Haneen
2013-05-07, 11:27 AM
اقلام واراء اسرائيلي 333
4/5/2013
<tbody>
في هــــــذا الملف
لماذا انحرف نتنياهو فجأة الى اليسار؟
بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت
اوباما لا يريد الهجوم على سوريا
الحيرة الامريكية ازاء استعمال الجيش السوري للسلاح الكيميائي على المتمردين تثير جدلا قويا بين اصحاب القرار في اسرائيل
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
اسرائيل ضد السلام
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
رفض جبناء
بقلم:اوري مسغاف،عن هآرتس
نتنياهو وحده يستطيع
بقلم:غاد يئير/ بروفيسور في دائرة علم الاجتماع وعلم الانسان في الجامعة العبرية،عن هآرتس
</tbody>
لماذا انحرف نتنياهو فجأة الى اليسار؟
بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت
اجتاز الخط: لم يذكر نتنياهو مبادرة الجامعة العربية، فقد طلب بدء التفاوض بلا شروط مسبقة وزعم ان جذر الصراع مع الفلسطينيين ليس على المناطق، ومع كل ذلك وُجد غير قليل من ناس الليكود ممن زعزعهم كلام رئيس الوزراء.
حدث ذلك في يوم الاربعاء في لقاء رئيس الوزراء مع ادارة وزارة الخارجية، وقال يجب علينا التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين وإلا أصبحنا دولة ذات شعبين.
إن الشأن السكاني هو بدعة جديدة، يقول شخص ما مطلع اطلاعا جيدا على تأريخ نتنياهو. فهو لم يتحدث قط على هذا النحو وهذا هو الكلام الذي كان يحتقره دائما لأن العامل السكاني هو شأن اليسار. بعد قليل سيقول انه لا يمكن ان نحكم شعبا آخر، لا غير. وانتهى الأمر. هل تذكرون ما قاله له عوزي لنداو ذات مرة؟ قال له: أنت تسيبي لفني مع تسريحة مختلفة.
يزعم مسؤول الليكود الكبير انه تبنى دعوى اليسار. واجتاز الخط من جهة خطابية. إن النطق بهذا التعليل على هذا النحو من الحدّة هو أكبر من قول: دولتان للشعبين. جادلوا هذا الزعم دائما في الليكود، وكنا نقول انها محاولة اليسار التخويف. وهنا يحدد نتنياهو الامور ويُبين للعاملين في وزارة الخارجية ان انشاء دولة فلسطينية هو مصلحة اسرائيلية.
يقول ذلك المسؤول الكبير إنه في اليمين من جهة المواقف، أما من جهة الخطابة فقد أصبح في اليسار. وقد فاجأني هذا بيقين فهذه دعوى قاسية، دعوى أن التخلي المبدئي مصلحة اسرائيلية. حينما استعملت لفني ذلك سميناها في الليكود ‘هرتسل الفلسطينيين’. إنها دعوى تلائم مريدور. ولفني وشارون واولمرت وناسا من الليكود غيروا مواقفهم. وهذه رتبة أعلى بالنسبة لنتنياهو، إنها رؤية اوباما التامة، لأن هذا ما يقوله اوباما: إن الدولة الفلسطينية هي مصلحة لكم.
قد يكون اعلان الجامعة العربية أدخل بيبي مرحلة التسلل، يقول شخص ما. فقد قالوا ما قالوا وأوجبوا عليه أن يجري معهم، بل إنهم مستعدون لتبادل اراض مثل اسرائيلي بيتنا تماما. وكان حتى يئير شمير سيوقع على هذا. من حاكم قطر الى عوزي لنداو. إن نتنياهو يريد ان ينحرف شيئا ما الى اليسار وأن يشير الى لبيد بذلك اشارة خفية أن بينيت ليس شريكا. وعلى كل حال، فان هذا تغيير حقيقي في التوجه حقا. لأننا لم نرَ كفرا كهذا منذ تم تجاوز غاية العجز المالي.
ويقول ذلك العنصر الرفيع المستوى في الليكود إن هذا كلام يساري. كان يستطيع ان يقول إن يده ممدودة للسلام وإنه يبارك المبادرة العربية. وكان يستطيع ان يقول كلاما مختلفا. لكنه اختار ان يلمس المشكلة. قد يريد ان يُنشئ جو تفاوض سياسي. وربما يرمي الآن بالكرات جميعا ليرى أيها سيسقط في الأيدي.
لا شك عند أحد في ان نتنياهو عرف جيدا ما يقوله ولمن. فقد كان وزير خارجية، وهو يعلم ان كل عضو ادارة يجلس في غرفة يُسرب الأنباء الى أربعة صحفيين هذا اذا كان اليوم عسيرا. فكل كلمة هناك توزن وتُقاس ولا يكون القول عابثا. وربما أصبح يفكر في الحكومة التالية: فقد اعترفت يحيموفيتش هذا الاسبوع بأن حزب العمل خسر اربعة نواب بسبب الشأن السياسي ودعت رئيس الوزراء ان يرد بالايجاب وبصورة رسمية ومعلنة على كلام رئيس حكومة قطر ومندوبي الجامعة العربية.
هل تشير يحيموفيتش الى نتنياهو ويرد عليها هو بالايماء؟ برّدت رئيسة حزب العمل هذا الاسبوع الحماسة بقولها: استقر رأينا على عدم دخول الحكومة، لكنني أقول إننا لسنا في المعارضة في كل ما يتعلق بخفقات في المسيرة السياسية. واذا حدث مسار مهم حقا يسبق تحريكا حقيقيا للامور وهدد بينيت بترك الحكومة فسندخل الحكومة بدلا عنه.
اذا ربما يرى نتنياهو ازاء ناظريه السنة القادمة: ففي حزب العمل تُجرى انتخابات تمهيدية سريعة؛ وتعود يحيموفيتش وهرتسوغ ومرغليت وكابل وغيرهم الى الرف ويبدأ كل شيء من البداية. ربما يمكن الحديث بعد سنة عن حكومة مختلفة كالتي أرادها نتنياهو، مع حزب العمل والحريديين. فهو لم يتحرر بعد من الحادثة التي وقعت له وهي ان نفتالي ويئير جلسا أمام وجهه في جلسات الحكومة. بل يقول ناسه إن هذه حكومة سنة. حكومة سنة لا رئيس حكومة سنة.
في ميرتس وحزب العمل جمعوا هذا الاسبوع 40 توقيعا لتباحث خاص في الكنيست في مبادرة السلام العربية. وسيتم التباحث بعد ان يعود نتنياهو من الصين، فسيُدعى آنذاك الى ان يحضر الى الكنيست ويجيب عن اسئلة في هذا الشأن. وذكر بوغي هرتسوغ هذا الاسبوع ان كلام رئيس قطر نفخ الروح في المعسكر. إن جميع اعضاء الكنيست من حزب العمل تقريبا أبرزوا كلاما على صفحاتهم في الشبكة الاجتماعية وعبروا وتحدثوا عن ذلك، وهو على يقين ايضا من ان حزب يوجد مستقبل سيدعو الى تأييد المبادرة لأن الوزير يعقوب بيري كان من أقطاب ‘اسرائيل تُبادر’، حينما حاول مع أمنون لبكين شاحك وأناس آخرين ان يحرك مبادرة السلام السعودية والعربية لتكون قاعدة للتفاوض.
اجراءات خفية
سارعت وزيرة التفاوض مع الفلسطينيين، تسيبي لفني، الى مباركة كلام الجامعة العربية. فهي تلاحظ جيدا تغير الموقف الأصلي الذي كان في 2002. فمنذ ذلك الحين لم يحدث تغيير للمواد، وكان يبدو ان العالم العربي موجود في نفس الموقف وان اسرائيل فقط تتحرك.
لكن صدر قول معلن وتصريحي بأن الامور تخضع للتفاوض وكل ذلك في وقت العالم العربي فيه في اضطراب وكل شيء ينتقض، ومع كل ذلك يوجد من تعنيهم مسيرة السلام.
تعتقد لفني ان كلام الجامعة العربية وجه ضربة الى كل من استخف بنشاط جون كيري الحثيث أو احتقره. والى اولئك الذين قالوا انه سيستسلم. وفي شأن الموافقة على تبادل الاراضي ايضا سيوجد من يقولون إن الفلسطينيين وافقوا على ذلك منذ زمن. لكن لفني تقول إنه لا يوجد زعيم فلسطيني يستطيع ان يوقع على اتفاق دون تأييد العالم العربي وها هو هذا التأييد قد أصبح موجودا.
سألت لفني لماذا كان ردها في الحد الأدنى ولماذا باركت فقط، ولماذا لا تطلب اجراء نقاش عاجل لذلك الامر، فهي ليست مجرد وزيرة في حكومة نتنياهو بل هي وزيرة التفاوض.
وتقول لفني إنها لا تطلب أي شيء علنا للحصول على عنوان صحفي فقط بل هي تعمل مع نتنياهو عملا قريبا. وهما على اتصال بكيري ويعملان على نحو مشترك معه بقصد إحداث تفاوض حقيقي. توجد اجراءات وتوجد محاولات وتحدث أمور.
وهي تعارض بشدة المبادرة التي أُثيرت هذا الاسبوع مرة اخرى الى اجراء استفتاء للشعب. وهي تزعم ان القانون يقول ان يتم التوجه الى الشعب بعد ان توافق الكنيست فقط على الاتفاق. آنذاك يستطيع الشعب ان يعترض على ما وافقت عليه الكنيست. لكن الشعب لا يقرر في الحقيقة: فهو لا يستطيع ان يقلب قرارا اذا كانت الكنيست قد استقر رأيها على عدم قبول الاتفاق. واذا لم توافق الكنيست فلا يتم التوجه الى الشعب أصلا. فما الحكمة من سؤال الشعب، تسأل لفني، اذا لم تحتج الكنيست الى الموافقة. ولهذا يفضل في ضوء كل هذه التعليلات، التوجه الى انتخابات.
ترى لفني ان استفتاء الشعب محاولة لاثارة صعوبة اخرى، واحتمال آخر لتعويق الامر. فما العجب من ان بينيت هو الذي أثار هذه الفكرة مرة اخرى: فهذا يُمكّن من التقدم جدا في التفاوض لأنه ستوجد آخر الامر فرصة لاسقاط كل شيء. ومن أراد مثل بينيت ان يبقى في الحكومة وقتا طويلا قدر المستطاع من غير ان يثير غضب جمهوره، فان استفتاء الشعب حل ممتاز.
خلافا لأنباء منشورة، فقد بدأ هناك تباحث في الكتلة الحزبية وراء الأبواب المغلقة. وتوصل اعضاء الكتلة الحزبية الى استنتاج أنه يجب دراسة الأمر أكثر واتفقوا على دورة ينظمها عضو الكنيست رونين هوفمان.
وبدل ذلك أجروا نقاشا في القانون الأساس: الشعب اليهودي، وهو نفس القانون الفاضح الذي كان آفي ديختر من كديما أحد الداعين اليه في الولاية السابقة. واقترحت عضو الكنيست روت كلدرون بدل ذلك أخذ وثيقة الاستقلال وجعلها قانون أساس. لماذا لا، يتساءلون هناك. إن القانون الأساس: الشعب اليهودي، كتبه ديختر، أما وثيقة الاستقلال فكتبها بن غوريون، أفليست لذلك أعظم قيمة؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اوباما لا يريد الهجوم على سوريا
الحيرة الامريكية ازاء استعمال الجيش السوري للسلاح الكيميائي على المتمردين تثير جدلا قويا بين اصحاب القرار في اسرائيل
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
أراد العميد إيتي بارون في الحاصل العام ان يُقدم محاضرة تثير الاهتمام مع أمثلة ملونة وأن يعود الى بيته بسلام. وتهرب المستوى السياسي لم يشأ رئيس الوزراء ووزير الدفاع أن يحضرا ذلك المؤتمر لمعهد بحوث الامن القومي وأجاز للمستوى المختص، ولرئيس هيئة الاركان ورئيس قسم البحث في ‘أمان’ أن يحضرا بدلا عنه كي يُحدثا من حضروا المؤتمر عن سياسة الأمن القومي. صفع رئيس هيئة الاركان اذا الروس علنا لأنهم يساعدون نظام الاسد لسبب ما. ويعرف غانتس بالضبط لماذا يفعلون ذلك لكن لم يُفوض اليه ‘السلامة السياسية’، فما الذي يهمه في ان يعيب تقدير الرئيس الروسي للامور. وأما بارون فورط نفسه بوصف فظاعات السلاح الكيميائي في سوريا. ولم يقصد ذلك لكنه في اللحظة التي مس بها بقعة عفنة، انتشر العفن كله الى الخارج. وهكذا عرفنا أنه توجد عدة مشكلات كيمياء (توافق) لا في سورية فقط. أولا وقبل كل شيء لا يوجد توافق في داخل أجهزة الحكم في كل ما يتعلق بالقضية السورية. فالحديث عن تصورات عامة مختلفة تشمل كل المكاتب الحكومية وكل المختصين الذين لهم صلة بالجهاز العسكري والجهاز المدني ايضا. وتكون نتيجة ذلك سياسة مبلبلة وخطيرة على نفسها والاسوأ أنها تثرثر. ولما لم توجد الى الآن شخصية أمنية مهيمنة واحدة تتفق مع رئيس الوزراء على المواقف فان كل واحد يتظاهر بأنه وزير الدفاع ويوجه ويُصرح بما يحلو له.
يقوم وراء كل الكلام تصوران عامان أساسيان يناقض بعضهما بعضا، في مسألة كيف تجب معاملة النظام السوري بسبب استعمال السلاح الكيميائي في الحرب الأهلية. وليست نقطة الانطلاق لهذا الجدل هي عذابات النظام السوري ولا عذاب المواطن السوري، بل كيف سيؤثر تدخل خارجي في سورية في علاج القضية الذرية الايرانية. وقد أثار بارون غضب اولئك وبخاصة في ديوان رئيس الوزراء لكن وفي وزارة الدفاع ايضا الذين يزعمون أنه اذا دخل الامريكيون سورية لوقف استعمال السلاح الكيميائي فان اسرائيل تستطيع ان تنسى تدخلا امريكيا في ايران في المستقبل. لأن الادارة الامريكية لن تعالج دولتين مسلمتين على التوازي. ويقولون إن سورية هي بئر لا قعر لها. واذا جُذب الامريكيون الى الصراع فيها فلن تبقى لهم أيد لايران. قد لا يكون لذيذا ألا يحرص الرئيس الامريكي على ‘الخطوط الحمراء’ في سورية، لكن هذا غير حاسم بالنسبة لدولة اسرائيل لأن القضية الايرانية أهم عندنا.
والى ذلك حينما أبرز بارون بحذلقته اللغوية حقيقة ان الرئيس الامريكي لم يفِ بالتزامات، خرق دون ان يعلم ذلك تفاهمات صامتة كانت بين ديوان رئيس الوزراء ومكتب الرئيس اوباما على عدم الاشتغال بهذا الموضوع علنا. وتبين أن رئيس الولايات المتحدة جُر ببساطة حين أعلن في اثناء زيارته لاسرائيل بأن استعمال السلاح الكيميائي في سورية سيغير قواعد اللعب. فقد اعتقد ان هذا ما يريد الاسرائيليون سماعه، وتبين بعد ذلك ان اوباما اخطأ حينما رسم خطا احمر في سورية، ومساعدوه يفهمون هذا. ولما كان هذا الخط الاحمر يناقض المصلحة الاسرائيلية فقد حدث تفاهم بين الدولتين على عدم اثارة الامر وهذا بالمناسبة هو السبب الذي يجعل اوباما حذرا جدا في رسم خط احمر للايرانيين.
من الواضح لاسرائيل كالشمس ان الرئيس الامريكي لا يريد ان يهاجم ولن يهاجم ايضا سورية. وكل محاولة لدفعه الى هناك ستستدعي الحقد على اسرائيل فقط. وحينها جاء العميد بارون وفجر بمحاضرة غير مهمة هذه التفاهمات الصامتة. فحينما أشار بارون الى اجتياز الخط الاحمر في سورية لم يعمل في مصلحة المتمردين في سورية الذين يريدون تدخلا امريكيا أعمق لاسقاط الاسد فقط، بل قدّم سلاحا للجمهوريين في الولايات المتحدة للهجوم على الرئيس. وقد صبت اسرائيل أطنانا من العرق والكلام كي تحاول إقناع حاشية اوباما بأن لا أحد في المستوى السياسي في اسرائيل أرسل بارون متعمدا كي يورط الرئيس.
في مقابل هذا التصور العام الذي يعرضه الساسة في الأساس، يوجد تصور آخر لمسؤولين في جهاز الامن يقول إن نظر العالم كله يتطلع الى رئيس الولايات المتحدة. وفي اللحظة التي يحدد فيها خطا احمر في سورية ولا يلتزم به سندفع جميعا الثمن لأنه لا أحد سينظر آنئذ للتهديدات الامريكية بجدية. والدليل أمام أعيننا: فمنذ التزم اوباما بألا يدع ايران تتوصل الى السلاح الذري، زاد الايرانيون فقط الايقاع فهم ببساطة لا يحسبون له حسابا.
عرض العميد إيتي بارون باعتباره مختصا كان على يقين بأنه يعرض حقائق معروفة غير سرية، عرض في ذلك المؤتمر المعلن شهادات سافرة على استعمال السوريين لسلاح كيميائي على المدنيين. وكان على يقين من ان الحديث عن أمر فني متفق عليه وكان على حق. ان جهات استخبارية تشتغل بمتابعة ما يجري في سورية البريطانية والفرنسية والامريكية والاسرائيلية ايضا كما يبدو على يقين تام مطلق من أن السوريين استعملوا غاز الاعصاب السارين في واقعتين على الأقل. ولم تحظ اي منهما بصدى دولي شامل لأنه لم تشاهد هناك صور تشبه المذبحة، التي نفذها قريب صدام حسين علي الكيماوي في مطلع ثمانينيات القرن الماضي حينما سمم بغاز الخردل بلدة حلبجة الكردية. فلم تُصور في سورية مئات الجثث المنتفخة لاولاد ونساء مسممين. وجاءت من هناك صور لناس أصيبوا بمادة كيميائية ما سببت في الأساس تشويشات رؤية وانصباب لعاب وصعوبات تنفس. وكان أحد تفسيرات ذلك أن القنابل الكيميائية التي أطلقت في الواقعتين لم تُطلق كما يبدو على سكان مدنيين بل على موقع قتال ما وهكذا كانت الاصابات في الهامش. فلو أن المسؤولين عن الاسلحة الكيميائية في الجيش السوري الذين يملكون قذائف كيميائية أطلقوها على مناطق مأهولة لكانت الصورة فظيعة.
من أصدر الأمر؟
إن الشهادات هي شهادات، حتى ان رئيس الولايات المتحدة ووزير دفاعه لا يستطيعان إنكار قول رجال الاستخبارات حينما يعرضون أدلة على استعمال سلاح كيميائي في سورية. لكنهما يستطيعان ايضا أن يوزعا درجات صِدق. فحينما ينقل أطباء متصلون بالمتمردين في سورية الى عملاء بريطانيين عينات دم أُخذت من مواطنين سوريين أُصيبوا بسلاح كيميائي، يمكن الزعم دائما أن هذا الدم مزور. وحينما يؤتى بعينات من التراب وفيها بقايا السارين، يمكن التساؤل هل جاءت البقايا الى هناك باطلاق قذائف أم بسبب نشاط آخر في تلك المنطقة. ويجوز للساسة ان يشكوا في حقائق وألا يُصدقوا أنه نُفذ اطلاق قذائف حتى لو أسمعوهم بث أوامر هذا الاطلاق.
حينما قال رئيس الموساد السابق، مئير دغان، هذا الاسبوع في مؤتمر في الولايات المتحدة، إن الاسد ربما لم يعلم بهذا الاطلاق كان يقصد ان يقول كما يبدو أنه وُجد قادة في الجيش السوري تجاوزوا الأوامر التي تلقوها والتي تتعلق باستعمال السلاح الكيميائي، ومن هنا جاءت اصابة المدنيين. إن أمر الاستعداد للاطلاق نزل من مكتب الرئاسة السوري الى الجيش قبل نحو من عشرة أشهر وتم الاستعداد قُرب عدد من المطارات حيث جرى تجميع القنابل الكيميائية. وفي تموز الأخير توجه الامريكيون الى الروس كي ينقل هؤلاء الى الاسد تحذيرا شديدا يقول: نحن نعلم أنه أصدر أمر اعداد القذائف الكيميائية التي تمزج بين عدة مواد كيميائية كي تُستعمل.
إن لحكومة اسرائيل خاصة سياسة واضحة في مسألة ماذا يفعلون حينما يقتل سوريون – سوريين مع سلاح كيميائي أو بغيره. ويوجد هنا بين اسرائيل والولايات المتحدة اتفاق تام على أن هذا جد غير لذيذ ومؤلم للقلب وغير انساني لكن معاناة الشعب السوري غير ذات صلة بمصالح الدولتين الاستراتيجية. وعلى العموم فان الأكثرية في جهاز الامن تعتقد ان سورية المنفصلة العُرى أفضل لأن هذا يضر بالايرانيين. ومن جهة ثانية لا ترى اسرائيل الرسمية أي مكان لأن تشجع في المرحلة الحالية المعارضة غير الواضحة في سورية لأنها قد تكون بديلا اسوأ من الأسد.
ومع ذلك يوجد تيار ما في المستوى السياسي يزعم أن حقيقة ان اسرائيل تتقبل في صمت استعمال السلاح الكيميائي على مدنيين سوريين يمكن ان تكون سابقة لتوسيع استعمال هذا السلاح على الجيران ومنهم اسرائيل ايضا.
تعتقد اسرائيل على العموم أن كل إنفاق طاقة على اطلاق القذائف الكيميائية الذي يتم في داخل سورية على أهداف سورية، فيه صرف لموارد سياسية واستخبارية عن القضية المركزية التي تعني اسرائيل في هذا المجال وهي تسرب السلاح الكيميائي من سورية الى جهات معادية كحزب الله والقاعدة. والسياسة الاسرائيلية هنا ايضا واضحة: إن اسرائيل لن تنتظر في مرحلة التسرب موافقة امريكية وستعمل. وستهاجم حينما تصل صواريخ ‘يحونط’ أو صواريخ مضادة للطائرات متقدمة الى لبنان، وستهاجم حينما يبدأ السلاح الكيميائي التسرب الى هناك. فاذا لم يكن الجيش السوري الكيميائي ‘عدوا لدودا’ فان حزب الله الذي يملك سلاحا كيميائيا هو عدو لدود لأنه قد يستعمله.
إن القصة الكيميائية التي خرجت من ذلك المؤتمر سخّنت الجبهات. ويزعم الجيش ووزير الدفاع ايضا اليوم أنه لم يحدث في الحقيقة أي شيء جديد في المنطقة يوجب التأثر. لكن الأحاديث الاسرائيلية جعلت الامريكيين يتوترون وجعلت الصحافة الامريكية تتكهن، وجعلت السوريين والايرانيين وحزب الله يشعرون بالضغط. وفي اثناء ذلك أُرسلت طائرة بلا طيار من لبنان نحو اسرائيل.
ورفعت الثرثرة درجة الحرارة لا في المكاتب فقط، وحينها أصدر الجيش أمرا عسكريا باجراء تدريب عسكري مفاجئ لفرقة في الشمال فيه تخيل هجوم على لبنان.
وتجول وزير الدفاع في اليوم نفسه مع رئيس هيئة الاركان في قاعدة سلاح الجو في حتسور، واهتمت وسائل الاعلام ساعات طويلة بالتجنيد المفاجئ 1 وهو ما يوجب على الجيش ان يتطرق الى الاسئلة لأنه يوجد خوف من ان شيئا ما غير عادي يحدث ولم يعرف وزير الدفاع أنه يوجد تدريب عسكري. وحينما صدر تصريح من الجيش بوجود تدريب عسكري خاص يجري بازاء التطورات في الشمال، سمعه وزير الدفاع مع كل شعب اسرائيل. وزعم يعلون بعد ذلك أنه حينما كان رئيسا للاركان لم يكن يُجهد نفسه بابلاغ وزراء الدفاع عن وجود تدريبات تجنيد للفرق العسكرية. إن تجنيد 2000 شخص تدخل كتيبة واحدة منهم فقط في تدريب حقيقي لا يُسوغ عنده الحصول على موافقة من وزير الدفاع. إن الذي يقلقه خاصة هو التصريحات التي صدرت عن الجيش وأحدثت انطباع أنه كأنه يحدث هنا حادث غير عادي خاص مع رسائل للطرف الثاني.
سيتم اصلاح الخللين اللغويين مع المعاني السياسية وسيتلقى الجيش توجيها الى خفض الاهتمام الاعلامي وقتا ما. ولا ينوي يعلون نفسه ان يُجري جدله مع الجيش علنا، يوجد هناك ناس صالحون ونواياهم صالحة، وسيستعمل القيادة بحسب ايقاعه وطُرقه. ولم يحن الوقت بعد لاظهار الغضب نحو الخارج.
ترسانة كليشيهات
بيد أنه يوجد كلام يكون بمنزلة خلل عميق في جهاز ثقيل جدا كالجيش الاسرائيلي. في اللحظة التي تنطلق فيها خطة عمل ما يصعب وقفها، إلا اذا كنت خبيرا مسبقا بأدق التفاصيل أو كان يوجد تنسيق وثقة جيدة بين مكاتب الوزير ورئيس هيئة الاركان والمحيطين بهما. ويبدو في هذه الاثناء ان هذا لم يحدث بعد.
قد تكون هذه أمراض طفولة، فالجيش يعمل بحسب الكتاب ويجعل وزير الدفاع والحكومة يقفان في حرج لا نحو الخارج فقط بل نحو الداخل ايضا. فعلى سبيل المثال سيجلس وزير الدفاع بعد ايام معدودة قبالة وزير المالية ورئيس الوزراء للاتفاق على ميزانية الدفاع. وتبين أن وزير المالية ينوي أن يُقدم كتاب الميزانية في منتصف شهر أيار وألا ينتظر الى حزيران كما يُمكّنه القانون. ومعنى هذا بالنسبة لجهاز الامن انه لا يوجد وقت كاف للتخطيط لتغييرات جوهرية في خطة العمل السنوية التي بقيت من 2013 ولـ 2014. والآن ايضا يوجد فرق بين اربعة مليارات شيكل وستة مليارات بين الطرفين.
وسيضطر جهاز الامن في نهاية الامر الى اقتطاع ما بين 2 مليار شيكل الى 4 مليارات كي يردم البئر الحكومية. ويجب على الجيش أن يأتي بمال الآن لا بخطط تنظيم بعيدة الأمد للجيش البري. والمال الآن موجود في مكان واحد فقط وهو تقسيط دفعات أطول للصناعات وخفض مستوى الاستعداد والجاهزية بأن تكون تدريبات أقل لأطر كبيرة وساعات تحرك أقل، ووقف دفع المال النقد لشراء احتياطي ووقود وتجنيد قوات الاحتياط. ومعنى ذلك ان الجيش سيضطر الى خفض النشاط الذي لا يتصل اتصالا مباشرة بنشاط الأمن الجاري. ويعرف رئيس الاركان هذه الصورة لكنه لا يُشرك وزير الدفاع بسؤال هل يجب ان ينطلق التدريب العسكري المخطط له والذي أُجيز بحسب نفقات ايام الوفرة.
وهكذا وعشية استكمال الحوار بين وزير الدفاع ورئيس الوزراء ووزير المالية، سيسألون يعلون بابتسامة ساخرة: هل تعرف ما الذي يجري عندك أصلا؟ أنفق الجيش في المدة الاخيرة فقط مئات الملايين على استدعاء 70 ألفا من رجال الخدمة الاحتياطية اتوا الى عمود السحاب وتدربوا كما يجب. فما الذي كان مُلحا جدا لانفاق كل هذا المال والقيام بهذا العرض أمام الحدود اللبنانية؟.
لا يبدو الامر فقط وكأن الجيش غير متصل الى الآن بوزير الدفاع الجديد. بل يوجد في داخل وزارة الدفاع ايضا ‘منافسون’ ليعلون في إقرار السياسة. منذ جاء الى الوزارة نائب وزير الدفاع الجديد داني دنون، لم توجد مناسبة أمنية صغيرة أو كبيرة لم يكن عند دنون ما يقوله فيها. فقد جاء مزودا بحقيبة كليشيهات يرد بها على صواريخ غراد من مصر، وعلى الطائرة بلا طيار من لبنان، وعلى القذائف الصاروخية من غزة بقوله: لن تضعف اسرائيل، وسترد اسرائيل، ولن تدع اسرائيل. وهو لا يفهم ايضا أن للكليشيهات معنى سياسيا، في موقعه الجديد. فالعدو والجمهور الاسرائيلي لا يفهمان بالضبط ان وزير الدفاع لا يُشركه في المباحثات والقرارات السرية.
إن لنائب الوزير سياسة خاصة به وإن وزير الدفاع لا يسيطر عليه ببساطة. جاء دنون ليُخلق لنفسه سمعة، ولن يُفسد عليه أي وزير دفاع ذلك. ويرى يعلون ان هذا خلل لم يُحدث الى الآن أي حرج سياسي لكن ذلك سيحين وقته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل ضد السلام
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
جهود الرئيس اوباما في دفع المسيرة السلمية الى الامام لا تنتهي في الحملة المكوكية لوزير خارجيته جون كيري، او في لقاءاته مع الاسرائيليين والفلسطينيين. فالتطورات المهددة في الشرق الاوسط، والازمة في سورية والتهديد الايراني، تستدعي من الرئيس الامريكي توسيع دائرة الشركاء بحيث تضم زعماء الدول العربية. يتبين أن القيادة العربية ليست فقط لا تتعاطى بفتور مع هذه الجهود، فهي لم تهجر أبدا تطلعها لدفع المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين الى الامام ولم تتخل عن مبادرتها كما صيغت في قرار الجامعة العربية في 2002؛ وبموجبها، مقابل انسحابها من المناطق تطبع الدول العربية علاقاتها مع اسرائيل وتوفر لها حزاما وقائيا أمنيا.
في اللقاء بين كيري ورؤساء لجنة المتابعة في الجامعة العربية اضاف الزعماء مدماكا هاما لمبادرتهم: الموافقة على تعديلات حدودية طفيفة وتبادل للاراضي بين اسرائيل والفلسطينيين. وهكذا تتبنى الجامعة موقف محمود عباس وتمنحه اسنادا حيويا لبعض التنازل عن المناطق. وذلك بعد أن سبق أن ايدت موقفه في مسألة حق العودة الذي قرر بانه ‘يجب الوصول الى حل عادل ومتفق عليه في مسألة اللاجئين’، وهكذا أخضعت حق العودة الى المفاوضات.
لقد ردت اسرائيل بتهكم لاذع على المبادرة الجديدة. ورئيس الوزراء لم يجد حتى من الصواب ان يبارك التغيير الهام في الموقف العربي، واكتفى بقول عمومي في أنه يجب الوصول الى تسوية ‘تمنع اسرائيل من أن تتحول الى دولة ثنائية القومية، ولكن تعطي الاستقرار والامن’. الرئيس بيريز ووزيرة العدل تسيبي لفني فقط تبنيا الموقف الجديد واعترفا باهميته. وزراء آخرون، مثل يئير لبيد الذي في برنامجه طالب بتقدم المسيرة السلمية. موشيه يعلون او يوفال شتاينتس، الذي يحمل اللقب المثير للانطباع ‘وزير شؤون العلاقات الدولية’، لم يعقبوا على الاطلاق. يبدو أن في نظرهم، كل مبادرة جديدة للدفع الى الامام بالمسيرة السياسية هي تهديد يجب صده. ان اسرائيل تصر على ادارة مفاوضات على جملة مواضيع وترفض الطلب المحق لعباس بادارة مفاوضات على الحدود ومواضيع الامن أولا. وهكذا فان الحكومة تعزز صورتها كرافضة. بالذات حين تبدأ المناطق بالاحتدام. حكومة كهذه هي تهديد على مواطني اسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رفض جبناء
بقلم:اوري مسغاف،عن هآرتس
المبادرة التشريعية ليئير لبيد ونفتالي بينيت، باشتراط كل اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين باقراره في استفتاء شعبي هي قبل كل شيء تذكير بانه في العقد الاخير، منذ وضعت على الطاولة المبادرة السعودية، لا حدود للابداع الاسرائيلي في كل ما يتعلق بالتأجيل، الرفض، الاحباط والتفجير للمسيرة السياسية. الرأس اليهودي يخترع لنا ابتكارات. مشوق أن نرى أين كنا لو أنه فقط استثمر نصف هذه الطاقة في تحقيق السلام بدلا من تفويته.
ان الدافع الذي يحرك الخطوة واضح تماما. فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يؤيدها، والليكود تجند لدفعها الى الامام في الكنيست بل ويكافح لنيل الحظوة على نمط ‘نحن فكرنا بهذا قبلكم’. معسكر اليمين، عديم الحل الحقيقي للنزاع، ولكن عنيد في معارضته للحل الوسط السياسي والاقليمي، يلاحظ هنا ربحا مثلثا.
في البداية هذه فرصة لتأخير الخطوة بوسائل عذابات التشريع والمعارضة الفلسطينية المحتملة (أي زعيم فلسطيني سيوافق على ادارة مفاوضات تتضمن تنازلات لحكومة اسرائيلية لا تتعهد مسبقا بتنفيذ الاتفاق الموقع؟). بعد ذلك احتمال افشال الاتفاق في صناديق الاستفتاء. وأخيرا اذا ما تبين مع ذلك فانه يلوح لفكرة الدولتين وتأييد الجمهور.
تعليل نتنياهو في أن هذا الموضوع الهام ‘ليس مناسبا أن يعتمد على أغلبية تأتي بالصدفة’، تبدو معقولة من الوهلة الاولى. ولكن على الفور تنشأ الاسئلة. فهل في الخروج الى حربين يمكن تفاديهما في لبنان، كلفتا آلاف القتلى والجرحى كان مناسبا الاعتماد على اغلبية أتت بالصدفة؟ وفي هجوم محتمل ومصيري في ايران؟ وفي الالتصاق بالجمود السياسي؟ وباطلاق عصر من الخصخصة والرأسمالية المبالغة التي غيرت المجتمع الاسرائيلي من الاساس؟ هكذا تعمل الديمقراطية البرلمانية، ما العمل. يطرح الساسة على الجمهور لينتخبهم، يحققون اغلبية ائتلافية، يشكلون حكومة ويتخذون القرارات.
صحيح، في سويسرا تجرى استفتاءات شعبية على مسائل مبدئية. وكذا في بعض الولايات الامريكية. غير أنه في هذه الاماكن يدور الحديث عن اجراء ثابت وتقليدي وليس مجرد تعسف لمرة واحدة. مهم أيضا أن نتذكر أي طلب سيطرح فورا في موعد قريب من اجراء الاستفتاء والانتصار باغلبية خاصة. فليس ملائما القرار باعادة ‘اجزاء من الوطن’ باغلبية صغيرة تأتي بالصدفة. لن يقترح احد الاشتراط بالاتجاه المعاكس والمنطقي بقدر لا يقل وبموجبه رفض السلام المحمل بالمصيبة، بالذات مطلوب له أغلبية خاصة. وعلى اي حال فما هو خاص حقا في الاغلبية الخاصة هو كونها وسيلة للتغلب على أصوات الاقلية العربية. فلا يعقل أن يشارك الفلسطينيون الاسرائيليون في الحسم التاريخي على مستقبل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، وكذا على مستقبل اخوتهم خلف الخط الاخضر.
وفوق كل هذا يحوم الجبن والهرب من المسؤولية. ولكن السلام هو دوما سلام الشجعان. فلا يمكن قيادة خطوة سياسية وغرسها في القلوب بعد سنوات من الشك والعداء، دون زعامة. مناحيم بيغن واسحق رابين لم يهربا من الزعامة والمسؤولية. انور السادات والملك حسين هما ايضا. يحتمل أن في مصر وفي الاردن لايستطيعون على الاطلاق النجاح في اقرار الاتفاقات في استفتاء شعبي، ولكنهم، بروح دافيد بن غوريون اهتموا بقدر أقل بما يريده الشعب في تلك اللحظة وعرفوا ما مرغوب له فيه في المدى البعيد.
لبيد، الذي تعهد في أن يشارك فقط في حكومة تستأتف المسيرة السياسية. وها هي البكائية التي ستدفعه للسير بلا ملابس ويشعر بانه يرتديها. ها هي الصيغة المخلصة التي تسمح بالابقاء على مدى الزمن على الحلف الغريب مع الاخ بينيت والاخت اوريت ستروك، وفي نفس الوقت الصعود درجة أخرى مع السياسة الجديدة. فعلى أي حال سبق أن اعلن انه سيتوقف عن الخطابة في الكنيست. هناك يزعجونه. وما هي المرحلة التالية، أهي عرض الاتفاق مع الفلسطينيين لاقراره في الفيسبوك واجمال الامر وفقا لعدد المعجبين؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو وحده يستطيع
بقلم:غاد يئير/ بروفيسور في دائرة علم الاجتماع وعلم الانسان في الجامعة العبرية،عن هآرتس
'نتنياهو وحده يستطيع. ‘. فأوهام اليسار الليبرالي في اسرائيل وفي العالم لن تنفع . هناك حاجة الى رجل قوي، إذ وحده الرجل القوي يمكنه أن يتصالح او يتوصل الى تسوية معقولة مع ايران. انظر’، واصل الشرح البروفيسور آندرو لينكلايتر، الخبير العالمي في العلاقات الدولية، ‘كانت الحاجة الى نيكسون الازعر وبرجنيف فظ الروح من أجل تبديد التوتر النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي’. متفاجئا، قلت له، ان في أقواله شيئا ما فوحدهما مناحيم بيغن واسحق شمير اليمينيين صلبي الذراع كان بوسعهما التوقيع على سلام مع مصر والقرار في مدريد بان الحديث مع م.ت.ف لم يعد يشكل مخالفة جنائية. ‘نعم’، أضاف لينكلايتر، ‘أغلب الظن ستحتاجون الى نتنياهو ليقود الثورة في العلاقات بين اسرائيل وايران. نحن في اليسار الاوروبي يمكننا ان نثرثر ضد حكومتكم، ولكن وحده نتنياهو يمكنه أن يجند الشرعية الجماهيرية اللازمة لتحقيق التحول الذي تتحدثون عنه’.
هذا النقاش المفاجئ جرى الاسبوع الماضي في النمسا، في مؤتمر دولي عن ‘الحرب، الطبع والحضارة’. وقد عرضت في المؤتمر مقالا مشتركا مع د. بزاد أكبري، عالم اجتماع ايراني. ويعنى المقال بصدمة الاهانة الايرانية وبالقلق الوجودي الاسرائيلي (نشرنا مقال رأي في الموضوع في الجيروزاليم بوست في آب 2012). في المقال ثمرة تعاون نادر مع عالم اجتماع فارسي يبحث في الثقافة الايرانية نشرح تجربة ايران في التسلح بقنبلة نووية كمثال عن البحث عن الخلاص من صدمة قوية من الاهانة الاحتلال المتكرر لفارس على ايدي المسلمين، والهونيين، والروس والانجليز، والتدخل المتكرر للقوى العظمى في الشؤون الداخلية الايرانية، ابتداء بنزع مقدراتها من النفط وحتى دعم الولايات المتحدة لحرب صدام حسين ضدها (عدد القتلى بين نصف مليون ومليون ونصف شخص). بدوره، القلق الاسرائيلي من التسلح الايراني هو نتاج حساسية الاوتار المتحفزة دوما لصدمة الابادة لدينا. الخطاب الايراني نفي الكارثة من جانب محمود احمدي نجاد وسعيه الى القضاء على ‘الكيان الصهيوني’ يضرب على اوتارنا الحساسة ويصلب رد فعلنا في أن ‘أبدا لن تتكرر’. بدوره، تصلبنا واعلاننا بانه يجب توجيه ضربة وقائية لايران يهين النظام هناك. هكذا علقنا، نحن والايرانيين، في الدائرة المغلقة.
تحليلنا يقترح أن الايرانيين والاسرائيليين متحفزون الطرف مقابل الاخر بالقومية المستعدة للقتال بسبب اشباح الماضي وبسبب الخوف من أن تعود مرة اخرى. الايرانيون يخافون من مغبة اهانتهم مرة اخرى من قبلنا ومن قبل الولايات المتحدة، ونحن نخاف ان نشهد مرة اخرى خطر الابادة، بسبب وعد ايران بشطبنا عن خريطة الشرق الاوسط. وكي لا تشعل الاشباح ومخاوف الماضي فتيل الصاروخ، اقترحنا تحولا دبلوماسيا يؤدي الى اعتراف متبادل كل بصدمة الآخر.
‘وحده نتنياهو يمكنه ان يقطع هذا الفتيل المشتعل’، يضيف لينكلايتر. ‘وحده من هو مستعد للضغط على الزر الاحمر يمكنه أن يحدث تحولا ضروريا هنا جدا، إذ كما تدعون، فان الحرب ستهين الايرانيين مرة اخرى وتخلق التهديد الوجودي الاخطر في التاريخ على أمن اسرائيل. انتم ملزمون برجل قوي’، هكذا أجمل الامر خبير النزاعات الدولية. ‘انتم بحاجة الى أحد ما لديه الشرعية للدخول في عراك، ولكنه يمكنه أن يقرر بان من الافضل لكم، من أجل أمنكم، التوجه الى طريق جديد’. هذا ما ارادت الصهيونية احداثه، هذا ما عليها ان تفعله، هكذا فكرت.
لقد كان حظ ايراني أو عدل شعري في هذا الحديث، وذلك لانه في الطريق الى المؤتمر اشتريت في مطار بن غوريون كتاب والد نتنياهو بنتسيون نتنياهو الراحل ‘خمسة آباء للصهيونية’ (‘يديعوت احررونوت’). في الكتاب يشرح نتنياهو بان هرتسل طلب أمرين: ‘قوة عسكرية للدفاع الذاتي، ولكن أيضا شرعية دولية للدولة اليهودية. وحدها الشرعية الدولية الواسعة يمكنها أن تضمن تحقق التطلعات الاسرائيلية في الامن، كما قرر بنتسيون نتنياهو. يا له من امر ملائم: في يوم الاستقلال الاخير أنهى بنيامين نتنياهو حديثه المازح مع ايال كتسيس في برنامج ‘بلاد رائعة’، برد جدي على سؤال: ‘كيف تريد أن يذكروك؟’، ‘أريد أن يذكروني كمن حرص على أمن اسرائيل’، أجاب رئيس الوزراء. وبالفعل، اذا كان نتنياهو معنيا بان يذكر كمخلص لاسرائيل من كارثة ثانية، فان عليه أن يحدث التحول، فلضمان أمن اسرائيل على نتنياهو أن يغير نهجه تجاه ايران. حسب لينكلايتر، وحده نتنياهو يمكنه أن يفعل الخطوة الدبلوماسية الدراماتكية اللازمة لضمان امن اسرائيل. ليس في الضغط على زر ‘الاطلاق’، بل من خلال الحكمة العقلانية الصهيونية. وحده نتنياهو سيحظى بالشرعية الوطنية الواسعة لمثل هذا التحول، واذا ما فعل ذلك، سيحظى مثل هرتسل بعناق أمم العالم والتزامهم الراسخ بأمن اسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
4/5/2013
<tbody>
في هــــــذا الملف
لماذا انحرف نتنياهو فجأة الى اليسار؟
بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت
اوباما لا يريد الهجوم على سوريا
الحيرة الامريكية ازاء استعمال الجيش السوري للسلاح الكيميائي على المتمردين تثير جدلا قويا بين اصحاب القرار في اسرائيل
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
اسرائيل ضد السلام
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
رفض جبناء
بقلم:اوري مسغاف،عن هآرتس
نتنياهو وحده يستطيع
بقلم:غاد يئير/ بروفيسور في دائرة علم الاجتماع وعلم الانسان في الجامعة العبرية،عن هآرتس
</tbody>
لماذا انحرف نتنياهو فجأة الى اليسار؟
بقلم:سيما كدمون،عن يديعوت
اجتاز الخط: لم يذكر نتنياهو مبادرة الجامعة العربية، فقد طلب بدء التفاوض بلا شروط مسبقة وزعم ان جذر الصراع مع الفلسطينيين ليس على المناطق، ومع كل ذلك وُجد غير قليل من ناس الليكود ممن زعزعهم كلام رئيس الوزراء.
حدث ذلك في يوم الاربعاء في لقاء رئيس الوزراء مع ادارة وزارة الخارجية، وقال يجب علينا التوصل الى تسوية مع الفلسطينيين وإلا أصبحنا دولة ذات شعبين.
إن الشأن السكاني هو بدعة جديدة، يقول شخص ما مطلع اطلاعا جيدا على تأريخ نتنياهو. فهو لم يتحدث قط على هذا النحو وهذا هو الكلام الذي كان يحتقره دائما لأن العامل السكاني هو شأن اليسار. بعد قليل سيقول انه لا يمكن ان نحكم شعبا آخر، لا غير. وانتهى الأمر. هل تذكرون ما قاله له عوزي لنداو ذات مرة؟ قال له: أنت تسيبي لفني مع تسريحة مختلفة.
يزعم مسؤول الليكود الكبير انه تبنى دعوى اليسار. واجتاز الخط من جهة خطابية. إن النطق بهذا التعليل على هذا النحو من الحدّة هو أكبر من قول: دولتان للشعبين. جادلوا هذا الزعم دائما في الليكود، وكنا نقول انها محاولة اليسار التخويف. وهنا يحدد نتنياهو الامور ويُبين للعاملين في وزارة الخارجية ان انشاء دولة فلسطينية هو مصلحة اسرائيلية.
يقول ذلك المسؤول الكبير إنه في اليمين من جهة المواقف، أما من جهة الخطابة فقد أصبح في اليسار. وقد فاجأني هذا بيقين فهذه دعوى قاسية، دعوى أن التخلي المبدئي مصلحة اسرائيلية. حينما استعملت لفني ذلك سميناها في الليكود ‘هرتسل الفلسطينيين’. إنها دعوى تلائم مريدور. ولفني وشارون واولمرت وناسا من الليكود غيروا مواقفهم. وهذه رتبة أعلى بالنسبة لنتنياهو، إنها رؤية اوباما التامة، لأن هذا ما يقوله اوباما: إن الدولة الفلسطينية هي مصلحة لكم.
قد يكون اعلان الجامعة العربية أدخل بيبي مرحلة التسلل، يقول شخص ما. فقد قالوا ما قالوا وأوجبوا عليه أن يجري معهم، بل إنهم مستعدون لتبادل اراض مثل اسرائيلي بيتنا تماما. وكان حتى يئير شمير سيوقع على هذا. من حاكم قطر الى عوزي لنداو. إن نتنياهو يريد ان ينحرف شيئا ما الى اليسار وأن يشير الى لبيد بذلك اشارة خفية أن بينيت ليس شريكا. وعلى كل حال، فان هذا تغيير حقيقي في التوجه حقا. لأننا لم نرَ كفرا كهذا منذ تم تجاوز غاية العجز المالي.
ويقول ذلك العنصر الرفيع المستوى في الليكود إن هذا كلام يساري. كان يستطيع ان يقول إن يده ممدودة للسلام وإنه يبارك المبادرة العربية. وكان يستطيع ان يقول كلاما مختلفا. لكنه اختار ان يلمس المشكلة. قد يريد ان يُنشئ جو تفاوض سياسي. وربما يرمي الآن بالكرات جميعا ليرى أيها سيسقط في الأيدي.
لا شك عند أحد في ان نتنياهو عرف جيدا ما يقوله ولمن. فقد كان وزير خارجية، وهو يعلم ان كل عضو ادارة يجلس في غرفة يُسرب الأنباء الى أربعة صحفيين هذا اذا كان اليوم عسيرا. فكل كلمة هناك توزن وتُقاس ولا يكون القول عابثا. وربما أصبح يفكر في الحكومة التالية: فقد اعترفت يحيموفيتش هذا الاسبوع بأن حزب العمل خسر اربعة نواب بسبب الشأن السياسي ودعت رئيس الوزراء ان يرد بالايجاب وبصورة رسمية ومعلنة على كلام رئيس حكومة قطر ومندوبي الجامعة العربية.
هل تشير يحيموفيتش الى نتنياهو ويرد عليها هو بالايماء؟ برّدت رئيسة حزب العمل هذا الاسبوع الحماسة بقولها: استقر رأينا على عدم دخول الحكومة، لكنني أقول إننا لسنا في المعارضة في كل ما يتعلق بخفقات في المسيرة السياسية. واذا حدث مسار مهم حقا يسبق تحريكا حقيقيا للامور وهدد بينيت بترك الحكومة فسندخل الحكومة بدلا عنه.
اذا ربما يرى نتنياهو ازاء ناظريه السنة القادمة: ففي حزب العمل تُجرى انتخابات تمهيدية سريعة؛ وتعود يحيموفيتش وهرتسوغ ومرغليت وكابل وغيرهم الى الرف ويبدأ كل شيء من البداية. ربما يمكن الحديث بعد سنة عن حكومة مختلفة كالتي أرادها نتنياهو، مع حزب العمل والحريديين. فهو لم يتحرر بعد من الحادثة التي وقعت له وهي ان نفتالي ويئير جلسا أمام وجهه في جلسات الحكومة. بل يقول ناسه إن هذه حكومة سنة. حكومة سنة لا رئيس حكومة سنة.
في ميرتس وحزب العمل جمعوا هذا الاسبوع 40 توقيعا لتباحث خاص في الكنيست في مبادرة السلام العربية. وسيتم التباحث بعد ان يعود نتنياهو من الصين، فسيُدعى آنذاك الى ان يحضر الى الكنيست ويجيب عن اسئلة في هذا الشأن. وذكر بوغي هرتسوغ هذا الاسبوع ان كلام رئيس قطر نفخ الروح في المعسكر. إن جميع اعضاء الكنيست من حزب العمل تقريبا أبرزوا كلاما على صفحاتهم في الشبكة الاجتماعية وعبروا وتحدثوا عن ذلك، وهو على يقين ايضا من ان حزب يوجد مستقبل سيدعو الى تأييد المبادرة لأن الوزير يعقوب بيري كان من أقطاب ‘اسرائيل تُبادر’، حينما حاول مع أمنون لبكين شاحك وأناس آخرين ان يحرك مبادرة السلام السعودية والعربية لتكون قاعدة للتفاوض.
اجراءات خفية
سارعت وزيرة التفاوض مع الفلسطينيين، تسيبي لفني، الى مباركة كلام الجامعة العربية. فهي تلاحظ جيدا تغير الموقف الأصلي الذي كان في 2002. فمنذ ذلك الحين لم يحدث تغيير للمواد، وكان يبدو ان العالم العربي موجود في نفس الموقف وان اسرائيل فقط تتحرك.
لكن صدر قول معلن وتصريحي بأن الامور تخضع للتفاوض وكل ذلك في وقت العالم العربي فيه في اضطراب وكل شيء ينتقض، ومع كل ذلك يوجد من تعنيهم مسيرة السلام.
تعتقد لفني ان كلام الجامعة العربية وجه ضربة الى كل من استخف بنشاط جون كيري الحثيث أو احتقره. والى اولئك الذين قالوا انه سيستسلم. وفي شأن الموافقة على تبادل الاراضي ايضا سيوجد من يقولون إن الفلسطينيين وافقوا على ذلك منذ زمن. لكن لفني تقول إنه لا يوجد زعيم فلسطيني يستطيع ان يوقع على اتفاق دون تأييد العالم العربي وها هو هذا التأييد قد أصبح موجودا.
سألت لفني لماذا كان ردها في الحد الأدنى ولماذا باركت فقط، ولماذا لا تطلب اجراء نقاش عاجل لذلك الامر، فهي ليست مجرد وزيرة في حكومة نتنياهو بل هي وزيرة التفاوض.
وتقول لفني إنها لا تطلب أي شيء علنا للحصول على عنوان صحفي فقط بل هي تعمل مع نتنياهو عملا قريبا. وهما على اتصال بكيري ويعملان على نحو مشترك معه بقصد إحداث تفاوض حقيقي. توجد اجراءات وتوجد محاولات وتحدث أمور.
وهي تعارض بشدة المبادرة التي أُثيرت هذا الاسبوع مرة اخرى الى اجراء استفتاء للشعب. وهي تزعم ان القانون يقول ان يتم التوجه الى الشعب بعد ان توافق الكنيست فقط على الاتفاق. آنذاك يستطيع الشعب ان يعترض على ما وافقت عليه الكنيست. لكن الشعب لا يقرر في الحقيقة: فهو لا يستطيع ان يقلب قرارا اذا كانت الكنيست قد استقر رأيها على عدم قبول الاتفاق. واذا لم توافق الكنيست فلا يتم التوجه الى الشعب أصلا. فما الحكمة من سؤال الشعب، تسأل لفني، اذا لم تحتج الكنيست الى الموافقة. ولهذا يفضل في ضوء كل هذه التعليلات، التوجه الى انتخابات.
ترى لفني ان استفتاء الشعب محاولة لاثارة صعوبة اخرى، واحتمال آخر لتعويق الامر. فما العجب من ان بينيت هو الذي أثار هذه الفكرة مرة اخرى: فهذا يُمكّن من التقدم جدا في التفاوض لأنه ستوجد آخر الامر فرصة لاسقاط كل شيء. ومن أراد مثل بينيت ان يبقى في الحكومة وقتا طويلا قدر المستطاع من غير ان يثير غضب جمهوره، فان استفتاء الشعب حل ممتاز.
خلافا لأنباء منشورة، فقد بدأ هناك تباحث في الكتلة الحزبية وراء الأبواب المغلقة. وتوصل اعضاء الكتلة الحزبية الى استنتاج أنه يجب دراسة الأمر أكثر واتفقوا على دورة ينظمها عضو الكنيست رونين هوفمان.
وبدل ذلك أجروا نقاشا في القانون الأساس: الشعب اليهودي، وهو نفس القانون الفاضح الذي كان آفي ديختر من كديما أحد الداعين اليه في الولاية السابقة. واقترحت عضو الكنيست روت كلدرون بدل ذلك أخذ وثيقة الاستقلال وجعلها قانون أساس. لماذا لا، يتساءلون هناك. إن القانون الأساس: الشعب اليهودي، كتبه ديختر، أما وثيقة الاستقلال فكتبها بن غوريون، أفليست لذلك أعظم قيمة؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اوباما لا يريد الهجوم على سوريا
الحيرة الامريكية ازاء استعمال الجيش السوري للسلاح الكيميائي على المتمردين تثير جدلا قويا بين اصحاب القرار في اسرائيل
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
أراد العميد إيتي بارون في الحاصل العام ان يُقدم محاضرة تثير الاهتمام مع أمثلة ملونة وأن يعود الى بيته بسلام. وتهرب المستوى السياسي لم يشأ رئيس الوزراء ووزير الدفاع أن يحضرا ذلك المؤتمر لمعهد بحوث الامن القومي وأجاز للمستوى المختص، ولرئيس هيئة الاركان ورئيس قسم البحث في ‘أمان’ أن يحضرا بدلا عنه كي يُحدثا من حضروا المؤتمر عن سياسة الأمن القومي. صفع رئيس هيئة الاركان اذا الروس علنا لأنهم يساعدون نظام الاسد لسبب ما. ويعرف غانتس بالضبط لماذا يفعلون ذلك لكن لم يُفوض اليه ‘السلامة السياسية’، فما الذي يهمه في ان يعيب تقدير الرئيس الروسي للامور. وأما بارون فورط نفسه بوصف فظاعات السلاح الكيميائي في سوريا. ولم يقصد ذلك لكنه في اللحظة التي مس بها بقعة عفنة، انتشر العفن كله الى الخارج. وهكذا عرفنا أنه توجد عدة مشكلات كيمياء (توافق) لا في سورية فقط. أولا وقبل كل شيء لا يوجد توافق في داخل أجهزة الحكم في كل ما يتعلق بالقضية السورية. فالحديث عن تصورات عامة مختلفة تشمل كل المكاتب الحكومية وكل المختصين الذين لهم صلة بالجهاز العسكري والجهاز المدني ايضا. وتكون نتيجة ذلك سياسة مبلبلة وخطيرة على نفسها والاسوأ أنها تثرثر. ولما لم توجد الى الآن شخصية أمنية مهيمنة واحدة تتفق مع رئيس الوزراء على المواقف فان كل واحد يتظاهر بأنه وزير الدفاع ويوجه ويُصرح بما يحلو له.
يقوم وراء كل الكلام تصوران عامان أساسيان يناقض بعضهما بعضا، في مسألة كيف تجب معاملة النظام السوري بسبب استعمال السلاح الكيميائي في الحرب الأهلية. وليست نقطة الانطلاق لهذا الجدل هي عذابات النظام السوري ولا عذاب المواطن السوري، بل كيف سيؤثر تدخل خارجي في سورية في علاج القضية الذرية الايرانية. وقد أثار بارون غضب اولئك وبخاصة في ديوان رئيس الوزراء لكن وفي وزارة الدفاع ايضا الذين يزعمون أنه اذا دخل الامريكيون سورية لوقف استعمال السلاح الكيميائي فان اسرائيل تستطيع ان تنسى تدخلا امريكيا في ايران في المستقبل. لأن الادارة الامريكية لن تعالج دولتين مسلمتين على التوازي. ويقولون إن سورية هي بئر لا قعر لها. واذا جُذب الامريكيون الى الصراع فيها فلن تبقى لهم أيد لايران. قد لا يكون لذيذا ألا يحرص الرئيس الامريكي على ‘الخطوط الحمراء’ في سورية، لكن هذا غير حاسم بالنسبة لدولة اسرائيل لأن القضية الايرانية أهم عندنا.
والى ذلك حينما أبرز بارون بحذلقته اللغوية حقيقة ان الرئيس الامريكي لم يفِ بالتزامات، خرق دون ان يعلم ذلك تفاهمات صامتة كانت بين ديوان رئيس الوزراء ومكتب الرئيس اوباما على عدم الاشتغال بهذا الموضوع علنا. وتبين أن رئيس الولايات المتحدة جُر ببساطة حين أعلن في اثناء زيارته لاسرائيل بأن استعمال السلاح الكيميائي في سورية سيغير قواعد اللعب. فقد اعتقد ان هذا ما يريد الاسرائيليون سماعه، وتبين بعد ذلك ان اوباما اخطأ حينما رسم خطا احمر في سورية، ومساعدوه يفهمون هذا. ولما كان هذا الخط الاحمر يناقض المصلحة الاسرائيلية فقد حدث تفاهم بين الدولتين على عدم اثارة الامر وهذا بالمناسبة هو السبب الذي يجعل اوباما حذرا جدا في رسم خط احمر للايرانيين.
من الواضح لاسرائيل كالشمس ان الرئيس الامريكي لا يريد ان يهاجم ولن يهاجم ايضا سورية. وكل محاولة لدفعه الى هناك ستستدعي الحقد على اسرائيل فقط. وحينها جاء العميد بارون وفجر بمحاضرة غير مهمة هذه التفاهمات الصامتة. فحينما أشار بارون الى اجتياز الخط الاحمر في سورية لم يعمل في مصلحة المتمردين في سورية الذين يريدون تدخلا امريكيا أعمق لاسقاط الاسد فقط، بل قدّم سلاحا للجمهوريين في الولايات المتحدة للهجوم على الرئيس. وقد صبت اسرائيل أطنانا من العرق والكلام كي تحاول إقناع حاشية اوباما بأن لا أحد في المستوى السياسي في اسرائيل أرسل بارون متعمدا كي يورط الرئيس.
في مقابل هذا التصور العام الذي يعرضه الساسة في الأساس، يوجد تصور آخر لمسؤولين في جهاز الامن يقول إن نظر العالم كله يتطلع الى رئيس الولايات المتحدة. وفي اللحظة التي يحدد فيها خطا احمر في سورية ولا يلتزم به سندفع جميعا الثمن لأنه لا أحد سينظر آنئذ للتهديدات الامريكية بجدية. والدليل أمام أعيننا: فمنذ التزم اوباما بألا يدع ايران تتوصل الى السلاح الذري، زاد الايرانيون فقط الايقاع فهم ببساطة لا يحسبون له حسابا.
عرض العميد إيتي بارون باعتباره مختصا كان على يقين بأنه يعرض حقائق معروفة غير سرية، عرض في ذلك المؤتمر المعلن شهادات سافرة على استعمال السوريين لسلاح كيميائي على المدنيين. وكان على يقين من ان الحديث عن أمر فني متفق عليه وكان على حق. ان جهات استخبارية تشتغل بمتابعة ما يجري في سورية البريطانية والفرنسية والامريكية والاسرائيلية ايضا كما يبدو على يقين تام مطلق من أن السوريين استعملوا غاز الاعصاب السارين في واقعتين على الأقل. ولم تحظ اي منهما بصدى دولي شامل لأنه لم تشاهد هناك صور تشبه المذبحة، التي نفذها قريب صدام حسين علي الكيماوي في مطلع ثمانينيات القرن الماضي حينما سمم بغاز الخردل بلدة حلبجة الكردية. فلم تُصور في سورية مئات الجثث المنتفخة لاولاد ونساء مسممين. وجاءت من هناك صور لناس أصيبوا بمادة كيميائية ما سببت في الأساس تشويشات رؤية وانصباب لعاب وصعوبات تنفس. وكان أحد تفسيرات ذلك أن القنابل الكيميائية التي أطلقت في الواقعتين لم تُطلق كما يبدو على سكان مدنيين بل على موقع قتال ما وهكذا كانت الاصابات في الهامش. فلو أن المسؤولين عن الاسلحة الكيميائية في الجيش السوري الذين يملكون قذائف كيميائية أطلقوها على مناطق مأهولة لكانت الصورة فظيعة.
من أصدر الأمر؟
إن الشهادات هي شهادات، حتى ان رئيس الولايات المتحدة ووزير دفاعه لا يستطيعان إنكار قول رجال الاستخبارات حينما يعرضون أدلة على استعمال سلاح كيميائي في سورية. لكنهما يستطيعان ايضا أن يوزعا درجات صِدق. فحينما ينقل أطباء متصلون بالمتمردين في سورية الى عملاء بريطانيين عينات دم أُخذت من مواطنين سوريين أُصيبوا بسلاح كيميائي، يمكن الزعم دائما أن هذا الدم مزور. وحينما يؤتى بعينات من التراب وفيها بقايا السارين، يمكن التساؤل هل جاءت البقايا الى هناك باطلاق قذائف أم بسبب نشاط آخر في تلك المنطقة. ويجوز للساسة ان يشكوا في حقائق وألا يُصدقوا أنه نُفذ اطلاق قذائف حتى لو أسمعوهم بث أوامر هذا الاطلاق.
حينما قال رئيس الموساد السابق، مئير دغان، هذا الاسبوع في مؤتمر في الولايات المتحدة، إن الاسد ربما لم يعلم بهذا الاطلاق كان يقصد ان يقول كما يبدو أنه وُجد قادة في الجيش السوري تجاوزوا الأوامر التي تلقوها والتي تتعلق باستعمال السلاح الكيميائي، ومن هنا جاءت اصابة المدنيين. إن أمر الاستعداد للاطلاق نزل من مكتب الرئاسة السوري الى الجيش قبل نحو من عشرة أشهر وتم الاستعداد قُرب عدد من المطارات حيث جرى تجميع القنابل الكيميائية. وفي تموز الأخير توجه الامريكيون الى الروس كي ينقل هؤلاء الى الاسد تحذيرا شديدا يقول: نحن نعلم أنه أصدر أمر اعداد القذائف الكيميائية التي تمزج بين عدة مواد كيميائية كي تُستعمل.
إن لحكومة اسرائيل خاصة سياسة واضحة في مسألة ماذا يفعلون حينما يقتل سوريون – سوريين مع سلاح كيميائي أو بغيره. ويوجد هنا بين اسرائيل والولايات المتحدة اتفاق تام على أن هذا جد غير لذيذ ومؤلم للقلب وغير انساني لكن معاناة الشعب السوري غير ذات صلة بمصالح الدولتين الاستراتيجية. وعلى العموم فان الأكثرية في جهاز الامن تعتقد ان سورية المنفصلة العُرى أفضل لأن هذا يضر بالايرانيين. ومن جهة ثانية لا ترى اسرائيل الرسمية أي مكان لأن تشجع في المرحلة الحالية المعارضة غير الواضحة في سورية لأنها قد تكون بديلا اسوأ من الأسد.
ومع ذلك يوجد تيار ما في المستوى السياسي يزعم أن حقيقة ان اسرائيل تتقبل في صمت استعمال السلاح الكيميائي على مدنيين سوريين يمكن ان تكون سابقة لتوسيع استعمال هذا السلاح على الجيران ومنهم اسرائيل ايضا.
تعتقد اسرائيل على العموم أن كل إنفاق طاقة على اطلاق القذائف الكيميائية الذي يتم في داخل سورية على أهداف سورية، فيه صرف لموارد سياسية واستخبارية عن القضية المركزية التي تعني اسرائيل في هذا المجال وهي تسرب السلاح الكيميائي من سورية الى جهات معادية كحزب الله والقاعدة. والسياسة الاسرائيلية هنا ايضا واضحة: إن اسرائيل لن تنتظر في مرحلة التسرب موافقة امريكية وستعمل. وستهاجم حينما تصل صواريخ ‘يحونط’ أو صواريخ مضادة للطائرات متقدمة الى لبنان، وستهاجم حينما يبدأ السلاح الكيميائي التسرب الى هناك. فاذا لم يكن الجيش السوري الكيميائي ‘عدوا لدودا’ فان حزب الله الذي يملك سلاحا كيميائيا هو عدو لدود لأنه قد يستعمله.
إن القصة الكيميائية التي خرجت من ذلك المؤتمر سخّنت الجبهات. ويزعم الجيش ووزير الدفاع ايضا اليوم أنه لم يحدث في الحقيقة أي شيء جديد في المنطقة يوجب التأثر. لكن الأحاديث الاسرائيلية جعلت الامريكيين يتوترون وجعلت الصحافة الامريكية تتكهن، وجعلت السوريين والايرانيين وحزب الله يشعرون بالضغط. وفي اثناء ذلك أُرسلت طائرة بلا طيار من لبنان نحو اسرائيل.
ورفعت الثرثرة درجة الحرارة لا في المكاتب فقط، وحينها أصدر الجيش أمرا عسكريا باجراء تدريب عسكري مفاجئ لفرقة في الشمال فيه تخيل هجوم على لبنان.
وتجول وزير الدفاع في اليوم نفسه مع رئيس هيئة الاركان في قاعدة سلاح الجو في حتسور، واهتمت وسائل الاعلام ساعات طويلة بالتجنيد المفاجئ 1 وهو ما يوجب على الجيش ان يتطرق الى الاسئلة لأنه يوجد خوف من ان شيئا ما غير عادي يحدث ولم يعرف وزير الدفاع أنه يوجد تدريب عسكري. وحينما صدر تصريح من الجيش بوجود تدريب عسكري خاص يجري بازاء التطورات في الشمال، سمعه وزير الدفاع مع كل شعب اسرائيل. وزعم يعلون بعد ذلك أنه حينما كان رئيسا للاركان لم يكن يُجهد نفسه بابلاغ وزراء الدفاع عن وجود تدريبات تجنيد للفرق العسكرية. إن تجنيد 2000 شخص تدخل كتيبة واحدة منهم فقط في تدريب حقيقي لا يُسوغ عنده الحصول على موافقة من وزير الدفاع. إن الذي يقلقه خاصة هو التصريحات التي صدرت عن الجيش وأحدثت انطباع أنه كأنه يحدث هنا حادث غير عادي خاص مع رسائل للطرف الثاني.
سيتم اصلاح الخللين اللغويين مع المعاني السياسية وسيتلقى الجيش توجيها الى خفض الاهتمام الاعلامي وقتا ما. ولا ينوي يعلون نفسه ان يُجري جدله مع الجيش علنا، يوجد هناك ناس صالحون ونواياهم صالحة، وسيستعمل القيادة بحسب ايقاعه وطُرقه. ولم يحن الوقت بعد لاظهار الغضب نحو الخارج.
ترسانة كليشيهات
بيد أنه يوجد كلام يكون بمنزلة خلل عميق في جهاز ثقيل جدا كالجيش الاسرائيلي. في اللحظة التي تنطلق فيها خطة عمل ما يصعب وقفها، إلا اذا كنت خبيرا مسبقا بأدق التفاصيل أو كان يوجد تنسيق وثقة جيدة بين مكاتب الوزير ورئيس هيئة الاركان والمحيطين بهما. ويبدو في هذه الاثناء ان هذا لم يحدث بعد.
قد تكون هذه أمراض طفولة، فالجيش يعمل بحسب الكتاب ويجعل وزير الدفاع والحكومة يقفان في حرج لا نحو الخارج فقط بل نحو الداخل ايضا. فعلى سبيل المثال سيجلس وزير الدفاع بعد ايام معدودة قبالة وزير المالية ورئيس الوزراء للاتفاق على ميزانية الدفاع. وتبين أن وزير المالية ينوي أن يُقدم كتاب الميزانية في منتصف شهر أيار وألا ينتظر الى حزيران كما يُمكّنه القانون. ومعنى هذا بالنسبة لجهاز الامن انه لا يوجد وقت كاف للتخطيط لتغييرات جوهرية في خطة العمل السنوية التي بقيت من 2013 ولـ 2014. والآن ايضا يوجد فرق بين اربعة مليارات شيكل وستة مليارات بين الطرفين.
وسيضطر جهاز الامن في نهاية الامر الى اقتطاع ما بين 2 مليار شيكل الى 4 مليارات كي يردم البئر الحكومية. ويجب على الجيش أن يأتي بمال الآن لا بخطط تنظيم بعيدة الأمد للجيش البري. والمال الآن موجود في مكان واحد فقط وهو تقسيط دفعات أطول للصناعات وخفض مستوى الاستعداد والجاهزية بأن تكون تدريبات أقل لأطر كبيرة وساعات تحرك أقل، ووقف دفع المال النقد لشراء احتياطي ووقود وتجنيد قوات الاحتياط. ومعنى ذلك ان الجيش سيضطر الى خفض النشاط الذي لا يتصل اتصالا مباشرة بنشاط الأمن الجاري. ويعرف رئيس الاركان هذه الصورة لكنه لا يُشرك وزير الدفاع بسؤال هل يجب ان ينطلق التدريب العسكري المخطط له والذي أُجيز بحسب نفقات ايام الوفرة.
وهكذا وعشية استكمال الحوار بين وزير الدفاع ورئيس الوزراء ووزير المالية، سيسألون يعلون بابتسامة ساخرة: هل تعرف ما الذي يجري عندك أصلا؟ أنفق الجيش في المدة الاخيرة فقط مئات الملايين على استدعاء 70 ألفا من رجال الخدمة الاحتياطية اتوا الى عمود السحاب وتدربوا كما يجب. فما الذي كان مُلحا جدا لانفاق كل هذا المال والقيام بهذا العرض أمام الحدود اللبنانية؟.
لا يبدو الامر فقط وكأن الجيش غير متصل الى الآن بوزير الدفاع الجديد. بل يوجد في داخل وزارة الدفاع ايضا ‘منافسون’ ليعلون في إقرار السياسة. منذ جاء الى الوزارة نائب وزير الدفاع الجديد داني دنون، لم توجد مناسبة أمنية صغيرة أو كبيرة لم يكن عند دنون ما يقوله فيها. فقد جاء مزودا بحقيبة كليشيهات يرد بها على صواريخ غراد من مصر، وعلى الطائرة بلا طيار من لبنان، وعلى القذائف الصاروخية من غزة بقوله: لن تضعف اسرائيل، وسترد اسرائيل، ولن تدع اسرائيل. وهو لا يفهم ايضا أن للكليشيهات معنى سياسيا، في موقعه الجديد. فالعدو والجمهور الاسرائيلي لا يفهمان بالضبط ان وزير الدفاع لا يُشركه في المباحثات والقرارات السرية.
إن لنائب الوزير سياسة خاصة به وإن وزير الدفاع لا يسيطر عليه ببساطة. جاء دنون ليُخلق لنفسه سمعة، ولن يُفسد عليه أي وزير دفاع ذلك. ويرى يعلون ان هذا خلل لم يُحدث الى الآن أي حرج سياسي لكن ذلك سيحين وقته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل ضد السلام
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
جهود الرئيس اوباما في دفع المسيرة السلمية الى الامام لا تنتهي في الحملة المكوكية لوزير خارجيته جون كيري، او في لقاءاته مع الاسرائيليين والفلسطينيين. فالتطورات المهددة في الشرق الاوسط، والازمة في سورية والتهديد الايراني، تستدعي من الرئيس الامريكي توسيع دائرة الشركاء بحيث تضم زعماء الدول العربية. يتبين أن القيادة العربية ليست فقط لا تتعاطى بفتور مع هذه الجهود، فهي لم تهجر أبدا تطلعها لدفع المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين الى الامام ولم تتخل عن مبادرتها كما صيغت في قرار الجامعة العربية في 2002؛ وبموجبها، مقابل انسحابها من المناطق تطبع الدول العربية علاقاتها مع اسرائيل وتوفر لها حزاما وقائيا أمنيا.
في اللقاء بين كيري ورؤساء لجنة المتابعة في الجامعة العربية اضاف الزعماء مدماكا هاما لمبادرتهم: الموافقة على تعديلات حدودية طفيفة وتبادل للاراضي بين اسرائيل والفلسطينيين. وهكذا تتبنى الجامعة موقف محمود عباس وتمنحه اسنادا حيويا لبعض التنازل عن المناطق. وذلك بعد أن سبق أن ايدت موقفه في مسألة حق العودة الذي قرر بانه ‘يجب الوصول الى حل عادل ومتفق عليه في مسألة اللاجئين’، وهكذا أخضعت حق العودة الى المفاوضات.
لقد ردت اسرائيل بتهكم لاذع على المبادرة الجديدة. ورئيس الوزراء لم يجد حتى من الصواب ان يبارك التغيير الهام في الموقف العربي، واكتفى بقول عمومي في أنه يجب الوصول الى تسوية ‘تمنع اسرائيل من أن تتحول الى دولة ثنائية القومية، ولكن تعطي الاستقرار والامن’. الرئيس بيريز ووزيرة العدل تسيبي لفني فقط تبنيا الموقف الجديد واعترفا باهميته. وزراء آخرون، مثل يئير لبيد الذي في برنامجه طالب بتقدم المسيرة السلمية. موشيه يعلون او يوفال شتاينتس، الذي يحمل اللقب المثير للانطباع ‘وزير شؤون العلاقات الدولية’، لم يعقبوا على الاطلاق. يبدو أن في نظرهم، كل مبادرة جديدة للدفع الى الامام بالمسيرة السياسية هي تهديد يجب صده. ان اسرائيل تصر على ادارة مفاوضات على جملة مواضيع وترفض الطلب المحق لعباس بادارة مفاوضات على الحدود ومواضيع الامن أولا. وهكذا فان الحكومة تعزز صورتها كرافضة. بالذات حين تبدأ المناطق بالاحتدام. حكومة كهذه هي تهديد على مواطني اسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رفض جبناء
بقلم:اوري مسغاف،عن هآرتس
المبادرة التشريعية ليئير لبيد ونفتالي بينيت، باشتراط كل اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين باقراره في استفتاء شعبي هي قبل كل شيء تذكير بانه في العقد الاخير، منذ وضعت على الطاولة المبادرة السعودية، لا حدود للابداع الاسرائيلي في كل ما يتعلق بالتأجيل، الرفض، الاحباط والتفجير للمسيرة السياسية. الرأس اليهودي يخترع لنا ابتكارات. مشوق أن نرى أين كنا لو أنه فقط استثمر نصف هذه الطاقة في تحقيق السلام بدلا من تفويته.
ان الدافع الذي يحرك الخطوة واضح تماما. فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يؤيدها، والليكود تجند لدفعها الى الامام في الكنيست بل ويكافح لنيل الحظوة على نمط ‘نحن فكرنا بهذا قبلكم’. معسكر اليمين، عديم الحل الحقيقي للنزاع، ولكن عنيد في معارضته للحل الوسط السياسي والاقليمي، يلاحظ هنا ربحا مثلثا.
في البداية هذه فرصة لتأخير الخطوة بوسائل عذابات التشريع والمعارضة الفلسطينية المحتملة (أي زعيم فلسطيني سيوافق على ادارة مفاوضات تتضمن تنازلات لحكومة اسرائيلية لا تتعهد مسبقا بتنفيذ الاتفاق الموقع؟). بعد ذلك احتمال افشال الاتفاق في صناديق الاستفتاء. وأخيرا اذا ما تبين مع ذلك فانه يلوح لفكرة الدولتين وتأييد الجمهور.
تعليل نتنياهو في أن هذا الموضوع الهام ‘ليس مناسبا أن يعتمد على أغلبية تأتي بالصدفة’، تبدو معقولة من الوهلة الاولى. ولكن على الفور تنشأ الاسئلة. فهل في الخروج الى حربين يمكن تفاديهما في لبنان، كلفتا آلاف القتلى والجرحى كان مناسبا الاعتماد على اغلبية أتت بالصدفة؟ وفي هجوم محتمل ومصيري في ايران؟ وفي الالتصاق بالجمود السياسي؟ وباطلاق عصر من الخصخصة والرأسمالية المبالغة التي غيرت المجتمع الاسرائيلي من الاساس؟ هكذا تعمل الديمقراطية البرلمانية، ما العمل. يطرح الساسة على الجمهور لينتخبهم، يحققون اغلبية ائتلافية، يشكلون حكومة ويتخذون القرارات.
صحيح، في سويسرا تجرى استفتاءات شعبية على مسائل مبدئية. وكذا في بعض الولايات الامريكية. غير أنه في هذه الاماكن يدور الحديث عن اجراء ثابت وتقليدي وليس مجرد تعسف لمرة واحدة. مهم أيضا أن نتذكر أي طلب سيطرح فورا في موعد قريب من اجراء الاستفتاء والانتصار باغلبية خاصة. فليس ملائما القرار باعادة ‘اجزاء من الوطن’ باغلبية صغيرة تأتي بالصدفة. لن يقترح احد الاشتراط بالاتجاه المعاكس والمنطقي بقدر لا يقل وبموجبه رفض السلام المحمل بالمصيبة، بالذات مطلوب له أغلبية خاصة. وعلى اي حال فما هو خاص حقا في الاغلبية الخاصة هو كونها وسيلة للتغلب على أصوات الاقلية العربية. فلا يعقل أن يشارك الفلسطينيون الاسرائيليون في الحسم التاريخي على مستقبل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، وكذا على مستقبل اخوتهم خلف الخط الاخضر.
وفوق كل هذا يحوم الجبن والهرب من المسؤولية. ولكن السلام هو دوما سلام الشجعان. فلا يمكن قيادة خطوة سياسية وغرسها في القلوب بعد سنوات من الشك والعداء، دون زعامة. مناحيم بيغن واسحق رابين لم يهربا من الزعامة والمسؤولية. انور السادات والملك حسين هما ايضا. يحتمل أن في مصر وفي الاردن لايستطيعون على الاطلاق النجاح في اقرار الاتفاقات في استفتاء شعبي، ولكنهم، بروح دافيد بن غوريون اهتموا بقدر أقل بما يريده الشعب في تلك اللحظة وعرفوا ما مرغوب له فيه في المدى البعيد.
لبيد، الذي تعهد في أن يشارك فقط في حكومة تستأتف المسيرة السياسية. وها هي البكائية التي ستدفعه للسير بلا ملابس ويشعر بانه يرتديها. ها هي الصيغة المخلصة التي تسمح بالابقاء على مدى الزمن على الحلف الغريب مع الاخ بينيت والاخت اوريت ستروك، وفي نفس الوقت الصعود درجة أخرى مع السياسة الجديدة. فعلى أي حال سبق أن اعلن انه سيتوقف عن الخطابة في الكنيست. هناك يزعجونه. وما هي المرحلة التالية، أهي عرض الاتفاق مع الفلسطينيين لاقراره في الفيسبوك واجمال الامر وفقا لعدد المعجبين؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو وحده يستطيع
بقلم:غاد يئير/ بروفيسور في دائرة علم الاجتماع وعلم الانسان في الجامعة العبرية،عن هآرتس
'نتنياهو وحده يستطيع. ‘. فأوهام اليسار الليبرالي في اسرائيل وفي العالم لن تنفع . هناك حاجة الى رجل قوي، إذ وحده الرجل القوي يمكنه أن يتصالح او يتوصل الى تسوية معقولة مع ايران. انظر’، واصل الشرح البروفيسور آندرو لينكلايتر، الخبير العالمي في العلاقات الدولية، ‘كانت الحاجة الى نيكسون الازعر وبرجنيف فظ الروح من أجل تبديد التوتر النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي’. متفاجئا، قلت له، ان في أقواله شيئا ما فوحدهما مناحيم بيغن واسحق شمير اليمينيين صلبي الذراع كان بوسعهما التوقيع على سلام مع مصر والقرار في مدريد بان الحديث مع م.ت.ف لم يعد يشكل مخالفة جنائية. ‘نعم’، أضاف لينكلايتر، ‘أغلب الظن ستحتاجون الى نتنياهو ليقود الثورة في العلاقات بين اسرائيل وايران. نحن في اليسار الاوروبي يمكننا ان نثرثر ضد حكومتكم، ولكن وحده نتنياهو يمكنه أن يجند الشرعية الجماهيرية اللازمة لتحقيق التحول الذي تتحدثون عنه’.
هذا النقاش المفاجئ جرى الاسبوع الماضي في النمسا، في مؤتمر دولي عن ‘الحرب، الطبع والحضارة’. وقد عرضت في المؤتمر مقالا مشتركا مع د. بزاد أكبري، عالم اجتماع ايراني. ويعنى المقال بصدمة الاهانة الايرانية وبالقلق الوجودي الاسرائيلي (نشرنا مقال رأي في الموضوع في الجيروزاليم بوست في آب 2012). في المقال ثمرة تعاون نادر مع عالم اجتماع فارسي يبحث في الثقافة الايرانية نشرح تجربة ايران في التسلح بقنبلة نووية كمثال عن البحث عن الخلاص من صدمة قوية من الاهانة الاحتلال المتكرر لفارس على ايدي المسلمين، والهونيين، والروس والانجليز، والتدخل المتكرر للقوى العظمى في الشؤون الداخلية الايرانية، ابتداء بنزع مقدراتها من النفط وحتى دعم الولايات المتحدة لحرب صدام حسين ضدها (عدد القتلى بين نصف مليون ومليون ونصف شخص). بدوره، القلق الاسرائيلي من التسلح الايراني هو نتاج حساسية الاوتار المتحفزة دوما لصدمة الابادة لدينا. الخطاب الايراني نفي الكارثة من جانب محمود احمدي نجاد وسعيه الى القضاء على ‘الكيان الصهيوني’ يضرب على اوتارنا الحساسة ويصلب رد فعلنا في أن ‘أبدا لن تتكرر’. بدوره، تصلبنا واعلاننا بانه يجب توجيه ضربة وقائية لايران يهين النظام هناك. هكذا علقنا، نحن والايرانيين، في الدائرة المغلقة.
تحليلنا يقترح أن الايرانيين والاسرائيليين متحفزون الطرف مقابل الاخر بالقومية المستعدة للقتال بسبب اشباح الماضي وبسبب الخوف من أن تعود مرة اخرى. الايرانيون يخافون من مغبة اهانتهم مرة اخرى من قبلنا ومن قبل الولايات المتحدة، ونحن نخاف ان نشهد مرة اخرى خطر الابادة، بسبب وعد ايران بشطبنا عن خريطة الشرق الاوسط. وكي لا تشعل الاشباح ومخاوف الماضي فتيل الصاروخ، اقترحنا تحولا دبلوماسيا يؤدي الى اعتراف متبادل كل بصدمة الآخر.
‘وحده نتنياهو يمكنه ان يقطع هذا الفتيل المشتعل’، يضيف لينكلايتر. ‘وحده من هو مستعد للضغط على الزر الاحمر يمكنه أن يحدث تحولا ضروريا هنا جدا، إذ كما تدعون، فان الحرب ستهين الايرانيين مرة اخرى وتخلق التهديد الوجودي الاخطر في التاريخ على أمن اسرائيل. انتم ملزمون برجل قوي’، هكذا أجمل الامر خبير النزاعات الدولية. ‘انتم بحاجة الى أحد ما لديه الشرعية للدخول في عراك، ولكنه يمكنه أن يقرر بان من الافضل لكم، من أجل أمنكم، التوجه الى طريق جديد’. هذا ما ارادت الصهيونية احداثه، هذا ما عليها ان تفعله، هكذا فكرت.
لقد كان حظ ايراني أو عدل شعري في هذا الحديث، وذلك لانه في الطريق الى المؤتمر اشتريت في مطار بن غوريون كتاب والد نتنياهو بنتسيون نتنياهو الراحل ‘خمسة آباء للصهيونية’ (‘يديعوت احررونوت’). في الكتاب يشرح نتنياهو بان هرتسل طلب أمرين: ‘قوة عسكرية للدفاع الذاتي، ولكن أيضا شرعية دولية للدولة اليهودية. وحدها الشرعية الدولية الواسعة يمكنها أن تضمن تحقق التطلعات الاسرائيلية في الامن، كما قرر بنتسيون نتنياهو. يا له من امر ملائم: في يوم الاستقلال الاخير أنهى بنيامين نتنياهو حديثه المازح مع ايال كتسيس في برنامج ‘بلاد رائعة’، برد جدي على سؤال: ‘كيف تريد أن يذكروك؟’، ‘أريد أن يذكروني كمن حرص على أمن اسرائيل’، أجاب رئيس الوزراء. وبالفعل، اذا كان نتنياهو معنيا بان يذكر كمخلص لاسرائيل من كارثة ثانية، فان عليه أن يحدث التحول، فلضمان أمن اسرائيل على نتنياهو أن يغير نهجه تجاه ايران. حسب لينكلايتر، وحده نتنياهو يمكنه أن يفعل الخطوة الدبلوماسية الدراماتكية اللازمة لضمان امن اسرائيل. ليس في الضغط على زر ‘الاطلاق’، بل من خلال الحكمة العقلانية الصهيونية. وحده نتنياهو سيحظى بالشرعية الوطنية الواسعة لمثل هذا التحول، واذا ما فعل ذلك، سيحظى مثل هرتسل بعناق أمم العالم والتزامهم الراسخ بأمن اسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ