المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التقرير الاعلامي الاسرائيلي 246



Haneen
2013-05-23, 12:16 PM
التقرير الاعلامي الاسرائيلي
16/5/2013

شأن اسرائيلي داخلي
قالت مصادر اسرائيلية ان اثمان التيار الكهربائي سترتفع بنسبة 6.3% فيما كان يتوقع ان ترتفع اكثر من هذا بكثير ولكن تم الاخذ عدة اعتبارات منها انخفاض سعر الوقود عالميا وتحصيل ديون كثيرة مستحقة لشركة كهرباء اسرائيل . (معا،PNN)
اكد وزير الرفاه الاجتماعي مئير كوهن انه سيتم ادخال تعديلات اخرى على مشروع ميزانية الدولة قبل اقراره نهائيا في واشار كوهن انه طلب من وزير المالية يئير لابيد منح الازواج العاملة المتواجدة تحت مستوى الكفاف امتيازات ضريبية. (ص.اسرائيل)
قال وزير المالية يئير لابيد انه يتفهم مصدر الانتقادات الموجهة اليه على خلفية مشروع ميزانية الدولة معربا عن اعتقاده بان الاجراءات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة حاليا ستجني ثمارها في غضون عام ونيف . (ص.اسرائيل)
حظيت وزارة الامن الداخلي الاسرائيلية بزيادات مالية كبيرة تمكنها من تجنيد 900 شرطي و800 رجل إطفاء، وإقامة سجن نسائي جديد، وتوسيع المنظومات المحمولة جواً، ودعم وحدة السايبر لمواجهة الاختراقات الإلكترونية المعادية، ووحدة مكافحة ظاهرة جبى الثمن التي ينتهجها المستوطنين، على الرغم من التقليصات التقشفية في الميزانية العامة. (عكا)
كشفت تقارير إسرائيلية عن طرح وزارتي الجيش والمالية فرض رسوم جديدة على البضائع التي تمر عبر المعابر الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل، لتغطية العجز في الميزانية. (عكا)
ترئس وزيرة العدل تسيبي ليفني جلسة طارئة لمناقشة سبل التصدي لظاهرة الاعتداءات التي تقوم بها جهات يمينية يهودية متطرفة ضد مواطنين وممتلكات فلسطينية وعربية .(ص.اسرائيل)
يستدل من معطيات انشرتها دائرة الإحصاء المركزية ان حجم النمو الاقتصادي في إسرائيل زداد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام بنسبة %2.8. ويعكس ذلك ارتفاعاً بنسبة %0.2 قياساً مع الأشهر الثلاثة التي سبقت هذه الفترة . (ص.اسرائيل)
ضبطت الشرطة الاسرائيلية في حملة قامت بها خلال الاسابيع الاخيرة حوالي 2000 قطعة سلاح بعضها انتهت فترة رخصتها وبعضها الاخر تعود لاشخاص متوفين.(صوت اسرائيل)


<tbody>
شأن اسرائيلي خارجي



</tbody>


أعلن الأردن رسمياً، مغادرة السفير الإسرائيلي دانييل نيفو، عمّان متوجهاً الى تل أبيب وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال محمد المومني. (سما،معا،عكا)
أعلنت كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني الجناح العسكري لـحركة فلسطين حرة مسؤوليتها عن قصف الجولان بالصواريخ
وذكرت كتائب الحسيني في بيان أصدرته أنها استهدفت المرصد الإسرائيلي في الجولان المحتل برشقتين من الصواريخ .(معا)
حذر مسؤول اسرائيلي كبير الرئيس السوري بشار الأسد من مغبة الرد على الهجمات الاسرائيلية في سوريا قائلا ان مثل هذا الرد سواء اذا كان مباشرا او بواسطة تنظيمات ارهابية قد يؤدي الى إسقاط نظام حكمه.(سما،PNN،عرب48)
كشفت القناة الاسرائيلية الثانية صور حصلت على تُظهر اثار القصف الاسرائيلي على سورية واظهرت الصور التي التقطتها الاقمار الاصطناعية منطقة تخزين ومحطة للحاويات في مطار دمشق تم قصفتها بحجة وقف عملة لنقل اسلحة الى حزب الله .(معا)
ذكر إفرايم هليفي، القائد السابق للموساد الاسرائيلي إن بلاده لا تعتبر البحث عن بديل للرئيس بشار الأسد، من بين أولوياتها، وإن كانت تظن أنه سيسقط في نهاية المطاف، مشيرا إلى أنها تعرف أمرا أساسيا حول أسرة الأسد، وهو تمكنها من الحفاظ على الهدوء في الجولان طوال 40 سنة. (ف.اونلاين)
ذكرت صحيفة معاريفأنها تلقت العديد من شهادات جنود، الاحتياط او النظاميين، الذين يخدمون في الاراضي الفلسطينية المحتلة، التي تعبر عن العجز في تطبيق التعليمات الضبابية التي يتلقونها حول كيفية التصدي للمواجهات في هذه المناطق. (سما)
أكد المختص بالشؤون العسكرية ورئيس تحرير موقع إسرائيل ديفينس على الإنترنت عمير ربابورت، أن مناورة التجنيد المفاجئة لـ2000 رجل احتياط، ، وجاءت في فترة متوترة لاسيما في الشمال موضحاً ان التوتر قد يستمر الى الصيف المقبل. (سما)
دعت فعاليات مناصرة للقضية الفلسطينية في هولندا الملك الهولندي الجديد وليام ألكسندر إلى عدم منح الاستيطان الإسرائيلي الشرعية بإضفاء اسمه على مشروع مياه صحراء النقب الذي يشرف عليه الفرع الهولندي للصندوق القومي اليهودي ويهدف إلى الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية تحت مسمى إعمار الأراضي.(سما)
أكدت صحيفة كوميرسانت الروسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فشل في اقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف بيع صواريخ S-300 الى سورية. (معا،ص.اسرائيل)
وصفت مصادر سياسية اسرائيلية، المباحثات التي جرت في روسيا بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمر بوتن بانها كانت ناجحة. (PNN،ص.اسرائيل)
رد القضاء الفرنسي، طلب جمعية اصدقاء شعوب المتوسط الفرنسية التي رفعت شكوى ضد اسرائيل لاستعادة سفينة تم حجزها في 19 تموز/يوليو عندما كانت تبحر الى غزة. (عرب48)
ذكرت صحيفة تيلغراف البريطانية ان بنيامين نتنياهو، ينفق 519 ألف دولار على منازله الثلاثة في حين تبلغ نفقاته تحت خانه مصاريف التمثيل والتي تحوي على الملابس والأحذية والعناية بالشعر والماكياج إلى 17.80 ألف دولار. (ف.اونلاين)


<tbody>
عرب الـــ48



</tbody>
مشاورات في اسرائيل لمواجهة ارهاب المستوطنين هارتس:تحقيق يكشف خبايا الإستيطان والآليات التي تحركه (سما) ...مرفق

وجه النائب د. باسل غطاس رسالة عاجلة إلى وزير الأمن الداخلي يتسحاك أهرونوفيتش مطالبا إياه بالتدخل الفوري لنقل الأسير سامر العيساوي من مستشفى سجن الرملة الذي يرقد به حاليا، إلى مستشفى "كابلان" المدني في الرملة الذي كان يرقد فيه تحت العناية المشددة أثناء معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها لفترة تجاوزت 7 أشهر.(عرب48)
قام ما يسمى بوحدة مراقبة الأبنية غير المرخَّصة التابعة لوزارة الداخلية ومفتشو دائرة أراضي إسرائيل بهدم 10 منازل شُيدت بدون ترخيص في مضارب عشيرة أبو القيعان في منطقة عتير إلى الشمال من بلدة حورة في النقب الشمالي الشرقي . (ص.اسرائيل،PNN)
صرح عضو الكنيست العربي طلب ابو عرار عمليات التهجير لأهالي من عتير لن تردعنا عن التمسك بارضنا وقرانا، وما تشهده عتير هو تطهير عرقي من اجل تهويد المنطقة. (PNN)
تعرض رجل يبلغ من العمر 31 عاما في العفولة لإطلاق النار في رجله مما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة ولم تتضح خلفية الحادث بعد إلا أن الشرطة اعتقلت شخصيْن للاشتباه بضلوعهما فيه. (ص.اسرائيل)




<tbody>
الانتهاكات الاسرائيلية



</tbody>

أغلقت الشرطة الإسرائيلية، اليوم المسجد الأقصى المبارك أمام دخول الاجانب وغير المسلمينً نظرا للحساسية التي نشأت في الحرم عقب أحداث ووقائع جرت في حيز منطقة الحرم المتمثلة بتكرار اقتحامات المستوطنين للحرم.(معا)
كشفت صحيفة هآرتس النقاب عن أن الحكومة الاسرائيلية ابلغت المحكمة العليا بأنها تعمل على شرعنة أربع بؤر استيطانية بالضفة الغربية كان من المفروض ان يتهم هدمها منذ العام 2003 . (عكا،هأرتس،سما)
بدأت جماعات من المستوطنين، اقتحام المسجد الأقصى، تلبية لدعوات يهودية متطرفة لأنصارها إلى ما أسمته "حجٌ جماعي للأقصى"، حيث تسود حالة من التوتر الشديد، وسط حراسة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي. (عكا،معا)
تسود مدينة القدس المحتلة، خاصة بلدتها القديمة، ومحيط بوابات المسجد الأقصى المبارك، حالة من التوتر الشديد في ظل الانتشار العسكري والشرطي المكثف ووسط دعوات متصاعدة من قادة المستوطنين لاجتياح المسجد الأقصى وتنظيم ما يسمى 'حج' لشبيبة المستوطنين في المسجد المبارك. (عكا،معا)
قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بتجريف أكثر من 40 دونما زراعيا في منطقة رأس كركرس الواقعه شرقي عقربا جنوب نابلس.، وهدمت خزان مياه واقتلعت اكثر من 1200 غرسة زيتون اضافه الى هدم أسوار حجرية . (معا)
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة مواطنين من بلدة دورا، وهم: خالد وليد عمرو، وإبراهيم الحريبات، وصدام الحريبات. وأصابت مواطنين خلال مواجهات دارت في مخيم العروب. (PNN)
اقتحم الحاخام اليهودي المتطرف يسرائيل أرئيل المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة على رأس مجموعة من المتطرفين اليهود من مستوطنة 'كريات أربع' الواقعة بمدينة الخليل. (وفا)
داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منزل ذوي الأسيرة شيرين خالد رشيد خضيرات (23عاما) في مدينة طوباس، وفتشته واستجوبت ساكنيه وصادرت منه جهاز حاسوب . (وفا)
أقدم مستوطن إسرائيلي، ، على الاستيلاء على أرض تعود لعائلة بركات في قرية النبي صموئيل شمال غرب القدس المحتلة، ووضع بداخلها كرفانا للسكن. (وفا)
هاجمت مجموعة من المستوطنين ، طلبة المدارس في قرية عوريف جنوب نابلس ورشقوا الطلبة بالحجارة أثناء خروجهم من مدارسهم، ولم يبلغ عن إصابات. (وفا)
قال نادي الأسير الفلسطيني، إن الأسير أيمن حمدان من بيت لحم مستمر في إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 22 نيسان الماضي.لحين تحقيق مطلبه بإنهاء اعتقاله الإداري.(وفا)
أفاد محامي وزارة الأسرى رامي العلمي أن أحد السجناء الجنائيين الاسرائيليين قام بالاعتداء الوحشي على الاسير علي محمد عطيلة 19 عاما من سكان بيت لحم، وذلك بتاريخ 5/5/2013 وإصابه بجروح في سجن ايشل. (معا)








<tbody>
عناويـــن الصحــف العبريــة




</tbody>

<tbody>

<tbody>

<tbody>



</tbody>





</tbody>
مختارات من عناوين الصحف العبرية الصادرة اليوم الخميس الموافق 16.05.2013
تناولت الصحف باسهاب زيارة نتنياهو لروسيا التي تناولت الملف السوري وقضية صواريخ اس 300 المتطورة , وملف الاوضاع الاقتصادية في البلاد...



</tbody>


صحيفـــة هآرتس:

إسرائيل في رسالة الى الاسد : اذا ما قمت بالرد على هجماتنا فان نظامك قد يسقط
- مسؤول إسرائيلي كبير يلمح الى ان جيش الدفاع قد يعود ويهاجم شحنات الاسلحة .
- بوتين يرفض طلب نتانياهو عدم تزويد الاسد بصواريخ متطورة .
- المسؤول الاسرائيلي يدلي باقواله لصحيفة نيويورك تايمز الامريكية .
- رئيس الوزراء قام بزيارة لروسيا لمنع تزويد سوريا بصواريخ متطورة من طراز اس – 300 .
- إيران اقنعت الاسد بالسماح لحزب الله بفتح جبهة ضد إسرائيل في هضبة الجولان في حال اتخذ قرار بذلك .


* الفقر في إسرائيل – الاعلى من بين الدول الاعضاء في المنظمة الدولية للتعاون والتنمية الاقتصادية OECD
- ارتفاع نسبة الفقر من 14% عام 1995 الى 21 % في عام 2010 .
- نسبة عدم المساواة في إسرائيل هي من الاعلى في المنظمة وتسبقها في الترتيب تشيلي , المكسيك , تركيا والولايات المتحدة .
- OECD تحذر من ان استمرار الازمة الاقتصادية العالمية واتخاذ اجراءات تقشفية في الموازنة العامة سيؤدي الى الحاق اضرار كبيرة بالشرائح الضعيفة .
- ارتفاع الرقم القياسي لاسعار المستهلك في إسرائيل خلال الشهر الماضي بنسبة 0.4% .
- الدولار يرتفع قياسا مع الشيكل ب 2% ليبلغ سعر صرفه الرسمي 3.64 شيكل .

* مواجهات عنيفة في اورشليم القدس والضفة الغربية في يوم النكبة
- اصابة 4 جنود بجروح طفيفة اثر القاء زجاجة حارقة باتجاههم في منطقة جبل الخليل .
- جرح 6 من افراد الشرطة في اورشليم القدس واعتقال 30 شابا فلسطينيا .
- اعمال شغب في بلدة بيتونيا بمنطقة رام الله وفي مخيم قلنديا شمالي اورشليم القدس .
- جنود جيش الدفاع يستخدمون القنابل الغازية والصوتية لتفريق المشاغبين .
- مسيرات في انحاء الضفة الغربية لاحياء ما يسمى بيوم النكبة .

* شعارات عنصرية على جدران منزل في صفد
- إضرام النار في 3 سيارات بقرية ام القطف في منطقة وادي عارة .
- الشرطة تشتبه في ان هذه الافعال ارتكبت على خلفية قومية متطرفة .
- وزير الامن الداخلي يتسحاق اهارونوفيتش يستنكر بشدة هذه الاعمال .
- الشرطة تعتقل شخصا يبلغ من العمر 45 عاما للاشتباه في ضلوعه بكتابة الشعارات المعادية للعرب في صفد .

صحيفـــة يديعوت أحرونوت:

** ارتفاع اسعار الكهرباء اعتبارا من اليوم **
- سعر كيلوات كهرباء 59.47 اغورة .
- الحكومة تصادق على تقليص مخصصات الاطفال ورفع نسبة ضريبة الدخل .
- مصاريف المنزل الرسمي لرئيس الوزارة نتانياهو اعلى بكثير من اسلافه .
- تقليص رواتب الوزراء وأعضاء الكنيست ب 10% .
- رفع ضريبة القيمة المضافة ب 1% .


** زيارة الامطار **
- إسرائيل لم تشهد قط مثل عيد نزول التوراة الذي صادف امس .
- هطول اكثر من 30 مليمترا من الامطار في شمال البلاد .
- ارتفاع منسوب بحيرة طبريا بسنتيمتريْن في منتصف ايار – مايو .
- كمية الهطولات المطرية في بئر السبع بلغت 10 مليمترات .
- احتمال سقوط رذاذ صباح اليوم .

صحيفـــة معاريف:

*الزيارة الطارئة في البحر الاسود
- مصدر سياسي في روسيا : بوتين ونتانياهو يتشاطران القلق من سقوط الاسد .
- إسرائيل تهدد : اذا ما قامت سوريا بمهاجمتنا فسنسقط نظام الاسد .
- ايران تقنع الاسد بالسماح لحزب الله بفتح جبهة في هضبة الجولان ضد إسرائيل .
- الخلاف بين اورشليم القدس وموسكو حول تزويد سوريا بصواريخ متطورة من طراز اس 300 لا يزال قائما .

* في ظل الاجراءات الاقتصادية التقشفية : اقامة سجن جديد وتجنيد 900 شرطي
- الحكومة تصادق على مشروع ميزانية الدولة للعامين الحالي والقادم .
- جميع الوزراء يقرون الميزانية باستثناء عمير بيرتس .
- لبيد يصف مشروع الميزانية بانه يبعث على الامل .
- زيادة الميزانية المخصصة لوزارة الامن الداخلي .

** اعتقال دبلوماسي امريكي في موسكو للاشتباه فيه بممارسة التجسس
- عملاء المخابرات الروسية يعتقلون في احد الشوارع موظفا في السفارة الامريكية يدعى ريان فوغل .
- العثور في حوزته على خارطة , بوصلة , باروكة ورسالة تتضمن عرضا لمواطن روسي باعطائه مبلغا كبيرا من المال مقابل تجنيده للعمل لصالح المخابرات الامريكية .
- السلطات الروسية تبعد فوغل عن اراضيها بعد التحقيق معه لعدة ساعات .
- وسائل الاعلام الروسية تصف الحادث بانه عودة الى فترة الحرب الباردة .
- السفارة الامريكية في موسكو ترفض التعقيب .


<tbody>
مقــال اليــوم




</tbody>




علاقات العربية السعودية ـ ايران خصومة ايديولوجية ومنافسة على النفوذ الاقليمي

بقلم: يوئيل جوجنسكي ،عن معهد بحوث الامن القومي، جامعة تل أبيب

الخصومة الايديولوجية الدينية والمنافسة على النفوذ الاقليمي تميزان علاقات العربية السعودية مع ايران. واحدى نتائج الهزة الحالية في الشرق الاوسط هي كشف العداء بين الدولتين وتعميق الصراع بينهما على طبيعة المنطقة. وأثارت الامكانية السلبية الكامنة في ‘الربيع العربي’، وكذا محاولة ايران توجيه انجازاته اليها، على الاقل في البداية، أثارت حوافز العربية السعودية الى الخروج بقدر كبير عن السلبية النسبية التي ميزت سياستها الخارجية ومحاولة الدفع الى الامام بانتشار عربي جماعي جديد كوزن مضاد لايران. وتضع هذه المحاولة والحاجة الى قيادة المنطقة العربية تحديا اضافيا امام المملكة وكفيلة بان تعرضها اكثر مما في الماضي للعدوانية الايرانية.
ترى العربية السعودية في ايران مصدر تهديد مركزي لعدة اسباب. الاول هو رغبة ايران في أن تدفع الى الامام في الخليج بمنظومة أمنية نقية من التدخل الاجنبي، وأولا وقبل كل شيء التدخل الامريكي، تكون لها فيها موقع القيادة؛ والثاني هو رؤية ايران لنفسها كممثل مخلص للعالم الاسلامي ومن يتحدى دور العربية السعودية بصفتها ‘حامي الاماكن المقدسة الاسلامية’. كما أن سعي ايران نحو قدرة نووية عسكرية والتأثير الذي سيكون لهذه القدرة على تصميم جدول الاعمال الاقليمي يهدد العربية السعودية، بسبب النفوذ الذي سيمنحه لايران، وذلك ضمن امور اخرى في سوق النفط وحتى على الشيعة في المملكة السعودية.
مع نهاية الحرب الايرانية العراقية طرأ تقارب ما بين العربية السعودية وايران. وساهمت في ذلك ضمن أمور اخرى موافقة الخميني على وقف النار وقراره عدم ارسال الحجاج الايرانيين الى مكة الأمر الذي أدى، لاول مرة منذ عقد من الزمان، أن تمر أحداث الحج دون أي عراقيل. وتعززت مصلحة الطرفين في تحسين العلاقات بينهما وحل المسائل موضع الخلاف بعد الاجتياح العراقي للكويت، مما أدى ايضا الى استئناف العلاقات بينهما في نهاية حرب الخليج الاولى (اذار 1991). وتسرعت عملية التقارب الحذر والشكاك لدول الخليج من ايران مع انتخاب محمد خاتمي، الذي اعتبر معتدلا، للرئاسة الايرانية في 1997. وقادت السعودية هذه العملية والتي عملت لهذا الغرض على وقف جزئي للتحريض في نطاقها ضد ايران، وقعت معها على سلسلة اتفاقات ثقافية واقتصادية بل وسمحت لسفينة حربية ايرانية ان ترسو في ميناء جدة في البحر الميت لاول مرة منذ الثورة الاسلامية (في شباط 2011 سمحت السعودية مرة اخرى لسفينتين ايرانيتين الرسو في ميناء جدة في طريقها الى البحر المتوسط).
عملية التقارب المدروسة بين السعودية وايران تعززت بعد أن تسلم ولي العهد عبدالله الحكم في المملكة عمليا في 1995، بسبب عجز الملك فهد عن اداء مهامه. ولاقى التقارب السعودي من ايران الاستياء في اوساط دول المنطقة ولا سيما في اتحاد الامارات الذي خشي من أن يؤدي الامر الى وهن موقف المملكة ومجلس التعاون في موضوع الجزر التي تحتلها ايران. واعتقدت السعودية بانه طالما كانت ايران لا تحرض الشيعة في نطاقها ضد الاسرة المالكة، فانها كفيلة بان تشكل كابحا لقوة العراق. اما ايران من جهتها فرأت في تحسين العلاقات مع دول الخليج وسيلة تسهل عليها اقناعها بمعارضة التواجد الامريكي في المنطقة. ولهذا الغرض فقد تحدثت علنا في صالح تعزيز العلاقات بين الدول بل وطرحت فكرة اطار امني جديد في الخليج. ورغم التغيير في دينامية العلاقات مع ايران وسياستها الاكثر عملية، بقيت السعودية شكاكة في نواياها. ووجدت هذه الشكوك سندا لها، ضمن امور اخرى، في وجود منظمة مؤيدة لايران في اراضيها كانت فاعلة في أوساط السكان الشيعة في المملكة وتلقى اعضاؤها الالهام، الدعم والارشاد من ايران. وتشك السعودية في أن تكون هذه المنظمة هي التي تقف خلف العمليات التي وقعت في حزيران 1996 في الخُبر.


علاقات السُنة ـ الشيعة

للنزاع السني ـ الشيعي دور هام في العلاقات بين جانبي الخليج بشكل عام وبين السعودية وايران بشكل خاص. صحيح أن الشيعة لا يشكلون الا 10 حتى 15 في المائة من عموم المسلمين (بين 130 مليونا الى 200 مليون نسمة في اطار 1.3 مليار مسلم في العام)، ولكنهم في الخليج يشكلون نحو 80 في المائة من السكان.
لقد اتهمت السعودية غير مرة ايران بدعم الاقلية الشيعية في نطاقها وتشجيع مظاهرات العنف في اثناء الحج، في محاولة لضعضعة مكانة النظام من الداخل ومكانة السعودية في العالم الاسلامي. وتصريحات كبار المسؤولين الايرانيين بالنسبة لعدم قدرة عائلة سعود حماية مكة والمدينة تعتبر في السعودية تحريضا وتهديدا على استقرار المملكة وذات قدرة كامنة على الاضطراب الداخلي. وأملت السعودية بان يساعد الحوار مع ايران في كبح جماح قوتها والحفاظ عليها كقوة توازن، حتى وان كانت خرجت بذلك عن السياسة الامريكية المتمثلة ‘بالصد المزدوج’. وشعر السعوديون، الذين يعرفون بان الولايات المتحدة، ستهرع الى مساعدتهم عند الحاجة، شعروا واثقين بما يكفي لتحسين علاقاتهم مع ايران، وآمنوا بان الامر سيساعدهم في الحفاظ على هدوء نسبي في أوساط الاقلية الشيعية في نطاقهم، والتي تتجمع في معظمها إن لم تكن كلها في الشمال الشرقي من الدولة.
في الاعوام 1979 1981 وقعت في هذه المنطقة، ولا سيما حول واحة الاحساء والقطيف، مظاهرات جماهيرية للشيعة ممن تلقوا ‘ريح اسناد’ من الثورة الخمينية. حتى ذلك الحين، لم يعبر الاحساس بالظلم لدى الشيعة عن نفسه عمليا. وبثت الثورة الاسلامية حياة في الاقلية الشيعية في السعودية وبدت لها كبديل عن القمع الذي تشعر به من جانب عائلة سعود. وهدأت المواجهة التي بدأت بين السكان الشيعة والنظام السعودي مع وفاة الخميني، عندما قلت الحماسة الثورية في ايران واعترف الشيعة في السعودية بقوة المؤسسة الوهابية في المملكة وسعوا بالتدريج الى ترتيب علاقاتهم مع الحكم تحسينا لمكانتهم. ويشار الى ان التيار الوهابي في الاسلام يشكك بأهلية الشيعة اسلاميا بل وباصولهم العربية، الامر الذي دفع السعودية التي تمثل هذا التيار الى فرض قيود متشددة على الشيعة في نطاقها. وذلك انطلاقا من التطلع الى عزلهم ومنعهم من اي تعبير سياسي او حرية عبادة دينية.
وبث الغزو الامريكي للعراق وصعود قوة ايران الامل في قلب الشيعة في السعودية في أن تمنحهم العائلة المالكة حقوقا اجتماعية سياسية، ولكن عبثا. في نظر السعوديين، فان التهديد الايراني خطير ليس فقط بسبب آثاره على ميزان القوة في الخليج، بل وأيضا بسبب آثار جوهرية له على الامن القومي للمملكة: اذا ما كانت يد ايران هي العليا، فقد تقف شرعية العائلة المالكة السعودية عند الاختبار سواء من ناحية السُنة المتطرفين الساعين الى وقف الشيعة ام من جانب الشيعة السعوديين، الذين قد يدفعهم صعود قوة ايران الى محاولة استغلال الوضع لهز استقرار المملكة. وبقي الشيعة مشكلة أمنية للسعودية ليس فقط بسبب قربهم الجغرافي والفكري من ايران، بل وايضا في ضوء تواجدهم على مقربة من مخزونات النفط الكبرى في العالم (الكثير من الشيعة هم عاملون في صناعة النفط، وان لم يكونوا يتمتعون بارباحها).
في 1993، ومرة اخرى بعد العام 2003، في أعقاب ضغط امريكي اتخذ عبدالله سلسلة من الخطوات لتبديد التوترات مع الاقلية الشيعية، بما فيها الاعلان عن ‘حوار وطني’. في 2005 وفي 2011 اجرت انتخابات لنصف مقاعد المجالس البلدية حتى في المناطق الشيعية، ولكن عائلة سعود لم تمض شوطا بعيدا حتى الاعتراف بالشيعة كتيار مركزي في الاسلام وامتنعت حتى اليوم عن منح الشيعة مكانة مواطنين متساوي الحقوق. وبقي الظلم الاساسي للسكان الشيعة في المملكة على حاله بل وصعد بين الحين والاخر الى السطح. لم يكن الشيعة ابدا قريبين من تهديد استقرار المملكة ولكن التخوف السعودية من أن تحرض ايران السكان الشيعة في نطاقها ازداد في ضوء الاحداث في البحرين في بداية 2011. وتخشى السعودية من تصاعد النشاط الايراني لاثارة الشيعة في نطاقها اذا ما وعندما تحقق ايران قدرة نووية تمنحها قوة ابتزاز تجاهها. في اواخر العام 2011، ومرة اخرى في بداية 2012، بدا بان التخوف السعودي يتجسد، وان كان جزئيا. فلاول مرة منذ بدأت احداث ‘الربيع العربي’ وخلافا للمرات السابقة التي خرج الشيعة في المملكة فيها للتظاهر، هذه المرة حملوا السلاح. في اعقاب عدة احداث، بعضها اندلع على مسافة غير بعيدة من محطة النفط الاكبر من نوعها في العالم في راس تنورا، حيث قتل عدد من الشيعة واصيب بضع عشرات، سارعت السلطة السعودية الى اتهام ‘دولة أجنبية’ الاسم السري للتدخل الايراني في اشعال التوتر. سبيل مقبول لمنع الانتقاد من الداخل على العائلة المالكة ولا سيما من جهة محافل سنية راديكالية.
صد ايران
وقفت عدة عوامل خلف السياسة البراغماتية نسبيا لايران في اثناء التسعينيات وبداية العقد الماضي ـ وفاة الخميني، انتهاء الحرب الايرانية ـ العراقية، انحلال الاتحاد السوفييتي وغيرها ـ ولكن صعود أحمدي نجاد الى الحكم أدى الى نهاية ‘شهر العسل’ بين ايران والسعودية، والذي ميز بقدر ما فترة رئاسة رفسنجاني وخمينئي، وأدى الى احتدام التهديد الذي بنظر المملكة يحدق من ايران. ورمزت رئاسة احمدي نجاد الى انعطافة واضحة عن سياسة سلفيه: عودة الى سياسة مناهضة للسعودية، اصرار على شعارات ‘تصدير الصورة’، التشديد على اقتراب تحقق الرؤيا الشيعية المهدية، والى جانب ذلك رؤيا من الهيمنة الاقليمية. في خطاب في الذكرى الثلاثين للثورة أوضح احمدي نجاد مذهبه حين قال على قبر مؤسسة الثورة: ‘الثورة ليست محدودة بحدود ايران… وهي لا تزال حية بعد ثلاثين سنة. نحن لا نزال في بداية الطريق، وامامنا تغييرات كبرى. هذه الثورة العاصفة ستستمر الى أن يتحقق العدل’. وتفضل السعودية كقاعدة تعطيل المخاطر على أمنها القومي من خلال ‘توزيع المخاطر’، الامتناع عن استخدام وسائل عسكرية علنية ومحاولة التملص من أدوار الريادة والقيادة. فالدبلوماسية والمال هما الوسيلة المفضلة لديها، والى جانبهما محاولة العمل من خلف الكواليس. صحيح أن لدى المملكة أدوات جيدة جدا لمواجهة الاحتجاج المحتمل من الداخل القدرة الاقتصادية الهائلة، الشرعية الدينية وولاء الحرس الوطني الا ان حكامها يفهمون بان اليوم لا تكفي الوسائل التقليدية التي بواسطتها صمموا سياستهم الخارجية على مدى السنين وان عليهم أن يتخذوا وسائل جديدة لتعطيل المخاطر على الامن القومي، وعند الحاجة المحاولة حتى لان يأخذوا في أيديهم خيوط القيادة في العالم العربي.
وزاد صعود مكانة الشيعة في العراق في أعقاب اسقاط صدام حسين وتعميق الدور الايراني هناك، تخوف السعودية والدول السنية الاخرى من نشوء ‘هلال ايراني شيعي’ مهدد في قلب العالم السني. وساهم في هذا التخوف ليس فقط الوضع في العراق، بل وايضا في لبنان، في البحرين وفي اليمن. وحذرت الرياض الولايات المتحدة حتى قبل اجتياحها للعراق بانه اذا ما اطيح بصدام فان ايران ستعمق سيطرتها هناك بل وستزيد تواجدها في جنوبه، حيث السكان هناك هم شيعة. وفضلت السعودية أن تكون قوة سنية، حتى وان كانت قامعة، تستولي على الحكم في بغداد كي تمنع بهذه الطريقة كل امكانية لتعزز قوة الشيعة. وأدى الاجتياح الامريكي للعراق، الذي قدم على حد قول السعودي ‘العراق لايران على طبق من فضة’ أدى بها الى ان تزيد المساعدة للاقلية السنية في العراق، والتي كانت تشارك في الصراع الدموي مع الميليشيات الشيعية على طابع الدولة العراقية (العديد من السعوديين سافروا الى العراق بهدف مقاتلة الامريكيين والشيعة على حد سواء). وكانت هذه خطوة مشابهة للمساعدة التي قدمتها المملكة لعناصر اخرى واجهت التهديدات الايرانية في نطاقها، مثل لبنان، البحرين واليمن. واتهم رئيس الوزراء العراقي، المالكي، رئيس المخابرات السعودية، الامير مقرن ابن عبدالعزيز، باقامة قوة سنية مسلحة ضد الميليشيات الشيعية فاقمت الحرب الاهلية في الدولة. اما السعودية من جهتها فقد امتنعت حتى الان عن ارسال سفير مقيم يمثلها الى بغداد وهي اشارة واضحة على أنها غير واثقة بحكومة العراق.
الانتقاد السعودي لاجتياح العراق استبدل في السنوات الاخيرة بانتقاد على الترك المتسرع لقوات الجيش الامريكي لهذه الدولة وابقائها ‘في يد الايرانيين’. ويتمثل التخوف السعودي في أن الامر سيسمح لايران بتعميق تسللها الى المنطقة العربية، تهديد جيرانها الصغار على شاطيء الخليج بسهولة اكبر والوصول الى مقربة شديدة من حقول النفط الهامة في الكويت وفي الشمال الشرقي من السعودية.
كقاعدة، فعلت السعودية كل ما في وسعها كي تجتذب محافل سنية من المعسكر المؤيد لايران الى المعسكر المؤيد للسعودية فترسم بذلك خطا واضحا، على اساس طائفي، بينها وبين ايران. وكان لذلك عدة نماذج في السنوات الاخيرة، مثل محاولة جر حماس الى المعسكر السعودي، ضمن امور اخرى من خلال منح رعاية لـ ‘اتفاق مكة’ لترتيب العلاقات الفلسطينية الداخلية والمساعي لمنع التقارب بين ايران ومصر بعد مبارك. ثمة تخوف في المملكة من أن تميل القيادة الجديدة في مصر بقدر اكبر من سابقتها الى الاتجاه الايراني وذلك ارضاء للرأي العام الذي يميل في هذا الاتجاه. وفي الاشهر التي تلت اسقاط مبارك انطلقت في القاهرة تصريحات بشأن الحاجة الى استئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران. واستقبل المسؤولون الايرانيون بالترحاب النية التي صدرت عن مصر في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع ايران، بل وقالوا ان ‘مقاومة مصر لاسرائيل’ و ‘تبني نموذج الثورة الاسلامية’ يخلقان قاسما مشتركا بينها وبين ايران. وحيال هذا التخوف حولت السعودية الى مصر مساعدة بمبلغ 4 مليارات دولار، لاعانة الاقتصاد المصري على ‘الطوف فوق الماء’ (اتحاد الامارات حول لمصر حسب التقارير نحو 3 مليار دولار) و ‘نفضت الغبار’ عن سلسلة من المشاريع المشتركة التي استهدفت تعزيز علاقاتها مع القاهرة، بما في ذلك المشروع القديم لبناء جسر يربط بين السعودية ومصر فوق مضائق تيران. ونجد ان المملكة السعودية تنخرط اليوم اكثر من اي وقت مضى في الساحة السياسية المصرية ايضا من خلال دعم عدد من الجهات السياسية، بل وكانت هناك تقارير عن نية لضم مصر الى قسم من لجان مجلس التعاون لدول الخليج.
العلاقات مع سوريا
علاقات السعودية مع الحليف الاساسي لايران تدهورت على خلفية القمع العنيف للاحتجاج في سوريا والذي بدأ في اذار 2011. وقبل ذلك فشلت السعودية في محاولة انقاذ سوريا من براثن ايران وخلق كتلة مناهضة لايران متراصة تتشكل من الدول السنية المؤيدة للغرب. ومنحها الاحتجاج في سوريا فرصة متجددة لمحاولة عمل ذلك. وهي تأمل في أن يساعدها اضعاف نظام الاسد في ذلك فيقلص قوة المحور الراديكالي. وانتقدت وسائل الاعلام السعودية العلاقات بين سوريا وايران، بل ان بعضها اتهم طهران في المشاركة في قمع الاضطرابات في سوريا.
وتشكل سياسة السعودية الحالية انعطافة في موقفها من نظام الاسد. فبعد الشرخ الذي وقع بين الدولتين في اعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الحريري في 2005، انتهج عبدالله سياسة انفتاح نسبية تجاه سوريا، في محاولة لدق اسفين بينها وبين ايران: فقد التقى الاسد ثلاث مرات في 2009 بل وأعاد السفير السعودي الى دمشق، ولكن مع تعاظم الاضطرابات في سوريا دعا في آب 2011 سفيره للعودة الى الرياض. وتشكل هذه الخطوة دليلا على وقوف السعودية مرة اخرى بعد أن فعلت ذلك في البحرين ايضا ضد الجبهة الراديكالية بقيادة ايران وعلى الفهم بان الاحداث في سوريا وصلت الى مستوى كفيل بان يرجح الكفة في صالح سلالة الاسد. وكجزء من الجهد لاضعاف المحور الايراني ـ السوري عملت السعودية، الى جانب قطر، لانهاء عضوية سوريا في الجامعة العربية ايضا بل وايدت عمليا المعارضة القتالية. وتنخرط هذه الخطوات في النهج التأكيدي الماضي الذي اتبعته السعودية منذ بدء احداث الربيع العربي وتعبر عن محاولة من جانبها لاعادة تصميم خريطة التحالفات في المنطقة وفقا لمصالحها.



العلاقات مع دول الخليج: الاردن والمغرب
تحاول السعودية توحيد الصفوف في دول الخليج. وفي هذا الاطار بدأ تقارب بينها وبين قطر، وهي تقف خلف معظم المساعدة للبحرين وعُمان. اضافة الى ذلك، فهي تسعى الى ضم الاردن (وربما المغرب ايضا) الى كتلة الملكيات، وذلك لمنعها من اجراء اصلاحات غير مرغوب فيها في نظرها بل وربما، مثلما بدأ يفعله الملك المغربي، الفصل بين السلطات أو التحول في المستقبل الى ملكية دستورية. وفي محاولتها ‘لتحصين’ الانظمة الملكية في وجه المخاطر المحتملة على استقرارها، فان السعودية تقود ايضا المفاوضات مع الاردن لضمه، بهذا الشكل أو ذاك، الى النادي الاعتباري لمجلس التعاون في الخليج. وهي تفعل ذلك رغم تحفظ بعض اعضاء المنظمة ممن يخافون ان يضر الامر بمكانتهم، ولم ينسوا تأييد الملك حسين لصدام في حرب الخليج الاولى. وفي خطوة دراماتيكية في ايار 2011 دعي الاردن (الذي طلب الانضمام الى مجلس التعاون حتى قبل 15 سنة ولم يستجب طلبه) والمغرب لتقديم ترشيحهما الى المنظمة. والتقدير هو أن السعودية تقف خلف المبادرة، التي اهم اهدافها هو محاولة تحصين العائلات المالكة في وجه الهزات السياسية وبلورة كتلة معتدلة كوزن مضاد لايران.
لقد اتاحت مظلة الدفاع الامريكية للسعودية بقدر كبير امكانية البقاء على مدى السنين سلبية في مسائل سياسية واستراتيجية مختلفة. فتوسع الاحتجاج الشعبي في المنطقة في 2011 والاحساس المتعاظم في الرياض بانها بقيت وحيدة لتواجه التهديدات على استقرار النظام دفعها بقدر كبير الى هجر السلبية التي تميزت بها سياستها الخارجية في محاولة للحفاظ على الوضع الراهن. وكجزء من هذا الجهد بعثت السعودية بقوات عسكرية الى البحرين المجاورة للتأكد من أن عائلة خليفة لن تتحول الى ملكية دستورية وان الاحتجاج الشيعي هناك لن يصيب بالعدوى التجمعات السكانية الشيعية في شمال شرق المملكة.
البحرين هي الدولة الاقرب للسعودية جغرافيا وتاريخيا. ويعتبر الاضطراب الشيعي في هذه الدولة الجزيرة الصغيرة، والذي بدأ في مستهل 2011، يعتبر تمردا برعاية ايرانية ودفع، كما اسلفنا، السعودية الى أن ترسل، تحت علم مجلس التعاون، وبقدر ما هو معروف دون تنسيق مسبق أو اتفاق مع الولايات المتحدة قوات عسكرية الى المكان مثلما فعلت في النصف الثاني من التسعينيات. وكان ارسال القوات خطوة ترمي الى الاشارة الى ايران بان البحرين توجد في نطاق نفوذ السعودية. وحققت المملكة انجازات لا بأس بها في هذه الخطوة: فقد اعتبرت ايران أكثر مما في الماضي، بما في ذلك بالنسبة للدول خارج المنطقة، كجهة سلبية بمجرد دعمها للاضطراب الشيعي. وأثبتت نتائج الاحتجاج في البحرين كم هي محصورة قوة ايران ومصاعبها في أن تترجم الى انجازات سياسية مساعدتها للتجمعات السكانية التي تدعمها. اضافة الى ذلك، فقد الصقت بالاحداث في البحرين شارة الصراع الطائفي، الامر الذي لم يجدِ ايران في محاولتها لموضعة نفسها كقوة مهيمنة وتركيز الاهتمام لهذا الغرض على اسرائيل وصرفه عن الصراع السني الشيعي.
واصطدم ارسال القوات السعودية الى البحرين بانتقاد حاد من جانب ايران، التي شبهته باجتياح صدام حسين للكويت في 1990 بل وأدى الى سلسلة من الأحداث بما فيها الهجوم على السفارة السعودية في طهران. كما اتهمت السعودية ايران باغتيال دبلوماسي سعودي في الباكستان في أيار 2011 وفي بنغلاديش في آذار في 2012، في ما بدا كدرك أسفل جديد في العلاقات بين الدولتين. ولا يُعد نمط المس بالدبلوماسيين وبرجال الاعمال السعوديين أمرا جديدا فقد مست ايران وحاولت المس بدبلوماسيين سعوديين في لبنان، في تركيا، في بلجيكا وفي تايلاند، وفي تشرين الاول 2011 انكشفت ايضا محاولة ايرانية للمس بالسفير السعودي في الولايات المتحدة، عادل الجبير.
يبدو ان الثورة في البحرين منحت احساسا عاجلا للرغبة السعودية في صد النفوذ الايراني في الساحات المختلفة في الشرق الاوسط. وفي هذا السياق ينبغي ان نرى دعوة طارق الحميد، محرر صحيفة ‘الشرق الاوسط’ اليومية التي تشكل بقدر كبير بوقا للنخبة السعودية، الى بذل جهد عام كتقليص نفوذ ايران في المنطقة ‘واعادتها الى حجومها الطبيعية’. وعلى حد قوله، فانه هكذا ستُقلص الأذرع التي مدتها ايران نحو هذه الدول وستضطر الى معالجة مشاكلها الداخلية.
عدم قدرة البحرين على ان تواجه وحدها الثورة الشيعية في نطاقها، والى جانب المصاعب في القتال حيال الشيعة الحوثيين على حدود السعودية مع اليمن، شكلت تحديا لمفهوم الامن السعودي وأدت الى اعترافها بأن استثمارا كثيفا في سلاح متقدم هو الآخر ليس فيه ما يُلبي التحديات الامنية التي تواجهها المملكة. فاسقاط الرئيس المصري مبارك الحليف القريب للسعودية في السنوات الاخيرة أحداث العنف في البحرين، انعدام الاستقرار العضال في اليمن، المخاطر الكامنة في الربيع العربي والميل المتصاعد في العراق للانتقال الى نطاق النفوذ الايراني، كل هذا شدد تخوف الرياض من انهيار الوضع الراهن. الاسناد الذي قدمه العراق للشيعة في البحرين، تأييده للسياسة الايرانية في أوبيك في مواجهة السعودية، توثيق العلاقات الاقتصادية بين العراق وايران وخطوات اخرى اتخذتها حكومة المالكي، كمنح دعم اقتصادي وسياسي لنظام الاسد في سوريا، تثبت في نظر السعودية ادعائها بأن العراق تحول ليصبح منفذ لارادة طهران، وعمليا دولة تدور في الفلك الايراني. وهذا هو السبب الذي جعل السعودية تعارض الانسحاب الامريكي الشامل من العراق وطلبها اشتراط ذلك باصلاحات سياسية شاملة تضمن ألا يكون لممثلي الارادة الايرانية سيطرة حصرية على مؤسسات الدولة. وأدى صعود قوة ايران الاقليمية وتحول العراق الى الدولة الشيعية العربية الاولى بتركي الفيصل الى القول، في خطاب أمام دبلوماسيين غربيين في حزيران 2011، بلهجة حادة تجاه ايران: ‘النبش وضعضعة الاستقرار من جانب ايران في دول ذات اغلبية شيعية كالعراق والبحرين وكذا في دول مع تجمعات سكانية شيعية ذات مغزى… يجب ان يتوقفا… وستقاوم السعودية كل النشاطات الايرانية في الدول الاخرى، وذلك لأن موقفها هو ان ليس لايران الحق في التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى’.
كما هاجم ولي العهد ووزير الداخلية السعودي، الأمير نايف، الذي عُين في منصبه في تشرين الاول 2011، هو ايضا، في تصريح رسمي أول له، ايران فقال انه لا تحتمل حلول وسط معها. وفي تناوله لمحاولة اغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة، قال نايف انه بلاده مستعدة لأن تتصدى لكل سيناريو بكل الوسائل اللازمة. وبالفعل، يبدو ان المملكة مستعدة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتقديم كل ذخائرها الاقتصادية، السياسية والامنية في صالح الجهود لمواجهة التطلعات الاقليمية لايران. ونُقل عن الفيصل قوله ان ‘ايران قابلة للاصابة جدا في قطاع النفط، وفي هذا المجال يوجد الكثير مما يمكن عمله للضغط على الحكومة الحالية في طهران’، في ظل التهديد بأن السعودية لن تتردد في استخدام سلاح النفط وزيادة انتاجه للتغطية على ما ينقص من نفط ايراني في الاسواق. يحتمل ان تكون هذه اشارة من السعودية بأنها مستعدة لأن تأخذ على عاتقها المسؤولية عن تقليص الضرر المرتقب للاقتصاد العالمي اذا ما احتدمت العقوبات على ايران وفُرض عليها حظر نفطي أو حتى ان تقلص آثار الهجوم المحتمل على منشآت النووي الايراني، وعلى رأسها الضرر اللاحق بتصدير النفط من الخليج عبر مضائق هرمز.

الساحة الداخلية
فضلا عن التهديد الكامل في صعود ايران، تقف السعودية أمام سلسلة من التحديات المركزية منها تتعلق بمشكلة الارهاب التي احتدمت عقب الوضع في اليمن، الاضطراب الاجتماعي الكامن في المملكة بل وترتيب عملية خلافة الحكم.
ان عملية نقل الخلافة في السعودية ليست عديمة المخاطر وإن كان بسبب حقيقة ان معظم أبناء ابن سعود شيوخ ومرضى، وكل من تبقى من المرشحين المحتملين هم عديمو التجربة في ادارة شؤون المملكة. وتترافق العملية وصراعات شديدة تجري، باستثناء قليل من الحالات، خلف الكواليس، الامر الذي يجعل من الصعب توقع وجه النظام السعودي في السنوات القريبة القادمة.
ان قدرة السعودية على ان تشكل وزنا مضادا لصعود ايران، كمحكمة وملطفة للنزاعات العربية الداخلية وكعمود فقري في السياسة الامريكية في المجال ترتبط ارتباطا وثيقا باستقرار العائلة المالكة والحاجة الى نقل السلطة بشكل سلس. وفاة سلطان، ولي العهد ووزير الدفاع، ومرض الملك عبد الله ومرض ولي العهد نايف من شأنه ان يضع قيد الاختبار المؤسسات التي أُضيفت في السنوات الاخيرة للمؤسسة الحاكمة السعودية وجاءت للحفاظ على التواصل السلطوي بل وربما الزام الملك بنقل عصا الحكم الى جيل الأحفاد.


<tbody>
المرفقــات




</tbody>




مشاورات في اسرائيل لمواجهة ارهاب المستوطنين.. هارتس : تحقيق يكشف خبايا الإستيطان والآليات التي تحركه

المصدر : سما

ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان إجتماعاً يضم كلاً من وزيرة القضاء الاسرائيلي تسيبي ليفني، ووزير الجبهة الداخلية يتسحق اهارونوفتش، والمستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، يهودا فاينشطاين ومسؤولين في جهاز الامن العام "الشباك" لمناقشة طرق التصدي لممارسات "دمغة الثمن" .

وتضيف الصحيفة ان هذا الاجتماع يأتي في اعقاب الارتفاع الملحوظ في الاعمال العدائية التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، وإنتشار الظاهرة لتشمل ممتلكات الفلسطينيين داخل الخط الاخضر، خصوصا بعد مصرع احد مستوطني يتسهار قبل نحو اسبوعين على حاجز زعترة .

وسيدرس الاجتماع إمكانية تشديد الاجراءات ضدد ممارسي هذه الاعمال، بالإضافة الى اصدار اوامر للابعاد عن الضفة الغربية، او تقديم لوائح إتهام ضدهم، كما تنظر النيابة العامة في إتخاذ إجراء يمنع المتهمين من لقاء محاميهم كما هو معمول به مع المعتقلين الفلسطينيين .

بالإضافة الى ذلك تسعى النيابة الى تجفيف مصادر تمويل هذه الاعمال الارهابية، كما حصل من خلال سحب الدعم السياسي عن مستوطنة يتسهار، والتي تعتبر قاعدة لتصدير الاعمال التحريضية في اوساط المستوطنين .

وتشير مصادر قضائية اسرائيلية، ان المحكمة العليا إتخذت في الآونة الاخيرة قراراً إستثنائياً ايدت بموجبه موقف النيابة العامة بمنع ثلاثة من المتهمين بحرق سيارة احد الفلسطينيين في بلدة الظاهرية من مقابلة محاميهم، الامر الذي يشكل وفقاً للصحيفة سياسة جديدة للمحكمة العليا والنيابة العامة في اسرائيل تجاه ممارسات "دمغة الثمن" ضد الفلسطينيين ومساواتها بالاعمال "الارهابية" التي يقوم بها الفلسطينيون. حسب تعبير الصحيفة.

وفي ذات السياق تعمل وزارة المعارف الاسرائيلية بالتنسيق مع جهاز الامن العام "الشاباك" على إعداد دورات تعليمية وتثقيفية لأفراد "دمغة الثمن" لثنيهم عن ممارسة الاعمال التي يقومون فيها، وإقناعهم بالتراجع عن مثل هذه الممارسات .

الى ذلك ‪كشف تحقيق صحفي، أجراه حاييم ليفنسون، ونشر في صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، خبايا النشاط الإستيطاني في الضفة الغربية، وحجم الدور الذي تقوم به جمعية "أمانا" الاستيطانية في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية عبر التزييف، استنادا الى تسلحها بالحصانة القانونية، والدعم من الحكومة الإسرائيلية لقاء الحفاظ على بقائها واستمراريتها، ما يشكل نسفا لامكانية التوصل الى حلول سياسية.

ويتناول الكاتب في تحقيقه كيف يتم "الجمع بين الايدولوجيا والجشع"، وكيف تدار سياسة "التعامي" التي تمارسها السلطات الاسرائيلية الرسمية ما ادى لزيادة البناء الاستيطاني "غير الشرعي او غير الرسمي" وكيف يُستعاضُ عن معاقبة ومحاكمة متجاوزي القانون، توفير الحماية لهم، والتعاون معهم، وحتى تقدم التعويضات لهم على نطاق واسع.

ونظرا لما تضمنه التحقيق من معلومات وتفاصيل حول الآليات التي تحرك الاستيطان، نشرت صحيفة "القدس" الترجمة الكاملة لهذا التحقيق الذي جاء تحت عنوان "المنظمة وراء البناء غير القانوني في البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية" وهذا نصه:

من الناحية النظرية، يفترض بالادارة المدنية وقوات الجيش الإسرائيلي، المسؤولين عن قضايا البنى التحتية وانفاذ القانون، النهوض الى العمل، بسبب أعمال البناء الجارية على إقامة ست وحدات سكنية جديدة في البؤرة الإستيطانية العشوائية "ماتسبيه داني"، الواقعة على بعد 10 كم الى الشرق من مدينة رام الله. وأقيمت البؤرة قبل 15 عاما، وهي تدخل مراحل تطورها الأخيرة، بعد مدة من اقامة المستوطنين في مقطورات وهياكل واهية، وكل الترتيبات الترقيعية.

ووفقا للصلاحيات وسلم الأولويات التي رصدتها لنفسها، يفترض بالإدارة المدنية هدم الأبنية الجديدة. وبعدها تأتي الأبنية غير المسكونة في الدرجة الثانية، على قائمة مهام الإدارة المدنية (أولا يأتي تنفيذ أوامر المحاكم)، استنادا الى التوجه بأن هدم الأبنية المسكونة، يولد مأساة إنسانية، وجلبة سياسية.

لا تحبسوا أنفاسكم بانتظار هدم المنازل الجديدة. فلقد شيدتها "أمانا" الجمعية التعاونية التي يترأسها زئيف هيفر (زامبيش) البالغ من العمر 59 عاما، ويعتبر أحد القياديين في المشروع الاستيطاني الجاري في الأراضي الفلسطينية. وهو أيضا عضو المنظمة اليهودية السرية المسلحة، التي تنشط في الأراضي الفلسطينية منذ ثمانينات القرن الماضي. وبنيت المنازل في "متسبيه داني"، وفقا لأحد النماذج الأساسية التالية لأمانا: "عندما تبني في أرض اسرائيل، فأنت لا تنشغل في الجماليات العمرانية".

وهناك نوعان من البؤر العشوائية في الأراضي الفلسطينية: الأولى خاضعة لإشراف هيفر - على ما يبدو تحظى بالحماية القانونية الكاملة - والأخرى التي يقيمها المستوطنون، الذين يطلقون على أنفسهم "شباب التلال". ولدى وصول مفتشو الإدارة المدنية الى بؤر هيفر لتسليم أوامر الهدم، لا يأبه المستوطنون كثيرا، حيث يستمر الإستيطان بدون هوادة، ويتوقف فقط بأوامر المحكمة العليا الإسرائيلية، هذا إذا صدرت تلك الأوامر.

هكذا يعمل النظام، ويدان بالشكر الى الروابط الوثيقة والواسعة التي تربط هيفر، مع سلطات الدولة. فعلى سبيل المثال، ورغم أنه يكرس جل نشاطه للبناء الاستيطاني "غير الشرعي او الرسمي"، التقى لمرتين بوزيرة العدل تيسبي ليفني، وعلى النقيض من ذلك، فإن البؤر غير الخاضعة لاشراف هيفر، تكون باستمرار معرضة للهدم ولزيارات الشرطة المتكررة.

وبالطبع، فان بؤرة "متسبيه داني" ليست وحيدة، حيث تمتلك "أمانا" حاليا المئات من المقطورات، والعشرات من المواقع الإستيطانية غير المرخصة رسمياً. وفي الماضي، بنت المجموعة الآلاف من الوحدات بدون تراخيص، ومنذ ذلك الحين، تم اضفاء الطابع القانوني على قسم منها، ولا يكترث أحد بالأخرى. ومكتب مدعى عام الدولة على دراية كاملة بذلك.

ومن خلال تصفح سريع لموقع "أمانا"، يتكشف حجم البناء الاستيطاني غير القانوني، فهي (جمعية امانا)، عادة ما تقوم بالمشاريع غير القانونية التي لا يأبه بها المقاولون الآخرون.

وكشف تحقيق "هآرتس" الدور الذي يلعبه هيفر في البناء غير القانوني على نطاق واسع، ما يثير الاسئلة حول قدراته الواثقة في تجنب العقاب.

حضن رفاق

تأسست "أمانا" عام 1978 كحركة غوش ايمونيم الاستيطانية، وسجلت كجمعية تعاونية، يقع مقرها في شارع "باران" في "راموت أشكول" بالقدس، والوزير الحالي للإسكان والبناء الاسرائيلي، أوري ارييل كان السكرتير العام لـ "أمانا" في ثمانينيات القرن الماضي.
زئيف هيفر (يمين الصورة) والمتحدث باسم الجيش (في الوسط)، يؤاف مردخاي الذي شغل منصب رئيس "الادارة المدنية"
زئيف هيفر (يمين الصورة) والمتحدث باسم الجيش (في الوسط)، يؤاف مردخاي الذي شغل منصب رئيس "الادارة المدنية"

وتتم أنشطة الجمعية بشكل كبير عبر الشركة الفرعية المسماة "بنياني بار أمانا"، وطبقا لتقسيم العمل بين الاثنتين، فان "أمانا" تقوم بالتخطيط، والمبادرة بمشاريع البناء، وتدبير الاتصالات السياسية، والحصول على التراخيص أو القيام بتخطيط طرق تجاوز القانون، أما "بينياني بار أمانا"، فانها تقوم بالبناء الفعلي، الذي يجري معظمه في الضفة الغربية تقريبا، ومع بعض استثناءات المستوطنات المنعزلة، مثل "بار يوهاي" و"أور هاغانوز" في الجليل، وتجمعات المزارعين في غوش قطيف (الكتل الاستيطانية التي أخليت من قطاع غزة)، فكل أعمال البناء التي تقوم به "أمانا" تجري في الجانب الآخر من الخط الأخضر. وشغل هيفر منصب السكرتير العام لجمعية "أمانا" منذ عام 1989.

ولد هيفر، واسمه الأصلي "فريدمان" في رامات غان، وانضم الى منظمة "غوش ايمونيم" المتطرفة في سن مبكرة، وفي السبيعينات من القرن الماضي، شغل منصب سكرتير المجلس الإقليمي لمستوطنة "كريات أربع" المقامة في مدينة الخليل. وكعضو في المنظمة اليهودية الإرهابية، حاول وضع قنبلة في سيارة الدكتور أحمد النتشة، أحد الشخصيات السياسية من الخليل، لكن نباح كلب، أرعب هيفر ومرافقيه، ما ادى بهم الى إخفاء القنبلة، التي اكتشفت لاحقا، وشكلت الدليل الذي مكن جهاز الامن الاسرائيلي "شين بيت" من الكشف عن التنظيم السري، حيث اعتقل هيفر عام 1984 وحكم عليه بالسجن 11 شهرا. ومثل جميع الأعضاء السريين، انتقل الى المركز بسبب خبرته. وفي شبابه، تبنى هيفر أفكارا متطرفة تجاه العرب، لكن بعد قضاء فترة محكوميته، تخلى عن طريق العنف، وانخرط في مهنة وظيفية تمتاز بروابط وثيقة مع السلطات.

وبعد عام من استلام هيفر لمنصب سكرتير "أمانا"، تم تعيين ارييل شارون في منصب وزير الإسكان (في حكومة اسحق شامير)، وجاء مردود تحالف شارون- هيفر، لصالح الاستيطان، الذي ازدهر البناء فيه في فترة (1990 - 1992)، فشارون الذي اطلقت يداه لبناء المساكن، لتدفق المهاجرين من الاتحاد السوفياتي، استغل الفرصة لتعزيز الاستيطان، ووجد مع هيفر لغة مشتركة: فكلاهما ينظران الى نفسيهما كرجال عمليين، لا يملكون غير ازدراء المسؤولين والبيروقراطيين، والخبراء القانونيين على حد سواء.

وتحت اشراف شارون، انخرطت "أمانا" في حملة بناء كبرى، كان من شأنها جعل المستوطنات حقيقة حياتية قائمة، يتعذر التراجع عنها. ولم تقطع العلاقة الدافئة بين شارون وهيفر، حتى أثناء فك الارتباط مع غزة عام 2005، عندما شعر المستوطنون بأن رئيس الوزراء شارون طعنهم من الخلف. وبقى هيفر لوحده على اتصال متواصل مع شارون، وكان يقول لأصدقائه ما يمكن تحقيقه يمكن تحقيقه وما لا يمكن، لا يمكن.

براغماتي متطرف

وباختصار، يعتبر هيفر رجل براغماتي متطرف، ولا يتجنب التعامل مع أحد على خلفية أيديولوجية أو أخلاقية، وكل شيء يقاس من حيث ما يمكن انجازه لصالح مشروع الاستيطان، وبهذا المعنى، ينتمي هيفر الى المدرسة القديمة: فهو يؤمن بأن "الحدود سترسم عند الحد الذي يصله المحراث"، وعلى النقيض من نفتالي بينيت، زعيم البيت اليهودي، الوزير في الحكومة الجديدة، فان هيفر لا يؤمن بأن المعركة على الضفة الغربية تقررها الدبلوماسية العلنية أو مصانع الخمور أو "اللايك" على الفيسبوك، وإنما فقط من خلال البناء على الأرض، فكل مسكن يبنى، وإن كان بشكل غير قانوني، سيجبر الحكومة على التمسك بقطعة أخرى من أرض اسرائيل.

والشيء الوحيد الأيديولوجي من وجهة نظر هيفر: مقاطعة الاعلام، فهو لا يجري المقابلات، ولا يعلق على التقارير، ولا يعير اي اهتمام لما يكتب عنه، ولحسن الحظ فإنني التقيت به قبل 3 سنوات، عندما نظم مجلس يشع للمستوطنات ايجازا للصحفيين بمناسبة رأس السنة، حيث توج ذلك بمقابلة مع هيفر، لم تنشر بالطبع. ونظمت المناسبة في خيمة كبيرة في وادي الأردن، مع طعام خارجي، ومضيف ارتدى زي الحاخام ابراهام، ووصل هيفر متأخرا وارتبك للحدث، وكان صامتا مثل شاب التلال أثناء تحقيقات الشين بيت، وغادر المكان بعد فترة وجيزة.

وعلى نحو غريب، عزز فك الارتباط من غزة، من مكانته الحقيقية في مجلس يشع، وشكل الإخلاء، الخط الخاطىء بين نشطاء الجيل القديم، ممن أرادوا تربيع الدائرة، أي الاحتجاج على إخلاء غوش قطيف، وعدم تفكيك الدولة، والشباب الذين كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل الاستيطان، ما حرك عملية استبدال القيادة.

وغادر المشهد الرؤساء القدامى لمجلس "يشع" ليخلفهم جيل جديد، وافتقرت القيادة الجديدة للخبرة، وقادها هيفر بسحره، وقصصه، وموازناته، وذكائه السياسي. وكما يفعل دائما، بقي خلف الأضواء، ليطير بمشروع الاستيطان بأيد واثقة.

واضافة الى علاقات هيفر، شكل المال مصدر قوته، فهو رجل معتدل، وعادة ما يرتدي قميصا وحذاء بسيطين، ويعكس جسمه الرقيق عدم شراهته، وفضلا عن ذلك، يستثمر امبراطوريته المالية في البناء غير القانوني.

وتقول المصادر القريبة من "أمانا" بأن هيفر وساعده الأيمن، الموالي له، موشيه يوغاف (أمين صندوق المنظمة) الوحيدين، اللذان يعرفان ما يجري في حسابات الجمعية، ويقدر أن "أمانا" تتمتع بدورة مالية سنوية تصل مبلغ 100 مليون دولار.

المال الوفير

ويكمن هذا المال الكبير في مستحقات "أمانا"، فكل شخص يعيش في اي من المستوطنات التي بنتها "أمانا" يدفعون ما بين 30 و 43 شيكلا شهريا (اعتمادا على الكيفية التي تعد فيها البؤر الاستيطانية)، وتقوم التعاونية بجمع المال من كل شخص يعيش في مستوطنة تابعة لأمانا، بصرف النظر عن حجم منزله، ويتم تحويلها الى صناديق "أمانا".
الصحفي الاسرائيلي حاييم ليفنسون
الصحفي الاسرائيلي حاييم ليفنسون

ويشعر كثير من المستوطنين بالسخط ازاء هذا الترتيب، حيث أن "أمانا" لا تقدم لهم شيئا غير خدمات تطويرية إستيطانية غامضة، وبالنسبة للخدمات الملموسة، كالتعليم وجمع النفايات والصيانة وغيرها، يدفع المستوطنون في مقابلها الضرائب المحلية وضرائب الممتلكات، وتحافظ مستحقات "أمانا" التي تصل الى 5 ملايين شيكل سنويا على جهاز البناء، الذي يعمل على انعاش النشاط غير القانوني. وعندما يسأل المستوطنون "أين المال"؟ يقال لهم بأنه ضريبة تطوير أرض اسرائيل.

ويفسر مصدر مقرب من "أمانا" كيفية عمل ذلك. وبناء على التقرير الذي أعدته المحامية تاليا ساسون عام 2005، حول البؤر الإستيطانية العشوائية، وما أعقبه من اصدار سلسلة من التوجيهات من قبل النائب العام مناحيم مزوز، لم يعد البناء غير الشرعي في الضفة الغربية، يحظى بالتمويل الحكومي، كما كان الحال في الماضي. ونادرا ما يقدم المقاولون على تنفيذ المشاريع غير القانونية، فهناك هامش ضئيل من الربح في هذه المشاريع الصغيرة، إضافة الى التهديد بالهدم من قبل الإدارة المدنية، حيث يخشى معظم المقاولين من خسارة المال، ولهذا فهم يتجنبونها، وتقوم بهذه المخالفة، الشركة الفرعية لأمانا (بنياني بار أمانا) التي تقوم بادارة المشاريع على قاعدة غير ربحية.

وفي هذه الظروف، تنعدم الإمتيازات، لكن جيوب "أمانا" العميقة، قادرة على تنفيذ مشاريع الإسكان، وفي المناسبات النادرة، التي تقوم بها الإدارة المدنية بهدم الأبنية - كما كان حال المنازل التسعة في بؤرة أمانا عام 2006 - تقوم صناديق "أمانا" بتعويض المشترين. وتمتلك "أمانا" ما يكفي من القدرات الإقتصادية للقيام بالمشاريع المجمدة، ففي العامين الماضيين، أصدرت المحكمة العليا العديد من القرارات ضد البناء بعد الالتماسات التي تلقتها حول البناء غير القانوني.

وتتعلق القضايا المثارة ببؤر: نيفي تزوف، وشيلو، وعوفرة، وتتضمن عوفرة مشروعا ضخما، يشمل العشرات من الوحدات السكنية، التي اوقف العمل بها في منتصف الطريق عام 2012، وتشخص هياكل الأبنية فارغة في مدخل المستوطنة القديمة، حيث تخسر "أمانا" ملايين الشواكل على المشروع.

كما تعمل "أمانا" كمصرف لأغراض استيطانية، وتملك الجمعية صندوقا يطلق عليه "ياحد" (تعني سوياً)، يقوم بتوفير القروض بفوائد منخفضة، قد تصل الى 85‪,000 شيكل لغرض اضافة وحدة سكنية على بناء قائم، وهذه هي الطريقة السريعة لزيادة عدد السكان في المستوطنات، بدون اللجوء لأي بنك يشترط رؤية تراخيص البناء قبيل تقديم القروض. وبحسب "أمانا" فقد تم بناء 500 شقة بتمويل من الصندوق عام 2012، كما قدمت القروض لمئتي شقة أخرى.

ويتيح المال لـ "أمانا" الحصول على مكانة قوية وسط الحركة الإستيطانية، ومع أن "أمانا" تشكل "الذراع الإستيطانية" لمجلس "يشع"، يدين الأخير بأموال طائلة لـ "أمانا"، وبعد فك الارتباط، بلغ عجز مجلس "يشع" 40 مليون شيكل، جراء القروض التي اقترضها من البنوك، وتضررت عملية جمع التبرعات لصالح مجلس "يشع" خلال فترة فك الارتباط، فجاء هيفر للانقاذ. وتتكون ميزانية المجلس من الأموال التي تحولها مجالس الضفة الغربية، إضافة الى مبلغ سنوي يصل 1‪,6 مليون شيكل من "أمانا"، وقدم هيفر لمجلس "يشع" 24 مليون دولار نقدا، لسداد الديون، وبدلا من سداد الديون، لن تقوم "أمانا" بتحويل القيمة السنوية، وتبدو الجمعية وكأنها مغلفة بالأموال.

تقليل المخاطر

كل شخص، حتى الملمين سطحيا بالأحداث في الضفة الغربية، يعي الانخراط العميق لهيفر و"أمانا" في البناء غير القانوني، ولا تنفي الجمعية هذا، وعلى النقيض منه، فانها وفي لقطة شريط فيديو دعائية على اليوتيوب (بالعبرية) تظهر عبارة "مستوطنات شرق شيلو"- عادة تتكون المستوطنات من سلسلة من البؤر القريبة من شيلو- الى جانب سكان يبتسمون، ويشرحون كيف بنوا بدون تراخيص. ومؤخرا جرى بناء العشرات من المنازل على التلال.

ويقول شخص يقوم بدور ممثل "أمانا": "أحيانا يكون من القسوة الانخراط بذلك، لكن يمكنكم رؤية النتائج". ويظهر آخر يجلس طفل في حجره أمام المنظر الطبيعي في الخلفية، حيث يقول: "لكن هناك دائما مفاجآت وهدايا على الطريق، وأحيانا عندما تبدأ البناء تحصل على أمر فوري بالتوقف، وبعدها تأتي الهدية الصغيرة الثانية بقرار الهدم".

ويضيف آخر: "هناك بعض المخاوف باحتمال ايقاف الشاحنات عن العمل، لكن العمل يتم في الليل، وأيام الجمع، وهناك دائما حيل للتقليل من المخاطر، وبالمناسبة تتم جميع الزيارات من قبل جميع الأشخاص، للتأكد من أن كل شيء على ما يرام.. فبدون الصعوبات، لن يكون الأمر ممتعا".

لماذا اذا، عوضا عن مطاردة الريح في التلال، لا تقوم الدولة ببدء التحقيق الجنائي ضد "أمانا"؟ وتوصلت تحقيقاتنا الى أن مكتب المدعي العام، والشرطة الإسرائيلية، قاما بالتحقيق اكثر من مرة، لكن في كل مناسبة لاقوا استقبالا حارا من قبل "أمانا" كأصدقاء قدامى للعائلة، ولم تتم أعمال التحقيق الأساسية، مثل تفتيش مكاتب الجمعية، والتحقيق مع مسؤوليها أو استخدام التكتيات السرية.

وأظهرت ملفات التحقيق المرتبطة بـ "أمانا" أن ذلك لم يكن ارتباكا روتينيا، فمن الواضح أن سلطات انفاذ القانون، لا تريد لمس هذه البطاطا الساخنة، الا اذا أجبرت على ذلك من قبل المحكمة العليا.

والمرة الوحيدة التي أبدت فيها الدولة نيتها اتخاذ خطوات ملموسة كانت عام 2005، وأظهرت الوثائق التي اطلعت عليها "هآرتس" بأنه في تشرين ثاني من العام المذكور، وعقب شكوى تقدمت بها حركة السلام الآن، كتب نائب مدعى عام الدولة آنذاك، شاي نيتزان، لمدعى عام الدولة، للمهام الخاصة في منطقة الضفة الغربية ما يلي: "ملحق كتاب من السيد درور إيتكيس، نيابة عن حركة السلام الآن، يتعلق بنشاط حركة أمانا وشركتها الفرعية، بنياني بار أمانا، التي تبني وتبيع المنازل في منطقة الضفة الغربية في البؤر العشوائية".

الموقع الالكتروني لجمعية "امانا" الاستيطانية التي يترأسها زئيف هيفر

وجاء في الكتاب أن "البناء يتم بطريقة غير قانونية، وسنكون ممتنين اذا قمتم بالاطلاع عليه، وبداية نرغب في معرفة ماهية السلطات التي تعلم ذلك، والخطوات التي اتخذتها السلطات لمنع انتهاك القانون ووقف البناء، كما نطالب ايضا ردكم على التحقيق المطالب القيام به."

وأجاب مكتب المستشار القانوني في منطقة "يهودا والسامرة" - الضفة الغربية- التابع لمكتب المحامي العام العسكري، بالقول: "لا نملك المعلومات الكافية المتعلقة بمؤسسة أمانا، وفي ذات الوقت، نرغب بالإشارة الى أن السكرتير العام للجمعية، السيد زئيف هيفر، يظهر بين الفينة والأخرى أمام لجنة الإشراف الفرعية، وخلال النقاشات التي شارك فيها، طالب اللجنة بالامتناع عن تطبيق قرارات الهدم، استنادا الى ادعاءات مختلفة، حيث أنه ينوي العمل على اضفاء الصفة القانونية على المنازل والأراضي المبتاعة، الخ".

"المعلومات حول نشاط الحركة، في السياقات المرتبطة بالتخطيط والبناء، قد تكون مستقاة من الادعاءات التي وضعت مسبقا في اطار عمل الالتماسات المختلفة، وبالنسبة لسؤالك حول امكانية اطلاق الإجراءات القانونية، يتعين الملاحظة ان وحدة الإشراف سلمت الشكاوى الى الشرطة الإسرائيلية في الكثير من القضايا، ويبدو انه لو تعمقت الشرطة في تحقيقاتها في البناء غير القانوني، لكان بمقدورها توفير اجابة، حتى ولو كانت جزئية ازاء انتهاكات القانون في هذا المجال".

وتعاملت الشرطة بعدم مبالاة، لكن في شباط 2007 اتخذ القرار بالمباشرة بتحقيق جنائي، وكانت الخطوة الأولى الواضحة، زيارة الموقع الألكتروني لأمانا، الذي تتحدث فيه الجمعية عن بنائها غير القانوني، وقام المحققون بذلك وحددوا جميع البؤر العشوائية التي تعرض فيه "أمانا" المنازل للبيع، حتى ان احد ضباط الشرطة، وهو اتسيك وايزمان، اتصل بقسم خدمات المستهلك، التابع لأمانا، وطالب بارسال بعض المواد له، على افتراض انها لقريب يعيش في الخارج ويبحث عن منزل، وبعد اسبوع، تلقى ظرفا يتضمن معلومات عن خيارات البناء (غير القانوني) في اماكن مختلفة: ايهيه، شوفوت راشيل، غفعات هاريل، شيلو وأمونا، غير ان الشرطة لم تقم بالخطوة المنطقية بدهم مكاتب "أمانا".

ومثال آخر عن اهمال المحققين المتعلق بـ "أمانا" ففي 2004-2005، قامت الجمعية ببناء تسعة منازل على أراض فلسطينية خاصة، في بؤرة أمانا العشوائية، وأدى هدمها في الأول من شباط 2006، الى الاصطدام الأكثر خطورة لغاية الآن بين المستوطنين وقوات الأمن، حيث حاول المحققون تحديد ما اذا كانت "أمانا" مسؤولة عن البناء غير القانوني، وقاموا باعادة فحص ملف تحقيق يعود لعام 2004 حول البناء غير القانوني في "أمانا"، الذي اغلق لأن الشرطة لم تكن قادرة على اكتشاف هوية مالكي المنازل، وبحثوا في محضر لجنة الإشراف الفرعية التابعة للجيش، وتحدثوا مع ضباط الإدارة المدنية، وفي نهاية كل ذلك، كتب المحقق موشيه ماديوني: "يتعين الاشارة بأنه لم يعثر على أي ذكر لحركة "أمانا" أو شركة "بنياني بار أمانا" في الوثائق التي تحتويها الملفات المتعلقة بالبناء غير القانوني، وبضمنها محاضر اجتماعات اللجان الفرعية.

ومع ذلك، لم يفكر المحققون من منطقة "يهودا والسامرة" في فحص الالتماسات في أرشيف المحكمة العليا حول هذا الموضوع، ففي الإلتماس رقم 1019 / 06، طلبت شركة "بنياني بار أمانا" عدم هدم الوحدات السكنية التي تمتلكها، وبتلك المرحلة، بعد معاناة الوحدة المركزية للشرطة من "أوقات عصيبة" في العثور على البناء غير القانوني، قررت السلطات تجاهل التحقيق الأكبر، والتركيز على المنازل الأربعة التي بنيت بدون تراخيص في مستوطنة بساغوت، على الأراضي المصادرة لأغراض عسكرية.

التحقيق عبر الهاتف

لغاية تشرين أول عام 1979، كان إجراء مصادرة الأراضي التي يمتلكها الفلسطينيون، يتم عبر إصدار الأوامر العسكرية، التي تنص على الحاجة اليها "لأغراض عسكرية" وبعدها يتم بناء المستوطنات عليها، وقامت المحكمة العليا بوقف ذلك، ولغاية هذا اليوم، يختلف الخبراء القانونيون حول ما يمكن عمله بالأراضي التي صودرت قبل صدور حكم المحكمة العليا، لكن الأمر كما هو، فلم يتم اصدار تراخيص بناء، غير أنه من غير الواضح في ملف التحقيق لماذا أسقطت التحقيقات الشاملة لصالح التركيز على اربع وحدات سكنية فقط.

في آيار 2007، شرع المحققون بالتحقيق في قضية بساغوت، المقامة الى الشمال من القدس بالقرب من رام الله، وفي 10 آيار، التقى المحققون مع رامي زيف، الضابط الكبير في وحدة الإشراف التابعة للإدارة المدنية، وطبقا لمذكرة كتبها المحققون، أخبرهم زيف انه ينوي الإشارة الى الأبنية غير القانونية، وتقول المذكرة: "طالبنا زيف بعدم التقاط الصور عندما يكون بمعيتنا وهو يشير الى الأبنية، حيث تعين علينا القيام بذلك فيما بعد، خشية عدم الإضرار بعلاقاته وعلاقات العمل مع سكان المستوطنة".

"وطلب زيف أيضا الادلاء بالشهادة في مركز الشركة، بعد الاشارة الى الأبنية، بخصوص عملية البناء غير القانوني المشار اليه. وقال رامي بأنه عند تلك المرحلة لا يرغب بالادلاء بشهادة، كونها غير ضرورية" علما أن زيف هو جزء من نظام تطبيق القانون.

ولم يكن زيف المستفيد الوحيد من هذا التصرف الرقيق والحذر، فبعد أيام قليلة، استدعى المحققون العديد من الأشخاص، المقاول وبعض موظفي المجلس الإقليمي "ماتيه بنيامين"، لغرض المباشرة في التحقيق. وتنص احدى المذكرات في الملف: "في 17 آيار 2007، اتصل بمكتبي مازال انكونينا، رئيس مكتب الضفة الغربية، وقائد المنطقة، اللواء شلومي كاتبي، لاخباري بأن اربعة اشخاص ممن استدعو للتحقيق، قد تحدثوا مع قائد المنطقة، ورتبوا للحضور بعد العطلة".

وأثناء التحقيق، ربط أحد المستوطنين "أمانا" بالمشروع وأقر بدفع المال للجمعية، وسئل الموظف ديناي اورنشتاين (وهو مهندس المجلس الإقليمي المسؤول عن الوحدات السكنية) عن موضوع التحقيق، وأبلغ المحققين "بأن يوجهوا السؤال الى أمانا".

وعند هذه النقطة، (بعد كل الفحص والتحقيق وتجميع المعلومات)، اقتربت اللحظة الحاسمة، فقامت الشرطة بنصب شرك حول هيفر، من خلال جمع كل ما يلزم، لاستدعائه للتحقيق، ومواجهته بالحقائق ومعرفة دوره في الأحداث. وفي 14 تموز 2008، اتصل المحقق عيزرا ايشران بهيفر، وكتب ايشران في مذكراته: "تحدثت معه حول الوحدات السكنية الأربع التي بنيت بصورة غير قانونية في بساغوت، وقال انه يعلم بأمر البناء، لكن ليس لأمانا أي علاقة بذلك، وقيل له بأن لدينا تصريح من أحد الساكنين، الذي قدم رواية اخرى، ونفى هيفر ذلك، ووعد بفحص الموضوع مرة أخرى، وقدم إجابة منطقية ومسؤولة في غضون أيام قليلة".

الاستيطان برعاية الجيش والحكومة

وكانت تلك نهاية التحقيق مع "أمانا"، وبعد عامين من اللقاءات والتحقيقات، استغرق الأمر محادثة هاتفية لتبرئة ساحة "أمانا"، ولم تهتم الشرطة باجراء تفتيش او جمع وثائق أو حتى الإلتقاء مع هيفر وجها لوجه، وبعد أيام قلائل، تابعت الشرطة التحقيق مع مالكي المنازل، لكنها أغفلت باستمرار أي أمور أخرى تثير الحيرة، ظهرت أثناء التحقيق، والتي تمهد الطريق للتحقيق الجنائي.

ومن الأمثلة على ذلك، الرهونات، فمن الممكن الحصول على رهن لمنزل بني بشكل غير قانوني، ولا يوجد مكتب لتسجيل الأراضي في الضفة الغربية، وعوضا عن ذلك، يوجد "ترخيص" من المنظمة الصهيونية العالمية، ومن اجل خداع البنوك التي تقدم الرهونات، تسجل المنازل وكأنها متواجدة على ارض مخصصة للبناء القانوني، هذا في حين أنها من الناحية العملية متواجدة في مكان آخر، وفي هذه الحالة أيضا، قال مالكو الشقق، لأشران الذي زار مكاتب المنظمة الصهيونية العالمية، بأن الوحدات السكنية لم تكن موجودة على الأراضي التي حددتها المنظمة، وانما على بعد 350 م منها.

وفي المذكرة المؤرخة في 20 أيلول 2008، أشار اشران الى أنه تحدث مع المهندس ايشاي بن شوشان، الذي كان يعمل مع المجلس الإقليمي "ماتيه بنيامين"، وطلب من الأخير ارسال وثيقة على بياض تتعلق بالموافقة من حيث المبدأ على البناء، ووعد بالقيام بذلك، وردا على سؤالي "لماذا موافقة المجلس من حيث المبدأ اذا تعثر وجود تراخيص للبناء، فأجاب: "من أجل الحصول على الرهن".

وبعبارات أخرى، فمن الواضح أن المهندس أكد للشرطة بأن المجلس اعتاد على اصدار تراخيص بناء زائفة، حتى يستطيع الساكن تجاوز متطلبات الترخيص، وخداع البنك، والحصول على الرهن. ومن المعلوم أن ذلك أشبه بالحصول على شيء بطريق الخداع وتزييف وثائق الشركات. وعوضا عن ارسال شاحنة شرطة الى مكاتب المجلس، والتحقيق في خداع البنوك، كتب اشران مذكرة ارشفت كما ينبغي مع الملف.

ويمكن ايجاد تفسير لهذا السلوك في تطورات القضية اللاحقة، ففي الحقيقة، اعتقدت الشرطة بأن الاتهام مبرر، وإن لم يكن ضد هيفر، فعلى الأقل ضد السكرتير السابق لمستوطنة بساغوت اميخاي غرينوالد، وأثناء اللقاءات الداخلية مع ممثلي مكتب مدعي الدولة، قال ممثل الشرطة بأن القضية مثيرة جدا، كونها شكلت قمة جبل الجليد للبناء غير القانوني في المناطق "الذي من أجله لا يعاقب أحد".

ودرس مكتب ادعاء منطقة القدس القضية، وعلم المحامون بأن القضية تشكل قنبلة سياسية، تماما كما تعتبر أول ادانة للبناء غير القانوني في المناطق، وخلصوا الى ان الشكوك مدار التحقيق (التجاوزات والبناء غير قانوني)، لا تبرر التداعيات السياسية، وعليه، قام نائب مدعي عام الدولة، شاي نيتزان، بإغلاق القضية لقلة الأدلة.

فقدان الذاكرة

وشُخصَ هيفر بشكل بارز في تحقيق آخر، أجرته الشرطة الاسرائيلية في منطقة الضفة الغربية، حول البناء غير القانوني في حي أولبانا، الكائن في المستوطنة القديمة "بيت ايل"، ففي تشرين ثاني الماضي، هدمت الحكومة 5 أبنية تضم 30 شقة، بنيت على أراض فلسطينية خاصة في بيت ايل، وفي ذلك الوقت، بدا الأمر وكأن تلك الحادثة ستهدم أيضا حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الى حين قيامه بالتوصل الى تسوية، سمح من خلالها لـ "بيت ايل" ببناء المئات من المنازل كتعويض عما تم هدمه.

وبدأت الشرطة التحقيق في البناء غير القانوني عام 2008، في ضوء الشكوى التي تقدم بها مالكو الأرض، اضافة الى المتطوعين من اجل حقوق الإنسان "يش دين".

وهنا أيضا، كان الأمر سهلا أمام الشرطة، فقد أظهرت سجلات تسجيل الأراضي، بأن الأرض تعود لفلسطينيين، وكان المالكون، أدلوا بشهاداتهم امام الشرطة، والحقيقة التي لا جدال فيها أن المنازل بنيت بدون تراخيص، وقال الناشط الاستيطاني العريق يوئيل تسور، الذي يشغل ايضا منصب المدير التنفيذي لمركز "يشيفا بيت ايل"، وهي الشركة التي بنت المنازل، بأنه تلقى احدى قطع الأراضي من "أمانا" التي اشترتها قبل عدة سنوات، واكتشف فريق الشرطة بأن أوراق الشراء مزيفة، وهنا أيضا، كان الطريق ممهدا للتحقيق مع هيفر.

ومع هذا، فمرة أخرى تعاملت معه الشرطة برفق، فقد استدعي للادلاء بشهادته كشاهد وليس كمشبوه، وفي الشهادة التي أدلى بها في حزيران 2009، قال هيفر: "أتعامل مع تطوير الاستيطان في أنحاء البلاد، وكذلك تفعل حركة "أمانا" التي أقف على رأسها، تتعامل مع مستوطنة بيت ايل، وشاركت في شراء الأرض من الفلسطينيين من أجل البناء في بيت ايل".

وفيما يتعلق بالصفقة، قال "انها تعثرت، ولم تتقدم، وبقي العقد الأصلي في الخزانة، ما أصابنا بخيبة كبيرة".

وقام المحققون بالضغط عليه "اذا كان الأمر كذلك، فكيف تم البناء على تلك الأراضي"؟ وعند هذه النقطة، أصاب النسيان هيفر، فالرجل الذي يسيطر على 80 مستوطنة، ويعلم كل التفاصيل المتعلقة بكل بؤرة عشوائية، والذي يتمتع بعلاقات مع كل مسؤول في الإدارة المدنية، عانى في تلك اللحظة من فقدان الذاكرة، فلم يتذكر اذا كان اعطى تسور الضوء الأخصر للبناء، ولم يتذكر فيما "اذا سألني أي شخص عن بدء البناء" وفقا لما قال، وأضاف: "لم أجد أي اتفاق بين أمانا ويوئيل تسور". ومرة أخرى، تركت الشرطة الأمور هناك، بدون التحقيق مع آخرين في "أمانا" أو تفتيش مكاتب الجمعية بحثا عن وثائق ذات صلة.

الاستيطان في الضفة

وفي الحقيقة، لم يكن على الدولة الخروج عن طورها في البحث عن المكان الذي تورطت فيه "أمانا" في البناء غير القانوني: فالجمعية بعينها اعترفت مرارا أمام المحكمة العليا، بأنها تقف وراء البناء غير القانوني، وهكذا كانت القضية عام 2004 على سبيل المثال، عندما قدمت "أمانا" التماسا الى المحكمة العليا ضد هدم بؤرة غيفعات اساف، حيث اعترفت أنها هي التي قامت ببناء المنازل، ورفضت المحكمة ادعاءات "أمانا" ضد الأمر العسكري الخاص بهدم تلك الأبنية، غير أنه كان يتعين على الإدارة المدنية القيام بهدمها.

وفي قضية أخرى، توجهت "أمانا" الى المحكمة بشأن المنازل التسعة التي بنيت في مستوطنة "عوفرة" على أراض فلسطينية خاصة، وما زالت هذه القضية قيد البحث في المحكمة العليا، وكررت الحالة نفسها في قضية بؤرة ميغرون، لكن لم يحفز ذلك الشرطة للتحقيق.

وتظهر قضية عوفرة بكل وضوح نمط سلوك "أمانا"، فقد بنيت الوحدات التسع عام 2008 بدون تراخيص، وعلى أراض يملكها فلسطينيون، وفي معرض ردها، أعلنت الدولة أن معظم مستوطنة عوفرة تفتقد لتراخيص البناء، وبأن مصير الوحدات التسع سيتقرر مع مصير عوفرة نفسها، خلال الاتفاق السياسي المستقبلي مع الفلسطينيين.

وفي نفس الوقت، أبلغت الدولة المحكمة بأن وزير الدفاع، "أصدر أمرا لتطبيق القانون من الآن فصاعدا" فيما يتعلق بجميع انتهاكات التخطيط والبناء في عوفرة، وبعد عام، لم يتبق أي شيء من وعود الدولة، وبدأ البناء في العشرات من الوحدات السكنية، وأمرت المحكمة بوقف العمل فقط، بعد تقديم التماس من قبل مالكي الأراضي الفلسطينيين، ومع هذا، لم تهدم المنازل قيد البناء.

ومع انعدام الرغبة لدى النائب العام، فقضاة المحكمة العليا هم الذين حثوا على التحقيق في البناء غير القانوني، وخلال العامين الماضيين، أجري تحقيقان مع "أمانا"، ففي التماسات قدمت الى المحكمة العليا، طالبت حركة "السلام الآن" المحكمة بتطبيق قوانين التخطيط والبناء، والى توجيه النائب العام للمباشرة في التحقيقات الجنائية، وفي عام 2012، أمر النائب العام باجراء تحقيقين: أحدهما في مستوطنة "شيلو" والآخر في "نيفي تسوف"، والتحقيقات جارية منذ أكثر من عام.

إتصالات جيدة

على الرغم من وجع الرأس الذي تسببت به بؤر هيفر لسلطات الدولة، فعلى ما يبدو فان قوته آخذه بالتعاظم، فالدولة نفسها استخدمت "أمانا" لتنفيذ مشاريع مختلفة، وتصب أرباح الجمعية في البناء غير القانوني، وفي هذه اللحظة على سبيل المثال، تقوم شركة "بنياني بار أمانا" ببناء المنازل في "كاتزرين" في مرتفعات الجولان.

ومنذ إخلاء مستوطنات قطاع غزة، فازت "أمانا" بالعديد من العطاءات التي أعلنتها الدولة لبناء وإدارة تجمعات في جنوب البلاد للذين اخليوا من غزة، وفي عام 2011، دخلت "أمانا" من الباب الأمامي للعطاءات، حيث أقامت مع وزارة تنمية النقب والجليل مديرية لتنظيم المجموعات الاستيطانية في تلك المناطق، وبدأ بنحاس واليرشتاين، الذي لا يعرف الكلل، والذي شغل في السابق منصب المدير العام لمجلس "يشع" بالعمل على تنظيم تلك المجموعات الإستيطانية.

والمشاريع التي نفذت تحت "اسرائيل الصغرى" -المصطلح الذي يطلقه المستوطنون على المناطق داخل الخط الأخضر- تقدم مثالا آخر للقوة السحرية التي يتمتع بها هيفر في أوساط سلطات الدولة. ويقول موظف حكومي برتبة متوسطة "زامبيش هو الملك"، ولا يتوقف تشعب اتصالاته عند أي حد، فهو يتمتع باتصالات مباشرة مع المسؤولين والوزراء في الحكومة، ولا تنحصر علاقاته بمعسكر سياسي واحد، فلحظة تعيين تسيبي ليفني، في منصب وزيرة العدل، التقت في الكنيست مع هيفر بمعية الناشط الإستيطاني داني ديان، وكوزيرة مسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين، يتعين على ليفني أن تكون معارضة لهيفر، الذي يهدف الى بناء ما أمكنه من المنازل في الضفة الغربية لنسف المفاوضات.

ويعي هيفر جميع مداخل وخارج النظام، ويعتبر خبيرا في استغلال اي شق أو ثغرة، في الأنظمة والقوانين، وشعاره كما قال لرفاقه خلال اجتماع في عوفر العام الماضي، هو العمل "بجهد وأخلاق وفكر ‪ومكر". وعلى سبيل المثال، كشف تحقيق هآرتس بأن "أمانا" وبخلاف جميع المقاولين الآخرين، لا تدفع ضريبة شراء على المنازل التي تبيعها، ومع أن "أمانا" تبيع المنازل مثل بقية الشركات، إلا أن واحدة من الضربات الذكية لهيفر، هي القيام بتصنيفها على أنها إستيطان أراض

وفي التحليل النهائي، لا تملك "أمانا" أراض خاصة بها، وفي أفضل الأحوال أراضي "قسم استيطان الأراضي" التابع للمنظمة الصهيونية العالمية، التي تتلقاها من الإدارة المدنية، وفي حالات اخرى، يتم البناء على أراض مملوكة للفلسطينيين، وطبقا لأمانا، فهي لا تملك الأرض، وانما تقوم بحمايتها للآخرين (شركة اسكان)، ولهذا تعفى من دفع الضرائب، وينتج عن ذلك خفض تكاليف البناء التي تكون أقل نسبيا.

وبهذا، فان هيفر قادر باعجوبة على تجنب دفع التكلفة الجنائية لأنشطته، اضافة الى تكاليفها الإقتصادية، وتعود ملكية المنازل المتحركة في ميغرون لجمعية "أمانا"، وعند اخلاء ميغرون في أيلول 2012، كان يتوجب على الإدارة المدنية تدمير المقطورات، أو اخذها الى موقع قريب من بيت ايل، حيثما يجري تخزين كل المعدات التي تستخدم في البناء غير القانوني، والتي تبدأ من جرار الفخار التي تباع على قارعة الطريق بدون ترخيص، وتنتهي بالجرارات. ويتعين على المالك دفع مبلغ 10‪,000 شيكل لاسترجاع كل منزل متحرك، لغرض تغطية تكلفة الشحن التي تكبدتها الدولة، لكن ضمن الاتفاق على الإخلاء الهادىء لميغرون، هيأ هيفر لنفسه هدية صغيرة أخرى: فبدلا من قيام الدولة بتدمير المنازل المتحركة، جرى نقلها الى قطعة أرض قريبة على نفقة الدولة، وبعدها نقلت الى مكان آخر، وبهذا وفر هيفر 500‪,000 شيكل، "والشكر عائد الى كرم مسؤولي وزارة الدفاع الاسرائيلية".

وكان هيفر استأجر بعض المنازل المتنقلة من الدولة، وخلص تحقيق هآرتس الى أن "أمانا" لا تدفع للدولة قيمة الإيجار البالغ 300 شيكل شهريا لقاء المنزل المتحرك الواحد، فهذه تجارة مربحة، حيث تقوم "أمانا" بتأجير المقطورة بمبلغ يتراوح بين 800 الى 1000 شيكل في الشهر، وقبل عام، قررت وزارة الإسكان والبناء، بأن الوقت حان لـ "أمانا" لتبدأ بدفع الرسوم، لقاء المنازل المتنقلة البالغ عددها 400 والموجودة في حوزتها. وخرج هيفر بمقترح مدهش، حيث سيحصل على مخصصات موازنة لصالح مديرية البناء الريفي التابعة للوزارة، وفي المقابل تقوم الوزارة بشطب ديون الاستئجار، لكن رئيس المديرية أوسنات كيمخي رفض العرض، وما زالت المفاوضات جارية حول مسألة دفع الديون.
الموقع الالكتروني لجمعية "امانا" الاستيطانية التي يترأسها زئيف هيفر
الموقع الالكتروني لجمعية "امانا" الاستيطانية التي يترأسها زئيف هيفر

وهناك مجموعة واحدة (اليمين المتطرف) كانت في قضية زئيف هيفر، خلال السنوات القليلة الماضية، فمنذ فك الارتباط بغزة عام 2005، شكل لهم ما أشبه بقطعة القماش الحمراء، فبرأيهم، أثبت فك الارتباط ان المنزل في أرض اسرائيل لا يمثل أكثر من 5 دقائق من عمل جرافة، ويعتقدون ان السبيل لاستيطان الأرض، يأتي من خلال ردع السلطات، فالتسويات لا تمثل خيارا، فإذا نظرت الدولة الى المستوطنين على أنهم طيعيين عندما يتعلق الأمر بإخلاء منزل، فهي ستتقدم لهدم مستوطنة بأكملها.

وفي السنوات الأخيرة، نظمت المظاهرات ضد هيفر خارج منزله في كريات اربع، وقرر أخيرا الانتقال الى بؤرة جيفعات هأفوت، وهناك ايضا، شيدت المنازل بدون تراخيص، وبعضها الآخر أقيم على أراض فلسطينية خاصة.

وفي العام الماضي، أثناء الكفاح على حي أولبانة في مستوطنة بيت ايل، قام بعض الصبية بإعطاب عجلات سيارة هيفر، وسكبوا الدهان على زجاجها، عندما كان يلتقي مع وزير حماية البيئة حينها جيلعاد إردان في محاولة للتوصل الى تسوية بشأن الإخلاء، وبعدها، جرى تنظيم اجتماع تأييدي لهيفر، حظي فيه بتأييد عارم، لدعم قيادته في بناء منازل المستوطنين.

ومع هذا، لم يحظ بالترحاب في البؤرة، وتوقف مستوطنو ميغرون عن دفع مستحقات "أمانا" حتى قبل الإخلاء، وبالنسبة لـ "أمونا"، البؤرة الثانية على طريق الهدم - أقيمت في موقع بؤرة سابقة هدمت عام 2006، وأعطت الدولة مهلة لهدمها تنتهي في 15 تموز - فقد أبلغه المستوطنون هناك، اضافة الى مجلس "يشع"، بأنهم سيتخذون جميع القرارات اللازمة بأنفسهم.

وقال المتحدث باسم وزيرة العدل تسيبي ليفني: "منذ تقرر تعيين تسيبي ليفني وزيرة للعدل، التقت مرتين مع ممثلي المستوطنين، وبضمنهم داني ديان، وآفي رويه، وزئيف هيفر، لغرض مناقشة ظاهرة جباية الثمن (في إشارة الى المضايقات التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين)، استنادا الى التفاهم بأنهم - قادة المستوطنين - لا يقبلون بهذه الظاهرة ويعتقدون أنها تشكل خطرا على الديمقراطية، وستقوم وزيرة العدل باللقاء مع كل من تراه مناسبا للقيام بعملها".

ويقول مكتب النائب العام: "لا توجه الاعتبارات السياسية مكتب النائب العام للدولة، لذلك، ولا احد محصن من الإجراءات الجنائية، وجميع القضايا التي اغلقت في السابق، أغلقت لأسباب حقيقية، وشارك المدعي العام بالعديد من النقاشات حول تطبيق القانون الجنائي على انتهاكات التخطيط والبناء في الضفة الغربية، ولتعزيز انفاذ القانون في هذا المجال، أوصى وزير الدفاع بتطوير الوحدة المعنية بالإشراف على البناء في الضفة الغربية، ومنحها الصلاحيات والسبل الضرورية للتحقيق في الانتهاكات من هذا النوع".

‫وأبلغت وزارة الدفاع وزارة العدل بأنه تم فحص توصيات النائب العام وأن الاحتمالية التي أخذت في الاعتبار هي تعزيز وحدة الإشراف التابعة للإدارة المدنية، وتدريب طواقمها للقيام بالعمل المقترح، وان الشكوى التي وصلت وزارة العدل والمتعلقة بالبناء الذي تنفذه "أمانا"، قيد البحث في هذه المرحلة.

وتقول شرطة منطقة الضفة: "وفقا للقانون، فإن مسؤولية التحقيق والتعامل في تطبيق قوانين البناء في المنطقة، تنحصر فقط بالإدارة المدنية في الضفة الغربية، وفيما يتعلق بالتحقيق المذكور، بناء على طلب النائب العام شاي نيتسان- الذي كان آنذاك مسؤولا عن المهام الخاصة- القيام بفحص الملف رقم 3581 / 06، فقد فتح ارتباطا بانتهاك الأمر القانوني، ويجري التعامل معه من قبل وحدة منطقة الضفة الغربية، وأغلقت القضية في شباط 2010 من قبل مكتب النائب العام لقلة الأدلة".

وقالت الوحدة الوطنية لتحقيقات الاحتيال: "التحقيقات المذكورة ما زالت جارية من قبل الوحدة الوطنية لتحقيقات الاحتيال، لهذا فنحن لا ننوي التعليق على التفاصيل المتعلقة بها".

وصرح متحدث باسم وزارة الاسكان والبناء: "هنا نحو 400 بناء موزعة في عدة مستوطنات، ولا يوجد اتفاق بين أمانا و/ أو اي مجموعات أخرى بخصوص استخدام الأبنية والدفع مقابلها، ويقوم فريق وزاري يتكون من ممثلين من وحدة المحاسبة والقسم القانوني والفرع المهني، بالترتيبات في هذا الإطار مع المجالس الإقليمية والمستوطنات، وأيضا مع حركة "أمانا" بوصفها حركة استيطان الأراضي".

‫ولم تجر أي مفاوضات، ووقع اتفاق مع المجالس الإقليمية التي تقع فيها الأبنية، وهي الجهات الوحيدة التي وقعت الوزارات اتفاقات معها، وعند ابرام الاتفاق، يتم دفع الرسوم لاستخدام الأبنية وفقا لما قرره الطاقم الوزاري بمعية وزارة المالية، "اما الإدعاء ضد السيد زئيف هيفر فلا أساس له من الصحة على الإطلاق".

وفي رد السكرتير العام لحركة السلام الآن، ياريف اوبينهايمر، على القرار بعدم التعاطي مع الشكوى المقدمة من قبل الحركة: "الشركات المتورطة لغاية الأعناق في البناء غير القانوني، مثل "أمانا"، ما كان لها أن تحيا ليوم واحد في اسرائيل، ولكان موظفوها الكبار اقتيدوا الى المحاكم منذ فترة طويلة، غير انه، عند تجاوز الخط الأخضر، تقبل مخالفات البناء بتفهم، وبأن تحقيقات الشرطة هي فقط للسجل، ويخرج قادة البؤر سالمين".

‫وتخلص الكاتب في تحقيقه المنشور في صحيفة "هآرتس" للقول بأن "مزيجا من الأيديولوجية والجشع، المصاحب لسياسة التعامي التي تمارسها السلطات، أدى الى زيادة صناعة البناء غير القانوني للوحدات السكنية في المستوطنات والبؤر الإستيطانية، وبدلا من معاقبة ومحاكمة متجاوزي القانون، تقوم الحكومة الإسرائيلية بتوفير الحماية لهم، وتتعاون معهم، وحتى أنها تقدم لهم التعويضات، على نطاق واسع".