تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 380



Haneen
2013-07-07, 09:14 AM
اقلام واراء اسرائيلي 380
1/7/2013


<tbody>
في هــــــذا الملف

أوهام اليمين الديمغرافية بشأن الضفة
بقلم:نير حسون،عن هآرتس

كلما اعلن عن رغبة في التسوية تبتعد التسوية أكثر فأكثر
بقلم:تشيلو روزنبرغ/ عن‘ مؤرخ وخبير في الامن القومي، هآرتس

اوجه الشبه بين تركيا واسرائيل في مواجهة الاحتجاج الاجتماعي
بقلم:جدعون ليفي ـ اسطنبول،عن هآرتس

إن افضل حرب هي تلك التي تُمنع
بقلم:أمير أورن،عن هآرتس

علامات ضعف العم سام
بقلم:البروفيسور ابراهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم

ما الذي جعل الشارع المصري يغضب على مرسي وحكمه؟
بقلم:بوعز بسموت ،عن اسرائيل اليوم

تاريخ من العنف
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف

صدقني يا مرسي نحن لا صلة لنا
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت






</tbody>

أوهام اليمين الديمغرافية بشأن الضفة
بقلم:نير حسون،عن هآرتس

في أيار/مايو 2012 كان يسكن الضفة الغربية 265729 فلسطينيا، كما تُبين وثيقة للادارة المدنية وصلت الى صحيفة ‘هآرتس′.
والى ذلك تشير الوثيقة الى زيادة عدد الفلسطينيين منذ سنة 2000 بـ29 في المئة. ونشب في السنوات الأخيرة صراع قوي حول عدد الفلسطينيين الذين يسكنون المناطق، وتحاول مجموعة باحثين اسمها ‘الفريق الامريكي ـ الاسرائيلي للديمغرافيا’ منذ ثماني سنوات ان تبرهن ان الفلسطينيين قد نجحوا في حنكة كبيرة بأن يزيدوا عددهم نحوا من مليون انسان آخرين. ورغم أنه لا يوجد لادعاءات هذه المجموعة أدلة من خبراء علم السكان في البلاد وفي العالم، الا انها تحظى بالرعاية الكبيرة من المتحدثين والساسة في اليمين.
يزعم الفريق الامريكي الاسرائيلي انه يعيش في الضفة مليون ونصف مليون فلسطيني. وهناك ادعاء آخر لا يقل أهمية عند الفريق وهو أن الوقت والديمغرافيا يعملان في مصلحة اسرائيل، لا في مصلحة الفلسطينيين. وتبنى هذا المعطى أجزاء من اليمين من رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت الى عضو الكنيست تسيبي حوتوبيلي (الليكود) الى موشيه آرنس. واستنتاجهم هو انه اذا كان يوجد مليون ونصف مليون فلسطيني فقط، والشبح الديمغرافي غير موجود فلا حاجة الى دخول تفاوض في انشاء دولة فلسطينية، وقد حان الوقت للحديث عن صورة ضم المناطق والسكان.
تؤمن عضو الكنيست حوتوبيلي بأن اسرائيل تستطيع في أمد بعيد ان تمنح الفلسطينيين جميعا في الضفة جنسية وتحافظ على هويتها اليهودية. ‘يوجد مليون ونصف مليون فلسطيني في يهودا والسامرة و400 ألف مستوطن، ولن يمضي أحد الى أي مكان’، هذا ما قاله مؤخرا بينيت في مقابلة صحافية مع صحيفة ‘واشنطن بوست’، وحينما نفحص من أين أُخذ العدد مليون ونصف المليون، نصل دائما الى المكان نفسه وهو الفريق الامريكي الاسرائيلي للديمغرافيا. ‘إن ما تفعله هذه المجموعة يبلغ حد الجريمة، فهو خدعة كبيرة’، يقول عالم الجغرافيا البروفيسور أرنون سوفير وهو أكبر منتقدي عمل المجموعة.
إن أحد رؤساء الفريق هو يورام إتنغر، وهو يميني ودبلوماسي سابق. ويشارك في عضوية الفريق العلمي المسؤول عن المعطيات بينيت تسمرمان، وهو محلل في بنك استثمارات، والى جانبه مايكل زايد وهو دكتور في الفيزياء، والمؤرخة روبرتا زايد. وقد نشرت وثيقتهم قبل الانفصال في 2005 بوقت قصير، وكانت تُرى آنذاك محاولة لوقف الانفصال بضعضعة المعطيات السكانية، بالاعتراض على احصاءي عدد السكان من السلطة الفلسطينية في 1997 و2007، وهما الاحصاءان الوحيدان في المناطق منذ 1967 وتما تحت رقابة حكومة النرويج.
بناء على هذين الاحصاءين يُقدر الفلسطينيون، وعلى أثرهم الجيش الاسرائيلي والامم المتحدة و’الشاباك’ وكل دول العالم وأكثر خبراء السكان في البلاد، عدد الفلسطينيين في الضفة بـ2.6 2.7 مليون نسمة.
ويزعم الفريق الامريكي الاسرائيلي أن الاحصاءين مشوهان لعدة اسباب: لأن الفلسطينيين في حساباتهم، يعدون الـ300 ألف من سكان شرق القدس فلسطينيين، في حين تعدهم اسرائيل عربا في اسرائيل؛ ويزعم اعضاء الفريق ايضا ان الفلسطينيين يشملون سكانا غادروا الضفة قبل سنين كثيرة، وهم ثالثا يعرضون زيادة على عدد السكان غير مُفسرة بعدد أكبر من المواليد وعدد أقل من الوفيات.
‘ليست هذه أكاذيب بالضرورة’، يقول إتنغر، ‘لكن الفلسطينيين يُحصون بطريقة مختلفة، ليست المشكلة معهم بل المشكلة مع اولئك الذين يقبلون معطياتهم بلا فحص. ففي مسألة المواليد مثلا هناك عمل جد غير دقيق هذا اذا لم نشأ المبالغة’. ويشير ناس الفريق الى انخفاض حاد في خصوبة المجتمع العربي في الشرق الاوسط كله، ويقول إتنغر إن خصوبة المرأة اليهودية في اسرائيل أكبر اليوم من خصوبة نساء في دول مجاورة.
إن البروفيسور سوفير معروف منذ سنين طويلة بأنه نبي غضب ديمغرافي. ويُعد لقاؤه لرئيس الوزراء السابق ارييل شارون في سنة 2004 علامة طريق لاستقرار رأي ارييل شارون على الخروج من قطاع غزة، وهو يرى ان الفريق الاسرائيلي الامريكي مجموعة من البهلوانات يقومون بأعمال خداع خطيرة لاسباب سياسية، وقد نشر سوفير في 2007 مع ينيف غمبيش وثيقة طويلة تحت اسم ‘أضاليل فرق المليون’ تتناول ادعاءات الفريق. وتقول هذه الوثيقة التي تنزلق احيانا الى لغة غير اكاديمية إن الـ21 فرضا كلها في وثيقة الفريق الاسرائيلي الامريكي مُختلة علميا.
‘خُذ مثلا موضوع الوفيات’، يقول سوفير. ‘إن اليهود ينتمون الى شعب طبيعي فيه الكثير من الشيوخ ولا يوجد في السكان العرب الكثير من كبار السن ولا يموتون هناك كثيرا. في داخل اسرائيل يوجد في مقابل كل ألف انسان ستة أموات كل سنة وعند العرب 2.5′.
ويوافق سوفير على وجود انخفاض في نسبة الولادة، لكن لما كانت نسبة جيل الشباب في المناطق كبيرة جدا قياسا بسائر السكان نشأ ‘تأثير ديمغرافي’، ينخفض بحسبه عدد مواليد الفلسطينيين، لكن عدد الأمهات سيكون كبيرا في السنوات القريبة بسبب نسبة الشباب العالية.
‘ويقول اعضاء الفريق ايضا انه في كل سنة يغادر البلاد بين 60 الى 80 ألف انسان. فاذا كان عندنا صبر سنرى آخر عربي سيُطفئ النور بعد بضع سنوات. صدقني كنت في جميع المعابر ولا يوجد شيء كهذا، هذه بلبلة عقل. وهم يزعمون ايضا إنه يجب ان يُطرح من الاحصاء 400 ألف فلسطيني يسكنون في الخارج، لكن ما هو عدد المولودين الاسرائيليين في البلاد الذين يسكنون نيويورك؟’.
ويصب الجدل آخر الامر في سؤال عددي بسيط وهو هل توجد أكثرية يهودية بين الاردن والبحر؟ يقول إتنغر إن الأكثرية اليهودية قائمة متينة. ويقول إن نسبة اليهود من السكان بين البحر والاردن هي 66 في المئة وأهم من ذلك أن هذه الأكثرية مستقرة بسبب تغير نسب الخصوبة. ويقول: ‘لا توجد قنبلة موقوتة عربية، وتوجد ريح دعم يهودية’.
إن معطيات سوفير التي يقبلها كل من يشتغل بهذا الأمر تروي قصة اخرى: يعيش في اسرائيل 6.2 مليون يهودي وآخرون؛ ويعيش في غزة 1.7 مليون فلسطيني، ويعيش في الضفة 2.5 مليون فلسطيني، ويعيش في اسرائيل 1.6 مليون فلسطيني آخرون ولا يشمل هذا الدروز، وينتج عن ذلك انه يوجد 5.8 مليون عربي و6.2 مليون يهودي. ‘أضف الى ذلك 60 ألف متسلل، و120 ألف سائح بقوا في اسرائيل، و300 ألف فلسطيني دخلوا منذ 1967 ويعيشون في اسرائيل، وعمالا اجانب لينتج أن الصحيح اليوم أننا 49 في المئة بين الاردن والبحر’. ‘لو كان ذلك جدلا اكاديميا لما كان من المجدي أن أشغل نفسي بهم’، يقول سوفير، ‘لكن بوغي (موشيه يعلون وزير الدفاع) أصبح فجأة يقول انه لا توجد عندنا مشكلة سكانية’.
‘إن التباحث في مستقبل المناطق مهم بقدر كاف كي نقيمه على أساس حقائق ومعطيات حقيقية’، يقول الدكتور آساف شارون المدير الاكاديمي لـ’موليد’ وهو معهد بحث يساري. ‘إن ‘الحقائق’ التي تقوم عليها استراتيجية اليمين الايديولوجية لا أساس لها. وينسى اليمينيون ان الأكذوبة التي يكررونها بلا توقف لا تصبح حقيقة. إن ضم المناطق يعني دولة ذات شعبين يمكن تأييد هذا ويمكن معارضته لكن لا يمكن إنكاره’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

كلما اعلن عن رغبة في التسوية تبتعد التسوية أكثر فأكثر

بقلم:تشيلو روزنبرغ/ عن‘ مؤرخ وخبير في الامن القومي، هآرتس

جولة محادثات اخرى برئاسة وزير الخارجية الامريكي جون كيري يفترض أن ترسم خطة لبدء المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقبيل المباحثات، تطلق في الهواء الاعلامي احبولات مختلفة، مخططات احتياطية، تصريحات مضادة وتضليلات اعلامية. ليس في هذا اي جديد.
يعلن نتنياهو من على كل منصة بانه مستعد للسير نحو تنازلات أليمة، فقط اذا وافق الفلسطينيون على ترتيبات أمنية. وابو مازن من جهته وافق على الا يكون اللقاء مع نتنياهو بشروط. غير أن كل شيء ظاهر، للاسف الشديد، لان احتمال الوصول الى تسوية هو صفر. هذه هي مفارقة السلام، هذه هي المأساة، كلما أعلن عن رغبة اكبر في الوصول الى التسوية، تبتعد التسوية أكثر فأكثر.
في مقابلة تلفزيونية تحدث اللواء احتياط غيورا ايلند، رئيس قيادة الامن القومي سابقا قائلا، ان حل الدولتين، برأيه، ليس ممكنا، والبديل الذي يبدو في نظره الافضل هو كونفدرالية اردنية فلسطينية. اذا ما تحقق توقع ايلند، يمكن القول ان ‘بعث الموتى’ هو حقيقة قائمة وعبثا اضيعت 26 سنة منذ سقوط اتفاق لندن، مع كل المعاني والمآسي في هذه الفترة.
التاريخ مليء بسخافة الزعماء، بالعودة الى حلول طرحت في الماضي، ولكن التاريخ لا يكرر نفسه. فالفرصة التي ضُيعت لن تعود ابدا بذات الشكل. وفرضية ايلند الاساس التي بسببها عاد الى الخيار الاردني، صحيحة جدا: ليس في اسرائيل ولا في اوساط الفلسطينيين سيتوفر في المستقبل القريب زعماء يكونون مستعدين لتنازلات متبادلة. ببساطة لا يوجد احتمال. مهما بذل الامريكيون من جهود هائلة، فان حل اقامة الدولة الفلسطينية لن يتحقق.
غير ان البديل الذي يقترحه ايلند يبدو أبعد حتى من حل اقامة الدولة الفلسطينية. في العام 1987 كان لا يزال ممكنا الحديث عن حلول مختلفة ومتنوعة من فوق رأس الفلسطينيين، لان قيادة م.ت.ف كانت تعتبر غير شرعية في الساحة الدولية، وحماس لم تكن موجودة، وكان بوسع اسرائيل أن تتسلى بالتفكير بان الزمن سيلعب في صالحها. اما اليوم، فالوضع مختلف تماما، توجد سلطة فلسطينية معترف بها في العالم، وقعت اتفاقات معها والعالم يرى فيها عنوانا وحيدا لادارة المفاوضات مع اسرائيل.
غير أن كل شيء ظاهر، السلطة الفلسطينية اضعف من اي وقت مضى؛ غزة تسيطر عليها حماس التي تعارض بشدة كل اتفاق مع اسرائيل؛ ابو مازن غير قادر على أن يقر أي قرار تاريخي بشأن ‘حق العودة’ او التسويات الاقليمية، وبالتأكيد ليس في القدس.
وبالمقابل، فان الشريك الفلسطيني هو الاخر غير مستعد، ولن يكون مستعدا حتى في المستقبل المنظور، لتنازلات تعرض للخطر وجود اسرائيل او طابعها اليهودي.
الاقتراح لضم المناطق الى اسرائيل وجعل سكان يهودا والسامرة مواطنين اسرائيليين هو اقتراح سخيف، في افضل الاحوال، وغبي في اسوأ الاحوال.
لهذه الاعتبارات وغيرها يعتقد ايلند بانه يمكن الوصول الى حل الكونفدرالية مع الاردن. هذا، لاسفي الشديد خداع وليس أكثر من ذلك. فلا الفلسطينيين في يهودا والسامرة سيوافقون على ذلك، ولا السلطة الفلسطينية، لان مجرد الموافقة هي اعتراف بحلها، وبالتأكيد ليس حماس. ولن تكون مبالغة ان قلنا ان الملك الاردني ايضا لن يقبل حل الكونفدرالية ومنح حكم ذاتي للفلسطينيين، لان المعنى هو التصفية الذاتية للسلالة الهاشمية. فاذا كان للفلسطينيين اليوم أغلبية واضحة في المملكة الاردنية، فيمكننا ان نفهم بسهولة ماذا سيحصل عندما ستضم المناطق اليها. بسبب كل هذا واسباب عديدة اخرى، لاسفنا الشديد، الخيار الاردني هو رؤية مخادعة فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

اوجه الشبه بين تركيا واسرائيل في مواجهة الاحتجاج الاجتماعي

بقلم:جدعون ليفي ـ اسطنبول،عن هآرتس

أسقطت ريح صيفية في الاسبوع الماضي واحدا من علمي تركيا الضخمين اللذين يرتفعان في ساحة تقسيم الى جانب تمثال مصطفى كمال أتاتورك. وفي الجانب الآخر من الساحة كان ما زال يجلس عشرات رجال الشرطة المسلحين في حافلات مُشبكة، وكانت خراطيم الماء ما زالت مُعدة. في مطلع الاسبوع كانت بقايا الغاز ما زالت تؤذي الحناجر، وكان زجاجون يصلحون آخر النوافذ التي هُشمت في المظاهرات. أول أمس لم يبق من كل ذلك ذِكر سوى رجال الشرطة ومتنزه غازي الذي هو سبب الاحتجاج، والذي بقي مغلقا أمام الجمهور. وعاد باعة اليانصيب يُديرون دواليب الحظ، وحاول باعة البوظة اغراء السياح، وبدأ في ‘مانغو’ بيع نهاية الموسم بأسعار مجنونة. إن اسطنبول الآسرة امتلأت بالناس، كما هي العادة دائما، وبقي من الاحتجاج في هذا الوقت الذكريات والغضب فقط.
إن نصف تركيا العلماني والمثقف والمدني غاضب على رئيس وزرائها الناجح رجب طيب اردوغان، كما لم يغضب عليه قط، فهو يكرهه ويخاف منه. في عشاء في بيت فخم على البوسفور قام أحد الضيوف أول أمس بتشخيص نفسي قال فيه، إن اردوغان انتقل من عقدة الشعور بالدونية الى الشعور بالعظمة، ومن هناك الى السوداوية، وحان الآن وقت مرحلة شعوره بالمطاردة. إن ‘نصف’ تركيا قد استُصرخ لمواجهة المس بالديمقراطية، وقسوة الشرطة واعتقالات الصحافيين، ورقابتهم الذاتية وهو في نفس الوقت يعبر بحرية مدهشة معترضا على ‘الدكتاتور’. فمن عندنا يشتكي من الرقابة الذاتية في الصحافة؟
إن الاسرائيلي الذي يُدفع الى هنا يشعر بأنه في بيته. فوجوه التشابه بين ‘الديمقراطيتين الوحيدتين في الشرق الاوسط’ كثيرة الى جانب الفروق فكلتاهما ديمقراطية هشة وجزئية. لكن الخشية على مستقبل الديمقراطية في تركيا أكبر منها في اسرائيل، وأشك في ان يكون ذلك حقا. إن مُحدثي الاحتجاج هنا يشبهون مُحدثيه في روتشيلد: فهم طلاب جامعات يحذرون أن يكونوا ‘سياسيين’، مع أهداف غامضة وغضب شديد وشعارات حماسية وفراغ كبير. إن احتجاجا اجتماعيا بلا كلمة واحدة عن حقوق الاكراد يشبه بالضبط عدم حديثهم في روتشيلد عن حقوق الفلسطينيين. بدأ الأمر في تقسيم باشجار في متنزه، وبدأ عندنا بأسعار جبن الكوتج، وفي الحالتين انتقل الاحتجاج الى أهداف أكبر كثيرا ولفظ الاثنان أنفاسهما بنفس الطريقة، بيد أن عنف الشرطة في تركيا كان أشد كثيرا. في الانتخابات التي ستُجرى هنا بعد سنتين قد ينجح أشباه ‘ستاف شبير’ و’ايتسيك شمولي’ من الاتراك في أن يُنتخبوا الى البرلمان.
إن تركيا في 2013 أكثر هياجا ووعيا من اسرائيل في 2013، وأكثر اشتغالا بمشكلاتها. إن اردوغان نبتة غريبة بالنسبة للنخب القديمة، فهو رجل بسيط محلي نجح ولن تغفر له ذلك، وهو يجري محادثات سلام شجاعة مع الاكراد، ويثير غضب الليبراليين، ويضائل قوة الجيش ويثير غضب الديمقراطيين، وهو يُنمي الاقتصاد ويثير معارضة الأغنياء. ولن يفهم الاجنبي ذلك. يتحدث مُتنورو اسطنبول عن حقوق الاكراد، كما يتحدثون في الخطاب الاسرائيلي النفاقي بالضبط عن العرب: وقد بيّن لي مقاول في القيادة العليا انه ‘يعرف’ الاكراد ‘اذا أعطيتهم إصبعا أكلوا يدك كلها’. ليتعلموا بلغتهم لكن ان تكون لهم دولة. ماذا دهاك. إن نسبة الاكراد الى عدد السكان تشبه نسبة عرب اسرائيل، لكن حالهم أفضل، فقد وجد هنا رئيس وزراء من أصل كردي والمقارنة صارخة. حينما سيصل اردوغان الى غزة هذا الاسبوع سيأتي بيدين أنقى، ففي جيبه اتفاق تاريخي مع الاكراد.
يجري في اسطنبول الآن صراع ثقافات يشبه ذاك الموجود عندنا. فـ’السود’ في مواجهة ‘البيض’، والمتدينون في مواجهة العلمانيين، والمتنورون في مواجهة الظلاميين، ويؤجج الطرفان الكراهية. إن هذه القوة الاقليمية الزاهرة تناضل من اجل هويتها مثل جارتها الزاهرة في الجنوب. ولم يُحسم الصراع الى الآن فيهما، في اسرائيل وتركيا. وقد سُجل هنا درس لاسرائيل، وهو ان تركيا يُصب عليها جام غضب النقد الاوروبي، بل القطيعة الاقتصادية بسبب معاملتها القاسية للمتظاهرين والمس بحرية التعبير، فليعلم الاسرائيليون الذين يعتقدون ان العالم كله دائما ضدنا (فقط).
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إن افضل حرب هي تلك التي تُمنع

بقلم:أمير أورن،عن هآرتس

ألقى رئيس هيئة الاركان بني غانتس في السنة الاخيرة على قائد سلاح الجو أمير إيشل عملا آخر، وهو قائد المعركة بين الحروب، وهي سلسلة عمليات بعيدة يُكشف عن أسرارها احيانا بصوت متفجر واحيانا بخطب ساسة في عروض لسلاح الجو.
ومن اجل هذه المعركة بين الحروب أُخضع لايشل ومقر عمله جهات اخرى في الجيش وليس فيه فقط بل في الموساد ايضا. وذلك بسبب التميز المتعدد الألوان للذراع الجوية القادرة على التحرك في مرونة من ساحة قتال الى اخرى، وعلى الهجوم والتصوير والقيادة والتغطية على قطع بحرية في البحار السبعة.
إن الاعتماد على سلاح الجو كبير جدا، الى حد أنه يثور سؤال هل كان يوجد داع لقرار غانتس بان يُنشئ قيادة العمق برئاسة اللواء على نحو مستقل عنه. إن الجو هو العمق، ويوجد مكان لقيادتين اذا كانت العلاقات بينهما محددة فقط، كما هي الحال بين قيادة الجبهة الشمالية وطابور لبنان. حينما تجري عملية كبيرة بعيدة عن حدود اسرائيل تكون القوات على الارض تحت مسؤولية قيادة العمق، أما سلاح الجو فيشتغل بحمايتها وبمهمات دعم؛ لكن يمكن في نفس الوقت ان يُحتاج الى عمليات عميقة اخرى ليس من الضروري ان تكون بالقرب من ذلك المكان. وستكون قيادة العمق أكثر انشغالا من أن تسيطر عليها ايضا. ولهذا سيبقى ميدان المعركة في العمق جويا في أساسه.
ضاق الطموح رغم اتساع المهمات، إن بني بيلد قائد سلاح الجو في حرب يوم الغفران والسنوات الاربع التي تلتها طلب وحصل على قدرات مستقلة وكان ذلك درسا من خيبة الآمال من عمليات سلاح الجو في 1973 اشتملت على الاستخبارات في جملة ما اشتملت عليه، من دون تعلق بتفضيلات القوات البرية. ووجه هذا النهج قادة سلاح الجو في العقود الاربعة الاخيرة، لكن إيشل الذي كان رئيس قسم التخطيط في هيئة القيادة العامة وخبيرا بخبايا الميزانية والنقص فيها أذكى من أن يزعم ان التعاون مع ‘الشاباك’ على عمليات الاغتيال المُركز مثلا، يوجب مضاعفة الاجهزة وانشاء ‘شاباك’ جوي. تكفيه الزيادة المطلوبة على أملاك التخطيط العملياتي والسيطرة والاتصال في القوات البرية.
خُصص العرض الجوي في الاسبوع الماضي لتذكر مرور اربعين سنة على حرب يوم الغفران. واحتفاء بالحدث وتدريب غولاني حضر رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان مع رشقات خطب وتوجيهات وأحاديث عن تركة المعركة لتشجيع الطوابير العسكرية وبث الرعب من الدول العربية الى ايران، وأُسمع هناك الكثير من التهديدات والتحذيرات، وشحذ سيوف يعد بأنقاض متراكمة. إن بنيامين نتنياهو الذي ردد على مسامع الجنود ان ‘المعركة هي مملكة عدم اليقين’، نسي أن يذكر أن هذا التعريف قابل للتطبيق على السياسة ايضا. وقد لا يكون من الصدفة أنه حينما يتحدث عن الذرة الايرانية، وهي أمر لا يوجد ما هو أكثر غموضا منه، يحاول أن ينشئ حتى عند الايرانيين أنفسهم انطباع ان كل شيء يقيني وواضح ومعلوم له. ويكون ذلك كالعادة غرورا غبيا بدل تواضع من يتحمل مسؤولية عن مصير أمة.
حينما تُلاقي الخطوط الحمراء الخطوط الحمراء يُسفك دم. وحينما يُلاقي ‘نُقتل ولا يمر’ ‘نُقتل ولا يمر’، نُقتل حقا، ويلقي هذا على القيادة الوطنية مسؤولية مضاعفة أن تستوضح جيدا في داخلها وعند الجمهور الذي تمثله هل الخط الذي يفضل الحرب على المصالحة يوافق عليه من يُطلب اليه من يدفع ثمنها، وكذلك العمل على مضاءلة الكلفة باجراءات عقلانية لبناء القوة واستعمالها.
إن الجيش يهتم بدروس 1973 لاحتياجاته الفنية، وليس ذلك كافيا لأنه ليس هو الذي يحدد غاية استعماله. إن الدروس الرئيسة هي وطنية وسياسية واجتماعية، وتفضل الحكومات ولا سيما الحالية المليئة بالهُواة، أن تكتمها ولا تدرسها. إن الواجب الأعلى على رئيس الوزراء ووزير الدفاع لخريجي دورة الطيران وأصحاب البنادق في غولاني وعائلاتهم أن يمنعا حربا. ولسبب ما لا نسمع أبدا أشباه بيبي وبوغي في السياسة الاسرائيلية يقولون إنهم يفهمون إنه من اجل منع حرب اخرى لا حاجة اليها يجب عليهم ان يُبعدوا السير بقدر لا يقل عن سلاح الجو في خروجه الى مهماته. إن أفضل حرب هي تلك التي تُمنع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
علامات ضعف العم سام

بقلم:البروفيسور ابراهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم

منذ أدى باراك اوباما للمرة الثانية اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة، لم يرَ بركة كبيرة في عمله، وما زالت الضربات من الداخل والخارج تصيبه بلا توقف. ففي الساحة الداخلية، وبعد ان فشل في جهوده لاقناع مجلس الشيوخ بتوسيع الرقابة على حيازة السلاح، تفجرت واحدة بعد اخرى قضايا مراقبة الصحافيين والدخول الواسع الى مخازن المعلومات، الذي بادرت اليه ادارته وسبب له حرجا كبيرا.
إن الرئيس الليبرالي الواضح على الخصوص، الذي اجتهد كثيرا ليظهر بمظهر المحارب بلا هوادة من اجل حقوق المواطن الامريكي وحرياته، تبين انه تحت صولجانه اختُرقت بلا تشويش حدود المجال الخاص. وذلك بالاعتماد على ‘قانون الوطنية’ بحسب مذهب الرئيس بوش الابن، الذي طمح اوباما الى الانقطاع عن تركته، وكأن كل ذلك لم يكن كافيا حتى جاءت كشوف ادوارد سناودن عن خطط المراقبة الواسعة النطاق لوكالة الامن القومي، وقوّت الشعور السائد بأن الولايات المتحدة عادت في نفق الزمن الى سنة 1984 والى رؤية أورويل عن الأخ الأكبر الذي لا حدود ولا قيود على طموحه الى المراقبة والتنصت.
إن المعلومات التي زود بها سناودن لم تمنح بكين وموسكو سلاحا سهلا صادقا للتشهير بواشنطن (بقضايا مثل حقوق الانسان)، كانتا تقفان معهما في موقف دفاعي، فقط، بل أغضبت ايضا حليفات تقليديات كانت هدفا للمراقبة الامريكية (والبريطانية) في أعلى المستويات ايضا. والى ذلك وتحت الطلاء الدقيق لدعاوى تقنية واجرائية لم يكن من الصعب ان نلاحظ لغة ساخرة متحدية من قبل روسيا والصين معا، تتعلق باحتجاجات البيت الابيض وشكاواه (وذلك بسبب عدم استعدادهما لتسليمه المُسرب الهارب). إن تلك اللغة تستثير من هاوية النسيان، الضعف الذي أوحى به الرئيس كارتر بسلوكه في الساحة الدولية، ولم يتضح الى الآن في هذه المرحلة كيف ستنتهي قضية سناودن، لكن يبدو ان الاشاعات عن موت العصر الامريكي القريب لم تكن سابقة لأوانها، وأن الخصوم الرئيسيين للعم سام يلاحظون ضعفا امريكيا عميقا مستمرا ويردون بحسب ذلك. إن الأخ الأكبر يتنصت ويراقب ويستمع، لكنه ما زال في واقع الامر يسلك سلوك غوليفر المقيد بالحبال.
إن الجبهة الداخلية ايضا ليست ساكنة، فاستقرار رأي المحكمة العليا على الغاء الغلاف الواقي الذي تمنحه الادارة الفيدرالية منذ 48 سنة للأقلية السوداء (وأقليات عرقية اخرى) في خمس ولايات جنوبية بغرض التحقق من حفظ حقوقهم في التصويت، ضربة اخرى مؤلمة بصورة خاصة للرئيس ولمذهبه الايديولوجي. وقد كانت هذه الحماية هي دُرة تاج التشريع الاجتماعي التقدمي الذي قاده الرئيس لندون جونسون في ستينيات القرن العشرين وطمح الى الدفع قدما بالمساواة السياسية للسود.
لا يمكن ان نرى في قرار حاسم آخر للمحكمة العليا يمهد الطريق لاعتراف كامل بزواج المثليين والافضالات المشتقة من ذلك أكثر من شعاع نور وحيد في الظلام. ولا يستطيع ان يغطي على مجموعة الاخفاقات والتقصيرات التي صاحبت الرئيس منذ انتُخب من جديد. هذا الى ان اوباما في بداية طريقه في البيت الابيض على الأقل أظهر حذرا زائدا بتناوله لهذه القضية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

ما الذي جعل الشارع المصري يغضب على مرسي وحكمه؟

بقلم:بوعز بسموت ،عن اسرائيل اليوم

لم يتخيل محمد مرسي في أكبر كوابيسه ان يحتفل بالذكرى السنوية لأدائه اليمين الرئاسية في موقع الحرس الرئاسي. يستعد ملايين المصريين الغاضبين للخروج اليوم الى الشوارع والميادين طالبين تنحية الرئيس المنتخب ويهددون حياته.
وتعود اللافتات نفسها التي رُفعت في 2011 الى الميدان. إن الشعارات هي نفس الشعارات، بيد ان اسم مرسي حل محل مبارك. وأعاد الشباب الليبراليون علم اسرائيل ايضا الى الشارع بدور العلم السيئ مرة اخرى. ومصر تغلي.
كان متوقعا ان تنتظر مصر اياما صعبة بعد الثورة. ولم يستطع مرسي ان يدرك مبلغ أهمية نظام سياسي سليم كان الجمهور يستطيع ان يجد متنفسا فيه. بيد ان مصر مرسي هي مصر مؤسسات غير مشغولة. فقد فرّقت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب في حزيران/يونيو الماضي. وتحول مجلس الشورى الى الجسم المُشرع وأُعلن في مطلع الشهر ايضا انه غير قانوني، ولا تكف سلطة القضاء والسلطة التشريعية عن الشجار وترفضان كل فكرة اجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب، والوضع الاقتصادي في اثناء ذلك يزداد سوءا فقط.
إن الوضع غير الممكن الذي توجد فيه مصر يجعل من الصعب على مرسي ان يعتمد على الديمقراطية التي أدت به الى الحكم، ولما كان المصريون لا يرون انتخابات في الأفق نقلوا النضال الى الشارع. معلوم ايضا ان للجيش والمعارضة نصيبا كبيرا من الفشل، فالجيش هو الذي حدد القواعد بعد عهد مبارك، أما المعارضة فلم تستطع ان تنشئ زعيما حقيقيا يواجه الاخوان المسلمين بنجاح.
وفي اثناء ذلك تسوء حال مصر، فانه يصعب على صندوق النقد الدولي، رغم ارادته الخيّرة، ان يمنح مصر القرض الضروري جدا، لأن ادارة مرسي لا تنجح في الثبات للشروط التي اشترطها الصندوق: فهو يطلب من الاخوان المسلمين اصلاحات بنيوية في الدولة تجعلهم ينقطعون عن قاعدة دعمهم من السكان، فليس عجبا ان تفقد مصر الائتمان.
توجه الاخوان المسلمون الى دول الخليج طالبين المساعدة، ولا يحب الشارع المصري الفخور جدا تاريخيا هذا. فقد اعتادت مصر ‘أم الدنيا’ أن تكون زعيمة العالم العربي لا متسولته. والتضخم المالي يطغى، والبطالة تزداد، ولم يعد السياح يتدفقون وأخذت الاستثمارات الاجنبية تتضاءل. وفي هذا الوضع لن يهب للمساعدة حتى أبو الهول.
وينبغي ان نضيف الى ذلك عدم الأمن الذي أخذ يقوى في مصر، فقد فقدت الشرطة منذ كانت الثورة قدرتها على الردع. وأثبتت اعمال التنكيل بأربعة من الشيعة في ضواحي القاهرة مبلغ خطر ان تكون من أقلية دينية في مصر اليوم، خاصة ان تكون شيعيا مع الأخذ في الحسبان ما يجري في سورية. ولا يساعد السلفيون ايضا الاخوان المسلمين، بالعكس: إنهم يلاحظون ضائقة مرسي ويُدبرون لوراثته معتمدين على شدة تدين الشعب المصري.

ماذا سيفعل الجيش؟

ماذا ينتظرنا الآن اذا؟ إن المعارضة تستعد منذ شهرين للمظاهرة الضخمة اليوم. وزادت خطبة مرسي يوم الاربعاء من حالة الغليان فقط. لن يتنازل، ولا يجوز ان ننسى الجيش، فقد كان الضباط هم الذين حكموا قبل ان يُنحيهم الاخوان مدة 18 شهرا بعد عهد مبارك.
وعندهم الآن فرصة للانتقام. ليس بالضرورة أن يطلبوا تنحية مرسي، لأن الوراثة أولا ليست سهلة، ولأن واشنطن ثانيا تؤيد الرئيس المنتخب وإن كانوا يسمونه مرسي. لكن الجيش يستطيع ان يضطر الرئيس الى تنازلات.
ويوجد ايضا خيار الحرب الأهلية (اذا أطلق مرسي ناسه). لكن توجد ايضا خيارات اخرى كانتخابات مبكرة أو ائتلاف حكومي جديد بمشاركة الليبراليين.
وفي هذه الاثناء يرى مبارك من زنزانته كيف تحول مرسي في أقل من سنة الى الضربة الحادية عشرة لمصر.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ



تاريخ من العنف

بقلم:أمنون لورد،عن معاريف

لا تقلقوا، فالمحللون شديدو الذكاء اكتشفوا التشبيه المناسب، ففيلم الاموات الاحياء الجديد، مكسر الصناديق ‘الحرب العالمية Z’، يرمز الى امكانية ان يكون هؤلاء الاموات الاحياء في الفيلم، هم في واقع الامر مسلمون، بل وربما عرب فلسطينيون. حتى هنا يصرخ هنا المدونون العرب. هذا فيلم مؤيد للصهيونية، كما يدعون، ويعزون حرف Z الى كلمة ZION ، صهيون.
ولكن هنا وهناك، في صدوع الاعلام في الغرب، توجد توصيفات مشابهة لما يجري في الفيلم موضع الحديث هذا: جموع اسلامية معربدة تذبح في مصر الاقلية المسيحية، في سيناريو آخذ في الانتشار في مصر التي تنهار منذ سقوط مبارك.
في سورية وصل الوباء الى حد البربرية. في كل مكان تقريبا في العالم العربي الاسلامي الارض تغلي بالدم.
مثقفون شاركوا لسنوات في المجال الدبلوماسي الشرق الاوسطي ينشرون مقالات يأس. ليس لهم تفسير لما يجري في العالم العربي. بعضهم، مثل السيد ديفيد ميلر يتجرأون منذ الان على القول ان على العرب أن يبدأوا بفحص أنفسهم. ماذا حصل لثقافتهم؟ لماذا لا يتحرك هناك أي شيء، بينما حتى في اجزاء كبرى من افريقيا يوجد حراك. ناهيك عن الثقافات الغربية، واسرائيل من بينها.
ويشير ميلر الى عدة نقاط مبدئية بدونها تنهار الثقافات بالعنف البربري داخلها ولا تنجح في الحراك: الموقف من النساء كاختبار أعلى؛ فصل الدين عن الدولة بهذا الشكل أو ذاك؛ الحرية الاقتصادية؛ سلطة قانون قوية؛ الاعتراف بحقوق الفرد وحرية التعبير. واضح بان هذه آثار تاريخية تجثم على رقاب المجتمعات العربية. ولكن هذا بعيد عن أن يكون كل القصة، في ما يبدو كانتحار جماعي بثقافة كاملة، ولا سيما ما يجري في مصر وفي سورية.
يوجد تفسير آخر لوباء العنف في العالم العربي: وقوف العالم جانبا، وفي حالات عديدة الهتاف الذي يمنحه بشكل غير مباشر لانفجارات العنف. في عالم الاعمال الامريكي يوجد مفهوم يسمى ‘مخاطرة اخلاقية’، بنيت مصلحة تجارية وفشلت، وبالتالي فعليك أن تدفع الثمن. اذا انقذتك الحكومة، فان اخلاقيات عالم الاعمال تتضرر والاقتصاد بأسره يعاني.
العرب لم يكونوا ابدا مطالبين بان يدفعوا الثمن لقاء ‘المخاطرة الاخلاقية’، لم يجبى منهم ثمن على العنف الذي نشروه، واسرائيل هي النموذج الافضل على ذلك، فعلى مدى 65 سنة يقيم الامريكيون علاقاتهم مع الدول التي توجد في مواجهة مع اسرائيل، على أساس قدرتهم على توفير البضاعة الاسرائيلية، الروس يعطونكم السلاح، ولكن نحن يمكننا أن نعطيكم قطعة ارض مهتزة، نظيفة من الاسرائيليين.
هذه ليست تقاليد بدأت بعد الايام الستة، بل منذ المفاوضات على انهاء حرب الاستقلال. الفلسطينيون، بمبادرة أسيادهم، بدأوا وباء الارهاب الدولي. وقد حظوا بعطف المثقفين وبوابل من التفاهمات والاتفاقات السرية مع حكومات اوروبا، وحتى الولايات المتحدة وثقت علاقاتها الخفية عن العيان مع م.ت.ف في أعقاب حرب يوم الغفران.
لقد عودت الاسرة الدولية، ولا سيما الامم المتحدة العرب على أن وباء العنف لديهم هو جزء لا يتجزأ من اللعبة المشروعة للدبلوماسية الدولية، فقد تأسست الامم المتحدة من أجل الحفاظ على السلام، ولكن عندما تخرج الى الشارع المقدسي فانك كفيل بان ترى بوسترا ينشر العرض المعروف ‘يوميات ريتشل كوري’، وفي أعلاه رموز وزارة الثقافة وبلدية القدس.
من يشجع الارهاب ضد اسرائيل والدول الغربية، في نهاية المطاف يدفع الفلسطينيين، السوريين، المصريين، العراقيين وباقي الشعوب العربية الى عالم الصمت، من دون قانون، يقف أفراد الشرطة المصريون جانبا، في الوقت الذي يحرق فيه المسلمون جثث مسيحيين، وسوريون يقتلون بعضهم بعضا، وفي لندن يقطعون رأس جندي. فهل المسرحية التالية على مسارح لندن ستكون ‘حياة وموت الطبال لي ريغبي’؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ






صدقني يا مرسي نحن لا صلة لنا

بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

قبل سنة بالضبط انتُخب ‘الأخ’ محمد مرسي لحكم مصر وأقسم أن يكون رئيس الجميع، وأعدت له المعارضة ‘مقياس مرسي’، وهو مقياس أداء في مجالات الحياة الساخنة للمواطن الصغير، واتجهوا الى حماية البيئة والبنى التحتية والعمل للعاطلين، وحرية التعبير، ومساواة حقوق النساء، والعيش بكرامة في الأساس. ولم يلمسوا على عمد السياسة العالية ولم يثيروا مطالب تتعلق بشؤون الجيش والأمن.
ومر شهر ومر ثلاثة، وحصل مرسي من المعارضة على صفر مربع. فلم يكن هناك فقط سلوك هاوٍ، بل دعاوى على تفضيلات ‘الأخ الأكبر’، الذي يجلس في القصر ويوجه المقربين منه الى مناصب رئيسة، ويُظهر بغضا للعلمانيين، ويضطهد وسائل الاعلام ويوصي النساء بالانطواء في اماكنهن ‘الأكثر طبيعية’، أي في البيت كي لا يتعرضن لتحرشات.
ومقابل ذلك دخل الاقتصاد المصري في ازمة عميقة، وأصبح فرع السياحة يحتضر، وهرب المستثمرون الاجانب. وتسقط البورصة والجنيه المصري في كل مرة يملأ فيها آلاف الميادين. ويعيش 10 ملايين قبطي في مصر في خوف قاتل. فمن استطاع ان يسمح لنفسه حزم حقائبه وسافر. والمصانع تنهار لثقل الاضرابات، ولا يكاد يوجد تصدير ولا يوجد ما يُدفع عن بضائع اختفت من السوق. وأحدث الغضب وخيبة الآمال ظاهرة الـ’بلاك بلوك’، وهم شباب لا يشعرون بالراحة يستعملون بلطجية لتسخين التمرد على القصر الرئاسي.
لا يوجد رجال شرطة في شوارع مصر. ويقول صديق من القاهرة وهو رجل اعمال ثري، إنه لا يأمن على نفسه لذا لا يتمكن من زيارة مصانعه في الاسكندرية. ويكمن ناهبون في وسط الشارع يصادرون السيارات ويُبعدون السائق ويسرقون حراسه الشخصيين، بل إن سفرا بريئا من المطار الدولي أصبح مغامرة خطيرة، فاما أن تصل في سلام وإما ان يخطفوك عوض فدية. وينقل الجيش دبابات للدفاع عن قصر الرئاسة ومكاتب الحكومة.
قُبيل الذكرى السنوية لحكم الاخوان تبدو مصر الممزقة بين العلمانيين وذوي اللحى كأنها قبل الحرب بلحظة. إن المتظاهرين ينشدون في الميادين أناشيد معادية لمرسي، وليس عند مرسي ومستشاريه أوهام، فهناك حركة ‘تمرد’ الجديدة التي تزيد على مليون شاب ليس لهم ما يخسرونه، وقد حصلت على 22 مليون توقيع تدعوه الى التنحي في أسرع وقت ممكن. من سيحل محل مرسي؟ يريدون الجيش لكن الجيش يجلس على الجدار، الى الآن.
في ليلة الاربعاء شاهدت خطبة الرئيس التي كانت ترمي الى خفض اللهب. وقد خطب مرسي ساعتين ونصف الساعة بلغة عربية ركيكة، وفي غرور مستبد مقطوع عن الواقع. وصفى الحساب مع ‘الفلول’ من حكم مبارك وندد بـ’الأفاعي’ في جماعة الأعمال، وهاجم خصمه الذي خسر في سباق الرئاسة احمد شفيق، وصفى الحساب مع وسائل الاعلام. إن أرخص شيء هو الهجوم على وسائل الاعلام.
حينما يجد الرئيس وقتا ليخاصم أرباب التلفاز يصبحون في ضائقة، لكن المهاجِم يخسر. بعد أن فشلت محاولة طرح نجم الاعلام باسم يوسف في السجن اتجهت يدا مرسي العصبيتان الى رب عمله، فقالوا إنه لم يدفع ضرائب وأخذوا جواز السفر منه وأصبحت القناة في خطر الاغلاق.
إن العصبية في القصر انشأت قضية ساخنة تتحدث عن جواسيس من الموساد، وجندوا متظاهرين لشتمنا ولاحراق علم اسرائيل. صدقني يا مرسي اننا لا صلة لنا. إن عملاء الموساد والعلم الممزق لن يُرتبوا لك الامور. تُجدد القدس مثل واشنطن التحذير من السفر الى مصر. لا يوصى بعدم المجيء الى سيناء فقط، بل بعدم المجيء الى شوارع القاهرة والاسكندرية المشتعلة. ويكمن الكابوس الأكبر على الخصوص في الاتجاه المعاكس: ماذا سنفعل اذا جاء مليون من يائسي مرسي العاطلين عن العمل والجياع الى حدود طابا؟ وماذا سنفعل في مواجهة مليون مهاجر عمل مصري سيتوسلون أو يهددون كي نفتح لهم الأبواب؟ هل يفكر أحد ما عندنا كيف نواجه هذا السيناريو؟

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ


<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (380) الاثنيــن- 1/07/2013 م



</tbody>

<tbody>





</tbody>


<tbody>
في هــــــذا الملف

أوهام اليمين الديمغرافية بشأن الضفة
بقلم:نير حسون،عن هآرتس

كلما اعلن عن رغبة في التسوية تبتعد التسوية أكثر فأكثر
بقلم:تشيلو روزنبرغ/ عن‘ مؤرخ وخبير في الامن القومي، هآرتس

اوجه الشبه بين تركيا واسرائيل في مواجهة الاحتجاج الاجتماعي
بقلم:جدعون ليفي ـ اسطنبول،عن هآرتس

إن افضل حرب هي تلك التي تُمنع
بقلم:أمير أورن،عن هآرتس

علامات ضعف العم سام
بقلم:البروفيسور ابراهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم

ما الذي جعل الشارع المصري يغضب على مرسي وحكمه؟
بقلم:بوعز بسموت ،عن اسرائيل اليوم

تاريخ من العنف
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف

صدقني يا مرسي نحن لا صلة لنا
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت







</tbody>


أوهام اليمين الديمغرافية بشأن الضفة

بقلم:نير حسون،عن هآرتس

في أيار/مايو 2012 كان يسكن الضفة الغربية 265729 فلسطينيا، كما تُبين وثيقة للادارة المدنية وصلت الى صحيفة ‘هآرتس′.
والى ذلك تشير الوثيقة الى زيادة عدد الفلسطينيين منذ سنة 2000 بـ29 في المئة. ونشب في السنوات الأخيرة صراع قوي حول عدد الفلسطينيين الذين يسكنون المناطق، وتحاول مجموعة باحثين اسمها ‘الفريق الامريكي ـ الاسرائيلي للديمغرافيا’ منذ ثماني سنوات ان تبرهن ان الفلسطينيين قد نجحوا في حنكة كبيرة بأن يزيدوا عددهم نحوا من مليون انسان آخرين. ورغم أنه لا يوجد لادعاءات هذه المجموعة أدلة من خبراء علم السكان في البلاد وفي العالم، الا انها تحظى بالرعاية الكبيرة من المتحدثين والساسة في اليمين.
يزعم الفريق الامريكي الاسرائيلي انه يعيش في الضفة مليون ونصف مليون فلسطيني. وهناك ادعاء آخر لا يقل أهمية عند الفريق وهو أن الوقت والديمغرافيا يعملان في مصلحة اسرائيل، لا في مصلحة الفلسطينيين. وتبنى هذا المعطى أجزاء من اليمين من رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت الى عضو الكنيست تسيبي حوتوبيلي (الليكود) الى موشيه آرنس. واستنتاجهم هو انه اذا كان يوجد مليون ونصف مليون فلسطيني فقط، والشبح الديمغرافي غير موجود فلا حاجة الى دخول تفاوض في انشاء دولة فلسطينية، وقد حان الوقت للحديث عن صورة ضم المناطق والسكان.
تؤمن عضو الكنيست حوتوبيلي بأن اسرائيل تستطيع في أمد بعيد ان تمنح الفلسطينيين جميعا في الضفة جنسية وتحافظ على هويتها اليهودية. ‘يوجد مليون ونصف مليون فلسطيني في يهودا والسامرة و400 ألف مستوطن، ولن يمضي أحد الى أي مكان’، هذا ما قاله مؤخرا بينيت في مقابلة صحافية مع صحيفة ‘واشنطن بوست’، وحينما نفحص من أين أُخذ العدد مليون ونصف المليون، نصل دائما الى المكان نفسه وهو الفريق الامريكي الاسرائيلي للديمغرافيا. ‘إن ما تفعله هذه المجموعة يبلغ حد الجريمة، فهو خدعة كبيرة’، يقول عالم الجغرافيا البروفيسور أرنون سوفير وهو أكبر منتقدي عمل المجموعة.
إن أحد رؤساء الفريق هو يورام إتنغر، وهو يميني ودبلوماسي سابق. ويشارك في عضوية الفريق العلمي المسؤول عن المعطيات بينيت تسمرمان، وهو محلل في بنك استثمارات، والى جانبه مايكل زايد وهو دكتور في الفيزياء، والمؤرخة روبرتا زايد. وقد نشرت وثيقتهم قبل الانفصال في 2005 بوقت قصير، وكانت تُرى آنذاك محاولة لوقف الانفصال بضعضعة المعطيات السكانية، بالاعتراض على احصاءي عدد السكان من السلطة الفلسطينية في 1997 و2007، وهما الاحصاءان الوحيدان في المناطق منذ 1967 وتما تحت رقابة حكومة النرويج.
بناء على هذين الاحصاءين يُقدر الفلسطينيون، وعلى أثرهم الجيش الاسرائيلي والامم المتحدة و’الشاباك’ وكل دول العالم وأكثر خبراء السكان في البلاد، عدد الفلسطينيين في الضفة بـ2.6 2.7 مليون نسمة.
ويزعم الفريق الامريكي الاسرائيلي أن الاحصاءين مشوهان لعدة اسباب: لأن الفلسطينيين في حساباتهم، يعدون الـ300 ألف من سكان شرق القدس فلسطينيين، في حين تعدهم اسرائيل عربا في اسرائيل؛ ويزعم اعضاء الفريق ايضا ان الفلسطينيين يشملون سكانا غادروا الضفة قبل سنين كثيرة، وهم ثالثا يعرضون زيادة على عدد السكان غير مُفسرة بعدد أكبر من المواليد وعدد أقل من الوفيات.
‘ليست هذه أكاذيب بالضرورة’، يقول إتنغر، ‘لكن الفلسطينيين يُحصون بطريقة مختلفة، ليست المشكلة معهم بل المشكلة مع اولئك الذين يقبلون معطياتهم بلا فحص. ففي مسألة المواليد مثلا هناك عمل جد غير دقيق هذا اذا لم نشأ المبالغة’. ويشير ناس الفريق الى انخفاض حاد في خصوبة المجتمع العربي في الشرق الاوسط كله، ويقول إتنغر إن خصوبة المرأة اليهودية في اسرائيل أكبر اليوم من خصوبة نساء في دول مجاورة.
إن البروفيسور سوفير معروف منذ سنين طويلة بأنه نبي غضب ديمغرافي. ويُعد لقاؤه لرئيس الوزراء السابق ارييل شارون في سنة 2004 علامة طريق لاستقرار رأي ارييل شارون على الخروج من قطاع غزة، وهو يرى ان الفريق الاسرائيلي الامريكي مجموعة من البهلوانات يقومون بأعمال خداع خطيرة لاسباب سياسية، وقد نشر سوفير في 2007 مع ينيف غمبيش وثيقة طويلة تحت اسم ‘أضاليل فرق المليون’ تتناول ادعاءات الفريق. وتقول هذه الوثيقة التي تنزلق احيانا الى لغة غير اكاديمية إن الـ21 فرضا كلها في وثيقة الفريق الاسرائيلي الامريكي مُختلة علميا.
‘خُذ مثلا موضوع الوفيات’، يقول سوفير. ‘إن اليهود ينتمون الى شعب طبيعي فيه الكثير من الشيوخ ولا يوجد في السكان العرب الكثير من كبار السن ولا يموتون هناك كثيرا. في داخل اسرائيل يوجد في مقابل كل ألف انسان ستة أموات كل سنة وعند العرب 2.5′.
ويوافق سوفير على وجود انخفاض في نسبة الولادة، لكن لما كانت نسبة جيل الشباب في المناطق كبيرة جدا قياسا بسائر السكان نشأ ‘تأثير ديمغرافي’، ينخفض بحسبه عدد مواليد الفلسطينيين، لكن عدد الأمهات سيكون كبيرا في السنوات القريبة بسبب نسبة الشباب العالية.
‘ويقول اعضاء الفريق ايضا انه في كل سنة يغادر البلاد بين 60 الى 80 ألف انسان. فاذا كان عندنا صبر سنرى آخر عربي سيُطفئ النور بعد بضع سنوات. صدقني كنت في جميع المعابر ولا يوجد شيء كهذا، هذه بلبلة عقل. وهم يزعمون ايضا إنه يجب ان يُطرح من الاحصاء 400 ألف فلسطيني يسكنون في الخارج، لكن ما هو عدد المولودين الاسرائيليين في البلاد الذين يسكنون نيويورك؟’.
ويصب الجدل آخر الامر في سؤال عددي بسيط وهو هل توجد أكثرية يهودية بين الاردن والبحر؟ يقول إتنغر إن الأكثرية اليهودية قائمة متينة. ويقول إن نسبة اليهود من السكان بين البحر والاردن هي 66 في المئة وأهم من ذلك أن هذه الأكثرية مستقرة بسبب تغير نسب الخصوبة. ويقول: ‘لا توجد قنبلة موقوتة عربية، وتوجد ريح دعم يهودية’.
إن معطيات سوفير التي يقبلها كل من يشتغل بهذا الأمر تروي قصة اخرى: يعيش في اسرائيل 6.2 مليون يهودي وآخرون؛ ويعيش في غزة 1.7 مليون فلسطيني، ويعيش في الضفة 2.5 مليون فلسطيني، ويعيش في اسرائيل 1.6 مليون فلسطيني آخرون ولا يشمل هذا الدروز، وينتج عن ذلك انه يوجد 5.8 مليون عربي و6.2 مليون يهودي. ‘أضف الى ذلك 60 ألف متسلل، و120 ألف سائح بقوا في اسرائيل، و300 ألف فلسطيني دخلوا منذ 1967 ويعيشون في اسرائيل، وعمالا اجانب لينتج أن الصحيح اليوم أننا 49 في المئة بين الاردن والبحر’. ‘لو كان ذلك جدلا اكاديميا لما كان من المجدي أن أشغل نفسي بهم’، يقول سوفير، ‘لكن بوغي (موشيه يعلون وزير الدفاع) أصبح فجأة يقول انه لا توجد عندنا مشكلة سكانية’.
‘إن التباحث في مستقبل المناطق مهم بقدر كاف كي نقيمه على أساس حقائق ومعطيات حقيقية’، يقول الدكتور آساف شارون المدير الاكاديمي لـ’موليد’ وهو معهد بحث يساري. ‘إن ‘الحقائق’ التي تقوم عليها استراتيجية اليمين الايديولوجية لا أساس لها. وينسى اليمينيون ان الأكذوبة التي يكررونها بلا توقف لا تصبح حقيقة. إن ضم المناطق يعني دولة ذات شعبين يمكن تأييد هذا ويمكن معارضته لكن لا يمكن إنكاره’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

كلما اعلن عن رغبة في التسوية تبتعد التسوية أكثر فأكثر

بقلم:تشيلو روزنبرغ/ عن‘ مؤرخ وخبير في الامن القومي، هآرتس

جولة محادثات اخرى برئاسة وزير الخارجية الامريكي جون كيري يفترض أن ترسم خطة لبدء المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقبيل المباحثات، تطلق في الهواء الاعلامي احبولات مختلفة، مخططات احتياطية، تصريحات مضادة وتضليلات اعلامية. ليس في هذا اي جديد.
يعلن نتنياهو من على كل منصة بانه مستعد للسير نحو تنازلات أليمة، فقط اذا وافق الفلسطينيون على ترتيبات أمنية. وابو مازن من جهته وافق على الا يكون اللقاء مع نتنياهو بشروط. غير أن كل شيء ظاهر، للاسف الشديد، لان احتمال الوصول الى تسوية هو صفر. هذه هي مفارقة السلام، هذه هي المأساة، كلما أعلن عن رغبة اكبر في الوصول الى التسوية، تبتعد التسوية أكثر فأكثر.
في مقابلة تلفزيونية تحدث اللواء احتياط غيورا ايلند، رئيس قيادة الامن القومي سابقا قائلا، ان حل الدولتين، برأيه، ليس ممكنا، والبديل الذي يبدو في نظره الافضل هو كونفدرالية اردنية فلسطينية. اذا ما تحقق توقع ايلند، يمكن القول ان ‘بعث الموتى’ هو حقيقة قائمة وعبثا اضيعت 26 سنة منذ سقوط اتفاق لندن، مع كل المعاني والمآسي في هذه الفترة.
التاريخ مليء بسخافة الزعماء، بالعودة الى حلول طرحت في الماضي، ولكن التاريخ لا يكرر نفسه. فالفرصة التي ضُيعت لن تعود ابدا بذات الشكل. وفرضية ايلند الاساس التي بسببها عاد الى الخيار الاردني، صحيحة جدا: ليس في اسرائيل ولا في اوساط الفلسطينيين سيتوفر في المستقبل القريب زعماء يكونون مستعدين لتنازلات متبادلة. ببساطة لا يوجد احتمال. مهما بذل الامريكيون من جهود هائلة، فان حل اقامة الدولة الفلسطينية لن يتحقق.
غير ان البديل الذي يقترحه ايلند يبدو أبعد حتى من حل اقامة الدولة الفلسطينية. في العام 1987 كان لا يزال ممكنا الحديث عن حلول مختلفة ومتنوعة من فوق رأس الفلسطينيين، لان قيادة م.ت.ف كانت تعتبر غير شرعية في الساحة الدولية، وحماس لم تكن موجودة، وكان بوسع اسرائيل أن تتسلى بالتفكير بان الزمن سيلعب في صالحها. اما اليوم، فالوضع مختلف تماما، توجد سلطة فلسطينية معترف بها في العالم، وقعت اتفاقات معها والعالم يرى فيها عنوانا وحيدا لادارة المفاوضات مع اسرائيل.
غير أن كل شيء ظاهر، السلطة الفلسطينية اضعف من اي وقت مضى؛ غزة تسيطر عليها حماس التي تعارض بشدة كل اتفاق مع اسرائيل؛ ابو مازن غير قادر على أن يقر أي قرار تاريخي بشأن ‘حق العودة’ او التسويات الاقليمية، وبالتأكيد ليس في القدس.
وبالمقابل، فان الشريك الفلسطيني هو الاخر غير مستعد، ولن يكون مستعدا حتى في المستقبل المنظور، لتنازلات تعرض للخطر وجود اسرائيل او طابعها اليهودي.
الاقتراح لضم المناطق الى اسرائيل وجعل سكان يهودا والسامرة مواطنين اسرائيليين هو اقتراح سخيف، في افضل الاحوال، وغبي في اسوأ الاحوال.
لهذه الاعتبارات وغيرها يعتقد ايلند بانه يمكن الوصول الى حل الكونفدرالية مع الاردن. هذا، لاسفي الشديد خداع وليس أكثر من ذلك. فلا الفلسطينيين في يهودا والسامرة سيوافقون على ذلك، ولا السلطة الفلسطينية، لان مجرد الموافقة هي اعتراف بحلها، وبالتأكيد ليس حماس. ولن تكون مبالغة ان قلنا ان الملك الاردني ايضا لن يقبل حل الكونفدرالية ومنح حكم ذاتي للفلسطينيين، لان المعنى هو التصفية الذاتية للسلالة الهاشمية. فاذا كان للفلسطينيين اليوم أغلبية واضحة في المملكة الاردنية، فيمكننا ان نفهم بسهولة ماذا سيحصل عندما ستضم المناطق اليها. بسبب كل هذا واسباب عديدة اخرى، لاسفنا الشديد، الخيار الاردني هو رؤية مخادعة فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

اوجه الشبه بين تركيا واسرائيل في مواجهة الاحتجاج الاجتماعي

بقلم:جدعون ليفي ـ اسطنبول،عن هآرتس

أسقطت ريح صيفية في الاسبوع الماضي واحدا من علمي تركيا الضخمين اللذين يرتفعان في ساحة تقسيم الى جانب تمثال مصطفى كمال أتاتورك. وفي الجانب الآخر من الساحة كان ما زال يجلس عشرات رجال الشرطة المسلحين في حافلات مُشبكة، وكانت خراطيم الماء ما زالت مُعدة. في مطلع الاسبوع كانت بقايا الغاز ما زالت تؤذي الحناجر، وكان زجاجون يصلحون آخر النوافذ التي هُشمت في المظاهرات. أول أمس لم يبق من كل ذلك ذِكر سوى رجال الشرطة ومتنزه غازي الذي هو سبب الاحتجاج، والذي بقي مغلقا أمام الجمهور. وعاد باعة اليانصيب يُديرون دواليب الحظ، وحاول باعة البوظة اغراء السياح، وبدأ في ‘مانغو’ بيع نهاية الموسم بأسعار مجنونة. إن اسطنبول الآسرة امتلأت بالناس، كما هي العادة دائما، وبقي من الاحتجاج في هذا الوقت الذكريات والغضب فقط.
إن نصف تركيا العلماني والمثقف والمدني غاضب على رئيس وزرائها الناجح رجب طيب اردوغان، كما لم يغضب عليه قط، فهو يكرهه ويخاف منه. في عشاء في بيت فخم على البوسفور قام أحد الضيوف أول أمس بتشخيص نفسي قال فيه، إن اردوغان انتقل من عقدة الشعور بالدونية الى الشعور بالعظمة، ومن هناك الى السوداوية، وحان الآن وقت مرحلة شعوره بالمطاردة. إن ‘نصف’ تركيا قد استُصرخ لمواجهة المس بالديمقراطية، وقسوة الشرطة واعتقالات الصحافيين، ورقابتهم الذاتية وهو في نفس الوقت يعبر بحرية مدهشة معترضا على ‘الدكتاتور’. فمن عندنا يشتكي من الرقابة الذاتية في الصحافة؟
إن الاسرائيلي الذي يُدفع الى هنا يشعر بأنه في بيته. فوجوه التشابه بين ‘الديمقراطيتين الوحيدتين في الشرق الاوسط’ كثيرة الى جانب الفروق فكلتاهما ديمقراطية هشة وجزئية. لكن الخشية على مستقبل الديمقراطية في تركيا أكبر منها في اسرائيل، وأشك في ان يكون ذلك حقا. إن مُحدثي الاحتجاج هنا يشبهون مُحدثيه في روتشيلد: فهم طلاب جامعات يحذرون أن يكونوا ‘سياسيين’، مع أهداف غامضة وغضب شديد وشعارات حماسية وفراغ كبير. إن احتجاجا اجتماعيا بلا كلمة واحدة عن حقوق الاكراد يشبه بالضبط عدم حديثهم في روتشيلد عن حقوق الفلسطينيين. بدأ الأمر في تقسيم باشجار في متنزه، وبدأ عندنا بأسعار جبن الكوتج، وفي الحالتين انتقل الاحتجاج الى أهداف أكبر كثيرا ولفظ الاثنان أنفاسهما بنفس الطريقة، بيد أن عنف الشرطة في تركيا كان أشد كثيرا. في الانتخابات التي ستُجرى هنا بعد سنتين قد ينجح أشباه ‘ستاف شبير’ و’ايتسيك شمولي’ من الاتراك في أن يُنتخبوا الى البرلمان.
إن تركيا في 2013 أكثر هياجا ووعيا من اسرائيل في 2013، وأكثر اشتغالا بمشكلاتها. إن اردوغان نبتة غريبة بالنسبة للنخب القديمة، فهو رجل بسيط محلي نجح ولن تغفر له ذلك، وهو يجري محادثات سلام شجاعة مع الاكراد، ويثير غضب الليبراليين، ويضائل قوة الجيش ويثير غضب الديمقراطيين، وهو يُنمي الاقتصاد ويثير معارضة الأغنياء. ولن يفهم الاجنبي ذلك. يتحدث مُتنورو اسطنبول عن حقوق الاكراد، كما يتحدثون في الخطاب الاسرائيلي النفاقي بالضبط عن العرب: وقد بيّن لي مقاول في القيادة العليا انه ‘يعرف’ الاكراد ‘اذا أعطيتهم إصبعا أكلوا يدك كلها’. ليتعلموا بلغتهم لكن ان تكون لهم دولة. ماذا دهاك. إن نسبة الاكراد الى عدد السكان تشبه نسبة عرب اسرائيل، لكن حالهم أفضل، فقد وجد هنا رئيس وزراء من أصل كردي والمقارنة صارخة. حينما سيصل اردوغان الى غزة هذا الاسبوع سيأتي بيدين أنقى، ففي جيبه اتفاق تاريخي مع الاكراد.
يجري في اسطنبول الآن صراع ثقافات يشبه ذاك الموجود عندنا. فـ’السود’ في مواجهة ‘البيض’، والمتدينون في مواجهة العلمانيين، والمتنورون في مواجهة الظلاميين، ويؤجج الطرفان الكراهية. إن هذه القوة الاقليمية الزاهرة تناضل من اجل هويتها مثل جارتها الزاهرة في الجنوب. ولم يُحسم الصراع الى الآن فيهما، في اسرائيل وتركيا. وقد سُجل هنا درس لاسرائيل، وهو ان تركيا يُصب عليها جام غضب النقد الاوروبي، بل القطيعة الاقتصادية بسبب معاملتها القاسية للمتظاهرين والمس بحرية التعبير، فليعلم الاسرائيليون الذين يعتقدون ان العالم كله دائما ضدنا (فقط).
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إن افضل حرب هي تلك التي تُمنع

بقلم:أمير أورن،عن هآرتس

ألقى رئيس هيئة الاركان بني غانتس في السنة الاخيرة على قائد سلاح الجو أمير إيشل عملا آخر، وهو قائد المعركة بين الحروب، وهي سلسلة عمليات بعيدة يُكشف عن أسرارها احيانا بصوت متفجر واحيانا بخطب ساسة في عروض لسلاح الجو.
ومن اجل هذه المعركة بين الحروب أُخضع لايشل ومقر عمله جهات اخرى في الجيش وليس فيه فقط بل في الموساد ايضا. وذلك بسبب التميز المتعدد الألوان للذراع الجوية القادرة على التحرك في مرونة من ساحة قتال الى اخرى، وعلى الهجوم والتصوير والقيادة والتغطية على قطع بحرية في البحار السبعة.
إن الاعتماد على سلاح الجو كبير جدا، الى حد أنه يثور سؤال هل كان يوجد داع لقرار غانتس بان يُنشئ قيادة العمق برئاسة اللواء على نحو مستقل عنه. إن الجو هو العمق، ويوجد مكان لقيادتين اذا كانت العلاقات بينهما محددة فقط، كما هي الحال بين قيادة الجبهة الشمالية وطابور لبنان. حينما تجري عملية كبيرة بعيدة عن حدود اسرائيل تكون القوات على الارض تحت مسؤولية قيادة العمق، أما سلاح الجو فيشتغل بحمايتها وبمهمات دعم؛ لكن يمكن في نفس الوقت ان يُحتاج الى عمليات عميقة اخرى ليس من الضروري ان تكون بالقرب من ذلك المكان. وستكون قيادة العمق أكثر انشغالا من أن تسيطر عليها ايضا. ولهذا سيبقى ميدان المعركة في العمق جويا في أساسه.
ضاق الطموح رغم اتساع المهمات، إن بني بيلد قائد سلاح الجو في حرب يوم الغفران والسنوات الاربع التي تلتها طلب وحصل على قدرات مستقلة وكان ذلك درسا من خيبة الآمال من عمليات سلاح الجو في 1973 اشتملت على الاستخبارات في جملة ما اشتملت عليه، من دون تعلق بتفضيلات القوات البرية. ووجه هذا النهج قادة سلاح الجو في العقود الاربعة الاخيرة، لكن إيشل الذي كان رئيس قسم التخطيط في هيئة القيادة العامة وخبيرا بخبايا الميزانية والنقص فيها أذكى من أن يزعم ان التعاون مع ‘الشاباك’ على عمليات الاغتيال المُركز مثلا، يوجب مضاعفة الاجهزة وانشاء ‘شاباك’ جوي. تكفيه الزيادة المطلوبة على أملاك التخطيط العملياتي والسيطرة والاتصال في القوات البرية.
خُصص العرض الجوي في الاسبوع الماضي لتذكر مرور اربعين سنة على حرب يوم الغفران. واحتفاء بالحدث وتدريب غولاني حضر رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان مع رشقات خطب وتوجيهات وأحاديث عن تركة المعركة لتشجيع الطوابير العسكرية وبث الرعب من الدول العربية الى ايران، وأُسمع هناك الكثير من التهديدات والتحذيرات، وشحذ سيوف يعد بأنقاض متراكمة. إن بنيامين نتنياهو الذي ردد على مسامع الجنود ان ‘المعركة هي مملكة عدم اليقين’، نسي أن يذكر أن هذا التعريف قابل للتطبيق على السياسة ايضا. وقد لا يكون من الصدفة أنه حينما يتحدث عن الذرة الايرانية، وهي أمر لا يوجد ما هو أكثر غموضا منه، يحاول أن ينشئ حتى عند الايرانيين أنفسهم انطباع ان كل شيء يقيني وواضح ومعلوم له. ويكون ذلك كالعادة غرورا غبيا بدل تواضع من يتحمل مسؤولية عن مصير أمة.
حينما تُلاقي الخطوط الحمراء الخطوط الحمراء يُسفك دم. وحينما يُلاقي ‘نُقتل ولا يمر’ ‘نُقتل ولا يمر’، نُقتل حقا، ويلقي هذا على القيادة الوطنية مسؤولية مضاعفة أن تستوضح جيدا في داخلها وعند الجمهور الذي تمثله هل الخط الذي يفضل الحرب على المصالحة يوافق عليه من يُطلب اليه من يدفع ثمنها، وكذلك العمل على مضاءلة الكلفة باجراءات عقلانية لبناء القوة واستعمالها.
إن الجيش يهتم بدروس 1973 لاحتياجاته الفنية، وليس ذلك كافيا لأنه ليس هو الذي يحدد غاية استعماله. إن الدروس الرئيسة هي وطنية وسياسية واجتماعية، وتفضل الحكومات ولا سيما الحالية المليئة بالهُواة، أن تكتمها ولا تدرسها. إن الواجب الأعلى على رئيس الوزراء ووزير الدفاع لخريجي دورة الطيران وأصحاب البنادق في غولاني وعائلاتهم أن يمنعا حربا. ولسبب ما لا نسمع أبدا أشباه بيبي وبوغي في السياسة الاسرائيلية يقولون إنهم يفهمون إنه من اجل منع حرب اخرى لا حاجة اليها يجب عليهم ان يُبعدوا السير بقدر لا يقل عن سلاح الجو في خروجه الى مهماته. إن أفضل حرب هي تلك التي تُمنع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
علامات ضعف العم سام

بقلم:البروفيسور ابراهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم

منذ أدى باراك اوباما للمرة الثانية اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة، لم يرَ بركة كبيرة في عمله، وما زالت الضربات من الداخل والخارج تصيبه بلا توقف. ففي الساحة الداخلية، وبعد ان فشل في جهوده لاقناع مجلس الشيوخ بتوسيع الرقابة على حيازة السلاح، تفجرت واحدة بعد اخرى قضايا مراقبة الصحافيين والدخول الواسع الى مخازن المعلومات، الذي بادرت اليه ادارته وسبب له حرجا كبيرا.
إن الرئيس الليبرالي الواضح على الخصوص، الذي اجتهد كثيرا ليظهر بمظهر المحارب بلا هوادة من اجل حقوق المواطن الامريكي وحرياته، تبين انه تحت صولجانه اختُرقت بلا تشويش حدود المجال الخاص. وذلك بالاعتماد على ‘قانون الوطنية’ بحسب مذهب الرئيس بوش الابن، الذي طمح اوباما الى الانقطاع عن تركته، وكأن كل ذلك لم يكن كافيا حتى جاءت كشوف ادوارد سناودن عن خطط المراقبة الواسعة النطاق لوكالة الامن القومي، وقوّت الشعور السائد بأن الولايات المتحدة عادت في نفق الزمن الى سنة 1984 والى رؤية أورويل عن الأخ الأكبر الذي لا حدود ولا قيود على طموحه الى المراقبة والتنصت.
إن المعلومات التي زود بها سناودن لم تمنح بكين وموسكو سلاحا سهلا صادقا للتشهير بواشنطن (بقضايا مثل حقوق الانسان)، كانتا تقفان معهما في موقف دفاعي، فقط، بل أغضبت ايضا حليفات تقليديات كانت هدفا للمراقبة الامريكية (والبريطانية) في أعلى المستويات ايضا. والى ذلك وتحت الطلاء الدقيق لدعاوى تقنية واجرائية لم يكن من الصعب ان نلاحظ لغة ساخرة متحدية من قبل روسيا والصين معا، تتعلق باحتجاجات البيت الابيض وشكاواه (وذلك بسبب عدم استعدادهما لتسليمه المُسرب الهارب). إن تلك اللغة تستثير من هاوية النسيان، الضعف الذي أوحى به الرئيس كارتر بسلوكه في الساحة الدولية، ولم يتضح الى الآن في هذه المرحلة كيف ستنتهي قضية سناودن، لكن يبدو ان الاشاعات عن موت العصر الامريكي القريب لم تكن سابقة لأوانها، وأن الخصوم الرئيسيين للعم سام يلاحظون ضعفا امريكيا عميقا مستمرا ويردون بحسب ذلك. إن الأخ الأكبر يتنصت ويراقب ويستمع، لكنه ما زال في واقع الامر يسلك سلوك غوليفر المقيد بالحبال.
إن الجبهة الداخلية ايضا ليست ساكنة، فاستقرار رأي المحكمة العليا على الغاء الغلاف الواقي الذي تمنحه الادارة الفيدرالية منذ 48 سنة للأقلية السوداء (وأقليات عرقية اخرى) في خمس ولايات جنوبية بغرض التحقق من حفظ حقوقهم في التصويت، ضربة اخرى مؤلمة بصورة خاصة للرئيس ولمذهبه الايديولوجي. وقد كانت هذه الحماية هي دُرة تاج التشريع الاجتماعي التقدمي الذي قاده الرئيس لندون جونسون في ستينيات القرن العشرين وطمح الى الدفع قدما بالمساواة السياسية للسود.
لا يمكن ان نرى في قرار حاسم آخر للمحكمة العليا يمهد الطريق لاعتراف كامل بزواج المثليين والافضالات المشتقة من ذلك أكثر من شعاع نور وحيد في الظلام. ولا يستطيع ان يغطي على مجموعة الاخفاقات والتقصيرات التي صاحبت الرئيس منذ انتُخب من جديد. هذا الى ان اوباما في بداية طريقه في البيت الابيض على الأقل أظهر حذرا زائدا بتناوله لهذه القضية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

ما الذي جعل الشارع المصري يغضب على مرسي وحكمه؟

بقلم:بوعز بسموت ،عن اسرائيل اليوم

لم يتخيل محمد مرسي في أكبر كوابيسه ان يحتفل بالذكرى السنوية لأدائه اليمين الرئاسية في موقع الحرس الرئاسي. يستعد ملايين المصريين الغاضبين للخروج اليوم الى الشوارع والميادين طالبين تنحية الرئيس المنتخب ويهددون حياته.
وتعود اللافتات نفسها التي رُفعت في 2011 الى الميدان. إن الشعارات هي نفس الشعارات، بيد ان اسم مرسي حل محل مبارك. وأعاد الشباب الليبراليون علم اسرائيل ايضا الى الشارع بدور العلم السيئ مرة اخرى. ومصر تغلي.
كان متوقعا ان تنتظر مصر اياما صعبة بعد الثورة. ولم يستطع مرسي ان يدرك مبلغ أهمية نظام سياسي سليم كان الجمهور يستطيع ان يجد متنفسا فيه. بيد ان مصر مرسي هي مصر مؤسسات غير مشغولة. فقد فرّقت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب في حزيران/يونيو الماضي. وتحول مجلس الشورى الى الجسم المُشرع وأُعلن في مطلع الشهر ايضا انه غير قانوني، ولا تكف سلطة القضاء والسلطة التشريعية عن الشجار وترفضان كل فكرة اجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب، والوضع الاقتصادي في اثناء ذلك يزداد سوءا فقط.
إن الوضع غير الممكن الذي توجد فيه مصر يجعل من الصعب على مرسي ان يعتمد على الديمقراطية التي أدت به الى الحكم، ولما كان المصريون لا يرون انتخابات في الأفق نقلوا النضال الى الشارع. معلوم ايضا ان للجيش والمعارضة نصيبا كبيرا من الفشل، فالجيش هو الذي حدد القواعد بعد عهد مبارك، أما المعارضة فلم تستطع ان تنشئ زعيما حقيقيا يواجه الاخوان المسلمين بنجاح.
وفي اثناء ذلك تسوء حال مصر، فانه يصعب على صندوق النقد الدولي، رغم ارادته الخيّرة، ان يمنح مصر القرض الضروري جدا، لأن ادارة مرسي لا تنجح في الثبات للشروط التي اشترطها الصندوق: فهو يطلب من الاخوان المسلمين اصلاحات بنيوية في الدولة تجعلهم ينقطعون عن قاعدة دعمهم من السكان، فليس عجبا ان تفقد مصر الائتمان.
توجه الاخوان المسلمون الى دول الخليج طالبين المساعدة، ولا يحب الشارع المصري الفخور جدا تاريخيا هذا. فقد اعتادت مصر ‘أم الدنيا’ أن تكون زعيمة العالم العربي لا متسولته. والتضخم المالي يطغى، والبطالة تزداد، ولم يعد السياح يتدفقون وأخذت الاستثمارات الاجنبية تتضاءل. وفي هذا الوضع لن يهب للمساعدة حتى أبو الهول.
وينبغي ان نضيف الى ذلك عدم الأمن الذي أخذ يقوى في مصر، فقد فقدت الشرطة منذ كانت الثورة قدرتها على الردع. وأثبتت اعمال التنكيل بأربعة من الشيعة في ضواحي القاهرة مبلغ خطر ان تكون من أقلية دينية في مصر اليوم، خاصة ان تكون شيعيا مع الأخذ في الحسبان ما يجري في سورية. ولا يساعد السلفيون ايضا الاخوان المسلمين، بالعكس: إنهم يلاحظون ضائقة مرسي ويُدبرون لوراثته معتمدين على شدة تدين الشعب المصري.

ماذا سيفعل الجيش؟

ماذا ينتظرنا الآن اذا؟ إن المعارضة تستعد منذ شهرين للمظاهرة الضخمة اليوم. وزادت خطبة مرسي يوم الاربعاء من حالة الغليان فقط. لن يتنازل، ولا يجوز ان ننسى الجيش، فقد كان الضباط هم الذين حكموا قبل ان يُنحيهم الاخوان مدة 18 شهرا بعد عهد مبارك.
وعندهم الآن فرصة للانتقام. ليس بالضرورة أن يطلبوا تنحية مرسي، لأن الوراثة أولا ليست سهلة، ولأن واشنطن ثانيا تؤيد الرئيس المنتخب وإن كانوا يسمونه مرسي. لكن الجيش يستطيع ان يضطر الرئيس الى تنازلات.
ويوجد ايضا خيار الحرب الأهلية (اذا أطلق مرسي ناسه). لكن توجد ايضا خيارات اخرى كانتخابات مبكرة أو ائتلاف حكومي جديد بمشاركة الليبراليين.
وفي هذه الاثناء يرى مبارك من زنزانته كيف تحول مرسي في أقل من سنة الى الضربة الحادية عشرة لمصر.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ



تاريخ من العنف

بقلم:أمنون لورد،عن معاريف

لا تقلقوا، فالمحللون شديدو الذكاء اكتشفوا التشبيه المناسب، ففيلم الاموات الاحياء الجديد، مكسر الصناديق ‘الحرب العالمية Z’، يرمز الى امكانية ان يكون هؤلاء الاموات الاحياء في الفيلم، هم في واقع الامر مسلمون، بل وربما عرب فلسطينيون. حتى هنا يصرخ هنا المدونون العرب. هذا فيلم مؤيد للصهيونية، كما يدعون، ويعزون حرف Z الى كلمة ZION ، صهيون.
ولكن هنا وهناك، في صدوع الاعلام في الغرب، توجد توصيفات مشابهة لما يجري في الفيلم موضع الحديث هذا: جموع اسلامية معربدة تذبح في مصر الاقلية المسيحية، في سيناريو آخذ في الانتشار في مصر التي تنهار منذ سقوط مبارك.
في سورية وصل الوباء الى حد البربرية. في كل مكان تقريبا في العالم العربي الاسلامي الارض تغلي بالدم.
مثقفون شاركوا لسنوات في المجال الدبلوماسي الشرق الاوسطي ينشرون مقالات يأس. ليس لهم تفسير لما يجري في العالم العربي. بعضهم، مثل السيد ديفيد ميلر يتجرأون منذ الان على القول ان على العرب أن يبدأوا بفحص أنفسهم. ماذا حصل لثقافتهم؟ لماذا لا يتحرك هناك أي شيء، بينما حتى في اجزاء كبرى من افريقيا يوجد حراك. ناهيك عن الثقافات الغربية، واسرائيل من بينها.
ويشير ميلر الى عدة نقاط مبدئية بدونها تنهار الثقافات بالعنف البربري داخلها ولا تنجح في الحراك: الموقف من النساء كاختبار أعلى؛ فصل الدين عن الدولة بهذا الشكل أو ذاك؛ الحرية الاقتصادية؛ سلطة قانون قوية؛ الاعتراف بحقوق الفرد وحرية التعبير. واضح بان هذه آثار تاريخية تجثم على رقاب المجتمعات العربية. ولكن هذا بعيد عن أن يكون كل القصة، في ما يبدو كانتحار جماعي بثقافة كاملة، ولا سيما ما يجري في مصر وفي سورية.
يوجد تفسير آخر لوباء العنف في العالم العربي: وقوف العالم جانبا، وفي حالات عديدة الهتاف الذي يمنحه بشكل غير مباشر لانفجارات العنف. في عالم الاعمال الامريكي يوجد مفهوم يسمى ‘مخاطرة اخلاقية’، بنيت مصلحة تجارية وفشلت، وبالتالي فعليك أن تدفع الثمن. اذا انقذتك الحكومة، فان اخلاقيات عالم الاعمال تتضرر والاقتصاد بأسره يعاني.
العرب لم يكونوا ابدا مطالبين بان يدفعوا الثمن لقاء ‘المخاطرة الاخلاقية’، لم يجبى منهم ثمن على العنف الذي نشروه، واسرائيل هي النموذج الافضل على ذلك، فعلى مدى 65 سنة يقيم الامريكيون علاقاتهم مع الدول التي توجد في مواجهة مع اسرائيل، على أساس قدرتهم على توفير البضاعة الاسرائيلية، الروس يعطونكم السلاح، ولكن نحن يمكننا أن نعطيكم قطعة ارض مهتزة، نظيفة من الاسرائيليين.
هذه ليست تقاليد بدأت بعد الايام الستة، بل منذ المفاوضات على انهاء حرب الاستقلال. الفلسطينيون، بمبادرة أسيادهم، بدأوا وباء الارهاب الدولي. وقد حظوا بعطف المثقفين وبوابل من التفاهمات والاتفاقات السرية مع حكومات اوروبا، وحتى الولايات المتحدة وثقت علاقاتها الخفية عن العيان مع م.ت.ف في أعقاب حرب يوم الغفران.
لقد عودت الاسرة الدولية، ولا سيما الامم المتحدة العرب على أن وباء العنف لديهم هو جزء لا يتجزأ من اللعبة المشروعة للدبلوماسية الدولية، فقد تأسست الامم المتحدة من أجل الحفاظ على السلام، ولكن عندما تخرج الى الشارع المقدسي فانك كفيل بان ترى بوسترا ينشر العرض المعروف ‘يوميات ريتشل كوري’، وفي أعلاه رموز وزارة الثقافة وبلدية القدس.
من يشجع الارهاب ضد اسرائيل والدول الغربية، في نهاية المطاف يدفع الفلسطينيين، السوريين، المصريين، العراقيين وباقي الشعوب العربية الى عالم الصمت، من دون قانون، يقف أفراد الشرطة المصريون جانبا، في الوقت الذي يحرق فيه المسلمون جثث مسيحيين، وسوريون يقتلون بعضهم بعضا، وفي لندن يقطعون رأس جندي. فهل المسرحية التالية على مسارح لندن ستكون ‘حياة وموت الطبال لي ريغبي’؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ






صدقني يا مرسي نحن لا صلة لنا

بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

قبل سنة بالضبط انتُخب ‘الأخ’ محمد مرسي لحكم مصر وأقسم أن يكون رئيس الجميع، وأعدت له المعارضة ‘مقياس مرسي’، وهو مقياس أداء في مجالات الحياة الساخنة للمواطن الصغير، واتجهوا الى حماية البيئة والبنى التحتية والعمل للعاطلين، وحرية التعبير، ومساواة حقوق النساء، والعيش بكرامة في الأساس. ولم يلمسوا على عمد السياسة العالية ولم يثيروا مطالب تتعلق بشؤون الجيش والأمن.
ومر شهر ومر ثلاثة، وحصل مرسي من المعارضة على صفر مربع. فلم يكن هناك فقط سلوك هاوٍ، بل دعاوى على تفضيلات ‘الأخ الأكبر’، الذي يجلس في القصر ويوجه المقربين منه الى مناصب رئيسة، ويُظهر بغضا للعلمانيين، ويضطهد وسائل الاعلام ويوصي النساء بالانطواء في اماكنهن ‘الأكثر طبيعية’، أي في البيت كي لا يتعرضن لتحرشات.
ومقابل ذلك دخل الاقتصاد المصري في ازمة عميقة، وأصبح فرع السياحة يحتضر، وهرب المستثمرون الاجانب. وتسقط البورصة والجنيه المصري في كل مرة يملأ فيها آلاف الميادين. ويعيش 10 ملايين قبطي في مصر في خوف قاتل. فمن استطاع ان يسمح لنفسه حزم حقائبه وسافر. والمصانع تنهار لثقل الاضرابات، ولا يكاد يوجد تصدير ولا يوجد ما يُدفع عن بضائع اختفت من السوق. وأحدث الغضب وخيبة الآمال ظاهرة الـ’بلاك بلوك’، وهم شباب لا يشعرون بالراحة يستعملون بلطجية لتسخين التمرد على القصر الرئاسي.
لا يوجد رجال شرطة في شوارع مصر. ويقول صديق من القاهرة وهو رجل اعمال ثري، إنه لا يأمن على نفسه لذا لا يتمكن من زيارة مصانعه في الاسكندرية. ويكمن ناهبون في وسط الشارع يصادرون السيارات ويُبعدون السائق ويسرقون حراسه الشخصيين، بل إن سفرا بريئا من المطار الدولي أصبح مغامرة خطيرة، فاما أن تصل في سلام وإما ان يخطفوك عوض فدية. وينقل الجيش دبابات للدفاع عن قصر الرئاسة ومكاتب الحكومة.
قُبيل الذكرى السنوية لحكم الاخوان تبدو مصر الممزقة بين العلمانيين وذوي اللحى كأنها قبل الحرب بلحظة. إن المتظاهرين ينشدون في الميادين أناشيد معادية لمرسي، وليس عند مرسي ومستشاريه أوهام، فهناك حركة ‘تمرد’ الجديدة التي تزيد على مليون شاب ليس لهم ما يخسرونه، وقد حصلت على 22 مليون توقيع تدعوه الى التنحي في أسرع وقت ممكن. من سيحل محل مرسي؟ يريدون الجيش لكن الجيش يجلس على الجدار، الى الآن.
في ليلة الاربعاء شاهدت خطبة الرئيس التي كانت ترمي الى خفض اللهب. وقد خطب مرسي ساعتين ونصف الساعة بلغة عربية ركيكة، وفي غرور مستبد مقطوع عن الواقع. وصفى الحساب مع ‘الفلول’ من حكم مبارك وندد بـ’الأفاعي’ في جماعة الأعمال، وهاجم خصمه الذي خسر في سباق الرئاسة احمد شفيق، وصفى الحساب مع وسائل الاعلام. إن أرخص شيء هو الهجوم على وسائل الاعلام.
حينما يجد الرئيس وقتا ليخاصم أرباب التلفاز يصبحون في ضائقة، لكن المهاجِم يخسر. بعد أن فشلت محاولة طرح نجم الاعلام باسم يوسف في السجن اتجهت يدا مرسي العصبيتان الى رب عمله، فقالوا إنه لم يدفع ضرائب وأخذوا جواز السفر منه وأصبحت القناة في خطر الاغلاق.
إن العصبية في القصر انشأت قضية ساخنة تتحدث عن جواسيس من الموساد، وجندوا متظاهرين لشتمنا ولاحراق علم اسرائيل. صدقني يا مرسي اننا لا صلة لنا. إن عملاء الموساد والعلم الممزق لن يُرتبوا لك الامور. تُجدد القدس مثل واشنطن التحذير من السفر الى مصر. لا يوصى بعدم المجيء الى سيناء فقط، بل بعدم المجيء الى شوارع القاهرة والاسكندرية المشتعلة. ويكمن الكابوس الأكبر على الخصوص في الاتجاه المعاكس: ماذا سنفعل اذا جاء مليون من يائسي مرسي العاطلين عن العمل والجياع الى حدود طابا؟ وماذا سنفعل في مواجهة مليون مهاجر عمل مصري سيتوسلون أو يهددون كي نفتح لهم الأبواب؟ هل يفكر أحد ما عندنا كيف نواجه هذا السيناريو؟

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ