا مانع أن تقوم هذه الدولة بتصنيع الأسلحة النووية . أما الدول غير الصديقة لواشنطن والغرب التي تحرص على انتهاج سياسات مستقلة خاصة بها سواء أعجبت واشنطن أم لم تعجبها، فممنوع على هذه الدول استعمال الطاقة النووية حتى للأغراض السلمية، سواء لتوليد الطاقة أو للأغراض الطبية أو لغيرهما .
واشنطن (ومعها دول الغرب عموماً)، تكيل بمكيالين حتى بالنسبة إلى موضوع الديمقراطية! هي دعمت أكبر ديكتاتور في العقود الأخيرة وهو بينوشيه الذي قاد انقلاباً عسكرياً على رئيس تشيلي الشرعي (المنتخب ديمقراطياً) سلفادور ألليندي (لأنه يساري)، ودعمت يلتسين عندما قام بقصف بيت الدوما (مجلس الشعب) الروسي، ودعمت النظام العنصري في جنوب إفريقيا إلى سنوات طويلة (قبل اتخاذ قرار من مجلس الأمن والجمعية العامة لمناشدة دول العالم بوقف التعاون مع هذا النظام العنصري)، ومع ذلك تدّعي أنها تدعم وتحرص على التطبيق الديمقراطي في كل دولة من دول العالم .
“إسرائيل” حذت وتحذو وستحذو حذو حليفتها الإمبريالية . دعمت الديكتاتوريين والطغاة في دول عديدة من العالم، وتقوم بالمجازر والموبقات وترفض قرارات الأمم المتحدة، وتدّعي أنها ديمقراطية . واشنطن ودول العالم الحليفة لها يشيدون ب(الديمقراطية) “الإسرائيلية”! العالم يكيل بمكيالين .
الاستقالة وما بعدها
بركات شلاتوة عن دار الخليج
قبول الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقالة رئيس وزرائه سلام فيّاض شكلت مفاجأة للعديد من المراقبين، كونها لم تكن متوقعة في ظل دخول الإدارة الأمريكية على الخط والطلب رسمياً من خلال وزير الخارجية جون كيري خلال اتصال هاتفي مع عباس بالإبقاء على فيّاض . صفاقة الموقف الأمريكي والتدخل السافر في شأن فلسطيني داخلي بحت أحدثت حالة من الغضب والغليان في الشارع الفلسطيني أدت إلى تسريع إطاحة رئيس الوزراء في موقف إيجابي يحسب للرئيس عباس، لأنه مثّل تحدياً واضحاً لواشنطن والإدارة الأمريكية، ورداً لا يحتمل التأجيل على تدخلها السافر في البيت الفلسطيني الداخلي .
ولأن الضغوط الأمريكية كانت في السابق تمارس “تحت الطاولة” وفي الخفاء ولم يكن يتسّرب إلى وسائل الإعلام إلا “قمة جبل الجليد” وما خفي أعظم، لذا تطلّب التدخّل الأمريكي رداً قوياً يتناسب مع مستواه .
أما بالنسبة لاستقالة فيّاض بحد ذاتها فقد كانت استحقاقاً منذ فترة إثر تعثره في الجانب الاقتصادي على وجه الخصوص، والسياسات التي اتبعها من خلال فرض الضرائب ورفع الأسعار رغم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون وانقطاع التمويل والمساعدات والرواتب، والأهم من ذلك التظاهرات والإضرابات التي عمّت الضفة الغربية خلال الفترة الماضية رفضاً لسياسات الحكومة ورأسها .
المأخذ على “الإقالة” أنها أتت نتيجة أزمة شخصية بين عباس وفيّاض على خلفية رفض الأول وقبول الثاني استقالة وزير المالية نبيل قسيس إثر خلاف بين فيّاض والوزير على الموازنة العامة للسلطة وسياسات فيّاض المالية بشكل عام، إذ كان الأولى أن تكون بعد أن خرج الشارع الفلسطيني عن بكرة أبيه ليقول لا لسياسات الحكومة ومطالباً برحيل فيّاض، في مظاهرات عمّت الضفة وشلّت مظاهر الحياة فيها .
الآن يجدر أن تكون الاستقالة فرصة ومدخلاً للشروع في تطبيق اتفاق المصالحة، كون شخصية رئيس الحكومة مثّلت إحدى العقبات في طريق إنهاء الانقسام، لذا ينتظر أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، أو حتى كفاءات، تتولى تطبيق بنود المصالحة، تكون أولى مهامها التنظيم والإشراف على انتخابات رئاسية وبرلمانية، بشقيها الداخلي والخارجي (تشريعي ومجلس وطني)، خاصة أن سجل الناخبين تم إنجازه ولجنة الانتخابات المركزية جاهزة للعمل، يصار بعدها إلى إنهاء مظاهر الانقسام بين شطري الوطن وتوحيد الأجهزة الأمنية، وتدير الوطن حكومة مركزية واحدة بتمثيل سياسي خارجي أوحد تحت مظلّة دولة فلسطين .
المؤسف أن البعض بدل أن يستغل التطوّر للدعوة إلى إنهاء الشرذمة الفلسطينية، سارع للقول إن ما جرى “لا علاقة له باتفاق المصالحة”، وهذا دليل عدم حرص على إنهاء حالة الانقسام، كان الأولى أن يقال إن الأمر فرصة مواتية لانطلاق عجلة المصالحة، لا وضع العصي في دواليبها .
الصراع على غاز المتوسط على ضوء التقارب الإسرائيلى التركى
وليد خدوري (مستشار فى نشرة ميس “MEES” النفطية) عن الشروق المصرية
نجح الرئيس الأمريكى باراك اوباما خلال زيارته الأخيرة الى إسرائيل فى وضع حد للخلاف الإسرائيلى ــ التركى وفتح باب العلاقات ما بين البلدين مرة اخرى، بعدما ساءت تلك العلاقات بعد أن هاجمت البحرية الإسرائيلية السفينة التركية «مافى مرمرة» التى كانت تحاول كسر حاجز الحصار البحرى على قطاع غزة، واستشهد فى العملية نحو تسعة نشطاء اتراك كانوا على متن السفينة. وقد اثار هذا الحادث غضب الحكومة التركية فى حينه، وطالبت باعتذار رسمى إسرائيلى، وأن تدفع إسرائيل تعويضات لأهالى الضحايا.
يكمن نجاح الرئيس اوباما فى اقناع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى اجراء مكالمة هاتفية فى 22 مارس الماضى مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان، حيث اعتذر نتنياهو أثناء المكالمة للشعب التركى عن «أى أخطاء قد تكون قد أدت الى خسائر بشرية» أثناء هجوم الكوماندو الإسرائيلى.
لكن، رغم أهمية هذا الاعتذار، فإنه لا يشكل إلا محاولة أولية غير كافية بتاتا فى إعادة العلاقات الى طبيعتها ما بين البلدين. فالعودة الى العلاقات الطبيعية السابقة تتطلب مبادرة واضحة من نتنياهو للإعلان عن خطة للتعاون ما بين البلدين، ناهيك عن تقديم تعويضات لأهالى الضحايا، وهو المطلب الذى لاتزال تصر عليه تركيا. وفى حال عدم تحقيق هذين الشرطين: الإعلان عن خطة إسرائيلية للتعاون وموافقة إسرائيلية على تقديم التعويضات، تبقى المكالمة الهاتفية بين الرئيسيين الإسرائيلى والتركى محاولة أولية محدودة الأهمية.
●●●
هناك عدة مجالات محتملة للتعاون بين الطرفين التركى والإسرائيلى فى حال عودة المياه الى مجاريها بين البلدين.
اولا: التعاون للانتهاء من نظام الرئيس بشار الأسد بأقرب فرصة ممكنة واحتواء النزاع فى سوريا لكى لا يتوسع هذا بالإضافة الى التأكد من طبيعة النظام المقبل. هذه الاهداف تتطلب تبادل المعلومات الاستخبارية بالإضافة الى التأكد من حجب السلاح والاموال من مجموعة من الاحزاب السياسية على طرفى النقيض فى هذا الصراع مثل جبهة النصرة وحزب الله، ناهيك عن تقديم المساعدة للمعارضة، كما تقوم بذلك تركيا فعلا فى الوقت الحاضر.
ثانيا: التعاون فى المجال الاقتصادى، بالذات على مستوى القطاع الخاص. فرغم تدهور العلاقات الاقتصادية بعد حادث «مافى مرمرة»، استمر التبادل التجارى والاستثمارى بين البلدين بل ارتفع عن مستوياته السابقة. وهناك اقتراحات مطروحة للتداول لتصدير الغاز الاسرائيلى عبر خط انابيب عبر البحر الابيض المتوسط الى تركيا ومن ثم الى السوق الاوروبية الواسعة الحجم. طبعا، هناك مشاريع اخرى بنفس الصدد منها ما هو قائم حاليا مثل خط الغاز العربى الذى ينقل الغاز المصرى عبر الاردن وسوريا الى تركيا ومن ثم الى اوروبا. وهناك المشاريع المقترحة لتسييل الغاز فى قبرص أو تصديره عبر خط انابيب الى قبرص ومن ثم الى اوروبا.
رغم محدودية نجاح المكالمة الهاتفية لحد الآن، فانه يتوجب وضعها ضمن محاولات أمريكية أوسع لمعالجة الخلافات السياسية والحدودية ما بين دول شرق المتوسط، الحليفة مع الولايات المتحدة، فى محاولاتهم لاكتشاف وانتاج الغاز الطبيعى، والفقيرة حتى الآن بالموارد الهيدركربونية. فهناك سلسلة من الخلافات ما بين هذه الدول خلافات قد تؤدى أى منها الى نشوب نزاعات عسكرية ما بين الدول المعنية.
فهناك اولا الخلاف الحدودى البحرى لمنطقة حجمها نحو 850 كيلومترا مربعا ما بين لبنان واسرائيل. وهى منطقة واعدة بتروليا بسبب قربها لحقول غازية ضخمة تم اكتشافها فى المياه الاسرائيلية المجاورة (حقلى ليفايثان وتمار). ويجرى وفد من وزارة الخارجية الأمريكية مفاوضات ما بين البلدين لإعادة تقسيم المنطقة المتنازع عليها، إلا انه لم يعلن عن أى موافقة لبنانية أو إسرائيلية على المقترحات الأمريكية، من ثم لايزال الوفد يتنقل بين الحين والآخر بين البلدين من أجل تقليص الخلاف والوصول الى حل متفق عليه بين الطرفين.
كما هناك ضغوط أمريكية على اسرائيل للسماح بالإنتاج من حقل غاز «غزة مارين» التابع للسلطة الفلسطينية فى مياه غزة. وقد اكتشف الحقل شركة «بريتش غاز» البريطانية، واشترك معها كل من هيئة الاستثمار الفلسطينية وشركة اتحاد المقاولين العالمية (سى سى سى) ومقرها اثينا ويرأسها رجل الاعمال الفلسطينى المعروف سعيد خورى. وكان قد تم اكتشاف الحقل فى اوائل العقد الماضى (عام 2000) إلا انه لم يتم تطوير الحقل لخلافات ما بين اسرائيل والجانب الاخر. فقد أصرت اسرائيل تشييد خط الغاز من الحقل الى عسقلان ومن ثم الى غزة، واستعمال الكميات اللازمة للاستهلاك الإسرائيلى أولا وبأسعار منخفضة عن الاسعار العالمية، والخوف الحقيقى لإسرائيل هو كيفية استعمال الاموال المتأتية من بيع الغاز وكيفية منعها فى تمويل «الارهاب». ورفض الجانب الفلسطينى هذا المطلب ومن ثم منعت اسرائيل تطوير الحقل طوال هذه الفترة. وتجرى محاولات أمريكية الآن لكى تبادر إسرائيل تقليص الضغوط الاقتصادية على السلطة الفلسطينية عموما منها السماح بتطوير حقل الغاز . والأمر لا يزال قيد الدرس والمتابعة.
أخيرا، هناك خلاف المصالح التركى والاسرائيلى حول الغاز القبرصى. فهناك عدة محاولات إسرائيلية لولوج قطاع الغاز القبرصى الموعود. وتشارك شركة «ديليك» الاسرائيلية شركة نوبل اينرجى الأمريكية فى حقل «افرودايت» القبرصى الغازى. كما تعمل الشركتان على حصول الموافقات اللازمة لتشييد مصنعا للغاز المسيل بالقرب من مدينة ليماسول وذلك لتسييل كلا من الغاز القبرصى والاسرائيلى وتصديرهما عبر الناقلات الى اوروبا. لكن تواجه هذه المشاريع عقبة كبيرة بسبب التهديدات التركية المستمرة لتطوير الحقول القبرصية. والسبب هو ادعاء تركيا ان لديها حقوقا مكتسبة فى المياه القبرصية بسبب احتلالها للجزء الشمالى من الجزيرة، الذى تقطنه الجالية التركية، ومن ثم يتوجب مراعاة الحقوق المالية لهذه الجالية فى أى عقود بيع للغاز وأن تحصل الجالية التركية على نسبة من الريع المالى.
من الجدير بالذكر، أن إسرائيل كانت قد شاركت فى حماية المياه القبرصية ضد أى محاولات هجوم تركية بحرية. وبالفعل، اعترضت البوارج البحرية الإسرائيلية طائرات تركية كانت قد حاولت منع الشركة الأمريكية نوبل اينرجى من الحفر فى المياه القبرصية. وانتهت العملية دون وقوع أى حادث، واستمرت فبرص فى عمليات الاستكشاف رغم التهديدات التركية المستمرة. ومؤخرا، اعلنت تركيا انها ستعاقب أى شركة نفطية عالمية ستعمل فى المياه القبرصية، وهذا الأمر مهم نظرا الى السوق الكبيرة التركية واهميتها للشركات العالمية، ناهيك عن موقع تركيا الاستراتيجى فى تصدير النفط العراقى والبترول من اذربيجان. وبالفعل اعلنت تركيا مؤخرا انها ستقاطع شركة «اينى» الايطالية النفطية التى حصلت على رخصة عمل للاستكشاف والتطوير فى المياه القبرصية من العمل فى تركيا.
●●●
لا تتوفر لحد الآن وساطات مجدية لحل هذا الخلاف المزمن. فقبرص مصرة على المضى قدما فى استغلال مواردها الطبيعية البحرية. واسرائيل تعمل على قدم وساق فى ولوج القطاع الغازى القبرصى والاشتراك فى تطويره بينما تصر تركيا من جانبها على التهديد والوعيد. والسؤال هنا: هل من الممكن ان يتم التوصل الى حلول لهذه المشاكل العالقة؟ وهل سيستطيع تعاون تركى ــ اسرائيلى حل المشاكل العالقة، ام لا؟
آن للشيخ أن يترجل
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
الشيخ يوسف القرضاوي عالم كبير من علماء الأمة، ملأ الدنيا هتافا ودعوة لنصرة قضايا المسلمين ولنصرة دين الله، وملأت كتبه المكتبات الإسلامية في مرحلة الارتجاج الديني بين التطرف والإفراط فكان بحق من قادة الصحوة الإسلامية في بلاد العرب.
نبدأ بهذا القول أو هذه الشهادة قبل أن نتطرق لمواقفه الأخيرة من جملة قضايا حساسة وخطيرة حتى نستشعر قيمة الكلمات ونحن إزاء عالم كبير من علماء الأمة وإن كنا لا نحوط أحدا بهالات قداسة أمام الحق والأمة.
ما لفت الانتباه تحولات عكسية حصلت على مواقف الشيخ غفر الله له وهداه من قضية حساسة وخطيرة، إنها قضية وحدة الأمة، حتى أصبح الشيخ ينطق بما هو ضد إرثه الثقافي والفكري، وضد ما هو معروف من انتمائه التقليدي للإخوان المسلمين..
الموضوع يحتوي على تصدي الشيخ لانفتاح مصر على إيران خوفا من تشيع الشعب المصري.. هنا نطرح أسئلة فقط على ضمير كل مسلم، وليجب كل واحد بما استقر في قلبه من الخوف من الله والحرص على مستقبل الأمة والإسلام.. السؤال الأول: ألم يكن الشيخ وحركة الإخوان والأزهر من أكثر الناس دعوة لتآلف المسلمين شيعة وسنة، وأصبح المذهب الجعفري أحد المذاهب المدرسة بالأزهر الذي أفتى بجواز التعبد به؟ هل اكتشف الشيخ هذه السنوات الأخيرة من عمره خطورة التشيع والتشييع؟ الشيعة ليسوا إيرانيين فحسب.. فأكثرية الشعب العراقي شيعي، وثلث الشعب اللبناني شيعي، فهل يفتي الشيخ بانغلاق مصر على العراق ولبنان بحجة الخوف من التشييع؟ أليس العرب الشيعة أكثر "خطورة" من الإيرانيين الشيعة في عملية الدعوة إلى التشيع، كونهم يتكلمون بالعربية، وكونهم عربا؟ ثم أين يضع الشيخ موقفه من القرار الأمريكي بمحاصرة إيران والتضييق على مصر؟ ألم ير الشيخ أن دعواه لمقاطعة إيران وسكوته عن اتفاقيات كامبديفد والعلاقات مع إسرائيل خلل كبير؟ ألم ير الشيخ بأنه غاب عن الرشد لما سكت ولايزال يسكت عن الأمريكان، وما يعيثون فيه من فساد في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا وباكستان وأفغانستان؟ ألم يفق الشيخ بأنه يقدم خدمة كبيرة لمن يريدون إثارة الفتن داخل أمة مثخنة بالجراح لصرفها عن قضايا وجودها؟ ثم قبل ذلك وبعده، لماذا يستهين الشيخ بالمجتمع المصري المسلم وبقناعاته ويتخيله كأنه قشة في مهب الريح.. أليس في المجتمع المصري دعاة ومفكرون ومثقفون وحركات إسلامية عريقة تستطيع أن تشرح المذهب السني وأن ترد عنه..؟ ثم ألم ينظر الشيخ إلى المجتمع المصري ومعاناته، واي الطرق لحلها، فذهب يختلق له مشكلة من فراغ.. ملايين البطالين وملايين الذين يسكنون في المقابر وملايين البلطجية وأبناء الشوارع والفاسدين وملايين الجوعى والأميين.. والمديونية التي تكاد تسقط مصر، والعملاء المنتشرون في البلد تحركهم السفارات الغربية.. كل هذا لم ير الشيخ منه خطرا.. وانتبه فجأة إلى خطر الشيعة والتشييع؟!
بعد هذا كله، ها هو يعلن الحرب على الإخوان المسلمين.. وعلى الدكتور مرسي، لأنه سيفتح مصر للسياحة الإيرانية والعلاقات مع إيران.. وعلى كل محاولة لرأب صدع الأمة.. إن الشيخ فقد مهمته التي كنا نعرفه بها والآن ليس له إلا أن يترجل وينزل إلى مصر التي تحتاجه، مفندا لدعاوى العلمانيين الذين يكادون يسقطون المشروع الإسلامي.. وكفى يا شيخ قرضاوي، غفر الله لنا ولك وهدانا وإياك صراط الأمة المستقيم.