المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 415



Haneen
2013-06-10, 11:04 AM
اقلام واراء عربي 415
4/6/2013

في هذا الملــــف:

المشغول الأوحد بالقضية

بقلم: فهمي هويدي عن الشروق المصرية

حكومة الوقت الضائع!

بقلم: محمد العبد الله عن الأخبار البيروتية

الإسلام السياسي وإشكالية السلام مع “إسرائيل”

بقلم: ناجي صادق شراب عن الخليج الاماراتية

الإسرائيليون يردون التحية!

بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية

عقدة العصافير الفلسطينية

بقلم: لولوة غازي عن القدس العربي

مسؤولية أردوغان عن الربيع العربي

بقلم: الياس حرفوش عن الحياة اللندنية

نهاية السياسة!

بقلم: غسان الإمام عن الشرق الأوسط

هل التدخل الأميركي في الشؤون العربية أبدي؟!

بقلم: سلامة العكور عن الرأي الأردنية


المشغول الأوحد بالقضية
بقلم: فهمي هويدي عن الشروق المصرية
السيد جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى قلق على الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين، ويعتبر ان إسهامه الأبرز فى عملية السلام يتمثل فى تحسين أحوالهم من خلال ضخ مبلغ 4 مليارات دولار فى الاقتصاد الفلسطينى، فى إطار خطة «تعب» عليها هو السيد تونى بلير ممثل الرباعية الدولية. من شأنها تخفيض نسبة البطالة من 22٪ إلى 8٪ فقط وزيادة الناتج المحلى الفلسطينى بنسبة 50٪ خلال 3 سنوات. ولإنعاش الاقتصاد الفلسطينى فإنه طالب الإسرائيليين بالمصادقة على المشروعات الفلسطينية فى المنطقة (ج) الخاضعة للاحتلال التى منها إقامة مدينة سكنية وأخرى صناعية فى الأغوار ومشاريع سياحية على البحر الميت، ومناطق صناعية ومحطات لنقل الوقود والغاز فى أنحاء مختلفة من الضفة.
وبقدر ما ان كلامه عن الاقتصاد كان واضحا أمام المنتدى الاقتصادى العالمى (دافوس) الذى انعقد فى الأسبوع الماضى على ضفاف البحر الميت بالأردن، فإن حديثه عن الجانب السياسى كان غامضا وملتبسا، فقد ذكر أن الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى مطالبان باتخاذ «قرارات صعبة»، لم يشر إلى طبيعتها، ولكن المصادر الغربية تحدثت عما سمته «مبادرة» من جانبه دعت الطرفين إلى الشروع فى التفاوض على الحدود والأمن، ومطالبة إسرائيل بعدم طرح أو المصادقة على أى عطاءات للبناء فى المستوطنات أثناء المفاوضات وإطلاق الأسرى الفلسطينيين المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو. (وهى مقترحات رفضتها إسرائيل). وذكرت تلك المصادر ان مبادرة كيرى تلك ستكون الفرصة الأخيرة لإحلال السلام، ولن يحاول أحد بعده التدخل فى العملية.
اللافت للنظر أن وزير الخارجية الأمريكى ما إن غادر المنطقة بعد زيارته الرابعة التى قام بها منذ تسلمه منصبه فى فبراير الماضى (بمعدل زيارة كل شهر)، حتى أعلنت إسرائيل عن مشروعين لبناء ألف وحدة سكنية فى القدس الشرقية. الأمر الذى اعتبر تحديا علنيا لجهوده واستخفافا بمبادرته. وما كان لإسرائيل أن تخطو تلك الخطوة لولا أنها تدرك أنها فى الموقف الأقوى أمام الإدارة الأمريكية، التى أثبتت التجربة أنها خلال الفترة الثانية من حكم الرئيس أوباما على الأقل لا تملك استراتيجية واضحة للتعامل مع الشرق الأوسط عموما والقضية الفلسطينية خصوصا، لأسباب يطول شرحها. بعضها يتعلق بأولوية الشئون الداخلية الأمريكية والبعض الآخر وثيق الصلة بقوة نفوذ اللوبى الإسرائيلى فى الولايات المتحدة، والبعض الثالث راجع إلى تركيز النظر الأمريكى الخارجى على تنامى قوة الصين ومتغيرات الشرق الأقصى. وهى عوامل أدت إلى تراجع الاهتمام الأمريكى بالمنطقة وتهميش القضية الفلسطينية.
كما رأيت فإن مبادرة «الفرصة الأخيرة» للسيد جون كيرى انصبت على الاقتصاد ولم تتطرق إلى السياسة إلا فى حدود رفع العَتَب وإبراء الذمة. ومن المبالغة القول بأن انعاش الضفة هو الهدف، لأن الهدف الحقيقى هو تسكينها سواء ببيع وهم الرخاء للفلسطينيين أو بتشديد القبضة الأمنية عليهم، لتجنب انطلاق الانتفاضة الثالثة التى ستكون أعنف وأبعد بكثير من الانتفاضتين الأولى والثانية.
تحضرنا فى هذا السياق التصريحات التى أدلى بها أخيرا الدكتور حسن خريشة النائب الثانى لرئيس المجلس التشريعى الفلسطينى، وتحدث فيها عن مصير أموال المساعدات التى تتلقاها السلطة، وكيف انها وجهت إلى تعزيز الأجهزة الأمنية بحيث أصبح لكل 50 مواطنا رجل أمن يراقبهم. كما انها وسعت من قاعدة المستفيدين من السلطة التى شكلت 14 حكومة منذ انشائها فى عام 1994، وهذه الحكومات أسفرت عن ظهور جيش مواز ضم نحو 350 وزيرا يتقاضون رواتبهم مدى الحياة. بحيث صار لكل عشرة آلاف فلسطينى وزير. وكانت نتيجة ذلك أن المال العام ذهب إلى الأجهزة الأمنية وشرائح النخب وليس لأسر الشهداء والجرحى والفقراء (الحياة اللندنية ــ 25/5).
قبل أيام سألت الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى الدكتور رمضان شلح (أبوعبدالله) عن رأيه فى مدى الاهتمام بالقضية الفلسطينية فى ظل المتغيرات الراهنة، فكان رده ان واحدا فقط من المسئولين فى المنطقة هو الذى لايزال يركز فى القضية ويعطى كل وقته للتعاطى معها. وهذا الشخص ليس سوى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسراذىلى الذى يكرس كل وقته ويوظف كل حيله ومناوراته ويستثمر كل فرصة متاحة لتصفية القضية وإحكام إغلاق ملفها ومحو اسم فلسطين من الجغرافيا على الأقل. وربما شجعه الاسترخاء الحاصل على أن يحاول محوه من التاريخ أيضا.

حكومة الوقت الضائع!
بقلم: محمد العبد الله عن الأخبار البيروتية
أيام قليلة تفصلنا عن انتهاء المدة المستحقة لتشكيل حكومة جديدة في رام الله المحتلة. سلام فياض رئيس الحكومة كان قد تقدم في 7 نيسان/ أبريل باستقالة حكومته للمرة الثانية التي قبلها رئيس السلطة في 13 نيسان/ أبريل (المرة الأولى كانت في 23 شباط/ فبراير). واستناداً إلى القانون الأساسي، من المفترض أن يكلف رئيس السلطة شخصاً آخر لتشكيل حكومة تخلف الحكومة المستقيلة بعد أسبوعين على استقالتها في حد أقصى، على أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها خلال مدة أقصاها خمسة أسابيع. وبالنظر إلى استمرار فياض وحكومته بتصريف الأعمال طوال تلك المدة، فإن وجود هذه الحكومة سينتهي في الثاني من شهر حزيران المقبل.
اللافت في تطورات هذا المشهد، النتائج التي تمخض عنها اجتماع «المصالحة» الذي انعقد في القاهرة بين قيادتي فتح وحماس منتصف الشهر الماضي، الذي حدد تاريخ الرابع عشر من آب/ أغسطس موعداً لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، أي بعد ثلاثة أشهر من توقيع الاتفاق الأخير. هذا الوضع ترك الباب مفتوحاً على عدة خيارات من أجل ملء الفراغ الذي سيمتد من الثاني من حزيران وحتى منتصف شهر آب، الذي يبقى تاريخاً مندرجاً على لوائح الوعود غير القابلة للتنفيذ، كما عودتنا لقاءات وحوارات واتفاقيات «المصالحة الثنائية»! يراهن البعض داخل دوائر السلطة على إمكانية أن يعود رئيس السلطة إلى تكليف سلام فياض بتشكيل الحكومة الجديدة، انطلاقاً من أن المرحلة القادمة التي يعتقد الكثيرون أنها ستشهد انفراجات سياسية على ضوء الجولات المكوكية لوزير الخارجية الأميركية جون كيري الذي غادر الأراضي الفلسطينية بصفته «داعية سلام اقتصادي»، بعيداً عما أظهرته زيارته لسلطنة عُمان قبل وصوله إلى الأراضي المحتلة، من أنه «بائع سلاح». لكنه، في كل جولاته وزياراته للمنطقة، لا يعدو كونه المندوب والممثل الرسمي للسياسات الإمبريالية، القائمة على العدوان والتوسع والهيمنة. وانطلاقاً من أهمية الاقتصاد في فتح بوابات «السلام» على مصاريعها، كما يجهد في ذلك تجار/ سماسرة الانفتاح الاقتصادي من الفلسطينيين، الوكلاء المحليون لشركات الهيمنة الإمبريالية/ الصهيونية. يبرز سلام فياض على أنه الشخص الأكثر تأهيلاً وحرصاً كما تعتقد المؤسسات المالية، ومراكز صناعة القرار الغربية على تنفيذ سياسات الشراكة الاقتصادية، المؤسِّسة _ كما كرر مراراً _ لـ«السلام الدائم» الذي يتوهم دعاته بأنه قابل للتحقيق، لكن الوقائع على الأرض تؤكد عبر عقود الصراع المديدة لكل صاحب رؤية وطنية، على كونه سراباً. رئيس الوزراء المستقيل، كما ينقل عنه زواره والمقربون منه، لن يعود عن الاستقالة، وعن مغادرته للموقع الرسمي، الذي تحول على يد الرئيس وحزبه، إلى «موظف تابع» و«أمين صندوق».
كما يبدو، ستكون الاستقالة نهائية إذا لم تبرز عوامل مقنعة، أو رغبات «ضغوط» دولية لدفع فياض إلى العدول عنها، وخاصة أن رئيس السلطة قد أظهر رغبته أخيراً في استمرار فياض بالفترة القادمة إلى حين إجراء الانتخابات، في إشارة واضحة إلى إمكانية إعادة تكليفه مرة أخرى تشكيل الحكومة. لكن الإصرار على الاستقالة سيدفع رئيس السلطة إلى شخصية توافقية، تتداول أوساط متابعة لما يدور في غرف المقاطعة، أسماء رامي الحمد الله ومحمد مصطفى كأبرز المرشحين للتكليف الجديد. كذلك تبرز اجتهادات أخرى تطرح احتمال أن يقود عباس الوزارة في إشارة إلى حالة مشابهة تضمنها اتفاق الدوحة، في خرق واضح للقانون الأساسي. هذا الخرق الواضح في تجاوزات مباشرة للقانون تحت دعاوى «المصلحة الوطنية العليا!»، وهو ماثل للعيان من خلال انتهاء الفترة القانونية لكل من رئيس السلطة واللجنة التنفيذية والمجلس الوطني وعدد آخر من المؤسسات.
أما داخل الإطار القيادي للمنظمة (اللجنة التنفيذية)، فقد عكست تصريحات تيسير خالد حالة الإرباك والتخبط التي تعانيها تلك الهيئة القيادية في معالجتها لتشكيل الحكومة. لكن رئيس السلطة كان واضحاً عندما تحدث (السبت 25/5) خلال لقاء منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بالبحر الميت في الأردن، عن السياق الذي يجب أن تتشكل من خلاله الحكومة المقبلة التي يعتقد بعض المتفائلين أنها ستعلن، في منتصف آب/ أغسطس، «المصالحة الفلسطينية تحتاج إلى أمرين. الأول: تشكيل حكومة انتقالية من المستقلين. الثاني: إجراء الانتخابات»، مضيفاً: «عندما يتم ذلك، فإننا مستعدون فوراً لإجراء المصالحة الفلسطينية».
أما حكومة المرحلة الممتدة ما بين 2 حزيران و14 آب، فما زالت تنتظر المزيد من التطورات على أكثر من صعيد، والمشاورات مع أكثر من طرف. وللتذكير: الحكومة القادمة ستحمل الرقم 15 في سلسلة الحكومات التي تشكلت منذ عام 1994 ليصبح، كما صرح الدكتور حسن خريشة، النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، في حديثه المنشور قبل أسبوع: «عندنا جيش من الوزراء، ندفع رواتبهم لمدى الحياة، من الأموال التي ينبغي أن تذهب لأسر الشهداء والجرحى والفقراء»، مشيراً إلى «أنه بات لكل 10 آلاف فلسطيني... وزير!». هذه الوزارات هي «لزوم ما لا يلزم» لأنها تلعب في وقت بائس من تاريخ مأساتنا التي أعاد إنتاجها اتفاق إعلان المبادىء في أوسلو.

الإسلام السياسي وإشكالية السلام مع “إسرائيل”
بقلم: ناجي صادق شراب عن الخليج الاماراتية
الإسلام ليس مرتبطاً بحقبة أو بمرحلة زمنية معينة أو حتى ببروز جماعة أو قوة سياسية إسلامية، وليس مرتبطاً بحكم أو سلطة، بل هو حقيقة حياتية يدين بها أكثر من خمس سكان المعمورة، وهو حقيقة دينية لا يمكن إستبعادها من كينونة الحقائق الكونية . وهذا فارق بينه وبين حقبة الإسلاميين، أي حقبة صعود الإسلاميين للحكم والسلطة في أعقاب الثورات العربية التي أسقطت أنظمة حكم استبدادية سلطوية ما كان يمكن تصور الإطاحة بها، لتمنح القوى السياسية الإسلامية فرصة تاريخية في الوصول إلى الحكم، لسبب بسيط هو ضعف القوى السياسية المقابلة لها، ورغبة من الناس في منح هذه القوى فرصة الحكم من جراء ما رددته دائماً في خطابها الديني والسياسي من أنها حركات نقية لم يصبها الفساد، وتسعى لتحقيق الحرية والكرامة الإنسانية، وإن موقفها واضح بالنسبة لمعاداتها لقوى الشر من منظورها التي ينبغي التصدي لها، والمتمثلة في محور “إسرائيل” والولايات المتحدة . هنا تقع الإشكالية الكبرى التي تواجه هذه الحركات، لأنها هي التي تحكم، والحكم والسلطة لهما استحقاقاتهما الداخلية والخارجية . وهي الآن بين معادلة مزدوجة، ليس للإسلام كدين دور فيها، بل إشكالية الحكم، والقدرة على تثبيته والحفاظ عليه ليس لفترة رئاسية أو زمنية قصيرة، بل لفترة زمنية غير محددة، لأن الهدف الذي تسعى إليه هذه القوى أيضاً هو هدف غير محدد، وغير مرتبط بفترة زمنية أو بحدود مكانية، وهو هدف قيام دولة إسلامية أياً كان توصيفها، دولة أو خلافة .
والإشكاليات التي تواجه صعود الإسلاميين إلى قمة هرم بناء السلطة عديدة ولا حصر لها، وكل منها تحتاج إلى ورقة عمل مستفيضة، لكن أبرز هذه الإشكاليات، وأكثرها تعقيداً وتحدياً هو وجود “إسرائيل” كدولة في قلب الإقليم الذي يفترض أن تقوم عليه ما يسمى “دولة الخلافة الإسلامية”، وهو ما يعني بداهة التخلص منها واستئصالها أو على أقل تقدير احتواؤها . ويزداد الأمر تعقيداً أن المشكلة لا تكمن في كون “إسرائيل” دولة، ولكن في سعي “إسرائيل” لأن تفرض السلام الذي تريد، وأحد أهم مكونات هذا السلام ليس الاعتراف بها كدولة، لكن الاعتراف بها كدولة مركزية ومحورية يهودية لها دورها في تحديد حاضر هذه المنطقة ومستقبلها .
وهذا يتناقض تماماً مع مفهوم الدولة الإسلامية، بل إنه ينفيها تماماً .
هذه هي الإشكالية الكبرى، فكيف سيتم التعامل معها وبأي السيناريوهات والخيارات؟ وما يزيد الأمور تعقيداً أن العلاقة بين الإشكاليات التي تواجه صعود القوى الإسلامية هي علاقة تكاملية تبادلية، بمعنى أنه لا يمكن حل مشكلة انتظاراً لحل مشكلة أخرى، فالتعامل مع حقبة السلام “الإسرائيلي” يرتبط بتحدي الحكم واستمراره، ومرتبط بدوره بالتحدي الاقتصادي والقدرة على الاستجابة للاحتياجات والمطالب التي خلقتها الحراكات العربية التي تفوق قدرة أي حزب أو تنظيم في الحكم، إسلامياً أو غير إسلامي، لأنه مرتبط بالبعد الدولي، وبالقدرة على توفير المساعدات والدعم والمنح الدولية، أو بعبارة أخرى توفير المال الذي تتحكم فيه الولايات المتحدة و”إسرائيل” .
وإذا ما سلمنا بفرضية أن بؤرة التحديات أو البؤرة الأساس هي بؤرة الحكم والاستمرار فيه، فهذا له شروطه منها تحقيق إنجازات اقتصادية كبيرة وهذا خيار مستبعد في ضوء الانهيار والتراجع الاقتصادي، والأمر الآخر الإيفاء بالوعود الديمقراطية والقبول بقواعد الممارسة الديمقراطية وهذا أيضاً مستبعد . وكل هذا له ارتباط بشكل العلاقة مع “إسرائيل”، وللحفاظ على الهدف الأساس وهو الحكم لا بد من إيجاد حل للتعامل مع “إسرائيل” كدولة، وشروطها للسلام .
ففي السابق عندما كانت هذه القوى خارج الحكم استندت في مهاجمتها للحكم السابق، ولنزع الشرعية عنه إلى معاداة “إسرائيل” والولايات المتحدة، وتأكيد أن “إسرائيل” هي العدو الحقيقي الذي يواجه المشروع الإسلامي، ووقفت هذه القوى بجانب خيارات المقاومة، ولعبت قواها التنظيمية دوراً في هذه المقاومة .
الآن الصورة مختلفة تماماً، لم يعد الحكم السابق موجوداً، والحاجة كبيرة لكسب الشرعية الدولية التي من أحد متطلباتها الاعتراف ب”إسرائيل” . ولمحاولة الخروج من خيار المواجهة مع إشكالية “إسرائيل” والتسليم بوجودها بدت بعض مظاهر التغيير تبدو على الخطاب السياسي لهذه القوى التي ربطت ذلك باستجابة “إسرائيل” للتسوية السياسية مع الفلسطينيين، بقبول الدولة الفلسطينية، وقد يكون هذا أحد الخيارات للتعامل مع “إسرائيل”، لكن تبقى المشكلة الرئيسة هي التوفيق بين مشروع الدولة الإسلامية، وبين المشروع “الإسرائيلي” الذي يقوم على استبدال النظام الإقليمي العربي بنظام شرق أوسطي جديد محوره وقلبه “إسرائيل” .
مشروعان كل منهما ينفي وجود الآخر . . هذه إشكالية على القوى الإسلامية مواجهتها .

الإسرائيليون يردون التحية!
بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
بعد أيام قليلة على اعتراف رئيس السلطة «الفلسطينية» في رام الله محمود عباس بلا مواربة ولا مناورة وبلغة صريحة معلنة التزامه بالتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي منذ 2007 - وأنه لا يخجل من ذلك ولا ينكره، وأن هذه السلطة التي تقول إنها «وطنية وفلسطينية» أعادت للاحتلال «96» من جنود الاحتلال الاسرائيلي ممن يذيقون ابناء الشعب الفلسطيني الويلات، كلما اتيحت لهم الفرصة، وهؤلاء الذين اعادهم عباس «معززين مكرمين»!!! كما قال عباس، وهم من الذين يقتادون شبان فلسطين الى المعتقلات وغرف التعذيب، ولم تكد تصريحات عباس التي اصابت ابناء الشعب الفلسطيني الذي استذكر «صفقة شاليط»، بالصدمة لأنه بإعادته «المعززين المكرمين»، بالمجان.. أعلنت سلطات الاحتلال التي «تكرم وتعز» السلطة جنودها عن مخطط استيطاني جديد بالقدس الشرقية، في رد «التحية» لعباس وللسلطة.
سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تراعي إلا مصالحها، ومخططاتها التوسعية الاستيطانية، ولا تراعي حليفا أو صديقا أو حارسا لحدودها ومنسقا لأمنها الداخلي، أو مطاردا لمقاومي احتلالها، هذه المصالح، فهي لا تراعي حتى حارس بوابة الاجرام الاسرائيلي، والمقاتل الدائم والشرس عن المشروع الصهيوني في المنطقة، اي الولايات المتحدة الأميركية، العقبة الكأداء امام تطبيق القانون الدولي والشرعية الدولية على دولة الاحتلال الاسرائيلي، فهي لم تحترم الجهود التي يقوم بها وزير الخارجية الاميركي جون كيري لـ «جلب» المفاوض الفلسطيني الى طاولة المفاوضات «العبثية» .
إلا أن حكومة نتانياهو لم تتوقف عند «الحراك الاميركي»، فالاسرائيليون لا يريدون تنفيذ اقل من «100%» من مخططهم التهويدي، بصرف النظر عن الاسلوب، و عمن يغضب أو يرضى، وعلى العكس تماما السلطة «الفلسطينية» في رام الله التي تعمل 100% لصالح الأمن الاسرائيلي في ما يسمى بالتنسيق الامني، الذي اقترب عباس كثيرا من الافتخار به، وهو يحرم الشعب الفلسطيني من تمكينه إطلاق سراح آلاف الاسرى الفلسطينيين على غرار «صفقة شاليط» لو ترك للفلسطينيين الفرصة لاستثمار وجود الـ«96» جنديا إسرائيليا بين ايديهم.

عقدة العصافير الفلسطينية
بقلم: لولوة غازي عن القدس العربي
هل سيحقـــــق الشعب الفلسطيـــني آفاقا سلمية لاحداث المصالحة الوطنية بين حركة فتح فــــي رام اللــــه وحركة حماس في غزة وإنهاء مآسي الحرب الأهلــــية التي حدثت هناك في غزة؟ وكيف تنظــــر الحركتان الى تلك العربدة الاسرائيلية غير المسبوقة، كالتسريع في بناء المستوطنات وفرض الشروط المسبقة على أية معاهدة متوقعة بينهم وبين الفلسطينيين؟ وما هي طريقة تعاملها أيضا مع تلك المبادرات العربية الباهته لإنهاء الانقسام، التي ان حدثت بين فترة واخرى لا تنفذ قراراتها ولا يؤخذ بها على أرض الواقع.
وكما جاء في وكالة فلسطين برس للانباء مؤخرا فان محكمة تابعة لحركة حماس في غزة حكمت على ناشط في حركة فتح (يوسف عبدالملك أبوربيع) بالسجن 5 سنوات، وهو ناشط فتحاوي يعمل في الحرس الرئاسي برتبة نقيب، ليبدأ بعدها الجدال والطعن من حكومة فتح التي أبطلت هذا الحكم لانه يصدر عن محاكم غير شرعية، وأوضح المتحدث الرسمي لفتح أسامة القواسمي، أن تيار حماس السياسي في غزة يصر على تكريس الانقسام لتستمر حركات الاعتقالات والاهانات من حماس، وبعدها بأيام يستقبل الرئيس محمود عباس في رام الله النائبة المستقلة في المجلس التشريعي في غزة راوية الشوا، ويتناقشان حول القضايا المهمة التي تخص الشباب وتمنيات النائبة بكسر الحواجز وإنهاء الانقسام، كما جاء على صفحتها الفيسبوكية.
ومع هذه اللحظة لاوجود لأية حلول فعلية إيجابية، أو حتى بشائر كلامية على أرض الواقع الفلسطيني، لذا عوملت على أنها مشكلة وطنية شائكة من الطراز الاول، بل صعبة الحل، لأنها مازالت تلقي ظلالها السوداء القاتمة على مسيرة التقدم عند هذا الشعب الذي عانى ويعاني من ويـــلات الاحتلال الصهيوني اليومية المتكررة، فمن جراء ذلك كله نجد أن الشعب الفلسطيني أصبح لا يفكر فـــي إعــــادة حقوقه المشروعة التي سلبت تعسفا وجورا، كالديمقراطـــية أو حرية التظاهر والاعتصام أو حتى المقاومة المشـــروعة دوليا، ما ينتظره فقط ويفكر به الان هو إعادة وحدته الوطــــنية التي سلبتها يد قادته الفلسطينــــيين، ومطالبته المستمرة بالتوقف الفوري عن اية مماطلات سياسية، تصر على بقاء الانقسام على حالته المخزية تلك، وتفتح المجال الواسع لرسم خارطة شرق أوسطية جديدة على حساب القضية الفلسطينية.
لكن المحلل والمهتم لبمواقف الشعب الفلسطيني في رام الله وغزة يلاحظ معها خروج الفلسطينيين في الضفة الغربية يدا بيد في مظاهرات ضد عدوان الايام الثمانية وتضامنا بالمقام الأول مع أهالي غزة، وخروج الأخيرة أيضا هذا العام 2013 في مظاهرات وطنية تطالب بالوحدة الوطنية، ورفض إخراج غزة من المشروع الوطني، ومن قبله وقوف الشعب بأكمله في تشرين الثاني/نوفمبر السابق مؤيدا الرئيس عباس لذهابه الى الجمعية العامة للامم المتحدة، وما حدث في قرية باب الشمس ورموزها الرائعة. كل هذا وغيره الكثير يلقي الشعب من خلاله رسائله المتعددة للحكومتين حكومة حماس (المقالة) وحكومة فتح، بأن الشعب الفلسطيني لديه من الوعي السياسي والثقافي الكثير الكثير، وهو أكثر حيوية وإصرارا ولا يقبل بالفتات ولن يقبل بدولة بالقرب من سيناء أو بالقرب من الشيخ جويد مثلا، وإذا ركزنا قليلا على الشعب الفلسطيني الغزي، فهو من نظَم احتفالا مهرجانيا بمناسبة انطلاق حركة فتح البطولية، لانه يعد نفسه جزءا لا يتجزأ من حياة شعبه المناضل، وتاريخ الفلسطيني الغزي دوما معلن وواضح، فهو من أنقذ منظمة التحرير الفلسطينية عندما بدأت الأنظمة العربية تتجاهل أبوعمار في القمة العربية في عمان الأردن، وغزة هي من انتفضت في وجه فتح في صناديق الاقتراع عندما أحست أن هناك أمرا ممتهنا لابد من الوقوف في وجهه لتغييره، والشعب الغزي هو أول من رفض مخطط دايتون على سبيل المثال، الراغب في القضاء على الحركات السياسية المعارضة لحركة فتح. ومرة أخرى وبصراحة فان الشعب الفلسطيني بجميع شرائحة ونضم معهم بالطبع إخوتنا فلسطينيي عرب 48، ليس قطيعا من الغنم يقاد بل هو شعب مثقف فاهم للاحداث ومحلل لها أكثر من ساسته، وهو المطالب دوما من فترة إلى أخرى بسيادة القانون وإرساء القواعد السياسية والحسم الفوري لاي انقسام، لأن إسرائيل تحاول تأجيله بكل ما أوتيت من قوة لتنفيذ مخططاتها المعلنة وغير المعلنة.
وما أردنا قوله هنا ان هذا الشعب العظيم الذي عانى في حياته على مدار ما يزيد عن الستين عاما لن يستأذن من حكومته المتقاعسة التي لا تهمها الا مصالحها الشخصية، ضاربة بمصالح شعبها المسكين الذي لا يجد في أحيان كثيرة قوت يومه عرض الحائط سينتفض حتما بنفسه وبطريقته الخاصة، إذا لم تتحقق تلك المصالحة الوطنية ويزول هذا التباطؤ المتعمد ويزول معه رفض التسريع في حل المشاكل العالقة كمشكلة البطالة الكبيرة بين الشباب المتعلم وإفرازاتها الاجتماعية المخيفة ولتبق الصراحة الدائمة مع الشعب ونشر البيانات المباشرة وإخراجها علنا فور الانتهاء من أية معاهدة أو مؤتمر رسمي، لأن التغيير القادم الكبير بعد المصالحة مهم جدا وهو الإعلان عن قيام دولة فلسطينية قادرة على لمِ الشمل الفلسطيني والتعبير في نفس الوقت عن آمال وطموحات هذا الشعب المطحون والابتعاد عن أية وصايا خارجية عليه، فالشعب يريد الرعاية وليس الوصاية، إذا وجوب الاستجابة السريعة لرغبة الشارع الفلسطيني في المصالحة الوطنية أولا، خوفا من وقوع الشعب وحكومته في رام الله وحتى في غزة في فخ (عقدة العصافير) التي تحدث عنها القيادي الفلسطيني هاني الحسن، رحمه الله في برنامج ‘بلا حدود’ على قناة الجزيرة، وكيف أن العصفور الذي يمثل الفلسطيني بشعبه وقيادته يخاف ويتجمد عند رؤية الأفعى وعيونها المخفيفة، التي تمثل إملاءات اسرائيل والدول الكبرى، فإنه من المفترض أن يطير فورا، لكنه يصاب بالشلل الفكري فيتجه إلى فم الأفعى من شدة الخوف فيصبح وجبة سائغة وسهلة، لذلك وجب على القادة من فتح وحماس الحذر من الوقوع في هذه العقدة والاتجاه الفوري الى إنهاء الانقسام اللعين واجراء الحوار المباشر بين الاطراف المتصارعة ومطالبة الدول العربية بالضغط الاقتصادي على الدول الكبرى واسرائيل، حتى يتم طرح فكرة السلام مرة أخرى وبصورة جديدة تخدم ايضا المصالح الفلسطينية، والغاء الجدار العنصري، ووقف بناء المستعمرات، والتوقف الفوري عن تغيير الطبيعة الخاصة بمدينة القدس، والشعب لن يتجاوب ويكون له دور فعال الا بوجود المصالحة الوطنية والوحدة الداخلية في أقصى وقت ممكن، مما يتيح فتح فرص العمل للعناصر الشبابية والتفكير بترقية حياة الشعب أولا وأخيرا.
وهذه الامور كلها تدفع أي شعب مناضل الى التحرر من أي احتلال وشروطه التعسفية، لأية اتفاقية يراد عقدها، وهي بذلك ستمنح الشعب الفلسطيني حريته الانسانية المكفولة حسب بنود المنظمات الدولية، وأخيرا لن تتم هذه الأجواء الإيجابية إلا بالمصالحة الوطنية الفعلية لإحداث الوحدة الشعبية المطلوبة بين أبناء الشعب الواحد، وفتح صفحات جديدة بناءة وواعدة للطرفين .




مسؤولية أردوغان عن الربيع العربي
بقلم: الياس حرفوش عن الحياة اللندنية
كيفما نظرنا إلى الاضطرابات الأخيرة في تركيا، من الصعب قراءة هذه الأحداث خارج السياق الذي تجري فيه أحداث المنطقة والثورات التي قامت في وجه عدد من الأنظمة خلال العامين الماضيين، وصولاً الى الانفجار الحالي الذي يواجهه النظام السوري.
خرجت التظاهرات الحاشدة في شوارع المدن التركية للاحتجاج على السياسات الحكومية. وبلغت في بعض الحالات حد المطالبة بإسقاط حكومة رجب طيب اردوغان. وهو ما اعاد إلى الذاكرة النداءات التي طالبت بإسقاط الأنظمة في عواصم «الربيع العربي». بعض الاحتجاجات التركية أسبابه مباشرة تتعلق بإعادة تنظيم قسم من ساحة «تقسيم» الجميلة في قلب إسطنبول، وهو مشروع طرحه حزب «العدالة والتنمية» في برنامجه التي ترشح نوابه على أساسه في الانتخابات الأخيرة، وحصل على موافقة الناخبين. والبعض الآخر أسبابه متراكمة، لها علاقة بالاعتراض على سياسات اردوغان الموصوفة بمعاداتها للعلمانية وبأسلمة الدولة وبإبعادها عن ركائزها الأتاتوركية، وهو اعتراض يقوده حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، وعمر هذا الاعتراض ليس جديداً، بل هو من عمر وصول حزب اردوغان إلى الحكم قبل اكثر من عشر سنوات. ولهذا فمن السذاجة تجاهل العنصر الخارجي الذي ساهم في اشتعال أحداث كهذه في هذا الوقت، على خلفية الدور التركي في الأزمة السورية. وقد ظهر هذا العنصر بوضوح من خلال التفجيرات الأخيرة في بلدة الريحانية الحدودية.
لهذا السبب يأخذ الحدث التركي هذا الحجم، ويُنظر اليه من خلال بعده الإقليمي، بدل اعتباره مجرد حدث محلي، يمكن ان يحصل في أي مدينة غربية. وقد حصلت بالفعل مواجهات مشابهة في أوقات سابقة في عدد من المدن الأوروبية، من بينها باريس ولندن وروما وبرلين، وكانت أسبابها تتصل باحتجاجات وتظاهرات على سياسات حكومية، وتمت مواجهتها بعصي الشرطة وبخراطيم المياه، كما تم اعتقال أعداد كبيرة من المتظاهرين، بعد قيامهم بارتكاب اعتداءات على الأملاك العامة والخاصة.
غير ان ربط اضطرابات تركيا بالأحداث العربية يعود الى الدور الداعم الذي لعبته تركيا بقيادة حزب «العدالة والتنمية» في الانقلابات على الأنظمة العربية، وهو ما تعزز بالمواقف التصعيدية التي اتخذها اردوغان تجاه صديقه القديم رئيس النظام السوري. لهذا السبب وجد من تبقى من مناصري الأنظمة التي سقطت ان اضطرابات تركيا توفر فرصة ذهبية للشماتة بأردوغان وبحزبه، وذهبوا الى إطلاق عبارة «الربيع التركي» على المواجهات في المدن التركية، فيما لم يتردد وزير إعلام النظام السوري في دعوة اردوغان إلى «التنحي» بسبب سياسته «القمعية» ضد شعبه! ... وقاحة ما بعدها وقاحة.
هكذا كانت الحملات التي قامت بها الشرطة التركية ضد المتظاهرين سبباً لانتقاد ما جرى وصفه بـ «دكتاتورية» اردوغان. كما اتسعت دائرة الانتقادات لتشمل الأحزاب الإسلامية الحاكمة، في تونس ومصر خصوصاً، والتي تنظر الى حزب «العدالة والتنمية» كنموذج لها في الحكم، وللتحذير مما سيؤول اليه الأمر في سورية اذا سقط النظام فيها! وضمن هذا المنطق، الذي يقلب الوقائع رأساً على عقب، في اطار «التحليل»، تصبح الأنظمة التي راحت ضحية «الربيع العربي» أنظمة «ديموقراطية»، بينما يوصف الحزب الذي وصل الى الحكم ثلاث مرات عن طريق الانتخاب حزباً «دكتاتورياً»!
وبصرف النظر عن هذا «التحليل» الأعوج الذي تتميز به مع الأسف بعض كتابات الإعلام العربي، فإن حزب اردوغان يتحمل مسؤولية كبيرة عن نجاح تجربة الحكم الإسلامي في تركيا، كما في الدول العربية التي تنظر أنظمتها الى أنقرة كنموذج صالح للاستفادة من تجربته. من هذا المنطلق يجب التركيز على الطريقة التي يتعامل بها «العدالة والتنمية» مع احتجاجات الداخل التركي ومع الانتقادات الخارجية. فعندما يصف اردوغان المتظاهرين بـ «الرعاع»، وعندما يتهم المعارضين بتلفيق الأكاذيب ويهدد بنزول مليون شخص من مؤيديه الى الشوارع رداً على خصومه، فإنه لا يفعل سوى اداء خدمة كبيرة لمنتقديه، كما يلحق ضرراً بالغاً بتجربة الحكم التي يقودها في بلاده، كما بالتجارب الإسلامية الأخرى التي تسعى الى الاحتذاء به.
والسؤال الذي يواجه الحكم التركي هو مدى قدرته على تحمّل الصوت المعارض والتعايش معه. انها تجربة نجح فيها اردوغان حتى اليوم إلى حد كبير. ويفترض الاّ تسقط الآن تحت ضغط قوى الداخل والخارج التي تتربص بها.

نهاية السياسة!
بقلم: غسان الإمام عن الشرق الأوسط
كتب الأرمل المُتَيَّمُ على قبر زوجته الراحلة: «لقد انطفأ سراج حياتي». بعد سنوات من الوحدة القاسية، «تَعَثَّر» الرجل بامرأة أخرى أشعلت رغبته في الزواج. فذهب إلى قس الكنيسة يسأله حلا. هل يمحو الرثاء؟ حك القس رأسه. ثم قال له: «لا. يا بُني. فقط استكمل العبارة على القبر: لكني أضأت سراجا آخر».
هاجم دومينيك ستراوس كاهن، بضراوة الافتراس، الخادمة الفقيرة المسلمة، في غرفته بالفندق الفخم. فقضى الرجل الذي كان يدير صندوق النقد الدولي يوما. يومين، في ضيافة شرطة نيويورك. ثم استقال. وعاد إلى باريس ليستعيد طمأنينته بالقرب من زوجته نجمة التلفزيون آن سينكلير. ثم.. ثم أطفأ سراج حياته. ومن دون سؤال الحاخام، ظهر أخيرا على أغلفة المجلات وصفحاتها، وهو يمسك بسراج آخر أكثر جمالا. وتألقا. وشبابا!
أسأل نفسي، وأنا أتابع مسيرة هذا الاشتراكي المُتَمَرِّس: كيف يرتكب ستراوس كاهن خطأ مذهلا، وهو على وشك الجلوس في قصر الإليزيه رئيسا لفرنسا؟ رَتَقَ بارونات الحزب الاشتراكي الفَتْقَ، بالعثور على اشتراكي نظيف وطيب (فرنسوا أولاند) وأجلسوه في القصر.
لكن أزمة الاشتراكية، كمبدأ. ونظرية. وسلطة، ما زالت مستمرة. قرأت الاشتراكية المثالية عند القس سان سيمون. ثم بهرتني الاشتراكية الفابية البريطانية. فقد صنعت الحلف الصعب بين المثقفين وعمال البروليتاريا، ولتحقق عبر النضال النقابي السلمي والديمقراطي الطويل، مكاسب وضمانات للمجتمعات الغربية الأوروبية، لم تحققها الاشتراكية الماركسية بالعنف الدموي والثوري.
ماذا حدث للاشتراكية الحالمة بالمساواة وتكافؤ الفرص بين الطبقات، لتنتج أمثال دومينيك ستراوس كاهن، وجيروم كاهوزاك وزير الميزانية الاشتراكي الذي اكتشف زملاؤه الوزراء الاشتراكيون أن زميلهم الذي يطارد المتهربين من دفع الضرائب، فتح حسابين مصرفيين سريين في مصارف سويسرا. وسنغافورة.
علماء النفس والاجتماع الفرنسيون يجيبون بأن هناك شعورا لدى أولئك في السلطة بأن أحدا لا يستطيع منعهم. ثمة شعور آخر يخالجني بأن عجز السياسة عن تقديم حل بات أزمة أخلاقية عالمية. قبل الانتفاضات والثورات العربية، قدمت تفسيرا لظاهرة انسداد الحل، بأن النظام الجمهوري أقدم على إلغاء السياسة باستمرار لمدة خمسين سنة، الأمر الذي أدى إلى تعطله. ثم انهياره.
النظام الانتفاضي الجديد يكاد ينهي أمل الناس المحتجين، بإحياء السياسة. العرب الآن أمام أزمة جديدة: سقوط السياسة. أو بالأحرى «نهاية السياسة». أميركا مارست السياسة باختراع الإنترنت. نزل شباب الإنترنت إلى الشارع. ففاجأتهم أميركا بتسليم السلطة إلى الإسلام السياسي (الإخواني)، ظنا أنه يشبه الإسلام التركي الذي سمح بالسياسة، من خلال الجرأة على تكييف الإسلام مع الديمقراطية.
ماذا تعني نهاية السياسة؟ إنها عجز النظام. والتنظيم. والحزب. والمجتمع المدني، عن ممارسة لعبة المساومة والتسوية السلمية، عبر مؤسسات شعبية منتخبة (السلطة التشريعية) تؤمن بالحوار الهادئ والعقلاني. بدلا من ذلك، اختفى شباب الإنترنت. ونزلت إلى الشوارع قوى شبابية أخرى أقرب إلى الدهماء. فهي لا تعرف لماذا تُناوش بالعنف المتأسلمين الذين خطفوا السلطة. ولا تعرف ماذا تعني «أخونة» السلطة. والأمن. والثقافة. والفن...
في تونس، اختفت قوى الحوار السلمي أمام عنف المنظمة الجهادية/ التكفيرية المسلحة التي استفادت شعبيا، من ظاهرة تعرية صدور النساء. أما في سوريا، فلم يعرف رئيس شاب بلا تجربة سياسية، كيف يتعامل باحترام مع سلمية الانتفاضة النبيلة.
لماذا تجد روسيا نفسها في صف دول تستخدم العنف لإلغاء السياسة. أو تسقط السياسة بعنف القمع؟ لأن «القوميسار» بوتين قضى على فساد نظام معلمه يلتسين، بإحياء الشوفينية (التعصب القومي). فاستعاد سيطرة الدولة على الثروة الوطنية (موارد النفط والغاز). يغالط بوتين السياسة عندما يزعم أنه يزود بشار بالسلاح. بموجب عقود تسليح سابقة! العرب الذين ساهموا بدفع ديون سوريا إلى روسيا، يعلمون أن بوتين امتنع عن تصدير السلاح، إلا إذا قبض الثمن سلفا. هو الآن يصدِّر السلاح مجانا، لأن مصلحة روسيا التقت مع مصلحة نظام القتل والدمار.
إذا كانت روسيا لا تملك تراثا حضاريا ديمقراطيا، يمنعها أخلاقيا من التحالف مع دول مارقة، فلماذا تعطلت بوتقة الصهر الاجتماعي في المجتمع الأميركي؟! هنا تملكت ثقافة العنف والجنس المجتمع. فعطلت بوتقة الصهر. وعطلت أيضا السياسة والتسوية السلمية في المؤسسة الديمقراطية المنتخبة (الكونغرس بمجلسيه للشيوخ والنواب).
عجز الرئيس أوباما عن استخدام القانون، لمنع ترويج ثقافة اقتناء السلاح الفردي. لأن لوبي تجار السلاح الذي يموِّل حملات الساسة الانتخابية، أقوى من الدولة. بات بإمكان المراهق شراء السلاح، ليقتل أمه وأباه. ثم يذهب لينسف مبنى حكوميا غاصا بالموظفين. أو ليقتحم مدرسته. فيقتل عشرات التلامذة. والمدرسات. والمدرسين.
ليس لوبي السلاح وحده المسؤول. إنها مسؤولية الثقافة الشعبية التي أشاعت العنف والجنس، بأفلام العنف. ومسلسلات التلفزيون. وألعاب الفيديو. وحرية البذاءة في الإنترنت.
كان العالم المحكوم بآيديولوجيات الحرب الباردة وتوازن الردع النووي أكثر انضباطا وأقل خطرا. سقوط الآيديولوجيا مع عجز السياسة والدبلوماسية، أشاع عنف «الفوضى الخلّاقة»، و«الحرب الوقائية» ضد العدو الجديد: الجهادية التكفيرية التي لا تستطيع حكم المجتمع العربي. لكن تستطيع أن تروِّعه مع مجتمعات العالم، بالعمليات الانتحارية، لأنها عاجزة عن استخدام فقه التسامح الديني مع الجميع.
حتى في لبنان، حيث عزز اتفاق الطائف ديمقراطية المساواة السياسية بين الطوائف، فقد باتت الطبقة السياسية عاجزة عن التحكم والسيطرة على مسلحي «المحاور الشارعية» التي مزقت سلام المجتمع المدني. وألهبت الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة.
سقوط السياسة أنهى الحوار السلمي بين الطوائف. والدولة. والحزب الميليشيوي المسلح. عَجَزَ الساسة عن الاتفاق على كيفية انتخاب مجلس النواب، وتشكيل الحكومة الجديدة. وباتت تيارات السنة تميل إلى عدم مشاركة حزب الشيعة في الحكومة، بعد تورطه في الحرب السورية، بأوامر من الدولة الفارسية.
ما الحل. لا حل. فقد انطفأ سراج الفيلسوف ديوجين. هل يمكن إضاءة سراج آخر؟ كان ميشال سليمان أول رئيس في تاريخ لبنان الاستقلالي يملك الجرأة على الكلام علنا. ببراءة. بصراحة. أثبت هذا المسيحي الماروني الجريء المتواضع أن العرب ما زالوا يملكون على اختلاف انتماءاتهم مُكَوِّنات الأمة: الثقافة. العاطفة. المصلحة. اللغة الواحدة.
قال لي بشار يوما: «يجب أن تعود إلى سوريا. فنحن نقرؤك». كنت أول من سأله عن الديمقراطية والحرية، وهو يتأهب لوراثة أبيه المتعب. فقال كثيرا. وفعل قليلا. لم أعد. فقد فهمت منه أن السوريين غير مؤهلين للديمقراطية. صدق حدسي. تكلّفت الأخطاء المروِّعة بإطفاء سراج الأمل في النفس. أشعر وأنا أستمع إلى ميشال سليمان، وهو يتحدث ببراءة الأمل، عن تألمه لما يحدث في سوريا، مطالبا الحزب الشيعي بالانسحاب منها، بأن الصدق في السياسة قادر على إشعال سراج آخر.

هل التدخل الأميركي في الشؤون العربية أبدي؟!
بقلم: سلامة العكور عن الرأي الأردنية
اعتادت الولايات المتحدة الأميركية على التدخل في شؤون الدول العربية وفي شؤون شعوبها وأحزابها وقواها السياسية والاجتماعية وكأنها تابعة لنفوذها وخاضعة لارادتها الاستعمارية.. والدولة او الحزب او المنظمة التي تعارض سياستها الاستعمارية تعمل على تقويض أركانها او شطبها من على أرض الواقع او تجزئتها على الأقل..
وها هي الولايات المتحدة الأميركية تصادر «الربيع العربي» لكل دولة عربية شهدت ثورة او انتفاضة شعبية وتعمل على مصادرتها لتدور في فلكها..
لقد تدخلت في مصر وتونس وليبيا واليمن أما عسكريا او سياسيا وها هي تتدخل في سوريا سياسيا وعسكريا من خلال تزويد «القاعدة» والتكفيريين بالمال والسلاح.. فهي تسعى لتدمير سوريا وليس لاسقاط نظام بشار الأسد فحسب.. وذلك من أجل ضمان أمن اسرائيل وضمان تفوقها العسكري على الدول العربية مجتمعة..
لذلك فانها تراقب تطورات القتال الضاري بين قوات النظام وبين المنظمات الارهابية والتكفيرية، للتدخل في صالح هذه المنظمات التي تحمل شعارات المعارضة.. وها هي جنيفر بساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تشن هجوما على النظام السوري وعلى حزب الله الذي يدعمه في حربه ضد المنظمات الارهابية.. وتطالب حزب الله بالانسحاب فورا وبدون تردد من سوريا مهددة اياه بالثبور وبعظائم الأمور.. لقد لاحظت واشنطن أن مجرى القتال في هذه الحرب المجنونة أصبح يميل في صالح سوريا، وأن قوات مايسمى «المعارضة» في تراجع.. فسارعت الى التدخل والتهديد والوعيد.. وفي الوقت الذي تتوافق فيه الادارة الأميركية مع حكومة روسيا على أحياء اتفاق جنيف للحل السياسي، فانها ما انفكت تزود أطراف ما يسمى المعارضة بالمال والسلاح المتطور.. أي أنها تعمل على تصعيد الحرب وتأجيج حرائقها وصولا الى انهيار النظام السوري او اجباره على التسليم بشروط «القاعدة « والتكفيريين التي هي شروط واشنطن وتل أبيب..
أما الكلام الكثير عن استبدال النظام السوري الحالي بنظام ديمقراطي تعددي يضمن العدل والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع فلم يعد واردا على أجندة أطراف « المعارضة « المسلحة التي تقاتل للوصول الى سدة الحكم وبأي ثمن..
واذا كانت واشنطن جادة في تهديداتها بالتدخل عسكريا في الأزمة السورية، فان حروبا اقليمية او حتى دولية من صنع الادارة الأميركية وأدواتها ستكون وشيكة..
وهكذا حروب لن تكون في صالح دول الجوار في المنطقة أبدا.. فهكذا حروب لن تتمحض الا عن الكوارث والويلات والدمار الشامل.. ولن تكون أي دولة في المنطقة بمنأى عن حرائق هذه الحروب.