Haneen
2013-06-27, 09:26 AM
اقلام واراء اسرائيلي 375
25/6/2013
في هــــــذا الملف
صاروخ من غزة
بقلم: عميرة هاس ،عن هآرتس
سورية: دخول لاعب جديد للملعب
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
كيف سيدفع روحاني المشروع الذري للامام
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
نتنياهو وخيمة السلام بين القدس ورام الله من اجل مفاوضة الفلسطينيين
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
محمد عساف حلم بالغناء لا باطلاق النار
بقلم: ميخال أهروني،عن معاريف
انتفاضة ثالثة في الطريق
بقلم: رؤوبين بدهتسور،عن هآرتس
صاروخ من غزة
بقلم: عميرة هاس ،عن هآرتس
عساف الذي لم يبلغ بعد سن الـ24، من سكان مخيم خان يونس للاجئين صعد الى الوعي قبل نحو ثلاثة اشهر كاسطورة حديثة العهد، حقيقية: بجهود مضنية خرج من القطاع المغلق الى القاهرة، قفز من فوق سور الفندق كي يصل الى مقابلة التصنيف والاختيار، اضاع فرصة التقاط رقم للمشاركة وعندها أعطاه غزي آخر رقمه للامتحان وقال: ‘لك فرصة في الفوز، ليست لي’.
عائلة أمه جاءت من القرية الفلسطينية المهدمة بيت دراس (اليوم بيت عيزرا، شرق عسقلان) وعائلة أبيه من بئر السبع. في غزة معروف هو منذ زمن كمغني حفلات وأعراس، ظهرت موهبته منذ الصبا. والان باتوا في تشيلي البعيدة يعرفونه. وهذه أنباء طيبة، إذ ان الجالية الفلسطينية هناك ثرية جدا، وهذه على أي حال هي مصلحة تجارية. فاختيار ‘الايدل’ منوط بعدد الرسائل القصيرة التي يحصل عليها كل متنافس، وكل رسالة تكلف مالا شيكل ونصف الشيكل لشركات الاتصال الوطنية وجوال (2.85 في بداية المنافسة). من يستطع ذلك يحق له أن يرسل 100 رسالة قصيرة باسمه، لربح شركات الخلوي. ولكن من يمكنه؟
بالتأكيد ليس معظم سكان مخيمات اللاجئين. المصريون، الذين تجندوا لتأييد ابن بلادهم من دون صلة بجودة الصوت، هم أكثر بكثير من الفلسطينيين (ومن جهة اخرى معظمهم حتى أفقر من الفلسطينيين). بنك فلسطين تعهد بالتبرع بعدد من الرسائل تساوي الرسائل التي تؤيد عساف، لتعويض الفارق الديمغرافي مع المصريين. ‘الـ 48′ (اي الفلسطينيين من مواطني اسرائيل) يمكنهم ان يصوتوا عبر الانترنت. ولؤي ابن العاشرة يبلغ بان الاكراد والعراقيين سيصوتون لنا.
حكم الرسائل القصيرة صدر يوم السبت، وأصبح عساف بطل العصر للفلسطينيين، من الشباب والكبار. خريجو الجامعات الغربية وخريجو السجون. سكان مخيمات اللاجئين في البلاد وفي المنفى. الشقق الفاخرة في رام الله وفي حيفا والسجناء من نساء ورجال. ناشطو م.ت.ف قدامى ومن ابتعد عن السياسة الجميع جلسوا ليشاهدوا بالبث الحي والمباشر المنافسة اللامعة وانصتوا الى الهراء الذي اطلقه الحكام ورافقوا بسعادة عساف الذي تسلق من مرحلة الى مرحلة. كتابات في الفيسبوك موضوعها عساف، شاشات ضخمة في المطاعم وفي الشوارع، دقات قلب متسارعة وهو يغني ‘بجودة أقل مما في المرات السابقة’، قضم الاظافر قبل بث النتيجة في كل مرحلة. منذ اجتياح الجيش الاسرائيلي في 2002 لم يشهد الفلسطينيون تجربة توحدهم بهذا القدر. الحاكم اللبناني في المنافسة، المغني راغب علامة، وصف عساف بانه صاروخ سلام ومحبة يمر من فوق مدن فلسطين، القدس والناصرة، غزة ورام الله.
وحتى في الوحدة توجد شروخ: بعض من رجال الدين في الضفة وفي غزة (ليس فقط من مؤيدي حماس) اعربوا عن معارضتهم للظاهرة وللبرنامج، الذي يبث في محطة الـ ‘ام.بي.سي’ السعودية، التي يمكن لنا أن نفهم لماذا. جمهور مختلط من الرجال والنساء مكشوفات الشعر والصدر، تقليد للعادات الغربية وكله بالبث الحي امام الملايين. هذا ليس غناء، هذا صرف للانتباه عن فرائض المؤمنين، ليس رجوليا وينسي مصير السجناء، قال المعارضون. ويبث البرنامج بالضبط في الفترة التي ينشغل فيها شرطة حماس بمحاولات اخرى لفرض وحدة في السلوك: قبل نحو شهرين أمسكوا في الشوارع شبانا بشعور طويلة وفرضوا عليهم الحلاقة، ووزير الداخلية في القطاع تحدث مؤخرا عن المهمة التي امامه: الحفاظ على ‘رجولة’ الرجال. وفي الاسابيع الاخيرة تدير الشرطة حملة ضد المخدرات واقراص الترمادور مخفف الالام الباعث على الادمان الذي بواسطته يهرب الناس من الافكار والمشاكل ولكن أفراد الشرطة الناشطين اقتحموا المقاهي التي تتجرأ فيها النساء على تعاطي النارجيلة الى جانب الرجال. ونفى الناطقون بان هذه سياسة من فوق وادعوا ان هذه مبادرة من أفراد الشرطة.
هكذا حصل الان عدة مرات منذ صعود حماس: رجال الامن أو مسلحون مجهولون حاولوا بهجمات عنف فرض سلوك ‘اسلامي’ موحد حسب التفسير الاكثر تطرفا (مثل وقف الغناء في الاعراس، تفريق مخيمات صيفية لوكالة الغوث أو العباءة كزي موحد للتلميذات). وعندا اصطدموا بالمعارضة الجماهيرية ادعى الناطقون الرسميون ان هذه مبادرات خاصة وتوقفت الهجمات. وعندما ضعفت المعارضة (مثل التشدد في الفصل بين البنين والبنات في المدارس) استمرت السياسة.
لقد فهم حكم حماس بانه لا يمكنه ان يوقف موجة الحماسة والانفعال لعساف، وبعض من الناطقين بلسانه يمتدحون الان الشاب الذي اصبح ‘سفير فلسطين’. هذا السفير الذي صعد الى المسرح وهو مريض، غنى للسجناء والشهداء (على الكوفية) اغنية من التسعينيات تتماثل مع م.ت.ف (وبين الاغاني التي منعت حماس انشادها في 2007 2008. وقد قام الحكام والجمهور وغنوا معه فأهلوا الاغنية كاغنية فلسطينية للعموم.
حتى الان اتخذ عساف جانب الحذر من أن يكون اداة في يد السلطة الفلسطينية (التي أيده مسؤولوها منذ البداية) ضد سلطات غزة. ولكن في نفس الوقت ترسم ظاهرة عساف الحدود لحماس. في نسبة معاكسة لحجم المنافسة الفني الصغير تثبت كم يتوق الفلسطينيون لبطل وطني اسمه وعمله ينطويان على الفرح، النجاح والحياة، وليس الحزن، المعاناة والفشل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سورية: دخول لاعب جديد للملعب
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
إن استقرار رأي الامريكيين على إمداد المتمردين في سورية بالسلاح هو ذروة جهد عربي عام لكسر الجمود ومساعدة المعسكر السني كل دولة عربية بحسب قدرتها واستطاعتها الوصول. ونفخ القرار ريحا قوية في أشرعة المتمردين، الذين كانوا مُعرضين الى الآن لهجمات ‘الحرس الثوري الايراني’ ورجال حزب الله، وأصيبوا اصابات بالغة بأفضل السلاح والطائرات الروسية الصغيرة بلا طيارين. أعلن المتمردون أول أمس عن عملية ‘القادسية’، التي تنحصر في الأساس في جبهة مدينة حلب، وليس عجبا ان اختاروا هذا الاسم للعملية المخترقة الطريق التي بدأوها.
بقيت أجزاء كبيرة من تفصيلات القرار وتحقيقه سرية فوق التصريح الامريكي بنقل سلاح الى المعارضة النازفة، بعد ان تبين ان السكان السنيين تعرضوا لسلاح كيميائي. يبدو أن الامريكيين استقر رأيهم على تسليح قوات جيش سورية الحر فقط بسلاح نوعي بقيادة الجنرال سليم ادريس، ومنع وصول هذا السلاح المُحكم الى العصابات الارهابية الاسلامية المسلحة التي تعمل على مواجهة النظام.
بقي الشك في عناصر قوة المعارضين الاسلاميين في سورية على حاله. إن الذاكرة الامريكية الجماعية تشتغل على تجربة مساعدة متطرفين اسلاميين وجهوا سلاحهم الامريكي الذي حصلوا عليه الى الامريكيين بعد ذلك. وليس عند الامريكيين أي اهتمام بأن يقع السلاح النوعي الذي سيُسلمونه الى المتمردين السوريين في نهاية الامر في أيدي هؤلاء الاسلاميين المتطرفين، مثل ‘القاعدة’ و’جبهة النصرة’ و’أحرار الشام’ و’كتائب الفاروق’، وهم من أعدائها اللدودين في الغد.
وليس واضحا الى الآن أي سلاح سيُرسل في نهاية الامر والى من، لكن من الواضح ان الامريكيين ضاقوا ذرعا بمعادلة الدم التي أحدثتها ايران وروسيا في سورية، بحيث ما زالت هاتان الدولتان تُسلحان الاسد بسلاح مُحكم، في حين يبطل فعل الغرب ويقف عند تسويف صيغ خالية من المضمون لحل الازمة. اتُخذ قرار الامريكيين رغم تهديدات الروس والسوريين بالانتقام داخل اوروبا، حينما أدركوا انه لا احتمال لتنحي الاسد وانشاء حكومة انتقالية تمهيدا للانتخابات.
في حين ما زال حلف الاسد العلوي مع مقاتلي الشيعة من حزب الله والحرس الثوري يضربون السكان المدنيين السنيين في سورية، ومقاتلي المعارضة والبنى التحتية المدنية، أخذ الزعماء العرب السنيون في الدول العربية يجتمعون في جبهة صارخة واحدة واضحة، من دون صيغ دبلوماسية معوجة، فهم يعلنون أن ‘الفتنة الدينية’ صارت لها الآن أبعاد ظاهرة والحديث عن حرب أهلية بين أهل السنة والشيعة لا تتلخص في مواجهة عسكرية بين الاسد والمتمردين. وتشتعل الآن عدا سورية مراكز مواجهة في لبنان والعراق، وتستعد الدول السنية التي تحاذي سورية مثل تركيا والاردن للمواجهة.
إن المعارضة السورية السنية تشير بتسميتها عمليتها الاخيرة في حلب ‘القادسية’ الى ايران الفارسية الشيعية بأنها تهدد من داخل سورية الشرق الاوسط وبأنها أعلنت حربا على العالم السني.
وكأنه لم يمر أكثر من ألف سنة منذ كانت المعركة التاريخية في القادسية في سنة 636م بين جيش الخليفة عمر الفاروق والجيش الوثني لملك الدولة الفارسية كسرى. إن تلك المعركة علامة نصر اسلامي في مقابل هزيمة فارسية مُذلة لم يُشف الايرانيون منها الى اليوم وهم يحاولون الآن ان يغيروا أحداث التاريخ ولو قليلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
كيف سيدفع روحاني المشروع الذري للامام
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
يجب الا نُخمن ما الذي يعتقده رئيس ايران الجديد حسن روحاني في سياسة بلده الذرية. فقد كتب في ذلك عشرات المقالات وما لا يقل عن سبعة كتب كان آخرها: ‘الأمن القومي والدبلوماسية الذرية’ وصدر في 2011. وروحاني يبسط هناك في ألف صفحة على نحو واضح حازم تصوره العام للقضية الذرية، على أساس التجربة التي جمعها في سني خدمته الـ 24 بصفة رجل مفتاحي في صوغ سياسة ايران الذرية.
نشر باتريك كلاوسون، مدير البحث في معهد واشنطن في الآونة الاخيرة بحثا يلخص مواقف روحاني، كما تظهر في كتابه الأخير. ويتناول أحد فصول الكتاب تكتيك التفاوض مع الغرب.
في 2004 كان روحاني يرأس فريق التفاوض الايراني مع الدول الغربية الثلاث القوية، وهو الذي أحرز اتفاق باريس. يقول ان ايران وافقت آنذاك على تأجيل ما لتخصيب اليورانيوم مقابل طائفة من التنازلات الاقتصادية.
وقد قُبلت ايران آنذاك في الحقيقة في منظمة التجارة العالمية وكانت قريبة من اتفاق تعاون تجاري مع الاتحاد الاوروبي. والى ذلك قبلت الدول الكبرى بريطانيا وفرنسا والمانيا علنا الرواية الايرانية التي تقول إن وقف تخصيب اليورانيوم قد قامت به ايران ‘متطوعة’، باعتباره جزءا من بناء خطوات الثقة بين الطرفين.
يكتب روحاني أن اتفاق باريس أسقط من برنامج عمل مجلس الأمن القضية الذرية الايرانية، رغم الضغط الامريكي للاستمرار في علاجها. وقد أحرزت ايران بذلك الاتفاق، كما قال انجازات في عدد من الجبهات، من دون أن تحتاج الى الاعتراف بأنها نقضت اتفاقات دولية في المجال الذري ومن دون ان يتضرر برنامجها الذري في واقع الامر.
بعد اتفاق باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 في الحال أعلن مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود ‘تقدم صالح’ في الاتصالات بايران. ويكتب روحاني ان ايران شعرت في تلك الفترة بأنها سارت في الطريق الصحيح لأنه اذا استثنينا أمرين أقلقا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهما عدد منشآت التخصيب وتوسيع خطة آلات الطرد المركزي، لم تُذكر كل الموضوعات الاخرى.
إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية محت في الحقيقة سلسلة دعاواها على ايران. وكتب ان الامريكيين وحلفاءهم وجدوا أنفسهم بلا تأييد دولي فيما يتعلق باستعمال ضغط على ايران.
ويعترف روحاني أنه في الوقت الذي نقلت فيه ايران الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أجوبة عن اسئلة عُرضت عليها، استمرت في تحسين منشآتها الذرية. ويقول ركبنا معدات في المنشآت في أصفهان بموازاة المحادثات في طهران. ‘انشأنا في واقع الامر جوا مطمئنا مكّننا من إتمام الاعمال في أصفهان’.
ويكشف روحاني عن النظرية كلها على قدم واحدة، وهي التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية واجراء تفاوض مع القوى الكبرى هما أفضل طريق لايران للتقدم في برنامجها الذري.
ويكتب روحاني ايضا عن الصعاب التي واجهته لاحراز اجماع في ايران على تنازلات للغرب، فقد كان يجب عليه ان يقنع الزعيم الروحي خامنئي وجهات مركزية، كما يبدو ايضا من الحرس الثوري. لم يُحب خامنئي المصالحة لكنه أعطى روحاني في نهاية الامر حبلا للاستمرار في تدبير أموره مع الغرب كما يشاء.
ويُقدر كلاوسون أنه سيكون أصعب على ايران اليوم أن تعود الى تلك الحيلة بسبب الشك فيها، والمعلومات التي اجتمعت على مر السنين عن نواياها والمنشآت التي انشأتها. وكلاوسون على حق. إن ‘المحتال من طهران’ سيضطر الى ان يجد حيلة اخرى.
إن ايران والولايات المتحدة اليوم ليستا ايران والولايات المتحدة في 2004. فقد كانت ايران آنذاك في بداية الطريق نحو بناء قدرة انتاج كامل لمشروع ذري عسكري، وقد أصبحت اليوم قريبة جدا من الهدف. وفي 2004 استعملت ادارة بوش قوة في العراق عززت الردع الامريكي في المنطقة. وفي 2013 أعلن قائد الاسطول الامريكي بأنه بقيت له حاملة طائرات واحدة فقط لمواجهة وضع ازمة في الخليج الفارسي بسبب الاقتطاع من الميزانية العامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو وخيمة السلام بين القدس ورام الله من اجل مفاوضة الفلسطينيين
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الايام الاخيرة بحماسة عن انشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، ويُحذر من دولة ذات شعبين، ويدعو الى نصب ‘خيمة سلام’ بين القدس ورام الله. فماذا حدث له؟ هل تأثر باحتفالات يوم ميلاد الرئيس شمعون بيرس؟ أو أقلقته ‘خطبة الشظية في المؤخرة’ للوزير نفتالي بينيت الذي تحدث عن تأبيد الصراع؟ أم هو مجرد مشتاق الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟
يمكن ان نلاحظ اربعة اسباب للتوجه الى اليسار، أولها الملل والوحدة. فقد فقدَ نتنياهو سيطرته على العمل السياسي حتى قبل الانتخابات، ولم يُعده الى يديه منذ ذلك الحين. وأصبحت تحذيراته من الخطر الايراني تثير اهتماما ضئيلا لدى الجمهور الذي يحصر عنايته في الوضع الاقتصادي. ويحافظ نتنياهو على بُعد عن الاقتصاد، لأنه ليست لديه حلول ولكي يتجه الغضب على الضرائب والتقليصات على خصمه وزير المالية يئير لبيد. لكن النتيجة في هذه الاثناء عكسية، فقدْ فقدَ لبيد من شعبيته حقا، لكنه أصبح يُرى الرجل المركزي في الحكومة. وليس عند نتنياهو ما يقوله وهو مُحتاج الى رسالة جديدة، تعيده الى الوعي العام بصفة زعيم.
ويريد نتنياهو ثانيا ان ينقض الحلف بين لبيد وبينيت، فهذا هو مصلحة رئيس الوزراء السياسية العليا، وهو الذي يواجه منذ كانت الانتخابات الجبهة الحصينة لـ’يوجد مستقبل’ و’البيت اليهودي’ ويصعب عليه ان يخترقها. فالسبيل الوحيد للفصل بين ‘الأخوين’ تمر في الطريق الفلسطيني، حيث توجد فروق عميقة في التوجه بين بينيت ولبيد. فأحدهما يعارض الدولة الفلسطينية معارضة شديدة، أما الآخر فيراها ضرورة، كما قالا لمجرية اللقاء الصحافي ليلي فايموت من صحيفة ‘واشنطن بوست’. إن اختراق طريق مع الفلسطينيين، ولا سيما اذا كان مصحوبا باجلاء مستوطنين سينبذ بينيت عن الحكومة ويسجن لبيد فيها.
وثالثا زاد انتخاب حسن روحاني رئيسا لايران من خوف نتنياهو من صفقة امريكية ايرانية تكون على حساب اسرائيل. وهذا هو سبب تشدده في طلبه وقف برنامج ايران الذري. إن وضعه يُذكرنا بعزلة شانغ كاي شيك زعيم تايوان قُبيل زيارة ريتشارد نيكسون للصين. إن تولي روحاني مقاليد الحكم يضائل احتمال ان تهاجم اسرائيل ايران، لكن اذا كان نتنياهو ما زال يحلم بعمل عسكري، واذا كان لا يريد سوى أن يصغوا اليه، فعليه ان يضمن التأييد الامريكي وان يدفع عنه تنازلات للفلسطينيين.
ورابعا إن نتنياهو قلق من ازدياد قوة القطيعة الدولية مع اسرائيل. إن أكثر الاسرائيليين ما زالوا لا يشعرون بها، لكن رئيس الوزراء مضغوط. فهو يسمع تحذيرات مجموعة الاعمال من الضرر الذي يسببه الجمود السياسي، ويقول ان الدعوات الى القطيعة مع اسرائيل هي النسخة الحالية من معاداة السامية التقليدية. لو أنه كان يعتقد أن هذه زمزمة غير مُضرة لتجاهل المشكلة أو رآها قزما. لكن نتنياهو خائف كما يبدو من ان يتم تذكره بأنه زعيم أُبعدت اسرائيل في مدة ولايته من أسرة الأمم.
كل هذه الاسباب تدفع نتنياهو، زيادة على الرسائل التي عرضها قبل اربع سنوات في خطبة بار ايلان التي أيد فيها الدولة الفلسطينية أول مرة. لم يذكر آنذاك خطر الدولة ذات الشعبين، وهو الآن يتبنى مصطلحات اليسار الصهيوني التي يعتبرها اليمين جيفة.
ماذا يستطيع نتنياهو ان يفعل؟ إن احتمال تسوية دائمة صفر. ولن توقع حماس على ‘انهاء الصراع وانهاء المطالب’، ولن يعترف محمود عباس بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي، ولن توافق اسرائيل على حق اللاجئين الفلسطينيين واولادهم في العودة الى داخلها. ويستطيع نتنياهو ان يعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العمومية القريبة للامم المتحدة وان يعلن بأن حدودها ستُرسم بالتفاوض.
ولن يكتفي ‘العالم’ بكلمات وسيطلب منه مطالب جدية على صورة اخلاء المستوطنات حتى بصورة رمزية. وسيؤيده الجمهور الاسرائيلي. وليس واضحا مع كل ذلك أقادر نتنياهو على ان يسلك سلوك ارييل شارون في حينه، وعلى ان يثور على قاعدته السياسية. فهو اليوم يحجم عن ذلك. لكن هل عنده خيار في المقابل؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
محمد عساف حلم بالغناء لا باطلاق النار
بقلم: ميخال أهروني،عن معاريف
محمد عساف هو شاب صغير ذو صوت مذهل. فقد أراد أن يكون نجما واصطدم بمشاكل في طريق المجد. وبالاساس حقيقة أنه من خانيونس، وصعب بعض الشيء الخروج من خانيونس هذه الايام. وعليه فقد فعل ما كان يمكن لاي شاب طموح أن يفعله: تسلق من فوق جدران فكرية ومادية.
قبل لحظة من بدء الغناء في اختبار القبول بدا مرتبكا وفزعا، ولكن ما أن فتح فمه حتى سقطت كل الاسوار أمامه. هذا الولد انتحر على المسرح ومزق روح لجنة التحكيم. لقد فهم ان هنا لا مجال للاخطاء، وانها توجد فرصة واحدة. فهجم عليها.
هكذا وصل الى ‘أرب آيدل’ كمتنافس. وفي البرنامج اعطى كل ما لديه، وفجأة، من ولد مذعور وهش اصبح كاريزماتيا وآسرا. ومثلما يحصل مع كثير جدا من المتنافسين الاخرين في مسابقات الغناء ولا يهم لاي دين ينتمون. ومثلما يحصل لمن يجد مكانه في لحظة واحدة. والجمهور أحبه. العالم العربي عانق بحرارة هذا الشاب.
وابتداء من يوم امس لم يعد محمد عساف الفائز الاكبر في ‘أرب آيدل’ بل اصبح رمزا، رمزا لمن لا يتنازل، ولا يسمح لاي جدار أو سور أن يوقفه.
في خطابه بعد التتويج أهدى فوزه الى الشهداء الفلسطينيين والسجناء. هذا، اضافة الى حقيقة أنه التف بالعلم الفلسطيني، جعلته في نظر الجمهور الاسرائيلي عدوا وحشيا. ها هم مرة اخرى يمجدون ويقدسون الكفاح المسلح. ها هم الفلسطينيون العطاشى للدماء. هكذا كان من كتب في التعقيبات بانهم هكذا يعلمون اطفالهم، اولئك الفلسطينيين، ليكرهوا ويقتلوا.
ولكن محمد عساف ليس على الاطلاق رمزا للكفاح الفلسطيني. فهو لم يحلم بان يكون شهيدا، لم يلتف بعلم حماس، لم ينضم الى اي منظمة ولم يتصرف بعنف، بل العكس. حلم بان يخرج من خانيونس والوصول بعيدا ليغني لا ليطلق النار. حلم بالمال والمجد والحياة الطيبة وليس بالموت. غنى الى جانب شابات كاشفات ومزينات.
وشارك في برنامج ترعاه بيبسي وكنتاكي فرايدتشكن، رمز الامركة. البرنامج هو فكرة غربية تبناها العالم العربي. فما علاقة هذا الشاب بالاسلام المتطرف بالضبط؟
عساف تعلم في مدرسة الوكالة، وما يعرفه هو رزم المساعدة وانعدام الكهرباء. لم يعمل ابدا في اسرائيل ولم يلتقِ يهودا ليسوا جنودا. فلمن كان يريد الجمهور الاسرائيلي أن يهدي فوزه. للبيد؟
ولكن نحن والطرف الاخر على حد سواء بتنا أسرى جدا بانفسنا لم تعد لدينا القوة لان نرى الناس يحلمون ويريدون، ببساطة كي يحلموا ويريدوا. انعدام الثقة، الكراهية، التعب والكثير من الالم يميز الخطاب وردود الفعل على فوز محمد عساف في ‘نجم وليد’ العربي. أحلام لم نعد منذ زمن بعيد قادرين على أن نراها، ناهيك عن الواقع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
انتفاضة ثالثة في الطريق
بقلم: رؤوبين بدهتسور،عن هآرتس
إن تحذير قائد منطقة المركز نتسان ألون من أمواج عنف اذا فشلت محاولة جون كيري تحريك المسيرة السياسية، هو بالطبع ثمرة تحليل مهني خالص وليس موقفا سياسيا، كما سارعوا الى الصراخ بذلك في اليمين. لكن الحديث فوق ذلك عن دعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى الاستيقاظ.
في كانون الاول/ديسمبر 1987 وفي ايلول/سبتمبر 2000 فوجئ مقررو السياسة في اسرائيل بنشوب الانتفاضتين. وتجاهلوا في الحالتين تأثيرات سياساتهم في المزاج العام في المناطق.
أما هذه المرة فيصرف قائد منطقة المركز انتباه نتنياهو الى الصلة بين الجمود السياسي وانتفاضة ثالثة. ولن يستطيع رئيس الوزراء ان يقول هذه المرة انه لم يكن يعرف، وإن نشوب العنف قد فاجأه، لأن كبار مسؤولي ‘الشاباك’ يوحون الى المستوى السياسي بأن ‘الميدان’ على شفا انفجار، يضاف هذا الى اللواء ألون.
اجل إن الارض تشتعل تحت المشهد البراق للبناء الكثيف والحياة الليلية العاصفة في رام الله. ولا يُحتاج إلا الى شرارة تشعل العنف. اذا كان نتنياهو يفضل ان يتجاهل تحذيرات اللواء ألون، فمن المؤكد ان مستشاريه يترجمون له تصريحات زعماء فلسطينيين منهم معتدلون باحثون عن الهدوء ايضا يُحذرون بوضوح من موجة العنف التي قد تنشب من غير ان يكون لهم سيطرة على ذلك.
يؤكد أبو مازن في الحقيقة انه لا ينوي ان يقود الى مواجهة عنيفة مع اسرائيل، لكنه يوحي بأنه اذا استمر الجمود وعظم اليأس فقد يفقد السيطرة على الجماهير. وبيّن حسن الخطيب ايضا الذي كان وزير العمل في الحكومة الفلسطينية، في مقابلة صحافية مع وكالة الأنباء الفرنسية، ان العنف قد ينشب من دون يد موجهة من أعلى. ‘يُبنى هذا بالتدريج. أعتقد أن هذا نتاج تأليف خطر بين عدم وجود أفق سياسي وازمة اقتصادية شديدة تفضي الى بطالة متزايدة والى فقر’.
كان يجب على نتنياهو ان يُثني على اللواء ألون، وأن يدعوه الى حديث في ديوانه، وأن يسمع منه لماذا يُقدر انه توجد صلة بين محادثات كيري والهدوء في المناطق. لكن رئيس الوزراء يعلم ان اللواء ألون هو بمنزلة خرقة حمراء للمستوطنين ومبعوثيهم في الكنيست، فلماذا يواجههم ويحمي ضابطا رفيع المستوى مستقيما يقوم بعمله باخلاص؟
حينما تقرر تعيين ألون قائدا لمنطقة المركز أعلنوا في المستوطنات ان ‘هذا مجنون، إن هذا التعيين اعلان حرب حقيقية’. وحينما كان قائد فرقة ‘أيوش’، تظاهر مستوطنون أمام بيته وصاحوا: ‘كان آيخمان ايضا لولبا في الجهاز فقط. إن ألون هو الترجمة العبرية لآيخمان، كل ما فعله انه حول اسمه الى اللغة العبرية’. ولا أتذكر أحدا من وزراء الحكومة أو من اعضاء الكنيست زعزعه هذا الكلام.
سبق ألون قادة مناطق وضباط كبار آخرون كانوا يشعرون هم ايضا بثقل ذراع المستوطنين حينما لم ‘يسيروا في السبيل المحددة’، وعبروا عن آراء لم تلائم التصور العام للمستوطنين مثل عمرام متسناع ويئير نفيه مثلا، بل إن رئيس هيئة الاركان بني غانتس لم يستطع التملص من انتقادهم. فحينما كان قائد قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة في بداية الانتفاضة الثانية تمت الاساءة الى سمعته، لأن المستوطنين اعتقدوا أنه لم يُظهر ما يكفي من المبادرة لتخليص متنزهين هوجموا في جبل عيبال.
عبّر اللواء ألون عن شجاعة تستحق الذكر حينما حذر المستوى السياسي. وسيكون تجاهل كلامه، لأنهم في اليمين علموه بعلامة يساري، خطأ لا يُغتفر
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
25/6/2013
في هــــــذا الملف
صاروخ من غزة
بقلم: عميرة هاس ،عن هآرتس
سورية: دخول لاعب جديد للملعب
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
كيف سيدفع روحاني المشروع الذري للامام
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
نتنياهو وخيمة السلام بين القدس ورام الله من اجل مفاوضة الفلسطينيين
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
محمد عساف حلم بالغناء لا باطلاق النار
بقلم: ميخال أهروني،عن معاريف
انتفاضة ثالثة في الطريق
بقلم: رؤوبين بدهتسور،عن هآرتس
صاروخ من غزة
بقلم: عميرة هاس ،عن هآرتس
عساف الذي لم يبلغ بعد سن الـ24، من سكان مخيم خان يونس للاجئين صعد الى الوعي قبل نحو ثلاثة اشهر كاسطورة حديثة العهد، حقيقية: بجهود مضنية خرج من القطاع المغلق الى القاهرة، قفز من فوق سور الفندق كي يصل الى مقابلة التصنيف والاختيار، اضاع فرصة التقاط رقم للمشاركة وعندها أعطاه غزي آخر رقمه للامتحان وقال: ‘لك فرصة في الفوز، ليست لي’.
عائلة أمه جاءت من القرية الفلسطينية المهدمة بيت دراس (اليوم بيت عيزرا، شرق عسقلان) وعائلة أبيه من بئر السبع. في غزة معروف هو منذ زمن كمغني حفلات وأعراس، ظهرت موهبته منذ الصبا. والان باتوا في تشيلي البعيدة يعرفونه. وهذه أنباء طيبة، إذ ان الجالية الفلسطينية هناك ثرية جدا، وهذه على أي حال هي مصلحة تجارية. فاختيار ‘الايدل’ منوط بعدد الرسائل القصيرة التي يحصل عليها كل متنافس، وكل رسالة تكلف مالا شيكل ونصف الشيكل لشركات الاتصال الوطنية وجوال (2.85 في بداية المنافسة). من يستطع ذلك يحق له أن يرسل 100 رسالة قصيرة باسمه، لربح شركات الخلوي. ولكن من يمكنه؟
بالتأكيد ليس معظم سكان مخيمات اللاجئين. المصريون، الذين تجندوا لتأييد ابن بلادهم من دون صلة بجودة الصوت، هم أكثر بكثير من الفلسطينيين (ومن جهة اخرى معظمهم حتى أفقر من الفلسطينيين). بنك فلسطين تعهد بالتبرع بعدد من الرسائل تساوي الرسائل التي تؤيد عساف، لتعويض الفارق الديمغرافي مع المصريين. ‘الـ 48′ (اي الفلسطينيين من مواطني اسرائيل) يمكنهم ان يصوتوا عبر الانترنت. ولؤي ابن العاشرة يبلغ بان الاكراد والعراقيين سيصوتون لنا.
حكم الرسائل القصيرة صدر يوم السبت، وأصبح عساف بطل العصر للفلسطينيين، من الشباب والكبار. خريجو الجامعات الغربية وخريجو السجون. سكان مخيمات اللاجئين في البلاد وفي المنفى. الشقق الفاخرة في رام الله وفي حيفا والسجناء من نساء ورجال. ناشطو م.ت.ف قدامى ومن ابتعد عن السياسة الجميع جلسوا ليشاهدوا بالبث الحي والمباشر المنافسة اللامعة وانصتوا الى الهراء الذي اطلقه الحكام ورافقوا بسعادة عساف الذي تسلق من مرحلة الى مرحلة. كتابات في الفيسبوك موضوعها عساف، شاشات ضخمة في المطاعم وفي الشوارع، دقات قلب متسارعة وهو يغني ‘بجودة أقل مما في المرات السابقة’، قضم الاظافر قبل بث النتيجة في كل مرحلة. منذ اجتياح الجيش الاسرائيلي في 2002 لم يشهد الفلسطينيون تجربة توحدهم بهذا القدر. الحاكم اللبناني في المنافسة، المغني راغب علامة، وصف عساف بانه صاروخ سلام ومحبة يمر من فوق مدن فلسطين، القدس والناصرة، غزة ورام الله.
وحتى في الوحدة توجد شروخ: بعض من رجال الدين في الضفة وفي غزة (ليس فقط من مؤيدي حماس) اعربوا عن معارضتهم للظاهرة وللبرنامج، الذي يبث في محطة الـ ‘ام.بي.سي’ السعودية، التي يمكن لنا أن نفهم لماذا. جمهور مختلط من الرجال والنساء مكشوفات الشعر والصدر، تقليد للعادات الغربية وكله بالبث الحي امام الملايين. هذا ليس غناء، هذا صرف للانتباه عن فرائض المؤمنين، ليس رجوليا وينسي مصير السجناء، قال المعارضون. ويبث البرنامج بالضبط في الفترة التي ينشغل فيها شرطة حماس بمحاولات اخرى لفرض وحدة في السلوك: قبل نحو شهرين أمسكوا في الشوارع شبانا بشعور طويلة وفرضوا عليهم الحلاقة، ووزير الداخلية في القطاع تحدث مؤخرا عن المهمة التي امامه: الحفاظ على ‘رجولة’ الرجال. وفي الاسابيع الاخيرة تدير الشرطة حملة ضد المخدرات واقراص الترمادور مخفف الالام الباعث على الادمان الذي بواسطته يهرب الناس من الافكار والمشاكل ولكن أفراد الشرطة الناشطين اقتحموا المقاهي التي تتجرأ فيها النساء على تعاطي النارجيلة الى جانب الرجال. ونفى الناطقون بان هذه سياسة من فوق وادعوا ان هذه مبادرة من أفراد الشرطة.
هكذا حصل الان عدة مرات منذ صعود حماس: رجال الامن أو مسلحون مجهولون حاولوا بهجمات عنف فرض سلوك ‘اسلامي’ موحد حسب التفسير الاكثر تطرفا (مثل وقف الغناء في الاعراس، تفريق مخيمات صيفية لوكالة الغوث أو العباءة كزي موحد للتلميذات). وعندا اصطدموا بالمعارضة الجماهيرية ادعى الناطقون الرسميون ان هذه مبادرات خاصة وتوقفت الهجمات. وعندما ضعفت المعارضة (مثل التشدد في الفصل بين البنين والبنات في المدارس) استمرت السياسة.
لقد فهم حكم حماس بانه لا يمكنه ان يوقف موجة الحماسة والانفعال لعساف، وبعض من الناطقين بلسانه يمتدحون الان الشاب الذي اصبح ‘سفير فلسطين’. هذا السفير الذي صعد الى المسرح وهو مريض، غنى للسجناء والشهداء (على الكوفية) اغنية من التسعينيات تتماثل مع م.ت.ف (وبين الاغاني التي منعت حماس انشادها في 2007 2008. وقد قام الحكام والجمهور وغنوا معه فأهلوا الاغنية كاغنية فلسطينية للعموم.
حتى الان اتخذ عساف جانب الحذر من أن يكون اداة في يد السلطة الفلسطينية (التي أيده مسؤولوها منذ البداية) ضد سلطات غزة. ولكن في نفس الوقت ترسم ظاهرة عساف الحدود لحماس. في نسبة معاكسة لحجم المنافسة الفني الصغير تثبت كم يتوق الفلسطينيون لبطل وطني اسمه وعمله ينطويان على الفرح، النجاح والحياة، وليس الحزن، المعاناة والفشل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سورية: دخول لاعب جديد للملعب
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
إن استقرار رأي الامريكيين على إمداد المتمردين في سورية بالسلاح هو ذروة جهد عربي عام لكسر الجمود ومساعدة المعسكر السني كل دولة عربية بحسب قدرتها واستطاعتها الوصول. ونفخ القرار ريحا قوية في أشرعة المتمردين، الذين كانوا مُعرضين الى الآن لهجمات ‘الحرس الثوري الايراني’ ورجال حزب الله، وأصيبوا اصابات بالغة بأفضل السلاح والطائرات الروسية الصغيرة بلا طيارين. أعلن المتمردون أول أمس عن عملية ‘القادسية’، التي تنحصر في الأساس في جبهة مدينة حلب، وليس عجبا ان اختاروا هذا الاسم للعملية المخترقة الطريق التي بدأوها.
بقيت أجزاء كبيرة من تفصيلات القرار وتحقيقه سرية فوق التصريح الامريكي بنقل سلاح الى المعارضة النازفة، بعد ان تبين ان السكان السنيين تعرضوا لسلاح كيميائي. يبدو أن الامريكيين استقر رأيهم على تسليح قوات جيش سورية الحر فقط بسلاح نوعي بقيادة الجنرال سليم ادريس، ومنع وصول هذا السلاح المُحكم الى العصابات الارهابية الاسلامية المسلحة التي تعمل على مواجهة النظام.
بقي الشك في عناصر قوة المعارضين الاسلاميين في سورية على حاله. إن الذاكرة الامريكية الجماعية تشتغل على تجربة مساعدة متطرفين اسلاميين وجهوا سلاحهم الامريكي الذي حصلوا عليه الى الامريكيين بعد ذلك. وليس عند الامريكيين أي اهتمام بأن يقع السلاح النوعي الذي سيُسلمونه الى المتمردين السوريين في نهاية الامر في أيدي هؤلاء الاسلاميين المتطرفين، مثل ‘القاعدة’ و’جبهة النصرة’ و’أحرار الشام’ و’كتائب الفاروق’، وهم من أعدائها اللدودين في الغد.
وليس واضحا الى الآن أي سلاح سيُرسل في نهاية الامر والى من، لكن من الواضح ان الامريكيين ضاقوا ذرعا بمعادلة الدم التي أحدثتها ايران وروسيا في سورية، بحيث ما زالت هاتان الدولتان تُسلحان الاسد بسلاح مُحكم، في حين يبطل فعل الغرب ويقف عند تسويف صيغ خالية من المضمون لحل الازمة. اتُخذ قرار الامريكيين رغم تهديدات الروس والسوريين بالانتقام داخل اوروبا، حينما أدركوا انه لا احتمال لتنحي الاسد وانشاء حكومة انتقالية تمهيدا للانتخابات.
في حين ما زال حلف الاسد العلوي مع مقاتلي الشيعة من حزب الله والحرس الثوري يضربون السكان المدنيين السنيين في سورية، ومقاتلي المعارضة والبنى التحتية المدنية، أخذ الزعماء العرب السنيون في الدول العربية يجتمعون في جبهة صارخة واحدة واضحة، من دون صيغ دبلوماسية معوجة، فهم يعلنون أن ‘الفتنة الدينية’ صارت لها الآن أبعاد ظاهرة والحديث عن حرب أهلية بين أهل السنة والشيعة لا تتلخص في مواجهة عسكرية بين الاسد والمتمردين. وتشتعل الآن عدا سورية مراكز مواجهة في لبنان والعراق، وتستعد الدول السنية التي تحاذي سورية مثل تركيا والاردن للمواجهة.
إن المعارضة السورية السنية تشير بتسميتها عمليتها الاخيرة في حلب ‘القادسية’ الى ايران الفارسية الشيعية بأنها تهدد من داخل سورية الشرق الاوسط وبأنها أعلنت حربا على العالم السني.
وكأنه لم يمر أكثر من ألف سنة منذ كانت المعركة التاريخية في القادسية في سنة 636م بين جيش الخليفة عمر الفاروق والجيش الوثني لملك الدولة الفارسية كسرى. إن تلك المعركة علامة نصر اسلامي في مقابل هزيمة فارسية مُذلة لم يُشف الايرانيون منها الى اليوم وهم يحاولون الآن ان يغيروا أحداث التاريخ ولو قليلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
كيف سيدفع روحاني المشروع الذري للامام
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
يجب الا نُخمن ما الذي يعتقده رئيس ايران الجديد حسن روحاني في سياسة بلده الذرية. فقد كتب في ذلك عشرات المقالات وما لا يقل عن سبعة كتب كان آخرها: ‘الأمن القومي والدبلوماسية الذرية’ وصدر في 2011. وروحاني يبسط هناك في ألف صفحة على نحو واضح حازم تصوره العام للقضية الذرية، على أساس التجربة التي جمعها في سني خدمته الـ 24 بصفة رجل مفتاحي في صوغ سياسة ايران الذرية.
نشر باتريك كلاوسون، مدير البحث في معهد واشنطن في الآونة الاخيرة بحثا يلخص مواقف روحاني، كما تظهر في كتابه الأخير. ويتناول أحد فصول الكتاب تكتيك التفاوض مع الغرب.
في 2004 كان روحاني يرأس فريق التفاوض الايراني مع الدول الغربية الثلاث القوية، وهو الذي أحرز اتفاق باريس. يقول ان ايران وافقت آنذاك على تأجيل ما لتخصيب اليورانيوم مقابل طائفة من التنازلات الاقتصادية.
وقد قُبلت ايران آنذاك في الحقيقة في منظمة التجارة العالمية وكانت قريبة من اتفاق تعاون تجاري مع الاتحاد الاوروبي. والى ذلك قبلت الدول الكبرى بريطانيا وفرنسا والمانيا علنا الرواية الايرانية التي تقول إن وقف تخصيب اليورانيوم قد قامت به ايران ‘متطوعة’، باعتباره جزءا من بناء خطوات الثقة بين الطرفين.
يكتب روحاني أن اتفاق باريس أسقط من برنامج عمل مجلس الأمن القضية الذرية الايرانية، رغم الضغط الامريكي للاستمرار في علاجها. وقد أحرزت ايران بذلك الاتفاق، كما قال انجازات في عدد من الجبهات، من دون أن تحتاج الى الاعتراف بأنها نقضت اتفاقات دولية في المجال الذري ومن دون ان يتضرر برنامجها الذري في واقع الامر.
بعد اتفاق باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 في الحال أعلن مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود ‘تقدم صالح’ في الاتصالات بايران. ويكتب روحاني ان ايران شعرت في تلك الفترة بأنها سارت في الطريق الصحيح لأنه اذا استثنينا أمرين أقلقا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهما عدد منشآت التخصيب وتوسيع خطة آلات الطرد المركزي، لم تُذكر كل الموضوعات الاخرى.
إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية محت في الحقيقة سلسلة دعاواها على ايران. وكتب ان الامريكيين وحلفاءهم وجدوا أنفسهم بلا تأييد دولي فيما يتعلق باستعمال ضغط على ايران.
ويعترف روحاني أنه في الوقت الذي نقلت فيه ايران الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أجوبة عن اسئلة عُرضت عليها، استمرت في تحسين منشآتها الذرية. ويقول ركبنا معدات في المنشآت في أصفهان بموازاة المحادثات في طهران. ‘انشأنا في واقع الامر جوا مطمئنا مكّننا من إتمام الاعمال في أصفهان’.
ويكشف روحاني عن النظرية كلها على قدم واحدة، وهي التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية واجراء تفاوض مع القوى الكبرى هما أفضل طريق لايران للتقدم في برنامجها الذري.
ويكتب روحاني ايضا عن الصعاب التي واجهته لاحراز اجماع في ايران على تنازلات للغرب، فقد كان يجب عليه ان يقنع الزعيم الروحي خامنئي وجهات مركزية، كما يبدو ايضا من الحرس الثوري. لم يُحب خامنئي المصالحة لكنه أعطى روحاني في نهاية الامر حبلا للاستمرار في تدبير أموره مع الغرب كما يشاء.
ويُقدر كلاوسون أنه سيكون أصعب على ايران اليوم أن تعود الى تلك الحيلة بسبب الشك فيها، والمعلومات التي اجتمعت على مر السنين عن نواياها والمنشآت التي انشأتها. وكلاوسون على حق. إن ‘المحتال من طهران’ سيضطر الى ان يجد حيلة اخرى.
إن ايران والولايات المتحدة اليوم ليستا ايران والولايات المتحدة في 2004. فقد كانت ايران آنذاك في بداية الطريق نحو بناء قدرة انتاج كامل لمشروع ذري عسكري، وقد أصبحت اليوم قريبة جدا من الهدف. وفي 2004 استعملت ادارة بوش قوة في العراق عززت الردع الامريكي في المنطقة. وفي 2013 أعلن قائد الاسطول الامريكي بأنه بقيت له حاملة طائرات واحدة فقط لمواجهة وضع ازمة في الخليج الفارسي بسبب الاقتطاع من الميزانية العامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو وخيمة السلام بين القدس ورام الله من اجل مفاوضة الفلسطينيين
بقلم: ألوف بن ،عن هآرتس
تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الايام الاخيرة بحماسة عن انشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، ويُحذر من دولة ذات شعبين، ويدعو الى نصب ‘خيمة سلام’ بين القدس ورام الله. فماذا حدث له؟ هل تأثر باحتفالات يوم ميلاد الرئيس شمعون بيرس؟ أو أقلقته ‘خطبة الشظية في المؤخرة’ للوزير نفتالي بينيت الذي تحدث عن تأبيد الصراع؟ أم هو مجرد مشتاق الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟
يمكن ان نلاحظ اربعة اسباب للتوجه الى اليسار، أولها الملل والوحدة. فقد فقدَ نتنياهو سيطرته على العمل السياسي حتى قبل الانتخابات، ولم يُعده الى يديه منذ ذلك الحين. وأصبحت تحذيراته من الخطر الايراني تثير اهتماما ضئيلا لدى الجمهور الذي يحصر عنايته في الوضع الاقتصادي. ويحافظ نتنياهو على بُعد عن الاقتصاد، لأنه ليست لديه حلول ولكي يتجه الغضب على الضرائب والتقليصات على خصمه وزير المالية يئير لبيد. لكن النتيجة في هذه الاثناء عكسية، فقدْ فقدَ لبيد من شعبيته حقا، لكنه أصبح يُرى الرجل المركزي في الحكومة. وليس عند نتنياهو ما يقوله وهو مُحتاج الى رسالة جديدة، تعيده الى الوعي العام بصفة زعيم.
ويريد نتنياهو ثانيا ان ينقض الحلف بين لبيد وبينيت، فهذا هو مصلحة رئيس الوزراء السياسية العليا، وهو الذي يواجه منذ كانت الانتخابات الجبهة الحصينة لـ’يوجد مستقبل’ و’البيت اليهودي’ ويصعب عليه ان يخترقها. فالسبيل الوحيد للفصل بين ‘الأخوين’ تمر في الطريق الفلسطيني، حيث توجد فروق عميقة في التوجه بين بينيت ولبيد. فأحدهما يعارض الدولة الفلسطينية معارضة شديدة، أما الآخر فيراها ضرورة، كما قالا لمجرية اللقاء الصحافي ليلي فايموت من صحيفة ‘واشنطن بوست’. إن اختراق طريق مع الفلسطينيين، ولا سيما اذا كان مصحوبا باجلاء مستوطنين سينبذ بينيت عن الحكومة ويسجن لبيد فيها.
وثالثا زاد انتخاب حسن روحاني رئيسا لايران من خوف نتنياهو من صفقة امريكية ايرانية تكون على حساب اسرائيل. وهذا هو سبب تشدده في طلبه وقف برنامج ايران الذري. إن وضعه يُذكرنا بعزلة شانغ كاي شيك زعيم تايوان قُبيل زيارة ريتشارد نيكسون للصين. إن تولي روحاني مقاليد الحكم يضائل احتمال ان تهاجم اسرائيل ايران، لكن اذا كان نتنياهو ما زال يحلم بعمل عسكري، واذا كان لا يريد سوى أن يصغوا اليه، فعليه ان يضمن التأييد الامريكي وان يدفع عنه تنازلات للفلسطينيين.
ورابعا إن نتنياهو قلق من ازدياد قوة القطيعة الدولية مع اسرائيل. إن أكثر الاسرائيليين ما زالوا لا يشعرون بها، لكن رئيس الوزراء مضغوط. فهو يسمع تحذيرات مجموعة الاعمال من الضرر الذي يسببه الجمود السياسي، ويقول ان الدعوات الى القطيعة مع اسرائيل هي النسخة الحالية من معاداة السامية التقليدية. لو أنه كان يعتقد أن هذه زمزمة غير مُضرة لتجاهل المشكلة أو رآها قزما. لكن نتنياهو خائف كما يبدو من ان يتم تذكره بأنه زعيم أُبعدت اسرائيل في مدة ولايته من أسرة الأمم.
كل هذه الاسباب تدفع نتنياهو، زيادة على الرسائل التي عرضها قبل اربع سنوات في خطبة بار ايلان التي أيد فيها الدولة الفلسطينية أول مرة. لم يذكر آنذاك خطر الدولة ذات الشعبين، وهو الآن يتبنى مصطلحات اليسار الصهيوني التي يعتبرها اليمين جيفة.
ماذا يستطيع نتنياهو ان يفعل؟ إن احتمال تسوية دائمة صفر. ولن توقع حماس على ‘انهاء الصراع وانهاء المطالب’، ولن يعترف محمود عباس بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي، ولن توافق اسرائيل على حق اللاجئين الفلسطينيين واولادهم في العودة الى داخلها. ويستطيع نتنياهو ان يعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العمومية القريبة للامم المتحدة وان يعلن بأن حدودها ستُرسم بالتفاوض.
ولن يكتفي ‘العالم’ بكلمات وسيطلب منه مطالب جدية على صورة اخلاء المستوطنات حتى بصورة رمزية. وسيؤيده الجمهور الاسرائيلي. وليس واضحا مع كل ذلك أقادر نتنياهو على ان يسلك سلوك ارييل شارون في حينه، وعلى ان يثور على قاعدته السياسية. فهو اليوم يحجم عن ذلك. لكن هل عنده خيار في المقابل؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
محمد عساف حلم بالغناء لا باطلاق النار
بقلم: ميخال أهروني،عن معاريف
محمد عساف هو شاب صغير ذو صوت مذهل. فقد أراد أن يكون نجما واصطدم بمشاكل في طريق المجد. وبالاساس حقيقة أنه من خانيونس، وصعب بعض الشيء الخروج من خانيونس هذه الايام. وعليه فقد فعل ما كان يمكن لاي شاب طموح أن يفعله: تسلق من فوق جدران فكرية ومادية.
قبل لحظة من بدء الغناء في اختبار القبول بدا مرتبكا وفزعا، ولكن ما أن فتح فمه حتى سقطت كل الاسوار أمامه. هذا الولد انتحر على المسرح ومزق روح لجنة التحكيم. لقد فهم ان هنا لا مجال للاخطاء، وانها توجد فرصة واحدة. فهجم عليها.
هكذا وصل الى ‘أرب آيدل’ كمتنافس. وفي البرنامج اعطى كل ما لديه، وفجأة، من ولد مذعور وهش اصبح كاريزماتيا وآسرا. ومثلما يحصل مع كثير جدا من المتنافسين الاخرين في مسابقات الغناء ولا يهم لاي دين ينتمون. ومثلما يحصل لمن يجد مكانه في لحظة واحدة. والجمهور أحبه. العالم العربي عانق بحرارة هذا الشاب.
وابتداء من يوم امس لم يعد محمد عساف الفائز الاكبر في ‘أرب آيدل’ بل اصبح رمزا، رمزا لمن لا يتنازل، ولا يسمح لاي جدار أو سور أن يوقفه.
في خطابه بعد التتويج أهدى فوزه الى الشهداء الفلسطينيين والسجناء. هذا، اضافة الى حقيقة أنه التف بالعلم الفلسطيني، جعلته في نظر الجمهور الاسرائيلي عدوا وحشيا. ها هم مرة اخرى يمجدون ويقدسون الكفاح المسلح. ها هم الفلسطينيون العطاشى للدماء. هكذا كان من كتب في التعقيبات بانهم هكذا يعلمون اطفالهم، اولئك الفلسطينيين، ليكرهوا ويقتلوا.
ولكن محمد عساف ليس على الاطلاق رمزا للكفاح الفلسطيني. فهو لم يحلم بان يكون شهيدا، لم يلتف بعلم حماس، لم ينضم الى اي منظمة ولم يتصرف بعنف، بل العكس. حلم بان يخرج من خانيونس والوصول بعيدا ليغني لا ليطلق النار. حلم بالمال والمجد والحياة الطيبة وليس بالموت. غنى الى جانب شابات كاشفات ومزينات.
وشارك في برنامج ترعاه بيبسي وكنتاكي فرايدتشكن، رمز الامركة. البرنامج هو فكرة غربية تبناها العالم العربي. فما علاقة هذا الشاب بالاسلام المتطرف بالضبط؟
عساف تعلم في مدرسة الوكالة، وما يعرفه هو رزم المساعدة وانعدام الكهرباء. لم يعمل ابدا في اسرائيل ولم يلتقِ يهودا ليسوا جنودا. فلمن كان يريد الجمهور الاسرائيلي أن يهدي فوزه. للبيد؟
ولكن نحن والطرف الاخر على حد سواء بتنا أسرى جدا بانفسنا لم تعد لدينا القوة لان نرى الناس يحلمون ويريدون، ببساطة كي يحلموا ويريدوا. انعدام الثقة، الكراهية، التعب والكثير من الالم يميز الخطاب وردود الفعل على فوز محمد عساف في ‘نجم وليد’ العربي. أحلام لم نعد منذ زمن بعيد قادرين على أن نراها، ناهيك عن الواقع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
انتفاضة ثالثة في الطريق
بقلم: رؤوبين بدهتسور،عن هآرتس
إن تحذير قائد منطقة المركز نتسان ألون من أمواج عنف اذا فشلت محاولة جون كيري تحريك المسيرة السياسية، هو بالطبع ثمرة تحليل مهني خالص وليس موقفا سياسيا، كما سارعوا الى الصراخ بذلك في اليمين. لكن الحديث فوق ذلك عن دعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى الاستيقاظ.
في كانون الاول/ديسمبر 1987 وفي ايلول/سبتمبر 2000 فوجئ مقررو السياسة في اسرائيل بنشوب الانتفاضتين. وتجاهلوا في الحالتين تأثيرات سياساتهم في المزاج العام في المناطق.
أما هذه المرة فيصرف قائد منطقة المركز انتباه نتنياهو الى الصلة بين الجمود السياسي وانتفاضة ثالثة. ولن يستطيع رئيس الوزراء ان يقول هذه المرة انه لم يكن يعرف، وإن نشوب العنف قد فاجأه، لأن كبار مسؤولي ‘الشاباك’ يوحون الى المستوى السياسي بأن ‘الميدان’ على شفا انفجار، يضاف هذا الى اللواء ألون.
اجل إن الارض تشتعل تحت المشهد البراق للبناء الكثيف والحياة الليلية العاصفة في رام الله. ولا يُحتاج إلا الى شرارة تشعل العنف. اذا كان نتنياهو يفضل ان يتجاهل تحذيرات اللواء ألون، فمن المؤكد ان مستشاريه يترجمون له تصريحات زعماء فلسطينيين منهم معتدلون باحثون عن الهدوء ايضا يُحذرون بوضوح من موجة العنف التي قد تنشب من غير ان يكون لهم سيطرة على ذلك.
يؤكد أبو مازن في الحقيقة انه لا ينوي ان يقود الى مواجهة عنيفة مع اسرائيل، لكنه يوحي بأنه اذا استمر الجمود وعظم اليأس فقد يفقد السيطرة على الجماهير. وبيّن حسن الخطيب ايضا الذي كان وزير العمل في الحكومة الفلسطينية، في مقابلة صحافية مع وكالة الأنباء الفرنسية، ان العنف قد ينشب من دون يد موجهة من أعلى. ‘يُبنى هذا بالتدريج. أعتقد أن هذا نتاج تأليف خطر بين عدم وجود أفق سياسي وازمة اقتصادية شديدة تفضي الى بطالة متزايدة والى فقر’.
كان يجب على نتنياهو ان يُثني على اللواء ألون، وأن يدعوه الى حديث في ديوانه، وأن يسمع منه لماذا يُقدر انه توجد صلة بين محادثات كيري والهدوء في المناطق. لكن رئيس الوزراء يعلم ان اللواء ألون هو بمنزلة خرقة حمراء للمستوطنين ومبعوثيهم في الكنيست، فلماذا يواجههم ويحمي ضابطا رفيع المستوى مستقيما يقوم بعمله باخلاص؟
حينما تقرر تعيين ألون قائدا لمنطقة المركز أعلنوا في المستوطنات ان ‘هذا مجنون، إن هذا التعيين اعلان حرب حقيقية’. وحينما كان قائد فرقة ‘أيوش’، تظاهر مستوطنون أمام بيته وصاحوا: ‘كان آيخمان ايضا لولبا في الجهاز فقط. إن ألون هو الترجمة العبرية لآيخمان، كل ما فعله انه حول اسمه الى اللغة العبرية’. ولا أتذكر أحدا من وزراء الحكومة أو من اعضاء الكنيست زعزعه هذا الكلام.
سبق ألون قادة مناطق وضباط كبار آخرون كانوا يشعرون هم ايضا بثقل ذراع المستوطنين حينما لم ‘يسيروا في السبيل المحددة’، وعبروا عن آراء لم تلائم التصور العام للمستوطنين مثل عمرام متسناع ويئير نفيه مثلا، بل إن رئيس هيئة الاركان بني غانتس لم يستطع التملص من انتقادهم. فحينما كان قائد قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة في بداية الانتفاضة الثانية تمت الاساءة الى سمعته، لأن المستوطنين اعتقدوا أنه لم يُظهر ما يكفي من المبادرة لتخليص متنزهين هوجموا في جبل عيبال.
عبّر اللواء ألون عن شجاعة تستحق الذكر حينما حذر المستوى السياسي. وسيكون تجاهل كلامه، لأنهم في اليمين علموه بعلامة يساري، خطأ لا يُغتفر
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ