Haneen
2013-06-27, 09:32 AM
اقلام واراء عربي 434
26/6/2013
في هذا الملف
لا تنازل عن حدود 67
رأي البيان عن البيان الإماراتية
رأي الدستور أمة تتمزق .. وعدو يتربص
الدستور الإردنية
تعذيب الأطفال الفلسطينيين
رشيد حسن عن الدستور الأردنية
المسّ بالأماكن المقدسة والاستيطان يقوضان عملية السلام
رأينا عن الرأي الأردنية
.. كاري في المنطقة!
طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
شطب حل الدولتين
حمادة فراعنة عن الرأي الأردنية
ماذا لو لم يطلق الإسـرائيليون سـراح أسـرانا ؟
ضياء الفاهوم عن الغد الأردنية
قطر وإرادة انتقال السلطة
طوني فرنسيس عن الحياة اللندنية
حول التغيير في قيادة قطر
ياسر الزعاترة عن الدستور الإردنية
«الانتقال السلس» وسخرية التاريخ
عريب الرنتاوي عن الدستور الاردنية
لماذا تنحى الامير؟!
ماهر ابو طير عن الغد الأردنية
حزيران مصر وقطر أولا
عمر كلاب عن الدستور الأردنية
مرشد قطر الاعلى يحرج الخليج
رأي القدس عن القدس العربي
ومن صيـدا تنطلق الشرارة
صالح القلاب عن الرأي الاردنية
فقاعة «مذهبية» اسمها ..أحمد الأسير !
د. موسـى الكـيـلاني عن الرأي الأردنية
الْـتـَمـَرُد في مصر
محمد خروب عن الرأي الأردنية
محمد عساف ورسالة فلسطين
علي بدوان عن الحياة اللندنية
لا تنازل عن حدود 67
رأي البيان عن البيان الإماراتية
في خطوة من عديد خطوات تعمل إسرائيل من خلالها على إضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز الانقسام الفلسطيني، ها هي الآن تزعم أن الجانب الفلسطيني وافق على العودة إلى المفاوضات المباشرة وتنازل عن حدود العام 1967، مقابل موافقة نتانياهو على إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاقيات أوسلو.
ورغم أن الفلسطينيين سارعوا رسميا إلى تكذيب المزاعم الإسرائيلية، مؤكدين أنهم لم ولن يتنازلوا عن حدود العام 1967 كأساس للمفاوضات، إلا أن هذا السم الإسرائيلي قد يعطي مبررات جديدة لتعميق الانقسام الفلسطيني من خلال التشكيك في نوايا السلطة، مع أن جميع الفلسطينيين يعلمون أنه لا يوجد من يجرؤ على القيام بخطوة مماثلة.
فحدود العام 1967 هي الأساس الأفضل لحل الدولتين، وإذا سقط هذا الأساس فإن حل الدولتين سيسقط.
وهو ما يؤكده الفلسطينيون باستمرار.
وعندما تتحدث الصحافة الإسرائيلية، نقلا عن دبلوماسيين أجانب، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يريد استئناف المفاوضات، إلا أنه يشترط أن تكون مبنية على أساس حدود العام 1967، فالكلام واضح ولا نعلم من أين أتت التحليلات الإسرائيلية بأن ذلك يعني أن عباس تراجع عن هذا الشرط.
ويبدو أن المنطقة تستعد للعودة إلى المفاوضات المباشرة، والذي يعتبر نجاحا لجهود وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، الذي استطاع ممارسة الضغوط على نتانياهو وقبول الأخير بتجميد الاستيطان والإفراج عن أسرى فلسطينيين، ولكننا لا نعتقد أن إسرائيل جاهزة لذلك أو بالأصح هي لا تريد ذلك، وإنما هي دائما تعتمد على الفقاعات والأكاذيب الإعلامية التي تظهرها بانها هي من تتقدم نحو السلام، والفلسطينيون هم من يعرقلون العملية، وما يوضح ذلك اتهام نتانياهو الأخير للرئيس الفلسطيني بانه بخطط لتفجير المفاوضات.
إضافة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث عن موافقة وقف الاستيطان وعمليا زار بالأمس «بركان»، وهي جزء من الكتل الاستيطانية.
ولا يمكن أن تكون رسالته الحقيقية من هذه الزيارة إلا تأييده الجارف للاستيطان.
رأي الدستور أمة تتمزق .. وعدو يتربص
الدستور الإردنية
بعبارات موجزة محددة، نستطيع ان نؤكد ان غياب الموقف العربي الموحد، والخلافات التي حولت الامة الى طوائف متناحرة متقاتلة، هي السبب الرئيس للتعنت الاسرائيلي، ورفض العدو الالتزام بالقرارات الدولية وشروط واشتراطات العملية السياسية.
وفي هذا السياق لا بد من ملاحظة ان ارتفاع وتيرة العدوان تجاوز كل الحدود، بعد ما تفجرت الخلافات العربية وظهر الاصطفاف واضحا تجسده الازمة السورية، بكل تداعياتها وابعادها وخاصة بعد انفجار الاقتتال الطائفي وحملات التجييش التي مارسها الطرفان ووصلت الى حد الفتوى باستباحة الدماء، وانتقال كرة النار الى دول الجوار.. العراق ولبنان ومصر، وهو ما يؤكد ان المنطقة كلها اصبحت رهنا لهذا الصراع المذهبي الذي يصب في النهاية في خدمة العدو الصهيوني.
جرأة العدو، او بالاصح وقاحته التي وصلت الى حد رفض وقف الاستيطان والموافقة على اقامة 800 الف وحدة سكنية خلال السنوات الثلاث الماضية، منها 100 الف في القدس وحدها يعود الى عدم وجود موقف عربي جماعي فاعل، وقادر على لجم هذا العدو، وقادر على اتخاذ الاجراءات الفاعلة، التي تجبره على مراجعة سياساته العدوانية والامتثال للقانون الدولي.
إن الاخطر من كل ذلك - في رأينا - ليس غياب الموقف العربي فحسب، بل نهج التنازلات الذي اصبح يحكم العقلية العربية بعد هزيمة حزيران، فبدلاً من تجميد معاهدات السلام، ووقف التطبيع، كرد على تدنيس الاقصى، وتهويد القدس، وتحويلها الى “جيتو” يهودي، تعلن اللجنة العربية للسلام موافقتها على تبادل الاراضي بدلاً من ابلاغ واشنطن بصفتها الراعية الوحيدة للسلام بوقف التطبيع، واعادة النظر في المبادرة العربية لان العدو ماض في انتهاك القانون الدولي، وماض في اقامة وتوسيع المستوطنات، حتى اصبحت الضفة الغربية مجرد - كانتونات - يستحيل معها اقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.
ومن هنا فليس من نافلة القول التأكيد ان العدو استغل الوضع العربي البائس والحالة الفلسطينية التعيسة، بعد فشل المصالحة، ليكرس الامر الواقع، وخاصة في ظل الانحياز الاميركي للاحتلال، والتواطؤ الغربي الذي يشجعه على المضي في تنفيذ مخططاته التوسعية الاجرامية لأنه محمي “بالفيتو” الاميركي.
مجمل القول : لقد كان ولا يزال غياب الموقف العربي الفاعل هو السبب الرئيس في استمرار الاحتلال والعدوان الصهيوني الغاشم، وجاء الاقتتال المذهبي “سنة وشيعة” والخلافات العربية الدموية لتقوي العدو على رفع وتيرة العدوان متمثلا بالاستيطان وتهويد القدس والاقصى، والاصرار على رفض اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، لتؤكد ان لا سبيل للجم العدوان الا بتوحيد الصف العربي، وكنس الخلافات، ونقله من مربع التسليم والتنازل الى مربع المقاومة والتصدي للاحتلال.
“ولينصرن الله من ينصره”.. صدق الله العظيم.
تعذيب الأطفال الفلسطينيين
رشيد حسن عن الدستور الأردنية
كشف تقرير حقوق الطفل بالأمم المتحدة عن ممارسات عنصرية ،واساليب خطيرة يستعملها العدو في تعذيب الاطفال الفلسطينيين ، المتهمين بمقاومة الاحتلال ، ضاربا عرض الحائط بكافة المواثيق والقوانين الدولية ذات الصلة .
التقرير الذي نشرته الصحف في 21 الجاري .. أشار الى ان اللجنة المذكورة نبهت اسرائيل أكثر من مرة الى ضرورة التوقف عن استعمال هذه الاساليب الممنوعة؛ التي من شأنها تدمير شخصية الطفل، الا أن السلطات الاسرائيلية تجاهلتها ، واصرت على الاستمرار في اجراءاتها الممنجهة لخلق جيل غير سوي ،غير عابئة بانتقاد الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة .. هذا اولا.
ثانيا: كشف التقرير عن جملة من الممارسات العنصرية الممنهجة؛ التي تهدف الى خلق جيل أو أجيال فلسطينية مشوهة نفسيا ، مهزوزة اخلاقيا واجتماعيا ، لا تثق بنفسها ، ومستعدة للتعامل مع العدو الصهيوني، مشيرا الى الضغوط النفسية الشديدة التي يتعرض لها الطفل الفلسطيني المعتقل في زنزانة انفرادية معزولة عن العالم الخارحى لمدة طويلة، قد تمتد لشهور ويجري التحقيق معه باللغة العبرية ، وهي لغة لا يفهمها ويوقع على التزامات بهذه اللغة حتى يفرج عنه، والمقصود بكل ذلك مضاعفة الضغوط النفسية لاجباره على السقوط في الفخ الذي نصبه العدو.
ثالثا: يكشف التقرير الاساليب اللاخلاقية الي يستعملها العدو مع الاطفال الفلسطينيين ومنها:
استخدامهم كدروع بشرية لاقتحام التجمعات السكانية والمظاهرات، واجبارهم على دخول منازل غير آمنة، وتفتيش حقائب مشبوهة، والقيام بالتجسس على زملائهم ..الخ. وهي اساليب تصب فيما أشرنا اليه .
رابعا:خلال السنوات العشر الاخيرة وقع أكثر من سبعة الاف فلسطيني ضحية الاعتقال والاستجواب والممارسات العنصرية، أعمارهم ما بين 12 الى 17 عاما ، بل ان البعض منهم لم تتجاوز اعمارهم تسع السنوات ، كما مثل كثير منهم ولا يزال امام المحاكم العسكرية ،مقيدين بالاصفاد ،واخرون يحتجزون في الحبس الانفرادي .
محتويات التقرير لا تشكل مفاجأة لأحد ، ولا تحتوي جديدا ، فلقد خبر الشعب الفلسطيني هذه الاساليب الاجرامية العنصرية منذ اكثر من “46” عاما ولا يزال ، ولكن الجديد الذي يجب التوقف عنده.... هو ان العدو الصهيوني لم يعد مكترثا بما ينشر ويكتب حول جرائمه وممارساته العنصرية من قبل الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصه، والسبب- في تقديرنا- يعود الى عجز ، أو بالاحرى الى تواطؤ المجتمع الدولي مع الاحتلال والعدوان، وعدم اتخاذه الاجراءات اللازمة للجم العدو وكف يده عن الاستمرار في ارتكاب الجرائم العنصرية .
باختصار.....رغم محاولات العدو كسر ارادة الشعب الفلسطيني من خلال اضعف الحلقات وهي الاطفال، الا ان النتيجة هي فشل ممارسات العدو ، وخلق اجيال اكثر عداء للصهاينة ، وأكثر استعدادا للصمود والتضحية، بدليل ان جنرالات انتفاضة الحجارة.. هم الاطفال ، يجسدهم الشهيد الطفل فارس عودة الذي هجم على دبابة العدو بصدره العاري.. وكفه القابضة على الحجر.
حالة الوعي الفلسطيني اكبر من مؤامرات واساليب العدو العنصرية، وقادرة على حماية الاجيال وتحصينهم من الخبث والمكر والدهاء الصهيوني.
المجد لاطفال فلسطين... والعارللمجتمع الدولي، وللدول الغربية وخاصة واشنطن التي تدعي انها حاملة لواء الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق الطفولة، في الوقت الذي ترفض فيه حماية الشعب الفلسطيني من فاشية الاحتلال.
المسّ بالأماكن المقدسة والاستيطان يقوضان عملية السلام
رأينا عن الرأي الأردنية
يكتسب تحذير جلالة الملك عبدالله الثاني خلال استقباله وزيرة الخارجية الايطالية والمفوضة الاوروبية للتعاون الدولي والمساعدات الانسانية في عمان يوم أمس من الخطر الذي تواجهه فرص إحياء السلام في المنطقة إذا ما واصلت اسرائيل اجراءاتها الاحادية, خصوصاً اعتداءاتها المتكررة على الأماكن المقدسة في القدس وبناء المستوطنات, أهمية اضافية في ظل ما تتخذه اسرائيل من قرارات وخطوات ميدانية واجراءات تستهدف تكريس الاحتلال وعدم التعاطي الجدّي مع الجهود التي تبذل لاعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات.
من هنا جاءت اشارة جلالة الملك المباشرة الى أهمية الدور الاوروبي خصوصاً الايطالي لدعم هذه المساعي والتي يجب ان تستند في عودة للمفاوضات بين الطرفين الى حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لانهاء الصراع وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة, لتضع الأمور في سياقها الصحيح ولتعيد التأكيد على ثوابت الموقف الاردني من هذه المسألة والتي اكدت الاحداث ووقائع الايام صحتها ودقة قراءتها.
وإذ حفل الاجتماع بين جلالته والوزيرتين الايطاليتين بكثير من الملفات والقضايا المرتبطة بالشؤون الشرق اوسطية, فإن الازمة السورية اخذت مكانتها على جدول اعمال الاجتماع إن لجهة التأكيد على الموقف الاردني المعروف والمعلن تجاه هذه الازمة والدعم الذي يواصل الاردن تقديمه للمساعي والجهود الرامية الى التوصل لحل سياسي انتقالي وشامل للازمة, ينهي معاناة الشعب السوري وينقذ المنطقة من التداعيات الخطيرة لهذه الازمة, أم لجهة ما اضاء عليه جلالته حول الاعباء الكبيرة والمتزايدة التي يتحملها الاردن والتي تضغط على موارده المحدودة وبنيته التحتية المستنزفة جراء تدفق اللاجئين السوريين, ما يفرض على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الاخلاقية والقانونية والانسانية لدعم امكانات المملكة وقدراتها كي تتمكن من تقديم خدماتها للاجئين السوريين الذين باتت الاسرة الدولية تدرك عن قرب وبالارقام حجم وطبيعة الاعباء التي يتحملها الاردن في هذا الشأن.
قصارى القول ان جلالة الملك عبدالله الثاني ينهض بدور اساسي وحيوي في حث المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي لمواصلة بذل الجهود والمساعي الهادفة لعدم اهدار الفرصة المتاحة الان لإعادة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى طاولة المفاوضات وإلاّ فإن المنطقة ودولها والشعوب ستذهب الى الفوضى والمجهول ناهيك عما يشكله مواصلة اسرائيل لاجراءاتها الاحادية واعتداءاتها المتكررة على الاماكن المقدسة في القدس وبناء المستوطنات من خطر ماثل على فرص احياء السلام بل وتقويضها.
.. كاري في المنطقة!
طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
قبل وصول وزير الخارجية الأميركي بأيام، قام نتنياهو بزيارة، غير عادية لمستوطنة قريبة من القدس وشارك في حفل افتتاح مدرسة اختار المستوطنون تسميتها باسم بن زيون نتنياهو، والد رئيس الوزراء الذي توفي قبل عام!!.
والزيارة غير العادية، هي الأولى لنتنياهو منذ نجاحه الانتخابي، وتسميته رئيساً للوزراء، وقد فهمها الطرفان: الإسرائيلي الاستيطاني، والفلسطيني المستعد للتفاوض. وحين كان نتنياهو يتحدث في المدرسة عن «تعميق جذورنا على أرضنا»، فقد كان زعيم المستوطنين يقول: «إن مجرّد زيارة نتنياهو تعني دفن مشروع الدولة الفلسطينية، فيما كان د. عريقات رئيس المفاوضين يقول: لقد برع نتنياهو في كل مرة تتوضح فيها الوساطة الأميركية لاستئناف المفاوضات يخرج نتنياهو بحركة تحبط كل شيء، وتجعل من شعار الدولة الفلسطينية مجرد.. كومة كلامية!!.
وزير الخارجية الأميركية في زيارته القادمة القريبة، يكاد يبحث عن شقة لاقامته بين الضفة وإسرائيل والأردن. لكنه يقول: إنه يحمل مشروعاً واضحاً لاستئناف المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية. ويقول مشروعاً لاستئناف المفاوضات وليس لحل سياسي يحمل حدوداً واضحة لدولة اسرائيل, ودولة الفلسطينيين, ويحمل توقيتات واضحة لتنفيذ ذلك.. فقد تعلم الرئيس اوباما وادارته عدم تقديم مقترحات حلول, والبقاء في حدود استئناف المفاوضات!! بعد ان تحرّقت اصابعه في ولايته الاولى التي كانت تحمل اكثر من حل فلسطيني – اسرائيلي, ليصل الى المصالحة التاريخية التي فصّلها وسط عواصف من التصفيق في جامعة القاهرة!!
والوزير الاميركي المنهك برحلاته الشرق اوسطية يزور القدس ويزور رام الله لكنه حريص على زيارة عمان في كل مرة. وهو يعرف أن عمان ليست طرفاً مفاوضاً, وليس لديها حلولاً جاهزة لقضية متشابكة معقّدة وعميقة لكنه يجد في الاردن حالة خاصة من الاعتدال، والوضوح، وشجاعة الموقف مما يوفر عليه مطاردة المعنى الحقيقي لكل كلمة يسمعها من الطرف الاسرائيلي، فالاردن مع كل ما تحمله كلمة الاعتدال والوضوح وشجاعة الموقف ليس طرفاً محايداً وانما هو الداعم للحق الفلسطيني. وهو مع كل ما يختاره الفلسطينيون، واذا كان عليه ان يشجع اميركا وكل الاطراف في المنطقة على السلام العادل الدائم، فانما يفعل ذلك من اجل مصالحه.. وهو لا ينكر ذلك ولا يستحي منه.
سنستقبل الوزير كاري كما كنا استقبلناه واستقبلنا من سبقوه، بكل الدفء الذي تحمله عمان لاصدقائها، وستعطي لرحلته زاداً طيباً.. فالسلام هو النبع الذي يشرب منه ضيوفها!.
شطب حل الدولتين
حمادة فراعنة عن الرأي الأردنية
حجتان يمسك بهما نتنياهو ، ليبقى واقفاً وسط المشهد السياسي المتداخل : الإسرائيلي الأميركي الأوروبي الفلسطيني ، وأول حججه هذه التي يتمسك بها ، أنه « يدعو منظمة التحرير الفلسطينية للجلوس على طاولة المفاوضات بدون شروط مسبقة « وأن القيادة الفلسطينية تتلكأ وتتمنع وتفرض شروطها الثلاثة المرفوضة من جانبه المتمثلة بـ : 1- وقف الإستيطان ، 2- تحديد مرجعية وحدود التفاوض بخطوط الهدنة كما كانت يوم 4 / حزيران /1967 ، و 3- إطلاق سراح أسرى ومعتقلين ، وبالتالي فهو يرمي الكرة في وجه الفلسطينيين ، وأمام المجتمع الدولي ، وإظهارهم كمتطرفين ، بينما هو يسعى للتفاوض والتوصل إلى حل ، ولكن الفلسطينيين يرفضون ، هذه حجته الأولى .
أما الثانية فهو يقبل حل الدولتين ، شريطة إعتراف منظمة التحرير الفلسطينية أن « إسرائيل دولة اليهود « وهذا يعني تنازل فلسطيني مسبق عن حق عودة الفلسطينيين إلى بيوتهم التي طردوا منها عام 1948 ، أي إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وصفد وبئر السبع ، أي عدم عودتهم إلى إسرائيل والتي هي دولة الشعب اليهودي ، وبالتالي عدم إستعادة ممتلكاتهم فيها وعلى أرضها ، فهي ليست دولتهم ، والأرض ليست أرضهم ، ومفاتيح بيوتهم ، التي إحتفظوا بها عشرات السنين ، أصبحت مجرد قطع مدنية ، بلا بيوت يفتحوا أبوابها ، وبيوتهم لم تعد لهم حتى يتوهموا عودتهم لها ، وكواشين الطابو والتسجيل ، مجرد ورق « ينقعوها ويشربوا ميتها « .
حجتان يتسلح بهما نتنياهو لرفض المفاوضات ، فهو يدعو لها شكلاً وعلناً ، وحقيقة أنه يرفض المفاوضات ولا يستصيغها ، لأنها ستُملي عليه الإنسحاب مهما بدا صغيراً أو متواضعاً من « أرض إسرائيل التاريخية التوارتية « ويمقت وقف الإستيطان وإطلاق سراح أسرى ويكره كلمتي اللاجئين وعودتهم والقدس وتقسيمها ، وينبذ العرب من المسلمين والمسيحيين وشراكتهم لليهود في أرض إسرائيل ، سواء أولئك الذين بقوا في وطنهم عام 1948 ، أو صمدوا في الجزء المحتل من وطنهم عام 1967 ، المسمى فلسطين ، وهي أكثر كلمة مكروهة في قاموسه اللغوي ، لأن كلمة فلسطين ومحتواها ودلالاتها هي نقيض لإسرائيل ووجودها وإستمراريتها ، وأخيراً تبين أنه يكره كلمة الجزائر والسبب أن الفرنسيين خرجوا وطردوا من الجزائر بعد مائة وثلاثين سنة من إحتلالها وضمها وإعتبارها قطعة من التراب الفرنسي ، وبالتالي فكلمة الجزائر فأل شر عليه وعلى مشروعه الإستعماري ، ولذلك تكوّن ما يُسمى « اللوبي من أجل إسرائيل الكاملة « حصيلة تجمع أحزاباً ونواباً ووزراء وكتاباً بهدف فرض السيادة الإسرائيلية وتشريعها عبر البرلمان على « كامل أرض إسرائيل « والعمل على إلغاء وشطب « حل الدولتين للشعبين « على أرض فلسطين .
ماذا لو لم يطلق الإسـرائيليون سـراح أسـرانا ؟
ضياء الفاهوم عن الغد الأردنية
أثبتت التجارب الإنسانية أن الحقوق لا تعود إلى أهلها بغير احترامهم ، بل وتقديسهم لحقوقهم والاستعداد الكبير للتضحية من أجل انتزاعها من مغتصبيها سواء أكانوا من المستعمرين أو من غيرهم ممن أعمتهم مصالحهم الخاصة عن الأهم منها بكثير وهي مصلحة وطنهم وأمتهم وما تقتضيه إنسانيتهم .
وإذا ما أخذنا الحقوق الفلسطينية على سبيل المثال فإن أهلها ما زالوا عاقدين العزم على استعادتها من سارقيها حتى لو كان السارقون مدعومين من قوى غاشمة أمضت الصهيونية العالمية عقودا من الزمان على طريق التمهيد للحصول على دعمها.
ومن الإنصاف القول إن ما تحمّله الفلسطينيون وصبروا عليه قد فاق أعلى قدرات البشر على الصبر والتحمل وأنهم قد قدموا جحافل من الشهداء الأبرار بنضال عظيم ما زال متواصلا منذ حوالي مئة عام والتأكيد على أن من حق كل عربي سواء أكان من فلسطين أو من الأردن أو من سوريا أو لبنان أو مصر أو من أي بلد عربي حبيب آخر أن يفخر بها تماما كما افتخر وما زال يفتخر بكل الانجازات العربية الحقيقية على مدى التاريخ رغم كل ما يواجهه العرب الآن من فتن خطيرة في كثير من أصقاع الوطن العربي الكبير يجب العمل على وضع حد فوري لها قبل أن تحدث الطوفان والهلاك والدمار لكل العرب.
وسيسجل التاريخ للعرب انتصارهم على كبح جماح الفتنة فيما بين الكثيرين منهم إذا استطاعوا ذلك بقدر ما سيسجله عليهم من سهولة وقوعهم في شرك ما ينصبه لهم أعداؤهم كما سيسجل للشعب الفلسطيني صبره وصموده أمام وحوش المستوطنين اليهود بالإضافة إلى تجلياته في الميدان الحربي والانتفاضات الرائعة التي أذهلت حجارتها الدنيا وفي المجالات الزراعية والصناعية والاقتصادية والعلمية والأدبية والفنية والإعلامية وغيرها .
وليس أمام العالم ، مهما ضحكت الصهيونية العالمية على كثيرين فيه بتزويرها للتاريخ والجغرافية وإنكارها لأحقية الشعب العربي الفلسطيني في وطنه الذي يتوسط وطن أمته العربية ، إلا أن يتابع ما أيدت فيه 138 دولة من دوله منح فلسطين عضوية مراقب في أحد أبرز اجتماعات جمعيتها العامة المهمة في الآونة الأخيرة بدعم الجهود الفلسطينية والعربية والصديقة من أجل التخلص من الاحتلال الإسرائيلي الكريه وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف .
ومما تجدر الإشارة إليه أن من أحدث قرارات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كان بشأن التأكيد على عدم العودة إلى المفاوضات إلا بعد وقف عمليات الاستيطان في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة وإطلاق سراح الأسرى وعدم الاعتراض على حل الدولتين. وقد ارتأى كثيرون ذلك بأنه بمثابة إنذار للحكومة الإسرائيلية بأن صبر الفلسطينيين قد اقترب من النفاد .
وإن لم يجنح الإسرائيليون إلى الضغط على حكومتهم لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والأردنيين وإخوانهم العرب وإنهاء الاحتلال للضفة الغربية وحصار قطاع غزة فالانفجار الأكبر قادم لا محالة لأن الفلسطينيين وإخوانهم الأردنيين وكل أحرار العرب وشرفاء العالم قد سئموا الأكاذيب الإسرائيلية ووحشية المستوطنين الإسرائيليين وكافة أشكال الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على الناس ومنازلهم وبساتينهم و التي إن لم يتوقفوا عنها ويعيدوا الحقوق إلى أصحابها بعد إطلاق سراح الأسرى على وجه السرعة فإن قض مضاجعهم سيجبرهم على ذلك وعلى أكثر منه بكثير بخاصة أن عشرات الألوف من اليهود كانوا في كل مرة يحمى فيها الوطيس يعودون إلى من حيث أتوا.
قطر وإرادة انتقال السلطة
طوني فرنسيس عن الحياة اللندنية
ليس امراً عادياً ما جرى في قطر صبيحة الثلثاء (25 حزيران/ يونيو 2013). أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة يتنحى عن الحكم ويسلم القيادة لولي عهده نجله الشيخ تميم، في قرار يذكّر بقرارات سابقة اتخذها حمد اثارت جدلاً وطرحت تساؤلات، لكنه ربما القرار الاكثر جرأة من حيث مضمونه وتوقيته في بلد يعيش تحت قيادة أميره المتنحي عصراً ذهبياً.
تولى حمد بن خليفة آل ثاني الحكم في حزيران 1995 واختار ان يتنازل لنجله في الشهر نفسه بعد 18 سنة، وهو شاب في عز عطائه وقدراته وقد انجز في 18 عاماً امضاها في السلطة، داخلياً وخارجياً، ما جعل قطر بلداً فاعلاً ومؤثراً في المنطقة العربية والاقليم والعالم.
خلال هذه السنوات، وبفضل ثروات طبيعية هائلة وإدارة نشطة، باتت الدولة العربية الخليجية الصغيرة تمتلك ثالث اكبر اقتصاد في المنطقة العربية، حيث بلغ اجمالي ناتجها القومي 189 بليون دولار في العام الجاري، واحتلت المرتبة الاولى عالمياً في معدل دخل الفرد الذي بلغ 102800 دولار العام الماضي، مع نمو اقتصادي بلغت نسبته 6,4 في المئة عام 2013 نزولاً من 16 في المئة عام 2011 وهي النسبة الاعلى في العالم، بعد ان احتلت قطر المرتبة الاولى عالمياً في انتاج وتصدير الغاز الطبيعي.
على مدى عقد مضى، لعبت الدولة الخليجية دوراً في السياسات العربية والاقليمية مستندة الى قدرات مالية ضخمة ونشاط ديبلوماسي بارز والى تحالفات دولية متينة خصوصاً مع الولايات المتحدة الاميركية. كانت المشاكل المطروحة كبيرة ومتعددة والاقليم العربي يخضع لتجاذبات هائلة ولنزاعات داخلية تكاد تفقده تأثيره وحضوره. اندفعت قطر في الموضوع الفلسطيني وتوسطت في حل صراعات السودان (دارفور) والصومال ولبنان.
كان لبنان تجربة غنية لقطر وقيادتها، فمن التضامن السخي بعد حرب تموز (يوليو) 2006 الى اتفاق الدوحة في اعقاب أحداث ايار (مايو) 2008، الى إسقاط هذا الاتفاق مع الانقلاب على حكومة سعد الحريري برعاية ايرانية -سورية، تكشفت وقائع جديدة في سياسات المنطقة ستزيدها انتفاضات الربيع العربي اتضاحاً، خصوصاً مع بداية الصراع في سورية.
وقفت ايران الى جانب النظام السوري ورفعت من وتيرة تدخلها في بلدان المشرق العربي والخليج والجزيرة العربية، وفي المقابل ارتفعت وتيرة التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي وانخرطت قطر في دعم المعارضة في ليبيا وتونس ومصر وسورية وساند الشيخ حمد بقوة سلطة الإخوان المسلمين في القاهرة وتحركاتهم في بلدان عربية اخرى بعد ان جعل عاصمة بلاده تستضيف اول سفارة للمعارضة السورية في آذار (مارس) الماضي.
يتولى الشيخ تميم ابن الـ33 عاماً السلطة وسط تحدي متابعة ما بدأ والده من انخراط نشيط في السياسة العربية والاقليمية ومن التزام بموجبات التحالف القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي، وما من شك ان مراجعة ستحصل للإخفاقات والنجاحات المسجلة على مستوى السياسات الخارجية. فصورة قطر التي نشرها الأمير المتنحي يصعب تخيل تراجعها وإن كانت الظروف والمتغيرات تفرض عليها اضافات وتعديلات.
وفي السياسة الداخلية سيكون على الشيخ تميم متابعة ادارة مشروعه «رؤية قطر» لعام 2030 التي تختصر الاهداف الانمائية للدولة وتشمل جدول اعمال اجتماعياً تحررياً كما ستتطلب استضافة كأس العالم في 2022 إجراء اصلاحات اجتماعية وقانونية في البلاد خصوصاً في ما يتعلق بحقوق العمال وبناء المنشآت التي ستستوعب أعداداً كبيرة من العاملين، كما ان الأمير الجديد سيكون عليه متابعة الاصلاحات الدستورية وإجراء انتخابات مجلس الشورى المعين والذي تنتهي ولايته في الثلاثين من الشهر الجاري.
«حان الوقت أن نفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية»، قال الشيخ حمد في خطاب التنحي معرباً عن ثقته بأن أمير الدولة الجديد «سيضع مصلحة الوطن وخير اهله نصب عينيه وستكون سعادة الانسان القطري غايته الاولى على الدوام».
هذه الخطوة تثير من الآمال بقدر ما تثير من الاطمئنان الى انتقال هادئ للسلطة يثير لدى أشقاء قطر الأقربين مشاعر تضامن وثقة. وكان معبراً في هذا السياق ان اول برقيتي تهنئة وصلتا الى حاكم قطر الشاب كانتا من الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومن ولي عهده الأمير سلمان، في اشارة الى عمق العلاقة بين السعودية وقطر والمسؤوليات الملقاة على عاتق البلدين في هذه المرحلة الحبلى بالتطورات والاحداث.
حول التغيير في قيادة قطر
ياسر الزعاترة عن الدستور الإردنية
تواترت الأنباء منذ أسابيع حول نية أمير دولة قطر، التخلي عن الإمارة لنجله الشيخ تميم، وما كان موضع خلاف هو توقيت الإعلان. الآن وقد تم الإعلان عمليا، فإن الأمر يستحق التوقف لقراءة دلالاته وتبعاته على الوضع في قطر، لاسيما السياسة الخارجية وعموم الوضع في الخليج والمنطقة.
ما ينبغي أن يقال ابتداء هو إن عملية نقل السلطة كانت تتم بطريقة تدريجية منذ ثلاث سنوات تقريبا، وكانت جملة من الملفات تنتقل تباعا لولي العهد، إذْ أخذ يباشر جزءا معتبرا من مهمات الدولة؛ ما كان يؤكد أن عملية نقل السلطة كانت قرارا متخذا بالفعل.
الجانب الآخر هو أن الأمر لا يتعلق بالمسألة الصحية، إذ يبدو الأمير الأب بصحة جيدة لا تحول بينه وبين ممارسة السلطة، فهو لم يتجاوز 61 عاما، بقدر ما تتعلق بقناعات شخصية، سواء تعلقت بقناعته بضرورة ضخ دماء جديدة في السلطة، أم برغبته في الابتعاد عن عوالم السياسة المتعبة، مع أن من المستبعد أن يبتعد تماما بعدما عاش مرحلة سياسة بالغة الاضطراب منذ العام 95، وخاض معارك سياسية على كل صعيد جعلت من بلاده موضع جدل دائم في الأوساط السياسية العربية، رسميا وشعبيا.
أيا يكن الأمر، فإن الموقف يبدو لافتا إلى حد كبير، ففي مثل هذه الإمارات الوراثية لم يتعود الناس على مثل هذا السلوك السياسي، إذ يبلغ الحكام فيها من العمر عتيا، ، لكنهم يظلون في الحكم حتى الموت، وأن يجري تجديد الدماء في السلطة، فهذا يُعد أمرا جيدا إلى حد كبير، وهو يبعث برسالة إلى الآخرين بأن بوسعهم أن يختطوا ذات المسار، مع أن ذلك لن يحدث على الأرجح، والنتيجة أن البلد الذي أتعب كثيرين وأثار جدلا لم يتوقف بسياساته الخارجية يتعبهم بممارسة سياسية غير معهودة أيضا.
وإذا ما بادرت قطر في ظل الأمير الجديد إلى إصلاحات سياسية أخرى (برلمان منتخب) كان قد وعد بها الأمير الأب، فإنها ستقدم أنموذجا آخر يستجيب لربيع العرب، ولا يعتبره خطرا كما ذهب هو نفسه في كلمته الافتتاحية في القمة العربية الأخيرة في الدوحة، فالإصلاح في الخليج بات ضرورة، ولا يمكن أن يجري الرد على الربيع العربي بنكوص إلى الوراء، أو بالتآمر عليه كما تفعل دول كثيرة كي لا يتجاوز البلاد التي وصلها.
هنا يذكر للأمير الأب أنه وقف مع ربيع العرب، وإلى جانب الشعوب حتى في الدول التي كانت له مع قيادتها علاقات متينة جدا كما هي الحال في ليبيا وسوريا على وجه التحديد، وقناة الجزيرة كانت التعبير الأبرز عن ذلك، إلى جانب دعم عملي للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، ثم لثورات الربيع العربي بشكل عام، ربما باستثناء البحرين التي كان حراكها سابقا على ربيع العرب، ولها حساسياتها الخاصة التي لم تتسبب فقط في موقف قطري متحفظ، بل في تحفظ عربي عام، من دون أن يبادر أحد باستثناء قلة على إدانة الحراك، كما فعل أهل الحراك أنفسهم (غالبيتهم في أقل تقدير) حين وقفوا إلى جانب النظام السوري مع الفارق الهائل في الوضع بين البلدين، لجهة المظالم الأصلية، وتبعا لها الرد القاسي على الحراك الشعبي المطالب بالحرية والتعددية.
أيا يكن الأمر، فإن ما جرى في قطر يعد تطورا بالغ الأهمية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ذلك المتعلق بالسياسة الخارجية للبلد في ظل الوضع الجديد، وما إذا كانت ستأخذ منحىً آخر أقل مغامرة مما كانت عليه، أم سيمضي الوضع في ذات الاتجاه؟
ليست لدينا إجابة حاسمة عن هذا السؤال، لكن مؤشرات كثيرة ما زالت تقول باستمرار ذات السياسة بهذا القدر أو ذاك، مع أن الموقف سيعتمد أيضا على تطورات الوضع في العالم العربي والإقليم بشكل عام، والذي يعيش تحولات عاصفة لا يدعي أحد القدرة على الجزم بمآلاتها القريبة والمتوسطة والبعيدة.
في أي حال، لا نملك غير الترحيب بخطوة كهذه، في ذات الوقت الذي نتمنى فيه أن يتزامن ذلك مع إصلاح سياسي وبرلمانات منتخبة تعبر عن الناس، وتحقق الشراكة السياسية انسجاما مع التطور الحاصل في العالم أجمع، ومن ضمنه العالم العربي بعد ربيعه الذي يتعرض لمؤامرة كبرى تتولاها جهات داخلية وخارجية أكثرها معروف للجميع.
«الانتقال السلس» وسخرية التاريخ
عريب الرنتاوي عن الدستور الاردنية
لطالما احتلت قطر صدارة العناوين ونشرات الأخبار، بوصفها “فاعلاً” رئيساً في العديد من أزمات دول المنطقة، و”مُتدخلاً” نشطاً في شؤونها الداخلية، بما في ذلك صراعات القصور والوراثة والخلافة .. هذه المرة تعاود الإمارة الخليجية الصغيرة، تصدّر قائمة العناوين ونشرات الأخبار، ولكن بصفتها “مفعولاً به”، كما تشير لذلك تقارير غربية إعلامية وتسريبات مخابراتية.
الرواية الأكثر شيوعاً، ومصدرها الإعلام والخبراء الغربيين، لم تنشر حكاية “الانتقال السلس” للسلطة من الأب لابنه ..وعزت التغيير إلى ضغوط أمريكية، نقلها مسؤول في “السي آي إيه”، طلبت إلى حاكم قطر تسليم مفاتيح السلطة ومقاليدها إلى نجله الرابع من زوجاته الثلاث مع عبارة تشي بتهديات !
لماذا تفعل الولايات المتحدة ذلك؟ .. بماذا أزعجها الأمير المُعتل صحياً كما تقول التقارير، ولقد كان الرجل شديد المهارة في ضبط سياساته على إيقاعات المصالح والاستراتيجيات الأمريكية؟ .. وأين تريد الولايات المتحدة لقطر أن تذهب بعد رحيل أميرها الى التقاعد المريح؟ .. هل تريد دوراً قطرياً أكثر حيوية وشراسة بقتال النظام السوري بعد أن حسمت أمرها بضرورة تسليح المعارضة السورية ؟ .. وهل قصّر الأمير عن القيام بهذا الدور، لتطلب استبداله بولي عهده ؟ .. ألم يكفها أن قطر أنفقت أزيد من 3.5 مليار دولار في مشروعها لإسقاط النظام السوري بأي ثمن ؟ .. كم تريد واشنطن لقطر أن تنفق في حرب سوريا العبثية والدامية ؟.
هناك من يرى الصورة من “المقلب الآخر”، فيقترح تفسيراً مغايراً للموقف الأمريكي، كأن يُقال مثلاً، بأن واشنطن تريد لـ”جنيف 2” أن يرى النور، وأنها باتت تتحدث عن “استعادة التوازن” في سوريا وليس “قلب الموازين” فوق رأس الدكتور بشار الأسد، وأنها غدت على قناعة بوجوب حفظ الجيش والأجهزة، لمنع انهيار سوريا، وتحوّلاها إلى ملاذات آمنه، لجميع الفصائل والتيارات والمجاميع التي تكرهها وتناصبها العداء، من حزب الله حتى قادة أيمن الظواهري .. مثل هذه “النقلة” في الموقف الأمريكي، تستدعي كما تقترح هذه القراءة، خروج حمد والإتيان بتميم، فالأول وضع ثقله وماله وسمعته ومستقبله الشخصي في معركة إسقاط الأسد، ولن يهنأ له بال أن وُضِع قطار “جنيف 2” على سكته؟.
نحن لا نعرف في أية وجهة ستسير قطر .. هناك تأكيدات بأن تغييراً لن يطرأ على سياسة الدوحة، وحجة أصحابها ومطلقيها أن ولي العهد كان شريكاً بصنع كل السياسات والاستراتيجيات والقرارات الكبرى التي اتخذها أباه وذراعه الأيمن (حمد بن جاسم) .. لكن دلوني على تجربة واحدة، انتقل فيها الحكم بالوراثة، وخرج علينا من يقول “أنا لن أعيش في جلباب أبي” .. وبمقدور الأمير الجديد أن يزعم، بأنه ليس مسؤولاً عن سياسات أبيه، حتى وإن كان شريكاً فيها، سيما وان الرجل كان بعيداً (نسبياً) عن الأضواء، ما يؤهله للحديث عن “صفحة جديدة” و”بداية جديدة” إن هو شاء، وشاءت له العواصم المؤثرة في صياغة القرار القطري، إقليمياً ودولياً.
بعض القراءات، يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى خارج حدود قطر وترى أن واشنطن بدأت تضيق ذرعاً بقيادات بعض دول الخليج ، وهي قررت أن تجعل من قطر “مختبراً” لانتقال السلطة من جيل الآباء إلى جيل الأبناء.
لا شك أن هناك جملة من العوامل التي جعلت التغيير في قطر ممكناً .. من بينها الحالة الصحية الصعبة للأمير الذي يعيش منذ زمن بكلية واحدة مزروعة من “متبرع” قريب ..علينا أن نرقب سلوك الأمير الجديد داخليا وخارجياً .. نريد أن نرى كيف سيُسدل الستار على تجربة حمد بن جاسم، فهي مثيرة للاهتمام .. علينا أن نرقب السلوك القطري حيال أزمات المنطقة المتفجرة، وكيف ستتطور تحالفات الدوحة، مواقعها ومواقفها .. هذا أمر أكثر أهمية بلا شك .. إن ظل الحال على حاله، فلن يعنينا أمر التغيير في شيء، وسننظر إليه بوصفه شأناً عائلياً (Family Business)، أما إن تغيرت المواقف والسياسات والتحالفات، فحينها سيكون بمقدورنا أن نبني على الشيء مقتضاه .. لكننا لن نستطيع أن نمنع أنفسنا، ونحن نتتبع أخبار حمد وأردوغان ومرسي، وهم الثلاثة الأكثر حماسة لرحيل الأسد أو ترحيله، من التوقف عند واحدة من أهم مفارقات التاريخ وأكثرها إثارة للسخريه: كيف بدأ هؤلاء الثلاثة يخلون مواقعهم حتى قبل تطرق الفكرة رأس عدوهم المشترك: بشار الأسد .. الأول بالتقاعد المبكر، والثاني بفقدانه الأمل برئاسة كاملة الدسم والصلاحية بعد أحداث “تقسيم”، أما الثالث فدعونا ننتظر ما الذي سيحل به بعد الثلاثين من يونيو .. وإن غداً لناظره قريب.
لماذا تنحى الامير؟!
ماهر ابو طير عن الغد الأردنية
تنحى امير قطر عن موقعه،والامارة باتت من نصيب نجله،والتغيير في الدوحة جاء بشكل مفاجئ ودون مقدمات،وفي توقيت حساس،ايضاً.
اثار خروج الامير من موقعه تساؤلات كثيرة،اذ اعتبر البعض ان الخطوة جاءت لاسباب صحية،وبسبب رغبة الامير بالراحة بعيداً عن مشاغل الحكم والسياسة وضغوطاتهما القاسية.
البعض الاخر اعتبر التنحي تعبيراً عن رغبة الامير بالابتعاد الطوعي في سياق اثبات رغبته بالتغيير في العالم العربي،وانه ُيطبق المبدأ الذي تبناه تجاه آخرين،على نفسه ايضاً،ولكن بشكل سلمي واختياري.
فريق ثالث يعتقد ان التنحي جاء تلبية لرغبة واشنطن التي فرضت التغيير لاعتباراتها في قطر،على هذا المستوى،ومن يتبنى هذا الرأي يؤمن ان عواصم خليجية اشتكت من تمدد الدور القطري،وتأثير هذا الدور على الاستقرار في الخليج والعالم العربي،مما ادى الى سقوط انظمة عربية،فوق الدعم المالي والسياسي الهائل الذي قدمته الدوحة للاسلام السياسي وجماعة الاخوان المسلمين،وغير ذلك من علاقات امتدت الى تنظيمات اسلامية متطرفة،ويصر اصحاب هذا الرأي ان الدور القطري سيعاد انتاجه بشكل جديد خلال الفترة المقبلة،وهذا التغيير في الدور يستلزم تغييرا في القيادة.
كل السيناريوهات التي يتم تداولها تبدو غير مقنعة،وتقترب من التكهن لا المعلومات،لان الظرف الصحي لا يمنع الامير من الاستمرار في الحكم،ولدينا ادلة على حكام عرب يعانون صحيا،لكنهم لا يتخلون عن السلطة،ولايتركون كراسيهم تحت وطأة ظروفهم الصحية،مما يجعل هذا السيناريو مستبعداً.
السيناريو الثاني المتعلق برغبة الامير بتقديم نموذج مختلف عن الحكام العرب الذين يسقطون بتغييرات ثورية،عبر المبادرة بالتخلي الطوعي،غير مقنع ايضا،لان الامير لا يواجه فوضى في بلاده،ولا تذمرا يدفعه الى استباق اي تغيير قهري،بالتغيير الطوعي،كما ان صناعة النموذج في العالم العربي ليست هما عربيا عند احد،خصوصا،عند الحكام.
السيناريو الثالث الذي يؤشر على تدخل واشنطن،بسبب تذمر عواصم عربية من تمدد الدور القطري وتحالف الدوحة مع الاسلاميين،غير مقنع،ايضاً،لان الدور القطري لم يكن اساسا خارج الارادة الامريكية،ولان تجاوب الدوحة مع الرغبات الامريكية،ممكن دون تنحي الامير عن موقعه،ولو ارادت واشنطن من الدوحة تغيير سياساتها،والتخلي عن تحالفاتها،والعودة الى المربع الاساس،واعلان الطلاق مع الربيع العربي،لكان ذلك ممكنا عبر بقاء الامير ذاته،ودون ان يستقيل.
التغيير على السياسات القطرية لا يبدو واردا خلال الفترة المقبلة،لان الامير الجديد كان جزءا من القرار وشريكا فيه،خلال الفترة الماضية،كما ان الامير الجديد لن يكون قادرا على معاكسة سياسات والده خلال فترة قصيرة وبوجود والده،لاعتبارات سياسية وعائلية ايضاً,وهذا يقال في وجه من يبالغون ويعتقدون ان الدوحة على مشارف انقلاب في سياساتها.
اسباب الاستقالة غامضة،ولم يصل احد حتى الان الى اسرار التنحي ودوافعه ،كما ان تركيبة الحكم الجديد تشي بثلاثية معقدة عبر وجود الامير ثم نائب للامير،ووجود ولي للعهد،وفي الظلال مازال الامير الاب موجودا بكل نفوذه وامتداده،فيما نفوذ ساعده الايمن رئيس الحكومة حمد بن جاسم،نفوذ قوي داخل قطر،وفي مراكز القرار العالمي!.
الدوحة امام وضع جديد،على كل المستويات،وهو وضع مفتوح في آفاقه واحتمالاته،امام التشابكات التي تمت الاشارة اليها،وهي تشابكات ليست سهلة ابدا،وقابلة لكل الاحتمالات،فيما تبقى استقالة الامير غامضة،ولا يمكن الترويج لها باعتبارها مبادرة غير مسبوقة على مستوى الحكام العرب.
لننتظر الاجابات الغائبة على هذه التساؤلات،بدلا من التكهن،وهو تكهن اسهمت الدوحة في اذكاء ناره،لانها لم تقدم تفسيرا مقنعا لهذا التنحي.
حزيران مصر وقطر أولا
عمر كلاب عن الدستور الأردنية
التقليل من الخطوة التي اتخذها أمير قطر وكأنها قضاء مبرم وترتيب دولي مربوط بقضايا اقليمية وليست خطوة ذكية من الشيخ حمد فيها تسطيح أو مُغافلة للحقيقة واستعماء بقصد المناكفة لإثبات أن الإمارة الصغيرة حجما قد عوقبت على تجرؤها الدخول كلاعب رئيس في الملفات الكبرى دون مراعاة الأوزان الجيوسياسية واحترام نظرية الحجوم , والتسطيح ملازم كذلك لفكرة استراحة المحارب وتربية الأبناء لزمان غير زماننا , فلا أحد زاهد في السلطة حتى القادمين عبر صناديق الاقتراع وحتى المحكوم منهم بدورتين رئاسيتين على الأكثر .
التغيير او الانسحاب من السلطة والمشهد جاء استجابة موضوعية لاستمرار نظام وسلالة في الحكم , فمجمل المعارك السياسية التي دخلتها الإمارة الصغيرة حجما والمكتنزة مالا وإعلاما , أورثها وفرة في الأعداء , على عكس الإمارات الخليجية التي اعتادت على النأي بالنفس عن التدخل في الشؤون الداخلية والاكتفاء بالمساعدات الاقتصادية والانسانية للدول الفقيرة او النامية , بحيث نسجت علاقات سياسية طيبة مع انظمة الحُكم و القوى الشعبية مع اختراقات محدودة في القوى السياسية جرّاء النظرة السياسية الحيادية لدول الخليج بالمجمل , على عكس قطر التي دخلت في شراكات مع القوى السياسية بخاصة احزاب الإسلام السياسي وجهات المعارضة لأنظمة الحُكم .
الربيع العربي او ما سُمّي بهذا , كشف عن دور فائض للإمارة الصغيرة حجما في ملفات الدول الحاضنة للربيع العربي ووصل تدخلها حد التدخل العسكري المباشر كما في ليبيا ورعاية ودعم المسلحين كما في سوريا , ناهيك عن الدعم المالي واللوجستي بخاصة الإعلامي في باقي الدول التي شهدت حراكات شعبية , وقامت اكثر من دولة باتهام قطر علنا وسرّا بالعبث في جوانيتها , بل ان انصار التيار الليبرالي واليساري والعلماني , باتوا ينظرون الى قطر بوصفها دولة مناهضة لهذا التيار وانها انحازت علنا الى قوى الإسلام السياسي كما في مصر وليبيا وتونس, فأجواء ومزاج هذه الدول بات معاديا للإمارة الخليجية , والخشية ان يتكرس هذا المزاج وان ينقلب عداءً للشعب القطري الشقيق وللدولة بكليّتها .
وسط هذه الحروب والحرائق المشتعلة والمزاج المُتحول حيال الإمارة ودورها, اتخذ الأمير حمد خطوته الذكية بالانسحاب من المشهد وسط حضور سياسي لا يَخفى على احد وسطوة اقتصادية تراها العين حيث تُديرها , من أجل ديمومة الحكم والتخلص من وزر المواقف السابقة وكل ما علق بها من آثام وخطايا، وللبناء ومراكمة النجاحات, فالأمير الشاب لا يتحمل وزر مواقف سابقة , ويمكن ان يتخلى عن أي موقف سابق وأن يراكم على اي نجاح بالتساوي , فهو صفحة بيضاء في الحكم ويستطيع ان يكتب ما يريد على صفحته .
قطر نجحت من بوابة التغيير السلمي بضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد , أولها أن قطر حاضرة في المشهد السياسي دون كُلف مسبقة بحكم حداثة عهد الأمير الجديد , ثانيها انها قادرة الآن على التراجع عن اي خطوة مكلفة او لا تستطيع صون ديمومتها ودفع كلفة صيانتها , والثالثة ان ملمحا سياسيا في الاستجابة لمتطلبات الجيل الجديد قد تحقق للأمير الشاب , فالانتقال السلس للسلطة سيثير حماسة الكثيرين من جيل الشباب في أقطار عديدة ويمنح الخطاب القطري الإصلاحي صدقية.
حزيران ينتهي بسخونة لاهبة لكثير من الأقطار العربية وتحديدا مصر التي تنتظر نهاية حزيرانية مفتوحة على كل الاحتمالات , ولو أمعن الرئيس مرسي في خطوة أمير قطر لجنّب نفسه وبلده الكثير من المخاطر , فما فعله امير قطر درس سياسي بامتياز لمن يرغب بقراءة ظرفه الوطني بعين الإقليم وعين الديمومة الوطنية على حساب الفردية والمصلحة الحزبية .
مرشد قطر الاعلى يحرج الخليج
رأي القدس عن القدس العربي
عندما استلم الشيخ حمد بن خليفة امير دولة قطر الحكم قبل 18 عاما، كانت مدينة الدوحة بلدة صغيرة لا يوجد فيها غير فندق واحد من فئة الخمس نجوم، وهو فندق شيراتون، ومطار صغير تحط فيه بضع طائرات يطفئ اضواءه بعد اقلاعها. الآن يترك الحكم الى ولده الشيخ تميم وهي مدينة كبرى تضاهي الكثير من مدن العالم الحديث مع فارق اساسي هو انها الاكثر والاسرع نموا، تتغير ملامحها العمرانية كل ستة اشهر.
ومن هنا فانه اي الامير السابق يستحق لقب باني نهضة قطر الحديثة، ووضع بلاده في مكان بارز على خريطة العالم كدولة مؤثرة في سياسات منطقة الشرق الاوسط وجوارها.
التنازل عن الحكم ليس من التقاليد المتبعة في البلدان العربية، ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، فهناك ملوك وامراء ظلوا يتربعون على عروشهم وهم في حال من العجز الكامل البدني والعقلي حتى وفاتهم.
وهناك آخرون حكموا لسنوات طويلة من اسرتهم في المستشفيات، ولذلك رأى الكثيرون في سابقة الشيخ حمد هذه انها بمثابة قرع اجراس الانقاذ للكثير من الحكام في الجمهوريات الملكيات العربية على حد سواء، بفتح اعينهم على حقيقة راسخة وهي ان نسبة الشباب في بلدانهم تزيد عن 60′ وان ما كان يصلح في القرن الماضي لا يصلح في القرن الواحد والعشرين.
صحيح ان المقربين من الامير الجديد يمتدحون قدراته وخبرته في الحكم التي اكتسبها طوال السنوات الماضية التي تولى خلالها ادارة ملفات عديدة، ابرزها الامن والقوات المسلحة والاقتصاد، ولكننا لا نعتقد في الوقت نفسه ان الشيخ حمد بن خليفة سيعتزل السياسة، ويعيش تقاعدا هادئا بعيدا عن الحكم، خاصة في مثل هذه المرحلة الانتقالية الصعبة التي تعيشها المنطقة العربية، وتلعب فيها قطر دورا فاعلا ومؤثرا، ولهذا فمن المرجح ان يواصل، ولو عن بعد، تقديم النصح والمشورة لنجله الشيخ تميم الامير الجديد اللذين من المؤكد انه سيحتاجهما.
الشيخ حمد بن خليفة سيكون بمثابة ‘المرشد الاعلى’ للحكم في بلاده، لا يمارس ادارة شؤون الدولة اليومية مثلما كان عليه الحال في السابق، ولكنه سيظل في نظر الكثير من المراقبين صاحب الكلمة الفصل ولو من وراء ستار تماما مثلما هو الحال في انظمة اخرى ابرزها النظام الايراني.
امير قطر الجديد الشيخ تميم تسلم بلدا غنيا دخله السنوي من الغاز فقط 84 مليار دولار، وبات ملء السمع والبصر، ولكنه جاء الى السلطة في منطقة تقف على ابواب ‘تسونامي’ تغيير كبير، وتعيش حروبا اهلية وطائفية قد تتطور الى حروب اقليمية وربما دولية، والاخطر من ذلك ان دولته تجلس امام مقعد القيادة في التعاطي مع اكثر من ازمة، وتدخل في تحالفات ومحاور دولية خاصة في الملف السوري، ولهذا فان مهمته لن تكون سهلة على الاطلاق.
انسحاب امير قطر السابق من المشهد السياسي العربي ربما يخفف من اعباء خلفه، ويسقط عنه بعض الاعباء الاقليمية الثقيلة مثل الخلافات مع المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، علاوة على مملكة البحرين، حيث شهدت السنوات العشرون السابقة توترات متعددة تطورت الى حروب (حرب الخفوس) ومحاولات انقلاب، وتراشقات اعلامية، وبالتالي فتح صفحات جديدة ناصعة البياض يرسم عليها سياسات تصالحية جديدة مطلوبة في هذه المرحلة بالذات التي تقف فيها منطقة الخليج على حافة حرب مدمرة اذا ما اشتعلت.
نعم انها مرحلة الشباب، ونعم ان شباب اليوم اكثر تعليما وثقافة، ولكنهم يظلون بحاجة الى خدمة الشيوخ المخضرمين، وهنا يصبح دور ‘المرشد الاعلى’ ضروريا جدا.
ومن صيـدا تنطلق الشرارة
صالح القلاب عن الرأي الاردنية
ما جرى في صيدا من إقتتال طائفي بين حزب الله وبين أنصار الشيخ السلفي أحمد الأسير ، وحُشِرَ فيه الجيش اللبناني حشراً وفقاً للعبةٍ مذهبية قذرة، سيأخذ هذا البلد الذي أبتلي بهذا الموقع الجغرافي الغريب العجيب الذي أبتلي به إلى حربٍ أهلية جديدة بات من الواضح أن نظام بشار الأسد بمشاركة إيران وحسن نصر الله يدفع لبنان إليها دفعاً لتحقيق ما كان هدد به مراراً وهو نقل الحرائق السورية إلى الدول المجاورة.
وصيدا هذه المدينة التاريخية التي كانت ميناء بلاد الشام التجاري وبوابة سوريا الكبرى بجغرافيتها القديمة نحو إيطاليا والغرب الأوروبي كله كانت منطلقاً لشرارة الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975 عندما سقط رئيس بلديتها الأسبق والشخصية الوطنية المرموقة معروف سعد برصاصة جندي لبناني عندما كان يقود تظاهرة إحتجاج لصيادي مدينته التي بمصطلحات هذه المرحلة البائسة تعتبر جزيرة «سِنيَّةٌ» صغيرة تمر بها طرق جنوب الطائفة الشيعية.
كان مقتل معروف سعد برصاصة عسكرية لبنانية كانت مجهولة ولا تزال مجهولة مجرد الشرارة التي ألهبت حقلاً كان مهيئاً للإشتعال فلبنان في عام 1975 وبدءاً ببدايات عقد سبعينات القرن الماضي كان قد أصبح بمثابة مرجل شديد الغليان وكان قد أصبح بمثابة لغم كبير ينتظر الإنفجار فجاءت حادثة الإغتيال هذه لتشعل نيران الحرب الأهلية التي مزقت البلاد وشردت العباد والتي إستمرت خمسة عشر عاماً ولا يزال جمرها المتقد يعسعس تحت الرَّماد.
ولعل ما تجدر الإشارة إليه وكل مجريات ما يحدث في لبنان حالياً تدل على أن هذا البلد الجميل ،الذي قدره ليس منذ الآن ولا خلال القرن العشرين فقط وإنما منذ أربعينات وستينات القرن التاسع عشر أن يبقى يدفع إستحقاقات هذه المنطقة كلها، ذاهب إلى حرب أهلية جديدة إنعكاساً لما يجري في سوريا المجاورة هو أنَّ حتى حرب عام 1958 كانت شرارتها مقتل صحافي لبناني ربما عن غير قصد لكن أسبابها الحقيقية كانت تكمن في تلك التوترات التي بلغت ذروتها في ذلك الصدام التناحري بين جمال عبد الناصر والمعارضين لتوجهاته وبخاصة بعد قيام الوحدة المصرية-السورية وبعد الإعلان عن حلف بغداد الذي كان الرئيس اللبناني في ذلك الوقت كميل شمعون أحد أكثر المتحمسين والمؤيدين له.
..وإن هذا هو ما يجري الآن فصِدام الجيش اللبناني مع الشيخ السلفي أحمد الأسير ومجموعته ،الذي جاء كإمتداد لمناوشات متصاعدة بين مجموعة هذا الشيخ وميليشيات جزب الله في منطقة تماسٍّ طائفي حساسة جداً، قد زاد إلتهاب لبنان إلتهاباً وجعل الحرب الأهلية ،هذا إذا لم ترأف العناية الإلهية بهذا البلد وأهله، التي دأب النظام السوري وأتباعه وأعوانه على الترويج لها تحصيل حاصل.
لقد كان المفترض أنْ يتم ، وفقاً لمقررات مؤتمر الطائف الذي إنعقد في المملكة العربية السعودية وبمبادرة منها في الثلاثين من سبتمبر (أيلول) عام 1989، بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضي لبنان وهذا يعني أنه كان يجب إنهاء كون حزب الله دولة داخل الدولة اللبنانية وبخاصة بعد الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني من طرف واحد في عام 2000 لكن هذا لم يحصل فكانت كل هذه التراكمات ،التي سبقت إغتيال رفيق الحريري وعدد كبير من المسؤولين والوطنيين اللبنانيين المناوئين للهيمنة السورية على لبنان وبعد ذلك، والتي جعلت إندلاع حربٍ أهلية جديدة متوقف على مجرد شرارة صغيرة وقد تكون هذه الشرارة هي ما جرى في صيدا في الأيام الأخيرة.
فقاعة «مذهبية» اسمها ..أحمد الأسير !
محمد خروب عن الرأي الأردنية
استعجل مُشَغّلو الشيخ السلفي احمد الاسير، عندما وضعوا تحت يده كل هذه الاسلحة، واشتروا له كل هؤلاء القبضايات (اقرأ الزعران) واستجلبوا له كل الفضائيات والصحفيين والصحافيات، كي يحولوه الى «رقم صعب» او هكذا اوهموه، بعد ان البسوه عمامة اكبر من رأسه ودشداشاً مكوياً ومنشى وخصصوا له «حلاّقاً» ماهراً مهمته السهر على تشذيب لحيته وتنقية بشرة وجهه، وجاءوا له بنظارة «سوداء» من ماركة مشهورة، كي تساعده في اخفاء عينيه اللتين تفيضان ذعراً وريبة.
المهم..
جاءوا بهذا الشخص المغمور، كي يقود عملية تجريد حزب الله من سلاحه واقنعوه انه المُعادل السُّني لزعيم حزب الله الشيعي، بل ثمة فارق كبير بينكما، فهذا «الشيعي» لا يظهر على الملأ، وهو دائم التخفي ويعيش في «جحر»، كما يواصل الاسرائيليون الغمز من قناة مَنْ أذلّهم واسقط اسطورة جيشهم الذي لا يُقهر، والذي تجرأ على دك كل التجمعات الحضرية في الدولة الصهيونية، فيما أنت (قال مُشَغّلو الأسير) اكثر شباباً وقدرة على الحركة يمكنك ان تجلس في مربعك الأمني، وبمقدورك الذهاب الى عمق «الاراضي المسيحية» كي تتزلج على ثلوج جبالها المنيفة، واذا ما اردت جذب المزيد من وسائل الاعلام والتركيز على دورك الذي غدا «محورياً» في المشهد اللبناني، فليس عليك سوى اعطاء الاشارة كي يأتي اليك جنرالات ومجاهدو «جبهة النصرة» ليأخذوك في موكب كل زجاج سياراته ذات الدفع الرباعي اسود لا يُرى مَنْ داخلها.
وستكون وجهتك - أنت ونجلك المجاهد مثلك – بلدة القصير متاريسها دشمها والخنادق، حيث عليك حمل سلاحك المفضل الكلاشنكوف، ويمكنك «التقويس» على أي هدف او شخص (من الاعداء) تريد .. واذا ما رغبت (فضيلة المجاهد المعقودة عليه الآمال لنصرة اهل السنة والجماعة ونزع سلاح الحزب الفارسي المجوسي الصفوي)، فاننا جاهزون لاحضار احد الكفار من العلويين او الشيعة، كي تذبحه بيدك الكريمة من الوريد الى الوريد، كي يفهم هؤلاء الكفار بأن عصر السّنة قد بدأ وان نجم الشيعة قد افل، وان راية الاسلام سترفرف عالياً في كل عواصم المعمورة، ولكن علينا اولاً ان نرفعها في صيدا ونغلق الجنوب على اهل الشيعة، ولتكن معركتنا الرئيسية في سوريا، اما هنا فأنت الرديف والحليف والاليف، ولا تنس ان على يمينك يجلس المجاهد «المحبوب» فضل شاكر، الذي تاب الى الله توبة نصوحا، وها هو يمد الثوار في سوريا بكل ما ملكت يداه من اموال ومجوهرات وعقار، جاءت اليه بفضل حنجرته الذهبية التي باتت الآن مكرسة لنصرة الدين الحنيف، ولا تنس فضيلة الشيخ اننا نحظر على فضل شاكر اطالة لحيته اكثر مما هي عليه لحيتك من طول..
هل ذهبناً بعيداً في نسج نص قصصي؟ أم أن ما يحدث في عالم الخيال هو ما يحدث على ارض الواقع العربي المتصحر والبالغ «أعلى» درجات الانحطاط، على نحو يتحكم الملتحون والجهلة وتجار الاديان والحروب فيه بمصائر البلاد والعباد ويُعرّضون مصالحهم الى الخطر ويأخذون «دينهم» رهينة نزواتهم وتحريضهم وما تضمره قلوبهم السوداء من احقاد ونذالة على النحو الذي نراه في قلب اولويات شعوبنا وامتنا، بات فيه المسلم الشيعي عدواً فيما «صعد» المحتل الاسرائيلي الى مرتبة صديق او حليف (ألم يكن كذلك دائماً؟).
ماذا عن فقاعة الأسير؟
هذا «الشيخ» الذي ينفرّك من اللحظة الاولى، التي تقع فيه عيناك على حركاته البلهوانية ويسقط على اذنيك صوته المأزوم وخطابه الذي تفوح منه رائحة الجهل والتعصب والاستفزاز، اذ لا تسمع منه غير السباب والشتائم واللغة الهابطة فيما تستبد به النشوة والرعونة الصبيانية عندما يسمع هتافات القبضايات، المحمولة على شحن طائفي ومذهبي وغرائزي، ويكاد يطير عن ظهر البسيطة، عندما يتطلع حواليه فيكتشف أن «كتيبة» من الحراس تغلق عليه كل الفراغات وتصد بأجسادها أي محاولة للمس به، ولما اطمأن الرجل الى أنه بات شخصية ذات وزن يصعب على احد المغامرة باغتياله او الاعتداء عليه، راح يمتطي الدراجات الهوائية ويلعب عليها كما الصبيان امام «كاميرات» الفضائيات اياها التي تصنع النجوم ثم لا تلبث أن تهيل التراب عليهم وتتركهم في صحراء النسيان والموت البطيء.
تاريخ لبنان (على وجه الخصوص) مليء بنماذج من قماشة أحمد الاسير الرديئة والذين نفخوه واوحوا له انه قادر على نزع سلاح حزب الله والتحول الى حيثية سياسية أو وعدوه ربما بأن يجلس على كرسي دار الافتاء بعد أن يتم تأهيله والاعتراف به كرجل دين لا يشق له غبار ولا يعوزه الوقار (وكل هذا مرهون بانجازاته ومدى نجاحه في هزيمة حزب الله وشطب سلاحه او الاستيلاء عليه كغنيمة حرب) هؤلاء وخصوصا تيار المستقبل وعصابات التكفير الجهادية مدعومون من عواصم اقليمية نافذة, تركوا الاسير لمصيره البائس بعد أن اكتشفوا ان رجلهم هذا وفنانهم التائب قد سقطا في الدقائق الاولى، بعد أن تلقيا امر العمليات بأن يستهدفا الجيش اللبناني ويعملا على بث الرعب في اوصاله واستخدام سلاح يوم الدين ضده (وهو هنا في لبنان دعوة الضباط والجنود السُّنة للتمرد والانشقاق عنه)..
هكذا انفجرت الفقاعة «الاسيرية» وبات «الشيخ» طريداً او مختبئاً لدى جبهة النصرة، وهكذا انكشف حجم السذاجة والاوهام التي تعشعش في عقول قوى 14 اذار وعلى رأسهم تيار الحريري المسمى «المستقبل»، كذلك هي حال بعض العواصم الاقليمية، التي تريد التضحية بلبنان وشعبه خدمة لمصالح ضيقة وعابرة، لن تستطيع رغم كل ما تقارفه ان تحول دون امتداد الحرائق التي تشغلها.. الى داخلها الهش.
الْـتـَمـَرُد في مصر
د. موسـى الكـيـلاني عن الرأي الأردنية
هبطت شعبية الرئيس المصري محمد مرسي قبل يومين الى 28% مقارنة مع ما حظي به من تاييد قبل أحد عشر شهراً عندما تمتع بنسبة تأييد 57% من ابناء الشعب .
وقد جاءت تلك الارقام وفقاً لاستفتاءٍ للراي العام اشرفت عليه مؤسسة من ماليزيا.
وقد بقي الجيش المصري يتمتع بنسبة 94% من القبول والتقدير بين جميع شرائح الراي العام عمودياً وعرضياً.
واستناداً الى المعطيات الرقمية السابقة , فماذا سيحصل يوم 30/ 6/ 2013 عندما تستكمل قوى المعارضة استعداداتها لتنحية رئيس الجمهورية من خلال جمع تواقيع خمسة عشر مليون مواطن يطالبونه بالاستقالة . وحتى الان فقد استطاع الشباب العلماني والفتيات الليبيراليات ومعهم جبهة الانقاذ المؤلفة من محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين الصباحي من جمع سبعة ملايين توقيع لمواطنين يحتجون على الوضع الاقتصادي المتدهور كما ينتقدون اسلوب الادارة العليا للملفات السياسية والثقافية والسياحية .
ويشاهد زائرو القاهرة الان مجموعات من الشباب المصري في شارع قصر النيل وميدان الغرابلي يجمعون توقيع « متمردون « للمطالبة بتنحي رئيس الجمهورية بعد اثني عشر شهراً من الحكم .
وقد راقبت القيادات الاخوانية هذه الظاهرة الاعلامية الذكية التي تستهوي اقلام كتـّاب الصحف الاجنبية الكبرى ومراسليهم المعتمدين. كما استشفوا الابعاد الحقيقية للحرب النفسية التي يطلقها الدكتور عمرو موسى وحزبه السياسي عندما اكد ان يوم سقوط رئيس الجمهورية يوم 30/ 6/ 2013 .
ولذلك فقد لجأ الجهاز الخاص للاخوان المسلمين الى وضع استراتيجية مضادة لعقد صفقة جديدة مماثلة لتلك التي أُبرمت مع المشير طنطاوي قبل عام , بان يبقى ضباط الجيش متمتعين بامتيازاتهم التجارية والزراعية واستثماراتهم ومشاريعهم الاسكانية , مقابل مساعدتهم الاخوان المسلمين في الوصول الى رئاسة الجمهورية . وقد تم ذلك .
أما الاستراتيجية الجديدة التي وضع خطتها الجهاز الخاص, فتقضي بعقد صفقة مع انصار الرئيس السابق حسني مبارك من سياسيين سابقين ورجال اعمال ورجال امن وحزبيين واصحاب ملايين , لتأمين دعمهم في الشارع المصري وعلى المستويات السياسية مقابل تعهد الاخوان المسلمين بان يتم الافراج عن الرئيس محمد حسني مبارك وابنائه الاثنين وبعض الرموز السياسية التي تجري محاكمتهم حالياً. وتشير البوصلة السياسية إلى ان دعم « الفلول « كفيلٌ بتحييد خطر السيطرة على الشارع السياسي من الليبراليين والليبيراليات ومن يتحالف معهم من جبهة الانقاذ .
وفي هذا السياق , اجرت صحيفة « الوطن « مقابلة مطولة مع الرئيس محمد حسني مبارك تحدث فيها عن اتصال الرئيس باراك اوباما معه تلفونياً , والطلب اليه تعيين الدكتور محمد البرادعي رئيساً للوزراء , ويقول مبارك «رفضت الطلب الامريكي» ,
كما قامت « الوطن « بنشر تحقيق مطول يعيد لصورة الرئيس السابق القها ووضائيتها تمهيداً لقبول المواطن لها بعد أشهر من الاغتيال السياسي لمبارك ولعائلته ولاصدقائه من اصحاب الملايين سواء كانوا هاربين او مقيمين .
وفجأة , توقفت ماكنة « الفلول « الاعلامية التي يشرف عليها الفريق احمد شفيق من دبي , والتي ضخت الملايين في جهد اقناعي مدروس .
ولكن هل سينجح مرسي ثانيةً ؟؟؟
والجواب . نعم ...
محمد عساف ورسالة فلسطين
علي بدوان عن الحياة اللندنية
أَنعَشَ فوز الفنان الفلسطيني الشاب محمد عساف بلقب «عرب آيدول» قلوب اللاجئين الفلسطينيين الذين ينتمي إليهم محمد، فهو ينتمي الى أسرة فلسطينية لاجئة من منطقة يافا إلى قطاع غزة منذ العام 1948 وتحديداً إلى مخيم خان يونس. وأطرب بصوته وحنجرته التي صدحت ببعض الأغاني الوطنية جموع الفلسطينيين الذين شاركوه نجاحه، بما في ذلك وكالة الأونروا التي ترعرع محمد في مدارسها بقطاع غزة، وهو ما دفع مفوض الوكالة فيليبو غراندي للقول بعد لحظات من إعلان فوز محمد عساف «إن موسيقى محمد هي لغة عالمية، وهي تتحدث لنا جميعاً. كم هو رائع أن يقوم لاجئ فلسطيني من غزة بتوحيدنا معاً بهذه الكيفية».
محمد عساف، سليلُ أجيالٍ فلسطينية نمت وترعرعت حزينة في عموم التجمعات الفلسطينية اللاجئة، وقد تفتّح وعيها على أفق ممدود ومثقل بمرارة الماضي وبالأحزان والهموم، تُحيط به الخرائب والمآسي وتُحاصره الأسئلة الصعبة، وقد هَرِمت بعضٌ من تلك الأجيال الأولى من أبناء النكبة وهي تحمل حصيلة مأسوية لعمر حزين كاد أن ينقضي من دون أن تحقق حلمها الموعود بالعودة إلى فلسطين، إلى يافا وحيفا وعكا وصفد واللد والرملة ... لكنها بالمقابل أضافت زرعاً جديداً من دفق الأجيال الجديدة التي أنجبتها، كان منهم الشاب الموهوب محمد عساف، وهي تحمل الراية وتسير بها بإرادة أقوى وأوسع مما حمله الجيل الأول والثاني والثالث من نكبة فلسطين، مدونين على جدران كل مخيم وتجمع فلسطيني في الداخل والشتات عبارات صارخة تقول «عذراً فيثاغورث فلسطين هي المعادلة الأصعب»، «عذراً نيوتن الأقصى وكنيسة القيامة مركز جاذبيتنا»، «عذراً ديكارت أنا فلسطيني إذاً أنا مُبدع وموجود».
فوز الشاب محمد عساف بلقب «عرب آيدول» يُلخص في واحدة من تجلياته قصة شعبٍ نصفه تحت الاحتلال ونصفه الآخر في المنافي والشتات، قصة شعب ما زال حياً في فرادة تميّز بها الشعب الفلسطيني بالرغم من أهوال أكثر من 66 سنة من عمر النكبة الكبرى والنكبات التي حلت فوق رأسه، فرادةٍ أنتجت من بين عثرات اللجوء وحياة الشقاء خصوصاً في سنوات النكبة الأولى أجيالاً استثنائية، وقد حَفرت تلك الأجيال طريقها بأظافرها على الصخر الصلد والقاسي، وصنعت مستقبلاً جيداً ومرموقاً بالرغم من كل شيء، في مجتمع فلسطيني لم تَعد الأمية موجوده فيه بين الداخل والشتات تقريباً، فيما يتزاحم بين صفوفه حاملو الشهادات العليا من كل الاختصاصات، ليصبح شعب فلسطين اللاجئ والمجروح حتى الثمالة معلماً وملهماً لجموع كبيرة من أناس عالمنا العربي، حيث انطلقت البعثات التعليمية من فلسطين باتجاه العديد من البلدان العربية قبل النكبة ومنذ العام 1932، وتزايد منسوبها بعد النكبة. لقد أصبح اللاجئ الفلسطيني وبعد طول انكسار وشقاء وبؤس، في مصاف رواد الإنتلجنسيا العربية حاملاً رسالة العروبة في العلوم والثقافة والآداب الإنسانية، وقد أنجب عمالقة في علوم الطبيعة والعلوم التطبيقية، وعمالقة في الشعر العربي المعاصر، ومن قلب المعاناة من أرضٍ تحت الاحتلال ومن بقايا شعب بقي لاجئاً فوق أرضه عام 1948 وفي الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة … كان آخرهم الشاب المتألق محمد عساف.
إن بأس المسيرة الوطنية للشعب الفلسطيني، أنها لم تكن مسيرة كفاح مُسلحة بالبندقية فقط، فلو كانت كذلك لكانت بندقية لصوص وقاطعة طريق، ولكنها كانت وما زالت نُظُم شاعرٍ، وريشة فنان، وقلم كاتب، ومِبضع جراحن وإِبرة لفتاة وزوجة تخيط لزوجها وأولادها ثياباً من قماشة خام كيس طحين الأونروا في وقت كان أسود على الفلسطينيين.
لقد فاز ابن الكوفية الفلسطينية، الذي استطاع من خلال مشاركته رفع راية فلسطين وإظهار معاناة شعبها. هذه هي المسيرة الوطنية الفلسطينية، التي تتناغم فيها كل مقومات الصمود والبقاء للشعب الفلسطيني. فالفنان محمد عساف حمل راية فلسطين وانطلق بها الآن مؤشراً إلى العالم بأن الفلسطينيين شعبٌ مُبدع، متميز، ديموقراطي تعددي، وجدير بالحياة الحرة والكريمة تحت شمس وطنه فلسطين.
26/6/2013
في هذا الملف
لا تنازل عن حدود 67
رأي البيان عن البيان الإماراتية
رأي الدستور أمة تتمزق .. وعدو يتربص
الدستور الإردنية
تعذيب الأطفال الفلسطينيين
رشيد حسن عن الدستور الأردنية
المسّ بالأماكن المقدسة والاستيطان يقوضان عملية السلام
رأينا عن الرأي الأردنية
.. كاري في المنطقة!
طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
شطب حل الدولتين
حمادة فراعنة عن الرأي الأردنية
ماذا لو لم يطلق الإسـرائيليون سـراح أسـرانا ؟
ضياء الفاهوم عن الغد الأردنية
قطر وإرادة انتقال السلطة
طوني فرنسيس عن الحياة اللندنية
حول التغيير في قيادة قطر
ياسر الزعاترة عن الدستور الإردنية
«الانتقال السلس» وسخرية التاريخ
عريب الرنتاوي عن الدستور الاردنية
لماذا تنحى الامير؟!
ماهر ابو طير عن الغد الأردنية
حزيران مصر وقطر أولا
عمر كلاب عن الدستور الأردنية
مرشد قطر الاعلى يحرج الخليج
رأي القدس عن القدس العربي
ومن صيـدا تنطلق الشرارة
صالح القلاب عن الرأي الاردنية
فقاعة «مذهبية» اسمها ..أحمد الأسير !
د. موسـى الكـيـلاني عن الرأي الأردنية
الْـتـَمـَرُد في مصر
محمد خروب عن الرأي الأردنية
محمد عساف ورسالة فلسطين
علي بدوان عن الحياة اللندنية
لا تنازل عن حدود 67
رأي البيان عن البيان الإماراتية
في خطوة من عديد خطوات تعمل إسرائيل من خلالها على إضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز الانقسام الفلسطيني، ها هي الآن تزعم أن الجانب الفلسطيني وافق على العودة إلى المفاوضات المباشرة وتنازل عن حدود العام 1967، مقابل موافقة نتانياهو على إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاقيات أوسلو.
ورغم أن الفلسطينيين سارعوا رسميا إلى تكذيب المزاعم الإسرائيلية، مؤكدين أنهم لم ولن يتنازلوا عن حدود العام 1967 كأساس للمفاوضات، إلا أن هذا السم الإسرائيلي قد يعطي مبررات جديدة لتعميق الانقسام الفلسطيني من خلال التشكيك في نوايا السلطة، مع أن جميع الفلسطينيين يعلمون أنه لا يوجد من يجرؤ على القيام بخطوة مماثلة.
فحدود العام 1967 هي الأساس الأفضل لحل الدولتين، وإذا سقط هذا الأساس فإن حل الدولتين سيسقط.
وهو ما يؤكده الفلسطينيون باستمرار.
وعندما تتحدث الصحافة الإسرائيلية، نقلا عن دبلوماسيين أجانب، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يريد استئناف المفاوضات، إلا أنه يشترط أن تكون مبنية على أساس حدود العام 1967، فالكلام واضح ولا نعلم من أين أتت التحليلات الإسرائيلية بأن ذلك يعني أن عباس تراجع عن هذا الشرط.
ويبدو أن المنطقة تستعد للعودة إلى المفاوضات المباشرة، والذي يعتبر نجاحا لجهود وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، الذي استطاع ممارسة الضغوط على نتانياهو وقبول الأخير بتجميد الاستيطان والإفراج عن أسرى فلسطينيين، ولكننا لا نعتقد أن إسرائيل جاهزة لذلك أو بالأصح هي لا تريد ذلك، وإنما هي دائما تعتمد على الفقاعات والأكاذيب الإعلامية التي تظهرها بانها هي من تتقدم نحو السلام، والفلسطينيون هم من يعرقلون العملية، وما يوضح ذلك اتهام نتانياهو الأخير للرئيس الفلسطيني بانه بخطط لتفجير المفاوضات.
إضافة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث عن موافقة وقف الاستيطان وعمليا زار بالأمس «بركان»، وهي جزء من الكتل الاستيطانية.
ولا يمكن أن تكون رسالته الحقيقية من هذه الزيارة إلا تأييده الجارف للاستيطان.
رأي الدستور أمة تتمزق .. وعدو يتربص
الدستور الإردنية
بعبارات موجزة محددة، نستطيع ان نؤكد ان غياب الموقف العربي الموحد، والخلافات التي حولت الامة الى طوائف متناحرة متقاتلة، هي السبب الرئيس للتعنت الاسرائيلي، ورفض العدو الالتزام بالقرارات الدولية وشروط واشتراطات العملية السياسية.
وفي هذا السياق لا بد من ملاحظة ان ارتفاع وتيرة العدوان تجاوز كل الحدود، بعد ما تفجرت الخلافات العربية وظهر الاصطفاف واضحا تجسده الازمة السورية، بكل تداعياتها وابعادها وخاصة بعد انفجار الاقتتال الطائفي وحملات التجييش التي مارسها الطرفان ووصلت الى حد الفتوى باستباحة الدماء، وانتقال كرة النار الى دول الجوار.. العراق ولبنان ومصر، وهو ما يؤكد ان المنطقة كلها اصبحت رهنا لهذا الصراع المذهبي الذي يصب في النهاية في خدمة العدو الصهيوني.
جرأة العدو، او بالاصح وقاحته التي وصلت الى حد رفض وقف الاستيطان والموافقة على اقامة 800 الف وحدة سكنية خلال السنوات الثلاث الماضية، منها 100 الف في القدس وحدها يعود الى عدم وجود موقف عربي جماعي فاعل، وقادر على لجم هذا العدو، وقادر على اتخاذ الاجراءات الفاعلة، التي تجبره على مراجعة سياساته العدوانية والامتثال للقانون الدولي.
إن الاخطر من كل ذلك - في رأينا - ليس غياب الموقف العربي فحسب، بل نهج التنازلات الذي اصبح يحكم العقلية العربية بعد هزيمة حزيران، فبدلاً من تجميد معاهدات السلام، ووقف التطبيع، كرد على تدنيس الاقصى، وتهويد القدس، وتحويلها الى “جيتو” يهودي، تعلن اللجنة العربية للسلام موافقتها على تبادل الاراضي بدلاً من ابلاغ واشنطن بصفتها الراعية الوحيدة للسلام بوقف التطبيع، واعادة النظر في المبادرة العربية لان العدو ماض في انتهاك القانون الدولي، وماض في اقامة وتوسيع المستوطنات، حتى اصبحت الضفة الغربية مجرد - كانتونات - يستحيل معها اقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.
ومن هنا فليس من نافلة القول التأكيد ان العدو استغل الوضع العربي البائس والحالة الفلسطينية التعيسة، بعد فشل المصالحة، ليكرس الامر الواقع، وخاصة في ظل الانحياز الاميركي للاحتلال، والتواطؤ الغربي الذي يشجعه على المضي في تنفيذ مخططاته التوسعية الاجرامية لأنه محمي “بالفيتو” الاميركي.
مجمل القول : لقد كان ولا يزال غياب الموقف العربي الفاعل هو السبب الرئيس في استمرار الاحتلال والعدوان الصهيوني الغاشم، وجاء الاقتتال المذهبي “سنة وشيعة” والخلافات العربية الدموية لتقوي العدو على رفع وتيرة العدوان متمثلا بالاستيطان وتهويد القدس والاقصى، والاصرار على رفض اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، لتؤكد ان لا سبيل للجم العدوان الا بتوحيد الصف العربي، وكنس الخلافات، ونقله من مربع التسليم والتنازل الى مربع المقاومة والتصدي للاحتلال.
“ولينصرن الله من ينصره”.. صدق الله العظيم.
تعذيب الأطفال الفلسطينيين
رشيد حسن عن الدستور الأردنية
كشف تقرير حقوق الطفل بالأمم المتحدة عن ممارسات عنصرية ،واساليب خطيرة يستعملها العدو في تعذيب الاطفال الفلسطينيين ، المتهمين بمقاومة الاحتلال ، ضاربا عرض الحائط بكافة المواثيق والقوانين الدولية ذات الصلة .
التقرير الذي نشرته الصحف في 21 الجاري .. أشار الى ان اللجنة المذكورة نبهت اسرائيل أكثر من مرة الى ضرورة التوقف عن استعمال هذه الاساليب الممنوعة؛ التي من شأنها تدمير شخصية الطفل، الا أن السلطات الاسرائيلية تجاهلتها ، واصرت على الاستمرار في اجراءاتها الممنجهة لخلق جيل غير سوي ،غير عابئة بانتقاد الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة .. هذا اولا.
ثانيا: كشف التقرير عن جملة من الممارسات العنصرية الممنهجة؛ التي تهدف الى خلق جيل أو أجيال فلسطينية مشوهة نفسيا ، مهزوزة اخلاقيا واجتماعيا ، لا تثق بنفسها ، ومستعدة للتعامل مع العدو الصهيوني، مشيرا الى الضغوط النفسية الشديدة التي يتعرض لها الطفل الفلسطيني المعتقل في زنزانة انفرادية معزولة عن العالم الخارحى لمدة طويلة، قد تمتد لشهور ويجري التحقيق معه باللغة العبرية ، وهي لغة لا يفهمها ويوقع على التزامات بهذه اللغة حتى يفرج عنه، والمقصود بكل ذلك مضاعفة الضغوط النفسية لاجباره على السقوط في الفخ الذي نصبه العدو.
ثالثا: يكشف التقرير الاساليب اللاخلاقية الي يستعملها العدو مع الاطفال الفلسطينيين ومنها:
استخدامهم كدروع بشرية لاقتحام التجمعات السكانية والمظاهرات، واجبارهم على دخول منازل غير آمنة، وتفتيش حقائب مشبوهة، والقيام بالتجسس على زملائهم ..الخ. وهي اساليب تصب فيما أشرنا اليه .
رابعا:خلال السنوات العشر الاخيرة وقع أكثر من سبعة الاف فلسطيني ضحية الاعتقال والاستجواب والممارسات العنصرية، أعمارهم ما بين 12 الى 17 عاما ، بل ان البعض منهم لم تتجاوز اعمارهم تسع السنوات ، كما مثل كثير منهم ولا يزال امام المحاكم العسكرية ،مقيدين بالاصفاد ،واخرون يحتجزون في الحبس الانفرادي .
محتويات التقرير لا تشكل مفاجأة لأحد ، ولا تحتوي جديدا ، فلقد خبر الشعب الفلسطيني هذه الاساليب الاجرامية العنصرية منذ اكثر من “46” عاما ولا يزال ، ولكن الجديد الذي يجب التوقف عنده.... هو ان العدو الصهيوني لم يعد مكترثا بما ينشر ويكتب حول جرائمه وممارساته العنصرية من قبل الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصه، والسبب- في تقديرنا- يعود الى عجز ، أو بالاحرى الى تواطؤ المجتمع الدولي مع الاحتلال والعدوان، وعدم اتخاذه الاجراءات اللازمة للجم العدو وكف يده عن الاستمرار في ارتكاب الجرائم العنصرية .
باختصار.....رغم محاولات العدو كسر ارادة الشعب الفلسطيني من خلال اضعف الحلقات وهي الاطفال، الا ان النتيجة هي فشل ممارسات العدو ، وخلق اجيال اكثر عداء للصهاينة ، وأكثر استعدادا للصمود والتضحية، بدليل ان جنرالات انتفاضة الحجارة.. هم الاطفال ، يجسدهم الشهيد الطفل فارس عودة الذي هجم على دبابة العدو بصدره العاري.. وكفه القابضة على الحجر.
حالة الوعي الفلسطيني اكبر من مؤامرات واساليب العدو العنصرية، وقادرة على حماية الاجيال وتحصينهم من الخبث والمكر والدهاء الصهيوني.
المجد لاطفال فلسطين... والعارللمجتمع الدولي، وللدول الغربية وخاصة واشنطن التي تدعي انها حاملة لواء الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق الطفولة، في الوقت الذي ترفض فيه حماية الشعب الفلسطيني من فاشية الاحتلال.
المسّ بالأماكن المقدسة والاستيطان يقوضان عملية السلام
رأينا عن الرأي الأردنية
يكتسب تحذير جلالة الملك عبدالله الثاني خلال استقباله وزيرة الخارجية الايطالية والمفوضة الاوروبية للتعاون الدولي والمساعدات الانسانية في عمان يوم أمس من الخطر الذي تواجهه فرص إحياء السلام في المنطقة إذا ما واصلت اسرائيل اجراءاتها الاحادية, خصوصاً اعتداءاتها المتكررة على الأماكن المقدسة في القدس وبناء المستوطنات, أهمية اضافية في ظل ما تتخذه اسرائيل من قرارات وخطوات ميدانية واجراءات تستهدف تكريس الاحتلال وعدم التعاطي الجدّي مع الجهود التي تبذل لاعادة الفلسطينيين والاسرائيليين الى طاولة المفاوضات.
من هنا جاءت اشارة جلالة الملك المباشرة الى أهمية الدور الاوروبي خصوصاً الايطالي لدعم هذه المساعي والتي يجب ان تستند في عودة للمفاوضات بين الطرفين الى حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لانهاء الصراع وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة, لتضع الأمور في سياقها الصحيح ولتعيد التأكيد على ثوابت الموقف الاردني من هذه المسألة والتي اكدت الاحداث ووقائع الايام صحتها ودقة قراءتها.
وإذ حفل الاجتماع بين جلالته والوزيرتين الايطاليتين بكثير من الملفات والقضايا المرتبطة بالشؤون الشرق اوسطية, فإن الازمة السورية اخذت مكانتها على جدول اعمال الاجتماع إن لجهة التأكيد على الموقف الاردني المعروف والمعلن تجاه هذه الازمة والدعم الذي يواصل الاردن تقديمه للمساعي والجهود الرامية الى التوصل لحل سياسي انتقالي وشامل للازمة, ينهي معاناة الشعب السوري وينقذ المنطقة من التداعيات الخطيرة لهذه الازمة, أم لجهة ما اضاء عليه جلالته حول الاعباء الكبيرة والمتزايدة التي يتحملها الاردن والتي تضغط على موارده المحدودة وبنيته التحتية المستنزفة جراء تدفق اللاجئين السوريين, ما يفرض على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الاخلاقية والقانونية والانسانية لدعم امكانات المملكة وقدراتها كي تتمكن من تقديم خدماتها للاجئين السوريين الذين باتت الاسرة الدولية تدرك عن قرب وبالارقام حجم وطبيعة الاعباء التي يتحملها الاردن في هذا الشأن.
قصارى القول ان جلالة الملك عبدالله الثاني ينهض بدور اساسي وحيوي في حث المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي لمواصلة بذل الجهود والمساعي الهادفة لعدم اهدار الفرصة المتاحة الان لإعادة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى طاولة المفاوضات وإلاّ فإن المنطقة ودولها والشعوب ستذهب الى الفوضى والمجهول ناهيك عما يشكله مواصلة اسرائيل لاجراءاتها الاحادية واعتداءاتها المتكررة على الاماكن المقدسة في القدس وبناء المستوطنات من خطر ماثل على فرص احياء السلام بل وتقويضها.
.. كاري في المنطقة!
طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
قبل وصول وزير الخارجية الأميركي بأيام، قام نتنياهو بزيارة، غير عادية لمستوطنة قريبة من القدس وشارك في حفل افتتاح مدرسة اختار المستوطنون تسميتها باسم بن زيون نتنياهو، والد رئيس الوزراء الذي توفي قبل عام!!.
والزيارة غير العادية، هي الأولى لنتنياهو منذ نجاحه الانتخابي، وتسميته رئيساً للوزراء، وقد فهمها الطرفان: الإسرائيلي الاستيطاني، والفلسطيني المستعد للتفاوض. وحين كان نتنياهو يتحدث في المدرسة عن «تعميق جذورنا على أرضنا»، فقد كان زعيم المستوطنين يقول: «إن مجرّد زيارة نتنياهو تعني دفن مشروع الدولة الفلسطينية، فيما كان د. عريقات رئيس المفاوضين يقول: لقد برع نتنياهو في كل مرة تتوضح فيها الوساطة الأميركية لاستئناف المفاوضات يخرج نتنياهو بحركة تحبط كل شيء، وتجعل من شعار الدولة الفلسطينية مجرد.. كومة كلامية!!.
وزير الخارجية الأميركية في زيارته القادمة القريبة، يكاد يبحث عن شقة لاقامته بين الضفة وإسرائيل والأردن. لكنه يقول: إنه يحمل مشروعاً واضحاً لاستئناف المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية. ويقول مشروعاً لاستئناف المفاوضات وليس لحل سياسي يحمل حدوداً واضحة لدولة اسرائيل, ودولة الفلسطينيين, ويحمل توقيتات واضحة لتنفيذ ذلك.. فقد تعلم الرئيس اوباما وادارته عدم تقديم مقترحات حلول, والبقاء في حدود استئناف المفاوضات!! بعد ان تحرّقت اصابعه في ولايته الاولى التي كانت تحمل اكثر من حل فلسطيني – اسرائيلي, ليصل الى المصالحة التاريخية التي فصّلها وسط عواصف من التصفيق في جامعة القاهرة!!
والوزير الاميركي المنهك برحلاته الشرق اوسطية يزور القدس ويزور رام الله لكنه حريص على زيارة عمان في كل مرة. وهو يعرف أن عمان ليست طرفاً مفاوضاً, وليس لديها حلولاً جاهزة لقضية متشابكة معقّدة وعميقة لكنه يجد في الاردن حالة خاصة من الاعتدال، والوضوح، وشجاعة الموقف مما يوفر عليه مطاردة المعنى الحقيقي لكل كلمة يسمعها من الطرف الاسرائيلي، فالاردن مع كل ما تحمله كلمة الاعتدال والوضوح وشجاعة الموقف ليس طرفاً محايداً وانما هو الداعم للحق الفلسطيني. وهو مع كل ما يختاره الفلسطينيون، واذا كان عليه ان يشجع اميركا وكل الاطراف في المنطقة على السلام العادل الدائم، فانما يفعل ذلك من اجل مصالحه.. وهو لا ينكر ذلك ولا يستحي منه.
سنستقبل الوزير كاري كما كنا استقبلناه واستقبلنا من سبقوه، بكل الدفء الذي تحمله عمان لاصدقائها، وستعطي لرحلته زاداً طيباً.. فالسلام هو النبع الذي يشرب منه ضيوفها!.
شطب حل الدولتين
حمادة فراعنة عن الرأي الأردنية
حجتان يمسك بهما نتنياهو ، ليبقى واقفاً وسط المشهد السياسي المتداخل : الإسرائيلي الأميركي الأوروبي الفلسطيني ، وأول حججه هذه التي يتمسك بها ، أنه « يدعو منظمة التحرير الفلسطينية للجلوس على طاولة المفاوضات بدون شروط مسبقة « وأن القيادة الفلسطينية تتلكأ وتتمنع وتفرض شروطها الثلاثة المرفوضة من جانبه المتمثلة بـ : 1- وقف الإستيطان ، 2- تحديد مرجعية وحدود التفاوض بخطوط الهدنة كما كانت يوم 4 / حزيران /1967 ، و 3- إطلاق سراح أسرى ومعتقلين ، وبالتالي فهو يرمي الكرة في وجه الفلسطينيين ، وأمام المجتمع الدولي ، وإظهارهم كمتطرفين ، بينما هو يسعى للتفاوض والتوصل إلى حل ، ولكن الفلسطينيين يرفضون ، هذه حجته الأولى .
أما الثانية فهو يقبل حل الدولتين ، شريطة إعتراف منظمة التحرير الفلسطينية أن « إسرائيل دولة اليهود « وهذا يعني تنازل فلسطيني مسبق عن حق عودة الفلسطينيين إلى بيوتهم التي طردوا منها عام 1948 ، أي إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وصفد وبئر السبع ، أي عدم عودتهم إلى إسرائيل والتي هي دولة الشعب اليهودي ، وبالتالي عدم إستعادة ممتلكاتهم فيها وعلى أرضها ، فهي ليست دولتهم ، والأرض ليست أرضهم ، ومفاتيح بيوتهم ، التي إحتفظوا بها عشرات السنين ، أصبحت مجرد قطع مدنية ، بلا بيوت يفتحوا أبوابها ، وبيوتهم لم تعد لهم حتى يتوهموا عودتهم لها ، وكواشين الطابو والتسجيل ، مجرد ورق « ينقعوها ويشربوا ميتها « .
حجتان يتسلح بهما نتنياهو لرفض المفاوضات ، فهو يدعو لها شكلاً وعلناً ، وحقيقة أنه يرفض المفاوضات ولا يستصيغها ، لأنها ستُملي عليه الإنسحاب مهما بدا صغيراً أو متواضعاً من « أرض إسرائيل التاريخية التوارتية « ويمقت وقف الإستيطان وإطلاق سراح أسرى ويكره كلمتي اللاجئين وعودتهم والقدس وتقسيمها ، وينبذ العرب من المسلمين والمسيحيين وشراكتهم لليهود في أرض إسرائيل ، سواء أولئك الذين بقوا في وطنهم عام 1948 ، أو صمدوا في الجزء المحتل من وطنهم عام 1967 ، المسمى فلسطين ، وهي أكثر كلمة مكروهة في قاموسه اللغوي ، لأن كلمة فلسطين ومحتواها ودلالاتها هي نقيض لإسرائيل ووجودها وإستمراريتها ، وأخيراً تبين أنه يكره كلمة الجزائر والسبب أن الفرنسيين خرجوا وطردوا من الجزائر بعد مائة وثلاثين سنة من إحتلالها وضمها وإعتبارها قطعة من التراب الفرنسي ، وبالتالي فكلمة الجزائر فأل شر عليه وعلى مشروعه الإستعماري ، ولذلك تكوّن ما يُسمى « اللوبي من أجل إسرائيل الكاملة « حصيلة تجمع أحزاباً ونواباً ووزراء وكتاباً بهدف فرض السيادة الإسرائيلية وتشريعها عبر البرلمان على « كامل أرض إسرائيل « والعمل على إلغاء وشطب « حل الدولتين للشعبين « على أرض فلسطين .
ماذا لو لم يطلق الإسـرائيليون سـراح أسـرانا ؟
ضياء الفاهوم عن الغد الأردنية
أثبتت التجارب الإنسانية أن الحقوق لا تعود إلى أهلها بغير احترامهم ، بل وتقديسهم لحقوقهم والاستعداد الكبير للتضحية من أجل انتزاعها من مغتصبيها سواء أكانوا من المستعمرين أو من غيرهم ممن أعمتهم مصالحهم الخاصة عن الأهم منها بكثير وهي مصلحة وطنهم وأمتهم وما تقتضيه إنسانيتهم .
وإذا ما أخذنا الحقوق الفلسطينية على سبيل المثال فإن أهلها ما زالوا عاقدين العزم على استعادتها من سارقيها حتى لو كان السارقون مدعومين من قوى غاشمة أمضت الصهيونية العالمية عقودا من الزمان على طريق التمهيد للحصول على دعمها.
ومن الإنصاف القول إن ما تحمّله الفلسطينيون وصبروا عليه قد فاق أعلى قدرات البشر على الصبر والتحمل وأنهم قد قدموا جحافل من الشهداء الأبرار بنضال عظيم ما زال متواصلا منذ حوالي مئة عام والتأكيد على أن من حق كل عربي سواء أكان من فلسطين أو من الأردن أو من سوريا أو لبنان أو مصر أو من أي بلد عربي حبيب آخر أن يفخر بها تماما كما افتخر وما زال يفتخر بكل الانجازات العربية الحقيقية على مدى التاريخ رغم كل ما يواجهه العرب الآن من فتن خطيرة في كثير من أصقاع الوطن العربي الكبير يجب العمل على وضع حد فوري لها قبل أن تحدث الطوفان والهلاك والدمار لكل العرب.
وسيسجل التاريخ للعرب انتصارهم على كبح جماح الفتنة فيما بين الكثيرين منهم إذا استطاعوا ذلك بقدر ما سيسجله عليهم من سهولة وقوعهم في شرك ما ينصبه لهم أعداؤهم كما سيسجل للشعب الفلسطيني صبره وصموده أمام وحوش المستوطنين اليهود بالإضافة إلى تجلياته في الميدان الحربي والانتفاضات الرائعة التي أذهلت حجارتها الدنيا وفي المجالات الزراعية والصناعية والاقتصادية والعلمية والأدبية والفنية والإعلامية وغيرها .
وليس أمام العالم ، مهما ضحكت الصهيونية العالمية على كثيرين فيه بتزويرها للتاريخ والجغرافية وإنكارها لأحقية الشعب العربي الفلسطيني في وطنه الذي يتوسط وطن أمته العربية ، إلا أن يتابع ما أيدت فيه 138 دولة من دوله منح فلسطين عضوية مراقب في أحد أبرز اجتماعات جمعيتها العامة المهمة في الآونة الأخيرة بدعم الجهود الفلسطينية والعربية والصديقة من أجل التخلص من الاحتلال الإسرائيلي الكريه وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف .
ومما تجدر الإشارة إليه أن من أحدث قرارات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كان بشأن التأكيد على عدم العودة إلى المفاوضات إلا بعد وقف عمليات الاستيطان في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة وإطلاق سراح الأسرى وعدم الاعتراض على حل الدولتين. وقد ارتأى كثيرون ذلك بأنه بمثابة إنذار للحكومة الإسرائيلية بأن صبر الفلسطينيين قد اقترب من النفاد .
وإن لم يجنح الإسرائيليون إلى الضغط على حكومتهم لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والأردنيين وإخوانهم العرب وإنهاء الاحتلال للضفة الغربية وحصار قطاع غزة فالانفجار الأكبر قادم لا محالة لأن الفلسطينيين وإخوانهم الأردنيين وكل أحرار العرب وشرفاء العالم قد سئموا الأكاذيب الإسرائيلية ووحشية المستوطنين الإسرائيليين وكافة أشكال الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على الناس ومنازلهم وبساتينهم و التي إن لم يتوقفوا عنها ويعيدوا الحقوق إلى أصحابها بعد إطلاق سراح الأسرى على وجه السرعة فإن قض مضاجعهم سيجبرهم على ذلك وعلى أكثر منه بكثير بخاصة أن عشرات الألوف من اليهود كانوا في كل مرة يحمى فيها الوطيس يعودون إلى من حيث أتوا.
قطر وإرادة انتقال السلطة
طوني فرنسيس عن الحياة اللندنية
ليس امراً عادياً ما جرى في قطر صبيحة الثلثاء (25 حزيران/ يونيو 2013). أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة يتنحى عن الحكم ويسلم القيادة لولي عهده نجله الشيخ تميم، في قرار يذكّر بقرارات سابقة اتخذها حمد اثارت جدلاً وطرحت تساؤلات، لكنه ربما القرار الاكثر جرأة من حيث مضمونه وتوقيته في بلد يعيش تحت قيادة أميره المتنحي عصراً ذهبياً.
تولى حمد بن خليفة آل ثاني الحكم في حزيران 1995 واختار ان يتنازل لنجله في الشهر نفسه بعد 18 سنة، وهو شاب في عز عطائه وقدراته وقد انجز في 18 عاماً امضاها في السلطة، داخلياً وخارجياً، ما جعل قطر بلداً فاعلاً ومؤثراً في المنطقة العربية والاقليم والعالم.
خلال هذه السنوات، وبفضل ثروات طبيعية هائلة وإدارة نشطة، باتت الدولة العربية الخليجية الصغيرة تمتلك ثالث اكبر اقتصاد في المنطقة العربية، حيث بلغ اجمالي ناتجها القومي 189 بليون دولار في العام الجاري، واحتلت المرتبة الاولى عالمياً في معدل دخل الفرد الذي بلغ 102800 دولار العام الماضي، مع نمو اقتصادي بلغت نسبته 6,4 في المئة عام 2013 نزولاً من 16 في المئة عام 2011 وهي النسبة الاعلى في العالم، بعد ان احتلت قطر المرتبة الاولى عالمياً في انتاج وتصدير الغاز الطبيعي.
على مدى عقد مضى، لعبت الدولة الخليجية دوراً في السياسات العربية والاقليمية مستندة الى قدرات مالية ضخمة ونشاط ديبلوماسي بارز والى تحالفات دولية متينة خصوصاً مع الولايات المتحدة الاميركية. كانت المشاكل المطروحة كبيرة ومتعددة والاقليم العربي يخضع لتجاذبات هائلة ولنزاعات داخلية تكاد تفقده تأثيره وحضوره. اندفعت قطر في الموضوع الفلسطيني وتوسطت في حل صراعات السودان (دارفور) والصومال ولبنان.
كان لبنان تجربة غنية لقطر وقيادتها، فمن التضامن السخي بعد حرب تموز (يوليو) 2006 الى اتفاق الدوحة في اعقاب أحداث ايار (مايو) 2008، الى إسقاط هذا الاتفاق مع الانقلاب على حكومة سعد الحريري برعاية ايرانية -سورية، تكشفت وقائع جديدة في سياسات المنطقة ستزيدها انتفاضات الربيع العربي اتضاحاً، خصوصاً مع بداية الصراع في سورية.
وقفت ايران الى جانب النظام السوري ورفعت من وتيرة تدخلها في بلدان المشرق العربي والخليج والجزيرة العربية، وفي المقابل ارتفعت وتيرة التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي وانخرطت قطر في دعم المعارضة في ليبيا وتونس ومصر وسورية وساند الشيخ حمد بقوة سلطة الإخوان المسلمين في القاهرة وتحركاتهم في بلدان عربية اخرى بعد ان جعل عاصمة بلاده تستضيف اول سفارة للمعارضة السورية في آذار (مارس) الماضي.
يتولى الشيخ تميم ابن الـ33 عاماً السلطة وسط تحدي متابعة ما بدأ والده من انخراط نشيط في السياسة العربية والاقليمية ومن التزام بموجبات التحالف القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي، وما من شك ان مراجعة ستحصل للإخفاقات والنجاحات المسجلة على مستوى السياسات الخارجية. فصورة قطر التي نشرها الأمير المتنحي يصعب تخيل تراجعها وإن كانت الظروف والمتغيرات تفرض عليها اضافات وتعديلات.
وفي السياسة الداخلية سيكون على الشيخ تميم متابعة ادارة مشروعه «رؤية قطر» لعام 2030 التي تختصر الاهداف الانمائية للدولة وتشمل جدول اعمال اجتماعياً تحررياً كما ستتطلب استضافة كأس العالم في 2022 إجراء اصلاحات اجتماعية وقانونية في البلاد خصوصاً في ما يتعلق بحقوق العمال وبناء المنشآت التي ستستوعب أعداداً كبيرة من العاملين، كما ان الأمير الجديد سيكون عليه متابعة الاصلاحات الدستورية وإجراء انتخابات مجلس الشورى المعين والذي تنتهي ولايته في الثلاثين من الشهر الجاري.
«حان الوقت أن نفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية»، قال الشيخ حمد في خطاب التنحي معرباً عن ثقته بأن أمير الدولة الجديد «سيضع مصلحة الوطن وخير اهله نصب عينيه وستكون سعادة الانسان القطري غايته الاولى على الدوام».
هذه الخطوة تثير من الآمال بقدر ما تثير من الاطمئنان الى انتقال هادئ للسلطة يثير لدى أشقاء قطر الأقربين مشاعر تضامن وثقة. وكان معبراً في هذا السياق ان اول برقيتي تهنئة وصلتا الى حاكم قطر الشاب كانتا من الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومن ولي عهده الأمير سلمان، في اشارة الى عمق العلاقة بين السعودية وقطر والمسؤوليات الملقاة على عاتق البلدين في هذه المرحلة الحبلى بالتطورات والاحداث.
حول التغيير في قيادة قطر
ياسر الزعاترة عن الدستور الإردنية
تواترت الأنباء منذ أسابيع حول نية أمير دولة قطر، التخلي عن الإمارة لنجله الشيخ تميم، وما كان موضع خلاف هو توقيت الإعلان. الآن وقد تم الإعلان عمليا، فإن الأمر يستحق التوقف لقراءة دلالاته وتبعاته على الوضع في قطر، لاسيما السياسة الخارجية وعموم الوضع في الخليج والمنطقة.
ما ينبغي أن يقال ابتداء هو إن عملية نقل السلطة كانت تتم بطريقة تدريجية منذ ثلاث سنوات تقريبا، وكانت جملة من الملفات تنتقل تباعا لولي العهد، إذْ أخذ يباشر جزءا معتبرا من مهمات الدولة؛ ما كان يؤكد أن عملية نقل السلطة كانت قرارا متخذا بالفعل.
الجانب الآخر هو أن الأمر لا يتعلق بالمسألة الصحية، إذ يبدو الأمير الأب بصحة جيدة لا تحول بينه وبين ممارسة السلطة، فهو لم يتجاوز 61 عاما، بقدر ما تتعلق بقناعات شخصية، سواء تعلقت بقناعته بضرورة ضخ دماء جديدة في السلطة، أم برغبته في الابتعاد عن عوالم السياسة المتعبة، مع أن من المستبعد أن يبتعد تماما بعدما عاش مرحلة سياسة بالغة الاضطراب منذ العام 95، وخاض معارك سياسية على كل صعيد جعلت من بلاده موضع جدل دائم في الأوساط السياسية العربية، رسميا وشعبيا.
أيا يكن الأمر، فإن الموقف يبدو لافتا إلى حد كبير، ففي مثل هذه الإمارات الوراثية لم يتعود الناس على مثل هذا السلوك السياسي، إذ يبلغ الحكام فيها من العمر عتيا، ، لكنهم يظلون في الحكم حتى الموت، وأن يجري تجديد الدماء في السلطة، فهذا يُعد أمرا جيدا إلى حد كبير، وهو يبعث برسالة إلى الآخرين بأن بوسعهم أن يختطوا ذات المسار، مع أن ذلك لن يحدث على الأرجح، والنتيجة أن البلد الذي أتعب كثيرين وأثار جدلا لم يتوقف بسياساته الخارجية يتعبهم بممارسة سياسية غير معهودة أيضا.
وإذا ما بادرت قطر في ظل الأمير الجديد إلى إصلاحات سياسية أخرى (برلمان منتخب) كان قد وعد بها الأمير الأب، فإنها ستقدم أنموذجا آخر يستجيب لربيع العرب، ولا يعتبره خطرا كما ذهب هو نفسه في كلمته الافتتاحية في القمة العربية الأخيرة في الدوحة، فالإصلاح في الخليج بات ضرورة، ولا يمكن أن يجري الرد على الربيع العربي بنكوص إلى الوراء، أو بالتآمر عليه كما تفعل دول كثيرة كي لا يتجاوز البلاد التي وصلها.
هنا يذكر للأمير الأب أنه وقف مع ربيع العرب، وإلى جانب الشعوب حتى في الدول التي كانت له مع قيادتها علاقات متينة جدا كما هي الحال في ليبيا وسوريا على وجه التحديد، وقناة الجزيرة كانت التعبير الأبرز عن ذلك، إلى جانب دعم عملي للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، ثم لثورات الربيع العربي بشكل عام، ربما باستثناء البحرين التي كان حراكها سابقا على ربيع العرب، ولها حساسياتها الخاصة التي لم تتسبب فقط في موقف قطري متحفظ، بل في تحفظ عربي عام، من دون أن يبادر أحد باستثناء قلة على إدانة الحراك، كما فعل أهل الحراك أنفسهم (غالبيتهم في أقل تقدير) حين وقفوا إلى جانب النظام السوري مع الفارق الهائل في الوضع بين البلدين، لجهة المظالم الأصلية، وتبعا لها الرد القاسي على الحراك الشعبي المطالب بالحرية والتعددية.
أيا يكن الأمر، فإن ما جرى في قطر يعد تطورا بالغ الأهمية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ذلك المتعلق بالسياسة الخارجية للبلد في ظل الوضع الجديد، وما إذا كانت ستأخذ منحىً آخر أقل مغامرة مما كانت عليه، أم سيمضي الوضع في ذات الاتجاه؟
ليست لدينا إجابة حاسمة عن هذا السؤال، لكن مؤشرات كثيرة ما زالت تقول باستمرار ذات السياسة بهذا القدر أو ذاك، مع أن الموقف سيعتمد أيضا على تطورات الوضع في العالم العربي والإقليم بشكل عام، والذي يعيش تحولات عاصفة لا يدعي أحد القدرة على الجزم بمآلاتها القريبة والمتوسطة والبعيدة.
في أي حال، لا نملك غير الترحيب بخطوة كهذه، في ذات الوقت الذي نتمنى فيه أن يتزامن ذلك مع إصلاح سياسي وبرلمانات منتخبة تعبر عن الناس، وتحقق الشراكة السياسية انسجاما مع التطور الحاصل في العالم أجمع، ومن ضمنه العالم العربي بعد ربيعه الذي يتعرض لمؤامرة كبرى تتولاها جهات داخلية وخارجية أكثرها معروف للجميع.
«الانتقال السلس» وسخرية التاريخ
عريب الرنتاوي عن الدستور الاردنية
لطالما احتلت قطر صدارة العناوين ونشرات الأخبار، بوصفها “فاعلاً” رئيساً في العديد من أزمات دول المنطقة، و”مُتدخلاً” نشطاً في شؤونها الداخلية، بما في ذلك صراعات القصور والوراثة والخلافة .. هذه المرة تعاود الإمارة الخليجية الصغيرة، تصدّر قائمة العناوين ونشرات الأخبار، ولكن بصفتها “مفعولاً به”، كما تشير لذلك تقارير غربية إعلامية وتسريبات مخابراتية.
الرواية الأكثر شيوعاً، ومصدرها الإعلام والخبراء الغربيين، لم تنشر حكاية “الانتقال السلس” للسلطة من الأب لابنه ..وعزت التغيير إلى ضغوط أمريكية، نقلها مسؤول في “السي آي إيه”، طلبت إلى حاكم قطر تسليم مفاتيح السلطة ومقاليدها إلى نجله الرابع من زوجاته الثلاث مع عبارة تشي بتهديات !
لماذا تفعل الولايات المتحدة ذلك؟ .. بماذا أزعجها الأمير المُعتل صحياً كما تقول التقارير، ولقد كان الرجل شديد المهارة في ضبط سياساته على إيقاعات المصالح والاستراتيجيات الأمريكية؟ .. وأين تريد الولايات المتحدة لقطر أن تذهب بعد رحيل أميرها الى التقاعد المريح؟ .. هل تريد دوراً قطرياً أكثر حيوية وشراسة بقتال النظام السوري بعد أن حسمت أمرها بضرورة تسليح المعارضة السورية ؟ .. وهل قصّر الأمير عن القيام بهذا الدور، لتطلب استبداله بولي عهده ؟ .. ألم يكفها أن قطر أنفقت أزيد من 3.5 مليار دولار في مشروعها لإسقاط النظام السوري بأي ثمن ؟ .. كم تريد واشنطن لقطر أن تنفق في حرب سوريا العبثية والدامية ؟.
هناك من يرى الصورة من “المقلب الآخر”، فيقترح تفسيراً مغايراً للموقف الأمريكي، كأن يُقال مثلاً، بأن واشنطن تريد لـ”جنيف 2” أن يرى النور، وأنها باتت تتحدث عن “استعادة التوازن” في سوريا وليس “قلب الموازين” فوق رأس الدكتور بشار الأسد، وأنها غدت على قناعة بوجوب حفظ الجيش والأجهزة، لمنع انهيار سوريا، وتحوّلاها إلى ملاذات آمنه، لجميع الفصائل والتيارات والمجاميع التي تكرهها وتناصبها العداء، من حزب الله حتى قادة أيمن الظواهري .. مثل هذه “النقلة” في الموقف الأمريكي، تستدعي كما تقترح هذه القراءة، خروج حمد والإتيان بتميم، فالأول وضع ثقله وماله وسمعته ومستقبله الشخصي في معركة إسقاط الأسد، ولن يهنأ له بال أن وُضِع قطار “جنيف 2” على سكته؟.
نحن لا نعرف في أية وجهة ستسير قطر .. هناك تأكيدات بأن تغييراً لن يطرأ على سياسة الدوحة، وحجة أصحابها ومطلقيها أن ولي العهد كان شريكاً بصنع كل السياسات والاستراتيجيات والقرارات الكبرى التي اتخذها أباه وذراعه الأيمن (حمد بن جاسم) .. لكن دلوني على تجربة واحدة، انتقل فيها الحكم بالوراثة، وخرج علينا من يقول “أنا لن أعيش في جلباب أبي” .. وبمقدور الأمير الجديد أن يزعم، بأنه ليس مسؤولاً عن سياسات أبيه، حتى وإن كان شريكاً فيها، سيما وان الرجل كان بعيداً (نسبياً) عن الأضواء، ما يؤهله للحديث عن “صفحة جديدة” و”بداية جديدة” إن هو شاء، وشاءت له العواصم المؤثرة في صياغة القرار القطري، إقليمياً ودولياً.
بعض القراءات، يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى خارج حدود قطر وترى أن واشنطن بدأت تضيق ذرعاً بقيادات بعض دول الخليج ، وهي قررت أن تجعل من قطر “مختبراً” لانتقال السلطة من جيل الآباء إلى جيل الأبناء.
لا شك أن هناك جملة من العوامل التي جعلت التغيير في قطر ممكناً .. من بينها الحالة الصحية الصعبة للأمير الذي يعيش منذ زمن بكلية واحدة مزروعة من “متبرع” قريب ..علينا أن نرقب سلوك الأمير الجديد داخليا وخارجياً .. نريد أن نرى كيف سيُسدل الستار على تجربة حمد بن جاسم، فهي مثيرة للاهتمام .. علينا أن نرقب السلوك القطري حيال أزمات المنطقة المتفجرة، وكيف ستتطور تحالفات الدوحة، مواقعها ومواقفها .. هذا أمر أكثر أهمية بلا شك .. إن ظل الحال على حاله، فلن يعنينا أمر التغيير في شيء، وسننظر إليه بوصفه شأناً عائلياً (Family Business)، أما إن تغيرت المواقف والسياسات والتحالفات، فحينها سيكون بمقدورنا أن نبني على الشيء مقتضاه .. لكننا لن نستطيع أن نمنع أنفسنا، ونحن نتتبع أخبار حمد وأردوغان ومرسي، وهم الثلاثة الأكثر حماسة لرحيل الأسد أو ترحيله، من التوقف عند واحدة من أهم مفارقات التاريخ وأكثرها إثارة للسخريه: كيف بدأ هؤلاء الثلاثة يخلون مواقعهم حتى قبل تطرق الفكرة رأس عدوهم المشترك: بشار الأسد .. الأول بالتقاعد المبكر، والثاني بفقدانه الأمل برئاسة كاملة الدسم والصلاحية بعد أحداث “تقسيم”، أما الثالث فدعونا ننتظر ما الذي سيحل به بعد الثلاثين من يونيو .. وإن غداً لناظره قريب.
لماذا تنحى الامير؟!
ماهر ابو طير عن الغد الأردنية
تنحى امير قطر عن موقعه،والامارة باتت من نصيب نجله،والتغيير في الدوحة جاء بشكل مفاجئ ودون مقدمات،وفي توقيت حساس،ايضاً.
اثار خروج الامير من موقعه تساؤلات كثيرة،اذ اعتبر البعض ان الخطوة جاءت لاسباب صحية،وبسبب رغبة الامير بالراحة بعيداً عن مشاغل الحكم والسياسة وضغوطاتهما القاسية.
البعض الاخر اعتبر التنحي تعبيراً عن رغبة الامير بالابتعاد الطوعي في سياق اثبات رغبته بالتغيير في العالم العربي،وانه ُيطبق المبدأ الذي تبناه تجاه آخرين،على نفسه ايضاً،ولكن بشكل سلمي واختياري.
فريق ثالث يعتقد ان التنحي جاء تلبية لرغبة واشنطن التي فرضت التغيير لاعتباراتها في قطر،على هذا المستوى،ومن يتبنى هذا الرأي يؤمن ان عواصم خليجية اشتكت من تمدد الدور القطري،وتأثير هذا الدور على الاستقرار في الخليج والعالم العربي،مما ادى الى سقوط انظمة عربية،فوق الدعم المالي والسياسي الهائل الذي قدمته الدوحة للاسلام السياسي وجماعة الاخوان المسلمين،وغير ذلك من علاقات امتدت الى تنظيمات اسلامية متطرفة،ويصر اصحاب هذا الرأي ان الدور القطري سيعاد انتاجه بشكل جديد خلال الفترة المقبلة،وهذا التغيير في الدور يستلزم تغييرا في القيادة.
كل السيناريوهات التي يتم تداولها تبدو غير مقنعة،وتقترب من التكهن لا المعلومات،لان الظرف الصحي لا يمنع الامير من الاستمرار في الحكم،ولدينا ادلة على حكام عرب يعانون صحيا،لكنهم لا يتخلون عن السلطة،ولايتركون كراسيهم تحت وطأة ظروفهم الصحية،مما يجعل هذا السيناريو مستبعداً.
السيناريو الثاني المتعلق برغبة الامير بتقديم نموذج مختلف عن الحكام العرب الذين يسقطون بتغييرات ثورية،عبر المبادرة بالتخلي الطوعي،غير مقنع ايضا،لان الامير لا يواجه فوضى في بلاده،ولا تذمرا يدفعه الى استباق اي تغيير قهري،بالتغيير الطوعي،كما ان صناعة النموذج في العالم العربي ليست هما عربيا عند احد،خصوصا،عند الحكام.
السيناريو الثالث الذي يؤشر على تدخل واشنطن،بسبب تذمر عواصم عربية من تمدد الدور القطري وتحالف الدوحة مع الاسلاميين،غير مقنع،ايضاً،لان الدور القطري لم يكن اساسا خارج الارادة الامريكية،ولان تجاوب الدوحة مع الرغبات الامريكية،ممكن دون تنحي الامير عن موقعه،ولو ارادت واشنطن من الدوحة تغيير سياساتها،والتخلي عن تحالفاتها،والعودة الى المربع الاساس،واعلان الطلاق مع الربيع العربي،لكان ذلك ممكنا عبر بقاء الامير ذاته،ودون ان يستقيل.
التغيير على السياسات القطرية لا يبدو واردا خلال الفترة المقبلة،لان الامير الجديد كان جزءا من القرار وشريكا فيه،خلال الفترة الماضية،كما ان الامير الجديد لن يكون قادرا على معاكسة سياسات والده خلال فترة قصيرة وبوجود والده،لاعتبارات سياسية وعائلية ايضاً,وهذا يقال في وجه من يبالغون ويعتقدون ان الدوحة على مشارف انقلاب في سياساتها.
اسباب الاستقالة غامضة،ولم يصل احد حتى الان الى اسرار التنحي ودوافعه ،كما ان تركيبة الحكم الجديد تشي بثلاثية معقدة عبر وجود الامير ثم نائب للامير،ووجود ولي للعهد،وفي الظلال مازال الامير الاب موجودا بكل نفوذه وامتداده،فيما نفوذ ساعده الايمن رئيس الحكومة حمد بن جاسم،نفوذ قوي داخل قطر،وفي مراكز القرار العالمي!.
الدوحة امام وضع جديد،على كل المستويات،وهو وضع مفتوح في آفاقه واحتمالاته،امام التشابكات التي تمت الاشارة اليها،وهي تشابكات ليست سهلة ابدا،وقابلة لكل الاحتمالات،فيما تبقى استقالة الامير غامضة،ولا يمكن الترويج لها باعتبارها مبادرة غير مسبوقة على مستوى الحكام العرب.
لننتظر الاجابات الغائبة على هذه التساؤلات،بدلا من التكهن،وهو تكهن اسهمت الدوحة في اذكاء ناره،لانها لم تقدم تفسيرا مقنعا لهذا التنحي.
حزيران مصر وقطر أولا
عمر كلاب عن الدستور الأردنية
التقليل من الخطوة التي اتخذها أمير قطر وكأنها قضاء مبرم وترتيب دولي مربوط بقضايا اقليمية وليست خطوة ذكية من الشيخ حمد فيها تسطيح أو مُغافلة للحقيقة واستعماء بقصد المناكفة لإثبات أن الإمارة الصغيرة حجما قد عوقبت على تجرؤها الدخول كلاعب رئيس في الملفات الكبرى دون مراعاة الأوزان الجيوسياسية واحترام نظرية الحجوم , والتسطيح ملازم كذلك لفكرة استراحة المحارب وتربية الأبناء لزمان غير زماننا , فلا أحد زاهد في السلطة حتى القادمين عبر صناديق الاقتراع وحتى المحكوم منهم بدورتين رئاسيتين على الأكثر .
التغيير او الانسحاب من السلطة والمشهد جاء استجابة موضوعية لاستمرار نظام وسلالة في الحكم , فمجمل المعارك السياسية التي دخلتها الإمارة الصغيرة حجما والمكتنزة مالا وإعلاما , أورثها وفرة في الأعداء , على عكس الإمارات الخليجية التي اعتادت على النأي بالنفس عن التدخل في الشؤون الداخلية والاكتفاء بالمساعدات الاقتصادية والانسانية للدول الفقيرة او النامية , بحيث نسجت علاقات سياسية طيبة مع انظمة الحُكم و القوى الشعبية مع اختراقات محدودة في القوى السياسية جرّاء النظرة السياسية الحيادية لدول الخليج بالمجمل , على عكس قطر التي دخلت في شراكات مع القوى السياسية بخاصة احزاب الإسلام السياسي وجهات المعارضة لأنظمة الحُكم .
الربيع العربي او ما سُمّي بهذا , كشف عن دور فائض للإمارة الصغيرة حجما في ملفات الدول الحاضنة للربيع العربي ووصل تدخلها حد التدخل العسكري المباشر كما في ليبيا ورعاية ودعم المسلحين كما في سوريا , ناهيك عن الدعم المالي واللوجستي بخاصة الإعلامي في باقي الدول التي شهدت حراكات شعبية , وقامت اكثر من دولة باتهام قطر علنا وسرّا بالعبث في جوانيتها , بل ان انصار التيار الليبرالي واليساري والعلماني , باتوا ينظرون الى قطر بوصفها دولة مناهضة لهذا التيار وانها انحازت علنا الى قوى الإسلام السياسي كما في مصر وليبيا وتونس, فأجواء ومزاج هذه الدول بات معاديا للإمارة الخليجية , والخشية ان يتكرس هذا المزاج وان ينقلب عداءً للشعب القطري الشقيق وللدولة بكليّتها .
وسط هذه الحروب والحرائق المشتعلة والمزاج المُتحول حيال الإمارة ودورها, اتخذ الأمير حمد خطوته الذكية بالانسحاب من المشهد وسط حضور سياسي لا يَخفى على احد وسطوة اقتصادية تراها العين حيث تُديرها , من أجل ديمومة الحكم والتخلص من وزر المواقف السابقة وكل ما علق بها من آثام وخطايا، وللبناء ومراكمة النجاحات, فالأمير الشاب لا يتحمل وزر مواقف سابقة , ويمكن ان يتخلى عن أي موقف سابق وأن يراكم على اي نجاح بالتساوي , فهو صفحة بيضاء في الحكم ويستطيع ان يكتب ما يريد على صفحته .
قطر نجحت من بوابة التغيير السلمي بضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد , أولها أن قطر حاضرة في المشهد السياسي دون كُلف مسبقة بحكم حداثة عهد الأمير الجديد , ثانيها انها قادرة الآن على التراجع عن اي خطوة مكلفة او لا تستطيع صون ديمومتها ودفع كلفة صيانتها , والثالثة ان ملمحا سياسيا في الاستجابة لمتطلبات الجيل الجديد قد تحقق للأمير الشاب , فالانتقال السلس للسلطة سيثير حماسة الكثيرين من جيل الشباب في أقطار عديدة ويمنح الخطاب القطري الإصلاحي صدقية.
حزيران ينتهي بسخونة لاهبة لكثير من الأقطار العربية وتحديدا مصر التي تنتظر نهاية حزيرانية مفتوحة على كل الاحتمالات , ولو أمعن الرئيس مرسي في خطوة أمير قطر لجنّب نفسه وبلده الكثير من المخاطر , فما فعله امير قطر درس سياسي بامتياز لمن يرغب بقراءة ظرفه الوطني بعين الإقليم وعين الديمومة الوطنية على حساب الفردية والمصلحة الحزبية .
مرشد قطر الاعلى يحرج الخليج
رأي القدس عن القدس العربي
عندما استلم الشيخ حمد بن خليفة امير دولة قطر الحكم قبل 18 عاما، كانت مدينة الدوحة بلدة صغيرة لا يوجد فيها غير فندق واحد من فئة الخمس نجوم، وهو فندق شيراتون، ومطار صغير تحط فيه بضع طائرات يطفئ اضواءه بعد اقلاعها. الآن يترك الحكم الى ولده الشيخ تميم وهي مدينة كبرى تضاهي الكثير من مدن العالم الحديث مع فارق اساسي هو انها الاكثر والاسرع نموا، تتغير ملامحها العمرانية كل ستة اشهر.
ومن هنا فانه اي الامير السابق يستحق لقب باني نهضة قطر الحديثة، ووضع بلاده في مكان بارز على خريطة العالم كدولة مؤثرة في سياسات منطقة الشرق الاوسط وجوارها.
التنازل عن الحكم ليس من التقاليد المتبعة في البلدان العربية، ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، فهناك ملوك وامراء ظلوا يتربعون على عروشهم وهم في حال من العجز الكامل البدني والعقلي حتى وفاتهم.
وهناك آخرون حكموا لسنوات طويلة من اسرتهم في المستشفيات، ولذلك رأى الكثيرون في سابقة الشيخ حمد هذه انها بمثابة قرع اجراس الانقاذ للكثير من الحكام في الجمهوريات الملكيات العربية على حد سواء، بفتح اعينهم على حقيقة راسخة وهي ان نسبة الشباب في بلدانهم تزيد عن 60′ وان ما كان يصلح في القرن الماضي لا يصلح في القرن الواحد والعشرين.
صحيح ان المقربين من الامير الجديد يمتدحون قدراته وخبرته في الحكم التي اكتسبها طوال السنوات الماضية التي تولى خلالها ادارة ملفات عديدة، ابرزها الامن والقوات المسلحة والاقتصاد، ولكننا لا نعتقد في الوقت نفسه ان الشيخ حمد بن خليفة سيعتزل السياسة، ويعيش تقاعدا هادئا بعيدا عن الحكم، خاصة في مثل هذه المرحلة الانتقالية الصعبة التي تعيشها المنطقة العربية، وتلعب فيها قطر دورا فاعلا ومؤثرا، ولهذا فمن المرجح ان يواصل، ولو عن بعد، تقديم النصح والمشورة لنجله الشيخ تميم الامير الجديد اللذين من المؤكد انه سيحتاجهما.
الشيخ حمد بن خليفة سيكون بمثابة ‘المرشد الاعلى’ للحكم في بلاده، لا يمارس ادارة شؤون الدولة اليومية مثلما كان عليه الحال في السابق، ولكنه سيظل في نظر الكثير من المراقبين صاحب الكلمة الفصل ولو من وراء ستار تماما مثلما هو الحال في انظمة اخرى ابرزها النظام الايراني.
امير قطر الجديد الشيخ تميم تسلم بلدا غنيا دخله السنوي من الغاز فقط 84 مليار دولار، وبات ملء السمع والبصر، ولكنه جاء الى السلطة في منطقة تقف على ابواب ‘تسونامي’ تغيير كبير، وتعيش حروبا اهلية وطائفية قد تتطور الى حروب اقليمية وربما دولية، والاخطر من ذلك ان دولته تجلس امام مقعد القيادة في التعاطي مع اكثر من ازمة، وتدخل في تحالفات ومحاور دولية خاصة في الملف السوري، ولهذا فان مهمته لن تكون سهلة على الاطلاق.
انسحاب امير قطر السابق من المشهد السياسي العربي ربما يخفف من اعباء خلفه، ويسقط عنه بعض الاعباء الاقليمية الثقيلة مثل الخلافات مع المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، علاوة على مملكة البحرين، حيث شهدت السنوات العشرون السابقة توترات متعددة تطورت الى حروب (حرب الخفوس) ومحاولات انقلاب، وتراشقات اعلامية، وبالتالي فتح صفحات جديدة ناصعة البياض يرسم عليها سياسات تصالحية جديدة مطلوبة في هذه المرحلة بالذات التي تقف فيها منطقة الخليج على حافة حرب مدمرة اذا ما اشتعلت.
نعم انها مرحلة الشباب، ونعم ان شباب اليوم اكثر تعليما وثقافة، ولكنهم يظلون بحاجة الى خدمة الشيوخ المخضرمين، وهنا يصبح دور ‘المرشد الاعلى’ ضروريا جدا.
ومن صيـدا تنطلق الشرارة
صالح القلاب عن الرأي الاردنية
ما جرى في صيدا من إقتتال طائفي بين حزب الله وبين أنصار الشيخ السلفي أحمد الأسير ، وحُشِرَ فيه الجيش اللبناني حشراً وفقاً للعبةٍ مذهبية قذرة، سيأخذ هذا البلد الذي أبتلي بهذا الموقع الجغرافي الغريب العجيب الذي أبتلي به إلى حربٍ أهلية جديدة بات من الواضح أن نظام بشار الأسد بمشاركة إيران وحسن نصر الله يدفع لبنان إليها دفعاً لتحقيق ما كان هدد به مراراً وهو نقل الحرائق السورية إلى الدول المجاورة.
وصيدا هذه المدينة التاريخية التي كانت ميناء بلاد الشام التجاري وبوابة سوريا الكبرى بجغرافيتها القديمة نحو إيطاليا والغرب الأوروبي كله كانت منطلقاً لشرارة الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975 عندما سقط رئيس بلديتها الأسبق والشخصية الوطنية المرموقة معروف سعد برصاصة جندي لبناني عندما كان يقود تظاهرة إحتجاج لصيادي مدينته التي بمصطلحات هذه المرحلة البائسة تعتبر جزيرة «سِنيَّةٌ» صغيرة تمر بها طرق جنوب الطائفة الشيعية.
كان مقتل معروف سعد برصاصة عسكرية لبنانية كانت مجهولة ولا تزال مجهولة مجرد الشرارة التي ألهبت حقلاً كان مهيئاً للإشتعال فلبنان في عام 1975 وبدءاً ببدايات عقد سبعينات القرن الماضي كان قد أصبح بمثابة مرجل شديد الغليان وكان قد أصبح بمثابة لغم كبير ينتظر الإنفجار فجاءت حادثة الإغتيال هذه لتشعل نيران الحرب الأهلية التي مزقت البلاد وشردت العباد والتي إستمرت خمسة عشر عاماً ولا يزال جمرها المتقد يعسعس تحت الرَّماد.
ولعل ما تجدر الإشارة إليه وكل مجريات ما يحدث في لبنان حالياً تدل على أن هذا البلد الجميل ،الذي قدره ليس منذ الآن ولا خلال القرن العشرين فقط وإنما منذ أربعينات وستينات القرن التاسع عشر أن يبقى يدفع إستحقاقات هذه المنطقة كلها، ذاهب إلى حرب أهلية جديدة إنعكاساً لما يجري في سوريا المجاورة هو أنَّ حتى حرب عام 1958 كانت شرارتها مقتل صحافي لبناني ربما عن غير قصد لكن أسبابها الحقيقية كانت تكمن في تلك التوترات التي بلغت ذروتها في ذلك الصدام التناحري بين جمال عبد الناصر والمعارضين لتوجهاته وبخاصة بعد قيام الوحدة المصرية-السورية وبعد الإعلان عن حلف بغداد الذي كان الرئيس اللبناني في ذلك الوقت كميل شمعون أحد أكثر المتحمسين والمؤيدين له.
..وإن هذا هو ما يجري الآن فصِدام الجيش اللبناني مع الشيخ السلفي أحمد الأسير ومجموعته ،الذي جاء كإمتداد لمناوشات متصاعدة بين مجموعة هذا الشيخ وميليشيات جزب الله في منطقة تماسٍّ طائفي حساسة جداً، قد زاد إلتهاب لبنان إلتهاباً وجعل الحرب الأهلية ،هذا إذا لم ترأف العناية الإلهية بهذا البلد وأهله، التي دأب النظام السوري وأتباعه وأعوانه على الترويج لها تحصيل حاصل.
لقد كان المفترض أنْ يتم ، وفقاً لمقررات مؤتمر الطائف الذي إنعقد في المملكة العربية السعودية وبمبادرة منها في الثلاثين من سبتمبر (أيلول) عام 1989، بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضي لبنان وهذا يعني أنه كان يجب إنهاء كون حزب الله دولة داخل الدولة اللبنانية وبخاصة بعد الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني من طرف واحد في عام 2000 لكن هذا لم يحصل فكانت كل هذه التراكمات ،التي سبقت إغتيال رفيق الحريري وعدد كبير من المسؤولين والوطنيين اللبنانيين المناوئين للهيمنة السورية على لبنان وبعد ذلك، والتي جعلت إندلاع حربٍ أهلية جديدة متوقف على مجرد شرارة صغيرة وقد تكون هذه الشرارة هي ما جرى في صيدا في الأيام الأخيرة.
فقاعة «مذهبية» اسمها ..أحمد الأسير !
محمد خروب عن الرأي الأردنية
استعجل مُشَغّلو الشيخ السلفي احمد الاسير، عندما وضعوا تحت يده كل هذه الاسلحة، واشتروا له كل هؤلاء القبضايات (اقرأ الزعران) واستجلبوا له كل الفضائيات والصحفيين والصحافيات، كي يحولوه الى «رقم صعب» او هكذا اوهموه، بعد ان البسوه عمامة اكبر من رأسه ودشداشاً مكوياً ومنشى وخصصوا له «حلاّقاً» ماهراً مهمته السهر على تشذيب لحيته وتنقية بشرة وجهه، وجاءوا له بنظارة «سوداء» من ماركة مشهورة، كي تساعده في اخفاء عينيه اللتين تفيضان ذعراً وريبة.
المهم..
جاءوا بهذا الشخص المغمور، كي يقود عملية تجريد حزب الله من سلاحه واقنعوه انه المُعادل السُّني لزعيم حزب الله الشيعي، بل ثمة فارق كبير بينكما، فهذا «الشيعي» لا يظهر على الملأ، وهو دائم التخفي ويعيش في «جحر»، كما يواصل الاسرائيليون الغمز من قناة مَنْ أذلّهم واسقط اسطورة جيشهم الذي لا يُقهر، والذي تجرأ على دك كل التجمعات الحضرية في الدولة الصهيونية، فيما أنت (قال مُشَغّلو الأسير) اكثر شباباً وقدرة على الحركة يمكنك ان تجلس في مربعك الأمني، وبمقدورك الذهاب الى عمق «الاراضي المسيحية» كي تتزلج على ثلوج جبالها المنيفة، واذا ما اردت جذب المزيد من وسائل الاعلام والتركيز على دورك الذي غدا «محورياً» في المشهد اللبناني، فليس عليك سوى اعطاء الاشارة كي يأتي اليك جنرالات ومجاهدو «جبهة النصرة» ليأخذوك في موكب كل زجاج سياراته ذات الدفع الرباعي اسود لا يُرى مَنْ داخلها.
وستكون وجهتك - أنت ونجلك المجاهد مثلك – بلدة القصير متاريسها دشمها والخنادق، حيث عليك حمل سلاحك المفضل الكلاشنكوف، ويمكنك «التقويس» على أي هدف او شخص (من الاعداء) تريد .. واذا ما رغبت (فضيلة المجاهد المعقودة عليه الآمال لنصرة اهل السنة والجماعة ونزع سلاح الحزب الفارسي المجوسي الصفوي)، فاننا جاهزون لاحضار احد الكفار من العلويين او الشيعة، كي تذبحه بيدك الكريمة من الوريد الى الوريد، كي يفهم هؤلاء الكفار بأن عصر السّنة قد بدأ وان نجم الشيعة قد افل، وان راية الاسلام سترفرف عالياً في كل عواصم المعمورة، ولكن علينا اولاً ان نرفعها في صيدا ونغلق الجنوب على اهل الشيعة، ولتكن معركتنا الرئيسية في سوريا، اما هنا فأنت الرديف والحليف والاليف، ولا تنس ان على يمينك يجلس المجاهد «المحبوب» فضل شاكر، الذي تاب الى الله توبة نصوحا، وها هو يمد الثوار في سوريا بكل ما ملكت يداه من اموال ومجوهرات وعقار، جاءت اليه بفضل حنجرته الذهبية التي باتت الآن مكرسة لنصرة الدين الحنيف، ولا تنس فضيلة الشيخ اننا نحظر على فضل شاكر اطالة لحيته اكثر مما هي عليه لحيتك من طول..
هل ذهبناً بعيداً في نسج نص قصصي؟ أم أن ما يحدث في عالم الخيال هو ما يحدث على ارض الواقع العربي المتصحر والبالغ «أعلى» درجات الانحطاط، على نحو يتحكم الملتحون والجهلة وتجار الاديان والحروب فيه بمصائر البلاد والعباد ويُعرّضون مصالحهم الى الخطر ويأخذون «دينهم» رهينة نزواتهم وتحريضهم وما تضمره قلوبهم السوداء من احقاد ونذالة على النحو الذي نراه في قلب اولويات شعوبنا وامتنا، بات فيه المسلم الشيعي عدواً فيما «صعد» المحتل الاسرائيلي الى مرتبة صديق او حليف (ألم يكن كذلك دائماً؟).
ماذا عن فقاعة الأسير؟
هذا «الشيخ» الذي ينفرّك من اللحظة الاولى، التي تقع فيه عيناك على حركاته البلهوانية ويسقط على اذنيك صوته المأزوم وخطابه الذي تفوح منه رائحة الجهل والتعصب والاستفزاز، اذ لا تسمع منه غير السباب والشتائم واللغة الهابطة فيما تستبد به النشوة والرعونة الصبيانية عندما يسمع هتافات القبضايات، المحمولة على شحن طائفي ومذهبي وغرائزي، ويكاد يطير عن ظهر البسيطة، عندما يتطلع حواليه فيكتشف أن «كتيبة» من الحراس تغلق عليه كل الفراغات وتصد بأجسادها أي محاولة للمس به، ولما اطمأن الرجل الى أنه بات شخصية ذات وزن يصعب على احد المغامرة باغتياله او الاعتداء عليه، راح يمتطي الدراجات الهوائية ويلعب عليها كما الصبيان امام «كاميرات» الفضائيات اياها التي تصنع النجوم ثم لا تلبث أن تهيل التراب عليهم وتتركهم في صحراء النسيان والموت البطيء.
تاريخ لبنان (على وجه الخصوص) مليء بنماذج من قماشة أحمد الاسير الرديئة والذين نفخوه واوحوا له انه قادر على نزع سلاح حزب الله والتحول الى حيثية سياسية أو وعدوه ربما بأن يجلس على كرسي دار الافتاء بعد أن يتم تأهيله والاعتراف به كرجل دين لا يشق له غبار ولا يعوزه الوقار (وكل هذا مرهون بانجازاته ومدى نجاحه في هزيمة حزب الله وشطب سلاحه او الاستيلاء عليه كغنيمة حرب) هؤلاء وخصوصا تيار المستقبل وعصابات التكفير الجهادية مدعومون من عواصم اقليمية نافذة, تركوا الاسير لمصيره البائس بعد أن اكتشفوا ان رجلهم هذا وفنانهم التائب قد سقطا في الدقائق الاولى، بعد أن تلقيا امر العمليات بأن يستهدفا الجيش اللبناني ويعملا على بث الرعب في اوصاله واستخدام سلاح يوم الدين ضده (وهو هنا في لبنان دعوة الضباط والجنود السُّنة للتمرد والانشقاق عنه)..
هكذا انفجرت الفقاعة «الاسيرية» وبات «الشيخ» طريداً او مختبئاً لدى جبهة النصرة، وهكذا انكشف حجم السذاجة والاوهام التي تعشعش في عقول قوى 14 اذار وعلى رأسهم تيار الحريري المسمى «المستقبل»، كذلك هي حال بعض العواصم الاقليمية، التي تريد التضحية بلبنان وشعبه خدمة لمصالح ضيقة وعابرة، لن تستطيع رغم كل ما تقارفه ان تحول دون امتداد الحرائق التي تشغلها.. الى داخلها الهش.
الْـتـَمـَرُد في مصر
د. موسـى الكـيـلاني عن الرأي الأردنية
هبطت شعبية الرئيس المصري محمد مرسي قبل يومين الى 28% مقارنة مع ما حظي به من تاييد قبل أحد عشر شهراً عندما تمتع بنسبة تأييد 57% من ابناء الشعب .
وقد جاءت تلك الارقام وفقاً لاستفتاءٍ للراي العام اشرفت عليه مؤسسة من ماليزيا.
وقد بقي الجيش المصري يتمتع بنسبة 94% من القبول والتقدير بين جميع شرائح الراي العام عمودياً وعرضياً.
واستناداً الى المعطيات الرقمية السابقة , فماذا سيحصل يوم 30/ 6/ 2013 عندما تستكمل قوى المعارضة استعداداتها لتنحية رئيس الجمهورية من خلال جمع تواقيع خمسة عشر مليون مواطن يطالبونه بالاستقالة . وحتى الان فقد استطاع الشباب العلماني والفتيات الليبيراليات ومعهم جبهة الانقاذ المؤلفة من محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين الصباحي من جمع سبعة ملايين توقيع لمواطنين يحتجون على الوضع الاقتصادي المتدهور كما ينتقدون اسلوب الادارة العليا للملفات السياسية والثقافية والسياحية .
ويشاهد زائرو القاهرة الان مجموعات من الشباب المصري في شارع قصر النيل وميدان الغرابلي يجمعون توقيع « متمردون « للمطالبة بتنحي رئيس الجمهورية بعد اثني عشر شهراً من الحكم .
وقد راقبت القيادات الاخوانية هذه الظاهرة الاعلامية الذكية التي تستهوي اقلام كتـّاب الصحف الاجنبية الكبرى ومراسليهم المعتمدين. كما استشفوا الابعاد الحقيقية للحرب النفسية التي يطلقها الدكتور عمرو موسى وحزبه السياسي عندما اكد ان يوم سقوط رئيس الجمهورية يوم 30/ 6/ 2013 .
ولذلك فقد لجأ الجهاز الخاص للاخوان المسلمين الى وضع استراتيجية مضادة لعقد صفقة جديدة مماثلة لتلك التي أُبرمت مع المشير طنطاوي قبل عام , بان يبقى ضباط الجيش متمتعين بامتيازاتهم التجارية والزراعية واستثماراتهم ومشاريعهم الاسكانية , مقابل مساعدتهم الاخوان المسلمين في الوصول الى رئاسة الجمهورية . وقد تم ذلك .
أما الاستراتيجية الجديدة التي وضع خطتها الجهاز الخاص, فتقضي بعقد صفقة مع انصار الرئيس السابق حسني مبارك من سياسيين سابقين ورجال اعمال ورجال امن وحزبيين واصحاب ملايين , لتأمين دعمهم في الشارع المصري وعلى المستويات السياسية مقابل تعهد الاخوان المسلمين بان يتم الافراج عن الرئيس محمد حسني مبارك وابنائه الاثنين وبعض الرموز السياسية التي تجري محاكمتهم حالياً. وتشير البوصلة السياسية إلى ان دعم « الفلول « كفيلٌ بتحييد خطر السيطرة على الشارع السياسي من الليبراليين والليبيراليات ومن يتحالف معهم من جبهة الانقاذ .
وفي هذا السياق , اجرت صحيفة « الوطن « مقابلة مطولة مع الرئيس محمد حسني مبارك تحدث فيها عن اتصال الرئيس باراك اوباما معه تلفونياً , والطلب اليه تعيين الدكتور محمد البرادعي رئيساً للوزراء , ويقول مبارك «رفضت الطلب الامريكي» ,
كما قامت « الوطن « بنشر تحقيق مطول يعيد لصورة الرئيس السابق القها ووضائيتها تمهيداً لقبول المواطن لها بعد أشهر من الاغتيال السياسي لمبارك ولعائلته ولاصدقائه من اصحاب الملايين سواء كانوا هاربين او مقيمين .
وفجأة , توقفت ماكنة « الفلول « الاعلامية التي يشرف عليها الفريق احمد شفيق من دبي , والتي ضخت الملايين في جهد اقناعي مدروس .
ولكن هل سينجح مرسي ثانيةً ؟؟؟
والجواب . نعم ...
محمد عساف ورسالة فلسطين
علي بدوان عن الحياة اللندنية
أَنعَشَ فوز الفنان الفلسطيني الشاب محمد عساف بلقب «عرب آيدول» قلوب اللاجئين الفلسطينيين الذين ينتمي إليهم محمد، فهو ينتمي الى أسرة فلسطينية لاجئة من منطقة يافا إلى قطاع غزة منذ العام 1948 وتحديداً إلى مخيم خان يونس. وأطرب بصوته وحنجرته التي صدحت ببعض الأغاني الوطنية جموع الفلسطينيين الذين شاركوه نجاحه، بما في ذلك وكالة الأونروا التي ترعرع محمد في مدارسها بقطاع غزة، وهو ما دفع مفوض الوكالة فيليبو غراندي للقول بعد لحظات من إعلان فوز محمد عساف «إن موسيقى محمد هي لغة عالمية، وهي تتحدث لنا جميعاً. كم هو رائع أن يقوم لاجئ فلسطيني من غزة بتوحيدنا معاً بهذه الكيفية».
محمد عساف، سليلُ أجيالٍ فلسطينية نمت وترعرعت حزينة في عموم التجمعات الفلسطينية اللاجئة، وقد تفتّح وعيها على أفق ممدود ومثقل بمرارة الماضي وبالأحزان والهموم، تُحيط به الخرائب والمآسي وتُحاصره الأسئلة الصعبة، وقد هَرِمت بعضٌ من تلك الأجيال الأولى من أبناء النكبة وهي تحمل حصيلة مأسوية لعمر حزين كاد أن ينقضي من دون أن تحقق حلمها الموعود بالعودة إلى فلسطين، إلى يافا وحيفا وعكا وصفد واللد والرملة ... لكنها بالمقابل أضافت زرعاً جديداً من دفق الأجيال الجديدة التي أنجبتها، كان منهم الشاب الموهوب محمد عساف، وهي تحمل الراية وتسير بها بإرادة أقوى وأوسع مما حمله الجيل الأول والثاني والثالث من نكبة فلسطين، مدونين على جدران كل مخيم وتجمع فلسطيني في الداخل والشتات عبارات صارخة تقول «عذراً فيثاغورث فلسطين هي المعادلة الأصعب»، «عذراً نيوتن الأقصى وكنيسة القيامة مركز جاذبيتنا»، «عذراً ديكارت أنا فلسطيني إذاً أنا مُبدع وموجود».
فوز الشاب محمد عساف بلقب «عرب آيدول» يُلخص في واحدة من تجلياته قصة شعبٍ نصفه تحت الاحتلال ونصفه الآخر في المنافي والشتات، قصة شعب ما زال حياً في فرادة تميّز بها الشعب الفلسطيني بالرغم من أهوال أكثر من 66 سنة من عمر النكبة الكبرى والنكبات التي حلت فوق رأسه، فرادةٍ أنتجت من بين عثرات اللجوء وحياة الشقاء خصوصاً في سنوات النكبة الأولى أجيالاً استثنائية، وقد حَفرت تلك الأجيال طريقها بأظافرها على الصخر الصلد والقاسي، وصنعت مستقبلاً جيداً ومرموقاً بالرغم من كل شيء، في مجتمع فلسطيني لم تَعد الأمية موجوده فيه بين الداخل والشتات تقريباً، فيما يتزاحم بين صفوفه حاملو الشهادات العليا من كل الاختصاصات، ليصبح شعب فلسطين اللاجئ والمجروح حتى الثمالة معلماً وملهماً لجموع كبيرة من أناس عالمنا العربي، حيث انطلقت البعثات التعليمية من فلسطين باتجاه العديد من البلدان العربية قبل النكبة ومنذ العام 1932، وتزايد منسوبها بعد النكبة. لقد أصبح اللاجئ الفلسطيني وبعد طول انكسار وشقاء وبؤس، في مصاف رواد الإنتلجنسيا العربية حاملاً رسالة العروبة في العلوم والثقافة والآداب الإنسانية، وقد أنجب عمالقة في علوم الطبيعة والعلوم التطبيقية، وعمالقة في الشعر العربي المعاصر، ومن قلب المعاناة من أرضٍ تحت الاحتلال ومن بقايا شعب بقي لاجئاً فوق أرضه عام 1948 وفي الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة … كان آخرهم الشاب المتألق محمد عساف.
إن بأس المسيرة الوطنية للشعب الفلسطيني، أنها لم تكن مسيرة كفاح مُسلحة بالبندقية فقط، فلو كانت كذلك لكانت بندقية لصوص وقاطعة طريق، ولكنها كانت وما زالت نُظُم شاعرٍ، وريشة فنان، وقلم كاتب، ومِبضع جراحن وإِبرة لفتاة وزوجة تخيط لزوجها وأولادها ثياباً من قماشة خام كيس طحين الأونروا في وقت كان أسود على الفلسطينيين.
لقد فاز ابن الكوفية الفلسطينية، الذي استطاع من خلال مشاركته رفع راية فلسطين وإظهار معاناة شعبها. هذه هي المسيرة الوطنية الفلسطينية، التي تتناغم فيها كل مقومات الصمود والبقاء للشعب الفلسطيني. فالفنان محمد عساف حمل راية فلسطين وانطلق بها الآن مؤشراً إلى العالم بأن الفلسطينيين شعبٌ مُبدع، متميز، ديموقراطي تعددي، وجدير بالحياة الحرة والكريمة تحت شمس وطنه فلسطين.