Haneen
2013-06-10, 11:08 AM
اقلام واراء عربي 417
6/6/2013
في هذا الملــــف:
كيف ستحسم إسرائيل الصراع على طريقتها؟
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
سيناء وغزة والجولان وطبول الحرب؟
د. حسام الوحيدي/القدس العربي
الصهيونية والخوف من الصحوة الأميركية
منح الصلح/الرياض السعودية
نتنياهو لعباس: امنح السلام فرصة
حلمي موسى/السفير اللبنانية
هل تراجعت السياسة الأمريكية الشرق أوسطية؟
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
مبادرات كيري الشـرق اوسطية
عبدالله محمد القاق/الدستور الأردنية
تحذير كيري
محمد عبيد/دار الخليج
الإسراء والمعراج تستنهض الأمة لتحرير الأقصى
رأي الدستور الأردنية
عن هزيمة حزيران بالمناسبة ..
عودة عودة/الرأي الأردنية
في ذكرى 5 حزيران
معن البياري/البيان الإماراتية
هزيمة 5 يونيو بعد 46 عاما
داود البصري(كاتب عراقي)/السياسة الكويتية
في ذكرى 5 يونيو هل تعلم العرب الدرس جيداً?
د.علاء الدين الفرارجي(عضو الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية)/السياسة الكويتية
فى ذكرى الهزيمة
حسن نافعة/المصري اليوم
اليوم التالي للهزيمة!
حلمي الأسمر/الدستور الأردنية
حزيران .. الوجع الدائم
رشيد حسن/الدستور الأردنية
نكسة منسية
حسين درويش/البيان الإماراتية
حفلة سمر 5 حزيران
اسامة الرنتيسي /العرب اليوم
نكبة فلسطين.. واستقلال إريتريا
محمد مسوكر(كاتب في شؤون القرن الأفريقي)/القدس العربي
القدس
ابن الديرة/دار الخليج
«عرب آيدول» : الفن والغناء خط الدفاع الأخير عن الوحدة الوطنية!
د. خالد الحروب/الدستور الأردنية
الحروب الأهلية العربية بدل محاربة إسرائيل
د. صبحي غندور/البيان الإماراتية
يجرّمون نصر الله وحزبه.. ماذا يريدون؟
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
هل يعتبر القرضاوي؟
طارق محمد الناصر/الرياض السعودية
القصير: نصر الله قلب المعادلة
عبد الباري عطوان/القدس العربي
مصر تهدد اثيوبيا بالحرب
رأي القدس العربي
لو عبدالناصر عايش كان لبسكم الطرح
حمدي رزق/المصري اليوم
كيف ستحسم إسرائيل الصراع على طريقتها؟
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
من الواضح أن المعركة الأهم التي تقودها إسرائيل على الأرض هي معركة فرض الوقائع وتبديد الجهود، فالحرب الاستيطانية المستمرة في قلب وأطراف الضفة الغربية تستهدف توسيع دائرة التمدد العمراني، بحيث تصبح إقامة الدولة الفلسطينية حديثاً من الماضي، خاصة مع الطرح المتجدد لمبدأ تبادل الأراضي وقناعة إسرائيل بأن الضغط الاستيطاني سيولد مزيدا من إعادة النظر عربياً بحجم المطالب الفلسطينية، ودعوة أممية للقيادات العربية بتبني الواقعية وقبول مبدأ التخلي عن المزيد من الأرض.
يوازي هذا الأمر تفّنين في إضاعة الجهد الذي يبذله أي كان باتجاه احياء فرص السلام، أو حتى المحادثات التي تقود إليه، تارة بالإعلان عن بناء المزيد من المستوطنات واعتبار أن هذا الإعلان لا يؤثر على فرص السلام، وتارة بالتذرع بالتركيبة الحكومية الإسرائيلية التي لا تعطي نتنياهو، كما يقولون، مساحة للمناورة، وتارة أخرى بالادعاء أن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة وإنما هي أرض متنازع عليها، مما يعطي إسرائيل الحق، حسب رأي أصحاب مشروعها الاستيطاني، في التمدد ومصادرة الأراضي وبناء جدارها العنصري في أي مربع ومساحة وأرضٍ ترتأيها.
وكلما أشيع عن فرصة لإحياء مفاوضات السلام أو حتى الحديث عن السلام ذاته، رأينا ما رأيناه ونراه من عطاءات للبناء الاستيطاني وقوانين عنصرية وتصعيدٍ واضحٍ في الإجراءات الاحتلالية من هدم للبيوت ومصادرة للأراضي وتهجيرٍ للناس من أراضيها وأماكن سكناها.
إذاً أين تتجه إسرائيل في احتلالها هذا؟ وما هي الطريقة الإسرائيلية لحسم الصراع؟ مجريات الأمور تؤكد أن إسرائيل استهوت فكرة الإدعاء بالانسحاب الأحادي الجانب بعد تجربة غزة، وإن كانت قد استخدمت هذا الانسحاب لأغراض دعائية، تارة بالادعاء بأنها بانسحابها إنما تجنح نحو السلام وهي تهدم مستوطناتها بيديها في غزة، وتارة في استعطاف العالم بلعب دور الضحية في معركة الأمن، والإدعاء بأنها انسحبت من غزة لكنها واجهت الصواريخ التي تتساقط عليها مما مكنها من شرعنة احتياجاتها الأمنية وبناء منظومة دفاعية وهجومية جديدة.
وأمام استمرار المشروع الاستيطاني و’تبّخر’ الأرض العربية حتى أثناء كتابة كلماتي هذه، والرفــــــض الإسرائيــلي لما يطرحه البعض من أبناء جلدتنا حول الدولة الواحدة، في ظل اعتبارات إسرائيلية قائمة على محاربة القنبلة السكانية الفلسطينية بعزلها والتمادي في التطهير والتهجير والتهويد، فإن من حقنا جميعاً أن نسأل عن مآل الأمور والسيناريو الإسرائيلي المتوقع لحسم الصراع؟
المراقب للأمور يعلم أن إسرائيل لن تقبل بدولة فلسطينية في الضفة الغربية ولن تقبل بالدولة الواحدة ولن تقبل بأي ترتيبات مستقبلية خاصة بالقدس أو اللاجئين في ظل أي اتفاق، ولن تقبل بحدود الرابع من حزيران، ولا حتى حل الدولتين ولا التنازل عن المستوطنات حتى وسط الضغوط باتجاه مبادرات ما يسمى ‘بحسن النوايا’، لذا فإن إسرائيل ربما وهذه احتمالية كبيرة تتجه نحو التالي: استكمال بناء جدار الفصل العنصري بعد مصادرة أراضي التوسع الاستيطاني، والإعلان عن الانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية، والضغط من خلالهما ومن خلال حلفائها على الأردن لتولي إدارة ما تبقى من الضفة الغربية مقابل حزم اقتصادية وإغراءات مالية لهذا البلد الذي يعاني من ارتفاع المديونية وتدفق اللاجئين السوريين عبر حدوده.
هذا السيناريو الذي لا شك انه يدور في مخيلة القيادة الأردنية، كما يشغل بال الجميع فلسطينياً ليس بالمقبول لا أردنياً ولا فلسطينيناً لاعتبارات عدة، فالأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين، تماماً كما أكدت القيادتان في الأردن وفلسطين، وتشديد الجميع على رفض محاولات إسرائيل فرض الوطن البديل وتصدير دولة مراقبة في الأمم المتحدة أو تجييرها لصالح دولة أخرى. هذا الأمر وإن سعت إسرائيل إلى ترسيخه هو شكل متطور لاستعمار جديد ومحاولة مستميتة لوأد حقوق شعبٍ بأكمله.
الهدف الفلسطيني اليوم يجب أن يتمحور حول سياسة التخريب، تخريب هذا السيناريو وتعطيله، من خلال إنهاء الانقسام وتصعيد المقاومة الشعبية وزيادة وتيرة مقاطعة دولة الاحتلال وفضح ممارساتها وتنشيط الضغط الفلسطيني نحو استخدام الوسائل التقنية الشائعة اليوم باتجاه اطلاع متزايد ومتصاعد للعالم على الممارسات الإسرائيلية. سياسة المناورة الإسرائيلية وهدر الوقت باتت مفضوحة، لكن غالباً ما يطلب من الفلسطينيين التحلي بالصبر، وبأن اختراقاً ما سيحصل.الاختراق الواضح هو ما تمارسه الآليات الإسرائيلية الثقيلة على الأرض، وهو اختراق لادعاءات المؤسسة الإعلامية الإسرائيلية ذاتها التي تروج لنوايا السلام المزعومة، واختراقات مستمرة للقرارات الدولية والقانون الدولي ونوايا الوسطاء وحتى أصوات الدول التي أقرت بالحق الفلسطيني.
هذا الاحتلال الذي لا يعير بالاً إلا لإرادته يجب أن يلقى منا توجهاً واضحاً لرفع تكلفة بقائه بكل السبل وإفقاده لجدوى هذا البقاء واستمراره. ولربما من المفيد دراسة إعادة النظر بسقف المطالب الفلسطينية عندما نكتشف قريباً ومن جديد بأن الاحتلال لديه بند واحد على إجندته وهو استدامته واستكمال مشروعه.
سيناء وغزة والجولان وطبول الحرب؟
د. حسام الوحيدي/القدس العربي
يا لها من مفارقة غريبة، تخرج منطقتنا من أزمة وتدخل في أزمة أُخرى، في أوج حالة الاستقرار التي شهدتها مصر إبان ادارة الرئيس المصري حسني مبارك، لم تكن سيناء بحدودها الممتدة الطويلة بمنأى عما يجري في المنطقة، حيث كانت وما زالت مقيدة باتفاقيات كامب ديفيد، ولكنها كانت تعج بالمهربين، سواء كان تهريب البشر الأفارقة من جنوب القارة الى الحدود مع اسرائيل او انواع شتى من التهريب، ولكن هذه التجاوزات كانت مضبطة الى حد ما، دخلت ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر ودخلت الثورة الليبية متزامنة مع حالة عدم الاستقرار والانقسام والاستحواذ على الحكم في الطرف الفلسطيني من قطاع غزة، وفاز الرئيس محمد مرسي في الانتخابات المصرية واستحوذ الاخوان على الحكم في مصر، جميع هذه العوامل أدخلت سيناء في حالة من التشرذم وعدم الاستقرار، واصبح التهريب على أوجه، بل اصبحت سيناء ملاذاً للخارجين على القانون مما ساهم في بناء خط تهريب دولي ابتداءً من الاراضي الليبية ومروراً بسيناء ووصولاً الى الاراضي الفلسطينية في قطاع غزة، حيث اصبحت غزة تعج بالمخدرات ومعارض سيارات فارهة مهربة عبر الانفاق حتى انه قيل ان موبايلات آي فون 5 دخلت غزة قبل دبي، وراجت تجارة الانفاق في غزة، فحالة التحول السياسي الديمقراطي الذي شهدته الساحة المصرية أوصل الاخوان الى دفة الحكم لم يكن لصالح سيناء، وحالة الانقسام والتشرذم والانقلاب الذي شهدته الساحة الفلسطينية في قطاع غزة لم يكن لصالح الشعب الفلسطيني ولا لصالح القضية الفلسطينية .
حزب الله وعلى لسان زعيمه السيد حسن نصر الله اصر على أن النظام السوري لن يسقط لأن هناك جهات تدعمه، وعندما يعلن الأخضر الابراهيمي المبعوث الاممي حاليا، والعربي سابقا، انه سيخرج من هذه المعادلة، وعندما تكشف الولايات المتحدة عن مناورات تحت مياه الخليج العربي لمنع نشر ألغام أو اغلاق مضيق هرمز، حيث تمر الصادرات النفطية الى العالم، هل نستنتج انه دُقت طبول الحرب؟
يبدو أن الحلول السياسية للملفين الايراني والسوري لم تفلح، ويبدو أن الحلول العسكرية تتقدم وبسرعة أكبر من حساباتنا؟
الاعلام المرئي والمقروء كشف النقاب على ان سورية نصبت بطاريات صواريخ موجهة الى اسرائيل، وذلك عقب قيام اسرائيل بقصف منشأة عسكرية سورية شمال العاصمة دمشق فجر يوم امس الاحد. من جانبه قال وزير الاعلام السوري في مؤتمر صحافي اعقب اجتماعا عاجلا لمجلس الوزراء السوري إن الاعتداء الاسرائيلي يفتح الباب أمام كل الخيارات.
بدورها ادانت مصر ‘العدوان الإسرائيلي’ على سورية، معتبرة انه ‘انتهاك للمبادئ والقوانين الدولية’، فيما دعت الجامعة العربية مجلس الامن الى ‘تحرك فوري لوقف الاعتداءات الاسرائيلية’. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية نقلته وكالة ‘فرانس برس′ ان ‘مصر تدين العدوان الاسرائيلي على سورية’ وتعتبره ‘انتهاكا للمبادئ والقوانين الدولية، ومن شأنه ان يزيد الوضع تعقيدا فضلا عن تهديده الامن والاستقرار في المنطقة’. حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة، وحالة شبه فشل الحكم التي تشهدها سيناء، وحالة العنف والعنف المضاد في سورية، وحالة الترقب في الجولان، وحالة التريث في جنوب لبنان، وحالة العدوان الاسرائيلي الاخير على سورية، وحالة غزة التي أفرزت الانقسام الفلسطيني، يطرح اسئلة متعددة: هل دُقت طبول الحرب؟ هل ستشهد المنطقة اكثر من جبهة؟ هل سيزداد طول خط التهريب الدولي ليشمل كل دول الطوق؟
الصهيونية والخوف من الصحوة الأميركية
منح الصلح/الرياض السعودية
منذ اختارت اليهودية أرض فلسطين وطناً لها وجدت نفسها في مواجهة مع شعوب وأمم متكاثرة كلها متشبثة بملكية الأرض، فكل من ولد في تلك الارض قبل وجود اليهودية والمسيحية والاسلام اعتبر نفسه صاحب الارض من منطلق الاسبقية فكل من ادعاها قبل غيره كان الأحق بالتعامل معه على أنه صاحبها
لم يغالِ اللبنانيون خلافاً للكثير من الدول العربية في مدح رؤسائهم ولكنهم لم يقصروا خصوصاً في لغتهم العامية بوصف جمال الطبيعة اللبنانية كقول الشاعر: لبنان يا قطعة سما، والحمد لله ان ذلك كان مقصوراً على الشعر الزجلي حيث المبالغة مطلوبة عادة وليست مسموحاً بها فقط. أما في الفصحى فهناك التزام فيها بالمألوف على أدق صورة.
بل إن اللبنانيين والمسيحيين منهم خصوصاً ملتزمون عادة بهذا النهج أكثر من سواهم فالشاعر المسيحي القديم الأخطل كان ممدوحا ومكرَّما من الجمهور على أنه من فحول اللغة، وهناك روايات تقال عنه إنه كان يمدح الملوك المسلمين والصليب مرسوم على صدره، بما يشهد للتراث الثقافي العربي بأنه لم يكن يتأثر بالصبغة الدينية في تقييم مراتب الشعراء.
هكذا كان الوضع في عصور الخلفاء وهكذا استمر في العصرين الأموي والعباسي وما بعدهما، مما لم يحصل شبيه له في تواريخ دول كثيرة آسيوية وأفريقية وأندلسية.
وإذا كان المستشرق الفرنسي غوستاف لوبون قد أشار الى ذلك أكثر من مرة في كتاباته فإن غيره أيضاً بقي على هذه السنة، لا سيما في الأندلس حيث كان التقدير قائماً على أساس جودة الانتاج الادبي بقطع النظر عن أي اعتبار آخر، وهنا لا بد من القول إن الاسلام في الاندلس رعى الانتاج الثقافي بقطع النظر عن دين الكاتب والشاعر فهذه وإن منعها المسلمون عسكرياً إلا أنهم تصرفوا تصرف أهلها من المسيحيين وربما أفضل.
ولوبون هو الذي قال: "ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب"، الا إنه لم يتفرد في ذلك بل إن عدداً كبيراً من المستشرقين الفرنسيين والاسبانيين والطليان التزموا هذه الروحية في تقديم الكتابات العربية لمسلمين بارزين ذوي مكانة في بلادهم. فهذه المقولة على عكس ما أرادت أن تقوله الكتب المؤلفة بغاية النيل من دور العرب والمسلمين في تاريخ البشرية.
وحسب ما قال أحدهم إن الحملة على العروبة والاسلام تديرها جهات متخصصة بالعداء للعروبة والاسلام، وإذا لم يواجهها المسلمون العرب المتضررون من هذه الحملة الظالمة فإن النيل المنظم من سمعة العرب والمسلمين سيستمر وقد يتفاقم الى درجة لا تبقي مجالاً للتفكير العلمي النزيه الذي يحتاجه العرب والمسلمون في هذه الأيام.
ذلك ان شهادة غوستاف لوبون بتميز العرب عن غيرهم في التعامل مع البلدان التي فتحوها أعطت الشعب العربي سمعة لم يحصل عليها غيره سواء في أوروبا أو آسيا وهي شهادة للحضارة العربية وللاسلام بالتفوق الخلقي والانساني بين الشعوب.
فالاسلام تعامل مع المسيحية واليهودية على أنهما دينان سماويان كان لهما فضل على شعوب العالم بالتعامل الانساني السمح مع الأديان الأخرى كالدينين اليهودي والمسيحي بصورة خاصة الأمر الذي لم يفعله لا المسيحيون ولا اليهود.
وإذا كان هذا يعتبر تفوقاً في التعامل مع الآخرين سبق المسلمون فيه سواهم من الأديان فهي شهادة تعطي الاسلام مكانة خاصة. فالاسلام اعترف باليهودية والمسيحية وأنزلهما منزلة خاصة بل هو اعتبر الثلاثة أسرة واحدة سماوية التوجه. فهنا سبق نوعي للاسلام على الديانات الأخرى جاء تبرؤاً من سلوكيات مارستها الأديان الأخرى المسماة بالأديان السماوية وهو اسم وضعه الاسلام يكرم به الدينين الآخرين.
وحسب الاسلام أنه افتخر بأنه جاء مصدقاً ما قبله من كتب بينما لم تفعل الأديان الأخرى كالدينين المسيحي واليهودي الشيء نفسه. وإذا كانت اليهودية تفتخر أنها أقدم الأديان السماوية فإن الاسلام قال بأنه آخر الأديان يزيد وحدة الأديان السماوية لا تسابقها وتناحرها. وهو أمر لو قال به غير المسلمين لكانت الأديان كلها ديناً واحداً أو كالواحد مما هو خطوة جبارة في تاريخ الانسانية جمعاء. على طريق التقارب والتوحيد والانتماء المشترك لأسرة الأديان السماوية التي تسمى كذلك في ايامنا هذه من دون أن تجري خطوات جادة على هذا الطريق. وليست القضية الفلسطينية واحدة من القضايا العربية والاسلامية، بل هي قضية القضايا في كل المنطقة سواء أكان إسلامياً أم عربياً أم عالمياً.
وفيما أخذت الصهيونية كل ما تريد من العرب والمسلمين بل من العالم أجمع. يبقى السؤال هل تراجعت الأمة عن فلسطين أهم وطن عربي واسلامي ومسيحي معاً وبقيادة جهة لا هي عربية ولا هي مسلمة، بل ولا هي مسيحية أيضاً، بل هي انطلاقة جديدة كلياً أعطيت لأعداء العرب والمسلمين والمسيحيين الشرقيين، بل والمسيحيين بالمطلق، بها أخذت القوى الدولية كل شيء من العرب والمسلمين والمسيحيين لتعطيه للصهيونية حتى على حساب الغرب كغرب، والمسيحيين ومن اليهود غير الصهاينة.
انطلق عملها على حساب الاسلام والمسيحية وربما اليهودية غير المتصهينة أيضاً. أخذت الصهيونية كل شيء نملكه من لا يملك شيئاً، أي الفلسطيني العربي المصادر منه سلفاً كل ما يملك أو كلما كان يريد أن يملك لتعطيها لجهة واحدة هي إسرائيل الدولة والجغرافيا والتاريخ. قبل أن يكون لها أي ملكية شرعية لأي جهة كانت قائمة أو ستقوم أو يمكن أن تقوم. أما المأخوذ منهم الأرض والدولة والكيان الذاتي أو العام الذي كان قائماً أو يمكن أن يقوم. سلخت فلسطين الجغرافيا والتاريخ والماضي والمشروع الذي قد يفكر أحد أن يقوم. أخذت اسرائيل كل الحصص لكل الجهات للماضي والحاضر والمستقبل. صفقة أخذت لاسرائيل من كل من ملك أو كان يمكن أن يملك أو سيملك من قادر أو غير قادر أو حالم. هو اليهودي التاريخي الذي كان يملك أو لم يملك في يوم من الأيام.
منذ اختارت اليهودية أرض فلسطين وطناً لها وجدت نفسها في مواجهة مع شعوب وأمم متكاثرة كلها متشبثة بملكية الأرض، فكل من ولد في تلك الارض قبل وجود اليهودية والمسيحية والاسلام اعتبر نفسه صاحب الارض من منطلق الاسبقية فكل من ادعاها قبل غيره كان الأحق بالتعامل معه على أنه صاحبها. إما أن يأخذها من دون استئذان أو تعطى له من دون أخذ ورد.
ولما كانت اليهودية هي الدين السماوي الاول فمن الطبيعي أن يكونوا أول من طلبها لنفسه وكانت له على هذا الاساس. هذا هو المنطق الاسرائيلي اليوم الذي يرى نفسه سابقاً للمسيحية والاسلام في ارض فلسطين. وقد كان موقعه السلطة البريطانية في فلسطين تتصرف في القضية الفلسطينية على هذا الاساس. ان العالمين العربي والاسلامي يدهشان بألم وتعجب واستغراب كيف ان الولايات المتحدة الاميركية التي تعرف قيمة وأهمية العالمين العربي والاسلامي لا تزال متأثرة بالصغير والكبير من مصالح اسرائيل والصهيونية المزعومة في المنطقة العربية والاسلامية، في الوقت الذي يتطلع فيه الشباب العربي الذي يدرس في الجامعات الاميركية ومنها جامعة بيروت بالذات بالقرار كيف ان الولايات المتحدة الاميركية لا تزال تراعي الصهيونية واسرائيل في الصغيرة والكبيرة من الحسابات، بينما تنسى أهمية الصلات بين الشباب العربي والجامعة الاميركية في بيروت التي يفخر بها الشبان العرب الذين تخرجوا فيها واضعين الامل في صحوة عند الولايات المتحدة الاميركية على اهمية التفاعل بين الشباب العربي الجامعي وهذه النوعية من الجامعات التي يتعاطف معها العرب بقدر ما تظهر الجامعات والمؤسسات الأميركية تفاعلها مع الشباب العربي الحريص على نهضة أمة العرب ومستقبل شبابها. فهي علاقة مشرفة ومفيدة للطرفين تحقد عليها الصهيونية كل الحقد..
نتنياهو لعباس: امنح السلام فرصة
حلمي موسى/السفير اللبنانية
أجبرت المعارضة الإسرائيلية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، امس، على المثول أمام الكنيست لمناقشة المبادرة العربية والتسوية السياسية.
ودعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باللغة الإنكليزية، لأن «يمنح السلام فرصة»، موضحاً أن كل إسرائيل تريد السلام و«أنا أريد الأمن والسلام».
وتتناقض دعوة نتنياهو هذه مع ما نشرته الصحافة الإسرائيلية يوم أمس من تقدير رئيس «الشاباك» الإسرائيلي يورام كوهين بأن عباس لا يؤمن بالسلام مع إسرائيل.
وشكل النقاش السياسي الذي جرى أمس، والذي ألزمت فيه المعارضة رئيس الحكومة الإسرائيلية بحضور الجلسة من أولها إلى آخرها، فرصة لقيام نتنياهو بتصفية الحساب مع خصومه السياسيين. وأشار أولا إلى أنه سمع في الكنيست كلاماً يسمعه منذ أربع سنوات، ومفاده أن «الحكومة ستسقط، لكن الحكومة لم تسقط وهي باقية. ظننت أن الناس سيحذرون. تذكرت أن مكونات الحكومة منقطعة بعضها عن بعض وأن لا جامع بين أجزائها المختلفة، وأنها عديمة الرؤية وما شابه». وكانت إشارته هذه تتعلق بالهزيمة التي مني بها الائتلاف في التصويت على أعضاء لجنة تعيين القضاة، معترفاً بأن «أمراً كهذا لم يحدث منذ تشكيل الحكومة، لكن هذه بداية كل ائتلاف جديد مع الكثير من الأعضاء الجدد، فكل ائتلاف لديه آلام ولادة».
وتحدث نتنياهو عن مساعي حكومته للتخلص من المهاجرين الأفارقة وجهودها لإقرار قانون المساواة في الأعباء العسكرية، والذي قال «إننا ننتظره منذ 65 عاما».
وبعدها تطرق الى الانتخابات الإيرانية التي وصفها بأنها «لن تغير شيئاً، حيث إن إيران جمعت حتى اليوم أكثر من 180 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بمستوى 20 في المئة. وقبل أكثر من عام بقليل كان لديها 110 كيلوغرامات. وحتى الآن لم تتجاوز إيران الخط الأحمر الذي رسمته في الأمم المتحدة، لكنها تقترب منه بمنهجية. وأنا أطالب ألا يوهم أحد نفسه، نتائج الانتخابات في إيران لن تغير شيئاً، وإلى جانب سباق التسلح نحو القنبلة الإيرانية تواصل تسليح سوريا، حزب الله، حماس والجهاد الإسلامي».
وبعد ذلك دعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني لاستئناف العملية السياسية. وقال «بسبب أنه لا يتحدث العبرية، ولغتي العربية ليست جيدة، فإنني أتوجه إليه بلغة يعرفها كلانا: Give peace a chance».
وبديهي أن الحديث بالإنكليزية كان أقرب إلى نوع من الرسالة إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يحاول استئناف العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهي تفيد بأن العائق ليس إسرائيلياً. ومعروف أن السلطة الفلسطينية تحاول هي الأخرى القول للأميركيين إن العائق ليس فلسطينياً وإن السلطة لن تفشل مساعي كيري.
وأضاف نتنياهو «هيا لا نضيع الفرصة. فالواقع يتغير بسرعة تسمح بأننا بعد توقيعنا على أي شيء نستطيع الدفاع عن الدولة وعن حدودنا». واعتبر أن الاتصالات في السنوات الأخيرة كانت متقطعة و«المفاوضات لا تدار بهذا الشكل»، موضحاً أنه على تواصل مع وزير الخارجية الأميركي مرات عدة في الأسبوع.
وقال نتنياهو «مواطنو إسرائيل يريدون الأمن، مواطنو إسرائيل يريدون السلام وأنا أريد الأمن والسلام. وكل من يطلع على دقائق المفاوضات يعرف أن إسرائيل ليست الطرف الذي يتهرب من المفاوضات ويضع العقبات أمام العودة إليها. فالأمر المهم هو عدم وضع شروط مسبقة، والدخول ببساطة للمفاوضات. ونحن نصغي لكل مبادرة، وقد ذكرت المبادرة العربية، ونحن مستعدون للبحث في المبادرات التي هي اقتراحات ولكن ليست إملاءات».
وفي ردها على كلام نتنياهو حذرت زعيمة «حزب العمل» شيلي يحيموفيتش باسم المعارضة من التهديدات التي يطلقها نتنياهو، والتي توحي بأن إسرائيل على حافة الفناء. وقالت «إنني أرجوك يا رئيس الحكومة: كف عن هذه التهديدات. إننا أقوى مما كنا في حرب الأيام الستة، أقوى من أي وقت مضى. والتغييرات في العالم العربي التي تتحدث عنها تقلل الردع والمخاطر علينا».
وأشارت يحيموفيتش إلى أن «سيناريو الدولة الثنائية القومية يحثه المؤمنون به لكن لأسفي تحثونه أنتم أيضا، عبر عجزكم ومماطلتكم، وعدم مبادرتكم، وأنتم تقودوننا فعلا لتجسيد هذا السيناريو. وأنا لا أستخف في أنكم تحبون الدولة، لكن أفعالكم أو بالضبط ما لا تفعلون لا يتوافق مع الرؤية الصهيونية. لا يمكن تسميتكم المعسكر القومي عندما تدفعون إلى دولة ثنائية القومية».
وتساءلت زعيمة «ميرتس» زهافا غالئون، قائلة «في الجانب الفلسطيني هناك شريك. هل أنت فعلا شريك؟ هل ستمد يدك للمبادرة العربية؟».
وأضافت غالئون، التي بادرت إلى إجراء هذا النقاش، «سيدي رئيس الحكومة، نحن في لحظة حاسمة. ثمة نافذة فرص، لكن حكومتك تجر رجليها وتضع العصي في دواليب المفاوضات».
هل تراجعت السياسة الأمريكية الشرق أوسطية؟
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
جمعتني قبل عدة أيام صدفة مع بعض الأصدقاء ودار حوار بيننا تطرق إلى أمور كثيرة، ولكنه ركّز في آخر المطاف، كالعادة، على الموضوع الفلسطيني والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
رأى البعض أن هذه السياسة بدأت في الواقع تتراجع، بعد تجربة طويلة الأمد كانت فاشلة على جميع المستويات. ووصل صانعو القرار في واشنطن إلى قناعة بأنه سيكون من الصعب الاستمرار في التعامل بنفس الأسلوب مع العالم العربي: ‘ففي الوقت الذي تتقدم فيه دول العالم يلاحظ تراجع في العالم العربي’، حسبما قال أحد المحللين السياسيين الأمريكيين، ورغم أن هذا التراجع يخدم السياسة الأمريكية إلا أنه مكلف وغير مضمون .
فما هي التجارب التي مرت بها الولايات المتحدة بسياستها الشرق أوسطية، والموجهة للدول العربية بشكل خاص؟ فالشعار الذي رفعته بعد احتلالها العراق هو أنها تريد التخلص من النظام القائم، وأن تعلم الشعوب العربية الديمقراطية. وكان فشلها كبيرا، فالذين رقصوا فرحا بسقوط نظام صدام حسين، وجــــدوا أنفسهم بــــعد فــــترة يتباكون على سقوطه، بعد التجربة المريرة التي مر بــــها العراق ولا زال حتى يومنا هذا، بسبب الاحتلال الأمريكي، دُمـــرت بنيته التحتية، وسُرقت ثرواته الطبيعية وسقط عشرات الآلاف من أبنائه قتلى وجرحى. ولم تتحقق الديمقراطية ولم يصبح العراق نموذجا إيجابيا يقتدي به العالم العربي.
وفي التسعينات وضعت الإدارات الأمريكية مخططات لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها لم تستطع أن تضع ضغطا حقيقيا على إسرائيل، التي لم ترفض هذه المحاولات فقط، بل وجهت الإهانات للقائمين عليها، واستغلت الانقسام الحزبي في امريكا ونقلت المعركة إلى الكونغرس، حيث يوجد لها تأثير كبير، ونجحت في إفشال المساعي الأمريكية، وحمّلت واشنطن الفلسطينيين المسؤولية عن هذا الفشل، ولكن وحسب النهج الأمريكي الجديد، نقلت وكالة أنباء رويترز
(3/6/2013) عن لسان مسؤول أمريكي كبير قوله ‘لقد قدّر وزير الخارجية جون كيري بأن الإسرائيليين والفلسطينيين غير جديين بالنسبة للتقدم في مسيرة السلام، لذا فإنه سيتوقف ويترك الموضوع كله’.
فعندما جاء ما سمي بالربيع العربي، دعمت واشنطن وصول مجموعات إسلامية متطرفة إلى سدة الحكم، مجموعات همها الوحيد السيطرة على الحكم وغير معنية بمصلحة البلد، وعلى استعداد لتقديم الخدمات للأجانب ولا تهمها الأبعاد القومية، وهذا ما تريده واشنطن. لكن سرعان ما اكتشف الأمريكيون أن هذه المجموعات لا تتمتع بشعبية في بلدها، وبقاؤها في الحكم لن يكون طويلا، إضافة إلى أنها تستطيع أن تنقلب ضدها (كما حدث مع بن لادن مثلا).
ثم هناك صراع بينها وبين إيران بسبب إسرائيل، التي تحاول بشكل مستمر توريط أمريكا في حرب معها. وها هي تحاول الخروج من وحل الحرب في أفغانستان. فحرب العراق وحرب أفغانستان كلفتا الخزانة الأمريكية ما يقارب 2 ترليون دولار، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
ووجدت واشنطن أنه حان الوقت لتغيير سياستها المتبعة في معالجة الأمور، فجاء التحول النوعي في ما يسمى بالحرب ضدّ الإرهاب، عندما أعلن الرئيس باراك أوباما أن حالة الحرب ضدّ الإرهاب العالمي انتهت، وأن التعامل مع الإرهاب سيكون ضدّ اهداف معينة متعلقة بمجموعات تقوم بعمليات ضدّ أهداف ومصالح أمريكية فقط.
ولم يكن محض صدفة أن يُنشر قبل عدة أيام في واشنطن تقرير صدر عن (مركز الأمن القومي الأمريكي الجديد) الذي يرأسه البروفيسور كولين كوهيل، وهو مقرب من إدارة الرئيس أوباما، جاء فيه أنه في حال فشلت الولايات المتحدة في منع إيران من امتلاك مقدرة نووية، فإنه لن يكون هناك مفر أمام إسرائيل سوى التخلي عن سياسة الغموض النووي والانتقال إلى سياسة الردع النووي، وتعلن عن امتلاكها ما بين 100 إلى 200 قنبلة نووية ولديها الوسائل لاستعمال هذه المقدرة النووية.
هذه الأمور كلها حدت بإدارة الرئيس أوباما الى انتهاج أسلوب جديد، يضمن لأمريكا الاستمرار في سياستها في منطقة الشرق الأوسط، من دون أن تلعب دورا يجبرها على إراسل قوات، أو صرف مبالغ طائلة، من دون تحقيق أهداف لحساب طرف ثالث.
فسحب قواتها من أفغانستان في العام القادم سيكون المؤشر الحقيقي لسياسة أوباما. والموقف الأمريكي الآن هو تقديم الدعم العسكري والاقتصادي إلى الدول التي تدور في حلبتها، ولتقوم هذه الدول بالدور الذي تراه يتماشى مع مصالحها، ولكن لا قوات أمريكية مقاتلة ستتدخل، ربما تقدم خبرات وخبراء عسكريين للمساعدة والتدريب.
فعلى سبيل المثال رفضت الولايات المتحدة كل الضغوط التي وضعتها عليها إسرائيل وبعض الدول العربية، خصوصا الخليجية منها، لشن حرب على إيران بسبب مشاريعها النووية. ولكنها في نفس الوقت زادت من العقوبات التي فرضت على طهران ومنحت إسرائيل وسائل دفاعية وهجومية لتقوم هي بتنفيذ مآربها.
وعقدت صفقات عسكرية مع دول خليجية وصلت إلى مليارات الدولارات، كي تدافع عن نفسها ضدّ أي هجوم إيراني محتمل، وبالتالي أرضت تجار الأسلحة الأمريكيين، وحافظت على قواتها.
وفعلت نفس الشيء مع المعارضة السورية، منحتها المساعدات العسكرية والمادية والدعم السياسي، ولكنها رفضت أن تلعب دورا فعّالا على الأرض، بل إنها حذرت روسيا من تنفيذ صفقة الصــــواريخ اس ـ 300 مع سورية، ‘واشنطن بوست’ 1/6/23013 إرضاء لإسرائيل والدول التي تدعم المعارضة السورية، فنحن نعرف أن أمريكا لن تقون بصدام مسلح مع روسيا بسبب سورية وإرضاء لإسرائيل وغيرها.
إن السياسة الأمريكية الشرق أوسطية لم تغير أهدافها، ولكنها تسير في اتجاه إبقاء سيطرتها ومناطق نفوذها، من دون أن تدفع ثمنا باهظا بالأرواح والأموال.
مبادرات كيري الشـرق اوسطية
عبدالله محمد القاق/الدستور الأردنية
تصطدم جهود جون كيري وزير الخارجية الامريكية بعقبات اسرائيلية متعددة عندما يحاول طرح مبادرات جديدة هدفها اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين لانهاء التوتر بالمنطقة وبدء مرحلة الحل النهائي الذي يعتمد على “حل الدولتين” وانهاء النزاع المستحكم عبر الخمسة والستين عاما الماضية.
ففي زيارة كيري الخامسة الى اسرائيل ومحادثاته مع نتنياهو من اجل وقف الاستيطان والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المدينة المقدسة وخاصة المسجد الاقصى ووقف الحصار على الفلسطينيين وكذلك الحد من الاعتقالات في الضفة والقدس تبرر اسرائيل ذلك بانها تجيء لدوافع امنية بحتة الامر الذي يجهض الجهود التي يقودها كيري والذي حمل في طياته الكثير خلال المنتدى الاقتصادي الذي عقد بالبحر الميت كما ابلغني السناتور ماكين خلال تواجده بالمنتدى.
وبالرغم من ان كيري يرغب كما تقول الادارة الامريكية في احلال السلام ودفع هذه المسيرة للامام الا ان نتنياهو يضع العراقيل لتحقيق ذلك الهدف حيث رد كيري على منتقديه والساخرين من هذه الجهود بعد اجتماعه مع رئيس وزراء الاحتلال بقوله: “اعرف ان هناك من ينتقدون ولا يثقون بجهودي وهناك من يشككون ويسخرون لكني اقول لهم: اعرف ذلك.. ولكن ستفاجأون بنتائج هذه المحادثات في الاتجاهات الايجابية”... بالطبع هذه الاتجاهات ستكون التزام الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل في مواجهة التحديات والاخطار وكذلك في صنع السلام حيث يؤكد كيري دائما وخاصة عندما التقيته في المنتدى الاقتصادي في البحر الميت وقال لي انه “مستعد للذهاب الى اية منطقة من اجل السلام.. ولكني اعتقد ان احد اهم الركائز لأمن اسرائيل وسلامتها في تحقيق تسوية سياسية من الفلسطينيين ثم مع سائر العرب.. وان المسألة.. تحتاج الى صبر واناة.. وثقتي كبيرة في ان الجهد لم ولن يذهب هباء وسنفاجىء الجميع”.
لقد ظهر واضحا ان الفلسطينيين الذين لا يثقون كثيرا في كيري هو قيامهم بتظاهرات حاشدة ضد كيري اثناء زيارته الاخيرة الى رام الله حيث هتف الفلسطينيون ضده وهو يحاول شراء سندويشة من احد الفلسطينيين للتدليل على قربه منهم حيث هتف المتظاهرون شعارات ضد السياسة الامريكية من بينها “كيري نحن لا نثق بك وبأمريكا .. والولايات المتحدة ليست من اصدقاء الشعب الفلسطيني” وسياسيتكم دعم الاحتلال واجراءاته العدوانية ضدنا.. كما قالت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية “لقد ذكر كيري للرئيس الفلسطيني انه يريد اطلاق مبادرة جديدة خلال الشهر الجاري ولا يريد تسريب معلومات جديدة.. وهذه المبادرة تستهدف على ما تردد توفير اربعة مليارات دولار للدولة الفلسطينية لاقامة مشاريع اقتصادية.. فضلا عن انه قد يقترح على الفلسطينيين البدء في المفاوضات مقابل اسهامه باقناع نتنياهو وقف الاستيطان مرحليا واطلاق سراح بعض الاسرى.. مقابل هذه الخطة الاقتصادية لتعزيز النمو الفلسطيني.
وبالرغم من ان الجانب الفلسطيني ابدى جزءا من التفاؤل حيال التحرك الامريكي الا ان المستشار السياسي لوزيرة القضاء الاسرائيلي بتسيبي ليفني المكلفة بملف المفاوضات قد فاجأ كيري باعلاان “التشاؤم” ازاء امكانية التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال السنتين المقبلتين كما سخر هذا المستشار من جهود كيري لانه يعتقد ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير متحمس الى المفاوضات.. ويرى ايضا ان الضغوط والجهود الامريكية على “ابو مازن” تزداد في الآونة الاخيرة وان هناك ميلا فلسطينيا لذلك لان الفلسطينيين لا يرغبون في اغضاب الامريكيين.
والمبادرة الامريكية تنطلق من مبادلة الاراضي وهي الخطة التي اقترحها الوفد العربي الذي ابدى تنازلا ملحوظا لدى مقابلته كيري في واشنطن وهو ما رفض ذلك جملة وتفصيلا من الفلسطينيين....
هذه الخطة سبق ان عرضها رئيس الوزراء الاسبق اولمرت في 16 ايلول عام 2008 حيث وصفت بانها تمثل تتويجا لمحادثات مطولة بين اولمرت وعباس وتفضي بالتوصل الى اتفاق سلام بين الطرفين حيث تضمنت الخريطة مساحة الدولة الفلسطينية وهي بمقدار 100 في المائة من الضفة الغربية مع “تبادل اراضي” من الجانبين.. وبموجب الخطة “اي الخريطة المقترحة” ستحتفظ اسرائيل بالتجمعات الاستيطانية الرئيسية الثلاثة “تجمع مستوطنة ارئيل في الشمال والتجمع الاستيطاني القدس ومعاليه ادوميم والتجمع الاستيطاني غوشي عتصيون في الجنوب قرب بيت لحم” وفي المقابل فان الفلسطينيين سيحصلون على مناطق بديلة في منطقة الشمال وفي منطقة العفولة – بيسان وفي الوسط ومنطقة الخيش وفي الجنوب في منطقة صحراء جنوب الضفة بالاضافة الى مناطق من النقب ستلحق بقطاع غزة.
ولم يرفض الفلسطينيون هذا التبادل حيث وافق الفلسطينيون بالرغم من نفيهم ذلك حيث كتب ابو مازن كما تقول المواقع الاسرائيلية بخط يده “يحصل الاسرائيليون على 6.8 في المائة من الاراضي مقابل 5.5 من الاراضي سيحصل عليها الفلسطينيون.. هذه المبادرات الامريكية... لم يكتب لها النجاح لانها تلقة معارضة من مختلف الفصائل الفلسطينية وهي بمثابة انتقاص للمبادرة التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي تقضي على انهاء النزاع العربي الاسرائيلي مقابل انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة عام 1967.
وعملية اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين على اسس واضحة تحظى باهتمام اردني حيث ابلغني الممثل الخاص للاتحاد الاوروبي اندرس رينكيه” بان الاتحاد يدعم مبادرة كيري لاحلال السلام ونرى ان المفاوضات يجب ان تكون ذات مضمون لانهاء الصراع وان مبادرة السلام العربية التي اطلقت قبل عشر سنوات مبادرة جيدة ولكن لم يتم استكشاف قيمتها الحقيقية.
والواقع ان حكومة نتنياهو الثالثة والثلاثين والتي تشكلت منذ اغتصاب فلسطين والتي يرئسها للمرة الثالثة نتناياهو ترفض كل الحلول السلمية لانها يمينية متطرفة بعيدة كل البعد عن السلام والعملية السلمية بين اسرائيل والشعب الفلسطيني، وكذلك فان زيارة اوباما الاخيرة الى اسرائيل جاءت لدعم الدور الاقليمي لاسرائيل ضمن استراتيجية الولايات المتحدة التي تعمل على الحفاظ على امنها ومواجهة تداعيات الملف النووي الايراني والموقف في سوريا وانطلاقا من هذه اللقاءات التي اجراها الرئيس اوباما مع القادة الاسرائيليين حرص اوباما على التأكد من فاعلية القبة الحديدية في مواجهة الصواريخ الايرانية وحزب الله.
وبالرغم من ادعاءات كيري بانه يحمل مبادرات لحل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي الا ان اسرائيل تمعن في رفض وتجاهل عملية السلام وحقوق الشعب الفلسطيني لانها تدرك بان القضية الفلسطينية لم تعد تشغل ذات المكانة في الخطاب الاسلامي التي كانت تشغلها قبل اندلاع ثورات الربيع العربي.
تحذير كيري
محمد عبيد/دار الخليج
التحذير الذي أطلقه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخراً، من مغبة تضييع “الفرصة الأخيرة” لتحقيق اختراق في مسيرة التسوية المتعثرة، موجهاً الكلام إلى الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، من على منبر اللجنة اليهودية الأمريكية العامة في واشنطن، لا يحمل أكثر من تفسير واحد، مفاده أن واشنطن تسعى لحمل الجانب الفلسطيني على مزيد من التنازلات .
لماذا هذا التفسير؟ ولماذا لا تكون الإدارة الأمريكية مثلاً أدركت أخيراً أخطاءها؟ قد يسأل سائل أو منتقد، والجواب يتمثل في حقيقة واقعة تتركز في دعم هذه الإدارة وسابقاتها الكامل للكيان المحتل، ومسلسل الابتزاز الذي مارسته على الفلسطينيين في مختلف مراحل المفاوضات .
كما أن إجابة مثل هذا السؤال تحمل بعداً آخر إقليمياً، فالتسوية مطلوبة بشدة حالياً، لتكون فاتحة إعادة ترتيب أوراق المنطقة المبعثرة في فوضى عارمة، ولتسهيل إدخال الكيان في سياق الترتيب الجديد، ولإلغاء أي صوت ينادي بمقاومة المحتل وجرائمه الكبرى .
الفرصة تضيع فقط على الضعفاء أو المستضعفين، التحذير موجه حصراً إلى الطرف الفلسطيني، وهو فاقد فعلياً لأهم عناصر التماسك وقوة الموقف، ومرد ذلك سببان رئيسيان؛ الأول هو الانقسام المقيت الذي يكاد يدخل عامه السابع، وغياب أي مؤشر على إمكانية إنهائه، والسبب الثاني يتمثل في البيئة الإقليمية التي تمر بأصعب مراحل التغيير في العصر الحديث، وفقدان التوازن والاستقرار الذي تمر به دول عربية على رأسها مصر .
كيري الذي حض الجانبين على استئناف عملية التسوية، اعتبر أن أفضل سبيل لضمان أمن الكيان هو إنهاء الصراع بشكل “كامل ونهائي”، باستحضار “الشجاعة” لتحقيق السلام، ورأى أن غياب السلام يعني “صراعاً أبدياً” قد يغلق الباب أمام حل الدولتين .
“شكراً” أيها الوزير، لكن أليس الموجود حالياً على الأرض الفلسطينية إثباتاً عملياً على الطابع الأبدي للصراع؟ أليس تواصل سلب أراضي فلسطين المحتلة، ونثر المستوطنات في مختلف مناطقها، وتوسيع كبرياتها، وتهويد القدس ومحاولة اختطاف المقدسات الإسلامية فيها، وتحويلها إلى ما يخالف حقائق التاريخ إثباتاً .
أي إثبات تريد الولايات المتحدة لتفهم أن الصراع أخذ بعده الأبدي منذ زمن، بل منذ اليوم الذي اقتلع فيه أول فلسطيني من أرضه، وهدم بيته وقتل أفراد أسرته أو قريته على أيدي عصابات الصهيونية، ومنذ أقيم الكيان على أنقاض ورفات السكان الأصليين؟
الأرجح أن “الفرصة” ستفوّت، لكن العبرة ستكون في الوجهة التي سيسلكها الاتهام الأمريكي ب”تعطيل التسوية”، ستوجه أصابع الاتهام كما هي العادة للجانب الفلسطيني، الذي “يتعنت” في وجه “حمائم سلام” من طراز مجرمي الحرب الكبار، وسيحمل الفلسطيني إضافة إلى الاحتلال الاستعماري العنصري الجاثم على أرضه، مسؤولية إفشال أمر لم يرد له الآخرون النجاح أساساً .
الإسراء والمعراج تستنهض الأمة لتحرير الأقصى
رأي الدستور الأردنية
جاءت حادثة الاسراء والمعراج الشريفين تكريما للرسول صلى الله عليه وسلم وتأييدا ومواساة له، بعدما كابد في عام الحزن ما كابده بفقده اعز الناس اليه، وفي ظل ما تعرض له من ويلات من كفار قريش، واليوم تجيء هذه الذكرى العظيمة لتذكر الامة باولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وما تتعرض له القدس من تهويد وتزوير وانتهاك، وما يتعرض له الاقصى من تدنيس على يد رعاع المستوطنين وشذاذ بروكلين، وما يتعرض له المصلون الساجدون العابدون في ساحة الاقصى من اذى وتنكيل على يد ابناء القردة والخنازير.. فيما الامة كلها من جاكرتا الى طنجة تغط في سبات عميق.
الاسراء والمعراج تذكر بمكانة الاقصى في العقيدة الاسلامية فهو اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ولا تشد الرحال الا اليه والى المسجد الحرام والمسجد النبوي.. وتذكر ايضا بمأساته المروعة وما يتعرض له يوميا على يد الصهاينة الذين يعيثون فيه خرابا وتدميرا، ويمارسون اسوأ انواع الرذيلة والفحش والمنكر، وهو الذي تعثرت قدما الرسول صلى الله عليه وسلم بترابه الطاهر، وعلى ارضه ام الانبياء، ومن على صخرته المشرفة صعد الى السموات العلى حيث فرضت الصلوات الخمس على المسلمين.
في هذه المناسبة الكريمة نتذكر حرص الهاشميين على القدس والاقصى، بدءا من الحسين بن علي شريف العرب وملكهم الذي تبرع باكثر من خمسين الف ليرة ذهبية في اوائل العشرينيات من القرن الماضي لترميم المسجد وها هو تراب الاقصى يحتضن رفاته الطاهرة، وعلى هديه سار ابناؤه واحفاده.. فحفظوا الامانة، واوفوا بالعهد، فأسس الحسين الباني مؤسسة اعمار الاقصى لتتولى صيانة وترميم المسجد وتقديم كل ما يلزم ليبقى عزيزا كريما، وعلى خطاه يسير الملك المعزز عبدالله الثاني الذي يعمل ليلا ونهارا لانقاذ القدس والاقصى من براثن الاحتلال البغيض.
وفي هذا السياق يجيء الاتفاق التاريخي بين جلالة الملك والرئيس الفلسطيني والذي يؤكد ولاية ووصاية الهاشميين على القدس والاقصى، والتي ترجع الى عام 1924 حينما بايع اهالي فلسطين والقدس الحسين بن علي وصيا على اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
ان ما تتعرض له القدس والاقصى الشريف من مؤامرة ومكيدة صهيونية لئيمة، تستدعي من الامة كلها النفير لانقاذها من الاحتلال الذي يعمل ليلا ونهارا على تهويدها لتصبح القدس عاصمة اسرائيل اليهودية، فقام بتغيير معالمها العربية - الاسلامية، وتغيير اسماء الشوارع من عربية الى عبرية، فاصبح شارع صلاح الدين شارع هرتسل، وشارع عمر بن الخطاب شارع ابن غوريون.. الخ كما قام بهدم القصور الاموية، والمباني الوقفية، التي تحيط بالاقصى، واقام 14 كنيسا يهوديا حوله الى جانب تجريف المقابر الاسلامية.. الخ.
هذه الاجراءات العنصرية الخطيرة تشي بان العدو مصمم على تنفيذ مخططاته التهويدية، بعد ان ثبت انه غير مؤمن بالسلام، وقد استغل المفاوضات لتكريس الامر الواقع.
مجمل القول: في ذكرى الاسراء والمعراج الشريفين نهيب بالامتين العربية والاسلامية ان تعودا الى نبع الاسلام الصافي، دين الوسطية والاعتدال.. دين الحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة.. وندعوهما الى كنس الخلافات ورص الصفوف كسبيل وحيد لتحرير القدس والاقصى من براثن الاحتلال الصهيوني، وحماية ارض المسلمين وديارهم وثرواتهم من الطامعين.. وقبل ذلك وبعده ندعو الحكام المسلمين الى ان يتقوا الله في شعوبهم ويردوا الامانات الى اهلها كما طالب الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع لتعود امة الاسلام كما ارادها الباري عز وجل “خير امة اخرجت للناس”.
“ولينصرن الله من ينصره”. صدق الله العظيم.
عن هزيمة حزيران بالمناسبة ..
عودة عودة/الرأي الأردنية
مرت قبل أيام الذكرى 46 ( لهزيمة) حزيران .. نعم إنها هزيمة و ليست نكسة, فقد قُدرت مساحة الأرض التي إحتلها العدو الإسرائيلي (خلال ستة أيام و قيل خلال ست ساعات) أربعة أضعاف ما كانت عليه (اسرائيل) قبل الخامس من حزيران 67 (كل فلسطين و الجولان و سيناء)..
بعد ستة أيام ليس غير جلست اسرائيل بجيشها و رايتها الزرقاء فوق دمشق و معها كل الجولان الجميل, كذلك اتسعت خاصرة العدو بعد احتلاله للضفة الغربية و انتشار جيشه على امتداد نهر الأردن و بعيداً عن عمان خمسة و أربعين كيلومتراً إضافةً الى احتلال سيناء و بعيداً عن القاهرة اقل من مئة كيلومتراً كما ضُمت القدس الشرقية الى الدولة العبرية و أُعلن هذا الإنضمام قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي (عوزي ناركيس) و بجانبه كان يقف دايان و رابين و اشكول و هم ينشدون: ليلتسق لساني في حلقي اذا نسيتك يا اورشيلم !؟ كفى, لا أُريد أن ازيد في وصف حالة انكسارنا و خيبتنا في تلك الأيام الحزينة جداً.
و إمعاناً في السخرية الإسرائيلية من العرب.. و جيوشهم لم تمل إذاعة العدو و خلال ايام الحرب الستة و شمسها الحزيرانية اللاهبة من تكرار أُغنية عاطفية معروفة و مشهورة لمطربة عربية رقيقة هي (شادية) و الأغنية تقول: (قولوا لعين الشمس ما تحماشي لَحْسن غزال البر صابح ماشي...) و هدف عدونا من تكرار اذاعة هذه الأغنية الجميلة ليس مناشدة الطبيعة ان ترأف و تخفف من حرارتها و تلطيف الجو على جنودنا المهزومين و التائهين في الصحراء و الوديان و الشعاب و الأغوار بعد انسحابهم من ميادين القتال .. ,و إنما الإمعان في السخرية الشديدة من العرب.. جميع العرب من المحيط الى الخليج ..!؟.
و أغنية (قولوا لعين الشمس ..) التي أخرجها العدو الإسرائيلي من عباءتها الوطنية و التاريخية تتحدث عن (محكمة دنشواي) في عهد الإستعمار البريطاني لمصر العام 1910 و التي صدرت عنها احكام قاسية منها الإعدام و الأحكام المؤبدة و الجلد و كل هذه الأحكام نُفذت في شبان مصريين اعمارهم دون العشرين في يوم حزيراني شديد الحرارة و في قرية دنشواي المصرية نفسها.
و بعد أكثر من مئة عام لواقعة (دنشواي) المجيدة و انتصاراً لفلسطين و الشعب الفلسطيني و في يوم النكبة 15 ايار .. و الهزيمة 5 حزيران صَدحَ مرة أخرى ثالثة صوت شادية الشجي لنفس الأغنية: (قولوا لعين الشمس ما تحماشي..) في ميدان التحرير بالقاهرة و على صفحات التواصل الإجتماعي (الفيسبوك و التويتر) و من خلف شادية رددت الملايين في مصر و وطننا العربي هذه الأغنية الرائعة الجميلة ... مع هتاف : الشعب يريد تحرير فلسطين..!
كل عام .. و في المناسبتين 15 ايار و 6 حزيران تهتز حدود اسرائيل (الهشة) , شبان و شابات فلسطينيين و عرباً يدقون أبواب فلسطين من جميع الجهات في الشمال و في الشرق و في الجنوب بعضهم يستشهد و بعضهم يُجرح و آخرون وصلوا الى الديار في يافا و حيفا و عكا و بئر السبع و القدس.. رغم تهديد و وعيد نتنياهو .
يبقى سؤال و بعد 65 عاماً من نكبة 15 ايار و 46 عاماً هزيمة 5 حزيران : (لماذا هُزمنا ..!؟) في الموقعتين , الإجابة انتظرناها طويلاً و نرفض في هذه المرة الإجابات الناقصة و غير المقنعة , ما نريده الأجوبة الكاملة و المقنعة ..الآن و نحن نعيش زمن « الثورات « العربية التي ادارت ظهرها لفلسطين .. و الوحدة العربية ..!؟
في ذكرى 5 حزيران
معن البياري/البيان الإماراتية
حدث مرة، أنّ فضائية عربية أجرت دردشات سريعة مع شبّان عرب، في استطلاعات قصيرة في عدة بلدان، اختيروا عيّنات عشوائية. سألتهم عمّا يعرفونه عمّا حدث يوم 5 حزيران 1967، فكانت المفاجأة صادمة جداً، أقلّه لشخص مثلي، أنّ عديدين منهم لا يعرفون أنّ كارثة عسكرية وسياسية ووطنية كبرى حلت بالأمة العربية ذلك النهار.
وعندما شرح لهم سائلوهم أنّ إسرائيل اعتدت على مصر وسوريا والأردن، واحتلت فلسطين وسيناء والجولان، بدا مذهلاً أنّ بعض أولئك الشبّان يسمعون الخبر أول مرة، وكان لافتاً أنّ فتية من قرى في السودان واليمن يعرفون الواقعة المشهودة، فيما يجهلها مجايلون لهم من بلاد يشهد لها بتقدّم في التعليم والتحديث. لا شطط في الزّعم، هنا، أنها فضيحة كشفتها تلك الاستطلاعات العجولة، تتعلق بتردّي مناهج التعليم العربية، حين يغيب في تدريس التاريخ، في الابتدائية والإعدادية والثانوية، شرح عن النوائب العربية إياها، من طراز هزيمة 1967.
ليس كاتب هذه السطور على معرفة طيّبة بما تشتمل عليه المناهج المذكورة بشأن حرب السويس، واستعمار ليبيا والسودان والجزائر وتونس واستقلالاتها، أمثلة. وإذ تحضر واقعة حزيران الثقيلة (النكسة بحسب الدارج رسمياً!)، في فقرات موجزة في بعض المناهج، في سوريا ومصر والأردن مثلاً، فلنا أنْ نتخيّل كم فادح فيها غياب ذلك التاريخ. ولا يؤتى التأشير، في هذه السطور، على هذا الأمر صدوراً عن هوى قوميّ عروبي، يأنف منه بعضهم.
وإنما عن وجوب حماية تدريس التاريخ في بلادنا، ومعه العملية التعليمية برمتها، من بؤس وخفّة حادثيْن فيهما، يجعلان التلميذ العربي، المسلّح بفضاء الإنترنت والتلفزات العابرة للقوميات والحدود والهويات، يرفل في جهل مريع بشأن أمته وبلده، ولا يرى منقصة، أو حرجاً، لديه، إذا كان لا يعرف شيئاً عن عبد الكريم الخطابي وعز الدين القسّام ويوسف العظمة وسعد زغلول، ولا يدري، مثلاً، أنّ بريطانياً وفرنسياً، اسمهما، سايكس وبيكو، رسما خريطة بعض المشرق العربي الراهن.
وإذا أضيف إلى جهل مريع من هذا الوزن، عدم الدراية بما جرى نهار يوم 5 حزيران قبل 46 عاماً، فإنّ المسألة تصبح مقلقة جداً، ولا غلوّ في اعتبارها مسألة تتصل بالأمن القومي العربي، بالنظر إلى صلتها، بداهة، بالشخصية العربية والثقافة العامة الواجبة لديها.
حطّت، أمس، ذكرى جديدة لواقعة 5 حزيران، ولم تكن ثمّة مدعاة لاستذكار العظات إيّاها في مثل مناسبة كهذه، شديدة الوطأة على الذاكرة العربية، فالهزائم التي تتالت، بعد ذلك الجرح الكبير في الجسد العربيّ المدمّى، أوقعت في الجسد نفسه جراحاً تعصى على العدّ، وصيّرته مثقلاً بتواريخ ستتعب منها مناهج التدريس لو مرّت عليها، أضيفت إلى أرشيف فيه من فائض الخيبات العربية ما لا يستثير لدى تلميذ في المنامة أو الخرطوم أو صنعاء رغبةً في تذكّرها، لكنها الذكرى الحزيرانية، أوجبت هذا الكلام العابر العجول هنا.
هزيمة 5 يونيو بعد 46 عاما
داود البصري(كاتب عراقي)/السياسة الكويتية
لم يكن يوم الاثنين الخامس من يونيو عام 1967 يوما عاديا كبقية أيام العام! بل كان يوما تاريخيا واستثنائيا رهيبا ستكون له دلالاته وتوابعه المستقبلية, وآثاره السياسية الكبرى التي ضربت الشرق بأسره وأسست لواقع عربي جديد ومختلف بالمرة, في ذلك اليوم الصيفي اللاهب تطايرت أوراق الوهم والخديعة, وتلاشت أحلام الرومانسيين المحلقين بعيدا عن مرارة الواقع المأساوي, وانكشف المستور والمحظور, وبانت العورات بعد أن تهاوت أنظمة الشعارات الكارتونية بضجيجها الإعلامي الفظ الذي كانت ساحاته وميادينه أجهزة الإعلام المسموع والمقروء وقتذاك! , فمع الساعات الأولى لصباح ذلك اليوم حلت بالعالم والشرق العربي أكبر هزيمة عسكرية وحضارية منذ نكبة عام 1948 والتي تم خلالها ضياع نصف أرض فلسطين التاريخية لمصلحة مشروع الدولة العبرية الذي تحقق بعد تخطيط طويل وإعداد متقن ومتدرج بدأ من المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1898 وطبقت مقرراته في 15 مايو عام 1948 بإعلان قيام دولة إسرائيل , وجاء يوم الخامس من يونيو ومنذ الضربات الجوية الإسرائيلية الأولى ليستكمل الحلم الإسرائيلي كل عناصره ليضيع النصف المتبقي من فلسطين ومعه القدس ولتحتل أراضي ثلاث دول عربية أخرى هي مصر (سيناء) وسورية (الجولان) والأردن (الضفة الغربية) وليتغير للأبد شكل وجوهر الصراع الإقليمي في الشرق بأسره.
لقد كانت هزيمة الأنظمة العربية في تلك الحرب بمثابة ضربة و زلزال ستراتيجي رهيب غير كل قواعد اللعب السياسي, و العسكري, و أضاف للمشهد الإقليمي المتوتر أصلا عناصر جديدة قدر لها أن تؤدي أدوارا حاسمة في تاريخ العرب المعاصر , وحيث جاءت بعد الهزيمة مرحلة الإنقلابات العسكرية التي جاءت كما تقول بياناتها الأولى ردا على هزيمة يونيو لكنها لم تقدم شيئا لإزالة آثار تلك الهزيمة, بل عمقت جراح الأمة و رشت عليها ملح الفاشية والتسلط العسكري!
حدث ذلك في إنقلابات العراق ( 1968) ثم توالت المتوالية الحسابية الإنقلابية في السودان ( مايو1969) وفي ليبيا ( سبتمبر 1969 ) وحتى في سورية ذاتها اواخر عام 1970 بعد إنقلاب حافظ الاسد وزير دفاع الهزيمة على رفاقه البعثيين من أعضاء اللجنة العسكرية و إنفراده بالسلطة حتى رحيله عام 2000 وتوريث أبنائه لسلطة و نظام البعث! , في مصر و التي كانت هي الهدف المباشر و الرئيس للضربة الإسرائيلية الساحقة , كان الوضع مختلفا بإختلاف تجربة السلطة المصرية بعد إنقلاب عام 1952 العسكري الذي قاده صغار الضباط في الجيش المصري الذين تقاتلوا فيما بينهم و أقاموا حكما عسكريا مباشرا كان ضحيته الأولى رئيسهم الذي جلبوه للحكم و أعني به اللواء المرحوم محمد نجيب الذي غدر به ضباطه و أذلوه و أعتقلوه منذ عام 1954 و أقاموا دولة إستبداد كانت في البداية حائرة في إعلان هويتها الآيديولوجية ثم رفع عبد الناصر قائد الإنقلاب لواء و شعار القومية العربية منذ معركة السويس عام 1956 و ما بعدها من الأحداث التي توجت بقيام دولة الوحدة العربية بين مصر و سورية في أول و آخر تجربة وحدوية إندماجية في تاريخ الشرق العربي المعاصر سرعان ما فشلت بسبب الديكتاتورية و الإستبداد و الفوضى وضياع البوصلة في 28 سبتمبر 1961 وجاء الإنفصال و الذي قدر له أن يكون القدر العربي الدائم , و لن ندخل في تفاصيل وملف الوحدة و أسرارها فذلك موضوع مختلف , ولكن مصر التي خرجت جريحة و مدماة الأنف من تلك التجربة كانت تحكم برأسين , رأس مدني سياسي يمثله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر , ورأس عسكري إستخباري كان يمثله وزير الحربية ورجل النظام القوي وقتذاك المشير الراحل عبد الحكيم عامر ومن معه من مراكز القوى في الجيش و جهاز المخابرات العامة , وكان الصراع الصامت على أشده بين الطرفين وكان عامر يدير الجيش بعقلية وسلطة "العمدة ورجل العيلة القوى" وليس وفقا لمبادئ الإدارة والقيادة العسكرية الحديثة , الإسرائيليون كانوا و منذ عام 1956 يهيئون الخطط العسكرية و ينامون معها بينما كانت الجيوش العربية في مصر و سورية مشغولة بحملات التطهير و التحسب من الإنقلابات فسورية دخلت الحرب من دون هيئة لضباط الأركان بسبب التصفيات المستمرة , وكان الفاشلون و الصغار من الضباط من يدير أمور الحرب و الدفاع وفي طليعتهم وزير الدفاع حافظ الاسد وحيث ضاعت هضبة الجولان في التاسع من يونيو و أعلن حافظ الاسد عن سقوطها قبل أن تسقط بيد الجيش الإسرائيلي بعد أن هرب قائد الجبهة السوري ( أحمد المير )! أما مصر فإن عبد الناصر كان يرسل الخطابات الملتهبة و الحماسية و التي يؤكد فيها على أن "في العقبة قطع رقبة" بعد أن أغلق خليج العقبة بوجه الملاحة الإسرائيلية أواخر مايو من دون أن يعزز الإجراءات السياسية بخطة عسكرية فاعلة سرعان ما تبين أنها غير موجودة أصلا! ليكرر الإسرائيليون سيناريو هجومهم نفسه عام 1956 وحيث تم تدمير سلاح الجو المصري على الأرض وتدمير الجيش المصري في سيناء بعد أمر الانسحاب الفوضوي و اللامبرر له و الذي اتخذه المشير عامر بعد سهرة راقصة ليلة الحرب!!... لقد كانت هزيمة يونيو هي الحصاد الطبيعي و المر لحالة الاستبداد والتسلط, وما زال في الجعبة الكثير سنناقشه في المقالات المقبلة.
في ذكرى 5 يونيو هل تعلم العرب الدرس جيداً?
د.علاء الدين الفرارجي(عضو الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية)/السياسة الكويتية
مرت السنوات بالعشرات والأيام بالمئات واشرق علينا يوم الخامس من يونيو ليذكرنا بيوم الهزيمة أو حرب الأيام الستة, كما أسماها الاسرائيليون, والأجيال الحالية لا تعرف شيئا عن 5 يونيو 1976 فان الشهود العيان على ما حدث قد اختفوا والتاريخ ليس محايدا بل إن التاريخ في 5 يونيو 1967 لم يكن منصفاً ومن لم يصبهم خرف الشيخوخة وضعف الذاكرة من الأجيال التي عاشت احداث 5 يونيو 1967 والأيام السابقة واللاحقة لها يتذكرون كيف كان 5 يونيو 1967 عقابا قاسيا لمصر جمال عبدالناصر وللمد القومي العربي وما كان يحاك بمصر من فتن ومؤمرات بسبب الطموح والتطلعات المصرية والقومية, فقد خرجت مصر من حرب 1965 وهي تملك رؤية طموحة لدور رائد في المنطقة وبدأ المد التقدمي ينتشر في المنطقة كأصداء لما فعله عبدالناصر وتجربته التقدمية بمصر, ولكن ذلك كله تم اجهاضه في 5 يونيو 1967 بالخديعة وبالقوة وبالخيانة ايضا واصبح اقوى جيش في الشرق الأوسط قطعا من الحديد الخردة على ارض سيناء وعلى مدارج المطارات المصرية التي داهمها الطيران الاسرائيلي بضربة مفاجئة صباح الخامس من يونيو, بينما كان الاعلام العربي يزف للعرب بشرى سقوط مئات الطائرات الاسرائيلية كالذباب والاستعداد لدخول الجيوش العربية تل ابيب.
ومهما غسلت انتصارات اكتوبر 1973 هزيمة او نكسة 5 يونيو 1967 فإن الجرح الغائر بالجسد العربي قد ترك ندبة ظاهرة للعيان لتذكرنا بما حدث في ذلك اليوم وكيف كان المسرح السياسي العربي قبل ذلك اليوم المشؤوم.
كان العرب منقسمين بين دول عربية تقدمية وأنظمة ثورية وعلى الجانب الآخر انظمة اطلقوا عليها اسم الانظمة الرجعية وعملاء الاستعمار.
وكانت موارد العرب وثرواتهم تذهب الى المعارك الجانبية لاعداد المؤامرات لقلب انظمة الحكم او لدعم الانظمة الثورية التي تحتاج الى دعم وتقوية! وبين هذا وذاك نشأت اجهزة الإعلام والاستخبارات وتجار وسماسرة السلاح وانتعشت حولها اسواق ومهرجانات "الرقص السياسي" التي عبر عنها الراحل إحسان عبدالقدوس برواية وفيلم "الراقصة والسياسي" الذي تألقت فيه الفنانة القديرة نبيلة عبيد مع الراحل صلاح قابيل!
وكان يوم 5 يونيو 1967 بمثابة صحوة او ناقوس الاستيقاظ للعرب من الثوار والرجعيين ومن الأنظمة الثورية والرجعية ليذكر الجميع بأن ضعف وتفكك الأمة العربية وتشرذم الدول العربية يؤديان الى هلاك الجميع, وخسارتهم تاريخيا, فقد وصل الجيش الاسرائيلي في يونيو 1967الى شاطئ قناة السويس وتوقفت الملاحة بالقناة وتكبد الاقتصاد العربي والمصري الكثير, ومازالت الجولان السورية محتلة منذ عام 1967 وأحكمت اسرائيل القبضة على المسجد الاقصى والمقدسات الدينية بالقدس الشرقية وبالضفة الغربية.
ورحل عبدالناصر ورحل قبله وبعده عشرات ممن كان لهم دور او كانوا شهودا على ما حدث في يونيو 1967 وعلى اسبابه وتداعياته وان كان الارشيف العربي ببعض الفضائيات ووسائل الاعلام لا يزال محتفظا ببعض الصور الاليمة لما حدث في ذاك اليوم فان هول الكارثة كان كبيرا ومازالت تداعيات وخسائر حرب يونيو 1967 قائمة في الضفة الغربية وفي القدس وفي الجولان ولا يزال العرب يتراشقون الاتهامات ويختلفون ويتمزقون ويتآمرون على بعضهم بعضاً, ولم يخرجوا من هزيمة وليس نكسة يونيو 1967 سوى بالاغاني الحماسية والقصائد والاشعار.
ومهما غسل العرب بانتصارات اكتوبر 1973 عار يونيو 1967 فأن روح اكتوبر 1973 لم تستمر طويلا فمازال مسلسل تقطيع الجسد العربي وتمزيقه مستمرا وبمسميات مختلفة بينما الدولة الاسرائيلية المزعومة التي كان العرب يستعدون لاغراقها في البحر في يونيو 1967 تزداد قوة ونفوذا وصلفا, وتغلق الأبواب أمام مبادرات السلام العربية ولا عزاء للأمة العربية.
فى ذكرى الهزيمة
حسن نافعة/المصري اليوم
فى 5 يونيو من عام 1967 شنت إسرائيل حرباً متزامنة على ثلاث دول عربية، هى مصر وسوريا والأردن، وألحقت بجيوشها هزيمة عسكرية قاسية، وتمكنت من احتلال أجزاء شاسعة من أراضيها شملت ما تبقى من فلسطين وسيناء المصرية وهضبة الجولان السورية. ولأن النظم العربية الحاكمة فى ذلك الوقت، وعلى رأسها نظام عبدالناصر فى مصر، كانت تزايد على بعضها البعض، وتعد شعوبها بنصر مبين وسريع، فقد كان للهزيمة الساحقة والخاطفة مذاق خاص شديد المرارة، بدت معه الشعوب العربية كأنها تعيش كابوساً، وليس أمراً واقعاً شديد البؤس يتعين التعامل معه والخلاص منه.
كنت قد فرغت لتوى من أداء امتحان السنة النهائية بالجامعة، وعدت إلى قريتى بالبحيرة قبل أيام قليلة جداً من وقوع الصدام العسكرى، الذى كنت أعتقد، وقتها، أنه أصبح حتمياً وبات مسألة وقت بعد قرار عبدالناصر إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية. ما إن أعلنت وسائل الإعلام، صباح يوم 5 يونيو، أن الحرب قد بدأت حتى سارعت بالعودة إلى مدينة الإسكندرية، وتوجهت على الفور إلى المقر الرئيسى لمنظمة الشباب لأسجل اسمى فى قائمة الراغبين فى التطوع للقتال، فوجدت أن المئات من زملائى قد سبقونى إلى هناك للغرض نفسه. وبمرور الساعات، ومع تزايد الزحام وتهرب المسؤولين بدعوى انشغالهم بمتابعة التطورات الميدانية، طُلب منا العودة من حيث أتينا، مع وعد بالاتصال بنا على وجه السرعة حين تتضح الأمور وتصبح هناك ضرورة لذلك.
عدت إلى قريتى ومشاعر قلق دفين تنتابنى، وتتصاعد بسرعة مع تغير نغمة الإعلام ونوعية الأغانى التى تبث، حيث حلت أغانى أم كلثوم وعبدالوهاب الوطنية القديمة محل أغانى عبدالحليم حافظ وفهد بلان القومية الحماسية. ورغم إدراكى أن الرياح بدأت تهب على غير ما تشتهى السفن، فإننى لم أتوقع إطلاقا أن تصل الكارثة إلى الدرجة التى تدفع عبدالناصر للتنحى. كانت مشاعرى فى تلك اللحظة شديدة الاضطراب والتناقض فى الوقت نفسه.
فرغم ما انتابنى وقتها من إحساس عارم، ولأول مرة فى حياتى، بالنقمة على عبدالناصر بسبب قناعتى التامة بمسؤوليته عن الهزيمة، فإنه ما إن فرغ من خطاب التنحى حتى انتابنى إحساس باليتم والضياع والخوف على مصر. غير أن ما وقع فى القرية أمام عينى، فور الانتهاء من خطاب التنحى، أصابنى بالذهول. فقد انطلقت على الفور، وفى تلقائية تامة، مظاهرة محدودة من فلاحين بسطاء راحوا يجوبون شوارع القرية وهم يصرخون فى هستيريا: «لا.. حنحارب.. حنحارب»، ووجدتنى بتلقائية شديدة أنضم إليها، وما هى إلا دقائق حتى كانت الشوارع كلها قد امتلأت عن آخرها تردد الشعارات نفسها، ثم تبين لى بعد ذلك أن كلمة السر الرافضة للهزيمة والاستسلام والمطالبة باستمرار المقاومة حتى النصر لم يبادر بها شخص أو تيار سياسى بعينه، وإنما انطلقت فى وقت واحد من كل الحناجر لتشكل دليلاً إضافياً على عبقرية هذا الشعب وقدرته على التوحد فى لحظات الألم والمحنة.
أعترف بأن قدرتى على استيعاب ما جرى فى تلك اللحظات كانت وقتها محدودة، ولم أدرك إلا لاحقاً أن أعظم سنوات البناء الجاد التى عاصرتها بنفسى فى مصر كانت تلك التى أعقبت الهزيمة مباشرة. فقد بدا شعب مصر كله حينئذ مستنفراً ومصمماً على مواجهة التحدى وإلحاق الهزيمة بإسرائيل. وأظن أن الذين شهدوا سنوات حرب الاستنزاف، خلال الفترة من 67 حتى 70، يدركون كم هو عظيم هذا الشعب وقادر على صنع المعجزات.
توجهت إلى فرنسا للدراسة فور قبول عبدالناصر مبادرة روجرز التى توقفت على إثرها حرب الاستنزاف. وبعد شهرين، وأثناء تواجدى فى باريس، رحل عبدالناصر الذى شاءت إرادة الله أن تحرمه من قيادة معركة التحرير بنفسه، لكنه كان قد أكمل بناء الجيش القادر على تحقيق النصر بمعاونة رجال من أمثال: محمد فوزى، وعبدالمنعم رياض، والشاذلى وغيرهم. كانت مصر فى تلك الأيام، رغم الهزيمة، دولة قوية ومهابة. وقد لمست هذه الحقيقة بنفسى أثناء تواجدى فى فرنسا. فقد اهتمت وسائل الإعلام الفرنسية برحيل عبدالناصر أكثر من اهتمامها برحيل ديجول نفسه بعد ذلك. الهزيمة لا تحدث بمجرد وقوعها، لكن بقبولها والاستسلام لنتائجها.
مصر الآن تبدو مهزومة بالفعل، وعليها ألا تقبل بالهزيمة أبداً. وهذا هو أهم الدروس المستفادة مما وقع فى 67.
اليوم التالي للهزيمة!
حلمي الأسمر/الدستور الأردنية
تمر «النكسة» خلسة هذه المرة، فجأة نتذكرها، وسط بحر من الانتكاسات، وبقايا هزائم، وأشباه انتصارات، ونقرأ... في دفتر النكسة عن اليوم التالي لحرب الساعات الستة:
سرت في الجبال معلومات تقول ان اليهود يدعون السكان للعودة إلى بيوتهم! كان المخيم موحشا كمقبرة.. مررنا ببعض الجثث الادمية المنتفخة.. كثير من ابواب البيوت مُشرَّعة تقول ان اللصوص مرّوا من هنا.. كان ثمة اناس «أشفقوا» على مقتنيات أهل المخيم «الثمينة «من ان تقع في أيدي اليهود فآثروا الاحتفاظ بها لأنفسهم حتى لا تتحوّل إلى أسلاب وغنائم في أيدي العدو!!
وصلنا البيت، كان بلا باب.. وكانت الأشياء داخله منثورة هنا وهناك..وكان ثمة قطة ماتت غرقا في زير الماء، أما أرنبتنا، فقد أصيبت بشظية في قدمها!! وكذلك كان شأن النباتات البيتية التي كانت تحرص عليها أم الفتى.. لقد تيبست بعد ستة أيام من العطش والغياب.. والهزيمة!
وكان أول ما طلب الحاكم العسكري الجديد من «رعاياه» أن يفعلوه: رفع الرايات البيضاء على البيوت، وأغلب الظن ان الدافع وراء هذا الطلب ليس اعلان الاستسلام الذي كان لسان حاله يغني عن لسان مقاله، ولكنها الرغبة في الإذلال ليس أكثر..!!
مكثنا حبيسي البيوت أياما، بدأ الحكم العسكري خلالها بممارسة مهام السيادة ولعل أولها كان استقطاب الجواسيس، أو قل ربما استيعابهم وإعدادهم، فلا أظن إنه واجه مشكلة حقيقية في الاستقطاب، بل في الإعداد والاستيعاب، وكانت أكثر مهماتهم سرعة ارتداء «أكياس الخيش» مع ما تنطوي عليه هذه المهمة من احتقار وقذارة!
بدأ الحكم العسكري بجمع الرجال البالغين فوق سن 15 أو 16 في ساحة المركز الأمني الذي بناه الانجليز ودفع بالجموع كي يمروا من أمام «كيس الخيش» البشري، حتى إذا مر شخص مشبوه على وجه من الوجوه أومأ «الكيس» إيماءاته المتفق عليها، ليؤخد هذا «المشبوه» إلى حيث التحقيق والتدقيق وعمل اللازم!! ولم يتسن لي شخصيا المرور بهذا الاستعراض، لكنني طالما سمعت الكبار يتحدثون عن الكيس، ومن يقف يرتديه، وغالبا ما عرف الكثيرون هوية المتخفي بالكيس فاتقوه.. وتجاهلوا إنهم كشفوا هويته!
وشيئا فشيئا، بدأت الحياة تعود إلى سابق عهدها، وبقي منع التجول مفروضا من مغيب الشمس إلى مغربها.. وظل هذا النمط سائدا إلى وقت طويل!
مرت فترة توجس وانتظار، نشط فيها الحكم الجديد في الإعلان بشتى الوسائل إنه حكم مسالم، لن يتعرض لأحد بسوء ما لم يبادر هذا الأحد إلى فعل ما يناهض الاحتلال.. وكان الدرس الأول الذي تعلمه الجميع إن الاحتلال لا يخشى من الكلام مهما كان حادا، بل إنه ليس معنيا به على الإطلاق، المهم ان لا يتطور هذا الكلام إلى عمل أما الثرثرة فلا قيمة لها..
وقد كان هذا الدرس جديدا على القوم الذين اعتادوا ان لا يقولوا شيئا مهما ـ أو هكذا يحسبون! ـ الا إذا تلفت أحدهم يُمنة ويُسرة.. ولكم كان للكلام هيبة قبل هذا الحكم الجديد.. حيث يذكر الفتى ان الحكايات كانت تدور ـ في زمن مضى ـ همسا في الليل خاصة، وكان المتحدثون يصمتون إذا ما سمعوا وقع خطى في الأزقة ولكم رأى الفتى والده أو أحد إخوته وهو يستمع إلى إذاعة صوت العرب تحت اللحاف!!
حزيران .. الوجع الدائم
رشيد حسن/الدستور الأردنية
لا يزال وجع حزيران مقيما فينا ، لم يرحل، ونتائجه واثاره المأساوية ماثلة امامنا لم تتغير ، ولم تتبدل، تشهد باننا لم ننهض بعد من الهزيمة... فالأرض محتلة .. القدس محتلة ،يغتصبها العدو امام ناظرينا يوميا ، نسمع صراخها ونسد اذاننا ، وسيناء مرتهنة “لكامب ديفيد” ، محرمة على الجيش المصري ان يدخلها متى شاء ، وقد اصبحت مرتعا للموساد والخارجين على القانون من كل شكل ولون ،والجولان ينزف دما والما ،، بعد ان اوغلت سكين الاحتلال في جسده .
حزيران باق ومتجذر في داخلنا .. في نفوسنا، بعد أن جرى حقننا بمصل الهزيمة ،وجرى ترويضنا على القبول بان الانتصار على العدو مستحيل ، وان الهزيمة هي قدرنا ، رغم ان سجل الصراع يثبت ويؤكد عكس ذلك تماما ، فلقد انتصرنا في الكرامة وفي حرب العبور ، وانتصرت المقاومة الفلسطينية حينما فجرت انتفاضة الحجارة وانتفاضة الاقصى ، واسقطت مشروعه التوسعي.حزيران باق بعد أن سقط المشروع القومي النهضوي، فانهار جدار الامن القومي العربي بعد توقيع “كامب ديفيد” ، وعلت أسوار القطرية والإقليمية، وأصبحت الامة كلها قبائل متناحرة متصارعة ، وقد عادت ثارات داحس والغبراء، تحركها الايدي الخفية الطامعة في السيطرة على ثرواتها ومقدراتها ، وقد جعلت من العدو الصهيوني القوة الكبرى في المنطقة كلها ، يعربد .. يفعل ما يريد دون خوف من حساب ، أو عقاب. حزيران باق بعد أن انجرت الانظمة كلها الى التنازل عن الثوابت ، فاعترفت بالعدو الصهيوني، بعد أن كان شعارها تحرير فلسطين من البحر الى النهر ، ليصبح بعد هزيمة حزيران على ازالة أثار العدوان، ، ولم يبق الأمر عند هذا الحد، فلقد تم الاعتراف بالعدو على 78% من ارض فلسطين العربية، دون المطالبة ، أو الاشتراط بالانسحاب من الاراضي المحتلة عام67...ويستمر مسلسل حزيران ..مسلسل التنازلات، وتقع الكارثة الثانية بتوقيع“اوسلو” فيعترف صاحب الحق والممثل الوحيد للشعب الفلسطيني ،بالعدو الصهيوني على 78% من ارض فلسطين التاريخية ، ويؤجل البحث في القضايا الرئيسة “القدس، اللاجئين، المستوطنات ، الحدود والمياه” ما اعتبره العدو اللئيم فرصة لتكريس الامر الواقع، لتحقيق كامل أهدافه قي سرقة الارض وتهويد القدس والاقصى ،والحكم على الشعب الفلسطيني بالنفي الابدي.
وفي قمة بيروت2002، سيطرت روح حزيران على الجميع ، فلم يكتفوا بالموافقة على التطبيع مع العدو اذا ما انسحب من الارض المحتلة ، وانما التفوا على حق العودة
المقدس ، واخضعوه للتفاوض مع العدو ، ما يعتبر تفريطا خطيرا بهذا الحق التاريخي، غير قابل للتصرف ، ويجسده ويحفظه القرار الاممي رقم 194.
ويستمر الانهيار فيعلن وفد المجموعة العربية للسلام برئاسة رئيس وزراء قطر في حضرة وزير خارجية اميركا عن موافقة المجموعة ، والتي تمثل الدول العربية كافة ، على تبادل الاراضي ، وهو قرار خطير يعني اعطاء الاستيطان صفة الشرعية، ونزع القدسية عن الارض الفلسطينية ، وتحويلها الى سلعة في سوق النخاسة والتنازل الدولي.
باختصار... وجع حزيران لن يزول ، حتى تمتلك الامة ارادتها كاملة فتكسر الاغلال وتحطم الاصنام ، وتحرر فلسطين والقدس ، والارض كل الارض من الماء الى الماء.
نكسة منسية
حسين درويش/البيان الإماراتية
أمس مرت الذكرى الـ 46 لنكسة حزيران، ولم يتوانَ كَتبة الندب واللطم عن استحضار ما اجتروه منذ حوالي نصف قرن، حيث يفندون أسباب الهزيمة عام 1967 التي دمرت 80 % من عتاد العرب، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 20 ألف شخص، فضلاً عن خسارة سيناء والجولان وغزة والضفة الغربية.
أطلق المحللون على تلك الحرب حرب الأيام الستة، أو الحرب الثالثة ضمن الصراع العربي الإسرائيلي، بينما أطلق عليها العرب اسم النكسة أو حرب يونيو أو حزيران أو الهزيمة، وهاهم يتوقفون عن إطلاق المسميات على الحروب، بعدما تجاوزت حد التصنيف، نكبة، نكسة، هزيمة، إلخ.
توقف العرب عن ذلك قبل الربيع العربي، توقفوا بعدما تحولت الديكتاتوريات العربية إلى جلادين أقسى من حروب إسرائيل، إسرائيل التي لم تقتل عبر تاريخها الإجرامي في المنطقة ربع ما قتلته الديكتاتوريات من شعوبها، والمفارقة التي تفلق من الغيظ، أن جميع هؤلاء الطغاة من الحكام، شعارهم محاربة إسرائيل واسترجاع فلسطين وتحرير بيت المقدس.
مرت ذكرى النكسة أمس، وقد خفت بريق البكاء على نتائجها، ليس بسبب النسيان والاعتياد فقط، بل لأن ما يجري اليوم يفوق ما فعلته إسرائيل بحروبها مجتمعة.
حقاً صدق طرفة بن العبد حين قال:
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ
حفلة سمر 5 حزيران
اسامة الرنتيسي /العرب اليوم
ما زالت ستارة مسرحية سعدالله ونوس "حفلة سمر من أجل 5 حزيران" مفتوحة على جراحنا، لا بل فالمسرحية من دون ستارة، لانها جزء من الفضيحة التي اكتشفناها بعد ساعات، ولا تزال مستمرة، فضاعت الضفة الفلسطينية وتضيع الآن القدس.
5 حزيران، بعرفنا العربي يوم النكسة، ومع الذكرى السادسة والأربعين للنكسة سيّرنا عربياً وفلسطينياً لهذا اليوم المسيرات والاحتجاجات في الشوارع والبيانات التي اصبحت مهزلة، للتذكير بهذا اليوم المشؤوم، لكن إسرائيل تفعل أشياء أخرى، تفرض فيها حقدها وعنصريتها على أرض الواقع، وبالنسبة لها فالقدس ملعب التهويد الأول.
لم تتوقف الحرب الإسرائيلية المستعرة على كل متر في القدس العربية المحتلة منذ عام 1967، بل تزداد ضراوة وتتخذ أشكالاً مختلفة، وعلى مدار السنوات الماضية جربت إسرائيل كل الطرق الممكنة لتغيير هوية المدينة عبر تهويد كل ما هو عربي فيها.
جربت طرد الفلسطينيين، وهدمت منازل آخرين، وسحبت هويات الكثيرين، في وقت عززت فيه من الوجود اليهودي في المدينة المقدسة ضمن خطة تهدف إلى خلق أغلبية يهودية حتى عام 2020، وهو ما يعرف بخطة عشرين عشرين.
أشكال التهويد قائمة وتفرض يوميا فبعد قانون "عبرنة" أسماء الأحياء العربية في القدس المحتلة، أي تحويلها من عربية إلى يهودية، ومنع استعمال الأسماء العربية، إضافة إلى منع استخدامها في الوثائق ووسائل الإعلام الرسمية، اكملت اسرائيل مشروعها في القطار السريع حول القدس.
بمشروع "العبرنة" تحول اسم أبوديس إلى "كدمات صهيون"، وحي الطور أصبح "تل حنانيا"، ورأس العامود "معليه زيتيم".
لقد غطى الدم السوري على شاشات الفضائيات وتداعيات الثورات في عديد العواصم والمدن العربية على ما تتعرض له قبلة المسلمين الأولى، مدينة القدس التي لم يتبق من أراضيها سوى 14% يستغلها المقدسيون للبناء، فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة صادرت أكثر من 34% من أراضيها لصالح المستوطنات، وصنفت 52% مناطق خضراء، ومنذ بدء احتلال القدس عام 1967 صادرت إسرائيل هويات عشرات الالاف من الفلسطينيين، وألغت الاف حقوق الإقامة في القدس.
وهناك ما يزيد على عشرة آلاف طفل فلسطيني في القدس الشرقية غير مسجلين في هويات والديهم، كما أن نسبة هؤلاء الأطفال الذين لا يقدرون على التسجيل في المدارس العامة أو ممن يحصلون على الرعاية الطبية بسبب عدم تسجيلهم تقدر بنحو 23,6%.
وتصادر إسرائيل الاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية المحيطة بالقدس، تحت مظلة بناء الشوارع "الأمنية" الاستيطانية، والتي تعرّض أعمال شقها لخطر الهدم ما يزيد على 38 منزلاً فلسطينياً في السواحرة الغربية والشرقية والثوري وأبوديس.
وبناء على الخارطة الهيكلية الأخيرة التي قدمتها بلدية الاحتلال في القدس، فسيتم خلال السنوات الخمس المقبلة بناء 32000 وحدة سكنية استيطانية، ما يعني انتقال 120 ألف يهودي للعيش في القدس الشرقية.
في الممارسة التهويدية لم يبق هناك قدس، والذي يعزز ذلك الصمت العربي والإسلامي المطبق على ما يجري في القدس التي طال التهويد أبنيتها وشوارعها وأسماءها وآثارها.
نكبة فلسطين.. واستقلال إريتريا
محمد مسوكر(كاتب في شؤون القرن الأفريقي)/القدس العربي
لعلنا جميعا نعلم ان اللغة العربية المتداولة في إطار الوسائل والوسائط الحاملة للثقافة القائدة، مليئة بالمصطلحات والمفاهيم المستوردة، التي لا أجد في وصفها أصدق من قول المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد في كتابه ‘خارج المكان’ (انني مقدم على عمل متناقض جذريا هو إعادة بناء عالم في مصطلحات عالم آخر).
جميعنا نرزح تحت وطأة هذا التناقض الجذري لأننا نعيش في زمن لسنا أعضاء فيه، بل ربما نحن مادته التي يستعان بها في الانتاج. الاقوياء وحدهم قادرون على تسمية الاشياء، بل وعلى نعتنا وتسمية ذواتنا الخاصة التي يبدو أنها ليست خاصة كما نعتقد دوما، لأننا كثيرا ما ننادي أنفسنا بأسماء يراعى استاقمتها مع منطوق المجتمع الدولي، بصرف النظر ما إذا كانت عاكسة لواقع الناس أم لا.
هذا التقديم أوجبه التأمل التاريخي الذي يدعـــو له هذا المقال، فتنشيطا للذاكرة لعل المهتمين يتذكرون أن الفضاء العربي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان يعمل جاهدا على أن ينتصر لقضيتين بارزتين، وهما القضية الفلسطينية والقضية الاريترية، والقول ان الاولى قضية مركزية لم يكن تعاليا على الشأن الاريتري، كما يعتقد البعض، بل انها أحد أبعاد القضية الفلسطينية وتلك هي ضالة هذا المقال.
حقائق التاريخ والجغرافيا معلومة، ولا يرغب هذا المقال في تكرارها، ولكن من خلال التوافق الزمني بين القضيتين، حيث نعيش ذكرى النكبة المستمرة لأهلنا في فلسطين المتزامن مع الذكرى العشرين لاستقلال إريتريا، نود أن نقرأ ذلك، ولا بأس أن نستعجل ونفصح عن السؤال، كيف حدث إستقلال إريتريا رغم أن نكبة فلسطين مازالت قائمة؟
كما أسلفت فأن الأقوياء وحدهم قادرون على تسمية الاشياء، وهذا السؤال يعاني من سطوتهم، لأن القول باستقلال إريتريا ينسجم مع ثقافة المجتمع الدولي، أما الكيفية والتعبير عن كافة أركان الجماعات المكونة للخارطة الاريترية فهذا خارج دائرة اهتمامهم.
في العام 1948 عام النكبة الفلسطينية، أي عندما بدأ الصهاينة في تشريد الفلسطيينين من ديارهم، كانت إريتريا تحت الوصاية البريطانية بعد هزيمة ايطاليا، ولان المؤامرة كانت أكبر من الخارطة الاريترية، لم تتخذ الامم المتحدة قرارا في اجتماع الجمعية العمومية الدورة الثالثة الذي خصص لمناقشة مصير المستعمرات الايطالية، فأرجأ الامر الى 1950، وفرضت أمريكا ما يعرف بالمشروع الفيدرالي مع إثيوبيا الامبراطور هيلي سلاسي، الذي عرف عنه صداقته الوطيدة لأمريكا واسرائيل، لذلك عندما ابتلع اريتريا وأعلنها المقاطعة رغم 14، على الرغم من أن المشروع الامريكي نظريا يحدد المدة الفيدرالية بعشرة أعوام تبدأ 1952- 1962، لم تتجاهل أمريكا الامر، بل شاركت في هذا الابتلاع بان أقامت قاعدة لها في أسمرا بصحبة إسرائيل .
انقسمت الجماعات الاريتــرية إزاء الأمر، فالقوى الاجتماعية المنسجمة اجتماعـــيا ودينيا مع إثيوبـــيا لم تقاومه، ولكن تلك التي رأت أنه نكبة استدعت المقاومة، وكذلك كان حال الشعب الفلسطيني، فكلاهما ضحية الامم المتحدة.
أنجبت الثورة الاريترية عددا من الزعماء والقيادات السياسية والعسكرية كشقيقتها الكبرى فلسطين، فمثلما كان ابو عمار في الساحة الفلسطينية كان في إريتريا عثمان صالح سبي، الذي توفي العام 1987 في احد المستشفيات بالعاصمة المصرية القاهرة، في ظروف لا تقل غموضا عن تلك التي صاحبت رحيل أبو عمار في باريس.
عثمان سبي على الرغم من أنه لم يكن يملك قوات عسكرية نافذة في الميدان الاريتري، إلا أنه كان يتمتع بحضور سياسي كبير، الأمر الذي جعله مرصودا من الدول الكبرى، ودوما تجد في تحركه السياسي الربط بين مركزية القضية الفلسطينية وبعدها في إريتريا، وان نجاح المشروع الصهيوني في فلسطين يشترط بالضرورة حماية إسرائيل في البحر الاحمر، من هنا تأتي الرؤية الدولية في تمكين إثيوبيا لأطول ساحل في غرب البحر الأحمر.
تتلمذ سبي في أجواء ووعي جمال عبد الناصر الذي قدم الثورة الاريترية الى العالم، من خلال ضمه واستضافته للقيادات المؤسسة لجبهة التحرير الاريترية التي دخلت في خلافات في ما بينها، شأنهم في ذلك شأن القيادات الفلسطينية،
ولكن لم يقدر أي طرف منهم على أن يكون متناغما مع البرنامج الدولي.
في العام 1974 حدث تحول مهم في مسار السلطة في إثيوبيا، بسقوط حكم الإمبراطور هيلي سلاسي وظهور منغستو هيلي ماريام وادعائه الماركسية واحتمائه بالاتحاد السوفييتي أو بالمعسكر الشرقي. وفق هذا المعطى السياسي الجديد لم تعد إثيوبيا مأمونة الجانب للمصالح الغربية، وبدأ تعاظم الثورة الاريترية ذات البعد الفلسطيني (جبهة التحرير أو عثمان سبي) يثير قلقا للغرب. في تلك الأجواء أنجب أسياس أفورقي تنظيمه الذي عرف باسم (الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا) بقابلية كافية أن يكون البديل المحتمل في حالة فقدان إثيوبيا قدراتها للعب الدور المناط بها من قبل الغرب، وأن يكون الضابط لبوصلة الثورة الاريترية، وجاءت أولوياته كالتالي:
اولا، تصفية الثورة الاريترية من قواعدها السياسية والاجتماعية التي تأسست عليها، وضربها عسكريا وملاحقة قياداتها العسكرية وتصفيتهم وقد فعلت ذلك.
ثانيا، تقوية القوة الاثيوبية المناوئة لنظام منغستو، وبالفعل ساهم في تمكين جبهة تغراي وبذلك استطاع أن يوفر الضمانات المطلوبة لحماية المصالح الغربية التي هي بالضرورة المصالح الاسرائيلية أيضا، الأمر الذي أغدق على القوتين سيل المساعدات الغربية بلا حساب .
حقبة الثمانينيات شهدا عملا دؤوبا من قــــبل القوتين، إلى أن تم لهم أمر إزاحة نظام منغستو من السلطة، ولعل الذاكرة لا زالت تحتفظ بالمفاوضات التي رعاها كوهين في لندن بين ملس زيناوي رئيـــس وزراء إثيوبيا الراحل وأسياس أفورقي، وقبلها لقاء جيمي كارتر بأفورقي في مطار الخرطوم، الأهم في تقديري تزامن استقلال اريتريا مع انهيار الاتحاد السوفييتي، ويحضرني هنا القول الذي شاع آنذاك، ‘استقلت إريتريا أم سقط الاتحاد السوفييتي؟’. أعتقد أن الذي حـــدث هو تحديث إثـــيوبيا سياسيا بما يتناسب ودورها المناط بها في ظل النظام الامريكي الجديد. أما السؤال الذي أفصحنا عنه في صدر هذا المقال وهو للتذكير كيف حدث استقلال إريتريا، رغم أن نكبة فلسطين ماثلة؟
اذن من هم المتضررون من استقلال إريتريا؟ هم قيادات وتاريخ وثقافة الذين كانوا البعد الأقليمي والدولي للقضية الفلسطينية، وأن النظام في إريتريا مهما تجبر وطغى لن ترضى القوى الدولية بديلا له، ما لم يرضي الرغبة التي نكبت فلسطين.
إذن مفهوم النكبة الفلسطينية لا يحتاج منا الى تعريف لأنها ماثلة أمامنا، ولكن لأن صورة التناقض الجذري ماثلة في إريتريا وجب هذا الـتأمل.
القدس
ابن الديرة/دار الخليج
فعل المشرع في الإمارات خيراً حين جعل مناسبة الإسراء والمعراج عطلة رسمية . . بهذا تدخل المناسبة أكثر في الوجدان، وتتاح الفرصة لاستحضار معناها واستذكار تاريخها .
وتاريخها يرتبط بالصلاة، الصلة الروحانية الخالدة بين العبد وربه، بل الصلة الحياتية المستمرة بما تمثله من مبادئ وقيم . في صميم مشهد الإسراء والمعراج القدس الشريف، وهذه مناسبة القدس . هنا، اليوم، نتذكر القدس ولا ننساها . هكذا شاء المولى القدير، حين جعلها نقطة الوصل المضيئة بين الأرض والسماء .
القدس، وهي قدس أقداسنا، تتعرض للتهويد من جانب عدو هو ضد الإنسان والإنسانية والأرض والحجر والشجر، فيما العالم كله، والعرب ليسوا استثناء، في غفلة عما يحدث . الحكاية أبعد من بيانات الشجب والاستنكار . هي حكاية وطن وأمة وعنوان إرث ديني وثقافي . أقل القليل في سبيل القدس لا يبذل الآن، والمطلوب الجهاد من أجل القدس ولو بالكلمة والبحث والدراسة وتوثيق ما يحدث بالصورة الناطقة . لا بد من تسجيل ما يتغير قبل أن يتغير، ولابد من بذل الجهد والمال في سبيل تأهيل ذاكرة القدس، قلب فلسطين النابض، الباقي على الدهر، مصدر إشعاع وهدى، ومحطة مفصلية في زمان ومكان العرب والمسلمين، والناس أجمعين .
نعم القدس رمز، ورمزيتها في قلوبنا ودوراتنا الدموية، لكننا لا نريد لها، وهي الحرة، أن تحبس في الرمز وفي أفقه الضيق أو الواسع لا فرق . القدس للزمان كله، وللمسافة إلى أبعد آمادها .
ولقد فعل المشرع في الإمارات خيراً . اليوم عطلة رسمية، لكنه ليس عطلة عن التفكير والتذكر والأمل . الأمل لكن مع العمل من أجل القدس، أجمل المدن .
كل عام وأنتم بخير .
«عرب آيدول» : الفن والغناء خط الدفاع الأخير عن الوحدة الوطنية!
د. خالد الحروب/الدستور الأردنية
ماذا يعني ان يتابع ملايين الفلسطينيين الشاب المبدع محمد عساف ابن خان يونس في قطاع غزة في برنامج “عرب آيدول” على شاشة ام بي سي كل اسبوع, ويديرون ظهورهم لكل صحف حماس وفتح وتلفزيوناتهما وصحفهما وكل ما يحتويه اعلامهما من مهاترات؟ ماذا يعني ان يكون اقل عدد زوار اي مقطع لكل اغنية من اغنياته على اليوتيوب اكثر من مليوني زائر, وبعضها تجاوز الخمسة ملايين – اي اكثر من عدد من صوت لفتح وحماس في انتخابات 2006! وماذا يعني ان تكون خلفيات المصوتين له شاملة وعامة لكل طيف الشعب الفلسطيني: في الداخل, من الضفة والقطاع وفلسطين المحتلة عام 1948, وفي الخارج حيث يتواجد الفلسطينيون. وايضا على اختلاف انتماءاتهم الدينية والثقافية والسياسية: مسلمون ومسيحيون, مسيّسون وآنفون من السياسة.
وماذا يعني ان تتجاوز اعداد المصريين المشاركين في التصويت في حلقات عرب آيدول مجموع من صوت للرئيس المصري محمد مرسي في انتخابات 2012؟ وما هو المغزى العميق في قراءة الخلفية الثقافية والدينية والاجتماعية لملايين المصوتين الذين يمثلون طيف الشعب المصري, بعيدا عن الاستقطاب الديني والتعصب المذهبي والتشظي المجتمعي الذي سببه ذلك التعصب في بلداننا؟ وماذا يعني ان يتابع اكثر من ثلاثة ملايين شخص موالاً كتبه ولحنه وغناه المتسابق السوري عبد الكريم حمدان عن مدينته الجريحة حلب على اليوتيوب, ونفس العدد او اكثر يتابع بقية اغانيه في البرنامج؟ وماذا يعني ان يطرب الملايين ايضا لغناء الشابة الكردية برواس بالعربي ويستمعون اليها بالملايين على الشاشة وعلى مواقع الانترنت؟
برنامج “عرب آيدول” لاكتشاف المواهب الغنائية يطرح في الواقع اسئلة عميقة ثقافية-سوسيولوجية ويثير الكثير من التأملات التي يجب ان يتوقف عندها المهتمون بالشأن العام وخاصة قادة الاحزاب الدينية وغير الدينية – والإشارات المكثفة هنا عن التسيّس الديني, سواء انتجته دول ام حركات, لأنه هو المُتهم بجلب الاستقطاب والتعصب المذهبي والطائفي الذي يدمرنا الآن. النجاح الكبير للبرنامج المتمثل في مستويات المشاهدة المذهلة تدلل على الهجرة الجماعية عن قنوات الاخبار المسيسة, والقنوات الدينية, وعن كل البث الاعلامي الذي ظن كثيرون انه قد استقطب الشريحة الاكبر من العرب ويؤثر في تشكيل مزاجهم ويقولب ثقافتهم. هل بالإمكان الاستنتاج من ذلك والقول انه على رغم كل الضخ السياسي والاخباري وانباء الحروب الدامية, او ربما بسبب فيضانها, فإن ظاهرة النزوح العام عن الفضائيات الاخبارية, تعني نزوحاً مشابها عن الاحزاب السياسية, وعن الجماعات الدينية, وعن كل ما دأب على تشتيت وتفتيت المجتمعات العربية اليوم؟
في برنامج “عرب آيدول” يلتقي مواطنو كل بلد عربي ويساندون مرشحهم بالمؤازرة والتصويت– يتوحدون في شكل وحدة وطنية يفتقدونها في بلدانهم التي تعاني من الاستقطاب والتعصب الذي جاء به تسييس الدين وتوظيفه والتمترس خلف التفسيرات المتطرفة التي تقضي على التعايش. في معظم البلدان العربية اليوم يبدو المشهد الثقافي-السوسيولوجي-الديني بالغ البؤس حيث التطرف ينهش من اللحم الحي فيها, ويقضي على مساحات الحياة المشتركة. ويُحاصر الناسُ بموجات تديين كل ما له علاقة بالحياة العامة والفردية, وحيث تتدخل جحافل مفتي التلفزيونات في كل طرائق تنفس الناس ونومهم. وفي الرد على هذا الاختناق المتزايد, والتصحير المخيف للحياة, تدير عشرات الملايين من الناس ظهرها لكل ذلك وتعلن رفضها لكل من يريد التحكم في رقابها, وتتمسك بمنطقة التعايش الوسطى وتدافع عنها. بقاء هذه الكتلة العريضة في الوسط وتحديها لكل تيارات التطرف, وتعاليها عن نداءات التعصب, وشمولية تمثيلها لمكونات مجتمعاتها هو عمليا خط الدفاع الاخير عن وحدة هذه المجتمعات وهويتها الجماعية وشعورها بالانتماء.
ليس هناك ادنى مبالغة في القول الآن, على سبيل المثال, ان محمد عساف يحقق ثقافيا وهوياتيا وحدة وطنية فلسطينية حقيقية وعابرة للانتماءات, ويخدم احساس الفلسطينيين بهويتهم الجماعية افضل من كل ما تقوم به حماس وفتح والسلطة الفلسطينية مجتمعين! او بالاحرى هو يرمم ما يدمرون! الاستقطاب السياسي, وضمنه الديني, الذي جره الانقسام الفلسطيني على هوية وثقافة الفلسطينيين عمل ولا زال يعمل على تدمير المشتركات بينهم, خاصة مع هوس حماس بتديين الفضاء العام, وسلفنة قطاع غزة بشكل مباشر او غير مباشر, ومراقبة “منسوب رجولته!”.
من منظور اوسع يعود الفن والغناء ليثبتا ما هو مثبت لجهة الطاقة التوحيدية الهائلة العابرة للاستقطابات. وان اردنا التأمل في ذلك عربيا, لنا ان نذكر ان ام كلثوم كانت احد اهم عناوين العروبة الثقافية رغم كل الحروب العربية السياسية الباردة منها والساخنة. وان فيروز هي التي رسمت صورة لبنان الجميل المُوحد والعابر للطوائف والتي يطرب لها كل اللبنانيين بغض النظر عن خلفياتهم. وان الشاب خالد, ومعه فن الراب والراي, ربط كل جزائريي المهجر والداخل ايضا بهوية وطنية ثقافية تتجاوز كل انقسامات الحرب الاهلية, ونداءات التشظي العربي/الامازيغي. وان محمد عبده في السعودية يدندن لـ “أماكنه المشتاقة” حجازيو ونجديو وشرقيو المملكة, ويديرون ظهورهم للتعصب السني والشيعي وكل إكراهاتهما وتقسيماتهما للمجتمع.
في “عرب آيدول” يتحدث العرب الى العرب من مشرقه الى مغربه على ارضية الفن ويغنون معاً ويطربون لذات الاغنيات. بعيدا عن ارض الفن هذه لا نجد سوى الانقسامات والطائفية والاتهامات والاستقطابات. في برامج الفن والادب والغناء هناك لغة عربية وسيطة تقرب بين اللهجات, ترقي منها من ناحية, وتبتعد من ناحية اخرى عن تقعر لغة الاخبار ولغة الخطابات الدينية المتعالية المنفصلة عن الناس. يقدم لنا “عرب آيدول” وبقية برامج الفن والادب والغناء تحديا واطروحة بالغة العمق وبحاجة الى تأمل كبير وسط التشظي المرعب الذي نعيشه وهو الآتي: هل اصبح الفن والغناء هما خط الدفاع الاخير عن الوحدة الوطنية في كل بلد عربي؟ وهل اصبح الفن والغناء هما خط الدفاع الاخير عن العروبة الثقافية؟
الحروب الأهلية العربية بدل محاربة إسرائيل
د. صبحي غندور/البيان الإماراتية
قيل بعد حرب أكتوبر 1973، وعقب توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية، إنّ "لا حربَ من دون مصر ولا سلامَ من دون سوريا". وقد ثبت بعد أربعة عقود مرّت على هذا القول، صحّة خلاصته، حيث لم تحدث منذ ذاك الوقت حرب نظامية عربية/ إسرائيلية، بمعنى حرب جيوش تقليدية على الجبهات، رغم حدوث حروب عديدة خلال هذه العقود، قامت بها إسرائيل ضدّ حركات المقاومة في لبنان وفلسطين.
أيضاً، لم تحدث تسوية شاملة للصراع العربي/ الإسرائيلي، رغم المعاهدات التي حدثت بين إسرائيل ومصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وقد مضى حتّى الآن أكثر من سنتين على التغيير الذي حدث في النظام المصري، لكن لم يحدث بعد أيُّ تغيير عملي في السياسة الخارجية التي اتبعتها مصر منذ توقيع اتفاقات "كامب ديفيد" عام 1978، وما زال الحكم المصري الجديد يؤكّد التزامه بهذه الاتفاقات وبالمعاهدة مع إسرائيل. أمّا في الحالة السورية.
فنجد أيضاً أنّ أكثر من سنتين من الصراع الدموي الجاري لم يُغّير من السياسة الخارجية للحكم الحالي في دمشق، ولا من تحالفاته الدولية والإقليمية، وهو أمر سعت واشنطن وتسعى لحدوثه منذ حرب 1973، حيث نجحت الولايات المتحدة آنذاك في إخراج مصر من التحالف مع روسيا الشيوعية، وضمّها إلى الفلك الأميركي في المنطقة، الذي كانت فيه حينها إيران - الشاه، وتركيا التي لا تزال أحد الأعضاء المهمّين في "حلف الناتو".
تداعيات سلبية خطيرة حدثت في المنطقة العربية وجوارها الإقليمي في العقود الماضية، منذ خروج مصر من الصراع العربي/ الإسرائيلي، كان منها ما هو بفعل إرادات وظروف محلية، أو بسبب تخطيط وعدوان خارجي، أو مزيج من الحالتين معاً. فمن الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، إلى الغزو الإسرائيلي للبنان واحتلال بيروت في 1982، إلى غزو صدام حسين لدولة الكويت صيف 1990، إلى حرب الخليج الثانية 1991، إلى مؤتمر مدريد واتفاقية "أوسلو" بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، إلى هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة عام 2001.
فغزو العراق 2003، إلى الحروب الإسرائيلية على لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة في أكثر من محطة زمنية خلال العقد الماضي، إلى ما تشهده المنطقة الآن من صراعات وأزمات أمنية وسياسية، تُنذر بحروب أهلية وبتغييرات في كيانات بعض الدول وحدودها، وليس فقط أنظمتها الحاكمة.
وهذه التداعيات السلبية في التاريخ العربي المعاصر، لم تكن منفصلة عن مجرى الصراع العربي/ الصهيوني الممتد نحو مئة عام، ولا هي أيضاً مجرّد تفاعلات داخلية، "الخارج" منها براء.
ويُرجِع بعض العرب سلبيات أوضاعهم الراهنة إلى هزيمة يونيو/ حزيران عام 1967، رغم مرور ما يُقارب نصف قرن من الزمن على حدوثها، بينما الواقع العربي الراهن هو نتاج تدهور متسلسل تعيشه المنطقة العربية منذ اختار الرئيس المصري الراحل أنور السادات السير في المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي، الذي وضعه هنري كيسنغر بعد حرب أكتوبر 1973، في ظلّ إدارة كسينغر للسياسة الأميركية الخارجية.
إنّ الحقبة السياسية بعد حرب عام 1973 (وليست النتائج السياسية لحرب 1967)، كانت بالنسبة للعرب هي الأخطر، لأنها أوجدت بذوراً للعديد من الأزمات القائمة الآن. فقد كانت حرب أكتوبر 73 درساً لأميركا وإسرائيل، في أنّ الهزيمة العسكرية الكبرى لمصر عبد الناصر عام 67، والقوة الإسرائيلية الهائلة والمتفوقة في المجالات كلّها، والعلاقة الخاصة مع بعض الحكومات الغربية..
هي عناصر لم تكن مانعة لحدوث "نصر أكتوبر"، ولا لعدم استخدام النفط كسلاح في الصراع مع إسرائيل ومن يساندها، ما دفع أميركا وبعض الدول الأوروبية إلى إعادة حساباتها في المنطقة، وإلى تأسيس نواة ما يُعرف اليوم باسم "مجموعة الدول الثماني"، والتي كان تأسيسها (عام 1974 من خمس دول)، مرتبطاً بقرار حظر تصدير النفط إلى الغرب خلال عام 1973. ومن حال النتائج الإيجابية لحرب 1973، بما فيها القيمة العسكرية لعبور قناة السويس، وظهور القوة المالية والاقتصادية والسياسية للعرب آنذاك، ثمّ القرار الذي أعلنته الأمم المتحدة بمساواة الصهيونية بالعنصرية..
إذا بالمنطقة العربية تنتقل من هذه الإيجابيات الدولية، ومن حال التضامن العربي الفعّال، إلى إشعال الحروب العربية/ العربية، والحرب العراقية/ الإيرانية، وتصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة. فكانت نتائج تلك المرحلة، ليست في تعطيل دور مصر العربي فقط، بل بفتح الأبواب العربية كلّها لحروب داخلية وحدودية، واختلال الجسم العربي بأسره.
ولولا هذه السياسات الخاطئة في "السّلم والحرب"، لما حصل ما حصل من تمزّق عربي خطير، وهدر وتدمير لإمكانات عربية كثيرة، وإعادة فتح أبواب المنطقة للتدخل والوجود العسكري الأجنبي.. أمّا هزيمة 1967، فقد كانت سبباً مهماً لإعادة النظر في السياسة العربية لمصر الناصرية، حيث وضع عبد الناصر حينها الأسس المتينة للتضامن العربي من أجل المعركة مع العدوّ الإسرائيلي، وتجلّى ذلك في قمّة الخرطوم عام 1967.
وما تلاها من أولويّة أعطاها ناصر لاستراتيجية إزالة آثار عدوان 1967، وإسقاط كل القضايا الأخرى الفرعيّة، بما فيها سحب القوات المصرية من اليمن، والتصالح مع الدول العربية كلّها، والسعي لتوظيف كلّ طاقات الأمّة من أجل تحرير الأراضي المحتلة، وإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، التي قامت فعلاً بحرب الاستنزاف أولاً، ثمّ بحرب عبور قناة السويس.
لكن هذه الدروس الهامة لم تعش طويلاً بعد وفاة ناصر، وبعد حرب 1973، إذ عانت الأمّة العربية، ولا تزال تعاني، من انعدام التضامن العربي، ومن انقسامات وصراعات بين حكومات وشعوب، ومن هشاشة البناء الداخلي، ما سهّل الهيمنة الخارجية على بعض أوطانها، ودفع بالوضع العربي كلّه نحو مزيد من التأزّم والتخلّف والسيطرة الأجنبية.
لكنْ، مهما كانت تداعيات الصراع مع إسرائيل الآن سيّئة وبالغة التعقيد، ومهما كانت سلبيات الواقع العربي الراهن وحال الانقسام والعجز والضعف، فإنّ الإرادة الشعبية، في تاريخ أكثر من بلد عربيٍّ، استطاعت أن تكسر الأغلال، وأن تثور ضدّ الظلم والاحتلال، وهي قادرة على أن تصحّح هذا الواقع عاجلاً أم آجلاً، طالما حافظت على وحدة الشعب، وأدركت بحقّ، من هو الصديق ومن هو العدوّ.
يجرّمون نصر الله وحزبه.. ماذا يريدون؟
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
حملة شعواء تُشن على حزب الله وأمينه العام سماحة السيد حسن نصر الله، أطلق عليه شيخ علماء المسلمين ‘الطاغية الاكبر’ وعلى حزبه ‘حزب الشياطين’، كل ذلك بسبب مواقف الحزب وزعيمه من الصراع في سورية. نصر الله لم يمارس ديماغوجية أو تدخلا في سورية، من تحت الطاولة، أعلن هذا بكل الصراحة والوضوح المعروفين عنه. السؤال الأبرز الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع هذه الاتهامات… لماذا مسموح للمسلحين من كل بقاع العالم، العربي، الأفغاني، الأوزبيكي، الآسيوي، الأفريقي، الأوروبي، وغيرها القتال ضد النظام في سورية، وممنوع على حزب الله مساندة حليفه الاستراتيجي؟ هذا السؤال يقود إلى أسئلة أخرى: هل السلفيون وجبهة النصرة وأعوانهما هم الحل، وهم المتوجب تسليمهم الحكم؟ ألم ير العالم حقد ذلك المرتزق الذي استخرج قلب وكبد جندي سوري قتيل وبدأ في لوكهما؟ أهذا ما يريدونه؟ هل ما يجري في سورية كله حرص على الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ هل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول الغربية وأعوانهم في الدول العربية حريصون على حقوق الإنسان العربي وديمقراطيته؟
لقد رأينا من قبل الحرص الأمريكي- الغربي – الصهيوني على الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق، بعد الغزو الأمريكي لأراضيه؟ رأينا مسلكية الجنود الأمريكيين (المتحضرين) تجاه العراقيين في سجن أبو غريب، وفي صورة يدعس فيها جندي أمريكي ببسطاره على رقبة عراقي مبطوح على الأرض، أهذا ما يراد لسورية أن تكون مثل العراق؟ الذي أصبح مرتعاً في معظم أنحائه ومركزاً للموساد الإسرائيلي والأجهزة الاستخبارية الغربية؟ العراق بكل بعده وعمقه الاستراتيجي العربي أرادوا مصادرة دوره في الصراع العربي- الصهيوني. العراق بالمعنى الفعلي، أصبح مقسماً إلى دويلات طائفية متحاربة،هذا ما يريدونه فعلاً لسورية، لإخراجها من مثلث المقاومة المؤلف من حزب الله وسورية وإيران.نعم حزب الله أحرز أول انتصارين فعلييْن على العدو الصهيوني في عامي 2000 و2006 وأعطى وما يزال الأمل لكل أبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج بإمكانية تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وحوّل هذه الإمكانية من صورتها النظرية إلى الأخرى الواقعية. سورية تتعرض لمؤامرة واسعة الأطراف هدفها إسقاط الضلع الأول من مثلث المقاومة، ليسهل اصطياد الضلعين الآخرين.
لا يعني ذلك أننا ضد المطالب الشعبية السورية: بالإصلاح والديمقراطية والخلاص إلى غير رجعة من مجموعة من بعض الأمراض السياسية والاجتماعية في سورية. من جهة اعترف النظام بمجموعة كبيرة من الأخطاء، وقام بتغييرها دستورياً، ومن جهة ثانية هو مع الانتخابات الحرّة والنزيهة. وافق على الجلوس مع كل قوى وألوان المعارضة في المؤتمر الدولي (جنيف 2)، لكن المعارضة ترفض الحضور، المعارضة الداخلية في سورية طرحَت مطالب وحاورت النظام ووصلت معه إلى مفاهيم مشتركة. هي ترفض التدخل الخارجي بكافة أشكاله، وهي ضد عسكرة الحراكات الشعبية السلمية، لماذا لا تحذو المعارضة الخارجية حذوها، أم أن الدول المؤمنة باستمرار الصراع في سورية لا تقبل ذلك؟
إن إسرائيل التي قامت باعتداءات متكررة على أهداف سورية، تهدد جدياً بقصف صواريخ إس 300 الروسية الحديثة، وقد اعترف الرئيس الأسد في مقابلته مع فضائية المنار باستلام سورية للدفعة الأولى منها. المطلوب من سورية الرد في حالة عدوان إسرائيلي على أهداف فيها، وأن تتجاوز جملة ‘سنرد في الزمان والمكان المناسبين’، والرئيس الأسد في مقابلته المعنية كان صريحاً وواضحاً في هذا الأمر، من دون أي لبس. إسرائيل تهدد لبنان وتقوم بمناورات عسكرية كثيرة ومتطورة على حدوده، ووعد أحد القادة العسكريين الاسرائيليين بإرجاع أوضاعه 50 عاماً إلى الوراء. الذي يمنع العدوان الإسرائيلي على لبنان هو تهديدات حسن نصرالله بقصف البنية التحتية الإسرائيلية في كل المواقع اذا ما قامت اسرائيل بالاعتداء على لبنان. الخطر الإيراني والموضوع النووي هو الأولوية الأولى على جدول أعمال الحكومة الحالية الإسرائيلية المتطرفة (والفقيه الاسلامي يتهم ايران بالتحالف مع الصهيونية العالمية!) .هذا ما أعلنه نتنياهو، أبعد ذلك يوجد من يشك بأن مؤامرة كبيرة تستهدف سورية؟
نود توجيه أسئلة للمسلحين من جبهة النصرة والسلفيين وكل المعنيين الآخرين، إذا كان هدفكم مثلما تقولون، اسقاط النظام السوري، فلماذا تقومون بطرد العزّل من الفلسطينيين من كل المخيمات الفلسطينيية على الأرض السورية، وعن بكرة أبيهم، وتمنعونهم من العودة؟ ولماذا تستبيحون المخيمات وتعتقلون وتقتلون وتختطفون الفلسطينيين الذين كان رأيهم وما يزالون ، النأي بأنفسهم عمّا يجري في سورية؟ لقد طالبوا ويطالبون بعدم الزج بهم في إطار الصراع الدائر في سورية. لقد قتلتم المئات من الفلسطينيين في المخيمات، وجرحتم الآلاف، واحتللتم وما تزالون مكاتب التنظيمات الفلسطينيية في المخيمات، ورفضتم وترفضون إخلاءها، ما الذي تريدونه؟ المعارضة السورية استضافت وفودا صحافية إسرائيلية لتغطي ما يجري على الأرض السورية! نحن لا نتهم، ولكن هؤلاء عادوا وكتبوا عن زياراتهم ، بالتالي لخدمة من يجري طرد الفلسطينيين من مخيماتهم؟
إن ننسى فلن ننسى تلك الفتاوى في عام 2006، التي أيّدت العدوان الصهيوني على لبنان وعلى حزب الله بتبرير، لكسر شوكة الشيعة، وكسر الخطر الإيراني. أوصل الحقد بهؤلاء إلى هذا الحد؟ أن يساند إسرائيل ضد أخيه العربي المسلم؟ فعلا إنه زمن عربي رديء. تكررت نفس الفتاوى مؤخراً عندما قامت إسرائيل بقصف منشآت عسكرية سورية مؤخراً، فقد أباحت الفتاوى الابتهاج وذلك من أجل التخلص من نظام بشار الأسد، غريب والله هذا المنطق.
وبالعودة إلى تجريم حزب الله وأمينه العام بسبب الموقف من سورية، الأخيرة تشكّل للحزب القناة التي يجري مدّه بالسلاح من خلالها، ولولا أسلحة حزب الله لاستباحت إسرائيل لبنان ولقامت بتفكيك حزب الله واعتقال قادته وأعضائه، هذا أولاً. ثانياً: إن وحدة وجهات النظر السياسية تتحقق بين الأطراف الثلاثة، إيران، حزب الله وسورية، سواء بالنسبة لضرورة مجابهة المخططات الأمريكية والإسرائيلية وعموم الغربية بالنسبة لما يُحاك لتسوية القضية الفلسطينية وفقاً للحل الإسرائيلي، أو بالنسبة لمشروع الشرق الأوسط الجديد، والمقولة الجديدة ‘السلام الاقتصادي’، لتسييد إسرائيل من خلال هـــذه المشاريع.
ثالثاً: إن حزب الله وسورية يدافعان عن أراض تحتلها إسرائيل، مزارع شبعا في لبنان، وهضبة الجولان العربية السورية، إن السيد حسن نصر الله كان واضحاً في إرسال قوات من الحزب لحراسة الأماكن الشيعية في سورية، وبالفعل فإن المارد الطائفي بانتظار الشرارة لانطلاقته، ليهدد وحدة العديد من الأقطار العربية وتفتيتها إلى دويلات طائفية متنازعة ومتحاربة، وجنوب السودان والعراق هما خير مثالٍ على ذلك. لكل هذه الأسباب يقوم حزب الله بمساندة حليفته، سورية.
يبقى القول، إن انزياح الصراع عن جوهره المفترض وهو الصراع العربي-الصهيوني، وتحوله إلى صراعات جانبية مفترض أنها ثانونية وغير رئيسية، يؤدي بالحتم إلى اختلاط أركان الصورة، وهذا بدوره يؤدي إلى ضبابية في الرؤية، حيث تصعب رؤية التناقضات على حقيقتها، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى مجانبة الصواب تجاه العديد من القضايا.
هل يعتبر القرضاوي؟
طارق محمد الناصر/الرياض السعودية
الموقف الذي عبر عنه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي في مهرجان التضامن مع الشعب السوري كان موقفاً شجاعاً. إذ إن الشيخ لم يكتف بذكر موقفه مما جرى بل قدم مراجعة كاملة لمسيرته، التي امتدت لسنوات، فيما يتعلق بالتقارب السني - الشيعي.
تراجُع الشيخ القرضاوي أمر جيد بلا شك الا أن الامر سيمسي رائعا إن استطاع الشيخ استلهام العبر مما حصل واقناع اعضاء اتحاده بالحذو حذوه. اذ لا يكفي ان يقول المرء انه خُدع بل عليه ان يعرف كيف اكلت كتفه ويحاذر الا يخدع في المرة القادمة.
أهم العبر هي التفريق بين المذهب وصاحبه. فالشيخ، وكثير غيره للاسف، أفاض في مدح الحكومة الايرانية وحزب الله فيما مضى بالرغم من الطوام التي قاموا بها.
الحكومة الايرانية لم تفتر خلال العقود الماضية عن زرع بذور الفتن ونشر شبكات التجسس والجريمة في كل مكان في العالم. وهي، أي الحكومة الايرانية، لم تفعل ذلك لانها شيعية بقدر ما تفعله لأجل خدمة أجندتها الفارسية التوسعية التي تتدثر برداء مذهبي ثقيل.
أما حزب الله فليس الا اداة صنعها الحرس الثوري الايراني ويقوم بتحريكها كما يشاء. وما فعله في ملعبه الرئيسي، لبنان، مخز وتاريخه ملطخ بالدماء اللبنانية أكثر من الدماء الاسرائيلية. اما خارجه فللحزب بصمات سوداء في بلادنا وفي باقي دول الخليج لا يكفي حيز هذا المقال لتعدادها فضلا عن الحديث عنها.
سيكون من الخطأ نسبة جرائم إيران وحزب الله للشيعة، تماما كالخطأ في نسبة افعال ابن لادن للسنة.
اما ثاني العبر فهو ان على المرء الا يدع عواطفه تتحكم بمواقفه. فالشيخ، وقع مرة اخرى، تحت تأثير عاطفته حين حض كل مسلم قادر على القتال ومدرب عليه ان يذهب الى سورية ويشارك بالقتال. وهذه ليست فتوى ولا هي سياسة. اذ لم يعلن جهاد وليست هناك راية، وهي بالاضافة الى ذلك تدخل في باب الانجرار لمخطط النظام السوري ومناصريه لتصوير ثورة شعبية نبيلة كحرب مذهبية.
أما ثالثة العبر فهي أن المخلصين لعقيدتهم البعيدين عن اوحال السياسة وألاعيبها يرون الصورة افضل ممن يسمع للسياسيين ويخضع لتأثيرهم. فالشيخ عندما يقول بأن علماء السعودية الكبار كانوا أنضج وأبصر منه لانهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم فانه في الواقع يتحدث عن ابرز مكونات الفكر السلفي التي تتمثل بالتركيز على العقيدة والعزوف عن السياسة كمحدد لتوجهه وتعاطيه مع الاحداث.
لا شك عندي بان الشيخ القرضاوي سيجد كثيرا من العبر إذا راجع مواقفه بهدوء وروية. ليته يفعل فلعله لا يلدغ من الجحر نفسه مرتين..
القصير: نصر الله قلب المعادلة
عبد الباري عطوان/القدس العربي
هذه ‘الاحتفالات’ التي جرت في الضاحية الجنوبية من بيروت وفي قلب العاصمة السورية دمشق، بعد الاعلان عن سيطرة الجيش السوري والقوات التابعة لحزب الله اللبناني على منطقة القصير بعد اسابيع من المعارك الشرسة، ربما تؤدي الى اطلاق رصاصة الرحمة على مؤتمر جنيف رقم 2، وزيادة احتمالات التدخل العسكري الغربي في الأزمة السورية.
الاستيلاء على مدينة القصير هو اكبر انجاز يحققه النظام السوري وحلفاؤه منذ انفجار الأزمة في سورية قبل عامين وشهرين، ولا بد ان قوات حزب الله التي تتمتع بخبرات كبيرة في حرب العصابات، والشق المتعلق منها بالانفاق على وجه الخصوص، لعبت دورا كبيرا في قلب معادلات الجغرافيا والتاريخ وترجيح الكفة لصالح النظام بعد ان مني بهزائم عديدة ادت الى خسارته مناطق عديدة في حلب وادلب ومعرة النعمان في الشمال الغربي، ودير الزور والرقة والحسكة في الشمال الشرقي.
الاستيلاء على القصير سيعطي جرعة كبيرة من الثقة للنظام وقواته النظامية، وسيوجه ضربة معنوية كبيرة للمعارضة المسلحة في المقابل، وهذا يتضح بشكل كبير في الاحتفالات المتواصلة في المعسكر الاول، وحالة الغضب المسيطرة على المعسكر الثاني، انعكست في بيان اصدره الائتلاف الوطني السوري اعترف فيه بالهزيمة ‘التي جاءت بعد 48 يوما من الصمود وبعد ملاحم بطولية قدمها الجيش السوري الحر في الدفاع عن المدنيين’.
وقال ان هذه الهزيمة ‘ناجمة عن الخلل الهائل في ميزان القوى’، ووجه اللوم الى اصدقاء الشعب السوري الذين خذلوا المعارضة ولم يقدموا لها الدعم اللازم بما يمكنها من اصلاح هذا الخلل.
‘ ‘ ‘
لا جدال بأن القوى الغربية والعربية التي دعمت وتدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح تشعر بحرج كبير من جراء هذا الانتصار للنظام السوري وحلفائه، ولكنها كانت تريده وتؤيده في الباطن لان ضحايا المجازر التي وقعت وتقع في منطقة القصير بعد الاستيلاء عليها، هم من التنظيمات الجهادية وجبهة النصرة واحرار الشام على وجه التحديد، وهذا ما يفسر عدم الاهتمام الاعلامي المعتاد بهذه المجازر.
القوى الغربية تلتقي مع النظام السوري وحزب الله على ارضية تصفية هذه الجماعات الجهادية باعتبارها الخطر الاكبر العابر للحدود، ولذلك قليلة هي الصور والوثائق عن الضحايا واعدادهم وجثامينهم.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن ليس حول المكاسب الاستراتيجية لهذا الانجاز بالنسبة الى النظام السوري، فهي بلا شك ضخمة بالمقاييس السياسية والعسكرية، وانما حول رد الفعل المتوقع من قبل الدول الداعمة للمعارضة السورية؟
عودة الحديث وبشكل قوي من قبل كل من بريطانيا وفرنسا، وفي توقيت لافت، اي بعد ساعات من حسم المعركة في القصير، عن وجود ادلة قوية عن استخدام النظام غاز السارين في سورية، قد تعطي اجابة على بعض جوانب هذا التساؤل، وعلينا ان نتذكر ان البلدين هما اللذان قادا عمليات حلف الناتو في ليبيا، ومن قواعده في جنوب ايطاليا انطلقت الطائرات البريطانية والفرنسية لقصف طرابلس وسرت وبني الوليد وباقي المدن الليبية، تحت ذريعة حماية المدنيين الليبيين من مجازر كان يعدّ لها نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.
الخطيئة الكبرى التي وقعت فيها الدول الغربية والحكومات العربية الاخرى المحرّضة لها على التدخل في سورية هي سوء تقدير قوة النظام السوري والقوى الداخلية الداعمة له، وتماسك جيشه، والاطراف الاقليمية التي تعتبر سقوطه خطا احمر مثل ايران وحزب الله.
الحرب في سورية وعليها اصبحت حربا طائفية صرفة، فتحت ستار حماية الاضرحة والمزارات يتدفق آلاف المتطوعين الشيعة من العراق ولبنان وايران الى دمشق للقتال الى جانب النظام، والانخراط في كتائب اشهرها كتيبة ‘ابو الفضل العباس′، بينما يتدفق متطوعون سنة من لبنان والعراق والخليج وتونس وليبيا للقتال الى جانب الجماعات الجهادية المتشددة.
‘ ‘ ‘
الحرب في سورية ستطول حتما، والحديث عن سقوط النظام بات يتراجع بسرعة، ومعه ايضا المطالبات بتنحي الرئيس الاسد كشرط لأي حلّ سياسي يمكن التوصل اليه في مؤتمر جنيف ال، الذي تأجل موعد انعقاده الى شهر تموز المقبل هذا اذا انعقد في الاساس.
سقوط القصير في ايدي قوات النظام السوري نقطة تحول رئيسية فارقة في هذه الحرب، لا تقل اهمية عن قرار عسكرة الانتفاضة، او استيلاء قوات المعارضة على مدن رئيسية مثل الرقة والحسكة ومعظم مدينة حلب وريفها. وهذا ما يفسر مسارعة القيادة الايرانية للتهنئة بهذا الانتصار الكبير.
استراتيجية النظام السوري في الانتقال من مرحلة الصمود الى مرحلة الهجوم بدأت تحقق نجاحا ملموسا على الارض، ولا نستغرب، او نستبعد ان تتحول حلب الى المرحلة الثانية في هذه الاستراتيجية بعد سقوط مدينة القصير.
في بداية الازمة السورية كان النظام السوري قلقا على مصيره في ظل توحد 150 دولة ضده (اصدقاء سورية)، وتدفق اسلحة ومتطوعين ومئات الملايين من الدولارات لقتاله والتسريع بسقوطه، وزيادة المبشرين بأن ايامه باتت معدودة، الآن انتقل القلق بل والرعب الى هؤلاء، فدول الخليج الداعمة الرئيسية للمعارضة السورية، ترتجف مع كل يوم يصمد فيه النظام، ناهيك عن تحقيق انجازات عسكرية على الارض، وتركيا الخصم الاكبر تعيش انتفاضة شعبية تزداد اشتعالا يوما بعد يوم تذكر بنظيراتها في تونس والقاهرة وصنعاء ودرعا، اما الاردن فيعيش حالة ارتباك غير مسبوقة، بينما فضلت مصر مسك العصا من الوسط.
استطيع ان المح ابتسامة ربما هي الاولى منذ عامين على وجه الاسد، ولا اعرف ما اذا كانت ستتبعها ابتسامات اخرى في الاسابيع والاشهر المقبلة، وان كنا لا نرى حتى الآن ما يوحي بعكس ذلك!
مصر تهدد اثيوبيا بالحرب
رأي القدس العربي
الشغل الشاغل للمصريين، حكومة وشعبا، هذه الايام هو ازمة المياه التي فجرها اعلان اثيوبيا تدشين المرحلة الاولى من بناء سد النهضة لتحويل مياه النيل الازرق الذي يزود نهر النيل بحوالى 90′ من مجموع مياهه.
الخطوة الاثيوبية هذه تعني تخفيض حصة الاسد التي تحصل عليها مصر من هذه المياه (55 مليار متر مكعب سنويا)، وتخفيض معدلات انتاج الكهرباء من توربيدات السد العالي بنسبة تتراوح بين 5 ـ 10 في المئة.
المصريون في حالة استنفار سياسي واعلامي بسبب هذه المسألة، فهناك من يطالب بالتدخل عسكريا، وهناك من يفضل المفاوضات واستخدام كل اوراق الضغط على اثيوبيا للتراجع عن هذه الخطوة او ضمان عدم الحاقها آثارا سلبية بمصالح مصر الاستراتيجية المائية.
الدكتور ايمن علي مستشار الرئيس المصري محمد مرسي اكد يوم امس ‘ان جميع الخيارات مفتوحة’ في التعامل مع قضية سد النهضة الاثيوبي’ مضيفا ‘انه لا بد ان تضمن مصر مصالحها المائية وتدافع عنها’.
وعندما يقول الدكتور علي ان جميع الخيارات مفتوحة فان هذه الخيارات تشمل العمل العسكري اي تدمير منشآت هذا السد في مراحلها الاولى وقبل ان يكتمل، مما يعني ارسال قوات وطائرات للقيام بهذه المهمة.
المستشار المصري كان في قمة الذكاء عندما لم يتحدث عن العمل العسكري بشكل مباشر، وترك مسألة تفسير تصريحاته مفتوحة على جميع الاحتمالات ايضا، ولكنه يوجه هنا رسالة تهديد واضحة لاثيوبيا وقيادتها بان مصر تعني كل كلمة تقولها في موضوع حماية مصالحها المائية، لان هذه المسألة مسألة حياة او موت بالنسبة اليها.
المزاج المصري العام يدعم جميع توجهات الحكومة، سواء باعلان الحرب، او اللجوء الى المفاوضات، لان الشعب المصري يدرك جيدا ان مقتله الحقيقي هو في تقليص حصته من مياه النيل.
الاعلام المصري يقرع طبول الحرب بدوره ويعبئ الرأي العام المصري خلفها، ومن يتابع برامج ‘التوك شو’ الحوارية هذه الايام يتوصل الى هذه النتيجة بسهولة ودون اي عناء.
المستفيد الاكبر من كل هذا هو الرئيس المصري محمد مرسي، الذي جاءته هذه الازمة في ظل حملات شرسة تشنها المعارضة اليسارية والليبرالية ضده، اذ حولت الانظار عنه، وشغلت الرأي العام بقضية اكثر اهمية بالنسبة اليه، ووحدت المعارضة او معظمها مضطرة خلف النظام.
فمن غير المنطقي ان ‘تهشم’ المعارضة النظام بدلا من ان تلتف حوله في وقت يتعرض فيه امن مصر المائي للخطر.
لو عبدالناصر عايش كان لبسكم الطرح
حمدي رزق/المصري اليوم
منكم لله يا بعدا، أهنتم البلد، خلاص البلد صغرت إلى حدود أبومرزوق وحمدان ودحلان وعلان وترتان، وكل من طلع له لسان فى غفلة من الزمان يتكلم فى الشأن الداخلى المصرى، يتكلمون ببجاحة وكأنها بلد أبوهم واللى خلفوهم، عشنا وشفنا قادة الفصائل الفلسطينية يستعلون على الشعب المصرى، فصائل موتورة تخلص ثاراتها المزمنة على الأراضى المصرية، وقال قائل منهم: «حماس قتلت الجنود المصريين».. وقال ثان: «فتح خطفت المصريين».. الله يلعن فتح وحماس فى ألف كتاب، يا مناضلين بلا نضال، يا مجاهدين بلا جهاد، الله يرحم أبوجهاد وأبونضال وياسر عرفات.
يا مناضل انت وهو ابعدوا عنا، فينا ما يكفينا، مصر ليست ملعب كرة تلعبون فيها ألعابكم الاستخباراتية، فضوها سيرة، قطع لسان اللى يجيب سيرة مصر، لو كان حاكم مصر «دكر» كان دخلكم الشقوق زى الفئران، الله يرحمك يا عبدالناصر، كان لبسكم طرح، كما لبس الإخوان فى سالف العصر والأوان.
الفلسطينى إن ضاقت به الأرض بما رحبت اتسعت له أرض مصر، وصدر مصر، لكم فيها ما سألتم، وأول ما يعض يعض اليد اللى اتمدت له، مستهدفين مصر، قتل جنود، خطف ضباط، وهم من يتهمون بعضهم بعضاً فى سياق مهاتراتهم السياسية على الأراضى المصرية.
يا مجاهد انت وهو العدو الإسرائيلى أمامكم ومصر فى ظهركم، العدو الإسرائيلى لايزال يحتل الأرض المقدسة، ويدنس المسجد الأقصى ويهوّد القدس، القدس صارت عاصمة لإسرائيل وأنتم عنها غافلون، سيناء مصرية ليست الوطن البديل، أرض مصر حصرياً للمصريين، الجبهة المصرية ليس فيها أعداء لكم وإن استعديتم، المصريون نُكبوا مع نكبة فلسطين، ونُكبوا ثانية مع حكم الإخوان.
المصريون يقاومون الاحتلال الإخوانى، ممكن تناضلوا الاحتلال الإسرائيلى، كل واحد يناضل فى بيته، لسنا فى حاجة لمساعدات محمد دحلان، كان دحلان نفع نفسه، قال إيه معاه وثائق تدين الإخوان، يا دحلان متشكرين، وثائق خيانتهم للمصريين ملقاة على الرصيف، خليك فى حالك، وأسامة بن حمدان زعلان من «تمرد»، قال إيه بتهين الرئيس، مالك انت والرئيس، رئيس المصريين ليس رئيس الحمساويين، ستحاسبون حساباً عسيراً على الوقوف ضد إرادة المصريين.
شعب مصر أولى بالإخوان المسلمين، وأهل مصر أدرى بشعابها السياسية، الوسطاء يمتنعون، ركزوا أنتم فى نضال العدو الإسرائيلى، منذ زمن لم نسمع عن نضالات الجهاديين والحمساويين ولا مفاوضات الفتحاويين، الإخوان منا وعلينا، سيبوا لنا الإخوان، ربنا يعينا عليهم.
صرتم غير مرغوبين فى الساحة المصرية، ولا تطيلوا الألسنة على المصريين، سيأتى يوم تقطع فيه كل الألسنة التى طالت واستطالت، وتبتر الأيدى التى خطفت المصريين، وسينمحى من على وش الأرض الذى قتل الجنود المصريين الصائمين فى رمضان، فتح.. حماس.. جهاد أياً من كان، سيظل مطارداً فى أقصى الأرض، ولو مكنه الإخوان من الإفلات يوماً لن يفلت من أيدى المصريين، القصاص ولو بعد حين.
فى غيكم سادرون، بأيكم المجنون الذى ينهى مصرياً عن الذود عن حياض الكنانة، زمن.. اللى يسوى وميسواش يعكعك فى الداخل المصرى، أبومرزوق مرة ودحلان مرتين ومشعل ثلاثة، ثلاثة بالله العظيم لتحاسبنّ أشد الحساب، يوم تطلبون الضراعة من شعب مصر الذى أهنتموه فى حماية الأهل والعشيرة، وإن غداً لناظره قريب، وقريب جداً.
6/6/2013
في هذا الملــــف:
كيف ستحسم إسرائيل الصراع على طريقتها؟
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
سيناء وغزة والجولان وطبول الحرب؟
د. حسام الوحيدي/القدس العربي
الصهيونية والخوف من الصحوة الأميركية
منح الصلح/الرياض السعودية
نتنياهو لعباس: امنح السلام فرصة
حلمي موسى/السفير اللبنانية
هل تراجعت السياسة الأمريكية الشرق أوسطية؟
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
مبادرات كيري الشـرق اوسطية
عبدالله محمد القاق/الدستور الأردنية
تحذير كيري
محمد عبيد/دار الخليج
الإسراء والمعراج تستنهض الأمة لتحرير الأقصى
رأي الدستور الأردنية
عن هزيمة حزيران بالمناسبة ..
عودة عودة/الرأي الأردنية
في ذكرى 5 حزيران
معن البياري/البيان الإماراتية
هزيمة 5 يونيو بعد 46 عاما
داود البصري(كاتب عراقي)/السياسة الكويتية
في ذكرى 5 يونيو هل تعلم العرب الدرس جيداً?
د.علاء الدين الفرارجي(عضو الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية)/السياسة الكويتية
فى ذكرى الهزيمة
حسن نافعة/المصري اليوم
اليوم التالي للهزيمة!
حلمي الأسمر/الدستور الأردنية
حزيران .. الوجع الدائم
رشيد حسن/الدستور الأردنية
نكسة منسية
حسين درويش/البيان الإماراتية
حفلة سمر 5 حزيران
اسامة الرنتيسي /العرب اليوم
نكبة فلسطين.. واستقلال إريتريا
محمد مسوكر(كاتب في شؤون القرن الأفريقي)/القدس العربي
القدس
ابن الديرة/دار الخليج
«عرب آيدول» : الفن والغناء خط الدفاع الأخير عن الوحدة الوطنية!
د. خالد الحروب/الدستور الأردنية
الحروب الأهلية العربية بدل محاربة إسرائيل
د. صبحي غندور/البيان الإماراتية
يجرّمون نصر الله وحزبه.. ماذا يريدون؟
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
هل يعتبر القرضاوي؟
طارق محمد الناصر/الرياض السعودية
القصير: نصر الله قلب المعادلة
عبد الباري عطوان/القدس العربي
مصر تهدد اثيوبيا بالحرب
رأي القدس العربي
لو عبدالناصر عايش كان لبسكم الطرح
حمدي رزق/المصري اليوم
كيف ستحسم إسرائيل الصراع على طريقتها؟
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
من الواضح أن المعركة الأهم التي تقودها إسرائيل على الأرض هي معركة فرض الوقائع وتبديد الجهود، فالحرب الاستيطانية المستمرة في قلب وأطراف الضفة الغربية تستهدف توسيع دائرة التمدد العمراني، بحيث تصبح إقامة الدولة الفلسطينية حديثاً من الماضي، خاصة مع الطرح المتجدد لمبدأ تبادل الأراضي وقناعة إسرائيل بأن الضغط الاستيطاني سيولد مزيدا من إعادة النظر عربياً بحجم المطالب الفلسطينية، ودعوة أممية للقيادات العربية بتبني الواقعية وقبول مبدأ التخلي عن المزيد من الأرض.
يوازي هذا الأمر تفّنين في إضاعة الجهد الذي يبذله أي كان باتجاه احياء فرص السلام، أو حتى المحادثات التي تقود إليه، تارة بالإعلان عن بناء المزيد من المستوطنات واعتبار أن هذا الإعلان لا يؤثر على فرص السلام، وتارة بالتذرع بالتركيبة الحكومية الإسرائيلية التي لا تعطي نتنياهو، كما يقولون، مساحة للمناورة، وتارة أخرى بالادعاء أن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة وإنما هي أرض متنازع عليها، مما يعطي إسرائيل الحق، حسب رأي أصحاب مشروعها الاستيطاني، في التمدد ومصادرة الأراضي وبناء جدارها العنصري في أي مربع ومساحة وأرضٍ ترتأيها.
وكلما أشيع عن فرصة لإحياء مفاوضات السلام أو حتى الحديث عن السلام ذاته، رأينا ما رأيناه ونراه من عطاءات للبناء الاستيطاني وقوانين عنصرية وتصعيدٍ واضحٍ في الإجراءات الاحتلالية من هدم للبيوت ومصادرة للأراضي وتهجيرٍ للناس من أراضيها وأماكن سكناها.
إذاً أين تتجه إسرائيل في احتلالها هذا؟ وما هي الطريقة الإسرائيلية لحسم الصراع؟ مجريات الأمور تؤكد أن إسرائيل استهوت فكرة الإدعاء بالانسحاب الأحادي الجانب بعد تجربة غزة، وإن كانت قد استخدمت هذا الانسحاب لأغراض دعائية، تارة بالادعاء بأنها بانسحابها إنما تجنح نحو السلام وهي تهدم مستوطناتها بيديها في غزة، وتارة في استعطاف العالم بلعب دور الضحية في معركة الأمن، والإدعاء بأنها انسحبت من غزة لكنها واجهت الصواريخ التي تتساقط عليها مما مكنها من شرعنة احتياجاتها الأمنية وبناء منظومة دفاعية وهجومية جديدة.
وأمام استمرار المشروع الاستيطاني و’تبّخر’ الأرض العربية حتى أثناء كتابة كلماتي هذه، والرفــــــض الإسرائيــلي لما يطرحه البعض من أبناء جلدتنا حول الدولة الواحدة، في ظل اعتبارات إسرائيلية قائمة على محاربة القنبلة السكانية الفلسطينية بعزلها والتمادي في التطهير والتهجير والتهويد، فإن من حقنا جميعاً أن نسأل عن مآل الأمور والسيناريو الإسرائيلي المتوقع لحسم الصراع؟
المراقب للأمور يعلم أن إسرائيل لن تقبل بدولة فلسطينية في الضفة الغربية ولن تقبل بالدولة الواحدة ولن تقبل بأي ترتيبات مستقبلية خاصة بالقدس أو اللاجئين في ظل أي اتفاق، ولن تقبل بحدود الرابع من حزيران، ولا حتى حل الدولتين ولا التنازل عن المستوطنات حتى وسط الضغوط باتجاه مبادرات ما يسمى ‘بحسن النوايا’، لذا فإن إسرائيل ربما وهذه احتمالية كبيرة تتجه نحو التالي: استكمال بناء جدار الفصل العنصري بعد مصادرة أراضي التوسع الاستيطاني، والإعلان عن الانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية، والضغط من خلالهما ومن خلال حلفائها على الأردن لتولي إدارة ما تبقى من الضفة الغربية مقابل حزم اقتصادية وإغراءات مالية لهذا البلد الذي يعاني من ارتفاع المديونية وتدفق اللاجئين السوريين عبر حدوده.
هذا السيناريو الذي لا شك انه يدور في مخيلة القيادة الأردنية، كما يشغل بال الجميع فلسطينياً ليس بالمقبول لا أردنياً ولا فلسطينيناً لاعتبارات عدة، فالأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين، تماماً كما أكدت القيادتان في الأردن وفلسطين، وتشديد الجميع على رفض محاولات إسرائيل فرض الوطن البديل وتصدير دولة مراقبة في الأمم المتحدة أو تجييرها لصالح دولة أخرى. هذا الأمر وإن سعت إسرائيل إلى ترسيخه هو شكل متطور لاستعمار جديد ومحاولة مستميتة لوأد حقوق شعبٍ بأكمله.
الهدف الفلسطيني اليوم يجب أن يتمحور حول سياسة التخريب، تخريب هذا السيناريو وتعطيله، من خلال إنهاء الانقسام وتصعيد المقاومة الشعبية وزيادة وتيرة مقاطعة دولة الاحتلال وفضح ممارساتها وتنشيط الضغط الفلسطيني نحو استخدام الوسائل التقنية الشائعة اليوم باتجاه اطلاع متزايد ومتصاعد للعالم على الممارسات الإسرائيلية. سياسة المناورة الإسرائيلية وهدر الوقت باتت مفضوحة، لكن غالباً ما يطلب من الفلسطينيين التحلي بالصبر، وبأن اختراقاً ما سيحصل.الاختراق الواضح هو ما تمارسه الآليات الإسرائيلية الثقيلة على الأرض، وهو اختراق لادعاءات المؤسسة الإعلامية الإسرائيلية ذاتها التي تروج لنوايا السلام المزعومة، واختراقات مستمرة للقرارات الدولية والقانون الدولي ونوايا الوسطاء وحتى أصوات الدول التي أقرت بالحق الفلسطيني.
هذا الاحتلال الذي لا يعير بالاً إلا لإرادته يجب أن يلقى منا توجهاً واضحاً لرفع تكلفة بقائه بكل السبل وإفقاده لجدوى هذا البقاء واستمراره. ولربما من المفيد دراسة إعادة النظر بسقف المطالب الفلسطينية عندما نكتشف قريباً ومن جديد بأن الاحتلال لديه بند واحد على إجندته وهو استدامته واستكمال مشروعه.
سيناء وغزة والجولان وطبول الحرب؟
د. حسام الوحيدي/القدس العربي
يا لها من مفارقة غريبة، تخرج منطقتنا من أزمة وتدخل في أزمة أُخرى، في أوج حالة الاستقرار التي شهدتها مصر إبان ادارة الرئيس المصري حسني مبارك، لم تكن سيناء بحدودها الممتدة الطويلة بمنأى عما يجري في المنطقة، حيث كانت وما زالت مقيدة باتفاقيات كامب ديفيد، ولكنها كانت تعج بالمهربين، سواء كان تهريب البشر الأفارقة من جنوب القارة الى الحدود مع اسرائيل او انواع شتى من التهريب، ولكن هذه التجاوزات كانت مضبطة الى حد ما، دخلت ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر ودخلت الثورة الليبية متزامنة مع حالة عدم الاستقرار والانقسام والاستحواذ على الحكم في الطرف الفلسطيني من قطاع غزة، وفاز الرئيس محمد مرسي في الانتخابات المصرية واستحوذ الاخوان على الحكم في مصر، جميع هذه العوامل أدخلت سيناء في حالة من التشرذم وعدم الاستقرار، واصبح التهريب على أوجه، بل اصبحت سيناء ملاذاً للخارجين على القانون مما ساهم في بناء خط تهريب دولي ابتداءً من الاراضي الليبية ومروراً بسيناء ووصولاً الى الاراضي الفلسطينية في قطاع غزة، حيث اصبحت غزة تعج بالمخدرات ومعارض سيارات فارهة مهربة عبر الانفاق حتى انه قيل ان موبايلات آي فون 5 دخلت غزة قبل دبي، وراجت تجارة الانفاق في غزة، فحالة التحول السياسي الديمقراطي الذي شهدته الساحة المصرية أوصل الاخوان الى دفة الحكم لم يكن لصالح سيناء، وحالة الانقسام والتشرذم والانقلاب الذي شهدته الساحة الفلسطينية في قطاع غزة لم يكن لصالح الشعب الفلسطيني ولا لصالح القضية الفلسطينية .
حزب الله وعلى لسان زعيمه السيد حسن نصر الله اصر على أن النظام السوري لن يسقط لأن هناك جهات تدعمه، وعندما يعلن الأخضر الابراهيمي المبعوث الاممي حاليا، والعربي سابقا، انه سيخرج من هذه المعادلة، وعندما تكشف الولايات المتحدة عن مناورات تحت مياه الخليج العربي لمنع نشر ألغام أو اغلاق مضيق هرمز، حيث تمر الصادرات النفطية الى العالم، هل نستنتج انه دُقت طبول الحرب؟
يبدو أن الحلول السياسية للملفين الايراني والسوري لم تفلح، ويبدو أن الحلول العسكرية تتقدم وبسرعة أكبر من حساباتنا؟
الاعلام المرئي والمقروء كشف النقاب على ان سورية نصبت بطاريات صواريخ موجهة الى اسرائيل، وذلك عقب قيام اسرائيل بقصف منشأة عسكرية سورية شمال العاصمة دمشق فجر يوم امس الاحد. من جانبه قال وزير الاعلام السوري في مؤتمر صحافي اعقب اجتماعا عاجلا لمجلس الوزراء السوري إن الاعتداء الاسرائيلي يفتح الباب أمام كل الخيارات.
بدورها ادانت مصر ‘العدوان الإسرائيلي’ على سورية، معتبرة انه ‘انتهاك للمبادئ والقوانين الدولية’، فيما دعت الجامعة العربية مجلس الامن الى ‘تحرك فوري لوقف الاعتداءات الاسرائيلية’. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية نقلته وكالة ‘فرانس برس′ ان ‘مصر تدين العدوان الاسرائيلي على سورية’ وتعتبره ‘انتهاكا للمبادئ والقوانين الدولية، ومن شأنه ان يزيد الوضع تعقيدا فضلا عن تهديده الامن والاستقرار في المنطقة’. حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة، وحالة شبه فشل الحكم التي تشهدها سيناء، وحالة العنف والعنف المضاد في سورية، وحالة الترقب في الجولان، وحالة التريث في جنوب لبنان، وحالة العدوان الاسرائيلي الاخير على سورية، وحالة غزة التي أفرزت الانقسام الفلسطيني، يطرح اسئلة متعددة: هل دُقت طبول الحرب؟ هل ستشهد المنطقة اكثر من جبهة؟ هل سيزداد طول خط التهريب الدولي ليشمل كل دول الطوق؟
الصهيونية والخوف من الصحوة الأميركية
منح الصلح/الرياض السعودية
منذ اختارت اليهودية أرض فلسطين وطناً لها وجدت نفسها في مواجهة مع شعوب وأمم متكاثرة كلها متشبثة بملكية الأرض، فكل من ولد في تلك الارض قبل وجود اليهودية والمسيحية والاسلام اعتبر نفسه صاحب الارض من منطلق الاسبقية فكل من ادعاها قبل غيره كان الأحق بالتعامل معه على أنه صاحبها
لم يغالِ اللبنانيون خلافاً للكثير من الدول العربية في مدح رؤسائهم ولكنهم لم يقصروا خصوصاً في لغتهم العامية بوصف جمال الطبيعة اللبنانية كقول الشاعر: لبنان يا قطعة سما، والحمد لله ان ذلك كان مقصوراً على الشعر الزجلي حيث المبالغة مطلوبة عادة وليست مسموحاً بها فقط. أما في الفصحى فهناك التزام فيها بالمألوف على أدق صورة.
بل إن اللبنانيين والمسيحيين منهم خصوصاً ملتزمون عادة بهذا النهج أكثر من سواهم فالشاعر المسيحي القديم الأخطل كان ممدوحا ومكرَّما من الجمهور على أنه من فحول اللغة، وهناك روايات تقال عنه إنه كان يمدح الملوك المسلمين والصليب مرسوم على صدره، بما يشهد للتراث الثقافي العربي بأنه لم يكن يتأثر بالصبغة الدينية في تقييم مراتب الشعراء.
هكذا كان الوضع في عصور الخلفاء وهكذا استمر في العصرين الأموي والعباسي وما بعدهما، مما لم يحصل شبيه له في تواريخ دول كثيرة آسيوية وأفريقية وأندلسية.
وإذا كان المستشرق الفرنسي غوستاف لوبون قد أشار الى ذلك أكثر من مرة في كتاباته فإن غيره أيضاً بقي على هذه السنة، لا سيما في الأندلس حيث كان التقدير قائماً على أساس جودة الانتاج الادبي بقطع النظر عن أي اعتبار آخر، وهنا لا بد من القول إن الاسلام في الاندلس رعى الانتاج الثقافي بقطع النظر عن دين الكاتب والشاعر فهذه وإن منعها المسلمون عسكرياً إلا أنهم تصرفوا تصرف أهلها من المسيحيين وربما أفضل.
ولوبون هو الذي قال: "ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب"، الا إنه لم يتفرد في ذلك بل إن عدداً كبيراً من المستشرقين الفرنسيين والاسبانيين والطليان التزموا هذه الروحية في تقديم الكتابات العربية لمسلمين بارزين ذوي مكانة في بلادهم. فهذه المقولة على عكس ما أرادت أن تقوله الكتب المؤلفة بغاية النيل من دور العرب والمسلمين في تاريخ البشرية.
وحسب ما قال أحدهم إن الحملة على العروبة والاسلام تديرها جهات متخصصة بالعداء للعروبة والاسلام، وإذا لم يواجهها المسلمون العرب المتضررون من هذه الحملة الظالمة فإن النيل المنظم من سمعة العرب والمسلمين سيستمر وقد يتفاقم الى درجة لا تبقي مجالاً للتفكير العلمي النزيه الذي يحتاجه العرب والمسلمون في هذه الأيام.
ذلك ان شهادة غوستاف لوبون بتميز العرب عن غيرهم في التعامل مع البلدان التي فتحوها أعطت الشعب العربي سمعة لم يحصل عليها غيره سواء في أوروبا أو آسيا وهي شهادة للحضارة العربية وللاسلام بالتفوق الخلقي والانساني بين الشعوب.
فالاسلام تعامل مع المسيحية واليهودية على أنهما دينان سماويان كان لهما فضل على شعوب العالم بالتعامل الانساني السمح مع الأديان الأخرى كالدينين اليهودي والمسيحي بصورة خاصة الأمر الذي لم يفعله لا المسيحيون ولا اليهود.
وإذا كان هذا يعتبر تفوقاً في التعامل مع الآخرين سبق المسلمون فيه سواهم من الأديان فهي شهادة تعطي الاسلام مكانة خاصة. فالاسلام اعترف باليهودية والمسيحية وأنزلهما منزلة خاصة بل هو اعتبر الثلاثة أسرة واحدة سماوية التوجه. فهنا سبق نوعي للاسلام على الديانات الأخرى جاء تبرؤاً من سلوكيات مارستها الأديان الأخرى المسماة بالأديان السماوية وهو اسم وضعه الاسلام يكرم به الدينين الآخرين.
وحسب الاسلام أنه افتخر بأنه جاء مصدقاً ما قبله من كتب بينما لم تفعل الأديان الأخرى كالدينين المسيحي واليهودي الشيء نفسه. وإذا كانت اليهودية تفتخر أنها أقدم الأديان السماوية فإن الاسلام قال بأنه آخر الأديان يزيد وحدة الأديان السماوية لا تسابقها وتناحرها. وهو أمر لو قال به غير المسلمين لكانت الأديان كلها ديناً واحداً أو كالواحد مما هو خطوة جبارة في تاريخ الانسانية جمعاء. على طريق التقارب والتوحيد والانتماء المشترك لأسرة الأديان السماوية التي تسمى كذلك في ايامنا هذه من دون أن تجري خطوات جادة على هذا الطريق. وليست القضية الفلسطينية واحدة من القضايا العربية والاسلامية، بل هي قضية القضايا في كل المنطقة سواء أكان إسلامياً أم عربياً أم عالمياً.
وفيما أخذت الصهيونية كل ما تريد من العرب والمسلمين بل من العالم أجمع. يبقى السؤال هل تراجعت الأمة عن فلسطين أهم وطن عربي واسلامي ومسيحي معاً وبقيادة جهة لا هي عربية ولا هي مسلمة، بل ولا هي مسيحية أيضاً، بل هي انطلاقة جديدة كلياً أعطيت لأعداء العرب والمسلمين والمسيحيين الشرقيين، بل والمسيحيين بالمطلق، بها أخذت القوى الدولية كل شيء من العرب والمسلمين والمسيحيين لتعطيه للصهيونية حتى على حساب الغرب كغرب، والمسيحيين ومن اليهود غير الصهاينة.
انطلق عملها على حساب الاسلام والمسيحية وربما اليهودية غير المتصهينة أيضاً. أخذت الصهيونية كل شيء نملكه من لا يملك شيئاً، أي الفلسطيني العربي المصادر منه سلفاً كل ما يملك أو كلما كان يريد أن يملك لتعطيها لجهة واحدة هي إسرائيل الدولة والجغرافيا والتاريخ. قبل أن يكون لها أي ملكية شرعية لأي جهة كانت قائمة أو ستقوم أو يمكن أن تقوم. أما المأخوذ منهم الأرض والدولة والكيان الذاتي أو العام الذي كان قائماً أو يمكن أن يقوم. سلخت فلسطين الجغرافيا والتاريخ والماضي والمشروع الذي قد يفكر أحد أن يقوم. أخذت اسرائيل كل الحصص لكل الجهات للماضي والحاضر والمستقبل. صفقة أخذت لاسرائيل من كل من ملك أو كان يمكن أن يملك أو سيملك من قادر أو غير قادر أو حالم. هو اليهودي التاريخي الذي كان يملك أو لم يملك في يوم من الأيام.
منذ اختارت اليهودية أرض فلسطين وطناً لها وجدت نفسها في مواجهة مع شعوب وأمم متكاثرة كلها متشبثة بملكية الأرض، فكل من ولد في تلك الارض قبل وجود اليهودية والمسيحية والاسلام اعتبر نفسه صاحب الارض من منطلق الاسبقية فكل من ادعاها قبل غيره كان الأحق بالتعامل معه على أنه صاحبها. إما أن يأخذها من دون استئذان أو تعطى له من دون أخذ ورد.
ولما كانت اليهودية هي الدين السماوي الاول فمن الطبيعي أن يكونوا أول من طلبها لنفسه وكانت له على هذا الاساس. هذا هو المنطق الاسرائيلي اليوم الذي يرى نفسه سابقاً للمسيحية والاسلام في ارض فلسطين. وقد كان موقعه السلطة البريطانية في فلسطين تتصرف في القضية الفلسطينية على هذا الاساس. ان العالمين العربي والاسلامي يدهشان بألم وتعجب واستغراب كيف ان الولايات المتحدة الاميركية التي تعرف قيمة وأهمية العالمين العربي والاسلامي لا تزال متأثرة بالصغير والكبير من مصالح اسرائيل والصهيونية المزعومة في المنطقة العربية والاسلامية، في الوقت الذي يتطلع فيه الشباب العربي الذي يدرس في الجامعات الاميركية ومنها جامعة بيروت بالذات بالقرار كيف ان الولايات المتحدة الاميركية لا تزال تراعي الصهيونية واسرائيل في الصغيرة والكبيرة من الحسابات، بينما تنسى أهمية الصلات بين الشباب العربي والجامعة الاميركية في بيروت التي يفخر بها الشبان العرب الذين تخرجوا فيها واضعين الامل في صحوة عند الولايات المتحدة الاميركية على اهمية التفاعل بين الشباب العربي الجامعي وهذه النوعية من الجامعات التي يتعاطف معها العرب بقدر ما تظهر الجامعات والمؤسسات الأميركية تفاعلها مع الشباب العربي الحريص على نهضة أمة العرب ومستقبل شبابها. فهي علاقة مشرفة ومفيدة للطرفين تحقد عليها الصهيونية كل الحقد..
نتنياهو لعباس: امنح السلام فرصة
حلمي موسى/السفير اللبنانية
أجبرت المعارضة الإسرائيلية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، امس، على المثول أمام الكنيست لمناقشة المبادرة العربية والتسوية السياسية.
ودعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باللغة الإنكليزية، لأن «يمنح السلام فرصة»، موضحاً أن كل إسرائيل تريد السلام و«أنا أريد الأمن والسلام».
وتتناقض دعوة نتنياهو هذه مع ما نشرته الصحافة الإسرائيلية يوم أمس من تقدير رئيس «الشاباك» الإسرائيلي يورام كوهين بأن عباس لا يؤمن بالسلام مع إسرائيل.
وشكل النقاش السياسي الذي جرى أمس، والذي ألزمت فيه المعارضة رئيس الحكومة الإسرائيلية بحضور الجلسة من أولها إلى آخرها، فرصة لقيام نتنياهو بتصفية الحساب مع خصومه السياسيين. وأشار أولا إلى أنه سمع في الكنيست كلاماً يسمعه منذ أربع سنوات، ومفاده أن «الحكومة ستسقط، لكن الحكومة لم تسقط وهي باقية. ظننت أن الناس سيحذرون. تذكرت أن مكونات الحكومة منقطعة بعضها عن بعض وأن لا جامع بين أجزائها المختلفة، وأنها عديمة الرؤية وما شابه». وكانت إشارته هذه تتعلق بالهزيمة التي مني بها الائتلاف في التصويت على أعضاء لجنة تعيين القضاة، معترفاً بأن «أمراً كهذا لم يحدث منذ تشكيل الحكومة، لكن هذه بداية كل ائتلاف جديد مع الكثير من الأعضاء الجدد، فكل ائتلاف لديه آلام ولادة».
وتحدث نتنياهو عن مساعي حكومته للتخلص من المهاجرين الأفارقة وجهودها لإقرار قانون المساواة في الأعباء العسكرية، والذي قال «إننا ننتظره منذ 65 عاما».
وبعدها تطرق الى الانتخابات الإيرانية التي وصفها بأنها «لن تغير شيئاً، حيث إن إيران جمعت حتى اليوم أكثر من 180 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بمستوى 20 في المئة. وقبل أكثر من عام بقليل كان لديها 110 كيلوغرامات. وحتى الآن لم تتجاوز إيران الخط الأحمر الذي رسمته في الأمم المتحدة، لكنها تقترب منه بمنهجية. وأنا أطالب ألا يوهم أحد نفسه، نتائج الانتخابات في إيران لن تغير شيئاً، وإلى جانب سباق التسلح نحو القنبلة الإيرانية تواصل تسليح سوريا، حزب الله، حماس والجهاد الإسلامي».
وبعد ذلك دعا نتنياهو الرئيس الفلسطيني لاستئناف العملية السياسية. وقال «بسبب أنه لا يتحدث العبرية، ولغتي العربية ليست جيدة، فإنني أتوجه إليه بلغة يعرفها كلانا: Give peace a chance».
وبديهي أن الحديث بالإنكليزية كان أقرب إلى نوع من الرسالة إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يحاول استئناف العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهي تفيد بأن العائق ليس إسرائيلياً. ومعروف أن السلطة الفلسطينية تحاول هي الأخرى القول للأميركيين إن العائق ليس فلسطينياً وإن السلطة لن تفشل مساعي كيري.
وأضاف نتنياهو «هيا لا نضيع الفرصة. فالواقع يتغير بسرعة تسمح بأننا بعد توقيعنا على أي شيء نستطيع الدفاع عن الدولة وعن حدودنا». واعتبر أن الاتصالات في السنوات الأخيرة كانت متقطعة و«المفاوضات لا تدار بهذا الشكل»، موضحاً أنه على تواصل مع وزير الخارجية الأميركي مرات عدة في الأسبوع.
وقال نتنياهو «مواطنو إسرائيل يريدون الأمن، مواطنو إسرائيل يريدون السلام وأنا أريد الأمن والسلام. وكل من يطلع على دقائق المفاوضات يعرف أن إسرائيل ليست الطرف الذي يتهرب من المفاوضات ويضع العقبات أمام العودة إليها. فالأمر المهم هو عدم وضع شروط مسبقة، والدخول ببساطة للمفاوضات. ونحن نصغي لكل مبادرة، وقد ذكرت المبادرة العربية، ونحن مستعدون للبحث في المبادرات التي هي اقتراحات ولكن ليست إملاءات».
وفي ردها على كلام نتنياهو حذرت زعيمة «حزب العمل» شيلي يحيموفيتش باسم المعارضة من التهديدات التي يطلقها نتنياهو، والتي توحي بأن إسرائيل على حافة الفناء. وقالت «إنني أرجوك يا رئيس الحكومة: كف عن هذه التهديدات. إننا أقوى مما كنا في حرب الأيام الستة، أقوى من أي وقت مضى. والتغييرات في العالم العربي التي تتحدث عنها تقلل الردع والمخاطر علينا».
وأشارت يحيموفيتش إلى أن «سيناريو الدولة الثنائية القومية يحثه المؤمنون به لكن لأسفي تحثونه أنتم أيضا، عبر عجزكم ومماطلتكم، وعدم مبادرتكم، وأنتم تقودوننا فعلا لتجسيد هذا السيناريو. وأنا لا أستخف في أنكم تحبون الدولة، لكن أفعالكم أو بالضبط ما لا تفعلون لا يتوافق مع الرؤية الصهيونية. لا يمكن تسميتكم المعسكر القومي عندما تدفعون إلى دولة ثنائية القومية».
وتساءلت زعيمة «ميرتس» زهافا غالئون، قائلة «في الجانب الفلسطيني هناك شريك. هل أنت فعلا شريك؟ هل ستمد يدك للمبادرة العربية؟».
وأضافت غالئون، التي بادرت إلى إجراء هذا النقاش، «سيدي رئيس الحكومة، نحن في لحظة حاسمة. ثمة نافذة فرص، لكن حكومتك تجر رجليها وتضع العصي في دواليب المفاوضات».
هل تراجعت السياسة الأمريكية الشرق أوسطية؟
د. فوزي الأسمر(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
جمعتني قبل عدة أيام صدفة مع بعض الأصدقاء ودار حوار بيننا تطرق إلى أمور كثيرة، ولكنه ركّز في آخر المطاف، كالعادة، على الموضوع الفلسطيني والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
رأى البعض أن هذه السياسة بدأت في الواقع تتراجع، بعد تجربة طويلة الأمد كانت فاشلة على جميع المستويات. ووصل صانعو القرار في واشنطن إلى قناعة بأنه سيكون من الصعب الاستمرار في التعامل بنفس الأسلوب مع العالم العربي: ‘ففي الوقت الذي تتقدم فيه دول العالم يلاحظ تراجع في العالم العربي’، حسبما قال أحد المحللين السياسيين الأمريكيين، ورغم أن هذا التراجع يخدم السياسة الأمريكية إلا أنه مكلف وغير مضمون .
فما هي التجارب التي مرت بها الولايات المتحدة بسياستها الشرق أوسطية، والموجهة للدول العربية بشكل خاص؟ فالشعار الذي رفعته بعد احتلالها العراق هو أنها تريد التخلص من النظام القائم، وأن تعلم الشعوب العربية الديمقراطية. وكان فشلها كبيرا، فالذين رقصوا فرحا بسقوط نظام صدام حسين، وجــــدوا أنفسهم بــــعد فــــترة يتباكون على سقوطه، بعد التجربة المريرة التي مر بــــها العراق ولا زال حتى يومنا هذا، بسبب الاحتلال الأمريكي، دُمـــرت بنيته التحتية، وسُرقت ثرواته الطبيعية وسقط عشرات الآلاف من أبنائه قتلى وجرحى. ولم تتحقق الديمقراطية ولم يصبح العراق نموذجا إيجابيا يقتدي به العالم العربي.
وفي التسعينات وضعت الإدارات الأمريكية مخططات لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها لم تستطع أن تضع ضغطا حقيقيا على إسرائيل، التي لم ترفض هذه المحاولات فقط، بل وجهت الإهانات للقائمين عليها، واستغلت الانقسام الحزبي في امريكا ونقلت المعركة إلى الكونغرس، حيث يوجد لها تأثير كبير، ونجحت في إفشال المساعي الأمريكية، وحمّلت واشنطن الفلسطينيين المسؤولية عن هذا الفشل، ولكن وحسب النهج الأمريكي الجديد، نقلت وكالة أنباء رويترز
(3/6/2013) عن لسان مسؤول أمريكي كبير قوله ‘لقد قدّر وزير الخارجية جون كيري بأن الإسرائيليين والفلسطينيين غير جديين بالنسبة للتقدم في مسيرة السلام، لذا فإنه سيتوقف ويترك الموضوع كله’.
فعندما جاء ما سمي بالربيع العربي، دعمت واشنطن وصول مجموعات إسلامية متطرفة إلى سدة الحكم، مجموعات همها الوحيد السيطرة على الحكم وغير معنية بمصلحة البلد، وعلى استعداد لتقديم الخدمات للأجانب ولا تهمها الأبعاد القومية، وهذا ما تريده واشنطن. لكن سرعان ما اكتشف الأمريكيون أن هذه المجموعات لا تتمتع بشعبية في بلدها، وبقاؤها في الحكم لن يكون طويلا، إضافة إلى أنها تستطيع أن تنقلب ضدها (كما حدث مع بن لادن مثلا).
ثم هناك صراع بينها وبين إيران بسبب إسرائيل، التي تحاول بشكل مستمر توريط أمريكا في حرب معها. وها هي تحاول الخروج من وحل الحرب في أفغانستان. فحرب العراق وحرب أفغانستان كلفتا الخزانة الأمريكية ما يقارب 2 ترليون دولار، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
ووجدت واشنطن أنه حان الوقت لتغيير سياستها المتبعة في معالجة الأمور، فجاء التحول النوعي في ما يسمى بالحرب ضدّ الإرهاب، عندما أعلن الرئيس باراك أوباما أن حالة الحرب ضدّ الإرهاب العالمي انتهت، وأن التعامل مع الإرهاب سيكون ضدّ اهداف معينة متعلقة بمجموعات تقوم بعمليات ضدّ أهداف ومصالح أمريكية فقط.
ولم يكن محض صدفة أن يُنشر قبل عدة أيام في واشنطن تقرير صدر عن (مركز الأمن القومي الأمريكي الجديد) الذي يرأسه البروفيسور كولين كوهيل، وهو مقرب من إدارة الرئيس أوباما، جاء فيه أنه في حال فشلت الولايات المتحدة في منع إيران من امتلاك مقدرة نووية، فإنه لن يكون هناك مفر أمام إسرائيل سوى التخلي عن سياسة الغموض النووي والانتقال إلى سياسة الردع النووي، وتعلن عن امتلاكها ما بين 100 إلى 200 قنبلة نووية ولديها الوسائل لاستعمال هذه المقدرة النووية.
هذه الأمور كلها حدت بإدارة الرئيس أوباما الى انتهاج أسلوب جديد، يضمن لأمريكا الاستمرار في سياستها في منطقة الشرق الأوسط، من دون أن تلعب دورا يجبرها على إراسل قوات، أو صرف مبالغ طائلة، من دون تحقيق أهداف لحساب طرف ثالث.
فسحب قواتها من أفغانستان في العام القادم سيكون المؤشر الحقيقي لسياسة أوباما. والموقف الأمريكي الآن هو تقديم الدعم العسكري والاقتصادي إلى الدول التي تدور في حلبتها، ولتقوم هذه الدول بالدور الذي تراه يتماشى مع مصالحها، ولكن لا قوات أمريكية مقاتلة ستتدخل، ربما تقدم خبرات وخبراء عسكريين للمساعدة والتدريب.
فعلى سبيل المثال رفضت الولايات المتحدة كل الضغوط التي وضعتها عليها إسرائيل وبعض الدول العربية، خصوصا الخليجية منها، لشن حرب على إيران بسبب مشاريعها النووية. ولكنها في نفس الوقت زادت من العقوبات التي فرضت على طهران ومنحت إسرائيل وسائل دفاعية وهجومية لتقوم هي بتنفيذ مآربها.
وعقدت صفقات عسكرية مع دول خليجية وصلت إلى مليارات الدولارات، كي تدافع عن نفسها ضدّ أي هجوم إيراني محتمل، وبالتالي أرضت تجار الأسلحة الأمريكيين، وحافظت على قواتها.
وفعلت نفس الشيء مع المعارضة السورية، منحتها المساعدات العسكرية والمادية والدعم السياسي، ولكنها رفضت أن تلعب دورا فعّالا على الأرض، بل إنها حذرت روسيا من تنفيذ صفقة الصــــواريخ اس ـ 300 مع سورية، ‘واشنطن بوست’ 1/6/23013 إرضاء لإسرائيل والدول التي تدعم المعارضة السورية، فنحن نعرف أن أمريكا لن تقون بصدام مسلح مع روسيا بسبب سورية وإرضاء لإسرائيل وغيرها.
إن السياسة الأمريكية الشرق أوسطية لم تغير أهدافها، ولكنها تسير في اتجاه إبقاء سيطرتها ومناطق نفوذها، من دون أن تدفع ثمنا باهظا بالأرواح والأموال.
مبادرات كيري الشـرق اوسطية
عبدالله محمد القاق/الدستور الأردنية
تصطدم جهود جون كيري وزير الخارجية الامريكية بعقبات اسرائيلية متعددة عندما يحاول طرح مبادرات جديدة هدفها اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين لانهاء التوتر بالمنطقة وبدء مرحلة الحل النهائي الذي يعتمد على “حل الدولتين” وانهاء النزاع المستحكم عبر الخمسة والستين عاما الماضية.
ففي زيارة كيري الخامسة الى اسرائيل ومحادثاته مع نتنياهو من اجل وقف الاستيطان والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المدينة المقدسة وخاصة المسجد الاقصى ووقف الحصار على الفلسطينيين وكذلك الحد من الاعتقالات في الضفة والقدس تبرر اسرائيل ذلك بانها تجيء لدوافع امنية بحتة الامر الذي يجهض الجهود التي يقودها كيري والذي حمل في طياته الكثير خلال المنتدى الاقتصادي الذي عقد بالبحر الميت كما ابلغني السناتور ماكين خلال تواجده بالمنتدى.
وبالرغم من ان كيري يرغب كما تقول الادارة الامريكية في احلال السلام ودفع هذه المسيرة للامام الا ان نتنياهو يضع العراقيل لتحقيق ذلك الهدف حيث رد كيري على منتقديه والساخرين من هذه الجهود بعد اجتماعه مع رئيس وزراء الاحتلال بقوله: “اعرف ان هناك من ينتقدون ولا يثقون بجهودي وهناك من يشككون ويسخرون لكني اقول لهم: اعرف ذلك.. ولكن ستفاجأون بنتائج هذه المحادثات في الاتجاهات الايجابية”... بالطبع هذه الاتجاهات ستكون التزام الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل في مواجهة التحديات والاخطار وكذلك في صنع السلام حيث يؤكد كيري دائما وخاصة عندما التقيته في المنتدى الاقتصادي في البحر الميت وقال لي انه “مستعد للذهاب الى اية منطقة من اجل السلام.. ولكني اعتقد ان احد اهم الركائز لأمن اسرائيل وسلامتها في تحقيق تسوية سياسية من الفلسطينيين ثم مع سائر العرب.. وان المسألة.. تحتاج الى صبر واناة.. وثقتي كبيرة في ان الجهد لم ولن يذهب هباء وسنفاجىء الجميع”.
لقد ظهر واضحا ان الفلسطينيين الذين لا يثقون كثيرا في كيري هو قيامهم بتظاهرات حاشدة ضد كيري اثناء زيارته الاخيرة الى رام الله حيث هتف الفلسطينيون ضده وهو يحاول شراء سندويشة من احد الفلسطينيين للتدليل على قربه منهم حيث هتف المتظاهرون شعارات ضد السياسة الامريكية من بينها “كيري نحن لا نثق بك وبأمريكا .. والولايات المتحدة ليست من اصدقاء الشعب الفلسطيني” وسياسيتكم دعم الاحتلال واجراءاته العدوانية ضدنا.. كما قالت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية “لقد ذكر كيري للرئيس الفلسطيني انه يريد اطلاق مبادرة جديدة خلال الشهر الجاري ولا يريد تسريب معلومات جديدة.. وهذه المبادرة تستهدف على ما تردد توفير اربعة مليارات دولار للدولة الفلسطينية لاقامة مشاريع اقتصادية.. فضلا عن انه قد يقترح على الفلسطينيين البدء في المفاوضات مقابل اسهامه باقناع نتنياهو وقف الاستيطان مرحليا واطلاق سراح بعض الاسرى.. مقابل هذه الخطة الاقتصادية لتعزيز النمو الفلسطيني.
وبالرغم من ان الجانب الفلسطيني ابدى جزءا من التفاؤل حيال التحرك الامريكي الا ان المستشار السياسي لوزيرة القضاء الاسرائيلي بتسيبي ليفني المكلفة بملف المفاوضات قد فاجأ كيري باعلاان “التشاؤم” ازاء امكانية التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال السنتين المقبلتين كما سخر هذا المستشار من جهود كيري لانه يعتقد ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير متحمس الى المفاوضات.. ويرى ايضا ان الضغوط والجهود الامريكية على “ابو مازن” تزداد في الآونة الاخيرة وان هناك ميلا فلسطينيا لذلك لان الفلسطينيين لا يرغبون في اغضاب الامريكيين.
والمبادرة الامريكية تنطلق من مبادلة الاراضي وهي الخطة التي اقترحها الوفد العربي الذي ابدى تنازلا ملحوظا لدى مقابلته كيري في واشنطن وهو ما رفض ذلك جملة وتفصيلا من الفلسطينيين....
هذه الخطة سبق ان عرضها رئيس الوزراء الاسبق اولمرت في 16 ايلول عام 2008 حيث وصفت بانها تمثل تتويجا لمحادثات مطولة بين اولمرت وعباس وتفضي بالتوصل الى اتفاق سلام بين الطرفين حيث تضمنت الخريطة مساحة الدولة الفلسطينية وهي بمقدار 100 في المائة من الضفة الغربية مع “تبادل اراضي” من الجانبين.. وبموجب الخطة “اي الخريطة المقترحة” ستحتفظ اسرائيل بالتجمعات الاستيطانية الرئيسية الثلاثة “تجمع مستوطنة ارئيل في الشمال والتجمع الاستيطاني القدس ومعاليه ادوميم والتجمع الاستيطاني غوشي عتصيون في الجنوب قرب بيت لحم” وفي المقابل فان الفلسطينيين سيحصلون على مناطق بديلة في منطقة الشمال وفي منطقة العفولة – بيسان وفي الوسط ومنطقة الخيش وفي الجنوب في منطقة صحراء جنوب الضفة بالاضافة الى مناطق من النقب ستلحق بقطاع غزة.
ولم يرفض الفلسطينيون هذا التبادل حيث وافق الفلسطينيون بالرغم من نفيهم ذلك حيث كتب ابو مازن كما تقول المواقع الاسرائيلية بخط يده “يحصل الاسرائيليون على 6.8 في المائة من الاراضي مقابل 5.5 من الاراضي سيحصل عليها الفلسطينيون.. هذه المبادرات الامريكية... لم يكتب لها النجاح لانها تلقة معارضة من مختلف الفصائل الفلسطينية وهي بمثابة انتقاص للمبادرة التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي تقضي على انهاء النزاع العربي الاسرائيلي مقابل انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة عام 1967.
وعملية اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين على اسس واضحة تحظى باهتمام اردني حيث ابلغني الممثل الخاص للاتحاد الاوروبي اندرس رينكيه” بان الاتحاد يدعم مبادرة كيري لاحلال السلام ونرى ان المفاوضات يجب ان تكون ذات مضمون لانهاء الصراع وان مبادرة السلام العربية التي اطلقت قبل عشر سنوات مبادرة جيدة ولكن لم يتم استكشاف قيمتها الحقيقية.
والواقع ان حكومة نتنياهو الثالثة والثلاثين والتي تشكلت منذ اغتصاب فلسطين والتي يرئسها للمرة الثالثة نتناياهو ترفض كل الحلول السلمية لانها يمينية متطرفة بعيدة كل البعد عن السلام والعملية السلمية بين اسرائيل والشعب الفلسطيني، وكذلك فان زيارة اوباما الاخيرة الى اسرائيل جاءت لدعم الدور الاقليمي لاسرائيل ضمن استراتيجية الولايات المتحدة التي تعمل على الحفاظ على امنها ومواجهة تداعيات الملف النووي الايراني والموقف في سوريا وانطلاقا من هذه اللقاءات التي اجراها الرئيس اوباما مع القادة الاسرائيليين حرص اوباما على التأكد من فاعلية القبة الحديدية في مواجهة الصواريخ الايرانية وحزب الله.
وبالرغم من ادعاءات كيري بانه يحمل مبادرات لحل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي الا ان اسرائيل تمعن في رفض وتجاهل عملية السلام وحقوق الشعب الفلسطيني لانها تدرك بان القضية الفلسطينية لم تعد تشغل ذات المكانة في الخطاب الاسلامي التي كانت تشغلها قبل اندلاع ثورات الربيع العربي.
تحذير كيري
محمد عبيد/دار الخليج
التحذير الذي أطلقه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخراً، من مغبة تضييع “الفرصة الأخيرة” لتحقيق اختراق في مسيرة التسوية المتعثرة، موجهاً الكلام إلى الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، من على منبر اللجنة اليهودية الأمريكية العامة في واشنطن، لا يحمل أكثر من تفسير واحد، مفاده أن واشنطن تسعى لحمل الجانب الفلسطيني على مزيد من التنازلات .
لماذا هذا التفسير؟ ولماذا لا تكون الإدارة الأمريكية مثلاً أدركت أخيراً أخطاءها؟ قد يسأل سائل أو منتقد، والجواب يتمثل في حقيقة واقعة تتركز في دعم هذه الإدارة وسابقاتها الكامل للكيان المحتل، ومسلسل الابتزاز الذي مارسته على الفلسطينيين في مختلف مراحل المفاوضات .
كما أن إجابة مثل هذا السؤال تحمل بعداً آخر إقليمياً، فالتسوية مطلوبة بشدة حالياً، لتكون فاتحة إعادة ترتيب أوراق المنطقة المبعثرة في فوضى عارمة، ولتسهيل إدخال الكيان في سياق الترتيب الجديد، ولإلغاء أي صوت ينادي بمقاومة المحتل وجرائمه الكبرى .
الفرصة تضيع فقط على الضعفاء أو المستضعفين، التحذير موجه حصراً إلى الطرف الفلسطيني، وهو فاقد فعلياً لأهم عناصر التماسك وقوة الموقف، ومرد ذلك سببان رئيسيان؛ الأول هو الانقسام المقيت الذي يكاد يدخل عامه السابع، وغياب أي مؤشر على إمكانية إنهائه، والسبب الثاني يتمثل في البيئة الإقليمية التي تمر بأصعب مراحل التغيير في العصر الحديث، وفقدان التوازن والاستقرار الذي تمر به دول عربية على رأسها مصر .
كيري الذي حض الجانبين على استئناف عملية التسوية، اعتبر أن أفضل سبيل لضمان أمن الكيان هو إنهاء الصراع بشكل “كامل ونهائي”، باستحضار “الشجاعة” لتحقيق السلام، ورأى أن غياب السلام يعني “صراعاً أبدياً” قد يغلق الباب أمام حل الدولتين .
“شكراً” أيها الوزير، لكن أليس الموجود حالياً على الأرض الفلسطينية إثباتاً عملياً على الطابع الأبدي للصراع؟ أليس تواصل سلب أراضي فلسطين المحتلة، ونثر المستوطنات في مختلف مناطقها، وتوسيع كبرياتها، وتهويد القدس ومحاولة اختطاف المقدسات الإسلامية فيها، وتحويلها إلى ما يخالف حقائق التاريخ إثباتاً .
أي إثبات تريد الولايات المتحدة لتفهم أن الصراع أخذ بعده الأبدي منذ زمن، بل منذ اليوم الذي اقتلع فيه أول فلسطيني من أرضه، وهدم بيته وقتل أفراد أسرته أو قريته على أيدي عصابات الصهيونية، ومنذ أقيم الكيان على أنقاض ورفات السكان الأصليين؟
الأرجح أن “الفرصة” ستفوّت، لكن العبرة ستكون في الوجهة التي سيسلكها الاتهام الأمريكي ب”تعطيل التسوية”، ستوجه أصابع الاتهام كما هي العادة للجانب الفلسطيني، الذي “يتعنت” في وجه “حمائم سلام” من طراز مجرمي الحرب الكبار، وسيحمل الفلسطيني إضافة إلى الاحتلال الاستعماري العنصري الجاثم على أرضه، مسؤولية إفشال أمر لم يرد له الآخرون النجاح أساساً .
الإسراء والمعراج تستنهض الأمة لتحرير الأقصى
رأي الدستور الأردنية
جاءت حادثة الاسراء والمعراج الشريفين تكريما للرسول صلى الله عليه وسلم وتأييدا ومواساة له، بعدما كابد في عام الحزن ما كابده بفقده اعز الناس اليه، وفي ظل ما تعرض له من ويلات من كفار قريش، واليوم تجيء هذه الذكرى العظيمة لتذكر الامة باولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وما تتعرض له القدس من تهويد وتزوير وانتهاك، وما يتعرض له الاقصى من تدنيس على يد رعاع المستوطنين وشذاذ بروكلين، وما يتعرض له المصلون الساجدون العابدون في ساحة الاقصى من اذى وتنكيل على يد ابناء القردة والخنازير.. فيما الامة كلها من جاكرتا الى طنجة تغط في سبات عميق.
الاسراء والمعراج تذكر بمكانة الاقصى في العقيدة الاسلامية فهو اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ولا تشد الرحال الا اليه والى المسجد الحرام والمسجد النبوي.. وتذكر ايضا بمأساته المروعة وما يتعرض له يوميا على يد الصهاينة الذين يعيثون فيه خرابا وتدميرا، ويمارسون اسوأ انواع الرذيلة والفحش والمنكر، وهو الذي تعثرت قدما الرسول صلى الله عليه وسلم بترابه الطاهر، وعلى ارضه ام الانبياء، ومن على صخرته المشرفة صعد الى السموات العلى حيث فرضت الصلوات الخمس على المسلمين.
في هذه المناسبة الكريمة نتذكر حرص الهاشميين على القدس والاقصى، بدءا من الحسين بن علي شريف العرب وملكهم الذي تبرع باكثر من خمسين الف ليرة ذهبية في اوائل العشرينيات من القرن الماضي لترميم المسجد وها هو تراب الاقصى يحتضن رفاته الطاهرة، وعلى هديه سار ابناؤه واحفاده.. فحفظوا الامانة، واوفوا بالعهد، فأسس الحسين الباني مؤسسة اعمار الاقصى لتتولى صيانة وترميم المسجد وتقديم كل ما يلزم ليبقى عزيزا كريما، وعلى خطاه يسير الملك المعزز عبدالله الثاني الذي يعمل ليلا ونهارا لانقاذ القدس والاقصى من براثن الاحتلال البغيض.
وفي هذا السياق يجيء الاتفاق التاريخي بين جلالة الملك والرئيس الفلسطيني والذي يؤكد ولاية ووصاية الهاشميين على القدس والاقصى، والتي ترجع الى عام 1924 حينما بايع اهالي فلسطين والقدس الحسين بن علي وصيا على اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
ان ما تتعرض له القدس والاقصى الشريف من مؤامرة ومكيدة صهيونية لئيمة، تستدعي من الامة كلها النفير لانقاذها من الاحتلال الذي يعمل ليلا ونهارا على تهويدها لتصبح القدس عاصمة اسرائيل اليهودية، فقام بتغيير معالمها العربية - الاسلامية، وتغيير اسماء الشوارع من عربية الى عبرية، فاصبح شارع صلاح الدين شارع هرتسل، وشارع عمر بن الخطاب شارع ابن غوريون.. الخ كما قام بهدم القصور الاموية، والمباني الوقفية، التي تحيط بالاقصى، واقام 14 كنيسا يهوديا حوله الى جانب تجريف المقابر الاسلامية.. الخ.
هذه الاجراءات العنصرية الخطيرة تشي بان العدو مصمم على تنفيذ مخططاته التهويدية، بعد ان ثبت انه غير مؤمن بالسلام، وقد استغل المفاوضات لتكريس الامر الواقع.
مجمل القول: في ذكرى الاسراء والمعراج الشريفين نهيب بالامتين العربية والاسلامية ان تعودا الى نبع الاسلام الصافي، دين الوسطية والاعتدال.. دين الحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة.. وندعوهما الى كنس الخلافات ورص الصفوف كسبيل وحيد لتحرير القدس والاقصى من براثن الاحتلال الصهيوني، وحماية ارض المسلمين وديارهم وثرواتهم من الطامعين.. وقبل ذلك وبعده ندعو الحكام المسلمين الى ان يتقوا الله في شعوبهم ويردوا الامانات الى اهلها كما طالب الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع لتعود امة الاسلام كما ارادها الباري عز وجل “خير امة اخرجت للناس”.
“ولينصرن الله من ينصره”. صدق الله العظيم.
عن هزيمة حزيران بالمناسبة ..
عودة عودة/الرأي الأردنية
مرت قبل أيام الذكرى 46 ( لهزيمة) حزيران .. نعم إنها هزيمة و ليست نكسة, فقد قُدرت مساحة الأرض التي إحتلها العدو الإسرائيلي (خلال ستة أيام و قيل خلال ست ساعات) أربعة أضعاف ما كانت عليه (اسرائيل) قبل الخامس من حزيران 67 (كل فلسطين و الجولان و سيناء)..
بعد ستة أيام ليس غير جلست اسرائيل بجيشها و رايتها الزرقاء فوق دمشق و معها كل الجولان الجميل, كذلك اتسعت خاصرة العدو بعد احتلاله للضفة الغربية و انتشار جيشه على امتداد نهر الأردن و بعيداً عن عمان خمسة و أربعين كيلومتراً إضافةً الى احتلال سيناء و بعيداً عن القاهرة اقل من مئة كيلومتراً كما ضُمت القدس الشرقية الى الدولة العبرية و أُعلن هذا الإنضمام قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي (عوزي ناركيس) و بجانبه كان يقف دايان و رابين و اشكول و هم ينشدون: ليلتسق لساني في حلقي اذا نسيتك يا اورشيلم !؟ كفى, لا أُريد أن ازيد في وصف حالة انكسارنا و خيبتنا في تلك الأيام الحزينة جداً.
و إمعاناً في السخرية الإسرائيلية من العرب.. و جيوشهم لم تمل إذاعة العدو و خلال ايام الحرب الستة و شمسها الحزيرانية اللاهبة من تكرار أُغنية عاطفية معروفة و مشهورة لمطربة عربية رقيقة هي (شادية) و الأغنية تقول: (قولوا لعين الشمس ما تحماشي لَحْسن غزال البر صابح ماشي...) و هدف عدونا من تكرار اذاعة هذه الأغنية الجميلة ليس مناشدة الطبيعة ان ترأف و تخفف من حرارتها و تلطيف الجو على جنودنا المهزومين و التائهين في الصحراء و الوديان و الشعاب و الأغوار بعد انسحابهم من ميادين القتال .. ,و إنما الإمعان في السخرية الشديدة من العرب.. جميع العرب من المحيط الى الخليج ..!؟.
و أغنية (قولوا لعين الشمس ..) التي أخرجها العدو الإسرائيلي من عباءتها الوطنية و التاريخية تتحدث عن (محكمة دنشواي) في عهد الإستعمار البريطاني لمصر العام 1910 و التي صدرت عنها احكام قاسية منها الإعدام و الأحكام المؤبدة و الجلد و كل هذه الأحكام نُفذت في شبان مصريين اعمارهم دون العشرين في يوم حزيراني شديد الحرارة و في قرية دنشواي المصرية نفسها.
و بعد أكثر من مئة عام لواقعة (دنشواي) المجيدة و انتصاراً لفلسطين و الشعب الفلسطيني و في يوم النكبة 15 ايار .. و الهزيمة 5 حزيران صَدحَ مرة أخرى ثالثة صوت شادية الشجي لنفس الأغنية: (قولوا لعين الشمس ما تحماشي..) في ميدان التحرير بالقاهرة و على صفحات التواصل الإجتماعي (الفيسبوك و التويتر) و من خلف شادية رددت الملايين في مصر و وطننا العربي هذه الأغنية الرائعة الجميلة ... مع هتاف : الشعب يريد تحرير فلسطين..!
كل عام .. و في المناسبتين 15 ايار و 6 حزيران تهتز حدود اسرائيل (الهشة) , شبان و شابات فلسطينيين و عرباً يدقون أبواب فلسطين من جميع الجهات في الشمال و في الشرق و في الجنوب بعضهم يستشهد و بعضهم يُجرح و آخرون وصلوا الى الديار في يافا و حيفا و عكا و بئر السبع و القدس.. رغم تهديد و وعيد نتنياهو .
يبقى سؤال و بعد 65 عاماً من نكبة 15 ايار و 46 عاماً هزيمة 5 حزيران : (لماذا هُزمنا ..!؟) في الموقعتين , الإجابة انتظرناها طويلاً و نرفض في هذه المرة الإجابات الناقصة و غير المقنعة , ما نريده الأجوبة الكاملة و المقنعة ..الآن و نحن نعيش زمن « الثورات « العربية التي ادارت ظهرها لفلسطين .. و الوحدة العربية ..!؟
في ذكرى 5 حزيران
معن البياري/البيان الإماراتية
حدث مرة، أنّ فضائية عربية أجرت دردشات سريعة مع شبّان عرب، في استطلاعات قصيرة في عدة بلدان، اختيروا عيّنات عشوائية. سألتهم عمّا يعرفونه عمّا حدث يوم 5 حزيران 1967، فكانت المفاجأة صادمة جداً، أقلّه لشخص مثلي، أنّ عديدين منهم لا يعرفون أنّ كارثة عسكرية وسياسية ووطنية كبرى حلت بالأمة العربية ذلك النهار.
وعندما شرح لهم سائلوهم أنّ إسرائيل اعتدت على مصر وسوريا والأردن، واحتلت فلسطين وسيناء والجولان، بدا مذهلاً أنّ بعض أولئك الشبّان يسمعون الخبر أول مرة، وكان لافتاً أنّ فتية من قرى في السودان واليمن يعرفون الواقعة المشهودة، فيما يجهلها مجايلون لهم من بلاد يشهد لها بتقدّم في التعليم والتحديث. لا شطط في الزّعم، هنا، أنها فضيحة كشفتها تلك الاستطلاعات العجولة، تتعلق بتردّي مناهج التعليم العربية، حين يغيب في تدريس التاريخ، في الابتدائية والإعدادية والثانوية، شرح عن النوائب العربية إياها، من طراز هزيمة 1967.
ليس كاتب هذه السطور على معرفة طيّبة بما تشتمل عليه المناهج المذكورة بشأن حرب السويس، واستعمار ليبيا والسودان والجزائر وتونس واستقلالاتها، أمثلة. وإذ تحضر واقعة حزيران الثقيلة (النكسة بحسب الدارج رسمياً!)، في فقرات موجزة في بعض المناهج، في سوريا ومصر والأردن مثلاً، فلنا أنْ نتخيّل كم فادح فيها غياب ذلك التاريخ. ولا يؤتى التأشير، في هذه السطور، على هذا الأمر صدوراً عن هوى قوميّ عروبي، يأنف منه بعضهم.
وإنما عن وجوب حماية تدريس التاريخ في بلادنا، ومعه العملية التعليمية برمتها، من بؤس وخفّة حادثيْن فيهما، يجعلان التلميذ العربي، المسلّح بفضاء الإنترنت والتلفزات العابرة للقوميات والحدود والهويات، يرفل في جهل مريع بشأن أمته وبلده، ولا يرى منقصة، أو حرجاً، لديه، إذا كان لا يعرف شيئاً عن عبد الكريم الخطابي وعز الدين القسّام ويوسف العظمة وسعد زغلول، ولا يدري، مثلاً، أنّ بريطانياً وفرنسياً، اسمهما، سايكس وبيكو، رسما خريطة بعض المشرق العربي الراهن.
وإذا أضيف إلى جهل مريع من هذا الوزن، عدم الدراية بما جرى نهار يوم 5 حزيران قبل 46 عاماً، فإنّ المسألة تصبح مقلقة جداً، ولا غلوّ في اعتبارها مسألة تتصل بالأمن القومي العربي، بالنظر إلى صلتها، بداهة، بالشخصية العربية والثقافة العامة الواجبة لديها.
حطّت، أمس، ذكرى جديدة لواقعة 5 حزيران، ولم تكن ثمّة مدعاة لاستذكار العظات إيّاها في مثل مناسبة كهذه، شديدة الوطأة على الذاكرة العربية، فالهزائم التي تتالت، بعد ذلك الجرح الكبير في الجسد العربيّ المدمّى، أوقعت في الجسد نفسه جراحاً تعصى على العدّ، وصيّرته مثقلاً بتواريخ ستتعب منها مناهج التدريس لو مرّت عليها، أضيفت إلى أرشيف فيه من فائض الخيبات العربية ما لا يستثير لدى تلميذ في المنامة أو الخرطوم أو صنعاء رغبةً في تذكّرها، لكنها الذكرى الحزيرانية، أوجبت هذا الكلام العابر العجول هنا.
هزيمة 5 يونيو بعد 46 عاما
داود البصري(كاتب عراقي)/السياسة الكويتية
لم يكن يوم الاثنين الخامس من يونيو عام 1967 يوما عاديا كبقية أيام العام! بل كان يوما تاريخيا واستثنائيا رهيبا ستكون له دلالاته وتوابعه المستقبلية, وآثاره السياسية الكبرى التي ضربت الشرق بأسره وأسست لواقع عربي جديد ومختلف بالمرة, في ذلك اليوم الصيفي اللاهب تطايرت أوراق الوهم والخديعة, وتلاشت أحلام الرومانسيين المحلقين بعيدا عن مرارة الواقع المأساوي, وانكشف المستور والمحظور, وبانت العورات بعد أن تهاوت أنظمة الشعارات الكارتونية بضجيجها الإعلامي الفظ الذي كانت ساحاته وميادينه أجهزة الإعلام المسموع والمقروء وقتذاك! , فمع الساعات الأولى لصباح ذلك اليوم حلت بالعالم والشرق العربي أكبر هزيمة عسكرية وحضارية منذ نكبة عام 1948 والتي تم خلالها ضياع نصف أرض فلسطين التاريخية لمصلحة مشروع الدولة العبرية الذي تحقق بعد تخطيط طويل وإعداد متقن ومتدرج بدأ من المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1898 وطبقت مقرراته في 15 مايو عام 1948 بإعلان قيام دولة إسرائيل , وجاء يوم الخامس من يونيو ومنذ الضربات الجوية الإسرائيلية الأولى ليستكمل الحلم الإسرائيلي كل عناصره ليضيع النصف المتبقي من فلسطين ومعه القدس ولتحتل أراضي ثلاث دول عربية أخرى هي مصر (سيناء) وسورية (الجولان) والأردن (الضفة الغربية) وليتغير للأبد شكل وجوهر الصراع الإقليمي في الشرق بأسره.
لقد كانت هزيمة الأنظمة العربية في تلك الحرب بمثابة ضربة و زلزال ستراتيجي رهيب غير كل قواعد اللعب السياسي, و العسكري, و أضاف للمشهد الإقليمي المتوتر أصلا عناصر جديدة قدر لها أن تؤدي أدوارا حاسمة في تاريخ العرب المعاصر , وحيث جاءت بعد الهزيمة مرحلة الإنقلابات العسكرية التي جاءت كما تقول بياناتها الأولى ردا على هزيمة يونيو لكنها لم تقدم شيئا لإزالة آثار تلك الهزيمة, بل عمقت جراح الأمة و رشت عليها ملح الفاشية والتسلط العسكري!
حدث ذلك في إنقلابات العراق ( 1968) ثم توالت المتوالية الحسابية الإنقلابية في السودان ( مايو1969) وفي ليبيا ( سبتمبر 1969 ) وحتى في سورية ذاتها اواخر عام 1970 بعد إنقلاب حافظ الاسد وزير دفاع الهزيمة على رفاقه البعثيين من أعضاء اللجنة العسكرية و إنفراده بالسلطة حتى رحيله عام 2000 وتوريث أبنائه لسلطة و نظام البعث! , في مصر و التي كانت هي الهدف المباشر و الرئيس للضربة الإسرائيلية الساحقة , كان الوضع مختلفا بإختلاف تجربة السلطة المصرية بعد إنقلاب عام 1952 العسكري الذي قاده صغار الضباط في الجيش المصري الذين تقاتلوا فيما بينهم و أقاموا حكما عسكريا مباشرا كان ضحيته الأولى رئيسهم الذي جلبوه للحكم و أعني به اللواء المرحوم محمد نجيب الذي غدر به ضباطه و أذلوه و أعتقلوه منذ عام 1954 و أقاموا دولة إستبداد كانت في البداية حائرة في إعلان هويتها الآيديولوجية ثم رفع عبد الناصر قائد الإنقلاب لواء و شعار القومية العربية منذ معركة السويس عام 1956 و ما بعدها من الأحداث التي توجت بقيام دولة الوحدة العربية بين مصر و سورية في أول و آخر تجربة وحدوية إندماجية في تاريخ الشرق العربي المعاصر سرعان ما فشلت بسبب الديكتاتورية و الإستبداد و الفوضى وضياع البوصلة في 28 سبتمبر 1961 وجاء الإنفصال و الذي قدر له أن يكون القدر العربي الدائم , و لن ندخل في تفاصيل وملف الوحدة و أسرارها فذلك موضوع مختلف , ولكن مصر التي خرجت جريحة و مدماة الأنف من تلك التجربة كانت تحكم برأسين , رأس مدني سياسي يمثله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر , ورأس عسكري إستخباري كان يمثله وزير الحربية ورجل النظام القوي وقتذاك المشير الراحل عبد الحكيم عامر ومن معه من مراكز القوى في الجيش و جهاز المخابرات العامة , وكان الصراع الصامت على أشده بين الطرفين وكان عامر يدير الجيش بعقلية وسلطة "العمدة ورجل العيلة القوى" وليس وفقا لمبادئ الإدارة والقيادة العسكرية الحديثة , الإسرائيليون كانوا و منذ عام 1956 يهيئون الخطط العسكرية و ينامون معها بينما كانت الجيوش العربية في مصر و سورية مشغولة بحملات التطهير و التحسب من الإنقلابات فسورية دخلت الحرب من دون هيئة لضباط الأركان بسبب التصفيات المستمرة , وكان الفاشلون و الصغار من الضباط من يدير أمور الحرب و الدفاع وفي طليعتهم وزير الدفاع حافظ الاسد وحيث ضاعت هضبة الجولان في التاسع من يونيو و أعلن حافظ الاسد عن سقوطها قبل أن تسقط بيد الجيش الإسرائيلي بعد أن هرب قائد الجبهة السوري ( أحمد المير )! أما مصر فإن عبد الناصر كان يرسل الخطابات الملتهبة و الحماسية و التي يؤكد فيها على أن "في العقبة قطع رقبة" بعد أن أغلق خليج العقبة بوجه الملاحة الإسرائيلية أواخر مايو من دون أن يعزز الإجراءات السياسية بخطة عسكرية فاعلة سرعان ما تبين أنها غير موجودة أصلا! ليكرر الإسرائيليون سيناريو هجومهم نفسه عام 1956 وحيث تم تدمير سلاح الجو المصري على الأرض وتدمير الجيش المصري في سيناء بعد أمر الانسحاب الفوضوي و اللامبرر له و الذي اتخذه المشير عامر بعد سهرة راقصة ليلة الحرب!!... لقد كانت هزيمة يونيو هي الحصاد الطبيعي و المر لحالة الاستبداد والتسلط, وما زال في الجعبة الكثير سنناقشه في المقالات المقبلة.
في ذكرى 5 يونيو هل تعلم العرب الدرس جيداً?
د.علاء الدين الفرارجي(عضو الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية)/السياسة الكويتية
مرت السنوات بالعشرات والأيام بالمئات واشرق علينا يوم الخامس من يونيو ليذكرنا بيوم الهزيمة أو حرب الأيام الستة, كما أسماها الاسرائيليون, والأجيال الحالية لا تعرف شيئا عن 5 يونيو 1976 فان الشهود العيان على ما حدث قد اختفوا والتاريخ ليس محايدا بل إن التاريخ في 5 يونيو 1967 لم يكن منصفاً ومن لم يصبهم خرف الشيخوخة وضعف الذاكرة من الأجيال التي عاشت احداث 5 يونيو 1967 والأيام السابقة واللاحقة لها يتذكرون كيف كان 5 يونيو 1967 عقابا قاسيا لمصر جمال عبدالناصر وللمد القومي العربي وما كان يحاك بمصر من فتن ومؤمرات بسبب الطموح والتطلعات المصرية والقومية, فقد خرجت مصر من حرب 1965 وهي تملك رؤية طموحة لدور رائد في المنطقة وبدأ المد التقدمي ينتشر في المنطقة كأصداء لما فعله عبدالناصر وتجربته التقدمية بمصر, ولكن ذلك كله تم اجهاضه في 5 يونيو 1967 بالخديعة وبالقوة وبالخيانة ايضا واصبح اقوى جيش في الشرق الأوسط قطعا من الحديد الخردة على ارض سيناء وعلى مدارج المطارات المصرية التي داهمها الطيران الاسرائيلي بضربة مفاجئة صباح الخامس من يونيو, بينما كان الاعلام العربي يزف للعرب بشرى سقوط مئات الطائرات الاسرائيلية كالذباب والاستعداد لدخول الجيوش العربية تل ابيب.
ومهما غسلت انتصارات اكتوبر 1973 هزيمة او نكسة 5 يونيو 1967 فإن الجرح الغائر بالجسد العربي قد ترك ندبة ظاهرة للعيان لتذكرنا بما حدث في ذلك اليوم وكيف كان المسرح السياسي العربي قبل ذلك اليوم المشؤوم.
كان العرب منقسمين بين دول عربية تقدمية وأنظمة ثورية وعلى الجانب الآخر انظمة اطلقوا عليها اسم الانظمة الرجعية وعملاء الاستعمار.
وكانت موارد العرب وثرواتهم تذهب الى المعارك الجانبية لاعداد المؤامرات لقلب انظمة الحكم او لدعم الانظمة الثورية التي تحتاج الى دعم وتقوية! وبين هذا وذاك نشأت اجهزة الإعلام والاستخبارات وتجار وسماسرة السلاح وانتعشت حولها اسواق ومهرجانات "الرقص السياسي" التي عبر عنها الراحل إحسان عبدالقدوس برواية وفيلم "الراقصة والسياسي" الذي تألقت فيه الفنانة القديرة نبيلة عبيد مع الراحل صلاح قابيل!
وكان يوم 5 يونيو 1967 بمثابة صحوة او ناقوس الاستيقاظ للعرب من الثوار والرجعيين ومن الأنظمة الثورية والرجعية ليذكر الجميع بأن ضعف وتفكك الأمة العربية وتشرذم الدول العربية يؤديان الى هلاك الجميع, وخسارتهم تاريخيا, فقد وصل الجيش الاسرائيلي في يونيو 1967الى شاطئ قناة السويس وتوقفت الملاحة بالقناة وتكبد الاقتصاد العربي والمصري الكثير, ومازالت الجولان السورية محتلة منذ عام 1967 وأحكمت اسرائيل القبضة على المسجد الاقصى والمقدسات الدينية بالقدس الشرقية وبالضفة الغربية.
ورحل عبدالناصر ورحل قبله وبعده عشرات ممن كان لهم دور او كانوا شهودا على ما حدث في يونيو 1967 وعلى اسبابه وتداعياته وان كان الارشيف العربي ببعض الفضائيات ووسائل الاعلام لا يزال محتفظا ببعض الصور الاليمة لما حدث في ذاك اليوم فان هول الكارثة كان كبيرا ومازالت تداعيات وخسائر حرب يونيو 1967 قائمة في الضفة الغربية وفي القدس وفي الجولان ولا يزال العرب يتراشقون الاتهامات ويختلفون ويتمزقون ويتآمرون على بعضهم بعضاً, ولم يخرجوا من هزيمة وليس نكسة يونيو 1967 سوى بالاغاني الحماسية والقصائد والاشعار.
ومهما غسل العرب بانتصارات اكتوبر 1973 عار يونيو 1967 فأن روح اكتوبر 1973 لم تستمر طويلا فمازال مسلسل تقطيع الجسد العربي وتمزيقه مستمرا وبمسميات مختلفة بينما الدولة الاسرائيلية المزعومة التي كان العرب يستعدون لاغراقها في البحر في يونيو 1967 تزداد قوة ونفوذا وصلفا, وتغلق الأبواب أمام مبادرات السلام العربية ولا عزاء للأمة العربية.
فى ذكرى الهزيمة
حسن نافعة/المصري اليوم
فى 5 يونيو من عام 1967 شنت إسرائيل حرباً متزامنة على ثلاث دول عربية، هى مصر وسوريا والأردن، وألحقت بجيوشها هزيمة عسكرية قاسية، وتمكنت من احتلال أجزاء شاسعة من أراضيها شملت ما تبقى من فلسطين وسيناء المصرية وهضبة الجولان السورية. ولأن النظم العربية الحاكمة فى ذلك الوقت، وعلى رأسها نظام عبدالناصر فى مصر، كانت تزايد على بعضها البعض، وتعد شعوبها بنصر مبين وسريع، فقد كان للهزيمة الساحقة والخاطفة مذاق خاص شديد المرارة، بدت معه الشعوب العربية كأنها تعيش كابوساً، وليس أمراً واقعاً شديد البؤس يتعين التعامل معه والخلاص منه.
كنت قد فرغت لتوى من أداء امتحان السنة النهائية بالجامعة، وعدت إلى قريتى بالبحيرة قبل أيام قليلة جداً من وقوع الصدام العسكرى، الذى كنت أعتقد، وقتها، أنه أصبح حتمياً وبات مسألة وقت بعد قرار عبدالناصر إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية. ما إن أعلنت وسائل الإعلام، صباح يوم 5 يونيو، أن الحرب قد بدأت حتى سارعت بالعودة إلى مدينة الإسكندرية، وتوجهت على الفور إلى المقر الرئيسى لمنظمة الشباب لأسجل اسمى فى قائمة الراغبين فى التطوع للقتال، فوجدت أن المئات من زملائى قد سبقونى إلى هناك للغرض نفسه. وبمرور الساعات، ومع تزايد الزحام وتهرب المسؤولين بدعوى انشغالهم بمتابعة التطورات الميدانية، طُلب منا العودة من حيث أتينا، مع وعد بالاتصال بنا على وجه السرعة حين تتضح الأمور وتصبح هناك ضرورة لذلك.
عدت إلى قريتى ومشاعر قلق دفين تنتابنى، وتتصاعد بسرعة مع تغير نغمة الإعلام ونوعية الأغانى التى تبث، حيث حلت أغانى أم كلثوم وعبدالوهاب الوطنية القديمة محل أغانى عبدالحليم حافظ وفهد بلان القومية الحماسية. ورغم إدراكى أن الرياح بدأت تهب على غير ما تشتهى السفن، فإننى لم أتوقع إطلاقا أن تصل الكارثة إلى الدرجة التى تدفع عبدالناصر للتنحى. كانت مشاعرى فى تلك اللحظة شديدة الاضطراب والتناقض فى الوقت نفسه.
فرغم ما انتابنى وقتها من إحساس عارم، ولأول مرة فى حياتى، بالنقمة على عبدالناصر بسبب قناعتى التامة بمسؤوليته عن الهزيمة، فإنه ما إن فرغ من خطاب التنحى حتى انتابنى إحساس باليتم والضياع والخوف على مصر. غير أن ما وقع فى القرية أمام عينى، فور الانتهاء من خطاب التنحى، أصابنى بالذهول. فقد انطلقت على الفور، وفى تلقائية تامة، مظاهرة محدودة من فلاحين بسطاء راحوا يجوبون شوارع القرية وهم يصرخون فى هستيريا: «لا.. حنحارب.. حنحارب»، ووجدتنى بتلقائية شديدة أنضم إليها، وما هى إلا دقائق حتى كانت الشوارع كلها قد امتلأت عن آخرها تردد الشعارات نفسها، ثم تبين لى بعد ذلك أن كلمة السر الرافضة للهزيمة والاستسلام والمطالبة باستمرار المقاومة حتى النصر لم يبادر بها شخص أو تيار سياسى بعينه، وإنما انطلقت فى وقت واحد من كل الحناجر لتشكل دليلاً إضافياً على عبقرية هذا الشعب وقدرته على التوحد فى لحظات الألم والمحنة.
أعترف بأن قدرتى على استيعاب ما جرى فى تلك اللحظات كانت وقتها محدودة، ولم أدرك إلا لاحقاً أن أعظم سنوات البناء الجاد التى عاصرتها بنفسى فى مصر كانت تلك التى أعقبت الهزيمة مباشرة. فقد بدا شعب مصر كله حينئذ مستنفراً ومصمماً على مواجهة التحدى وإلحاق الهزيمة بإسرائيل. وأظن أن الذين شهدوا سنوات حرب الاستنزاف، خلال الفترة من 67 حتى 70، يدركون كم هو عظيم هذا الشعب وقادر على صنع المعجزات.
توجهت إلى فرنسا للدراسة فور قبول عبدالناصر مبادرة روجرز التى توقفت على إثرها حرب الاستنزاف. وبعد شهرين، وأثناء تواجدى فى باريس، رحل عبدالناصر الذى شاءت إرادة الله أن تحرمه من قيادة معركة التحرير بنفسه، لكنه كان قد أكمل بناء الجيش القادر على تحقيق النصر بمعاونة رجال من أمثال: محمد فوزى، وعبدالمنعم رياض، والشاذلى وغيرهم. كانت مصر فى تلك الأيام، رغم الهزيمة، دولة قوية ومهابة. وقد لمست هذه الحقيقة بنفسى أثناء تواجدى فى فرنسا. فقد اهتمت وسائل الإعلام الفرنسية برحيل عبدالناصر أكثر من اهتمامها برحيل ديجول نفسه بعد ذلك. الهزيمة لا تحدث بمجرد وقوعها، لكن بقبولها والاستسلام لنتائجها.
مصر الآن تبدو مهزومة بالفعل، وعليها ألا تقبل بالهزيمة أبداً. وهذا هو أهم الدروس المستفادة مما وقع فى 67.
اليوم التالي للهزيمة!
حلمي الأسمر/الدستور الأردنية
تمر «النكسة» خلسة هذه المرة، فجأة نتذكرها، وسط بحر من الانتكاسات، وبقايا هزائم، وأشباه انتصارات، ونقرأ... في دفتر النكسة عن اليوم التالي لحرب الساعات الستة:
سرت في الجبال معلومات تقول ان اليهود يدعون السكان للعودة إلى بيوتهم! كان المخيم موحشا كمقبرة.. مررنا ببعض الجثث الادمية المنتفخة.. كثير من ابواب البيوت مُشرَّعة تقول ان اللصوص مرّوا من هنا.. كان ثمة اناس «أشفقوا» على مقتنيات أهل المخيم «الثمينة «من ان تقع في أيدي اليهود فآثروا الاحتفاظ بها لأنفسهم حتى لا تتحوّل إلى أسلاب وغنائم في أيدي العدو!!
وصلنا البيت، كان بلا باب.. وكانت الأشياء داخله منثورة هنا وهناك..وكان ثمة قطة ماتت غرقا في زير الماء، أما أرنبتنا، فقد أصيبت بشظية في قدمها!! وكذلك كان شأن النباتات البيتية التي كانت تحرص عليها أم الفتى.. لقد تيبست بعد ستة أيام من العطش والغياب.. والهزيمة!
وكان أول ما طلب الحاكم العسكري الجديد من «رعاياه» أن يفعلوه: رفع الرايات البيضاء على البيوت، وأغلب الظن ان الدافع وراء هذا الطلب ليس اعلان الاستسلام الذي كان لسان حاله يغني عن لسان مقاله، ولكنها الرغبة في الإذلال ليس أكثر..!!
مكثنا حبيسي البيوت أياما، بدأ الحكم العسكري خلالها بممارسة مهام السيادة ولعل أولها كان استقطاب الجواسيس، أو قل ربما استيعابهم وإعدادهم، فلا أظن إنه واجه مشكلة حقيقية في الاستقطاب، بل في الإعداد والاستيعاب، وكانت أكثر مهماتهم سرعة ارتداء «أكياس الخيش» مع ما تنطوي عليه هذه المهمة من احتقار وقذارة!
بدأ الحكم العسكري بجمع الرجال البالغين فوق سن 15 أو 16 في ساحة المركز الأمني الذي بناه الانجليز ودفع بالجموع كي يمروا من أمام «كيس الخيش» البشري، حتى إذا مر شخص مشبوه على وجه من الوجوه أومأ «الكيس» إيماءاته المتفق عليها، ليؤخد هذا «المشبوه» إلى حيث التحقيق والتدقيق وعمل اللازم!! ولم يتسن لي شخصيا المرور بهذا الاستعراض، لكنني طالما سمعت الكبار يتحدثون عن الكيس، ومن يقف يرتديه، وغالبا ما عرف الكثيرون هوية المتخفي بالكيس فاتقوه.. وتجاهلوا إنهم كشفوا هويته!
وشيئا فشيئا، بدأت الحياة تعود إلى سابق عهدها، وبقي منع التجول مفروضا من مغيب الشمس إلى مغربها.. وظل هذا النمط سائدا إلى وقت طويل!
مرت فترة توجس وانتظار، نشط فيها الحكم الجديد في الإعلان بشتى الوسائل إنه حكم مسالم، لن يتعرض لأحد بسوء ما لم يبادر هذا الأحد إلى فعل ما يناهض الاحتلال.. وكان الدرس الأول الذي تعلمه الجميع إن الاحتلال لا يخشى من الكلام مهما كان حادا، بل إنه ليس معنيا به على الإطلاق، المهم ان لا يتطور هذا الكلام إلى عمل أما الثرثرة فلا قيمة لها..
وقد كان هذا الدرس جديدا على القوم الذين اعتادوا ان لا يقولوا شيئا مهما ـ أو هكذا يحسبون! ـ الا إذا تلفت أحدهم يُمنة ويُسرة.. ولكم كان للكلام هيبة قبل هذا الحكم الجديد.. حيث يذكر الفتى ان الحكايات كانت تدور ـ في زمن مضى ـ همسا في الليل خاصة، وكان المتحدثون يصمتون إذا ما سمعوا وقع خطى في الأزقة ولكم رأى الفتى والده أو أحد إخوته وهو يستمع إلى إذاعة صوت العرب تحت اللحاف!!
حزيران .. الوجع الدائم
رشيد حسن/الدستور الأردنية
لا يزال وجع حزيران مقيما فينا ، لم يرحل، ونتائجه واثاره المأساوية ماثلة امامنا لم تتغير ، ولم تتبدل، تشهد باننا لم ننهض بعد من الهزيمة... فالأرض محتلة .. القدس محتلة ،يغتصبها العدو امام ناظرينا يوميا ، نسمع صراخها ونسد اذاننا ، وسيناء مرتهنة “لكامب ديفيد” ، محرمة على الجيش المصري ان يدخلها متى شاء ، وقد اصبحت مرتعا للموساد والخارجين على القانون من كل شكل ولون ،والجولان ينزف دما والما ،، بعد ان اوغلت سكين الاحتلال في جسده .
حزيران باق ومتجذر في داخلنا .. في نفوسنا، بعد أن جرى حقننا بمصل الهزيمة ،وجرى ترويضنا على القبول بان الانتصار على العدو مستحيل ، وان الهزيمة هي قدرنا ، رغم ان سجل الصراع يثبت ويؤكد عكس ذلك تماما ، فلقد انتصرنا في الكرامة وفي حرب العبور ، وانتصرت المقاومة الفلسطينية حينما فجرت انتفاضة الحجارة وانتفاضة الاقصى ، واسقطت مشروعه التوسعي.حزيران باق بعد أن سقط المشروع القومي النهضوي، فانهار جدار الامن القومي العربي بعد توقيع “كامب ديفيد” ، وعلت أسوار القطرية والإقليمية، وأصبحت الامة كلها قبائل متناحرة متصارعة ، وقد عادت ثارات داحس والغبراء، تحركها الايدي الخفية الطامعة في السيطرة على ثرواتها ومقدراتها ، وقد جعلت من العدو الصهيوني القوة الكبرى في المنطقة كلها ، يعربد .. يفعل ما يريد دون خوف من حساب ، أو عقاب. حزيران باق بعد أن انجرت الانظمة كلها الى التنازل عن الثوابت ، فاعترفت بالعدو الصهيوني، بعد أن كان شعارها تحرير فلسطين من البحر الى النهر ، ليصبح بعد هزيمة حزيران على ازالة أثار العدوان، ، ولم يبق الأمر عند هذا الحد، فلقد تم الاعتراف بالعدو على 78% من ارض فلسطين العربية، دون المطالبة ، أو الاشتراط بالانسحاب من الاراضي المحتلة عام67...ويستمر مسلسل حزيران ..مسلسل التنازلات، وتقع الكارثة الثانية بتوقيع“اوسلو” فيعترف صاحب الحق والممثل الوحيد للشعب الفلسطيني ،بالعدو الصهيوني على 78% من ارض فلسطين التاريخية ، ويؤجل البحث في القضايا الرئيسة “القدس، اللاجئين، المستوطنات ، الحدود والمياه” ما اعتبره العدو اللئيم فرصة لتكريس الامر الواقع، لتحقيق كامل أهدافه قي سرقة الارض وتهويد القدس والاقصى ،والحكم على الشعب الفلسطيني بالنفي الابدي.
وفي قمة بيروت2002، سيطرت روح حزيران على الجميع ، فلم يكتفوا بالموافقة على التطبيع مع العدو اذا ما انسحب من الارض المحتلة ، وانما التفوا على حق العودة
المقدس ، واخضعوه للتفاوض مع العدو ، ما يعتبر تفريطا خطيرا بهذا الحق التاريخي، غير قابل للتصرف ، ويجسده ويحفظه القرار الاممي رقم 194.
ويستمر الانهيار فيعلن وفد المجموعة العربية للسلام برئاسة رئيس وزراء قطر في حضرة وزير خارجية اميركا عن موافقة المجموعة ، والتي تمثل الدول العربية كافة ، على تبادل الاراضي ، وهو قرار خطير يعني اعطاء الاستيطان صفة الشرعية، ونزع القدسية عن الارض الفلسطينية ، وتحويلها الى سلعة في سوق النخاسة والتنازل الدولي.
باختصار... وجع حزيران لن يزول ، حتى تمتلك الامة ارادتها كاملة فتكسر الاغلال وتحطم الاصنام ، وتحرر فلسطين والقدس ، والارض كل الارض من الماء الى الماء.
نكسة منسية
حسين درويش/البيان الإماراتية
أمس مرت الذكرى الـ 46 لنكسة حزيران، ولم يتوانَ كَتبة الندب واللطم عن استحضار ما اجتروه منذ حوالي نصف قرن، حيث يفندون أسباب الهزيمة عام 1967 التي دمرت 80 % من عتاد العرب، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 20 ألف شخص، فضلاً عن خسارة سيناء والجولان وغزة والضفة الغربية.
أطلق المحللون على تلك الحرب حرب الأيام الستة، أو الحرب الثالثة ضمن الصراع العربي الإسرائيلي، بينما أطلق عليها العرب اسم النكسة أو حرب يونيو أو حزيران أو الهزيمة، وهاهم يتوقفون عن إطلاق المسميات على الحروب، بعدما تجاوزت حد التصنيف، نكبة، نكسة، هزيمة، إلخ.
توقف العرب عن ذلك قبل الربيع العربي، توقفوا بعدما تحولت الديكتاتوريات العربية إلى جلادين أقسى من حروب إسرائيل، إسرائيل التي لم تقتل عبر تاريخها الإجرامي في المنطقة ربع ما قتلته الديكتاتوريات من شعوبها، والمفارقة التي تفلق من الغيظ، أن جميع هؤلاء الطغاة من الحكام، شعارهم محاربة إسرائيل واسترجاع فلسطين وتحرير بيت المقدس.
مرت ذكرى النكسة أمس، وقد خفت بريق البكاء على نتائجها، ليس بسبب النسيان والاعتياد فقط، بل لأن ما يجري اليوم يفوق ما فعلته إسرائيل بحروبها مجتمعة.
حقاً صدق طرفة بن العبد حين قال:
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ
حفلة سمر 5 حزيران
اسامة الرنتيسي /العرب اليوم
ما زالت ستارة مسرحية سعدالله ونوس "حفلة سمر من أجل 5 حزيران" مفتوحة على جراحنا، لا بل فالمسرحية من دون ستارة، لانها جزء من الفضيحة التي اكتشفناها بعد ساعات، ولا تزال مستمرة، فضاعت الضفة الفلسطينية وتضيع الآن القدس.
5 حزيران، بعرفنا العربي يوم النكسة، ومع الذكرى السادسة والأربعين للنكسة سيّرنا عربياً وفلسطينياً لهذا اليوم المسيرات والاحتجاجات في الشوارع والبيانات التي اصبحت مهزلة، للتذكير بهذا اليوم المشؤوم، لكن إسرائيل تفعل أشياء أخرى، تفرض فيها حقدها وعنصريتها على أرض الواقع، وبالنسبة لها فالقدس ملعب التهويد الأول.
لم تتوقف الحرب الإسرائيلية المستعرة على كل متر في القدس العربية المحتلة منذ عام 1967، بل تزداد ضراوة وتتخذ أشكالاً مختلفة، وعلى مدار السنوات الماضية جربت إسرائيل كل الطرق الممكنة لتغيير هوية المدينة عبر تهويد كل ما هو عربي فيها.
جربت طرد الفلسطينيين، وهدمت منازل آخرين، وسحبت هويات الكثيرين، في وقت عززت فيه من الوجود اليهودي في المدينة المقدسة ضمن خطة تهدف إلى خلق أغلبية يهودية حتى عام 2020، وهو ما يعرف بخطة عشرين عشرين.
أشكال التهويد قائمة وتفرض يوميا فبعد قانون "عبرنة" أسماء الأحياء العربية في القدس المحتلة، أي تحويلها من عربية إلى يهودية، ومنع استعمال الأسماء العربية، إضافة إلى منع استخدامها في الوثائق ووسائل الإعلام الرسمية، اكملت اسرائيل مشروعها في القطار السريع حول القدس.
بمشروع "العبرنة" تحول اسم أبوديس إلى "كدمات صهيون"، وحي الطور أصبح "تل حنانيا"، ورأس العامود "معليه زيتيم".
لقد غطى الدم السوري على شاشات الفضائيات وتداعيات الثورات في عديد العواصم والمدن العربية على ما تتعرض له قبلة المسلمين الأولى، مدينة القدس التي لم يتبق من أراضيها سوى 14% يستغلها المقدسيون للبناء، فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة صادرت أكثر من 34% من أراضيها لصالح المستوطنات، وصنفت 52% مناطق خضراء، ومنذ بدء احتلال القدس عام 1967 صادرت إسرائيل هويات عشرات الالاف من الفلسطينيين، وألغت الاف حقوق الإقامة في القدس.
وهناك ما يزيد على عشرة آلاف طفل فلسطيني في القدس الشرقية غير مسجلين في هويات والديهم، كما أن نسبة هؤلاء الأطفال الذين لا يقدرون على التسجيل في المدارس العامة أو ممن يحصلون على الرعاية الطبية بسبب عدم تسجيلهم تقدر بنحو 23,6%.
وتصادر إسرائيل الاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية المحيطة بالقدس، تحت مظلة بناء الشوارع "الأمنية" الاستيطانية، والتي تعرّض أعمال شقها لخطر الهدم ما يزيد على 38 منزلاً فلسطينياً في السواحرة الغربية والشرقية والثوري وأبوديس.
وبناء على الخارطة الهيكلية الأخيرة التي قدمتها بلدية الاحتلال في القدس، فسيتم خلال السنوات الخمس المقبلة بناء 32000 وحدة سكنية استيطانية، ما يعني انتقال 120 ألف يهودي للعيش في القدس الشرقية.
في الممارسة التهويدية لم يبق هناك قدس، والذي يعزز ذلك الصمت العربي والإسلامي المطبق على ما يجري في القدس التي طال التهويد أبنيتها وشوارعها وأسماءها وآثارها.
نكبة فلسطين.. واستقلال إريتريا
محمد مسوكر(كاتب في شؤون القرن الأفريقي)/القدس العربي
لعلنا جميعا نعلم ان اللغة العربية المتداولة في إطار الوسائل والوسائط الحاملة للثقافة القائدة، مليئة بالمصطلحات والمفاهيم المستوردة، التي لا أجد في وصفها أصدق من قول المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد في كتابه ‘خارج المكان’ (انني مقدم على عمل متناقض جذريا هو إعادة بناء عالم في مصطلحات عالم آخر).
جميعنا نرزح تحت وطأة هذا التناقض الجذري لأننا نعيش في زمن لسنا أعضاء فيه، بل ربما نحن مادته التي يستعان بها في الانتاج. الاقوياء وحدهم قادرون على تسمية الاشياء، بل وعلى نعتنا وتسمية ذواتنا الخاصة التي يبدو أنها ليست خاصة كما نعتقد دوما، لأننا كثيرا ما ننادي أنفسنا بأسماء يراعى استاقمتها مع منطوق المجتمع الدولي، بصرف النظر ما إذا كانت عاكسة لواقع الناس أم لا.
هذا التقديم أوجبه التأمل التاريخي الذي يدعـــو له هذا المقال، فتنشيطا للذاكرة لعل المهتمين يتذكرون أن الفضاء العربي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان يعمل جاهدا على أن ينتصر لقضيتين بارزتين، وهما القضية الفلسطينية والقضية الاريترية، والقول ان الاولى قضية مركزية لم يكن تعاليا على الشأن الاريتري، كما يعتقد البعض، بل انها أحد أبعاد القضية الفلسطينية وتلك هي ضالة هذا المقال.
حقائق التاريخ والجغرافيا معلومة، ولا يرغب هذا المقال في تكرارها، ولكن من خلال التوافق الزمني بين القضيتين، حيث نعيش ذكرى النكبة المستمرة لأهلنا في فلسطين المتزامن مع الذكرى العشرين لاستقلال إريتريا، نود أن نقرأ ذلك، ولا بأس أن نستعجل ونفصح عن السؤال، كيف حدث إستقلال إريتريا رغم أن نكبة فلسطين مازالت قائمة؟
كما أسلفت فأن الأقوياء وحدهم قادرون على تسمية الاشياء، وهذا السؤال يعاني من سطوتهم، لأن القول باستقلال إريتريا ينسجم مع ثقافة المجتمع الدولي، أما الكيفية والتعبير عن كافة أركان الجماعات المكونة للخارطة الاريترية فهذا خارج دائرة اهتمامهم.
في العام 1948 عام النكبة الفلسطينية، أي عندما بدأ الصهاينة في تشريد الفلسطيينين من ديارهم، كانت إريتريا تحت الوصاية البريطانية بعد هزيمة ايطاليا، ولان المؤامرة كانت أكبر من الخارطة الاريترية، لم تتخذ الامم المتحدة قرارا في اجتماع الجمعية العمومية الدورة الثالثة الذي خصص لمناقشة مصير المستعمرات الايطالية، فأرجأ الامر الى 1950، وفرضت أمريكا ما يعرف بالمشروع الفيدرالي مع إثيوبيا الامبراطور هيلي سلاسي، الذي عرف عنه صداقته الوطيدة لأمريكا واسرائيل، لذلك عندما ابتلع اريتريا وأعلنها المقاطعة رغم 14، على الرغم من أن المشروع الامريكي نظريا يحدد المدة الفيدرالية بعشرة أعوام تبدأ 1952- 1962، لم تتجاهل أمريكا الامر، بل شاركت في هذا الابتلاع بان أقامت قاعدة لها في أسمرا بصحبة إسرائيل .
انقسمت الجماعات الاريتــرية إزاء الأمر، فالقوى الاجتماعية المنسجمة اجتماعـــيا ودينيا مع إثيوبـــيا لم تقاومه، ولكن تلك التي رأت أنه نكبة استدعت المقاومة، وكذلك كان حال الشعب الفلسطيني، فكلاهما ضحية الامم المتحدة.
أنجبت الثورة الاريترية عددا من الزعماء والقيادات السياسية والعسكرية كشقيقتها الكبرى فلسطين، فمثلما كان ابو عمار في الساحة الفلسطينية كان في إريتريا عثمان صالح سبي، الذي توفي العام 1987 في احد المستشفيات بالعاصمة المصرية القاهرة، في ظروف لا تقل غموضا عن تلك التي صاحبت رحيل أبو عمار في باريس.
عثمان سبي على الرغم من أنه لم يكن يملك قوات عسكرية نافذة في الميدان الاريتري، إلا أنه كان يتمتع بحضور سياسي كبير، الأمر الذي جعله مرصودا من الدول الكبرى، ودوما تجد في تحركه السياسي الربط بين مركزية القضية الفلسطينية وبعدها في إريتريا، وان نجاح المشروع الصهيوني في فلسطين يشترط بالضرورة حماية إسرائيل في البحر الاحمر، من هنا تأتي الرؤية الدولية في تمكين إثيوبيا لأطول ساحل في غرب البحر الأحمر.
تتلمذ سبي في أجواء ووعي جمال عبد الناصر الذي قدم الثورة الاريترية الى العالم، من خلال ضمه واستضافته للقيادات المؤسسة لجبهة التحرير الاريترية التي دخلت في خلافات في ما بينها، شأنهم في ذلك شأن القيادات الفلسطينية،
ولكن لم يقدر أي طرف منهم على أن يكون متناغما مع البرنامج الدولي.
في العام 1974 حدث تحول مهم في مسار السلطة في إثيوبيا، بسقوط حكم الإمبراطور هيلي سلاسي وظهور منغستو هيلي ماريام وادعائه الماركسية واحتمائه بالاتحاد السوفييتي أو بالمعسكر الشرقي. وفق هذا المعطى السياسي الجديد لم تعد إثيوبيا مأمونة الجانب للمصالح الغربية، وبدأ تعاظم الثورة الاريترية ذات البعد الفلسطيني (جبهة التحرير أو عثمان سبي) يثير قلقا للغرب. في تلك الأجواء أنجب أسياس أفورقي تنظيمه الذي عرف باسم (الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا) بقابلية كافية أن يكون البديل المحتمل في حالة فقدان إثيوبيا قدراتها للعب الدور المناط بها من قبل الغرب، وأن يكون الضابط لبوصلة الثورة الاريترية، وجاءت أولوياته كالتالي:
اولا، تصفية الثورة الاريترية من قواعدها السياسية والاجتماعية التي تأسست عليها، وضربها عسكريا وملاحقة قياداتها العسكرية وتصفيتهم وقد فعلت ذلك.
ثانيا، تقوية القوة الاثيوبية المناوئة لنظام منغستو، وبالفعل ساهم في تمكين جبهة تغراي وبذلك استطاع أن يوفر الضمانات المطلوبة لحماية المصالح الغربية التي هي بالضرورة المصالح الاسرائيلية أيضا، الأمر الذي أغدق على القوتين سيل المساعدات الغربية بلا حساب .
حقبة الثمانينيات شهدا عملا دؤوبا من قــــبل القوتين، إلى أن تم لهم أمر إزاحة نظام منغستو من السلطة، ولعل الذاكرة لا زالت تحتفظ بالمفاوضات التي رعاها كوهين في لندن بين ملس زيناوي رئيـــس وزراء إثيوبيا الراحل وأسياس أفورقي، وقبلها لقاء جيمي كارتر بأفورقي في مطار الخرطوم، الأهم في تقديري تزامن استقلال اريتريا مع انهيار الاتحاد السوفييتي، ويحضرني هنا القول الذي شاع آنذاك، ‘استقلت إريتريا أم سقط الاتحاد السوفييتي؟’. أعتقد أن الذي حـــدث هو تحديث إثـــيوبيا سياسيا بما يتناسب ودورها المناط بها في ظل النظام الامريكي الجديد. أما السؤال الذي أفصحنا عنه في صدر هذا المقال وهو للتذكير كيف حدث استقلال إريتريا، رغم أن نكبة فلسطين ماثلة؟
اذن من هم المتضررون من استقلال إريتريا؟ هم قيادات وتاريخ وثقافة الذين كانوا البعد الأقليمي والدولي للقضية الفلسطينية، وأن النظام في إريتريا مهما تجبر وطغى لن ترضى القوى الدولية بديلا له، ما لم يرضي الرغبة التي نكبت فلسطين.
إذن مفهوم النكبة الفلسطينية لا يحتاج منا الى تعريف لأنها ماثلة أمامنا، ولكن لأن صورة التناقض الجذري ماثلة في إريتريا وجب هذا الـتأمل.
القدس
ابن الديرة/دار الخليج
فعل المشرع في الإمارات خيراً حين جعل مناسبة الإسراء والمعراج عطلة رسمية . . بهذا تدخل المناسبة أكثر في الوجدان، وتتاح الفرصة لاستحضار معناها واستذكار تاريخها .
وتاريخها يرتبط بالصلاة، الصلة الروحانية الخالدة بين العبد وربه، بل الصلة الحياتية المستمرة بما تمثله من مبادئ وقيم . في صميم مشهد الإسراء والمعراج القدس الشريف، وهذه مناسبة القدس . هنا، اليوم، نتذكر القدس ولا ننساها . هكذا شاء المولى القدير، حين جعلها نقطة الوصل المضيئة بين الأرض والسماء .
القدس، وهي قدس أقداسنا، تتعرض للتهويد من جانب عدو هو ضد الإنسان والإنسانية والأرض والحجر والشجر، فيما العالم كله، والعرب ليسوا استثناء، في غفلة عما يحدث . الحكاية أبعد من بيانات الشجب والاستنكار . هي حكاية وطن وأمة وعنوان إرث ديني وثقافي . أقل القليل في سبيل القدس لا يبذل الآن، والمطلوب الجهاد من أجل القدس ولو بالكلمة والبحث والدراسة وتوثيق ما يحدث بالصورة الناطقة . لا بد من تسجيل ما يتغير قبل أن يتغير، ولابد من بذل الجهد والمال في سبيل تأهيل ذاكرة القدس، قلب فلسطين النابض، الباقي على الدهر، مصدر إشعاع وهدى، ومحطة مفصلية في زمان ومكان العرب والمسلمين، والناس أجمعين .
نعم القدس رمز، ورمزيتها في قلوبنا ودوراتنا الدموية، لكننا لا نريد لها، وهي الحرة، أن تحبس في الرمز وفي أفقه الضيق أو الواسع لا فرق . القدس للزمان كله، وللمسافة إلى أبعد آمادها .
ولقد فعل المشرع في الإمارات خيراً . اليوم عطلة رسمية، لكنه ليس عطلة عن التفكير والتذكر والأمل . الأمل لكن مع العمل من أجل القدس، أجمل المدن .
كل عام وأنتم بخير .
«عرب آيدول» : الفن والغناء خط الدفاع الأخير عن الوحدة الوطنية!
د. خالد الحروب/الدستور الأردنية
ماذا يعني ان يتابع ملايين الفلسطينيين الشاب المبدع محمد عساف ابن خان يونس في قطاع غزة في برنامج “عرب آيدول” على شاشة ام بي سي كل اسبوع, ويديرون ظهورهم لكل صحف حماس وفتح وتلفزيوناتهما وصحفهما وكل ما يحتويه اعلامهما من مهاترات؟ ماذا يعني ان يكون اقل عدد زوار اي مقطع لكل اغنية من اغنياته على اليوتيوب اكثر من مليوني زائر, وبعضها تجاوز الخمسة ملايين – اي اكثر من عدد من صوت لفتح وحماس في انتخابات 2006! وماذا يعني ان تكون خلفيات المصوتين له شاملة وعامة لكل طيف الشعب الفلسطيني: في الداخل, من الضفة والقطاع وفلسطين المحتلة عام 1948, وفي الخارج حيث يتواجد الفلسطينيون. وايضا على اختلاف انتماءاتهم الدينية والثقافية والسياسية: مسلمون ومسيحيون, مسيّسون وآنفون من السياسة.
وماذا يعني ان تتجاوز اعداد المصريين المشاركين في التصويت في حلقات عرب آيدول مجموع من صوت للرئيس المصري محمد مرسي في انتخابات 2012؟ وما هو المغزى العميق في قراءة الخلفية الثقافية والدينية والاجتماعية لملايين المصوتين الذين يمثلون طيف الشعب المصري, بعيدا عن الاستقطاب الديني والتعصب المذهبي والتشظي المجتمعي الذي سببه ذلك التعصب في بلداننا؟ وماذا يعني ان يتابع اكثر من ثلاثة ملايين شخص موالاً كتبه ولحنه وغناه المتسابق السوري عبد الكريم حمدان عن مدينته الجريحة حلب على اليوتيوب, ونفس العدد او اكثر يتابع بقية اغانيه في البرنامج؟ وماذا يعني ان يطرب الملايين ايضا لغناء الشابة الكردية برواس بالعربي ويستمعون اليها بالملايين على الشاشة وعلى مواقع الانترنت؟
برنامج “عرب آيدول” لاكتشاف المواهب الغنائية يطرح في الواقع اسئلة عميقة ثقافية-سوسيولوجية ويثير الكثير من التأملات التي يجب ان يتوقف عندها المهتمون بالشأن العام وخاصة قادة الاحزاب الدينية وغير الدينية – والإشارات المكثفة هنا عن التسيّس الديني, سواء انتجته دول ام حركات, لأنه هو المُتهم بجلب الاستقطاب والتعصب المذهبي والطائفي الذي يدمرنا الآن. النجاح الكبير للبرنامج المتمثل في مستويات المشاهدة المذهلة تدلل على الهجرة الجماعية عن قنوات الاخبار المسيسة, والقنوات الدينية, وعن كل البث الاعلامي الذي ظن كثيرون انه قد استقطب الشريحة الاكبر من العرب ويؤثر في تشكيل مزاجهم ويقولب ثقافتهم. هل بالإمكان الاستنتاج من ذلك والقول انه على رغم كل الضخ السياسي والاخباري وانباء الحروب الدامية, او ربما بسبب فيضانها, فإن ظاهرة النزوح العام عن الفضائيات الاخبارية, تعني نزوحاً مشابها عن الاحزاب السياسية, وعن الجماعات الدينية, وعن كل ما دأب على تشتيت وتفتيت المجتمعات العربية اليوم؟
في برنامج “عرب آيدول” يلتقي مواطنو كل بلد عربي ويساندون مرشحهم بالمؤازرة والتصويت– يتوحدون في شكل وحدة وطنية يفتقدونها في بلدانهم التي تعاني من الاستقطاب والتعصب الذي جاء به تسييس الدين وتوظيفه والتمترس خلف التفسيرات المتطرفة التي تقضي على التعايش. في معظم البلدان العربية اليوم يبدو المشهد الثقافي-السوسيولوجي-الديني بالغ البؤس حيث التطرف ينهش من اللحم الحي فيها, ويقضي على مساحات الحياة المشتركة. ويُحاصر الناسُ بموجات تديين كل ما له علاقة بالحياة العامة والفردية, وحيث تتدخل جحافل مفتي التلفزيونات في كل طرائق تنفس الناس ونومهم. وفي الرد على هذا الاختناق المتزايد, والتصحير المخيف للحياة, تدير عشرات الملايين من الناس ظهرها لكل ذلك وتعلن رفضها لكل من يريد التحكم في رقابها, وتتمسك بمنطقة التعايش الوسطى وتدافع عنها. بقاء هذه الكتلة العريضة في الوسط وتحديها لكل تيارات التطرف, وتعاليها عن نداءات التعصب, وشمولية تمثيلها لمكونات مجتمعاتها هو عمليا خط الدفاع الاخير عن وحدة هذه المجتمعات وهويتها الجماعية وشعورها بالانتماء.
ليس هناك ادنى مبالغة في القول الآن, على سبيل المثال, ان محمد عساف يحقق ثقافيا وهوياتيا وحدة وطنية فلسطينية حقيقية وعابرة للانتماءات, ويخدم احساس الفلسطينيين بهويتهم الجماعية افضل من كل ما تقوم به حماس وفتح والسلطة الفلسطينية مجتمعين! او بالاحرى هو يرمم ما يدمرون! الاستقطاب السياسي, وضمنه الديني, الذي جره الانقسام الفلسطيني على هوية وثقافة الفلسطينيين عمل ولا زال يعمل على تدمير المشتركات بينهم, خاصة مع هوس حماس بتديين الفضاء العام, وسلفنة قطاع غزة بشكل مباشر او غير مباشر, ومراقبة “منسوب رجولته!”.
من منظور اوسع يعود الفن والغناء ليثبتا ما هو مثبت لجهة الطاقة التوحيدية الهائلة العابرة للاستقطابات. وان اردنا التأمل في ذلك عربيا, لنا ان نذكر ان ام كلثوم كانت احد اهم عناوين العروبة الثقافية رغم كل الحروب العربية السياسية الباردة منها والساخنة. وان فيروز هي التي رسمت صورة لبنان الجميل المُوحد والعابر للطوائف والتي يطرب لها كل اللبنانيين بغض النظر عن خلفياتهم. وان الشاب خالد, ومعه فن الراب والراي, ربط كل جزائريي المهجر والداخل ايضا بهوية وطنية ثقافية تتجاوز كل انقسامات الحرب الاهلية, ونداءات التشظي العربي/الامازيغي. وان محمد عبده في السعودية يدندن لـ “أماكنه المشتاقة” حجازيو ونجديو وشرقيو المملكة, ويديرون ظهورهم للتعصب السني والشيعي وكل إكراهاتهما وتقسيماتهما للمجتمع.
في “عرب آيدول” يتحدث العرب الى العرب من مشرقه الى مغربه على ارضية الفن ويغنون معاً ويطربون لذات الاغنيات. بعيدا عن ارض الفن هذه لا نجد سوى الانقسامات والطائفية والاتهامات والاستقطابات. في برامج الفن والادب والغناء هناك لغة عربية وسيطة تقرب بين اللهجات, ترقي منها من ناحية, وتبتعد من ناحية اخرى عن تقعر لغة الاخبار ولغة الخطابات الدينية المتعالية المنفصلة عن الناس. يقدم لنا “عرب آيدول” وبقية برامج الفن والادب والغناء تحديا واطروحة بالغة العمق وبحاجة الى تأمل كبير وسط التشظي المرعب الذي نعيشه وهو الآتي: هل اصبح الفن والغناء هما خط الدفاع الاخير عن الوحدة الوطنية في كل بلد عربي؟ وهل اصبح الفن والغناء هما خط الدفاع الاخير عن العروبة الثقافية؟
الحروب الأهلية العربية بدل محاربة إسرائيل
د. صبحي غندور/البيان الإماراتية
قيل بعد حرب أكتوبر 1973، وعقب توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية، إنّ "لا حربَ من دون مصر ولا سلامَ من دون سوريا". وقد ثبت بعد أربعة عقود مرّت على هذا القول، صحّة خلاصته، حيث لم تحدث منذ ذاك الوقت حرب نظامية عربية/ إسرائيلية، بمعنى حرب جيوش تقليدية على الجبهات، رغم حدوث حروب عديدة خلال هذه العقود، قامت بها إسرائيل ضدّ حركات المقاومة في لبنان وفلسطين.
أيضاً، لم تحدث تسوية شاملة للصراع العربي/ الإسرائيلي، رغم المعاهدات التي حدثت بين إسرائيل ومصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وقد مضى حتّى الآن أكثر من سنتين على التغيير الذي حدث في النظام المصري، لكن لم يحدث بعد أيُّ تغيير عملي في السياسة الخارجية التي اتبعتها مصر منذ توقيع اتفاقات "كامب ديفيد" عام 1978، وما زال الحكم المصري الجديد يؤكّد التزامه بهذه الاتفاقات وبالمعاهدة مع إسرائيل. أمّا في الحالة السورية.
فنجد أيضاً أنّ أكثر من سنتين من الصراع الدموي الجاري لم يُغّير من السياسة الخارجية للحكم الحالي في دمشق، ولا من تحالفاته الدولية والإقليمية، وهو أمر سعت واشنطن وتسعى لحدوثه منذ حرب 1973، حيث نجحت الولايات المتحدة آنذاك في إخراج مصر من التحالف مع روسيا الشيوعية، وضمّها إلى الفلك الأميركي في المنطقة، الذي كانت فيه حينها إيران - الشاه، وتركيا التي لا تزال أحد الأعضاء المهمّين في "حلف الناتو".
تداعيات سلبية خطيرة حدثت في المنطقة العربية وجوارها الإقليمي في العقود الماضية، منذ خروج مصر من الصراع العربي/ الإسرائيلي، كان منها ما هو بفعل إرادات وظروف محلية، أو بسبب تخطيط وعدوان خارجي، أو مزيج من الحالتين معاً. فمن الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، إلى الغزو الإسرائيلي للبنان واحتلال بيروت في 1982، إلى غزو صدام حسين لدولة الكويت صيف 1990، إلى حرب الخليج الثانية 1991، إلى مؤتمر مدريد واتفاقية "أوسلو" بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، إلى هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة عام 2001.
فغزو العراق 2003، إلى الحروب الإسرائيلية على لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة في أكثر من محطة زمنية خلال العقد الماضي، إلى ما تشهده المنطقة الآن من صراعات وأزمات أمنية وسياسية، تُنذر بحروب أهلية وبتغييرات في كيانات بعض الدول وحدودها، وليس فقط أنظمتها الحاكمة.
وهذه التداعيات السلبية في التاريخ العربي المعاصر، لم تكن منفصلة عن مجرى الصراع العربي/ الصهيوني الممتد نحو مئة عام، ولا هي أيضاً مجرّد تفاعلات داخلية، "الخارج" منها براء.
ويُرجِع بعض العرب سلبيات أوضاعهم الراهنة إلى هزيمة يونيو/ حزيران عام 1967، رغم مرور ما يُقارب نصف قرن من الزمن على حدوثها، بينما الواقع العربي الراهن هو نتاج تدهور متسلسل تعيشه المنطقة العربية منذ اختار الرئيس المصري الراحل أنور السادات السير في المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي، الذي وضعه هنري كيسنغر بعد حرب أكتوبر 1973، في ظلّ إدارة كسينغر للسياسة الأميركية الخارجية.
إنّ الحقبة السياسية بعد حرب عام 1973 (وليست النتائج السياسية لحرب 1967)، كانت بالنسبة للعرب هي الأخطر، لأنها أوجدت بذوراً للعديد من الأزمات القائمة الآن. فقد كانت حرب أكتوبر 73 درساً لأميركا وإسرائيل، في أنّ الهزيمة العسكرية الكبرى لمصر عبد الناصر عام 67، والقوة الإسرائيلية الهائلة والمتفوقة في المجالات كلّها، والعلاقة الخاصة مع بعض الحكومات الغربية..
هي عناصر لم تكن مانعة لحدوث "نصر أكتوبر"، ولا لعدم استخدام النفط كسلاح في الصراع مع إسرائيل ومن يساندها، ما دفع أميركا وبعض الدول الأوروبية إلى إعادة حساباتها في المنطقة، وإلى تأسيس نواة ما يُعرف اليوم باسم "مجموعة الدول الثماني"، والتي كان تأسيسها (عام 1974 من خمس دول)، مرتبطاً بقرار حظر تصدير النفط إلى الغرب خلال عام 1973. ومن حال النتائج الإيجابية لحرب 1973، بما فيها القيمة العسكرية لعبور قناة السويس، وظهور القوة المالية والاقتصادية والسياسية للعرب آنذاك، ثمّ القرار الذي أعلنته الأمم المتحدة بمساواة الصهيونية بالعنصرية..
إذا بالمنطقة العربية تنتقل من هذه الإيجابيات الدولية، ومن حال التضامن العربي الفعّال، إلى إشعال الحروب العربية/ العربية، والحرب العراقية/ الإيرانية، وتصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة. فكانت نتائج تلك المرحلة، ليست في تعطيل دور مصر العربي فقط، بل بفتح الأبواب العربية كلّها لحروب داخلية وحدودية، واختلال الجسم العربي بأسره.
ولولا هذه السياسات الخاطئة في "السّلم والحرب"، لما حصل ما حصل من تمزّق عربي خطير، وهدر وتدمير لإمكانات عربية كثيرة، وإعادة فتح أبواب المنطقة للتدخل والوجود العسكري الأجنبي.. أمّا هزيمة 1967، فقد كانت سبباً مهماً لإعادة النظر في السياسة العربية لمصر الناصرية، حيث وضع عبد الناصر حينها الأسس المتينة للتضامن العربي من أجل المعركة مع العدوّ الإسرائيلي، وتجلّى ذلك في قمّة الخرطوم عام 1967.
وما تلاها من أولويّة أعطاها ناصر لاستراتيجية إزالة آثار عدوان 1967، وإسقاط كل القضايا الأخرى الفرعيّة، بما فيها سحب القوات المصرية من اليمن، والتصالح مع الدول العربية كلّها، والسعي لتوظيف كلّ طاقات الأمّة من أجل تحرير الأراضي المحتلة، وإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، التي قامت فعلاً بحرب الاستنزاف أولاً، ثمّ بحرب عبور قناة السويس.
لكن هذه الدروس الهامة لم تعش طويلاً بعد وفاة ناصر، وبعد حرب 1973، إذ عانت الأمّة العربية، ولا تزال تعاني، من انعدام التضامن العربي، ومن انقسامات وصراعات بين حكومات وشعوب، ومن هشاشة البناء الداخلي، ما سهّل الهيمنة الخارجية على بعض أوطانها، ودفع بالوضع العربي كلّه نحو مزيد من التأزّم والتخلّف والسيطرة الأجنبية.
لكنْ، مهما كانت تداعيات الصراع مع إسرائيل الآن سيّئة وبالغة التعقيد، ومهما كانت سلبيات الواقع العربي الراهن وحال الانقسام والعجز والضعف، فإنّ الإرادة الشعبية، في تاريخ أكثر من بلد عربيٍّ، استطاعت أن تكسر الأغلال، وأن تثور ضدّ الظلم والاحتلال، وهي قادرة على أن تصحّح هذا الواقع عاجلاً أم آجلاً، طالما حافظت على وحدة الشعب، وأدركت بحقّ، من هو الصديق ومن هو العدوّ.
يجرّمون نصر الله وحزبه.. ماذا يريدون؟
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
حملة شعواء تُشن على حزب الله وأمينه العام سماحة السيد حسن نصر الله، أطلق عليه شيخ علماء المسلمين ‘الطاغية الاكبر’ وعلى حزبه ‘حزب الشياطين’، كل ذلك بسبب مواقف الحزب وزعيمه من الصراع في سورية. نصر الله لم يمارس ديماغوجية أو تدخلا في سورية، من تحت الطاولة، أعلن هذا بكل الصراحة والوضوح المعروفين عنه. السؤال الأبرز الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع هذه الاتهامات… لماذا مسموح للمسلحين من كل بقاع العالم، العربي، الأفغاني، الأوزبيكي، الآسيوي، الأفريقي، الأوروبي، وغيرها القتال ضد النظام في سورية، وممنوع على حزب الله مساندة حليفه الاستراتيجي؟ هذا السؤال يقود إلى أسئلة أخرى: هل السلفيون وجبهة النصرة وأعوانهما هم الحل، وهم المتوجب تسليمهم الحكم؟ ألم ير العالم حقد ذلك المرتزق الذي استخرج قلب وكبد جندي سوري قتيل وبدأ في لوكهما؟ أهذا ما يريدونه؟ هل ما يجري في سورية كله حرص على الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ هل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول الغربية وأعوانهم في الدول العربية حريصون على حقوق الإنسان العربي وديمقراطيته؟
لقد رأينا من قبل الحرص الأمريكي- الغربي – الصهيوني على الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق، بعد الغزو الأمريكي لأراضيه؟ رأينا مسلكية الجنود الأمريكيين (المتحضرين) تجاه العراقيين في سجن أبو غريب، وفي صورة يدعس فيها جندي أمريكي ببسطاره على رقبة عراقي مبطوح على الأرض، أهذا ما يراد لسورية أن تكون مثل العراق؟ الذي أصبح مرتعاً في معظم أنحائه ومركزاً للموساد الإسرائيلي والأجهزة الاستخبارية الغربية؟ العراق بكل بعده وعمقه الاستراتيجي العربي أرادوا مصادرة دوره في الصراع العربي- الصهيوني. العراق بالمعنى الفعلي، أصبح مقسماً إلى دويلات طائفية متحاربة،هذا ما يريدونه فعلاً لسورية، لإخراجها من مثلث المقاومة المؤلف من حزب الله وسورية وإيران.نعم حزب الله أحرز أول انتصارين فعلييْن على العدو الصهيوني في عامي 2000 و2006 وأعطى وما يزال الأمل لكل أبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج بإمكانية تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وحوّل هذه الإمكانية من صورتها النظرية إلى الأخرى الواقعية. سورية تتعرض لمؤامرة واسعة الأطراف هدفها إسقاط الضلع الأول من مثلث المقاومة، ليسهل اصطياد الضلعين الآخرين.
لا يعني ذلك أننا ضد المطالب الشعبية السورية: بالإصلاح والديمقراطية والخلاص إلى غير رجعة من مجموعة من بعض الأمراض السياسية والاجتماعية في سورية. من جهة اعترف النظام بمجموعة كبيرة من الأخطاء، وقام بتغييرها دستورياً، ومن جهة ثانية هو مع الانتخابات الحرّة والنزيهة. وافق على الجلوس مع كل قوى وألوان المعارضة في المؤتمر الدولي (جنيف 2)، لكن المعارضة ترفض الحضور، المعارضة الداخلية في سورية طرحَت مطالب وحاورت النظام ووصلت معه إلى مفاهيم مشتركة. هي ترفض التدخل الخارجي بكافة أشكاله، وهي ضد عسكرة الحراكات الشعبية السلمية، لماذا لا تحذو المعارضة الخارجية حذوها، أم أن الدول المؤمنة باستمرار الصراع في سورية لا تقبل ذلك؟
إن إسرائيل التي قامت باعتداءات متكررة على أهداف سورية، تهدد جدياً بقصف صواريخ إس 300 الروسية الحديثة، وقد اعترف الرئيس الأسد في مقابلته مع فضائية المنار باستلام سورية للدفعة الأولى منها. المطلوب من سورية الرد في حالة عدوان إسرائيلي على أهداف فيها، وأن تتجاوز جملة ‘سنرد في الزمان والمكان المناسبين’، والرئيس الأسد في مقابلته المعنية كان صريحاً وواضحاً في هذا الأمر، من دون أي لبس. إسرائيل تهدد لبنان وتقوم بمناورات عسكرية كثيرة ومتطورة على حدوده، ووعد أحد القادة العسكريين الاسرائيليين بإرجاع أوضاعه 50 عاماً إلى الوراء. الذي يمنع العدوان الإسرائيلي على لبنان هو تهديدات حسن نصرالله بقصف البنية التحتية الإسرائيلية في كل المواقع اذا ما قامت اسرائيل بالاعتداء على لبنان. الخطر الإيراني والموضوع النووي هو الأولوية الأولى على جدول أعمال الحكومة الحالية الإسرائيلية المتطرفة (والفقيه الاسلامي يتهم ايران بالتحالف مع الصهيونية العالمية!) .هذا ما أعلنه نتنياهو، أبعد ذلك يوجد من يشك بأن مؤامرة كبيرة تستهدف سورية؟
نود توجيه أسئلة للمسلحين من جبهة النصرة والسلفيين وكل المعنيين الآخرين، إذا كان هدفكم مثلما تقولون، اسقاط النظام السوري، فلماذا تقومون بطرد العزّل من الفلسطينيين من كل المخيمات الفلسطينيية على الأرض السورية، وعن بكرة أبيهم، وتمنعونهم من العودة؟ ولماذا تستبيحون المخيمات وتعتقلون وتقتلون وتختطفون الفلسطينيين الذين كان رأيهم وما يزالون ، النأي بأنفسهم عمّا يجري في سورية؟ لقد طالبوا ويطالبون بعدم الزج بهم في إطار الصراع الدائر في سورية. لقد قتلتم المئات من الفلسطينيين في المخيمات، وجرحتم الآلاف، واحتللتم وما تزالون مكاتب التنظيمات الفلسطينيية في المخيمات، ورفضتم وترفضون إخلاءها، ما الذي تريدونه؟ المعارضة السورية استضافت وفودا صحافية إسرائيلية لتغطي ما يجري على الأرض السورية! نحن لا نتهم، ولكن هؤلاء عادوا وكتبوا عن زياراتهم ، بالتالي لخدمة من يجري طرد الفلسطينيين من مخيماتهم؟
إن ننسى فلن ننسى تلك الفتاوى في عام 2006، التي أيّدت العدوان الصهيوني على لبنان وعلى حزب الله بتبرير، لكسر شوكة الشيعة، وكسر الخطر الإيراني. أوصل الحقد بهؤلاء إلى هذا الحد؟ أن يساند إسرائيل ضد أخيه العربي المسلم؟ فعلا إنه زمن عربي رديء. تكررت نفس الفتاوى مؤخراً عندما قامت إسرائيل بقصف منشآت عسكرية سورية مؤخراً، فقد أباحت الفتاوى الابتهاج وذلك من أجل التخلص من نظام بشار الأسد، غريب والله هذا المنطق.
وبالعودة إلى تجريم حزب الله وأمينه العام بسبب الموقف من سورية، الأخيرة تشكّل للحزب القناة التي يجري مدّه بالسلاح من خلالها، ولولا أسلحة حزب الله لاستباحت إسرائيل لبنان ولقامت بتفكيك حزب الله واعتقال قادته وأعضائه، هذا أولاً. ثانياً: إن وحدة وجهات النظر السياسية تتحقق بين الأطراف الثلاثة، إيران، حزب الله وسورية، سواء بالنسبة لضرورة مجابهة المخططات الأمريكية والإسرائيلية وعموم الغربية بالنسبة لما يُحاك لتسوية القضية الفلسطينية وفقاً للحل الإسرائيلي، أو بالنسبة لمشروع الشرق الأوسط الجديد، والمقولة الجديدة ‘السلام الاقتصادي’، لتسييد إسرائيل من خلال هـــذه المشاريع.
ثالثاً: إن حزب الله وسورية يدافعان عن أراض تحتلها إسرائيل، مزارع شبعا في لبنان، وهضبة الجولان العربية السورية، إن السيد حسن نصر الله كان واضحاً في إرسال قوات من الحزب لحراسة الأماكن الشيعية في سورية، وبالفعل فإن المارد الطائفي بانتظار الشرارة لانطلاقته، ليهدد وحدة العديد من الأقطار العربية وتفتيتها إلى دويلات طائفية متنازعة ومتحاربة، وجنوب السودان والعراق هما خير مثالٍ على ذلك. لكل هذه الأسباب يقوم حزب الله بمساندة حليفته، سورية.
يبقى القول، إن انزياح الصراع عن جوهره المفترض وهو الصراع العربي-الصهيوني، وتحوله إلى صراعات جانبية مفترض أنها ثانونية وغير رئيسية، يؤدي بالحتم إلى اختلاط أركان الصورة، وهذا بدوره يؤدي إلى ضبابية في الرؤية، حيث تصعب رؤية التناقضات على حقيقتها، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى مجانبة الصواب تجاه العديد من القضايا.
هل يعتبر القرضاوي؟
طارق محمد الناصر/الرياض السعودية
الموقف الذي عبر عنه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي في مهرجان التضامن مع الشعب السوري كان موقفاً شجاعاً. إذ إن الشيخ لم يكتف بذكر موقفه مما جرى بل قدم مراجعة كاملة لمسيرته، التي امتدت لسنوات، فيما يتعلق بالتقارب السني - الشيعي.
تراجُع الشيخ القرضاوي أمر جيد بلا شك الا أن الامر سيمسي رائعا إن استطاع الشيخ استلهام العبر مما حصل واقناع اعضاء اتحاده بالحذو حذوه. اذ لا يكفي ان يقول المرء انه خُدع بل عليه ان يعرف كيف اكلت كتفه ويحاذر الا يخدع في المرة القادمة.
أهم العبر هي التفريق بين المذهب وصاحبه. فالشيخ، وكثير غيره للاسف، أفاض في مدح الحكومة الايرانية وحزب الله فيما مضى بالرغم من الطوام التي قاموا بها.
الحكومة الايرانية لم تفتر خلال العقود الماضية عن زرع بذور الفتن ونشر شبكات التجسس والجريمة في كل مكان في العالم. وهي، أي الحكومة الايرانية، لم تفعل ذلك لانها شيعية بقدر ما تفعله لأجل خدمة أجندتها الفارسية التوسعية التي تتدثر برداء مذهبي ثقيل.
أما حزب الله فليس الا اداة صنعها الحرس الثوري الايراني ويقوم بتحريكها كما يشاء. وما فعله في ملعبه الرئيسي، لبنان، مخز وتاريخه ملطخ بالدماء اللبنانية أكثر من الدماء الاسرائيلية. اما خارجه فللحزب بصمات سوداء في بلادنا وفي باقي دول الخليج لا يكفي حيز هذا المقال لتعدادها فضلا عن الحديث عنها.
سيكون من الخطأ نسبة جرائم إيران وحزب الله للشيعة، تماما كالخطأ في نسبة افعال ابن لادن للسنة.
اما ثاني العبر فهو ان على المرء الا يدع عواطفه تتحكم بمواقفه. فالشيخ، وقع مرة اخرى، تحت تأثير عاطفته حين حض كل مسلم قادر على القتال ومدرب عليه ان يذهب الى سورية ويشارك بالقتال. وهذه ليست فتوى ولا هي سياسة. اذ لم يعلن جهاد وليست هناك راية، وهي بالاضافة الى ذلك تدخل في باب الانجرار لمخطط النظام السوري ومناصريه لتصوير ثورة شعبية نبيلة كحرب مذهبية.
أما ثالثة العبر فهي أن المخلصين لعقيدتهم البعيدين عن اوحال السياسة وألاعيبها يرون الصورة افضل ممن يسمع للسياسيين ويخضع لتأثيرهم. فالشيخ عندما يقول بأن علماء السعودية الكبار كانوا أنضج وأبصر منه لانهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم فانه في الواقع يتحدث عن ابرز مكونات الفكر السلفي التي تتمثل بالتركيز على العقيدة والعزوف عن السياسة كمحدد لتوجهه وتعاطيه مع الاحداث.
لا شك عندي بان الشيخ القرضاوي سيجد كثيرا من العبر إذا راجع مواقفه بهدوء وروية. ليته يفعل فلعله لا يلدغ من الجحر نفسه مرتين..
القصير: نصر الله قلب المعادلة
عبد الباري عطوان/القدس العربي
هذه ‘الاحتفالات’ التي جرت في الضاحية الجنوبية من بيروت وفي قلب العاصمة السورية دمشق، بعد الاعلان عن سيطرة الجيش السوري والقوات التابعة لحزب الله اللبناني على منطقة القصير بعد اسابيع من المعارك الشرسة، ربما تؤدي الى اطلاق رصاصة الرحمة على مؤتمر جنيف رقم 2، وزيادة احتمالات التدخل العسكري الغربي في الأزمة السورية.
الاستيلاء على مدينة القصير هو اكبر انجاز يحققه النظام السوري وحلفاؤه منذ انفجار الأزمة في سورية قبل عامين وشهرين، ولا بد ان قوات حزب الله التي تتمتع بخبرات كبيرة في حرب العصابات، والشق المتعلق منها بالانفاق على وجه الخصوص، لعبت دورا كبيرا في قلب معادلات الجغرافيا والتاريخ وترجيح الكفة لصالح النظام بعد ان مني بهزائم عديدة ادت الى خسارته مناطق عديدة في حلب وادلب ومعرة النعمان في الشمال الغربي، ودير الزور والرقة والحسكة في الشمال الشرقي.
الاستيلاء على القصير سيعطي جرعة كبيرة من الثقة للنظام وقواته النظامية، وسيوجه ضربة معنوية كبيرة للمعارضة المسلحة في المقابل، وهذا يتضح بشكل كبير في الاحتفالات المتواصلة في المعسكر الاول، وحالة الغضب المسيطرة على المعسكر الثاني، انعكست في بيان اصدره الائتلاف الوطني السوري اعترف فيه بالهزيمة ‘التي جاءت بعد 48 يوما من الصمود وبعد ملاحم بطولية قدمها الجيش السوري الحر في الدفاع عن المدنيين’.
وقال ان هذه الهزيمة ‘ناجمة عن الخلل الهائل في ميزان القوى’، ووجه اللوم الى اصدقاء الشعب السوري الذين خذلوا المعارضة ولم يقدموا لها الدعم اللازم بما يمكنها من اصلاح هذا الخلل.
‘ ‘ ‘
لا جدال بأن القوى الغربية والعربية التي دعمت وتدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح تشعر بحرج كبير من جراء هذا الانتصار للنظام السوري وحلفائه، ولكنها كانت تريده وتؤيده في الباطن لان ضحايا المجازر التي وقعت وتقع في منطقة القصير بعد الاستيلاء عليها، هم من التنظيمات الجهادية وجبهة النصرة واحرار الشام على وجه التحديد، وهذا ما يفسر عدم الاهتمام الاعلامي المعتاد بهذه المجازر.
القوى الغربية تلتقي مع النظام السوري وحزب الله على ارضية تصفية هذه الجماعات الجهادية باعتبارها الخطر الاكبر العابر للحدود، ولذلك قليلة هي الصور والوثائق عن الضحايا واعدادهم وجثامينهم.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن ليس حول المكاسب الاستراتيجية لهذا الانجاز بالنسبة الى النظام السوري، فهي بلا شك ضخمة بالمقاييس السياسية والعسكرية، وانما حول رد الفعل المتوقع من قبل الدول الداعمة للمعارضة السورية؟
عودة الحديث وبشكل قوي من قبل كل من بريطانيا وفرنسا، وفي توقيت لافت، اي بعد ساعات من حسم المعركة في القصير، عن وجود ادلة قوية عن استخدام النظام غاز السارين في سورية، قد تعطي اجابة على بعض جوانب هذا التساؤل، وعلينا ان نتذكر ان البلدين هما اللذان قادا عمليات حلف الناتو في ليبيا، ومن قواعده في جنوب ايطاليا انطلقت الطائرات البريطانية والفرنسية لقصف طرابلس وسرت وبني الوليد وباقي المدن الليبية، تحت ذريعة حماية المدنيين الليبيين من مجازر كان يعدّ لها نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.
الخطيئة الكبرى التي وقعت فيها الدول الغربية والحكومات العربية الاخرى المحرّضة لها على التدخل في سورية هي سوء تقدير قوة النظام السوري والقوى الداخلية الداعمة له، وتماسك جيشه، والاطراف الاقليمية التي تعتبر سقوطه خطا احمر مثل ايران وحزب الله.
الحرب في سورية وعليها اصبحت حربا طائفية صرفة، فتحت ستار حماية الاضرحة والمزارات يتدفق آلاف المتطوعين الشيعة من العراق ولبنان وايران الى دمشق للقتال الى جانب النظام، والانخراط في كتائب اشهرها كتيبة ‘ابو الفضل العباس′، بينما يتدفق متطوعون سنة من لبنان والعراق والخليج وتونس وليبيا للقتال الى جانب الجماعات الجهادية المتشددة.
‘ ‘ ‘
الحرب في سورية ستطول حتما، والحديث عن سقوط النظام بات يتراجع بسرعة، ومعه ايضا المطالبات بتنحي الرئيس الاسد كشرط لأي حلّ سياسي يمكن التوصل اليه في مؤتمر جنيف ال، الذي تأجل موعد انعقاده الى شهر تموز المقبل هذا اذا انعقد في الاساس.
سقوط القصير في ايدي قوات النظام السوري نقطة تحول رئيسية فارقة في هذه الحرب، لا تقل اهمية عن قرار عسكرة الانتفاضة، او استيلاء قوات المعارضة على مدن رئيسية مثل الرقة والحسكة ومعظم مدينة حلب وريفها. وهذا ما يفسر مسارعة القيادة الايرانية للتهنئة بهذا الانتصار الكبير.
استراتيجية النظام السوري في الانتقال من مرحلة الصمود الى مرحلة الهجوم بدأت تحقق نجاحا ملموسا على الارض، ولا نستغرب، او نستبعد ان تتحول حلب الى المرحلة الثانية في هذه الاستراتيجية بعد سقوط مدينة القصير.
في بداية الازمة السورية كان النظام السوري قلقا على مصيره في ظل توحد 150 دولة ضده (اصدقاء سورية)، وتدفق اسلحة ومتطوعين ومئات الملايين من الدولارات لقتاله والتسريع بسقوطه، وزيادة المبشرين بأن ايامه باتت معدودة، الآن انتقل القلق بل والرعب الى هؤلاء، فدول الخليج الداعمة الرئيسية للمعارضة السورية، ترتجف مع كل يوم يصمد فيه النظام، ناهيك عن تحقيق انجازات عسكرية على الارض، وتركيا الخصم الاكبر تعيش انتفاضة شعبية تزداد اشتعالا يوما بعد يوم تذكر بنظيراتها في تونس والقاهرة وصنعاء ودرعا، اما الاردن فيعيش حالة ارتباك غير مسبوقة، بينما فضلت مصر مسك العصا من الوسط.
استطيع ان المح ابتسامة ربما هي الاولى منذ عامين على وجه الاسد، ولا اعرف ما اذا كانت ستتبعها ابتسامات اخرى في الاسابيع والاشهر المقبلة، وان كنا لا نرى حتى الآن ما يوحي بعكس ذلك!
مصر تهدد اثيوبيا بالحرب
رأي القدس العربي
الشغل الشاغل للمصريين، حكومة وشعبا، هذه الايام هو ازمة المياه التي فجرها اعلان اثيوبيا تدشين المرحلة الاولى من بناء سد النهضة لتحويل مياه النيل الازرق الذي يزود نهر النيل بحوالى 90′ من مجموع مياهه.
الخطوة الاثيوبية هذه تعني تخفيض حصة الاسد التي تحصل عليها مصر من هذه المياه (55 مليار متر مكعب سنويا)، وتخفيض معدلات انتاج الكهرباء من توربيدات السد العالي بنسبة تتراوح بين 5 ـ 10 في المئة.
المصريون في حالة استنفار سياسي واعلامي بسبب هذه المسألة، فهناك من يطالب بالتدخل عسكريا، وهناك من يفضل المفاوضات واستخدام كل اوراق الضغط على اثيوبيا للتراجع عن هذه الخطوة او ضمان عدم الحاقها آثارا سلبية بمصالح مصر الاستراتيجية المائية.
الدكتور ايمن علي مستشار الرئيس المصري محمد مرسي اكد يوم امس ‘ان جميع الخيارات مفتوحة’ في التعامل مع قضية سد النهضة الاثيوبي’ مضيفا ‘انه لا بد ان تضمن مصر مصالحها المائية وتدافع عنها’.
وعندما يقول الدكتور علي ان جميع الخيارات مفتوحة فان هذه الخيارات تشمل العمل العسكري اي تدمير منشآت هذا السد في مراحلها الاولى وقبل ان يكتمل، مما يعني ارسال قوات وطائرات للقيام بهذه المهمة.
المستشار المصري كان في قمة الذكاء عندما لم يتحدث عن العمل العسكري بشكل مباشر، وترك مسألة تفسير تصريحاته مفتوحة على جميع الاحتمالات ايضا، ولكنه يوجه هنا رسالة تهديد واضحة لاثيوبيا وقيادتها بان مصر تعني كل كلمة تقولها في موضوع حماية مصالحها المائية، لان هذه المسألة مسألة حياة او موت بالنسبة اليها.
المزاج المصري العام يدعم جميع توجهات الحكومة، سواء باعلان الحرب، او اللجوء الى المفاوضات، لان الشعب المصري يدرك جيدا ان مقتله الحقيقي هو في تقليص حصته من مياه النيل.
الاعلام المصري يقرع طبول الحرب بدوره ويعبئ الرأي العام المصري خلفها، ومن يتابع برامج ‘التوك شو’ الحوارية هذه الايام يتوصل الى هذه النتيجة بسهولة ودون اي عناء.
المستفيد الاكبر من كل هذا هو الرئيس المصري محمد مرسي، الذي جاءته هذه الازمة في ظل حملات شرسة تشنها المعارضة اليسارية والليبرالية ضده، اذ حولت الانظار عنه، وشغلت الرأي العام بقضية اكثر اهمية بالنسبة اليه، ووحدت المعارضة او معظمها مضطرة خلف النظام.
فمن غير المنطقي ان ‘تهشم’ المعارضة النظام بدلا من ان تلتف حوله في وقت يتعرض فيه امن مصر المائي للخطر.
لو عبدالناصر عايش كان لبسكم الطرح
حمدي رزق/المصري اليوم
منكم لله يا بعدا، أهنتم البلد، خلاص البلد صغرت إلى حدود أبومرزوق وحمدان ودحلان وعلان وترتان، وكل من طلع له لسان فى غفلة من الزمان يتكلم فى الشأن الداخلى المصرى، يتكلمون ببجاحة وكأنها بلد أبوهم واللى خلفوهم، عشنا وشفنا قادة الفصائل الفلسطينية يستعلون على الشعب المصرى، فصائل موتورة تخلص ثاراتها المزمنة على الأراضى المصرية، وقال قائل منهم: «حماس قتلت الجنود المصريين».. وقال ثان: «فتح خطفت المصريين».. الله يلعن فتح وحماس فى ألف كتاب، يا مناضلين بلا نضال، يا مجاهدين بلا جهاد، الله يرحم أبوجهاد وأبونضال وياسر عرفات.
يا مناضل انت وهو ابعدوا عنا، فينا ما يكفينا، مصر ليست ملعب كرة تلعبون فيها ألعابكم الاستخباراتية، فضوها سيرة، قطع لسان اللى يجيب سيرة مصر، لو كان حاكم مصر «دكر» كان دخلكم الشقوق زى الفئران، الله يرحمك يا عبدالناصر، كان لبسكم طرح، كما لبس الإخوان فى سالف العصر والأوان.
الفلسطينى إن ضاقت به الأرض بما رحبت اتسعت له أرض مصر، وصدر مصر، لكم فيها ما سألتم، وأول ما يعض يعض اليد اللى اتمدت له، مستهدفين مصر، قتل جنود، خطف ضباط، وهم من يتهمون بعضهم بعضاً فى سياق مهاتراتهم السياسية على الأراضى المصرية.
يا مجاهد انت وهو العدو الإسرائيلى أمامكم ومصر فى ظهركم، العدو الإسرائيلى لايزال يحتل الأرض المقدسة، ويدنس المسجد الأقصى ويهوّد القدس، القدس صارت عاصمة لإسرائيل وأنتم عنها غافلون، سيناء مصرية ليست الوطن البديل، أرض مصر حصرياً للمصريين، الجبهة المصرية ليس فيها أعداء لكم وإن استعديتم، المصريون نُكبوا مع نكبة فلسطين، ونُكبوا ثانية مع حكم الإخوان.
المصريون يقاومون الاحتلال الإخوانى، ممكن تناضلوا الاحتلال الإسرائيلى، كل واحد يناضل فى بيته، لسنا فى حاجة لمساعدات محمد دحلان، كان دحلان نفع نفسه، قال إيه معاه وثائق تدين الإخوان، يا دحلان متشكرين، وثائق خيانتهم للمصريين ملقاة على الرصيف، خليك فى حالك، وأسامة بن حمدان زعلان من «تمرد»، قال إيه بتهين الرئيس، مالك انت والرئيس، رئيس المصريين ليس رئيس الحمساويين، ستحاسبون حساباً عسيراً على الوقوف ضد إرادة المصريين.
شعب مصر أولى بالإخوان المسلمين، وأهل مصر أدرى بشعابها السياسية، الوسطاء يمتنعون، ركزوا أنتم فى نضال العدو الإسرائيلى، منذ زمن لم نسمع عن نضالات الجهاديين والحمساويين ولا مفاوضات الفتحاويين، الإخوان منا وعلينا، سيبوا لنا الإخوان، ربنا يعينا عليهم.
صرتم غير مرغوبين فى الساحة المصرية، ولا تطيلوا الألسنة على المصريين، سيأتى يوم تقطع فيه كل الألسنة التى طالت واستطالت، وتبتر الأيدى التى خطفت المصريين، وسينمحى من على وش الأرض الذى قتل الجنود المصريين الصائمين فى رمضان، فتح.. حماس.. جهاد أياً من كان، سيظل مطارداً فى أقصى الأرض، ولو مكنه الإخوان من الإفلات يوماً لن يفلت من أيدى المصريين، القصاص ولو بعد حين.
فى غيكم سادرون، بأيكم المجنون الذى ينهى مصرياً عن الذود عن حياض الكنانة، زمن.. اللى يسوى وميسواش يعكعك فى الداخل المصرى، أبومرزوق مرة ودحلان مرتين ومشعل ثلاثة، ثلاثة بالله العظيم لتحاسبنّ أشد الحساب، يوم تطلبون الضراعة من شعب مصر الذى أهنتموه فى حماية الأهل والعشيرة، وإن غداً لناظره قريب، وقريب جداً.