Haneen
2013-05-27, 08:48 AM
<tbody>
اقلام واراء اسرائيلي 347
21/5/2013
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
ما تهم معرفته عن مساعدة روسيا العسكرية لسورية
بقلم:إنشل بابر،عن هآرتس
عشر نقاط للتفكير بعد الغارة في دمشق
في الصراع في اسرائيل بين مدرسة ايران أولا أم سورية وحزب الله جاءت الغارة في دمشق لترجح كفة المدرسة الثانية ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة
بقلم:عاموس يدلين،عن نظرة عليا
الجبهة السورية والتوقع الاسرائيلي
بقلم:افرايم هليفي،عن يديعوت
مجرم حرب
بقلم:يوسي شاين،عن يديعوت
لا تُشوشوا من فضلكم
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
الساحة السورية: مواجهة بين القوى العظمى
بقلم:د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
ما تهم معرفته عن مساعدة روسيا العسكرية لسورية
بقلم:إنشل بابر،عن هآرتس
ما هي الصواريخ الحديثة التي وردت الأنباء مؤخرا أن روسيا تنوي إمداد سورية بها؟
الحديث عن منظومتين، الاولى وهي ‘إس300′، هي طراز متقدم من منظومة صواريخ للدفاع الجوي طُورت في نهاية سبعينيات القرن الماضي، لكن زيد في تطويرها جدا في تسعينيات القرن الماضي. ولـ’إس300′ أفضلية على مئات بطاريات صواريخ الدفاع الجوي من انتاج سوفييتي وروسي أصبحت موجودة عند سورية، فهي أولا تستطيع ان تصيب أهدافا على بعد 200 كم. وهي تستطيع ثانيا أن تعمل في مواجهة عشرات الأهداف في الوقت نفسه. والى ذلك فان المنظومة متحركة وتُحمل على سيارات ثقيلة، وهو شيء يجعل تحديد موقعها وتدميرها صعبا. وُجدت في الماضي عدة أنباء منشورة عن إمداد سورية وايران بهذه المنظومة. وقد تم التوقيع على الصفقة في 2007 لكن الروس استجابوا لطلبات اسرائيلية وامريكية ووافقوا في 2010 على تعليق الصفقة. ويُبين الروس الآن أنهم ينوون ‘إتمام الصفقة’ لكنهم لا يُبينون متى سينقلون بالضبط البطاريتين اللتين طلبتهما سورية.
وأما المنظومة الثانية فهي ‘بي800′ المسماة ‘يحونط’ وهو صاروخ بحري مضاد للسفن، أُدخل الى الخدمة العملياتية في روسيا قبل نحو من 13 سنة. ويستطيع ‘يحونط’ أن يطير بسرعة تفوق ضعفي سرعة الصوت ويصيب أهدافا بحرية على بعد نحو من 300 كم مع رأس متفجر يبلغ وزنه 250 كغم. وقد أمدت روسيا سورية من قبل ببطاريتين مع 72 صاروخ ‘يحونط’ قبل سنة ونصف السنة، والنية الآن إمدادها بمنظومة رادارية متقدمة تُحسن دقة الصواريخ. وقد أفادت صحيفة ‘نيويورك تايمز′ في الاسبوع الماضي، بحسب ما قاله مسؤولون كبار في واشنطن، بأن روسيا نقلت الى سورية شحنة مرسلة جديدة من الصواريخ من هذا الطراز.
كيف ستؤثر الصواريخ في ساحة القتال؟ اذا ملكت سورية منظومات الصواريخ هذه فسيصعب على اسرائيل (وكل قوة عسكرية اخرى) أن تهاجم من الجو أهدافا داخل سورية أو أن تنفذ اجتياحا من البحر. وسيُصعب ‘إس300′ ايضا استعمال صواريخ موجهة عن بعد تملكها اسرائيل والولايات المتحدة واسلحة جوية اخرى (وهو سلاح دقيق يُطلق من طائرة حربية تطير على بعد عشرات الكيلومترات عن الهدف وتهرب من تهديد أكثر منظومات الدفاع الجوي، بل إن المنظومة قد تصيب صواريخ بالستية. أما ‘يحونط’ فقد يقيد حرية حركة سفن اسرائيلية وغربية قبالة سواحل سورية ويجعل عملية بحرية موجهة عليها وعلى لبنان صعبة. إن مدى الصاروخ البحري قد يكون تهديدا ايضا لطوافات التنقيب عن الغاز في حقول الغاز الطبيعي قبالة سواحل اسرائيل.
هل الجيش الاسرائيلي قادر على مواجهة الصواريخ؟ قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، اللواء احتياط عاموس يادلين، في نهاية الاسبوع إن سلاح الجو الاسرائيلي قادر على مواجهة ‘إس300′. وأفادت وسائل الاعلام الاجنبية في الماضي بان سلاح الجو الاسرائيلي قد تدرب من قبل في مواجهة منظومات مشابهة موجودة عند حليفات، مثل اليونان وقبرص وأذربيجان. وقد نجح سلاح الجو في السنين الاخيرة في اختراق منظومة الدفاع الجوي السورية الكثيفة ثلاث مرات على الأقل. إن ‘إس300′ اذا نشر في سورية حقا يتوقع أن يجعل المهمة في المستقبل صعبة لكنه لن يكون عائقا. وفي مقابل ذلك فان إمداد ايران المحتمل بهذه الصواريخ سيكون أكثر اشكالية، لأن سلاح الجو الاسرائيلي غير قادر على ارسال عدد كبير من الطائرات الحربية ووسائل الحرب الالكترونية الى ايران، كما يمكنه أن يفعل ذلك بسورية المجاورة.
وفي الميدان البحري تم منذ أُصيبت السفينة الحاملة للصواريخ ‘حنيت’ في حرب لبنان الثانية، تحسين القدرات الدفاعية لسلاح البحرية الاسرائيلي جدا. أُصيبت السفينة آنذاك بصاروخ من صنع الصين أطلقه الحرس الثوري الايراني من سواحل لبنان. وتشتمل المنظومات الدفاعية اليوم من ضمن ما تشتمل عليه على صواريخ ‘براك9′. وفي هذه الحال ايضا سيكون ‘يحونط’ عامل تهديد آخر لحاملات الصواريخ الاسرائيلية لكن خطره غير كافٍ لمنع عملها قبالة سواحل سورية.
ما احتمالات إمداد الاسد حقا بهذه الصواريخ؟ أصبحت صواريخ ‘يحونط’ منشورة كما يبدو في منطقة ميناء طرطوس على ساحل البحر المتوسط، في قلب المنطقة العلوية، حيث يسودها هدوء نسبي. ومن المنطق ان نفترض انه في الوقت الذي مضى منذ نُصبت (في 2011 كما يبدو) وصلت الى مستوى عملياتي ومن المحتمل جدا أن يكون تقنيون وضباط روس موجودين هناك كي يرشدوا القوات السورية. ومع ذلك فان الوجود الروسي قد يحد من استعمال السوريين للصواريخ.
وفيما يتعلق بـ’إس300′ فان الوضع أقل وضوحا. فليس واضحا من أين ستأتي المنظومة لأن الشركة المنتجة في روسيا أعلنت في السنة الماضية أنها تغلق خط الانتاج. وقد تنقل روسيا منظومة مستعملة أصبحت مستعملة الآن في دفاعها الجوي.
والسؤال الذي هو أكثر احراجا هو كيف سينجح الجيش السوري الذي أُصيب اصابة بالغة في سنتي حرب أهلية وعشرات الآلاف من المنشقين وعانى قبل ذلك ايضا نقصا من الموارد في أن يستوعب في صفوفه منظومة متقدمة ومعقدة تشتمل على ثلاثة أنواع من الرادارات مختلفة وجعلها عملياتية. يصعب ان نرى السوريين يصمدون لهذه المهمة في وضعهم الحالي، وقد يكون الحل الممكن ارسال ‘إس300′ مع مستعملين روس، لكن يصعب ان نرى روسيا تُعرض ناسها للخطر في وسط ميدان القتال. إن الامداد بـ’إس300′ يبدو الآن تهديدا روسيا أكثر من كونه امكانا محسوسا.
ما سبب القلق الكبير من الصواريخ في اسرائيل اذا؟ هذا سؤال جيد. ليس واضحا لماذا نرى قدرا كبيرا جدا من القلق في الجانب الاسرائيلي، وهل كانت زيارة بنيامين نتنياهو العاجلة للرئيس بوتين في الاسبوع الماضي حقة، أو ذات أمل (بحسب عدد من التقارير كانت تلك مبادرة روسية فبوتين هو الذي دعا نتنياهو ليحذره من هجمات اخرى على سورية). من الممكن جدا ان تكون هذه حيلة اعلامية ترمي الى خدمة عدد من الاهداف. إن نتنياهو، مثل كثيرين آخرين في الحكومة وجهاز الامن، قلق جدا من استيلاء متمردين جهاديين على سورية ومن نقل سلاح متقدم وكيميائي الى حزب الله. ورغم اعمال القتل التي ينفذها الاسد في شعبه يبدو أنه يوجد في اسرائيل من يعتقد أن بقاء سلطته قدر المستطاع أفضل. إن نشر خبر صفقة الصواريخ الروسية قد يقوي الاسد، ويبرز حقيقة انه ما زال يحظى بتأييد روسي كبير.
إن وجود صواريخ متقدمة في سورية سيقوي من يعارضون في واشنطن تدخلا عسكريا لصالح المتمردين. فمعارضو التدخل يزعمون منذ زمن بعيد أن لسورية دفاعا جويا وبحريا أفضل كثيرا مما كان يملك النظام في ليبيا، ولهذا سيكون الهجوم عملا خطيرا. وزعزعت الهجمات الاسرائيلية الاخيرة هذا الزعم وسيعود ظهور ‘إس300′ لتقويته.
إن أكبر الرابحين من جولة الأنباء المنشورة (عدا نظام الاسد) هم الروس الذين يريدون أن يُظهروا للغرب ولاسرائيل أنهم لن يتخلوا عن الاسد، وأنهم يرون محاولة التدخل العسكري الغربي مُضرة أضرارا مباشرا بالمصلحة الروسية.
لماذا ما زال الروس يساعدون الاسد؟
إن الأنباء التي نشرت عن الامداد بالصواريخ هي جزء من اجراء أوسع لاظهار تأييد روسي للاسد. وهي تُضاف الى تدريب بحري اجتمعت فيه 11 سفينة حربية روسية في هذه الايام في شرق البحر المتوسط غير بعيد عن الساحل السوري. وهو أكبر تدريب للاسطول الروسي في البحر المتوسط منذ كان سقوط الاتحاد السوفييتي.
إن الروس شديدو الاهتمام ببقاء الاسد، فهو آخر حاكم علماني في العالم العربي لا يعتبر حليفا للادارة الامريكية، أو مؤيدا للحركات الاسلامية المتطرفة، التي تهدد السيطرة الروسية على مناطقها الشرقية. والاسد هو آخر مركز واضح للتأثير الروسي في الشرق الاوسط، ورغم انه اقترب جدا من المحور الايراني الشيعي في العقد الاخير، جعلته الحرب الأهلية خاصة أكثر خضوعا لرحمة موسكو. إن الاسطول الروسي يستعمل ميناء طرطوس السوري باتفاق ايجار بعيد الأمد وهو اليوم موطئ القدم العسكري لروسيا في البحر المتوسط. وحتى لو انهار النظام في دمشق فان طرطوس يتوقع ان تصمد فترة اخرى بسبب وجودها في قلب الاقليم العلوي. إن لروسيا والاسد مصلحة مشتركة في حماية الشريط الساحلي، كما يشهد على ذلك الامداد بصواريخ ‘يحونط’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عشر نقاط للتفكير بعد الغارة في دمشق
في الصراع في اسرائيل بين مدرسة ايران أولا أم سورية وحزب الله جاءت الغارة في دمشق لترجح كفة المدرسة الثانية ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة
بقلم:عاموس يدلين،عن نظرة عليا
مر أكثر من اسبوع على الغارات في منطقة دمشق، التي حسب مصادر امريكية، اصابت صواريخ أرض أرض متطورة من طراز ‘فاتح 110′ كانت في طريقها من ايران الى حزب الله في لبنان. بعد أن ترسب الغبار وبدا أن الحدث احتوي، ولم يكن هناك رد فوري من جانب سورية أو حزب الله يمكن الاشارة الى استنتاجات أولية، وان كان يحتمل بالتأكيد اننا لا نزال في ذروة أزمة اوسع حتى من زاوية نظر احتمال الرد المتأخر، ولا سيما حيال احتمال استمرار اجتياز الخطوط الحمراء ومزيد من الغارات الكفيلة بان تؤدي الى تصعيد في الساحة الشمالية. هذا المقال يفترض، حسب منشورات اجنبية، ان الغارة في دمشق كانت اسرائيلية.
من المهم الفهم بان اسرائيل عملت في المرة الاولى منذ عقد حيال مسار توريد السلاح الى حزب الله، المسار الذي استخدمته ايران وسورية. لقد قيد الاسد الاب حتى العام 2000 توريد السلاح الى حزب الله والوسائل القتالية الاهم التي وردها أو سمح للايرانيين بتوريدها كان الكاتيوشا قصيرة المدى. اما ابنه بشار، بالمقابل، فقد حطم كل الحدود وورد لحزب الله بتمويل ايراني منظومات من الاسلحة حديثة ومتطورة. التمويل، العمل والتدريب، مصدره في معظمه في طهران منظومات السلاح بعضها ايرانية، بعضها تنتج في سورية (مثل صواريخ مختلفة وصواريخ ام 600 التي هي طراز سوري من ‘فاتح 110′) وبعضها مصدره روسي. وقد وصل السلاح الذي جاء من ايران في رحلة جوية الى المطار الدولي في دمشق، ومن هناك نقل الى لبنان. ورغم قرار مجلس الامن 1701 في العام 2006، الذي يحظر توريد السلاح الى جهة ليست حكومة لبنان، لم تعمل اسرائيل في الماضي ضد هذه الارساليات على ما يبدو لاعتبارات الكلفة المنفعة وبالاساس الفهم بان احتمال التصعيد مع سورية (التي توجد معها حتى الان عشرات السنين من الحدود الهادئة) وحيال حزب الله عالٍ ولا يبرر المنفعة. ومع ذلك، عندما تبين في نهاية العقد الماضي انه اخترقت كل حواجز نقل السلاح الى حزب الله، حددت اسرائيل أربع منظومات سلاح تلزمها بالعمل على وقف نقلها الى حزب الله، حتى بثمن خطر التصعيد: منظومات الدفاع الجوي المتطورة، صواريخ أرض أرض بعيدة المدى، صواريخ شاطئ بحر ياخنت والسلاح الكيميائي.
وافترض العمل الاسرائيلي قدرات استخبارية وعملياتية كبيرة تسلل استخباري كبير نحو اسرار ايران وحزب الله وهجوم في المنطقة المحمية بمنظومات الدفاع الجوي، التي تعد من أكثرها في العالم كثافة وتقدما. في هذه اللحظة كان يبدو أن التقديرات الاستخبارية والاستراتيجية الاسرائيلية بالنسبة لرد العدو كانت سليمة. فالمخاطرة المحسوبة التي أخذتها اسرائيل على عاتقها أثبتت نفسها. يبدو أن الفرضية في اسرائيل بانه يوجد ردع اسرائيلي قوي جدا تجاه كل اللاعبين في الوضع الذي يوجد فيه للسوريين، لحزب الله وايران سلم أولويات مختلف من أجله لن يخاطروا بمواجهة عسكرية فورية كانت صحيحة. كما أن اسرائيل تبنت طريقة العمل التي اثبتت نفسها في سنتي 2007 2008، لم تأخذ المسؤولية عن العملية وتركت للطرف الذي تعرض للهجوم ‘مساحة نفي’، اضافة الى ذلك، فان الاهداف التي تعرضت للهجوم لم تكن أملاكا سورية وهذا يسهل على السوريين احتواء الضربة. كما أن الهجوم لم يكن في الاراضي الايرانية واللبنانية، وهكذا يمكن لهذين الطرفين ايضا ‘المورد’ و’الزبون’ لمنظومات السلاح ان يكونا معفيين من الرد الفوري.
من المهم أن نفهم ان كل واحد من خصوم اسرائيل يركز ويعمل حيال التحديات المهمة له اكثر في هذا الوقت، من أن يرد على هجوم اسرائيلي. فالنظام السوري يقاتل على حياته أمام معارضة داخلية باتت تسيطر منذ الان على 50 في المئة من الاراضي السورية. وفي الشهر الماضي حقق النظام انجازات حيال المسلحين وهو يتمكن من الحفاظ على المواجهة كمواجهة داخلية يوجد له فيها تفوق عسكري بنيوي، تجاه الثوار وهو غير معني بفقدان هذه الانجازات. فالتدخل الخارجي والمواجهة مع اسرائيل خطيران جدا بالنسبة للنظام ويمكن لهما أن يؤديا الى نهايته. حزب الله هو الاخر يعطي أولوية لبقاء النظام السوري، الذي يشكل بالنسبة له جسرا لايران وجبهة داخلية استراتيجية. مقاتلوه مشاركون في القتال في سورية، وفتح جبهة اخرى مع اسرائيل ليس بديلا جذابا للمنظمة، وسيمس ايضا بشرعيتها في لبنان الشرعية التي تضررت منذ الكشف عن دورها في اغتيال الحريري، جر لبنان الى حرب مع اسرائيل في 2006 والان، دعمها النشيط لنظام الاسد. الايرانيون ايضا سيجدون صعوبة في الرد إذ أنهم لم يعترفوا ابدا بتوريد السلاح المتطور الى حزب الله، وبقاء نظام الاسد مهم لهم جدا وفوق كل شيء هم معنيون بحماية البرنامج النووي العسكري، كمصلحة عليا والحفاظ على حزب الله كذراع للرد في حالة تعرض البرنامج النووي للهجوم.
ومع ذلك يجدر بالذكر أنه حتى لو لم يتم رد فوري وكثيف، فان حزب الله، ايران، بل واحيانا سورية، يبدون كثيرا من الصبر، ويبقون على ‘حساب مفتوح’ ويختارون الرد المتأخر الذي يفضلون أن يكون بعيدا عن الساحة المحلية، التي يخاطرون فيها بالتصعيد، وتوجد لاسرائيل قدرات دفاع جيدة. نوع آخر من الرد هو استخدام منظمات ارهاب صغيرة، او تنفيذ عملية محدودة في الساحة الاسرائيلية اللبنانية السورية من دون أخذ المسؤولية عنها. ويمكن لاسرائيل أن تحتوي مثل هذه الاعمال والا ترد، وذلك لان العمل الاسرائيلي الذي بدأ دائرة الفعل ورد الفعل كان جد ناجحا والرد لم يجب ثمنا يستدعي مواصلة التصعيد.
يتمتع الهجوم الاسرائيلي بشرعية عالية نسبيا. بدءا باعتراف الغرب بهذا الهجوم كخطوة للدفاع عن النفس (الرئيس اوباما) وحتى الشماتة بالنظام السوري، النظام الايراني وحزب الله، في العالم السني. فالرضى الجم في الخليج وفي السعودية من الهجوم يصعب اخفاؤه، بل ان دولا كمصر والاردن رفعت العتب بشجب دبلوماسي من الشفة الى الخارج. فالهجوم على المحور الراديكالي، بكل عناصره، المحور الذي ينشغل هذه الايام بذبح المواطنين السوريين بحجم عشرات الاف القتلى، شرعي مثلما لم يكن ابدا. ومع ذلك، من المهم الانتباه الى أن اسرائيل لم تتدخل في الحرب الاهلية، بل ونقلت رسالة الى سورية في أنه ليس في نيتها الوقوف الى جانب المعارضة ضد النظام. اسرائيل لم تضرب مباشرة أملاكا سورية، بل فقط أملاكا لحزب الله وايران تعرض أمنها للخطر.
الزاوية الامريكية ـ اسرائيل لم تطلب ‘ضوءا أخضر’ من الولايات المتحدة للهجوم. ومع ذلك فان مستوى التنسيق والتفاهم الاستراتيجيين بين الدولتين عال، ولا ريب أن كل طرف أوضح مصالحه الحيوية للطرف الاخر، ووصف له الاسباب التي تستوجب العمل، حدود العمل وقيوده. ثمة من يدعي بان اسرائيل، بعملها هذا، تحاول أن تدفع الولايات المتحدة الى التدخل في سورية. هذا ادعاء غير مسنود. فاسرائيل، كما أسلفنا، عملت ضد العناصر الايرانية وعناصر حزب الله في سورية، التي تعرض امنها للخطر بشكل مباشر. وفضلا عن ذلك، فلا تأكيد للانباء عن عشرات المصابين من الوحدات العليا للنظام. ومع ذلك فان منتقدي الرئيس اوباما يمكنهم أن يشيروا الى العملية الاسرائيلية كمثال على الرد المناسب على اجتياز الخطوط الحمراء، وضعف الادعاء الذي يطرح في الناتو وفي البنتاغون بان انظمة الدفاع السورية أقوى من تلك الليبية أو العراقية.
الزاوية الروسية: الروس وليس الايرانيين، هم الموردون لاثنين من اربعة منظومات اعتبرت خطا أحمر: منظومات الدفاع الجوي المتطورة مثل SA17 وصواريخ شاطئ بحر متطورة ‘ياخنت’. ولو كانت هذه المنظومات الروسية، التي وردت لسورية مع الالتزام بالا تنتقل الى مستخدم نهائي آخر، تعرضت للهجوم في الطرف اللبناني، لوقع للروس حرج كبير. بين المخاطر من الهجوم في سورية يمكن أن نحصي امكانية أن يطلق الروس، الذين لم يستطيبوا الهجوم، منظومات دفاع جوي بعيدة المدى مثل S 300 للتصدير الى سورية.
أحد الادعاءات ضد الهجوم في سورية هو أن قسما من منظومات السلاح، التي تشكل خطا أحمر، سبق أن انتقلت على ما يبدو الى حزب الله وتوجد في حوزته، ولكن الكميات مهمة. الصواريخ بعيدة المدى لا توجد بالالاف، وبالتأكيد ليس بعشرات الالاف. وعندما يدور الحديث عن عدد من العشرات او بضع مئات فثمة معنى لتخفيض عدد الصواريخ في أيدي العدو الى الحد الادنى. ومثلما حصل في الحملة الاخيرة مع حماس في غزة ‘عمود السحاب’، فان قسما كبيرا من صواريخ العدو يدمر قبل أن يطلق وبعضه الاخر يدمر من منظومات الدفاع المضادة للصواريخ. عدد كبير من الصواريخ لدى العدو يسمح بالضغط على منظومات الدفاع ضد الصواريخ لدى اسرائيل ويمنح حزب الله طول نفس اكبر. ما ضرب في سورية سيسهل التصدي في معركة واسعة حيال حزب الله في المستقبل. كما أن الكلفة المستقبلية لاعادة تفعيل مسار التهريب ستلقي بثقلها اللوجستي، العملياتي والاستخباري على ايران وحزب الله، وهكذا يتم ابطاء وتيرة التعاظم وبناء القوة.
ما هو تأثير الهجوم في سورية على المواجهة مع ايران؟ توجد مدرستان استراتيجيتان بالنسبة للتصدي للتهديد النووي الايراني: الاولى تعتقد ‘ايران أولا’ وكل الاولويات والمقدرات توجه نحو هذا الجهد في ظل الاستعداد لدفع اثمان استراتيجية في ساحات اخرى. مدرسة اخرى تعتقد ‘سورية وحزب الله أولا’ وذلك انطلاقا من الفهم بانه يمكن ردع ايران والتجسيد لها للتصميم والقدرة الاسرائيلية في مواجهة اجتياز الخطوط الحمراء وكذا اضعاف قدرة الرد الايرانية من خلال ضرب حلفائها، الذين يشكلون قوة النار المتقدمة لها. ليس واضحا اذا كانت هذه الاعتبارات الاستراتيجية قد درست في السياق الذي سبق الهجوم ولكن عمليا، كنتيجة للعملية في سورية، فان اصحاب المدرسة الثانية تفوقوا على الاولى وبقي أن نرى اذا كانت ايران استوعبت رسالة التصميم الاسرائيلية من جهة وضعف حلفاء ايران من جهة اخرى.
في السطر الاخير، يصح الافتراض باحتمالية عالية بان الحدث لم ينتهِ، لا تكتيكيا ولا استراتيجيا. في المدى القصير المطلوب يقظة اعلى تجاه امكانية تصفية ‘الحساب المفتوح’ برد محدود و/أو متأخر، في الساحة الشمالية وفي الساحات الخارجية على حد سواء. استراتيجيا سيكون اصحاب القرار في اسرائيل مطالبين في المستقبل بان يقرروا هل سيواصلون العمل حيال تعاظم حزب الله بمنظومات سلاح متطورة وحرجة. عندما سيفكرون في اسرائيل في العملية التالية يجب أن تدرس المسألة، هي لا تزال الشروط الاسرائيلية تسمح بحرية العمل بمخاطرة متدنية لاسرائيل، أم أن تراكم الاحداث سيؤدي بالضرورة الى تصعيد غير مرغوب فيه. فرضية حرية العمل النسبية هي وهم لان هذه ذخر متآكل. فرضية تقول إنه اذا لم يكن رد مرتين فهذا سيكون في المرات التالية، قد تتبين خاطئة. ثمة ضغط متراكم على القيادات في الطرف الاخر للرد، الضغط الذي يمكن أن يدفعهم الى نقطة انكسار والى رد واسع وفي أعقابه يحتمل تصعيد خطير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الجبهة السورية والتوقع الاسرائيلي
بقلم:افرايم هليفي،عن يديعوت
النقاش في مسألة أي نظام في سورية هو الافضل بالنسبة لاسرائيل ليس في مكانه لسببين. الاول، ليس من شأن اسرائيل أن تقوم بدور متوج الملوك في دمشق، وليس لها القدرة على أن تحسم اي بديل افضل لها: استمرار حكم الاسد ام استبداله بآخر، فضلا عن ذلك، فان احداث السنتين الاخيرتين اثبتت ان قدرة اسرائيل على تقدير احتمالات بقاء الاسد محدودة، وحتى غير قائمة.
كل النبوءات عن نهايته القريبة ـ’في غضون أسابيع أو بضعة اشهر’ تبددت. خير نفعل اذا ما بقينا في الظل في كل ما يتعلق بالتنبؤ بمستقبل دمشق. وبدلا من ذلك، نحسن صنعا اذا ما أعدنا النظر في مصالحنا الحقيقية وفكرنا في سياستنا اليومية في ضوئها.
لاسرائيل مصلحة مركزية في تحقيق سلام مع جارها الشمالي.
منذ انشغل بذلك اسحق رابين حاول أربعة من خلفائه ـ رؤساء الوزراء شمعون بيرس، بنيامين نتنياهو (في ولايتيه)، ايهود باراك وايهود اولمرت ـ الوصول الى هذا الهدف من دون نجاح. وعلى مدى كل هذه الفترة الطويلة حكم في دمشق حافظ الاسد وابنه بشار.
في ظل عدم وجود سلام كانت لاسرائيل مصلحة مركزية في أن تضمن الا تبدأ سورية في معركة ضدها، وان تحافظ على اتفاق الفصل الذي تحقق بوساطة وزير الخارجية هنري كيسنجر في العام 1974. لقد حافظ الاسد الاب والاسد الابن على ذلك بعناية، حتى في الوقت الذي قاتل فيه الجيش الاسرائيلي والجيش السوري الواحد ضد الاخر على محور بيروت ـ دمشق في حرب لبنان الاولى، في 1982، وكذا في أثناء حرب لبنان الثانية، في 2006 عندما ضرب الجيش الاسرائيلي حزب الله، حليف سورية. في هذا السياق، من المهم أن يكون لاسرائيل شريك مستقبلي في المفاوضات على التسوية الدائمة بين الدولتين.
المصلحة الثانية لاسرائيل هي منع ايران من أن يكون لها معقل دائم في سورية. هزيمة ايرانية ستؤثر جدا على مكانتها وتبث شعاعها على تطلعاتها تجاه اسرائيل في ساحات اخرى. في هذا السياق لاسرائيل مصلحة مركزية اخرى: منع السلاح كاسر التعادل عن حزب الله، الذراع الطويلة لايران حيال اسرائيل. اسرائيل تكافح، وعن حق من ناحيتها، في سبيل الحفاظ على قدرتها على احباط هذه النية بكل الوسائل التي تحت تصرفها.
اسرائيل مطالبة بالعمل في اطار مجال من عدم اليقين للحفاظ على مصالحها الحقيقية. وللعبة القوى العظمى الولايات المتحدة وروسيا تأثير كبير على ما يكنه المستقبل. فالولايات المتحدة ترغب في رحيل بشار الاسد، ولكنها تقيد نفسها بالوسائل التي تستعد لتكريسها لهذا الهدف؛ أما روسيا فملتزمة بالحفاظ على هذا النظام، ولكنها تلمح بانها غير متمسكة بهذه الشخصية أو تلك في العصبة العلوية. وهكذا تختلف روسيا عن ايران، الملتزمة شخصيا ببشار الاسد.
مثلما كرس رئيس الوزراء نتنياهو في لقائه مع بوتين، وقتا وجهدا ليعرض معنى التهديد في توريد سلاح مضاد للطائرات كاسر للتعادل الى سورية، وعبرها الى حزب الله، ينبغي الامل في أن يكون كلف نفسه عناء الايضاح لمضيفه باقي مصالح اسرائيل ومجالات المناورة في جوانب اخرى من الواقع السوري. بذات القدر ينبغي الامل في ألا يكون الرئيس بوتين اكتفى بتحذير اسرائيل بعدم تعريض الاستقرار في المنطقة للخطر، بل ايضا بسط امام ضيفة مجالات مناورته، بقدر ما تتعلق باحتياجات اسرائيل.
لاسرائيل، للولايات المتحدة ولروسيا مصلحة في الوصول الى اتفاق سلام بين اسرائيل ودمشق، منع السباق الايراني نحو سلاح نووي ومنع الاخلال المتطرف بميزان القوى في الشرق الاوسط، مما سيجرف واشنطن وموسكو نحو مواجهة مسلحة في المنطقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مجرم حرب
بقلم:يوسي شاين،عن يديعوت
الأسد هو ، ونظامه إذا ما بقي، سيواصل كونه تهديدا لاسرائيل ولكن على مدى الزمن بقاؤه في الحكم ليس ضمانة للسلام في الحدود السورية.
يبدو أن المعارضة السورية هي الاخرى غير مستعدة ومنظمة لاستلام الحكم، وقوات الثوار غير قادرة على أن تطرح قيادة بديلة للنظام العلوي في دمشق. ويشكل انهيار سورية كدولة تهديدا لاسرائيل كون القوات المسلحة عديمة السيطرة مع ايديولوجيا جهادية يمكنها أن تجعل الحدود السورية منطقة حرب لهجمات الارهاب، إذن ما العمل؟
مثل الامريكيين والاوروبيين، ليس لدى اسرائيل أجوبة جيدة. في أمريكا يوجه انتقاد لاذع على العجز العملي لادارة اوباما في الساحة السورية. فالمثقف فؤاد عجمي يشجب بشدة الاهمال الامريكي، ويدعي ان الغرب يخاف من لحى الجهاديين أكثر مما يخاف من قتل الشعب، واضافة الى ذلك، فان الولايات المتحدة واوروبا غير قادرتين على الوقوف في وجه الحلف بين الاسد وبوتين.
في مثل هذا الوضع لا يمكن لاسرائيل ان تكون لاعبة متصدرة. علينا أن نتعاون كلاعب ثانوي في تصرف الغرب تجاه سورية، وان نتبنى بشكل قاطع أكثر موقفا أخلاقيا في مواجهة المأساة الانسانية الهائلة التي تدور أمام أبوابنا. نحو مئة الف قتيل، ومليون ونصف المليون لاجئ ودمار رهيب لا يمكنها أن تبقي اسرائيل منقطعة ولا مبالية. في كل الاحوال، علينا أن نطلق صوتا عاليا وأن نعلن بان الاسد هو وليس بديلا مناسبا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا تُشوشوا من فضلكم
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
هل يبقى الاسد أم لا يبقى على كرسيه؟ ليس هذا هو السؤال، بل السؤال هل يخدم بقاؤه في الحكم المصلحة الاسرائيلية أم لا.
إن المصلحة الاسرائيلية العليا ازاء الساحة السورية هي الامتناع بكل ثمن عن اشتعال عسكري. فالفوضى في سورية قد تُحدث وضعا تتحول فيه الحدود مع اسرائيل الى حدود ارهاب تسيطر عليها منظمات متطرفة يحركها حرس الثورة وحزب الله وجهات اخرى ـ وهو ما قد يجر اسرائيل الى حرب غير مرغوب فيها. والمصلحة الاسرائيلية الثانية في أهميتها هي منع انتقال سلاح تقليدي وكيميائي من الجيش السوري الى حزب الله، أو الى منظمات معادية اخرى، والمصلحة الثالثة في سلسلة الأولويات هي كسر محور الشر وإضعاف حزب الله وإبعاد الايرانيين عن الساحة السورية.
إن بقاء الاسد في منصبه لا يخدم أية واحدة من هذه المصالح الثلاث، لأن الاسد فقد شرعية حكم سورية ـ في نظر العالم العربي وفي نظر أكثر مواطنيه. فالمستبد المسؤول عن موت عشرات آلاف السوريين وبقاء ملايين آخرين لاجئين بلا سقف لا يمكنه الحصول على شرعية في العالم. ولهذا اذا كانت اسرائيل تبحث عن الاستقرار في سورية فليس الاسد هو العنوان بل بالعكس. فاستمرار توليه الحكم يقوي العناصر المتطرفة بين المتمردين ويُبعد احتمال التوصل الى تسوية ما داخلية في سورية.
ويدرك الروس ايضا ـ الذين يؤيدون الاسد علنا ـ أنه آخر حاكم علوي وأن الحكم سينتقل الى الأكثرية السنية. ويُحرك الروس مسار تحادث بين جميع الفصائل برعاية دولية، يرمي الى تنحية الاسد وانشاء حكومة انتقالية علمانية. واحتمال ذلك ضئيل. أما الامريكيون فأكثر صراحة، وقد قال نائب وزير الخارجية الامريكي وليام بيرنز في الاسبوع الماضي: ‘اذا أُريد اسقاط الاسد فانه ينبغي فعل ذلك الآن لأن 50 في المئة من البنية التحتية في سورية أصبح مدمرا’. ويبدو ان بيرنز أكثر قلقا من الجانب الاقتصادي وأقل من ذلك من الجانب الانساني، لأن إعمار سورية سيكلف العالم مالا كثيرا جدا ـ ولا سيما الادارة الامريكية.
تستطيع اسرائيل ان تشوش فقط فالعمليات العسكرية التي يفترض ان تُعجل بسقوط الاسد، أو الاقوال الهاذية في الصحف الاجنبية التي تؤيد بقاءه ـ وتُنسب الى رجال استخبارات اسرائيليين كبار ـ لا تخدم أية مصلحة اسرائيلية. وقد كانت الى ما قبل سنة فرصة نظرية للتأثير في استبدال نظام علماني بالنظام في سورية، بيد أن الوقت عمل في مصلحة المتمردين الاصوليين وأصبح ذلك اليوم متأخرا كثيرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الساحة السورية: مواجهة بين القوى العظمى
بقلم:د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
إن مصدر المفارقة التي أصبح الاسلام السني فيها، هو توقع الخلاص من الغرب ‘الصليبي’ خاصة. فهم يرون الآن أنه يفترض ان يقوم الغرب من أجلهم بالعمل القذر في سورية وفي ايران. وتتابع وسائل الاعلام العربية في هذه الاثناء البحث في اخفاقات الأطراف في محاربة اسرائيل، ووصف ما يجري في سورية في سياق ‘المؤامرات الصهيونية’. وهم يرون ان الساحة السورية هي مقبرة ‘الربيع العربي’ وان اسرائيل هي الرابحة.
بازاء رواسب الدم الدينية والطائفية في سورية تُرسم الخطوط الهيكلية لـ’الدويلات’ التي ستُقسم اليها: كردية وسنية وعلوية ـ مسيحية. ويلوح ان الاسد لن يستطيع في كل مخطط في المستقبل ان يحكم شعبه حتى ولا باستمرار الذبح والقمع.
رغم رهان الروس اليائس على الاسد وادراك ان مصيره قد حُسم، يتبين أنه لن يكون لروسيا في المستقبل القريب موطئ قدم في سورية. فالشعب السوري الذي أكثره من أهل السنة يحمل في قلبه كراهية عميقة للروس، الذين يعملون عليه. إن الحاجة الى الحفاظ على سوق السلاح وعلى ميناء المياه الدافئة وعلى موطئ القدم الروسي في الشرق الاوسط، لا يترك للروس خيارا. فهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولن يساعدوا على اسقاط حبيبهم الاسد مقابل أي إغراء.
إن الهجمات الجوية المنسوبة الى اسرائيل في سورية، التي أشارت للغرب أنه يمكن ضرب ايران ايضا، عرضت السلاح الروسي على أنه وسيلة خاوية. وأوجبت على الروس ان يعرضوا قدرة أكثر تقدما وردعا ومسؤولية أمام حلفائهم. ولذلك أمدوا السوريين بسلاح حديث وعجلوا الحرب الباردة. وأشار الروس بهذه الخطوة الى الغرب بأن التدخل الخارجي في سورية وايران لن يكون ممكنا.
دُفعت اسرائيل عن رغبة في الدفاع عن نفسها الى معركة عمالقة بين القوى العظمى مع دعم متردد من القوة العظمى الأم الامريكية. وإن احتمال أن تُمكّن روسيا من اجراء يجلب الى سورية نظاما مواليا لامريكا هو ثمرة خيال سياسي ساذج كوزير الخارجية الامريكي جون كيري وحده.
وفيما يتصل بايران، يشير الوضع في سورية الى ان المحور الشيعي يتفكك وأن الشعب السوري يكرههم كراهية عميقة، وان المواجهة العنيفة بين الشيعة والسنيين في دول محور العراق ولبنان حتمية. وتتمتع ايران في الوقت الحالي بحقيقة أن جميع الاضواء مسلطة على سورية، في حين تستمر هي في هدوء على تطوير القنبلة الذرية وعلى ارسال محاربين وسلاح الى حزب الله والاسد.
إن الوضع في سورية يكشف عن حقيقة أن ‘الحرب الباردة’ بين روسيا والغرب غير متكافئة. وينبع ذلك من التردد الامريكي الثابت ايضا في القضية الايرانية: فالقطب الروسي يؤيد علنا النظام السوري باعتباره جزءا من المحور الايراني مع العراق وحزب الله، ويرسل في تحدٍ سلاحا فتاكا الى النظام السوري، ولا يحسب حسابا لاسرائيل. لقد قوي الردع الروسي ازاء الضعف الامريكي.
وفي مقابل ذلك يُمد القطب الغربي وفيه امريكا وحلف شمال الاطلسي وتركيا والعرب المعارضة بالمال والتوجيه والدعم المادي والمعدات الداعمة للقتال، لكنه لا يتدخل مباشرة. وتنبع المعضلة الغربية من أن عناصر المعارضة متطرفون اسلاميون ليسوا أفضل من الاسد. وقد تعلم الامريكيون ان الاسلاميين الذين استعانوا بهم قتلوا الأفضلين منهم بعد ذلك. لكن كما لا توجه الذرة الايرانية على اسرائيل وحدها، فان السلاح الروسي ايضا لا يوجه عليها وحدها. إن حق الكلام هنا ايضا للامريكيين كما هي الحال في الشأن الايراني، ويوجد في الشأن السوري ما يُتحدث عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
اقلام واراء اسرائيلي 347
21/5/2013
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
ما تهم معرفته عن مساعدة روسيا العسكرية لسورية
بقلم:إنشل بابر،عن هآرتس
عشر نقاط للتفكير بعد الغارة في دمشق
في الصراع في اسرائيل بين مدرسة ايران أولا أم سورية وحزب الله جاءت الغارة في دمشق لترجح كفة المدرسة الثانية ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة
بقلم:عاموس يدلين،عن نظرة عليا
الجبهة السورية والتوقع الاسرائيلي
بقلم:افرايم هليفي،عن يديعوت
مجرم حرب
بقلم:يوسي شاين،عن يديعوت
لا تُشوشوا من فضلكم
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
الساحة السورية: مواجهة بين القوى العظمى
بقلم:د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
ما تهم معرفته عن مساعدة روسيا العسكرية لسورية
بقلم:إنشل بابر،عن هآرتس
ما هي الصواريخ الحديثة التي وردت الأنباء مؤخرا أن روسيا تنوي إمداد سورية بها؟
الحديث عن منظومتين، الاولى وهي ‘إس300′، هي طراز متقدم من منظومة صواريخ للدفاع الجوي طُورت في نهاية سبعينيات القرن الماضي، لكن زيد في تطويرها جدا في تسعينيات القرن الماضي. ولـ’إس300′ أفضلية على مئات بطاريات صواريخ الدفاع الجوي من انتاج سوفييتي وروسي أصبحت موجودة عند سورية، فهي أولا تستطيع ان تصيب أهدافا على بعد 200 كم. وهي تستطيع ثانيا أن تعمل في مواجهة عشرات الأهداف في الوقت نفسه. والى ذلك فان المنظومة متحركة وتُحمل على سيارات ثقيلة، وهو شيء يجعل تحديد موقعها وتدميرها صعبا. وُجدت في الماضي عدة أنباء منشورة عن إمداد سورية وايران بهذه المنظومة. وقد تم التوقيع على الصفقة في 2007 لكن الروس استجابوا لطلبات اسرائيلية وامريكية ووافقوا في 2010 على تعليق الصفقة. ويُبين الروس الآن أنهم ينوون ‘إتمام الصفقة’ لكنهم لا يُبينون متى سينقلون بالضبط البطاريتين اللتين طلبتهما سورية.
وأما المنظومة الثانية فهي ‘بي800′ المسماة ‘يحونط’ وهو صاروخ بحري مضاد للسفن، أُدخل الى الخدمة العملياتية في روسيا قبل نحو من 13 سنة. ويستطيع ‘يحونط’ أن يطير بسرعة تفوق ضعفي سرعة الصوت ويصيب أهدافا بحرية على بعد نحو من 300 كم مع رأس متفجر يبلغ وزنه 250 كغم. وقد أمدت روسيا سورية من قبل ببطاريتين مع 72 صاروخ ‘يحونط’ قبل سنة ونصف السنة، والنية الآن إمدادها بمنظومة رادارية متقدمة تُحسن دقة الصواريخ. وقد أفادت صحيفة ‘نيويورك تايمز′ في الاسبوع الماضي، بحسب ما قاله مسؤولون كبار في واشنطن، بأن روسيا نقلت الى سورية شحنة مرسلة جديدة من الصواريخ من هذا الطراز.
كيف ستؤثر الصواريخ في ساحة القتال؟ اذا ملكت سورية منظومات الصواريخ هذه فسيصعب على اسرائيل (وكل قوة عسكرية اخرى) أن تهاجم من الجو أهدافا داخل سورية أو أن تنفذ اجتياحا من البحر. وسيُصعب ‘إس300′ ايضا استعمال صواريخ موجهة عن بعد تملكها اسرائيل والولايات المتحدة واسلحة جوية اخرى (وهو سلاح دقيق يُطلق من طائرة حربية تطير على بعد عشرات الكيلومترات عن الهدف وتهرب من تهديد أكثر منظومات الدفاع الجوي، بل إن المنظومة قد تصيب صواريخ بالستية. أما ‘يحونط’ فقد يقيد حرية حركة سفن اسرائيلية وغربية قبالة سواحل سورية ويجعل عملية بحرية موجهة عليها وعلى لبنان صعبة. إن مدى الصاروخ البحري قد يكون تهديدا ايضا لطوافات التنقيب عن الغاز في حقول الغاز الطبيعي قبالة سواحل اسرائيل.
هل الجيش الاسرائيلي قادر على مواجهة الصواريخ؟ قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، اللواء احتياط عاموس يادلين، في نهاية الاسبوع إن سلاح الجو الاسرائيلي قادر على مواجهة ‘إس300′. وأفادت وسائل الاعلام الاجنبية في الماضي بان سلاح الجو الاسرائيلي قد تدرب من قبل في مواجهة منظومات مشابهة موجودة عند حليفات، مثل اليونان وقبرص وأذربيجان. وقد نجح سلاح الجو في السنين الاخيرة في اختراق منظومة الدفاع الجوي السورية الكثيفة ثلاث مرات على الأقل. إن ‘إس300′ اذا نشر في سورية حقا يتوقع أن يجعل المهمة في المستقبل صعبة لكنه لن يكون عائقا. وفي مقابل ذلك فان إمداد ايران المحتمل بهذه الصواريخ سيكون أكثر اشكالية، لأن سلاح الجو الاسرائيلي غير قادر على ارسال عدد كبير من الطائرات الحربية ووسائل الحرب الالكترونية الى ايران، كما يمكنه أن يفعل ذلك بسورية المجاورة.
وفي الميدان البحري تم منذ أُصيبت السفينة الحاملة للصواريخ ‘حنيت’ في حرب لبنان الثانية، تحسين القدرات الدفاعية لسلاح البحرية الاسرائيلي جدا. أُصيبت السفينة آنذاك بصاروخ من صنع الصين أطلقه الحرس الثوري الايراني من سواحل لبنان. وتشتمل المنظومات الدفاعية اليوم من ضمن ما تشتمل عليه على صواريخ ‘براك9′. وفي هذه الحال ايضا سيكون ‘يحونط’ عامل تهديد آخر لحاملات الصواريخ الاسرائيلية لكن خطره غير كافٍ لمنع عملها قبالة سواحل سورية.
ما احتمالات إمداد الاسد حقا بهذه الصواريخ؟ أصبحت صواريخ ‘يحونط’ منشورة كما يبدو في منطقة ميناء طرطوس على ساحل البحر المتوسط، في قلب المنطقة العلوية، حيث يسودها هدوء نسبي. ومن المنطق ان نفترض انه في الوقت الذي مضى منذ نُصبت (في 2011 كما يبدو) وصلت الى مستوى عملياتي ومن المحتمل جدا أن يكون تقنيون وضباط روس موجودين هناك كي يرشدوا القوات السورية. ومع ذلك فان الوجود الروسي قد يحد من استعمال السوريين للصواريخ.
وفيما يتعلق بـ’إس300′ فان الوضع أقل وضوحا. فليس واضحا من أين ستأتي المنظومة لأن الشركة المنتجة في روسيا أعلنت في السنة الماضية أنها تغلق خط الانتاج. وقد تنقل روسيا منظومة مستعملة أصبحت مستعملة الآن في دفاعها الجوي.
والسؤال الذي هو أكثر احراجا هو كيف سينجح الجيش السوري الذي أُصيب اصابة بالغة في سنتي حرب أهلية وعشرات الآلاف من المنشقين وعانى قبل ذلك ايضا نقصا من الموارد في أن يستوعب في صفوفه منظومة متقدمة ومعقدة تشتمل على ثلاثة أنواع من الرادارات مختلفة وجعلها عملياتية. يصعب ان نرى السوريين يصمدون لهذه المهمة في وضعهم الحالي، وقد يكون الحل الممكن ارسال ‘إس300′ مع مستعملين روس، لكن يصعب ان نرى روسيا تُعرض ناسها للخطر في وسط ميدان القتال. إن الامداد بـ’إس300′ يبدو الآن تهديدا روسيا أكثر من كونه امكانا محسوسا.
ما سبب القلق الكبير من الصواريخ في اسرائيل اذا؟ هذا سؤال جيد. ليس واضحا لماذا نرى قدرا كبيرا جدا من القلق في الجانب الاسرائيلي، وهل كانت زيارة بنيامين نتنياهو العاجلة للرئيس بوتين في الاسبوع الماضي حقة، أو ذات أمل (بحسب عدد من التقارير كانت تلك مبادرة روسية فبوتين هو الذي دعا نتنياهو ليحذره من هجمات اخرى على سورية). من الممكن جدا ان تكون هذه حيلة اعلامية ترمي الى خدمة عدد من الاهداف. إن نتنياهو، مثل كثيرين آخرين في الحكومة وجهاز الامن، قلق جدا من استيلاء متمردين جهاديين على سورية ومن نقل سلاح متقدم وكيميائي الى حزب الله. ورغم اعمال القتل التي ينفذها الاسد في شعبه يبدو أنه يوجد في اسرائيل من يعتقد أن بقاء سلطته قدر المستطاع أفضل. إن نشر خبر صفقة الصواريخ الروسية قد يقوي الاسد، ويبرز حقيقة انه ما زال يحظى بتأييد روسي كبير.
إن وجود صواريخ متقدمة في سورية سيقوي من يعارضون في واشنطن تدخلا عسكريا لصالح المتمردين. فمعارضو التدخل يزعمون منذ زمن بعيد أن لسورية دفاعا جويا وبحريا أفضل كثيرا مما كان يملك النظام في ليبيا، ولهذا سيكون الهجوم عملا خطيرا. وزعزعت الهجمات الاسرائيلية الاخيرة هذا الزعم وسيعود ظهور ‘إس300′ لتقويته.
إن أكبر الرابحين من جولة الأنباء المنشورة (عدا نظام الاسد) هم الروس الذين يريدون أن يُظهروا للغرب ولاسرائيل أنهم لن يتخلوا عن الاسد، وأنهم يرون محاولة التدخل العسكري الغربي مُضرة أضرارا مباشرا بالمصلحة الروسية.
لماذا ما زال الروس يساعدون الاسد؟
إن الأنباء التي نشرت عن الامداد بالصواريخ هي جزء من اجراء أوسع لاظهار تأييد روسي للاسد. وهي تُضاف الى تدريب بحري اجتمعت فيه 11 سفينة حربية روسية في هذه الايام في شرق البحر المتوسط غير بعيد عن الساحل السوري. وهو أكبر تدريب للاسطول الروسي في البحر المتوسط منذ كان سقوط الاتحاد السوفييتي.
إن الروس شديدو الاهتمام ببقاء الاسد، فهو آخر حاكم علماني في العالم العربي لا يعتبر حليفا للادارة الامريكية، أو مؤيدا للحركات الاسلامية المتطرفة، التي تهدد السيطرة الروسية على مناطقها الشرقية. والاسد هو آخر مركز واضح للتأثير الروسي في الشرق الاوسط، ورغم انه اقترب جدا من المحور الايراني الشيعي في العقد الاخير، جعلته الحرب الأهلية خاصة أكثر خضوعا لرحمة موسكو. إن الاسطول الروسي يستعمل ميناء طرطوس السوري باتفاق ايجار بعيد الأمد وهو اليوم موطئ القدم العسكري لروسيا في البحر المتوسط. وحتى لو انهار النظام في دمشق فان طرطوس يتوقع ان تصمد فترة اخرى بسبب وجودها في قلب الاقليم العلوي. إن لروسيا والاسد مصلحة مشتركة في حماية الشريط الساحلي، كما يشهد على ذلك الامداد بصواريخ ‘يحونط’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عشر نقاط للتفكير بعد الغارة في دمشق
في الصراع في اسرائيل بين مدرسة ايران أولا أم سورية وحزب الله جاءت الغارة في دمشق لترجح كفة المدرسة الثانية ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة
بقلم:عاموس يدلين،عن نظرة عليا
مر أكثر من اسبوع على الغارات في منطقة دمشق، التي حسب مصادر امريكية، اصابت صواريخ أرض أرض متطورة من طراز ‘فاتح 110′ كانت في طريقها من ايران الى حزب الله في لبنان. بعد أن ترسب الغبار وبدا أن الحدث احتوي، ولم يكن هناك رد فوري من جانب سورية أو حزب الله يمكن الاشارة الى استنتاجات أولية، وان كان يحتمل بالتأكيد اننا لا نزال في ذروة أزمة اوسع حتى من زاوية نظر احتمال الرد المتأخر، ولا سيما حيال احتمال استمرار اجتياز الخطوط الحمراء ومزيد من الغارات الكفيلة بان تؤدي الى تصعيد في الساحة الشمالية. هذا المقال يفترض، حسب منشورات اجنبية، ان الغارة في دمشق كانت اسرائيلية.
من المهم الفهم بان اسرائيل عملت في المرة الاولى منذ عقد حيال مسار توريد السلاح الى حزب الله، المسار الذي استخدمته ايران وسورية. لقد قيد الاسد الاب حتى العام 2000 توريد السلاح الى حزب الله والوسائل القتالية الاهم التي وردها أو سمح للايرانيين بتوريدها كان الكاتيوشا قصيرة المدى. اما ابنه بشار، بالمقابل، فقد حطم كل الحدود وورد لحزب الله بتمويل ايراني منظومات من الاسلحة حديثة ومتطورة. التمويل، العمل والتدريب، مصدره في معظمه في طهران منظومات السلاح بعضها ايرانية، بعضها تنتج في سورية (مثل صواريخ مختلفة وصواريخ ام 600 التي هي طراز سوري من ‘فاتح 110′) وبعضها مصدره روسي. وقد وصل السلاح الذي جاء من ايران في رحلة جوية الى المطار الدولي في دمشق، ومن هناك نقل الى لبنان. ورغم قرار مجلس الامن 1701 في العام 2006، الذي يحظر توريد السلاح الى جهة ليست حكومة لبنان، لم تعمل اسرائيل في الماضي ضد هذه الارساليات على ما يبدو لاعتبارات الكلفة المنفعة وبالاساس الفهم بان احتمال التصعيد مع سورية (التي توجد معها حتى الان عشرات السنين من الحدود الهادئة) وحيال حزب الله عالٍ ولا يبرر المنفعة. ومع ذلك، عندما تبين في نهاية العقد الماضي انه اخترقت كل حواجز نقل السلاح الى حزب الله، حددت اسرائيل أربع منظومات سلاح تلزمها بالعمل على وقف نقلها الى حزب الله، حتى بثمن خطر التصعيد: منظومات الدفاع الجوي المتطورة، صواريخ أرض أرض بعيدة المدى، صواريخ شاطئ بحر ياخنت والسلاح الكيميائي.
وافترض العمل الاسرائيلي قدرات استخبارية وعملياتية كبيرة تسلل استخباري كبير نحو اسرار ايران وحزب الله وهجوم في المنطقة المحمية بمنظومات الدفاع الجوي، التي تعد من أكثرها في العالم كثافة وتقدما. في هذه اللحظة كان يبدو أن التقديرات الاستخبارية والاستراتيجية الاسرائيلية بالنسبة لرد العدو كانت سليمة. فالمخاطرة المحسوبة التي أخذتها اسرائيل على عاتقها أثبتت نفسها. يبدو أن الفرضية في اسرائيل بانه يوجد ردع اسرائيلي قوي جدا تجاه كل اللاعبين في الوضع الذي يوجد فيه للسوريين، لحزب الله وايران سلم أولويات مختلف من أجله لن يخاطروا بمواجهة عسكرية فورية كانت صحيحة. كما أن اسرائيل تبنت طريقة العمل التي اثبتت نفسها في سنتي 2007 2008، لم تأخذ المسؤولية عن العملية وتركت للطرف الذي تعرض للهجوم ‘مساحة نفي’، اضافة الى ذلك، فان الاهداف التي تعرضت للهجوم لم تكن أملاكا سورية وهذا يسهل على السوريين احتواء الضربة. كما أن الهجوم لم يكن في الاراضي الايرانية واللبنانية، وهكذا يمكن لهذين الطرفين ايضا ‘المورد’ و’الزبون’ لمنظومات السلاح ان يكونا معفيين من الرد الفوري.
من المهم أن نفهم ان كل واحد من خصوم اسرائيل يركز ويعمل حيال التحديات المهمة له اكثر في هذا الوقت، من أن يرد على هجوم اسرائيلي. فالنظام السوري يقاتل على حياته أمام معارضة داخلية باتت تسيطر منذ الان على 50 في المئة من الاراضي السورية. وفي الشهر الماضي حقق النظام انجازات حيال المسلحين وهو يتمكن من الحفاظ على المواجهة كمواجهة داخلية يوجد له فيها تفوق عسكري بنيوي، تجاه الثوار وهو غير معني بفقدان هذه الانجازات. فالتدخل الخارجي والمواجهة مع اسرائيل خطيران جدا بالنسبة للنظام ويمكن لهما أن يؤديا الى نهايته. حزب الله هو الاخر يعطي أولوية لبقاء النظام السوري، الذي يشكل بالنسبة له جسرا لايران وجبهة داخلية استراتيجية. مقاتلوه مشاركون في القتال في سورية، وفتح جبهة اخرى مع اسرائيل ليس بديلا جذابا للمنظمة، وسيمس ايضا بشرعيتها في لبنان الشرعية التي تضررت منذ الكشف عن دورها في اغتيال الحريري، جر لبنان الى حرب مع اسرائيل في 2006 والان، دعمها النشيط لنظام الاسد. الايرانيون ايضا سيجدون صعوبة في الرد إذ أنهم لم يعترفوا ابدا بتوريد السلاح المتطور الى حزب الله، وبقاء نظام الاسد مهم لهم جدا وفوق كل شيء هم معنيون بحماية البرنامج النووي العسكري، كمصلحة عليا والحفاظ على حزب الله كذراع للرد في حالة تعرض البرنامج النووي للهجوم.
ومع ذلك يجدر بالذكر أنه حتى لو لم يتم رد فوري وكثيف، فان حزب الله، ايران، بل واحيانا سورية، يبدون كثيرا من الصبر، ويبقون على ‘حساب مفتوح’ ويختارون الرد المتأخر الذي يفضلون أن يكون بعيدا عن الساحة المحلية، التي يخاطرون فيها بالتصعيد، وتوجد لاسرائيل قدرات دفاع جيدة. نوع آخر من الرد هو استخدام منظمات ارهاب صغيرة، او تنفيذ عملية محدودة في الساحة الاسرائيلية اللبنانية السورية من دون أخذ المسؤولية عنها. ويمكن لاسرائيل أن تحتوي مثل هذه الاعمال والا ترد، وذلك لان العمل الاسرائيلي الذي بدأ دائرة الفعل ورد الفعل كان جد ناجحا والرد لم يجب ثمنا يستدعي مواصلة التصعيد.
يتمتع الهجوم الاسرائيلي بشرعية عالية نسبيا. بدءا باعتراف الغرب بهذا الهجوم كخطوة للدفاع عن النفس (الرئيس اوباما) وحتى الشماتة بالنظام السوري، النظام الايراني وحزب الله، في العالم السني. فالرضى الجم في الخليج وفي السعودية من الهجوم يصعب اخفاؤه، بل ان دولا كمصر والاردن رفعت العتب بشجب دبلوماسي من الشفة الى الخارج. فالهجوم على المحور الراديكالي، بكل عناصره، المحور الذي ينشغل هذه الايام بذبح المواطنين السوريين بحجم عشرات الاف القتلى، شرعي مثلما لم يكن ابدا. ومع ذلك، من المهم الانتباه الى أن اسرائيل لم تتدخل في الحرب الاهلية، بل ونقلت رسالة الى سورية في أنه ليس في نيتها الوقوف الى جانب المعارضة ضد النظام. اسرائيل لم تضرب مباشرة أملاكا سورية، بل فقط أملاكا لحزب الله وايران تعرض أمنها للخطر.
الزاوية الامريكية ـ اسرائيل لم تطلب ‘ضوءا أخضر’ من الولايات المتحدة للهجوم. ومع ذلك فان مستوى التنسيق والتفاهم الاستراتيجيين بين الدولتين عال، ولا ريب أن كل طرف أوضح مصالحه الحيوية للطرف الاخر، ووصف له الاسباب التي تستوجب العمل، حدود العمل وقيوده. ثمة من يدعي بان اسرائيل، بعملها هذا، تحاول أن تدفع الولايات المتحدة الى التدخل في سورية. هذا ادعاء غير مسنود. فاسرائيل، كما أسلفنا، عملت ضد العناصر الايرانية وعناصر حزب الله في سورية، التي تعرض امنها للخطر بشكل مباشر. وفضلا عن ذلك، فلا تأكيد للانباء عن عشرات المصابين من الوحدات العليا للنظام. ومع ذلك فان منتقدي الرئيس اوباما يمكنهم أن يشيروا الى العملية الاسرائيلية كمثال على الرد المناسب على اجتياز الخطوط الحمراء، وضعف الادعاء الذي يطرح في الناتو وفي البنتاغون بان انظمة الدفاع السورية أقوى من تلك الليبية أو العراقية.
الزاوية الروسية: الروس وليس الايرانيين، هم الموردون لاثنين من اربعة منظومات اعتبرت خطا أحمر: منظومات الدفاع الجوي المتطورة مثل SA17 وصواريخ شاطئ بحر متطورة ‘ياخنت’. ولو كانت هذه المنظومات الروسية، التي وردت لسورية مع الالتزام بالا تنتقل الى مستخدم نهائي آخر، تعرضت للهجوم في الطرف اللبناني، لوقع للروس حرج كبير. بين المخاطر من الهجوم في سورية يمكن أن نحصي امكانية أن يطلق الروس، الذين لم يستطيبوا الهجوم، منظومات دفاع جوي بعيدة المدى مثل S 300 للتصدير الى سورية.
أحد الادعاءات ضد الهجوم في سورية هو أن قسما من منظومات السلاح، التي تشكل خطا أحمر، سبق أن انتقلت على ما يبدو الى حزب الله وتوجد في حوزته، ولكن الكميات مهمة. الصواريخ بعيدة المدى لا توجد بالالاف، وبالتأكيد ليس بعشرات الالاف. وعندما يدور الحديث عن عدد من العشرات او بضع مئات فثمة معنى لتخفيض عدد الصواريخ في أيدي العدو الى الحد الادنى. ومثلما حصل في الحملة الاخيرة مع حماس في غزة ‘عمود السحاب’، فان قسما كبيرا من صواريخ العدو يدمر قبل أن يطلق وبعضه الاخر يدمر من منظومات الدفاع المضادة للصواريخ. عدد كبير من الصواريخ لدى العدو يسمح بالضغط على منظومات الدفاع ضد الصواريخ لدى اسرائيل ويمنح حزب الله طول نفس اكبر. ما ضرب في سورية سيسهل التصدي في معركة واسعة حيال حزب الله في المستقبل. كما أن الكلفة المستقبلية لاعادة تفعيل مسار التهريب ستلقي بثقلها اللوجستي، العملياتي والاستخباري على ايران وحزب الله، وهكذا يتم ابطاء وتيرة التعاظم وبناء القوة.
ما هو تأثير الهجوم في سورية على المواجهة مع ايران؟ توجد مدرستان استراتيجيتان بالنسبة للتصدي للتهديد النووي الايراني: الاولى تعتقد ‘ايران أولا’ وكل الاولويات والمقدرات توجه نحو هذا الجهد في ظل الاستعداد لدفع اثمان استراتيجية في ساحات اخرى. مدرسة اخرى تعتقد ‘سورية وحزب الله أولا’ وذلك انطلاقا من الفهم بانه يمكن ردع ايران والتجسيد لها للتصميم والقدرة الاسرائيلية في مواجهة اجتياز الخطوط الحمراء وكذا اضعاف قدرة الرد الايرانية من خلال ضرب حلفائها، الذين يشكلون قوة النار المتقدمة لها. ليس واضحا اذا كانت هذه الاعتبارات الاستراتيجية قد درست في السياق الذي سبق الهجوم ولكن عمليا، كنتيجة للعملية في سورية، فان اصحاب المدرسة الثانية تفوقوا على الاولى وبقي أن نرى اذا كانت ايران استوعبت رسالة التصميم الاسرائيلية من جهة وضعف حلفاء ايران من جهة اخرى.
في السطر الاخير، يصح الافتراض باحتمالية عالية بان الحدث لم ينتهِ، لا تكتيكيا ولا استراتيجيا. في المدى القصير المطلوب يقظة اعلى تجاه امكانية تصفية ‘الحساب المفتوح’ برد محدود و/أو متأخر، في الساحة الشمالية وفي الساحات الخارجية على حد سواء. استراتيجيا سيكون اصحاب القرار في اسرائيل مطالبين في المستقبل بان يقرروا هل سيواصلون العمل حيال تعاظم حزب الله بمنظومات سلاح متطورة وحرجة. عندما سيفكرون في اسرائيل في العملية التالية يجب أن تدرس المسألة، هي لا تزال الشروط الاسرائيلية تسمح بحرية العمل بمخاطرة متدنية لاسرائيل، أم أن تراكم الاحداث سيؤدي بالضرورة الى تصعيد غير مرغوب فيه. فرضية حرية العمل النسبية هي وهم لان هذه ذخر متآكل. فرضية تقول إنه اذا لم يكن رد مرتين فهذا سيكون في المرات التالية، قد تتبين خاطئة. ثمة ضغط متراكم على القيادات في الطرف الاخر للرد، الضغط الذي يمكن أن يدفعهم الى نقطة انكسار والى رد واسع وفي أعقابه يحتمل تصعيد خطير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الجبهة السورية والتوقع الاسرائيلي
بقلم:افرايم هليفي،عن يديعوت
النقاش في مسألة أي نظام في سورية هو الافضل بالنسبة لاسرائيل ليس في مكانه لسببين. الاول، ليس من شأن اسرائيل أن تقوم بدور متوج الملوك في دمشق، وليس لها القدرة على أن تحسم اي بديل افضل لها: استمرار حكم الاسد ام استبداله بآخر، فضلا عن ذلك، فان احداث السنتين الاخيرتين اثبتت ان قدرة اسرائيل على تقدير احتمالات بقاء الاسد محدودة، وحتى غير قائمة.
كل النبوءات عن نهايته القريبة ـ’في غضون أسابيع أو بضعة اشهر’ تبددت. خير نفعل اذا ما بقينا في الظل في كل ما يتعلق بالتنبؤ بمستقبل دمشق. وبدلا من ذلك، نحسن صنعا اذا ما أعدنا النظر في مصالحنا الحقيقية وفكرنا في سياستنا اليومية في ضوئها.
لاسرائيل مصلحة مركزية في تحقيق سلام مع جارها الشمالي.
منذ انشغل بذلك اسحق رابين حاول أربعة من خلفائه ـ رؤساء الوزراء شمعون بيرس، بنيامين نتنياهو (في ولايتيه)، ايهود باراك وايهود اولمرت ـ الوصول الى هذا الهدف من دون نجاح. وعلى مدى كل هذه الفترة الطويلة حكم في دمشق حافظ الاسد وابنه بشار.
في ظل عدم وجود سلام كانت لاسرائيل مصلحة مركزية في أن تضمن الا تبدأ سورية في معركة ضدها، وان تحافظ على اتفاق الفصل الذي تحقق بوساطة وزير الخارجية هنري كيسنجر في العام 1974. لقد حافظ الاسد الاب والاسد الابن على ذلك بعناية، حتى في الوقت الذي قاتل فيه الجيش الاسرائيلي والجيش السوري الواحد ضد الاخر على محور بيروت ـ دمشق في حرب لبنان الاولى، في 1982، وكذا في أثناء حرب لبنان الثانية، في 2006 عندما ضرب الجيش الاسرائيلي حزب الله، حليف سورية. في هذا السياق، من المهم أن يكون لاسرائيل شريك مستقبلي في المفاوضات على التسوية الدائمة بين الدولتين.
المصلحة الثانية لاسرائيل هي منع ايران من أن يكون لها معقل دائم في سورية. هزيمة ايرانية ستؤثر جدا على مكانتها وتبث شعاعها على تطلعاتها تجاه اسرائيل في ساحات اخرى. في هذا السياق لاسرائيل مصلحة مركزية اخرى: منع السلاح كاسر التعادل عن حزب الله، الذراع الطويلة لايران حيال اسرائيل. اسرائيل تكافح، وعن حق من ناحيتها، في سبيل الحفاظ على قدرتها على احباط هذه النية بكل الوسائل التي تحت تصرفها.
اسرائيل مطالبة بالعمل في اطار مجال من عدم اليقين للحفاظ على مصالحها الحقيقية. وللعبة القوى العظمى الولايات المتحدة وروسيا تأثير كبير على ما يكنه المستقبل. فالولايات المتحدة ترغب في رحيل بشار الاسد، ولكنها تقيد نفسها بالوسائل التي تستعد لتكريسها لهذا الهدف؛ أما روسيا فملتزمة بالحفاظ على هذا النظام، ولكنها تلمح بانها غير متمسكة بهذه الشخصية أو تلك في العصبة العلوية. وهكذا تختلف روسيا عن ايران، الملتزمة شخصيا ببشار الاسد.
مثلما كرس رئيس الوزراء نتنياهو في لقائه مع بوتين، وقتا وجهدا ليعرض معنى التهديد في توريد سلاح مضاد للطائرات كاسر للتعادل الى سورية، وعبرها الى حزب الله، ينبغي الامل في أن يكون كلف نفسه عناء الايضاح لمضيفه باقي مصالح اسرائيل ومجالات المناورة في جوانب اخرى من الواقع السوري. بذات القدر ينبغي الامل في ألا يكون الرئيس بوتين اكتفى بتحذير اسرائيل بعدم تعريض الاستقرار في المنطقة للخطر، بل ايضا بسط امام ضيفة مجالات مناورته، بقدر ما تتعلق باحتياجات اسرائيل.
لاسرائيل، للولايات المتحدة ولروسيا مصلحة في الوصول الى اتفاق سلام بين اسرائيل ودمشق، منع السباق الايراني نحو سلاح نووي ومنع الاخلال المتطرف بميزان القوى في الشرق الاوسط، مما سيجرف واشنطن وموسكو نحو مواجهة مسلحة في المنطقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مجرم حرب
بقلم:يوسي شاين،عن يديعوت
الأسد هو ، ونظامه إذا ما بقي، سيواصل كونه تهديدا لاسرائيل ولكن على مدى الزمن بقاؤه في الحكم ليس ضمانة للسلام في الحدود السورية.
يبدو أن المعارضة السورية هي الاخرى غير مستعدة ومنظمة لاستلام الحكم، وقوات الثوار غير قادرة على أن تطرح قيادة بديلة للنظام العلوي في دمشق. ويشكل انهيار سورية كدولة تهديدا لاسرائيل كون القوات المسلحة عديمة السيطرة مع ايديولوجيا جهادية يمكنها أن تجعل الحدود السورية منطقة حرب لهجمات الارهاب، إذن ما العمل؟
مثل الامريكيين والاوروبيين، ليس لدى اسرائيل أجوبة جيدة. في أمريكا يوجه انتقاد لاذع على العجز العملي لادارة اوباما في الساحة السورية. فالمثقف فؤاد عجمي يشجب بشدة الاهمال الامريكي، ويدعي ان الغرب يخاف من لحى الجهاديين أكثر مما يخاف من قتل الشعب، واضافة الى ذلك، فان الولايات المتحدة واوروبا غير قادرتين على الوقوف في وجه الحلف بين الاسد وبوتين.
في مثل هذا الوضع لا يمكن لاسرائيل ان تكون لاعبة متصدرة. علينا أن نتعاون كلاعب ثانوي في تصرف الغرب تجاه سورية، وان نتبنى بشكل قاطع أكثر موقفا أخلاقيا في مواجهة المأساة الانسانية الهائلة التي تدور أمام أبوابنا. نحو مئة الف قتيل، ومليون ونصف المليون لاجئ ودمار رهيب لا يمكنها أن تبقي اسرائيل منقطعة ولا مبالية. في كل الاحوال، علينا أن نطلق صوتا عاليا وأن نعلن بان الاسد هو وليس بديلا مناسبا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا تُشوشوا من فضلكم
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
هل يبقى الاسد أم لا يبقى على كرسيه؟ ليس هذا هو السؤال، بل السؤال هل يخدم بقاؤه في الحكم المصلحة الاسرائيلية أم لا.
إن المصلحة الاسرائيلية العليا ازاء الساحة السورية هي الامتناع بكل ثمن عن اشتعال عسكري. فالفوضى في سورية قد تُحدث وضعا تتحول فيه الحدود مع اسرائيل الى حدود ارهاب تسيطر عليها منظمات متطرفة يحركها حرس الثورة وحزب الله وجهات اخرى ـ وهو ما قد يجر اسرائيل الى حرب غير مرغوب فيها. والمصلحة الاسرائيلية الثانية في أهميتها هي منع انتقال سلاح تقليدي وكيميائي من الجيش السوري الى حزب الله، أو الى منظمات معادية اخرى، والمصلحة الثالثة في سلسلة الأولويات هي كسر محور الشر وإضعاف حزب الله وإبعاد الايرانيين عن الساحة السورية.
إن بقاء الاسد في منصبه لا يخدم أية واحدة من هذه المصالح الثلاث، لأن الاسد فقد شرعية حكم سورية ـ في نظر العالم العربي وفي نظر أكثر مواطنيه. فالمستبد المسؤول عن موت عشرات آلاف السوريين وبقاء ملايين آخرين لاجئين بلا سقف لا يمكنه الحصول على شرعية في العالم. ولهذا اذا كانت اسرائيل تبحث عن الاستقرار في سورية فليس الاسد هو العنوان بل بالعكس. فاستمرار توليه الحكم يقوي العناصر المتطرفة بين المتمردين ويُبعد احتمال التوصل الى تسوية ما داخلية في سورية.
ويدرك الروس ايضا ـ الذين يؤيدون الاسد علنا ـ أنه آخر حاكم علوي وأن الحكم سينتقل الى الأكثرية السنية. ويُحرك الروس مسار تحادث بين جميع الفصائل برعاية دولية، يرمي الى تنحية الاسد وانشاء حكومة انتقالية علمانية. واحتمال ذلك ضئيل. أما الامريكيون فأكثر صراحة، وقد قال نائب وزير الخارجية الامريكي وليام بيرنز في الاسبوع الماضي: ‘اذا أُريد اسقاط الاسد فانه ينبغي فعل ذلك الآن لأن 50 في المئة من البنية التحتية في سورية أصبح مدمرا’. ويبدو ان بيرنز أكثر قلقا من الجانب الاقتصادي وأقل من ذلك من الجانب الانساني، لأن إعمار سورية سيكلف العالم مالا كثيرا جدا ـ ولا سيما الادارة الامريكية.
تستطيع اسرائيل ان تشوش فقط فالعمليات العسكرية التي يفترض ان تُعجل بسقوط الاسد، أو الاقوال الهاذية في الصحف الاجنبية التي تؤيد بقاءه ـ وتُنسب الى رجال استخبارات اسرائيليين كبار ـ لا تخدم أية مصلحة اسرائيلية. وقد كانت الى ما قبل سنة فرصة نظرية للتأثير في استبدال نظام علماني بالنظام في سورية، بيد أن الوقت عمل في مصلحة المتمردين الاصوليين وأصبح ذلك اليوم متأخرا كثيرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الساحة السورية: مواجهة بين القوى العظمى
بقلم:د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
إن مصدر المفارقة التي أصبح الاسلام السني فيها، هو توقع الخلاص من الغرب ‘الصليبي’ خاصة. فهم يرون الآن أنه يفترض ان يقوم الغرب من أجلهم بالعمل القذر في سورية وفي ايران. وتتابع وسائل الاعلام العربية في هذه الاثناء البحث في اخفاقات الأطراف في محاربة اسرائيل، ووصف ما يجري في سورية في سياق ‘المؤامرات الصهيونية’. وهم يرون ان الساحة السورية هي مقبرة ‘الربيع العربي’ وان اسرائيل هي الرابحة.
بازاء رواسب الدم الدينية والطائفية في سورية تُرسم الخطوط الهيكلية لـ’الدويلات’ التي ستُقسم اليها: كردية وسنية وعلوية ـ مسيحية. ويلوح ان الاسد لن يستطيع في كل مخطط في المستقبل ان يحكم شعبه حتى ولا باستمرار الذبح والقمع.
رغم رهان الروس اليائس على الاسد وادراك ان مصيره قد حُسم، يتبين أنه لن يكون لروسيا في المستقبل القريب موطئ قدم في سورية. فالشعب السوري الذي أكثره من أهل السنة يحمل في قلبه كراهية عميقة للروس، الذين يعملون عليه. إن الحاجة الى الحفاظ على سوق السلاح وعلى ميناء المياه الدافئة وعلى موطئ القدم الروسي في الشرق الاوسط، لا يترك للروس خيارا. فهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولن يساعدوا على اسقاط حبيبهم الاسد مقابل أي إغراء.
إن الهجمات الجوية المنسوبة الى اسرائيل في سورية، التي أشارت للغرب أنه يمكن ضرب ايران ايضا، عرضت السلاح الروسي على أنه وسيلة خاوية. وأوجبت على الروس ان يعرضوا قدرة أكثر تقدما وردعا ومسؤولية أمام حلفائهم. ولذلك أمدوا السوريين بسلاح حديث وعجلوا الحرب الباردة. وأشار الروس بهذه الخطوة الى الغرب بأن التدخل الخارجي في سورية وايران لن يكون ممكنا.
دُفعت اسرائيل عن رغبة في الدفاع عن نفسها الى معركة عمالقة بين القوى العظمى مع دعم متردد من القوة العظمى الأم الامريكية. وإن احتمال أن تُمكّن روسيا من اجراء يجلب الى سورية نظاما مواليا لامريكا هو ثمرة خيال سياسي ساذج كوزير الخارجية الامريكي جون كيري وحده.
وفيما يتصل بايران، يشير الوضع في سورية الى ان المحور الشيعي يتفكك وأن الشعب السوري يكرههم كراهية عميقة، وان المواجهة العنيفة بين الشيعة والسنيين في دول محور العراق ولبنان حتمية. وتتمتع ايران في الوقت الحالي بحقيقة أن جميع الاضواء مسلطة على سورية، في حين تستمر هي في هدوء على تطوير القنبلة الذرية وعلى ارسال محاربين وسلاح الى حزب الله والاسد.
إن الوضع في سورية يكشف عن حقيقة أن ‘الحرب الباردة’ بين روسيا والغرب غير متكافئة. وينبع ذلك من التردد الامريكي الثابت ايضا في القضية الايرانية: فالقطب الروسي يؤيد علنا النظام السوري باعتباره جزءا من المحور الايراني مع العراق وحزب الله، ويرسل في تحدٍ سلاحا فتاكا الى النظام السوري، ولا يحسب حسابا لاسرائيل. لقد قوي الردع الروسي ازاء الضعف الامريكي.
وفي مقابل ذلك يُمد القطب الغربي وفيه امريكا وحلف شمال الاطلسي وتركيا والعرب المعارضة بالمال والتوجيه والدعم المادي والمعدات الداعمة للقتال، لكنه لا يتدخل مباشرة. وتنبع المعضلة الغربية من أن عناصر المعارضة متطرفون اسلاميون ليسوا أفضل من الاسد. وقد تعلم الامريكيون ان الاسلاميين الذين استعانوا بهم قتلوا الأفضلين منهم بعد ذلك. لكن كما لا توجه الذرة الايرانية على اسرائيل وحدها، فان السلاح الروسي ايضا لا يوجه عليها وحدها. إن حق الكلام هنا ايضا للامريكيين كما هي الحال في الشأن الايراني، ويوجد في الشأن السوري ما يُتحدث عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ