Haneen
2013-07-07, 09:40 AM
اقلام واراء عربي 442
6/7/2013
في هذا الملف
حماس في عين العاصفة
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
حاخامات إسرائيل
برهوم جرايسي/الغد الأردنية
اغلاق معبر رفح للمرة الالف!
رأي القدس العربي
المصالحة وأشياء أخرى
عمرو خفاجى/الشروق المصرية
الاسلاميون عائدون في مصر وسحر الانقلاب ينقلب فوضى
عبد الباري عطوان/القدس العربي
بعد نكسة 30 يونيو.. ماذا يَنتظر قيادة «الإخوان» بمصر.. إقالة أم استقالة؟
جمال خاشقجي /الحياة اللندنية
ظل المرشد وظل الجنرال
غسان شربل/ الحياة اللندنية
الولايات المتحدة وإرادة الشعوب
عبد العزيز المقالح/الخليج الإماراتية
الكبار يأكلون السُّلطة.. والأبرياء يدفعون الثمن
أكرم القصاص/اليوم السابع
قراءة في مستجدات الأزمة السورية
د. صالح لافي المعايطة/الرأي الأردنية
حماس في عين العاصفة
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
بعد طهران ودمشق والضاحية الجنوبية، أصبحت القاهرة والدوحة وأنقرة، هي العواصم الثلاث التي تتشكل منها دائرة تحالفات حركة حماس وشبكة أمانها ... كل واحدة من تلك العواصم، ضربها زلزال سياسي، تختلف شدّته على مقياس حماس، بيد أن تداعياته وارتداداته، ستترك أثراً بالغاً على راهن الحركة ومستقبلها، سيما أن الحركة، حرقت -إلى حد كبير- سفنها مع حلفاء الأمس، ولم تبق على كثيرٍ من جسور الثقة والتواصل معها.
الضربة الأكبر لحماس، تتجلى في سقوط حكم مرسي والإخوان في القاهرة، لا للبعد (الحبل السري) بين حماس والجماعة الأم في القاهرة فحسب، بل لأن مصر هي مفتاح غزة وحدودها البرية الوحيدة مع العالم العربي، وفوق هذا وذاك، فإن مشاعر غير طيبة، تجتاح “النظام المصري الجديد”، نظام ما بعد مرسي، حيال الحركة ... ولقد سمعنا من مصادر مصرية، معلومات تتحدث عن توترات و”اتهامات” للحركة بالانحياز العملي لإخوان مصر (وليس الانحياز الإيديولوجي أو السياسي فقط)، والزيارة الأخيرة لقيادة حماس للقاهرة، وخروجها على عجل من “انتركونتننتال ستي ستار” على وقع التظاهرات الغاضبة من الحركة، تشي بأن مستقبلاً صعباً ينتظر العلاقة بين الحركة والقاهرة.
وتأتي الحملات الإعلامية ضد حماس، وطوفان المعلومات الصحيحة حيناً والكاذبة غالباً عن تورط الحركة في عمليات إخلال بالأمن المصري الداخلي، بدءاً من سيناء وصولاً للقاهرة ووادي النطرون، لتزيد الطين بلّة، وتدخل العلاقة بين مصر والحركة في مأزق مركب، ومن بوابة الأمن هذه المرة، وليس من بوابة الخلافات السياسية والإيديولوجية ... والخلاصة، أن موقع مصر في حسابات حماس ومن منظورها، قد استدار بزاوية 180 درجة خلال عام واحد... من حالة التحالف والاحتضان والرهان الاستراتيجي، إلى مصدر للقلق والتحسب، وربما الضغوط والمضايقات.
الضربة (الخسارة) الثانية لحماس، إنما تأتيها من مأمنها وملاذ قيادتها في الدوحة ... وقد لا يمر وقت طويل، قبل أن تتضح طبيعة التغييرات التي سيدخلها الأمير الجديد للإمارة الخليجية على سياستها الخارجية، وسط مؤشرات أولية دالّة على أن الأمير الشاب، سيولي اهتماماً أكبر بشؤون بلاده الداخلية، وسينضبط بشكل أعلى بالسياسات الخليجية التي تحدد سقفها وإيقاعاتها، الرياض وليس الدوحة، وأنه سيجنح لمقاربات أكثر واقعية في السياسة الخارجية، محاولاً تفادي مغامرات عمّه ومجازفات أبيه من قبله ... وهذا سينعكس بقدر لا نستطيع التنبؤ بحجمه على علاقة قطر بحماس، التي أعطت الحركة في الخارج وفي غزة، زخماً إضافياً، عوّضها جزئياً، خسارة الدعم الإيران والمأوى الدمشقي والخبرات غير المحدودة لحزب الله.
الضربة الثالثة لحماس، جاءتها من أنقرة، التي انكفأت كلاعب إقليمي بعد أن طاشت حساباتها في سوريا، وتأزمت علاقتها في العراق، وفقدت حليفاً في القاهرة، وتأزمت علاقاتها بإيران، وتثير ريبة موسكو ... هذه المرة، تنفجر كرة الغضب في وجه أردوغان والعدالة والتنمية في “تقسيم”، وتداهمه الاحتجاجات في ديار بكر قبل أن يفرغ من وضع المسألة الكردية على سكة الحل النهائي، وتقفز إلى سطح السياسة الداخلية التركية على نحو غير مسبوق ولا منتظر: المسألة العلوية ... وتتراجع صورة السلطان أردوغان، وتذوي آماله بالانتقال إلى رئاسة الجمهورية بصلاحيات كاملة، بعد أن شارف على إتمام ولاية ثالثة وأخيرة في منصبه كرئيس للوزراء ... تركيا المشغولة بمشاكلها الداخلية، باتت كالمنبتّ، فلا هي قطفت ثمار ربيع عربي ما زال يبحث لنفسه عن وجهة ومآل، ولا هي سرّعت خطوات انضمامها للاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن تكون حماس في صدارة المتضررين من انكفاء دور أنقرة شرقاً وجنوباً، والمؤكد أنها ستتأثر سلباً للغاية، إن ظل الخط البياني لأردوغان والعدالة في هبوط كما تشير لذلك دلائل عديدة.
وضع حماس عربياً وإقليميا، لا تُحسد عليه أبداً ... فما أن كادت تستكمل مسار تموضعها في المحور التركي – المصري– القطري، حتى عصفت بهذا المحور رياح التغييرات والاضطرابات والتراجعات والانكفاءات، متعددة المستويات والأشكال ... وهيهات أن تقدر الحركة على استعادة زخم ومناخات علاقاتها القديمة بمحور طهران – دمشق – الضاحية، حتى وإن وجدت بعض الأبواب المفتوحة لزيارات وموفدين من قبلها إلى مراكز هذه الأطراف، فما انكسر في عام واحد، سيحتاج لسنوات طوال لإعادة جبره.
والخلاصة أن ليس لحماس، بعد انكشاف المظلة العربية والإقليمية من فوق رأسها، سوى المظلة الوطنية الفلسطينية، مظلة المصالحة والوحدة الوطنية، ليس لحماس سوى أن تنتقل سياسياً إلى “الداخل” بعد عامين ونصف العام، من التحليق على أجنحة “القوس السنّي/الإخواني”، وما يمكن أن يأتي به “الربيع الإسلامي” ... ليس لحماس سوى تسريع مسارات المراجعة والمصالحة والتقييم والتقويم، بعد أن تبدد سراب الرهانات والانتظارات التي لا طائل من ورائها.
والحقيقة أن المطلوب من حماس أبعد من مجرد استئناف التفاوض والحوار على المصالحة وشروطها ... المطلوب من الحركة وقفة مراجعة شاملة لأدائها ومواقفها في السنوات الأخيرة، مطلوب منها مراجعة سنوات حكمها السبع في غزة، من “الانقلاب/الحسم”، وحتى يومنا هذا ... وكجزء من الحركة الإخوانية العالمية، مطلوب منها مراجعة فكرية أعمق وأشمل، حتى لا تكرر في علاقاتها وتحالفاتها الفلسطينية، ما فعلته الحركة الأم في عامها الأول والأخير في السلطة.
حاخامات إسرائيل
برهوم جرايسي/الغد الأردنية
يدور جدل في إسرائيل هذه الأيام حول هوية الحاخامين الأكبرين لليهود الأشكناز (الغربيين) والسفارديم (الشرقيين)، اللذين سينتخبان من قبل مجلس انتخابي سياسي بالأساس، تشكله الحكومة لهذا الغرض. لكن اللافت هذه الأيام أيضا أن أبرز الأسماء المقترحة تأتي من مجموعة أكثر الحاخامات تطرفا، ومنهم من هو متورط بدعوات إرهابية. صحيح أنه ليس للمؤسسة الدينية العليا أي دور سياسي في إسرائيل، لكن ما يجري اليوم يعكس الأجواء المتطرفة التي باتت تسيطر بشكل شبه كلي على المؤسسة الحاكمة، ولم يعد هناك أي حرج من المواقف والسياسات الأشد عنصرية، أو حتى محاولة التستر عليها.
وتقول سلسلة من التقارير إن حزب المستوطنين "البيت اليهودي"، يضغط من أجل انتخاب حاخام مدينة صفد شموئيل إلياهو، ليكون حاخام اليهود "الأشكناز" للفترة المقبلة. وقد قاد إلياهو في السنوات الأخيرة سلسلة من أشد الفتاوى عنصرية ضد فلسطينيي 48، مثل فتوى تحرّم تأجير البيوت للعرب، وخاصة في صفد، المدينة الفلسطينية المهجّرة التي "يقيم" فيها حاليا عشرات الطلبة العرب الذين يتلقون تعليمهم في الكلية الأكاديمية في المدينة؛ وفتوى أخرى تمنع تشغيل العرب، وغيرها من الفتاوى التي كانت فاتحة لسلسلة من الاعتداءات الارهابية ضد الفلسطينيين في السنوات الأخيرة.
وفي كل مرّة، كانت فتاوى هذا الحاخام الإرهابي تتحول إلى حملة عنصرية واسعة النطاق، ينضم إليها عشرات الحاخامات، ليتبع ذلك حملة تضامن من قطعان المستوطنين واليمين المتطرف مع حاخاماتهم، لمجرد الإعلان عن النية بإجراء تحقيق قضائي مع بعضهم، رغم أنه في نهاية المطاف أغلقت النيابة الإسرائيلية ملفات التحقيق بزعم أن الفتاوى دينية.
وقبل إلياهو هذا، كان المستوطنون قد تداولوا اسم حاخام إرهابي أشد، هو حاخام مستوطنة "كريات أربع" يوسيف أليتسور، مؤلف كتاب "شريعة الملك"، والذي يطرح فيه سلسلة من الفتاوى التي تجيز قتل من هم ليسوا يهودا؛ "الأغراب"، بمعنى العرب، حتى وإن كان الحديث عن أطفال، "لكونهم سيكبرون مستقبلا"، كما جاء في ذلك الكتاب الذي منعته إسرائيل شكليا، كضريبة كلامية، إلا أنه يوزع وينتشر بكثرة في أوساط اليمين المتطرف والإرهابي.
حتى إن ساد الاعتقاد بأن مظاهر العنصرية لدى اليهود الشرقيين تأتي بدرجة أخف نسبيا من اليهود الغربيين، فإن ترشيحاتهم الأبرز اليوم جاءت لحاخامهم لتسد "الفجوة" القائمة. إذ يجري الحديث الآن عن الحاخام أبراهام يوسيف، نجل الحاخام الأكبر الأسبق عوفاديا يوسيف، الزعيم الروحي لحركة "شاس" التي تسيطر على نحو 10 % من مقاعد البرلمان. ويحظى يوسيف الابن بشعبية واسعة بين أشد عصابات المستوطنين تطرفا، وهو "لا يبخل" بالفتاوى العنصرية التي لا تطال فلسطينيي 48 وحدهم، بل هي أيضا موجهة ضد المرأة، وحتى ضد جهاز القضاء الإسرائيلي.
واللافت أيضا فيما يدور حاليا في إسرائيل، هو أن الأصوات المعارضة لهذه الترشيحات هي أصوات تقليدية من اليسار الصهيوني أساسا، يخفّ وزنها من حين إلى آخر في الحلبة السياسية في إسرائيل، أمام تنامي قوة اليمين المتطرف. ففي سنوات خلت، كنا نجد حتى داخل معسكر اليمين من يظهر بمظهر "الاعتدال"، أو بلغة واقع الأمر و"يعرف كيف يلعب اللعبة". ولكن اليوم حتى هذه الأصوات تلاشت، ولم يعد لها حضور، وباتت العنصرية المتطرفة أكثر وضوحا، وبلغة أصح: أكثر وقاحة، أمام غياب جهاز رادع، رغم القوانين التي سنتها إسرائيل من قبل، وبما يثبت أنها قوانين للاستهلاك الإعلامي الخارجي، ولمحاولة تلطيف أكثر كتب القوانين عنصرية، التي شهدها العالم في القرنين الماضي والحالي.
ليس من الواضح من سيتم انتخابهما في نهاية المطاف، ولكن ظهور هذه الأسماء على رأس قائمة المرشحين، من قبل الأحزاب المتنفذة في سدة الحكم في اسرائيل، والسعي إلى فوزها، يُثبت مجددا أي حُكم يسود الآن في إسرائيل. وإذا كان هذا في مؤسسة دينية ليست سياسية، فكيف هي الحال في المؤسسات والأجهزة الأكثر حساسية وتسلطا على مقاليد الحكم؟
اغلاق معبر رفح للمرة الالف!
رأي القدس العربي
اغلقت السلطات المصرية كليا معبر رفح البري الذي يعتبر البوابة الرئيسية والوحيدة لمليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة الى العالم الخارجي، وواصلت قوات الامن المصرية الدفع بتعزيزات اضافية على الحدود مع غزة في تواز مع عمليات تدمير للانفاق.
السبب المباشر لهذه الاجراءات هو تعرض ثكنات ومراكز للجيش المصري الى هجمات من قبل جماعات متشددة ادت الى مقتل جندي واصابة آخرين، لكن هذه الهجمات نفذها مصريون، فما ذنب ابناء القطاع في هذه الحالة؟
العاصمة المصرية القاهرة تشهد ومنذ اسبوع مظاهرات صاخبة واشتباكات بين المتظاهرين ادت الى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، ولكن السلطات المصرية لم تغلق مطار القاهرة في وجه القادمين والمغادرين، كما انها لم تغلق معابر مصر الحدودية مع ليبيا والسودان وحتى معبر طابا مع اسرائيل، فلماذا يتم اغلاق معبر رفح بالذات من دون كل هذه المعابر؟
ليست هذه المرة الاولى التي نطرح فيها مثل هذا السؤال، فقد اقدمت جميع الحكومات المصرية دون استثناء على هذه الخطوة، اي خطوة الاغلاق للمعبر، فعلها حكم الرئيس حسني مبارك، وفعلتها المخابرات المصرية اثناء حكم الاخوان، وها هو حكم الجيش يفعلها بدوره وممنوع على الفلسطينيين الاحتجاج، وممنوع على المجتمع الدولي التدخل.
اغلاق المعبر يعني منع مئات المعتمرين من الذهاب الى مكة المكرمة لاداء فريضة العمرة، وكذلك العديد من زوار القطاع الذين ذهبوا اليه لزيارة اهلهم، وبات لزاما عليهم العودة الى اماكن عملهم. ولا ننسى العشرات وربما المئات من المرضى الذين يريدون الذهاب الى مصر من اجل العلاج حيث تعاني مستشفيات القطاع من قلة الادوية والكفاءات الطبية المتخصصة.
نعلم جيدا ان السلطات المصرية في زمن الانقلاب العسكري الاخير، تخشى من تسرب اسلحة او متعاطفين مع نظام مرسي المطاح به الى القاهرة او حتى الى محافظة سيناء، ولكن كيف يمكن ان يتم تهريب الاسلحة والمتعاطفين وجميع انفاق القطاع الحدودية مدمرة، وكيف يمكن ان يمر هؤلاء عبر معبر تسيطر عليه المخابرات المصرية التي تعرف كل صغيرة وكبيرة في القطاع؟
نتفهم المخاوف الامنية المصرية، ولكننا نتفهم في الوقت نفسه احتياجات القطاع الضرورية من سلع ومواد تموينية ومحروقات والاهم من كل ذلك الطبابة والعلاج للمرضى وما اكثرهم في القطاع.
العامل الانساني يجب ان يوضع في عين الاعتبار، ولا بد من وجود استثناءات للمرضى وللمضطرين للسفر على الاقل اليس كذلك يا فريق عبد الفتاح السيسي؟
المصالحة وأشياء أخرى
عمرو خفاجى/الشروق المصرية
ليس من السهل فى هذه اللحظات، فهم كامل ما جرى خلال الأيام الماضية، وبالتالى يبقى من الصعب فهم ما سيحدث فى قادم الأيام، لذا، فى مثل هذه اللحظات لا نملك سوى عرض ما نراه لازما وضروريا لصناعة مستقبل أفضل مما كنا فيه، وأعتقد أنه لا يوجد خلاف على ضرورة البدء فورا وبجدية فى مصالحة وطنية حقيقية بين جميع القوى المتواجدة على الساحة المصرية، ومنح الكافة الأمان، حتى تعود اللحظات البديعة المدهشة التى عاشتها مصر ليلة الحادى عشر من فبراير ٢٠١١، لأنه وباختصار شديد لم يعد ممكنا الاستمرار فى حالات الخصومة بين قوى أساسية فاعلة فى الحياة السياسية المصرية، فى ظل فهم خالص أن هناك شعبا ثار مجددا له طلبات واضحة لم تتحقق حتى الآن، ولا بديل إلا بتحقيقها أو على الأقل البدء فى تحقيقها.
مخطئ من يتصور، أن المشهد الذى كان معقدا بات سهلا وبسيطا، وأنه تم فكه، وبالتالى يسهل تركيبه من جديد، بل على العكس تماما نحن أمام مشهد بات أكثر تعقيدا وصعوبة، خصوصا فى ظل دخول متغيرات جديدة بقرارات أمس الأول، وبالتالى صار لازما على الجميع التفكير فى كيفية إعادة صياغة هذا المشهد بهدوء ومن دون تشنجات أو قرارات ثأرية، تحت دعاوى ثورية، لأننا لن نخرج مما نحن فيه إلا بالتوافق، وهذا ما كنا ننصح به من كانوا فى الحكم بالأمس القريب، ورغم الشعور بابتذال الكلمة من كثرة ترديدها، إلا أنها الحقيقة الواضحة الحاكمة برشادة فى أى فترات انتقالية.
فى المقابل، يجب أن تكون الرؤية واضحة لمن تألم مما حدث، وعليه أولا فهم ما حدث، ومراجعة كافة أخطائه، قبل أن يتخذ قرارات تحركاته فى الفترة المقبلة، وما أراه مخلصا أن هناك العديد من القوى السياسية عليها التخلص من قيادتها التى فشلت فى إدارة أمور تنظيماتها، وترك الفرصة لإجيال جديدة ليست لها ثأرات أو خصومات مع الماضى، أجيال تفهم اللحظة وتنطلق عبر عصر جديد متمسكة بكل أفكارها وقيمها، لكن فى إطار واضح من المشاركة والتوافق، والحرص على كافة قيم العصر والحداثة.
إن العالم من حولنا يتقدم، ويتأهل لاستقبال كل مستجداته، بينما نحن منذ عامين ونصف العام نقف عند لحظة صراع بائسة تشتبك مع الماضى بدلا من البحث عن المستقبل، نزيد من رقعة صراع الحاضر، بعيدا عن حل مشكلات الجماهير وتلبية رغباتها، وهذا ما فعلته جماعة الإخوان، انشغلت عن مصالح الناس بصراعات حقيقية ووهمية، وطاردت مؤامرات حقيقية ووهمية، فانحرفت عن المسار الذى كان يجب أن تسلكه، فهلكت وهلكنا معها، لذا نحن نشير من البداية إلى ضرورة العمل الجاد من أجل الذين نتحدث عنهم طوال الوقت ولا نعمل من أجلهم ولو للحظة واحدة.
وليس من نافلة القول أن نكرر لمن هم فى مقدمة المشهد الآن، أن فى هذه البلاد (من نتحدث عنهم كثيرا ونعمل من أجلهم قليلا) جائعا يجب إطعامه، ومريضا يستوجب علاجه، وعاطلا لا بد من تشغيله، وغير متعلم واجب تعليمه، وكلها أمور يجب عدم الانتظار عليها بل النظر فيها والعمل على تحقيقها كحق لهم لا إحسان عليهم، وبعد ذلك اذهبوا وابحثوا أمور الحكم والسياسة دون أن تنسوا أبدا أن السيادة والشرعية والقوة أصبحت للشعب.
الاسلاميون عائدون في مصر وسحر الانقلاب ينقلب فوضى
عبد الباري عطوان/القدس العربي
أساء الفريق الاول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة، ومعه جميع قادة جبهة الانقاذ المعارضة، تقدير قوة التيار الاسلامي بقيادة حركة الاخوان المسلمين، عندما اقدم على قيادة الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ووضعه رهن الاعتقال.
المشكلة ان مصر هي التي ستدفع ثمن سوء التقدير هذا من استقرارها ودماء ابنائها، ووحدتها الوطنية، وهذه كارثة بكل المقاييس.
الرئيس مرسي ارتكب اخطاء اثناء فترة حكمه القصيرة (عام واحد فقط)، ولكن هذه الاخطاء، مهما كبرت، كانت صغيرة، مقارنة مع أخطاء المؤسسة العسكرية وانقلابها الذي يمكن ان يقود البلاد الى حمام دم قد يحصد حياة المئات وربما الآلاف.
بالأمس نزل مئات الآلاف من انصار التيار الاسلامي الى الميادين في مختلف محافظات مصر مطالبين بعودة رئيسهم، والتهديد باللجوء الى العنف اذا لم يتحقق طلبهم هذا، وهم، او بعضهم، يقول ويفعل، وشاهدنا ذلك بوضوح في افغانستان والعراق وسورية وليبيا واليمن.
نعم قوات الجيش تملك الاسلحة والدبابات والطائرات العمودية، ولكن ماذا بإمكانها ان تفعل في مواجهة هذه الجموع الغاضبة، هل ستقتل مئة، مئتين، الفين، عشرة آلاف؟
ولماذا، لأنهم يتظاهرون لاسترجاع سلطة وصلوا اليها عبر صناديق الاقتراع وفي انتخابات حرة نزيهة؟
هذا الغرب المنافق الذي ظل على مدى مئة عام يحاضر علينا حول الديمقراطية وقيمها، ويتغنى بالديمقراطية الاسرائيلية، لماذا يقف صامتا امام هذا الانقلاب على الديمقراطية وحكم صناديق الاقتراع؟
هل لان الفائز في هذه الديمقراطية هو من انصار التيار الاسلامي، وهل هم مع الديمقراطية في بلادنا التي تأتي بأحزاب وفق مقاساتهم، وتطبق سياساتهم ومشاريعهم في الهيمنة في المنطقة؟
امريكا سقطت.. الاتحاد الاوروبي سقط.. وكل المقولات الليبرالية التي تدعي التمسك بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة سقطت ايضا، وبات واضحا ان الليبرالي في مفهوم الغرب هو الذي يتخلى عن عقيدته وقيمه ومبادئه، ويتبنى المبادئ الغربية التي تضعها واشنطن ومحافظوها الجدد.
فوجئت بالدكتور محمد البرادعي احد منتوجات هذه الليبرالية الغربية ودعاتها يكشف في حديث لصحيفة ‘نيويورك تايمز′ انه اتصل بجون كيري وزير الخارجية الامريكي، وكاثرين اشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي من اجل تأييد الانقلاب العسكري، الذي كان احد ابرز المتآمرين للاعداد له. وفوجئت اكثر ان هذا الليبرالي يؤيد اغلاق ست قنوات تلفزيونية متعاطفة مع التيار الاسلامي.
انصار ‘الديمقراطية’ وحكم صناديق الاقتراع، ولا نقول انصار التيار الاسلامي، يتدفقون بالآلاف الى ميادين المدن والقرى والنجوع لكي يطالبوا بعودة الرئيس المنتخب، ويعبروا عن استعدادهم للشهادة من اجل هذا الهدف.
كنا نتوقع ان يتدخل الجيش المصري لنصرة الشرعية الديمقراطية لا من اجل سحقها، واعتقال رموزها، والانحياز لصناديق الاقتراع، لا لدعم من يريدون اسقاط هذه الشرعية من خلال التظاهر وشاشات التلفزة.
الانقلاب العسكري سيؤدي حتما الى خدمة الجماعات المتطرفة داخل التيار الاسلامي وحركة الاخوان بالذات، وسيؤكد مقولة تنظيم ‘القاعدة’ والجماعات الاخرى التي ترفض الديمقراطية وتعتبرها ‘بدعة غربية’، وتطالب بالاحتكام الى السلاح وليس الى صناديق الاقتراع لإقامة دولة اسلامية تكون نواة لدولة الخلافة.
المعتدلون في التيار الاسلامي وحركة الاخوان المسلمين سيكونون هم الضحية، لان صوتهم لن يكون مسموعا في اوساط القواعد الشعبية، لان جنوحهم للاعتدال، وتبنيهم للخيار السلمي ونبذ العنف اثبت عدم جدواه بعد الانقلاب العسكري الحالي، الذي نرى ارهاصاته في تنصيب رئيس غير منتخب، وحل مجلس الشورى، واعلان الاحكام العرفية، وشنّ حملة اعتقالات دون اي مسوغات قانونية، وتحت اتهامات واهية.
ما هي التهمة التي سيحاكم على اساسها الرئيس محمد مرسي، وما هي الجريمة التي ارتكبها حتى يتم اعتقاله مثل اي مجرم؟ فالرجل لم يقتل بعوضة ولم يسرق جنيها واحدا، ولم يعين اقاربه في اي منصب، والغالبية العظمى من ضحايا الصدامات امام قصر الاتحادية وفي ميدان رابعة العدوية من انصاره.
شخصيا قابلت الرجل لأكثر من ثلاثة ارباع الساعة، ولم اسمع منه غير لغة التسامح مع الآخر، والحرص على حقن الدماء، والتركيز على كيفية اعادة الكرامة لمصر وشعبها، واحياء صناعتها الوطنية الثقيلة، وانعاش قطاعها الزراعي، بالانحياز الى الفلاحين البسطاء ملح الارض.
من سيصدق الحكم العسكري الذي يدير شؤون مصر حاليا عندما يتحدث عن الديمقراطية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد ان اهانوا الرئيس المنتخب وحلوا مجلس الشورى المنتخب ايضا؟ ومن سيذهب الى صناديق الاقتراع بعد هذه الخطيئة الكبرى؟
نختلف مع حركة الاخوان في الكثير من طروحاتها، وكنا نتمنى لو انها انحازت الى قضية العرب المركزية، ودشنت عهدها في السلطة بطرد السفير الاسرائيلي واغلاق سفارته في القاهرة، ولكن هذا لا يمكن ان يدفعنا للوقوف ضدها، او التشكيك في شرعية رئيسها المنتخب، حيث قلنا وكررنا اكثر من مرة ان عليه ان يكمل مدة حكمه، وان على من يريد اسقاطه ان يذهب الى صناديق الاقتراع.
نخشى على مصر وشعبها الطيب من الحرب الاهلية، نخشى على الفقراء وهم الاغلبية الساحقة من الجوع والحرمان وعدم ايجاد لقمة العيش لاطعام اطفالهم، ولكننا على ثقة بأن هؤلاء لن يقبلوا مطلقا ليبرالية كاذبة مزورة مضللة تقود، بل تمهد الطريق، لانقلاب عسكري يؤدي الى تعميق الانقسام ودفع البلاد الى الحرب الاهلية حتى يصلوا الى الحكم على ظهور الدبابات، وليس من خلال صناديق الاقتراع.
بعد نكسة 30 يونيو.. ماذا يَنتظر قيادة «الإخوان» بمصر.. إقالة أم استقالة؟
جمال خاشقجي /الحياة اللندنية
يفترض أن حملة الاعتقالات التي يشنها «النظام الجديد» بمصر على «الإخوان المسلمين» ما هي إلا موقتة فرضتها ظروف الانقلاب والخشية من أن ينظم «الإخوان» أو أنصارهم مقاومة له تفتح باباً لفتنة لا يريدها أحد، ذلك أن مثل هذه العلاقات تتنافى مع روح الثورة الأولى (25 يناير) التي قيل إن الثورة الثانية (30 يونيو) جاءت لتصحيح مسارها.
ويفترض أيضاً أن تتعافى القوى المدنية من نشوة الانتقام وتعود إلى مبادئها فترفض اعتقال خصومها من «الإخوان»، وقمع الحريات الإعلامية ونزعة الإقصاء المتنامية في الإعلام المصري، فتدعم المصالحة الوطنية ومشاركة الجميع في بناء مصر جديدة بعد السقوط السريع للجمهورية الثانية.
ويفترض أيضاً أن يتوقف «الإخوان» عن تسيير التظاهرات تحت راية «إعادة الشرعية»، والاكتفاء بالرسالة التي بعثوا بها، وهي أنهم ضحوا وماتوا من أجل مبادئ الديموقراطية وسيادة الشعب، فهم يعلمون (أو يفترض ذلك) أنهم سيعجزون عن إسقاط النظام الجديد الهجين والمختلط بين عسكر ومدنيين ويتمتع بمباركة الدولة العميقة (نظام مبارك) وقوى إقليمية، فالتظاهرات الحاشدة التي أسقطتهم سمح لها وشجعت وموّلت من دولة عميقة وقوى خارجية وإعلام متواطئ ضدهم، أما تظاهراتهم فهي تفتقد كل ذلك، وسيتم التعامل معها بقسوة لأنها «تهدد الوحدة الوطنية». نعم إنه تمييز في المعاملة، ولذلك جعل الله سنة التدافع والابتلاء، والحصيف من أدرك ذلك.
بعد حصول كل الافتراضات السابقة سيكون من الجيد أن يقبل «الإخوان» ولو على مضض بالأمر الواقع على طريقة الاعتراف «دي فاكتو» ليس بالنظام القائم وإنما بالواقع، ويعودوا إلى الساحة التي يجيدون التدافع فيها، أي العمل السياسي، يجب ألا يغرقوا في قصة المؤامرة، فهي موجودة، وثمة من أراد سقوطهم وعمل على ذلك، ولكنهم سقطوا بما كسبت يداهم، هل هناك خطأ أكبر من اختيار أضعف القيادات لتقود أخطر مرحلة؟ يجب أن يقتنعوا بأن الملايين التي خرجت في 30 يونيو أرقام حقيقية وجزء كبير منها صادق.
أمام «الإخوان» مهمات عدة، ولعل من أهمها دراسة حالة الكراهية والرفض لهم من قبل قطاع كبير من المصريين. إنها خسارة أكبر من خسارة الحكم، ما يستدعي الإجابة عن السؤال «لِمَ يحمل لنا البعض هذه القدر من الكراهية؟»، الإجابات الأسهل مثل أن هؤلاء من «الفلول»، أو لأنهم غير متدينين، مريحة ولكنها ليست صحيحة. الخطوة الأولى هي الاعتراف بأن «الإخوان» خسروا الكثير في قلب وعقل المواطن المصري.
يجب ألا يراهنوا على رفض المجتمع الدولي للانقلاب. إنه مجرد احتجاج روتيني من قوى غربية. ليكن الضغط الآن على السلطة الجديدة للتعجيل بخريطة الطريق وإجراء الانتخابات ومنع الإقصاء وعودة السلطة للشعب، ففي ذلك مساحة ستعيدهم إلى أجواء التعاون مع القوى الوطنية الأخرى، وإن كنت أتوقع أن ثمة قوى ستسعى إلى إقصاء «الإخوان» وإذلالهم، وستحاول دفع الآخرين لرفض التعاون معهم، حركات صبيانية ولكن السياسة المصرية للأسف طافحة بها.
ولكن قبيل ذلك أو معه، لا بد لـ «الإخوان» من إعادة ترتيب بيتهم من الداخل، ومن ثم ساحة الإسلام السياسي الذي خسر الكثير في نكسة 30 يونيو.
في أدبيات «الإخوان المسلمين» حديث متكرر عن تحويل «المحن إلى منح»، فلتكن هذه إحداها. لعل حكيماً بينهم يقول لهم «لا تحسبوه شراً لكم، بل هو خير لكم» فالانقلاب جاء في الوقت المناسب لتطهيرهم من جملة من الأخطاء تدافعوا إليها منذ أن قرروا دخول الانتخابات الرئاسية. أخطاء كفيلة بأن تفكك الجماعة من الداخل، فما تسرّب من خلافات بين قطبيها نائب المرشد خيرت الشاطر والقيادي المعتدل حسن مالك أثار قلق قواعد الجماعة، وخوفها على تماسك الجماعة. ليس سراً أن «إخواناً» حقيقيين (الكاتب الشهير صاحب سر المؤلفات العديدة ضد «الإخوان» ثروت الخرباوي ليس منهم) انصرفوا بعيداً وبهدوء وآثروا الصمت تقديراً للمرحلة التي تتطلب وحدة الصف.
حان الوقت لجلسة محاسبة وجرد للمكاسب والخسائر، وعملية إعادة هيكلة للجماعة تحميها من عملية التآكل التي أصابتها منذ عقدين، التي خسرت فيها خيرة قياداتها، والتي كانت السبب الرئيس لنكسة 30 يونيو.
إن محور الصراع داخل الجماعة هو بين تيارين، عنيد يرى الجماعة قلعة متماسكة تقود المجتمع، وتيار يرى الجماعة قوة وطنية بين آخرين، مستعدة للتعاون والتنازل وقبول أنصاف الحلول. المجموعة الأولى يمثلها خيرت الشاطر، أما المجموعة الثانية فهم أمثال أبوالعلا ماضي، وعصام سلطان، والدكتور محمد محسوب، وآخرهم عبدالمنعم أبوالفتوح. إن أياً من الأسماء السابقة كان قادراً أن يقدم وجهاً مقبولاً للإسلام السياسي لو حلّ مكان الرئيس «المقال» محمد مرسي الذي كان مجرد «إخواني» تقليدي دفعته الظروف إلى سدة القيادة.
منذ أعوام وثمة حديث عن إصلاحات أردوغانية تحتاجها الجماعة، في إشارة إلى ما فعله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ولكن كانت دوماً تنتهي بخروج أو إخراج دعاتها من الجماعة. بعد ثورة 25 يناير 2011 جرت تلك الإصلاحات ولكن بشكل ظاهري فقط، عندما شكّل «الإخوان» حزباً سياسياً مستقلاً يمثلهم هو «الحرية والعدالة»، ولكنه كان مجرد واجهة، فأسوأ قرار اتخذه الرئيس المقال (التعديلات الدستورية في تشرين الثاني /نوفمبر الماضي الذي كان بداية النهاية)، لم يتخذه بناءً على معلوماته كرئيس له مخابرات وأمن، بل بناء على معلومات وتوصيات مكتب الإرشاد.
خلال الأزمات التي صنعها الرئيس مرسي أو صنعت له، برزت كفاءات إسلامية خارج حزب «الإخوان» (الحرية والعدالة)، كانت أقدر على التواصل مع القوى الوطنية الأخرى، وأكثر إقناعاً، مع التزام كامل بالمشروع الإسلامي الوطني، خصوصاً في حزب الوسط، وحزب النور السلفي. إنه من العبث أن تبقى هذه التيارات العدة متفرقة. المشروع الأردوغاني يقول بذلك، ولا يمكن لهذه التيارات أن تندمج في تكتل واحد طالما أنه يتلقى أوامره من «الإخوان»، ولكن يمكن في لحظة التأمل هذه، بعيداً عن الحكم، واستعداداً للجولة الثانية في بناء الدولة المصرية الجديدة، أن تتدارس القوى الإسلامية الشابة كيف تستطيع أن تخرج بمشروع توحيدي كهذا، ولكن يحتاج ذلك إلى قرار من «الإخوان» ومرشدهم بالابتعاد عن مجريات الأمور والبقاء في مجال الدعوة للفكرة الإسلامية وليس لتفاصيلها.
هل يستطيع «الإخوان» ذلك؟ بالطبع، إذا ما تحملت القيادة التي خسرت معركة 30 يونيو مسؤولياتها، فتستقيل طواعية وتفتح الباب أمام جيل جديد يفهم التحولات من حوله ويتفاعل معها بشكل أفضل.
ظل المرشد وظل الجنرال
غسان شربل/ الحياة اللندنية
ذهب الدكتور محمد البرادعي إلى قصر الاتحادية للقاء رئيس مصر محمد مرسي بناء على اقتراح الأخير. كان الاجتماع ثنائياً لكن الزائر استشعر وجود آخرين. رأى وراء الرئيس ظل المرشد محمد بديع وظل نائبه خيرت الشاطر. وهذا النوع من الظلال مثير للشكوك. خاف الزائر أن يكون المرجع الفعلي للرئيس مرشد الجماعة لا الدستور. ولهذا قال البرادعي لصحيفتنا «التقيت الرئيس وحاورته ويئست منه».
ذهب حمدين صباحي إلى قصر الاتحادية. إصرار الظلال على حضور الاجتماع ذكره بما دار بينه وبين مرسي المرشح قبل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. كان حمدين نال ما يقرب من خمسة ملايين صوت في الدورة الأولى لكنه خرج من السباق. وكان مرسي يأمل في اجتذاب هذه الكتلة لضمان فوزه في مواجهة الفريق أحمد شفيق. طرح حمدين على مرسي سؤالاً صعباً: «هل ستكون في حال فوزك رئيساً مستقلاً عن إرادة جماعة الإخوان؟». لم يستطع مرسي الإجابة ورد مقترحاً على حمدين منصب نائب الرئيس لكن الأخير اعتذر.
ذهب عمرو موسى إلى قصر الاتحادية والتقى الرئيس والظلين. لم يخف بعد اللقاء ومتابعته أداء الرئيس خوفه على مصر التي انجبت طه حسين ونجيب محفوظ ولعبت دوراً تنويرياً في حياة أمتها. خاف على روح مصر.
كان ذلك قبل أيام من 30 يونيو (حزيران) الذي اتفق الثلاثة في اعتباره يوماً مفصلياً. اعتبروا أن لا بد من انتخابات رئاسية مبكرة لإنقاذ البلاد من عهد مرسي وبدا واضحاً أنهم يستهدفون إنقاذها من الظل الكبير المخيم على العهد ظل المرشد.
تقضي المهنة أن لا يقع الصحافي تحت جاذبية المعارضين. لذلك كان لا بد من الذهاب إلى مقر «حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لـ «الإخوان». سألت نائب رئيس الحزب الدكتور عصام العريان إن كان توقع سقوط الرئيس حسني مبارك وأن تنتقل مصر إلى العيش في ظل رئيس من «الإخوان». أعجبني جوابه: «أجزم بأن هذا الحلم لم يخطر على بال أي مصري. يكذب عليك أي مصري يقول لك إنه كان يتوقع نجاح الثورة أو سقوط حسني مبارك أو أن يصبح محمد مرسي رئيساً. لولا أن عصر المعجزات انتهى لقلت لك إننا نعيش هذا العصر».
لم يكن العريان قلقاً من «30 يونيو». طمأنينته دفعته إلى القول إن مرسي لن يكمل ولايته فقط بل قد يفوز بولاية ثانية. كان واثقاً ومطمئناً ودعانا بعد انتهاء الحديث، زميلي محمد صلاح وأنا، إلى مكتب رئيس الحزب سعد الكتاتني حيث لم نشم أيضاً رائحة قلق.
فاجأت «ثورة يناير 2011» مرشد الجماعة كما فاجأت كبير الجنرالات يومها المشير حسين طنطاوي. تصرف الرجلان تحت وقع المفاجأة. حرص الناخبين على إبعاد ظل الجنرال مبارك وجنرالاته أوقعهم في عهد مرسي وظل المرشد. لم يستطع مرسي تبديد الانطباع «أن مكتب الإرشاد هو رئيس الرئيس». تراكمت أخطاؤه ولم يرحمه الإعلام.
خوف ملايين المصريين من «الأخونة» حول «30 يونيو» إلى انتفاضة واسعة ضد الرئيس والظل المرابط في القصر. في يناير 2011 شعر طنطاوي أن على الجيش الالتحاق بالميادين. في يونيو 2013 شعر الفريق أول عبد الفتاح السيسي أن على الجيش أن يتصالح معها ويرعاها. انتفاضة واسعة كاملة وشبه انقلاب. رفض «الإخوان» الاعتراف بكامل المشهد. رفضوا التوقف عند الأسباب التي دفعت الملايين إلى الميادين للهتاف ضدهم. ورفضوا التوقف عند الملايين التي وقعت على عريضة «تمرد». فضلوا التوقف عند ظل الجنرال السيسي لتقديم الجماعة في صورة الضحية وصورة المظلوم. وحين أدى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور اليمين القانونية رئيساً للبلاد فضلوا الاكتفاء برؤية ظل الجنرال السيسي وراءه.
ما شهدته مصر أمس مقلق فعلاً. دفع البلاد إلى نفق الاقتتال بين ظل المرشد وظل الجنرال وخيم العواقب. جازف «الإخوان» بإدخال ظل المرشد إلى قصر الرئاسة. إزاحة رئيس منتخب في شبه ثورة وشبه انقلاب تتضمن أيضاً مجازفة. لا حل غير الإسراع في الخروج من هذا النفق. الخروج إلى مصر تعيش في ظل دستور منسجم مع روحها وفي ظل رئيس منتخب لا يكبله في القصر ظل المرشد أو ظل الجنرال.
الولايات المتحدة وإرادة الشعوب
عبد العزيز المقالح/الخليج الإماراتية
كل القادة العرب، وكل قادة الدول الإسلامية، الأحياء منهم والأموات، حاولوا وجدّوا واجتهدوا في كسب ود الولايات المتحدة، وإظهار أبعد مما يسمى عادة بحسن النوايا أو الولاء الخالص، إلاّ أن هذه المحاولات ظلت معلّقة في الهواء وكأنها تشبه حالة ذلك الحب الذي يقال عنه إنه من طرف واحد، ولهذا خسر بعض هؤلاء القادة مكانتهم لدى شعوبهم، ولم يحصدوا الشيء الذي توخّوه من وراء الارتماء في أحضان البيت الأبيض . ولا غرابة إذا كانت نهاية بعضهم قد جاءت على يد رجال من هذا البيت الذي لا يتردد عند اللزوم في أن يمرّغ وجوه عاشقيه ويسلمهم إلى مصيرهم من دون رحمة أو إشفاق . ولا أريد أن أستعرض أسماء عدد من الرؤساء العرب ورؤساء الدول الإسلامية الذين عوقبوا من الولايات المتحدة بسبب إخلاصهم لها، فالأسماء حاضرة ومرسومة في الأذهان ومصائر بعضها لايزال يشكّل أمثولة للعظة والعبرة . وليس الأمر مرتبطاً بما يقال من أن السياسة متقلبة ولا لون لها ولا ثبات، وأن المصالح - كما يقولون - هي التي تحكم العلاقة بين الشعوب وقادتها، وإنما الأمر بالنسبة إلينا، نحن العرب وأشقاؤنا من المسلمين، يختلف كثيراً، وتعود أسبابه إلى استصغار بعض حكامنا لأنفسهم، وثقتهم أو قناعتهم بأن الولايات المتحدة هي القوة الأعظم، وهي التي “تقسم الأرزاق بين الأمم”، هذا الوهم ومقابلته من الطرف الآخر بالازدراء الداخلي على الأقل هو الذي أخرج العلاقة من سياقها الطبيعي، يضاف إلى ذلك أنها - أي هذه العلاقة غير الطبيعية - بدت وكأنها لعنة تاريخية تحيق بأولئك الخائفين من شعوبهم والذين وصلوا إلى الحكم عن طريق المصادفة، وهم لذلك يتمسكون بالدعم الموهوم من القوة الأعظم التي يرون أنه من دونها لا يستقر كرسي الحكم المهزوز، ولا يجد من يحفظه لصاحبه لأطول فترة ممكنة من الزمن .
واللافت أنه بعد سنوات من انكشاف هذا الوهم وانكسار الهالة التي كانت تصاحب اسم الولايات المتحدة، مازال بعض العرب وغير العرب (يهرولون) إلى البيت الأبيض طلباً للدعم والمساعدة غير معتبرين بأسلافهم، ولا مما وصلت إليه القوة العظمى من إنهاك أسهمت فيه حروبها العبثية في أفغانستان والعراق بعدما حشدت كل قوتها وقوات حلفائها، وبعد حرب استمرت عشر سنوات بالتمام والكمال . ورغم عدم التوازن في القوة ها هي القوة الأعظم تعلن فشلها في أفغانستان، وتعترف بقدرة “طالبان” على التحدي، ونجاحها في أن تفرض وجودها وشروطها، وهو موقف من شأنه أن يدعو بعض القادة العرب والمسلمين إلى الثقة بأنفسهم والبحث عن الولاء الحقيقي من شعوبهم، وكما استطاع نظام طالبان الذي يسكن الكهوف، ويتخفى في شقوق الصحراء أن يثبت وجوده، فإن كل نظام على وجه الأرض قادر على إثبات وجوده من دون سند خارجي .
اللعنة على الجبناء! يقول التاريخ للمرة المليون ويستمر بقولها إلى أن تعود إلى العقل البشري صحوته ويقظته . وإذا كان هناك في الوطن العربي والعالم الإسلامي من لم يستوعب صرخة التاريخ ويعي حكمته فإن اللعنة عليه وعلى الناس الذين يتحكم في رقابهم . وسيكون أثر اللعنة أقوى وأقسى على تلك الشعوب التي اكتوت بنيران الاحتلال والهيمنة السياسية والاقتصادية، لاسيما بعد أن أثبتت الشعوب الحية، ومن خلال مقاومتها أن القوة المادية ليست كل شيء على هذه الأرض، وأن أساطيل البر والبحر والجو لا يمكن أن تستعبد من البشر إلاّ من كان مهيّأً نفسياً وروحياً للاستعباد، أما الرافضون لبيع أوطانهم وأنفسهم فليس هناك قوة على وجه هذه الأرض قادرة على أن تفرض عليهم ما تريده أو ترغب في تمريره، فالإرادة الوطنية المتماسكة الصلبة تجعل من المستحيل تحديها والاستهانة بقدراتها .
الكبار يأكلون السُّلطة.. والأبرياء يدفعون الثمن
أكرم القصاص/اليوم السابع
من الطبيعى أن يدافع أعضاء وقيادات الإخوان عن الجماعة وخياراتها، وكان عليهم أن يدافعوا عن الجماعة بالتوقف عن الجشع والاستبعاد والاحتكار. لكن ما يحدث أن القيادات فى الواقع تدافع عن مصالحها التى اكتسبتها من السلطة والمال والنفوذ والمناصب، وهو إحساس إنسانى يمكن تفهمه، لكن لا يمكن تفهم الدفع بأبرياء للمواجهة وحشدهم فى المقدمة وشحنهم للاشتباك مع مواطنيهم، من دون أن يكون هؤلاء قادرين على امتلاك رؤية أو تصور، ويتم الدفع ببعض المحترفين ليمارسوا الشحن والتحريض على مواجهات، سوف يخسر فيها الجميع. مواجهات ما كان لها أن تحدث، لو تعاملت الجماعة وملحقاتها على أنهم مواطنون مثل غيرهم، لكنها مارست الغرور والصلف ورفضت أى انتقادات واعتبرتها أعمالا عدوانية، غير مدركة لتحولات السلطة شكلا ومضمونا، بعد يناير.
لم تستوعب الجماعة تحول نظرة الشعب إلى السلطة، والتى تختلف عن النظر للمعارض أو المستبعد. لقد تعاطف الشعب المصرى مع الإخوان وهم خارج السلطة، وتصورت الجماعة أن هذا التعاطف سوف يستمر بعد وصولهم للسلطة. وهو جزء من الحسابات الخاطئة التى تتملك التيارات والتنظيمات المغلقة.
هناك الكثير من أنصار الجماعة، يعترفون بأن الجماعة ارتكبت أخطاء كثيرة، بالجشع والطمع والكذب والإقصاء والاحتكار. وكان على هؤلاء أن يعترفوا وقتها بهذه الأخطاء، لكن حتى لو فعلوا لم تكن الجماعة تستمع إليهم.
فقد ظللنا طوال عام ننبه وننتقد والرد هو أن الآخرين لا يفهمون وأن الجماعة تعرف كل شىء. بل الغريب الآن أن الجماعة تتحدث عن نفسها أكثر مما تدافع عن الدكتور مرسى، وتسعى للتفرقة بين ما جرى فى يناير وما جرى فى يونيو، بالرغم من أن الشعب خرج فى يونيو لنفس الأسباب وبنفس الطريقة التى جرت فى يناير، الاحتكار والاستبداد والفشل الاقتصادى والاجتماعى.
انتقل فيروس التسلط من الحزب الوطنى إلى جماعة الإخوان، التى تفرغت لتمكين نفسها، وحاصرت الدكتور مرسى، وفرضت عليه برنامجها وتصوراتها، وهى رؤية عجوز شاخت وتكونت داخل تنظيم مغلق لا يستمع لغير صوته، ويمنع الانتقاد ويرفض الاستماع للأصوات المعارضة داخله، وحولت السياسة إلى مباراة فى الملاكمة والمصارعة يجب أن تنتهى بمصرع أحد الأطراف. مع رفض تقبل الاختلاف.
كان الرهان أن تكون لدى الجماعة القدرة على تفهم تطورات العصر، وانتهاء عهد احتكار الرأى والتعبير، واتساع دوائر المشاركة، لكن اكتشف خصوم الجماعة وأنصارها أنها لا تمتلك خططا وتصورات تفصيلية، وأنها غير قادرة على التفاعل مع مؤسسات الدولة، وبالرغم من الفشل، كانت تمتلك نهما للسلطة واحتلال مناصب لا تستطيع استعمالها. وأنها فقط تفرض أهل الثقة والجماعة فى كل المناصب والمواقع القيادية، وفشل هؤلاء فى تثبيت أقدامهم، بل إنهم استبعدوا من هم خارج الجماعة، الأمر الذى ضاعف من حالة العداء معهم، مثلما جرى من قبل مع الحزب الوطنى، كما أن حزب الحرية والعدالة هو الآخر أصبح رمزا للسلطة الغاشمة، مثل الحزب الوطنى. لتتكرر التجربة.
كل هذا أصبح الآن مثار جدل داخل أعضاء الجماعة، الذين رأوا قياداتهم يغامرون بالجماعة من أجل سلطة فشلوا فى استعمالها، بينما يدفع الأعضاء الثمن وينتقلون إلى خانة العداء مع مواطنيهم. هذه هى نتائج الخطط الغبية للفشل والتسلط. حيث يأكل الكبار السلطة، ويدفع الأبرياء الثمن.
قراءة في مستجدات الأزمة السورية
د. صالح لافي المعايطة/الرأي الأردنية
أفرزت الازمة السورية توازنات اقليمية متباينة الاتجاهات لوجود شبكة من المصالح المعقدة والمركبة والمتعارضة، وأخرى دولية غير متوافقة حول الحل العسكري ولا حتى الحل السياسي، ولكن المفاجأة ان احدا لم يكن يتوقع صمود النظام السوري طوال هذه الفترة. واعتقد ان الازمة السورية تجاوزت مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية وامتدت الى ما فوق الاقليمية والدولية، وقد تقود الى صياغات جديدة على الساحة الاقليمية، وهذه فرصة لا تريد كل من روسيا والصين وحلفائهما تفويتها لتأكيد حضورهما الاقليمي مع ايران التي اصبحت لاعب اقليمي اكثر واقوى من تركيا التي تكتفي بالتصريحات دون تدخل فعلي.
ترتكز استراتيجية بشار الاسد على المزاوجة بين تفريغ المساعي الدبلوماسية من مضامينها المؤثرة من خلال المماطلة وخلط الاوراق، مع الاستمرار بأعمال القتل والترويع بالأساليب العسكرية لكسر إرادة المعارضة معتمدا على قوة الجيش، لأن الجيش هو النظام والنظام هو الجيش فإذا سقط احدهما سيسقط الآخر حتما.فقد يسقط النظام من الداخل إذا تراجعت قدرات الجيش وقدرات سلاح الجو، وإذا حصل انقلاب عسكري أو تمرد وهذا مُستبعد في المدى المنظور لأن الطائفة العلوية تُشكل ما نسبته 75% من الجيش حيث يبلغ عدد ضباط الجيش السوري 36 ألف ضابط منهم 28 ألف ضابط علوي.
ليس المهم رحيل الاسد ولكن المهم من هو البديل وفي المعطيات الحالية لا يوجد نظام بديل مُقنع، لكن تُوجد قوى بديله متناقضة ومُشتتة وهي مزيج من المعارضة السياسية والعلمانية والمعارضة السلفية ألجهادية ولكن في حالة بقاء بشار الاسد وانتصاره على المعارضة فإن هذا سيقود الى قيام النظام بالانتقام من الدول التي دعمتْ المعارضة من خلال الاعمال الارهابية والتخريبية وتنفيذ بعض الاغتيالات هنا وهناك. وهذا قد يُشجع إيران وبعض الطوائف في بعض دول الاقليم للاستمرار في الحرب ضد المعارضة العلمانية والسنية على كافة الأصعدة وهذا حتما سيزيد من حدة الاقتتال الطائفي في العراق وسوريا ولبنان.
إن تسليح المعارضة هو فقط لتحقيق بعض التوازن وإطالة مدة القتال وليس تحقيق النصر على النظام، فالنصر العسكري ممنوع على كلا الطرفين حتى يذهب الجميع الى جنيف/2، فالسبب الرئيسي لتسليح المعارضة هو لخلق توازن مضاد لتدخل حزب الله والتدخل الايراني ووقف التقدم الميداني الذي حققته قوات النظام في بعض المناطق، فمثلاً إذا أنتصر نظام الاسد فإن الولايات المتحد ستخسر ما بقي لها من مصداقية وقوة ردعية في الشرق الاوسط، وهذا ايضا مرتبط برغبة اسرائيل ومصالحها في بقاء ورحيل نظام الاسد. وبالمقابل إذا انتصر نظام الاسد فإنه سيجعل من موسكو من جديد حليفا جذاباً ومغريا بالنسبة للكثير من دول المنطقة، وستصبح ايران أكثر قوة من أي وقت مضى على اعتبار ان رئيساَ سورياً ضعيفاً سيشعر بأنه بحاجة الى إيران في كل شيء، كما أن إيران ستستمر في تطوير برنامجها النووي، بعد أن أدركت ان الولايات المتحدة غير قادرة على إيقاف ذلك، كما ان حزب الله سيصبح اكثر قوة من قبل من خلال تقاسمه الترسانة العسكرية السورية الخطيرة من خلال تأثيره على رئيس سوري ضعيف.
أما إذا انتصرت المعارضة على نظام الاسد فأن الامور ستتغير حيث سيتم فصل سوريا عن ايران ومعها من الوصول الى البحر الابيض المتوسط وهذا يحرم حزب الله من المساند الرئيسي « سوريا ويفقد شرعيته في العالم الغربي وبعض الدول العربية والإسلامية، وهذا التحول قد يساعد على عودة اللاجئين من الاردن ولبنان وتركيا، ولكن هذا السيناريو بعيد الاحتمال وصعب ومركب ومعقد بدون توحد المعارضة والائتلاف وزيادة الدعم الغربي لقوات المعارضة وأن يكون البديل جاهزا.
أعتقد أن الازمة السورية خرجت من أيدي السوريين انفسهم بعد دخول حزب الله وإيران في القتال الى جانب قوات النظام بمستويات مختلفة حيث اتخذ الصراع بعدا طائفياً آخذا في التعمق والتوسع، وأن الحظر الجوي لن يكون مفيداً بسبب تداخل قوات الطرفين، لأن معظم العمليات القتالية هي في المناطق ألمبنية كم أن إدارة أوباما لازالت تذكر الفشل الاميركي في فيتنام ولصومال والعراق وأفغانستان.
في الختام اقول أن كلما امتد اجل حل الازمة السورية تزايدت تداعياتها الاقليمية والدولية على دول الجوار، واصبح الحل العسكري صعب ومكلف جدا, واذا الوضع والمعطيات الراهنة استمرت دون تغيير فإن المعارضة المسلحة مضطرة في النهاية الى التكيف مع الامر الواقع، وقبول مبدأ التدرج في حل الازمة وتقديم بعض التنازلات.
6/7/2013
في هذا الملف
حماس في عين العاصفة
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
حاخامات إسرائيل
برهوم جرايسي/الغد الأردنية
اغلاق معبر رفح للمرة الالف!
رأي القدس العربي
المصالحة وأشياء أخرى
عمرو خفاجى/الشروق المصرية
الاسلاميون عائدون في مصر وسحر الانقلاب ينقلب فوضى
عبد الباري عطوان/القدس العربي
بعد نكسة 30 يونيو.. ماذا يَنتظر قيادة «الإخوان» بمصر.. إقالة أم استقالة؟
جمال خاشقجي /الحياة اللندنية
ظل المرشد وظل الجنرال
غسان شربل/ الحياة اللندنية
الولايات المتحدة وإرادة الشعوب
عبد العزيز المقالح/الخليج الإماراتية
الكبار يأكلون السُّلطة.. والأبرياء يدفعون الثمن
أكرم القصاص/اليوم السابع
قراءة في مستجدات الأزمة السورية
د. صالح لافي المعايطة/الرأي الأردنية
حماس في عين العاصفة
عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
بعد طهران ودمشق والضاحية الجنوبية، أصبحت القاهرة والدوحة وأنقرة، هي العواصم الثلاث التي تتشكل منها دائرة تحالفات حركة حماس وشبكة أمانها ... كل واحدة من تلك العواصم، ضربها زلزال سياسي، تختلف شدّته على مقياس حماس، بيد أن تداعياته وارتداداته، ستترك أثراً بالغاً على راهن الحركة ومستقبلها، سيما أن الحركة، حرقت -إلى حد كبير- سفنها مع حلفاء الأمس، ولم تبق على كثيرٍ من جسور الثقة والتواصل معها.
الضربة الأكبر لحماس، تتجلى في سقوط حكم مرسي والإخوان في القاهرة، لا للبعد (الحبل السري) بين حماس والجماعة الأم في القاهرة فحسب، بل لأن مصر هي مفتاح غزة وحدودها البرية الوحيدة مع العالم العربي، وفوق هذا وذاك، فإن مشاعر غير طيبة، تجتاح “النظام المصري الجديد”، نظام ما بعد مرسي، حيال الحركة ... ولقد سمعنا من مصادر مصرية، معلومات تتحدث عن توترات و”اتهامات” للحركة بالانحياز العملي لإخوان مصر (وليس الانحياز الإيديولوجي أو السياسي فقط)، والزيارة الأخيرة لقيادة حماس للقاهرة، وخروجها على عجل من “انتركونتننتال ستي ستار” على وقع التظاهرات الغاضبة من الحركة، تشي بأن مستقبلاً صعباً ينتظر العلاقة بين الحركة والقاهرة.
وتأتي الحملات الإعلامية ضد حماس، وطوفان المعلومات الصحيحة حيناً والكاذبة غالباً عن تورط الحركة في عمليات إخلال بالأمن المصري الداخلي، بدءاً من سيناء وصولاً للقاهرة ووادي النطرون، لتزيد الطين بلّة، وتدخل العلاقة بين مصر والحركة في مأزق مركب، ومن بوابة الأمن هذه المرة، وليس من بوابة الخلافات السياسية والإيديولوجية ... والخلاصة، أن موقع مصر في حسابات حماس ومن منظورها، قد استدار بزاوية 180 درجة خلال عام واحد... من حالة التحالف والاحتضان والرهان الاستراتيجي، إلى مصدر للقلق والتحسب، وربما الضغوط والمضايقات.
الضربة (الخسارة) الثانية لحماس، إنما تأتيها من مأمنها وملاذ قيادتها في الدوحة ... وقد لا يمر وقت طويل، قبل أن تتضح طبيعة التغييرات التي سيدخلها الأمير الجديد للإمارة الخليجية على سياستها الخارجية، وسط مؤشرات أولية دالّة على أن الأمير الشاب، سيولي اهتماماً أكبر بشؤون بلاده الداخلية، وسينضبط بشكل أعلى بالسياسات الخليجية التي تحدد سقفها وإيقاعاتها، الرياض وليس الدوحة، وأنه سيجنح لمقاربات أكثر واقعية في السياسة الخارجية، محاولاً تفادي مغامرات عمّه ومجازفات أبيه من قبله ... وهذا سينعكس بقدر لا نستطيع التنبؤ بحجمه على علاقة قطر بحماس، التي أعطت الحركة في الخارج وفي غزة، زخماً إضافياً، عوّضها جزئياً، خسارة الدعم الإيران والمأوى الدمشقي والخبرات غير المحدودة لحزب الله.
الضربة الثالثة لحماس، جاءتها من أنقرة، التي انكفأت كلاعب إقليمي بعد أن طاشت حساباتها في سوريا، وتأزمت علاقتها في العراق، وفقدت حليفاً في القاهرة، وتأزمت علاقاتها بإيران، وتثير ريبة موسكو ... هذه المرة، تنفجر كرة الغضب في وجه أردوغان والعدالة والتنمية في “تقسيم”، وتداهمه الاحتجاجات في ديار بكر قبل أن يفرغ من وضع المسألة الكردية على سكة الحل النهائي، وتقفز إلى سطح السياسة الداخلية التركية على نحو غير مسبوق ولا منتظر: المسألة العلوية ... وتتراجع صورة السلطان أردوغان، وتذوي آماله بالانتقال إلى رئاسة الجمهورية بصلاحيات كاملة، بعد أن شارف على إتمام ولاية ثالثة وأخيرة في منصبه كرئيس للوزراء ... تركيا المشغولة بمشاكلها الداخلية، باتت كالمنبتّ، فلا هي قطفت ثمار ربيع عربي ما زال يبحث لنفسه عن وجهة ومآل، ولا هي سرّعت خطوات انضمامها للاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن تكون حماس في صدارة المتضررين من انكفاء دور أنقرة شرقاً وجنوباً، والمؤكد أنها ستتأثر سلباً للغاية، إن ظل الخط البياني لأردوغان والعدالة في هبوط كما تشير لذلك دلائل عديدة.
وضع حماس عربياً وإقليميا، لا تُحسد عليه أبداً ... فما أن كادت تستكمل مسار تموضعها في المحور التركي – المصري– القطري، حتى عصفت بهذا المحور رياح التغييرات والاضطرابات والتراجعات والانكفاءات، متعددة المستويات والأشكال ... وهيهات أن تقدر الحركة على استعادة زخم ومناخات علاقاتها القديمة بمحور طهران – دمشق – الضاحية، حتى وإن وجدت بعض الأبواب المفتوحة لزيارات وموفدين من قبلها إلى مراكز هذه الأطراف، فما انكسر في عام واحد، سيحتاج لسنوات طوال لإعادة جبره.
والخلاصة أن ليس لحماس، بعد انكشاف المظلة العربية والإقليمية من فوق رأسها، سوى المظلة الوطنية الفلسطينية، مظلة المصالحة والوحدة الوطنية، ليس لحماس سوى أن تنتقل سياسياً إلى “الداخل” بعد عامين ونصف العام، من التحليق على أجنحة “القوس السنّي/الإخواني”، وما يمكن أن يأتي به “الربيع الإسلامي” ... ليس لحماس سوى تسريع مسارات المراجعة والمصالحة والتقييم والتقويم، بعد أن تبدد سراب الرهانات والانتظارات التي لا طائل من ورائها.
والحقيقة أن المطلوب من حماس أبعد من مجرد استئناف التفاوض والحوار على المصالحة وشروطها ... المطلوب من الحركة وقفة مراجعة شاملة لأدائها ومواقفها في السنوات الأخيرة، مطلوب منها مراجعة سنوات حكمها السبع في غزة، من “الانقلاب/الحسم”، وحتى يومنا هذا ... وكجزء من الحركة الإخوانية العالمية، مطلوب منها مراجعة فكرية أعمق وأشمل، حتى لا تكرر في علاقاتها وتحالفاتها الفلسطينية، ما فعلته الحركة الأم في عامها الأول والأخير في السلطة.
حاخامات إسرائيل
برهوم جرايسي/الغد الأردنية
يدور جدل في إسرائيل هذه الأيام حول هوية الحاخامين الأكبرين لليهود الأشكناز (الغربيين) والسفارديم (الشرقيين)، اللذين سينتخبان من قبل مجلس انتخابي سياسي بالأساس، تشكله الحكومة لهذا الغرض. لكن اللافت هذه الأيام أيضا أن أبرز الأسماء المقترحة تأتي من مجموعة أكثر الحاخامات تطرفا، ومنهم من هو متورط بدعوات إرهابية. صحيح أنه ليس للمؤسسة الدينية العليا أي دور سياسي في إسرائيل، لكن ما يجري اليوم يعكس الأجواء المتطرفة التي باتت تسيطر بشكل شبه كلي على المؤسسة الحاكمة، ولم يعد هناك أي حرج من المواقف والسياسات الأشد عنصرية، أو حتى محاولة التستر عليها.
وتقول سلسلة من التقارير إن حزب المستوطنين "البيت اليهودي"، يضغط من أجل انتخاب حاخام مدينة صفد شموئيل إلياهو، ليكون حاخام اليهود "الأشكناز" للفترة المقبلة. وقد قاد إلياهو في السنوات الأخيرة سلسلة من أشد الفتاوى عنصرية ضد فلسطينيي 48، مثل فتوى تحرّم تأجير البيوت للعرب، وخاصة في صفد، المدينة الفلسطينية المهجّرة التي "يقيم" فيها حاليا عشرات الطلبة العرب الذين يتلقون تعليمهم في الكلية الأكاديمية في المدينة؛ وفتوى أخرى تمنع تشغيل العرب، وغيرها من الفتاوى التي كانت فاتحة لسلسلة من الاعتداءات الارهابية ضد الفلسطينيين في السنوات الأخيرة.
وفي كل مرّة، كانت فتاوى هذا الحاخام الإرهابي تتحول إلى حملة عنصرية واسعة النطاق، ينضم إليها عشرات الحاخامات، ليتبع ذلك حملة تضامن من قطعان المستوطنين واليمين المتطرف مع حاخاماتهم، لمجرد الإعلان عن النية بإجراء تحقيق قضائي مع بعضهم، رغم أنه في نهاية المطاف أغلقت النيابة الإسرائيلية ملفات التحقيق بزعم أن الفتاوى دينية.
وقبل إلياهو هذا، كان المستوطنون قد تداولوا اسم حاخام إرهابي أشد، هو حاخام مستوطنة "كريات أربع" يوسيف أليتسور، مؤلف كتاب "شريعة الملك"، والذي يطرح فيه سلسلة من الفتاوى التي تجيز قتل من هم ليسوا يهودا؛ "الأغراب"، بمعنى العرب، حتى وإن كان الحديث عن أطفال، "لكونهم سيكبرون مستقبلا"، كما جاء في ذلك الكتاب الذي منعته إسرائيل شكليا، كضريبة كلامية، إلا أنه يوزع وينتشر بكثرة في أوساط اليمين المتطرف والإرهابي.
حتى إن ساد الاعتقاد بأن مظاهر العنصرية لدى اليهود الشرقيين تأتي بدرجة أخف نسبيا من اليهود الغربيين، فإن ترشيحاتهم الأبرز اليوم جاءت لحاخامهم لتسد "الفجوة" القائمة. إذ يجري الحديث الآن عن الحاخام أبراهام يوسيف، نجل الحاخام الأكبر الأسبق عوفاديا يوسيف، الزعيم الروحي لحركة "شاس" التي تسيطر على نحو 10 % من مقاعد البرلمان. ويحظى يوسيف الابن بشعبية واسعة بين أشد عصابات المستوطنين تطرفا، وهو "لا يبخل" بالفتاوى العنصرية التي لا تطال فلسطينيي 48 وحدهم، بل هي أيضا موجهة ضد المرأة، وحتى ضد جهاز القضاء الإسرائيلي.
واللافت أيضا فيما يدور حاليا في إسرائيل، هو أن الأصوات المعارضة لهذه الترشيحات هي أصوات تقليدية من اليسار الصهيوني أساسا، يخفّ وزنها من حين إلى آخر في الحلبة السياسية في إسرائيل، أمام تنامي قوة اليمين المتطرف. ففي سنوات خلت، كنا نجد حتى داخل معسكر اليمين من يظهر بمظهر "الاعتدال"، أو بلغة واقع الأمر و"يعرف كيف يلعب اللعبة". ولكن اليوم حتى هذه الأصوات تلاشت، ولم يعد لها حضور، وباتت العنصرية المتطرفة أكثر وضوحا، وبلغة أصح: أكثر وقاحة، أمام غياب جهاز رادع، رغم القوانين التي سنتها إسرائيل من قبل، وبما يثبت أنها قوانين للاستهلاك الإعلامي الخارجي، ولمحاولة تلطيف أكثر كتب القوانين عنصرية، التي شهدها العالم في القرنين الماضي والحالي.
ليس من الواضح من سيتم انتخابهما في نهاية المطاف، ولكن ظهور هذه الأسماء على رأس قائمة المرشحين، من قبل الأحزاب المتنفذة في سدة الحكم في اسرائيل، والسعي إلى فوزها، يُثبت مجددا أي حُكم يسود الآن في إسرائيل. وإذا كان هذا في مؤسسة دينية ليست سياسية، فكيف هي الحال في المؤسسات والأجهزة الأكثر حساسية وتسلطا على مقاليد الحكم؟
اغلاق معبر رفح للمرة الالف!
رأي القدس العربي
اغلقت السلطات المصرية كليا معبر رفح البري الذي يعتبر البوابة الرئيسية والوحيدة لمليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة الى العالم الخارجي، وواصلت قوات الامن المصرية الدفع بتعزيزات اضافية على الحدود مع غزة في تواز مع عمليات تدمير للانفاق.
السبب المباشر لهذه الاجراءات هو تعرض ثكنات ومراكز للجيش المصري الى هجمات من قبل جماعات متشددة ادت الى مقتل جندي واصابة آخرين، لكن هذه الهجمات نفذها مصريون، فما ذنب ابناء القطاع في هذه الحالة؟
العاصمة المصرية القاهرة تشهد ومنذ اسبوع مظاهرات صاخبة واشتباكات بين المتظاهرين ادت الى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، ولكن السلطات المصرية لم تغلق مطار القاهرة في وجه القادمين والمغادرين، كما انها لم تغلق معابر مصر الحدودية مع ليبيا والسودان وحتى معبر طابا مع اسرائيل، فلماذا يتم اغلاق معبر رفح بالذات من دون كل هذه المعابر؟
ليست هذه المرة الاولى التي نطرح فيها مثل هذا السؤال، فقد اقدمت جميع الحكومات المصرية دون استثناء على هذه الخطوة، اي خطوة الاغلاق للمعبر، فعلها حكم الرئيس حسني مبارك، وفعلتها المخابرات المصرية اثناء حكم الاخوان، وها هو حكم الجيش يفعلها بدوره وممنوع على الفلسطينيين الاحتجاج، وممنوع على المجتمع الدولي التدخل.
اغلاق المعبر يعني منع مئات المعتمرين من الذهاب الى مكة المكرمة لاداء فريضة العمرة، وكذلك العديد من زوار القطاع الذين ذهبوا اليه لزيارة اهلهم، وبات لزاما عليهم العودة الى اماكن عملهم. ولا ننسى العشرات وربما المئات من المرضى الذين يريدون الذهاب الى مصر من اجل العلاج حيث تعاني مستشفيات القطاع من قلة الادوية والكفاءات الطبية المتخصصة.
نعلم جيدا ان السلطات المصرية في زمن الانقلاب العسكري الاخير، تخشى من تسرب اسلحة او متعاطفين مع نظام مرسي المطاح به الى القاهرة او حتى الى محافظة سيناء، ولكن كيف يمكن ان يتم تهريب الاسلحة والمتعاطفين وجميع انفاق القطاع الحدودية مدمرة، وكيف يمكن ان يمر هؤلاء عبر معبر تسيطر عليه المخابرات المصرية التي تعرف كل صغيرة وكبيرة في القطاع؟
نتفهم المخاوف الامنية المصرية، ولكننا نتفهم في الوقت نفسه احتياجات القطاع الضرورية من سلع ومواد تموينية ومحروقات والاهم من كل ذلك الطبابة والعلاج للمرضى وما اكثرهم في القطاع.
العامل الانساني يجب ان يوضع في عين الاعتبار، ولا بد من وجود استثناءات للمرضى وللمضطرين للسفر على الاقل اليس كذلك يا فريق عبد الفتاح السيسي؟
المصالحة وأشياء أخرى
عمرو خفاجى/الشروق المصرية
ليس من السهل فى هذه اللحظات، فهم كامل ما جرى خلال الأيام الماضية، وبالتالى يبقى من الصعب فهم ما سيحدث فى قادم الأيام، لذا، فى مثل هذه اللحظات لا نملك سوى عرض ما نراه لازما وضروريا لصناعة مستقبل أفضل مما كنا فيه، وأعتقد أنه لا يوجد خلاف على ضرورة البدء فورا وبجدية فى مصالحة وطنية حقيقية بين جميع القوى المتواجدة على الساحة المصرية، ومنح الكافة الأمان، حتى تعود اللحظات البديعة المدهشة التى عاشتها مصر ليلة الحادى عشر من فبراير ٢٠١١، لأنه وباختصار شديد لم يعد ممكنا الاستمرار فى حالات الخصومة بين قوى أساسية فاعلة فى الحياة السياسية المصرية، فى ظل فهم خالص أن هناك شعبا ثار مجددا له طلبات واضحة لم تتحقق حتى الآن، ولا بديل إلا بتحقيقها أو على الأقل البدء فى تحقيقها.
مخطئ من يتصور، أن المشهد الذى كان معقدا بات سهلا وبسيطا، وأنه تم فكه، وبالتالى يسهل تركيبه من جديد، بل على العكس تماما نحن أمام مشهد بات أكثر تعقيدا وصعوبة، خصوصا فى ظل دخول متغيرات جديدة بقرارات أمس الأول، وبالتالى صار لازما على الجميع التفكير فى كيفية إعادة صياغة هذا المشهد بهدوء ومن دون تشنجات أو قرارات ثأرية، تحت دعاوى ثورية، لأننا لن نخرج مما نحن فيه إلا بالتوافق، وهذا ما كنا ننصح به من كانوا فى الحكم بالأمس القريب، ورغم الشعور بابتذال الكلمة من كثرة ترديدها، إلا أنها الحقيقة الواضحة الحاكمة برشادة فى أى فترات انتقالية.
فى المقابل، يجب أن تكون الرؤية واضحة لمن تألم مما حدث، وعليه أولا فهم ما حدث، ومراجعة كافة أخطائه، قبل أن يتخذ قرارات تحركاته فى الفترة المقبلة، وما أراه مخلصا أن هناك العديد من القوى السياسية عليها التخلص من قيادتها التى فشلت فى إدارة أمور تنظيماتها، وترك الفرصة لإجيال جديدة ليست لها ثأرات أو خصومات مع الماضى، أجيال تفهم اللحظة وتنطلق عبر عصر جديد متمسكة بكل أفكارها وقيمها، لكن فى إطار واضح من المشاركة والتوافق، والحرص على كافة قيم العصر والحداثة.
إن العالم من حولنا يتقدم، ويتأهل لاستقبال كل مستجداته، بينما نحن منذ عامين ونصف العام نقف عند لحظة صراع بائسة تشتبك مع الماضى بدلا من البحث عن المستقبل، نزيد من رقعة صراع الحاضر، بعيدا عن حل مشكلات الجماهير وتلبية رغباتها، وهذا ما فعلته جماعة الإخوان، انشغلت عن مصالح الناس بصراعات حقيقية ووهمية، وطاردت مؤامرات حقيقية ووهمية، فانحرفت عن المسار الذى كان يجب أن تسلكه، فهلكت وهلكنا معها، لذا نحن نشير من البداية إلى ضرورة العمل الجاد من أجل الذين نتحدث عنهم طوال الوقت ولا نعمل من أجلهم ولو للحظة واحدة.
وليس من نافلة القول أن نكرر لمن هم فى مقدمة المشهد الآن، أن فى هذه البلاد (من نتحدث عنهم كثيرا ونعمل من أجلهم قليلا) جائعا يجب إطعامه، ومريضا يستوجب علاجه، وعاطلا لا بد من تشغيله، وغير متعلم واجب تعليمه، وكلها أمور يجب عدم الانتظار عليها بل النظر فيها والعمل على تحقيقها كحق لهم لا إحسان عليهم، وبعد ذلك اذهبوا وابحثوا أمور الحكم والسياسة دون أن تنسوا أبدا أن السيادة والشرعية والقوة أصبحت للشعب.
الاسلاميون عائدون في مصر وسحر الانقلاب ينقلب فوضى
عبد الباري عطوان/القدس العربي
أساء الفريق الاول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة، ومعه جميع قادة جبهة الانقاذ المعارضة، تقدير قوة التيار الاسلامي بقيادة حركة الاخوان المسلمين، عندما اقدم على قيادة الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ووضعه رهن الاعتقال.
المشكلة ان مصر هي التي ستدفع ثمن سوء التقدير هذا من استقرارها ودماء ابنائها، ووحدتها الوطنية، وهذه كارثة بكل المقاييس.
الرئيس مرسي ارتكب اخطاء اثناء فترة حكمه القصيرة (عام واحد فقط)، ولكن هذه الاخطاء، مهما كبرت، كانت صغيرة، مقارنة مع أخطاء المؤسسة العسكرية وانقلابها الذي يمكن ان يقود البلاد الى حمام دم قد يحصد حياة المئات وربما الآلاف.
بالأمس نزل مئات الآلاف من انصار التيار الاسلامي الى الميادين في مختلف محافظات مصر مطالبين بعودة رئيسهم، والتهديد باللجوء الى العنف اذا لم يتحقق طلبهم هذا، وهم، او بعضهم، يقول ويفعل، وشاهدنا ذلك بوضوح في افغانستان والعراق وسورية وليبيا واليمن.
نعم قوات الجيش تملك الاسلحة والدبابات والطائرات العمودية، ولكن ماذا بإمكانها ان تفعل في مواجهة هذه الجموع الغاضبة، هل ستقتل مئة، مئتين، الفين، عشرة آلاف؟
ولماذا، لأنهم يتظاهرون لاسترجاع سلطة وصلوا اليها عبر صناديق الاقتراع وفي انتخابات حرة نزيهة؟
هذا الغرب المنافق الذي ظل على مدى مئة عام يحاضر علينا حول الديمقراطية وقيمها، ويتغنى بالديمقراطية الاسرائيلية، لماذا يقف صامتا امام هذا الانقلاب على الديمقراطية وحكم صناديق الاقتراع؟
هل لان الفائز في هذه الديمقراطية هو من انصار التيار الاسلامي، وهل هم مع الديمقراطية في بلادنا التي تأتي بأحزاب وفق مقاساتهم، وتطبق سياساتهم ومشاريعهم في الهيمنة في المنطقة؟
امريكا سقطت.. الاتحاد الاوروبي سقط.. وكل المقولات الليبرالية التي تدعي التمسك بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة سقطت ايضا، وبات واضحا ان الليبرالي في مفهوم الغرب هو الذي يتخلى عن عقيدته وقيمه ومبادئه، ويتبنى المبادئ الغربية التي تضعها واشنطن ومحافظوها الجدد.
فوجئت بالدكتور محمد البرادعي احد منتوجات هذه الليبرالية الغربية ودعاتها يكشف في حديث لصحيفة ‘نيويورك تايمز′ انه اتصل بجون كيري وزير الخارجية الامريكي، وكاثرين اشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي من اجل تأييد الانقلاب العسكري، الذي كان احد ابرز المتآمرين للاعداد له. وفوجئت اكثر ان هذا الليبرالي يؤيد اغلاق ست قنوات تلفزيونية متعاطفة مع التيار الاسلامي.
انصار ‘الديمقراطية’ وحكم صناديق الاقتراع، ولا نقول انصار التيار الاسلامي، يتدفقون بالآلاف الى ميادين المدن والقرى والنجوع لكي يطالبوا بعودة الرئيس المنتخب، ويعبروا عن استعدادهم للشهادة من اجل هذا الهدف.
كنا نتوقع ان يتدخل الجيش المصري لنصرة الشرعية الديمقراطية لا من اجل سحقها، واعتقال رموزها، والانحياز لصناديق الاقتراع، لا لدعم من يريدون اسقاط هذه الشرعية من خلال التظاهر وشاشات التلفزة.
الانقلاب العسكري سيؤدي حتما الى خدمة الجماعات المتطرفة داخل التيار الاسلامي وحركة الاخوان بالذات، وسيؤكد مقولة تنظيم ‘القاعدة’ والجماعات الاخرى التي ترفض الديمقراطية وتعتبرها ‘بدعة غربية’، وتطالب بالاحتكام الى السلاح وليس الى صناديق الاقتراع لإقامة دولة اسلامية تكون نواة لدولة الخلافة.
المعتدلون في التيار الاسلامي وحركة الاخوان المسلمين سيكونون هم الضحية، لان صوتهم لن يكون مسموعا في اوساط القواعد الشعبية، لان جنوحهم للاعتدال، وتبنيهم للخيار السلمي ونبذ العنف اثبت عدم جدواه بعد الانقلاب العسكري الحالي، الذي نرى ارهاصاته في تنصيب رئيس غير منتخب، وحل مجلس الشورى، واعلان الاحكام العرفية، وشنّ حملة اعتقالات دون اي مسوغات قانونية، وتحت اتهامات واهية.
ما هي التهمة التي سيحاكم على اساسها الرئيس محمد مرسي، وما هي الجريمة التي ارتكبها حتى يتم اعتقاله مثل اي مجرم؟ فالرجل لم يقتل بعوضة ولم يسرق جنيها واحدا، ولم يعين اقاربه في اي منصب، والغالبية العظمى من ضحايا الصدامات امام قصر الاتحادية وفي ميدان رابعة العدوية من انصاره.
شخصيا قابلت الرجل لأكثر من ثلاثة ارباع الساعة، ولم اسمع منه غير لغة التسامح مع الآخر، والحرص على حقن الدماء، والتركيز على كيفية اعادة الكرامة لمصر وشعبها، واحياء صناعتها الوطنية الثقيلة، وانعاش قطاعها الزراعي، بالانحياز الى الفلاحين البسطاء ملح الارض.
من سيصدق الحكم العسكري الذي يدير شؤون مصر حاليا عندما يتحدث عن الديمقراطية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد ان اهانوا الرئيس المنتخب وحلوا مجلس الشورى المنتخب ايضا؟ ومن سيذهب الى صناديق الاقتراع بعد هذه الخطيئة الكبرى؟
نختلف مع حركة الاخوان في الكثير من طروحاتها، وكنا نتمنى لو انها انحازت الى قضية العرب المركزية، ودشنت عهدها في السلطة بطرد السفير الاسرائيلي واغلاق سفارته في القاهرة، ولكن هذا لا يمكن ان يدفعنا للوقوف ضدها، او التشكيك في شرعية رئيسها المنتخب، حيث قلنا وكررنا اكثر من مرة ان عليه ان يكمل مدة حكمه، وان على من يريد اسقاطه ان يذهب الى صناديق الاقتراع.
نخشى على مصر وشعبها الطيب من الحرب الاهلية، نخشى على الفقراء وهم الاغلبية الساحقة من الجوع والحرمان وعدم ايجاد لقمة العيش لاطعام اطفالهم، ولكننا على ثقة بأن هؤلاء لن يقبلوا مطلقا ليبرالية كاذبة مزورة مضللة تقود، بل تمهد الطريق، لانقلاب عسكري يؤدي الى تعميق الانقسام ودفع البلاد الى الحرب الاهلية حتى يصلوا الى الحكم على ظهور الدبابات، وليس من خلال صناديق الاقتراع.
بعد نكسة 30 يونيو.. ماذا يَنتظر قيادة «الإخوان» بمصر.. إقالة أم استقالة؟
جمال خاشقجي /الحياة اللندنية
يفترض أن حملة الاعتقالات التي يشنها «النظام الجديد» بمصر على «الإخوان المسلمين» ما هي إلا موقتة فرضتها ظروف الانقلاب والخشية من أن ينظم «الإخوان» أو أنصارهم مقاومة له تفتح باباً لفتنة لا يريدها أحد، ذلك أن مثل هذه العلاقات تتنافى مع روح الثورة الأولى (25 يناير) التي قيل إن الثورة الثانية (30 يونيو) جاءت لتصحيح مسارها.
ويفترض أيضاً أن تتعافى القوى المدنية من نشوة الانتقام وتعود إلى مبادئها فترفض اعتقال خصومها من «الإخوان»، وقمع الحريات الإعلامية ونزعة الإقصاء المتنامية في الإعلام المصري، فتدعم المصالحة الوطنية ومشاركة الجميع في بناء مصر جديدة بعد السقوط السريع للجمهورية الثانية.
ويفترض أيضاً أن يتوقف «الإخوان» عن تسيير التظاهرات تحت راية «إعادة الشرعية»، والاكتفاء بالرسالة التي بعثوا بها، وهي أنهم ضحوا وماتوا من أجل مبادئ الديموقراطية وسيادة الشعب، فهم يعلمون (أو يفترض ذلك) أنهم سيعجزون عن إسقاط النظام الجديد الهجين والمختلط بين عسكر ومدنيين ويتمتع بمباركة الدولة العميقة (نظام مبارك) وقوى إقليمية، فالتظاهرات الحاشدة التي أسقطتهم سمح لها وشجعت وموّلت من دولة عميقة وقوى خارجية وإعلام متواطئ ضدهم، أما تظاهراتهم فهي تفتقد كل ذلك، وسيتم التعامل معها بقسوة لأنها «تهدد الوحدة الوطنية». نعم إنه تمييز في المعاملة، ولذلك جعل الله سنة التدافع والابتلاء، والحصيف من أدرك ذلك.
بعد حصول كل الافتراضات السابقة سيكون من الجيد أن يقبل «الإخوان» ولو على مضض بالأمر الواقع على طريقة الاعتراف «دي فاكتو» ليس بالنظام القائم وإنما بالواقع، ويعودوا إلى الساحة التي يجيدون التدافع فيها، أي العمل السياسي، يجب ألا يغرقوا في قصة المؤامرة، فهي موجودة، وثمة من أراد سقوطهم وعمل على ذلك، ولكنهم سقطوا بما كسبت يداهم، هل هناك خطأ أكبر من اختيار أضعف القيادات لتقود أخطر مرحلة؟ يجب أن يقتنعوا بأن الملايين التي خرجت في 30 يونيو أرقام حقيقية وجزء كبير منها صادق.
أمام «الإخوان» مهمات عدة، ولعل من أهمها دراسة حالة الكراهية والرفض لهم من قبل قطاع كبير من المصريين. إنها خسارة أكبر من خسارة الحكم، ما يستدعي الإجابة عن السؤال «لِمَ يحمل لنا البعض هذه القدر من الكراهية؟»، الإجابات الأسهل مثل أن هؤلاء من «الفلول»، أو لأنهم غير متدينين، مريحة ولكنها ليست صحيحة. الخطوة الأولى هي الاعتراف بأن «الإخوان» خسروا الكثير في قلب وعقل المواطن المصري.
يجب ألا يراهنوا على رفض المجتمع الدولي للانقلاب. إنه مجرد احتجاج روتيني من قوى غربية. ليكن الضغط الآن على السلطة الجديدة للتعجيل بخريطة الطريق وإجراء الانتخابات ومنع الإقصاء وعودة السلطة للشعب، ففي ذلك مساحة ستعيدهم إلى أجواء التعاون مع القوى الوطنية الأخرى، وإن كنت أتوقع أن ثمة قوى ستسعى إلى إقصاء «الإخوان» وإذلالهم، وستحاول دفع الآخرين لرفض التعاون معهم، حركات صبيانية ولكن السياسة المصرية للأسف طافحة بها.
ولكن قبيل ذلك أو معه، لا بد لـ «الإخوان» من إعادة ترتيب بيتهم من الداخل، ومن ثم ساحة الإسلام السياسي الذي خسر الكثير في نكسة 30 يونيو.
في أدبيات «الإخوان المسلمين» حديث متكرر عن تحويل «المحن إلى منح»، فلتكن هذه إحداها. لعل حكيماً بينهم يقول لهم «لا تحسبوه شراً لكم، بل هو خير لكم» فالانقلاب جاء في الوقت المناسب لتطهيرهم من جملة من الأخطاء تدافعوا إليها منذ أن قرروا دخول الانتخابات الرئاسية. أخطاء كفيلة بأن تفكك الجماعة من الداخل، فما تسرّب من خلافات بين قطبيها نائب المرشد خيرت الشاطر والقيادي المعتدل حسن مالك أثار قلق قواعد الجماعة، وخوفها على تماسك الجماعة. ليس سراً أن «إخواناً» حقيقيين (الكاتب الشهير صاحب سر المؤلفات العديدة ضد «الإخوان» ثروت الخرباوي ليس منهم) انصرفوا بعيداً وبهدوء وآثروا الصمت تقديراً للمرحلة التي تتطلب وحدة الصف.
حان الوقت لجلسة محاسبة وجرد للمكاسب والخسائر، وعملية إعادة هيكلة للجماعة تحميها من عملية التآكل التي أصابتها منذ عقدين، التي خسرت فيها خيرة قياداتها، والتي كانت السبب الرئيس لنكسة 30 يونيو.
إن محور الصراع داخل الجماعة هو بين تيارين، عنيد يرى الجماعة قلعة متماسكة تقود المجتمع، وتيار يرى الجماعة قوة وطنية بين آخرين، مستعدة للتعاون والتنازل وقبول أنصاف الحلول. المجموعة الأولى يمثلها خيرت الشاطر، أما المجموعة الثانية فهم أمثال أبوالعلا ماضي، وعصام سلطان، والدكتور محمد محسوب، وآخرهم عبدالمنعم أبوالفتوح. إن أياً من الأسماء السابقة كان قادراً أن يقدم وجهاً مقبولاً للإسلام السياسي لو حلّ مكان الرئيس «المقال» محمد مرسي الذي كان مجرد «إخواني» تقليدي دفعته الظروف إلى سدة القيادة.
منذ أعوام وثمة حديث عن إصلاحات أردوغانية تحتاجها الجماعة، في إشارة إلى ما فعله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ولكن كانت دوماً تنتهي بخروج أو إخراج دعاتها من الجماعة. بعد ثورة 25 يناير 2011 جرت تلك الإصلاحات ولكن بشكل ظاهري فقط، عندما شكّل «الإخوان» حزباً سياسياً مستقلاً يمثلهم هو «الحرية والعدالة»، ولكنه كان مجرد واجهة، فأسوأ قرار اتخذه الرئيس المقال (التعديلات الدستورية في تشرين الثاني /نوفمبر الماضي الذي كان بداية النهاية)، لم يتخذه بناءً على معلوماته كرئيس له مخابرات وأمن، بل بناء على معلومات وتوصيات مكتب الإرشاد.
خلال الأزمات التي صنعها الرئيس مرسي أو صنعت له، برزت كفاءات إسلامية خارج حزب «الإخوان» (الحرية والعدالة)، كانت أقدر على التواصل مع القوى الوطنية الأخرى، وأكثر إقناعاً، مع التزام كامل بالمشروع الإسلامي الوطني، خصوصاً في حزب الوسط، وحزب النور السلفي. إنه من العبث أن تبقى هذه التيارات العدة متفرقة. المشروع الأردوغاني يقول بذلك، ولا يمكن لهذه التيارات أن تندمج في تكتل واحد طالما أنه يتلقى أوامره من «الإخوان»، ولكن يمكن في لحظة التأمل هذه، بعيداً عن الحكم، واستعداداً للجولة الثانية في بناء الدولة المصرية الجديدة، أن تتدارس القوى الإسلامية الشابة كيف تستطيع أن تخرج بمشروع توحيدي كهذا، ولكن يحتاج ذلك إلى قرار من «الإخوان» ومرشدهم بالابتعاد عن مجريات الأمور والبقاء في مجال الدعوة للفكرة الإسلامية وليس لتفاصيلها.
هل يستطيع «الإخوان» ذلك؟ بالطبع، إذا ما تحملت القيادة التي خسرت معركة 30 يونيو مسؤولياتها، فتستقيل طواعية وتفتح الباب أمام جيل جديد يفهم التحولات من حوله ويتفاعل معها بشكل أفضل.
ظل المرشد وظل الجنرال
غسان شربل/ الحياة اللندنية
ذهب الدكتور محمد البرادعي إلى قصر الاتحادية للقاء رئيس مصر محمد مرسي بناء على اقتراح الأخير. كان الاجتماع ثنائياً لكن الزائر استشعر وجود آخرين. رأى وراء الرئيس ظل المرشد محمد بديع وظل نائبه خيرت الشاطر. وهذا النوع من الظلال مثير للشكوك. خاف الزائر أن يكون المرجع الفعلي للرئيس مرشد الجماعة لا الدستور. ولهذا قال البرادعي لصحيفتنا «التقيت الرئيس وحاورته ويئست منه».
ذهب حمدين صباحي إلى قصر الاتحادية. إصرار الظلال على حضور الاجتماع ذكره بما دار بينه وبين مرسي المرشح قبل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. كان حمدين نال ما يقرب من خمسة ملايين صوت في الدورة الأولى لكنه خرج من السباق. وكان مرسي يأمل في اجتذاب هذه الكتلة لضمان فوزه في مواجهة الفريق أحمد شفيق. طرح حمدين على مرسي سؤالاً صعباً: «هل ستكون في حال فوزك رئيساً مستقلاً عن إرادة جماعة الإخوان؟». لم يستطع مرسي الإجابة ورد مقترحاً على حمدين منصب نائب الرئيس لكن الأخير اعتذر.
ذهب عمرو موسى إلى قصر الاتحادية والتقى الرئيس والظلين. لم يخف بعد اللقاء ومتابعته أداء الرئيس خوفه على مصر التي انجبت طه حسين ونجيب محفوظ ولعبت دوراً تنويرياً في حياة أمتها. خاف على روح مصر.
كان ذلك قبل أيام من 30 يونيو (حزيران) الذي اتفق الثلاثة في اعتباره يوماً مفصلياً. اعتبروا أن لا بد من انتخابات رئاسية مبكرة لإنقاذ البلاد من عهد مرسي وبدا واضحاً أنهم يستهدفون إنقاذها من الظل الكبير المخيم على العهد ظل المرشد.
تقضي المهنة أن لا يقع الصحافي تحت جاذبية المعارضين. لذلك كان لا بد من الذهاب إلى مقر «حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لـ «الإخوان». سألت نائب رئيس الحزب الدكتور عصام العريان إن كان توقع سقوط الرئيس حسني مبارك وأن تنتقل مصر إلى العيش في ظل رئيس من «الإخوان». أعجبني جوابه: «أجزم بأن هذا الحلم لم يخطر على بال أي مصري. يكذب عليك أي مصري يقول لك إنه كان يتوقع نجاح الثورة أو سقوط حسني مبارك أو أن يصبح محمد مرسي رئيساً. لولا أن عصر المعجزات انتهى لقلت لك إننا نعيش هذا العصر».
لم يكن العريان قلقاً من «30 يونيو». طمأنينته دفعته إلى القول إن مرسي لن يكمل ولايته فقط بل قد يفوز بولاية ثانية. كان واثقاً ومطمئناً ودعانا بعد انتهاء الحديث، زميلي محمد صلاح وأنا، إلى مكتب رئيس الحزب سعد الكتاتني حيث لم نشم أيضاً رائحة قلق.
فاجأت «ثورة يناير 2011» مرشد الجماعة كما فاجأت كبير الجنرالات يومها المشير حسين طنطاوي. تصرف الرجلان تحت وقع المفاجأة. حرص الناخبين على إبعاد ظل الجنرال مبارك وجنرالاته أوقعهم في عهد مرسي وظل المرشد. لم يستطع مرسي تبديد الانطباع «أن مكتب الإرشاد هو رئيس الرئيس». تراكمت أخطاؤه ولم يرحمه الإعلام.
خوف ملايين المصريين من «الأخونة» حول «30 يونيو» إلى انتفاضة واسعة ضد الرئيس والظل المرابط في القصر. في يناير 2011 شعر طنطاوي أن على الجيش الالتحاق بالميادين. في يونيو 2013 شعر الفريق أول عبد الفتاح السيسي أن على الجيش أن يتصالح معها ويرعاها. انتفاضة واسعة كاملة وشبه انقلاب. رفض «الإخوان» الاعتراف بكامل المشهد. رفضوا التوقف عند الأسباب التي دفعت الملايين إلى الميادين للهتاف ضدهم. ورفضوا التوقف عند الملايين التي وقعت على عريضة «تمرد». فضلوا التوقف عند ظل الجنرال السيسي لتقديم الجماعة في صورة الضحية وصورة المظلوم. وحين أدى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور اليمين القانونية رئيساً للبلاد فضلوا الاكتفاء برؤية ظل الجنرال السيسي وراءه.
ما شهدته مصر أمس مقلق فعلاً. دفع البلاد إلى نفق الاقتتال بين ظل المرشد وظل الجنرال وخيم العواقب. جازف «الإخوان» بإدخال ظل المرشد إلى قصر الرئاسة. إزاحة رئيس منتخب في شبه ثورة وشبه انقلاب تتضمن أيضاً مجازفة. لا حل غير الإسراع في الخروج من هذا النفق. الخروج إلى مصر تعيش في ظل دستور منسجم مع روحها وفي ظل رئيس منتخب لا يكبله في القصر ظل المرشد أو ظل الجنرال.
الولايات المتحدة وإرادة الشعوب
عبد العزيز المقالح/الخليج الإماراتية
كل القادة العرب، وكل قادة الدول الإسلامية، الأحياء منهم والأموات، حاولوا وجدّوا واجتهدوا في كسب ود الولايات المتحدة، وإظهار أبعد مما يسمى عادة بحسن النوايا أو الولاء الخالص، إلاّ أن هذه المحاولات ظلت معلّقة في الهواء وكأنها تشبه حالة ذلك الحب الذي يقال عنه إنه من طرف واحد، ولهذا خسر بعض هؤلاء القادة مكانتهم لدى شعوبهم، ولم يحصدوا الشيء الذي توخّوه من وراء الارتماء في أحضان البيت الأبيض . ولا غرابة إذا كانت نهاية بعضهم قد جاءت على يد رجال من هذا البيت الذي لا يتردد عند اللزوم في أن يمرّغ وجوه عاشقيه ويسلمهم إلى مصيرهم من دون رحمة أو إشفاق . ولا أريد أن أستعرض أسماء عدد من الرؤساء العرب ورؤساء الدول الإسلامية الذين عوقبوا من الولايات المتحدة بسبب إخلاصهم لها، فالأسماء حاضرة ومرسومة في الأذهان ومصائر بعضها لايزال يشكّل أمثولة للعظة والعبرة . وليس الأمر مرتبطاً بما يقال من أن السياسة متقلبة ولا لون لها ولا ثبات، وأن المصالح - كما يقولون - هي التي تحكم العلاقة بين الشعوب وقادتها، وإنما الأمر بالنسبة إلينا، نحن العرب وأشقاؤنا من المسلمين، يختلف كثيراً، وتعود أسبابه إلى استصغار بعض حكامنا لأنفسهم، وثقتهم أو قناعتهم بأن الولايات المتحدة هي القوة الأعظم، وهي التي “تقسم الأرزاق بين الأمم”، هذا الوهم ومقابلته من الطرف الآخر بالازدراء الداخلي على الأقل هو الذي أخرج العلاقة من سياقها الطبيعي، يضاف إلى ذلك أنها - أي هذه العلاقة غير الطبيعية - بدت وكأنها لعنة تاريخية تحيق بأولئك الخائفين من شعوبهم والذين وصلوا إلى الحكم عن طريق المصادفة، وهم لذلك يتمسكون بالدعم الموهوم من القوة الأعظم التي يرون أنه من دونها لا يستقر كرسي الحكم المهزوز، ولا يجد من يحفظه لصاحبه لأطول فترة ممكنة من الزمن .
واللافت أنه بعد سنوات من انكشاف هذا الوهم وانكسار الهالة التي كانت تصاحب اسم الولايات المتحدة، مازال بعض العرب وغير العرب (يهرولون) إلى البيت الأبيض طلباً للدعم والمساعدة غير معتبرين بأسلافهم، ولا مما وصلت إليه القوة العظمى من إنهاك أسهمت فيه حروبها العبثية في أفغانستان والعراق بعدما حشدت كل قوتها وقوات حلفائها، وبعد حرب استمرت عشر سنوات بالتمام والكمال . ورغم عدم التوازن في القوة ها هي القوة الأعظم تعلن فشلها في أفغانستان، وتعترف بقدرة “طالبان” على التحدي، ونجاحها في أن تفرض وجودها وشروطها، وهو موقف من شأنه أن يدعو بعض القادة العرب والمسلمين إلى الثقة بأنفسهم والبحث عن الولاء الحقيقي من شعوبهم، وكما استطاع نظام طالبان الذي يسكن الكهوف، ويتخفى في شقوق الصحراء أن يثبت وجوده، فإن كل نظام على وجه الأرض قادر على إثبات وجوده من دون سند خارجي .
اللعنة على الجبناء! يقول التاريخ للمرة المليون ويستمر بقولها إلى أن تعود إلى العقل البشري صحوته ويقظته . وإذا كان هناك في الوطن العربي والعالم الإسلامي من لم يستوعب صرخة التاريخ ويعي حكمته فإن اللعنة عليه وعلى الناس الذين يتحكم في رقابهم . وسيكون أثر اللعنة أقوى وأقسى على تلك الشعوب التي اكتوت بنيران الاحتلال والهيمنة السياسية والاقتصادية، لاسيما بعد أن أثبتت الشعوب الحية، ومن خلال مقاومتها أن القوة المادية ليست كل شيء على هذه الأرض، وأن أساطيل البر والبحر والجو لا يمكن أن تستعبد من البشر إلاّ من كان مهيّأً نفسياً وروحياً للاستعباد، أما الرافضون لبيع أوطانهم وأنفسهم فليس هناك قوة على وجه هذه الأرض قادرة على أن تفرض عليهم ما تريده أو ترغب في تمريره، فالإرادة الوطنية المتماسكة الصلبة تجعل من المستحيل تحديها والاستهانة بقدراتها .
الكبار يأكلون السُّلطة.. والأبرياء يدفعون الثمن
أكرم القصاص/اليوم السابع
من الطبيعى أن يدافع أعضاء وقيادات الإخوان عن الجماعة وخياراتها، وكان عليهم أن يدافعوا عن الجماعة بالتوقف عن الجشع والاستبعاد والاحتكار. لكن ما يحدث أن القيادات فى الواقع تدافع عن مصالحها التى اكتسبتها من السلطة والمال والنفوذ والمناصب، وهو إحساس إنسانى يمكن تفهمه، لكن لا يمكن تفهم الدفع بأبرياء للمواجهة وحشدهم فى المقدمة وشحنهم للاشتباك مع مواطنيهم، من دون أن يكون هؤلاء قادرين على امتلاك رؤية أو تصور، ويتم الدفع ببعض المحترفين ليمارسوا الشحن والتحريض على مواجهات، سوف يخسر فيها الجميع. مواجهات ما كان لها أن تحدث، لو تعاملت الجماعة وملحقاتها على أنهم مواطنون مثل غيرهم، لكنها مارست الغرور والصلف ورفضت أى انتقادات واعتبرتها أعمالا عدوانية، غير مدركة لتحولات السلطة شكلا ومضمونا، بعد يناير.
لم تستوعب الجماعة تحول نظرة الشعب إلى السلطة، والتى تختلف عن النظر للمعارض أو المستبعد. لقد تعاطف الشعب المصرى مع الإخوان وهم خارج السلطة، وتصورت الجماعة أن هذا التعاطف سوف يستمر بعد وصولهم للسلطة. وهو جزء من الحسابات الخاطئة التى تتملك التيارات والتنظيمات المغلقة.
هناك الكثير من أنصار الجماعة، يعترفون بأن الجماعة ارتكبت أخطاء كثيرة، بالجشع والطمع والكذب والإقصاء والاحتكار. وكان على هؤلاء أن يعترفوا وقتها بهذه الأخطاء، لكن حتى لو فعلوا لم تكن الجماعة تستمع إليهم.
فقد ظللنا طوال عام ننبه وننتقد والرد هو أن الآخرين لا يفهمون وأن الجماعة تعرف كل شىء. بل الغريب الآن أن الجماعة تتحدث عن نفسها أكثر مما تدافع عن الدكتور مرسى، وتسعى للتفرقة بين ما جرى فى يناير وما جرى فى يونيو، بالرغم من أن الشعب خرج فى يونيو لنفس الأسباب وبنفس الطريقة التى جرت فى يناير، الاحتكار والاستبداد والفشل الاقتصادى والاجتماعى.
انتقل فيروس التسلط من الحزب الوطنى إلى جماعة الإخوان، التى تفرغت لتمكين نفسها، وحاصرت الدكتور مرسى، وفرضت عليه برنامجها وتصوراتها، وهى رؤية عجوز شاخت وتكونت داخل تنظيم مغلق لا يستمع لغير صوته، ويمنع الانتقاد ويرفض الاستماع للأصوات المعارضة داخله، وحولت السياسة إلى مباراة فى الملاكمة والمصارعة يجب أن تنتهى بمصرع أحد الأطراف. مع رفض تقبل الاختلاف.
كان الرهان أن تكون لدى الجماعة القدرة على تفهم تطورات العصر، وانتهاء عهد احتكار الرأى والتعبير، واتساع دوائر المشاركة، لكن اكتشف خصوم الجماعة وأنصارها أنها لا تمتلك خططا وتصورات تفصيلية، وأنها غير قادرة على التفاعل مع مؤسسات الدولة، وبالرغم من الفشل، كانت تمتلك نهما للسلطة واحتلال مناصب لا تستطيع استعمالها. وأنها فقط تفرض أهل الثقة والجماعة فى كل المناصب والمواقع القيادية، وفشل هؤلاء فى تثبيت أقدامهم، بل إنهم استبعدوا من هم خارج الجماعة، الأمر الذى ضاعف من حالة العداء معهم، مثلما جرى من قبل مع الحزب الوطنى، كما أن حزب الحرية والعدالة هو الآخر أصبح رمزا للسلطة الغاشمة، مثل الحزب الوطنى. لتتكرر التجربة.
كل هذا أصبح الآن مثار جدل داخل أعضاء الجماعة، الذين رأوا قياداتهم يغامرون بالجماعة من أجل سلطة فشلوا فى استعمالها، بينما يدفع الأعضاء الثمن وينتقلون إلى خانة العداء مع مواطنيهم. هذه هى نتائج الخطط الغبية للفشل والتسلط. حيث يأكل الكبار السلطة، ويدفع الأبرياء الثمن.
قراءة في مستجدات الأزمة السورية
د. صالح لافي المعايطة/الرأي الأردنية
أفرزت الازمة السورية توازنات اقليمية متباينة الاتجاهات لوجود شبكة من المصالح المعقدة والمركبة والمتعارضة، وأخرى دولية غير متوافقة حول الحل العسكري ولا حتى الحل السياسي، ولكن المفاجأة ان احدا لم يكن يتوقع صمود النظام السوري طوال هذه الفترة. واعتقد ان الازمة السورية تجاوزت مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية وامتدت الى ما فوق الاقليمية والدولية، وقد تقود الى صياغات جديدة على الساحة الاقليمية، وهذه فرصة لا تريد كل من روسيا والصين وحلفائهما تفويتها لتأكيد حضورهما الاقليمي مع ايران التي اصبحت لاعب اقليمي اكثر واقوى من تركيا التي تكتفي بالتصريحات دون تدخل فعلي.
ترتكز استراتيجية بشار الاسد على المزاوجة بين تفريغ المساعي الدبلوماسية من مضامينها المؤثرة من خلال المماطلة وخلط الاوراق، مع الاستمرار بأعمال القتل والترويع بالأساليب العسكرية لكسر إرادة المعارضة معتمدا على قوة الجيش، لأن الجيش هو النظام والنظام هو الجيش فإذا سقط احدهما سيسقط الآخر حتما.فقد يسقط النظام من الداخل إذا تراجعت قدرات الجيش وقدرات سلاح الجو، وإذا حصل انقلاب عسكري أو تمرد وهذا مُستبعد في المدى المنظور لأن الطائفة العلوية تُشكل ما نسبته 75% من الجيش حيث يبلغ عدد ضباط الجيش السوري 36 ألف ضابط منهم 28 ألف ضابط علوي.
ليس المهم رحيل الاسد ولكن المهم من هو البديل وفي المعطيات الحالية لا يوجد نظام بديل مُقنع، لكن تُوجد قوى بديله متناقضة ومُشتتة وهي مزيج من المعارضة السياسية والعلمانية والمعارضة السلفية ألجهادية ولكن في حالة بقاء بشار الاسد وانتصاره على المعارضة فإن هذا سيقود الى قيام النظام بالانتقام من الدول التي دعمتْ المعارضة من خلال الاعمال الارهابية والتخريبية وتنفيذ بعض الاغتيالات هنا وهناك. وهذا قد يُشجع إيران وبعض الطوائف في بعض دول الاقليم للاستمرار في الحرب ضد المعارضة العلمانية والسنية على كافة الأصعدة وهذا حتما سيزيد من حدة الاقتتال الطائفي في العراق وسوريا ولبنان.
إن تسليح المعارضة هو فقط لتحقيق بعض التوازن وإطالة مدة القتال وليس تحقيق النصر على النظام، فالنصر العسكري ممنوع على كلا الطرفين حتى يذهب الجميع الى جنيف/2، فالسبب الرئيسي لتسليح المعارضة هو لخلق توازن مضاد لتدخل حزب الله والتدخل الايراني ووقف التقدم الميداني الذي حققته قوات النظام في بعض المناطق، فمثلاً إذا أنتصر نظام الاسد فإن الولايات المتحد ستخسر ما بقي لها من مصداقية وقوة ردعية في الشرق الاوسط، وهذا ايضا مرتبط برغبة اسرائيل ومصالحها في بقاء ورحيل نظام الاسد. وبالمقابل إذا انتصر نظام الاسد فإنه سيجعل من موسكو من جديد حليفا جذاباً ومغريا بالنسبة للكثير من دول المنطقة، وستصبح ايران أكثر قوة من أي وقت مضى على اعتبار ان رئيساَ سورياً ضعيفاً سيشعر بأنه بحاجة الى إيران في كل شيء، كما أن إيران ستستمر في تطوير برنامجها النووي، بعد أن أدركت ان الولايات المتحدة غير قادرة على إيقاف ذلك، كما ان حزب الله سيصبح اكثر قوة من قبل من خلال تقاسمه الترسانة العسكرية السورية الخطيرة من خلال تأثيره على رئيس سوري ضعيف.
أما إذا انتصرت المعارضة على نظام الاسد فأن الامور ستتغير حيث سيتم فصل سوريا عن ايران ومعها من الوصول الى البحر الابيض المتوسط وهذا يحرم حزب الله من المساند الرئيسي « سوريا ويفقد شرعيته في العالم الغربي وبعض الدول العربية والإسلامية، وهذا التحول قد يساعد على عودة اللاجئين من الاردن ولبنان وتركيا، ولكن هذا السيناريو بعيد الاحتمال وصعب ومركب ومعقد بدون توحد المعارضة والائتلاف وزيادة الدعم الغربي لقوات المعارضة وأن يكون البديل جاهزا.
أعتقد أن الازمة السورية خرجت من أيدي السوريين انفسهم بعد دخول حزب الله وإيران في القتال الى جانب قوات النظام بمستويات مختلفة حيث اتخذ الصراع بعدا طائفياً آخذا في التعمق والتوسع، وأن الحظر الجوي لن يكون مفيداً بسبب تداخل قوات الطرفين، لأن معظم العمليات القتالية هي في المناطق ألمبنية كم أن إدارة أوباما لازالت تذكر الفشل الاميركي في فيتنام ولصومال والعراق وأفغانستان.
في الختام اقول أن كلما امتد اجل حل الازمة السورية تزايدت تداعياتها الاقليمية والدولية على دول الجوار، واصبح الحل العسكري صعب ومكلف جدا, واذا الوضع والمعطيات الراهنة استمرت دون تغيير فإن المعارضة المسلحة مضطرة في النهاية الى التكيف مع الامر الواقع، وقبول مبدأ التدرج في حل الازمة وتقديم بعض التنازلات.