Haneen
2013-06-16, 12:46 PM
اقلام واراء عربي 421
11/6/2013
في هذا الملــــف:
يقظة حماس وغياب الحكم
نيوتن/المصري اليوم
حلّ الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية: الايجابيات والعوائق
غادة الكرمي (كاتبة فلسطينية وباحثة في جامعة إكستر – بريطانيا) / الحياة اللندنية
لماذا تُعد قناة 'الجزيرة' الإخبارية قناة مثيرة للجدل؟
فايز شاهين(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
كن حيث شئت.. فلا يمكن ان اكون خلف امريكا واسرائيل
سائد العزة /القدس العربي
دعماً لعروبة القدس ورفضاً للتهويد والاستيطان
رأي الرأي الأردنية
رداً على القرضاوي: يجب أن يظل الصراع سياسياً
طاهر العدوان/الرأي الأردنية
إسرائيل و «اتفاق الرعاية» الأردني - الفلسطيني
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
صمت وصمود وغناء للنازحين الفلسطينيين
مادونا سمعان/السفير
رؤية للدولة الفلسطينية
ناجي صادق شراب/دار الخليج
سداسية حزيران
خيري منصور/دار الخليج
إسرائيل تصلى لمتظاهرى تقسيم
فهمي هويدي/الشروق المصرية
أسرار لقاء عمرو موسى وخيرت الشاطر
أحمد منصور/الشروق المصرية
1967 ومقابلة الأسرى الإسرائيليين
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
يقظة حماس وغياب الحكم
نيوتن/المصري اليوم
لا أؤيد حماس. أرفض أسلوبها. أحترم مقاومتها السابقة للاحتلال. كلمة «يقظة» فى العنوان ذات مدلول إيجابى. لا تعنى انحيازى لحماس. أقصد أنها انتبهت. تحركت فوراً. أصدرت بياناً. علقت على شهادة وزير الداخلية الأسبق اللواء محمود وجدى. قال إنها تورطت فى عملية تهريب نزلاء سجن وادى النطرون. كان بينهم الرئيس محمد مرسى. قال اللواء وجدى إن حزب الله شارك فى ذلك. قالت حماس: لم نتورط فى عملية التهريب!!
لم يكن بيان حماس واضحاً. تعليق إنقاذ موقف. قالت إن القوات المسلحة سمحت بالإفراج عمن وجدت أنهم سُجنوا ظلماً. لم تعلق القوات المسلحة. توجد تسجيلات لسجناء حماس تؤكد أنهم هربوا. اعترفوا بذلك فى احتفالات عامة. جريدة «المصرى اليوم» نشرت حواراً من قبل لأحدهم يروى فيه قصة الهروب. لا أذكر الاسم. كان قيادياً. فليساعدنى أحد القراء ويعثر على اسمه.
حماس وجدت أنها تتورط يوماً تلو آخر. وقائع القضية المنظورة تتابعها مصر كلها. الشهود الذين تابعت ما قالوا يدينون حماس. عملية تهريب. ليست ثورة هكذا. تدبير محدد. خطة سبق الاتفاق عليها. المحكمة لم تزل تنظر الأمر. المشكلة ليست فى دقة أو عدم دقة ما قالت حماس. المشكلة غياب الحكم. إصراره على الصمت. كل يوم توجه اتهامات إضافية إلى الرئيس. إلى من كانوا معه فى السجن. أحدهم كان رئيساً لمجلس الشعب. هو رئيس حزب الحرية والعدالة الآن. أحدهم محافظ. أسماء مرموقة. لا تنطق. الرئاسة لا تتكلم.
الدكتور يحيى نورالدين طراف بعث رسالة حول الموضوع. قال فيها: مع توالى جلسات قضية الهروب من سجن وادى النطرون، تتضح لنا حقيقة لا مثيل لها فى تاريخ مصر، وهى ضلوع رئيسها فى هجوم أجنبى على أراضيها واقتحام سجونها والعبث بأمنها القومى. نحن ننتظر ما ستسفر عنه المحاكمة فى النهاية، وإن كان ليساورنى شك عظيم فى بقاء شرعية مرسى يوماً واحداً بعدها. لن تسقط شرعيته فقط إذا ما اعتمدت المحكمة روايات الشهود ووضعت جميع الحقائق جنباً إلى جنب، وإنما قد يكون عرضة لتقديمه للمحاكمة، وإن غداً لناظره قريب.
انتهى تعليق الدكتور طراف. أضيف من جانبى. لماذا لا تعلق رئاسة الجمهورية. يمكنها أن تقول إن القضية منظورة أمام القضاء. يمكن أن تقول إنها لا تريد تدخلاً. يمكن للرئيس أن يرسل تعليقاً للمحكمة. أن يدافع عن موقفه. الآخرون الواردة أسماؤهم فى القضية يتجاهلون الموضوع. المصريون يتابعون القضية بشغف بالغ. ليس المهم أن الرئيس هرب أو لم يهرب. قد يقول إنه كان سجيناً سياسياً. الاتهام هو أن ذلك تم بمساعدة أجانب. حماس تكلمت. لكن الحكم يلتزم الصمت!!!!
حلّ الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية: الايجابيات والعوائق
غادة الكرمي (كاتبة فلسطينية وباحثة في جامعة إكستر – بريطانيا) / الحياة اللندنية
في الشهر الماضي، وبمناسبة الذكرى الخامسة والستين لنكبة فلسطين، التقت مجموعة صغيرة مؤلفة في شكل أساسي من أعضاء في حركة «فتح» في مدينة رام الله لإطلاق مبادرة طارئة وربما مهمّة تقضي بإنشاء دولة ديموقراطية واحدة في فلسطين التاريخية.
لم تكن الحاجة إلى اعتماد حلّ جديد لهذا النزاع أكثر إلحاحاً مما هي اليوم. إذ يواجه الفلسطينيون مخاطر من كلّ حدب وصوب. فمع مرور كلّ ساعة، تتمّ مصادرة المزيد من أراضي الضفة الغربية. تضمّ الضفة الغربية والقدس الشرقية حالياً نحو 500 ألف مستوطن يهودي يقيمون في أكثر من 130 مستوطنة منتشرة في أنحاء هاتين المنطقتين. وفي القدس، تسلّل عدد كبير من المستوطنين إلى البلدة القديمة فيما بقيت الأحياء العربية بمنأى عن الاحتلال الإسرائيلي. والجدير ذكره أنّه من المخطّط بناء ألف وحدة استيطانية أخرى في شهر حزيران (يونيو) الجاري.
لقد تمّت محاصرة قطاع غزة الذي يعدّ جزءاً أساسياً من أي دولة فلسطينية قد تقوم في المستقبل وتمّ فصله عن الضفة الغربية. كما تحكم حكومة «حماس»، المنشقة عن السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة «فتح» في الضفة الغربية، هذا القطاع ومن المرجّح أن يبقى هذا الوضع على حاله.
وفي ظلّ هذه الظروف، يدرك الفلسطينيون أنّ الوقت ليس حليفهم وأنّه لا يسعهم الوقوف مكتوفي الأيدي مع العلم أنّ هذا هو خيار إسرائيل المفضّل. هذه هي خلفية مبادرة حلّ الدولة الواحدة الجديدة. تدفع الولايات المتحدّة وبريطانيا، الغافلتان عن هذه الأحداث كافة، باتجاه تجديد محادثات السلام بين إٍسرائيل والفلسطينيين بهدف اعتماد حلّ الدولتين للنزاع. لقد هيمن هذا الحلّ على الخطاب السياسي على مدى عقود إلا أنّه لم يطبّق يوماً ولو جزئياً. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي لم يثبط ذلك من عزيمته، موجوداً في المنطقة في الشهر الماضي لإجراء محادثات مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بهدف حضهما على تطبيق حلّ الدولتين.
أما الموقف العربي الرسمي فهو نفسه. ففي الشهر الماضي، توجه وفد عربي إلى واشنطن بهدف طرح مبادرة سلام عربية معدّلة تعرض على إسرائيل تبادل الأراضي مع الفلسطينيين من أجل جرّ إسرائيل، التي تجاهلت لغاية اليوم كل مبادرة سلام مع الفلسطينيين، إلى حلّ الدولتين. كما ان هناك إجماعاً دولياً على أنّ هذا الحلّ هو المخرج الوحيد للأزمة على رغم كل شيء. لقد ظن الفلسطينيون، عقب اتفاقيات أوسلو التي أُبرمت عام 1993، أنّ حل الدولتين هو الأنسب. وكان ذلك ناتجاً في حالتهم عن يأسهم من إمكان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. لكن، في حالة المجتمع الدولي، يتماشى هذا الحل مع ما بدا ممكناً من الناحية السياسية نظراً إلى دعم أميركا الشديد لإسرائيل ومع رغبة المجتمع الدولي في الإبقاء على دولة يهودية حتى لو كان ذلك ضمن حدود مصغّرة.
إلا أنّ هذه الاقتراحات لحلّ الدولتين لا تأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض، بحيث يستحيل تخيّل كيفية قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة. لكنّ حلّ الدولتين لم يمت بعد. ولا بدّ أنّ الولايات المتحدّة تفكّر ببديل يناسب إسرائيل بشكل أفضل ويقوم على احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية، وإقامة «دولة» فلسطينية مؤلفة من مناطق معزولة في الضفة الغربية تفصلها عن بعضها الأراضي التي استولت عليها إسرائيل والتي يمكن ضمّ قطاع غزة إليها.
وبما أنّ هذه المناطق المعزولة لا يمكن أن تكون قابلة للحياة بمفردها، فستكون روابطها الاقتصادية والاجتماعية واتصالها إلى العالم الخارجي عبر الأردن. كما سيتمّ توسيع قطاع غزة باتجاه مصر، مع العلم أنّ إسرائيل طالما أرادت ذلك، وقد تبقى القدس تحت سيطرة إسرائيل الكاملة. ومع ان كلاً من الأردن ومصر رفضتا أفكاراً مماثلة لكننا نفترض أنّ الولايات المتحدّة تدفع باتجاه حصول أمر مماثل، وهي خطة من شأنها طمأنة إسرائيل وتقديم شيء إلى الفلسطينيين. ويخشى عدد كبير من الفلسطينيين أن توافق قيادتهم، التي لم يتمّ انتخابها والتي لا تمثلهم والتي تسعى برأيهم إلى البقاء في السلطة مهما كانت التكلفة على القضية الوطنية، على صيغة خطة مماثلة. وقد تكون هذه المخاوف مبالغاً فيها إلا أنّها تجعل النقاش الدائر حول الدولة الواحدة أكثر إلحاحاً.
تكمن مشكلة حلّ الدولة الواحدة في إمكانية تطبيقها أكثر من الرغبة فيها. فهناك عوائق كبيرة تعترض طريقها. إذ ثمة إجماع دولي قوي على حلّ الدولتين إلى جانب عزم إسرائيل على البقاء دولة يهودية تمنح مواطنيها اليهود الافضلية على غيرهم. وسيكون التوصل إلى إجماع دولي بديل على دولة موحدة تحلّ مكان حلّ الدولتين الذي تمّ القبول به، شاقاًً وبطيئاً. وبما أنّ الوقت يفيد إسرائيل وحدها، فإن الأولوية بالنسبة الى الفلسطينيين يجب ان تكون في التحرك الآن.
لا يمكن أن يكون الوضع الحالي أفضل بالنسبة إلى إسرائيل وحلفائها. إذ ثمة قيادة فلسطينية سهلة الانقياد تنشئ وهم المساواة بين الاحتلال والمحتل، الأمر الذي يحرّر إسرائيل من مسؤولياتها القانونية كقوة محتلة، وهناك عملية سلام طويلة تقدّم غطاء للاحتلال الإسرائيلي فضلاً عن جمود دولي وشعب فلسطيني مقسّم وعاجز عن المقاومة. ويعد الفلسطينيون أكبر الخاسرين من هذا الوضع ويجدر بهم العمل على إسقاطه.
تعتبر إسرائيل وفلسطين اليوم دولة واحدة غير أنها دولة فصل عنصري تميّز بين من هم من غير اليهود. وتكمن مهمة الفلسطينيين في محاربة نظام الفصل العنصري وخوض نضال ليس من أجل إقامة دولة فلسطينية مستحيلة بل من أجل الحصول على حقوق متساوية في ظل الحكم الإسرائيلي. وعليهم أولاً أن يفككوا السلطة الفلسطينية التي تخفي الوضع الحقيقي ومن ثم مواجهة إسرائيل، حاكمهم الحالي مباشرة. وباعتبار انهم شعب محروم من أي دولة وخاضع للاحتلال العسكري، يجب أن يطالبوا بالحقوق المدنية والسياسية المتساوية تماماً كالمواطنين الإسرائيليين. وقد يجبر ذلك إسرائيل على الرد. فإما أن تتجاهل الخمسة ملايين فلسطيني الذين تحكمهم أو تفرغ أراضيهم أو تمنحهم حقوقاً متساوية.
سترفض إسرائيل ذلك كلّه لكنّ كل ما تفعله لن يصب في مصلحتها. وسيقضي بذلك الفلسطينيون وبضربة واحدة على هيمنة إسرائيل على الخطاب السياسي وسيغيرون قواعد اللعبة القاتلة التي تلعبها ضدهم.
لن تلقى هذه الاستراتيجية رواجاً في صفوف الفلسطينيين الذين لا يرغبون في أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين من الدرجة الثانية. لكن، هل حياتهم أفضل الآن تحت الاحتلال؟ وهل من خيار آخر في ظلّ الظروف الحالية؟ أظنّ أنه في حال اعتمدوا هذه الخطة، لن يخسروا أي شيء باستثناء أوهامهم، وعند هذا المفترق الخطير في التاريخ الفلسطيني قد يكون هذا السبيل الوحيد لتفادي اضمحلال قضيتهم. ستكون الطريق قاسية ومؤلمة أمامهم لكنّها تشكّل فرصة لبناء الدولة الديموقراطية الواحدة التي تطمح إليها مجموعة رام الله والتي ستسمح للاجئين بالعودة إلى أرض أجدادهم.
دراسة مقارنة بين كل من قنوات ‘الجزيرة’ و’العربية’ و’الحرة’
لماذا تُعد قناة 'الجزيرة' الإخبارية قناة مثيرة للجدل؟
فايز شاهين(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
يكثر الحديث بين الإعلاميين والمهتمين بالإعلام عن تغطيات القنوات الإخبارية للأحداث الساخنة في منطقتنا العربية ويقارنون بينها باستمرار، كموضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. عند تتبع آراء المهتمين بهذه التغطيات، يُلاحظ أن آراءهم غير مبنية على أسس واحصائيات علمية، بل على أهواء ومواقف شخصية تناسب انتماءاتهم السياسية والفكرية ومصالحهم الذاتية.
لقد بحثت في موضوع التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في رسالتي للدكتوراه التي حملت العنوان التالي: ‘التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في النشرات الإخبارية الرئيسية لكل من قناة الجزيرة ‘حصاد اليوم’ وقناة العربية ‘أخبار السادسة’ وقناة الحرة ‘العالم اليوم’. الدراسة اعتمدت على جميع التقارير التي’بُثت عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في القنوات الثلاث طوال أشهر أيار/مايو وحزيران/يونيو وتموز/يوليو من عام 2005.
في هذا المقال سأعرض نتائج التحليل الكمي النوعي الخاصة بظهور الجهات الفاعلة في الصراع، من فلسطينيين وإسرائيليين ووسطاء دوليين، في كل من المقابلات الإخبارية والتقارير الإخبارية المصورة والتصريحات السياسية، كما ظهرت في الفترة الزمنية موضوع الدراسة، مركزاً على الجهات الفاعلة الفلسطينية بصورة خاصة.
الجهات الفاعلة في المقابلات الإخبارية:
وهي المقابلات التي تجريها القنوات الإخبارية الثلاث في نشرات أخبارها الرئيسية مع سياسيين وخبراء ومحللين سياسيين وصحافيين وغيرهم للتعمق في خبر ما. في فترة الدراسة أجرت قناة الجزيرة الإخبارية 52 مقابلة مع فلسطينيين و13 مقابلة مع إسرائيليين و11 مقابلة مع وسطاء دوليين و7 مقابلات إخبارية فقط مع مراسليها. أما العربية فأجرت 36 مقابلة مع فلسطينيين و7 مقابلات مع إسرائيليين و7 مقابلات مع وسطاء دوليين و12 مقابلة مع مراسليها. في حين أجرت قناة الحرة 7 مقابلات إخبارية مع فلسطينيين و5 مع إسرائيليين و3 مقابلات مع وسطاء دوليين و17 مقابلة إخبارية مع مراسليها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
الملاحظ هنا أن قناتي الحرة والعربية تجريان مقابلات مع مراسليها أكثر من قناة الجزيرة. أن تجري قناتي العربية والحرة مقابلات مع مراسليها يعني’أنها تسعى لتقديم معلومات إخبارية موضوعية عن الحدث لمشاهديها. أما إقبال قناة الجزيرة على إجراء مقابلات إخبارية مع غير مراسليها، يؤشر إلى أن القناة تسعى للحصول على وجهات نظر عن الحدث وتفسيرات له. وهذا أمر يخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي لدى المشاهدين. إذ من الممكن أن يقبل المشاهد وجهة نظر المراسل باعتباره محايداً وموضوعياً، أما الآراء التي تُعبّر عنها أطراف سياسية في صراع ما، فتخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي والحزبي وتسمح بشق صفوف المشاهدين. ومن هنا تُصبح القناة نفسها محل جدل.
لو أخذنا ظهور الفلسطينيين وحدهم في المقابلات الإخبارية، سنجد أن الجزيرة أجرت 86′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيين و4′ مع محللين سياسيين و10′ مع فئات مجتمعية أخرى. أما قناة العربية فأجرت 72′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيين و14′ مع محللين سياسيين و14′ مع فئات مجتمعية أخرى. أما قناة الحرة فأجرت 86′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيين و14′ مع محللين سياسيين ولم تُجرِ مقابلات إخبارية مع فئات أخرى.
الملاحظ هنا أن الجزيرة لا تعطي مجالاً للمحللين السياسيين الذين هم في العادة محللون محايدون كما تعطي كل من قناتي العربية والحرة مجالاً لهم. عدم منح قناة الجزيرة مجالاً أوسع للمحللين السياسيين المحايدين، يخل في توازن التغطية الإعلامية، إذ يقع معظم ثقل التغطية على آراء الخصوم السياسيين المتضاربة، من دون وجود آراء محايدة وموضوعية بحجم وثقل مناسبين توازن آراء السياسيين. ما يجعل المشاهد يظن أن القناة تركز على اختلاف الآراء وأنها تسعى لإذكاء الخلافات بين الخصوم السياسيين.
لو وزعنا السياسيين الفلسطينيين في المقابلات الإخبارية على أحزابهم السياسية، لوجدنا أن الجزيرة تجري 59′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، و11′ مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، و4′ مع حركة الجهاد الإسلامي، و4′ مع المبادرة الفلسطينية، و2′ مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و6′ مع سياسيين مستقلين. أما قناة العربية فتجري 46′ من مقابلاتها الإخبارية مع حركة فتح، و16′ مع حركة حماس، و3′ مع الجبهة الشعبية، و6′ مع سياسيين فلسطينيين مستقلين. في حين تجري قناة الحرة 43′ من مقابلاتها الإخبارية مع حركة فتح، و29′ مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، و14′ مع سياسيين فلسطينيين مستقلين.
أي أن قناة الجزيرة أجرت مقابلات إخبارية مع خمس حركات فلسطينية من مجموع ست حركات (الحركة الوحيدة التي لم تُجرٍ معها قناة الجزيرة مقابلات هي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين). وقناة العربية أجرت مقابلات إخبارية مع ثلاث حركات من أصل ست، لم تكن حركة الجهاد الإسلامي منها. أما قناة الحرة فأجرت مقابلات إخبارية مع حركتين سياسيتين فلسطينيتين فقط من أصل ست، لم تكن حركتا حماس والجهاد منها. أي أن قناة الجزيرة تلتزم هنا ببُعد مهم من أبعاد جودة الأخبار، وهو بُعد تنوع آراء أطراف الصراع.
يبدو أن مجرد سماح قناة الجزيرة لممثلي الحركات الإسلامية بالظهور في مقابلات نشرات أخبارها، في الوقت الذي تتجنب فيه قنوات أخرى ذلك، يجعلها تبدو مختلفة عن غيرها، ويتصوّر المشاهد أنها تدعم الحركات والأحزاب السياسية الإسلامية، في حين أن النتائج تُثبت أن الحركات العلمانية (كحركة فتح الفلسطينية مثلاً) تظهر في نشرات قناة الجزيرة أكثر من الحركات الإسلامية وبفارق كبير. فإن كان العلمانيون يطالبون قناة الجزيرة بالتوازن، يعني أن على الجزيرة زيادة عدد مرات ظهور سياسيي حركة حماس بنسبة 24′ مما هو عليه الحال الآن، حتى تتعادل مع حركة فتح العلمانية، وقس هذا الأمر على جميع الحركات الإسلامية في البلاد العربية.
كذلك من الملاحظ أيضاً أن نسبة ظهور سياسيي حركة حماس الإسلامية في قناة العربية أكثر من نسبة ظهورهم في قناة الجزيرة. إذ أن نسبتهم في قناة العربية تبلغ 16′ أما في قناة الجزيرة 11′ فقط. وكذلك المدة الزمنية التي منحتها قناة العربية لسياسيي حركة حماس أطول من المدة الزمنية التي منحتها قناة الجزيرة لهم، إذ منحت قناة العربية 15′ من مجموع مدة مقابلاتها لحركة حماس، أما الجزيرة فمنحتها 13′ فقط. على الرغم من ذلك لا أحد يتهم قناة العربية بالتحيز للحركات الإسلامية في فلسطين بعكس قناة الجزيرة.
الجهات الفاعلة في التقارير الإخبارية:
وهي الجهات التي تقتبس القنوات الثلاث أقوالاً لها في تقاريرها الإخبارية. في فترة الدراسة تم إحصاء 911 اقتباساً لأطراف الصراع من فلسطينيين وإسرائيليين ووسطاء دوليين في التقارير الإخبارية. كان نصيب قناة الجزيرة منها 225 اقتباساً، وقناة العربية 236 اقتباساً، أما قناة الحرة فكان نصيبها 400 اقتباس صوتي.
إن ارتفاع عدد الاقتباسات الصوتية لدى قناتي العربية والحرة مرتبط بارتفاع عدد التقارير الإخبارية المصورة لديهما، خاصة ارتفاع عدد تقارير المراسلين مقارنة بالجزيرة، إذ بلغت نسبتها لدى قناتي العربية والحرة 22′ لكل واحدة منهما، في حين بلغت نسبتها 14′ فقط لدى قناة الجزيرة. إن قلة التقارير الإخبارية للمراسلين وزيادة المقابلات الإخبارية لدى قناة الجزيرة، يسمح بتقليل المعلومات الإخبارية المحايدة لصالح الآراء السياسية المثيرة للجدل، مما يخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي لدى جمهور المشاهدين.
لو أخذنا السياسيين الفلسطينيين وحدهم لدراسة ظهورهم في التقارير الإخبارية، لوجدنا أن القنوات الثلاث قد بثت ما مجموعه 383 اقتباساً صوتياً لهم. كان نصيب قناة الجزيرة منها 70 اقتباساً، وقناة العربية 105 اقتباسات، وقناة الحرة 208 اقتباسات.
في قناة الجزيرة كان نصيب حركة فتح 55′ من مجموع اقتباساتها للسياسيين الفلسطينيين، أما حركتا حماس والجهاد الإسلامي 9′ لكل واحدة منهما، و6′ للجبهة الشعبية، و3′ لكل من المبادرة الفلسطينية والجبهة الديمقراطية وحركة فدا الفلسطينية، أما السياسيون المستقلون فكان نصيبهم 12′.
في قناة العربية كان نصيب حركة فتح 64′، و10′ لحركة حماس، في حين نالت كل من حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية 4′، الجبهة الديمقراطية 6′، حركة فدا 2′، والمستقلون 10′، في حين لم تنل المبادرة الفلسطينية أي نسبة.
في قناة الحرة كان نصيب حركة فتح 61′، وحركة حماس 9′، والجهاد الإسلامي 6′، أما الجبهة الشعبية والمبادرة الفلسطينية فنالت كل واحدة منهما 4′، والجبهة الديمقراطية وفدا 1′، أما المستقلون فكان نصيبهم 14′.
من الواضح هنا أيضاً أن حركة فتح تتصدر جميع الحركات الفلسطينية وبفارق كبير. ومن الملاحظ أن نسبة اقتباسات سياسيي حماس في قناة الجزيرة أقل من نسبتها في قناة العربية وتتعادل في نسبتها مع قناة الحرة. وهذا دليل آخر على أن قناة الجزيرة لا تحابي حركة حماس الاسلامية على حساب حركة فتح العلمانية.
الجهات الفاعلة في التصريحات السياسية
المقصود بالتصريحات السياسية هي التصريحات التي يُدلي بها سياسيون مهمون وتكون خبراً مستقلاً بذاته. لو وزعنا التصريحات السياسية على أطراف الصراع الثلاثة، لوجدنا أن قناة الجزيرة قد بثت من مجموع تصريحاتها 30 تصريحاً للفلسطينيين (71′)، و8 للإسرائيليين (19′) و4 للوسطاء الدوليين (10′). أما قناة العربية فبثت 14 تصريحاً للفلسطينيين (64′) من مجموع تصريحاتها، و6 للإسرائيليين (27′)، و2 للوسطاء الدوليين (10′). في حين بثت قناة الحرة 13 تصريحاً للفلسطينيين (42′) و10 للإسرائيليين (32′) و8 للوسطاء الدوليين (26′).
من هذه الاحصائية يتضح أن قناة الجزيرة لا تحابي الاسرائيليين على حساب الفلسطينيين، بل إن نسبة ورود تصريحات السياسيين الإسرائيليين في كل من قناتي العربية (27′) والحرة (32′) أكثر بكثير من ورودها في قناة الجزيرة (19′).
لو أخذنا تصريحات الفلسطينيين وحدهم لوجدنا أن قناة الجزيرة بثت 17 تصريحاً لسياسيي حركة فتح، و10 تصريحات لحركة حماس، وتصريحين لحركة الجهاد الاسلامي. أما قناة العربية فبثت 12 تصريحاً لحركة فتح، وتصريحا واحد لكل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في حين لم تبث قناة الحرة إلا 13 تصريحاً لسياسيي حركة فتح، أما الحركات الإسلامية فلم تحظ لدى الحرة بأي تصريح.
من الواضح هنا أن عدم توازن القنوات الأخرى بين الحركات الفلسطينية في تغطيتها الإعلامية، يُظهر قناة الجزيرة التي تسعى للتوازن بينها وكأنها منحازة للحركات الإسلامية. مع العلم أن التوازن شرط أساسي من شروط المهنية وجودة الأخبار.
يمكن تلخيص كل ما سبق بالنقاط التالية:
إن إجراء قناة الجزيرة مقابلات إخبارية مع السياسيين أكثر من مراسليها، يفتح باباً للاستقطاب السياسي لدى المشاهدين، وبالتالي يشعر المشاهد أن القناة مثيرة للجدل.
عدم منح قناة الجزيرة مجالاً أوسع للمحللين السياسيين المحايدين، يجعل المشاهد يظن أن القناة تركز على اختلاف الآراء وأنها تسعى لإذكاء الخلافات بين الخصوم السياسيين.
سعي الجزيرة للتنوع في آراء الأطراف المتنازعة في قضية ما بعكس القنوات الأخرى يخلق منها قناة مثيرة للجدل، مع العلم أن بُعد التنوع في التغطية الإعلامية من أهم أبعاد جودة الأخبار.
تجنب المحطات الأخــــرى الحديث مع المعارضة الإسلامية في بعض أشكال عرضها الإخبارية، يُظهر الجزيرة وكأنها منحازة إلى التيارات الإسلامية.
إن قلة التقارير الإخبارية للمراسلين يسمح بتقليل المعلومات الإخبارية المحايدة لصالح الآراء السياسية المثيرة للجدل، مما يخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي لدى جمهور المشاهدين. مع أن قصد الجزيرة من ذلك إفساح مجال أكبر لأطراف الصراع للتعبير عن آرائهم، ولا تقصد إذكاء النعرات السياسية والحزبية.
النتائج تبين أن قناة العربية تتحدث أكثر إلى سياسيي حركة حماس وتمنحهم وقتاً أطول في نشرات أخبارها من قناة الجزيرة. وعلى الرغم من ذلك تُتهم الجزيرة بالتحيز لحركة حماس بعكس قناة العربية.
قناة الجزيرة لا تحابي الاسرائيليين على حساب الفلسطينيين، بل إن نسبة ورود تصريحات السياسيين الإسرائيليين في كل من قناتي العربية والحرة أكثر بكثير من ورودها في قناة الجزيرة.
عدم توازن القنوات الأخرى بين الحركات الفلسطينية في تغطيتها الإعلامية، يُظهر قناة الجزيرة وكأنها منحازة للحركات الإسلامية. مع العلم أن التوازن في نشرات الأخبار شرط أساسي من شروط المهنية وجودة الأخبار.
إن التزام قناة الجزيرة بالمهنية وحرصها على جودة أخبارها من حيث إبرازها لتنوع الآراء، وتعدد ظهور أطراف الصراع في تغطيتها الإعلامية لقضية ما، وسعيها للتوازن بينها، يخلق منها قناة مثيرة للجدل. فهل يطالب منتقدو قناة الجزيرة بأن تكون القناة غير مهنية ولا متوازنة وخالية من تنوع الآراء، حتى تُرضي رغباتهم؟
كن حيث شئت.. فلا يمكن ان اكون خلف امريكا واسرائيل
سائد العزة /القدس العربي
مهما كانت انتقاداتك وتحفظاتك على القائد السوفييتي جوزيف ستالين، مهما كانت وجهة نظرك السياسية تجاه الاتحاد السوفييتي وطبيعة حكمه طوال مسيرته موافقا له او معارضا الا انك لا تملك سوى الانحناء اكراما وتقديرا للجيش الاحمر والشعب السوفييتي وتضحياته بمواجهة جيش النازية الهتلرية بمعركة ستالينغراد. تلك المعركة التي شكلت نقطة تحول في مسير الحرب العالمية الثانية، وادت الى انكسار الجيش الالماني واندحاره بعد معركة استمرت دون توقف ولو لدقيقة واحدة لمدة 180 يوم، قدم فيها أهالي المدينة وجيشها اسمى صور التضحية والبطولة الانسانية في الدفاع عن أرض الوطن ضد الغزاة، لتصبح المدينة بعد انتهاء الحرب محجا للزوار من كل العالم قادمين لاستلهام روح الصمود والتحدي والوطنية التي لم تنقذ المدينة فقط وانما انقذت البشرية وحضارتها من همجية هتلر ومشروعه المدمر.
ومهما كانت انتقاداتك وتحفظاتك على القائد السوري بشار الأسد وبطبيعة الحال السيد حسن نصرالله فانك لا تستطيع انكار انجازات الجيش العربي السوري وتضحيات افراده وبطولة الشعب السوري وحزب الله بصمودهم الاسطوري على مدى أكثر من عامين بحربهم ضد الارهابيين من جبهة النصرة والقاعدة ومشروعهم الممول من دول اقليمية وعالمية الرامي لاسقاط الدولة السورية ، تلك القوى الارهابية التي دخلت الأراضي السورية بتمويل اجنبي لتسرق حركة الاحتجاج بداخل الشعب السوري ومطالبه الاصلاحية نجحت بخطف القيادة واصبحت الطرف الاساسي بالصراع مع النظام والجيش والشعب السوري.
هذه القوى ومكونها الاساسي من المقاتلين الاجانب القادمين لسورية من شتى انحاء العالم؛ نجحت باحتلال مدينة القصير منذ أكثر من عام،هذه المدينة التي تقع على مفصل الطرق الواصل بين سورية ولبنان لتصبح المدينة فاصل بشري وجغرافي يقطع التواصل بين الجيش العربي السوري وحليفه على الحدود اللبنانية من مقاتلي حزب الله وبنفس الوقت مصدر للامداد العسكري واللوجستي للمعارضة،لذا اتت معركة القصير كمعركة مصيرية باعتراف جميع المحللين العسكريين والسياسين فالنصر والحسم لاحد الطرفين عسكريا يصب سياسيا في المفاوضات بين الروس والامريكان بجنيف 2.
بفجر الخامس من حزيران سيطر الجيش العربي السوري على القصير واعادها لحضن الدولة السورية بعملية نوعية لم تخرج كافة تفاصيلها؛ الا ان العنوان الرئيسي لها هو الاحترافية بالتنسيق والتكامل بين عناصر الجيش العربي السوري والمقاتلين من حزب الله، وبالمناسبة لا داعي لاستنكار تدخل حزب الله ومشاركته بالقتال لا سيما اذا ما عرفنا ان من بين جبهة النصرة مقاتلين من معظم الدول العربية والاوروبية وكندا واستراليا والسبب الاخر انه وبعد الاعتداء ‘الاسرائيلي’ الاخير على سورية في الشهر الماضي كان الرد السوري متطابقا مع رد حزب الله وهو تغير قواعد الأشتباك مع العدو الصهيوني بمعنى ان ما كان محظورا على الدولة السورية نتيجة لاتفاق التهدئة بعد حرب تشرين بالعام 1973 لم يعد كذلك فأعلنت سورية دعمها اللامحدود لحزب الله واعلن السيد حسن نصرالله دعمه للمقاومة السورية.
نعم وكما حال ستالينغراد هو حال القصير مدمرة البنى والبنيان ولايخلو بيت او عمارة من اثار قذيفة او انفجار لغم، ولاتخلو عائلة من شهيد او جريح نزف دمه على ارضها لكن وكما نهضت ستالينغراد ستنهض القصير من تحت الرماد لتصبح حمص أجمل وسورية الاجمل.
انتصار الدولة السورية بجيشها وشعبها وقيادتـــها بالقصـــــير هو نصر لحلفاء سورية في ايران الشيعية والصين الشـــــيوعية على حد السواء،هو انتصـــــار للجناح العسكري السني لحركة المقاومة الاسلامية حماس على الجــــناح السياسي السني للحركة، هو انتصار للقوى والتيارات الشعبية والجماهير العــــربية التي لا ترى سورية سوى حرة الارادة والمشــروع خارج الاملائات العسكرية والاقتصادية والسياسية لحلف الناتو والبنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية.. هزيمة قوى الارهاب بالقصير هو هزيمة لاردوغان وحمد والحمدلله هزيمة لحملات التضليل الأعلامي وناشري الفتن المذهبية والطائفية بالمنطقة و هزيمة لعالمية هذا الأعلام المتحكم به صهيونيا.
دعماً لعروبة القدس ورفضاً للتهويد والاستيطان
رأي الرأي الأردنية
حسم جلالة الملك عبدالله الثاني في شكل لا يقبل التأويل او الاجتهاد أو أي تفسيرات مغايرة الموقف الاردني الثابت والمعلن والمبدئي والمستند الى تراث هاشمي في الحفاظ على عروبة القدس ودعم صمود أهلها والتصدي لكل الاجراءات الاسرائيلية التي تستهدف تغيير هوية المدينة وعروبتها, وذلك خلال استقبال جلالته يوم أمس في عمان البطريرك كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والاردن.
من هنا وفي اطار القراءة الملكية العميقة لطبيعة الصراع وتعقيدات المشهد الاقليمي والمخاطر التي تتهدد القدس وهويتها العربية الاسلامية والمسيحية, جاءت اشارة جلالته اللافتة الى ان استمرار اسرائيل في عمليات الاستيطان يقوض فرص تحقيق السلام, لتضع الامور في سياقها الطبيعي وبخاصة ان التقويض هذا يطال أيضاً الجهود المبذولة لإعادة اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين استناداً الى حل الدولتين الذي إذا ما طبق ووجد طريقه الى التنفيذ فإنه سيفضي وبالضرورة الى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعلى خطوط الرابع من حزيران 1967.
من جهة اخرى وفي اطار تأكيد جلالة الملك على مواصلة مسيرة الاصلاح الشامل وبناء الاردن النموذج الذي تتحقق فيه الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص, جاء استقبال جلالته في عمان يوم أمس, وفد جمعية دواوين المظالم المتوسطية ليعكس في جملة ما يعكسه اهتمام قيادتنا, بلدنا وشعبنا بتحقيق وتطوير اسس العدالة وترسيخ سيادة القانون والشفافية في اطار منظومة النزاهة والاداء العام ومسيرة الاصلاح الشامل في الاردن ما يستدعي أيضا وكما لفت جلالة الملك الى اهمية التنسيق بين مؤسسات دواوين المظالم في حوض البحر الابيض المتوسط, بما يضمن دعمها وتقوية عملها والنهوض بها وتبادل الخبرات فيما بينها وبخاصة ان اختيار الجمعية الاردن لعقد مؤتمرها السنوي السابع تحت معالجة افضل للمنظمات الادارية انما يشكل تقديرا للاردن واعترافا بما ينهض به من اصلاح افقي وعامودي وبما يسعى الى تحقيقه من خلال تعزيز قيم حماية الديمقراطية وسيادة القانون وتعزيز السلم الاجتماعي في حوض البحر الابيض المتوسط وهي اهداف تلتقي مع اهداف الجمعية ذاتها التي عبرت عن اعجابها بالتجربة الاردنية وريادتها في هذه المجالات.
رداً على القرضاوي: يجب أن يظل الصراع سياسياً
طاهر العدوان/الرأي الأردنية
دعا الشيخ الجليل عبد الرحمن القرضاوي إلى (الجهاد) في سوريا داعياً الأفراد والملوك والقادة في الدول الإسلامية إلى مواجهة ايران وحزب الله والميليشيات المذهبية القادمة من العراق وغيرها التي تجمعت في سوريا لمساعدة (الطاغية) في قتل شعبه. ومع ان الشيخ حرص خلال لقائه مع فضائية العربية على التأكيد بانه ليس ضد الشيعة ولا العلويين إنما ضد (هؤلاء المتعصبين منهم) الذين يثيرون الفتنة، إلا ان في دعوة الشيخ العالم، الكثير من المحاذير والمخاطر.
لقد بدت دعوة القرضاوي وكأنها رد على خطاب نصر الله الشهير الذي يطفح بالتحريض المذهبي ويفيض بكل ما في تراث الطائفية البغيض من تمجيد لاهدار الدماء بين صفوف الأمة وهو ما فعله في القصير مع المرتزقة الآخرين، وكان على الشيخ ان يواجه هذا السعار المذهبي بما يقطع الطرق عليه ويجنب العرب والمسلمين الوقوع في الشرك القديم الجديد الذي يريده لهم الصهاينة والحاقدون الموتورين من دعاة إهدار دماء المسلمين على الهوية الطائفية او بدعوى التكفير وغيره رجوعاً إلى ما في الكتب الصفراء العائدة الى زمن الفتنة الكبرى قبل ١٤ قرناً.
لقد اعلن الشيخ القرضاوي ان مؤتمراً جامعاً لعلماء المسلمين سيعقد نهاية هذا الأسبوع في القاهرة لتدارس الموقف من سوريا ونأمل ان يكون هذا المؤتمر مناسبة لوأد الفتن في مهدها وقطع كل الطرق عليها وليس لتدشين حرب سنية شيعية تأكل الاخضر واليابس. فالصراع في سوريا في غاياته كان ولا يزال سياسياً، الشعب السوري لم يعلن ثورته ويقدم كل هذه التضحيات الجسيمة بالأرواح والممتلكات من اجل فتوى دينية، إنما من اجل إقصاء حاكم تورث السلطة عن اب انتزعها قبل ٤٣ عاما بانقلاب عسكري، والأب والابن في رقبتهما الاف الضحايا وفي ادائهما طغيان وظلم يفوق ما في كوريا الشمالية.
حزب الله لا يمثل شيعة لبنان وعندما يقف علماء مثل محمد حسن الأمين وهاني فحص و٦ آخرون ضد تدخل الحزب في سوريا فهم يعبرون عن روح هذه الطائفة الكريمة بينما يحصد حسن نصر الله الولاء له من المئة مليون دولار التي يتلقاها شهرياً من خامئني ليشتري فيها الفقراء من الجنوب والضاحية. ونظام الملالي في طهران لا يمثل الشعب الإيراني، لقد استغرب العالم كله كيف قمع هذا الشعب بلا رحمة في الانتخابات الرئاسية قبل الحالية، وعدد اللاجئين الإيرانيين في أوروبا وأمريكا والعالم يقاربون الثلاثة ملايين هاربون من نظام يحاكي العصور الوسطى، فالشعب يزداد فقراً فيما الملالي وأبناؤهم يمسكون باقتصاد البلاد وتجارته.
(السنة) او الجماعة في الأمة الإسلامية التي تمثل أكثر من مليار مسلم او الغالبية العظمى، والتي يتحدث القرضاوي باسمها وكذلك العلماء الذين سيجتمعون في القاهرة يجب ان لا تجر إلى ساحات فتن يخطط لها حكام طهران الذين يوظفون المذهبية من اجل بسط نفوذهم وسيطرتهم على العالم العربي. مواجهة هذا المخطط في سوريا وغير سوريا هي مهمة الدول التي تقف حكوماتها متفرجة على شلالات الدم السوري المستباح ولا تحرك ساكنا امام الاعتداء الروسي الإيراني الصارخ على الامن القومي العربي.
على الدول العربية ان تقوم بدورها السياسي والمالي في مساندة الشعب السوري وثورته وفي المقدمة رفع الحصار عن ما يحتاج من سلاح وعتاد لدحر الطاغية وآلته التي توغل في الدم السوري، هذا هو السبيل لوأد الفتنة وإخراج الإيرانيين وعصابات نصر الله الطائفية من سوريا، كما ينطبق الحال على كل جماعة اندست بين صفوف الشعب لتسلبه ثورته وتحرفها عن أهدافها كي تواصل سفك الدماء كما نشهد من أفعال قرائنها اليوم في بنغازي وطرابلس ليبيا.
إسرائيل و «اتفاق الرعاية» الأردني - الفلسطيني
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
لم ننتظر من نتنياهو وحكومته، احترام الاتفاق الأردني – الفلسطيني بخصوص المقدسات ورعايتها، لأن إسرائيل لم تحترم أصلاً، ما ورد في اتفاقية وادي عربة بهذا الخصوص..حكومةٌ لم تحترم توقيعها والتزاماتها، لن تحترم اتفاقات لم توقع عليها، ولم تكن طرفاً فيها..وهذا بالضبط، ما قاله بينامين نتنياهو قبل يومين على أية حال.
قبل التوقيع على الاتفاق المذكور، وبالأخص بعده، حرصت إسرائيل على توجيه رسائل قاطعة في دلالاتها: القدس بما فيها وعليها، فوق الأرض وتحتها، هي العاصمة الأبدية الموحدة لـ”الدولة اليهودية”: كثفت مشاريعها الاستيطانية كما لم يحدث منذ سبع سنوات وفقاً لآخر التقارير، وتعمدت تسهيل “الانتهاكات” و”الارتكابات” بحق الأقصى والمقدسات، وسمحت لقطعان المستوطنين وغلاة المتطرفين بتدنيس ساحاته وبواباته، غير آبهة لا بتوقيعها على المعاهدة التي كفلت الرعاية الأردنية للمقدسات، وغير ملتفتةٍ إلى الاتفاق الأردني – الفلسطيني بهذا الشأن.
قلنا من قبل، ونقول اليوم، أن ليس للأردن أو للسلطة من تأثير أو “دالة” على الطبقة السياسية – الأمنية الحاكمة في إسرائيل..هذه الطبقة تعرف مسبقاً، “السقوف” التي ستنتهي إليها “ردّات أفعالنا”، وتتصرف وفقها..تعرف أن خيار “المفاوضات” و”التزام طريق السلام”، هو خيار “فوق استراتيجي”، وأن أحدا لن يذهب إلى المس بـ”أوسلو” أو “وادي عربة”..كما أن أحداً لن يصل حدّ المس بما بُني على هذين الاتفاقين..وكل ما هو دون ذلك، مقبول ومحتمل من الجانب الإسرائيلي.
إسرائيل تدرك أن “السلام” مع الأردن والسلطة، سيتضرر من دون ريب، بفعل انتهاكها لحرمة المسجد وتهديدها للطابع الفلسطيني/العربي/ الإسلامي/ المسيحي للمدينة المقدسة، خصوصاً على المستوى الشعبي، لكن من قال أن إسرائيل مهتمة بهذا الجانب..من قال أن إسرائيل لم تغادر منذ زمن “أحلام الشرق الأوسط الجديد” و”صورته الوردية” التي رسمها شمعون بيريز..إسرائيل معنية أساساً، حتى لا نقول، معنية فقط، بالجانب الأمني في علاقاتها مع الأردن والسلطة...
إسرائيل معنية بـ”مظاهر السلام” و”الإطار القانوني” الملزم للمعاهدات المبرمة (المُلزم للجانب العربي حصراً)..لأنها توفر المظلة السياسية والغطاء القانوني، للتنسيق الأمني..بخلاف ذلك، لن يلطم الإسرائيليون خدودهم، إن تراجعت صادرات “المانجا” لعمان، أو إن تقلص استيراد الفلسطينيين للملابس والأغذية الإسرائيلية..ومن يقارن حجم الاقتصاد الإسرائيلي وصادراته، بحجم ما نستورد ويستوردون من سلع وخدمات إسرائيلية، يدرك أننا لا نمتلك الكثير من أوراق في هذا المجال.
كثيرون في فلسطين أنحوا باللائمة، سراً وعلانية على الرئيس الفلسطيني لتوقيعه الاتفاق مع الأردن..وكثيرون في الأردن، ذهبوا شرقاً وغرباً في تفسير معنى الاتفاق ومغزى توقيته، ودائما بخلفية “نظرية المؤامرة”، اليوم نكتشف أن الاتفاق ألقى بأعباء إضافية على الأردن، من دون أن يرفعها عن كاهل الفلسطينيين ورئيس سلطتهم ومنظمتهم.
مواجهة التهديد الإسرائيلي للأقصى والمقدسات، يتطلب ما هو أبعد من مجرد الإدانة المتكررة والشجب المتواصل..ومن الجانبين الأردني والفلسطيني على حد سواء..يجب أن تدرك إسرائيل (وبالملموس)، أن لا “سلام” ولا “معاهدات” معها، من دون القدس والمقدسات..يجب أن يعرف نتنياهو وحكومته، أن القدس وليس أوسلو ووادي عربة، هي “الثابت الأعلى” في السياستين الأردنية والفلسطينية..وأن أي مس بها وبمقدساتها، سيجعل السلام “القادم” مستحيلاً، والسلام “المتحقق” فصلاً من التاريخ، لا أكثر.
وإذا كان من غير المفيد أن نبدأ “ردات فعلنا” من السقف الأعلى للمواقف والإجراءات، فلا بأس من التدرج في هذا المجال..التلويح بخفض مستوى العلاقات، وقف التنسيق الأمني، سحب السفراء وإغلاق السفارات، وصولاً لإعادة النظر في المعاهدات المبرمة.
لا تحتمل السلطة سلاماً من دون القدس ومقدساتها..ولا يحتمل الأردن سلاماً مع إسرائيل من دون القدس ومقدساتها أيضاً، خصوصاً بعد أن “ألزمنا” أنفسنا برعاية المقدسات وحفظها وصونها من التهديد والتدنيس، وعلينا أن نبدأ تحركاً جاداً وحازماً، قبل أن تدهمنا التطورات، ونجد أنفسنا قد استيقظنا على ضياع المدينة واندثار المسجد.
صمت وصمود وغناء للنازحين الفلسطينيين
مادونا سمعان/السفير
لأجل 54 ألف فلسطيني نزحوا إلى لبنان بعد لجوئهم إلى سوريا، ولأجل خمسين ألفاً سينزحون وفق التوقعات، غنّت أمس الأول الفنانة أميمة الخليل على «مسرح المدينة»، لأطفال كمحمد الدرّة يفضلون العودة إلى الديار بدلا من دراجة جديدة، ولأمهات كسهام أبو سيته تصمد من دون زوجها الذي خسرته على طريق الجلجلة الطويل، فأُجبرت على حمل جمرات النزوح واللجوء، وحدها.
استمتع الحضور بالصوت المقاوم خلال أمسية نظّمتها «مؤسسة التعاون» ـ فرع لبنان، ويعود ريعها لإعانة وإغاثة النازحين الفلسطينيين من سوريا. فكان الصوت والهدف سببين كافيين لأن يبحث المنظمون، لا سيما منسقة البرنامج مي حمادة، عن أماكن إضافية لجمهور ضاقت به قاعة المسرح.
قبل الحفل، بثت صور لنازحين إلى لبنان، حكت من خلالها المؤسسة يومياتهم التي لا تشي بأنهم يحصلون على شيء من دون همّ أو تعب، ما عدا الهواء الذي يتنشقونه. فعلى الفراش نفسه يأكلون وينامون ويدرس الأولاد وتطرّز الأمهات.. لكنّ وجوه أهل الصمود ليست شاكية بل قلقة من مصير مجهول وعدو يحملهم على الرحيل من بلد إلى آخر، ويحرمهم حتى من مشاهدة خيالهم يظلل أرضهم من خلف الشريط الشائك الذي يزنّر فلسطين المحتلة.
بعد النشيدين اللبناني والفلسطيني اعتلت المسرح صبّية فلسطينية هي سلمى زكي، وصل وجهها البشوش بين فقرات البرنامج. وقد استهلت الأمسية بمداخلة مصوّرة للطبيبة الأصغر في العالم الفلسطينية إقبال الأسعد التي تنهي تخصصها اليوم في طبّ الأطفال في قطر. كانت إقبال مفاجأة الحفل.
حضّت إقبال أهلها على الصمود والتحلّي بالأمل، فقالت: «الأمل الأمل الأمل، والصمود الصمود الصمود، لأن إرادتنا يجب أن تبقى ثابتة مهما تكرّرت النكبات والإبادات». وتوجّهت إلى الشباب الفلسطيني تحديداً لتدعوه إلى الكدّ والجهد للوصول إلى الأهداف المرجوة.
ثم قدّمت مديرة المؤسسة في لبنان سلمى اليسير أرقاماً عن أوضاع النازحين الفلسطينيين إلى لبنان كشفتها دراسة أعدّتها «جمعية أنيرا»، وتبيّن أن 97 في المئة من هؤلاء النازحين شهدوا عنفاً، وأن 82 في المئة منهم يعتمدون اعتماداً كاملاً على الإعانات. وشكرت كلا من الفنانتين أميمة الخليل لإحيائها الحفل ونضال الأشقر لتقديمها المسرح.
بعدها كانت شهادة حياة للفلسطينية سهام أبو سيته، وقد باتت واحدة من 54 ألفاً ممن يعيشون معاناة النزوح بعد اللجوء وبعد مسلسلات التهجير من الوطن الأم. استهلتها من تاريخ 27 كانون الأول 2012، وهو التاريخ المفصلي الذي حملها وعائلتها إلى أيام من الرعب والخوف والجوع.
قالت: «كان مخيم اليرموك محاصراً وليس فيه ما يمتّ إلى مفردات الحياة. قررنا أنا وزوجي وأولادي المكوث فيه لأنه لم يكن لدينا خيار آخر، فصرنا ننتقل من مكان إلى آخر داخله لنحمي رؤوسنا. أكلنا الخبز اليابس والمعلّبات المنتهية الصلاحية. ذات يوم خرجت وأولادي لآتي بالخبز. عدنا والخبز بأيدينا لكن زوجي كان قد قتل. بعدها حاولنا الخروج من المخيم والهروب إلى لبنان، لم نتمكن من ذلك إلا بعد ستة أيام». خبرت سهام هذه المعاناة وابنتاها جودي وجنى اللتان لم تكملا عامهما الخامس. وقد سألتها إحداهما: «ماما متى سنموت؟» فردّت: «سهام سنعيش وسنصمد ولن نموت».
تلفت سهام الى أن قصتها ليست قصة فردية بل تشبهها آلاف القصص مثل قصة الطفل معز الذي ولد على الطريق، ورهف التي ما زالت لا تعرف ما هو مصير والدها وحسن الذي بترت رجله..
ثم انطلق البرنامج الفني الذي قدمته أميمة إلى فلسطين «القضية التي تتفرع منها كل قضايا شعوبنا العربية». فكان الجمهور يرافقها غناء تارة ويستسلم لصمت مطبق تارة أخرى، لا سيّما عندما كانت الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان هاني سبليني تنحني أمام صوتها حين كان يستحضر شعر محمود درويش وموسيقى مارسيل خليفة.
على هامش الحفل، إبداع فلسطيني من نوع آخر أتقنته نساء فلسطينيات صنعن لوحات مطرّزة طبقاً لفن التطريز الفلسطيني. فكان عبارة عن معرض يحوي نماذج من 280 قطعة ابتكرتها ونفذتها ووقعتها نحو ثمانين امرأة من مخيمات الرشيدية والمية ومية والبرج الشمالي تحت إشراف رنا أبو عيسى وسعاد أمين جرار.
تجدر الإشارة الى أنه يمكن التبرّع لمصلحة «مؤسسة التعاون» من خلال الاتصال على أحد الرقمين: 303218/01 و307218/01 .
رؤية للدولة الفلسطينية
ناجي صادق شراب/دار الخليج
يخطئ من يعتقد أن الدولة الفلسطينية ستكون مجرد دولة تقليدية، بمعنى دولة بأركانها الثلاثة الأساسية ولا خلاف عليها نظرياً وقانونياً وهي الأرض، والسيادة، والشعب . هذه الأركان الثلاثة لا بد منها لأي دولة، وكذا للدولة الفلسطينية، لكن في الوقت ذاته ستكون لها خصوصية، ورؤية جديدة تفرضها عوامل كثيرة أهمها عوامل الجغرافيا والزمن والتاريخ، إضافة إلى البعدين الديني والحضاري لكل المنطقة التي ستقوم عليها دولة فلسطين . قانونياً نريد دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة وهذه العضوية حتى بالنسبة إلى لدول القائمة هي مجرد بطاقة عضوية وليست واقعاً سياسياً تتمتع به الدول الأعضاء . ونريد دولة كاملة السيادة، والسيادة في زمن العولمة والقوة، ليست كاملة، وحتى الشعب الواحد في زمن المواطنة العالمية والمواطنة الحضارية أصبح أكثر من مواطن يحمل هوية وجوازاً وطنياً . الدولة الفلسطينية في زمن الاحتلال قد تكون آخر الدول التي قد تكون نشأتها بفعل الاحتلال . الدولة الفلسطينية قد تكون رؤية سياسية وتاريخية وحضارية وإنسانية أكثر منها دولة بالمعنى القانوني والسياسي . وتستمد هذه الرؤية مكوناتها من الواقع التاريخي والحضاري والديني، ولا ننسى الواقع الجغرافي الذي يحكم إطار عملها وسيادتها . من هذا المنظور يفترض أن تقدم الدولة الفلسطينية رؤية كاملة، وتقدم نموذجاً في التقدم والديمقراطية والحضارة والرسالة والهدف الذي تحمله . رسالة هذه الدولة وهدفها هي رسالة الأديان والرسل والأنبياء الذين ميزوا أرضها عن غيرها، رسالة السلام والتعايش ونبذ العنف والكراهية والحقد بين الشعوب، رسالة تقوم على المواطنة الواحدة وهي المواطنة السماوية على اعتبار أن كل البشر هم أبناء الله الواحد ولا تمييز بينهم إلا بقدر تمسكهم بهذه المبادئ السماوية الدينية السامية التي تنظم آدمية الإنسان، وتقوم على الحوار والتكامل، وليس الإقصاء، والإلغاء، هى رسالة تعمير وبناء وليس رسالة إفناء وحرب . دولة تنهى ذل الاحتلال البغيض الذي يقوم فقط على إهانة آدمية الإنسان، وكيف يقبل العالم الذي يدّعي التمدن والتمسك بالقيم الإنسانية أن يرى ويسمع كل يوم كيف يهان وتداس كرامة الإنسان الفلسطيني أمام الحواجز، والاعتقالات اليومية، وحصار لقمة العيش، دولة تفرج عن كل أسرى الحرية والكرامة الإنسانية، فكيف لنا أن نرى والعالم معنا هذه الجريمة الإنسانية التي ترقى إلى محاكمة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية . هذا العدد من الآلاف من هؤلاء الأسرى الذي يولدون ويموتون في داخل السجون “الإسرائيلية”، وتمارس “إسرائيل” سياسات المساومة والصفقات التجارية والسياسية بشأنهم، وكأننا أمام نظام جديد من العبودية السياسية في زمن التحولات الديمقراطية وزمن التحرر من العبوديات المطلقة .
دولة تعيد الكرامة الوطنية إلى الإنسان الفلسطيني، وتعيد له الاعتبار كإنسان ومواطن له نفس الحقوق التي يتمتع بها غيره من مواطني الدول والشعوب الأخرى، لأنها تحمل صفة دولة، دولة تعيد إلى الهوية والجواز الفلسطيني قيمتها واحترامها، وتجعل المواطن الفلسطيني يقدم هذا الجواز من دون تردد أو خوف، وتجعله يقول أنا فلسطيني بصوت عالٍ وليس همساً، وتشعره بأنه غير ملاحق بتهمة الإرهاب أو تهمة تعكير سلام وأمن كل الدول .
دولة تعيد إلى الطفل الفلسطيني ابتسامته البريئة والنقية من أي حقد وكراهية وتعصب بسبب الاحتلال، وسياسات الإذلال التي يتلقاها على كل منافذ الدول البرية والبحرية والجوية، وكأن هذا الطفل هو المسؤول عن سلام وأمن العالم بدلاً من الأمم المتحدة . دولة تكون نموذجاً للديمقراطية والتقدم والانفتاح على كل ثقافات الشعوب الأخرى وحضارتها، والإنسان الفلسطيني مؤهل للتكيف والمساهمة والتعايش مع كل هذه الحضارات، فأرض فلسطين التاريخية كانت أرضاً تلتقي وتتفاعل داخلها كل الحضارات والثقافات الأخرى .
هذه هي طريق إنهاء الصراع والحرب والحقد والكراهية . ولذلك نريد دولة خالية من التعصب الديني والأيديولوجي، دولة تسودها ثقافة السلام والمحبة والتعايش، ونبذ الإرهاب والعنف، دولة ميثاقها المحبة الإنسانية، والإيمان بالمواطنة الواحدة .
دولة تكون نموذجاً للسلام العالمي لا تنغلق على نفسها، ولا على حدودها، دولة تتكامل مع غيرها من الدول المجاورة، دولة تحل محل الحرب والصراع لتفكر في رخاء شعوبها، وهذا الرخاء لا يمكن أن يتم من دون رؤية تنموية إنسانية كاملة . دولة توقف التعصب الديني، والفتاوى الدينية والحاخامية وتستبدل بها رؤية جديدة تبحث عن البقاء والنماء . عندها ستنتفي كل مبررات وعناصر الدولة التقليدية من حدود وسيادة .
هذه مجرد رؤية هي أقرب إلى الحلم، لكننا من حقنا جميعاً إن نحلم وأن تكون لدينا رؤية، رؤية تتجاوز حدود المكان والزمان وزمن التعصب والكراهية والحقد .
سداسية حزيران
خيري منصور/دار الخليج
لأنه يوم الأيام كلها وعام الأعوام وربما قرن القرون، كان أولى بنا نحن العرب أكثر من السيد “ريد” أن نقول إن ستة أيام هي التي هزت العالم، ولو كان الكوكب الذي نعيش عليه غربالاً، لما تبقى فيه غير الزؤان لأن ثقوبه واسعة، والهزة عنيفة .
موقفان نستذكرهما الآن وعلى بعد عقود من حزيران، لهما صلة بما يتصوره الآخرون، خصوصاً الأعداء، عنا كعرب .
الموقف الأول في جامعة بريستون الأمريكية، حيث كان مقرراً لاحتفال التخرج أن يرتدي الطلبة العرب أزياء شعبية تمثل تراثهم وفولكلورهم، لكن ما إن وقعت الهزيمة حتى طلبت الجامعة من هؤلاء أن يرفعوا أياديهم فوق رؤوسهم تعبيراً عن الاستسلام، وفي الآونة ذاتها قال قائد سلاح الجو “الإسرائيلي” لصحفي بريطاني، إنه كان بمقدوره تدمير المطارات كلها، لكنه احتفظ باثنين منها لاستراحته الشخصية، رداً على سؤال عما إذا كان المطاران المستثنيان هما الأشد تحصيناً وبالتالي استعصاء على التدمير .
تلك وغيرها تفاصيل ضاعت تحت العناوين الكبرى والبكائيات، لهذا كان أهم ما كتب من نقد ذاتي للمجتمع العربي قادماً من أكاديميين عاشوا في أوروبا وأمريكا، ورأوا وسمعوا عن قرب ما الذي يقال عن شعوبهم، ومنهم د . صادق العظم الذي وجد بهزيمة حزيران مناسبة لنقد ذاتي، وتحميل المهزومين عبء ما جرى لهم . ويخطئ من يظن أن الخامس من حزيران مجرد يوم قد ولى، إنه اليوم الأطول في تاريخنا الحديث، لأنه مستمر حتى هذا الصباح، ولا ندري إلى متى سيواصل نفوذه مادامت الأرض التي احتلت في تلك الحرب لاتزال محتلة وإن بدرجات متفاوتة .
لقد تبدلت تقاويم ومناسبات، وكأن التاريخ ذاته قد استبدل به تاريخ آخر مصنوع، فالعرب لعقود عدة لم يحتفلوا إلا بانتصارات على بعضهم بعضاً، ولم يرفعوا الرايات إلا على ما استُعيد من أشقاء لدودين في حروب الإخوة الأعداء .
وما خشيناه دائماً هو أن بعض الهزائم لا تكون ساحقة فقط، بل فاحشة يمارس من خلالها الغالب “ساديته”، وبالتالي يفرض على المغلوب أن ينتشي بهزيمته لأنه يتحول إلى “ماسوشيّ” يستعذب العذاب ويستمرئ الألم . وثمة فارق هائل بين النقد الذاتي بهدف المراجعة، وبين هجاء النفس وتقريعها، وباستثناءات قليلة قد تكرس القاعدة . كان ولايزال معظم ما يكتب عن حزيران هجاء للذات، والهزيمة لا تكتمل إلا إذا تأقلم معها المهزوم ورأى فيها أمراً واقعاً وبالتالي قَدَرَاً لا فكاك منه .
إن أي يوم أو شهر في السنة وبأي تقويم ميلادي أو هجري، يصلح مناسبة لاستذكار الخامس من حزيران، لأن الستة أيام استطالت وأوشكت أن تصبح ستة عقود .
لم تكن نكسة أو وعكة أو حتى شكلاً نصفياً، بل هي البُحّة الشجيّة في أصواتنا والدمع الذي يرشح من كلماتنا .
إسرائيل تصلى لمتظاهرى تقسيم
فهمي هويدي/الشروق المصرية
لى عدة ملاحظات على الأحداث الجارية فى تركيا، بعضها يتعلق بالشكل والبعض الآخر يتعلق بالموضوع. فيما خص الشكل استوقفنى ما يلى:
• بثت الإذاعة العبرية فى 5/6 تصريحا لموشيه فايغلين رئيس الكنيسيت، قال فيه: إننا نصلى من أجل ان تتواصل المظاهرات فى تركيا حتى يسقط أردوغان. فهو معاد للسامية وسيئ لإسرائيل، كما انه يتبنى مواقف معادية لنا، رغم الشوط الذى قطعناه فى التصالح معه والذى انتهى بتقديم اعتذار رسمى.
• رئيس لجنة الخارجية والأمن فى الكنيسيت افيغدور ليبرمان صرح للتليفزيون الإسرائيلى مساء 7/6، قائلا اننا لسنا معنيين بالتدخل فى الشأن التركى إلا أننى لا استطيع أن أخفى سعادتى بما يحدث هناك.
• فى تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلى مساء اليوم ذاته، قال وزير البنى التحتية سيلفان شالوم: إن إسرائيل يمهمها تحسين العلاقات مع تركيا، لكننا فى الوقت ذاته نرحب بأى تطور يخلصها من حكم العثمانيين الجدد.
فى زاويته اليومية بصحيفة الحياة اللندنية رصد الأستاذ جهاد الخازن يوم 8/6 بعض التعليقات التى نشرتها الصحف الغربية عن أحداث تركيا، كان منها ما ذكرته مجلة كومنترى الليكودية التى أكدت أن السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستانى سيفشل لأنها (المجلة) وليكود إسرائيل يتمنيان ذلك.
وقد أشارت المجلة إلى ان من الأسباب التى أثارت التظاهرات فى استنبول وبعض المدن أن حكومة حزب العدالة قررت بناء مسجد فى ميدان تقسيم (وهذا خطأ لأنها بصدد بناء دار للأوربرا) ثم انها أصدرت قانونا يبعد بيع الخمور عن المساجد بمساحة مائة متر، ولم تذكر أن القانون يقضى بذلك أيضا بالنسبة للمدارس ثم ان ذلك أمر معمول به فى العديد من الدول الأوروبية.
تحدثت المجلة أيضا بتعاطف عن مقارنة استقرار حسنى مبارك فى مصر بالتظاهرات التى خرجت ضد أردوغان فى تركيا، وعلق الكاتب على ذلك بقوله إن مبارك تجاوز الثمانين وكان مريضا يعمل نصف ساعة فقط فى اليوم. أما تركيا تحت قيادة أردوغان فإن اقتصادها زاد بنسبة 100٪ خلال عشر سنوات، ثم ان دخل الفرد ارتفع من ثلاثة آلاف دولار فى السنة إلى 11 ألفا.
أضاف الأستاذ الخازن ان أحد رموز ليكود أمريكا دانيال بايبس كتب مقالا حقيرا ــ الوصف له ــ هلل فيه لما حدث فى استنبول ونشره تحت عنوان «أخبار طيبة من تركيا». أشار أيضا إلى موقع إلكترونى ليكودى تحدث عن صيف تركى ساخن واتهم أردوغان بأسلمة تركيا، الأمر الذى جعله يواجه انفجار بركان غضب الشعب ضده، كما تحدث عن عنوان فى جريدة الديلى تلجراف البريطانية، كان كالتالى: تركيا تتهم بفاشية إسلامية فى التعامل مع بيع الخمور، وحين قرأ الكاتب الخبر وجده منسوبا إلى مالك متجر لبيع الخمور. وعلق على ذلك بقوله ان صاحب خمارة أصبح مرجعا فى الفاشستية الإسلامية المزعومة.
رغم انتقاده للتعليقات السلبية التى صدرت عن الأطراف الصهيونية ورحبت بما اعتبرته اضطرابات تهدد النظام التركى، فإن الكاتب الذى امتدح دور أردوغان انتقد فيه فرديته وعدم ترحيبه بالنقد من جانب الأصوات المعارضة، وتمنى ان ترده التظاهرات إلى أرض الواقع، لكى يرى منه شيئا من التواضع فى المستقبل.
فى عدد جريدة الحياة الذى صدر أمس (الأحد 9/6) وصف مراسلها فى استنبول الزميل يوسف الشريف المشهد فى ميدان تقسيم بقوله إن ساحة الميدان ازدحمت بالخيام التى نصبها المحتجون من مختلف الاتجاهات، (فخيمة العلويين تجاورها خيمة الأكراد من أنصار حزب العمال الكردستانى وقربهم الشيوعيون يتبعهم اليساريون.
وفى مقابلهم خيمة القوميين وآخرون، كما يزور الميدان ناشطون من جماعة الإسلاميين الثوريين الذين يعادون الإمبريالية الأمريكية والرأسمالية. فى الوقت ذاته ملأت الأفق صور مصطفى كمال أتاتورك وناظم حكمت ودنيز غيزميش وتشى جيفارا، كما غطت الصور مركز اتاتورك الثقافى الذى يمتد على أحد اضلاع الميدان والذى أعلن رجب طيب أردوغان نيته هدمه لتشييد مبنى للأوبرا).
تابعت الإعلام السورى الشامت ودفاعه الحماسى عن الحرية والديمقراطية فى تركيا. وشاهدت قناة العالم الإيرانى وهى تواصل الشماتة وتصفية حسابات طهران مع أنقرة جراء مساندتها للجيش السورى الحر، وعلمت انها ضغطت على مراسلها فى أنقرة لكى يتحدث عن ثورة الأتراك وهبوب رياح الربيع على ضفاف البوسفور، الأمر الذى رفضه واضطره للاستقالة من عمله.
وحدثنى أصدقاء عن رفض إحدى القنوات الفرنسية نقل الصورة المحايدة للحاصل فى ميدان تقسيم وترحيبها باستضافة خصوم أردوغان دون غيرهم. وحين وجدت بعض منابر وقنوات الإعلام المصرى تحاول تصفية حساباتها مع الإخوان من خلال الانضمام إلى مواكب الشامتين والمهللين حتى إذا كانوا إسرائيليين، أدركت ان اللدد فى الخصومة لا حدود له، لا أخلاقية ولا وطنية.
سنتحدث فى الموضوع يوم الأربعاء بإذن الله.
أسرار لقاء عمرو موسى وخيرت الشاطر
أحمد منصور/الشروق المصرية
عمرو موسى وزير الخارجية المصرى الأسبق والأمين العام السابق للجامعة العربية وأحد رموز التنظيم السرى الطليعى الذى حكم مصر خلال الأربعين عاما الماضية، وأحد رموز نظام المخلوع حسنى مبارك، يصر على عدم الانسحاب بهدوء من الحياة السياسية كما انسحب غيره.
قبل عدة أشهر علمت أن السيد عمرو موسى يلح هو والسيد حمدين صباحى، كل على حدة، فى لقاء المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، وأبلغنى الوسيط الذى كان يسعى فى ترتيب لقاء السيد حمدين أن أحد قيادات حزب الله اللبنانى هو الذى طلب منه السعى فى ترتيب الأمر حيث لم يعد خافيا علاقة السيد حمدين بالسادة.
أما السيد عمرو موسى فإن إلحاحه زاد فى الوقت الذى كان الرئيس مرسى يجرى خلاله تعديلات على الحكومة المصرية آملا أن يعود للأضواء مرة أخرى، لكن الإخوان رفضوا متعللين بأن جبهة الإنقاذ وقادتها متورطون فى الاضطرابات التى كانت تجرى فى مصر آنذاك.
ورغم أن أحد المحنكين السياسيين الذين كانوا طرفا فى الوساطة أبلغ الإخوان أن هذه فرصة لتفتيت جبهة الإنقاذ وتشتيت شملها إلا أنهم لم يستوعبوا الأمر سياسيا فى حينها، لكن يبدو أن الظروف قد تغيرت ولجأ عمرو موسى إلى أيمن نور الذى نجح فى ترتيب المقابلة مع خيرت الشاطر يوم الأربعاء الماضى.
وكان من المقرر أن تضم المقابلة من طرف الإخوان المهندس خيرت الشاطر والدكتور سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، على اعتبار قرار الإخوان أن كل ما يتعلق بالعلاقات السياسية يكون من اختصاصات الحزب وكل ما يتعلق بالدولة من اختصاصات الرئيس مرسى، تخلف الدكتور الكتاتنى وبدا عمرو موسى يقدم نفسه للشاطر من أجل أن يشغل منصبا يختتم به حياته السياسية، ولو مستشارا للرئيس للشئون السياسية منتقدا أداء الدكتور عصام الحداد ومقللا من شأنه وتاريخه السياسى والمهنى، ومعتقدا كما يصور الإعلام أن خيرت الشاطر يدير الدولة بالتليفون وسوف يتصل على الرئيس مرسى ويقول له عين عمرو موسى مستشارا فيعينه مرسى فورا.
كما أكد عمرو موسى خلال اللقاء أنه لم يقرأ كتابا واحدا عن جماعة الإخوان المسلمين ولا يعلم شيئا عن تاريخها إلا مما ينشر فى الصحف وما تتداوله جبهة الإنقاذ.
كما أنه يعتقد أن مفهوم أهل السنة والجماعة هو أن أهل السنة هم السلفيين والجماعة هم الإخوان المسلمين، كما طلب من المهندس خيرت الشاطر أن يشرح له مفهوم الخلافة، وخلال الحديث دخلت سكرتيرة عمرو موسى وأبلغته بأن خبر الاجتماع سرب للصحافة ونشر، فقد عمرو موسى توازنه تماما، وأسقط فى يده، وأدرك أن الجهات الخارجية التى تدعمه سوف تسقطه من حساباتها وجبهة الإنقاذ التى يتعلق بها سوف تثور عليه.
وسوف يخسر كل شىء المنصب الإخوانى الذى يصبو إليه والدعم الخارجى وجبهة الإنقاذ فى الداخل، لذا خرج على الإعلام وقدم نفسه على أنه البطل المغوار الذى نازل خيرت الشاطر فى موقعة منزل أيمن نور وأنه قدم مطالب جبهة الإنقاذ واضحة وإذا لم يلبها الإخوان فإن معركة 30 يونيو ستكون هى الفاصلة... هذه هى القصة.
1967 ومقابلة الأسرى الإسرائيليين
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
أتيحت لى مقابلة الطيارين العسكريين الإسرائيليين الذين أسقطت قواتنا طائراتهم صباح الخامس من يونيو 1967، عندما قدمت طلب تطوع إلى العميد مصطفى كمال. كان الرجل رئيس فرع المعلومات بالمخابرات الحربية، وقد زكانى لديه الرائد محفوظ عبدالعال، المتخصص فى اللغة العبرية وإسرائيل، وقد تعرفت عليه وأنا معيد بكلية الآداب جامعة عين شمس عندما كان يحضر لإلقاء بعض دروس اللغة على الطلاب.
قال لى العميد : ليس لدينا نظام التطوع ولكننى مضطر إلى قبول تطوعك لحاجتنا الشديدة إليك، فهل أنت مستعد للتطوع على مسؤوليتك؟ قلت : يعنى إيه على مسؤوليتى؟ أجاب : يعنى لو مت هقول ما أعرفكش. نظرت إلى الرائد محفوظ فوجدت وجهه جامداً، فقلت للعميد : موافق بشرط أن يتولى الرائد محفوظ إبلاغ أبى وأمى فى حالة موتى. أصدر العميد أمره إلى الرائد بنقلى إلى مقر استجواب الأسرى. استقبلنى قائد المقر العميد جميل عبدالفتاح بالترحاب، وأطلق علىَّ لقب الدكتور، نزلت إلى غرفة الاستجواب المعزولة صوتياً فوجدت عميداً من السلاح الجوى المصرى يجلس وأمامه طيار إسرائيلى. قال لى العميد : إن الأسير يدعى أنه لا يفهم الإنجليزية اسأله بالعبرية عن كذا!
سألت الأسير ونقلت الإجابة إلى العميد شفوياً، وبعد عدة أسئلة وأجوبة قال العميد : اكتب الأسئلة التى نريد إجابات عنها وسأتركك تتعامل مع الأسير ونريد الإجابات مكتوبة ومترجمة إلى العربية.
كان على أن أستجمع خبرات الآخرين التى سمعتها وقرأت عنها فى مجال الاستجواب، ونجح الأمر باستخدام الحيلة وإيهام كل أسير يحضرونه لى بأن المعركة قد انتهت بعد سقوط طائرته لمصلحة الجيوش العربية الثلاثة المشتركة فيها.
هنا أريد أن أقدم شهادة لله والتاريخ، أن العسكرية المصرية قد عاملت جميع الأسرى بالحسنى والاحترام الواجب للأسرى فى المواثيق الدولية أثناء التعارف والحوار والاستجواب، وحتى نقل الأسير إلى زنزانته بالسجن الحربى. كانت هذه المعاملة تتمثل فى تقديم وجبات الطعام للأسير من مطعم جروبى، وكان آنذاك أحد أفخم مطاعم القاهرة، وعدم الضغط على الأسير لكى يتكلم بأى صورة بدنية. عندما انتهت المعركة ذاعت أخبار معاملة القوات الإسرائيلية للأسرى المصريين، واكتشفنا أن مئات منهم قد قتلوا بدم بارد بعد سقوطهم فى الأسر، ودفنوا فى مقابر جماعية بأوامر جنرالات إسرائيل. إن جرائم الحرب الإسرائيلية موثقة ليس فقط بشهادة الشهود، ولكن أيضاً فى الأعمال الأدبية لأدباء إسرائيليين شاركوا فى المعارك وشاهدوا هذه الجرائم التى تكررت منذ حرب عام 1948 مثل ساميخ يزهار وأهارون ميجد.
كنت فى حاجة كمعيد بالجامعة إلى أن أضع يدى على تكوين المقاتل الإسرائيلى، فقد كانت الصورة التى يشيعها الإعلام العربى تفيد بأن إسرائيل دولة عصابات مرتزقة، وأن مقاتليها جبناء يفرون من الميدان ويتمتعون بقتل المدنيين العزل عندما يختلون بهم. على الناحية الأخرى كانت المصادر الإسرائيلية تتحدث عن شخصية العبرى الجديد المقدام، وكنت أريد الوصول من خلال حوارى مع الأسرى إلى مؤشرات على الحقيقة.
يمكننى القول إن ما توصلت إليه هو أن التعميم أمر خاطئ فى الحالتين، فهناك بالفعل نمطان من الشخصيات الإسرائيلية أحدهما ضعيف والثانى قوى، مثلما نرى فى كل المجتمعات البشرية.
لقد صك مصطلح العبرى الجديد المفكرون الصهاينة الأوائل فى نهاية القرن التاسع عشر، حيث سلموا أن اليهودى الذى عاش فى الأحياء اليهودية الخاصة فى أوروبا مثل الجيتو والشتتل قد تعرض لموجات متتالية من الإذلال المسيحى أدت فى النهاية إلى رسم وتكوين شخصية لليهودى تتسم بالجبن والمذلة والانحناء فى المواقف، واعترف مفكرو الصهيونية بأن الصورة الشهيرة لليهودى المنحنى محدودب الظهر هى صورة حقيقية نتجت عن الطوق الخشبى الثقيل الذى كان اليهودى ملزماً بوضعه حول عنقه عند خروجه من بيته لتمييزه عن الأوروبيين المسيحيين، وأن ثقل هذا الطوق قد أدى مع مرور الأجيال إلى ظهور اليهودى محدودب الظهر. من هنا جاءت الحاجة إلى إنشاء صورة جديدة لليهودى تقوم على تنشئة الشباب فى إطار المشروع الصهيونى على سمات مناقضة للمذلة والجبن، وتتسم بالغطرسة والمبادرة إلى العدوان والإقدام، وإعادة إنتاج كل ما عاناه اليهود من قهر ليصبوه على العرب.
لقد وضعت هذه السمات الجديدة أمام عينى وأنا أحاور الأسرى الطيارين، محاولاً الوصول إلى حقيقة وجودها فى الشخصيات، ومدى اطرادها فى الشخصيات إن وجدت. وللحديث بقية.
11/6/2013
في هذا الملــــف:
يقظة حماس وغياب الحكم
نيوتن/المصري اليوم
حلّ الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية: الايجابيات والعوائق
غادة الكرمي (كاتبة فلسطينية وباحثة في جامعة إكستر – بريطانيا) / الحياة اللندنية
لماذا تُعد قناة 'الجزيرة' الإخبارية قناة مثيرة للجدل؟
فايز شاهين(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
كن حيث شئت.. فلا يمكن ان اكون خلف امريكا واسرائيل
سائد العزة /القدس العربي
دعماً لعروبة القدس ورفضاً للتهويد والاستيطان
رأي الرأي الأردنية
رداً على القرضاوي: يجب أن يظل الصراع سياسياً
طاهر العدوان/الرأي الأردنية
إسرائيل و «اتفاق الرعاية» الأردني - الفلسطيني
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
صمت وصمود وغناء للنازحين الفلسطينيين
مادونا سمعان/السفير
رؤية للدولة الفلسطينية
ناجي صادق شراب/دار الخليج
سداسية حزيران
خيري منصور/دار الخليج
إسرائيل تصلى لمتظاهرى تقسيم
فهمي هويدي/الشروق المصرية
أسرار لقاء عمرو موسى وخيرت الشاطر
أحمد منصور/الشروق المصرية
1967 ومقابلة الأسرى الإسرائيليين
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
يقظة حماس وغياب الحكم
نيوتن/المصري اليوم
لا أؤيد حماس. أرفض أسلوبها. أحترم مقاومتها السابقة للاحتلال. كلمة «يقظة» فى العنوان ذات مدلول إيجابى. لا تعنى انحيازى لحماس. أقصد أنها انتبهت. تحركت فوراً. أصدرت بياناً. علقت على شهادة وزير الداخلية الأسبق اللواء محمود وجدى. قال إنها تورطت فى عملية تهريب نزلاء سجن وادى النطرون. كان بينهم الرئيس محمد مرسى. قال اللواء وجدى إن حزب الله شارك فى ذلك. قالت حماس: لم نتورط فى عملية التهريب!!
لم يكن بيان حماس واضحاً. تعليق إنقاذ موقف. قالت إن القوات المسلحة سمحت بالإفراج عمن وجدت أنهم سُجنوا ظلماً. لم تعلق القوات المسلحة. توجد تسجيلات لسجناء حماس تؤكد أنهم هربوا. اعترفوا بذلك فى احتفالات عامة. جريدة «المصرى اليوم» نشرت حواراً من قبل لأحدهم يروى فيه قصة الهروب. لا أذكر الاسم. كان قيادياً. فليساعدنى أحد القراء ويعثر على اسمه.
حماس وجدت أنها تتورط يوماً تلو آخر. وقائع القضية المنظورة تتابعها مصر كلها. الشهود الذين تابعت ما قالوا يدينون حماس. عملية تهريب. ليست ثورة هكذا. تدبير محدد. خطة سبق الاتفاق عليها. المحكمة لم تزل تنظر الأمر. المشكلة ليست فى دقة أو عدم دقة ما قالت حماس. المشكلة غياب الحكم. إصراره على الصمت. كل يوم توجه اتهامات إضافية إلى الرئيس. إلى من كانوا معه فى السجن. أحدهم كان رئيساً لمجلس الشعب. هو رئيس حزب الحرية والعدالة الآن. أحدهم محافظ. أسماء مرموقة. لا تنطق. الرئاسة لا تتكلم.
الدكتور يحيى نورالدين طراف بعث رسالة حول الموضوع. قال فيها: مع توالى جلسات قضية الهروب من سجن وادى النطرون، تتضح لنا حقيقة لا مثيل لها فى تاريخ مصر، وهى ضلوع رئيسها فى هجوم أجنبى على أراضيها واقتحام سجونها والعبث بأمنها القومى. نحن ننتظر ما ستسفر عنه المحاكمة فى النهاية، وإن كان ليساورنى شك عظيم فى بقاء شرعية مرسى يوماً واحداً بعدها. لن تسقط شرعيته فقط إذا ما اعتمدت المحكمة روايات الشهود ووضعت جميع الحقائق جنباً إلى جنب، وإنما قد يكون عرضة لتقديمه للمحاكمة، وإن غداً لناظره قريب.
انتهى تعليق الدكتور طراف. أضيف من جانبى. لماذا لا تعلق رئاسة الجمهورية. يمكنها أن تقول إن القضية منظورة أمام القضاء. يمكن أن تقول إنها لا تريد تدخلاً. يمكن للرئيس أن يرسل تعليقاً للمحكمة. أن يدافع عن موقفه. الآخرون الواردة أسماؤهم فى القضية يتجاهلون الموضوع. المصريون يتابعون القضية بشغف بالغ. ليس المهم أن الرئيس هرب أو لم يهرب. قد يقول إنه كان سجيناً سياسياً. الاتهام هو أن ذلك تم بمساعدة أجانب. حماس تكلمت. لكن الحكم يلتزم الصمت!!!!
حلّ الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية: الايجابيات والعوائق
غادة الكرمي (كاتبة فلسطينية وباحثة في جامعة إكستر – بريطانيا) / الحياة اللندنية
في الشهر الماضي، وبمناسبة الذكرى الخامسة والستين لنكبة فلسطين، التقت مجموعة صغيرة مؤلفة في شكل أساسي من أعضاء في حركة «فتح» في مدينة رام الله لإطلاق مبادرة طارئة وربما مهمّة تقضي بإنشاء دولة ديموقراطية واحدة في فلسطين التاريخية.
لم تكن الحاجة إلى اعتماد حلّ جديد لهذا النزاع أكثر إلحاحاً مما هي اليوم. إذ يواجه الفلسطينيون مخاطر من كلّ حدب وصوب. فمع مرور كلّ ساعة، تتمّ مصادرة المزيد من أراضي الضفة الغربية. تضمّ الضفة الغربية والقدس الشرقية حالياً نحو 500 ألف مستوطن يهودي يقيمون في أكثر من 130 مستوطنة منتشرة في أنحاء هاتين المنطقتين. وفي القدس، تسلّل عدد كبير من المستوطنين إلى البلدة القديمة فيما بقيت الأحياء العربية بمنأى عن الاحتلال الإسرائيلي. والجدير ذكره أنّه من المخطّط بناء ألف وحدة استيطانية أخرى في شهر حزيران (يونيو) الجاري.
لقد تمّت محاصرة قطاع غزة الذي يعدّ جزءاً أساسياً من أي دولة فلسطينية قد تقوم في المستقبل وتمّ فصله عن الضفة الغربية. كما تحكم حكومة «حماس»، المنشقة عن السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة «فتح» في الضفة الغربية، هذا القطاع ومن المرجّح أن يبقى هذا الوضع على حاله.
وفي ظلّ هذه الظروف، يدرك الفلسطينيون أنّ الوقت ليس حليفهم وأنّه لا يسعهم الوقوف مكتوفي الأيدي مع العلم أنّ هذا هو خيار إسرائيل المفضّل. هذه هي خلفية مبادرة حلّ الدولة الواحدة الجديدة. تدفع الولايات المتحدّة وبريطانيا، الغافلتان عن هذه الأحداث كافة، باتجاه تجديد محادثات السلام بين إٍسرائيل والفلسطينيين بهدف اعتماد حلّ الدولتين للنزاع. لقد هيمن هذا الحلّ على الخطاب السياسي على مدى عقود إلا أنّه لم يطبّق يوماً ولو جزئياً. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي لم يثبط ذلك من عزيمته، موجوداً في المنطقة في الشهر الماضي لإجراء محادثات مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بهدف حضهما على تطبيق حلّ الدولتين.
أما الموقف العربي الرسمي فهو نفسه. ففي الشهر الماضي، توجه وفد عربي إلى واشنطن بهدف طرح مبادرة سلام عربية معدّلة تعرض على إسرائيل تبادل الأراضي مع الفلسطينيين من أجل جرّ إسرائيل، التي تجاهلت لغاية اليوم كل مبادرة سلام مع الفلسطينيين، إلى حلّ الدولتين. كما ان هناك إجماعاً دولياً على أنّ هذا الحلّ هو المخرج الوحيد للأزمة على رغم كل شيء. لقد ظن الفلسطينيون، عقب اتفاقيات أوسلو التي أُبرمت عام 1993، أنّ حل الدولتين هو الأنسب. وكان ذلك ناتجاً في حالتهم عن يأسهم من إمكان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. لكن، في حالة المجتمع الدولي، يتماشى هذا الحل مع ما بدا ممكناً من الناحية السياسية نظراً إلى دعم أميركا الشديد لإسرائيل ومع رغبة المجتمع الدولي في الإبقاء على دولة يهودية حتى لو كان ذلك ضمن حدود مصغّرة.
إلا أنّ هذه الاقتراحات لحلّ الدولتين لا تأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض، بحيث يستحيل تخيّل كيفية قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة. لكنّ حلّ الدولتين لم يمت بعد. ولا بدّ أنّ الولايات المتحدّة تفكّر ببديل يناسب إسرائيل بشكل أفضل ويقوم على احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية، وإقامة «دولة» فلسطينية مؤلفة من مناطق معزولة في الضفة الغربية تفصلها عن بعضها الأراضي التي استولت عليها إسرائيل والتي يمكن ضمّ قطاع غزة إليها.
وبما أنّ هذه المناطق المعزولة لا يمكن أن تكون قابلة للحياة بمفردها، فستكون روابطها الاقتصادية والاجتماعية واتصالها إلى العالم الخارجي عبر الأردن. كما سيتمّ توسيع قطاع غزة باتجاه مصر، مع العلم أنّ إسرائيل طالما أرادت ذلك، وقد تبقى القدس تحت سيطرة إسرائيل الكاملة. ومع ان كلاً من الأردن ومصر رفضتا أفكاراً مماثلة لكننا نفترض أنّ الولايات المتحدّة تدفع باتجاه حصول أمر مماثل، وهي خطة من شأنها طمأنة إسرائيل وتقديم شيء إلى الفلسطينيين. ويخشى عدد كبير من الفلسطينيين أن توافق قيادتهم، التي لم يتمّ انتخابها والتي لا تمثلهم والتي تسعى برأيهم إلى البقاء في السلطة مهما كانت التكلفة على القضية الوطنية، على صيغة خطة مماثلة. وقد تكون هذه المخاوف مبالغاً فيها إلا أنّها تجعل النقاش الدائر حول الدولة الواحدة أكثر إلحاحاً.
تكمن مشكلة حلّ الدولة الواحدة في إمكانية تطبيقها أكثر من الرغبة فيها. فهناك عوائق كبيرة تعترض طريقها. إذ ثمة إجماع دولي قوي على حلّ الدولتين إلى جانب عزم إسرائيل على البقاء دولة يهودية تمنح مواطنيها اليهود الافضلية على غيرهم. وسيكون التوصل إلى إجماع دولي بديل على دولة موحدة تحلّ مكان حلّ الدولتين الذي تمّ القبول به، شاقاًً وبطيئاً. وبما أنّ الوقت يفيد إسرائيل وحدها، فإن الأولوية بالنسبة الى الفلسطينيين يجب ان تكون في التحرك الآن.
لا يمكن أن يكون الوضع الحالي أفضل بالنسبة إلى إسرائيل وحلفائها. إذ ثمة قيادة فلسطينية سهلة الانقياد تنشئ وهم المساواة بين الاحتلال والمحتل، الأمر الذي يحرّر إسرائيل من مسؤولياتها القانونية كقوة محتلة، وهناك عملية سلام طويلة تقدّم غطاء للاحتلال الإسرائيلي فضلاً عن جمود دولي وشعب فلسطيني مقسّم وعاجز عن المقاومة. ويعد الفلسطينيون أكبر الخاسرين من هذا الوضع ويجدر بهم العمل على إسقاطه.
تعتبر إسرائيل وفلسطين اليوم دولة واحدة غير أنها دولة فصل عنصري تميّز بين من هم من غير اليهود. وتكمن مهمة الفلسطينيين في محاربة نظام الفصل العنصري وخوض نضال ليس من أجل إقامة دولة فلسطينية مستحيلة بل من أجل الحصول على حقوق متساوية في ظل الحكم الإسرائيلي. وعليهم أولاً أن يفككوا السلطة الفلسطينية التي تخفي الوضع الحقيقي ومن ثم مواجهة إسرائيل، حاكمهم الحالي مباشرة. وباعتبار انهم شعب محروم من أي دولة وخاضع للاحتلال العسكري، يجب أن يطالبوا بالحقوق المدنية والسياسية المتساوية تماماً كالمواطنين الإسرائيليين. وقد يجبر ذلك إسرائيل على الرد. فإما أن تتجاهل الخمسة ملايين فلسطيني الذين تحكمهم أو تفرغ أراضيهم أو تمنحهم حقوقاً متساوية.
سترفض إسرائيل ذلك كلّه لكنّ كل ما تفعله لن يصب في مصلحتها. وسيقضي بذلك الفلسطينيون وبضربة واحدة على هيمنة إسرائيل على الخطاب السياسي وسيغيرون قواعد اللعبة القاتلة التي تلعبها ضدهم.
لن تلقى هذه الاستراتيجية رواجاً في صفوف الفلسطينيين الذين لا يرغبون في أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين من الدرجة الثانية. لكن، هل حياتهم أفضل الآن تحت الاحتلال؟ وهل من خيار آخر في ظلّ الظروف الحالية؟ أظنّ أنه في حال اعتمدوا هذه الخطة، لن يخسروا أي شيء باستثناء أوهامهم، وعند هذا المفترق الخطير في التاريخ الفلسطيني قد يكون هذا السبيل الوحيد لتفادي اضمحلال قضيتهم. ستكون الطريق قاسية ومؤلمة أمامهم لكنّها تشكّل فرصة لبناء الدولة الديموقراطية الواحدة التي تطمح إليها مجموعة رام الله والتي ستسمح للاجئين بالعودة إلى أرض أجدادهم.
دراسة مقارنة بين كل من قنوات ‘الجزيرة’ و’العربية’ و’الحرة’
لماذا تُعد قناة 'الجزيرة' الإخبارية قناة مثيرة للجدل؟
فايز شاهين(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
يكثر الحديث بين الإعلاميين والمهتمين بالإعلام عن تغطيات القنوات الإخبارية للأحداث الساخنة في منطقتنا العربية ويقارنون بينها باستمرار، كموضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. عند تتبع آراء المهتمين بهذه التغطيات، يُلاحظ أن آراءهم غير مبنية على أسس واحصائيات علمية، بل على أهواء ومواقف شخصية تناسب انتماءاتهم السياسية والفكرية ومصالحهم الذاتية.
لقد بحثت في موضوع التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في رسالتي للدكتوراه التي حملت العنوان التالي: ‘التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في النشرات الإخبارية الرئيسية لكل من قناة الجزيرة ‘حصاد اليوم’ وقناة العربية ‘أخبار السادسة’ وقناة الحرة ‘العالم اليوم’. الدراسة اعتمدت على جميع التقارير التي’بُثت عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في القنوات الثلاث طوال أشهر أيار/مايو وحزيران/يونيو وتموز/يوليو من عام 2005.
في هذا المقال سأعرض نتائج التحليل الكمي النوعي الخاصة بظهور الجهات الفاعلة في الصراع، من فلسطينيين وإسرائيليين ووسطاء دوليين، في كل من المقابلات الإخبارية والتقارير الإخبارية المصورة والتصريحات السياسية، كما ظهرت في الفترة الزمنية موضوع الدراسة، مركزاً على الجهات الفاعلة الفلسطينية بصورة خاصة.
الجهات الفاعلة في المقابلات الإخبارية:
وهي المقابلات التي تجريها القنوات الإخبارية الثلاث في نشرات أخبارها الرئيسية مع سياسيين وخبراء ومحللين سياسيين وصحافيين وغيرهم للتعمق في خبر ما. في فترة الدراسة أجرت قناة الجزيرة الإخبارية 52 مقابلة مع فلسطينيين و13 مقابلة مع إسرائيليين و11 مقابلة مع وسطاء دوليين و7 مقابلات إخبارية فقط مع مراسليها. أما العربية فأجرت 36 مقابلة مع فلسطينيين و7 مقابلات مع إسرائيليين و7 مقابلات مع وسطاء دوليين و12 مقابلة مع مراسليها. في حين أجرت قناة الحرة 7 مقابلات إخبارية مع فلسطينيين و5 مع إسرائيليين و3 مقابلات مع وسطاء دوليين و17 مقابلة إخبارية مع مراسليها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
الملاحظ هنا أن قناتي الحرة والعربية تجريان مقابلات مع مراسليها أكثر من قناة الجزيرة. أن تجري قناتي العربية والحرة مقابلات مع مراسليها يعني’أنها تسعى لتقديم معلومات إخبارية موضوعية عن الحدث لمشاهديها. أما إقبال قناة الجزيرة على إجراء مقابلات إخبارية مع غير مراسليها، يؤشر إلى أن القناة تسعى للحصول على وجهات نظر عن الحدث وتفسيرات له. وهذا أمر يخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي لدى المشاهدين. إذ من الممكن أن يقبل المشاهد وجهة نظر المراسل باعتباره محايداً وموضوعياً، أما الآراء التي تُعبّر عنها أطراف سياسية في صراع ما، فتخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي والحزبي وتسمح بشق صفوف المشاهدين. ومن هنا تُصبح القناة نفسها محل جدل.
لو أخذنا ظهور الفلسطينيين وحدهم في المقابلات الإخبارية، سنجد أن الجزيرة أجرت 86′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيين و4′ مع محللين سياسيين و10′ مع فئات مجتمعية أخرى. أما قناة العربية فأجرت 72′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيين و14′ مع محللين سياسيين و14′ مع فئات مجتمعية أخرى. أما قناة الحرة فأجرت 86′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيين و14′ مع محللين سياسيين ولم تُجرِ مقابلات إخبارية مع فئات أخرى.
الملاحظ هنا أن الجزيرة لا تعطي مجالاً للمحللين السياسيين الذين هم في العادة محللون محايدون كما تعطي كل من قناتي العربية والحرة مجالاً لهم. عدم منح قناة الجزيرة مجالاً أوسع للمحللين السياسيين المحايدين، يخل في توازن التغطية الإعلامية، إذ يقع معظم ثقل التغطية على آراء الخصوم السياسيين المتضاربة، من دون وجود آراء محايدة وموضوعية بحجم وثقل مناسبين توازن آراء السياسيين. ما يجعل المشاهد يظن أن القناة تركز على اختلاف الآراء وأنها تسعى لإذكاء الخلافات بين الخصوم السياسيين.
لو وزعنا السياسيين الفلسطينيين في المقابلات الإخبارية على أحزابهم السياسية، لوجدنا أن الجزيرة تجري 59′ من مقابلاتها الإخبارية مع سياسيي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، و11′ مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، و4′ مع حركة الجهاد الإسلامي، و4′ مع المبادرة الفلسطينية، و2′ مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و6′ مع سياسيين مستقلين. أما قناة العربية فتجري 46′ من مقابلاتها الإخبارية مع حركة فتح، و16′ مع حركة حماس، و3′ مع الجبهة الشعبية، و6′ مع سياسيين فلسطينيين مستقلين. في حين تجري قناة الحرة 43′ من مقابلاتها الإخبارية مع حركة فتح، و29′ مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، و14′ مع سياسيين فلسطينيين مستقلين.
أي أن قناة الجزيرة أجرت مقابلات إخبارية مع خمس حركات فلسطينية من مجموع ست حركات (الحركة الوحيدة التي لم تُجرٍ معها قناة الجزيرة مقابلات هي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين). وقناة العربية أجرت مقابلات إخبارية مع ثلاث حركات من أصل ست، لم تكن حركة الجهاد الإسلامي منها. أما قناة الحرة فأجرت مقابلات إخبارية مع حركتين سياسيتين فلسطينيتين فقط من أصل ست، لم تكن حركتا حماس والجهاد منها. أي أن قناة الجزيرة تلتزم هنا ببُعد مهم من أبعاد جودة الأخبار، وهو بُعد تنوع آراء أطراف الصراع.
يبدو أن مجرد سماح قناة الجزيرة لممثلي الحركات الإسلامية بالظهور في مقابلات نشرات أخبارها، في الوقت الذي تتجنب فيه قنوات أخرى ذلك، يجعلها تبدو مختلفة عن غيرها، ويتصوّر المشاهد أنها تدعم الحركات والأحزاب السياسية الإسلامية، في حين أن النتائج تُثبت أن الحركات العلمانية (كحركة فتح الفلسطينية مثلاً) تظهر في نشرات قناة الجزيرة أكثر من الحركات الإسلامية وبفارق كبير. فإن كان العلمانيون يطالبون قناة الجزيرة بالتوازن، يعني أن على الجزيرة زيادة عدد مرات ظهور سياسيي حركة حماس بنسبة 24′ مما هو عليه الحال الآن، حتى تتعادل مع حركة فتح العلمانية، وقس هذا الأمر على جميع الحركات الإسلامية في البلاد العربية.
كذلك من الملاحظ أيضاً أن نسبة ظهور سياسيي حركة حماس الإسلامية في قناة العربية أكثر من نسبة ظهورهم في قناة الجزيرة. إذ أن نسبتهم في قناة العربية تبلغ 16′ أما في قناة الجزيرة 11′ فقط. وكذلك المدة الزمنية التي منحتها قناة العربية لسياسيي حركة حماس أطول من المدة الزمنية التي منحتها قناة الجزيرة لهم، إذ منحت قناة العربية 15′ من مجموع مدة مقابلاتها لحركة حماس، أما الجزيرة فمنحتها 13′ فقط. على الرغم من ذلك لا أحد يتهم قناة العربية بالتحيز للحركات الإسلامية في فلسطين بعكس قناة الجزيرة.
الجهات الفاعلة في التقارير الإخبارية:
وهي الجهات التي تقتبس القنوات الثلاث أقوالاً لها في تقاريرها الإخبارية. في فترة الدراسة تم إحصاء 911 اقتباساً لأطراف الصراع من فلسطينيين وإسرائيليين ووسطاء دوليين في التقارير الإخبارية. كان نصيب قناة الجزيرة منها 225 اقتباساً، وقناة العربية 236 اقتباساً، أما قناة الحرة فكان نصيبها 400 اقتباس صوتي.
إن ارتفاع عدد الاقتباسات الصوتية لدى قناتي العربية والحرة مرتبط بارتفاع عدد التقارير الإخبارية المصورة لديهما، خاصة ارتفاع عدد تقارير المراسلين مقارنة بالجزيرة، إذ بلغت نسبتها لدى قناتي العربية والحرة 22′ لكل واحدة منهما، في حين بلغت نسبتها 14′ فقط لدى قناة الجزيرة. إن قلة التقارير الإخبارية للمراسلين وزيادة المقابلات الإخبارية لدى قناة الجزيرة، يسمح بتقليل المعلومات الإخبارية المحايدة لصالح الآراء السياسية المثيرة للجدل، مما يخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي لدى جمهور المشاهدين.
لو أخذنا السياسيين الفلسطينيين وحدهم لدراسة ظهورهم في التقارير الإخبارية، لوجدنا أن القنوات الثلاث قد بثت ما مجموعه 383 اقتباساً صوتياً لهم. كان نصيب قناة الجزيرة منها 70 اقتباساً، وقناة العربية 105 اقتباسات، وقناة الحرة 208 اقتباسات.
في قناة الجزيرة كان نصيب حركة فتح 55′ من مجموع اقتباساتها للسياسيين الفلسطينيين، أما حركتا حماس والجهاد الإسلامي 9′ لكل واحدة منهما، و6′ للجبهة الشعبية، و3′ لكل من المبادرة الفلسطينية والجبهة الديمقراطية وحركة فدا الفلسطينية، أما السياسيون المستقلون فكان نصيبهم 12′.
في قناة العربية كان نصيب حركة فتح 64′، و10′ لحركة حماس، في حين نالت كل من حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية 4′، الجبهة الديمقراطية 6′، حركة فدا 2′، والمستقلون 10′، في حين لم تنل المبادرة الفلسطينية أي نسبة.
في قناة الحرة كان نصيب حركة فتح 61′، وحركة حماس 9′، والجهاد الإسلامي 6′، أما الجبهة الشعبية والمبادرة الفلسطينية فنالت كل واحدة منهما 4′، والجبهة الديمقراطية وفدا 1′، أما المستقلون فكان نصيبهم 14′.
من الواضح هنا أيضاً أن حركة فتح تتصدر جميع الحركات الفلسطينية وبفارق كبير. ومن الملاحظ أن نسبة اقتباسات سياسيي حماس في قناة الجزيرة أقل من نسبتها في قناة العربية وتتعادل في نسبتها مع قناة الحرة. وهذا دليل آخر على أن قناة الجزيرة لا تحابي حركة حماس الاسلامية على حساب حركة فتح العلمانية.
الجهات الفاعلة في التصريحات السياسية
المقصود بالتصريحات السياسية هي التصريحات التي يُدلي بها سياسيون مهمون وتكون خبراً مستقلاً بذاته. لو وزعنا التصريحات السياسية على أطراف الصراع الثلاثة، لوجدنا أن قناة الجزيرة قد بثت من مجموع تصريحاتها 30 تصريحاً للفلسطينيين (71′)، و8 للإسرائيليين (19′) و4 للوسطاء الدوليين (10′). أما قناة العربية فبثت 14 تصريحاً للفلسطينيين (64′) من مجموع تصريحاتها، و6 للإسرائيليين (27′)، و2 للوسطاء الدوليين (10′). في حين بثت قناة الحرة 13 تصريحاً للفلسطينيين (42′) و10 للإسرائيليين (32′) و8 للوسطاء الدوليين (26′).
من هذه الاحصائية يتضح أن قناة الجزيرة لا تحابي الاسرائيليين على حساب الفلسطينيين، بل إن نسبة ورود تصريحات السياسيين الإسرائيليين في كل من قناتي العربية (27′) والحرة (32′) أكثر بكثير من ورودها في قناة الجزيرة (19′).
لو أخذنا تصريحات الفلسطينيين وحدهم لوجدنا أن قناة الجزيرة بثت 17 تصريحاً لسياسيي حركة فتح، و10 تصريحات لحركة حماس، وتصريحين لحركة الجهاد الاسلامي. أما قناة العربية فبثت 12 تصريحاً لحركة فتح، وتصريحا واحد لكل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في حين لم تبث قناة الحرة إلا 13 تصريحاً لسياسيي حركة فتح، أما الحركات الإسلامية فلم تحظ لدى الحرة بأي تصريح.
من الواضح هنا أن عدم توازن القنوات الأخرى بين الحركات الفلسطينية في تغطيتها الإعلامية، يُظهر قناة الجزيرة التي تسعى للتوازن بينها وكأنها منحازة للحركات الإسلامية. مع العلم أن التوازن شرط أساسي من شروط المهنية وجودة الأخبار.
يمكن تلخيص كل ما سبق بالنقاط التالية:
إن إجراء قناة الجزيرة مقابلات إخبارية مع السياسيين أكثر من مراسليها، يفتح باباً للاستقطاب السياسي لدى المشاهدين، وبالتالي يشعر المشاهد أن القناة مثيرة للجدل.
عدم منح قناة الجزيرة مجالاً أوسع للمحللين السياسيين المحايدين، يجعل المشاهد يظن أن القناة تركز على اختلاف الآراء وأنها تسعى لإذكاء الخلافات بين الخصوم السياسيين.
سعي الجزيرة للتنوع في آراء الأطراف المتنازعة في قضية ما بعكس القنوات الأخرى يخلق منها قناة مثيرة للجدل، مع العلم أن بُعد التنوع في التغطية الإعلامية من أهم أبعاد جودة الأخبار.
تجنب المحطات الأخــــرى الحديث مع المعارضة الإسلامية في بعض أشكال عرضها الإخبارية، يُظهر الجزيرة وكأنها منحازة إلى التيارات الإسلامية.
إن قلة التقارير الإخبارية للمراسلين يسمح بتقليل المعلومات الإخبارية المحايدة لصالح الآراء السياسية المثيرة للجدل، مما يخلق نوعاً من الاستقطاب السياسي لدى جمهور المشاهدين. مع أن قصد الجزيرة من ذلك إفساح مجال أكبر لأطراف الصراع للتعبير عن آرائهم، ولا تقصد إذكاء النعرات السياسية والحزبية.
النتائج تبين أن قناة العربية تتحدث أكثر إلى سياسيي حركة حماس وتمنحهم وقتاً أطول في نشرات أخبارها من قناة الجزيرة. وعلى الرغم من ذلك تُتهم الجزيرة بالتحيز لحركة حماس بعكس قناة العربية.
قناة الجزيرة لا تحابي الاسرائيليين على حساب الفلسطينيين، بل إن نسبة ورود تصريحات السياسيين الإسرائيليين في كل من قناتي العربية والحرة أكثر بكثير من ورودها في قناة الجزيرة.
عدم توازن القنوات الأخرى بين الحركات الفلسطينية في تغطيتها الإعلامية، يُظهر قناة الجزيرة وكأنها منحازة للحركات الإسلامية. مع العلم أن التوازن في نشرات الأخبار شرط أساسي من شروط المهنية وجودة الأخبار.
إن التزام قناة الجزيرة بالمهنية وحرصها على جودة أخبارها من حيث إبرازها لتنوع الآراء، وتعدد ظهور أطراف الصراع في تغطيتها الإعلامية لقضية ما، وسعيها للتوازن بينها، يخلق منها قناة مثيرة للجدل. فهل يطالب منتقدو قناة الجزيرة بأن تكون القناة غير مهنية ولا متوازنة وخالية من تنوع الآراء، حتى تُرضي رغباتهم؟
كن حيث شئت.. فلا يمكن ان اكون خلف امريكا واسرائيل
سائد العزة /القدس العربي
مهما كانت انتقاداتك وتحفظاتك على القائد السوفييتي جوزيف ستالين، مهما كانت وجهة نظرك السياسية تجاه الاتحاد السوفييتي وطبيعة حكمه طوال مسيرته موافقا له او معارضا الا انك لا تملك سوى الانحناء اكراما وتقديرا للجيش الاحمر والشعب السوفييتي وتضحياته بمواجهة جيش النازية الهتلرية بمعركة ستالينغراد. تلك المعركة التي شكلت نقطة تحول في مسير الحرب العالمية الثانية، وادت الى انكسار الجيش الالماني واندحاره بعد معركة استمرت دون توقف ولو لدقيقة واحدة لمدة 180 يوم، قدم فيها أهالي المدينة وجيشها اسمى صور التضحية والبطولة الانسانية في الدفاع عن أرض الوطن ضد الغزاة، لتصبح المدينة بعد انتهاء الحرب محجا للزوار من كل العالم قادمين لاستلهام روح الصمود والتحدي والوطنية التي لم تنقذ المدينة فقط وانما انقذت البشرية وحضارتها من همجية هتلر ومشروعه المدمر.
ومهما كانت انتقاداتك وتحفظاتك على القائد السوري بشار الأسد وبطبيعة الحال السيد حسن نصرالله فانك لا تستطيع انكار انجازات الجيش العربي السوري وتضحيات افراده وبطولة الشعب السوري وحزب الله بصمودهم الاسطوري على مدى أكثر من عامين بحربهم ضد الارهابيين من جبهة النصرة والقاعدة ومشروعهم الممول من دول اقليمية وعالمية الرامي لاسقاط الدولة السورية ، تلك القوى الارهابية التي دخلت الأراضي السورية بتمويل اجنبي لتسرق حركة الاحتجاج بداخل الشعب السوري ومطالبه الاصلاحية نجحت بخطف القيادة واصبحت الطرف الاساسي بالصراع مع النظام والجيش والشعب السوري.
هذه القوى ومكونها الاساسي من المقاتلين الاجانب القادمين لسورية من شتى انحاء العالم؛ نجحت باحتلال مدينة القصير منذ أكثر من عام،هذه المدينة التي تقع على مفصل الطرق الواصل بين سورية ولبنان لتصبح المدينة فاصل بشري وجغرافي يقطع التواصل بين الجيش العربي السوري وحليفه على الحدود اللبنانية من مقاتلي حزب الله وبنفس الوقت مصدر للامداد العسكري واللوجستي للمعارضة،لذا اتت معركة القصير كمعركة مصيرية باعتراف جميع المحللين العسكريين والسياسين فالنصر والحسم لاحد الطرفين عسكريا يصب سياسيا في المفاوضات بين الروس والامريكان بجنيف 2.
بفجر الخامس من حزيران سيطر الجيش العربي السوري على القصير واعادها لحضن الدولة السورية بعملية نوعية لم تخرج كافة تفاصيلها؛ الا ان العنوان الرئيسي لها هو الاحترافية بالتنسيق والتكامل بين عناصر الجيش العربي السوري والمقاتلين من حزب الله، وبالمناسبة لا داعي لاستنكار تدخل حزب الله ومشاركته بالقتال لا سيما اذا ما عرفنا ان من بين جبهة النصرة مقاتلين من معظم الدول العربية والاوروبية وكندا واستراليا والسبب الاخر انه وبعد الاعتداء ‘الاسرائيلي’ الاخير على سورية في الشهر الماضي كان الرد السوري متطابقا مع رد حزب الله وهو تغير قواعد الأشتباك مع العدو الصهيوني بمعنى ان ما كان محظورا على الدولة السورية نتيجة لاتفاق التهدئة بعد حرب تشرين بالعام 1973 لم يعد كذلك فأعلنت سورية دعمها اللامحدود لحزب الله واعلن السيد حسن نصرالله دعمه للمقاومة السورية.
نعم وكما حال ستالينغراد هو حال القصير مدمرة البنى والبنيان ولايخلو بيت او عمارة من اثار قذيفة او انفجار لغم، ولاتخلو عائلة من شهيد او جريح نزف دمه على ارضها لكن وكما نهضت ستالينغراد ستنهض القصير من تحت الرماد لتصبح حمص أجمل وسورية الاجمل.
انتصار الدولة السورية بجيشها وشعبها وقيادتـــها بالقصـــــير هو نصر لحلفاء سورية في ايران الشيعية والصين الشـــــيوعية على حد السواء،هو انتصـــــار للجناح العسكري السني لحركة المقاومة الاسلامية حماس على الجــــناح السياسي السني للحركة، هو انتصار للقوى والتيارات الشعبية والجماهير العــــربية التي لا ترى سورية سوى حرة الارادة والمشــروع خارج الاملائات العسكرية والاقتصادية والسياسية لحلف الناتو والبنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية.. هزيمة قوى الارهاب بالقصير هو هزيمة لاردوغان وحمد والحمدلله هزيمة لحملات التضليل الأعلامي وناشري الفتن المذهبية والطائفية بالمنطقة و هزيمة لعالمية هذا الأعلام المتحكم به صهيونيا.
دعماً لعروبة القدس ورفضاً للتهويد والاستيطان
رأي الرأي الأردنية
حسم جلالة الملك عبدالله الثاني في شكل لا يقبل التأويل او الاجتهاد أو أي تفسيرات مغايرة الموقف الاردني الثابت والمعلن والمبدئي والمستند الى تراث هاشمي في الحفاظ على عروبة القدس ودعم صمود أهلها والتصدي لكل الاجراءات الاسرائيلية التي تستهدف تغيير هوية المدينة وعروبتها, وذلك خلال استقبال جلالته يوم أمس في عمان البطريرك كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والاردن.
من هنا وفي اطار القراءة الملكية العميقة لطبيعة الصراع وتعقيدات المشهد الاقليمي والمخاطر التي تتهدد القدس وهويتها العربية الاسلامية والمسيحية, جاءت اشارة جلالته اللافتة الى ان استمرار اسرائيل في عمليات الاستيطان يقوض فرص تحقيق السلام, لتضع الامور في سياقها الطبيعي وبخاصة ان التقويض هذا يطال أيضاً الجهود المبذولة لإعادة اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين استناداً الى حل الدولتين الذي إذا ما طبق ووجد طريقه الى التنفيذ فإنه سيفضي وبالضرورة الى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعلى خطوط الرابع من حزيران 1967.
من جهة اخرى وفي اطار تأكيد جلالة الملك على مواصلة مسيرة الاصلاح الشامل وبناء الاردن النموذج الذي تتحقق فيه الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص, جاء استقبال جلالته في عمان يوم أمس, وفد جمعية دواوين المظالم المتوسطية ليعكس في جملة ما يعكسه اهتمام قيادتنا, بلدنا وشعبنا بتحقيق وتطوير اسس العدالة وترسيخ سيادة القانون والشفافية في اطار منظومة النزاهة والاداء العام ومسيرة الاصلاح الشامل في الاردن ما يستدعي أيضا وكما لفت جلالة الملك الى اهمية التنسيق بين مؤسسات دواوين المظالم في حوض البحر الابيض المتوسط, بما يضمن دعمها وتقوية عملها والنهوض بها وتبادل الخبرات فيما بينها وبخاصة ان اختيار الجمعية الاردن لعقد مؤتمرها السنوي السابع تحت معالجة افضل للمنظمات الادارية انما يشكل تقديرا للاردن واعترافا بما ينهض به من اصلاح افقي وعامودي وبما يسعى الى تحقيقه من خلال تعزيز قيم حماية الديمقراطية وسيادة القانون وتعزيز السلم الاجتماعي في حوض البحر الابيض المتوسط وهي اهداف تلتقي مع اهداف الجمعية ذاتها التي عبرت عن اعجابها بالتجربة الاردنية وريادتها في هذه المجالات.
رداً على القرضاوي: يجب أن يظل الصراع سياسياً
طاهر العدوان/الرأي الأردنية
دعا الشيخ الجليل عبد الرحمن القرضاوي إلى (الجهاد) في سوريا داعياً الأفراد والملوك والقادة في الدول الإسلامية إلى مواجهة ايران وحزب الله والميليشيات المذهبية القادمة من العراق وغيرها التي تجمعت في سوريا لمساعدة (الطاغية) في قتل شعبه. ومع ان الشيخ حرص خلال لقائه مع فضائية العربية على التأكيد بانه ليس ضد الشيعة ولا العلويين إنما ضد (هؤلاء المتعصبين منهم) الذين يثيرون الفتنة، إلا ان في دعوة الشيخ العالم، الكثير من المحاذير والمخاطر.
لقد بدت دعوة القرضاوي وكأنها رد على خطاب نصر الله الشهير الذي يطفح بالتحريض المذهبي ويفيض بكل ما في تراث الطائفية البغيض من تمجيد لاهدار الدماء بين صفوف الأمة وهو ما فعله في القصير مع المرتزقة الآخرين، وكان على الشيخ ان يواجه هذا السعار المذهبي بما يقطع الطرق عليه ويجنب العرب والمسلمين الوقوع في الشرك القديم الجديد الذي يريده لهم الصهاينة والحاقدون الموتورين من دعاة إهدار دماء المسلمين على الهوية الطائفية او بدعوى التكفير وغيره رجوعاً إلى ما في الكتب الصفراء العائدة الى زمن الفتنة الكبرى قبل ١٤ قرناً.
لقد اعلن الشيخ القرضاوي ان مؤتمراً جامعاً لعلماء المسلمين سيعقد نهاية هذا الأسبوع في القاهرة لتدارس الموقف من سوريا ونأمل ان يكون هذا المؤتمر مناسبة لوأد الفتن في مهدها وقطع كل الطرق عليها وليس لتدشين حرب سنية شيعية تأكل الاخضر واليابس. فالصراع في سوريا في غاياته كان ولا يزال سياسياً، الشعب السوري لم يعلن ثورته ويقدم كل هذه التضحيات الجسيمة بالأرواح والممتلكات من اجل فتوى دينية، إنما من اجل إقصاء حاكم تورث السلطة عن اب انتزعها قبل ٤٣ عاما بانقلاب عسكري، والأب والابن في رقبتهما الاف الضحايا وفي ادائهما طغيان وظلم يفوق ما في كوريا الشمالية.
حزب الله لا يمثل شيعة لبنان وعندما يقف علماء مثل محمد حسن الأمين وهاني فحص و٦ آخرون ضد تدخل الحزب في سوريا فهم يعبرون عن روح هذه الطائفة الكريمة بينما يحصد حسن نصر الله الولاء له من المئة مليون دولار التي يتلقاها شهرياً من خامئني ليشتري فيها الفقراء من الجنوب والضاحية. ونظام الملالي في طهران لا يمثل الشعب الإيراني، لقد استغرب العالم كله كيف قمع هذا الشعب بلا رحمة في الانتخابات الرئاسية قبل الحالية، وعدد اللاجئين الإيرانيين في أوروبا وأمريكا والعالم يقاربون الثلاثة ملايين هاربون من نظام يحاكي العصور الوسطى، فالشعب يزداد فقراً فيما الملالي وأبناؤهم يمسكون باقتصاد البلاد وتجارته.
(السنة) او الجماعة في الأمة الإسلامية التي تمثل أكثر من مليار مسلم او الغالبية العظمى، والتي يتحدث القرضاوي باسمها وكذلك العلماء الذين سيجتمعون في القاهرة يجب ان لا تجر إلى ساحات فتن يخطط لها حكام طهران الذين يوظفون المذهبية من اجل بسط نفوذهم وسيطرتهم على العالم العربي. مواجهة هذا المخطط في سوريا وغير سوريا هي مهمة الدول التي تقف حكوماتها متفرجة على شلالات الدم السوري المستباح ولا تحرك ساكنا امام الاعتداء الروسي الإيراني الصارخ على الامن القومي العربي.
على الدول العربية ان تقوم بدورها السياسي والمالي في مساندة الشعب السوري وثورته وفي المقدمة رفع الحصار عن ما يحتاج من سلاح وعتاد لدحر الطاغية وآلته التي توغل في الدم السوري، هذا هو السبيل لوأد الفتنة وإخراج الإيرانيين وعصابات نصر الله الطائفية من سوريا، كما ينطبق الحال على كل جماعة اندست بين صفوف الشعب لتسلبه ثورته وتحرفها عن أهدافها كي تواصل سفك الدماء كما نشهد من أفعال قرائنها اليوم في بنغازي وطرابلس ليبيا.
إسرائيل و «اتفاق الرعاية» الأردني - الفلسطيني
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
لم ننتظر من نتنياهو وحكومته، احترام الاتفاق الأردني – الفلسطيني بخصوص المقدسات ورعايتها، لأن إسرائيل لم تحترم أصلاً، ما ورد في اتفاقية وادي عربة بهذا الخصوص..حكومةٌ لم تحترم توقيعها والتزاماتها، لن تحترم اتفاقات لم توقع عليها، ولم تكن طرفاً فيها..وهذا بالضبط، ما قاله بينامين نتنياهو قبل يومين على أية حال.
قبل التوقيع على الاتفاق المذكور، وبالأخص بعده، حرصت إسرائيل على توجيه رسائل قاطعة في دلالاتها: القدس بما فيها وعليها، فوق الأرض وتحتها، هي العاصمة الأبدية الموحدة لـ”الدولة اليهودية”: كثفت مشاريعها الاستيطانية كما لم يحدث منذ سبع سنوات وفقاً لآخر التقارير، وتعمدت تسهيل “الانتهاكات” و”الارتكابات” بحق الأقصى والمقدسات، وسمحت لقطعان المستوطنين وغلاة المتطرفين بتدنيس ساحاته وبواباته، غير آبهة لا بتوقيعها على المعاهدة التي كفلت الرعاية الأردنية للمقدسات، وغير ملتفتةٍ إلى الاتفاق الأردني – الفلسطيني بهذا الشأن.
قلنا من قبل، ونقول اليوم، أن ليس للأردن أو للسلطة من تأثير أو “دالة” على الطبقة السياسية – الأمنية الحاكمة في إسرائيل..هذه الطبقة تعرف مسبقاً، “السقوف” التي ستنتهي إليها “ردّات أفعالنا”، وتتصرف وفقها..تعرف أن خيار “المفاوضات” و”التزام طريق السلام”، هو خيار “فوق استراتيجي”، وأن أحدا لن يذهب إلى المس بـ”أوسلو” أو “وادي عربة”..كما أن أحداً لن يصل حدّ المس بما بُني على هذين الاتفاقين..وكل ما هو دون ذلك، مقبول ومحتمل من الجانب الإسرائيلي.
إسرائيل تدرك أن “السلام” مع الأردن والسلطة، سيتضرر من دون ريب، بفعل انتهاكها لحرمة المسجد وتهديدها للطابع الفلسطيني/العربي/ الإسلامي/ المسيحي للمدينة المقدسة، خصوصاً على المستوى الشعبي، لكن من قال أن إسرائيل مهتمة بهذا الجانب..من قال أن إسرائيل لم تغادر منذ زمن “أحلام الشرق الأوسط الجديد” و”صورته الوردية” التي رسمها شمعون بيريز..إسرائيل معنية أساساً، حتى لا نقول، معنية فقط، بالجانب الأمني في علاقاتها مع الأردن والسلطة...
إسرائيل معنية بـ”مظاهر السلام” و”الإطار القانوني” الملزم للمعاهدات المبرمة (المُلزم للجانب العربي حصراً)..لأنها توفر المظلة السياسية والغطاء القانوني، للتنسيق الأمني..بخلاف ذلك، لن يلطم الإسرائيليون خدودهم، إن تراجعت صادرات “المانجا” لعمان، أو إن تقلص استيراد الفلسطينيين للملابس والأغذية الإسرائيلية..ومن يقارن حجم الاقتصاد الإسرائيلي وصادراته، بحجم ما نستورد ويستوردون من سلع وخدمات إسرائيلية، يدرك أننا لا نمتلك الكثير من أوراق في هذا المجال.
كثيرون في فلسطين أنحوا باللائمة، سراً وعلانية على الرئيس الفلسطيني لتوقيعه الاتفاق مع الأردن..وكثيرون في الأردن، ذهبوا شرقاً وغرباً في تفسير معنى الاتفاق ومغزى توقيته، ودائما بخلفية “نظرية المؤامرة”، اليوم نكتشف أن الاتفاق ألقى بأعباء إضافية على الأردن، من دون أن يرفعها عن كاهل الفلسطينيين ورئيس سلطتهم ومنظمتهم.
مواجهة التهديد الإسرائيلي للأقصى والمقدسات، يتطلب ما هو أبعد من مجرد الإدانة المتكررة والشجب المتواصل..ومن الجانبين الأردني والفلسطيني على حد سواء..يجب أن تدرك إسرائيل (وبالملموس)، أن لا “سلام” ولا “معاهدات” معها، من دون القدس والمقدسات..يجب أن يعرف نتنياهو وحكومته، أن القدس وليس أوسلو ووادي عربة، هي “الثابت الأعلى” في السياستين الأردنية والفلسطينية..وأن أي مس بها وبمقدساتها، سيجعل السلام “القادم” مستحيلاً، والسلام “المتحقق” فصلاً من التاريخ، لا أكثر.
وإذا كان من غير المفيد أن نبدأ “ردات فعلنا” من السقف الأعلى للمواقف والإجراءات، فلا بأس من التدرج في هذا المجال..التلويح بخفض مستوى العلاقات، وقف التنسيق الأمني، سحب السفراء وإغلاق السفارات، وصولاً لإعادة النظر في المعاهدات المبرمة.
لا تحتمل السلطة سلاماً من دون القدس ومقدساتها..ولا يحتمل الأردن سلاماً مع إسرائيل من دون القدس ومقدساتها أيضاً، خصوصاً بعد أن “ألزمنا” أنفسنا برعاية المقدسات وحفظها وصونها من التهديد والتدنيس، وعلينا أن نبدأ تحركاً جاداً وحازماً، قبل أن تدهمنا التطورات، ونجد أنفسنا قد استيقظنا على ضياع المدينة واندثار المسجد.
صمت وصمود وغناء للنازحين الفلسطينيين
مادونا سمعان/السفير
لأجل 54 ألف فلسطيني نزحوا إلى لبنان بعد لجوئهم إلى سوريا، ولأجل خمسين ألفاً سينزحون وفق التوقعات، غنّت أمس الأول الفنانة أميمة الخليل على «مسرح المدينة»، لأطفال كمحمد الدرّة يفضلون العودة إلى الديار بدلا من دراجة جديدة، ولأمهات كسهام أبو سيته تصمد من دون زوجها الذي خسرته على طريق الجلجلة الطويل، فأُجبرت على حمل جمرات النزوح واللجوء، وحدها.
استمتع الحضور بالصوت المقاوم خلال أمسية نظّمتها «مؤسسة التعاون» ـ فرع لبنان، ويعود ريعها لإعانة وإغاثة النازحين الفلسطينيين من سوريا. فكان الصوت والهدف سببين كافيين لأن يبحث المنظمون، لا سيما منسقة البرنامج مي حمادة، عن أماكن إضافية لجمهور ضاقت به قاعة المسرح.
قبل الحفل، بثت صور لنازحين إلى لبنان، حكت من خلالها المؤسسة يومياتهم التي لا تشي بأنهم يحصلون على شيء من دون همّ أو تعب، ما عدا الهواء الذي يتنشقونه. فعلى الفراش نفسه يأكلون وينامون ويدرس الأولاد وتطرّز الأمهات.. لكنّ وجوه أهل الصمود ليست شاكية بل قلقة من مصير مجهول وعدو يحملهم على الرحيل من بلد إلى آخر، ويحرمهم حتى من مشاهدة خيالهم يظلل أرضهم من خلف الشريط الشائك الذي يزنّر فلسطين المحتلة.
بعد النشيدين اللبناني والفلسطيني اعتلت المسرح صبّية فلسطينية هي سلمى زكي، وصل وجهها البشوش بين فقرات البرنامج. وقد استهلت الأمسية بمداخلة مصوّرة للطبيبة الأصغر في العالم الفلسطينية إقبال الأسعد التي تنهي تخصصها اليوم في طبّ الأطفال في قطر. كانت إقبال مفاجأة الحفل.
حضّت إقبال أهلها على الصمود والتحلّي بالأمل، فقالت: «الأمل الأمل الأمل، والصمود الصمود الصمود، لأن إرادتنا يجب أن تبقى ثابتة مهما تكرّرت النكبات والإبادات». وتوجّهت إلى الشباب الفلسطيني تحديداً لتدعوه إلى الكدّ والجهد للوصول إلى الأهداف المرجوة.
ثم قدّمت مديرة المؤسسة في لبنان سلمى اليسير أرقاماً عن أوضاع النازحين الفلسطينيين إلى لبنان كشفتها دراسة أعدّتها «جمعية أنيرا»، وتبيّن أن 97 في المئة من هؤلاء النازحين شهدوا عنفاً، وأن 82 في المئة منهم يعتمدون اعتماداً كاملاً على الإعانات. وشكرت كلا من الفنانتين أميمة الخليل لإحيائها الحفل ونضال الأشقر لتقديمها المسرح.
بعدها كانت شهادة حياة للفلسطينية سهام أبو سيته، وقد باتت واحدة من 54 ألفاً ممن يعيشون معاناة النزوح بعد اللجوء وبعد مسلسلات التهجير من الوطن الأم. استهلتها من تاريخ 27 كانون الأول 2012، وهو التاريخ المفصلي الذي حملها وعائلتها إلى أيام من الرعب والخوف والجوع.
قالت: «كان مخيم اليرموك محاصراً وليس فيه ما يمتّ إلى مفردات الحياة. قررنا أنا وزوجي وأولادي المكوث فيه لأنه لم يكن لدينا خيار آخر، فصرنا ننتقل من مكان إلى آخر داخله لنحمي رؤوسنا. أكلنا الخبز اليابس والمعلّبات المنتهية الصلاحية. ذات يوم خرجت وأولادي لآتي بالخبز. عدنا والخبز بأيدينا لكن زوجي كان قد قتل. بعدها حاولنا الخروج من المخيم والهروب إلى لبنان، لم نتمكن من ذلك إلا بعد ستة أيام». خبرت سهام هذه المعاناة وابنتاها جودي وجنى اللتان لم تكملا عامهما الخامس. وقد سألتها إحداهما: «ماما متى سنموت؟» فردّت: «سهام سنعيش وسنصمد ولن نموت».
تلفت سهام الى أن قصتها ليست قصة فردية بل تشبهها آلاف القصص مثل قصة الطفل معز الذي ولد على الطريق، ورهف التي ما زالت لا تعرف ما هو مصير والدها وحسن الذي بترت رجله..
ثم انطلق البرنامج الفني الذي قدمته أميمة إلى فلسطين «القضية التي تتفرع منها كل قضايا شعوبنا العربية». فكان الجمهور يرافقها غناء تارة ويستسلم لصمت مطبق تارة أخرى، لا سيّما عندما كانت الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان هاني سبليني تنحني أمام صوتها حين كان يستحضر شعر محمود درويش وموسيقى مارسيل خليفة.
على هامش الحفل، إبداع فلسطيني من نوع آخر أتقنته نساء فلسطينيات صنعن لوحات مطرّزة طبقاً لفن التطريز الفلسطيني. فكان عبارة عن معرض يحوي نماذج من 280 قطعة ابتكرتها ونفذتها ووقعتها نحو ثمانين امرأة من مخيمات الرشيدية والمية ومية والبرج الشمالي تحت إشراف رنا أبو عيسى وسعاد أمين جرار.
تجدر الإشارة الى أنه يمكن التبرّع لمصلحة «مؤسسة التعاون» من خلال الاتصال على أحد الرقمين: 303218/01 و307218/01 .
رؤية للدولة الفلسطينية
ناجي صادق شراب/دار الخليج
يخطئ من يعتقد أن الدولة الفلسطينية ستكون مجرد دولة تقليدية، بمعنى دولة بأركانها الثلاثة الأساسية ولا خلاف عليها نظرياً وقانونياً وهي الأرض، والسيادة، والشعب . هذه الأركان الثلاثة لا بد منها لأي دولة، وكذا للدولة الفلسطينية، لكن في الوقت ذاته ستكون لها خصوصية، ورؤية جديدة تفرضها عوامل كثيرة أهمها عوامل الجغرافيا والزمن والتاريخ، إضافة إلى البعدين الديني والحضاري لكل المنطقة التي ستقوم عليها دولة فلسطين . قانونياً نريد دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة وهذه العضوية حتى بالنسبة إلى لدول القائمة هي مجرد بطاقة عضوية وليست واقعاً سياسياً تتمتع به الدول الأعضاء . ونريد دولة كاملة السيادة، والسيادة في زمن العولمة والقوة، ليست كاملة، وحتى الشعب الواحد في زمن المواطنة العالمية والمواطنة الحضارية أصبح أكثر من مواطن يحمل هوية وجوازاً وطنياً . الدولة الفلسطينية في زمن الاحتلال قد تكون آخر الدول التي قد تكون نشأتها بفعل الاحتلال . الدولة الفلسطينية قد تكون رؤية سياسية وتاريخية وحضارية وإنسانية أكثر منها دولة بالمعنى القانوني والسياسي . وتستمد هذه الرؤية مكوناتها من الواقع التاريخي والحضاري والديني، ولا ننسى الواقع الجغرافي الذي يحكم إطار عملها وسيادتها . من هذا المنظور يفترض أن تقدم الدولة الفلسطينية رؤية كاملة، وتقدم نموذجاً في التقدم والديمقراطية والحضارة والرسالة والهدف الذي تحمله . رسالة هذه الدولة وهدفها هي رسالة الأديان والرسل والأنبياء الذين ميزوا أرضها عن غيرها، رسالة السلام والتعايش ونبذ العنف والكراهية والحقد بين الشعوب، رسالة تقوم على المواطنة الواحدة وهي المواطنة السماوية على اعتبار أن كل البشر هم أبناء الله الواحد ولا تمييز بينهم إلا بقدر تمسكهم بهذه المبادئ السماوية الدينية السامية التي تنظم آدمية الإنسان، وتقوم على الحوار والتكامل، وليس الإقصاء، والإلغاء، هى رسالة تعمير وبناء وليس رسالة إفناء وحرب . دولة تنهى ذل الاحتلال البغيض الذي يقوم فقط على إهانة آدمية الإنسان، وكيف يقبل العالم الذي يدّعي التمدن والتمسك بالقيم الإنسانية أن يرى ويسمع كل يوم كيف يهان وتداس كرامة الإنسان الفلسطيني أمام الحواجز، والاعتقالات اليومية، وحصار لقمة العيش، دولة تفرج عن كل أسرى الحرية والكرامة الإنسانية، فكيف لنا أن نرى والعالم معنا هذه الجريمة الإنسانية التي ترقى إلى محاكمة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية . هذا العدد من الآلاف من هؤلاء الأسرى الذي يولدون ويموتون في داخل السجون “الإسرائيلية”، وتمارس “إسرائيل” سياسات المساومة والصفقات التجارية والسياسية بشأنهم، وكأننا أمام نظام جديد من العبودية السياسية في زمن التحولات الديمقراطية وزمن التحرر من العبوديات المطلقة .
دولة تعيد الكرامة الوطنية إلى الإنسان الفلسطيني، وتعيد له الاعتبار كإنسان ومواطن له نفس الحقوق التي يتمتع بها غيره من مواطني الدول والشعوب الأخرى، لأنها تحمل صفة دولة، دولة تعيد إلى الهوية والجواز الفلسطيني قيمتها واحترامها، وتجعل المواطن الفلسطيني يقدم هذا الجواز من دون تردد أو خوف، وتجعله يقول أنا فلسطيني بصوت عالٍ وليس همساً، وتشعره بأنه غير ملاحق بتهمة الإرهاب أو تهمة تعكير سلام وأمن كل الدول .
دولة تعيد إلى الطفل الفلسطيني ابتسامته البريئة والنقية من أي حقد وكراهية وتعصب بسبب الاحتلال، وسياسات الإذلال التي يتلقاها على كل منافذ الدول البرية والبحرية والجوية، وكأن هذا الطفل هو المسؤول عن سلام وأمن العالم بدلاً من الأمم المتحدة . دولة تكون نموذجاً للديمقراطية والتقدم والانفتاح على كل ثقافات الشعوب الأخرى وحضارتها، والإنسان الفلسطيني مؤهل للتكيف والمساهمة والتعايش مع كل هذه الحضارات، فأرض فلسطين التاريخية كانت أرضاً تلتقي وتتفاعل داخلها كل الحضارات والثقافات الأخرى .
هذه هي طريق إنهاء الصراع والحرب والحقد والكراهية . ولذلك نريد دولة خالية من التعصب الديني والأيديولوجي، دولة تسودها ثقافة السلام والمحبة والتعايش، ونبذ الإرهاب والعنف، دولة ميثاقها المحبة الإنسانية، والإيمان بالمواطنة الواحدة .
دولة تكون نموذجاً للسلام العالمي لا تنغلق على نفسها، ولا على حدودها، دولة تتكامل مع غيرها من الدول المجاورة، دولة تحل محل الحرب والصراع لتفكر في رخاء شعوبها، وهذا الرخاء لا يمكن أن يتم من دون رؤية تنموية إنسانية كاملة . دولة توقف التعصب الديني، والفتاوى الدينية والحاخامية وتستبدل بها رؤية جديدة تبحث عن البقاء والنماء . عندها ستنتفي كل مبررات وعناصر الدولة التقليدية من حدود وسيادة .
هذه مجرد رؤية هي أقرب إلى الحلم، لكننا من حقنا جميعاً إن نحلم وأن تكون لدينا رؤية، رؤية تتجاوز حدود المكان والزمان وزمن التعصب والكراهية والحقد .
سداسية حزيران
خيري منصور/دار الخليج
لأنه يوم الأيام كلها وعام الأعوام وربما قرن القرون، كان أولى بنا نحن العرب أكثر من السيد “ريد” أن نقول إن ستة أيام هي التي هزت العالم، ولو كان الكوكب الذي نعيش عليه غربالاً، لما تبقى فيه غير الزؤان لأن ثقوبه واسعة، والهزة عنيفة .
موقفان نستذكرهما الآن وعلى بعد عقود من حزيران، لهما صلة بما يتصوره الآخرون، خصوصاً الأعداء، عنا كعرب .
الموقف الأول في جامعة بريستون الأمريكية، حيث كان مقرراً لاحتفال التخرج أن يرتدي الطلبة العرب أزياء شعبية تمثل تراثهم وفولكلورهم، لكن ما إن وقعت الهزيمة حتى طلبت الجامعة من هؤلاء أن يرفعوا أياديهم فوق رؤوسهم تعبيراً عن الاستسلام، وفي الآونة ذاتها قال قائد سلاح الجو “الإسرائيلي” لصحفي بريطاني، إنه كان بمقدوره تدمير المطارات كلها، لكنه احتفظ باثنين منها لاستراحته الشخصية، رداً على سؤال عما إذا كان المطاران المستثنيان هما الأشد تحصيناً وبالتالي استعصاء على التدمير .
تلك وغيرها تفاصيل ضاعت تحت العناوين الكبرى والبكائيات، لهذا كان أهم ما كتب من نقد ذاتي للمجتمع العربي قادماً من أكاديميين عاشوا في أوروبا وأمريكا، ورأوا وسمعوا عن قرب ما الذي يقال عن شعوبهم، ومنهم د . صادق العظم الذي وجد بهزيمة حزيران مناسبة لنقد ذاتي، وتحميل المهزومين عبء ما جرى لهم . ويخطئ من يظن أن الخامس من حزيران مجرد يوم قد ولى، إنه اليوم الأطول في تاريخنا الحديث، لأنه مستمر حتى هذا الصباح، ولا ندري إلى متى سيواصل نفوذه مادامت الأرض التي احتلت في تلك الحرب لاتزال محتلة وإن بدرجات متفاوتة .
لقد تبدلت تقاويم ومناسبات، وكأن التاريخ ذاته قد استبدل به تاريخ آخر مصنوع، فالعرب لعقود عدة لم يحتفلوا إلا بانتصارات على بعضهم بعضاً، ولم يرفعوا الرايات إلا على ما استُعيد من أشقاء لدودين في حروب الإخوة الأعداء .
وما خشيناه دائماً هو أن بعض الهزائم لا تكون ساحقة فقط، بل فاحشة يمارس من خلالها الغالب “ساديته”، وبالتالي يفرض على المغلوب أن ينتشي بهزيمته لأنه يتحول إلى “ماسوشيّ” يستعذب العذاب ويستمرئ الألم . وثمة فارق هائل بين النقد الذاتي بهدف المراجعة، وبين هجاء النفس وتقريعها، وباستثناءات قليلة قد تكرس القاعدة . كان ولايزال معظم ما يكتب عن حزيران هجاء للذات، والهزيمة لا تكتمل إلا إذا تأقلم معها المهزوم ورأى فيها أمراً واقعاً وبالتالي قَدَرَاً لا فكاك منه .
إن أي يوم أو شهر في السنة وبأي تقويم ميلادي أو هجري، يصلح مناسبة لاستذكار الخامس من حزيران، لأن الستة أيام استطالت وأوشكت أن تصبح ستة عقود .
لم تكن نكسة أو وعكة أو حتى شكلاً نصفياً، بل هي البُحّة الشجيّة في أصواتنا والدمع الذي يرشح من كلماتنا .
إسرائيل تصلى لمتظاهرى تقسيم
فهمي هويدي/الشروق المصرية
لى عدة ملاحظات على الأحداث الجارية فى تركيا، بعضها يتعلق بالشكل والبعض الآخر يتعلق بالموضوع. فيما خص الشكل استوقفنى ما يلى:
• بثت الإذاعة العبرية فى 5/6 تصريحا لموشيه فايغلين رئيس الكنيسيت، قال فيه: إننا نصلى من أجل ان تتواصل المظاهرات فى تركيا حتى يسقط أردوغان. فهو معاد للسامية وسيئ لإسرائيل، كما انه يتبنى مواقف معادية لنا، رغم الشوط الذى قطعناه فى التصالح معه والذى انتهى بتقديم اعتذار رسمى.
• رئيس لجنة الخارجية والأمن فى الكنيسيت افيغدور ليبرمان صرح للتليفزيون الإسرائيلى مساء 7/6، قائلا اننا لسنا معنيين بالتدخل فى الشأن التركى إلا أننى لا استطيع أن أخفى سعادتى بما يحدث هناك.
• فى تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلى مساء اليوم ذاته، قال وزير البنى التحتية سيلفان شالوم: إن إسرائيل يمهمها تحسين العلاقات مع تركيا، لكننا فى الوقت ذاته نرحب بأى تطور يخلصها من حكم العثمانيين الجدد.
فى زاويته اليومية بصحيفة الحياة اللندنية رصد الأستاذ جهاد الخازن يوم 8/6 بعض التعليقات التى نشرتها الصحف الغربية عن أحداث تركيا، كان منها ما ذكرته مجلة كومنترى الليكودية التى أكدت أن السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستانى سيفشل لأنها (المجلة) وليكود إسرائيل يتمنيان ذلك.
وقد أشارت المجلة إلى ان من الأسباب التى أثارت التظاهرات فى استنبول وبعض المدن أن حكومة حزب العدالة قررت بناء مسجد فى ميدان تقسيم (وهذا خطأ لأنها بصدد بناء دار للأوربرا) ثم انها أصدرت قانونا يبعد بيع الخمور عن المساجد بمساحة مائة متر، ولم تذكر أن القانون يقضى بذلك أيضا بالنسبة للمدارس ثم ان ذلك أمر معمول به فى العديد من الدول الأوروبية.
تحدثت المجلة أيضا بتعاطف عن مقارنة استقرار حسنى مبارك فى مصر بالتظاهرات التى خرجت ضد أردوغان فى تركيا، وعلق الكاتب على ذلك بقوله إن مبارك تجاوز الثمانين وكان مريضا يعمل نصف ساعة فقط فى اليوم. أما تركيا تحت قيادة أردوغان فإن اقتصادها زاد بنسبة 100٪ خلال عشر سنوات، ثم ان دخل الفرد ارتفع من ثلاثة آلاف دولار فى السنة إلى 11 ألفا.
أضاف الأستاذ الخازن ان أحد رموز ليكود أمريكا دانيال بايبس كتب مقالا حقيرا ــ الوصف له ــ هلل فيه لما حدث فى استنبول ونشره تحت عنوان «أخبار طيبة من تركيا». أشار أيضا إلى موقع إلكترونى ليكودى تحدث عن صيف تركى ساخن واتهم أردوغان بأسلمة تركيا، الأمر الذى جعله يواجه انفجار بركان غضب الشعب ضده، كما تحدث عن عنوان فى جريدة الديلى تلجراف البريطانية، كان كالتالى: تركيا تتهم بفاشية إسلامية فى التعامل مع بيع الخمور، وحين قرأ الكاتب الخبر وجده منسوبا إلى مالك متجر لبيع الخمور. وعلق على ذلك بقوله ان صاحب خمارة أصبح مرجعا فى الفاشستية الإسلامية المزعومة.
رغم انتقاده للتعليقات السلبية التى صدرت عن الأطراف الصهيونية ورحبت بما اعتبرته اضطرابات تهدد النظام التركى، فإن الكاتب الذى امتدح دور أردوغان انتقد فيه فرديته وعدم ترحيبه بالنقد من جانب الأصوات المعارضة، وتمنى ان ترده التظاهرات إلى أرض الواقع، لكى يرى منه شيئا من التواضع فى المستقبل.
فى عدد جريدة الحياة الذى صدر أمس (الأحد 9/6) وصف مراسلها فى استنبول الزميل يوسف الشريف المشهد فى ميدان تقسيم بقوله إن ساحة الميدان ازدحمت بالخيام التى نصبها المحتجون من مختلف الاتجاهات، (فخيمة العلويين تجاورها خيمة الأكراد من أنصار حزب العمال الكردستانى وقربهم الشيوعيون يتبعهم اليساريون.
وفى مقابلهم خيمة القوميين وآخرون، كما يزور الميدان ناشطون من جماعة الإسلاميين الثوريين الذين يعادون الإمبريالية الأمريكية والرأسمالية. فى الوقت ذاته ملأت الأفق صور مصطفى كمال أتاتورك وناظم حكمت ودنيز غيزميش وتشى جيفارا، كما غطت الصور مركز اتاتورك الثقافى الذى يمتد على أحد اضلاع الميدان والذى أعلن رجب طيب أردوغان نيته هدمه لتشييد مبنى للأوبرا).
تابعت الإعلام السورى الشامت ودفاعه الحماسى عن الحرية والديمقراطية فى تركيا. وشاهدت قناة العالم الإيرانى وهى تواصل الشماتة وتصفية حسابات طهران مع أنقرة جراء مساندتها للجيش السورى الحر، وعلمت انها ضغطت على مراسلها فى أنقرة لكى يتحدث عن ثورة الأتراك وهبوب رياح الربيع على ضفاف البوسفور، الأمر الذى رفضه واضطره للاستقالة من عمله.
وحدثنى أصدقاء عن رفض إحدى القنوات الفرنسية نقل الصورة المحايدة للحاصل فى ميدان تقسيم وترحيبها باستضافة خصوم أردوغان دون غيرهم. وحين وجدت بعض منابر وقنوات الإعلام المصرى تحاول تصفية حساباتها مع الإخوان من خلال الانضمام إلى مواكب الشامتين والمهللين حتى إذا كانوا إسرائيليين، أدركت ان اللدد فى الخصومة لا حدود له، لا أخلاقية ولا وطنية.
سنتحدث فى الموضوع يوم الأربعاء بإذن الله.
أسرار لقاء عمرو موسى وخيرت الشاطر
أحمد منصور/الشروق المصرية
عمرو موسى وزير الخارجية المصرى الأسبق والأمين العام السابق للجامعة العربية وأحد رموز التنظيم السرى الطليعى الذى حكم مصر خلال الأربعين عاما الماضية، وأحد رموز نظام المخلوع حسنى مبارك، يصر على عدم الانسحاب بهدوء من الحياة السياسية كما انسحب غيره.
قبل عدة أشهر علمت أن السيد عمرو موسى يلح هو والسيد حمدين صباحى، كل على حدة، فى لقاء المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، وأبلغنى الوسيط الذى كان يسعى فى ترتيب لقاء السيد حمدين أن أحد قيادات حزب الله اللبنانى هو الذى طلب منه السعى فى ترتيب الأمر حيث لم يعد خافيا علاقة السيد حمدين بالسادة.
أما السيد عمرو موسى فإن إلحاحه زاد فى الوقت الذى كان الرئيس مرسى يجرى خلاله تعديلات على الحكومة المصرية آملا أن يعود للأضواء مرة أخرى، لكن الإخوان رفضوا متعللين بأن جبهة الإنقاذ وقادتها متورطون فى الاضطرابات التى كانت تجرى فى مصر آنذاك.
ورغم أن أحد المحنكين السياسيين الذين كانوا طرفا فى الوساطة أبلغ الإخوان أن هذه فرصة لتفتيت جبهة الإنقاذ وتشتيت شملها إلا أنهم لم يستوعبوا الأمر سياسيا فى حينها، لكن يبدو أن الظروف قد تغيرت ولجأ عمرو موسى إلى أيمن نور الذى نجح فى ترتيب المقابلة مع خيرت الشاطر يوم الأربعاء الماضى.
وكان من المقرر أن تضم المقابلة من طرف الإخوان المهندس خيرت الشاطر والدكتور سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة، على اعتبار قرار الإخوان أن كل ما يتعلق بالعلاقات السياسية يكون من اختصاصات الحزب وكل ما يتعلق بالدولة من اختصاصات الرئيس مرسى، تخلف الدكتور الكتاتنى وبدا عمرو موسى يقدم نفسه للشاطر من أجل أن يشغل منصبا يختتم به حياته السياسية، ولو مستشارا للرئيس للشئون السياسية منتقدا أداء الدكتور عصام الحداد ومقللا من شأنه وتاريخه السياسى والمهنى، ومعتقدا كما يصور الإعلام أن خيرت الشاطر يدير الدولة بالتليفون وسوف يتصل على الرئيس مرسى ويقول له عين عمرو موسى مستشارا فيعينه مرسى فورا.
كما أكد عمرو موسى خلال اللقاء أنه لم يقرأ كتابا واحدا عن جماعة الإخوان المسلمين ولا يعلم شيئا عن تاريخها إلا مما ينشر فى الصحف وما تتداوله جبهة الإنقاذ.
كما أنه يعتقد أن مفهوم أهل السنة والجماعة هو أن أهل السنة هم السلفيين والجماعة هم الإخوان المسلمين، كما طلب من المهندس خيرت الشاطر أن يشرح له مفهوم الخلافة، وخلال الحديث دخلت سكرتيرة عمرو موسى وأبلغته بأن خبر الاجتماع سرب للصحافة ونشر، فقد عمرو موسى توازنه تماما، وأسقط فى يده، وأدرك أن الجهات الخارجية التى تدعمه سوف تسقطه من حساباتها وجبهة الإنقاذ التى يتعلق بها سوف تثور عليه.
وسوف يخسر كل شىء المنصب الإخوانى الذى يصبو إليه والدعم الخارجى وجبهة الإنقاذ فى الداخل، لذا خرج على الإعلام وقدم نفسه على أنه البطل المغوار الذى نازل خيرت الشاطر فى موقعة منزل أيمن نور وأنه قدم مطالب جبهة الإنقاذ واضحة وإذا لم يلبها الإخوان فإن معركة 30 يونيو ستكون هى الفاصلة... هذه هى القصة.
1967 ومقابلة الأسرى الإسرائيليين
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
أتيحت لى مقابلة الطيارين العسكريين الإسرائيليين الذين أسقطت قواتنا طائراتهم صباح الخامس من يونيو 1967، عندما قدمت طلب تطوع إلى العميد مصطفى كمال. كان الرجل رئيس فرع المعلومات بالمخابرات الحربية، وقد زكانى لديه الرائد محفوظ عبدالعال، المتخصص فى اللغة العبرية وإسرائيل، وقد تعرفت عليه وأنا معيد بكلية الآداب جامعة عين شمس عندما كان يحضر لإلقاء بعض دروس اللغة على الطلاب.
قال لى العميد : ليس لدينا نظام التطوع ولكننى مضطر إلى قبول تطوعك لحاجتنا الشديدة إليك، فهل أنت مستعد للتطوع على مسؤوليتك؟ قلت : يعنى إيه على مسؤوليتى؟ أجاب : يعنى لو مت هقول ما أعرفكش. نظرت إلى الرائد محفوظ فوجدت وجهه جامداً، فقلت للعميد : موافق بشرط أن يتولى الرائد محفوظ إبلاغ أبى وأمى فى حالة موتى. أصدر العميد أمره إلى الرائد بنقلى إلى مقر استجواب الأسرى. استقبلنى قائد المقر العميد جميل عبدالفتاح بالترحاب، وأطلق علىَّ لقب الدكتور، نزلت إلى غرفة الاستجواب المعزولة صوتياً فوجدت عميداً من السلاح الجوى المصرى يجلس وأمامه طيار إسرائيلى. قال لى العميد : إن الأسير يدعى أنه لا يفهم الإنجليزية اسأله بالعبرية عن كذا!
سألت الأسير ونقلت الإجابة إلى العميد شفوياً، وبعد عدة أسئلة وأجوبة قال العميد : اكتب الأسئلة التى نريد إجابات عنها وسأتركك تتعامل مع الأسير ونريد الإجابات مكتوبة ومترجمة إلى العربية.
كان على أن أستجمع خبرات الآخرين التى سمعتها وقرأت عنها فى مجال الاستجواب، ونجح الأمر باستخدام الحيلة وإيهام كل أسير يحضرونه لى بأن المعركة قد انتهت بعد سقوط طائرته لمصلحة الجيوش العربية الثلاثة المشتركة فيها.
هنا أريد أن أقدم شهادة لله والتاريخ، أن العسكرية المصرية قد عاملت جميع الأسرى بالحسنى والاحترام الواجب للأسرى فى المواثيق الدولية أثناء التعارف والحوار والاستجواب، وحتى نقل الأسير إلى زنزانته بالسجن الحربى. كانت هذه المعاملة تتمثل فى تقديم وجبات الطعام للأسير من مطعم جروبى، وكان آنذاك أحد أفخم مطاعم القاهرة، وعدم الضغط على الأسير لكى يتكلم بأى صورة بدنية. عندما انتهت المعركة ذاعت أخبار معاملة القوات الإسرائيلية للأسرى المصريين، واكتشفنا أن مئات منهم قد قتلوا بدم بارد بعد سقوطهم فى الأسر، ودفنوا فى مقابر جماعية بأوامر جنرالات إسرائيل. إن جرائم الحرب الإسرائيلية موثقة ليس فقط بشهادة الشهود، ولكن أيضاً فى الأعمال الأدبية لأدباء إسرائيليين شاركوا فى المعارك وشاهدوا هذه الجرائم التى تكررت منذ حرب عام 1948 مثل ساميخ يزهار وأهارون ميجد.
كنت فى حاجة كمعيد بالجامعة إلى أن أضع يدى على تكوين المقاتل الإسرائيلى، فقد كانت الصورة التى يشيعها الإعلام العربى تفيد بأن إسرائيل دولة عصابات مرتزقة، وأن مقاتليها جبناء يفرون من الميدان ويتمتعون بقتل المدنيين العزل عندما يختلون بهم. على الناحية الأخرى كانت المصادر الإسرائيلية تتحدث عن شخصية العبرى الجديد المقدام، وكنت أريد الوصول من خلال حوارى مع الأسرى إلى مؤشرات على الحقيقة.
يمكننى القول إن ما توصلت إليه هو أن التعميم أمر خاطئ فى الحالتين، فهناك بالفعل نمطان من الشخصيات الإسرائيلية أحدهما ضعيف والثانى قوى، مثلما نرى فى كل المجتمعات البشرية.
لقد صك مصطلح العبرى الجديد المفكرون الصهاينة الأوائل فى نهاية القرن التاسع عشر، حيث سلموا أن اليهودى الذى عاش فى الأحياء اليهودية الخاصة فى أوروبا مثل الجيتو والشتتل قد تعرض لموجات متتالية من الإذلال المسيحى أدت فى النهاية إلى رسم وتكوين شخصية لليهودى تتسم بالجبن والمذلة والانحناء فى المواقف، واعترف مفكرو الصهيونية بأن الصورة الشهيرة لليهودى المنحنى محدودب الظهر هى صورة حقيقية نتجت عن الطوق الخشبى الثقيل الذى كان اليهودى ملزماً بوضعه حول عنقه عند خروجه من بيته لتمييزه عن الأوروبيين المسيحيين، وأن ثقل هذا الطوق قد أدى مع مرور الأجيال إلى ظهور اليهودى محدودب الظهر. من هنا جاءت الحاجة إلى إنشاء صورة جديدة لليهودى تقوم على تنشئة الشباب فى إطار المشروع الصهيونى على سمات مناقضة للمذلة والجبن، وتتسم بالغطرسة والمبادرة إلى العدوان والإقدام، وإعادة إنتاج كل ما عاناه اليهود من قهر ليصبوه على العرب.
لقد وضعت هذه السمات الجديدة أمام عينى وأنا أحاور الأسرى الطيارين، محاولاً الوصول إلى حقيقة وجودها فى الشخصيات، ومدى اطرادها فى الشخصيات إن وجدت. وللحديث بقية.