Haneen
2013-06-16, 12:28 PM
اقلام واراء اسرائيلي 362
10/6/2013
<tbody>
في هــــــذا الملف
دنون يلقي بمساعي السلام الى القمامة
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
مطلوب بعض الهلع
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف
بلاد حوتوبيلي
بقلم:روبيك روزنتال،عن معاريف
رامي الحمد الله من ‘جامعة الفقراء’ الى السرير المريض
بقلم:عميره هاس،عن هآرتس
لماذا فوجئ المستشار الالماني بوجود عرب في حفل موشيه ديان؟
بقلم:عوفر أديرت،عن هآرتس
اصداء الحرب في سورية تتردد في اسرائيل
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
</tbody>
دنون يلقي بمساعي السلام الى القمامة
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
يبذل رئيس الوزراء جهودا جبارة كي يري اننا جديون في موضوع السلام. فقد القى خطاب بار ايلان في صيف 2009؛ وتعهد بحل الدولتين، ويعد في كل مكان في العالم بان هذا هو الحل الذي يفضله. وقد سار نحو تجميد لم يخرج بشيء، فقط كي يري انه على ما يرام. كما يدعو نتنياهو أبو مازن الى الجلوس الى طاولة المفاوضات، من دون شروط مسبقة ويوجه له الذنب في أن المسيرة لا تتقدم.
والان جاء نائب وزير الدفاع ليلقي بالمسعى السياسي لرئيس الوزراء الى القمامة. ما يفكر به الجميع ولا يقولونه، دنون يقوله من دون ان يفكر كثيرا. ودنون يعترف في واقع الامر بان كل شيء هراء، وان رئيس الوزراء لا يعتزم الوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين. وهو يعرف ان مثل هذا الاتفاق لا يمكنه أن يجاز في التركيبة الائتلافية الحالية، وان هذه الحكومة بشكل عام غير ملتزمة بالحل الذي يشير اليه رئيس الوزراء. كما أن دنون يجري الحساب البسيط والصحيح: 43 عضو كنيست من بين 68 عضوا في الائتلاف يعارضون اقامة دولة فلسطينية.
يمكن أن نقدر دنون على صدقه السياسي. امور رآها من هناك يراها من هنا. يمكن التساؤل عن الحكمة أو الغباء الدبلوماسي، فدنون يتحدث مثل موشيه فايغلين، الذي أصبح معارضا داخليا، ولكن دنون يتبوأ منصبا أمنيا وسياسيا مهما في الحكومة نفسها. فكيف يتعين على وزير الخارجية جون كيري أن يتعاطى اليوم مع رئيس الوزراء، اذا كان يوجد له نائب وزير دفاع يعد بان لا جدوى من خطواته السياسية؟ وأي احتفال يمكن لابو مازن والفلسطينيين أن يعقدوه اليوم. فهم سيثبتون قائلين: ‘نحن قلنا لكم. انتم فقط تخدعون الجميع′.
لدى دنون على ما يبدو سبب وجيه لان يقول كل ما يشاء. فهو ببساطة لا يخاف. مع ائتلاف يضم افيغدور ليبرمان، نفتالي بينيت، موشيه بوغي يعلون، اوري ارئيل، تسيبي حوتوبيلي، يريف لفين وكل الآخرين، فانه يشعر بانه على الحصان. وحتى يئير لبيد لا يجن جنونه على المفاوضات وعلى حل الدولة الفلسطينية، مثلما رأينا في المقابلات الاخيرة التي منحها. فلبيد أقرب في هذا الموضوع أيضا الى بينيت منه الى تسيبي ليفني، التي ليست لديها قوة وهي تتحسس طريقها اليوم في الظلام السياسي فلا تجد شعاع ضوء.
أول أمس نشرت في ملحق ‘معاريف’ مقابلة مشوقة أجراها تساح يوكيد مع ايليوت ابرامز، نائب مستشار الامن القومي للرئيس جورج بوش الابن. ويقترح ابرامز، الذي امضى سنوات في محاولات للتوسط بين اسرائيل والفلسطينيين، اليوم ببساطة عدم استئناف المفاوضات. وهو يدعي ان الوضع في المحيط بات أسوأ، ولا يوجد اي احتمال لاستئناف المفاوضات، وحتى لو استؤنفت، فانها لن تنجح وخيبة الامل ستؤدي فقط الى اليأس والعنف.
ما كان ابرامز ليتجرأ على قول هذه الامور الصحيحة عندما كان مبعوثا الى الشرق الاوسط من قبل الادارة، حتى لو كان اعتقد كذلك. توجد امور لا تقال والمرء قيد المنصب. داني دنون على ما يبدو سياسي من نوع آخر. يقول ما يقول، وليحترق العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مطلوب بعض الهلع
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف
اذا كان ثمة شيء ما يجدر التفكير فيه، بل وربما الدخول ايضا معه في حالة من الهلع، فهو دور روسيا في الحرب الاهلية في سورية. السؤال هو هل روسيا، وهذه المرة في صيغتها البوتينية، تحاول مرة اخرى دفع المنطقة الى الحرب. في كل الاحوال، فانها توجد في زخم سيطرة مهم على الشرق الاوسط. وفي ظل عقدة المسألة الروسية، يتعين على الاستخبارات الاسرائيلية ان تجد جوابا واضحا قدر الامكان على سؤال، ما هو مدى القرب والسيطرة الروسية على حزب الله؟
مراسل ‘لوس انجلس تايمز′ انتزع التصريح التالي من لسان قائد صغير في حزب الله، في اعقاب انتصار الحلف بين سورية وحزب الله في القصير: ‘الخطة التي أعدوها، فشلت’، قال عن اعدائه، اي الثوار، الذين وصفهم بانهم مدعومون من اسرائيل والولايات المتحدة. ‘كان هناك تفكير لتقسيم سورية وضرب ‘المقاومة’ (…) هذه الخطة انتهت. ليس فقط في القصير، بل في كل سورية. فكرة روسيا انتصرت، نحن الان محور واحد مقاتل يبدأ في ايران، يمر عبر سورية، لبنان والعراق ـ ويصل حتى غزة’.
‘اقتراح’ بوتين في أن تحل قوات روسية محل قوات الامم المتحدة في معابر الحدود في هضبة الجولان يبعث على القشعريرة. فهو ينبغي أن يذكرنا بتهديد الروس في نهاية حرب يوم الغفران في 1973 بادخال قواتهم لفرض وقف اطلاق النار. الامريكيون في حينه، بقيادة هنري كيسنجر، لم يكونوا محبين عظماء لصهيون، ولكن كانت لا تزال تفعم في قلوبهم غريزة قوة عظمى معافاة فردعوا على الفور الروس بتهديد مضاد. اما اليوم فالامريكيون يتصرفون بفتور والاسرائيليون، غير مبالين.
فانتصار نظام الاسد ليس مثابة الشيطان المعروف المفضل على الشيطان الجديد وغير المعروف المتمثل بمنظمات الثوار. وبانتظار اسرائيل لاحقا جبهة سورية حزب الله ايران باسناد ودعم روسي.
وفي وصفه لعناصر المحور المطوق المشعل للشرق الاوسط حول اسرائيل، أحصى رجل حزب الله اياه كل عملاء روسيا في المنطقة. حماس وحزب الله هما ظاهرا على جانبي المتراس الاسلامي، ولكن الرابط الروسي الايراني يجعلهما حليفين.
هكذا أيضا ابو مازن وسلطته الفلسطينية بقيادة فتح، فهو وحماس بالكاد يتحدثان في ما بينهما، ولكنهما كليهما يلعبان في ذات المنتخب الروسي على لوحة الشطرنج النازفة. وابو مازن، بمعونة جون كيري، يؤدي دوره في القوة الروسية: الشقاق بين النخبة الاسرائيلية داخليا، والشقاق والانقسام بين اسرائيل وحليفتها الكبرى، الولايات المتحدة. دوامة من الرصاص تحوم فوق رأس اسرائيل.
ولما كان من الصعب منع الحرب، فان على اسرائيل أن تفكر بالتوقيت وكيف تمسك بحزب الله وهو في وضع دون للغاية. احد الدروس التي يجب أن نسجلها أمامنا هو أن حزب الله أظهر في القصير ان لديه ايضا خيارا هجوميا. وانه يفكر هجوميا ايضا. فماذا نعرف نحن عن القدرات القتالية التي أظهرتها المنظمة هناك؟
هذا يستحق فحصا دقيقا. وفي كل الاحوال، فقد أظهر حزب الله هنا تصميما وتمسكا بالهدف حتى الحسم.
نقطة للتفكير في الجيش الاسرائيلي: لا توجد فقط مواجهة محدودة، وبنك اهداف وآثار وصور انتصار. اليوم ايضا يوجد في المعارك العسكرية انتصار وحسم. مرة اخرى، مثلما هو الحال دوما، يجب ان نشكر حزب الله على هذا الاكسير المنبه للجيش الاسرائيلي. اذا كان محكوما على اسرائيل أن تتدهور الى حرب بسبب الشقاق الدائم الذي تثيره روسيا في المنطقة، فان التوقيت يجب أن يكون في ظل تواصل الحرب الاهلية في سورية.
ولا سيما اذا كانت اسرائيل تفكر بجدية بمهاجمة النووي الايراني. وهذا ليس فقط لان حزب الله في سورية مكشوف واكثر عرضة للاصابة منه في لبنان، بل بالاساس لانه بعد أن ينهي الاسد حربه، سيأتي اوباما والاوروبيون ليتهموا اسرائيل بانها تحاول بالقوة اعادة اشعال النار في سورية. حقنة على نمط حزب الله صغيرة من الدلع لن تضر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بلاد حوتوبيلي
بقلم:روبيك روزنتال،عن معاريف
العرس المغطى اعلاميا للنائبة تسيبي حوتوبيلي مر بنجاح، تسيبي هي وردة في حديقة المعسكر الوطني.. ابتسامتها تسحر القلوب، مبروك يا تسيبي. يوم الجمعة جلست تسيبي في القناة 10 لدى شاي شتيرن، حفيد زعيم ‘ليحي’ وقالت على النحو التالي: ‘السلام لن يكون هنا، السلام غير واقعي’، بل قالت ايضا: ‘انظروا كيف أن فكرة جميلة بهذا القدر (السلام) ألحقت شرورا كثيرة جدا. وعلى الفور تذكرت امرأة اخرى، ليست مثل تسيبي، ولكن النص هو ذات النص، فالسلام، كما قالت غولدا مائير في صيغ مختلفة ولكن بذات النبرة المعتدة، السلام لن يكون هنا. يجب أن نكون واقعيين. فالسلام اذا ما جاء فانه سيجلب علينا شرورا كبيرة. كما روت لنا على طريقتها الودية بانه ‘لا يوجد شعب فلسطيني’، ومعها استلقينا هادئين وسعداء على اكاليل ورد حرب الايام الستة، التي حققنا فيها ما تدعوه تسيبي السبب لوجودنا هنا: ‘هذه البلاد لنا’ نقطة. إذ ان غولدا وتسيبي على حد سواء تحبان الجمل القصيرة، بلا لكن، وبلا خسارة. توجد حقيقة، والحقيقة بسيطة جدا، لن يكون السلام. لا يوجد شعب فلسطيني.. هذه البلاد لنا.
غير أن بين تسيبي وغولدا حصلت عدة امور. اندلعت حرب هددت بتخريب البيت الثالث، ساهمت غولدا وديان وأشباههما في الجيش في اندلاعها ورعبها. وبعدها جاء السلام مع مصر (المتعذر وغير الواقعي) ليقلب رأسا على عقب ميزان القوى في المنطقة ويوفر الاف الضحايا الاخرين. وبعد ذلك بدأنا نخرج الى الحروب ولم ننتصر ولم نخسر في أي منها. فقط لعقنا الجراح وحفرنا المزيد فالمزيد من القبور العسكرية. ولماذا لم ننتصر؟ إذ خلافا لادعاء تسيبي القاطع، فما هو غير واقعي ليس السلام، ما هو غير واقعي هو الحرب. وبعد ذلك جاء اسحق شامير، زميل جد شاي شتيرن في التنظيم السري، ومرة اخرى سمعنا ذات النغمات: البحر هو ذات البحر والعرب هم ذات العرب، السلام لن يكون، والفلسطينيون يوك. وفي عهده جاءت الانتفاضة الاولى، التي ثبتت مكانة الفلسطينيين في العالم وبدأت تقوض مكانة اسرائيل. وعندها جاء، على حد طريقة تسيبي، الشر الاكبر: عهد اوسلو، فاي شرور فظيعة جلبتها علينا اوسلو ـ هدوء في الجبهة السياسية مع دول عربية مؤثرة والسلام مع الاردن. السلام غير الواقعي، فقد أخرجتنا من مدن الضفة، من حكم مدني اكراهي على الطرفين، ولكنها لم تجلب السلام مع الفلسطينيين، فالخطوة لم تكتمل.
لماذا لم تكتمل؟ اسباب عديدة، لقد قتل رابين في منتصف طريقه، وعرفات ظهر كمخادع، ايران غرست اسنانها في المنطقة ولكن حصل شيء آخر ايضا. روح غولدا وشامير عادت لتقود السياسة الاسرائيلية.
وهذه الروح هي ايضا روح حوتوبيلي. السلام خطير، خطوة اخرى اضافية، يا تسيبي. دولتان للشعبين، الاحتمال الواقعي الوحيد لان تواصل هذه البلاد في أن تكون لنا ولا تغرق في نهر من الدماء، مثلما غرق في بلاد صهيون، هذه القطعة الالهية الصغيرة، البيت الاول والبيت الثاني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رامي الحمد الله من ‘جامعة الفقراء’ الى السرير المريض
بقلم:عميره هاس،عن هآرتس
‘أُهنئ رئيسنا الذي عُين رئيسا للوزراء’، قالت أول أمس طالبة جامعية في السنة الثانية في كلية الآداب في جامعة النجاح في نابلس، بعد أن عُلم ببضعة ايام ان الدكتور رامي الحمدالله سيحل محل سلام فياض، ‘لكنني اسأل نفسي لماذا يترك الامبراطورية الناجحة التي بناها لصالح كيان ضعيف فقير كالحكومة الفلسطينية’. ووافقتها صديقاتها على ذلك، وأشرن بذلك اشارة خفية الى أنهن قد ضقن ذرعا بالسياسة، ويُردن التفرغ لحفل يوم الميلاد الصغير الذي أقاموه لواحدة منهن.
توجد اربعة أحرام جامعية، ثلاثة في نابلس وواحد في طولكرم (كلية الزراعة والطب البيطري)، تحتل معا مساحة 178 دونما وفيها نحو من 22 ألف طالب ونحو من 1800 أجير (منهم 848 محاضرا وهذا صحيح الى 2011)، ومستشفى جامعي افتتح قبل شهر، ومحطة مذياع محلية تبيح لنفسها ان تلزم موقفا في اختلاف الآراء بين اشخاص ساسة مختلفين: فيبدو أن الشابة لم تبالغ جدا حينما اختارت تعريف ‘امبراطورية’. ويقول أحد المحاضرين وهو طالب سابق ووالد طلاب في الحاضر إن للجامعة الكبرى في الضفة الغربية تأثيرا في الاعمال والاقتصاد والمجتمع عظيما في الحياة في نابلس وشمال الضفة إن لم يكن وراء ذلك ايضا.
تطورت النجاح عن مدرسة ثانوية أُنشئت في 1918 وأصبحت معهدا في 1941 وحلقة اساتذة منحت ألقابا جامعية في 1965. وفي 1977 أُعلن أنها الجامعة الوطنية. ويقولون في نابلس انه في الـ15 سنة الاخيرة، وهي مدة رئاسة الحمدالله، حدثت أكبر قفزة من جهة عدد المدرسين والطلاب والتنوع الاكاديمي وعدد الكليات والأقسام، وخطط البحث والمؤتمرات الاكاديمية والعلاقات بجامعات في الخارج. ولهذا ربما يمكن ان نسأل لماذا وافق الحمدالله على إدخال رأسه في سرير حكومة رام الله المريض، لكن لا ينبغي أن نعجب من استقرار رأي محمود عباس على اختياره هو خاصة.
أدى الحمدالله أمس اليمين الدستورية رئيسا للوزراء مع وزرائه (وسبعة منهم جدد) لكنه ما زال رئيس الجامعة. وعُين له نائبان في عمله الجديد كي يستطيع الاستمرار في إبداء رأيه في شؤون الجامعة ايضا. إن الوعد الرسمي هو أن يرأس الحمدالله حكومة انتقالية الى 14 آب/اغسطس وهو آخر موعد (وهذا صحيح الى الآن) سُمي لانشاء حكومة وحدة بين حماس وفتح. ويؤمن قليلون فقط بأن هذا سيحدث حقا، لكن الجامعة معفاة في هذه الاثناء من التفكير في تعيين رئيس جديد.
يتبين ان ليست مواهبه الادارية المبرهن عليها وحدها هي التي أفضت الى تعيينه رئيسا لحكومة انتقالية، فقد اهتم صحافيون اجانب هذا الاسبوع في البحث، أهو عضو في فتح لأن عداوة اعضاء فتح لسلام فياض كان لها نصيب كبير من استقرار رأيه على الاستقالة. والجواب الرسمي هو لا، فليس معلوما ان الحمدالله عضو في فتح، ومع ذلك يذكر أناس ان علاقاته القريبة باثنين من الرجال الأقوياء في فتح وبمن حول ياسر عرفات كان لها دور مهم في تعيينه رئيسا للنجاح، الاول هو الطيب عبد الرحيم الذي كان أمين سر الحكومة التي رأسها عرفات، وهو اليوم أمين سر مكتب محمود عباس (وهو من أبناء عنبتا ايضا مثل الحمدالله)، والثاني هو توفيق الطيراوي الذي كان عند انشاء السلطة رئيس الاستخبارات الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو يحافظ اليوم ايضا على قوته في حركة فتح بصفة مستشار أمني لعباس.
رغم قربه من قادة في فتح، يُدرس في جامعة النجاح بلا تشويش محاضرون موالون لحماس، والى ذلك يوجد من يعتقد ان الحمدالله كان يجب ان يُقيدهم، يقول محاضر يعارض التيارين. ومع ذلك يعترف محاضرون بأنهم يحذرون في كلامهم في دروس تتناول سياسة السلطة الفلسطينية وطائفة من الاشخاص. وتوجد هنا ايضا كما هي الحال في جميع الجامعات الفلسطينية، ظاهرة طلاب جامعة يعملون في اجهزة الامن الفلسطينية، أو مُبلغين لها. ومجرد التفكير في وجودهم يعمل كالرقابة.
بعد 2007 حينما انقسمت السياسة الفلسطينية الداخلية الى حكومتين متناكفتين، حكومة حماس وحكومة فتح، عملت اجهزة امن السلطة الفلسطينية بلا عائق على إبعاد وإسكات طلاب كانوا مؤيدين لحماس. ولم يكن ذلك قرار رئيس الجامعة، ويُشك في انه كان قادرا في جو الحرب الأهلية الذي ساد آنذاك على منع تدخلهم. إن رجال الامن الذين يقفون اليوم عند مدخل الجامعة يفحصون الداخلين ويتجولون ايضا بين طلاب الجامعة ويحصلون على أجورهم من الجامعة، ويتم تقبل وجودهم بتفهم فهناك آلاف الناس يتجولون في الأحرام المختلفة ولا يريد أحد ان تنشأ تحرشات.
كانت جامعة النجاح في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي تسمى جامعة الفقراء، كما تذكر هذا الاسبوع طالبان سابقان في الجامعة تدرس بناتهما فيها اليوم. وقد نجحت الادارة وهيئة الأمناء المؤلفة من ممثلي العائلات الغنية ذات التأثير في المدينة، في جمع تبرعات مكّنتهم من إقرار رسوم دراسية منخفضة اذا قيست بالجامعات الاخرى (في بيت لحم وفي الخليل وفي بيرزيت شمال رام الله)، وتقديم هبات وقروض بشروط سهلة. ويتذكر الخريجان النجاح بفخر بأنها جامعة خرجت منها في ثمانينيات القرن الماضي وفي مطلع تسعينياته التظاهرات على الاحتلال الاسرائيلي، ونشأ من حركتها الطلابية زعماء في فتح وفي المنظمات اليسارية في م.ت.ف وفي حماس ايضا.
ويتذكر أحد المحاضرين القدماء أن ‘الطلبة الذين كانوا ذات يوم أكبر سناً’: وقد قضوا عدة سنوات في السجون الاسرائيلية، وحينما خرجوا سُجلوا في الجامعة وجعلوا الدروس أكثر اثارة وغليانا. وفي نهاية تسعينيات القرن الماضي وفي سنوات الانتفاضة الثانية فازت حركة الطلاب المؤيدة لحماس عدة مرات بأكثر الاصوات في مجلس الطلاب في الجامعة، التي اعتبرت أنها لفتح وفي فترة رئاسة الحمدالله. ولم تُمنع تظاهرات تأييد لمسلحي المنظمات المختلفة وللعمليات الانتحارية لأن هذا كان يبدو طبيعيا في جو هجمات عسكرية وثكل وارادة انتقام. ويتذكر الطلاب من جهة ثانية أن حصار نابلس والقيود الشديدة على الحركة لم تعتبر سببا للغياب أو التأخر عن الدروس. واستمرت الدراسة والامتحانات آنذاك ايضا قدر المستطاع.
أُجريت في نهاية نيسان/ابريل انتخابات مجلس الطلاب في نابلس. ونافست القائمة المؤيدة لحماس لأول مرة منذ 2008 وفازت بـ33 مقعدا وفازت قائمة فتح بـ43. وتقول طالبة لم تصوت ان ناشطي حماس كانوا أفضل تنظيما وأكثر موضوعية.
أما ناشطو فتح فكانوا شديدي الفظاظة. إن التقسيم الحزبي مُضلل، يقول محاضرون وطلاب على حد سواء، فالاختلاف والتنافس هما في القوة والمواقع لا في الايديولوجية والرؤية. ويقول محاضرون وآباء طلاب إن أكثر الطلاب وهم من انتاج جهاز تربية السلطة الفلسطينية غير مُسيسين.
إن معلوماتهم عن تاريخ فلسطين وجغرافيتها منقوصة. ‘قبل عشرين وثلاثين سنة قالوا لنا إن التعليم جزء من نضالنا للاحتلال’، يقول أحد المحاضرين محتجا، ‘لكن الدراسة اليوم تعوزها الهوية القومية. فهي جزء من الاستهلاك لا من الثقافة وترمي الى خدمة الطموح التكنوقراطي الى بناء مؤسسات للدولة غير الموجودة’. وليس هذا انتقادا للحمدالله لكنه انتقاد للتصورات العامة التي توجه الحكومة التي سيرأسها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لماذا فوجئ المستشار الالماني بوجود عرب في حفل موشيه ديان؟
بقلم:عوفر أديرت،عن هآرتس
في شهر حزيران/يونيو 1973، قبل نشوب حرب يوم الغفران بأشهر معدودات، زار اسرائيل مستشار المانيا الغربية، فيلي براندت. والتقى مع القيادة الاسرائيلية وفي مقدمتها رئيسة الوزراء (قبل اربعين سنة من اختراع هذا التعبير) غولدا مئير ووزير الدفاع موشيه ديان.
هل كانت تلك زيارة ‘تاريخية’، كما تسمى الآن، فيما ينشر أرشيف الدولة؟ أم كانت زيارة فاشلة لم تغير شيئا في العلاقة بين القوات؟ قد تكون الآراء في ذلك مختلفة لكن الوثائق التي يسمح أرشيف الدولة (الاحد) بنشرها، تُمكّن من نظرة اخرى في ما وراء ستار الدبلوماسية الاسرائيلية الاوروبية عن مبعدة آمنة تبلغ اربعين سنة.
تشتمل الوثائق الـ27 ، التي تنشر اليوم (امس) في موقع انترنت أرشيف الدولة، على شهادات من مجاميع أرشيف الدولة وأرشيف الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن، وعلى رسائل وبرقيات وأحاديث مكتوبة وجلسات حكومة. ويُبين النظر في الوثائق أنه تم في 1973 تبادل رسائل سرية بين اسرائيل ومصر بوساطة المانية. ولم تكن تلك أول مرة أرسلت فيها اسرائيل مبعوثين من الخارج الى مصر، لكن استعمال وسيط الماني – وهذه قناة استُعملت كثيرا بعد ذلك مقابل جهات مختلفة يثير العناية في حد ذاته بسبب العلاقات المميزة بين اسرائيل والمانيا.
وتُبين الوثائق ان مئير نقلت الى حافظ اسماعيل، المستشار الأكبر لرئيس مصر أنور السادات رسالة عن طريق المبعوث الالماني غير المهم لوتر لهان. وتناول مضمون الرسالة اقتراح مئير ‘اللقاء معهم (مع المصريين) من اجل صلة شخصية أولى في كل مكان وزمان ومستوى’، وتظهر تفصيلات الرسالة في وثيقة ‘شديدة السرية’ مؤرخة بتاريخ 24 يونيو 1973.
وكان الرد المصري باردا، ‘أجاب حافظ بأنه يسجل الأمر أمامه. وهو غير متفاجئ. وهو يعلم أن هذا ما تريده اسرائيل… ولا داعي لمثل هذه الأحاديث، كما تقترح اسرائيل التي ليست هي أكثر من أحاديث عن أحاديث. ويوجد ما يدعو اليها فقط اذا كان يُعلم ما الذي يُنتظر في نهايتها. وما لم تكن اسرائيل مستعدة لاعلان أنها مستعدة للانسحاب، فلا داعي للقاء لأنه من الواضح ان المحادثات ستحصن الوضع الراهن فقط’. وأصر الوسيط الالماني لهان وقال لنظيره المصري إن مئير أكدت أمام المستشار براندت ‘استعدادها للمصالحة’. غير ان حافظ عرض في رده سؤالا إنكاريا: ‘أي مصالحة؟’.
وقد سبق البعثة الالمانية قبل نشوب الحرب بثلاثة أشهر توجه رئيسة حكومة اسرائيل الى مستشار المانيا الغربية في حديث ضمهما وحدهما، تم عند خروج يوم السبت في التاسع من يونيو 1973. وطلبت مئير اليه ان يعرض على السادات بدء تفاوض مع اسرائيل. ‘يستطيع ان يقول للسادات أنه، أي برانديت، على يقين من أننا نريد السلام حقا. لأننا لا نريد كل سيناء أو نصف سيناء أو أكثر سيناء. ويستطيع برانديت أن يُبين للسادات أننا لا نطلب منه بدء تفاوض علني، وأننا مستعدون لبدء تفاوض سري وما أشبه’ هذا ما كُتب في تلخيص جزئي للقاء بين الاثنين.
وبعد ذلك بيوم، في العاشر من يونيو، عُقدت جلسة حكومة أبلغت مئير فيها الوزراء تطورات الاتصالات بمصر بالوساطة الالمانية.
‘عاد وزير خارجية المانيا (وولتر شيل) من مصر وهو مقتنع، وعلى كل حال حصل لديه كما يقول انطباع مقنع كثيرا بان السادات كان يريد التوصل الى تسوية سلمية من دون حرب. وقلنا له هنا في ذلك الكلام التالي: ليس في هذا مشكلة؛ فنحن لم نقل الى الآن لعربي واحد ‘لا’ وإننا لا نريد اللقاء.
واذا كان المجتمع يريد حقا ان يؤدي هذا الدور من ترتيب لقاء فليتفضل. واذا كان عند السيد شيل هذا الانطباع عن السادات فليذهب الى السادات وليقل له إن اسرائيل مستعدة للقاء، وألا يضم نفسه الى كل اولئك المشتغلين بهذا الامر ويعرضون شيئا ما بدل لقاء مباشر’.
وأضافت مئير ايضا في تناولها للقائها لبراندت: ‘قلت له أمس بصورة صريحة: اذا كان عندك أو عند وزير خارجيتك أو المجتمع انطباع عن ان السادات يريد السلام فليُحادثنا. واذا كان يريد محادثتنا سرا فليُحادثنا سرا. لكنكم في كل وقت تدخلون فيه في وسط هذا الامر تؤخرون السلام… واذا منحتموه امكانية التهرب من مسؤولية مباشرة عن لقائنا ومفاوضتنا فسيكون ذلك عقبة اخرى في طريق السلام’.
وتشتمل الوثائق التي كشف عنها الآن، الى ذلك ايضا، على عدد من التصريحات تكشف عما اعتقدته مئير في الحقيقة في احتمالات الاتصالات بمصر. توجز احدى الوثائق إبلاغ مئير وزراء الحكومة إثر لقائها لبراندت. ‘أمس بعد أن تحدث عن توازن بيننا وبين العرب بشأن الشرق الاوسط، كان ذلك أكثر مما أحتمل وقلت كلاما قد يكون مجاوزا لما يجوز للمضيفة أن تقوله’، ذكرت مئير.
وفي مكان آخر وصف لقاؤهما في السابع من يونيو 1973 على النحو التالي: ‘(مئير) بيّنت لبراندت ان جذور المشكلة في ان العرب لا يريدوننا هنا’. وذُكر مع ذلك ايضا ‘أنها بيّنت ايضا المشكلة الفلسطينية وأن المعنى الحقيقي هو ان يحل الفلسطينيون محلنا’.
وتفصل وثيقة اخرى مضمون لقاء وزير الدفاع ديان والمستشار براندت. ‘يوجد تناقض بين حقيقة أننا جئنا لبناء البلاد وحقيقة أننا وجدنا فيها بشرا’، قال له ديان. ‘حارب العرب الصهيونية. وكانت حرب 1948 حربا صبيانية بمفاهيم وسائل القتال اليوم. لكن 700 ألف عربي أصبحوا لاجئين آنذاك. وجاء 800 ألف يهودي من البلدان العربية. ولذلك لم تعد هي اليوم فلسطين’.
وورد ان براندت، ‘فوجئ برؤيته كثيرا من الأعيان العرب في الحفل’ الذي دُعي اليه. وهدأ ديان نفسه بقوله له: ‘لا بأس فالجميع يأتون. نحن نلاقي العرب طول الوقت’. وأضاف: ‘توجد حياة صداقة في الحياة اليومية ويوجد فرق بيننا وبينهم في المسألة السياسية’.
ويمكن ان نستدل من الوثيقة التي لخصت زيارة براندت لاسرائيل على كلام يثير الاهتمام قاله محاولا ان يشجع اسرائيل ازاء عدم استجابة العرب لتوجهات مئير. وقارن براندت ذلك بالاتصالات بين المانيا الغربية والمانيا الشرقية وروسيا التي تميزت في بادئ الامر بالشك وعدم الرغبة في الحديث. ‘في جلسة العمل قال (براندت) إن موقف العرب، كما وصفته رئيسة الحكومة (أي رغبتهم في محو اسرائيل عن الخريطة) لا يجب ان يسبب اليأس. فقد أراد الروس والمانيا الشرقية ابتلاع برلين الغربية، لكنهم اليوم ليسوا مستعدين فقط للحديث، بل للاعتراف بوجود برلين الغربية المستقل. ولا تنبغي استنتاجات مبالغ فيها من حقيقة ان المصريين رفضوا استقبال أوراق مع عنوان ما. فقد تم في مدى فترة طويلة تبادل أوراق لم تكن تعتبر وثائق بين المانيا الغربية والمانيا الشرقية، ولم تكن مكتوبة بحسب قواعد الاعتراف بين الطرفين. وأفضت الموافقة المتبادلة على هذا الاجراء آخر الامر الى التحادث’، قال براندت.
حرر الوثائق التي نشرت الآن حغاي سوريف من أرشيف الدولة. ومن المهم ان نذكر ان الكشف عن الوثائق انتقائي بصورة لا يمكن منعها. ولا يقل عن ذلك اثارة للعناية أن نعلم أي الوثائق لم تنشر بعد ولماذا. ونذكر ايضا انه ما زالت توجد أجزاء حذفتها الرقابة في الوثائق التي نشرت الآن.
يرفض مؤرخون مثل الدكتور يغئال كبنيس الذي كتب كتاب ’1973 الطريق الى الحرب’ (اصدار ‘دافير’ 2012) التأثر إن لم نشأ المبالغة بهذه الوثائق، لأن كبنيس يعتقد ان الشهادات الأرشيفية تكشف عن جزء هامشي لا شأن له من الصورة العامة، وان حصر العناية فيها قد يخفي اسهام مئير في نشوب الحرب.
وتوجد في الوثائق التي نشرت الآن ايضا قضية اخرى لا تقل اثارة للاهتمام، هي قضية علاقات اسرائيل بالمانيا في 1973 بعد وقت قصير من الازمة التي عرفتها العلاقة بين الدولتين، على أثر مذبحة الرياضيين الاسرائيليين في ميونيخ، وفشل اجهزة الامن الالمانية في احباطها، وسلوكها الفاشل مع المخربين المختطفين ساعات طويلة. وكانوا في اسرائيل بعد أقل من ثلاثين سنة من انتهاء الحرب العالمية الثانية ما زالوا حائرين في كيفية تعريف العلاقات بالمانيا الغربية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اصداء الحرب في سورية تتردد في اسرائيل
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
أصداء الحرب الاهلية في سورية سمعت أمس على مسافة أقرب من أي وقت مضى من الاراضي الاسرائيلية، حين قاتل جيش الاسد ووحدات الثوار على مدينة القنيطرة، المحاذية للحدود على هضبة الجولان. رجال المعارضة، في محاولة لعرض انجاز سريع بعد الفشل في المعركة على بلدة القصير الاستراتيجية هاجموا منذ ساعات الصباح القنيطرة ومعبر الحدود المجاور لها.
منذئذ تدور هناك معارك شديدة، ومراقبو الامم المتحدة، الذين يحتفظون بصعوبة باستحكاماتهم في الطرف السوري من الحدود، يفكرون الان بجدية بالانسحاب والتمترس في الطرف الاسرائيلي، حتى ان كان الامر يضر بما تبقى لهم من دور كقوة فصل بين الدولتين. وقد أعلنت النمسا منذ ظهر امس انها قررت اخلاء رجالها في قوة المراقبين في ضوء الخطر على حياتهم.
تصعيد الحرب في معارك الحدود هو سبب لقلق اسرائيلي. فارتفاع مستوى الثقة بالنفس لدى الرئيس بشار الاسد بعد انتصاره في القصير، المجاورة للحدود السورية اللبنانية، قد يشجعه على مواصلة الطريق الى عمليات رد ضد اسرائيل، اذا ما حققت هذه تهديدها وهاجمت في المستقبل قوافل تنقل وسائل قتالية متطورة من سورية الى حزب الله. ولا بد أن الاسد شعر بنفسه مدينا جدا لايران ولحزب الله على المساهمة المهمة التي قدمها مقاتلو المنظمة اللبنانية لنجاحه في القصير.
مع ذلك، يدعي مسؤولون في جهاز الامن بانه سيكون من الخطأ المبالغة في قيمة انتصار النظام في القصير. وعلى حد قولهم، فان النجاح جاء بعد سلسلة اخفاقات طويلة في السنتين الاخيرتين، خسر فيها الاسد السيطرة على اكثر من نصف الاراضي السورية. وفي هذه اللحظة لا يمكن للنجاح أن يرجح الكفة في صالحه بشكل يؤدي الى هرب الثوار المسلحين الى مناطق منعزلة وبعيدة.
وتتطلع عيون كل الاطراف ـ نظام الاسد، الثوار وسلسلة من الدول المؤيدة للمعسكرين الخصمين ـ الى المؤتمر الدولي عن مستقبل سورية، الذي توجد نية لعقده هذا الشهر.
وتعتبر القصير في اسرائيل كخطوة تكتيكية، ورقة اخرى يلقيها النظام على الطاولة، الى جانب الدعم الروسي المتزايد وتهديد موسكو بتزويد دمشق بمنظومات صواريخ مضادة للطائرات متطورة من طراز اس 300. ومن الجهة الاخرى تهدد القوى العظمى المعارضة للنظام باوراق خاصة بها: رفع الحظر الاوروبي عن توريد السلاح للمعارضة السورية وتسريب الخطة الامريكية لانتهاج مناطق محظورة الطيران على مقربة من الحدود بين سورية وجيرانها.
ولا يدور الحديث الان فقط عن الحدود التركية، بل وعن الحدود الاردنية ايضا. فقد نشرت الولايات المتحدة هذه الايام قوات واسعة نسبيا وبطاريات مضادة للطائرات من نوع باتريوت في شمال الاردن، في اطار مناورة مشتركة. وتوجد امكانية لان تبقى البطاريات على الاراضي الاردنية، حتى بعد انتهاء المناورة، كخطوة اولى لانتهاج منطقة حظر طيران (وان كانت حاجة لفرضه بمعونة طائرات اعتراض).
الاردن، مثل بعض الجيران الاخرين لسورية، يعيش في هلع في ضوء تعقد الحرب الاهلية هناك. ويضطر الاردنيون على أي حال الى احتمال عبء نصف مليون لاجئ سوري على الاقل؛ ناهيك عن نحو مليون لاجئ عراقي في الاردن، وهو معطى يمكن أن يزداد في ضوء موجة العنف المتجددة التي تضرب العراق، الذي يتأثر هو ايضا بالحرب في سورية. ولكن الجار الاكثر قلقا هو على ما يبدو لبنان.
حزب الله لم يعد يخفي تدخله العميق في الحرب في سورية، ويتلقى على ذلك انتقادا شديدا من خصومه في لبنان. وفي المعارضة السورية ادعوا هذا الاسبوع ان المنظمة بعثت بنحو 15 الف مقاتل للمشاركة في المعارك، الكثير منهم للقتال في القصير، والتقدير يبدو مبالغا فيه للاذن الاسرائيلية، ولكن يحتمل أن يكون المقصود المتطوعين، رجال الميليشيات الشيعية في لبنان، المرتبطة جزئيا فقط بحزب الله. اما المنظمة نفسها فدفعت بما لا يقل عن 3 الاف مقاتل من وحداتها المختارة الى سورية. والتقدير السائد انه خسر حتى لان أكثر من 200 من مقاتليه في الحرب هناك.
في الميزان الاولي الاسرائيلي، توجد لهذا آثار ايجابية وسلبية على حد سواء: حزب الله يتآكل في القتال ويفقد عددا مهما من رجاله، ولكن في نفس الوقت يجمع تجربة كبيرة القيمة في قتال مديني مركب يمكن له أن يستخدمها في المستقبل ايضا في الصراع ضد الجيش الاسرائيلي. في هذه اللحظة، يبدو أن الضرر للمنظمة أكثر من المنفعة، ولكن يجب ألا نتجاهل ايضا المكسب المعنوي الذي يناله، كمن يحظى الان بالحظوة على حسم المعركة في القصير.
في الخلفية تطرأ تطورات مفاجئة اخرى تراها اسرائيل بعين الايجاب. وهكذا مثلا، الصدع العلني بين ايران، سورية وحزب الله وبين حماس، التي فرت من معسكرهم في ضوء المذبحة بحق اخوانها السنة في سورية. ويدعو عدد من مسؤولي حماس مؤخرا علنا الاسد لاعتزال منصبه، بينما يوثقون العلاقات مع قطر، التي تحاول ان تبدو في صورة السيد لحركات الاخوان المسلمين في كل ارجاء الشرق الاوسط.
بالمقابل، فان قادة الذراع العسكرية لحماس في غزة قلقون من الصدع مع ايران، ويخشون من أن الامر سيضر بتوريد السلاح الى المنظمة في غزة. ولكن الايرانيين ولا سيما رجال حزب الله، يجدون صعوبة في ان يغفروا للكلمة الاخيرة التي القاها يوسف القرضاوي في قطر، ودعا مستمعيه الى حمل السلاح ضد أبناء الشيطان من حزب الله.
وكان يجلس بين الجمهور بالمناسبة زعيم حماس خالد مشعل، الذي كان حتى قبل وقت قليل مضى ضيفا مرغوبا فيه في دمشق وفي طهران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
10/6/2013
<tbody>
في هــــــذا الملف
دنون يلقي بمساعي السلام الى القمامة
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
مطلوب بعض الهلع
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف
بلاد حوتوبيلي
بقلم:روبيك روزنتال،عن معاريف
رامي الحمد الله من ‘جامعة الفقراء’ الى السرير المريض
بقلم:عميره هاس،عن هآرتس
لماذا فوجئ المستشار الالماني بوجود عرب في حفل موشيه ديان؟
بقلم:عوفر أديرت،عن هآرتس
اصداء الحرب في سورية تتردد في اسرائيل
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
</tbody>
دنون يلقي بمساعي السلام الى القمامة
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
يبذل رئيس الوزراء جهودا جبارة كي يري اننا جديون في موضوع السلام. فقد القى خطاب بار ايلان في صيف 2009؛ وتعهد بحل الدولتين، ويعد في كل مكان في العالم بان هذا هو الحل الذي يفضله. وقد سار نحو تجميد لم يخرج بشيء، فقط كي يري انه على ما يرام. كما يدعو نتنياهو أبو مازن الى الجلوس الى طاولة المفاوضات، من دون شروط مسبقة ويوجه له الذنب في أن المسيرة لا تتقدم.
والان جاء نائب وزير الدفاع ليلقي بالمسعى السياسي لرئيس الوزراء الى القمامة. ما يفكر به الجميع ولا يقولونه، دنون يقوله من دون ان يفكر كثيرا. ودنون يعترف في واقع الامر بان كل شيء هراء، وان رئيس الوزراء لا يعتزم الوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين. وهو يعرف ان مثل هذا الاتفاق لا يمكنه أن يجاز في التركيبة الائتلافية الحالية، وان هذه الحكومة بشكل عام غير ملتزمة بالحل الذي يشير اليه رئيس الوزراء. كما أن دنون يجري الحساب البسيط والصحيح: 43 عضو كنيست من بين 68 عضوا في الائتلاف يعارضون اقامة دولة فلسطينية.
يمكن أن نقدر دنون على صدقه السياسي. امور رآها من هناك يراها من هنا. يمكن التساؤل عن الحكمة أو الغباء الدبلوماسي، فدنون يتحدث مثل موشيه فايغلين، الذي أصبح معارضا داخليا، ولكن دنون يتبوأ منصبا أمنيا وسياسيا مهما في الحكومة نفسها. فكيف يتعين على وزير الخارجية جون كيري أن يتعاطى اليوم مع رئيس الوزراء، اذا كان يوجد له نائب وزير دفاع يعد بان لا جدوى من خطواته السياسية؟ وأي احتفال يمكن لابو مازن والفلسطينيين أن يعقدوه اليوم. فهم سيثبتون قائلين: ‘نحن قلنا لكم. انتم فقط تخدعون الجميع′.
لدى دنون على ما يبدو سبب وجيه لان يقول كل ما يشاء. فهو ببساطة لا يخاف. مع ائتلاف يضم افيغدور ليبرمان، نفتالي بينيت، موشيه بوغي يعلون، اوري ارئيل، تسيبي حوتوبيلي، يريف لفين وكل الآخرين، فانه يشعر بانه على الحصان. وحتى يئير لبيد لا يجن جنونه على المفاوضات وعلى حل الدولة الفلسطينية، مثلما رأينا في المقابلات الاخيرة التي منحها. فلبيد أقرب في هذا الموضوع أيضا الى بينيت منه الى تسيبي ليفني، التي ليست لديها قوة وهي تتحسس طريقها اليوم في الظلام السياسي فلا تجد شعاع ضوء.
أول أمس نشرت في ملحق ‘معاريف’ مقابلة مشوقة أجراها تساح يوكيد مع ايليوت ابرامز، نائب مستشار الامن القومي للرئيس جورج بوش الابن. ويقترح ابرامز، الذي امضى سنوات في محاولات للتوسط بين اسرائيل والفلسطينيين، اليوم ببساطة عدم استئناف المفاوضات. وهو يدعي ان الوضع في المحيط بات أسوأ، ولا يوجد اي احتمال لاستئناف المفاوضات، وحتى لو استؤنفت، فانها لن تنجح وخيبة الامل ستؤدي فقط الى اليأس والعنف.
ما كان ابرامز ليتجرأ على قول هذه الامور الصحيحة عندما كان مبعوثا الى الشرق الاوسط من قبل الادارة، حتى لو كان اعتقد كذلك. توجد امور لا تقال والمرء قيد المنصب. داني دنون على ما يبدو سياسي من نوع آخر. يقول ما يقول، وليحترق العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مطلوب بعض الهلع
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف
اذا كان ثمة شيء ما يجدر التفكير فيه، بل وربما الدخول ايضا معه في حالة من الهلع، فهو دور روسيا في الحرب الاهلية في سورية. السؤال هو هل روسيا، وهذه المرة في صيغتها البوتينية، تحاول مرة اخرى دفع المنطقة الى الحرب. في كل الاحوال، فانها توجد في زخم سيطرة مهم على الشرق الاوسط. وفي ظل عقدة المسألة الروسية، يتعين على الاستخبارات الاسرائيلية ان تجد جوابا واضحا قدر الامكان على سؤال، ما هو مدى القرب والسيطرة الروسية على حزب الله؟
مراسل ‘لوس انجلس تايمز′ انتزع التصريح التالي من لسان قائد صغير في حزب الله، في اعقاب انتصار الحلف بين سورية وحزب الله في القصير: ‘الخطة التي أعدوها، فشلت’، قال عن اعدائه، اي الثوار، الذين وصفهم بانهم مدعومون من اسرائيل والولايات المتحدة. ‘كان هناك تفكير لتقسيم سورية وضرب ‘المقاومة’ (…) هذه الخطة انتهت. ليس فقط في القصير، بل في كل سورية. فكرة روسيا انتصرت، نحن الان محور واحد مقاتل يبدأ في ايران، يمر عبر سورية، لبنان والعراق ـ ويصل حتى غزة’.
‘اقتراح’ بوتين في أن تحل قوات روسية محل قوات الامم المتحدة في معابر الحدود في هضبة الجولان يبعث على القشعريرة. فهو ينبغي أن يذكرنا بتهديد الروس في نهاية حرب يوم الغفران في 1973 بادخال قواتهم لفرض وقف اطلاق النار. الامريكيون في حينه، بقيادة هنري كيسنجر، لم يكونوا محبين عظماء لصهيون، ولكن كانت لا تزال تفعم في قلوبهم غريزة قوة عظمى معافاة فردعوا على الفور الروس بتهديد مضاد. اما اليوم فالامريكيون يتصرفون بفتور والاسرائيليون، غير مبالين.
فانتصار نظام الاسد ليس مثابة الشيطان المعروف المفضل على الشيطان الجديد وغير المعروف المتمثل بمنظمات الثوار. وبانتظار اسرائيل لاحقا جبهة سورية حزب الله ايران باسناد ودعم روسي.
وفي وصفه لعناصر المحور المطوق المشعل للشرق الاوسط حول اسرائيل، أحصى رجل حزب الله اياه كل عملاء روسيا في المنطقة. حماس وحزب الله هما ظاهرا على جانبي المتراس الاسلامي، ولكن الرابط الروسي الايراني يجعلهما حليفين.
هكذا أيضا ابو مازن وسلطته الفلسطينية بقيادة فتح، فهو وحماس بالكاد يتحدثان في ما بينهما، ولكنهما كليهما يلعبان في ذات المنتخب الروسي على لوحة الشطرنج النازفة. وابو مازن، بمعونة جون كيري، يؤدي دوره في القوة الروسية: الشقاق بين النخبة الاسرائيلية داخليا، والشقاق والانقسام بين اسرائيل وحليفتها الكبرى، الولايات المتحدة. دوامة من الرصاص تحوم فوق رأس اسرائيل.
ولما كان من الصعب منع الحرب، فان على اسرائيل أن تفكر بالتوقيت وكيف تمسك بحزب الله وهو في وضع دون للغاية. احد الدروس التي يجب أن نسجلها أمامنا هو أن حزب الله أظهر في القصير ان لديه ايضا خيارا هجوميا. وانه يفكر هجوميا ايضا. فماذا نعرف نحن عن القدرات القتالية التي أظهرتها المنظمة هناك؟
هذا يستحق فحصا دقيقا. وفي كل الاحوال، فقد أظهر حزب الله هنا تصميما وتمسكا بالهدف حتى الحسم.
نقطة للتفكير في الجيش الاسرائيلي: لا توجد فقط مواجهة محدودة، وبنك اهداف وآثار وصور انتصار. اليوم ايضا يوجد في المعارك العسكرية انتصار وحسم. مرة اخرى، مثلما هو الحال دوما، يجب ان نشكر حزب الله على هذا الاكسير المنبه للجيش الاسرائيلي. اذا كان محكوما على اسرائيل أن تتدهور الى حرب بسبب الشقاق الدائم الذي تثيره روسيا في المنطقة، فان التوقيت يجب أن يكون في ظل تواصل الحرب الاهلية في سورية.
ولا سيما اذا كانت اسرائيل تفكر بجدية بمهاجمة النووي الايراني. وهذا ليس فقط لان حزب الله في سورية مكشوف واكثر عرضة للاصابة منه في لبنان، بل بالاساس لانه بعد أن ينهي الاسد حربه، سيأتي اوباما والاوروبيون ليتهموا اسرائيل بانها تحاول بالقوة اعادة اشعال النار في سورية. حقنة على نمط حزب الله صغيرة من الدلع لن تضر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بلاد حوتوبيلي
بقلم:روبيك روزنتال،عن معاريف
العرس المغطى اعلاميا للنائبة تسيبي حوتوبيلي مر بنجاح، تسيبي هي وردة في حديقة المعسكر الوطني.. ابتسامتها تسحر القلوب، مبروك يا تسيبي. يوم الجمعة جلست تسيبي في القناة 10 لدى شاي شتيرن، حفيد زعيم ‘ليحي’ وقالت على النحو التالي: ‘السلام لن يكون هنا، السلام غير واقعي’، بل قالت ايضا: ‘انظروا كيف أن فكرة جميلة بهذا القدر (السلام) ألحقت شرورا كثيرة جدا. وعلى الفور تذكرت امرأة اخرى، ليست مثل تسيبي، ولكن النص هو ذات النص، فالسلام، كما قالت غولدا مائير في صيغ مختلفة ولكن بذات النبرة المعتدة، السلام لن يكون هنا. يجب أن نكون واقعيين. فالسلام اذا ما جاء فانه سيجلب علينا شرورا كبيرة. كما روت لنا على طريقتها الودية بانه ‘لا يوجد شعب فلسطيني’، ومعها استلقينا هادئين وسعداء على اكاليل ورد حرب الايام الستة، التي حققنا فيها ما تدعوه تسيبي السبب لوجودنا هنا: ‘هذه البلاد لنا’ نقطة. إذ ان غولدا وتسيبي على حد سواء تحبان الجمل القصيرة، بلا لكن، وبلا خسارة. توجد حقيقة، والحقيقة بسيطة جدا، لن يكون السلام. لا يوجد شعب فلسطيني.. هذه البلاد لنا.
غير أن بين تسيبي وغولدا حصلت عدة امور. اندلعت حرب هددت بتخريب البيت الثالث، ساهمت غولدا وديان وأشباههما في الجيش في اندلاعها ورعبها. وبعدها جاء السلام مع مصر (المتعذر وغير الواقعي) ليقلب رأسا على عقب ميزان القوى في المنطقة ويوفر الاف الضحايا الاخرين. وبعد ذلك بدأنا نخرج الى الحروب ولم ننتصر ولم نخسر في أي منها. فقط لعقنا الجراح وحفرنا المزيد فالمزيد من القبور العسكرية. ولماذا لم ننتصر؟ إذ خلافا لادعاء تسيبي القاطع، فما هو غير واقعي ليس السلام، ما هو غير واقعي هو الحرب. وبعد ذلك جاء اسحق شامير، زميل جد شاي شتيرن في التنظيم السري، ومرة اخرى سمعنا ذات النغمات: البحر هو ذات البحر والعرب هم ذات العرب، السلام لن يكون، والفلسطينيون يوك. وفي عهده جاءت الانتفاضة الاولى، التي ثبتت مكانة الفلسطينيين في العالم وبدأت تقوض مكانة اسرائيل. وعندها جاء، على حد طريقة تسيبي، الشر الاكبر: عهد اوسلو، فاي شرور فظيعة جلبتها علينا اوسلو ـ هدوء في الجبهة السياسية مع دول عربية مؤثرة والسلام مع الاردن. السلام غير الواقعي، فقد أخرجتنا من مدن الضفة، من حكم مدني اكراهي على الطرفين، ولكنها لم تجلب السلام مع الفلسطينيين، فالخطوة لم تكتمل.
لماذا لم تكتمل؟ اسباب عديدة، لقد قتل رابين في منتصف طريقه، وعرفات ظهر كمخادع، ايران غرست اسنانها في المنطقة ولكن حصل شيء آخر ايضا. روح غولدا وشامير عادت لتقود السياسة الاسرائيلية.
وهذه الروح هي ايضا روح حوتوبيلي. السلام خطير، خطوة اخرى اضافية، يا تسيبي. دولتان للشعبين، الاحتمال الواقعي الوحيد لان تواصل هذه البلاد في أن تكون لنا ولا تغرق في نهر من الدماء، مثلما غرق في بلاد صهيون، هذه القطعة الالهية الصغيرة، البيت الاول والبيت الثاني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رامي الحمد الله من ‘جامعة الفقراء’ الى السرير المريض
بقلم:عميره هاس،عن هآرتس
‘أُهنئ رئيسنا الذي عُين رئيسا للوزراء’، قالت أول أمس طالبة جامعية في السنة الثانية في كلية الآداب في جامعة النجاح في نابلس، بعد أن عُلم ببضعة ايام ان الدكتور رامي الحمدالله سيحل محل سلام فياض، ‘لكنني اسأل نفسي لماذا يترك الامبراطورية الناجحة التي بناها لصالح كيان ضعيف فقير كالحكومة الفلسطينية’. ووافقتها صديقاتها على ذلك، وأشرن بذلك اشارة خفية الى أنهن قد ضقن ذرعا بالسياسة، ويُردن التفرغ لحفل يوم الميلاد الصغير الذي أقاموه لواحدة منهن.
توجد اربعة أحرام جامعية، ثلاثة في نابلس وواحد في طولكرم (كلية الزراعة والطب البيطري)، تحتل معا مساحة 178 دونما وفيها نحو من 22 ألف طالب ونحو من 1800 أجير (منهم 848 محاضرا وهذا صحيح الى 2011)، ومستشفى جامعي افتتح قبل شهر، ومحطة مذياع محلية تبيح لنفسها ان تلزم موقفا في اختلاف الآراء بين اشخاص ساسة مختلفين: فيبدو أن الشابة لم تبالغ جدا حينما اختارت تعريف ‘امبراطورية’. ويقول أحد المحاضرين وهو طالب سابق ووالد طلاب في الحاضر إن للجامعة الكبرى في الضفة الغربية تأثيرا في الاعمال والاقتصاد والمجتمع عظيما في الحياة في نابلس وشمال الضفة إن لم يكن وراء ذلك ايضا.
تطورت النجاح عن مدرسة ثانوية أُنشئت في 1918 وأصبحت معهدا في 1941 وحلقة اساتذة منحت ألقابا جامعية في 1965. وفي 1977 أُعلن أنها الجامعة الوطنية. ويقولون في نابلس انه في الـ15 سنة الاخيرة، وهي مدة رئاسة الحمدالله، حدثت أكبر قفزة من جهة عدد المدرسين والطلاب والتنوع الاكاديمي وعدد الكليات والأقسام، وخطط البحث والمؤتمرات الاكاديمية والعلاقات بجامعات في الخارج. ولهذا ربما يمكن ان نسأل لماذا وافق الحمدالله على إدخال رأسه في سرير حكومة رام الله المريض، لكن لا ينبغي أن نعجب من استقرار رأي محمود عباس على اختياره هو خاصة.
أدى الحمدالله أمس اليمين الدستورية رئيسا للوزراء مع وزرائه (وسبعة منهم جدد) لكنه ما زال رئيس الجامعة. وعُين له نائبان في عمله الجديد كي يستطيع الاستمرار في إبداء رأيه في شؤون الجامعة ايضا. إن الوعد الرسمي هو أن يرأس الحمدالله حكومة انتقالية الى 14 آب/اغسطس وهو آخر موعد (وهذا صحيح الى الآن) سُمي لانشاء حكومة وحدة بين حماس وفتح. ويؤمن قليلون فقط بأن هذا سيحدث حقا، لكن الجامعة معفاة في هذه الاثناء من التفكير في تعيين رئيس جديد.
يتبين ان ليست مواهبه الادارية المبرهن عليها وحدها هي التي أفضت الى تعيينه رئيسا لحكومة انتقالية، فقد اهتم صحافيون اجانب هذا الاسبوع في البحث، أهو عضو في فتح لأن عداوة اعضاء فتح لسلام فياض كان لها نصيب كبير من استقرار رأيه على الاستقالة. والجواب الرسمي هو لا، فليس معلوما ان الحمدالله عضو في فتح، ومع ذلك يذكر أناس ان علاقاته القريبة باثنين من الرجال الأقوياء في فتح وبمن حول ياسر عرفات كان لها دور مهم في تعيينه رئيسا للنجاح، الاول هو الطيب عبد الرحيم الذي كان أمين سر الحكومة التي رأسها عرفات، وهو اليوم أمين سر مكتب محمود عباس (وهو من أبناء عنبتا ايضا مثل الحمدالله)، والثاني هو توفيق الطيراوي الذي كان عند انشاء السلطة رئيس الاستخبارات الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو يحافظ اليوم ايضا على قوته في حركة فتح بصفة مستشار أمني لعباس.
رغم قربه من قادة في فتح، يُدرس في جامعة النجاح بلا تشويش محاضرون موالون لحماس، والى ذلك يوجد من يعتقد ان الحمدالله كان يجب ان يُقيدهم، يقول محاضر يعارض التيارين. ومع ذلك يعترف محاضرون بأنهم يحذرون في كلامهم في دروس تتناول سياسة السلطة الفلسطينية وطائفة من الاشخاص. وتوجد هنا ايضا كما هي الحال في جميع الجامعات الفلسطينية، ظاهرة طلاب جامعة يعملون في اجهزة الامن الفلسطينية، أو مُبلغين لها. ومجرد التفكير في وجودهم يعمل كالرقابة.
بعد 2007 حينما انقسمت السياسة الفلسطينية الداخلية الى حكومتين متناكفتين، حكومة حماس وحكومة فتح، عملت اجهزة امن السلطة الفلسطينية بلا عائق على إبعاد وإسكات طلاب كانوا مؤيدين لحماس. ولم يكن ذلك قرار رئيس الجامعة، ويُشك في انه كان قادرا في جو الحرب الأهلية الذي ساد آنذاك على منع تدخلهم. إن رجال الامن الذين يقفون اليوم عند مدخل الجامعة يفحصون الداخلين ويتجولون ايضا بين طلاب الجامعة ويحصلون على أجورهم من الجامعة، ويتم تقبل وجودهم بتفهم فهناك آلاف الناس يتجولون في الأحرام المختلفة ولا يريد أحد ان تنشأ تحرشات.
كانت جامعة النجاح في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي تسمى جامعة الفقراء، كما تذكر هذا الاسبوع طالبان سابقان في الجامعة تدرس بناتهما فيها اليوم. وقد نجحت الادارة وهيئة الأمناء المؤلفة من ممثلي العائلات الغنية ذات التأثير في المدينة، في جمع تبرعات مكّنتهم من إقرار رسوم دراسية منخفضة اذا قيست بالجامعات الاخرى (في بيت لحم وفي الخليل وفي بيرزيت شمال رام الله)، وتقديم هبات وقروض بشروط سهلة. ويتذكر الخريجان النجاح بفخر بأنها جامعة خرجت منها في ثمانينيات القرن الماضي وفي مطلع تسعينياته التظاهرات على الاحتلال الاسرائيلي، ونشأ من حركتها الطلابية زعماء في فتح وفي المنظمات اليسارية في م.ت.ف وفي حماس ايضا.
ويتذكر أحد المحاضرين القدماء أن ‘الطلبة الذين كانوا ذات يوم أكبر سناً’: وقد قضوا عدة سنوات في السجون الاسرائيلية، وحينما خرجوا سُجلوا في الجامعة وجعلوا الدروس أكثر اثارة وغليانا. وفي نهاية تسعينيات القرن الماضي وفي سنوات الانتفاضة الثانية فازت حركة الطلاب المؤيدة لحماس عدة مرات بأكثر الاصوات في مجلس الطلاب في الجامعة، التي اعتبرت أنها لفتح وفي فترة رئاسة الحمدالله. ولم تُمنع تظاهرات تأييد لمسلحي المنظمات المختلفة وللعمليات الانتحارية لأن هذا كان يبدو طبيعيا في جو هجمات عسكرية وثكل وارادة انتقام. ويتذكر الطلاب من جهة ثانية أن حصار نابلس والقيود الشديدة على الحركة لم تعتبر سببا للغياب أو التأخر عن الدروس. واستمرت الدراسة والامتحانات آنذاك ايضا قدر المستطاع.
أُجريت في نهاية نيسان/ابريل انتخابات مجلس الطلاب في نابلس. ونافست القائمة المؤيدة لحماس لأول مرة منذ 2008 وفازت بـ33 مقعدا وفازت قائمة فتح بـ43. وتقول طالبة لم تصوت ان ناشطي حماس كانوا أفضل تنظيما وأكثر موضوعية.
أما ناشطو فتح فكانوا شديدي الفظاظة. إن التقسيم الحزبي مُضلل، يقول محاضرون وطلاب على حد سواء، فالاختلاف والتنافس هما في القوة والمواقع لا في الايديولوجية والرؤية. ويقول محاضرون وآباء طلاب إن أكثر الطلاب وهم من انتاج جهاز تربية السلطة الفلسطينية غير مُسيسين.
إن معلوماتهم عن تاريخ فلسطين وجغرافيتها منقوصة. ‘قبل عشرين وثلاثين سنة قالوا لنا إن التعليم جزء من نضالنا للاحتلال’، يقول أحد المحاضرين محتجا، ‘لكن الدراسة اليوم تعوزها الهوية القومية. فهي جزء من الاستهلاك لا من الثقافة وترمي الى خدمة الطموح التكنوقراطي الى بناء مؤسسات للدولة غير الموجودة’. وليس هذا انتقادا للحمدالله لكنه انتقاد للتصورات العامة التي توجه الحكومة التي سيرأسها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لماذا فوجئ المستشار الالماني بوجود عرب في حفل موشيه ديان؟
بقلم:عوفر أديرت،عن هآرتس
في شهر حزيران/يونيو 1973، قبل نشوب حرب يوم الغفران بأشهر معدودات، زار اسرائيل مستشار المانيا الغربية، فيلي براندت. والتقى مع القيادة الاسرائيلية وفي مقدمتها رئيسة الوزراء (قبل اربعين سنة من اختراع هذا التعبير) غولدا مئير ووزير الدفاع موشيه ديان.
هل كانت تلك زيارة ‘تاريخية’، كما تسمى الآن، فيما ينشر أرشيف الدولة؟ أم كانت زيارة فاشلة لم تغير شيئا في العلاقة بين القوات؟ قد تكون الآراء في ذلك مختلفة لكن الوثائق التي يسمح أرشيف الدولة (الاحد) بنشرها، تُمكّن من نظرة اخرى في ما وراء ستار الدبلوماسية الاسرائيلية الاوروبية عن مبعدة آمنة تبلغ اربعين سنة.
تشتمل الوثائق الـ27 ، التي تنشر اليوم (امس) في موقع انترنت أرشيف الدولة، على شهادات من مجاميع أرشيف الدولة وأرشيف الجيش الاسرائيلي وجهاز الامن، وعلى رسائل وبرقيات وأحاديث مكتوبة وجلسات حكومة. ويُبين النظر في الوثائق أنه تم في 1973 تبادل رسائل سرية بين اسرائيل ومصر بوساطة المانية. ولم تكن تلك أول مرة أرسلت فيها اسرائيل مبعوثين من الخارج الى مصر، لكن استعمال وسيط الماني – وهذه قناة استُعملت كثيرا بعد ذلك مقابل جهات مختلفة يثير العناية في حد ذاته بسبب العلاقات المميزة بين اسرائيل والمانيا.
وتُبين الوثائق ان مئير نقلت الى حافظ اسماعيل، المستشار الأكبر لرئيس مصر أنور السادات رسالة عن طريق المبعوث الالماني غير المهم لوتر لهان. وتناول مضمون الرسالة اقتراح مئير ‘اللقاء معهم (مع المصريين) من اجل صلة شخصية أولى في كل مكان وزمان ومستوى’، وتظهر تفصيلات الرسالة في وثيقة ‘شديدة السرية’ مؤرخة بتاريخ 24 يونيو 1973.
وكان الرد المصري باردا، ‘أجاب حافظ بأنه يسجل الأمر أمامه. وهو غير متفاجئ. وهو يعلم أن هذا ما تريده اسرائيل… ولا داعي لمثل هذه الأحاديث، كما تقترح اسرائيل التي ليست هي أكثر من أحاديث عن أحاديث. ويوجد ما يدعو اليها فقط اذا كان يُعلم ما الذي يُنتظر في نهايتها. وما لم تكن اسرائيل مستعدة لاعلان أنها مستعدة للانسحاب، فلا داعي للقاء لأنه من الواضح ان المحادثات ستحصن الوضع الراهن فقط’. وأصر الوسيط الالماني لهان وقال لنظيره المصري إن مئير أكدت أمام المستشار براندت ‘استعدادها للمصالحة’. غير ان حافظ عرض في رده سؤالا إنكاريا: ‘أي مصالحة؟’.
وقد سبق البعثة الالمانية قبل نشوب الحرب بثلاثة أشهر توجه رئيسة حكومة اسرائيل الى مستشار المانيا الغربية في حديث ضمهما وحدهما، تم عند خروج يوم السبت في التاسع من يونيو 1973. وطلبت مئير اليه ان يعرض على السادات بدء تفاوض مع اسرائيل. ‘يستطيع ان يقول للسادات أنه، أي برانديت، على يقين من أننا نريد السلام حقا. لأننا لا نريد كل سيناء أو نصف سيناء أو أكثر سيناء. ويستطيع برانديت أن يُبين للسادات أننا لا نطلب منه بدء تفاوض علني، وأننا مستعدون لبدء تفاوض سري وما أشبه’ هذا ما كُتب في تلخيص جزئي للقاء بين الاثنين.
وبعد ذلك بيوم، في العاشر من يونيو، عُقدت جلسة حكومة أبلغت مئير فيها الوزراء تطورات الاتصالات بمصر بالوساطة الالمانية.
‘عاد وزير خارجية المانيا (وولتر شيل) من مصر وهو مقتنع، وعلى كل حال حصل لديه كما يقول انطباع مقنع كثيرا بان السادات كان يريد التوصل الى تسوية سلمية من دون حرب. وقلنا له هنا في ذلك الكلام التالي: ليس في هذا مشكلة؛ فنحن لم نقل الى الآن لعربي واحد ‘لا’ وإننا لا نريد اللقاء.
واذا كان المجتمع يريد حقا ان يؤدي هذا الدور من ترتيب لقاء فليتفضل. واذا كان عند السيد شيل هذا الانطباع عن السادات فليذهب الى السادات وليقل له إن اسرائيل مستعدة للقاء، وألا يضم نفسه الى كل اولئك المشتغلين بهذا الامر ويعرضون شيئا ما بدل لقاء مباشر’.
وأضافت مئير ايضا في تناولها للقائها لبراندت: ‘قلت له أمس بصورة صريحة: اذا كان عندك أو عند وزير خارجيتك أو المجتمع انطباع عن ان السادات يريد السلام فليُحادثنا. واذا كان يريد محادثتنا سرا فليُحادثنا سرا. لكنكم في كل وقت تدخلون فيه في وسط هذا الامر تؤخرون السلام… واذا منحتموه امكانية التهرب من مسؤولية مباشرة عن لقائنا ومفاوضتنا فسيكون ذلك عقبة اخرى في طريق السلام’.
وتشتمل الوثائق التي كشف عنها الآن، الى ذلك ايضا، على عدد من التصريحات تكشف عما اعتقدته مئير في الحقيقة في احتمالات الاتصالات بمصر. توجز احدى الوثائق إبلاغ مئير وزراء الحكومة إثر لقائها لبراندت. ‘أمس بعد أن تحدث عن توازن بيننا وبين العرب بشأن الشرق الاوسط، كان ذلك أكثر مما أحتمل وقلت كلاما قد يكون مجاوزا لما يجوز للمضيفة أن تقوله’، ذكرت مئير.
وفي مكان آخر وصف لقاؤهما في السابع من يونيو 1973 على النحو التالي: ‘(مئير) بيّنت لبراندت ان جذور المشكلة في ان العرب لا يريدوننا هنا’. وذُكر مع ذلك ايضا ‘أنها بيّنت ايضا المشكلة الفلسطينية وأن المعنى الحقيقي هو ان يحل الفلسطينيون محلنا’.
وتفصل وثيقة اخرى مضمون لقاء وزير الدفاع ديان والمستشار براندت. ‘يوجد تناقض بين حقيقة أننا جئنا لبناء البلاد وحقيقة أننا وجدنا فيها بشرا’، قال له ديان. ‘حارب العرب الصهيونية. وكانت حرب 1948 حربا صبيانية بمفاهيم وسائل القتال اليوم. لكن 700 ألف عربي أصبحوا لاجئين آنذاك. وجاء 800 ألف يهودي من البلدان العربية. ولذلك لم تعد هي اليوم فلسطين’.
وورد ان براندت، ‘فوجئ برؤيته كثيرا من الأعيان العرب في الحفل’ الذي دُعي اليه. وهدأ ديان نفسه بقوله له: ‘لا بأس فالجميع يأتون. نحن نلاقي العرب طول الوقت’. وأضاف: ‘توجد حياة صداقة في الحياة اليومية ويوجد فرق بيننا وبينهم في المسألة السياسية’.
ويمكن ان نستدل من الوثيقة التي لخصت زيارة براندت لاسرائيل على كلام يثير الاهتمام قاله محاولا ان يشجع اسرائيل ازاء عدم استجابة العرب لتوجهات مئير. وقارن براندت ذلك بالاتصالات بين المانيا الغربية والمانيا الشرقية وروسيا التي تميزت في بادئ الامر بالشك وعدم الرغبة في الحديث. ‘في جلسة العمل قال (براندت) إن موقف العرب، كما وصفته رئيسة الحكومة (أي رغبتهم في محو اسرائيل عن الخريطة) لا يجب ان يسبب اليأس. فقد أراد الروس والمانيا الشرقية ابتلاع برلين الغربية، لكنهم اليوم ليسوا مستعدين فقط للحديث، بل للاعتراف بوجود برلين الغربية المستقل. ولا تنبغي استنتاجات مبالغ فيها من حقيقة ان المصريين رفضوا استقبال أوراق مع عنوان ما. فقد تم في مدى فترة طويلة تبادل أوراق لم تكن تعتبر وثائق بين المانيا الغربية والمانيا الشرقية، ولم تكن مكتوبة بحسب قواعد الاعتراف بين الطرفين. وأفضت الموافقة المتبادلة على هذا الاجراء آخر الامر الى التحادث’، قال براندت.
حرر الوثائق التي نشرت الآن حغاي سوريف من أرشيف الدولة. ومن المهم ان نذكر ان الكشف عن الوثائق انتقائي بصورة لا يمكن منعها. ولا يقل عن ذلك اثارة للعناية أن نعلم أي الوثائق لم تنشر بعد ولماذا. ونذكر ايضا انه ما زالت توجد أجزاء حذفتها الرقابة في الوثائق التي نشرت الآن.
يرفض مؤرخون مثل الدكتور يغئال كبنيس الذي كتب كتاب ’1973 الطريق الى الحرب’ (اصدار ‘دافير’ 2012) التأثر إن لم نشأ المبالغة بهذه الوثائق، لأن كبنيس يعتقد ان الشهادات الأرشيفية تكشف عن جزء هامشي لا شأن له من الصورة العامة، وان حصر العناية فيها قد يخفي اسهام مئير في نشوب الحرب.
وتوجد في الوثائق التي نشرت الآن ايضا قضية اخرى لا تقل اثارة للاهتمام، هي قضية علاقات اسرائيل بالمانيا في 1973 بعد وقت قصير من الازمة التي عرفتها العلاقة بين الدولتين، على أثر مذبحة الرياضيين الاسرائيليين في ميونيخ، وفشل اجهزة الامن الالمانية في احباطها، وسلوكها الفاشل مع المخربين المختطفين ساعات طويلة. وكانوا في اسرائيل بعد أقل من ثلاثين سنة من انتهاء الحرب العالمية الثانية ما زالوا حائرين في كيفية تعريف العلاقات بالمانيا الغربية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اصداء الحرب في سورية تتردد في اسرائيل
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
أصداء الحرب الاهلية في سورية سمعت أمس على مسافة أقرب من أي وقت مضى من الاراضي الاسرائيلية، حين قاتل جيش الاسد ووحدات الثوار على مدينة القنيطرة، المحاذية للحدود على هضبة الجولان. رجال المعارضة، في محاولة لعرض انجاز سريع بعد الفشل في المعركة على بلدة القصير الاستراتيجية هاجموا منذ ساعات الصباح القنيطرة ومعبر الحدود المجاور لها.
منذئذ تدور هناك معارك شديدة، ومراقبو الامم المتحدة، الذين يحتفظون بصعوبة باستحكاماتهم في الطرف السوري من الحدود، يفكرون الان بجدية بالانسحاب والتمترس في الطرف الاسرائيلي، حتى ان كان الامر يضر بما تبقى لهم من دور كقوة فصل بين الدولتين. وقد أعلنت النمسا منذ ظهر امس انها قررت اخلاء رجالها في قوة المراقبين في ضوء الخطر على حياتهم.
تصعيد الحرب في معارك الحدود هو سبب لقلق اسرائيلي. فارتفاع مستوى الثقة بالنفس لدى الرئيس بشار الاسد بعد انتصاره في القصير، المجاورة للحدود السورية اللبنانية، قد يشجعه على مواصلة الطريق الى عمليات رد ضد اسرائيل، اذا ما حققت هذه تهديدها وهاجمت في المستقبل قوافل تنقل وسائل قتالية متطورة من سورية الى حزب الله. ولا بد أن الاسد شعر بنفسه مدينا جدا لايران ولحزب الله على المساهمة المهمة التي قدمها مقاتلو المنظمة اللبنانية لنجاحه في القصير.
مع ذلك، يدعي مسؤولون في جهاز الامن بانه سيكون من الخطأ المبالغة في قيمة انتصار النظام في القصير. وعلى حد قولهم، فان النجاح جاء بعد سلسلة اخفاقات طويلة في السنتين الاخيرتين، خسر فيها الاسد السيطرة على اكثر من نصف الاراضي السورية. وفي هذه اللحظة لا يمكن للنجاح أن يرجح الكفة في صالحه بشكل يؤدي الى هرب الثوار المسلحين الى مناطق منعزلة وبعيدة.
وتتطلع عيون كل الاطراف ـ نظام الاسد، الثوار وسلسلة من الدول المؤيدة للمعسكرين الخصمين ـ الى المؤتمر الدولي عن مستقبل سورية، الذي توجد نية لعقده هذا الشهر.
وتعتبر القصير في اسرائيل كخطوة تكتيكية، ورقة اخرى يلقيها النظام على الطاولة، الى جانب الدعم الروسي المتزايد وتهديد موسكو بتزويد دمشق بمنظومات صواريخ مضادة للطائرات متطورة من طراز اس 300. ومن الجهة الاخرى تهدد القوى العظمى المعارضة للنظام باوراق خاصة بها: رفع الحظر الاوروبي عن توريد السلاح للمعارضة السورية وتسريب الخطة الامريكية لانتهاج مناطق محظورة الطيران على مقربة من الحدود بين سورية وجيرانها.
ولا يدور الحديث الان فقط عن الحدود التركية، بل وعن الحدود الاردنية ايضا. فقد نشرت الولايات المتحدة هذه الايام قوات واسعة نسبيا وبطاريات مضادة للطائرات من نوع باتريوت في شمال الاردن، في اطار مناورة مشتركة. وتوجد امكانية لان تبقى البطاريات على الاراضي الاردنية، حتى بعد انتهاء المناورة، كخطوة اولى لانتهاج منطقة حظر طيران (وان كانت حاجة لفرضه بمعونة طائرات اعتراض).
الاردن، مثل بعض الجيران الاخرين لسورية، يعيش في هلع في ضوء تعقد الحرب الاهلية هناك. ويضطر الاردنيون على أي حال الى احتمال عبء نصف مليون لاجئ سوري على الاقل؛ ناهيك عن نحو مليون لاجئ عراقي في الاردن، وهو معطى يمكن أن يزداد في ضوء موجة العنف المتجددة التي تضرب العراق، الذي يتأثر هو ايضا بالحرب في سورية. ولكن الجار الاكثر قلقا هو على ما يبدو لبنان.
حزب الله لم يعد يخفي تدخله العميق في الحرب في سورية، ويتلقى على ذلك انتقادا شديدا من خصومه في لبنان. وفي المعارضة السورية ادعوا هذا الاسبوع ان المنظمة بعثت بنحو 15 الف مقاتل للمشاركة في المعارك، الكثير منهم للقتال في القصير، والتقدير يبدو مبالغا فيه للاذن الاسرائيلية، ولكن يحتمل أن يكون المقصود المتطوعين، رجال الميليشيات الشيعية في لبنان، المرتبطة جزئيا فقط بحزب الله. اما المنظمة نفسها فدفعت بما لا يقل عن 3 الاف مقاتل من وحداتها المختارة الى سورية. والتقدير السائد انه خسر حتى لان أكثر من 200 من مقاتليه في الحرب هناك.
في الميزان الاولي الاسرائيلي، توجد لهذا آثار ايجابية وسلبية على حد سواء: حزب الله يتآكل في القتال ويفقد عددا مهما من رجاله، ولكن في نفس الوقت يجمع تجربة كبيرة القيمة في قتال مديني مركب يمكن له أن يستخدمها في المستقبل ايضا في الصراع ضد الجيش الاسرائيلي. في هذه اللحظة، يبدو أن الضرر للمنظمة أكثر من المنفعة، ولكن يجب ألا نتجاهل ايضا المكسب المعنوي الذي يناله، كمن يحظى الان بالحظوة على حسم المعركة في القصير.
في الخلفية تطرأ تطورات مفاجئة اخرى تراها اسرائيل بعين الايجاب. وهكذا مثلا، الصدع العلني بين ايران، سورية وحزب الله وبين حماس، التي فرت من معسكرهم في ضوء المذبحة بحق اخوانها السنة في سورية. ويدعو عدد من مسؤولي حماس مؤخرا علنا الاسد لاعتزال منصبه، بينما يوثقون العلاقات مع قطر، التي تحاول ان تبدو في صورة السيد لحركات الاخوان المسلمين في كل ارجاء الشرق الاوسط.
بالمقابل، فان قادة الذراع العسكرية لحماس في غزة قلقون من الصدع مع ايران، ويخشون من أن الامر سيضر بتوريد السلاح الى المنظمة في غزة. ولكن الايرانيين ولا سيما رجال حزب الله، يجدون صعوبة في ان يغفروا للكلمة الاخيرة التي القاها يوسف القرضاوي في قطر، ودعا مستمعيه الى حمل السلاح ضد أبناء الشيطان من حزب الله.
وكان يجلس بين الجمهور بالمناسبة زعيم حماس خالد مشعل، الذي كان حتى قبل وقت قليل مضى ضيفا مرغوبا فيه في دمشق وفي طهران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ