Haneen
2013-06-24, 10:36 AM
اقلام واراء عربي 431
23/6/2013
في هذا الملف
الانقسام من التبرير إلى التفسير
بقلم: هاشم عبدالعزيز عن الخليج الاماراتية
مبادرات كيري الشرق أوسطية
بقلم: عبدالله محمد القاق عن السياسة الكويتية
عيون وآذان (العالم ضد إسرائيل)
بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
عساف بين الخيال والواقع
بقلم: نادية نصر عن القدس العربي
فشل مشروع إخوان مصر
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
خريطة "الشرق الأوسط" بين الربيع العربي والخريف الأميركي
بقلم: وليد نويهض عن السفير البيروتية
العري العربي
بقلم: شارل كاملة عن تشرين السورية
أزمة الحكم والشرعية فى البلدان العربية
بقلم: محمود عبد الفضيل عن الشروق المصرية
الخطر الإيراني أم الصهيوني؟
بقلم: حسين لقرع عن الشروق الجزائرية
الانقسام من التبرير إلى التفسير
بقلم: هاشم عبدالعزيز عن الخليج الاماراتية
بعد سنوات من تبرير حدوثه وعدم تجاوزه، بدأت منذ أيام عملية تفسير إعلامية للانقسام السياسي الفلسطيني بخلفياته واستمراره ,,, في الإجمال يُفسر هؤلاء حالة الانقسام السياسي الفلسطيني بين حركتي “فتح” من جهة وحركة “حماس” من جهة ثانية، والساقط على الأرض بين الضفة الغربية وبين قطاع غزة، أنه جزء من حالة عربية متداعية إزاء القضايا العربية .
هي في شأن القضية الفلسطينية لم تكن في غياب الإجماع العربي على موقف داعم لهذه القضية ولكفاح الشعب الفلسطيني وحسب، بل إن رمي العرب كل بيضهم في السلة الأمريكية وتجاوبهم “الحاتمي” مع مطالب واشنطن بتقديم حوافز، وتشجيع الكيان الصهيوني على الانخراط في العملية السلمية، والوقوع تحت وطأة الوعود الأمريكية الخادعة في شأن الوصول إلى نهاية موفقة لهذه الأزمة المتفاقمة، وذهاب بعض العرب وبحماسة إلى تسويق هذه ال”بضاعة” الأمريكية الغريبة في شأن التعامل مع الاحتلال الصهيوني، وكما لو أنه غير نبتة استعمارية أو عنصرية صهيونية شاخصة بما يكرسه الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني من جرائم ضد الإنسانية، فإلى أين قادت التنازلات العربية التي جرت على وعود وضغوط أمريكية؟
لقد كانت النتائج عكسية، فهي ليست قاصرة على عدم إحراز تقدم في عملية التسوية السلمية، بل الأمر يذهب إلى أن ما حدث عربياً بوجه عام، وفلسطينياً بوجه خاص، من صرف كامل الأوراق، أدى إلى أن يزيد الكيان الصهيوني من عربدته وغطرسته بنكران حقوق الشعب الفلسطيني واستهداف وجوده، والحالة العربية هذه شجّعت الكيان الصهيوني على تجاهل العرب، كأمّة بوجودها وإرادة أبنائها الذين تمتد خريطة وجودهم وخريطة بلدانهم بين قارتي آسيا وإفريقيا، والتي تمتلك إمكانات بشرية كبيرة وكثيرة، لكنها مُهْدَرة ومعطلة، وثروات هائلة قلّ ما يمكن القول في شأنها إنها منهوبة ومسلوبة، وأغلب العرب ليسوا في تخلف فقط، بل ويعيشون حياة بائسة .
قد تكون مفيدةً الإشارة إلى بعض الأمثلة الشاخصة على تداعي حالة الانقسام والتفكك العربي، فهناك السودان الذي كانت الأطراف كافة حاضرة وفاعلة، في ما أدى إلى انقسام بين شماله وجنوبه . العرب وحدهم كانوا في حالة غياب للعب دور حقيقي يستوعب هذا البلد بطبيعته وبمتطلبات نهوضه، والأهم عيش وتعايش مكوناته على قاعدة أن السودان دولة ولهم حق في الحياة والكرامة والحرية والعدالة والمساواة والمبادئ والقيم الإنسانية .
وهناك الصومال الذي دارت على كيانه ومكوناته لعبة، إن لم نقل لعنة الأمم على مدى سنوات أدت إلى انهيار متسارع لهذا البلد بمترتباته على أبنائه البسطاء والفقراء بالموت والتشريد والترويع، ولم يكن هناك تحرك جدي باتجاه الصومال لا من محيطه العربي ولا محيطه الإفريقي والإقليمي والدولي، يقوم على إنقاذ هذا البلد من انهياره .
والمسألة في الإجمال تعود إلى ما آل إليه الوضع العربي من تدهور شامل افتقد فيه العرب دولاً وجماعات وأفراداً التحكم في مصائرهم، كما لو أنهم في اتجاه انحداري متسارع نحو الضياع .
هنا لابد من القول إن الفلسطينيين ليسوا في عالم آخر، بل إنهم في واجهة الوضع العربي المتردي، غير أن ذهاب مفسري الانقسام إلى ربط تجاوزه بإحداث تحول في الوضع الانقسامي العربي هو أقرب إلى “تشريع” من نوع “جديد” للانقسام .
بداية، فإن الفلسطينيين يتصدون لقضاياهم وحقوقهم المسلوبة، وقد مروا خلال ال 65 عاماً من نكبتهم عبر طريق شاق وبتضحيات غالية في مسيرة تعاقب الأجيال، كما أن الفلسطينيين لا يواجهون احتلالاً لنيل حقوقهم وحسب، بل هم أمام كيان عنصري يستهدف وجودهم، وحرب الإبادة العنصرية الصهيونية مفتوحة عليهم بشتى جبهاتها وأخطر أسلحتها وأبشع أساليبها، وتدور بجهنميتها الوحشية على الرجال والنساء والشيوخ والأطفال والشباب، فهي باختصار تستهدف كل ما هو فلسطيني بشراً وشجراً وحجراً، ومصير كهذا يقسم أصحابه أم يوحدهم؟
الأهم في هذا الشأن أن الانقسام السياسي بتداعياته المفتوحة على تصفية القضية الفلسطينية لم تكن رغبة وطنية فلسطينية بل كان هدفاً صهيونياً أمريكياً، ووجد هؤلاء ما هو متاح أمامهم تجاه حركتي “فتح” و”حماس” بتغذية نزعة الاستئثار بالسلطة، وهي الإشكالية الحقيقية التي أصابت حركة المقاومة الوطنية وألحقت أضراراً في الوحدة الوطنية، الأمر الذي أدى إلى تولّد ردود أفعال فلسطينية، عبّر عنها الشارع الفلسطيني ليس بالرفض وحسب، بل وبالمجاهرة في وجه المنقسمين بالارتفاع إلى مستوى قضايا الشعب الفلسطيني التي لا تحتمل لعباً بالنار كهذا,,, والسؤال: أي خيار أمام المنقسمين: تغييره أم تفسيره؟
مبادرات كيري الشرق أوسطية
بقلم: عبدالله محمد القاق عن السياسة الكويتية
تصطدم جهود وزير الخارجية الاميركية جون كيري بعقبات اسرائيلية متعددة عندما يحاول طرح مبادرات جديدة هدفها اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين لانهاء التوتر في المنطقة وبدء مرحلة الحل النهائي الذي يعتمد على "حل الدولتين" وانهاء النزاع المستحكم عبر الخمسة والستين عاما الماضية.
ففي زيارة كيري الخامسة الى اسرائيل ومحادثاته مع نتانياهو من اجل وقف الاستيطان والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المدينة المقدسة وبخاصة المسجد الاقصى ورفع الحصار عن الفلسطينيين, وكذلك الحد من الاعتقالات في الضفة الغربية والقدس تبرر اسرائيل ذلك بانها تجيء لدوافع امنية بحتة, الامر الذي يجهض الجهود التي يقودها كيري والذي حمل في طياته الكثير خلال المنتدى الاقتصادي الذي عقد في البحر الميت كما ابلغني السيناتور الاميركي ماكين خلال تواجده بالمنتدى.
ورغم ان كيري يرغب كما تقول الادارة الاميركية في احلال السلام ودفع هذه المسيرة الى الامام, الا ان نتانياهو يضع العراقيل لتحقيق ذلك الهدف حيث رد كيري على منتقديه والساخرين من هذه الجهود بعد اجتماعه مع رئيس وزراء الاحتلال بقوله:"اعرف ان هناك من ينتقدون ولا يثقون بجهودي وهناك من يشككون ويسخرون لكني اقول لهم: اعرف ذلك, ولكن ستفاجأون بنتائج هذه المحادثات في الاتجاهات الايجابية", بالطبع هذه الاتجاهات ستكون التزام الولايات المتحدة جانب اسرائيل في مواجهة التحديات والاخطار, وكذلك في صنع السلام, حيث يؤكد كيري دائما ولاسيما عندما التقيته في المنتدى الاقتصادي في البحر الميت وقال لي انه "مستعد للذهاب الى اي منطقة من اجل السلام, ولكني اعتقد ان احد اهم الركائز لأمن اسرائيل وسلامتها في تحقيق تسوية سياسية من الفلسطينيين ثم مع سائر العرب (...) وان المسألة (...) تحتاج الى صبر واناة (...) وثقتي كبيرة في ان الجهد لم ولن يذهب هباء وسنفاجىء الجميع".
لقد ظهر واضحا ان الفلسطينيين الذين لا يثقون كثيرا في كيري هو تنظيمهم تظاهرات حاشدة ضد كيري اثناء زيارته الاخيرة الى رام الله حيث هتف الفلسطينيون ضده وهو يحاول شراء شطيرة من احد الفلسطينيين للتدليل على قربه منهم حيث هتف المتظاهرون شعارات ضد السياسة الاميركية من بينها "كيري نحن لا نثق بك وبأميركا .. والولايات المتحدة ليست من اصدقاء الشعب الفلسطيني" و"سياستكم دعم الاحتلال واجراءاته العدوانية ضدنا... كما نشرت صحيفة "الشرق الاوسط" اللندنية "لقد ذكر كيري للرئيس الفلسطيني انه يريد اطلاق مبادرة جديدة خلال الشهر الجاري ولا يريد تسريب معلومات جديدة... وهذه المبادرة تستهدف على ما تردد توفير اربعة مليارات دولار للدولة الفلسطينية لاقامة مشاريع اقتصادية... فضلا عن انه قد يقترح على الفلسطينيين البدء في المفاوضات مقابل اسهامه باقناع نتانياهو وقف الاستيطان مرحليا واطلاق سراح بعض الاسرى مقابل هذه الخطة الاقتصادية لتعزيز النمو الفلسطيني.
ورغم ان الجانب الفلسطيني ابدى جزءا من التفاؤل حيال التحرك الاميركي الا ان المستشار السياسي لوزيرة القضاء الاسرائيلي تسيبي ليفني المكلفة ملف المفاوضات قد فاجأ كيري باعلان "التشاؤم" ازاء امكانية التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال السنتين المقبلتين, كما سخر هذا المستشار من جهود كيري لانه يعتقد ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير متحمس الى المفاوضات, ويرى ايضا ان الضغوط والجهود الاميركية على "ابو مازن" تزداد في الآونة الاخيرة وان هناك ميلا فلسطينيا لذلك لان الفلسطينيين لا يرغبون في اغضاب الاميركيين.
والمبادرة الاميركية تنطلق من مبادلة الاراضي, وهي الخطة التي اقترحها الوفد العربي الذي ابدى تنازلا ملحوظا لدى مقابلته كيري في واشنطن وهو ما رفض ذلك جملة وتفصيلا من الفلسطينيين.
هذه الخطة سبق ان عرضها رئيس الوزراء الاسبق اولمرت في 16 سبتمبر عام 2008 حيث وصفت بانها تمثل تتويجا لمحادثات مطولة بين اولمرت وعباس وتفضي بالتوصل الى اتفاق سلام بين الطرفين حيث تضمنت الخريطة مساحة الدولة الفلسطينية وهي بمقدار مئة في المئة من الضفة الغربية مع "تبادل اراضي" من الجانبين.. وبموجب الخطة "اي الخريطة المقترحة" ستحتفظ اسرائيل بالتجمعات الاستيطانية الرئيسية الثلاثة "تجمع مستوطنة "ارئيل" في الشمال والتجمع الاستيطاني القدس ومعاليه ادوميم والتجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" في الجنوب قرب بيت لحم" وفي المقابل فان الفلسطينيين سيحصلون على مناطق بديلة في منطقة الشمال وفي منطقة العفولة بيسان وفي الوسط ومنطقة الخيش وفي الجنوب في منطقة صحراء جنوب الضفة بالاضافة الى مناطق من النقب ستلحق بقطاع غزة.
ولم يرفض الفلسطينيون هذا التبادل رغم نفيهم ذلك, حيث كتب ابو مازن كما تقول المواقع الاسرائيلية بخط يده "يحصل الاسرائيليون على 6.8 في المئة من الاراضي مقابل 5.5 من الاراضي سيحصل عليها الفلسطينيون. هذه المبادرات الاميركية, لم يكتب لها النجاح لانها لاقت معارضة من مختلف الفصائل الفلسطينية وهي بمثابة انتقاص للمبادرة التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي تقضي بانهاء النزاع العربي - الاسرائيلي مقابل انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة عام 1967.
وعملية اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين على اسس واضحة تحظى باهتمام اردني حيث ابلغني الممثل الخاص للاتحاد الاوروبي اندرس رينكيه" ان الاتحاد يدعم مبادرة كيري لاحلال السلام, ونرى ان المفاوضات يجب ان تكون ذات مضمون لانهاء الصراع, وان مبادرة السلام العربية التي اطلقت قبل عشر سنوات مبادرة جيدة ولكن لم يتم استكشاف قيمتها الحقيقية".
والواقع ان حكومة نتانياهو الثالثة والثلاثين والتي تشكلت منذ اغتصاب فلسطين والتي يرئسها للمرة الثالثة نتانياهو ترفض كل الحلول السلمية لانها يمينية متطرفة بعيدة كل البعد عن السلام والعملية السلمية بين اسرائيل والشعب الفلسطيني, وكذلك فان زيارة اوباما الاخيرة الى اسرائيل جاءت لدعم الدور الاقليمي لاسرائيل ضمن ستراتيجية الولايات المتحدة التي تعمل على الحفاظ على امنها ومواجهة تداعيات الملف النووي الايراني والموقف في سورية, وانطلاقا من هذه اللقاءات التي اجراها الرئيس الاميركي مع القادة الاسرائيليين حرص اوباما على التأكد من فاعلية القبة الحديدية في مواجهة الصواريخ الايرانية و"حزب الله".
ورغم ادعاءات كيري بانه يحمل مبادرات لحل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي, الا ان اسرائيل تمعن في رفض وتجاهل عملية السلام وحقوق الشعب الفلسطيني لانها تدرك ان القضية الفلسطينية لم تعد تشغل المكانة ذاتها في الخطاب الاسلامي التي كانت تشغلها قبل اندلاع ثورات الربيع العربي.
عيون وآذان (العالم ضد إسرائيل)
بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
شعبان عبدالرحيم يحب عمرو موسى ويكره إسرائيل. العالم كله يكره إسرائيل باستثناء أعضاء الكونغرس الذين اشتراهم اللوبي، إلا أن هذا «بزنس» وليس حباً.
بين حين وآخر أسجل من مصادر عصابة الحرب والشر في الولايات المتحدة أمثلة على العداء لإسرائيل، فهناك مادة يومية عن الموضوع، وليكود أميركا يردون عادة بمهاجمة الذين ينتقدون الاحتلال والقتل والتدمير والتشريد.
الكاتب اليهودي الاميركي جاكوب هيلبورن صدر له مقال عن «صورة اسرائيل المهزوزة» حول العالم، والسفير الاميركي السابق في الرياض تشاس فريمان علّق على المقال وقال ان هناك سؤالين قاتمين عن اسرائيل: الاول هل تستطيع ان تبقى ديموقراطية وهي تحكم ابناء الاديان الاخرى بالقوة وتعرقل عملية السلام، والثاني كيف ستؤثر العزلة المتزايدة لإسرائيل حول العالم في الاميركيين عموماً، وليس في اليهود الأميركيين وحدهم.
ثمة عدد من المقالات عن الموضوع، اكثره كتبه يهود أميركيون، إلا انني اريد ان اترك «التنظير» لأعطي أمثلة محدودة من حول العالم كما سجلتها الميديا الليكودية الاميركية.
مجلة «كومنتري» الليكودية من الوقاحة ان تقول ان «التطرف المعادي لإسرائيل يهدد أوروبا» كأن اسرائيل في مستوى اوروبا كلها أو أهم، مع ان الموضوع هو ان كره اسرائيل يعزلها عن العالم.
والمجلة في هيجان لأن متحف «جو دو بوم» الفرنسي الذي تموله الحكومة عرض صور 68 شهيداً فلسطينياً قضوا وهم يقاومون الاحتلال. والمقال يهاجم ايضاً نقابة عمال بريطانية رئيسية هي gmb لأنها منعت أعضاءها من زيارة اسرائيل ضمن أي برنامج يعده اصدقاء اسرائيل النقابيون، وهؤلاء جماعة تدعو الى التعاون مع اسرائيل. أسجل ان المؤتمر السنوي للنقابة البريطانية صوّت على هذا القرار ما يعني ان مقاطعة اسرائيل شعبية وعامة وليست وقفاً على قيادة النقابة.
ومن فرنسا وبريطانيا الى كندا حيث منحت جامعة ماغيل المشهورة دكتوراه فخرية للأستاذة الجامعية الاميركية جوديث بتلر، وهذه من اشهر نجوم الحملات الاكاديمية على اسرائيل.
يضم سجل بتلر، بحسب ميديا ليكود أميركا، هجومها على عنف الدولة (الاسرائيلية) وعنصريتها، ودعمها مقاطعة اكاديمية عالمية لجامعات اسرائيل، وهي ذهبت الى الضفة الغربية وشاركت في تظاهرات ضد العنف الاسرائيلي الذي يستهدف النساء الفلسطينيات. بل ان بتلر ترفض وجود دولة اسرائيل الى جانب دولة فلسطين المستقلة.
وأنتقل الى الولايات المتحدة حيث اصبحت كل جامعة تضم تنظيماً لطلابها ينتصر للفلسطينيين ويطالب بمقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها. ميديا ليكود أميركا تحدثت عن مؤتمر للأديان نظمته الجمعية الاسلامية لأميركا الشمالية في كاليفورنيا، فهاجمت الجمعية بتهمة تأييد «الارهاب»، والمقصود حركة التحرر الوطني حماس، وتجاوزت ان حاخامات يهوداً شاركوا في الاجتماع وكذلك كنائس مسيحية كبرى لتعتبر ان كل من ينتقد اسرائيل يؤيد الارهاب. الحقيقة ان اسرائيل ام الارهاب وأبوه ودولة الابارتيد الوحيدة الباقية في العالم.
ماذا يفعل أنصار الجريمة التي اسمها اسرائيل عندما يرون العالم كله يقف ضد وحشية الاحتلال وتخريب عملية السلام؟ يهاجمون باراك اوباما.
الكاتب الليكودي الهوى ديفيد سولواي نشر في موقع نجس مثل حكومة اسرائيل مقالاً عنوانه «أعظم الفضائح اطلاقاً» وزعم ان اوباما هو الفضيحة الحقيقية من بين فضائح كثيرة سجلها. وفي حين انني اعتبر التنصت على الهواتف فضيحة، الا انه لفت نظري ان الكاتب يتهم ادارة اوباما بالأزمة المالية التي اطلقها المحافظون الجدد، واكثرهم من ليكود أميركا، عندما حكموا باسم جورج بوش الابن وقتلوا مليون عربي ومسلم، وان فضائحه لا تشمل الطائرات بلا طيار لأن هذه تقتل اطفالاً مسلمين مع الارهابيين، وان المقال يستشهد بمتطرفين من نوع كاتبه أو بالحمقاء سارة بيلين ليثبت رأيه ان اوباما فاشل وكارثة في البيت الابيض.
الكارثة هي ان ينتزع متطرفون السياسة الخارجية الاميركية لتخدم فقط مصالح اسرائيل على حساب مصالح دولة كانت يوماً رائدة الحريات المدنية في العالم.
عساف بين الخيال والواقع
بقلم: نادية نصر عن القدس العربي
يحظى برنامج ‘اراب ايدول’ بمشاهدة عالية في العالم العربي وفي مختلف انحاء العالم، وما من شك ان النجم الفلسطيني الصاعد محمد عساف شكل حالة لاقت اهتماما لافتا، وبما ان انجازات القيادة الفلسطينية لا تكاد تذكر فقد جاء صعود نجم عساف، ابن غزة، ابن المخيم الذي نجا من الاجتياحات الاسرائيلية، بمثابة رمز لوطن انيق، من خلال اداء متميز ومتفوق، فعكس اصرارا على الحياة بكرامة بعيدا عن اي ابتذال او استخدام او توظيف لمعاناة الفلسطينيين.
لقد ترك عساف لآخرين ان يتحدثوا عن احتلال فلسطين، اما هو فقد غنى لفلسطين الحياة والتراث، فجاء حضوره بجدارة لابن فلسطين المتمكن والموهوب، والى جانبه مثل المشتركون الآخرون ايضا اوطانهم بجدارة، فتغنى كل بوطنه وامجاده، ونسجوا معا علاقة ودية جمعت بينهم، علاقة كانت تنافسية تخلو من العدائية، بل انها مثلت حالة من الرقي عندما ظهر كل مشترك يتمنى الفوز لغيره. لكن يبدو ان هذا الصعود لعساف ازعج الناطق باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي، ما دفعه لمحاولة تشويهه، فاتهم حماس بمعارضة عساف. والمؤكد ان ادرعي ربما لم يستطع او بالاحرى لا يريد ان يرى انجازا او نجاحا فلسطينيا، لكن رد عساف جاء وحدويا يدل على شخصية وطنية مناضلة.
وقد دفع نجاح البرنامج (العديد من البنوك المحلية والمؤسسات الوطنية)، المسؤولين ورجال الاعمال لدعم المشتركين، بل وتخصيص ميزانية لهذا الدعم من خلال التصويت، وحضر المسؤولون وابناء الرؤساء بعض الحلقات لتقديم الدعم المعنوي.
باعتقادي ان سر مشاهدة البرنامج الذي ننتظره كعرب بفارغ الصبر هو ما يمثله بالنسبة لنا من عالم مثالي خيالي افتراضي جميل، يجمعنا فيه حرف الضاد ولا يفرقنا، فنعيش اجواء الوحدة لساعات قليلة من كل اسبوع في احضان وطن واحد، وهو ذات الشعور الذي نعيشه حين نردد النشيد العربي ‘بلاد العرب اوطاني’ من كلمات فخري البارودي، حيث نشأنا على هذا النشيد وكبرنا على ايماننا به حتى الان. وعلى الرغم من معرفتنا حقيقة الانقسامات والانهزامات ما زلنا نشعر بالفخر حين نسمع ذلك النشيد وكأننا نختار ان نعيش في الذكريات للهروب من واقع مختلف ومنقسم .
كذلك الحال عندما نسمع اغنية الوطن الاكبر بعد كل هزيمة عربية ونردد مقطع ‘وطني يا زاحف لانتصاراتك، ياللى حياة المجد حياتكô احنا وطن يحمى ولا يهدد’، وعلى الرغم مما نعيشه من تجزئة مستمرة وتعزيز للطائفية بصورة مباشرة وغير مباشرة، وعلى الرغم من الواقع الحالي الذي نعيشه حيث تهدد اوطان، وتهدم فاننا نرغب في ان نعيش في ذاك الخيال، ونهرب من الواقع.
خلال متابعتنا لحلقات برنامج ‘اراب ايدول’ نعيش لحظات وحدة ونصر وتفوق من خلال المشتركين والاغاني والمواهب المختلفة من بلدان العالم العربي، وفي أجواء توافقية وبعيــدا عن التنافسية العدائية، نحيي مصر ولا نذكر الخلافات، نحيي سورية ولا نذكر الدمارالذي يعمها، نحيي فلسطين ولا نذكر الانقسام الذي يمزقها، نحيي معظم الدول العربية ولا نذكر الفقر والقهر والاضطهاد، نحن نتخيل ونعيش ما نأمل ان يكون.
اما الواقع فما نلبث ان نصطدم به فور انتهاء البرنامج والانتقال للقنوات الاخبارية، فندرك ان عساف ابن غزة بحاجة الى تصريح من اسرائيل للذهاب الى رام الله، وان سلمى المغربية لن تستطع زيارة فلسطين بدون تصريح، وفرح السورية ستعود الى سورية المدمرة ومصير مجهول، واحمد جمال يعود الى ام الدنيا وهي تقاوم اصوات العصور الوسطى التي تحارب الفن والغناء.هذا هو حال الوطن العربي الذي ارهقنا واتعبنا ونلوذ بالفرار منه من خلال اراب ايدول لساعات قليلة تنقلنا الى ما هو متخيل ونتمناه.
فشل مشروع إخوان مصر
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
بصرف النظر عما قد تسفر عنه مظاهرات 30 يونيو القادمة بمصر، سواء نجحت المعارضة في إسقاط الرئيس أم لم تنجح، فالواقع يقول إن مشروع الإخوان المسلمين بمصر قد فشل، وسيعاني الإخوان من هذا الفشل لأعوام طويلة، سواء في مصر أو المنطقة.
فمنذ تنحي الرئيس السابق مبارك عن الحكم قدم الإخوان المسلمون وعودا ديمقراطية لها أول وليس لها آخر، لكن وعودهم تلك كانت مجرد كلام في الهواء، فمعالجة الإخوان لكل أزمات مصر اتسمت بالتذاكي، ومحاولات الإقصاء، ومن خلال تطبيق مبدأ فرق تسد، مما شرذم الأوضاع كلها بالبلاد. حاول الإخوان إقصاء العسكر، وكان التوقيت مناسبا لأنه وافق هوى لدى المعارضة والثوار، لكن إقصاء العسكر ما لبث أن تحول إلى مشروع إقصاء للجميع؛ من الأزهر إلى القضاء والإعلام، وحتى المعارضة نفسها، هذا عدا عن محاولة الاستئثار بالدستور وتمريره بشكل متسرع وإقصائي، وحدث كل ذلك مع تردٍ اقتصادي مرعب يهدد الدولة المصرية ككل.
والمذهل أن كل توجه، أو قرار، طرحته السلطة الحاكمة، أو قل الإخوان، كان يصطدم مع المجتمع، والمؤسسات، ويزيد من الانقسام الداخلي، ويرفع منسوب الحيرة والقلق خارجيا، وبالنسبة للشق الخارجي فقد كان التخبط الإخواني مذهلا أيضا في كل الملفات من العلاقة مع إيران إلى معالجة سد النهضة، ووصولا إلى سوريا. ولم يكتف الإخوان بذلك، فمع تصاعد الجهود بمصر للحشد لمظاهرات 30 يونيو الهادفة لإسقاط الرئيس قرر الإخوان اللجوء لأساليب تزيد من ورطتهم، فبدلا من تقديم تنازلات سياسية، أو السعي لبذل جهود تسوية، لجأ الإخوان للتصعيد بالشارع والتكفير والتخوين، والتهديد بسحق خصومهم السياسيين! والحقيقة إذا كان مبارك أو نظامه متأخرين ثلاثة أيام في تعاملهم مع ثورة 25 يناير الماضية، كما كتبنا في حينها، فإن الإخوان اليوم متأخرون أعواما عديدة بالتعامل مع الواقع، بل إن المرء يتساءل: أين عقلاء الإخوان المسلمين؟ فهل يريد الإخوان إراقة الدماء في مصر ليقفوا بمصاف الأسد والقذافي؟ أم أنهم يريدون السير بمصر الدولة إلى درجة الانهيار؟ وهل ديمقراطية الإخوان المزعومة تعني فقط الوصول للحكم وبعد ذلك تطبيق المنهج الخميني الإقصائي الذي انتهجته الثورة الإيرانية وإلباس ذلك النهج اللباس الإسلامي لضمان البقاء بالسلطة؟
ملخص القول إن ما سيذكره التاريخ جيدا هو أن فشل الإخوان المسلمين بمصر سببه الإخوان أنفسهم وليس خصومهم، داخليا أو خارجيا، خصوصا عندما قرر الإخوان حكم مصر بعقلية الجماعة، وإدارتها كمعارضة وليس كسلطة سياسية تنتهج منهج الحكم الراشد الذي يجمع ولا يفرق، نهج يوحي بأن من يحكم يؤمن بتداول السلطة، لا الاستئثار بها، كما أنه يؤمن بقدسية حقن الدماء وليس التساهل مع من يقوم بالتكفير والتخوين وتهديد السلم الاجتماعي للبلاد ككل.
ولذا، وبعيدا عما قد تسفر عنه مظاهرات 30 يونيو القادمة، فالواقع يقول إن مشروع الإخوان المسلمين في مصر، والمنطقة، قد فشل، وهذا ما كان يحذر منه قلة قليلة من العقلاء في هذه المنطقة.
خريطة "الشرق الأوسط" بين الربيع العربي والخريف الأميركي
بقلم: وليد نويهض عن السفير البيروتية
لم تعد فكرة تقسيم المنطقة وإعادة هيكلة الجغرافيا السياسية، مجرد تصوّرات موضوعة في ملفات وزراء خارجية الدول الكبرى، بعد أن تمّت مناقشتها تفصيلياً في اجتماع الدول الصناعية الثماني في مدينة سي ايلاند في الولايات المتحدة في حزيران 2004. آنذاك تقدّمت أميركا بنص المشروع في شباط 2004 في عهد الرئيس جورج بوش الابن، ووزّعت منه نسخاً على الدول المعنية لوضع الملاحظات عليه قبل إقراره واعتماده سياسة في السنوات الخمس المقبلة. (نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية في عددها الصادر بتاريخ 13/2/2004. ويشمل المشروع البلدان العربية وتركيا وإيران وأفغانستان وباكستان).
حدّدت القمة مهلة زمنية لتنفيذ المشروع تنتهي في العام 2009. انتهت الفترة التي اتُّفق عليها، وهي فترة تأسّست على متغيّرات سابقة ولاحقة بدأت في أفغانستان (حرب 2001) والعراق (حرب 2003) ولبنان (حرب 2006) وغزة (حرب 2008-2009). وتصادفت كلّها مع بدء انسحاب القوات الأميركيّة وتجميعها في قواعد عسكرية في العراق وتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية على صلة خاصة بإدارة واشنطن ما فتح باب الافتراض عن وجود صفقة تعطي أفضلية لقوى إقليمية على حساب أخرى.
يتجاوز نص المشروع الظروف المرحلية التي أملت على إدارة بوش الابن الإسراع في كشفه، لكونه يتضمّن مجموعة نقاط تحتاج إلى خطوات عملية لتنفيذها على مراحل ولا يمكن لها أن تنتهي في العام 2009. فالمشروع كبير واحتاج فعلاً إلى مساحة زمنية تجاوزت عهد إدارة بوش (الحزب الجمهوري) وتتطلب فترة سماح مضافة من عهد باراك أوباما (الحزب الديموقراطي) حتى تكون الأوضاع جاهزة للتكيّف مع طموحات التغيير، وهي تطلّعات ترى الدول الكبرى أنها أصبحت ضرورية للبدء في مشروع إعادة هيكلة "الشرق الأوسط".
أخطر ما في المشروع غموض فكرته. فالمصطلح غير واضح ويشمل سلسلة بلدان تمتد من غرب الهند إلى المغرب، ويتضمّن الكثير من النقاط التي تخلط بين الإصلاح الشكلي والتغيير الجذري الشامل. وغموض الفكرة فتح الطريق للإكثار من الكلام، عن وجود "مؤامرة كونية"، لتفكيك المنطقة وتقسيم الدول إلى دويلات عرقية أو طائفية تعطي شرعية تاريخية للنموذج الإسرائيلي في فلسطين.
الحديث عن مؤامرة ليس خارج الموضوع – حتى لو بالغت الأنظمة في تضخيم المخططات الدولية للتهرب من مسؤولياتها القانونية – في اعتبار أن النسخة الموزعة التي نشرت في الصحف في شباط 2004 اشتملت قضايا عامة مضافة إلى توصيفات فضفاضة تتحدث عن منطقة جغرافيّة هائلة الاتّساع وغير موحّدة في درجات نموّها ومناخاتها وبيئاتها.
أعاد هذا الإشكال الجغرافي في تحديد هوية المنطقة (عربية أو إسلامية)، الذاكرة إلى مناقشات الكونغرس الأميركي بشأن "الشرق الأوسط" في العام 1993 وقراءات المستشرق برنارد لويس عن طبيعة المنطقة وتكوينها الديمغرافي (خصوبة الأقليات وتكاثرها) وتصريحات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عن "الشرق الأوسط الجديد" خلال زيارة قامت بها إلى تل أبيب في حزيران 2006.
وعزز الاختلاط السياسي في توصيف هوية الشرق الأوسط بين "الجديد" و"القديم" أو بين "الصغير" و"الكبير"، فكرة المؤامرة وأعطى ذريعة للأنظمة لرفض مشروع الاصلاح الذي تحدث عن نقص في إنتاج الكتب والترجمات، واحتكار السلطة للإعلام، وعدم وجود صحافة حرة، وتهميش المرأة، وارتفاع أعداد المتخرجين وعدم توافر فرص عمل ما يضطرهم للهجرة، وتدني دخل الفرد، وضعف النمو قياساً بنسبة التكاثر السكاني. هذه "الأفكار الطموحة" التي وردت في المشروع تهرّبت منها الأنظمة بذريعة وجود مؤامرة تستهدف الأمن وتدفع الشعوب نحو الخروج وزعزعة الاستقرار. وهو ما ظهر لاحقًا في الانتفاضات التي اندلعت في نهاية 2010 وتدحرجت في 2011 و2012 و2013.
ساهم اختلاط هوية "الشرق الأوسط"، وعدم وضوح الجانب السياسي من المشروع، واقتصار الأفكار على النصائح من دون الدخول في الأسباب، في تخويف الأنظمة على رغم أن طموحات النص الذي أقرّ في قمة سي ايلاند تعتبر متدنيّة. فالمشروع رأى أن حلّ المشكلة الاقتصادية يتطلّب التركيز على التنمية البشرية ورفع دخل الفرد يوميّاً إلى اربعة دولارات، كذلك رفع نسبة النمو من 3 إلى 6 في المئة سنوياً. كذلك رأى أن حل المشكلة السياسية يتطلب اجراءات تشمل تعزيز الديموقراطية وتطوير مجتمع المعرفة وتوسيع الفرص الاقتصادية، وإطلاق الحرّيات (انتخابات حرة، معاهد لتدريب النساء على المشاركة في الحياة السياسية) واصلاح النظام القضائي (المدني، الجنائي، والتشريعي) ومكافحة الفساد، وإصلاح النظام المالي والتبادل التجاري، وذلك بهدف نشر الشفافية وترسيخ الحكم الصالح وردم الفجوة الاقتصادية (نظام قروض وتسليف المؤسسات الصغيرة، تعديل نظام الرسوم الجمركية، إنشاء مناطق حرة ومناطق رعاية الأعمال) والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية.
أعطى اختلاط فكرة "الكبير" بـ"الجديد"، مشروعية رسميّة للدول العربية برفض المشروع بذريعة أنّ الإصلاح يمسّ السيادة وله صلة بالأمن الداخلي والاستقرار ويشجّع على تقويض الدولة وغيرها من عناوين فرعية كانت كافية لإغلاق الملف. وجاء إغلاق الملف بعد صدور ردود فعل سلبية وغاضبة آنذاك من الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي وصف خطة المشروع بالسطحية، وقال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إنّ الدول العربية تريد التنمية والتحديث لكنّها ترفض نظرية "الإصلاح بالقوة".
بسبب عدم تجاوب الدول العربية، أغلق المشروع آنذاك بعد إقراره من قبل الدول الصناعية الثماني في قمة سي ايلاند. فالنصّ المعلن كان يعاني من ضعف في منهجية الربط بين الأسباب والنتائج وآليات الحل، لأنه اعتمد أساساً على تقرير قدّمه معهد "فريدوم هاوس" في العام 2003 الذي تحدث حسابياً عن درجات الحرية في العالم العربي ما أعطى صفة نمطية عامة عن دول متباعدة جغرافياً ومناخياً وثقافياً من غرب الهند إلى المغرب متجاوزاً بذلك الهوية التاريخية أو الدينية أو القومية التي تجمع كل هذا الكم من الأضداد.
أغلق الملف آنذاك. لكن المخاوف عادت إلى الظهور بعد سلسلة الهزات التي ضربت المنطقة من المحيط إلى الخليج (صعود قوى وسقوط قوى) ما طرح احتمال وجود علاقة بين ما يحصل في البلدان العربية من هبات سياسية ومشروع اصلاح (أو هيكلة) الشرق الأوسط الكبير الذي اتخذ القرار بشأنه في قمة سي ايلاند.
المشروع الذي وضع في عهد بوش الابن وحددت مدة تنفيذه في نهاية 2009 طرأت عليه تعديلات تتّصل مباشرة بتراجع الموقع الأميركي، وتردّد واشنطن في إعادة ترسيم حدود مصالحها في دائرة "الشرق الأوسط" في لحظة انتقالية لم تعد فيها أميركا اللاعب الدولي الوحيد كما كان الأمر في العام 2004. فالإدارة الأميركية في عهد أوباما متردّدة وغير واضحة، وهي تغلّب قوة الديبلوماسية على ديبلوماسية القوة.
الاختلاف بين تكتيك "القوة الخشنة" الذي اعتمده بوش الابن وتكتيك "القوة الناعمة" الذي يعتمده أوباما لا يعني بالضرورة تخلي الولايات المتحدة عن مشروعها الاستراتيجي الذي ارتأى أن المنطقة بحاجة إلى إصلاح وتغيير. الاختلاف لا يقتصر على تعارض النهجين وإنّما أيضًا على تراجع الدور الأميركي وعدم استطاعة إدارة أوباما على التحرك من دون ضوابط دوليّة ورقابة الأمم المتحدة. الخريف الأميركي أخذت تظهر أعراضه وبدأ يتمظهر في طموحات موسكو وإصرارها على العودة إلى لعب دور الشريك الاستراتيجي في إدارة خطوط المعركة وترسيم حدودها السياسية.
نفي المؤامرة (شبهة الاتّصال) لا يلغي احتمال وجود خطّة مشروع يستهدف إعادة هيكلة دول المنطقة (تقسيم السودان مثلاً في مطلع العام 2011، واحتمال انزلاق العراق إلى كونفدراليّة مناطق وقوميات) تحت سقف مطالب مشروعة تطمح شعوب المنطقة إلى تحقيقها إسوة بدول العالم. "المؤامرة" إذا وجدت أم اختلقت لا تستطيع أن توقف عجلة التقدم والتطور والإصلاح واحترام المرأة وحقوق الإنسان. وهنا بالضبط تبدأ المسؤولية التاريخية التي وقعت "مصادفة" على القوى الإسلامية الصاعدة حديثًا من الشارع إلى السلطة. فالسؤال لم يعد يقتصر على "ماذا تريد القوى الإسلامية من السلطة" بل ماذا تستطيع القوى الإسلامية أن تقدم وتفعل بعد أن وصلت إلى الحكم. يبدأ التحدي من هذه اللحظة الانتقالية (الربيع العربي في مواجهة الخريف الأميركي) التي تؤشّر إلى وجود متغيّر غير واضح المعالم، لكنّه بالتأكيد لن يكون كما كانت العهود الانقلابية والتسلطية السابقة.
العري العربي
بقلم: شارل كاملة عن تشرين السورية
هل صحيح أننا أصبحنا في المنطقة التي لا نقدم فيها سوى التنازلات وتسول الحلول واستعراض العضلات الشوفينية التي تصبح معها ورقة التوت مسألة وقت للتخلي عنها ويصبح معها المطلوب الوحيد استرضاء العدو بأي وسيلة ومهما كان الثمن؟.
وهل فقدنا نعمة التعلم من التجارب التي تؤكد أن الضعف لا يولد إلا السقم والكوارث..؟ أم إنه لا يزال فينا بعض شعور ينتظر ساعة صفر.. ونأمل ألا يطول الانتظار!
ماذا فعلنا كعرب ـ والدقة تقتضي عدم التعميم, لأن بعض العرب لا يزالون يعملون وسيعملون ـ أمام إصرار أعداء الأمة من داخلها وخارجها على تدمير دولها وتهشيم وحدتها وتفكيك نظامها وبعثرة أمنها القومي؟.. صورة عجز تتكرر وبشكل أكثر مأسوية وغير مسبوقة.. تذرير المكونات من خلال الحروب الداخلية التدميرية ونشر الفوضى والتحريض المذهبي, وإقامة المليشيات الطائفية.. التدمير الذاتي المدفوع يأخذ أشكالاً شتى.. والعنف الأعمى في آخر مداه, وفتاوى الحقد والتحريض تخرج على كل ماهو ممكن ومعقول..
الفتنة تجتاح في طريقها كل أمل وتزهق الوطن والبشر والحجر.. بلاء وشر مستطيران ومن قلبهما يخرج قائل.. والقول بالتأكيد تحريض لمزيد من الصور السابقة.. وليس دفعاً باتجاه لملمة المشتت وتوحيد المقسم.. إن الكرة اليوم في ملعب العدو.. و«إسرائيل» لم تعد العدو الوحيد على الجانب الآخر.. وهو يعرف أن العرب اليوم أضاعوا الكرة والمرمى وساحة اللعب... وفقدوا كل عناصر الهجوم والمراوغة والتكتيك.. وهل هناك شك بأننا بتنا أعداء بعضنا.. وأننا لا ننتظر أعداء أكثر من ذلك؟! وأعداؤنا لا ينتظرون أكثر من ذلك؟!
هل يعقل أن كل هذا لم يستطع إيقاظ عنصر حمية في الجسد المتهالك.. نعم لم يستطع وإلا لكانت سورية قد شعرت بلمسة قوة إضافية تشد من عزيمتها في صد هذه العواصف.. هي لا تنتظر الكثير من الدعم المعنوي.. لكنها لم تتوقع كل هذا الغل والحقد من أعضاء الجسد الواحد... لم تنتظر إلا استفاقة عربية ولو كانت ضعيفة تواكب -ولو خجلاً- قولها إن التخلي عن القيام بأدوار من المفترض أن يقوم بها النظام العربي أو منظومة العمل العربي المشترك سيترك فراغاً استراتيجياً كبيراً في المنطقة جعل الدول الطامحة والطامعة تهب لملء هذا الفراغ بما أن الفرصة مؤاتية لذلك..! هل ثمة عربي عاقل لا يستشعر هذه النتائج اليوم... وهل يستطيع إنكار المآل؟. هنا نفترض عاقلاً عربياً وعلى الأرجح ثمة خطأ في الحسابات وإلا لما شاهدنا هذا العري العربي الذي تكشف انقساماً وساحات فارغة سمحت لدول مجهرية بالعبث بالتوجهات وقلبت الأولويات وضخت في المكونات شتى أشكال الصراع السياسي والأخطر منه الديني والمذهبي؟! نأمل أن يكون ماعرضناه مشهداً هاجسياً لا واقعياً وأن يكون وهماً لا يخلق المزيد من الخسائر والكوارث... فهل نحن نحلم بأن هذا العري العربي سيخلق ربيعاً.. أم إن الربيع الحقيقي تزرعه دمشق الصمود والمقاومة وستصدره قريباً ليشمل الساحة العربية كلها والبداية فيها عند مَنْ حاول قطع حبل السرة بينها وبين قاهرة المعز فلم ينجح ولن ينجح, وحفر الحفرة الأخيرة في هاويته قبل أن تبدأ مسيرة الارتداد؟!
أزمة الحكم والشرعية فى البلدان العربية
بقلم: محمود عبد الفضيل عن الشروق المصرية
تشير كل الدلائل إلى أن هناك أزمة مستحكمة لنظم الحكم فى معظم البلدان العربية. فإذا نظرنا يمينا ويسارا سنجد أن هناك أزمة مصداقية وشرعية لنظم الحكم القائمة نتيجة عمق الانقسامات السياسية والمجتمعية والتى تتهدد بنية الدولة ومؤسساتها.
فإذا نظرنا إلى العراق نجد أن حكومة نورى المالكى تواجه مشكلات حادة فى مناطق السنة والأكراد، فقد شهدت محافظتا الأنبار وصلاح الدين تظاهرات حاشدة استقطبت الآلاف كما شهدت المساجد فى الموصل وديالى وبغداد خطبا منددة بسياسات حكومة المالكى وتردى الأوضاع الأمنية، كذلك توجد مشكلات بين حكومة المالكى ورئاسة إقليم كردستان.
مما يؤثر على قدرة الحكومة المركزية على بسط سلطتها فى جميع ربوع البلاد وادارة مواردها. كما أن هناك أزمة سياسية تحيط بحكومة عبدالله النسور فى الأردن، حيث تواجه احتجاجات سياسية من جانب الإسلاميين واضطرابات فى مناطق عدة من الأردن (وعلى رأسها منطقة معان)، وهو ما يؤثر على القدرة على تسيير الأمور وعلى تحقيق الاستقرار السياسى والاقتصادى.
وفى لبنان هناك أزمة مستحكمة لتأليف الحكومة اللبنانية حيث يواجه الرئيس المكلف تمام سلام مشكلات كبرى تعطل مساعى تشكيل الحكومة فى ظل الانقسام الحاد فى المشهد السياسى القائم بين جماعة 14 آذار بقيادة سعد الحريرى وحلفاؤه ومجموعة 8 آذارالتى تشكل الأغلبية النيابية الحالية. وقد ازداد الأمر تعقيدا بعد الانتقادات الحادة التى وجهت إلى حزب الله بعد اشتراكه فى القتال فى سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد وخصوصا بعد تداعيات معركة القصير.
وفى مصر تواجه حكومة هشام قنديل تحديات كبرى تتعلق بضعف الأداء وأن تشكيلها لا يرقى إلى مستوى الحكومة الائتلافية الكفء التى يرتضيها الجميع.
وفى بلدان المغرب العربى نجد أن حكومات حركة النهضة التى تعاقبت فى تونس بعد سقوط نظام بن على تواجه مشكلات جمة فى مجال ضبط الأمن وتحقيق قبول شعبى عام لها كما أنها اصطدمت بالاتحاد العام التونسى للشغل أكبر منظمة نقابية هناك. وفى المغرب تواجه حكومة بن كيران أزمة كبرى بعد انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة الذى يمثل رافدا سياسيا مهما فى الحكومة، بالإضافة إلى معارضة القوى الأخرى الرئيسية مثل الاتحاد الاشتراكى وقوى اليسار.
أما فى سوريا فحدث ولا حرج حيث إنه ليس هناك قبول ومصداقية لكل من الحكومة الرسمية التى تعبر عن نظام بشار الأسد ولا الحكومة المؤقتة التى شكلها ائتلاف المعارضة فى الخارج.
وهكذا نرى أن هناك أزمة مصداقية وشرعية حادة تحيط بالحكومات الحالية فى معظم البلدان العربية التى لم تعد تعبر عن وفاق أو توافق وطنى بين القوى السياسية والاجتماعية التى يتشكل منها البلد العربى. والمقصود بالتوافق هنا ليس الإجماع، حيث إن التوافق هو نقيض الاستئثار وفرض الرأى الواحد لأغلبية منتخبة.
ويلاحظ أن الأزمة الراهنة لا تعبر عن مجرد انعدام التوافق السياسى بين الفصائل السياسية والطوائف الاجتماعية إذ إنها تمتد إلى أبعد من ذلك وتهدد أسس العيش المشترك فى عدد من البلدان العربية: العراق، سوريا، لبنان، اليمن، ليبيا. وهذا وضع خطير يهدد مستقبل الأمة العربية فى الصميم منذ اتفاقية سايكس ــ بيكو فى أوائل القرن العشرين (1916) حيث تؤدى هذه التطورات إلى مزيد من التجزئة وتعميق الطائفية فى الوطن العربى.
وقد برزت بعد أحداث القصير فى سوريا دعوات لإشعال فتن طائفية ومذهبية فى المنطقة العربية وتصوير الصراع الجارى فى المشرق العربى على أنه صراع مذهبى بين السنة والشيعة، بل ذهبت بعض التحليلات إلى القول بأن إيران فى سبيلها إلى الاستيلاء على سوريا كما حذر سعد الحريرى (الرئيس السابق للحكومة اللبنانية) اللبنانيين من اقترابهم من خطر وجودى يتهدد هويتهم مع اقتراب نجاح المشروع الإيرانى.
وتجلى هذا بشكل واضح فى خطاب الشيخ القرضاوى فى قطر والشيخ العريفى الداعية السعودى فى مسجد عمرو بن العاص فى مصر. وتقف دوائر غربية عديدة وراء تكريس هذا الانقسام لإضعاف الأمة العربية وتعطيل انطلاقها نحو التحول الديمقراطى والاستقرار السياسى والتنمية الاقتصادية، ودفعها نحو مزيد من الانقسام والتجزئة.
ولعل دفع الصدام إلى منتهاه ينذر بنتائج وخيمة تذكرنا بذلك الصدام القاسى الذى جرى بين القوى القومية والبعثية من ناحية، والحركات الشيوعية من ناحية أخرى خلال الفترة 1959 ــ 1961. وانتهى بهزيمة الفريقين وانتصار قوى الرجعية العربية. إذ إن الصدام الراهن قد يؤدى إلى نوع من التدمير الذاتى ينتهى بعودة ما يسمى «الفلول» أو النظم الاستبدادية والفاسدة فى طبعة جديدة.
الخطر الإيراني أم الصهيوني؟
بقلم: حسين لقرع عن الشروق الجزائرية
حينما تتحدث بعض دول الخليج عما تسمِّيه "خطر البرنامج النووي الإيراني؟" وتصمت بالمقابل عن الأسلحة النووية الصهيونية، فإن هذا يعني ببساطة ووضوح، أنها لا تعتبر هذه الأسلحة خطراً على العرب والمسلمين، ما يتطابق تماماً مع الموقف الأمريكي والغربي.
إلى حدِّ الساعة، مايزال البرنامجُ النووي الإيراني مجرد "برنامج أبحاث" فحسب، وليس هناك مؤشرٌ أو دليلٌ قويّ على قرب توصّل إيران إلى تصنيع القنبلة الذرية، وحتى التقارير الصهيونية والغربية التي تتحدث عن أنها مسألة أشهر أو سنة، قد تكون مُغرضة، وتُفهم في سياق تصعيد الحرب النفسية على طهران، أو إيجاد الذرائع لشن حرب عليها لتدمير برنامجها الواعد.
وبالمقابل، فإن الكيان الصهيوني تجاوز مرحلة "البرنامج" إلى امتلاك نحو 300 رأس نووي، وهي موجّهة صوب 300 مدينة عربية وإسلامية مزدحمة بالسكان، من المحيط إلى المحيط، من طنجة إلى جاكرتا، بهدف إطلاقها عليها دون تردّد في حال نشوب حرب شاملة مع العرب والمسلمين، وهم يمهّدون لها فعلاً بذريعة أن النبوءة التوراتية التي تتحدث عن "معركة هرمجدون" التي سيسقط فيها مئاتُ الملايين من القتلى، قد آن أوانُها..
هذا يعني أن نحو نصف مليار عربي ومسلم على الأقل مهدّدٌ بالإبادة بالصواريخ النووية الصهيونية، إذا عرفنا أن هناك مدناً كثيرة يقطنها ملايينُ السكان، ومنها القاهرة والجزائر والرباط وجاكرتا وأنقرة.. وغيرها.
ومع أن الخطر النووي الصهيوني على 1.5 مليار مسلم واضحٌ وضوح الشمس، ولا يحتاج إلى براهين كثيرة للتدليل عليه، إلا أن بعض دول الخليج لا تفتأ في السنوات الأخيرة، تحاول بإصرار عجيب تحويل الأنظار تماماً إلى البرنامج النووي الإيراني، وتحذّر من "خطورته" المزعومة على العرب والمسلمين غير الشيعة ــ على حدِّ زعمها ــ، بينما لا تكاد تذكر الأسلحة النووية الصهيونية إلا نادراً وبطريقة ضمنية، حينما تتحدث على استحياء عن "ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل".
هذه الدول المحسوبة على العروبة لا تناصب النوويَ الصهيوني العداءَ، ولا تحذّر العالم من خطورته، ولا تسعى إلى امتلاك مثله من باب توازن الردع، بل تعادي فقط البرنامجَ الإيراني، وتستعدي العالمَ كله ضده، ولا تتردد في دعوة الولايات المتحدة صراحة إلى ضربه وتدميره.
والأخطر من هذا، أن هذه الدول تقوم بحملة إعلامية شرسة عن طريق أبواقها الاعلامية الفضائية لإقناع السنّة العرب والمسلمين بأن البرنامج النووي الإيراني يشكل خطراً ماحقاً عليهم، ما أفضى إلى شحن طائفي شديد ضده، ونسيان خطر السلاح النووي الصهيوني تماماً.
العدوُّ الحقيقي للعرب والمسلمين سيظل الكيان الصهيوني ومن يدعِّمه دون حدود، أما إيران فهي دولة مسلمة شقيقة، مناوِئة لأمريكا والكيان الصهيوني، ومدعِّمة للمقاومة الشيعية في لبنان والسنّية في فلسطين، بينما لا يجرؤ أعراب التخاذل على إرسال بندقية واحدة إليها، وبرنامجُها النووي الطَموح قوة لكل المسلمين، بغضِّ النظر عن مذاهبهم. وعلى من يعاديها ويتآمر ضدها مع الأعداء لأنها تختلف عنه مذهبياً، أن يتذكر حكاية الثور الأسود ومصيره الذي واجهه بعد أن تآمر على الثور الأبيض وسمح بأكله، بدل أن ينصره، ولا نعتقد أن الكيان الصهيوني يفرّق في حروبه بين السنّة والشيعة، فكلا الطرفين سواءٌ عنده.
23/6/2013
في هذا الملف
الانقسام من التبرير إلى التفسير
بقلم: هاشم عبدالعزيز عن الخليج الاماراتية
مبادرات كيري الشرق أوسطية
بقلم: عبدالله محمد القاق عن السياسة الكويتية
عيون وآذان (العالم ضد إسرائيل)
بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
عساف بين الخيال والواقع
بقلم: نادية نصر عن القدس العربي
فشل مشروع إخوان مصر
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
خريطة "الشرق الأوسط" بين الربيع العربي والخريف الأميركي
بقلم: وليد نويهض عن السفير البيروتية
العري العربي
بقلم: شارل كاملة عن تشرين السورية
أزمة الحكم والشرعية فى البلدان العربية
بقلم: محمود عبد الفضيل عن الشروق المصرية
الخطر الإيراني أم الصهيوني؟
بقلم: حسين لقرع عن الشروق الجزائرية
الانقسام من التبرير إلى التفسير
بقلم: هاشم عبدالعزيز عن الخليج الاماراتية
بعد سنوات من تبرير حدوثه وعدم تجاوزه، بدأت منذ أيام عملية تفسير إعلامية للانقسام السياسي الفلسطيني بخلفياته واستمراره ,,, في الإجمال يُفسر هؤلاء حالة الانقسام السياسي الفلسطيني بين حركتي “فتح” من جهة وحركة “حماس” من جهة ثانية، والساقط على الأرض بين الضفة الغربية وبين قطاع غزة، أنه جزء من حالة عربية متداعية إزاء القضايا العربية .
هي في شأن القضية الفلسطينية لم تكن في غياب الإجماع العربي على موقف داعم لهذه القضية ولكفاح الشعب الفلسطيني وحسب، بل إن رمي العرب كل بيضهم في السلة الأمريكية وتجاوبهم “الحاتمي” مع مطالب واشنطن بتقديم حوافز، وتشجيع الكيان الصهيوني على الانخراط في العملية السلمية، والوقوع تحت وطأة الوعود الأمريكية الخادعة في شأن الوصول إلى نهاية موفقة لهذه الأزمة المتفاقمة، وذهاب بعض العرب وبحماسة إلى تسويق هذه ال”بضاعة” الأمريكية الغريبة في شأن التعامل مع الاحتلال الصهيوني، وكما لو أنه غير نبتة استعمارية أو عنصرية صهيونية شاخصة بما يكرسه الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني من جرائم ضد الإنسانية، فإلى أين قادت التنازلات العربية التي جرت على وعود وضغوط أمريكية؟
لقد كانت النتائج عكسية، فهي ليست قاصرة على عدم إحراز تقدم في عملية التسوية السلمية، بل الأمر يذهب إلى أن ما حدث عربياً بوجه عام، وفلسطينياً بوجه خاص، من صرف كامل الأوراق، أدى إلى أن يزيد الكيان الصهيوني من عربدته وغطرسته بنكران حقوق الشعب الفلسطيني واستهداف وجوده، والحالة العربية هذه شجّعت الكيان الصهيوني على تجاهل العرب، كأمّة بوجودها وإرادة أبنائها الذين تمتد خريطة وجودهم وخريطة بلدانهم بين قارتي آسيا وإفريقيا، والتي تمتلك إمكانات بشرية كبيرة وكثيرة، لكنها مُهْدَرة ومعطلة، وثروات هائلة قلّ ما يمكن القول في شأنها إنها منهوبة ومسلوبة، وأغلب العرب ليسوا في تخلف فقط، بل ويعيشون حياة بائسة .
قد تكون مفيدةً الإشارة إلى بعض الأمثلة الشاخصة على تداعي حالة الانقسام والتفكك العربي، فهناك السودان الذي كانت الأطراف كافة حاضرة وفاعلة، في ما أدى إلى انقسام بين شماله وجنوبه . العرب وحدهم كانوا في حالة غياب للعب دور حقيقي يستوعب هذا البلد بطبيعته وبمتطلبات نهوضه، والأهم عيش وتعايش مكوناته على قاعدة أن السودان دولة ولهم حق في الحياة والكرامة والحرية والعدالة والمساواة والمبادئ والقيم الإنسانية .
وهناك الصومال الذي دارت على كيانه ومكوناته لعبة، إن لم نقل لعنة الأمم على مدى سنوات أدت إلى انهيار متسارع لهذا البلد بمترتباته على أبنائه البسطاء والفقراء بالموت والتشريد والترويع، ولم يكن هناك تحرك جدي باتجاه الصومال لا من محيطه العربي ولا محيطه الإفريقي والإقليمي والدولي، يقوم على إنقاذ هذا البلد من انهياره .
والمسألة في الإجمال تعود إلى ما آل إليه الوضع العربي من تدهور شامل افتقد فيه العرب دولاً وجماعات وأفراداً التحكم في مصائرهم، كما لو أنهم في اتجاه انحداري متسارع نحو الضياع .
هنا لابد من القول إن الفلسطينيين ليسوا في عالم آخر، بل إنهم في واجهة الوضع العربي المتردي، غير أن ذهاب مفسري الانقسام إلى ربط تجاوزه بإحداث تحول في الوضع الانقسامي العربي هو أقرب إلى “تشريع” من نوع “جديد” للانقسام .
بداية، فإن الفلسطينيين يتصدون لقضاياهم وحقوقهم المسلوبة، وقد مروا خلال ال 65 عاماً من نكبتهم عبر طريق شاق وبتضحيات غالية في مسيرة تعاقب الأجيال، كما أن الفلسطينيين لا يواجهون احتلالاً لنيل حقوقهم وحسب، بل هم أمام كيان عنصري يستهدف وجودهم، وحرب الإبادة العنصرية الصهيونية مفتوحة عليهم بشتى جبهاتها وأخطر أسلحتها وأبشع أساليبها، وتدور بجهنميتها الوحشية على الرجال والنساء والشيوخ والأطفال والشباب، فهي باختصار تستهدف كل ما هو فلسطيني بشراً وشجراً وحجراً، ومصير كهذا يقسم أصحابه أم يوحدهم؟
الأهم في هذا الشأن أن الانقسام السياسي بتداعياته المفتوحة على تصفية القضية الفلسطينية لم تكن رغبة وطنية فلسطينية بل كان هدفاً صهيونياً أمريكياً، ووجد هؤلاء ما هو متاح أمامهم تجاه حركتي “فتح” و”حماس” بتغذية نزعة الاستئثار بالسلطة، وهي الإشكالية الحقيقية التي أصابت حركة المقاومة الوطنية وألحقت أضراراً في الوحدة الوطنية، الأمر الذي أدى إلى تولّد ردود أفعال فلسطينية، عبّر عنها الشارع الفلسطيني ليس بالرفض وحسب، بل وبالمجاهرة في وجه المنقسمين بالارتفاع إلى مستوى قضايا الشعب الفلسطيني التي لا تحتمل لعباً بالنار كهذا,,, والسؤال: أي خيار أمام المنقسمين: تغييره أم تفسيره؟
مبادرات كيري الشرق أوسطية
بقلم: عبدالله محمد القاق عن السياسة الكويتية
تصطدم جهود وزير الخارجية الاميركية جون كيري بعقبات اسرائيلية متعددة عندما يحاول طرح مبادرات جديدة هدفها اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين لانهاء التوتر في المنطقة وبدء مرحلة الحل النهائي الذي يعتمد على "حل الدولتين" وانهاء النزاع المستحكم عبر الخمسة والستين عاما الماضية.
ففي زيارة كيري الخامسة الى اسرائيل ومحادثاته مع نتانياهو من اجل وقف الاستيطان والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المدينة المقدسة وبخاصة المسجد الاقصى ورفع الحصار عن الفلسطينيين, وكذلك الحد من الاعتقالات في الضفة الغربية والقدس تبرر اسرائيل ذلك بانها تجيء لدوافع امنية بحتة, الامر الذي يجهض الجهود التي يقودها كيري والذي حمل في طياته الكثير خلال المنتدى الاقتصادي الذي عقد في البحر الميت كما ابلغني السيناتور الاميركي ماكين خلال تواجده بالمنتدى.
ورغم ان كيري يرغب كما تقول الادارة الاميركية في احلال السلام ودفع هذه المسيرة الى الامام, الا ان نتانياهو يضع العراقيل لتحقيق ذلك الهدف حيث رد كيري على منتقديه والساخرين من هذه الجهود بعد اجتماعه مع رئيس وزراء الاحتلال بقوله:"اعرف ان هناك من ينتقدون ولا يثقون بجهودي وهناك من يشككون ويسخرون لكني اقول لهم: اعرف ذلك, ولكن ستفاجأون بنتائج هذه المحادثات في الاتجاهات الايجابية", بالطبع هذه الاتجاهات ستكون التزام الولايات المتحدة جانب اسرائيل في مواجهة التحديات والاخطار, وكذلك في صنع السلام, حيث يؤكد كيري دائما ولاسيما عندما التقيته في المنتدى الاقتصادي في البحر الميت وقال لي انه "مستعد للذهاب الى اي منطقة من اجل السلام, ولكني اعتقد ان احد اهم الركائز لأمن اسرائيل وسلامتها في تحقيق تسوية سياسية من الفلسطينيين ثم مع سائر العرب (...) وان المسألة (...) تحتاج الى صبر واناة (...) وثقتي كبيرة في ان الجهد لم ولن يذهب هباء وسنفاجىء الجميع".
لقد ظهر واضحا ان الفلسطينيين الذين لا يثقون كثيرا في كيري هو تنظيمهم تظاهرات حاشدة ضد كيري اثناء زيارته الاخيرة الى رام الله حيث هتف الفلسطينيون ضده وهو يحاول شراء شطيرة من احد الفلسطينيين للتدليل على قربه منهم حيث هتف المتظاهرون شعارات ضد السياسة الاميركية من بينها "كيري نحن لا نثق بك وبأميركا .. والولايات المتحدة ليست من اصدقاء الشعب الفلسطيني" و"سياستكم دعم الاحتلال واجراءاته العدوانية ضدنا... كما نشرت صحيفة "الشرق الاوسط" اللندنية "لقد ذكر كيري للرئيس الفلسطيني انه يريد اطلاق مبادرة جديدة خلال الشهر الجاري ولا يريد تسريب معلومات جديدة... وهذه المبادرة تستهدف على ما تردد توفير اربعة مليارات دولار للدولة الفلسطينية لاقامة مشاريع اقتصادية... فضلا عن انه قد يقترح على الفلسطينيين البدء في المفاوضات مقابل اسهامه باقناع نتانياهو وقف الاستيطان مرحليا واطلاق سراح بعض الاسرى مقابل هذه الخطة الاقتصادية لتعزيز النمو الفلسطيني.
ورغم ان الجانب الفلسطيني ابدى جزءا من التفاؤل حيال التحرك الاميركي الا ان المستشار السياسي لوزيرة القضاء الاسرائيلي تسيبي ليفني المكلفة ملف المفاوضات قد فاجأ كيري باعلان "التشاؤم" ازاء امكانية التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال السنتين المقبلتين, كما سخر هذا المستشار من جهود كيري لانه يعتقد ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير متحمس الى المفاوضات, ويرى ايضا ان الضغوط والجهود الاميركية على "ابو مازن" تزداد في الآونة الاخيرة وان هناك ميلا فلسطينيا لذلك لان الفلسطينيين لا يرغبون في اغضاب الاميركيين.
والمبادرة الاميركية تنطلق من مبادلة الاراضي, وهي الخطة التي اقترحها الوفد العربي الذي ابدى تنازلا ملحوظا لدى مقابلته كيري في واشنطن وهو ما رفض ذلك جملة وتفصيلا من الفلسطينيين.
هذه الخطة سبق ان عرضها رئيس الوزراء الاسبق اولمرت في 16 سبتمبر عام 2008 حيث وصفت بانها تمثل تتويجا لمحادثات مطولة بين اولمرت وعباس وتفضي بالتوصل الى اتفاق سلام بين الطرفين حيث تضمنت الخريطة مساحة الدولة الفلسطينية وهي بمقدار مئة في المئة من الضفة الغربية مع "تبادل اراضي" من الجانبين.. وبموجب الخطة "اي الخريطة المقترحة" ستحتفظ اسرائيل بالتجمعات الاستيطانية الرئيسية الثلاثة "تجمع مستوطنة "ارئيل" في الشمال والتجمع الاستيطاني القدس ومعاليه ادوميم والتجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" في الجنوب قرب بيت لحم" وفي المقابل فان الفلسطينيين سيحصلون على مناطق بديلة في منطقة الشمال وفي منطقة العفولة بيسان وفي الوسط ومنطقة الخيش وفي الجنوب في منطقة صحراء جنوب الضفة بالاضافة الى مناطق من النقب ستلحق بقطاع غزة.
ولم يرفض الفلسطينيون هذا التبادل رغم نفيهم ذلك, حيث كتب ابو مازن كما تقول المواقع الاسرائيلية بخط يده "يحصل الاسرائيليون على 6.8 في المئة من الاراضي مقابل 5.5 من الاراضي سيحصل عليها الفلسطينيون. هذه المبادرات الاميركية, لم يكتب لها النجاح لانها لاقت معارضة من مختلف الفصائل الفلسطينية وهي بمثابة انتقاص للمبادرة التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي تقضي بانهاء النزاع العربي - الاسرائيلي مقابل انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة عام 1967.
وعملية اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين على اسس واضحة تحظى باهتمام اردني حيث ابلغني الممثل الخاص للاتحاد الاوروبي اندرس رينكيه" ان الاتحاد يدعم مبادرة كيري لاحلال السلام, ونرى ان المفاوضات يجب ان تكون ذات مضمون لانهاء الصراع, وان مبادرة السلام العربية التي اطلقت قبل عشر سنوات مبادرة جيدة ولكن لم يتم استكشاف قيمتها الحقيقية".
والواقع ان حكومة نتانياهو الثالثة والثلاثين والتي تشكلت منذ اغتصاب فلسطين والتي يرئسها للمرة الثالثة نتانياهو ترفض كل الحلول السلمية لانها يمينية متطرفة بعيدة كل البعد عن السلام والعملية السلمية بين اسرائيل والشعب الفلسطيني, وكذلك فان زيارة اوباما الاخيرة الى اسرائيل جاءت لدعم الدور الاقليمي لاسرائيل ضمن ستراتيجية الولايات المتحدة التي تعمل على الحفاظ على امنها ومواجهة تداعيات الملف النووي الايراني والموقف في سورية, وانطلاقا من هذه اللقاءات التي اجراها الرئيس الاميركي مع القادة الاسرائيليين حرص اوباما على التأكد من فاعلية القبة الحديدية في مواجهة الصواريخ الايرانية و"حزب الله".
ورغم ادعاءات كيري بانه يحمل مبادرات لحل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي, الا ان اسرائيل تمعن في رفض وتجاهل عملية السلام وحقوق الشعب الفلسطيني لانها تدرك ان القضية الفلسطينية لم تعد تشغل المكانة ذاتها في الخطاب الاسلامي التي كانت تشغلها قبل اندلاع ثورات الربيع العربي.
عيون وآذان (العالم ضد إسرائيل)
بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
شعبان عبدالرحيم يحب عمرو موسى ويكره إسرائيل. العالم كله يكره إسرائيل باستثناء أعضاء الكونغرس الذين اشتراهم اللوبي، إلا أن هذا «بزنس» وليس حباً.
بين حين وآخر أسجل من مصادر عصابة الحرب والشر في الولايات المتحدة أمثلة على العداء لإسرائيل، فهناك مادة يومية عن الموضوع، وليكود أميركا يردون عادة بمهاجمة الذين ينتقدون الاحتلال والقتل والتدمير والتشريد.
الكاتب اليهودي الاميركي جاكوب هيلبورن صدر له مقال عن «صورة اسرائيل المهزوزة» حول العالم، والسفير الاميركي السابق في الرياض تشاس فريمان علّق على المقال وقال ان هناك سؤالين قاتمين عن اسرائيل: الاول هل تستطيع ان تبقى ديموقراطية وهي تحكم ابناء الاديان الاخرى بالقوة وتعرقل عملية السلام، والثاني كيف ستؤثر العزلة المتزايدة لإسرائيل حول العالم في الاميركيين عموماً، وليس في اليهود الأميركيين وحدهم.
ثمة عدد من المقالات عن الموضوع، اكثره كتبه يهود أميركيون، إلا انني اريد ان اترك «التنظير» لأعطي أمثلة محدودة من حول العالم كما سجلتها الميديا الليكودية الاميركية.
مجلة «كومنتري» الليكودية من الوقاحة ان تقول ان «التطرف المعادي لإسرائيل يهدد أوروبا» كأن اسرائيل في مستوى اوروبا كلها أو أهم، مع ان الموضوع هو ان كره اسرائيل يعزلها عن العالم.
والمجلة في هيجان لأن متحف «جو دو بوم» الفرنسي الذي تموله الحكومة عرض صور 68 شهيداً فلسطينياً قضوا وهم يقاومون الاحتلال. والمقال يهاجم ايضاً نقابة عمال بريطانية رئيسية هي gmb لأنها منعت أعضاءها من زيارة اسرائيل ضمن أي برنامج يعده اصدقاء اسرائيل النقابيون، وهؤلاء جماعة تدعو الى التعاون مع اسرائيل. أسجل ان المؤتمر السنوي للنقابة البريطانية صوّت على هذا القرار ما يعني ان مقاطعة اسرائيل شعبية وعامة وليست وقفاً على قيادة النقابة.
ومن فرنسا وبريطانيا الى كندا حيث منحت جامعة ماغيل المشهورة دكتوراه فخرية للأستاذة الجامعية الاميركية جوديث بتلر، وهذه من اشهر نجوم الحملات الاكاديمية على اسرائيل.
يضم سجل بتلر، بحسب ميديا ليكود أميركا، هجومها على عنف الدولة (الاسرائيلية) وعنصريتها، ودعمها مقاطعة اكاديمية عالمية لجامعات اسرائيل، وهي ذهبت الى الضفة الغربية وشاركت في تظاهرات ضد العنف الاسرائيلي الذي يستهدف النساء الفلسطينيات. بل ان بتلر ترفض وجود دولة اسرائيل الى جانب دولة فلسطين المستقلة.
وأنتقل الى الولايات المتحدة حيث اصبحت كل جامعة تضم تنظيماً لطلابها ينتصر للفلسطينيين ويطالب بمقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها. ميديا ليكود أميركا تحدثت عن مؤتمر للأديان نظمته الجمعية الاسلامية لأميركا الشمالية في كاليفورنيا، فهاجمت الجمعية بتهمة تأييد «الارهاب»، والمقصود حركة التحرر الوطني حماس، وتجاوزت ان حاخامات يهوداً شاركوا في الاجتماع وكذلك كنائس مسيحية كبرى لتعتبر ان كل من ينتقد اسرائيل يؤيد الارهاب. الحقيقة ان اسرائيل ام الارهاب وأبوه ودولة الابارتيد الوحيدة الباقية في العالم.
ماذا يفعل أنصار الجريمة التي اسمها اسرائيل عندما يرون العالم كله يقف ضد وحشية الاحتلال وتخريب عملية السلام؟ يهاجمون باراك اوباما.
الكاتب الليكودي الهوى ديفيد سولواي نشر في موقع نجس مثل حكومة اسرائيل مقالاً عنوانه «أعظم الفضائح اطلاقاً» وزعم ان اوباما هو الفضيحة الحقيقية من بين فضائح كثيرة سجلها. وفي حين انني اعتبر التنصت على الهواتف فضيحة، الا انه لفت نظري ان الكاتب يتهم ادارة اوباما بالأزمة المالية التي اطلقها المحافظون الجدد، واكثرهم من ليكود أميركا، عندما حكموا باسم جورج بوش الابن وقتلوا مليون عربي ومسلم، وان فضائحه لا تشمل الطائرات بلا طيار لأن هذه تقتل اطفالاً مسلمين مع الارهابيين، وان المقال يستشهد بمتطرفين من نوع كاتبه أو بالحمقاء سارة بيلين ليثبت رأيه ان اوباما فاشل وكارثة في البيت الابيض.
الكارثة هي ان ينتزع متطرفون السياسة الخارجية الاميركية لتخدم فقط مصالح اسرائيل على حساب مصالح دولة كانت يوماً رائدة الحريات المدنية في العالم.
عساف بين الخيال والواقع
بقلم: نادية نصر عن القدس العربي
يحظى برنامج ‘اراب ايدول’ بمشاهدة عالية في العالم العربي وفي مختلف انحاء العالم، وما من شك ان النجم الفلسطيني الصاعد محمد عساف شكل حالة لاقت اهتماما لافتا، وبما ان انجازات القيادة الفلسطينية لا تكاد تذكر فقد جاء صعود نجم عساف، ابن غزة، ابن المخيم الذي نجا من الاجتياحات الاسرائيلية، بمثابة رمز لوطن انيق، من خلال اداء متميز ومتفوق، فعكس اصرارا على الحياة بكرامة بعيدا عن اي ابتذال او استخدام او توظيف لمعاناة الفلسطينيين.
لقد ترك عساف لآخرين ان يتحدثوا عن احتلال فلسطين، اما هو فقد غنى لفلسطين الحياة والتراث، فجاء حضوره بجدارة لابن فلسطين المتمكن والموهوب، والى جانبه مثل المشتركون الآخرون ايضا اوطانهم بجدارة، فتغنى كل بوطنه وامجاده، ونسجوا معا علاقة ودية جمعت بينهم، علاقة كانت تنافسية تخلو من العدائية، بل انها مثلت حالة من الرقي عندما ظهر كل مشترك يتمنى الفوز لغيره. لكن يبدو ان هذا الصعود لعساف ازعج الناطق باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي، ما دفعه لمحاولة تشويهه، فاتهم حماس بمعارضة عساف. والمؤكد ان ادرعي ربما لم يستطع او بالاحرى لا يريد ان يرى انجازا او نجاحا فلسطينيا، لكن رد عساف جاء وحدويا يدل على شخصية وطنية مناضلة.
وقد دفع نجاح البرنامج (العديد من البنوك المحلية والمؤسسات الوطنية)، المسؤولين ورجال الاعمال لدعم المشتركين، بل وتخصيص ميزانية لهذا الدعم من خلال التصويت، وحضر المسؤولون وابناء الرؤساء بعض الحلقات لتقديم الدعم المعنوي.
باعتقادي ان سر مشاهدة البرنامج الذي ننتظره كعرب بفارغ الصبر هو ما يمثله بالنسبة لنا من عالم مثالي خيالي افتراضي جميل، يجمعنا فيه حرف الضاد ولا يفرقنا، فنعيش اجواء الوحدة لساعات قليلة من كل اسبوع في احضان وطن واحد، وهو ذات الشعور الذي نعيشه حين نردد النشيد العربي ‘بلاد العرب اوطاني’ من كلمات فخري البارودي، حيث نشأنا على هذا النشيد وكبرنا على ايماننا به حتى الان. وعلى الرغم من معرفتنا حقيقة الانقسامات والانهزامات ما زلنا نشعر بالفخر حين نسمع ذلك النشيد وكأننا نختار ان نعيش في الذكريات للهروب من واقع مختلف ومنقسم .
كذلك الحال عندما نسمع اغنية الوطن الاكبر بعد كل هزيمة عربية ونردد مقطع ‘وطني يا زاحف لانتصاراتك، ياللى حياة المجد حياتكô احنا وطن يحمى ولا يهدد’، وعلى الرغم مما نعيشه من تجزئة مستمرة وتعزيز للطائفية بصورة مباشرة وغير مباشرة، وعلى الرغم من الواقع الحالي الذي نعيشه حيث تهدد اوطان، وتهدم فاننا نرغب في ان نعيش في ذاك الخيال، ونهرب من الواقع.
خلال متابعتنا لحلقات برنامج ‘اراب ايدول’ نعيش لحظات وحدة ونصر وتفوق من خلال المشتركين والاغاني والمواهب المختلفة من بلدان العالم العربي، وفي أجواء توافقية وبعيــدا عن التنافسية العدائية، نحيي مصر ولا نذكر الخلافات، نحيي سورية ولا نذكر الدمارالذي يعمها، نحيي فلسطين ولا نذكر الانقسام الذي يمزقها، نحيي معظم الدول العربية ولا نذكر الفقر والقهر والاضطهاد، نحن نتخيل ونعيش ما نأمل ان يكون.
اما الواقع فما نلبث ان نصطدم به فور انتهاء البرنامج والانتقال للقنوات الاخبارية، فندرك ان عساف ابن غزة بحاجة الى تصريح من اسرائيل للذهاب الى رام الله، وان سلمى المغربية لن تستطع زيارة فلسطين بدون تصريح، وفرح السورية ستعود الى سورية المدمرة ومصير مجهول، واحمد جمال يعود الى ام الدنيا وهي تقاوم اصوات العصور الوسطى التي تحارب الفن والغناء.هذا هو حال الوطن العربي الذي ارهقنا واتعبنا ونلوذ بالفرار منه من خلال اراب ايدول لساعات قليلة تنقلنا الى ما هو متخيل ونتمناه.
فشل مشروع إخوان مصر
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
بصرف النظر عما قد تسفر عنه مظاهرات 30 يونيو القادمة بمصر، سواء نجحت المعارضة في إسقاط الرئيس أم لم تنجح، فالواقع يقول إن مشروع الإخوان المسلمين بمصر قد فشل، وسيعاني الإخوان من هذا الفشل لأعوام طويلة، سواء في مصر أو المنطقة.
فمنذ تنحي الرئيس السابق مبارك عن الحكم قدم الإخوان المسلمون وعودا ديمقراطية لها أول وليس لها آخر، لكن وعودهم تلك كانت مجرد كلام في الهواء، فمعالجة الإخوان لكل أزمات مصر اتسمت بالتذاكي، ومحاولات الإقصاء، ومن خلال تطبيق مبدأ فرق تسد، مما شرذم الأوضاع كلها بالبلاد. حاول الإخوان إقصاء العسكر، وكان التوقيت مناسبا لأنه وافق هوى لدى المعارضة والثوار، لكن إقصاء العسكر ما لبث أن تحول إلى مشروع إقصاء للجميع؛ من الأزهر إلى القضاء والإعلام، وحتى المعارضة نفسها، هذا عدا عن محاولة الاستئثار بالدستور وتمريره بشكل متسرع وإقصائي، وحدث كل ذلك مع تردٍ اقتصادي مرعب يهدد الدولة المصرية ككل.
والمذهل أن كل توجه، أو قرار، طرحته السلطة الحاكمة، أو قل الإخوان، كان يصطدم مع المجتمع، والمؤسسات، ويزيد من الانقسام الداخلي، ويرفع منسوب الحيرة والقلق خارجيا، وبالنسبة للشق الخارجي فقد كان التخبط الإخواني مذهلا أيضا في كل الملفات من العلاقة مع إيران إلى معالجة سد النهضة، ووصولا إلى سوريا. ولم يكتف الإخوان بذلك، فمع تصاعد الجهود بمصر للحشد لمظاهرات 30 يونيو الهادفة لإسقاط الرئيس قرر الإخوان اللجوء لأساليب تزيد من ورطتهم، فبدلا من تقديم تنازلات سياسية، أو السعي لبذل جهود تسوية، لجأ الإخوان للتصعيد بالشارع والتكفير والتخوين، والتهديد بسحق خصومهم السياسيين! والحقيقة إذا كان مبارك أو نظامه متأخرين ثلاثة أيام في تعاملهم مع ثورة 25 يناير الماضية، كما كتبنا في حينها، فإن الإخوان اليوم متأخرون أعواما عديدة بالتعامل مع الواقع، بل إن المرء يتساءل: أين عقلاء الإخوان المسلمين؟ فهل يريد الإخوان إراقة الدماء في مصر ليقفوا بمصاف الأسد والقذافي؟ أم أنهم يريدون السير بمصر الدولة إلى درجة الانهيار؟ وهل ديمقراطية الإخوان المزعومة تعني فقط الوصول للحكم وبعد ذلك تطبيق المنهج الخميني الإقصائي الذي انتهجته الثورة الإيرانية وإلباس ذلك النهج اللباس الإسلامي لضمان البقاء بالسلطة؟
ملخص القول إن ما سيذكره التاريخ جيدا هو أن فشل الإخوان المسلمين بمصر سببه الإخوان أنفسهم وليس خصومهم، داخليا أو خارجيا، خصوصا عندما قرر الإخوان حكم مصر بعقلية الجماعة، وإدارتها كمعارضة وليس كسلطة سياسية تنتهج منهج الحكم الراشد الذي يجمع ولا يفرق، نهج يوحي بأن من يحكم يؤمن بتداول السلطة، لا الاستئثار بها، كما أنه يؤمن بقدسية حقن الدماء وليس التساهل مع من يقوم بالتكفير والتخوين وتهديد السلم الاجتماعي للبلاد ككل.
ولذا، وبعيدا عما قد تسفر عنه مظاهرات 30 يونيو القادمة، فالواقع يقول إن مشروع الإخوان المسلمين في مصر، والمنطقة، قد فشل، وهذا ما كان يحذر منه قلة قليلة من العقلاء في هذه المنطقة.
خريطة "الشرق الأوسط" بين الربيع العربي والخريف الأميركي
بقلم: وليد نويهض عن السفير البيروتية
لم تعد فكرة تقسيم المنطقة وإعادة هيكلة الجغرافيا السياسية، مجرد تصوّرات موضوعة في ملفات وزراء خارجية الدول الكبرى، بعد أن تمّت مناقشتها تفصيلياً في اجتماع الدول الصناعية الثماني في مدينة سي ايلاند في الولايات المتحدة في حزيران 2004. آنذاك تقدّمت أميركا بنص المشروع في شباط 2004 في عهد الرئيس جورج بوش الابن، ووزّعت منه نسخاً على الدول المعنية لوضع الملاحظات عليه قبل إقراره واعتماده سياسة في السنوات الخمس المقبلة. (نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية في عددها الصادر بتاريخ 13/2/2004. ويشمل المشروع البلدان العربية وتركيا وإيران وأفغانستان وباكستان).
حدّدت القمة مهلة زمنية لتنفيذ المشروع تنتهي في العام 2009. انتهت الفترة التي اتُّفق عليها، وهي فترة تأسّست على متغيّرات سابقة ولاحقة بدأت في أفغانستان (حرب 2001) والعراق (حرب 2003) ولبنان (حرب 2006) وغزة (حرب 2008-2009). وتصادفت كلّها مع بدء انسحاب القوات الأميركيّة وتجميعها في قواعد عسكرية في العراق وتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية على صلة خاصة بإدارة واشنطن ما فتح باب الافتراض عن وجود صفقة تعطي أفضلية لقوى إقليمية على حساب أخرى.
يتجاوز نص المشروع الظروف المرحلية التي أملت على إدارة بوش الابن الإسراع في كشفه، لكونه يتضمّن مجموعة نقاط تحتاج إلى خطوات عملية لتنفيذها على مراحل ولا يمكن لها أن تنتهي في العام 2009. فالمشروع كبير واحتاج فعلاً إلى مساحة زمنية تجاوزت عهد إدارة بوش (الحزب الجمهوري) وتتطلب فترة سماح مضافة من عهد باراك أوباما (الحزب الديموقراطي) حتى تكون الأوضاع جاهزة للتكيّف مع طموحات التغيير، وهي تطلّعات ترى الدول الكبرى أنها أصبحت ضرورية للبدء في مشروع إعادة هيكلة "الشرق الأوسط".
أخطر ما في المشروع غموض فكرته. فالمصطلح غير واضح ويشمل سلسلة بلدان تمتد من غرب الهند إلى المغرب، ويتضمّن الكثير من النقاط التي تخلط بين الإصلاح الشكلي والتغيير الجذري الشامل. وغموض الفكرة فتح الطريق للإكثار من الكلام، عن وجود "مؤامرة كونية"، لتفكيك المنطقة وتقسيم الدول إلى دويلات عرقية أو طائفية تعطي شرعية تاريخية للنموذج الإسرائيلي في فلسطين.
الحديث عن مؤامرة ليس خارج الموضوع – حتى لو بالغت الأنظمة في تضخيم المخططات الدولية للتهرب من مسؤولياتها القانونية – في اعتبار أن النسخة الموزعة التي نشرت في الصحف في شباط 2004 اشتملت قضايا عامة مضافة إلى توصيفات فضفاضة تتحدث عن منطقة جغرافيّة هائلة الاتّساع وغير موحّدة في درجات نموّها ومناخاتها وبيئاتها.
أعاد هذا الإشكال الجغرافي في تحديد هوية المنطقة (عربية أو إسلامية)، الذاكرة إلى مناقشات الكونغرس الأميركي بشأن "الشرق الأوسط" في العام 1993 وقراءات المستشرق برنارد لويس عن طبيعة المنطقة وتكوينها الديمغرافي (خصوبة الأقليات وتكاثرها) وتصريحات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عن "الشرق الأوسط الجديد" خلال زيارة قامت بها إلى تل أبيب في حزيران 2006.
وعزز الاختلاط السياسي في توصيف هوية الشرق الأوسط بين "الجديد" و"القديم" أو بين "الصغير" و"الكبير"، فكرة المؤامرة وأعطى ذريعة للأنظمة لرفض مشروع الاصلاح الذي تحدث عن نقص في إنتاج الكتب والترجمات، واحتكار السلطة للإعلام، وعدم وجود صحافة حرة، وتهميش المرأة، وارتفاع أعداد المتخرجين وعدم توافر فرص عمل ما يضطرهم للهجرة، وتدني دخل الفرد، وضعف النمو قياساً بنسبة التكاثر السكاني. هذه "الأفكار الطموحة" التي وردت في المشروع تهرّبت منها الأنظمة بذريعة وجود مؤامرة تستهدف الأمن وتدفع الشعوب نحو الخروج وزعزعة الاستقرار. وهو ما ظهر لاحقًا في الانتفاضات التي اندلعت في نهاية 2010 وتدحرجت في 2011 و2012 و2013.
ساهم اختلاط هوية "الشرق الأوسط"، وعدم وضوح الجانب السياسي من المشروع، واقتصار الأفكار على النصائح من دون الدخول في الأسباب، في تخويف الأنظمة على رغم أن طموحات النص الذي أقرّ في قمة سي ايلاند تعتبر متدنيّة. فالمشروع رأى أن حلّ المشكلة الاقتصادية يتطلّب التركيز على التنمية البشرية ورفع دخل الفرد يوميّاً إلى اربعة دولارات، كذلك رفع نسبة النمو من 3 إلى 6 في المئة سنوياً. كذلك رأى أن حل المشكلة السياسية يتطلب اجراءات تشمل تعزيز الديموقراطية وتطوير مجتمع المعرفة وتوسيع الفرص الاقتصادية، وإطلاق الحرّيات (انتخابات حرة، معاهد لتدريب النساء على المشاركة في الحياة السياسية) واصلاح النظام القضائي (المدني، الجنائي، والتشريعي) ومكافحة الفساد، وإصلاح النظام المالي والتبادل التجاري، وذلك بهدف نشر الشفافية وترسيخ الحكم الصالح وردم الفجوة الاقتصادية (نظام قروض وتسليف المؤسسات الصغيرة، تعديل نظام الرسوم الجمركية، إنشاء مناطق حرة ومناطق رعاية الأعمال) والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية.
أعطى اختلاط فكرة "الكبير" بـ"الجديد"، مشروعية رسميّة للدول العربية برفض المشروع بذريعة أنّ الإصلاح يمسّ السيادة وله صلة بالأمن الداخلي والاستقرار ويشجّع على تقويض الدولة وغيرها من عناوين فرعية كانت كافية لإغلاق الملف. وجاء إغلاق الملف بعد صدور ردود فعل سلبية وغاضبة آنذاك من الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي وصف خطة المشروع بالسطحية، وقال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إنّ الدول العربية تريد التنمية والتحديث لكنّها ترفض نظرية "الإصلاح بالقوة".
بسبب عدم تجاوب الدول العربية، أغلق المشروع آنذاك بعد إقراره من قبل الدول الصناعية الثماني في قمة سي ايلاند. فالنصّ المعلن كان يعاني من ضعف في منهجية الربط بين الأسباب والنتائج وآليات الحل، لأنه اعتمد أساساً على تقرير قدّمه معهد "فريدوم هاوس" في العام 2003 الذي تحدث حسابياً عن درجات الحرية في العالم العربي ما أعطى صفة نمطية عامة عن دول متباعدة جغرافياً ومناخياً وثقافياً من غرب الهند إلى المغرب متجاوزاً بذلك الهوية التاريخية أو الدينية أو القومية التي تجمع كل هذا الكم من الأضداد.
أغلق الملف آنذاك. لكن المخاوف عادت إلى الظهور بعد سلسلة الهزات التي ضربت المنطقة من المحيط إلى الخليج (صعود قوى وسقوط قوى) ما طرح احتمال وجود علاقة بين ما يحصل في البلدان العربية من هبات سياسية ومشروع اصلاح (أو هيكلة) الشرق الأوسط الكبير الذي اتخذ القرار بشأنه في قمة سي ايلاند.
المشروع الذي وضع في عهد بوش الابن وحددت مدة تنفيذه في نهاية 2009 طرأت عليه تعديلات تتّصل مباشرة بتراجع الموقع الأميركي، وتردّد واشنطن في إعادة ترسيم حدود مصالحها في دائرة "الشرق الأوسط" في لحظة انتقالية لم تعد فيها أميركا اللاعب الدولي الوحيد كما كان الأمر في العام 2004. فالإدارة الأميركية في عهد أوباما متردّدة وغير واضحة، وهي تغلّب قوة الديبلوماسية على ديبلوماسية القوة.
الاختلاف بين تكتيك "القوة الخشنة" الذي اعتمده بوش الابن وتكتيك "القوة الناعمة" الذي يعتمده أوباما لا يعني بالضرورة تخلي الولايات المتحدة عن مشروعها الاستراتيجي الذي ارتأى أن المنطقة بحاجة إلى إصلاح وتغيير. الاختلاف لا يقتصر على تعارض النهجين وإنّما أيضًا على تراجع الدور الأميركي وعدم استطاعة إدارة أوباما على التحرك من دون ضوابط دوليّة ورقابة الأمم المتحدة. الخريف الأميركي أخذت تظهر أعراضه وبدأ يتمظهر في طموحات موسكو وإصرارها على العودة إلى لعب دور الشريك الاستراتيجي في إدارة خطوط المعركة وترسيم حدودها السياسية.
نفي المؤامرة (شبهة الاتّصال) لا يلغي احتمال وجود خطّة مشروع يستهدف إعادة هيكلة دول المنطقة (تقسيم السودان مثلاً في مطلع العام 2011، واحتمال انزلاق العراق إلى كونفدراليّة مناطق وقوميات) تحت سقف مطالب مشروعة تطمح شعوب المنطقة إلى تحقيقها إسوة بدول العالم. "المؤامرة" إذا وجدت أم اختلقت لا تستطيع أن توقف عجلة التقدم والتطور والإصلاح واحترام المرأة وحقوق الإنسان. وهنا بالضبط تبدأ المسؤولية التاريخية التي وقعت "مصادفة" على القوى الإسلامية الصاعدة حديثًا من الشارع إلى السلطة. فالسؤال لم يعد يقتصر على "ماذا تريد القوى الإسلامية من السلطة" بل ماذا تستطيع القوى الإسلامية أن تقدم وتفعل بعد أن وصلت إلى الحكم. يبدأ التحدي من هذه اللحظة الانتقالية (الربيع العربي في مواجهة الخريف الأميركي) التي تؤشّر إلى وجود متغيّر غير واضح المعالم، لكنّه بالتأكيد لن يكون كما كانت العهود الانقلابية والتسلطية السابقة.
العري العربي
بقلم: شارل كاملة عن تشرين السورية
هل صحيح أننا أصبحنا في المنطقة التي لا نقدم فيها سوى التنازلات وتسول الحلول واستعراض العضلات الشوفينية التي تصبح معها ورقة التوت مسألة وقت للتخلي عنها ويصبح معها المطلوب الوحيد استرضاء العدو بأي وسيلة ومهما كان الثمن؟.
وهل فقدنا نعمة التعلم من التجارب التي تؤكد أن الضعف لا يولد إلا السقم والكوارث..؟ أم إنه لا يزال فينا بعض شعور ينتظر ساعة صفر.. ونأمل ألا يطول الانتظار!
ماذا فعلنا كعرب ـ والدقة تقتضي عدم التعميم, لأن بعض العرب لا يزالون يعملون وسيعملون ـ أمام إصرار أعداء الأمة من داخلها وخارجها على تدمير دولها وتهشيم وحدتها وتفكيك نظامها وبعثرة أمنها القومي؟.. صورة عجز تتكرر وبشكل أكثر مأسوية وغير مسبوقة.. تذرير المكونات من خلال الحروب الداخلية التدميرية ونشر الفوضى والتحريض المذهبي, وإقامة المليشيات الطائفية.. التدمير الذاتي المدفوع يأخذ أشكالاً شتى.. والعنف الأعمى في آخر مداه, وفتاوى الحقد والتحريض تخرج على كل ماهو ممكن ومعقول..
الفتنة تجتاح في طريقها كل أمل وتزهق الوطن والبشر والحجر.. بلاء وشر مستطيران ومن قلبهما يخرج قائل.. والقول بالتأكيد تحريض لمزيد من الصور السابقة.. وليس دفعاً باتجاه لملمة المشتت وتوحيد المقسم.. إن الكرة اليوم في ملعب العدو.. و«إسرائيل» لم تعد العدو الوحيد على الجانب الآخر.. وهو يعرف أن العرب اليوم أضاعوا الكرة والمرمى وساحة اللعب... وفقدوا كل عناصر الهجوم والمراوغة والتكتيك.. وهل هناك شك بأننا بتنا أعداء بعضنا.. وأننا لا ننتظر أعداء أكثر من ذلك؟! وأعداؤنا لا ينتظرون أكثر من ذلك؟!
هل يعقل أن كل هذا لم يستطع إيقاظ عنصر حمية في الجسد المتهالك.. نعم لم يستطع وإلا لكانت سورية قد شعرت بلمسة قوة إضافية تشد من عزيمتها في صد هذه العواصف.. هي لا تنتظر الكثير من الدعم المعنوي.. لكنها لم تتوقع كل هذا الغل والحقد من أعضاء الجسد الواحد... لم تنتظر إلا استفاقة عربية ولو كانت ضعيفة تواكب -ولو خجلاً- قولها إن التخلي عن القيام بأدوار من المفترض أن يقوم بها النظام العربي أو منظومة العمل العربي المشترك سيترك فراغاً استراتيجياً كبيراً في المنطقة جعل الدول الطامحة والطامعة تهب لملء هذا الفراغ بما أن الفرصة مؤاتية لذلك..! هل ثمة عربي عاقل لا يستشعر هذه النتائج اليوم... وهل يستطيع إنكار المآل؟. هنا نفترض عاقلاً عربياً وعلى الأرجح ثمة خطأ في الحسابات وإلا لما شاهدنا هذا العري العربي الذي تكشف انقساماً وساحات فارغة سمحت لدول مجهرية بالعبث بالتوجهات وقلبت الأولويات وضخت في المكونات شتى أشكال الصراع السياسي والأخطر منه الديني والمذهبي؟! نأمل أن يكون ماعرضناه مشهداً هاجسياً لا واقعياً وأن يكون وهماً لا يخلق المزيد من الخسائر والكوارث... فهل نحن نحلم بأن هذا العري العربي سيخلق ربيعاً.. أم إن الربيع الحقيقي تزرعه دمشق الصمود والمقاومة وستصدره قريباً ليشمل الساحة العربية كلها والبداية فيها عند مَنْ حاول قطع حبل السرة بينها وبين قاهرة المعز فلم ينجح ولن ينجح, وحفر الحفرة الأخيرة في هاويته قبل أن تبدأ مسيرة الارتداد؟!
أزمة الحكم والشرعية فى البلدان العربية
بقلم: محمود عبد الفضيل عن الشروق المصرية
تشير كل الدلائل إلى أن هناك أزمة مستحكمة لنظم الحكم فى معظم البلدان العربية. فإذا نظرنا يمينا ويسارا سنجد أن هناك أزمة مصداقية وشرعية لنظم الحكم القائمة نتيجة عمق الانقسامات السياسية والمجتمعية والتى تتهدد بنية الدولة ومؤسساتها.
فإذا نظرنا إلى العراق نجد أن حكومة نورى المالكى تواجه مشكلات حادة فى مناطق السنة والأكراد، فقد شهدت محافظتا الأنبار وصلاح الدين تظاهرات حاشدة استقطبت الآلاف كما شهدت المساجد فى الموصل وديالى وبغداد خطبا منددة بسياسات حكومة المالكى وتردى الأوضاع الأمنية، كذلك توجد مشكلات بين حكومة المالكى ورئاسة إقليم كردستان.
مما يؤثر على قدرة الحكومة المركزية على بسط سلطتها فى جميع ربوع البلاد وادارة مواردها. كما أن هناك أزمة سياسية تحيط بحكومة عبدالله النسور فى الأردن، حيث تواجه احتجاجات سياسية من جانب الإسلاميين واضطرابات فى مناطق عدة من الأردن (وعلى رأسها منطقة معان)، وهو ما يؤثر على القدرة على تسيير الأمور وعلى تحقيق الاستقرار السياسى والاقتصادى.
وفى لبنان هناك أزمة مستحكمة لتأليف الحكومة اللبنانية حيث يواجه الرئيس المكلف تمام سلام مشكلات كبرى تعطل مساعى تشكيل الحكومة فى ظل الانقسام الحاد فى المشهد السياسى القائم بين جماعة 14 آذار بقيادة سعد الحريرى وحلفاؤه ومجموعة 8 آذارالتى تشكل الأغلبية النيابية الحالية. وقد ازداد الأمر تعقيدا بعد الانتقادات الحادة التى وجهت إلى حزب الله بعد اشتراكه فى القتال فى سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد وخصوصا بعد تداعيات معركة القصير.
وفى مصر تواجه حكومة هشام قنديل تحديات كبرى تتعلق بضعف الأداء وأن تشكيلها لا يرقى إلى مستوى الحكومة الائتلافية الكفء التى يرتضيها الجميع.
وفى بلدان المغرب العربى نجد أن حكومات حركة النهضة التى تعاقبت فى تونس بعد سقوط نظام بن على تواجه مشكلات جمة فى مجال ضبط الأمن وتحقيق قبول شعبى عام لها كما أنها اصطدمت بالاتحاد العام التونسى للشغل أكبر منظمة نقابية هناك. وفى المغرب تواجه حكومة بن كيران أزمة كبرى بعد انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة الذى يمثل رافدا سياسيا مهما فى الحكومة، بالإضافة إلى معارضة القوى الأخرى الرئيسية مثل الاتحاد الاشتراكى وقوى اليسار.
أما فى سوريا فحدث ولا حرج حيث إنه ليس هناك قبول ومصداقية لكل من الحكومة الرسمية التى تعبر عن نظام بشار الأسد ولا الحكومة المؤقتة التى شكلها ائتلاف المعارضة فى الخارج.
وهكذا نرى أن هناك أزمة مصداقية وشرعية حادة تحيط بالحكومات الحالية فى معظم البلدان العربية التى لم تعد تعبر عن وفاق أو توافق وطنى بين القوى السياسية والاجتماعية التى يتشكل منها البلد العربى. والمقصود بالتوافق هنا ليس الإجماع، حيث إن التوافق هو نقيض الاستئثار وفرض الرأى الواحد لأغلبية منتخبة.
ويلاحظ أن الأزمة الراهنة لا تعبر عن مجرد انعدام التوافق السياسى بين الفصائل السياسية والطوائف الاجتماعية إذ إنها تمتد إلى أبعد من ذلك وتهدد أسس العيش المشترك فى عدد من البلدان العربية: العراق، سوريا، لبنان، اليمن، ليبيا. وهذا وضع خطير يهدد مستقبل الأمة العربية فى الصميم منذ اتفاقية سايكس ــ بيكو فى أوائل القرن العشرين (1916) حيث تؤدى هذه التطورات إلى مزيد من التجزئة وتعميق الطائفية فى الوطن العربى.
وقد برزت بعد أحداث القصير فى سوريا دعوات لإشعال فتن طائفية ومذهبية فى المنطقة العربية وتصوير الصراع الجارى فى المشرق العربى على أنه صراع مذهبى بين السنة والشيعة، بل ذهبت بعض التحليلات إلى القول بأن إيران فى سبيلها إلى الاستيلاء على سوريا كما حذر سعد الحريرى (الرئيس السابق للحكومة اللبنانية) اللبنانيين من اقترابهم من خطر وجودى يتهدد هويتهم مع اقتراب نجاح المشروع الإيرانى.
وتجلى هذا بشكل واضح فى خطاب الشيخ القرضاوى فى قطر والشيخ العريفى الداعية السعودى فى مسجد عمرو بن العاص فى مصر. وتقف دوائر غربية عديدة وراء تكريس هذا الانقسام لإضعاف الأمة العربية وتعطيل انطلاقها نحو التحول الديمقراطى والاستقرار السياسى والتنمية الاقتصادية، ودفعها نحو مزيد من الانقسام والتجزئة.
ولعل دفع الصدام إلى منتهاه ينذر بنتائج وخيمة تذكرنا بذلك الصدام القاسى الذى جرى بين القوى القومية والبعثية من ناحية، والحركات الشيوعية من ناحية أخرى خلال الفترة 1959 ــ 1961. وانتهى بهزيمة الفريقين وانتصار قوى الرجعية العربية. إذ إن الصدام الراهن قد يؤدى إلى نوع من التدمير الذاتى ينتهى بعودة ما يسمى «الفلول» أو النظم الاستبدادية والفاسدة فى طبعة جديدة.
الخطر الإيراني أم الصهيوني؟
بقلم: حسين لقرع عن الشروق الجزائرية
حينما تتحدث بعض دول الخليج عما تسمِّيه "خطر البرنامج النووي الإيراني؟" وتصمت بالمقابل عن الأسلحة النووية الصهيونية، فإن هذا يعني ببساطة ووضوح، أنها لا تعتبر هذه الأسلحة خطراً على العرب والمسلمين، ما يتطابق تماماً مع الموقف الأمريكي والغربي.
إلى حدِّ الساعة، مايزال البرنامجُ النووي الإيراني مجرد "برنامج أبحاث" فحسب، وليس هناك مؤشرٌ أو دليلٌ قويّ على قرب توصّل إيران إلى تصنيع القنبلة الذرية، وحتى التقارير الصهيونية والغربية التي تتحدث عن أنها مسألة أشهر أو سنة، قد تكون مُغرضة، وتُفهم في سياق تصعيد الحرب النفسية على طهران، أو إيجاد الذرائع لشن حرب عليها لتدمير برنامجها الواعد.
وبالمقابل، فإن الكيان الصهيوني تجاوز مرحلة "البرنامج" إلى امتلاك نحو 300 رأس نووي، وهي موجّهة صوب 300 مدينة عربية وإسلامية مزدحمة بالسكان، من المحيط إلى المحيط، من طنجة إلى جاكرتا، بهدف إطلاقها عليها دون تردّد في حال نشوب حرب شاملة مع العرب والمسلمين، وهم يمهّدون لها فعلاً بذريعة أن النبوءة التوراتية التي تتحدث عن "معركة هرمجدون" التي سيسقط فيها مئاتُ الملايين من القتلى، قد آن أوانُها..
هذا يعني أن نحو نصف مليار عربي ومسلم على الأقل مهدّدٌ بالإبادة بالصواريخ النووية الصهيونية، إذا عرفنا أن هناك مدناً كثيرة يقطنها ملايينُ السكان، ومنها القاهرة والجزائر والرباط وجاكرتا وأنقرة.. وغيرها.
ومع أن الخطر النووي الصهيوني على 1.5 مليار مسلم واضحٌ وضوح الشمس، ولا يحتاج إلى براهين كثيرة للتدليل عليه، إلا أن بعض دول الخليج لا تفتأ في السنوات الأخيرة، تحاول بإصرار عجيب تحويل الأنظار تماماً إلى البرنامج النووي الإيراني، وتحذّر من "خطورته" المزعومة على العرب والمسلمين غير الشيعة ــ على حدِّ زعمها ــ، بينما لا تكاد تذكر الأسلحة النووية الصهيونية إلا نادراً وبطريقة ضمنية، حينما تتحدث على استحياء عن "ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل".
هذه الدول المحسوبة على العروبة لا تناصب النوويَ الصهيوني العداءَ، ولا تحذّر العالم من خطورته، ولا تسعى إلى امتلاك مثله من باب توازن الردع، بل تعادي فقط البرنامجَ الإيراني، وتستعدي العالمَ كله ضده، ولا تتردد في دعوة الولايات المتحدة صراحة إلى ضربه وتدميره.
والأخطر من هذا، أن هذه الدول تقوم بحملة إعلامية شرسة عن طريق أبواقها الاعلامية الفضائية لإقناع السنّة العرب والمسلمين بأن البرنامج النووي الإيراني يشكل خطراً ماحقاً عليهم، ما أفضى إلى شحن طائفي شديد ضده، ونسيان خطر السلاح النووي الصهيوني تماماً.
العدوُّ الحقيقي للعرب والمسلمين سيظل الكيان الصهيوني ومن يدعِّمه دون حدود، أما إيران فهي دولة مسلمة شقيقة، مناوِئة لأمريكا والكيان الصهيوني، ومدعِّمة للمقاومة الشيعية في لبنان والسنّية في فلسطين، بينما لا يجرؤ أعراب التخاذل على إرسال بندقية واحدة إليها، وبرنامجُها النووي الطَموح قوة لكل المسلمين، بغضِّ النظر عن مذاهبهم. وعلى من يعاديها ويتآمر ضدها مع الأعداء لأنها تختلف عنه مذهبياً، أن يتذكر حكاية الثور الأسود ومصيره الذي واجهه بعد أن تآمر على الثور الأبيض وسمح بأكله، بدل أن ينصره، ولا نعتقد أن الكيان الصهيوني يفرّق في حروبه بين السنّة والشيعة، فكلا الطرفين سواءٌ عنده.