Aburas
2013-04-21, 09:59 AM
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.giffile:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
أيهما أهم: استقالة فياض ام المصالحة؟
صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
.. وأخيرا فعلها فياض !
رجا طلب عن الرأي الأردنية
استقالة سلام فياض.. الدوافع والأسباب
حسام الدجني عن القدس العربي
الدبلوماسية الشرق اوسطية.. الرحلات المكوكية تساوي صفرا
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
تدويل قضية الأسرى
رأي الراية القطرية
إنقاذ الأسرى أولوية لا تحتمل التأخير
رأي الدستور الأردنية
أسرى حرب لا سجناء أمنيون!
حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
المحتلون وعملاؤهم
أمجد عرار عن دار الخليج
دورٌ فلسطيني في أميركا يبحث عن مؤسسة
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
«يهودا والسامرة» ويهود بريطانيا
أهداف سويف عن الشروق المصرية
هناك ما يفعله الفلسطينيون...
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
حيفا… الزمن الجميل
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
توقيت صواريخ ايلات
رأي القدس العربي
صاروخان على إيلات: سيناء المعقّدة و«القبة» العاجزة
حلمي موسى عن السفير
إسرائيل تشن حرب الخليج المقبلة!
عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
خلافات خليجية تحبط مخططاً قطرياً لخطف أمانة «الجامعة»
محمد بلوط عن السفير
الاسد يهدد بتفجير المنطقة
عبد الباري عطوان عن القدس العربي
أيهما أهم: استقالة فياض ام المصالحة؟
صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
منذ أن أعلن عن نبأ استقالة سلام فياض من موقعه في رام الله لم تهدأ وكالات الإعلام ولم يهدأ المحللون والكتاب والديبلوماسيون ووكالات الأنباء العالمية والدولية في بحثهم عن شخص رئيس الحكومة الفلسطينية الجديد. فانفتح وكما يقول البعض في فلسطين ‘بازار’ الأسماء باقتراحات وتوقعات وحتى أمنيات ورغبات بصورة فاقت الاهتمام بموضوع المصالحة.
بينما صدرت وبصورة أقل بيانات عن بعض الفصائل والقوى تدعو إلى اعتبار هذه الاستقالة موعداً متجدداً مع تشكيل حكومة وفاق وطني، التزاماً باتفاقات القاهرة وإعلان الدوحة وما بينهما من تفاهمات بين حركتي فتح وحماس والفصائل الأخرى أيضاً.
وإمعاناً في التذكير بحضوره السياسي فقد قام البعض بكتابة بيانات تحت مسميات أخرى يذكر القيادة الفلسطينية بذاته، فحمل البيان الواحد تصريحاتٍ لعدة أشخاص بصورة أقرب إلى تلميع الذات وابتذال النفس من أجل موقعٍ وزاريٍ محتمل.
لذا ومع التقدير لمواقف البعض فإن جل الجهد تمحور حول شخص رئيس الوزراء الفلسطيني المقبل، دونما التركيز على الخطوات الواجبة لإنهاء الانقسام، أي أن الشخص بات أهم وربما أكثر إثارة من المشروع.
وأمام هذا التسارع والتركيز في الحديث عن هذا الأمر أطل أحد الشباب الفلسطيني على صفحته على الفيسبوك ليكتب بتهكم كبير عن هذا الأمر ويسأل أصدقاؤه عن سبب عدم اختياره هو لهذا الموقع. فالرجل على حد زعمه ‘لديه ‘اعتماده المالي’ دلالة على أنه موظف في السلطة، ولديه كما يقول بدلة فاخرة، لكنه يحتاج لربطة عنق، ولديه القدرة على التعامل مع مقومات صفحات التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني، وهو محبوب من أصدقائه والدول العدوة والصديقة، كما قال وأنه وسيم ورشيقٌ وشاب عشريني يافع سيسعد شباب الوطن بتكليفه.
هذه الروح التهكمية وما شهدته شخصياً من كتابات خلال الأيام الماضية تطرح سؤالاً مهماً: أيهما أهم؟ شخص رئيس الحكومة أم التوافق الداخلي على استكمال المصالحة وصولاً إلى اختيار الشخص الذي يحظى بإجماع كامل الأطراف لتشكيل الحكومة التوافقية غير الفصائلية، حسب الاتفاقات السابقة والتوقعات؟’
من المؤلم حقيقة أن يضخم البعض الموقع على حساب الهدف وأن تتحول رقعة فلسطين الجغرافية المتآكلة أمام قضمها المستمر من قبل جرافات الاحتلال نحو أمور ثانوية لا تشكل المحور الأهم أمام استمرار الانقسام واستفحال الاحتلال وإجهازه المتواصل على الأرض العربية. فمن يكون رئيس وزراء فلسطين المقبل ليس ما ينتظره الشعب المتعطش للخلاص من نيرين، نير الانقسام ونير الاحتلال.
لكن سبباً ما يدفع المتربصين بحريتنا إلى تضخيم صغائر الأمور بحيث تصبح شغلنا الشاغل وكأن الاحتلال الإسرائيلي، وهو المستفيد الأكبر من كبواتنا يتبع سياسة ‘استمرار الاحتلال بالإلهاء’ بحيث يتحول موقع أو موقف ما إلى فرصة للإثارة الصحافية وتهافت الوكالات وأحاديث الصالونات واللقاءات وحتى جلسات الاستغابة السياسية المستفحلة.
لقد شكل الإعلام الدولي تحديداً وفي بحثه عن الإثارة الفلسطينية منصة مهمة للتأثير على المزاج العام، وتغليبه للقضايا الصغيرة على حساب الأهداف الكبرى بحيث يتعاظم سؤال صغير في مقابل أسئلة مصيرية أخرى.’
ومن كثرة السائلين من الصحافيين الأجانب عن شخص رئيس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية القادم، سمحت لنفسي أن أسأل أحدهم عن سبب الاهتمام بالشخص وليس الهدف المطلوب كانهاء الانقسام بتعيين حكومة توافقية برئيس جديد لها، فأجاب ودونما خجل بأن الفارق هو أن الإثارة بالنسبة لموضوع الشخص أكثر اليوم من التوافق الداخلي، وعليه فإنه وبلغة الدولار فإن الأول عبارة عن مادة ‘تبيع′ بينما الثانية ‘تبور’!
.. وأخيرا فعلها فياض !
رجا طلب عن الرأي الأردنية
في العاشر من سبتمبر 2012 كتبت في هذه الزاوية مقالا تحت عنوان «نصيحة للدكتور فياض... افعلها» فقد كانت مناسبة المقال هي تلك المظاهرات التي رتبتها قوى متنفذة داخل السلطة للخروج الى الشارع من اجل شتم واتهام فياض وتحميله مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة، في تلك الفترة كان على فياض أن يرحل وان لا يبقى دقيقة واحدة أولا لعلمه الكامل بالمؤامرة التي تحاك ضده والهادفة إلى حرقه في الشارع وتشويه صورته، وثانيا لعلمه أن أي تأخير في الرحيل سوف يزيد من المشكلة وسوف يوسع من قدرة القوى المحرضة عليه في الإضرار بصورته.
أخطأ فياض في ذلك الوقت وقدم استقالته لعباس ولكنه انتظر موافقة هو كان يعلم ان عباس لا يريدها إلا وفق حساباته الزمنية، فتحول فياض بسبب هذا التردد الى «بطة عرجاء وكيس للملاكمة» وأصبحت كل المشاكل الفلسطينية مسؤوليته هو، وكأنه لا توجد رئاسة فلسطينية ولا توجد منظمة تحرير ممثلة للشعب الفلسطيني ولا توجد فصائل ولا توجد مؤسسات، واستسهل الجميع تبرير عجزهم برمي المسؤولية على فياض وفياض فقط.
استقال فياض ولكن ماذا بعد ؟
تستعد فتح ألان من اجل اقتناص منصب رئيس وزراء السلطة بعد أن ناصبت فياض عداءا غير مبرر، وهو أمر سيفتح باب التنافس بل والتناحر داخلها وبين قياداتها على مصراعيه، وسيمهد هذا الوضع تلقائيا إلى إعادة خيار اختيار شخصية مستقلة ولكن من المؤكد أن أي شخصية مستقلة وذات استقلالية وقدرة على اتخاذ القرار المسؤول ستتحول إلى «غريم» جديد للحركة وسيبدأ العمل والتحرك ضدها، لان فتح تريد إما فتحاويا يشكل حالة توافقية بين أقطابها على غرار احمد قريع ابو العلاء مثلا في فترة من الفترات وهو أمر صعب ألان، أو تسلم عباس نفسه الحكومة لحين انجاز مشروع المصالحة وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهو خيار إن تم الأخذ به سيضعف مصداقية النظام السياسي الفلسطيني الضعيفة أصلا أمام العالم وبخاصة الدول المانحة والتي لها تحفظات كثيرة على فكرة جمع كل السلطات في يد رجل واحد، فعباس نفسه كان رأس الحربة في الحرب السياسية على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي كان يجمع بين رئاسة السلطة ورئاسة الحكومة فلماذا يريدها الآن ؟
وفي حال أصبح عباس رئيسا للحكومة بدلا من فياض فسوف يصبح رئيسا للسلطة وللحكومة وهو حاليا رئيس فعلي للسلطة التشريعية المعطلة حيث يصدر المراسيم الرئاسية كقوانين بدلا منها، وقام بقرار منه بتجريد محمد دحلان عضو المجلس التشريعي من حصانته واسقط عضويته وهو أيضا السلطة القضائية حيث أعطى لنفسه الحق برفض قرارات محكمة العدل العليا وتنفيذها ومارس التأثير السياسي على المحكمة الدستورية في قضايا عدة معروفة.
ففي الوضع الذي أشرت اليه كان فياض فقط السلطة الوحيدة المستقلة والفاعلة ولأنه كان كذلك كان يجب أن يرحل!
استقالة سلام فياض.. الدوافع والأسباب
حسام الدجني عن القدس العربي
منذ اللحظة الأولى للانقسام في يونيو حزيران/2007م، أقال الرئيس محمود عباس حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية، وكلّف الدكتور سلام فياض بتشكيل الحكومة الثانية عشر وسط جدل سياسي ودستوري كون حكومة فياض لم تنل ثقة المجلس التشريعي، وبدأ المراقبون يتابعون سلام فياض موظف البنك الدولي والحاصل على الجنسية الأمريكية، والمفروض على ياسر عرفات عام 2003 بعد مطالبات الاتحاد الأوربي للسلطة الفلسطينية بالقيام بعملية إصلاحات مالية واقتصادية شاملة، وحينها تولى الدكتور فياض وزارة المالية في الحكومات المتعاقبة، حتى وصل إلى رئاسة الحكومة بعد الانقسام، وبدأ بتنفيذ سياسات مالية واقتصادية تنسجم مع نظرية السلام الاقتصادي الذي أعلن عنها بنيامين نتانياهو في برنامجه الانتخابي، وبدأت عملية إعادة بناء الفلسطيني الجديد على يد الجنرال كيث دايتون برعاية كريمة من حكومة الدكتور فياض، مما دفع فصائل المقاومة الفلسطينية بعد حملة الاعتقالات الشرسة ضد المقاومة وبنيتها التحتية انطلاقاً من كتائب شهداء الأقصى وكتائب أبو علي مصطفى وسرايا القدس وصولاً لحركة حماس بمطالبة الرئيس محمود عباس بإقالة حكومة سلام فياض، وحذرته من مشروعه السياسي والاقتصادي، إلا أن الرئيس عباس لم يستجب حينها، وبدأت حركة فتح في الترويج لانجازاته على الأرض، حتى وصلت إلى نتيجة مؤلمة وهي مديونية تصل إلى أربع مليارات دولار، وعجز كبير في الميزانية، وتسبب السلام الاقتصادي بزيادة طبقة الفقراء لصالح مجموعة صغيرة من رجالات الأعمال، وسخر العمل الحكومي خدمةً لشخصه ولبرنامجه المدعوم غربياً، وهذا ما دفع حركة فتح للمطالبة بإقالته، لأن انعكاس فشل سياسات فياض الاقتصادية والمالية بدأ يظهر على شعبية حركة فتح بالضفة الغربية، وهذا ربما انعكس على نتائج انتخابات مجالس الطلبة في كلية خضوري وجامعة بيرزيت وربما في باقي الجامعات الفلسطينية التي ستكون على موعد مع انتخابات مجالس الطلبة خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
ولكن الرئيس محمود عباس كان يتمسك بسلام فياض رئيساً للحكومة ليقينه بارتباط ذلك بتدفق أموال المانحين للسلطة الفلسطينية التي تعاني عجزاً كبيراً في خزينتها وموازنتها، ولكن ما دفع عباس لتغيير موقفه طلب سلام فياض من الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقائه خارج المقاطعة وعلى انفراد وهذا ما حصل في محافظة البيرة، مما أثار غضب الرئيس محمود عباس وحينها تحوّل موقف الرئيس عباس تجاه سلام فياض، بعد أن كان يتهم أعضاء المجلس الثوري بأنهم يطالبون بإقالة فياض لأسباب ذاتية وحزبية.
ولذلك لا يمكن ربط استقالة سلام فياض بعملية المصالحة أو استئناف المفاوضات، فمن يحضر مؤتمر هرتسليا ويلقي خطاباً فيه لا أرى أنه ضد عملية التفاوض، ولذلك فإن أمر استقالة سلام فياض لا علاقة له بأي ملف آخر سوى أنه جزء من الخلافات بين قيادات فتحاوية وازنة مع حكومة فياض ولكن من الممكن استثمار هذا الحدث بالبدء في تطبيق اتفاق المصالحة، وتولى الرئيس محمود عباس رئاسة الحكومة، ثم التوافق لتحديد موعد الانتخابات.
الدبلوماسية الشرق اوسطية.. الرحلات المكوكية تساوي صفرا
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
منذ عدة سنوات دخل قاموس الدبلوماسية الشرق أوسطية مصطلحا جديدا اطلق عليه كنية الرحلات المكوكية. وقد جاء هذا تعبيرا عن رحلات يقوم بها وزراء الخارجية الأمريكية بين طرفي الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. واستعمل هذا الأسلوب منذ عدة عقود من جانب وزراء الخارجية الأمريكيين في سعيهم لحل المشكلة الفلسطينية.
ولا يختلف وزير الخارجية الأمريكية الحالي جون كيري عن غيره من وزراء الخارجية الأمريكيين الذين سبقوه، فهو يقوم حاليا بجولاته المكوكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على أمل الوصل إلى كسر الجمود القائم في المسيرة الدبلوماسية بين طرفي النزاع.
والنتائج التي توصل إليها كيري حتى الآن لا تختلف عن نتائج وزراء الخارجية الأمريكيين الذين سبقوه وهي صفر. ورغم أن كيري لم يعلن رسميا عن فشل مساعيه، ولديه تفاؤل في كسر الجمود القائم، إلا أن الأمور كما تسير الآن لا تدعم هذا التفاؤل، ولا تبشر خيرا.
وسبب فشل هذه الرحلات المكوكية، وحتى حسب ما ينشر في الصحافة العبرية، هي المواقف التي تتخذها حكومة إسرائيل. في البداية كانت مواقف تعجيزية، حيث كانت تطلب من الفلسطينيين تقديم المزيد من التنازلات، وكلما قدم الفلسطينيون تنازلا طلبت إسرائيل المزيد.
ولكن اليوم تغيرت بعض الأمور فإضافة الى طلباتها التعجيزية من الفلسطينيين، بدأت إسرائيل ترفض علنا كل الاقتراحات الأمريكية المتعلقه بكسر الجمود القائم. وأول خطوة قام بها وزير الخارجية جون كيري هي محاولة إقناع حكام إسرائيل قبول المبادرة العربية، التي مضى على وجودها في الساحة الدبلوماسية عشر سنوات، إلا أن إسرائيل كعادتها رفضت ذلك (صحيفة ‘واشنطن بوست’ 9/4/2013).
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد رفضت بشكل قاطع المبادرة العربية منذ صدورها، حيث رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه ارييل شارون المبادرة بحجة أنها تشير إلى قرار الأمم المتحدة 194 الخاص بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم، متجاهلا العبارة الرئيسية في المبادرة، التي تقول انه يتعين أن يوافق الجانبان على أي حل.
ووجد كيري في مباحثاته مع القيادة الإسرائيلية صعوبة في وضع رزمة بنود لكسر الجمود. السبب في ذلك يعود إلى الشروط التي تضعها إسرائيل أمام الفلسطينيين وتعرف مسبقا أنها شروط تعجيزية لا يمكن للفلسطينيين قبولها (‘معاريف’ 9/4/2013).
وتقول صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ (11/4/2013) ان الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكية كشفت القناع عن وجود خلاف أساسي بين إسرائيل والولايات المتحدة، حيث رفضت إسرائيل كل الاقتراحات التي كان يحملها كيري معه والتي تدعو إلى أن تبدأ المباحثات حول الأمور الأمنية والحدود.
كما رفضت إسرائيل اقتراحا أمريكيا يدعوها إلى تقديم مبادرة حسن نية للفلسطينيين لبناء الثقة وكسر الجمود، في مقدمتها إطلاق سراح أسرى فلسطينيين (‘معاريف’ 11/4/2014). من ناحيتها تطالب إسرائيل الفلسطينيين بأن تشمل المباحثات كل الأمور، كما تطلب منهم كشرط لبدء المباحثات الموافقة على استمرار البناء في المستعمرات اليهودية واعترافهم بيهودية دولة إسرائيل. (‘يديعوت أحرونوت’ 10/4/2013 ).
وقد أدى ذلك إلى أن تتهم صحيفة ‘هآرتس′ ( 12/4/2013) الحكومة الإسرائيلية في وضع العراقيل أمام إي تقدم في المساعي الأمريكية لكسر الجمود. فقد نشرت في ذلك اليوم افتتاحية حملت العنوان التالي ‘لا مفاوضات’. ومما جاء في الافتتاحية، أن المساعي المكوكية للوزير كيري اسفرت عن خيبة أمل مقلقة. فالانطباع الذي تركته هو أن إسرائيل مصممة على عدم السماح في تقدم مسير السلام.
وتضيف الصحيفة: ‘من المستحيل تفهم الموقف الإسرائيلي، الذي يمنع حتى الأمل في الوصول إلى حوار حول تحديد خريطة إسرائيل وتأمين كل متطلباتها الأمنية، وهي تعلم أن الموضعين المذكورين هما الأساس لكل تقدم نحو السلام’.
إن كلام وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تدع مجالا للشك، أن إسرائيل هي المسؤولة عن عرقلة الأمور وترفض محاولات الوصول إلى حل. هذا ليس موقفا جديدا فقد كان موجودا قبل أن تبدأ الرحلات المكوكية الأمريكية، ولكن المسؤولين الأمريكيين لم يشيروا إلى هذا الموقف الإسرائيلي علنا.
معنى ذلك أن الولايات المتحدة بإداراتها المختلفة تعرف أن إسرائيل هي السبب الرئيسي في عدم التقدم في مسيرة الحل في المنطقة ، ومع ذلك كانت هذه الادارات تحمل الجانب الفلسطيني القسط الكبير من مسؤولية فشل مساعي السلام، وعدم التعاون معها من أجل الوصول إلى حل، وتشير بشكل مستمر إلى ‘تصلب الفلسطينيين في مواقفهم’.
السؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا لا تقوم أمريكا بوضع حد للعبث الإسرائيلي إذا كانت جادة في الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، وبالتالي للصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط؟ ألم يحن الوقت لمواجهة إسرائيل ووضع ضغط حقيقي عليها كي تقبل تقديم بعض التنازلات التي قد تؤدي إلى إحلال سلام في المنطقة؟
والواقع أن كل هذه الرحلات المكوكية ستستمر في الفشل إلا إذا واكبها موقف أمريكي (وعالمي) صلب تفهم من خلاله إسرائيل أن العقوبات ستنزل عليها إذا رفضت الخضوع لمطالب المجتمع الدولي.
وحتى يحدث ذلك فإن الرحلات المكوكية لوزراء الخارجية الأمريكية تساوي صفرا.
تدويل قضية الأسرى
رأي الراية القطرية
يحي الشعب الفلسطيني في السابع عشر من شهر أبريل من كل عام ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، حيث بدأ الفلسطينيون بإحياء هذه الذكرى منذ 17/4/1974، اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني "محمود بكر حجازي" في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
إن قضية الأسرى الفلسطينيين تُعد من القضايا الأكثر حساسية عند الشعب الفلسطيني، في طريق نضاله من أجل إنجاز الاستقلال والحرية من الاحتلال الإسرائيلي، فقرابة خمس الشعب الفلسطيني قد دخل السجون منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي.. حيث يقدر عدد عمليات الاعتقال ضد الفلسطينيين منذ عام 1967 (800.000) أي أن أكثر من 20% من أبناء الشعب الفلسطيني قد دخلوا سجون الاحتلال لفترات وطرق مختلفة.
سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تعتقل أكثر من 4500 معتقل، موزعين على أكثر من 27 معتقلاً، ومعسكرًا لجيش الاحتلال، ومراكز توقيف، وقد اعتقلت أيضًا ما يقارب (500) امرأة فلسطينية بقي منهن (120) أسيرة يقبعن في سجن تلموند الإسرائيلي كما اعتقلت نحو 50220 طفلًا قاصرًا أعمارهم أقل من 18 عامًا لا زال (350) منهم داخل السجن.
الإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 80% من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب خلال التحقيق على يد جنود المحققين الإسرائيليين..كما يشكل الاعتقال الإداري لسنوات طويلة "اعتقال بدون لائحة اتهام، أو سبب مادي ملموس، وبدون محاكمة حقيقية" جانبًا آخر من معاناة الشعب الفلسطيني حيث وصل عدد حالات الاعتقال الإداري لأكثر من 3000 حالة بقي منها 350 معتقلًا دون توجيه لائحة اتهام، عدا عن ذكر أنهم يشكلون خطراً أمنياً على دولة إسرائيل. لقد اغتالت قوات الاحتلال أكثر من 150 أسيراً فلسطينياً خارج نطاق القانون بعد إلقاء القبض عليهم. وهناك قرابة 1000 معتقل فلسطيني يعانون من أمراض مزمنة مختلفة، ولا يتلقون العلاج اللازم، وقد واستشهد من الأسرى الفلسطينيين منذ العام 67 وحتى اليوم قرابة 180 معتقلًا.
الإضرابات العديدة عن الطعام التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون ضد سجانيهم دفعت بقضية الأسرى إلى الواجهة بوصفها قضية "تمثل صراعا مفتوحا" بين الشعب الفلسطيني وسلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدم الاستجابة لمطالب الأسرى العادلة بالحرية سيدفع إلى إطلاق يد المقاومة الفلسطينية لتحرير الأسرى كما حصل في قضية "شاليط" وسيدفع أيضا بالمنظمات الحقوقية الفلسطينية وبالمؤسسات الفلسطينية الرسمية إلى تدويل قضية الأسرى بوصفها أحد الطرق الممكنة لإجبار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وإغلاق هذا الملف الذي لا يمكن تحقيق السلام دون تسويته.
إنقاذ الأسرى أولوية لا تحتمل التأخير
رأي الدستور الأردنية
في يوم الأسير الفلسطيني تطالعنا وجوه آلاف الأسرى والأسيرات الفلسطينيات في سجون العدو، من قضوا بسبب التعذيب او من لا يزالون يئنون تحت سياط الجلاد الصهيوني.
وفي هذا السياق فلا بد من التأكيد على حقيقة هامة تفضح ممارسات العدو اللإنسانية وهي اصراره على معاملتهم كسجناء جنائيين، وليس كأسرى حرب قاوموا العدو لتحرير وطنهم ومقدساتهم وانقاذ شعبهم من جور الاحتلال، وفقا للقانون الدولي الذي شرع مقاومة الاحتلال وانزال المقاومين منزلة رفيعة، ومنحهم اعلى الاوسمة، واصبحوا قادة لأممهم، فالجنرال ديغول لم ينل هذه الشهرة الرفيعة والاحترام العالمي، الا لأنه قاد المقاومة الفرنسية ضد النازي الذي اجتاح فرنسا ومعظم الدول الاوروبية في الحرب العالمية الثانية.
إن حقد العدو على الاسرى يعود لفشله في ترويضهم، وفشله في كسر ارادتهم الصلبة، وقد استطاعوا ان يحولوا المعتقلات الصهيونية الى مدارس في الوطنية والصمود والمقاومة، وهذا ما دفعه الى ممارسة اقسى انواع التعذيب النفسي والجسدي، وحقنهم بأدوية ممنوعة ادت الى موت بعضهم بمرض السرطان كما حدث للشهيد ابو حمدية مؤخرا..
لقد تحولت المعتقلات الصهيونية الى ميدان لصراع الارادات بين العدو المحتل والاسرى، ونجزم ان العدو قد فشل حتى الان في ترويض ارادة الاسرى والاسيرات، رغم شراسة التعذيب، ولجوء جلاوزة السجون الى اساليب نفسية لا اخلاقية. وخاصة ضد الاسيرات محاولات الايقاع بهن.
إن معركة الامعاء الخاوية التي يخوضها الاسرى وقد مضى على اضراب سامر العيساوي 261 يوما، تؤكد ارادة الاسرى الصلبة، الذين ضربوا مثلا في الصمود والصبر ليس له مثيل في العالم رافضين عروض العدو بالافراج عنهم مقابل ابعادهم عن وطنهم.
لقد وضعت قضية الاسرى الفلسطينيين وعددهم حوالي “4600” اسير واسيرة الأمة كلها امام الحقيقة المرة، وهي خذلانها لأبنائها الذين ضحوا من اجل وطنهم ومقدساتها، وكشفت ايضا للعالم كله ان العدو الصهيوني لا يحترم القوانين والمواثيق والاعراف الدولية التي نصت على معاملة الاسرى، ويصر على تصفية هؤلاء المناضلين، لكسر ارادة الشعب الفلسطيني، واخماد جذوة مقاومته، في ظل التواطؤ الغربي والدعم الامريكي اللامحدود، الذي كان ولا يزال السبب الرئيس في استمرار الاحتلال واستمرار الاستيطان والتهويد.
مجمل القول: لقد كشفت قضية الاسرى الفلسطينيين مأساة الشعب الفلسطيني، ومأساة ابنائه في سجون الاحتلال.. واسقطت القناع عن وجه العدو الصهيوني العنصري القبيح. ووضعت الامة كلها امام مسؤولياتها القومية والانسانية لانقاذ ابنائها من الموت الصهيوني المحقق.
أسرى حرب لا سجناء أمنيون!
حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
كشأن كل الحقوق الفلسطينية المهدورة، أهدر الفلسطينيون الرسميون والعرب حقوق المعتقلين الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني، واقتصرت جهود الافراج عنهم على صفقات تبادل الأسرى القليلة، وحتى أولئك الذين أفرج عنهم من الأسرى ضمن هذه الصفقات جرى اعتقالهم مجددا، بحجج واهية وذرائع تافهة!
حتى الآن اقتصرت جهود مساندة الأسرى على النشاطات والحملات الشعبية، التي تهب بين حين وآخر ثم ما تلبث أن تخبو حسب المواسم، وهذا جهد طيب ومبارك، إلا أنه ليس عمليا ولا يأتي بنتائج فعلية، خاصة واننا نواجه عدوا شرسا لا يعترف بغير القوة، ولا يمتثل إلا لها، وقد بذل عدد من النشطاء القانونيين الفلسطينيين جهودا لا بأس بها في اتجاه التأصيل لوضع المعتقلين الفلسطينيين، باعتبارهم اسرى حرب أو مقاتلين من اجل الحرية، إلا أن هذا الجهد ظل في مجال الدراسات والبحوث، والحملات الدعائية، ولم ينتقل إلى ساحة الفعل الرسمي، كون المؤسسات الرسمية الفلسطينية المنبثقة عن سلطة اوسلو لم تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، ولم تسع حتى الآن بشكل جدي لنقل قضية المعتقلين إلى الساحة الدولية، والحقيقة ان هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق السلطة الفلسطينية والأردن ومصر على وجه التحديد في عملية إسناد الأسرى، حيث تمتلك هذه الجهات أدوات ضغط حقيقية من اجل تحويل الوضع القانوني للمعتقلين الفلسطينيين من وضع معتقلين أمنيين أو «إرهابيين» إلى وضع «أسرى حرب» و»مقاتلين من أجل الحرية»، وكلا الوضعين يرتبان على سلطة الاحتلال التعامل بشكل قانوني مع المعتقلين الفلسطينيين، وهو الطريق العملي الوحيد لإسناد هؤلاء المعتقلين بشكل جدي وفاعل، بدلا من إصدار مئات التصريحات وبيانات الشجب التي لا تغير من الواقع شيئا.
ولنفهم الوضع القانوني للمعتقلين الفلسطينيين، لا بد من العودة قليلا إلى ما جرى عقب «توحيد» فلسطين تحت الاحتلال في العام 1967 حيث أصدر القائد العسكري التابع لقوات الاحتلال «حاييم هرتسوغ» حينها الأمر العسكري رقم (3). وقد جاء في مادته 35 «أنه يترتب على المحكمة العسكرية تطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 آب 1949 بخصوص حماية المدنيين أثناء الحرب والاحتلال، والتأكيد على أن تلتزم المحكمة العسكرية بتطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة فيما يتعلق بالإجراءات القضائية، وإذا وجد تناقض بين هذا الأمر وبين الاتفاقية فتكون الأفضلية لأحكام اتفاقية جنيف».غير أن القيادة العسكرية لقوات الاحتلال، سرعان ما تنصلت من التزامها بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة، ومعاملة المدنيين الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال بموجب ما قررته تلك الاتفاقية من إجراءات قضائية، تضمن حق المحاكمة العادلة. وأصدر القائد العسكري لمنطقة قطاع غزة وشمال سيناء يوم الحادي عشر من تشرن الاول 1967 الأمر العسكري (107)، وأصدر القائد العسكري للضفة الغربية في يوم الثالث والعشرين من الشهر عينه، الأمر العسكري رقم (144)، الذي نص على أن «أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لا تتمتع بالسمو والأفضلية على القانون الإسرائيلي وتعليمات القيادة العسكرية، وأن ما تضمنته المادة 35 من الأمر العسكري رقم (3) من إشارة إلى اتفاقية جنيف الرابعة قد جاء بطريق الخطأ»! ومنذ ذلك الوقت، ترفض دولة الاحتلال الاعتراف بانطباق اتفاقيات جنيف على الأرض الفلسطينية المحتلة، بحجة أنها لم تحتل من دولة ذات سيادة، على اعتبار أن المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية كانتا تقومان بإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم تكونا صاحبتي سيادة عليهما، والطريق العملي الوحيد لإسناد الحركة الأسيرة إعادة ملفها بالكامل إلى وضعها الحقيقي وفق القانون الدولي بجهد مشترك وعملي من سلطة رام الله والأردن ومصر، وبغير هذا الأمر سيبقى آلاف الأسرى ومقاتلو الحرية من ابناء الشعب الفلسطيني رهائن تعليمات وقوانين إسرائيلية تهدر إنسانيتهم وتعاملهم كمجرمين، لا اصحاب قضية يدافعون عن وطن محتل!
خلاصة القول، إن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يحرمون من صفتهم كأسرى حرب، ومقاتلين من أجل الحرية، وبهذا فهم يحرمون من الحماية المقررة لهم وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبدل ذلك تجري معاملتهم وفق لوائح خاصة صادرة عن مصلحة السجون الإسرائيلية خاصة «بالسجناء الأمنيين»، ولا تكتفي لوائح مصلحة السجون الإسرائيلية بنزع الشرعية عن نضال الأسرى وقضيتهم العادلة، بل تذهب إلى حد هدر إنسانيتهم وكرامتهم، كما يقول مراد جاد الله، في بحث قيم بهذا الخصوص، هو أفضل ما كتب في بابه، ويمكن للمهتمين العودة إليه في موقع http://badil.org وهو مختص بحقوق الإنسان الفلسطيني.
المحتلون وعملاؤهم
أمجد عرار عن دار الخليج
الكيان الصهيوني قرر إنشاء نصب تذكاري للعملاء “العرب” الذين باعوه ضمائرهم المفترضة بثمن بخس وخدموه في اغتصاب فلسطين وأراضٍ عربية أخرى، ولطّخوا أياديهم معه بالدم العربي البريء منهم . إحدى الصحف “الإسرائيلية” نشرت صوراً للنصب التذكارى للعملاء، وبجوارهم العلم “الإسرائيلي”، وتحت صورهم كلمة “الفاتحة” وبجوارها علم الكيان .
هذه نكتة سمجة وتافهة . وبالمناسبة، هذه المرة الأولى التي تعلن فيها “إسرائيل” شيئاً فيه “تكريم” علني للعملاء منذ خمس وستين سنة على احتلال فلسطين، وإنشاء الكيان الغاصب، مع أن الحقائق التاريخية تؤكد أنه لا الكيان الصهيوني ولا أي استعمار غيره يكرّم العملاء بنصب تذكاري أو بأية طريقة أخرى . العملاء بالنسبة إليه منديل ورقي يرميه في سلّة النفايات بعد استخدامه، والشواهد على هذا أكثر من أن تعد أو تحصى .
العميل كمال حمّاد الذي أوصل الهاتف المحمول للشهيد يحيى عياش لاغتياله، فرّ بعد ارتكاب جريمته إلى “إسرائيل”، فماذا كانت مكافأتها له؟ الصحافة “الإسرائيلية” نفسها نشرت تقارير عنه، وقالت إن “إسرائيل” أسكنت العميل حماد في شقّة ودفعت عنه الأجرة لشهرين أو ثلاثة ثم توقّفت عن الدفع فألقي به في الشارع . حتى ابنه الذي التحق بمدرسة صهيونية لاحقه التلاميذ اليهود بازدراء واحتقار وخاطبوه ب “يا ابن العميل” . أما ميليشيا أنطوان لحد العميلة التي خدمت احتلال “إسرائيل” لجنوب لبنان أكثر من ربع قرن، فقد تركها مشغّلوها الصهاينة لمصيرها بعد فرارهم من الجنوب عام 2000 . ومنذ ذلك الوقت، نشرت عشرات التقارير حول الوضع البائس والمذل الذي يعيشه هؤلاء لدى الكيان، بمن فيهم قائدهم لحد . ولعل لهؤلاء عبرة في “السجين إكس” الاسترالي الأصل الذي استخدمه “الموساد” الصهيوني لسنوات ثم زجّت به في زنزانة انفرادية لقي حتفه فيها، وبكل بساطة ادعت أنه انتحر، وما زالت الصحافة تتناول قضيته كلغز، في ظل صمت بلده على نحو يبعث على الحيرة .
ربما تريد “إسرائيل” أن تقول إن دور العملاء لم ينته بعد، فإن هذا الأمر لا يحتاج إلى رسائل أو إجراءات أو تصريحات . فاحتلالها لفلسطين وأراضٍ لبنانية مازال قائماً، وأصابعها الخبيثة تعبث في الدول العربية وغير العربية، وكل ذلك بحاجة إلى عملاء . لكن من ينكشف أمره من هؤلاء تكنسه مثل القاذورات وتلقي به في القمامة ولا تكترث لمصيره لأنه يصبح مكشوفاً وعديم الفائدة، بل عبئاً عليها، ولهذا يبقى عملها الدؤوب متركزاً على تجنيد عملاء جدد بدلاً من العملاء المحرومين .
من المسلّم به القول إن التكريم المزعوم من الاحتلال لأدواته القذرة، لا يضيف سوى شحنة إضافية في رصيدهم من الذل والعار . الشعب الفلسطيني خبر هذه الحثالة جيداً، وهذا الشعب يدرك بتجربته أنه ما من فلسطيني يتعرض للاغتيال أو الاعتقال إلا ووراءه أصابع عميل أو اختراق داخلي بعميل مطواع مجرد من أية إرادة أو حرية اختيار .
والشعب اللبناني يتابع تقارير وسائل إعلامه وإعلانات المسؤولين الأمنيين عن اعتقالات بالجملة في صفوف العملاء، وأيضاً عن اكتشاف كاميرات مراقبة وتصوير في غير مكان في لبنان . لا يكاد يخلو مكان من عديمي الضمير والمستعدين لبيع أنفسهم، وما دامت “إسرائيل” تخطط للاختراق والعدوان، فإنها تحتفظ بهذه الوسيلة وتطورها، بحيث تنسجم مع طبيعة الأهداف الواسعة والنوعية، والأخطر تطوّع كثير من السياسيين والإعلاميين لخدمة “إسرائيل” بلا “أجر” . لذلك ليس في الأمر نصب تذكاري، بل عدة نصب .
دورٌ فلسطيني في أميركا يبحث عن مؤسسة
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
لطالما تساءلت، في السنين الماضية التي قضيتها في الولايات المتحدة، عن سبب نجاح «المحامي الإسرائيلي» في أميركا بالدفاع عن جرائم حرب تقوم بها إسرائيل على مدى عقود من الزمن، بينما يتعثّر دور «المحامي العربي» عموماً، و«الفلسطيني» خصوصاً، في الدفاع عن قضيةٍ عادلة ترتبط بكل المبادئ والقيم التي يتفاخر الأميركيون بحملها والحديث عنها.
فالقضية الفلسطينية تُجسّد جملة مسائل، تشمل مبادئ حرية الشعوب وحقّها في تقرير مصيرها وفي مقاومة الاحتلال، وهي أيضاً قضية إنسانية فيها إجحاف وإهمال لملايين اللاجئين الفلسطينيين، الذين هُجّروا من وطنهم وقراهم، وعانوا ويعانون التشرّد وهدم البيوت ومصادرة الأراضي من قِبَل محتلٍّ ما زال يطمع بالمزيد.
وهي أيضاً مسألة دينية، حيث يمارس الاحتلال تهويد الأراضي المقدّسة، الإسلامية والمسيحية. ورغم كلّ هذه الأبعاد المهمّة للقضية الفلسطينية، يتعثّر دور العرب والفلسطينيين في المجتمع الأميركي، ويتواصل ويمتدّ حبل الكذب والتزوير للحقائق من قِبَل الجماعات المؤيّدة لإسرائيل. فأين هي المشكلة؟!
بدايةً، فإنّ مقارنة حالة العرب في أميركا بحالة اليهود الأميركيين، هي مقارنة خاطئة. فالواقع أنّ «العرب الأميركيين» هم حالة جديدة في أميركا، مختلفة تماماً عن الحالة اليهودية.
العرب جاؤوا لأميركا كمهاجرين حديثاً من أوطانٍ متعدّدة إلى وطنٍ جديد، بينما اليهود في أميركا هم مواطنون أميركيون ساهموا في إقامة وطنٍ واحد (إسرائيل) في قلب المنطقة العربية، أي عكس الحالة العربية والإسلامية الأميركية وما فيها من مشكلة ضعف الاندماج مع المجتمع الأميركي
. حالة العرب في أميركا مختلفة أيضاً من حيث الأوضاع السياسية والاجتماعية، فكثيرٌ منهم أتوا مهاجرين لأسباب سياسية واقتصادية، وأحياناً أمنية، تعيشها المنطقة العربية، ممّا يؤثر في نوع العلاقة بين العربي في أميركا وبين المنطقة العربية.
أما حالة العلاقة بين اليهود الأميركيين وإسرائيل فهي حالة من شارك في بناء هذه الدولة، وهو ممّول لها وليس مهاجراً (أو مهجّراً) منها. والعرب الأميركيون يتعاملون مع واقع عربي مجزّأ، بينما يدافع اللوبي الإسرائيلي عن كيان إسرائيلي واحد. ومن ناحية أخرى.
فإنّ العرب الأميركيين يعانون أزمة تحديد الهويّة وضعف التجربة السياسية، وهذا ما لا نجده عند اليهود الأميركيين. فكيف يمكن بناء جالية عربية فاعلة إذا كان أفراد هذه الجالية رافضين لهويّتهم العربية ومنقسمين على أنفسهم؟
وكيف يمكن مخاطبة الآخر غير العربي ومحاورته حول القضايا العربية، إذا كان الإنسان العربي نفسه لا يملك المعرفة الصحيحة عن هذه القضايا ولا يجد لديه أيَّ التزامٍ تجاهها؟!
ورغم ما تحقّق للجالية العربية الأميركية من تقدّمٍ ملحوظ في العقود الثلاثة الماضية، وظهور العديد من المنظّمات النشطة التي جعلت للعرب الأميركيين صوتاً سياسياً يُسمَع، فإنّ عملهم ما زال عاجزاً عن التأثير في الكونغرس الأميركي، المفتوح دائماً لاحتضان اللوبي الإسرائيلي. لكن نجاح «اللوبي الإسرائيلي» لا يعود حصراً إلى خبرة اليهود الأميركيين بالعمل السياسي في أميركا منذ نشأتها، أو لكونهم أكثر تنظيماً وعطاءً بالتطوّع والمال.
فالعنصر المرجّح لكفّة «اللوبي الإسرائيلي» سببه الأساس هو أن السياسة الأميركية نفسها لم تكن طرفاً محايداً يتنافس عليه العرب من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. فأميركا أسهمت منذ البداية في الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، وزوّدته وما زالت بكلّ إمكانات التفوّق النوعي على الدول العربية.
والواقع هو أنّ أميركا لها مصالحها الاستراتيجية الخاصة في المنطقة، وهي استخدمت الوجود الإسرائيلي لتحقيق هذه المصالح، فأميركا كانت تحتاج لإسرائيل، حيث لا تريد هي - أو لا تستطيع - أن تكون مباشرة (أي مفهوم الوكيل أو الأجير في قضايا محددة..).
هل يعني كل ما سبق أن لا أمل في استحواذ تأييد غالبية الرأي العام الأميركي لصالح عدالة القضية الفلسطينية؟ الجواب يتوقّف على مدى «تأهيل المحامي الجيد»، وعلى توفّر الإمكانات المادية اللازمة لكسب هذه القضية، ولتصحيح جملة مفاهيم عنها داخل المجتمع الأميركي.
لكن أجد أنّ الدور الغائب الآن، والذي يبحث عن مؤسسة شاملة وفاعلة، هو الدور الفلسطيني الذي لا يتحقّق بشكل جيد داخل الولايات المتحدة الأميركية. ففي أميركا مئات الألوف من الفلسطينيين، وهم في معظمهم الآن من المواطنين الأميركيين، وفيهم كثافة كبيرة من المهنيين الناجحين جداً في أعمالهم الخاصة، بل إنّ معظم المؤسسات والجمعيات العربية والإسلامية ينشط فيها بدرجة أولى من هم من أصول فلسطينية.
وهناك أيضاً العديد من المتموّلين الفلسطينيين المقيمين في الولايات الأميركية. وهذه كلّها مواصفات لتشكيل قوة سياسية واقتصادية فلسطينية فاعلة، لو جرى الجمع أو التنسيق بين عناصرها المبعثرة. الفلسطينيون، كما العرب عموماً في أميركا، ينجحون في أعمالهم الفردية، ويتعثّرون كثيراً في مؤسسات العمل الجماعي المشترك.
قد يكون مردّ ذلك إلى الانقسامات السياسية الحاصلة حول قضايا عربية مشتعلة الآن، وقد يكون السبب قلّة الخبرة في العمل المؤسساتي، أو طغيان «الأنا» على الـ«نحن»، أو السلبية تجاه العمل المنظم المشترك، أو عادات ومفاهيم تعتبر نجاح «الآخر» وكأنّه فشل للنفس!
لكن مهما كانت الأسباب وراء غياب «العمل الفلسطيني المنظّم المشترَك» على الساحة الأميركية، فإنّ ذلك أصبح حالة سلبية خطيرة لا يجوز استمرارها، خاصّةً في مرحلةٍ أضحت فيها القضية الفلسطينية مُهمّشةٌ دولياً وعربياً، بينما تواصل إسرائيل الاستيطان والتهويد في الأراضي المحتلّة.
ومن الواجب أيضاً أن يقترن بناء «المؤسسة الفلسطينية» الفاعلة في أميركا، بتنسيقٍ مفقود حتّى الآن مع العديد من الشخصيات والهيئات الأميركية غير العربية (بما فيها أيضاً من شخصيات وهيئات أميركية يهودية)، التي تتحرك في عدّة ولايات دعماً للقضية الفلسطينية ورفضاً للاحتلال الإسرائيلي، لكنّها لا تجد الدعم الكافي من العرب والفلسطينيين في أميركا وخارجها.
حبّذا لو يسأل كلُّ فلسطينيٍّ في أميركا نفسه صباح كل يوم: كيف سأخدم قضيتي الوطنية اليوم قبل أيِّ قضيةٍ أخرى وقبل أي مصالح مهنية أو شخصية؟ عندها سيجد كل فلسطيني في أميركا ضرورة قصوى للتجمّع والتنسيق مع باقي الفلسطينيين، في مؤسسةٍ قد حان وقت ميلادها.
«يهودا والسامرة» ويهود بريطانيا
أهداف سويف عن الشروق المصرية
فى الأسابيع الماضية حدثان ضمن عملية الزحف الإسرائيلى المستمر على فلسطين والمقاومة الفلسطينية - والمتضامنة معها - لهذا الزحف. الحدث الأول: فى إطار زيارة الرئيس الأمريكى إلى إسرائيل فى ٢٠ مارس أعد «مجلس المجتمعات اليهودية فى يهودا والسامرة» - أى الهيئة المنظِّمة للمستوطنات التى يقيمها الإسرائيليون فى أراضى فلسطين المحتلة خرقا للقانون الدولى - والمعروف بـ «مجلس الييشا»، طبعة خاصة من كتيب من ٣٢ صفحة، عنوانه «يهودا والسامرة: يهودية، حيوية، واقعية» لإهدائه إلى أوباما. والكتيب يدعو بوضوح تام إلى ضم هذه الأراضى لإسرائيل، ويدلل على أهمية ذلك بالحجج والبراهين والإحصاءات والخرائط.
ويُرجع مجلس الييشا الأهمية الحيوية لضم الأراضى المحتلة إلى: متطلبات أمن إسرائيل، ضرورة انتصار إسرائيل فى الحرب على الإرهاب، ضرورة السيطرة على موارد المياه فى المنطقة، بدون ضم الضفة لا يمكن إتمام تهويد القدس. ويحصى المجلس ما استطاع المستوطنون إنشاءه حتى الآن فى الأراضى المحتلة فيقول: «٤ مدن، ١٣ مجلسا محليا، ١٥٠ مجتمعا (أى مستوطنة) يسكنها ثلاثمائة وستون ألف إسرائيلى ينتشرون فى ٢١٪ من كل الأراضى الواقعة غرب نهر الأردن، وتستعمل هذه المجتمعات ٣٪ من أرض يهودا والسامرة فى الجبال والوديان فيزرعون الكروم والزيتون والخضراوات والزهور النادرة فى اثنى عشر ألف فدان». ويستطرد فى وصف المنطقة مشيرا إلى أهميتها لدولة إسرائيل: «ترتفع الجبال هنا إلى ثلاثة آلاف وستين قدما فوق سطح البحر، ويرقد تحتها أكبر خزان للمياه الحلوة فى إسرائيل - خزان الجبل، الذى ينقسم إلى ثلاثة أحواض تمد دولة إسرائيل بـ ٥٠٪ من احتياجاتها من المياه. وفى يهودا والسامرة هناك ٢٠ حديقة وطنية ومحمية طبيعية تجتذب مليون سائح كل عام، وتدور أحداث ٨٠٪ من الأحداث التى يحكى عنها الإنجيل فى يهودا والسامرة التى تحتوى اليوم على ٤٥ مكانا مقدسا وأضرحة الخيِّريْن. ويعمل سبعة عشر ألف عامل فى زراعات وصناعات المنطقة، بينهم أحد عشر ألف عربى، وتنتشر أكثر من ثمانمائة أماكن للعمل فى ١٤ مركزا صناعيا وزراعيا فى يهودا والسامرة».
وبمقابل هذا الترغيب، يواجه الكتيب القارئ بالترهيب؛ الترهيب المعتاد من الإرهاب الفلسطينى والكراهية العربية، يضاف إليها الآن، وهذا مهم، «الربيع العربي». فإلى جوار صورة فوتوغرافية لميدان التحرير فى يناير ٢٠١١ (معنونة «بداية الثورة الإسلامية فى مصر») يقول النص: «دولة إسرائيل جزيرة من الاستقرار فى شرق أوسط مضطرب. إسرائيل هى الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة، تحوطها نظم شمولية تواجه الآن ثورات وتهديد بالراديكالية الإسلامية. حين تتفاوض إسرائيل اليوم مع البلاد حولها عليها أن تأخذ فى الاعتبار أن أى هدنة يتم الاتفاق عليها سوف تنتهك بعد سقوط النظام تاركة إسرائيل بوعود خاوية، وعدد أقل من الدعامات الاستراتيجية. ثورات الربيع العربى جعلت الشرق الأوسط أقل استقرارا.. والأحداث فى مصر وفى سيناء (!) تثبت أهمية الاحتفاظ بأصول تضمن أمننا بدلا من الاعتماد على معاهدات دولية لحمايتنا». وينهى مجلس الييشا الكتيب بالتأكيد والتوصيات التالية - بالبنط الثقيل:
نحن نؤمن أنه لتحقيق الحلم الصهيونى بعودة إسرائيل إلى أرضها وقيام دولة يهودية فى أرض إسرائيل، هناك عدد من الخطوات يجب على إسرائيل أن تتخذها:
تحقيق الحلم: خطة الخطوات التسع
١ - تجديد الإيمان القوى بالأحقية اليهودية فى الأرض وعدالة اتخاذ الإجراءات التى تضمن السيطرة عليها
٢ - توحيد الأمة وقيادتها
٣ ـ القوة العسكرية والسيطرة على المنطقة عن طريق الأجهزة الأمنية.
٤ ـ القضاء على الإرهاب وإنهاء التحريض فى المدارس الفلسطينية
٥ ـ خلق وضع يجعل من الواضح للمجتمع الدولى أن دولة جديدة غرب نهر الأردن لن تتمتع بمقومات الحياة.
٦ ـ هجرة إضافية لمليون يهودى إلى إسرائيل لضمان غلبة عددية دائمة لليهود فى إسرائيل.
٧ ـ مليون يهودى فى يهودا والسامرة - أى مضاعفة العدد الحالى ثلاث مرات.
٨ ـ إنشاء تجمعات سكنية كبيرة حول المجتمعات الموجودة حاليا فى يهودا والسامرة.
٩ ـ تنفيذ خطة بناء وتطوير وخطة اقتصادية للمليون ساكن فى يهودا والسامرة.
ملحوظة: لنذكر دائما أثناء القراءة ان «يهودا والسامرة» هى رام الله وبيت لحم والخليل ونابلس وجنين وطولكرم وجميع مدن وقرى وأراضى فلسطين التى احتلتها إسرائيل فى الـ٦٧.
الحدث الثاني: فى ٢٥ مارس أصدرت محكمة بريطانية تختص بالفصل فى نزاعات العمل حكما لصالح اتحاد الكليات والجامعات (يو سى يو) فى قضية رفعها المدرس السابق ومنسق حركة «أصدقاء إسرائيل فى أكاديميا»، رونى فريزر، يتهم فيها الاتحاد بالمعاداة للسامية - وهى التهمة المعلقة كسيف داموقليس على رقاب الناشطين فى القضية الفلسطينية فى الغرب. وفى جلسات الاستماع، التى استمرت لمدة أسبوعين فى نوفمبر الماضى، ادعى فريزر أنه قد عومل بعداء وبعدم حيادية أثناء نقاشات ومناظرات الاتحاد حول حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وأن هذا الجرح لمشاعره يعد تهجما عليه كيهودى. (وحملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل دعت إليها منظمات المجتمع المدنى الفلسطينى فى رام الله عام ٢٠٠٤ وتلقفها المتضامنون فى العالم فصارت الآن الوعاء الأكبر والأسرع نموا لحركات التضامن مع فلسطين فى جميع أنحاء العالم). قام بتمويل القضية بعض المنظمات البريطانية المساندة لإسرائيل، أما المحامى الذى قدمها وترافع لفريزر فيها فكان أنتونى جوليوس، وهو من أكثر المحامين شهرة فى بريطانيا (وكان المحامى الذى لجأت له الأميرة ديانا فى طلاقها) وأكثرهم دعما للمشروع الصهيونى، وقد أتى بشهود من أساطين المجتمع المناصر لإسرائيل مثل الكاتب هوارد جاكوبسون، فكان المشهد بمثابة قضية مرفوعة من المؤسسة الصهيونية فى بريطانيا وله وقع إعلامى كبير.
الأهمية الكبيرة لهذا الحكم الذى جاء فى صالح اتحاد العاملين فى الكليات والجامعات ترجع إلى عوامل عدة، منها الملاحظات التى سجلها القاضى فى حيثياته (الواقعة فى ٤٥ صفحة): «ان الإيمان بالمشروع الصهيونى والشعور بالارتباط بإسرائيل أو أى مشاعر مشابهة لا يمكن أن تعتبر صفات محمية (لا يمكن مهاجمتها)، فهى ليست جزءا مكونا فى يهودية الفرد»، و«نحن نشعر بالحزن الشديد لرفع هذه القضية أصلا، فهى - فى صميمها - محاولة - لا يصح السماح بها - للوصول إلى هدف سياسى عن طريق القانون»، «أستشعر فى رفع هذه القضية عدم اكتراث مقلق بالتعددية، والتسامح، وحرية التعبير»، و«يتحين على الناشط السياسى أن يتقبل احتمالات ان يسمع ما لا يحب وان تجرح مشاعره من حين إلى حين» - فبهذا حرر القاضى الاتحادات العمالية والمهنية المختلفة للنقاش والمناظرة والدعوة للمقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية لإسرائيل بدون خوف من الاتهام بالمعاداة للسامية، كما قام بعملية تمكين مهمة للمساندين للحق الفلسطينى من يهود بريطانيا وفجر نقاشا غاية فى الأهمية فى الأوساط اليهودية فى البلاد، كما أصر على رفع المسألة برمتها من المجال الدينى والقانونى وتثبيتها فى المجال السياسى. ومن الجدير بالذكر أن الدفاع قدم وثيقة، ممهورة بتوقيعات خمسين عضوا يهوديا فى الاتحاد، تثنى على الاتحاد وتنفى عنه أى شبهة معاداة للسامية، وهذا أيضا مما يساعد فى الإصرار على التعامل مع القضية من منطلق سياسى وليس من منطلق عرق أو دين أو هوية.
إذاً: هذا هو جزء من التفاعلات والصراعات العالمية التى تؤثر فيما يحدث فى مصر وفى سوريا. فمصر، بموقعها وحجمها وإمكانياتها، وثقلها التاريخى لها أكبر الأثر فى شكل الأوضاع وتطورها فى الأراضى المحتلة، وللأسف نستطيع أن نقول إن هذا الأثر كان إلى الآن أثرا سيئا، فحرب الـ٦٧ التى تورطت فيها مصر أدخلت إسرائيل إلى القدس ومدن الضفة، ومعاهدة كامب ديفيد جعلت من مصر وإسرائيل «شركاء» بأشكال مختلفة، وإدارة محمد حسنى مبارك وجماعته الفاسدة طورت هذه الشراكة وأدارتها لمصلحة إسرائيل وضد مصلحة الفلسطينيين - بل وضد مصالح مصر أيضا (وفى الواقع أن التهمة الشاملة التى يجب أن توجه لمبارك ونظامه هى «إدارة البلاد لصالح أعدائها»). وفى كل هذا لم تختلف مواقف مصر عن مواقف العالم: حكومات متواطئة لا تقف أبدا مع الحق، أفراد يعملون ما يمليه عليهم ضميرهم، ويحاولون ويحاولون أن يوسعوا رقعة هذا العمل، فيتسع إلى مجهودات مهنية، ثم حملات شعبية … وفى حالة مصر والمنطقة تتسع رقعة العمل إلى ثورات مجتمعية ترى أن خلاص البلاد وانصلاح أحوالها لا يتم إلا بانصلاح أحوال المنطقة وإرساء نوع من العدالة فيها كلها.
فى كل ما يحدث فى مصر الآن، وبالأكثر فى سوريا، هل تجلس إسرائيل على حدودنا ساكنة متأملة متمنية لنا الخير؟ الحدود تراب والنضال واحد.
هناك ما يفعله الفلسطينيون...
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
اليوم يظن كثيرون أن الوقت هرب من أيدي الفلسطينيين، وأن ليس لهم الا القبول بالأمر الواقع من استيطان وتهويد للمقدسات وطرد بالملايين من الوطن وحصار تلو الحصار وحواجز وجدران الفصل العنصري وتشويه المعالم لجغرافيا ملهمة ولديار شاهدة على حضارة الإنسان قبل حلول غزوة الهمج ورعاع البشرية من قطعان المستوطنين فاقدي الحس الإنساني او الانتماء للإنسانية الذين أعمتهم أساطير الشر عن رؤية ما يجمع بني الإنسان في إطار واحد.
ولكن ورغم كل ما هو موجود من شر، ورغم ان موجة الكراهية عالية، ورغم ان ظلال الشجرة الخبيثة تغطي المشهد كله، الا ان الشعب الذي حفر تحت الأرض سبلا ليجلب قوت أبنائه، متجاوزا حصارا فرضه عليه العدو بالأصالة والعدو بالوكالة.. هذا الشعب منبع الثورة ومصدر الصمود ومعدن البطولات لن يطول مكثه متأملا، بل سيبدع وسائل الهجوم الإنساني ليستعيد فلسطين من أنياب المشروع العنصري الصهيوني.
أبدع هذا الشعب الحيوي والذي استعصى على التحطيم والإلغاء فخرج بعد كل مجزرة أقوى شكيمة وأشد عزيمة.. لقد أصبح ميدانا للتجارب النضالية المتنوعة من حرب العصابات، إلى اقتحام الفدائيين، إلى انتفاضة الحجارة، إلى حفلات العمليات الاستشهادية والمظاهرات الشعبية والإضرابات الطويلة.. ومع هذا كله، لم يتنازل عن مقاعد الدراسة ونيل أعلى المستويات العلمية وأرقى الشهادات العالمية، كما لم يتسن لشعب من شعوب العرب والمسلمين.. واظهر مزيدا من الطاقات والخبرات الفريدة على مستوى الفكر والاقتصاد والسياسة فازدانت جامعات العالم الشهيرة بأساتذة متميزين من فلسطين، وسطعت أسماء فلسطينية في سماء الفكر والفلسفة والأدب من ادوارد سعيد إلى هشام شرابي إلى أبولغد والدجاني والخالدي وسواهم كثير.
وهذا ما يجعل قادة المشروع الصهيوني يصابون بالإحباط والانتكاسات بعد سنين من حربهم الضروس ضد الشعب الفلسطيني.. وعندما نستعرض نهايات قادة المشروع الصهيوني نتأكد من انتصار الشعب الفلسطيني وتحقيقه الضربة العميقة في قلب المشروع الصهيوني.. كيف انتهى بيڤن وموشي ديان وشامير وشارون وسواهم، حيث اصيبوا بالموت البطيء والإحباط والعزلة.. ثم موقف أبا إيبان وزير خارجية العدو الأسبق، وابراهام بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي وموشيه ارنس وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق وسواهم، حيث انتهوا إلى الإقرار بفشل المشروع الصهيوني.
وأصر الفلسطينيون ان يواجهوا الأكذوبة الصهيونية بمزيد من أدوات الإقناع بالفلسفة والحجة والتاريخ والأدب والسلوك الإنساني ضد العنصرية والجريمة والمؤامرة والدناءة التي يمارسها الصهاينة.. فكان ان حقق الفلسطينيون انتصارات إنسانية كبيرة جمعت إليهم همم الأحرار والشرفاء في العالم فكانت قضيتهم بحق هي عنوان الإنسانية والحرية والشرف الإنساني.
لدى الفلسطينيين عطاءات عديدة مفاجئة ولن تجف منابع الثورة.. ثورة الشعب الفلسطيني التي تلهبها أرواح الأحرار في السجون والمناضلين في الوطن الفلسطيني وخارجه ومعهم شرفاء وأحرار العالم.. وسيرى الجميع ان الموت ليس مصير الشعب، بل الانتصار.
حيفا… الزمن الجميل
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
تصادف هذه الأيام ذكرى سقوط مدينة حيفا في أيدي العصابات الصهيونية، فقبل 65 عاماً وتحديداً في 22- 23 نيسان/ابريل عام 1948 جرى احتلال هذه المدينة البطلة من قبل العصابات التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي في ما بعد. في هذه المناسبة كنت من بين المدعوين للاستماع إلى محاضرة من ابن مدينة حيفا وعاشقها المؤرخ الفلسطيني جوني منصور، الذي كرس كل حياته ونشاطه من أجل التأريخ لهذه المدينة في المناحي المختلفة، حاراتها، شوارعها، أسماء أحيائها وطرقها وكل أماكنها، بما في ذلك سكة الحديد فيها. لقد تعرّضت كل الأسماء العربية فيها إلى العبرنة في محاولة واضحة لشطب تاريخها وهويتها الوطنية العربية وماضيها الجميل. ولو استطاعت إسرائيل إخفاء اسمها وعبرنته لفعلت ذلك. محاضرة المؤرخ الفلسطيني تناولت مختلف جوانب الحياة في المدينة التي كانت منارة علم حضارية شملت الثقافة بمختلف فروعها، والصحافة، وتقدم الحياة الاجتماعية. حيفا شكّلت محجاً للمثقفين والفنانين والروائيين والصحافيين العرب لسنوات طويلة، في حيفا جرى إطلاق لقب ‘كوكب الشرق’ على سيدة الغناء العربي أم كلثوم بعد الحفلة التي أقامتها في هذه المدينة.
في الثلاثينيات وفي حيفا صدرت حوالي أربعين صحيفة ومجلة، من بينها اثنتان صدرتا باللغة الإنكليزية، وفيها تأسس أول اتحاد لعمال فلسطين بقيادة المناضلين سامي طه وأحمد اليماني (أبو ماهر). وقد أُنشئت المسارح والفرق التمثيلية المختلفة، وأقام الشعراء الفلسطينيون وبعض العرب أمسياتهم الشعرية على مسارحها.
حيفا مثّلت بمينائها واقتصادها الصناعي مركزاً للعمال من فلسطين والدول العربية المجاورة، وكانت بحق مصدر إشعاع حضاري كبير لكل المدن على الشواطئ المتوسطية ورغم كل ذلك يأتي المهاجرون اليهود إليها وفي أذهانهم (مثلما زرعت الصهيونية في عقولهم) أن فلسطين أرض خالية ليس فيها من جوانب الحياة شيء، رغم تقدمها.
يخط بنيامين نتنياهو في كتابه ‘مكان تحت الشمس′، أن فلسطين (أرض إسرائيل) كانت مثل صحراء خاوية، جاء اليهود إليها وقاموا بتعميرها ومن هذه النقطة يتساءل رئيس الوزراء الصهيوني: بالتالي أين هو الشعب الذي يسمى فلسطيني؟من وجهة نظره أن الشعب الفلسطيني تم اختراعه بعد عام 1976بعد أن قامت إسرائيل باستعادة ‘يهودا والسامرة’والأراضي التي هي ملك تاريخي لليهود. هكذا يفتئت الحاقد نتنياهو على التاريخ الحضاري لفلسطين.
لقد جذبت فلسطين وتحديداً حيفا والقدس، أنظار الحجاج المسيحيين، خاصة الأوروبيين وجذبت الرحالة، ومن هؤلاء فيلكس شميدت فابري الألماني الذي زار فلسطين بين عامي 1480-1483. وكذلك الفيزيائي الألماني ليونهارد راوخ فولف الذي زارها سنة 1575 ووصف طبيعة تضاريس المنطقة وضمّن تقريره تصنيفاً مفيداً للنباتات والأشجار التي كانت تنمو على الأرض الفلسطينية. يقول الروائي الكبير نيكوس كازنتزاكي في مقالاته التي نشرت عام 1927 في كتابه ‘ترحال’ عن مشاهداته في فلسطين: ‘دلفت إلى داخل مسجد عمر في القدس وأنا مفتون مسحور، كانت الأحرف العربية مجدولة كالأزهار’. وعن أريحا وحيفا يكتب: ‘تراها (أريحا) تتبسم لك كواحة من أشجار أمام بساتين الرمان المزهرة، وأشجار الموز والتين، وكلها محاطة بسياج من أشجار النخيل الطويلة الرشيقة، وتستمتع بالأشعة الكونية الجذابة، ذلك المنظر البهيج نفسه يقابلك في حيفا، فترى البحروالساحل والجبل في تناغم موسيقي جميل، وترى بساتين الرمان المزهرة والمتجددة وبساتين أشجار البرتقال والليمون’. هذا غيض من فيض نستشهد به لواقع فلسطين وحيفا قبل مئات السنين.هذه التي يقول عنها نتنياهو’: بأنها كانت خراباً’.
حيفا كانت ميناءً لتصدير الحمضيات في القرن الثامن عشر منذ عهد ظاهر العمر، الذي أقام سلطته في مناطق عديدة في شمال فلسطين، وبعض المناطق الأخرى، وعقد اتفاقيات تجارة مع العديد من الدول الأوروبية. حيفا شكّلت مركزاً لبعثات ألمانية وروسية وأخرى أوروبية عديدة، ولو لم تكن متقدمة في كل جوانب الحياة لأهملها التاريخ، ولما أتى إليها أحد.
شكّلت حيفا نقطة انطلاق للعمارة ليس في فلسطين فحسب وإنما في المنطقة العربية بأكملها، فلم تكتف بالجوانب الثقافية الحضارية والثقل الاقتصادي، بل شكّلت أيضاً محطة لتطور الحرف والأزياء والفنون المختلفة. هذه هي حيفا، وهكذا كانت فلسطين في العصور الخوالي. يحاول الكيان الصهيوني محو هذا التاريخ، بإهماله المتعمد للمناطق وللآثار والحارات والمواقع العربية، تماماً كما يفعل في عكا ويافا وكافة المدن الفلسطينية الأخرى في منطقة 1948، فممنوع على العربي إصلاح بيته المتداعي، انها دعوة علنية إسرائيلية لفلسطينيي منطقة 1948 لترك بيوتهم والرحيل إلى المناطق التي تأسست في الزمن الإسرائيلي الأسود. الكثير من المواقع في المدن الفلسطينية مهددة بالزوال والاندثار نتيجة لمنع إسرائيل ترميمها.
كما يجري الاستيلاء على الكثير من هذه المواقع تحت حجج مختلفة.
سقوط مدينة حيفا كانت مؤامرة مشتركة بين العصابات الصهيونية وقوات الاحتلال البريطــــانية، فقد أطبقت قوات هذه العصابات على الأحياء العربية، ودعت ناسها الى الخــــروج من بيوتهم تحت طائلة القتل (ومن لم يخرج قامت باخراجه بالقوة بعد قتل بعض أفــــراد العائلة) لقد جرى إغــــلاق كافة المــــداخل من قبل القوات البريطانية (وذلك منعاً لدخول أية مساندة من القرى العــــربية المحيطة بالمدينة) وسط مقاومة باسلة من المقاومين الفلسطينيين والعرب المؤازرين، ولكن بأسلحة قليلة (لا تتجاوز البنادق القديمة).
كان هذا في الوقت الذي قامت فيه إسرائيل بالعديد من المجازر في فلسطين (ومنها مجزرة دير ياسين في 9 نيسان/ابريل 1948) خاصة في منطقة الشمال.
هذا في ظل تسليح القوات البريطانية للإسرائيليـــــين. أسالت العصابات الصهيونية، البترول في الطرق المؤدية إلى الأحياء العربية وأشعلت فيــــها النيران، باستثناء المنافذ المؤدية إلى البحر، في الوقت الذي جُهزّت فيه قوارب حملت الفلسطينيين إلى الشواطئ العربـــية في لبنان وسورية.
هكذا سقطت مدينة حيفا وأُجبر أهلوها على مغادرتها. حيفا مثّلت انطلاقاً لثورة الشهيد العربي السوري الشيخ عز الدين القسام وفي جوامعها بنى هيكيلية تنظيمه. حيفا كانت أيضاً مركزاً للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني ومن قبله ضد الحكم الاستعبادي العثماني.
حيفا مدينة جميلة مثل كل المدن الفلسطينية، خاصة الشاطئية منها، شكل اليهود في أواخر القرن التاسع عشر ما نسبته 6′ من سكانها، وبعد عام 1948 أصبحوا الأغلبية فيها.
أهلها مثل كل فلسطينيي منطقة عام 1948 يعانون تمييزاً عنصرياً صهيونياً سافراً. يقفون الآن بكل ما أُعطوا من قوة للحفاظ على عروبتها بكافة السبل والوسائل المتاحة: ماضياً وتاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، ومن بينهم المؤرخ المبدع جوني منصور، الذي قدّم محاضرة قيمّة عن مدينته ومدينة كل الفلسطينيين والعرب. حيفا هذه التي لن ينساها فلسطيني أو عربي من المحيط إلى الخليج. حيفا سيجري تحريرها إن آجلاً أو عاجلاً مثل كل الأرض الفلسطينية، وستعود إلى أهلها وإلى ماضيها الجميل، سيرحل الصهاينة عن ترابها مثل كل الغزاة المستعمرين من قبلهم، وستعود فلسطينية عربية مثل كل أرض فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر.
توقيت صواريخ ايلات
رأي القدس العربي
تحتفل اسرائيل هذه الايام بذكرى ولادتها، الذي يعني بالنسبة الى مئات الملايين من العرب والمسلمين اغتصاب الارض الفلسطينية وتشريد الملايين من ابناء شعبها في المنافي ودول الجوار.
ومن هنا لم يكن من قبيل الصدفة ان تطلق جماعة جهادية سلفية (مجلس شورى المجاهدين) صاروخين باتجاه ميناء ايلات (ام الرشراش). ما زال الجدل دائرا عما اذا كان هذان الصاروخان اطلقا من قطاع غزة او من شبه جزيرة سيناء.
مجلس شورى المجاهدين الذي يعتبر واحدا من اهم الجماعات الجهادية في قطاع غزة، قال في بيان اصدره ‘تمكن اسود المجاهدين في اكناف بيت المقدس من استهداف مدينة ام الرشراش المحتلة (ايلات) بصاروخين من طراز غراد صباح الاربعاء كرد اولي على استمرار معاناة الاسرى المستضعفين في السجون الاسرائيلية وعلى وفاة الاسير الفلسطيني ميسرة ابو حمدية، وقتل الجيش الاسرائيلي شابين من طولكرم في مظاهرة احتجاج على وفاته’.
الجماعة الجهادية لم تقل في بيانها من اين اطلقت هذين الصاروخين، لكن، وبالنظر الى احداث مماثلة، من المرجح ان تكون قاعدة الاطلاق سيناء، رغم ان الجيش المصري ما زال يحقق لمعرفة ما اذا كان الصاروخان قد اطلقا من سيناء. ولا نستبعد ان تطول هذه التحقيقات لتجنب الاعتراف بالحقيقة.
الجانب الاسرائيلي تجنب توجيه اي لوم للسلطات المصرية، واكد ان التنسيق الامني مع ‘الجار’ المصري افضل مما كان عليه الحال في السابق، بينما رد بيان صادر عن رئاسة الجمهورية بتأكيد هذه الحقيقة، والاشارة الى ان مصر ضد الاعتداء على اي دولة اخرى بالصواريخ او غيرها.
هذا الحرص المتبادل من الجانبين المصري والاسرائيلي على عدم تبادل الاتهامات، وبالتالي الصدام، يعكس حجم الحرج الذي يعيشانه حاليا، جراء حالة الفلتان الامني في جزيرة سيناء وتحولها بشكل متسارع الى ‘دويلة’ شبه فاشلة تتآكل سيطرة الحكومة المركزية عليها بمضي الايام.
صحيح ان الصاروخين سقطا في منطقة غير مأهولة، ولم يتسببا بأي اضرار بشرية او مادية، ولكن اثرهما النفسي اخطر بكثير من خطرهما البشري والمادي، لان القبة الحديدية التي يعول عليها الاسرائيليون كثيرا لحمايتهم، وانفقوا مليارات الدولارات، نسبة كبيرة منها قادمة من امريكا، فشلت في التصدي لهما وتدميرهما قبل الوصول الى اهدافهما.
استهداف ايلات او ام الرشراش، استهداف مقصود، لان هذه المدينة تعتبر، وفي مثل هذا التوقيت، الوجهة الاساسية للسياح اليهود القادمين من مختلف انحاء العالم، والسياحة وانعدام الامن لا يلتقيان ابدا تحت سقف واحد.
اسرائيل نعمت باكثر من ثلثي عمرها بسبب هدوء جبهة سيناء، وخروج مصر من دائرة الصراع العربي ـ الاسرائيلي من بوابة كامب ديفيد، وعودة السخونة الى هذه الجبهة مجددا سيشكل القلق الاكبر لحكام تل ابيب ولكل اليهود في فلسطين المحتلة.
هذان الصاروخان افسدا الاحتفالات الاسرائيلية بالذكرى الخامسة والستين لقيام دولة اسرائيل، مثلما افسدا على بنيامين نتنياهو مشاركته في حفل تأبين السيدة مارغريت ثاتشر، حيث كان من بين الفي مدعو شاركوا فيه من مختلف انحاء العالم.
من المؤكد ان الهدوء الذي نعمت به اسرائيل منذ اربعين عاما تقريبا، وبالتحديد منذ حرب اكتوبر عام 1973 مرشح للتبخر بطريقة متسارعة، بسبب حالة عدم الاستقرار في المنطقة العربية حاليا، فجبهة الجولان مرشحة للتسخين بعد جبهتي سيناء وغزة، ولا نستبعد ان تكون جبهة الاردن تسير على الطريق نفسه، فماذا سيفعل المقاتلون السلفيون في سورية بعد عودتهم الى الاردن، هل سيلعبون الورق (الكوتشينة)؟
صاروخان على إيلات: سيناء المعقّدة و«القبة» العاجزة
حلمي موسى عن السفير
للمرة السابعة في السنوات الثلاث الأخيرة تتعرض مدينة إيلات على خليج العقبة لهجوم صاروخي من شبه جزيرة سيناء. وقد أعلنت جماعة سلفية قريبة من تنظيم «القاعدة» تدعى «مجلس شورى المجاهدين» مسؤوليتها عن إطلاق صاروخين، بل ووزعت شريطاً مصوراً عن الإطلاق. وتؤمن جهات أمنية واسعة في إسرائيل أن المواجهة الإسرائيلية في سيناء هي الأشد تعقيداً بسبب ارتباطها بالوضع العام في مصر ومعاهدة السلام القائمة بين الدولتين.
والواقع أن إطلاق صاروخين على إيلات لم يشكل مفاجأة كبيرة. وعدا عن أن هذه هي المرة السابعة التي تطلق فيها صواريخ على إيلات، فإن إسرائيل تباهت في الأسبوعين الأخيرين بأنها نشرت بطارية «قبة حديدية» في المدينة لحمايتها من الصواريخ بعدما باتت تعتبرها، ولو ضمنا، منطقة مواجهة. وفور إعلان خبر سقوط الصواريخ على إيلات، جرت الإشارة إلى أنه سبق ذلك توفر معلومات استخبارية عن نية جهات معادية إطلاق صواريخ على المدينة. وتساءل كثيرون عن كيف أنه وبرغم المعلومات المسبقة المشار إليها، وبرغم نشر بطارية «القبة الحديدية»، لم يحدث اعتراض لهذه الصواريخ التي بالصدفة لم توقع خسائر في الأرواح أو أضراراً مادية برغم سقوطها داخل مناطق مأهولة. وقد أوقفت إسرائيل عمل مطار إيلات الحيوي على الأقل لمدة ساعة بعد إطلاق صافرات الإنذار في المدينة. وقررت إبقاء الملاجئ مفتوحة تحسباً لتطورات غير متوقعة.
لقد قاد نشر منظومة «القبة الحديدية» في إيلات إلى تساؤلات حول ما إذا كان دم «الإيلاتيين» أشد زرقة من دماء باقي الإسرائيليين. فالمخاطر على المناطق المحاذية للحدود مع قطاع غزة أو مع لبنان وحالياً مع سوريا أشد بكثير من المخاطر على إيلات. فلماذا اختارت إسرائيل نشر واحدة من خمس بطاريات هناك؟ ويرد أنصار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن إيلات هي المدينة الوحيدة في إسرائيل التي تعتاش على السياحة الداخلية والخارجية، وأن ضرب الهدوء فيها يعني إطلاق رصاصة قاتلة على المدينة. وأعلن رئيس بلدية إيلات مئير اسحق هاليفي أن «مدينة تقوم على السياحة لا يمكنها أن تسمح لنفسها بتلقي صواريخ. هذا مساس شديد جداً بوريدنا الاقتصادي المركزي». وإضافة لذلك فإن إيلات هي المدينة الوحيدة، التي تتسم بطابع إستراتيجي مميز ليس فقط لأنها المخرج الضيق الوحيد إلى خليج العقبة والبحر الأحمر، وإنما لأنها الأقرب جداً إلى حدود ثلاث دول هي مصر والأردن والسعودية.
ولأن الأمر كذلك تساءل كثيرون عن معنى فشل منظومة «القبة الحديدية» في اعتراض هذه الصواريخ، ولم يتقبلوا التبريرات التي طرحت سواء لصعوبة الوضع الجغرافي ـ ضيق القطاع الساحلي لإيلات بين الحدودين المصرية والأردنية ـ أو لأسباب فنية تتعلق بحداثة البطارية وعدم اكتمال الاختبارات عليها. ولكن كل التبريرات لم تغط الإحساس بالعجز، الذي نبع ليس فقط من سقوط الصواريخ، وإنما كذلك من الإيمان بضعف أو انعدام القدرة الردعية الإسرائيلية في سيناء. صحيح أن الإسرائيليين يتحدثون عن تحسن التنسيق الأمني مع الجانب المصري الذي يبذل جهوداً كبيرة لمنع تهريب الأسلحة أو استيطان عناصر «الجهاد العالمي» في سيناء، ولكن اختبار النتيجة يشير إلى تعاظم المخاطر.
ولاحظ المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن إسرائيل تواجه مصاعب في سيناء تنبع ليس فقط من ضعف المعلومات الاستخبارية، وإنما أساساً من غياب القدرة على ترسيخ ردع في مواجهة الجماعات الجهادية. فهذه الجماعات لا تمتلك عناوين، ولا مرتكزات يمكن تهديدها باستهدافها. ويخلص إلى أن صواريخ إيلات تشير إلى علائم الزمن الراهن: «إنها شهادة على فترة غير مستقرة، غدت فيها التعابير القديمة عن الردع، الإنذار وموازين المصالح المتبادلة غير صالحة بالقدر الذي كانت فيه طوال السنوات السابقة».
وكانت جماعة «مجلس شورى المجاهدين» قد نشرت شريطاً مصوراً لإطلاق الصواريخ، وأصدرت بياناً قالت فيه إن العملية تأتي في إطار «نصرة الجهاد للأسرى المستضعفين» في «سجون اليهود»، خصوصاً بعد استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية. وتجدر الإشارة إلى أن أمس كانت الذكرى السنوية الـ39 لـ«يوم الأسير» في المعتقلات الإسرائيلية. وأكدت الجماعة أنها استهدفت إيلات بصاروخين من طراز «غراد» صباح أمس، ثم «انسحبت بأمان».
وبرغم أن الموقف المصري تحدث في البداية عن إنكار إطلاق الصواريخ من سيناء، إلا أنه عاد وأشار إلى أن الأمر موضع تحقيق، وأن طواقم فنية أرسلت للتحقيق، فيما أعلنت الرئاسة المصرية أن التنسيق الأمني قائم مع إسرائيل. وشنت أجهزة الأمن المصرية بعد ذلك حملات تفتيش في المناطق المحاذية للحدود مع إسرائيل، في حين نصبت الشرطة حواجز على الطرق الرئيسية في سيناء.
إسرائيل تشن حرب الخليج المقبلة!
عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
في تل أبيب يحسبون تكاليف الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، إن قرروا المضي وحدهم في المغامرة. يقولون وصل إليهم التزام أميركي بدفع أكثر من مائتي مليون دولار لتمويل النظام الدفاعي المسمى بالقبة الحديدية، الذي يحمي من الهجمات الإيرانية وغيرها، فيه كل بطارية ستكلف خمسين مليون دولار، وكل صاروخ اعتراضي ثمنه أربعون ألف دولار.
والأهم من قراءة فاتورة المشتريات هو ما صرح به رئيس الأركان الإسرائيلي الذي أكد أن القوة الإسرائيلية وحدها قادرة على شن الهجوم على المنشآت النووية في إيران. وعندما سئل فيما إذا كان للجيش الإسرائيلي قدرة على مهاجمة إيران وحده كرر إجابته: «قطعا، نعم». كلامه موجه إلى الإيرانيين، وحتى الأميركيين، بعد فشل المفاوضات الأخيرة. فإيران ماضية للنهاية في مشروعها كما قال متحديا رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي: «لن نتعب من هذه المفاوضات، ونحن على يقين بأن هذه المفاوضات ستؤدي إلى قبول الدول الغربية لإيران دولة نووية». إن إسرائيل تهدد الإيرانيين وتحذر الأميركيين الذين يصرون على خيار التفاوض من أن المفاوضات طالت بلا طائل. ويخشون أنها ستطول حتى يبلغ النظام في طهران مرحلة امتلاك السلاح النووي الذي يستحيل بعده الاشتباك معه عسكريا.
السؤال: هل علينا أن نخاف من صراع إيراني إسرائيلي؟ نعم، لأن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية المحصنة قد ترد بإطلاق النار على كل ما هو أمامها؛ القوات الأميركية في الخليج والدول الخليجية بالتأكيد، مع أننا لن ندري عن الهجوم إلا من مطالعة التلفزيون. وسيتسبب الإسرائيليون في حرب أطول مما تخطط له وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأكبر من الحروب التي شهدتها المنطقة. طبعا هذا احتمال، والاحتمال الآخر أن يكون الهجوم الإسرائيلي ماحقا يعجز الإيرانيون عن الرد عليه، ويكتفون بالتهديد والوعيد، ويصبح مشروعهم النووي من التاريخ. لا يمكننا النوم على الاحتمال الثاني، الأقل ضررا، لأن كل الحروب التي عرفناها بقيت مضاعفاتها مدمرة، وعمرها أطول مما قدر له من قبل مشعليها. وفي نفس الوقت لا يعقل أن يستيقظ العالم وإيران قوة نووية، لأننا نعرف جيدا أنها لن تتورع عن استخدامها لتهديد دول الخليج والعالم. والمشكلة ليست في السلاح النووي بحد ذاته، لأن باكستان في عام 1998 أجرت خمسة تفجيرات نووية أكدت حيازتها للقوة النووية، إلا أنها لم تكن تمثل خطرا على أحد، ومشروعها جاء للتوازن النووي مع عدوها الهند التي سبقتها بامتلاك السلاح النووي ببضعة أسابيع. أما إيران، مثل كوريا الشمالية، فلا يمكن التنبؤ بتصرفاتها إن كانت تنوي الهجوم على السعودية أو إسرائيل أو أوروبا. وحتى لو لم يضغط المرشد الأعلى علي خامنئي على الزر النووي فإن إيران ستستخدم سلاحها النووي لابتزاز دول المنطقة، وستفرض تعليماتها عليهم بدءا من البحرين، ولن يستطيع بلد طلب العون الخارجي في حال مهاجمته بالأسلحة التقليدية لأن السلاح النووي رادع بذاته ضد أي تدخل خارجي!
ومع أن الإسرائيليين يدركون أن ترسانتهم النووية الهائلة قادرة على دك إيران ردا على أي هجوم نووي إيراني، ويفترض أنه يردع شخصا مثل الرئيس نجاد أو المرشد الأعلى من التفكير في الهجوم على إسرائيل، لكن هذا النمط من توازن الردع يصلح لدول تقودها قيادات متعقلة. حتما لا يمكننا التنبؤ بتصرفات قيادة طهران إلا من خلال سجلهم السيئ في تمويل الأعمال الإرهابية والنزاعات. حتى المرشح الرئاسي مشائي، الذي يفضله الغرب والخليجيون على بقية السياسيين، من المؤمنين المتعصبين لعودة الإمام المهدي بما تعنيه الكلمة دينيا من الاستعداد للتضحية في سبيل عودته. بعدا هذا كيف يمكن الوثوق بإيران نووية؟
هل يخلع الإبراهيمي العباءة العربية عن مهمته السورية؟
خلافات خليجية تحبط مخططاً قطرياً لخطف أمانة «الجامعة»
محمد بلوط عن السفير
الثأر في نيويورك لما جرى في الدوحة والقاهرة، أو الصدام بين وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم وسياسة الاستحواذ على الجامعة العربية ومبعوثيها وبين الديبلوماسي الجزائري العتيق الأخضر الإبراهيمي والنزعة الاستقلالية. الإبراهيمي حاول التخفف من عبء تمثيل جامعة العرب وتنفس الصعداء، والاكتفاء برسالة بان كي مون إلى الرئيس السوري بشار الاسد والعواصم الأخرى للعودة بها مرة أخرى إلى العملية السياسية بعنوان وحيد ومقبول: الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا فحسب، من الآن فصاعداً. أما المبعوث «العربي» الإبراهيمي فإلى ركن منسي، مع صفعة ديبلوماسية لم يسبق أن وجهها مبعوث دولي من عيار الأخضر الإبراهيمي إلى الجامعة العربية.
هذه الأخيرة كادت أن تتعرّض في الساعات الأخيرة، مع إدارة الديبلوماسي الجزائري المخضرم ظهره لها، إلى خسارة معنوية فادحة لم يسبق لمنظمة إقليمية بحجمها ومكانتها، دخلت بشراكة مع الأمم المتحدة، أن شهدتها. وبهذه الصفعة الاستقالة، يواجه كذلك محور الدوحة اسطنبول - الرياض والأمانة العامة للجامعة العربية الردّ العربي (القاسي) الوحيد، من دون إرادة من الإبراهيمي ربما، على تكريسه «الائتلاف» ممثلا لسوريا في قمة الدوحة، من دون حسبان مخاطر موقف تكليفه (الإبراهيمي) بوساطة دولية فيما يعلن أطرافه الحرب وينحازون للخيار العسكري، ويدعون من شاء لتسليح المعارضة بينما هو يدعوها في جنيف وبرلين ولندن إلى الحوار.
وبتصريح صحافي ينهي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أسبوعين من توقعات متضاربة حول المدى الذي سيذهب إليه الأخضر الإبراهيمي في الاحتجاج على الطعنة التي وجهها القطريون والأتراك والسعوديون والمحور الخليجي في قمة الدوحة لمبعوثيته العربية والدولية، وما إذا كان سيلقي بعيداً عن كاهليه بشقي المهمة الدولي والعربي معاً أو يرجح الدولي منهما إذا ما قرر البقاء. فمنذ اعتراف الجامعة العربية بـ«حكومة الائتلاف» أضحى صعباً على الإبراهيمي الجمع بين المبعوثية العربية والأممية، لأنه من غير الممكن مبدئياً، الجمع بين العمل على قيام حكومة انتقالية كما تنص مرجعية جنيف، وبين تمثيل مجموعة كالجامعة العربية تقيم وتؤيد «حكومة مؤقتة» تسيطر على قسم من سوريا، وتعارض في السياسة والتسليح حلّ الحكومة الإنتقالية الذي كلفته الأمم المتحدة وضعه حيّز التنفيذ. وحتى مساء أمس حاول بان كي مون إعادة ساعة الإبراهيمي إلى الوراء، مؤكداً التسريبات عن نية الإبراهيمي التخلي عن مبعوثيته العربية ورافضاً في الوقت ذاته فصم الشراكة بين الجامعة العربية والأمم المتحدة في سوريا، متمثلة حتى الساعة بمهمة الإبراهيمي. ووصف بان كي مون فكرة تخلي الإبراهيمي عن المبعوثية العربية والبقاء مبعوثاً أممياً حصرياً بالقول إن الإبراهيمي كان وسيبقى ممثلاً خاصاً ومشتركاً للجامعة والأمم المتحدة.
وكانت الأمم المتحدة قد بدأت في العقد الأخير سياسة شراكة ديبلوماسية مع المنظمات الإقليمية كالجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ومجلس التعاون الخليجي لحل الأزمات في دارفور والصومال واليمن ومالي وغيرها، وتشكل مبادرة الإبراهيمي في سياقها نكسة كبيرة. ولكنه من غير المستبعد أن يلجأ الابراهيمي إلى الإستقالة كلياً، بسبب المرارة الكبيرة التي يعانيها جراء المواقف القطرية بشكل خاص، كما أنه ليس من المستبعد أن تفضل الأمم المتحدة الإبقاء على شراكتها مع الجامعة العربية والطلاق مع الإبراهيمي مع قناعة أممية أن الجامعة العربية تعطل العمل الأممي، وهي قناعة تدعمها روسيا بشكل خاص. ويُذكر أن اسم مدير مكتبه الدمشقي مختار لماني، وهو ديبلوماسي مغربي محترف، بات يطرح في الساعات الأخيرة لخلافته إذا ما قرر الإبراهيمي الذهاب حتى النهاية، ولم يستطع الاحتفاظ بالمبعوثية الأممية كما يرغب.
ورفض الإبراهيمي محاولات قام بها الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لثنيه عن قراره الاستقالة من مبعوثيته العربية في الساعات الأخيرة، تخللها نفي أن يكون العربي قد تلقى أي استقالة من الإبراهيمي. وقال مصدر ديبلوماسي عربي لـ«السفير» إن الإبراهيمي جاء إلى القاهرة وأبلغ الجامعة العربية بعد مؤتمر الدوحة مباشرة رغبته بالتخلي عن تكليفه بمبعوثية الجامعة العربية للتفرغ للعمل للأمم المتحدة. وأبلغ الإبراهيمي العربي أنه يقوم بذلك بعد تشاوره مع الأمين العام للأمم المتحدة، ما يعني أن الأمانة العامة للأمم المتحدة كانت تشاطره الرأي في تعطيل الموقف العربي، من الآن فصاعداً، للمهمة الدولية. وقال المصدر العربي إن «الإبراهيمي بات يدرك أن الأمين العام للجامعة العربية رجل ضعيف، لا يمكن التعويل عليه، وقد أصبح دمية بيد القطريين الذين يستخدمونه لتنفيذ سياستهم السورية في الجامعة العربية وهو عاجز عن مقاومة طلباتهم».
وفي السادس من نيسان الماضي، عاد مبعوث الإبراهيمي إلى دمشق مختار لماني، عبر بيروت، في زيارة هي الأخيرة للقاء المسؤولين السوريين بعدما كان مكتبه قد أغلق لأسباب أمنية أسابيع مضت. ويبدو أن السوريين كانوا على اطلاع باتجاه الإبراهيمي إلى إحياء مهمته بالتخلي عن حقيبته العربية، وقد شكلت الزيارة محاولة لترميم العلاقات مع السوريين الذين شنوا حملة واسعة على الإبراهيمي رداً على مجموعة من المواقف اعتبروا فيها أنه خرج بها عن إطار مهمته وحيادها.
كما أبلغ الإبراهيمي الجامعة العربية أن لماني قد يصبح قناة الاتصال الأخيرة مع دمشق إذا ما رغبت، وهو على اطلاع واسع بكافة التطورات الداخلية، ولكن تكليفا عربياً لم يصدر حتى الآن بشأنه.
وكان القرار العربي في الدوحة قد أجهز على كل محاولات الحل السياسي بنظر الإبراهيمي، وأدى إلى إضعافه إزاء الأمم المتحدة، وشركائه الروس بشكل خاص. إذ أغلقت بوجهه طريق موسكو، المستاءة من الموقف العربي وانحيازه إلى خيار المعارضة المسلحة بأي ثمن. وعليه، أصبح إخراج الجامعة العربية والقطريين من حيّز الوساطة ونزع شراكتها مع الأمم المتحدة شرطاً روسياً لكي يستعيد الإبراهيمي المدد الديبلوماسي الروسي. وأصبح عسيرا عليه المضي في مهمته من دون الدعم الروسي الحيوي لبيان جنيف، ولبقائه في منصبه وهو ما خبره في تغييبه في الأشهر الأخيرة عن الملف السوري، بل وتجاهله في البيانات الدولية عنها، لاسيما بيان دول «البريكس» في جنوب أفريقيا، قبل أن يبعثه من الغيبة بيان وزراء خارجية الدول الثماني في لندن الأسبوع الماضي. كما أنه لم يُقيّض للإبراهيمي أن يلتقي أيا من وزير الخارجية سيرغي لافروف أو مساعده ميخائيل بوغدانوف، منذ كانون الثاني الماضي، وهو ما اضطره إلى مصارحة الكثيرين من الديبلوماسيين عن ضيقه بالمهمة وشعوره بالضجر، من دون أن يفكر بالتخلي عن منصبه جديا. وعانت العملية السياسية من تجميد روسي مع الأميركيين بعد أربعة اجتماعات متتالية أحيت الأمل بتفاهم عليها. وكان الروس قد أرسلوا إشارات عديدة تفصح عن تفضيلهم، العودة إلى صيغة تنزع الغطاء الدولي عن الجامعة العربية، إزاء حقيقة أن أكثر الاجتماعات المتعلقة بسوريا، لم تعد تعقد في القاهرة وإنما في الخارجية القطرية مباشرة، تحت إشرافها، وأن الإبراهيمي لم يعد لاعبا مهما.
وكان الإبراهيمي قد اصطدم منذ بداية تكليفه الصيف الماضي بالمبعوثية المزدوجة بالقطريين وسيطرتهم على اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا، عندما رفض استدعاء حمد بن جاسم له إلى فندق «الفصول الأربعة» في القاهرة في شبه إملاء للديبلوماسي المخضرم، الذي رد بتوجيه دعوة للاجتماع في مقر الجامعة العربية. ومنذ البداية، كان الإبراهيمي يشتبه بوجود رهان عسكري عربي وشكك لدى مقربين بوجود نوايا قطرية وعربية لاستخدامه لتمرير الوقت وفرض الوقائع على الأرض. كما اشتكى من انعقاد معظم اجتماعات الجامعة بشأن سوريا في الدوحة وليس في مقر الجامعة العربية في القاهرة، بإشراف الخارجية القطرية. وهكذا كان الإبراهيمي يفضل أن يقتصر تكليفه على رسالة بان كي مون في الأمم المتحدة، فضلا عن أن دمشق نفسها، لم تأخذ على محمل الجد مبعوثيته العربية، ولم تقبل أن تستقبل مساعده ناصر القدوة المعين مبعوثا عربياً.
ويُعدّ مجرد رمي الإبراهيمي بالمبعوثية العربية جانباً صفعة للقطريين بشكل خاص، لأنه يقتصر على التخلي عن الشق العربي وحده من دون الدولي، ما يشير بوضوح إلى أن الإبراهيمي يتهم العرب بعرقلة مهمته. كما أن التوقيت الذي قام بتقديمه أربعا وعشرين ساعة على الموعد الأساسي للتقرير الذي كان عليه أن يقدمه مساء اليوم، وليس أمس، يعمق هذا الاتهام، وينزع عن الجامعة العربية شرعية تمثيل موقف عربي جامع. وقبل أيام من تقدمها أمام الجمعية العامة بطلب التصديق على قرارت الدوحة، وتسليم مقعد سوريا في الأمم المتحدة لـ«الائتلاف»، يقوم مبعوثها العربي الجزائري بردّ علمها وعناوينها ورفض تمثيلها، مثيراً سجالاً مشروعاً حول حقيقة موقفها من الحل السياسي في سوريا، رافعاً الغطاء عن خلافات داخل المجموعة العربية، وهيمنة محور إقليمي فيها على سياسات الجامعة وتوجهاتها على حساب المجموعات العربية الأخرى. وتعيد الاستقالة من المبعوثية العربية وحدها الإبراهيمي إلى المربع الأميركي - الروسي الأول، حيث من المنتظر أن يدفع ذلك الروس إلى مساعدته على تليين موقف دمشق منه، ودفعها إلى استقباله قريباً، وإحياء مهمته وعودته إلى العمل على خط دمشق ــ موسكو ــ واشنطن.
ويفصح قرار الإبراهيمي أيضا عن إدراك لتحول موقف الجامعة عبئا كبيرا على العملية السياسية، وان الجامعة العربية بقيادة تركية ــ قطرية ــ سعودية أصبحت جزءا من المشكلة وطرفا في الخنادق السورية، وليست جزءا من الحل أو طرفا يمكن للإبراهيمي أو غيره أن يتحمل ثقل تمثيله.
وقد تزامن خروج الإبراهيمي من عباءة الجامعة العربية، مع احتمال اندلاع أزمة تشهدها المؤسسة العربية الأكبر حول تجديد أمانتها العامة. ويقول مصدر ديبلوماسي عربي لـ«السفير» إن الأمين العام الحالي للجامعة العربية لن يكمل ولايته، وسيقوم بتقديم استقالته في الثاني والعشرين من أيار المقبل، مع قضائه عامين في الأمانة العامة. وبحسب المصدر العربي، يشعر الأمين العام أنه لم يعد قادراً على الاستمرار في تولي منصبه الحالي لأسباب صحية، وبسبب الضغوط السياسية الكبيرة التي يتعرض لها في الملف السوري وشعوره بأنه تعرض للاستغلال من قبل القطريين وغيرهم. ويبقى العربي حتى أيار لإنجاز مجموعة من الملفات من بينها ملف يتعلق بلقاء مع أوباما نهاية الشهر الحالي.
وكانت استعدادات قطرية تقضي بالقفز على موقع الأمانة العامة للجامعة العربية بمجرد استقالة العربي من منصبه. ووفق السيناريو المتفق عليه منذ العام الماضي، كانت دول الخليج قد توافقت على ترشيح عبد الرحمن العطية، وهو وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري لخلافة العربي، ولكن الملف السوري أعاد خلط الأوراق القطرية، وخرّب حسابات الإمارة الصغيرة لتزعم أكبر منظمة إقليمية عربية في أحرج الأوقات، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الجامعة العربية، باستثناء ترؤس التونسي الشاذلي القليبي لها خلال الحرم العربي لمصر السادات، بعد توقيعها اتفاقية «كامب دايفيد» العام 1978.
ويقول الديبلوماسي العربي إن الخليجيين تراجعوا عن وعودهم بوضع قطر على رأس الجامعة العربية، بسبب الدعم القطري المعلن لـ«الإخوان المسلمين» واتهامها بتشكيل محور إخواني - قطري يهدّد العائلات الخليجية الحاكمة، وخروج الخلافات بشأنهم إلى العلن بين قطر والإمارات والسعودية. وبحسب السيناريو الجديد، من المنتظر أن يطرح السعوديون والإماراتيون مرشحاً مصرياً مقرباً من «الإخوان»، هو وزير الخارجية المصري الحالي محمد كامل عمرو.
الاسد يهدد بتفجير المنطقة
عبد الباري عطوان عن القدس العربي
لا جدال في ان الرئيس السوري بشار الاسد محاصر امنيا وعسكريا على الارض، ولكنه بات طليقا في الفضاء، والاعلامي منه على وجه الخصوص، مما يعني ان نظريته التي اطلقها سابقا، في منتصف عمر الازمة السورية وقال فيها ‘اننا نسيطر على الارض وهم يسيطرون على السماء’ في اشارة الى القنوات الفضائية العربية المؤثرة، قد ‘تغيرت’ ان لم تكن قد ‘انقلبت’ ولو جزئيا.
فعندما يدلي الرئيس السوري بحديث الى صحيفة اجنبية، ولو كانت شبه مجهولة، فان مضمونه يتصدر العناوين الرئيسية في معظم الصحف ونشرات الاخبار المتلفزة على طول عالمنا وعرضه، ويعكف الخبراء على تحليله وقراءة ما بين سطوره، وكذلك اجهزة المخابرات العالمية.
بالامس اختار الرئيس الاسد قناة الاخبارية السورية، التي حجبتها الجامعة العربية واقمارها الصناعية، للادلاء بحديث بمناسبة عيد الجلاء، احتلت فقرات منه مكانا بارزا في القنوات الفضائية الصديقة والمعادية، حتى قبل بثه على الهواء مباشرة بساعات.
الحديث الصحافي الذي جرى الاعداد له بطريقة جيدة، ولا نستبعد ان تكون الاسئلة جرى اعدادها بشكل دقيق مسبق من القسم الاعلامي في القصر الجمهوري، ولم يتعد دور المذيعة والمذيع قراءتها، والالتزام بالنص حرفيا لان الاجتهاد ليس ممنوعا فقط، وانما قد تترتب عليه عواقب وخيمة.
رسائل عديدة اراد الرئيس الاسد ايصالها لجهات عديدة من خلال هذا الخطاب المقابلة نوردها في النقاط التالية:
اولا: التركيز بالدرجة الاولى على خطر تنظيم ‘القاعدة’ ومحاولة تحذير الغرب من اخطاره، ليس في سورية فقط وانما في قلب اوروبا وامريكا، وكأنه يقول ‘نحن في خندق واحد، والخطر يشملنا جميعا، وانا مستعد للتعاون معكم في مواجهة هذا التنظيم، اذا اردتم.
ثانيا: الربط بين وجوده واستمراره في الحكم وبين وجود سورية كدولة وكيان، عندما يقول ‘لا خيار لنا غير الانتصار في هذه الحرب الدائرة منذ سنتين، والا فان سورية ستنتهي’ في تلميح مباشر الى احتمالات تفتيت سورية على اسس عرقية وطائفية في حال سقوط النظام وانتصار الثورة المسلحة.
ثالثا: الانتقال من مرحلة الدفاع الى الهجوم، والمقصود هنا الهجوم الاعلامي، الذي قد يكون تمهيدا لهجوم امني او عسكري، ففي جميع الخطابات السابقة تجنب الرئيس الاسد التطرق الى الدول التي تدعم الثورة بالاسم وانتقادها، وكان يغرق في العموميات، ولكنه في هذا الحديث كان صريحا مباشرا في هجومه على الاردن الجار الجنوبي، واتهامه بالسماح لآلاف المقاتلين واسلحتهم بالتدفق الى العمق السوري، ‘بينما كان الاردن قادرا على ايقاف او القاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين’ وهذا كلام صحيح اختلف البعض مع الاسد او اتفقوا.
رابعا: استهداف تركيا حزب العدالة والتنمية والهجوم الشخصي على رجب طيب اردوغان وفشل سياسة الصفر مشاكل التي ابتكرها وزير خارجيته احمد داوود اوغلو بالقول انها انتهت ‘صفر رؤية’ و’صفر سياسة’ و’صفر اخلاق’. وتركيزه على الاردن وتركيا يعكس مدى تأذيه من دور الدولتين في دعم الثورة السورية المسلحة وارسال الاسلحة والمقاتلين الى بلاده.
خامسا: محاولة عزل الاكراد عن النفوذ التركي والغربي، من خلال التودد لهم والتأكيد على وطنيتهم، والايحاء بان سورية لم ترتكب اي مجازر ضدهم.
سادسا: الرسالة الاهم في هذه المقابلة الخطاب، كانت موجهة الى الشعب السوري ومحاولة حشده خلف النظام، والقاء تهم الطائفية وتقسيماتها على المعارضة الاسلامية وحركة الاخوان بالذات، ومن سماهم بالتكفيريين، وما زال من السابق لاوانه الحكم بنجاح او فشل هذا التركيز.
الرئيس الاسد بدا قلقا في هذه المقابلة، على عكس المقابلات والخطابات السابقة، وقلقه الاكبر من تنظيم ‘القاعدة’ والجماعات الجهادية الاخرى المتحالفة معه، ومخاوفه من تأثير هذا التواجد على مستقبل النظام، وسورية بشكل عام، وهذا ما يفسر هجومه الشرس على دولتي الممر لهذه الجماعات وهما الاردن وتركيا، وتوجيه انذار مباشر لهما من ان الحريق لن يتوقف عند حدود سورية’
من الواضح، وبسبب الخوف من الجماعات الجهادية، ان الرئيس الاسد اغلق باب الحوار مع معظم شخصيات المعارضة الخارجية، والائتلاف الوطني على وجه الخصوص، عندما اتهم هذه المعارضات بانها ليست احزابا وليس لها وجود على الارض، ولا تتمتع بدعم شعبي، ومعظمها فاقد استقلالية القرار، ويرتهن لرهانات خارجية، وهذا يتعارض كليا مع تصريحات سابقة لمسؤولين سوريين ترحب بالحوار مع الجميع، فقد قسم معارضي نظامه الى تكفيريين ومرتزقة، وهذا تقسيم يعني انه اختار الاستمرار في الحلول الامنية الدموية، وان كل الاحاديث عن الحوار كانت من اجل كسب الوقت لا اكثر ولا اقل.
المعارضة السورية تضم شخصيات وطنية مستقلة، واذا كانت هذه الشخصيات تعيش خارج سورية، فان هذا لا يعيبها، لانها لو استمرت في التواجد في سورية، ومارست المعارضة فانها اما ستكون في السجون والمعتقلات او تكون قد انتقلت الى الرفيق الاعلى.
الرئيس الاسد اكد اكثر من مرة ان الوضع في سورية الآن افضل مما كان عليه في بداية الازمة، وربما وصل الى هذه القناعة بسبب صمود نظامه عامين على الاقل، وافشل بذلك كل الرهانات على سقوطه بعد اسابيع او اشهر، ولكن ما يمكن ان نختلف عليه معه ان حالة الجمود الحالية على الجبهات القتالية تعكس فشل النظام ايضا على تحقيق الحسم العسكري الذي كان يأمله.
فرص الحل السياسي، وبعد مقابلة الرئيس الاسد هذه تراجعت، ان لم تكن تبخرت، فطالما انه ربط بقاء سورية كوطن وكيان، باستمرار النظام الذي يرأسه في الحكم، فاننا امام حرب طويلة جدا، لا يمكن ان تنتهي الا بانتصار طرف على آخر.
الرئيس الاسد يعتقد انه المنتصر في النهاية وان ‘الشعب السوري العظيم سيصمد’ ولا اعتقد انه من الممكن ان يقول غير ذلك حتى لو وصل عدد القتلى الى مئات الآلاف.
file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif
في هذا الملــــف:
أيهما أهم: استقالة فياض ام المصالحة؟
صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
.. وأخيرا فعلها فياض !
رجا طلب عن الرأي الأردنية
استقالة سلام فياض.. الدوافع والأسباب
حسام الدجني عن القدس العربي
الدبلوماسية الشرق اوسطية.. الرحلات المكوكية تساوي صفرا
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
تدويل قضية الأسرى
رأي الراية القطرية
إنقاذ الأسرى أولوية لا تحتمل التأخير
رأي الدستور الأردنية
أسرى حرب لا سجناء أمنيون!
حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
المحتلون وعملاؤهم
أمجد عرار عن دار الخليج
دورٌ فلسطيني في أميركا يبحث عن مؤسسة
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
«يهودا والسامرة» ويهود بريطانيا
أهداف سويف عن الشروق المصرية
هناك ما يفعله الفلسطينيون...
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
حيفا… الزمن الجميل
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
توقيت صواريخ ايلات
رأي القدس العربي
صاروخان على إيلات: سيناء المعقّدة و«القبة» العاجزة
حلمي موسى عن السفير
إسرائيل تشن حرب الخليج المقبلة!
عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
خلافات خليجية تحبط مخططاً قطرياً لخطف أمانة «الجامعة»
محمد بلوط عن السفير
الاسد يهدد بتفجير المنطقة
عبد الباري عطوان عن القدس العربي
أيهما أهم: استقالة فياض ام المصالحة؟
صبري صيدم(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
منذ أن أعلن عن نبأ استقالة سلام فياض من موقعه في رام الله لم تهدأ وكالات الإعلام ولم يهدأ المحللون والكتاب والديبلوماسيون ووكالات الأنباء العالمية والدولية في بحثهم عن شخص رئيس الحكومة الفلسطينية الجديد. فانفتح وكما يقول البعض في فلسطين ‘بازار’ الأسماء باقتراحات وتوقعات وحتى أمنيات ورغبات بصورة فاقت الاهتمام بموضوع المصالحة.
بينما صدرت وبصورة أقل بيانات عن بعض الفصائل والقوى تدعو إلى اعتبار هذه الاستقالة موعداً متجدداً مع تشكيل حكومة وفاق وطني، التزاماً باتفاقات القاهرة وإعلان الدوحة وما بينهما من تفاهمات بين حركتي فتح وحماس والفصائل الأخرى أيضاً.
وإمعاناً في التذكير بحضوره السياسي فقد قام البعض بكتابة بيانات تحت مسميات أخرى يذكر القيادة الفلسطينية بذاته، فحمل البيان الواحد تصريحاتٍ لعدة أشخاص بصورة أقرب إلى تلميع الذات وابتذال النفس من أجل موقعٍ وزاريٍ محتمل.
لذا ومع التقدير لمواقف البعض فإن جل الجهد تمحور حول شخص رئيس الوزراء الفلسطيني المقبل، دونما التركيز على الخطوات الواجبة لإنهاء الانقسام، أي أن الشخص بات أهم وربما أكثر إثارة من المشروع.
وأمام هذا التسارع والتركيز في الحديث عن هذا الأمر أطل أحد الشباب الفلسطيني على صفحته على الفيسبوك ليكتب بتهكم كبير عن هذا الأمر ويسأل أصدقاؤه عن سبب عدم اختياره هو لهذا الموقع. فالرجل على حد زعمه ‘لديه ‘اعتماده المالي’ دلالة على أنه موظف في السلطة، ولديه كما يقول بدلة فاخرة، لكنه يحتاج لربطة عنق، ولديه القدرة على التعامل مع مقومات صفحات التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني، وهو محبوب من أصدقائه والدول العدوة والصديقة، كما قال وأنه وسيم ورشيقٌ وشاب عشريني يافع سيسعد شباب الوطن بتكليفه.
هذه الروح التهكمية وما شهدته شخصياً من كتابات خلال الأيام الماضية تطرح سؤالاً مهماً: أيهما أهم؟ شخص رئيس الحكومة أم التوافق الداخلي على استكمال المصالحة وصولاً إلى اختيار الشخص الذي يحظى بإجماع كامل الأطراف لتشكيل الحكومة التوافقية غير الفصائلية، حسب الاتفاقات السابقة والتوقعات؟’
من المؤلم حقيقة أن يضخم البعض الموقع على حساب الهدف وأن تتحول رقعة فلسطين الجغرافية المتآكلة أمام قضمها المستمر من قبل جرافات الاحتلال نحو أمور ثانوية لا تشكل المحور الأهم أمام استمرار الانقسام واستفحال الاحتلال وإجهازه المتواصل على الأرض العربية. فمن يكون رئيس وزراء فلسطين المقبل ليس ما ينتظره الشعب المتعطش للخلاص من نيرين، نير الانقسام ونير الاحتلال.
لكن سبباً ما يدفع المتربصين بحريتنا إلى تضخيم صغائر الأمور بحيث تصبح شغلنا الشاغل وكأن الاحتلال الإسرائيلي، وهو المستفيد الأكبر من كبواتنا يتبع سياسة ‘استمرار الاحتلال بالإلهاء’ بحيث يتحول موقع أو موقف ما إلى فرصة للإثارة الصحافية وتهافت الوكالات وأحاديث الصالونات واللقاءات وحتى جلسات الاستغابة السياسية المستفحلة.
لقد شكل الإعلام الدولي تحديداً وفي بحثه عن الإثارة الفلسطينية منصة مهمة للتأثير على المزاج العام، وتغليبه للقضايا الصغيرة على حساب الأهداف الكبرى بحيث يتعاظم سؤال صغير في مقابل أسئلة مصيرية أخرى.’
ومن كثرة السائلين من الصحافيين الأجانب عن شخص رئيس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية القادم، سمحت لنفسي أن أسأل أحدهم عن سبب الاهتمام بالشخص وليس الهدف المطلوب كانهاء الانقسام بتعيين حكومة توافقية برئيس جديد لها، فأجاب ودونما خجل بأن الفارق هو أن الإثارة بالنسبة لموضوع الشخص أكثر اليوم من التوافق الداخلي، وعليه فإنه وبلغة الدولار فإن الأول عبارة عن مادة ‘تبيع′ بينما الثانية ‘تبور’!
.. وأخيرا فعلها فياض !
رجا طلب عن الرأي الأردنية
في العاشر من سبتمبر 2012 كتبت في هذه الزاوية مقالا تحت عنوان «نصيحة للدكتور فياض... افعلها» فقد كانت مناسبة المقال هي تلك المظاهرات التي رتبتها قوى متنفذة داخل السلطة للخروج الى الشارع من اجل شتم واتهام فياض وتحميله مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة، في تلك الفترة كان على فياض أن يرحل وان لا يبقى دقيقة واحدة أولا لعلمه الكامل بالمؤامرة التي تحاك ضده والهادفة إلى حرقه في الشارع وتشويه صورته، وثانيا لعلمه أن أي تأخير في الرحيل سوف يزيد من المشكلة وسوف يوسع من قدرة القوى المحرضة عليه في الإضرار بصورته.
أخطأ فياض في ذلك الوقت وقدم استقالته لعباس ولكنه انتظر موافقة هو كان يعلم ان عباس لا يريدها إلا وفق حساباته الزمنية، فتحول فياض بسبب هذا التردد الى «بطة عرجاء وكيس للملاكمة» وأصبحت كل المشاكل الفلسطينية مسؤوليته هو، وكأنه لا توجد رئاسة فلسطينية ولا توجد منظمة تحرير ممثلة للشعب الفلسطيني ولا توجد فصائل ولا توجد مؤسسات، واستسهل الجميع تبرير عجزهم برمي المسؤولية على فياض وفياض فقط.
استقال فياض ولكن ماذا بعد ؟
تستعد فتح ألان من اجل اقتناص منصب رئيس وزراء السلطة بعد أن ناصبت فياض عداءا غير مبرر، وهو أمر سيفتح باب التنافس بل والتناحر داخلها وبين قياداتها على مصراعيه، وسيمهد هذا الوضع تلقائيا إلى إعادة خيار اختيار شخصية مستقلة ولكن من المؤكد أن أي شخصية مستقلة وذات استقلالية وقدرة على اتخاذ القرار المسؤول ستتحول إلى «غريم» جديد للحركة وسيبدأ العمل والتحرك ضدها، لان فتح تريد إما فتحاويا يشكل حالة توافقية بين أقطابها على غرار احمد قريع ابو العلاء مثلا في فترة من الفترات وهو أمر صعب ألان، أو تسلم عباس نفسه الحكومة لحين انجاز مشروع المصالحة وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهو خيار إن تم الأخذ به سيضعف مصداقية النظام السياسي الفلسطيني الضعيفة أصلا أمام العالم وبخاصة الدول المانحة والتي لها تحفظات كثيرة على فكرة جمع كل السلطات في يد رجل واحد، فعباس نفسه كان رأس الحربة في الحرب السياسية على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي كان يجمع بين رئاسة السلطة ورئاسة الحكومة فلماذا يريدها الآن ؟
وفي حال أصبح عباس رئيسا للحكومة بدلا من فياض فسوف يصبح رئيسا للسلطة وللحكومة وهو حاليا رئيس فعلي للسلطة التشريعية المعطلة حيث يصدر المراسيم الرئاسية كقوانين بدلا منها، وقام بقرار منه بتجريد محمد دحلان عضو المجلس التشريعي من حصانته واسقط عضويته وهو أيضا السلطة القضائية حيث أعطى لنفسه الحق برفض قرارات محكمة العدل العليا وتنفيذها ومارس التأثير السياسي على المحكمة الدستورية في قضايا عدة معروفة.
ففي الوضع الذي أشرت اليه كان فياض فقط السلطة الوحيدة المستقلة والفاعلة ولأنه كان كذلك كان يجب أن يرحل!
استقالة سلام فياض.. الدوافع والأسباب
حسام الدجني عن القدس العربي
منذ اللحظة الأولى للانقسام في يونيو حزيران/2007م، أقال الرئيس محمود عباس حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية، وكلّف الدكتور سلام فياض بتشكيل الحكومة الثانية عشر وسط جدل سياسي ودستوري كون حكومة فياض لم تنل ثقة المجلس التشريعي، وبدأ المراقبون يتابعون سلام فياض موظف البنك الدولي والحاصل على الجنسية الأمريكية، والمفروض على ياسر عرفات عام 2003 بعد مطالبات الاتحاد الأوربي للسلطة الفلسطينية بالقيام بعملية إصلاحات مالية واقتصادية شاملة، وحينها تولى الدكتور فياض وزارة المالية في الحكومات المتعاقبة، حتى وصل إلى رئاسة الحكومة بعد الانقسام، وبدأ بتنفيذ سياسات مالية واقتصادية تنسجم مع نظرية السلام الاقتصادي الذي أعلن عنها بنيامين نتانياهو في برنامجه الانتخابي، وبدأت عملية إعادة بناء الفلسطيني الجديد على يد الجنرال كيث دايتون برعاية كريمة من حكومة الدكتور فياض، مما دفع فصائل المقاومة الفلسطينية بعد حملة الاعتقالات الشرسة ضد المقاومة وبنيتها التحتية انطلاقاً من كتائب شهداء الأقصى وكتائب أبو علي مصطفى وسرايا القدس وصولاً لحركة حماس بمطالبة الرئيس محمود عباس بإقالة حكومة سلام فياض، وحذرته من مشروعه السياسي والاقتصادي، إلا أن الرئيس عباس لم يستجب حينها، وبدأت حركة فتح في الترويج لانجازاته على الأرض، حتى وصلت إلى نتيجة مؤلمة وهي مديونية تصل إلى أربع مليارات دولار، وعجز كبير في الميزانية، وتسبب السلام الاقتصادي بزيادة طبقة الفقراء لصالح مجموعة صغيرة من رجالات الأعمال، وسخر العمل الحكومي خدمةً لشخصه ولبرنامجه المدعوم غربياً، وهذا ما دفع حركة فتح للمطالبة بإقالته، لأن انعكاس فشل سياسات فياض الاقتصادية والمالية بدأ يظهر على شعبية حركة فتح بالضفة الغربية، وهذا ربما انعكس على نتائج انتخابات مجالس الطلبة في كلية خضوري وجامعة بيرزيت وربما في باقي الجامعات الفلسطينية التي ستكون على موعد مع انتخابات مجالس الطلبة خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
ولكن الرئيس محمود عباس كان يتمسك بسلام فياض رئيساً للحكومة ليقينه بارتباط ذلك بتدفق أموال المانحين للسلطة الفلسطينية التي تعاني عجزاً كبيراً في خزينتها وموازنتها، ولكن ما دفع عباس لتغيير موقفه طلب سلام فياض من الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقائه خارج المقاطعة وعلى انفراد وهذا ما حصل في محافظة البيرة، مما أثار غضب الرئيس محمود عباس وحينها تحوّل موقف الرئيس عباس تجاه سلام فياض، بعد أن كان يتهم أعضاء المجلس الثوري بأنهم يطالبون بإقالة فياض لأسباب ذاتية وحزبية.
ولذلك لا يمكن ربط استقالة سلام فياض بعملية المصالحة أو استئناف المفاوضات، فمن يحضر مؤتمر هرتسليا ويلقي خطاباً فيه لا أرى أنه ضد عملية التفاوض، ولذلك فإن أمر استقالة سلام فياض لا علاقة له بأي ملف آخر سوى أنه جزء من الخلافات بين قيادات فتحاوية وازنة مع حكومة فياض ولكن من الممكن استثمار هذا الحدث بالبدء في تطبيق اتفاق المصالحة، وتولى الرئيس محمود عباس رئاسة الحكومة، ثم التوافق لتحديد موعد الانتخابات.
الدبلوماسية الشرق اوسطية.. الرحلات المكوكية تساوي صفرا
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
منذ عدة سنوات دخل قاموس الدبلوماسية الشرق أوسطية مصطلحا جديدا اطلق عليه كنية الرحلات المكوكية. وقد جاء هذا تعبيرا عن رحلات يقوم بها وزراء الخارجية الأمريكية بين طرفي الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. واستعمل هذا الأسلوب منذ عدة عقود من جانب وزراء الخارجية الأمريكيين في سعيهم لحل المشكلة الفلسطينية.
ولا يختلف وزير الخارجية الأمريكية الحالي جون كيري عن غيره من وزراء الخارجية الأمريكيين الذين سبقوه، فهو يقوم حاليا بجولاته المكوكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على أمل الوصل إلى كسر الجمود القائم في المسيرة الدبلوماسية بين طرفي النزاع.
والنتائج التي توصل إليها كيري حتى الآن لا تختلف عن نتائج وزراء الخارجية الأمريكيين الذين سبقوه وهي صفر. ورغم أن كيري لم يعلن رسميا عن فشل مساعيه، ولديه تفاؤل في كسر الجمود القائم، إلا أن الأمور كما تسير الآن لا تدعم هذا التفاؤل، ولا تبشر خيرا.
وسبب فشل هذه الرحلات المكوكية، وحتى حسب ما ينشر في الصحافة العبرية، هي المواقف التي تتخذها حكومة إسرائيل. في البداية كانت مواقف تعجيزية، حيث كانت تطلب من الفلسطينيين تقديم المزيد من التنازلات، وكلما قدم الفلسطينيون تنازلا طلبت إسرائيل المزيد.
ولكن اليوم تغيرت بعض الأمور فإضافة الى طلباتها التعجيزية من الفلسطينيين، بدأت إسرائيل ترفض علنا كل الاقتراحات الأمريكية المتعلقه بكسر الجمود القائم. وأول خطوة قام بها وزير الخارجية جون كيري هي محاولة إقناع حكام إسرائيل قبول المبادرة العربية، التي مضى على وجودها في الساحة الدبلوماسية عشر سنوات، إلا أن إسرائيل كعادتها رفضت ذلك (صحيفة ‘واشنطن بوست’ 9/4/2013).
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد رفضت بشكل قاطع المبادرة العربية منذ صدورها، حيث رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه ارييل شارون المبادرة بحجة أنها تشير إلى قرار الأمم المتحدة 194 الخاص بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم، متجاهلا العبارة الرئيسية في المبادرة، التي تقول انه يتعين أن يوافق الجانبان على أي حل.
ووجد كيري في مباحثاته مع القيادة الإسرائيلية صعوبة في وضع رزمة بنود لكسر الجمود. السبب في ذلك يعود إلى الشروط التي تضعها إسرائيل أمام الفلسطينيين وتعرف مسبقا أنها شروط تعجيزية لا يمكن للفلسطينيين قبولها (‘معاريف’ 9/4/2013).
وتقول صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ (11/4/2013) ان الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكية كشفت القناع عن وجود خلاف أساسي بين إسرائيل والولايات المتحدة، حيث رفضت إسرائيل كل الاقتراحات التي كان يحملها كيري معه والتي تدعو إلى أن تبدأ المباحثات حول الأمور الأمنية والحدود.
كما رفضت إسرائيل اقتراحا أمريكيا يدعوها إلى تقديم مبادرة حسن نية للفلسطينيين لبناء الثقة وكسر الجمود، في مقدمتها إطلاق سراح أسرى فلسطينيين (‘معاريف’ 11/4/2014). من ناحيتها تطالب إسرائيل الفلسطينيين بأن تشمل المباحثات كل الأمور، كما تطلب منهم كشرط لبدء المباحثات الموافقة على استمرار البناء في المستعمرات اليهودية واعترافهم بيهودية دولة إسرائيل. (‘يديعوت أحرونوت’ 10/4/2013 ).
وقد أدى ذلك إلى أن تتهم صحيفة ‘هآرتس′ ( 12/4/2013) الحكومة الإسرائيلية في وضع العراقيل أمام إي تقدم في المساعي الأمريكية لكسر الجمود. فقد نشرت في ذلك اليوم افتتاحية حملت العنوان التالي ‘لا مفاوضات’. ومما جاء في الافتتاحية، أن المساعي المكوكية للوزير كيري اسفرت عن خيبة أمل مقلقة. فالانطباع الذي تركته هو أن إسرائيل مصممة على عدم السماح في تقدم مسير السلام.
وتضيف الصحيفة: ‘من المستحيل تفهم الموقف الإسرائيلي، الذي يمنع حتى الأمل في الوصول إلى حوار حول تحديد خريطة إسرائيل وتأمين كل متطلباتها الأمنية، وهي تعلم أن الموضعين المذكورين هما الأساس لكل تقدم نحو السلام’.
إن كلام وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تدع مجالا للشك، أن إسرائيل هي المسؤولة عن عرقلة الأمور وترفض محاولات الوصول إلى حل. هذا ليس موقفا جديدا فقد كان موجودا قبل أن تبدأ الرحلات المكوكية الأمريكية، ولكن المسؤولين الأمريكيين لم يشيروا إلى هذا الموقف الإسرائيلي علنا.
معنى ذلك أن الولايات المتحدة بإداراتها المختلفة تعرف أن إسرائيل هي السبب الرئيسي في عدم التقدم في مسيرة الحل في المنطقة ، ومع ذلك كانت هذه الادارات تحمل الجانب الفلسطيني القسط الكبير من مسؤولية فشل مساعي السلام، وعدم التعاون معها من أجل الوصول إلى حل، وتشير بشكل مستمر إلى ‘تصلب الفلسطينيين في مواقفهم’.
السؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا لا تقوم أمريكا بوضع حد للعبث الإسرائيلي إذا كانت جادة في الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، وبالتالي للصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط؟ ألم يحن الوقت لمواجهة إسرائيل ووضع ضغط حقيقي عليها كي تقبل تقديم بعض التنازلات التي قد تؤدي إلى إحلال سلام في المنطقة؟
والواقع أن كل هذه الرحلات المكوكية ستستمر في الفشل إلا إذا واكبها موقف أمريكي (وعالمي) صلب تفهم من خلاله إسرائيل أن العقوبات ستنزل عليها إذا رفضت الخضوع لمطالب المجتمع الدولي.
وحتى يحدث ذلك فإن الرحلات المكوكية لوزراء الخارجية الأمريكية تساوي صفرا.
تدويل قضية الأسرى
رأي الراية القطرية
يحي الشعب الفلسطيني في السابع عشر من شهر أبريل من كل عام ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، حيث بدأ الفلسطينيون بإحياء هذه الذكرى منذ 17/4/1974، اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني "محمود بكر حجازي" في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
إن قضية الأسرى الفلسطينيين تُعد من القضايا الأكثر حساسية عند الشعب الفلسطيني، في طريق نضاله من أجل إنجاز الاستقلال والحرية من الاحتلال الإسرائيلي، فقرابة خمس الشعب الفلسطيني قد دخل السجون منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي.. حيث يقدر عدد عمليات الاعتقال ضد الفلسطينيين منذ عام 1967 (800.000) أي أن أكثر من 20% من أبناء الشعب الفلسطيني قد دخلوا سجون الاحتلال لفترات وطرق مختلفة.
سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تعتقل أكثر من 4500 معتقل، موزعين على أكثر من 27 معتقلاً، ومعسكرًا لجيش الاحتلال، ومراكز توقيف، وقد اعتقلت أيضًا ما يقارب (500) امرأة فلسطينية بقي منهن (120) أسيرة يقبعن في سجن تلموند الإسرائيلي كما اعتقلت نحو 50220 طفلًا قاصرًا أعمارهم أقل من 18 عامًا لا زال (350) منهم داخل السجن.
الإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 80% من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب خلال التحقيق على يد جنود المحققين الإسرائيليين..كما يشكل الاعتقال الإداري لسنوات طويلة "اعتقال بدون لائحة اتهام، أو سبب مادي ملموس، وبدون محاكمة حقيقية" جانبًا آخر من معاناة الشعب الفلسطيني حيث وصل عدد حالات الاعتقال الإداري لأكثر من 3000 حالة بقي منها 350 معتقلًا دون توجيه لائحة اتهام، عدا عن ذكر أنهم يشكلون خطراً أمنياً على دولة إسرائيل. لقد اغتالت قوات الاحتلال أكثر من 150 أسيراً فلسطينياً خارج نطاق القانون بعد إلقاء القبض عليهم. وهناك قرابة 1000 معتقل فلسطيني يعانون من أمراض مزمنة مختلفة، ولا يتلقون العلاج اللازم، وقد واستشهد من الأسرى الفلسطينيين منذ العام 67 وحتى اليوم قرابة 180 معتقلًا.
الإضرابات العديدة عن الطعام التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون ضد سجانيهم دفعت بقضية الأسرى إلى الواجهة بوصفها قضية "تمثل صراعا مفتوحا" بين الشعب الفلسطيني وسلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدم الاستجابة لمطالب الأسرى العادلة بالحرية سيدفع إلى إطلاق يد المقاومة الفلسطينية لتحرير الأسرى كما حصل في قضية "شاليط" وسيدفع أيضا بالمنظمات الحقوقية الفلسطينية وبالمؤسسات الفلسطينية الرسمية إلى تدويل قضية الأسرى بوصفها أحد الطرق الممكنة لإجبار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وإغلاق هذا الملف الذي لا يمكن تحقيق السلام دون تسويته.
إنقاذ الأسرى أولوية لا تحتمل التأخير
رأي الدستور الأردنية
في يوم الأسير الفلسطيني تطالعنا وجوه آلاف الأسرى والأسيرات الفلسطينيات في سجون العدو، من قضوا بسبب التعذيب او من لا يزالون يئنون تحت سياط الجلاد الصهيوني.
وفي هذا السياق فلا بد من التأكيد على حقيقة هامة تفضح ممارسات العدو اللإنسانية وهي اصراره على معاملتهم كسجناء جنائيين، وليس كأسرى حرب قاوموا العدو لتحرير وطنهم ومقدساتهم وانقاذ شعبهم من جور الاحتلال، وفقا للقانون الدولي الذي شرع مقاومة الاحتلال وانزال المقاومين منزلة رفيعة، ومنحهم اعلى الاوسمة، واصبحوا قادة لأممهم، فالجنرال ديغول لم ينل هذه الشهرة الرفيعة والاحترام العالمي، الا لأنه قاد المقاومة الفرنسية ضد النازي الذي اجتاح فرنسا ومعظم الدول الاوروبية في الحرب العالمية الثانية.
إن حقد العدو على الاسرى يعود لفشله في ترويضهم، وفشله في كسر ارادتهم الصلبة، وقد استطاعوا ان يحولوا المعتقلات الصهيونية الى مدارس في الوطنية والصمود والمقاومة، وهذا ما دفعه الى ممارسة اقسى انواع التعذيب النفسي والجسدي، وحقنهم بأدوية ممنوعة ادت الى موت بعضهم بمرض السرطان كما حدث للشهيد ابو حمدية مؤخرا..
لقد تحولت المعتقلات الصهيونية الى ميدان لصراع الارادات بين العدو المحتل والاسرى، ونجزم ان العدو قد فشل حتى الان في ترويض ارادة الاسرى والاسيرات، رغم شراسة التعذيب، ولجوء جلاوزة السجون الى اساليب نفسية لا اخلاقية. وخاصة ضد الاسيرات محاولات الايقاع بهن.
إن معركة الامعاء الخاوية التي يخوضها الاسرى وقد مضى على اضراب سامر العيساوي 261 يوما، تؤكد ارادة الاسرى الصلبة، الذين ضربوا مثلا في الصمود والصبر ليس له مثيل في العالم رافضين عروض العدو بالافراج عنهم مقابل ابعادهم عن وطنهم.
لقد وضعت قضية الاسرى الفلسطينيين وعددهم حوالي “4600” اسير واسيرة الأمة كلها امام الحقيقة المرة، وهي خذلانها لأبنائها الذين ضحوا من اجل وطنهم ومقدساتها، وكشفت ايضا للعالم كله ان العدو الصهيوني لا يحترم القوانين والمواثيق والاعراف الدولية التي نصت على معاملة الاسرى، ويصر على تصفية هؤلاء المناضلين، لكسر ارادة الشعب الفلسطيني، واخماد جذوة مقاومته، في ظل التواطؤ الغربي والدعم الامريكي اللامحدود، الذي كان ولا يزال السبب الرئيس في استمرار الاحتلال واستمرار الاستيطان والتهويد.
مجمل القول: لقد كشفت قضية الاسرى الفلسطينيين مأساة الشعب الفلسطيني، ومأساة ابنائه في سجون الاحتلال.. واسقطت القناع عن وجه العدو الصهيوني العنصري القبيح. ووضعت الامة كلها امام مسؤولياتها القومية والانسانية لانقاذ ابنائها من الموت الصهيوني المحقق.
أسرى حرب لا سجناء أمنيون!
حلمي الأسمر عن الدستور الأردنية
كشأن كل الحقوق الفلسطينية المهدورة، أهدر الفلسطينيون الرسميون والعرب حقوق المعتقلين الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني، واقتصرت جهود الافراج عنهم على صفقات تبادل الأسرى القليلة، وحتى أولئك الذين أفرج عنهم من الأسرى ضمن هذه الصفقات جرى اعتقالهم مجددا، بحجج واهية وذرائع تافهة!
حتى الآن اقتصرت جهود مساندة الأسرى على النشاطات والحملات الشعبية، التي تهب بين حين وآخر ثم ما تلبث أن تخبو حسب المواسم، وهذا جهد طيب ومبارك، إلا أنه ليس عمليا ولا يأتي بنتائج فعلية، خاصة واننا نواجه عدوا شرسا لا يعترف بغير القوة، ولا يمتثل إلا لها، وقد بذل عدد من النشطاء القانونيين الفلسطينيين جهودا لا بأس بها في اتجاه التأصيل لوضع المعتقلين الفلسطينيين، باعتبارهم اسرى حرب أو مقاتلين من اجل الحرية، إلا أن هذا الجهد ظل في مجال الدراسات والبحوث، والحملات الدعائية، ولم ينتقل إلى ساحة الفعل الرسمي، كون المؤسسات الرسمية الفلسطينية المنبثقة عن سلطة اوسلو لم تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، ولم تسع حتى الآن بشكل جدي لنقل قضية المعتقلين إلى الساحة الدولية، والحقيقة ان هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق السلطة الفلسطينية والأردن ومصر على وجه التحديد في عملية إسناد الأسرى، حيث تمتلك هذه الجهات أدوات ضغط حقيقية من اجل تحويل الوضع القانوني للمعتقلين الفلسطينيين من وضع معتقلين أمنيين أو «إرهابيين» إلى وضع «أسرى حرب» و»مقاتلين من أجل الحرية»، وكلا الوضعين يرتبان على سلطة الاحتلال التعامل بشكل قانوني مع المعتقلين الفلسطينيين، وهو الطريق العملي الوحيد لإسناد هؤلاء المعتقلين بشكل جدي وفاعل، بدلا من إصدار مئات التصريحات وبيانات الشجب التي لا تغير من الواقع شيئا.
ولنفهم الوضع القانوني للمعتقلين الفلسطينيين، لا بد من العودة قليلا إلى ما جرى عقب «توحيد» فلسطين تحت الاحتلال في العام 1967 حيث أصدر القائد العسكري التابع لقوات الاحتلال «حاييم هرتسوغ» حينها الأمر العسكري رقم (3). وقد جاء في مادته 35 «أنه يترتب على المحكمة العسكرية تطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 آب 1949 بخصوص حماية المدنيين أثناء الحرب والاحتلال، والتأكيد على أن تلتزم المحكمة العسكرية بتطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة فيما يتعلق بالإجراءات القضائية، وإذا وجد تناقض بين هذا الأمر وبين الاتفاقية فتكون الأفضلية لأحكام اتفاقية جنيف».غير أن القيادة العسكرية لقوات الاحتلال، سرعان ما تنصلت من التزامها بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة، ومعاملة المدنيين الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال بموجب ما قررته تلك الاتفاقية من إجراءات قضائية، تضمن حق المحاكمة العادلة. وأصدر القائد العسكري لمنطقة قطاع غزة وشمال سيناء يوم الحادي عشر من تشرن الاول 1967 الأمر العسكري (107)، وأصدر القائد العسكري للضفة الغربية في يوم الثالث والعشرين من الشهر عينه، الأمر العسكري رقم (144)، الذي نص على أن «أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لا تتمتع بالسمو والأفضلية على القانون الإسرائيلي وتعليمات القيادة العسكرية، وأن ما تضمنته المادة 35 من الأمر العسكري رقم (3) من إشارة إلى اتفاقية جنيف الرابعة قد جاء بطريق الخطأ»! ومنذ ذلك الوقت، ترفض دولة الاحتلال الاعتراف بانطباق اتفاقيات جنيف على الأرض الفلسطينية المحتلة، بحجة أنها لم تحتل من دولة ذات سيادة، على اعتبار أن المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية كانتا تقومان بإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم تكونا صاحبتي سيادة عليهما، والطريق العملي الوحيد لإسناد الحركة الأسيرة إعادة ملفها بالكامل إلى وضعها الحقيقي وفق القانون الدولي بجهد مشترك وعملي من سلطة رام الله والأردن ومصر، وبغير هذا الأمر سيبقى آلاف الأسرى ومقاتلو الحرية من ابناء الشعب الفلسطيني رهائن تعليمات وقوانين إسرائيلية تهدر إنسانيتهم وتعاملهم كمجرمين، لا اصحاب قضية يدافعون عن وطن محتل!
خلاصة القول، إن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يحرمون من صفتهم كأسرى حرب، ومقاتلين من أجل الحرية، وبهذا فهم يحرمون من الحماية المقررة لهم وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبدل ذلك تجري معاملتهم وفق لوائح خاصة صادرة عن مصلحة السجون الإسرائيلية خاصة «بالسجناء الأمنيين»، ولا تكتفي لوائح مصلحة السجون الإسرائيلية بنزع الشرعية عن نضال الأسرى وقضيتهم العادلة، بل تذهب إلى حد هدر إنسانيتهم وكرامتهم، كما يقول مراد جاد الله، في بحث قيم بهذا الخصوص، هو أفضل ما كتب في بابه، ويمكن للمهتمين العودة إليه في موقع http://badil.org وهو مختص بحقوق الإنسان الفلسطيني.
المحتلون وعملاؤهم
أمجد عرار عن دار الخليج
الكيان الصهيوني قرر إنشاء نصب تذكاري للعملاء “العرب” الذين باعوه ضمائرهم المفترضة بثمن بخس وخدموه في اغتصاب فلسطين وأراضٍ عربية أخرى، ولطّخوا أياديهم معه بالدم العربي البريء منهم . إحدى الصحف “الإسرائيلية” نشرت صوراً للنصب التذكارى للعملاء، وبجوارهم العلم “الإسرائيلي”، وتحت صورهم كلمة “الفاتحة” وبجوارها علم الكيان .
هذه نكتة سمجة وتافهة . وبالمناسبة، هذه المرة الأولى التي تعلن فيها “إسرائيل” شيئاً فيه “تكريم” علني للعملاء منذ خمس وستين سنة على احتلال فلسطين، وإنشاء الكيان الغاصب، مع أن الحقائق التاريخية تؤكد أنه لا الكيان الصهيوني ولا أي استعمار غيره يكرّم العملاء بنصب تذكاري أو بأية طريقة أخرى . العملاء بالنسبة إليه منديل ورقي يرميه في سلّة النفايات بعد استخدامه، والشواهد على هذا أكثر من أن تعد أو تحصى .
العميل كمال حمّاد الذي أوصل الهاتف المحمول للشهيد يحيى عياش لاغتياله، فرّ بعد ارتكاب جريمته إلى “إسرائيل”، فماذا كانت مكافأتها له؟ الصحافة “الإسرائيلية” نفسها نشرت تقارير عنه، وقالت إن “إسرائيل” أسكنت العميل حماد في شقّة ودفعت عنه الأجرة لشهرين أو ثلاثة ثم توقّفت عن الدفع فألقي به في الشارع . حتى ابنه الذي التحق بمدرسة صهيونية لاحقه التلاميذ اليهود بازدراء واحتقار وخاطبوه ب “يا ابن العميل” . أما ميليشيا أنطوان لحد العميلة التي خدمت احتلال “إسرائيل” لجنوب لبنان أكثر من ربع قرن، فقد تركها مشغّلوها الصهاينة لمصيرها بعد فرارهم من الجنوب عام 2000 . ومنذ ذلك الوقت، نشرت عشرات التقارير حول الوضع البائس والمذل الذي يعيشه هؤلاء لدى الكيان، بمن فيهم قائدهم لحد . ولعل لهؤلاء عبرة في “السجين إكس” الاسترالي الأصل الذي استخدمه “الموساد” الصهيوني لسنوات ثم زجّت به في زنزانة انفرادية لقي حتفه فيها، وبكل بساطة ادعت أنه انتحر، وما زالت الصحافة تتناول قضيته كلغز، في ظل صمت بلده على نحو يبعث على الحيرة .
ربما تريد “إسرائيل” أن تقول إن دور العملاء لم ينته بعد، فإن هذا الأمر لا يحتاج إلى رسائل أو إجراءات أو تصريحات . فاحتلالها لفلسطين وأراضٍ لبنانية مازال قائماً، وأصابعها الخبيثة تعبث في الدول العربية وغير العربية، وكل ذلك بحاجة إلى عملاء . لكن من ينكشف أمره من هؤلاء تكنسه مثل القاذورات وتلقي به في القمامة ولا تكترث لمصيره لأنه يصبح مكشوفاً وعديم الفائدة، بل عبئاً عليها، ولهذا يبقى عملها الدؤوب متركزاً على تجنيد عملاء جدد بدلاً من العملاء المحرومين .
من المسلّم به القول إن التكريم المزعوم من الاحتلال لأدواته القذرة، لا يضيف سوى شحنة إضافية في رصيدهم من الذل والعار . الشعب الفلسطيني خبر هذه الحثالة جيداً، وهذا الشعب يدرك بتجربته أنه ما من فلسطيني يتعرض للاغتيال أو الاعتقال إلا ووراءه أصابع عميل أو اختراق داخلي بعميل مطواع مجرد من أية إرادة أو حرية اختيار .
والشعب اللبناني يتابع تقارير وسائل إعلامه وإعلانات المسؤولين الأمنيين عن اعتقالات بالجملة في صفوف العملاء، وأيضاً عن اكتشاف كاميرات مراقبة وتصوير في غير مكان في لبنان . لا يكاد يخلو مكان من عديمي الضمير والمستعدين لبيع أنفسهم، وما دامت “إسرائيل” تخطط للاختراق والعدوان، فإنها تحتفظ بهذه الوسيلة وتطورها، بحيث تنسجم مع طبيعة الأهداف الواسعة والنوعية، والأخطر تطوّع كثير من السياسيين والإعلاميين لخدمة “إسرائيل” بلا “أجر” . لذلك ليس في الأمر نصب تذكاري، بل عدة نصب .
دورٌ فلسطيني في أميركا يبحث عن مؤسسة
د. صبحي غندور عن البيان الإماراتية
لطالما تساءلت، في السنين الماضية التي قضيتها في الولايات المتحدة، عن سبب نجاح «المحامي الإسرائيلي» في أميركا بالدفاع عن جرائم حرب تقوم بها إسرائيل على مدى عقود من الزمن، بينما يتعثّر دور «المحامي العربي» عموماً، و«الفلسطيني» خصوصاً، في الدفاع عن قضيةٍ عادلة ترتبط بكل المبادئ والقيم التي يتفاخر الأميركيون بحملها والحديث عنها.
فالقضية الفلسطينية تُجسّد جملة مسائل، تشمل مبادئ حرية الشعوب وحقّها في تقرير مصيرها وفي مقاومة الاحتلال، وهي أيضاً قضية إنسانية فيها إجحاف وإهمال لملايين اللاجئين الفلسطينيين، الذين هُجّروا من وطنهم وقراهم، وعانوا ويعانون التشرّد وهدم البيوت ومصادرة الأراضي من قِبَل محتلٍّ ما زال يطمع بالمزيد.
وهي أيضاً مسألة دينية، حيث يمارس الاحتلال تهويد الأراضي المقدّسة، الإسلامية والمسيحية. ورغم كلّ هذه الأبعاد المهمّة للقضية الفلسطينية، يتعثّر دور العرب والفلسطينيين في المجتمع الأميركي، ويتواصل ويمتدّ حبل الكذب والتزوير للحقائق من قِبَل الجماعات المؤيّدة لإسرائيل. فأين هي المشكلة؟!
بدايةً، فإنّ مقارنة حالة العرب في أميركا بحالة اليهود الأميركيين، هي مقارنة خاطئة. فالواقع أنّ «العرب الأميركيين» هم حالة جديدة في أميركا، مختلفة تماماً عن الحالة اليهودية.
العرب جاؤوا لأميركا كمهاجرين حديثاً من أوطانٍ متعدّدة إلى وطنٍ جديد، بينما اليهود في أميركا هم مواطنون أميركيون ساهموا في إقامة وطنٍ واحد (إسرائيل) في قلب المنطقة العربية، أي عكس الحالة العربية والإسلامية الأميركية وما فيها من مشكلة ضعف الاندماج مع المجتمع الأميركي
. حالة العرب في أميركا مختلفة أيضاً من حيث الأوضاع السياسية والاجتماعية، فكثيرٌ منهم أتوا مهاجرين لأسباب سياسية واقتصادية، وأحياناً أمنية، تعيشها المنطقة العربية، ممّا يؤثر في نوع العلاقة بين العربي في أميركا وبين المنطقة العربية.
أما حالة العلاقة بين اليهود الأميركيين وإسرائيل فهي حالة من شارك في بناء هذه الدولة، وهو ممّول لها وليس مهاجراً (أو مهجّراً) منها. والعرب الأميركيون يتعاملون مع واقع عربي مجزّأ، بينما يدافع اللوبي الإسرائيلي عن كيان إسرائيلي واحد. ومن ناحية أخرى.
فإنّ العرب الأميركيين يعانون أزمة تحديد الهويّة وضعف التجربة السياسية، وهذا ما لا نجده عند اليهود الأميركيين. فكيف يمكن بناء جالية عربية فاعلة إذا كان أفراد هذه الجالية رافضين لهويّتهم العربية ومنقسمين على أنفسهم؟
وكيف يمكن مخاطبة الآخر غير العربي ومحاورته حول القضايا العربية، إذا كان الإنسان العربي نفسه لا يملك المعرفة الصحيحة عن هذه القضايا ولا يجد لديه أيَّ التزامٍ تجاهها؟!
ورغم ما تحقّق للجالية العربية الأميركية من تقدّمٍ ملحوظ في العقود الثلاثة الماضية، وظهور العديد من المنظّمات النشطة التي جعلت للعرب الأميركيين صوتاً سياسياً يُسمَع، فإنّ عملهم ما زال عاجزاً عن التأثير في الكونغرس الأميركي، المفتوح دائماً لاحتضان اللوبي الإسرائيلي. لكن نجاح «اللوبي الإسرائيلي» لا يعود حصراً إلى خبرة اليهود الأميركيين بالعمل السياسي في أميركا منذ نشأتها، أو لكونهم أكثر تنظيماً وعطاءً بالتطوّع والمال.
فالعنصر المرجّح لكفّة «اللوبي الإسرائيلي» سببه الأساس هو أن السياسة الأميركية نفسها لم تكن طرفاً محايداً يتنافس عليه العرب من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. فأميركا أسهمت منذ البداية في الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، وزوّدته وما زالت بكلّ إمكانات التفوّق النوعي على الدول العربية.
والواقع هو أنّ أميركا لها مصالحها الاستراتيجية الخاصة في المنطقة، وهي استخدمت الوجود الإسرائيلي لتحقيق هذه المصالح، فأميركا كانت تحتاج لإسرائيل، حيث لا تريد هي - أو لا تستطيع - أن تكون مباشرة (أي مفهوم الوكيل أو الأجير في قضايا محددة..).
هل يعني كل ما سبق أن لا أمل في استحواذ تأييد غالبية الرأي العام الأميركي لصالح عدالة القضية الفلسطينية؟ الجواب يتوقّف على مدى «تأهيل المحامي الجيد»، وعلى توفّر الإمكانات المادية اللازمة لكسب هذه القضية، ولتصحيح جملة مفاهيم عنها داخل المجتمع الأميركي.
لكن أجد أنّ الدور الغائب الآن، والذي يبحث عن مؤسسة شاملة وفاعلة، هو الدور الفلسطيني الذي لا يتحقّق بشكل جيد داخل الولايات المتحدة الأميركية. ففي أميركا مئات الألوف من الفلسطينيين، وهم في معظمهم الآن من المواطنين الأميركيين، وفيهم كثافة كبيرة من المهنيين الناجحين جداً في أعمالهم الخاصة، بل إنّ معظم المؤسسات والجمعيات العربية والإسلامية ينشط فيها بدرجة أولى من هم من أصول فلسطينية.
وهناك أيضاً العديد من المتموّلين الفلسطينيين المقيمين في الولايات الأميركية. وهذه كلّها مواصفات لتشكيل قوة سياسية واقتصادية فلسطينية فاعلة، لو جرى الجمع أو التنسيق بين عناصرها المبعثرة. الفلسطينيون، كما العرب عموماً في أميركا، ينجحون في أعمالهم الفردية، ويتعثّرون كثيراً في مؤسسات العمل الجماعي المشترك.
قد يكون مردّ ذلك إلى الانقسامات السياسية الحاصلة حول قضايا عربية مشتعلة الآن، وقد يكون السبب قلّة الخبرة في العمل المؤسساتي، أو طغيان «الأنا» على الـ«نحن»، أو السلبية تجاه العمل المنظم المشترك، أو عادات ومفاهيم تعتبر نجاح «الآخر» وكأنّه فشل للنفس!
لكن مهما كانت الأسباب وراء غياب «العمل الفلسطيني المنظّم المشترَك» على الساحة الأميركية، فإنّ ذلك أصبح حالة سلبية خطيرة لا يجوز استمرارها، خاصّةً في مرحلةٍ أضحت فيها القضية الفلسطينية مُهمّشةٌ دولياً وعربياً، بينما تواصل إسرائيل الاستيطان والتهويد في الأراضي المحتلّة.
ومن الواجب أيضاً أن يقترن بناء «المؤسسة الفلسطينية» الفاعلة في أميركا، بتنسيقٍ مفقود حتّى الآن مع العديد من الشخصيات والهيئات الأميركية غير العربية (بما فيها أيضاً من شخصيات وهيئات أميركية يهودية)، التي تتحرك في عدّة ولايات دعماً للقضية الفلسطينية ورفضاً للاحتلال الإسرائيلي، لكنّها لا تجد الدعم الكافي من العرب والفلسطينيين في أميركا وخارجها.
حبّذا لو يسأل كلُّ فلسطينيٍّ في أميركا نفسه صباح كل يوم: كيف سأخدم قضيتي الوطنية اليوم قبل أيِّ قضيةٍ أخرى وقبل أي مصالح مهنية أو شخصية؟ عندها سيجد كل فلسطيني في أميركا ضرورة قصوى للتجمّع والتنسيق مع باقي الفلسطينيين، في مؤسسةٍ قد حان وقت ميلادها.
«يهودا والسامرة» ويهود بريطانيا
أهداف سويف عن الشروق المصرية
فى الأسابيع الماضية حدثان ضمن عملية الزحف الإسرائيلى المستمر على فلسطين والمقاومة الفلسطينية - والمتضامنة معها - لهذا الزحف. الحدث الأول: فى إطار زيارة الرئيس الأمريكى إلى إسرائيل فى ٢٠ مارس أعد «مجلس المجتمعات اليهودية فى يهودا والسامرة» - أى الهيئة المنظِّمة للمستوطنات التى يقيمها الإسرائيليون فى أراضى فلسطين المحتلة خرقا للقانون الدولى - والمعروف بـ «مجلس الييشا»، طبعة خاصة من كتيب من ٣٢ صفحة، عنوانه «يهودا والسامرة: يهودية، حيوية، واقعية» لإهدائه إلى أوباما. والكتيب يدعو بوضوح تام إلى ضم هذه الأراضى لإسرائيل، ويدلل على أهمية ذلك بالحجج والبراهين والإحصاءات والخرائط.
ويُرجع مجلس الييشا الأهمية الحيوية لضم الأراضى المحتلة إلى: متطلبات أمن إسرائيل، ضرورة انتصار إسرائيل فى الحرب على الإرهاب، ضرورة السيطرة على موارد المياه فى المنطقة، بدون ضم الضفة لا يمكن إتمام تهويد القدس. ويحصى المجلس ما استطاع المستوطنون إنشاءه حتى الآن فى الأراضى المحتلة فيقول: «٤ مدن، ١٣ مجلسا محليا، ١٥٠ مجتمعا (أى مستوطنة) يسكنها ثلاثمائة وستون ألف إسرائيلى ينتشرون فى ٢١٪ من كل الأراضى الواقعة غرب نهر الأردن، وتستعمل هذه المجتمعات ٣٪ من أرض يهودا والسامرة فى الجبال والوديان فيزرعون الكروم والزيتون والخضراوات والزهور النادرة فى اثنى عشر ألف فدان». ويستطرد فى وصف المنطقة مشيرا إلى أهميتها لدولة إسرائيل: «ترتفع الجبال هنا إلى ثلاثة آلاف وستين قدما فوق سطح البحر، ويرقد تحتها أكبر خزان للمياه الحلوة فى إسرائيل - خزان الجبل، الذى ينقسم إلى ثلاثة أحواض تمد دولة إسرائيل بـ ٥٠٪ من احتياجاتها من المياه. وفى يهودا والسامرة هناك ٢٠ حديقة وطنية ومحمية طبيعية تجتذب مليون سائح كل عام، وتدور أحداث ٨٠٪ من الأحداث التى يحكى عنها الإنجيل فى يهودا والسامرة التى تحتوى اليوم على ٤٥ مكانا مقدسا وأضرحة الخيِّريْن. ويعمل سبعة عشر ألف عامل فى زراعات وصناعات المنطقة، بينهم أحد عشر ألف عربى، وتنتشر أكثر من ثمانمائة أماكن للعمل فى ١٤ مركزا صناعيا وزراعيا فى يهودا والسامرة».
وبمقابل هذا الترغيب، يواجه الكتيب القارئ بالترهيب؛ الترهيب المعتاد من الإرهاب الفلسطينى والكراهية العربية، يضاف إليها الآن، وهذا مهم، «الربيع العربي». فإلى جوار صورة فوتوغرافية لميدان التحرير فى يناير ٢٠١١ (معنونة «بداية الثورة الإسلامية فى مصر») يقول النص: «دولة إسرائيل جزيرة من الاستقرار فى شرق أوسط مضطرب. إسرائيل هى الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة، تحوطها نظم شمولية تواجه الآن ثورات وتهديد بالراديكالية الإسلامية. حين تتفاوض إسرائيل اليوم مع البلاد حولها عليها أن تأخذ فى الاعتبار أن أى هدنة يتم الاتفاق عليها سوف تنتهك بعد سقوط النظام تاركة إسرائيل بوعود خاوية، وعدد أقل من الدعامات الاستراتيجية. ثورات الربيع العربى جعلت الشرق الأوسط أقل استقرارا.. والأحداث فى مصر وفى سيناء (!) تثبت أهمية الاحتفاظ بأصول تضمن أمننا بدلا من الاعتماد على معاهدات دولية لحمايتنا». وينهى مجلس الييشا الكتيب بالتأكيد والتوصيات التالية - بالبنط الثقيل:
نحن نؤمن أنه لتحقيق الحلم الصهيونى بعودة إسرائيل إلى أرضها وقيام دولة يهودية فى أرض إسرائيل، هناك عدد من الخطوات يجب على إسرائيل أن تتخذها:
تحقيق الحلم: خطة الخطوات التسع
١ - تجديد الإيمان القوى بالأحقية اليهودية فى الأرض وعدالة اتخاذ الإجراءات التى تضمن السيطرة عليها
٢ - توحيد الأمة وقيادتها
٣ ـ القوة العسكرية والسيطرة على المنطقة عن طريق الأجهزة الأمنية.
٤ ـ القضاء على الإرهاب وإنهاء التحريض فى المدارس الفلسطينية
٥ ـ خلق وضع يجعل من الواضح للمجتمع الدولى أن دولة جديدة غرب نهر الأردن لن تتمتع بمقومات الحياة.
٦ ـ هجرة إضافية لمليون يهودى إلى إسرائيل لضمان غلبة عددية دائمة لليهود فى إسرائيل.
٧ ـ مليون يهودى فى يهودا والسامرة - أى مضاعفة العدد الحالى ثلاث مرات.
٨ ـ إنشاء تجمعات سكنية كبيرة حول المجتمعات الموجودة حاليا فى يهودا والسامرة.
٩ ـ تنفيذ خطة بناء وتطوير وخطة اقتصادية للمليون ساكن فى يهودا والسامرة.
ملحوظة: لنذكر دائما أثناء القراءة ان «يهودا والسامرة» هى رام الله وبيت لحم والخليل ونابلس وجنين وطولكرم وجميع مدن وقرى وأراضى فلسطين التى احتلتها إسرائيل فى الـ٦٧.
الحدث الثاني: فى ٢٥ مارس أصدرت محكمة بريطانية تختص بالفصل فى نزاعات العمل حكما لصالح اتحاد الكليات والجامعات (يو سى يو) فى قضية رفعها المدرس السابق ومنسق حركة «أصدقاء إسرائيل فى أكاديميا»، رونى فريزر، يتهم فيها الاتحاد بالمعاداة للسامية - وهى التهمة المعلقة كسيف داموقليس على رقاب الناشطين فى القضية الفلسطينية فى الغرب. وفى جلسات الاستماع، التى استمرت لمدة أسبوعين فى نوفمبر الماضى، ادعى فريزر أنه قد عومل بعداء وبعدم حيادية أثناء نقاشات ومناظرات الاتحاد حول حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وأن هذا الجرح لمشاعره يعد تهجما عليه كيهودى. (وحملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل دعت إليها منظمات المجتمع المدنى الفلسطينى فى رام الله عام ٢٠٠٤ وتلقفها المتضامنون فى العالم فصارت الآن الوعاء الأكبر والأسرع نموا لحركات التضامن مع فلسطين فى جميع أنحاء العالم). قام بتمويل القضية بعض المنظمات البريطانية المساندة لإسرائيل، أما المحامى الذى قدمها وترافع لفريزر فيها فكان أنتونى جوليوس، وهو من أكثر المحامين شهرة فى بريطانيا (وكان المحامى الذى لجأت له الأميرة ديانا فى طلاقها) وأكثرهم دعما للمشروع الصهيونى، وقد أتى بشهود من أساطين المجتمع المناصر لإسرائيل مثل الكاتب هوارد جاكوبسون، فكان المشهد بمثابة قضية مرفوعة من المؤسسة الصهيونية فى بريطانيا وله وقع إعلامى كبير.
الأهمية الكبيرة لهذا الحكم الذى جاء فى صالح اتحاد العاملين فى الكليات والجامعات ترجع إلى عوامل عدة، منها الملاحظات التى سجلها القاضى فى حيثياته (الواقعة فى ٤٥ صفحة): «ان الإيمان بالمشروع الصهيونى والشعور بالارتباط بإسرائيل أو أى مشاعر مشابهة لا يمكن أن تعتبر صفات محمية (لا يمكن مهاجمتها)، فهى ليست جزءا مكونا فى يهودية الفرد»، و«نحن نشعر بالحزن الشديد لرفع هذه القضية أصلا، فهى - فى صميمها - محاولة - لا يصح السماح بها - للوصول إلى هدف سياسى عن طريق القانون»، «أستشعر فى رفع هذه القضية عدم اكتراث مقلق بالتعددية، والتسامح، وحرية التعبير»، و«يتحين على الناشط السياسى أن يتقبل احتمالات ان يسمع ما لا يحب وان تجرح مشاعره من حين إلى حين» - فبهذا حرر القاضى الاتحادات العمالية والمهنية المختلفة للنقاش والمناظرة والدعوة للمقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية لإسرائيل بدون خوف من الاتهام بالمعاداة للسامية، كما قام بعملية تمكين مهمة للمساندين للحق الفلسطينى من يهود بريطانيا وفجر نقاشا غاية فى الأهمية فى الأوساط اليهودية فى البلاد، كما أصر على رفع المسألة برمتها من المجال الدينى والقانونى وتثبيتها فى المجال السياسى. ومن الجدير بالذكر أن الدفاع قدم وثيقة، ممهورة بتوقيعات خمسين عضوا يهوديا فى الاتحاد، تثنى على الاتحاد وتنفى عنه أى شبهة معاداة للسامية، وهذا أيضا مما يساعد فى الإصرار على التعامل مع القضية من منطلق سياسى وليس من منطلق عرق أو دين أو هوية.
إذاً: هذا هو جزء من التفاعلات والصراعات العالمية التى تؤثر فيما يحدث فى مصر وفى سوريا. فمصر، بموقعها وحجمها وإمكانياتها، وثقلها التاريخى لها أكبر الأثر فى شكل الأوضاع وتطورها فى الأراضى المحتلة، وللأسف نستطيع أن نقول إن هذا الأثر كان إلى الآن أثرا سيئا، فحرب الـ٦٧ التى تورطت فيها مصر أدخلت إسرائيل إلى القدس ومدن الضفة، ومعاهدة كامب ديفيد جعلت من مصر وإسرائيل «شركاء» بأشكال مختلفة، وإدارة محمد حسنى مبارك وجماعته الفاسدة طورت هذه الشراكة وأدارتها لمصلحة إسرائيل وضد مصلحة الفلسطينيين - بل وضد مصالح مصر أيضا (وفى الواقع أن التهمة الشاملة التى يجب أن توجه لمبارك ونظامه هى «إدارة البلاد لصالح أعدائها»). وفى كل هذا لم تختلف مواقف مصر عن مواقف العالم: حكومات متواطئة لا تقف أبدا مع الحق، أفراد يعملون ما يمليه عليهم ضميرهم، ويحاولون ويحاولون أن يوسعوا رقعة هذا العمل، فيتسع إلى مجهودات مهنية، ثم حملات شعبية … وفى حالة مصر والمنطقة تتسع رقعة العمل إلى ثورات مجتمعية ترى أن خلاص البلاد وانصلاح أحوالها لا يتم إلا بانصلاح أحوال المنطقة وإرساء نوع من العدالة فيها كلها.
فى كل ما يحدث فى مصر الآن، وبالأكثر فى سوريا، هل تجلس إسرائيل على حدودنا ساكنة متأملة متمنية لنا الخير؟ الحدود تراب والنضال واحد.
هناك ما يفعله الفلسطينيون...
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
اليوم يظن كثيرون أن الوقت هرب من أيدي الفلسطينيين، وأن ليس لهم الا القبول بالأمر الواقع من استيطان وتهويد للمقدسات وطرد بالملايين من الوطن وحصار تلو الحصار وحواجز وجدران الفصل العنصري وتشويه المعالم لجغرافيا ملهمة ولديار شاهدة على حضارة الإنسان قبل حلول غزوة الهمج ورعاع البشرية من قطعان المستوطنين فاقدي الحس الإنساني او الانتماء للإنسانية الذين أعمتهم أساطير الشر عن رؤية ما يجمع بني الإنسان في إطار واحد.
ولكن ورغم كل ما هو موجود من شر، ورغم ان موجة الكراهية عالية، ورغم ان ظلال الشجرة الخبيثة تغطي المشهد كله، الا ان الشعب الذي حفر تحت الأرض سبلا ليجلب قوت أبنائه، متجاوزا حصارا فرضه عليه العدو بالأصالة والعدو بالوكالة.. هذا الشعب منبع الثورة ومصدر الصمود ومعدن البطولات لن يطول مكثه متأملا، بل سيبدع وسائل الهجوم الإنساني ليستعيد فلسطين من أنياب المشروع العنصري الصهيوني.
أبدع هذا الشعب الحيوي والذي استعصى على التحطيم والإلغاء فخرج بعد كل مجزرة أقوى شكيمة وأشد عزيمة.. لقد أصبح ميدانا للتجارب النضالية المتنوعة من حرب العصابات، إلى اقتحام الفدائيين، إلى انتفاضة الحجارة، إلى حفلات العمليات الاستشهادية والمظاهرات الشعبية والإضرابات الطويلة.. ومع هذا كله، لم يتنازل عن مقاعد الدراسة ونيل أعلى المستويات العلمية وأرقى الشهادات العالمية، كما لم يتسن لشعب من شعوب العرب والمسلمين.. واظهر مزيدا من الطاقات والخبرات الفريدة على مستوى الفكر والاقتصاد والسياسة فازدانت جامعات العالم الشهيرة بأساتذة متميزين من فلسطين، وسطعت أسماء فلسطينية في سماء الفكر والفلسفة والأدب من ادوارد سعيد إلى هشام شرابي إلى أبولغد والدجاني والخالدي وسواهم كثير.
وهذا ما يجعل قادة المشروع الصهيوني يصابون بالإحباط والانتكاسات بعد سنين من حربهم الضروس ضد الشعب الفلسطيني.. وعندما نستعرض نهايات قادة المشروع الصهيوني نتأكد من انتصار الشعب الفلسطيني وتحقيقه الضربة العميقة في قلب المشروع الصهيوني.. كيف انتهى بيڤن وموشي ديان وشامير وشارون وسواهم، حيث اصيبوا بالموت البطيء والإحباط والعزلة.. ثم موقف أبا إيبان وزير خارجية العدو الأسبق، وابراهام بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي وموشيه ارنس وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق وسواهم، حيث انتهوا إلى الإقرار بفشل المشروع الصهيوني.
وأصر الفلسطينيون ان يواجهوا الأكذوبة الصهيونية بمزيد من أدوات الإقناع بالفلسفة والحجة والتاريخ والأدب والسلوك الإنساني ضد العنصرية والجريمة والمؤامرة والدناءة التي يمارسها الصهاينة.. فكان ان حقق الفلسطينيون انتصارات إنسانية كبيرة جمعت إليهم همم الأحرار والشرفاء في العالم فكانت قضيتهم بحق هي عنوان الإنسانية والحرية والشرف الإنساني.
لدى الفلسطينيين عطاءات عديدة مفاجئة ولن تجف منابع الثورة.. ثورة الشعب الفلسطيني التي تلهبها أرواح الأحرار في السجون والمناضلين في الوطن الفلسطيني وخارجه ومعهم شرفاء وأحرار العالم.. وسيرى الجميع ان الموت ليس مصير الشعب، بل الانتصار.
حيفا… الزمن الجميل
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
تصادف هذه الأيام ذكرى سقوط مدينة حيفا في أيدي العصابات الصهيونية، فقبل 65 عاماً وتحديداً في 22- 23 نيسان/ابريل عام 1948 جرى احتلال هذه المدينة البطلة من قبل العصابات التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي في ما بعد. في هذه المناسبة كنت من بين المدعوين للاستماع إلى محاضرة من ابن مدينة حيفا وعاشقها المؤرخ الفلسطيني جوني منصور، الذي كرس كل حياته ونشاطه من أجل التأريخ لهذه المدينة في المناحي المختلفة، حاراتها، شوارعها، أسماء أحيائها وطرقها وكل أماكنها، بما في ذلك سكة الحديد فيها. لقد تعرّضت كل الأسماء العربية فيها إلى العبرنة في محاولة واضحة لشطب تاريخها وهويتها الوطنية العربية وماضيها الجميل. ولو استطاعت إسرائيل إخفاء اسمها وعبرنته لفعلت ذلك. محاضرة المؤرخ الفلسطيني تناولت مختلف جوانب الحياة في المدينة التي كانت منارة علم حضارية شملت الثقافة بمختلف فروعها، والصحافة، وتقدم الحياة الاجتماعية. حيفا شكّلت محجاً للمثقفين والفنانين والروائيين والصحافيين العرب لسنوات طويلة، في حيفا جرى إطلاق لقب ‘كوكب الشرق’ على سيدة الغناء العربي أم كلثوم بعد الحفلة التي أقامتها في هذه المدينة.
في الثلاثينيات وفي حيفا صدرت حوالي أربعين صحيفة ومجلة، من بينها اثنتان صدرتا باللغة الإنكليزية، وفيها تأسس أول اتحاد لعمال فلسطين بقيادة المناضلين سامي طه وأحمد اليماني (أبو ماهر). وقد أُنشئت المسارح والفرق التمثيلية المختلفة، وأقام الشعراء الفلسطينيون وبعض العرب أمسياتهم الشعرية على مسارحها.
حيفا مثّلت بمينائها واقتصادها الصناعي مركزاً للعمال من فلسطين والدول العربية المجاورة، وكانت بحق مصدر إشعاع حضاري كبير لكل المدن على الشواطئ المتوسطية ورغم كل ذلك يأتي المهاجرون اليهود إليها وفي أذهانهم (مثلما زرعت الصهيونية في عقولهم) أن فلسطين أرض خالية ليس فيها من جوانب الحياة شيء، رغم تقدمها.
يخط بنيامين نتنياهو في كتابه ‘مكان تحت الشمس′، أن فلسطين (أرض إسرائيل) كانت مثل صحراء خاوية، جاء اليهود إليها وقاموا بتعميرها ومن هذه النقطة يتساءل رئيس الوزراء الصهيوني: بالتالي أين هو الشعب الذي يسمى فلسطيني؟من وجهة نظره أن الشعب الفلسطيني تم اختراعه بعد عام 1976بعد أن قامت إسرائيل باستعادة ‘يهودا والسامرة’والأراضي التي هي ملك تاريخي لليهود. هكذا يفتئت الحاقد نتنياهو على التاريخ الحضاري لفلسطين.
لقد جذبت فلسطين وتحديداً حيفا والقدس، أنظار الحجاج المسيحيين، خاصة الأوروبيين وجذبت الرحالة، ومن هؤلاء فيلكس شميدت فابري الألماني الذي زار فلسطين بين عامي 1480-1483. وكذلك الفيزيائي الألماني ليونهارد راوخ فولف الذي زارها سنة 1575 ووصف طبيعة تضاريس المنطقة وضمّن تقريره تصنيفاً مفيداً للنباتات والأشجار التي كانت تنمو على الأرض الفلسطينية. يقول الروائي الكبير نيكوس كازنتزاكي في مقالاته التي نشرت عام 1927 في كتابه ‘ترحال’ عن مشاهداته في فلسطين: ‘دلفت إلى داخل مسجد عمر في القدس وأنا مفتون مسحور، كانت الأحرف العربية مجدولة كالأزهار’. وعن أريحا وحيفا يكتب: ‘تراها (أريحا) تتبسم لك كواحة من أشجار أمام بساتين الرمان المزهرة، وأشجار الموز والتين، وكلها محاطة بسياج من أشجار النخيل الطويلة الرشيقة، وتستمتع بالأشعة الكونية الجذابة، ذلك المنظر البهيج نفسه يقابلك في حيفا، فترى البحروالساحل والجبل في تناغم موسيقي جميل، وترى بساتين الرمان المزهرة والمتجددة وبساتين أشجار البرتقال والليمون’. هذا غيض من فيض نستشهد به لواقع فلسطين وحيفا قبل مئات السنين.هذه التي يقول عنها نتنياهو’: بأنها كانت خراباً’.
حيفا كانت ميناءً لتصدير الحمضيات في القرن الثامن عشر منذ عهد ظاهر العمر، الذي أقام سلطته في مناطق عديدة في شمال فلسطين، وبعض المناطق الأخرى، وعقد اتفاقيات تجارة مع العديد من الدول الأوروبية. حيفا شكّلت مركزاً لبعثات ألمانية وروسية وأخرى أوروبية عديدة، ولو لم تكن متقدمة في كل جوانب الحياة لأهملها التاريخ، ولما أتى إليها أحد.
شكّلت حيفا نقطة انطلاق للعمارة ليس في فلسطين فحسب وإنما في المنطقة العربية بأكملها، فلم تكتف بالجوانب الثقافية الحضارية والثقل الاقتصادي، بل شكّلت أيضاً محطة لتطور الحرف والأزياء والفنون المختلفة. هذه هي حيفا، وهكذا كانت فلسطين في العصور الخوالي. يحاول الكيان الصهيوني محو هذا التاريخ، بإهماله المتعمد للمناطق وللآثار والحارات والمواقع العربية، تماماً كما يفعل في عكا ويافا وكافة المدن الفلسطينية الأخرى في منطقة 1948، فممنوع على العربي إصلاح بيته المتداعي، انها دعوة علنية إسرائيلية لفلسطينيي منطقة 1948 لترك بيوتهم والرحيل إلى المناطق التي تأسست في الزمن الإسرائيلي الأسود. الكثير من المواقع في المدن الفلسطينية مهددة بالزوال والاندثار نتيجة لمنع إسرائيل ترميمها.
كما يجري الاستيلاء على الكثير من هذه المواقع تحت حجج مختلفة.
سقوط مدينة حيفا كانت مؤامرة مشتركة بين العصابات الصهيونية وقوات الاحتلال البريطــــانية، فقد أطبقت قوات هذه العصابات على الأحياء العربية، ودعت ناسها الى الخــــروج من بيوتهم تحت طائلة القتل (ومن لم يخرج قامت باخراجه بالقوة بعد قتل بعض أفــــراد العائلة) لقد جرى إغــــلاق كافة المــــداخل من قبل القوات البريطانية (وذلك منعاً لدخول أية مساندة من القرى العــــربية المحيطة بالمدينة) وسط مقاومة باسلة من المقاومين الفلسطينيين والعرب المؤازرين، ولكن بأسلحة قليلة (لا تتجاوز البنادق القديمة).
كان هذا في الوقت الذي قامت فيه إسرائيل بالعديد من المجازر في فلسطين (ومنها مجزرة دير ياسين في 9 نيسان/ابريل 1948) خاصة في منطقة الشمال.
هذا في ظل تسليح القوات البريطانية للإسرائيليـــــين. أسالت العصابات الصهيونية، البترول في الطرق المؤدية إلى الأحياء العربية وأشعلت فيــــها النيران، باستثناء المنافذ المؤدية إلى البحر، في الوقت الذي جُهزّت فيه قوارب حملت الفلسطينيين إلى الشواطئ العربـــية في لبنان وسورية.
هكذا سقطت مدينة حيفا وأُجبر أهلوها على مغادرتها. حيفا مثّلت انطلاقاً لثورة الشهيد العربي السوري الشيخ عز الدين القسام وفي جوامعها بنى هيكيلية تنظيمه. حيفا كانت أيضاً مركزاً للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني ومن قبله ضد الحكم الاستعبادي العثماني.
حيفا مدينة جميلة مثل كل المدن الفلسطينية، خاصة الشاطئية منها، شكل اليهود في أواخر القرن التاسع عشر ما نسبته 6′ من سكانها، وبعد عام 1948 أصبحوا الأغلبية فيها.
أهلها مثل كل فلسطينيي منطقة عام 1948 يعانون تمييزاً عنصرياً صهيونياً سافراً. يقفون الآن بكل ما أُعطوا من قوة للحفاظ على عروبتها بكافة السبل والوسائل المتاحة: ماضياً وتاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، ومن بينهم المؤرخ المبدع جوني منصور، الذي قدّم محاضرة قيمّة عن مدينته ومدينة كل الفلسطينيين والعرب. حيفا هذه التي لن ينساها فلسطيني أو عربي من المحيط إلى الخليج. حيفا سيجري تحريرها إن آجلاً أو عاجلاً مثل كل الأرض الفلسطينية، وستعود إلى أهلها وإلى ماضيها الجميل، سيرحل الصهاينة عن ترابها مثل كل الغزاة المستعمرين من قبلهم، وستعود فلسطينية عربية مثل كل أرض فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر.
توقيت صواريخ ايلات
رأي القدس العربي
تحتفل اسرائيل هذه الايام بذكرى ولادتها، الذي يعني بالنسبة الى مئات الملايين من العرب والمسلمين اغتصاب الارض الفلسطينية وتشريد الملايين من ابناء شعبها في المنافي ودول الجوار.
ومن هنا لم يكن من قبيل الصدفة ان تطلق جماعة جهادية سلفية (مجلس شورى المجاهدين) صاروخين باتجاه ميناء ايلات (ام الرشراش). ما زال الجدل دائرا عما اذا كان هذان الصاروخان اطلقا من قطاع غزة او من شبه جزيرة سيناء.
مجلس شورى المجاهدين الذي يعتبر واحدا من اهم الجماعات الجهادية في قطاع غزة، قال في بيان اصدره ‘تمكن اسود المجاهدين في اكناف بيت المقدس من استهداف مدينة ام الرشراش المحتلة (ايلات) بصاروخين من طراز غراد صباح الاربعاء كرد اولي على استمرار معاناة الاسرى المستضعفين في السجون الاسرائيلية وعلى وفاة الاسير الفلسطيني ميسرة ابو حمدية، وقتل الجيش الاسرائيلي شابين من طولكرم في مظاهرة احتجاج على وفاته’.
الجماعة الجهادية لم تقل في بيانها من اين اطلقت هذين الصاروخين، لكن، وبالنظر الى احداث مماثلة، من المرجح ان تكون قاعدة الاطلاق سيناء، رغم ان الجيش المصري ما زال يحقق لمعرفة ما اذا كان الصاروخان قد اطلقا من سيناء. ولا نستبعد ان تطول هذه التحقيقات لتجنب الاعتراف بالحقيقة.
الجانب الاسرائيلي تجنب توجيه اي لوم للسلطات المصرية، واكد ان التنسيق الامني مع ‘الجار’ المصري افضل مما كان عليه الحال في السابق، بينما رد بيان صادر عن رئاسة الجمهورية بتأكيد هذه الحقيقة، والاشارة الى ان مصر ضد الاعتداء على اي دولة اخرى بالصواريخ او غيرها.
هذا الحرص المتبادل من الجانبين المصري والاسرائيلي على عدم تبادل الاتهامات، وبالتالي الصدام، يعكس حجم الحرج الذي يعيشانه حاليا، جراء حالة الفلتان الامني في جزيرة سيناء وتحولها بشكل متسارع الى ‘دويلة’ شبه فاشلة تتآكل سيطرة الحكومة المركزية عليها بمضي الايام.
صحيح ان الصاروخين سقطا في منطقة غير مأهولة، ولم يتسببا بأي اضرار بشرية او مادية، ولكن اثرهما النفسي اخطر بكثير من خطرهما البشري والمادي، لان القبة الحديدية التي يعول عليها الاسرائيليون كثيرا لحمايتهم، وانفقوا مليارات الدولارات، نسبة كبيرة منها قادمة من امريكا، فشلت في التصدي لهما وتدميرهما قبل الوصول الى اهدافهما.
استهداف ايلات او ام الرشراش، استهداف مقصود، لان هذه المدينة تعتبر، وفي مثل هذا التوقيت، الوجهة الاساسية للسياح اليهود القادمين من مختلف انحاء العالم، والسياحة وانعدام الامن لا يلتقيان ابدا تحت سقف واحد.
اسرائيل نعمت باكثر من ثلثي عمرها بسبب هدوء جبهة سيناء، وخروج مصر من دائرة الصراع العربي ـ الاسرائيلي من بوابة كامب ديفيد، وعودة السخونة الى هذه الجبهة مجددا سيشكل القلق الاكبر لحكام تل ابيب ولكل اليهود في فلسطين المحتلة.
هذان الصاروخان افسدا الاحتفالات الاسرائيلية بالذكرى الخامسة والستين لقيام دولة اسرائيل، مثلما افسدا على بنيامين نتنياهو مشاركته في حفل تأبين السيدة مارغريت ثاتشر، حيث كان من بين الفي مدعو شاركوا فيه من مختلف انحاء العالم.
من المؤكد ان الهدوء الذي نعمت به اسرائيل منذ اربعين عاما تقريبا، وبالتحديد منذ حرب اكتوبر عام 1973 مرشح للتبخر بطريقة متسارعة، بسبب حالة عدم الاستقرار في المنطقة العربية حاليا، فجبهة الجولان مرشحة للتسخين بعد جبهتي سيناء وغزة، ولا نستبعد ان تكون جبهة الاردن تسير على الطريق نفسه، فماذا سيفعل المقاتلون السلفيون في سورية بعد عودتهم الى الاردن، هل سيلعبون الورق (الكوتشينة)؟
صاروخان على إيلات: سيناء المعقّدة و«القبة» العاجزة
حلمي موسى عن السفير
للمرة السابعة في السنوات الثلاث الأخيرة تتعرض مدينة إيلات على خليج العقبة لهجوم صاروخي من شبه جزيرة سيناء. وقد أعلنت جماعة سلفية قريبة من تنظيم «القاعدة» تدعى «مجلس شورى المجاهدين» مسؤوليتها عن إطلاق صاروخين، بل ووزعت شريطاً مصوراً عن الإطلاق. وتؤمن جهات أمنية واسعة في إسرائيل أن المواجهة الإسرائيلية في سيناء هي الأشد تعقيداً بسبب ارتباطها بالوضع العام في مصر ومعاهدة السلام القائمة بين الدولتين.
والواقع أن إطلاق صاروخين على إيلات لم يشكل مفاجأة كبيرة. وعدا عن أن هذه هي المرة السابعة التي تطلق فيها صواريخ على إيلات، فإن إسرائيل تباهت في الأسبوعين الأخيرين بأنها نشرت بطارية «قبة حديدية» في المدينة لحمايتها من الصواريخ بعدما باتت تعتبرها، ولو ضمنا، منطقة مواجهة. وفور إعلان خبر سقوط الصواريخ على إيلات، جرت الإشارة إلى أنه سبق ذلك توفر معلومات استخبارية عن نية جهات معادية إطلاق صواريخ على المدينة. وتساءل كثيرون عن كيف أنه وبرغم المعلومات المسبقة المشار إليها، وبرغم نشر بطارية «القبة الحديدية»، لم يحدث اعتراض لهذه الصواريخ التي بالصدفة لم توقع خسائر في الأرواح أو أضراراً مادية برغم سقوطها داخل مناطق مأهولة. وقد أوقفت إسرائيل عمل مطار إيلات الحيوي على الأقل لمدة ساعة بعد إطلاق صافرات الإنذار في المدينة. وقررت إبقاء الملاجئ مفتوحة تحسباً لتطورات غير متوقعة.
لقد قاد نشر منظومة «القبة الحديدية» في إيلات إلى تساؤلات حول ما إذا كان دم «الإيلاتيين» أشد زرقة من دماء باقي الإسرائيليين. فالمخاطر على المناطق المحاذية للحدود مع قطاع غزة أو مع لبنان وحالياً مع سوريا أشد بكثير من المخاطر على إيلات. فلماذا اختارت إسرائيل نشر واحدة من خمس بطاريات هناك؟ ويرد أنصار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن إيلات هي المدينة الوحيدة في إسرائيل التي تعتاش على السياحة الداخلية والخارجية، وأن ضرب الهدوء فيها يعني إطلاق رصاصة قاتلة على المدينة. وأعلن رئيس بلدية إيلات مئير اسحق هاليفي أن «مدينة تقوم على السياحة لا يمكنها أن تسمح لنفسها بتلقي صواريخ. هذا مساس شديد جداً بوريدنا الاقتصادي المركزي». وإضافة لذلك فإن إيلات هي المدينة الوحيدة، التي تتسم بطابع إستراتيجي مميز ليس فقط لأنها المخرج الضيق الوحيد إلى خليج العقبة والبحر الأحمر، وإنما لأنها الأقرب جداً إلى حدود ثلاث دول هي مصر والأردن والسعودية.
ولأن الأمر كذلك تساءل كثيرون عن معنى فشل منظومة «القبة الحديدية» في اعتراض هذه الصواريخ، ولم يتقبلوا التبريرات التي طرحت سواء لصعوبة الوضع الجغرافي ـ ضيق القطاع الساحلي لإيلات بين الحدودين المصرية والأردنية ـ أو لأسباب فنية تتعلق بحداثة البطارية وعدم اكتمال الاختبارات عليها. ولكن كل التبريرات لم تغط الإحساس بالعجز، الذي نبع ليس فقط من سقوط الصواريخ، وإنما كذلك من الإيمان بضعف أو انعدام القدرة الردعية الإسرائيلية في سيناء. صحيح أن الإسرائيليين يتحدثون عن تحسن التنسيق الأمني مع الجانب المصري الذي يبذل جهوداً كبيرة لمنع تهريب الأسلحة أو استيطان عناصر «الجهاد العالمي» في سيناء، ولكن اختبار النتيجة يشير إلى تعاظم المخاطر.
ولاحظ المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن إسرائيل تواجه مصاعب في سيناء تنبع ليس فقط من ضعف المعلومات الاستخبارية، وإنما أساساً من غياب القدرة على ترسيخ ردع في مواجهة الجماعات الجهادية. فهذه الجماعات لا تمتلك عناوين، ولا مرتكزات يمكن تهديدها باستهدافها. ويخلص إلى أن صواريخ إيلات تشير إلى علائم الزمن الراهن: «إنها شهادة على فترة غير مستقرة، غدت فيها التعابير القديمة عن الردع، الإنذار وموازين المصالح المتبادلة غير صالحة بالقدر الذي كانت فيه طوال السنوات السابقة».
وكانت جماعة «مجلس شورى المجاهدين» قد نشرت شريطاً مصوراً لإطلاق الصواريخ، وأصدرت بياناً قالت فيه إن العملية تأتي في إطار «نصرة الجهاد للأسرى المستضعفين» في «سجون اليهود»، خصوصاً بعد استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية. وتجدر الإشارة إلى أن أمس كانت الذكرى السنوية الـ39 لـ«يوم الأسير» في المعتقلات الإسرائيلية. وأكدت الجماعة أنها استهدفت إيلات بصاروخين من طراز «غراد» صباح أمس، ثم «انسحبت بأمان».
وبرغم أن الموقف المصري تحدث في البداية عن إنكار إطلاق الصواريخ من سيناء، إلا أنه عاد وأشار إلى أن الأمر موضع تحقيق، وأن طواقم فنية أرسلت للتحقيق، فيما أعلنت الرئاسة المصرية أن التنسيق الأمني قائم مع إسرائيل. وشنت أجهزة الأمن المصرية بعد ذلك حملات تفتيش في المناطق المحاذية للحدود مع إسرائيل، في حين نصبت الشرطة حواجز على الطرق الرئيسية في سيناء.
إسرائيل تشن حرب الخليج المقبلة!
عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
في تل أبيب يحسبون تكاليف الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، إن قرروا المضي وحدهم في المغامرة. يقولون وصل إليهم التزام أميركي بدفع أكثر من مائتي مليون دولار لتمويل النظام الدفاعي المسمى بالقبة الحديدية، الذي يحمي من الهجمات الإيرانية وغيرها، فيه كل بطارية ستكلف خمسين مليون دولار، وكل صاروخ اعتراضي ثمنه أربعون ألف دولار.
والأهم من قراءة فاتورة المشتريات هو ما صرح به رئيس الأركان الإسرائيلي الذي أكد أن القوة الإسرائيلية وحدها قادرة على شن الهجوم على المنشآت النووية في إيران. وعندما سئل فيما إذا كان للجيش الإسرائيلي قدرة على مهاجمة إيران وحده كرر إجابته: «قطعا، نعم». كلامه موجه إلى الإيرانيين، وحتى الأميركيين، بعد فشل المفاوضات الأخيرة. فإيران ماضية للنهاية في مشروعها كما قال متحديا رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي: «لن نتعب من هذه المفاوضات، ونحن على يقين بأن هذه المفاوضات ستؤدي إلى قبول الدول الغربية لإيران دولة نووية». إن إسرائيل تهدد الإيرانيين وتحذر الأميركيين الذين يصرون على خيار التفاوض من أن المفاوضات طالت بلا طائل. ويخشون أنها ستطول حتى يبلغ النظام في طهران مرحلة امتلاك السلاح النووي الذي يستحيل بعده الاشتباك معه عسكريا.
السؤال: هل علينا أن نخاف من صراع إيراني إسرائيلي؟ نعم، لأن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية المحصنة قد ترد بإطلاق النار على كل ما هو أمامها؛ القوات الأميركية في الخليج والدول الخليجية بالتأكيد، مع أننا لن ندري عن الهجوم إلا من مطالعة التلفزيون. وسيتسبب الإسرائيليون في حرب أطول مما تخطط له وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأكبر من الحروب التي شهدتها المنطقة. طبعا هذا احتمال، والاحتمال الآخر أن يكون الهجوم الإسرائيلي ماحقا يعجز الإيرانيون عن الرد عليه، ويكتفون بالتهديد والوعيد، ويصبح مشروعهم النووي من التاريخ. لا يمكننا النوم على الاحتمال الثاني، الأقل ضررا، لأن كل الحروب التي عرفناها بقيت مضاعفاتها مدمرة، وعمرها أطول مما قدر له من قبل مشعليها. وفي نفس الوقت لا يعقل أن يستيقظ العالم وإيران قوة نووية، لأننا نعرف جيدا أنها لن تتورع عن استخدامها لتهديد دول الخليج والعالم. والمشكلة ليست في السلاح النووي بحد ذاته، لأن باكستان في عام 1998 أجرت خمسة تفجيرات نووية أكدت حيازتها للقوة النووية، إلا أنها لم تكن تمثل خطرا على أحد، ومشروعها جاء للتوازن النووي مع عدوها الهند التي سبقتها بامتلاك السلاح النووي ببضعة أسابيع. أما إيران، مثل كوريا الشمالية، فلا يمكن التنبؤ بتصرفاتها إن كانت تنوي الهجوم على السعودية أو إسرائيل أو أوروبا. وحتى لو لم يضغط المرشد الأعلى علي خامنئي على الزر النووي فإن إيران ستستخدم سلاحها النووي لابتزاز دول المنطقة، وستفرض تعليماتها عليهم بدءا من البحرين، ولن يستطيع بلد طلب العون الخارجي في حال مهاجمته بالأسلحة التقليدية لأن السلاح النووي رادع بذاته ضد أي تدخل خارجي!
ومع أن الإسرائيليين يدركون أن ترسانتهم النووية الهائلة قادرة على دك إيران ردا على أي هجوم نووي إيراني، ويفترض أنه يردع شخصا مثل الرئيس نجاد أو المرشد الأعلى من التفكير في الهجوم على إسرائيل، لكن هذا النمط من توازن الردع يصلح لدول تقودها قيادات متعقلة. حتما لا يمكننا التنبؤ بتصرفات قيادة طهران إلا من خلال سجلهم السيئ في تمويل الأعمال الإرهابية والنزاعات. حتى المرشح الرئاسي مشائي، الذي يفضله الغرب والخليجيون على بقية السياسيين، من المؤمنين المتعصبين لعودة الإمام المهدي بما تعنيه الكلمة دينيا من الاستعداد للتضحية في سبيل عودته. بعدا هذا كيف يمكن الوثوق بإيران نووية؟
هل يخلع الإبراهيمي العباءة العربية عن مهمته السورية؟
خلافات خليجية تحبط مخططاً قطرياً لخطف أمانة «الجامعة»
محمد بلوط عن السفير
الثأر في نيويورك لما جرى في الدوحة والقاهرة، أو الصدام بين وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم وسياسة الاستحواذ على الجامعة العربية ومبعوثيها وبين الديبلوماسي الجزائري العتيق الأخضر الإبراهيمي والنزعة الاستقلالية. الإبراهيمي حاول التخفف من عبء تمثيل جامعة العرب وتنفس الصعداء، والاكتفاء برسالة بان كي مون إلى الرئيس السوري بشار الاسد والعواصم الأخرى للعودة بها مرة أخرى إلى العملية السياسية بعنوان وحيد ومقبول: الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا فحسب، من الآن فصاعداً. أما المبعوث «العربي» الإبراهيمي فإلى ركن منسي، مع صفعة ديبلوماسية لم يسبق أن وجهها مبعوث دولي من عيار الأخضر الإبراهيمي إلى الجامعة العربية.
هذه الأخيرة كادت أن تتعرّض في الساعات الأخيرة، مع إدارة الديبلوماسي الجزائري المخضرم ظهره لها، إلى خسارة معنوية فادحة لم يسبق لمنظمة إقليمية بحجمها ومكانتها، دخلت بشراكة مع الأمم المتحدة، أن شهدتها. وبهذه الصفعة الاستقالة، يواجه كذلك محور الدوحة اسطنبول - الرياض والأمانة العامة للجامعة العربية الردّ العربي (القاسي) الوحيد، من دون إرادة من الإبراهيمي ربما، على تكريسه «الائتلاف» ممثلا لسوريا في قمة الدوحة، من دون حسبان مخاطر موقف تكليفه (الإبراهيمي) بوساطة دولية فيما يعلن أطرافه الحرب وينحازون للخيار العسكري، ويدعون من شاء لتسليح المعارضة بينما هو يدعوها في جنيف وبرلين ولندن إلى الحوار.
وبتصريح صحافي ينهي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أسبوعين من توقعات متضاربة حول المدى الذي سيذهب إليه الأخضر الإبراهيمي في الاحتجاج على الطعنة التي وجهها القطريون والأتراك والسعوديون والمحور الخليجي في قمة الدوحة لمبعوثيته العربية والدولية، وما إذا كان سيلقي بعيداً عن كاهليه بشقي المهمة الدولي والعربي معاً أو يرجح الدولي منهما إذا ما قرر البقاء. فمنذ اعتراف الجامعة العربية بـ«حكومة الائتلاف» أضحى صعباً على الإبراهيمي الجمع بين المبعوثية العربية والأممية، لأنه من غير الممكن مبدئياً، الجمع بين العمل على قيام حكومة انتقالية كما تنص مرجعية جنيف، وبين تمثيل مجموعة كالجامعة العربية تقيم وتؤيد «حكومة مؤقتة» تسيطر على قسم من سوريا، وتعارض في السياسة والتسليح حلّ الحكومة الإنتقالية الذي كلفته الأمم المتحدة وضعه حيّز التنفيذ. وحتى مساء أمس حاول بان كي مون إعادة ساعة الإبراهيمي إلى الوراء، مؤكداً التسريبات عن نية الإبراهيمي التخلي عن مبعوثيته العربية ورافضاً في الوقت ذاته فصم الشراكة بين الجامعة العربية والأمم المتحدة في سوريا، متمثلة حتى الساعة بمهمة الإبراهيمي. ووصف بان كي مون فكرة تخلي الإبراهيمي عن المبعوثية العربية والبقاء مبعوثاً أممياً حصرياً بالقول إن الإبراهيمي كان وسيبقى ممثلاً خاصاً ومشتركاً للجامعة والأمم المتحدة.
وكانت الأمم المتحدة قد بدأت في العقد الأخير سياسة شراكة ديبلوماسية مع المنظمات الإقليمية كالجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ومجلس التعاون الخليجي لحل الأزمات في دارفور والصومال واليمن ومالي وغيرها، وتشكل مبادرة الإبراهيمي في سياقها نكسة كبيرة. ولكنه من غير المستبعد أن يلجأ الابراهيمي إلى الإستقالة كلياً، بسبب المرارة الكبيرة التي يعانيها جراء المواقف القطرية بشكل خاص، كما أنه ليس من المستبعد أن تفضل الأمم المتحدة الإبقاء على شراكتها مع الجامعة العربية والطلاق مع الإبراهيمي مع قناعة أممية أن الجامعة العربية تعطل العمل الأممي، وهي قناعة تدعمها روسيا بشكل خاص. ويُذكر أن اسم مدير مكتبه الدمشقي مختار لماني، وهو ديبلوماسي مغربي محترف، بات يطرح في الساعات الأخيرة لخلافته إذا ما قرر الإبراهيمي الذهاب حتى النهاية، ولم يستطع الاحتفاظ بالمبعوثية الأممية كما يرغب.
ورفض الإبراهيمي محاولات قام بها الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي لثنيه عن قراره الاستقالة من مبعوثيته العربية في الساعات الأخيرة، تخللها نفي أن يكون العربي قد تلقى أي استقالة من الإبراهيمي. وقال مصدر ديبلوماسي عربي لـ«السفير» إن الإبراهيمي جاء إلى القاهرة وأبلغ الجامعة العربية بعد مؤتمر الدوحة مباشرة رغبته بالتخلي عن تكليفه بمبعوثية الجامعة العربية للتفرغ للعمل للأمم المتحدة. وأبلغ الإبراهيمي العربي أنه يقوم بذلك بعد تشاوره مع الأمين العام للأمم المتحدة، ما يعني أن الأمانة العامة للأمم المتحدة كانت تشاطره الرأي في تعطيل الموقف العربي، من الآن فصاعداً، للمهمة الدولية. وقال المصدر العربي إن «الإبراهيمي بات يدرك أن الأمين العام للجامعة العربية رجل ضعيف، لا يمكن التعويل عليه، وقد أصبح دمية بيد القطريين الذين يستخدمونه لتنفيذ سياستهم السورية في الجامعة العربية وهو عاجز عن مقاومة طلباتهم».
وفي السادس من نيسان الماضي، عاد مبعوث الإبراهيمي إلى دمشق مختار لماني، عبر بيروت، في زيارة هي الأخيرة للقاء المسؤولين السوريين بعدما كان مكتبه قد أغلق لأسباب أمنية أسابيع مضت. ويبدو أن السوريين كانوا على اطلاع باتجاه الإبراهيمي إلى إحياء مهمته بالتخلي عن حقيبته العربية، وقد شكلت الزيارة محاولة لترميم العلاقات مع السوريين الذين شنوا حملة واسعة على الإبراهيمي رداً على مجموعة من المواقف اعتبروا فيها أنه خرج بها عن إطار مهمته وحيادها.
كما أبلغ الإبراهيمي الجامعة العربية أن لماني قد يصبح قناة الاتصال الأخيرة مع دمشق إذا ما رغبت، وهو على اطلاع واسع بكافة التطورات الداخلية، ولكن تكليفا عربياً لم يصدر حتى الآن بشأنه.
وكان القرار العربي في الدوحة قد أجهز على كل محاولات الحل السياسي بنظر الإبراهيمي، وأدى إلى إضعافه إزاء الأمم المتحدة، وشركائه الروس بشكل خاص. إذ أغلقت بوجهه طريق موسكو، المستاءة من الموقف العربي وانحيازه إلى خيار المعارضة المسلحة بأي ثمن. وعليه، أصبح إخراج الجامعة العربية والقطريين من حيّز الوساطة ونزع شراكتها مع الأمم المتحدة شرطاً روسياً لكي يستعيد الإبراهيمي المدد الديبلوماسي الروسي. وأصبح عسيرا عليه المضي في مهمته من دون الدعم الروسي الحيوي لبيان جنيف، ولبقائه في منصبه وهو ما خبره في تغييبه في الأشهر الأخيرة عن الملف السوري، بل وتجاهله في البيانات الدولية عنها، لاسيما بيان دول «البريكس» في جنوب أفريقيا، قبل أن يبعثه من الغيبة بيان وزراء خارجية الدول الثماني في لندن الأسبوع الماضي. كما أنه لم يُقيّض للإبراهيمي أن يلتقي أيا من وزير الخارجية سيرغي لافروف أو مساعده ميخائيل بوغدانوف، منذ كانون الثاني الماضي، وهو ما اضطره إلى مصارحة الكثيرين من الديبلوماسيين عن ضيقه بالمهمة وشعوره بالضجر، من دون أن يفكر بالتخلي عن منصبه جديا. وعانت العملية السياسية من تجميد روسي مع الأميركيين بعد أربعة اجتماعات متتالية أحيت الأمل بتفاهم عليها. وكان الروس قد أرسلوا إشارات عديدة تفصح عن تفضيلهم، العودة إلى صيغة تنزع الغطاء الدولي عن الجامعة العربية، إزاء حقيقة أن أكثر الاجتماعات المتعلقة بسوريا، لم تعد تعقد في القاهرة وإنما في الخارجية القطرية مباشرة، تحت إشرافها، وأن الإبراهيمي لم يعد لاعبا مهما.
وكان الإبراهيمي قد اصطدم منذ بداية تكليفه الصيف الماضي بالمبعوثية المزدوجة بالقطريين وسيطرتهم على اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا، عندما رفض استدعاء حمد بن جاسم له إلى فندق «الفصول الأربعة» في القاهرة في شبه إملاء للديبلوماسي المخضرم، الذي رد بتوجيه دعوة للاجتماع في مقر الجامعة العربية. ومنذ البداية، كان الإبراهيمي يشتبه بوجود رهان عسكري عربي وشكك لدى مقربين بوجود نوايا قطرية وعربية لاستخدامه لتمرير الوقت وفرض الوقائع على الأرض. كما اشتكى من انعقاد معظم اجتماعات الجامعة بشأن سوريا في الدوحة وليس في مقر الجامعة العربية في القاهرة، بإشراف الخارجية القطرية. وهكذا كان الإبراهيمي يفضل أن يقتصر تكليفه على رسالة بان كي مون في الأمم المتحدة، فضلا عن أن دمشق نفسها، لم تأخذ على محمل الجد مبعوثيته العربية، ولم تقبل أن تستقبل مساعده ناصر القدوة المعين مبعوثا عربياً.
ويُعدّ مجرد رمي الإبراهيمي بالمبعوثية العربية جانباً صفعة للقطريين بشكل خاص، لأنه يقتصر على التخلي عن الشق العربي وحده من دون الدولي، ما يشير بوضوح إلى أن الإبراهيمي يتهم العرب بعرقلة مهمته. كما أن التوقيت الذي قام بتقديمه أربعا وعشرين ساعة على الموعد الأساسي للتقرير الذي كان عليه أن يقدمه مساء اليوم، وليس أمس، يعمق هذا الاتهام، وينزع عن الجامعة العربية شرعية تمثيل موقف عربي جامع. وقبل أيام من تقدمها أمام الجمعية العامة بطلب التصديق على قرارت الدوحة، وتسليم مقعد سوريا في الأمم المتحدة لـ«الائتلاف»، يقوم مبعوثها العربي الجزائري بردّ علمها وعناوينها ورفض تمثيلها، مثيراً سجالاً مشروعاً حول حقيقة موقفها من الحل السياسي في سوريا، رافعاً الغطاء عن خلافات داخل المجموعة العربية، وهيمنة محور إقليمي فيها على سياسات الجامعة وتوجهاتها على حساب المجموعات العربية الأخرى. وتعيد الاستقالة من المبعوثية العربية وحدها الإبراهيمي إلى المربع الأميركي - الروسي الأول، حيث من المنتظر أن يدفع ذلك الروس إلى مساعدته على تليين موقف دمشق منه، ودفعها إلى استقباله قريباً، وإحياء مهمته وعودته إلى العمل على خط دمشق ــ موسكو ــ واشنطن.
ويفصح قرار الإبراهيمي أيضا عن إدراك لتحول موقف الجامعة عبئا كبيرا على العملية السياسية، وان الجامعة العربية بقيادة تركية ــ قطرية ــ سعودية أصبحت جزءا من المشكلة وطرفا في الخنادق السورية، وليست جزءا من الحل أو طرفا يمكن للإبراهيمي أو غيره أن يتحمل ثقل تمثيله.
وقد تزامن خروج الإبراهيمي من عباءة الجامعة العربية، مع احتمال اندلاع أزمة تشهدها المؤسسة العربية الأكبر حول تجديد أمانتها العامة. ويقول مصدر ديبلوماسي عربي لـ«السفير» إن الأمين العام الحالي للجامعة العربية لن يكمل ولايته، وسيقوم بتقديم استقالته في الثاني والعشرين من أيار المقبل، مع قضائه عامين في الأمانة العامة. وبحسب المصدر العربي، يشعر الأمين العام أنه لم يعد قادراً على الاستمرار في تولي منصبه الحالي لأسباب صحية، وبسبب الضغوط السياسية الكبيرة التي يتعرض لها في الملف السوري وشعوره بأنه تعرض للاستغلال من قبل القطريين وغيرهم. ويبقى العربي حتى أيار لإنجاز مجموعة من الملفات من بينها ملف يتعلق بلقاء مع أوباما نهاية الشهر الحالي.
وكانت استعدادات قطرية تقضي بالقفز على موقع الأمانة العامة للجامعة العربية بمجرد استقالة العربي من منصبه. ووفق السيناريو المتفق عليه منذ العام الماضي، كانت دول الخليج قد توافقت على ترشيح عبد الرحمن العطية، وهو وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري لخلافة العربي، ولكن الملف السوري أعاد خلط الأوراق القطرية، وخرّب حسابات الإمارة الصغيرة لتزعم أكبر منظمة إقليمية عربية في أحرج الأوقات، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الجامعة العربية، باستثناء ترؤس التونسي الشاذلي القليبي لها خلال الحرم العربي لمصر السادات، بعد توقيعها اتفاقية «كامب دايفيد» العام 1978.
ويقول الديبلوماسي العربي إن الخليجيين تراجعوا عن وعودهم بوضع قطر على رأس الجامعة العربية، بسبب الدعم القطري المعلن لـ«الإخوان المسلمين» واتهامها بتشكيل محور إخواني - قطري يهدّد العائلات الخليجية الحاكمة، وخروج الخلافات بشأنهم إلى العلن بين قطر والإمارات والسعودية. وبحسب السيناريو الجديد، من المنتظر أن يطرح السعوديون والإماراتيون مرشحاً مصرياً مقرباً من «الإخوان»، هو وزير الخارجية المصري الحالي محمد كامل عمرو.
الاسد يهدد بتفجير المنطقة
عبد الباري عطوان عن القدس العربي
لا جدال في ان الرئيس السوري بشار الاسد محاصر امنيا وعسكريا على الارض، ولكنه بات طليقا في الفضاء، والاعلامي منه على وجه الخصوص، مما يعني ان نظريته التي اطلقها سابقا، في منتصف عمر الازمة السورية وقال فيها ‘اننا نسيطر على الارض وهم يسيطرون على السماء’ في اشارة الى القنوات الفضائية العربية المؤثرة، قد ‘تغيرت’ ان لم تكن قد ‘انقلبت’ ولو جزئيا.
فعندما يدلي الرئيس السوري بحديث الى صحيفة اجنبية، ولو كانت شبه مجهولة، فان مضمونه يتصدر العناوين الرئيسية في معظم الصحف ونشرات الاخبار المتلفزة على طول عالمنا وعرضه، ويعكف الخبراء على تحليله وقراءة ما بين سطوره، وكذلك اجهزة المخابرات العالمية.
بالامس اختار الرئيس الاسد قناة الاخبارية السورية، التي حجبتها الجامعة العربية واقمارها الصناعية، للادلاء بحديث بمناسبة عيد الجلاء، احتلت فقرات منه مكانا بارزا في القنوات الفضائية الصديقة والمعادية، حتى قبل بثه على الهواء مباشرة بساعات.
الحديث الصحافي الذي جرى الاعداد له بطريقة جيدة، ولا نستبعد ان تكون الاسئلة جرى اعدادها بشكل دقيق مسبق من القسم الاعلامي في القصر الجمهوري، ولم يتعد دور المذيعة والمذيع قراءتها، والالتزام بالنص حرفيا لان الاجتهاد ليس ممنوعا فقط، وانما قد تترتب عليه عواقب وخيمة.
رسائل عديدة اراد الرئيس الاسد ايصالها لجهات عديدة من خلال هذا الخطاب المقابلة نوردها في النقاط التالية:
اولا: التركيز بالدرجة الاولى على خطر تنظيم ‘القاعدة’ ومحاولة تحذير الغرب من اخطاره، ليس في سورية فقط وانما في قلب اوروبا وامريكا، وكأنه يقول ‘نحن في خندق واحد، والخطر يشملنا جميعا، وانا مستعد للتعاون معكم في مواجهة هذا التنظيم، اذا اردتم.
ثانيا: الربط بين وجوده واستمراره في الحكم وبين وجود سورية كدولة وكيان، عندما يقول ‘لا خيار لنا غير الانتصار في هذه الحرب الدائرة منذ سنتين، والا فان سورية ستنتهي’ في تلميح مباشر الى احتمالات تفتيت سورية على اسس عرقية وطائفية في حال سقوط النظام وانتصار الثورة المسلحة.
ثالثا: الانتقال من مرحلة الدفاع الى الهجوم، والمقصود هنا الهجوم الاعلامي، الذي قد يكون تمهيدا لهجوم امني او عسكري، ففي جميع الخطابات السابقة تجنب الرئيس الاسد التطرق الى الدول التي تدعم الثورة بالاسم وانتقادها، وكان يغرق في العموميات، ولكنه في هذا الحديث كان صريحا مباشرا في هجومه على الاردن الجار الجنوبي، واتهامه بالسماح لآلاف المقاتلين واسلحتهم بالتدفق الى العمق السوري، ‘بينما كان الاردن قادرا على ايقاف او القاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين’ وهذا كلام صحيح اختلف البعض مع الاسد او اتفقوا.
رابعا: استهداف تركيا حزب العدالة والتنمية والهجوم الشخصي على رجب طيب اردوغان وفشل سياسة الصفر مشاكل التي ابتكرها وزير خارجيته احمد داوود اوغلو بالقول انها انتهت ‘صفر رؤية’ و’صفر سياسة’ و’صفر اخلاق’. وتركيزه على الاردن وتركيا يعكس مدى تأذيه من دور الدولتين في دعم الثورة السورية المسلحة وارسال الاسلحة والمقاتلين الى بلاده.
خامسا: محاولة عزل الاكراد عن النفوذ التركي والغربي، من خلال التودد لهم والتأكيد على وطنيتهم، والايحاء بان سورية لم ترتكب اي مجازر ضدهم.
سادسا: الرسالة الاهم في هذه المقابلة الخطاب، كانت موجهة الى الشعب السوري ومحاولة حشده خلف النظام، والقاء تهم الطائفية وتقسيماتها على المعارضة الاسلامية وحركة الاخوان بالذات، ومن سماهم بالتكفيريين، وما زال من السابق لاوانه الحكم بنجاح او فشل هذا التركيز.
الرئيس الاسد بدا قلقا في هذه المقابلة، على عكس المقابلات والخطابات السابقة، وقلقه الاكبر من تنظيم ‘القاعدة’ والجماعات الجهادية الاخرى المتحالفة معه، ومخاوفه من تأثير هذا التواجد على مستقبل النظام، وسورية بشكل عام، وهذا ما يفسر هجومه الشرس على دولتي الممر لهذه الجماعات وهما الاردن وتركيا، وتوجيه انذار مباشر لهما من ان الحريق لن يتوقف عند حدود سورية’
من الواضح، وبسبب الخوف من الجماعات الجهادية، ان الرئيس الاسد اغلق باب الحوار مع معظم شخصيات المعارضة الخارجية، والائتلاف الوطني على وجه الخصوص، عندما اتهم هذه المعارضات بانها ليست احزابا وليس لها وجود على الارض، ولا تتمتع بدعم شعبي، ومعظمها فاقد استقلالية القرار، ويرتهن لرهانات خارجية، وهذا يتعارض كليا مع تصريحات سابقة لمسؤولين سوريين ترحب بالحوار مع الجميع، فقد قسم معارضي نظامه الى تكفيريين ومرتزقة، وهذا تقسيم يعني انه اختار الاستمرار في الحلول الامنية الدموية، وان كل الاحاديث عن الحوار كانت من اجل كسب الوقت لا اكثر ولا اقل.
المعارضة السورية تضم شخصيات وطنية مستقلة، واذا كانت هذه الشخصيات تعيش خارج سورية، فان هذا لا يعيبها، لانها لو استمرت في التواجد في سورية، ومارست المعارضة فانها اما ستكون في السجون والمعتقلات او تكون قد انتقلت الى الرفيق الاعلى.
الرئيس الاسد اكد اكثر من مرة ان الوضع في سورية الآن افضل مما كان عليه في بداية الازمة، وربما وصل الى هذه القناعة بسبب صمود نظامه عامين على الاقل، وافشل بذلك كل الرهانات على سقوطه بعد اسابيع او اشهر، ولكن ما يمكن ان نختلف عليه معه ان حالة الجمود الحالية على الجبهات القتالية تعكس فشل النظام ايضا على تحقيق الحسم العسكري الذي كان يأمله.
فرص الحل السياسي، وبعد مقابلة الرئيس الاسد هذه تراجعت، ان لم تكن تبخرت، فطالما انه ربط بقاء سورية كوطن وكيان، باستمرار النظام الذي يرأسه في الحكم، فاننا امام حرب طويلة جدا، لا يمكن ان تنتهي الا بانتصار طرف على آخر.
الرئيس الاسد يعتقد انه المنتصر في النهاية وان ‘الشعب السوري العظيم سيصمد’ ولا اعتقد انه من الممكن ان يقول غير ذلك حتى لو وصل عدد القتلى الى مئات الآلاف.