Haneen
2013-07-22, 09:56 AM
اقلام واراء عربي 455
21/7/2013
في هذا الملــــف:
الأردن الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية
سلطان الحطاب-الرأي الأردنية
دعم أردني موصول للشعب الفلسطيني
(رأي الدستور الاردنية)
(سلفة) فلسطينية مستعجلة للأميركيين
جهاد المومني-الرأي الأردنية
العودة إلى العبث التفاوضي
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
حماس وتحالفات الربيع !
سميح المعايطة-الرأي الأردنية
شعب فلسطين وأخطاء "الإخوان"
علي جرادات-الخليج الإماراتية
رسالة إلى أسير
بركات شلاتوة- الخليج الإماراتية
وصيتى للإخوان
محمد حبيب-المصري اليوم
أردوغان ونهاية حلم الخلافة
رحيم الكشكي-الشرق الأوسط
هل انتصر الأسد حقا؟
عبدالرحن الراشد-الشرق الوسط
لا تذبحوا الثورة السورية باسم الخلافة
وائل مرزا-الشرق القطرية
الأردن الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية
سلطان الحطاب-الرأي الأردنية
في مناسبة رحيل مؤسس المملكة الملك عبدالله بن الحسين الذي يصادف اليوم (62) سنة على رحيله نستذكر قوله عند وصوله إلى عمان في الثاني من مارس آذار عام 1920 «والله ما جاء بي إلا حميتي ولو أن لي سبعين نفساً لبذلتها في سبيلكم».
ذلك كان شعار الهاشميين الذين قدموا التضحيات في سبيل فلسطين والقدس، فكان صاحب المقولة شهيداً في القدس التي لم يتخل عنها الهاشميون وظلوا أوفياء لها إذ ما زال الدعم الأساس للقدس ومسجدها الأقصى ومقدساتها يأتي من الأردن وهذا ما يغضب بعض التيارات اليمينية الصهيوينة إذ بدأ الأردن بالضغط مباشرة وعبر المحافل الدولية وأصدقاءه الأوربيين والأميركيين على اسرائيل لمنعها من مواصلة مستوطنيها وجنودها اقتحام ساحات المسجد الأقصى وانفاذ تهديداتهم أو السماح لهم بالعبور من باب المغاربة حيث نجح الضغط الأردني في منع ذلك وفي هذا السياق قام نواب في الكنيست الاسرائيلي بالاحتجاج على الموقف الأردني وقدموا مذكرة تطالب حكومة نتنياهو بوقف التدخل الأردني حيث يتزعم هؤلاء المتطرفين الارهابي موشيه فيغلين والتي جاء فيها (إن الأردن يمنع نتنياهو من السماح لأعضاء الكنيست بدخول الحرم القدسي وذلك بعد اخراج أحد أعضاء الكنيست قبل أسبوع وكان العضو المطرود من الأقصى هو «زئيف الكين» الذي بدأ حملة ضد الأردن في الكنيست.
الملك عبدالله الثاني يواصل اتصالاته ومنها الأخيرة في واشنطن بهذا الخصوص وكان قد تحدث عن البيان (الاتفاقية) الموقعة مع الرئيس محمود عباس بخصوص الحفاظ على المقدسات الاسلامية وتجديد ولاية الهاشميين عليها كما تحدث مع وزير الخارجية جون كيري عن هذه المسألة أمس الأول عند اللقاء به في عمان. الجهود الأردنية المتصلة بخصوص القدس ومقدساتها عبر عنها ايضاً مفتي القدس والديار الفلسطينية إمام المسجد الأقصى فضيلة الشيخ محمد حسين في خطبته المميزة التي أطلقها من مسجد الملك الحسين بن طلال في عمان وقد حضرها الملك وولي عهده وقد أشار فيها إلى استمرار رعاية الهاشميين للمقدسات ودفاعهم عن القدس ودور الملك عبدالله الثاني المستمر الآن وهذا ما تحدث عنه أيضاً في مقابلة مع جريدة الرأي تنشر يوم الاثنين غداً الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بقوله «الأردن الداعم الأكبر لمواقفنا» ففي الوقت الذي يضطرب فيه العالم العربي في اكثر من دولة عربية مؤثرة ويتراجع دعم القضية الفلسطينية وتنفرد اسرائيل بالشعب الفلسطيني الصامد وتحاول أن تديم احتلالها وتفرض هيمنتها المستمرة باستمرار سجن المناضلين الفلسطينيين واحتلال الأرض الفلسطينية ومواصلة الاستيطان..يبذل الأردن جهوداً متواصلة اذ يمكن الأطراف المعينة من إعادة انتشال عملية السلام فهو يستقبل وزير الخارجية الأميركية في زياراته المكوكية أكثر من مرة خلال أسبوع ويضعه في صورة التحديات التي تواجه المنطقة نتاج التعنت الاسرائيلي كما يواصل دعم مواقف السلطة الفلسطينية فقد حذر الأردن من ضياع آخر فرصة ونبه إلى المخططات الاسرائيلية ولفت نظر الرئيس محمود عباس إلى ضرورة الامساك باللحظة التاريخية وعدم السماح لاسرائيل باستمرار اظهار الفلسطينيين كما لو أنهم يرفضون عملية السلام وهو ما كانت تدركه قيادة الرئيس عباس وتعمل من أجله لتضع اسرائيل في موقع لا تحسد عليه من ضغط اوروبي وتحول نسبي أميركي جعل وزير الخارجية الاميركي يعاود زيارته ويمددها ويمسك بثابت التفاوض حول حدود عام 1967 وهو ما يريد فيه الفلسطينيون ضمانات من الادارة الأميركية قبل أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات أو في حال عدم حسم موضوع الاستيطان.
الرئيس عباس للراي اثنى على المواقف الملكية للملك عبدالله الثاني والشعب الأردني بكل تعبيراته وخاصة مجلس النواب وقال أن الأردن سندنا الأول ويقف معنا في نفس الخندق ضد هذا اليمين الاسرائيلي مؤكداً أن التنسيق بين الأردن وفلسطين في افضل مستوياته وأن الأردن ينسق معنا وننسق معه في كل خطوة وهو يسخر في سبيل ذلك كل أجهزة الدولة الأردنية لدعم وخدمة قضيتنا وقضيته وهي القضية الفلسطينية.
نحن أقوياء بحقنا لن نثير الكونفدرالية فقد تجاوزنا ذلك وخرافة الوطن البديل غير واردة ولا هجرة فلسطينية للأردن إننا هنا صامدون نموت ولا نهاجر وصمودنا ندعمه بكل امكانياتنا والأردن يساعدنا في كل اللحظات الصعبة وعلينا أن نجدد شرعيتنا بالانتخابات وأن لا نسمح لأحد أن يرهنها.
دعم أردني موصول للشعب الفلسطيني
(رأي الدستور الاردنية)
لم يكن الدعم الأردني الموصول للشعب العربي الفلسطيني، وقضيته العادلة أمرا عابرا، أو خطاب علاقات عامة، بل هو في صميم مبادئ الثورة العربية الكبرى التي فجرها شريف العرب ومليكهم الحسين بن علي، وحمل رايتها أبناؤه وأحفاده البررة ولا يزالون الأوفياء لهذه الأهداف.
ومن هنا وظف جلالة الملك عبدالله الثاني امكانات الأردن المادية والدبلوماسية لدعم نضال الشعب الفلسطيني الشقيق للحصول على حقوقه الوطنية والتاريخية المشروعة وفي مقدمتها اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذا السياق فلا بد من الاشارة بالدور الأردني في حماية القدس والاقصى، وتشكيل لجنة مختصة تتولى الاشراف على المسجد وترميمه وصيانته، ليبقى شوكة في عيون الصهاينة الحاقدين.
ومن هنا جاءت عبارات الشيخ محمد حسين خطيب الاقصى ومفتي الديار الفلسطينية المفعمة بالتقدير والعرفان لجلالة الملك ولدوره في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من عبث الصهاينة المجرمين فهذا هو دأب الهاشميين كان ولا يزال وسيبقى، بدءا من الشريف الحسين بن علي الذي رفض ان يساوم على ذرة من تراب فلسطين، وتبرع بحوالي 50 ألف ليرة ذهبية في العشرينيات من القرن الماضي لترميم الاقصى وعلى نهجه سار الملك المؤسس الذي استشهد على اعتابه، والملك الباني الحسين الذي أسس صندوقا لهذه الغاية وعلى نهجه يسير الملك المعزز عبدالله الثاني.
إن دور الأردن في دعم ومساندة الشعب الشقيق ينبع من كون القضية الفلسطينية، قضية أردنية، فما يمس الشعب الشقيق يمس الاردن، ومن هنا نجد جلالته يؤكد أكثر من مرة بان اقامة الدولة الفلسطينية هي مصلحة فلسطينية مثل ما هي مصلحة أردنية. وفي التفاصيل نجد جلالة الملك حريصا على تذكير العالم والعواصم صاحبة القرار بخطورة عدم حل القضية الفلسطينية وخطورة عدم انصاف الشعب العربي الفلسطيني وتركه يعاني من الاحتلال، فهو الشعب الوحيد الذي لا تزال ارضه محتلة، وبالتالي فلا امن ولا استقرار في المنطقة ولا في العالم بدون حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يؤدي الى اقامة الدولة الفلسطينية الى جانب دولة اسرائيل.
جلالة الملك الذي يقرأ الواقع قراءة عميقة حذر أكثر من مرة من خطورة تراجع القضية الفلسطينية على الاجندة العربية والدولية بفعل المستجدات، ودعا الدول الشقيقة الى اعادة الاهتمام بالقضية وعدم ترك الشعب الفلسطيني وحيدا تحت رحمة الاحتلال، وهذا ما دعا الى بذل جهود مضنية للتغلب على الصعوبات واستئناف المفاوضات وفق سقف زمني محدد ومرجعيات دولية تفضي الى حل الدولتين.
مجمل القول: إن انحياز الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الى الشعب الفلسطيني الشقيق، ودعم نضاله المشروع، وحقه في اقامة دولته المستقلة، ثابت من ثوابت سياسته، التي لا تتغير ولا تتبدل، فالهم الفلسطيني هو هم أردني، والأردن هو الأقرب والأوفى لفلسطين كان وسيبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
(سلفة) فلسطينية مستعجلة للأميركيين
جهاد المومني-الرأي الأردنية
اتفق وزير الخارجية الاميركية مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على مبادئ عامة تشجع على لقاء تمهيدي في واشنطن وليس بالضرورة على العودة الى طاولة المفاوضات، ويتكتم الوزير كيري على هذه المبادئ حتى لكأن المسألة تنطوي على مفاجأة مفرحة للمتحمسين من العرب لاعاة الحياة الى مسيرة السلام ولو شكليا.
الفلسطينيون اصبحوا خبراء في التعامل مع احتياجات الادارات الاميركية المتعاقبة، تلك الاحتياجات التي تدفع كيري الى القيام بسلسلة من الجولات المكوكية الى المنطقة في محاولات حثيثة – كما تبدو - لاعادة الحياة لمسار اللقاءات الاسرائيلية الفلسطينية، والدافع كما في المرات السابقة في زمن ادارات بوش الابن والابن وكلنتون ليس الحرص الاميركي على تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وانهاء الصراع، وانما شيء آخر على علاقة بتراجع دور الادارة الاميركية ازاء قضايا الشرق الاوسط وحاجتها الى عامل تحريك خارجي يعيد التأثير التقليدي العريق للسياسة الاميركية في جميع شؤون المنطقة وخاصة الملف العربي الاسرائيلي، ففي اميركا اليوم هرج يحتدم بدأ يظهر على صفحات الجرائد وعلى السنة المعلقين السياسيين والاعلاميين بمن فيهم نجوم الكوميديا الساخرين عن الاسباب التي جعلت روسيا تتقدم خطوتين في منطقة النفود الاميركي وعلى حساب حضور واشنطن سياسيا وعسكريا بل وعلى صعيد التأثير الاقتصادي ايضا .
الفلسطينيون يعرفون ان واشنطن تحتاج الى (فزعتهم ) وليس العكس والاسرائيليون لا يريدون شريكا لواشنطن في رعاية عملية السلام الشكلية والفعلية، لكنهم معنيون بالتلويح بورقة روسيا كلما تناهت من واشنطن اصوات تطالب بالعقلانية في توجهات ادارة اوباما ، وبدور ايجابي لواشنطن في صراع صامت وربما منسي لكنه موجود، واسرائيل تجيد لعبة الابتزاز خاصة انها لا تعاني ضغوطا امنية من الجانب الفلسطيني، ففي الاراضي المحتلة هدوء أكثر من الدول العربية ذات السيادة، ولا تعاني اسرائيل اية تهديدات خارجية من جيرانها المقاومين الذين لا زالوا يحتفلون بانتصارات تشرين 1973 وتموز 2006 ..! اسرائيل اليوم تخاف من المتطرفين في سوريا ومصر أكثر من المتطرفين في غزة ومن الغريب بالفعل انه ما من متطرفين اسلاميين او مجاهدين في الضفة المحتلة، بل ان الحركة الاسلامية داخل الخط الاخضر أكثر نشاطا ضد اسرائيل من الحركة الاسلامية في اراضي السلطة الوطنية وقطاع غزة ..! لقاء واشنطن المرتقب يستند على موافقة فلسطينية غير مشروطة، وكل ما في الامر ان واشنطن طلبت (سلفة) على الحساب من الاصدقاء الفلسطينيين بقبول عقد لقاء مع الاسرائيليين مقابل خدمة عاجله غير ملزمة للاسرائيليين بالافراج عن فلسطينين، وليس لدى اسرائيل من مانع بالافراج عمن اعتقلتهم على سبيل الاحتياط بعد لقاءات عمان التي انتهت الى لا شئ .
لم يعد للولايات المتحدة من شأن في سوريا او العراق او مصر او اليمن او ليبيا او تونس هذه الايام، فقد خرجت من المعادلة كليا او انها في طريقها للخروج، ولم تبق غير قضية فلسطين التي تمسك بها واشنطن كما يمسك الأسد المريض طريدته الميته لا يملك الا ان يحرسها من افواه الضباع المتلهفة لكنه بين فينة واخرى يسد رمقه بقضمة ..!
العودة إلى العبث التفاوضي
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
في الحملة الانتخابية “الإسرائيلية” العام ،1996 وكانت المنافسة بين بنيامين نتنياهو وشمعون بيريز، شن نتنياهو هجوماً عنيفاً على حزب “العمل” الذي وقّع اتفاق “أوسلو” مع الجانب الفلسطيني، معتبراً أن فيه “تنازلات” للفلسطينيين . وكان مما قاله في تلك الحملة، إن العرب لديهم القابلية للسير باتجاه “إسرائيل” حيث تقف، فلماذا علينا أن نسير باتجاههم؟ . . من يتابع مسار الصراع العربي الصهيوني يجد الأرضية التاريخية لكلام نتنياهو .
حين ذهبت القيادة الفلسطينية إلى محفل مدريد سنة ،1991 لم تكن الظروف في ذلك الوقت لمصلحة الجانب الفلسطيني الذي أورد لتفسير قراره بالذهاب إلى مدريد سلسلة عوامل كلها يجب أن تدفع إلى عدم الذهاب . هذا مما يقال فيه عادة إنها مقدمات صحيحة لاستنتاجات خاطئة . فعندما تكون موازين القوى على الأرض لمصلحة طرف ما، تكون نتيجة المفاوضات لمصلحته بالضرورة، أي أن ما يجري في الميدان ينعكس على الطاولة . في العمل الدبلوماسي المشروع، يمكن التغلّب على الاختلال بموازين القوى في حالة واحدة هي وجود توازن دولي يحيّد موازين القوى بين طرفي التفاوض . محفل “مدريد” لم يستند إلى الشرعية الدولية، بل كان الشرط “الإسرائيلي” أن يحضر مندوب الأمم المتحدة مؤتمر مدريد ك”مراقب”، أي أخرس لا يجوز له الكلام، وهذا ما كان لها .
إذاً، “مدريد” كان نقطة انطلاق لعملية تسوية بلا أفق، وبالأساس كان ذلك الحدث الذي أخرج بشكل إعلامي لافت، غطاء لمفاوضات مباشرة تدور في حلقة مفرغة . هذا الكلام كان في ذلك الوقت مثاراً لجدل كبير في الساحة الفلسطينية، وعندما عاد أعضاء وفد “مدريد”، خرجوا في جولات وشرحوا للفلسطينيين في القرى والأرياف والمدن، ما قاموا به و”الانتصارات” التي تحققت هناك، وكان من بينها أن عدد المصفقين لكلمة المرحوم حيدر عبدالشافي، رئيس الوفد، أكثر من عدد المصفقين لكلمة إسحاق شامير الذي كان رئيس الوفد “الإسرائيلي”، والذي لم يتردد في الزعم بأن القدس الموحّدة “عاصمة للشعب اليهودي منذ خمسة آلاف عام” .
كان واضحاً أن لقاءات ما بعد محفل مدريد شكّلت غطاء وجذباً للأنظار عن لقاءات سرية شهدتها النرويج وأفضت إلى ما عرف ب “اتفاق أوسلو” الذي أوهم الفلسطينيين، من دون أن ينص على أن المرحلة النهائية، أي خمس سنين منذ التوقيع، ستنتهي إلى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس . لكن خلال السنوات الخمس لم يتوقّف الاستيطان، واستمر تهويد القدس وهدم منازل المقدسيين، وتواصلت عمليات القتل والاعتقال وتقييد تنقّل الفلسطينيين بمئات الحواجز .
الآن، وبعد ثلاثة وعشرين عاماً من الفشل، يعود الجانب الفلسطيني إلى المفاوضات في ظل تصعيد غير مسبوق في الاستيطان وتهويد القدس . وما يتردد عن اعتزام “إسرائيل” إطلاق سراح عدد من الأسرى، ليس سوى رشوة لتمرير قرار العودة إلى المفاوضات . كان على الجانب الفلسطيني قبل أن يتجاوب مع جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أن يسأل نفسه إن كان حصل أي تغيير في الظروف التي قادت إلى فشل التسوية، ما يمكن أن يخلق أوهاماً جديدة .
ما دام أن الظروف لم تتغيّر، فإن أمريكا لا تريد من هذه المفاوضات سوى الغطاء على مخططاتها التخريبية في المنطقة وفي بعض الدول العربية .
حماس وتحالفات الربيع !
سميح المعايطة-الرأي الأردنية
مع بداية الظهور السياسي لحماس في بداية التسعينيات كان بعض قادة حماس من اهل الحكمة والافق يتحدثون عن خطأ استراتيجي وقعت فيه منظمة التحرير عندما دخلت في ساحات عربية وخاضت حروبا خارج ارض فلسطين وخسرت شعوبا عربية وتوجه سلاحها الى غير الاحتلال . وكان هؤلاء يؤكدون ان حماس لن تكرر خطأ المنظمة ولن تكون جزءا من اي شأن داخلي لاي دولة عربية .
هذه المقدمة اسوقها وانا وكل متابع للشأن المصري واعلامه يرى الهجوم الكبير على حماس واتهامها بالتدخل في الشأن المصري واستخدام قدراتها الامنية والعسكرية لمناصرة الاخوان المصريين وهي اتهامات لايمكننا نفيها او اثباتها لكنها وردت حتى في احكام قضائية مصرية في قضية هروب المساجين من سجون مصر بعد الثورة . وايا ما كانت قوة هذه الاتهامات الا ان هناك تيارا واسعا في مصر يقف موقفا معاديا لحماس لتدخلها في الشأن المصري وهناك مؤسسات سيادية مصرية تحمل ذات القناعات، وكل هذا يترك اثاره على مصالح الشعب الفلسطيني او على الاقل شعب غزة الذي تحكمه حماس . ومانراه اليوم في سيناء من مواجهة بين جيش مصر ومجموعات مسلحة وعمليات تدمير الانفاق جزء من تداعيات العلاقة بين مصر وحماس والاخوان .
هذا الجانب ليس نهاية حكاية حماس والربيع العربي لكنه جزء هام لانه مع مصر بمكانتها ودورها السياسي والجغرافي، لكن حماس في فترات الربيع تعاملت باعتبارها جزءا وفرعا من فروع الاخوان المسلمين، وتجاوزت دورها الحقيقي في حمل رسالة القضية الفلسطينية بل انها استعملت علاقاتها السياسية لجلب الجماعة الى تحالفات ومحاور، والخطأ الاخر الذي ارتكبته حماس انها كانت جزءا من محور اقليمي بقيادة قطر وتركيا وعضوية الاخوان عمل خلال عامي 2011 و2012 في العديد من الساحات بهدف احداث تغيير لمصلحة الاخوان، ونسيت انها تحمل جزءا من القضية الفلسطينية التي تهم الجميع ، وان خوض المعارك تحت لواء اي حلف اقليمي لتحقيق اهداف لاعلاقة لها بفلسطين لايخدم القضية الام . قبل الربيع كانت حماس تقيم كتنظيم في سوريا، وكانت تتحدث عن النظام السوري شاعريا باعتباره قلعة الصمود والداعم الاكبر للمقاومة، وتصف سوريا ورئيسها بكل الاوصاف التي تجعلك تشعر ان التفكير بنقد النظام السوري خيانة للقضية الفلسطينية، وكان هذا وحماس تعلم ان النظام له تاريخ مع الاخوان المسلمين وحماه، وان اخوانهم السوريين في المنفى منذ عشرات السنين، وكنا نسمع من الاخوان السوريين حديثا مفعما بالاسى سببه اندفاع حماس واخوان الاردن في التبعية للنظام السوري متجاهلين قضية الاخوان المسلمين السوريين وجاءت الاحداث في سوريا لتتبنى حماس موقف الحلف التركي القطري الاخواني .
والقضية ليست في قناعتها بل في مصداقية الموقف، ولان النظام السوري لم يكن يقدم نفسه ديقراطيا مثل سويسرا بل له تاريخ معلوم، لكن الحلف الجديد جعل حماس تخسر مصداقية مواقفها، ولو انها ابتعدت لربما كان لها عذر، ولعل هذا الموقف سبب بعض الخلاف داخل الحركة لان الموقف من سوريا امتد الى الموقف من ايران وحزب الله.
الموضوعية تقول ان حركة تنظيم مثل حماس في خارطة الدول ليست سهله، لكن نعود الى بداية الحديث وذكاء القيادة في الابتعاد عن الانغماس في اي شأن داخلي عربي، والقدرة لاي قيادة في ان تختار تحالفات لاتحولها الى اداة بايدي الدول . وربما كان على حماس مع بداية الربيع العربي ان تضع لنفسها مسارا عنوانه خدمة القضية الفلسطينية وليس دفع اثمان سياسية لمحور او دولة او مقر اقامة، وحماس اليوم ليست بالضيق الذي كانت عليه المنظمة لانها تستطيع ان تجد لها مقرا في غزة التي تحكمها، وقائد حماس له موقع وسلطة ولايحتاج الى مقر اقامة في اي عاصمة وضابط ارتباط مع اجهزة الامن فيها .
اليوم حماس في وضع سياسي تدفع فيه ثمن ما يجري، فمصر تغيرت بنيتها الحاكمة وهناك موقف من تدخل حماس في شؤنها، وسوريا لم يخسر نظامها الحرب وان كان لم يكسبها ولديه موقف عدائي من الاخوان وحماس، والمحور الذي كانت حماس جزءا منه يتعرض للتراجع، وغزة لم تعد حالة مدهشة وليست معقلا للجهاد والمقاومة فالهدوء يسود الحدود، والتنظيم الدولي الذي يساند الحركة لديه مشكلات كبرى، وحتى عمان والاخوان فيها فلديهم مشكلات داخلية، وجزء من الحراك الاخواني الداخلي موجه لنفوذ حماس داخل الجماعة .
مصلحة فلسطين وقضيتها ان تبقى عناوينها خارج كل المعارك الا ضد الاحتلال، وربما مثل كل البنى فان حماس معنية بتقييم مسارها خلال الربيع وما بعده، وعلاقتها بالاخوان من حيث الاستخدام والتدخل وتقديم الخدمات التي لا تتوفر للاخوان ، وايضا علاقة بساحاتهم كل هذا يترك اثاره على حماس، وعلى طاولة حماس سؤال حول علاقتها بلبنان وسوريا بعد ازمة سوريا، ومصر والاردن وحتى بعض دول الخليج، وسؤال العلاقة بقطر بعد التغيير الاخير.
شعب فلسطين وأخطاء "الإخوان"
علي جرادات-الخليج الإماراتية
مع اندلاع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى في نهاية العام 1987 سارع الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين إلى تأسيس حركة المقاومة الإسلامية، “حماس”. هنا، ورغم أن هذه الخطوة جاءت بعد 40 عاماً على النكبة و20 عاماً على “النكسة”، وربع قرن ويزيد من محاربة “إخوان” فلسطين لفصائل الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة، وعقدٍ ويزيد من تيه “أولوية مناصرة مجاهدي أفغانستان” على القضية الوطنية الفلسطينية، ورغم أنها خطوة لم تُكمل الانخراط الميداني في النضال الفلسطيني بالدخول في إطاره الوطني التمثيلي العام، منظمة التحرير الفلسطينية، فإن القوى الوطنية والقومية واليسارية الفلسطينية، وكذا نظيراتها العربية، رحبت بهذه الخطوة ورأت فيها إضافة إلى الجهد الوطني والقومي العام في مواجهة الاحتلال، لاسيما أنها جاءت من طرف يمتلك قاعدة شعبية منظمة لها ثقل في المجتمع الفلسطيني، وفي المجتمعات العربية، بعامة، ما يفسر ما حازته “حماس” من تأييد عربي رسمي وشعبي واسع لدرجة أن تحتضنها أنظمة عربية تحظر نشاط جماعة “الإخوان” في بلدانها، وأن تدعمها قوى شعبية عربية قومية ووطنية ويسارية تختلف - فكرياً - مع فروع جماعة الإخوان في بلدانها . وأكثر من ذلك فإن تأسيس حركة “حماس” كقوة مقاومة للاحتلال جعل كثيراً من هذه القوى تراجع مواقفها من فروع جماعة الإخوان، عموماً، وتعقد معها تحالفات سياسية ونقابية بلغت ذروتها في بناء “المؤتمر القومي الإسلامي” . وكان لافتاً أن تكون القوى القومية والوطنية واليسارية المصرية في طليعة المبادرين إلى هذا التوجه برغم ما لها مع جماعة “الإخوان” من خصومة أنتجها عداء الجماعة الأيديولوجي للتجربة الناصرية وانجازاتها القومية والوطنية والاجتماعية .
إذاً، لم تكن القوى القومية والوطنية واليسارية العربية، والمصرية منها بالذات، تتعامل مع جماعة “الإخوان” بناء على خلفية أيديولوجية جامدة مسبقة، بل بناء على متغيرات الواقع واغتنام كل فرصة متاحة لتجاوز البغضاء والضغائن . يشهد على ذلك، أيضاً، اضطرار قطاعات واسعة من هذه القوى إلى تأييد مرشح الجماعة، مرسي، في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة المصرية بعد ثورة 25 يناير . لكن “الإخوان” بعد الفوز بالسلطة تحللوا من وعودهم في المشاركة والنأي عن المغالبة، وفتحوا كتاب “التمكين المقدس”، وكشفوا عن أنهم مجرد جماعة تحمل مشروعاً فئوياً أيديولوجياً تجاه الدول العربية، بعامة، وتجاه الدولة العربية الأكبر، قلب الأمة، مصر، تحديداً .
هنا كان على قيادة “حماس” أن تحافظ على رصيدها النضالي وقاعدتها الشعبية فلسطينياً وتحالفاتها السياسية الرسمية والشعبية عربياً بوصفها قوة مقاومة وطنية فلسطينية عبر النأي عن الوقوع في خطيئة الانحياز الأيديولوجي الفئوي للجماعة الأم بكل ما يجلبه ذلك عليها وعلى قضية فلسطين وشعبها في كل أماكن وجوده، وفي غزة تحديداً، من عواقب وخيمة وآثار سلبية . لكن، ولما كان “الطبع يغلب التطبع”، فقد وقعت “حماس” في هذه الخطيئة، حيث سال لعاب قيادتها تجاه احتمال سرعة وقوع الدولة السورية في قبضة جماعة “الإخوان” كتيار نافذ في المعارضة السورية المسلحة، وتجاه ما ستوفره لها “أخونة” الدولة المصرية من ميزات ومصالح، ولاسيما أن هذه الدولة على مرمى حجر من قطاع غزة الذي اختطفته “حماس” بقوة السلاح وأقامت عليه سلطة أمر واقع مارست فيه صورة مصغرة عن خطاب التمكين الإخواني . وبالمحصلة عادت حركة “حماس” إلى الخطاب الإخواني التقليدي المرادف للتخلي التدريجي عن خطاب الوطنية الفلسطينية والتحلل من تحالفات سابقة مع قوى عربية رسمية وشعبية، لا بل والاصطفاف في معسكر مناوئ لهذه القوى على مستوى الموقف، بينما هنالك من يتهمها بالتدخل العملي في الأزمتين السورية والمصرية . ولا عجب . أما لماذا؟
تنص المادة الثانية من ميثاق الحركة الصادر في أغسطس/ آب 1988 على أن “حركة المقاومة الإسلامية، “حماس”، جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين . وحركة الإخوان تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث، وتمتاز بالفهم العميق، والتصور الدقيق والشمولية التامة لكل المفاهيم الإسلامية في شتى مجالات الحياة، في التصور والاعتقاد، في السياسة والاقتصاد، في التربية والاجتماع، في القضاء والحكم، في الدعوة والتعليم، في الفن والإعلام، في الغيب والشهادة، وفي بقية مجالات الحياة” . أما المادة السادسة فتنص على أن “حماس حركة فلسطينية متميزة تعطي ولاءها لله، وتتخذ من الإسلام منهج حياة، وتعمل على رفع راية الله في كل شبر من فلسطين” . أما “إخوانية” “حماس” وأيديولوجيتها فنقرأها واضحة صريحة في مقدمة الميثاق التي تعتبر “حماس” “النواة” التي “ولدت من وسط الخطوب، وفي خضم المعاناة، ومن نبضات القلوب المؤمنة والسواعد المتوضئة، وإدراكاً للواجب، واستجابة لأمر الله” . إذاً “حماس” هي - كما يرد في الميثاق - تعبير عن “الدعوة” أولاً، وعن “التلاقي والتجمع” ثانياً . ويؤكد الميثاق قضية جديرة بالانتباه والتوقف عندها حيث ينص على أن “العروبة ( . . . . . . . .) على منهج الله” .
عليه، يتضح بما لا يقبل مجالاً للشك أن استدارة قيادة “حماس” السياسية الفئوية، هي - أساساً - ما أوصل الحركة إلى ما تعانيه، (ومعها من أسف قطاع غزة)، من مأزق متعدد الأوجه، ذلك أنها تناست - بوعي أو بجهالة - أن الدعم العربي الرسمي والشعبي الواسع الذي طالما تمتعت به منذ انطلاقتها، هو في الجوهر والعمق دعم للقضية الفلسطينية وناتج عن انخراط الحركة في المقاومة ضد الاحتلال، وليس دعماً للاختيارات الأيديولوجية “الإخوانية” لقيادتها .
بقي القول: صحيح أن قيادة “حماس” هي المسؤولة - أساساً - عن المشكلة السياسية مع كل ما هو غير “إخواني” من قوى الثورة المصرية، والثورات العربية، عموماً، لكن هذا لا يبرر بحال من الأحوال تحميل الفلسطينيين، عموماً، وفي غزة، خصوصاً، جريرة الحماقات السياسية لقيادة “حماس”، كما يجب ألا ننظر إلى بعض السياسيين والإعلاميين داخل مصر وخارجها الذين انزلقوا في هذا المطب كمعبرين عن الضمير الجمعي المصري والعربي، عموماً، والذي تشكل حالة التوحد مع قضية فلسطين وكفاح شعبها نواته الصلبة التي يصعب كسرها . يصدق ذلك حمدين صباحي - مثلاً - حيث قال: “حماس ندعمها كحركة مقاومة فلسطينية، أما اتهامها بالتدخل العملي في الأزمة المصرية، فهي بريئة حتى تثبت إدانتها” .
رسالة إلى أسير
بركات شلاتوة- الخليج الإماراتية
يخوض العديد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني إضرابات مفتوحة عن الطعام طلباً للحرية، أو لإنهاء عزلهم وتحسين ظروف اعتقالهم، من دون أن تستجيب “إسرائيل” حتى الآن لمطالبهم، حيث يعيش العديد منهم في مرحلة الخطر الشديد من جرّاء نقص الماء والسوائل في أجسامهم، ومعاناة الجزء الأكبر منهم أمراضاً استفحلت لضعف مقاومة أجسامهم لها .
الأسير عبد الله البرغوثي، صاحب أطول حكم في التاريخ (67 مؤبداً)، دخل إضرابه عن الطعام العد التنازلي نحو المئة يوم، ورغم ذلك لم يلق إضرابه الصدى الذي يستحقه في الشارع الفلسطيني أو الإعلام، نظراً للانشغال بأمور أخرى أهمها، كما يبدو، المفاوضات مع الكيان الصهيوني، وطغيان التطورات العربية والإقليمية على المشهد العام، فضلاً عن الانشغال بمتابعة برامج رمضان ومسلسلاته وقضاء سهراته ونوم نهاره، على هذه القضية المركزية .
نستميحك عذراً يا برغوثي، لأنك لست على أجندتنا، فهناك أمور كثيرة أهم منك ومن إضرابك وأهم من عزلتك الجبرية، وأهم من أحاسيسك ومشاعرك كأب محروم من رؤية أطفاله، حتى من مربعات قضبان المعتقل، ولم تكتحل عيناك برؤية والديك المسنين على مدى عقد من الزمان، إضرابك لا يعنينا نعتذر لك . نحن بعد صيام ست عشرة ساعة نعود ونلتهم ما لذ وطاب من الطعام، لذا لم نجرّب الجوع الحقيقي وآلامه، أما أنت فقد عشش العنكبوت في معدتك التي لم يدخلها الطعام لأكثر من ثمانين يوماً .
أنت منحت الوطن حريتك مقابل حريتنا وعزّتنا وكرامتنا، لكننا خذلناك ونسينا أمرك وانشغلنا بأمورنا الخاصة ومصالحنا الذاتية من دون أن ننتبه إلى أنك بذلت كل ما تملك وأغلى ما تملك وهي الحرية ودفء الأسرة ومجاورة الأهل مقابل رفعة الوطن ومقاومة غاصبيه وتخليصه منهم .
نرجو ألا تؤاخذنا، لأننا وافقنا على الدخول في مفاوضات مع الاحتلال وألغينا شرط إطلاق سراح الأسرى وتبييض السجون ورضخنا لضغوط العرب والغرب، رغم أن “إسرائيل” قالت وبملء فيها إنها لن تطلق سراح أي أسير، ولن توافق على مرجعية حدود العام 1967 كمناطق للدولة الفلسطينية العتيدة، ولن توقف جنونها الاستيطاني أو تجمّده .
نعلم أنّك لم توافق يوماً على الرضوخ لغطرسة الكيان الصهيوني وصلفه وعنجهيته، لكن يبدو أننا نصاب بداء البلادة وتقلّ جرعة الوطنية فينا إلى الحد الأدنى طالما نحن خارج القضبان ولم نعش حياة البؤس والظلم والحرمان وعتمة السجون وقسوة الزنازين التي تعيشونها، وننشغل بحطام الدنيا ونركض خلف سرابها، أما أنتم فنعلم أنكم أفضل منا وأكثر وطنية منا وأجرأ منا في مواجهة الاحتلال، وأنكم واثقون بنصر الله المؤزر، كما أنكم تدركون أن هذا العدو الغاصب لا يؤمن بغير لغة القوة ولا تنفع معه المهادنة، فأنتم تجربونه كل يوم عن قرب وفي كل مرة ينقض العهود .
إلى كل الأسرى القابعين خلف قضبان القهر في سجون العدو الصهيوني ويحلمون ببزوغ فجر جديد ولم شمل مع الأهل والأحبة، نؤكد لكم أنكم تسيرون في الطريق الصحيح، وإن نحن لم نكافئكم ونؤازركم، فاعلموا أن الله تبارك وتعالى معكم، وهو لا يضيع أجر العاملين .
وصيتى للإخوان
محمد حبيب-المصري اليوم
لأنه كان مشهداً فريداً ورائعاً وعظيماً، فقد وجب علينا ألا نمل من استدعائه، بل الوقوف أمامه بكل التقدير والإجلال والاحترام.. إنه مشهد خروج عشرات الملايين من الشعب المصرى فى ٣٠ يونيو غضباً واحتجاجاً ورفضاً لحكم الدكتور مرسى والإخوان، الذى استمر لمدة عام واحد فقط.. كنا نتمنى من أعمق أعماق قلوبنا لهذا الحكم أن ينجح، لكنه للأسف خيب أملنا وأمل الجميع، وحقا ليس بالتمنى وحده تتقدم الشعوب.. كان لابد من قوة مؤسسية لها قدرتها وقدرها واحترامها، لتحقيق إرادة هذه الملايين، وإزاحة أى عائق يقف فى طريقها، ولم يكن سوى القوات المسلحة من يستطيع القيام بذلك، ولولاها لكانت العواقب وخيمة، لا أحد يتصورها أو يتحمل تبعاتها.. ومما لا شك فيه أن هذه الملايين خرجت بإرادتها الحرة، وما كان لأى جهة مهما بلغت أن تحركها، أو تتحكم فيها أو تسيطر عليها.. لقد كان المجتمع كله فى حالة احتقان وغليان.. كان على وشك الانفجار، حيث أدت ممارسات مرسى والإخوان إلى حنق وسخط كل الشرائح والفئات.
لقد أحدث عزل الدكتور مرسى عن منصبه اهتزازات عنيفة على المستويين الإقليمى والدولى.. فقد أعربت السعودية ودول الخليج عن رضائها، وعلى النقيض كان موقف تركيا.. وكما العادة، مارست الإدارة الأمريكية ضغوطا فى البداية للحيلولة دون عزل الرجل.. ومع الوقت باعته كما باعت مبارك من قبل، وقد أرسلت «وليام بيرنز»، مساعد وزير خارجيتها، كما بعث الاتحاد الأوروبى «كاثرين أشتون»، الممثل الأعلى لسياسته الخارجية والأمنية، إلى مصر للقاء كل الأطراف، للوقوف على حقيقة الأمر.. كان ضرورياً الاطمئنان على مسار العملية الديمقراطية بما يحقق تبييض وجه الإدارة الأمريكية أمام الجمهوريين والشعب الأمريكى، والتأكيد على أنه لن يكون هناك أى تغيير بالنسبة لسياسة مصر تجاه «إسرائيل» فيما يتعلق باتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام.
كانت الإدارة الأمريكية تتصور أن الإخوان هم الجواد الرابح، الذى يمكن أن تراهن عليه فى تحقيق مشروعها ومصالحها فى المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فضلاً عن التورط فى قيادة محور سنى فى مواجهة آخر شيعى، وقد تأكد لديها أن الإخوان فشلوا فى إدارة شؤون البلاد، ولم يتمكنوا من تحقيق الاستقرار السياسى، أو أن يضعوا حلولاً للوضع الأمنى، أو مخرجاً للأزمة الاقتصادية الحادة، ولأن الإدارة الأمريكية، والغرب عموماً، يعتمد فى سياسته على الفلسفة الداروينية الحديثة، وهى أن البقاء للأقوى، أو للأصلح، لذا لم يكن هناك أدنى مشكلة لدى الإدارة الأمريكية أن تغير ثوبها، وتخلع رداءها، وأن تولى وجهها شطر وجهة أخرى.
لذا أوصى الإخوان بأن يثوبوا إلى رشدهم.. وألا يستمعوا لمن يدفعون بهم إلى مزيد من الفشل والتردى،إذ تحت دعوى الدفاع عن الشرعية قبلوا للأسف – بوعى أو دون وعى – أن ينقادوا لعناصر من خارج جماعتهم..
أرجو أن ينهوا اعتصامهم، وأن يبتعدوا عن أى أعمال عنف من شأنها أن تزيد من كراهية الناس لهم.. لقد فقدوا خلال هذا العام رصيدهم لدى الشارع المصرى، وتراجعت شعبيتهم، وها هم الآن يفقدون ما بقى.. عليهم أن يدركوا أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وأصبح من المستحيل إعادة الدكتور مرسى لسدة الحكم.. فهل يستمعون؟! وهب أنه عاد، فما الذى يمكن أن يفعله، خاصة أمام هذا الرفض الشعبى الهائل، وبعد هذه الدماء التى سالت؟ لقد كانت تحت يديه سلطات واسعة فأساء استخدامها، وكانت أمامه فرص كثيرة، لكنه – للأسف – ضيعها وأهدرها.
أيها الإخوان: لقد استعجلتم قطف ثمار لم تنضج بعد، وتقدمتم لتحمل مسؤوليات لم تكونوا مستعدين لها.. عليكم أن تعيدوا حساباتكم، وأن تعملوا على استعادة ثقة الناس بكم.
أيها الإخوان: إن الحفاظ على مؤسسات الدولة، مع ما فيها من خلل وقصور، واجب وطنى وقومى وحضارى، ولنعلم جميعا أن محاولة النيل من الجيش المصرى، معنويا أو ماديا، كناطح صخرة، لن يجنى سوى الفشل والهلاك، فضلا عن أنه خيانة وطنية.. إن تاريخ الجيش يؤكد أنه كتلة صلبة متماسكة غير قابلة للتشرخ، أو التصدع تحت أى ظرف، وذلك لطبيعة تركيبته وتكوينه، العضوى والعقدى والثقافى والوطنى والتاريخى.. والذين أتيح لهم شرف الالتحاق بالقوات المسلحة يعرفون ذلك جيدا.
أردوغان ونهاية حلم الخلافة
رحيم الكشكي-الشرق الأوسط
<tbody>
</tbody>
لم يكن أحد يتوقع سقوط الإخوان بهذه السرعة وبالذات بعد كلمة الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع يوم الثاني عشر من مايو (أيار) أمام جمع من الأدباء والفنانين التي أكد فيها ضرورة إيجاد توافق سلمي بين النظام الحالي والمعارضة، وقال إن «محدش هيشيل حد» وإن «الجيش لن ينزل إلى الشارع ليغير أنظمة، وإذا نزل فإن مصر ستعود إلى الوراء 40 عاما»، وحث على الوقوف أمام صناديق الاقتراع ولو لمدة 15 ساعة أفضل من تدمير البلد.
قد يكون هذا أكبر دليل على أن عزل الرئيس مرسي كان عملا وطنيا واستجابة لمطالب الشعب، ولم يكن مخططا له وإلا لما أعطى السيسي إشارة واضحة إلى الجميع أن يتخلوا عن فكرة انقلاب عسكري على الحكم رغم انطلاق حركة «تمرد» يوم السادس والعشرين من أبريل (نيسان) ونجاحها في جمع مئات الألوف من التوقيعات في أول أيامها وبدء الدعوات للنزول لمظاهرات حاشدة ضد الإخوان يوم الثلاثين من شهر يونيو (حزيران). ثم جاء اليوم الموعود حيث نزل أكثر من ثلاثين مليون مصري في جميع أنحاء مصر واستجاب جيش مصر العظيم لشعبه وسقط نظام الإخوان بعد عام واحد من الحكم.
كان أمام الإخوان فرصة ذهبية للتربع على عرش مصر لعشرات السنين لو أنهم فقط حذوا حذو حليفهم رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، الزعيم الوحيد الذي بدا غاضبا ومرتبكا وتخلى عن حذره في التعليق على أحداث ثورة 30 يونيو - على عكس جميع زعماء الدول الأخرى - وأطلق تصريحات ضد الجيش المصري للتحيز لما سماه الأقلية، وضد ازدواجية معايير الدول الغربية لعدم تسميتها ما يحدث بمصر بالانقلاب وعدم الدفاع عن مبادئ الديمقراطية وشرعية الصندوق، وأعرب عن تقديره للاتحاد الأفريقي لتعليق عضوية مصر، وبدأ يشير إلى الانقلابات التي حدثت في تركيا وتوعد بمحاسبة أي قائد انقلاب مهما طال الزمن.
حين بدأ أردوغان حياته السياسية كان برعاية نجم الدين أرباكان، الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا، الذي أسقطه الجيش التركي - في رابع انقلاب له منذ عهد كمال أتاتورك - في 30 يونيو (حزيران) عام 1979 بعد عام واحد على تولي رئاسة الوزراء بعد أن نادى إلى التقارب مع إيران والبعد عن «الغرب الكافر»، على حد قوله.
بعد عدة أشهر من عزل أرباكان وفي نفس العام ألقى أردوغان خطابا وسط مؤيديه قائلا: «مساجدنا ثكناتنا، قبابنا خوذاتنا، مآذننا حرابنا، والمصلون جنودنا»، إلا أنه سجن لمدة أربعة أشهر بتهمة إثارة الفتنة والتحريض على الكراهية الدينية. فطن أردوغان إلى ضرورة تبني صورة إسلام أكثر وسطية ليصمد أمام جيش مترقب لأي محاولة تغيير لهوية تركيا المدنية، وبذلك نجح بالفوز في انتخابات رئاسة الوزراء في عام 2003، وفي أول خطاب له أعلن عن نيته دعم ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي الذي في ظاهره يؤكد على مدنية الدولة، ولكن في باطنه يضمن تقليص صلاحيات الجيش الذي وقف عاجزا عن التحرك لكون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان مطلب المدنيين وهو الذي قام بالانقلاب على أرباكان بدعوى حمايتهم. وعلى مدى السنوات العشر التالية نجح أردوغان تدريجيا في السيطرة على الحكومة والشرطة والرئاسة والمحكمة الدستورية وأغلق المؤسسات الإعلامية المعارضة وزج بكل صحافي معارض لنظام الحكم في السجن إلى درجة صارت تركيا تحتل المركز الثالث بعد روسيا والصين في عدد الصحافيين المسجونين طبقا لتقرير في مجلة «الإيكونوميست» البريطانية وتقهقرت تركيا من المركز الـ99 في عام 2002 إلى المركز الـ154 في عام 2013 بالنسبة إلى حرية التعبير عن الرأي طبقا للتقرير السنوي لـ«مراسلون بلا حدود»، وأخيرا السيطرة على الجيش عندما نجح في إطاحة جميع قيادته عام 2011 واستبدل بهم أهل «الثقة» ومن يدينون له بالولاء.
هكذا فعل أردوغان إنما على مدار عشر سنوات، والأهم أنه في المقابل اهتم بالاقتصاد وحول تركيا من دولة على وشك الإفلاس إلى واحدة من الدول الأكبر اقتصادا في العالم واهتم بتحسين مستوى المعيشة للفرد الذي تضاعف دخله أكثر من ثلاث مرات، الأمر الذي جعل شعبية حزبه تتزايد على مدار ثلاث دورات انتخابية برلمانية على الرغم من جميع سلبياته، مما شجعه على الإفصاح عن نيته لتغيير الدستور لتبني النظام الرئاسي، حيث إن الدستور الحالي لا يسمح له بالترشح لرئاسة الوزراء مرة أخرى.
كان واضحا أن الأولوية عند الإخوان في مصر هي السيطرة على جميع مفاصل الدولة في أسرع وقت ممكن مهما كانت الخسائر ودون أي اعتبارات، فكان الهجوم على المشير محمد طنطاوي وزير الدفاع السابق واللواء مراد موافي رئيس الاستخبارات الذي انتهى بعزلهما والانفراد بكتابة دستور إخواني وفرضه بالقوة على جميع فئات الشعب دون التوافق عليه، ثم دعوات تطهير الداخلية والسيطرة الكاملة على الحكومة والمحافظين والهجوم الضاري على القضاة والمحكمة الدستورية وتغيير أعضائها والهجوم على جميع الإعلاميين ومالكي القنوات الفضائية المعارضة للنظام. كل هذا في غضون أشهر معدودة في الوقت الذي تراجعت فيه جميع المؤشرات الاقتصادية وازداد المواطن المصري فقرا.
يبدو لي أن غضب أردوغان سببه سوء أداء الإخوان بعد أن فتح لهم أبواب البيت الأبيض بعد ثورة 25 يناير وساندهم طوال العامين الماضيين، قد يكون سببه هو إيقانه أن فشلهم الذريع قد قضى على حلمه لعودة الخلافة منذ أن انتهت عام 1927 على يد كمال أتاتورك، وقد يكون ارتباكه بسبب ذعره من إمكانية تكرار سيناريو محمد مرسي معه شخصيا على يد الجيش التركي الملقب بحامي حمى المدنية.
هل انتصر الأسد حقا؟
عبدالرحن الراشد-الشرق الوسط
أكثر ما سمعته في الأشهر الثلاثة الماضية أن الثورة السورية قد خبت، وأنها نهاية حلم الشعب السوري بالتخلص من النظام القمعي، فهل حقا أخفق الشعب السوري بعد عامين ونصف العام من الدم والدموع والآلام؟
من أسلحة الحرب زرع اليأس في نفوس الناس، ومن الطبيعي أن يدب اليأس عند البعض وبينهم من أمضى شتاءين في المخيمات ويعيش مع أطفاله على القليل. ومنهم من هو محاصر لم يغادر بيته أو حيه لأشهر طويلة ويعيش على مياه الآبار، ويكاد ينفد ما خزنه من طعام. وملايين من السوريين شردوا منذ عام وأكثر، وهم اليوم بلا مأوى داخل وخارج سوريا، وأطفالهم بلا تعليم. ويزيد الوضع قساوة انقسام المقاتلين، وخلافاتهم على القيادة، في الوقت الذي يصل إليهم فيه القليل من مدد السلاح والذخيرة. وما هو أفظع من ذلك، تفرغ جماعات جهادية لسوم أهالي المناطق المحررة العذاب، حتى باتوا يتظاهرون ضدهم ويطالبون بطردهم كما سبق أن تظاهروا ضد قوات الأسد وشبيحته. كما طعنت جماعات «القاعدة» الثوار السوريين في ظهورهم وألهتهم عن واجبهم، واستهدفت قيادتهم. ومع أن الثوار كسروا ظهر قوات الأسد، وأوشكوا على دحره مطلع هذا العام، فإن الإيرانيين والروس وحزب الله وميليشيات عراقية هبوا لنجدته وبعثوا بآلاف الجنود المدربين لسد الفراغ، واستطاعوا غنم بعض المواقع التي خسرها جيش النظام.
وبالتالي، فلا غرو أن يظن البعض أنها نهاية الثورة السورية، وقد أصبحت جنازة تنتظر الدفن، تضخمها دعاية الأسد وحلفائه؛ تنشر أخبار خسائر الثوار الميدانية، وتشيع أخبار خلافات المعارضة في الخارج.
صحيح أن الثوار في أزمة وعاجزون عن التقدم، لكن ليس صحيحا أن نظام الأسد في وضع المنتصر، وإن كانت قواته قد كسبت بعض المواقع التي خسرتها. الحقيقة أن الثوار صامدون في ظروف باتت أكثر صعوبة، ولا يزالون يمسكون بمعظم المناطق التي غنموها في العام الماضي، في شمال وجنوب وشرق سوريا. لم تضعف قدرتهم بقدر ما تحسنت قدرات النظام، بسبب عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين الإضافيين الذين أرسلتهم إيران وحلفاؤها. ورغم هذا الدعم الهائل بالرجال والعتاد، فإن نظام الأسد عاجز عن حسم المعركة، وفشل في الحصول على انتصارات كبيرة، بدليل أن بلدة القصير هي أعظم مكاسبه، وفشل في حمص وحلب وريف دمشق ودرعا؛ يقوم بدكها بالطيران والدبابات والمدافع ويستخدم الأسلحة الكيماوية من دون أن يحقق انتصارات حاسمة فيها. الحواجز، وبعض البلدات، التي كسبها بأعظم ما أوتي من قوة تنبئ بهزيمة النظام المحتومة لاحقا.
وما دام الأسد، منذ تحسن إمكانات قواته، لا يسيطر إلا على نحو 40 في المائة من مساحة البلاد، وهي سيطرة غير شاملة، فإن الآتي سيغير ميزان القوة ضده. الذي يدور بصمت الآن، وبعد أشهر من البحث والتفاوض، أنجز أمورا مهمة، الأرجح أن تغير ميزان الحرب لصالح الثورة.. أنجزوا بناء الهيكل السياسي الذي تم توسيعه ليصبح «الائتلاف» مجلس كل السوريين، ومعه انتهت الاحتجاجات على الإقصاء. كما يجري حاليا ترتيب القوى العسكرية، وفرزها عن الجماعات الجهادية، لمنع تحويل الثورة السورية إلى أفغانستان أو صومال أخرى. هذه ثورة السوريين ضد نظام الأسد ويجب ألا يخطفها أصحاب الأجندات الأخرى مثل «القاعدة» و«النصرة»، وبالتالي سحب الذريعة التي تحججت بها الدول بائعة السلاح النوعي التي تقول إنها تخشى من وقوع سلاحها في أيدي جماعات تستخدمه غدا لإسقاط طائراتها المدنية، ومهاجمة سفاراتها، ونحوه.
لقد قام السوريون بتصحيح الفوضى التي تهدد سوريا والسوريين، لا الغرب وحده، وستستغرق وقتا لعزل الجماعات المزروعة أو المتسللة وسط قوات الثوار.. إنما السلاح النوعي بدأ وصوله، حتى أن أحد الراصدين للتسليح يعتقد أن الثوار السوريين لن يحتاجوا غدا إلى حظر جوي، وسيكون بمقدورهم تهديد المقاتلات النظامية، وسيعودون إلى محاصرة العاصمة دمشق.
ويؤكد أحد المنخرطين في العمل السياسي أن الدول الغربية، بغض النظر عما تقوله داخليا في بلدانها، أصبحت فعلا طرفا أساسيا بتمويل السلاح وتقديم المعلومات، وهم يريدون الضغط على الأسد والروس للقبول بحل سياسي ينهي النظام الحالي بشكل شبه كامل، وليس وفق الحل الروسي - الإيراني الذي يقبل بخروج الأسد مع إبقاء المؤسسات الأمنية والعسكرية والمالية بيد النظام.
أخيرا، ما زلت أعتقد استحالة عودة عقارب الثورة السورية إلى الوراء، مهما منحت روسيا وإيران الأسد، ومهما منعت الدول الغربية الثوار من سلاحها النوعي، فقد كسرت الجرة ولن ينجو النظام إلا ربما محاصرا في مناطقه الطائفية.
لا تذبحوا الثورة السورية باسم الخلافة
وائل مرزا-الشرق القطرية
هذا موضوعٌ من المواضيع الحساسة التي يضحى الكلام فيها أشبهَ بالمشي في حقلٍ من الألغام. لكن ملابساته تتعلق بحاضر ومستقبل سوريا، فلا مفر من فتح ملفه، على قاعدة أنه لابد مما ليس منه بُد.
ذلك أن خلطاً كبيراً يجري في محاولات تنزيل ما تُسمى بأحاديث الملامح والفتن ونهاية الدنيا على الثورة السورية وأحداثها. وهو خلطٌ يزيد مساحات طريقةٍ في التفكير ليست في مصلحة الشعب السوري وثورته، ويظهرُ فيها ربطٌ لما ورد في الأحاديث المذكورة بوقائع الثورة وملابساتها الداخلية والخارجية بشكل فيه الكثير من التعسف أحياناً، ويبدو فيه التناقض بين الرواية والواقع، بطريقةٍ لاتنسجم ابتداءً مع المنهج الإسلامي الأصيل الذي يجب أن يتحرى الدقة والأمانة في التعامل مع مثل هذه القضايا المتعلقة بحاضر الشعوب ومستقبلها.
لن ندخل هنا في جدالٍ يتعلق بعلوم الحديث النبوي وأهمية دراسة العلاقة بين المتن والسنَد، وكيفية تنزيل الأحاديث النبوية على واقع البشر، وأولوية فهم الأحاديث في ضوء ماورد في القرآن الكريم، وما إلى ذلك مما لا يتسع له مقالٌ صحافي يهدف كما ذكرنا إلى فتح الملف قبل أكثرَ من أي شيءٍ آخر.
ثمة دلائل كثيرة على وجود المحاولات للربط بشكلٍ وثيق بين الأحاديث المذكورة وبين الثورة السورية، وهي تهدف في خضم الحماس والعاطفة إلى تأجيج المشاعر وزيادة الدعم للثورة فيما نحسب. لكنها لاتنتبه مع ذلك الحماس والتركيز على المشاعر إلى مافيها من أخطاء منهجية أولاً. والأهمُ من ذلك أنها لا تُلقي بالاً إلى حجم الفوضى الفكرية التي يمكن أن تنتج عنها، ومايترتبُ على ذلك من فوضى عملية على جميع المستويات.
هناك على سبيل المثال مقطعٌ على موقع اليوتيوب يتناقله الناس، والسوريون تحديداً، يتعلق حصراً بعلاقة أحاديث الملاحم بالثورة، ويمكن أن يكون نموذجاً يستحق الدراسة في هذا المجال.
يبدأ المقطع بمشاهد من أحداث الثورة السورية تَظهر على جانب الشاشة، في حين يقول الشيخ المتحدث على الجانب الآخر لها مايلي: "إن ماترونه الآن بأعينكم وماتستمعون إليه الآن في وكالات الأنباء وعبر الفضائيات ونشرات الأخبار قد تحدث عنه النبي المختار الذي لاينطق عن الهوى". هكذا، يلغي المُعلِقُ نهائياً ومن اللحظة الأولى أي احتمالٍ آخر، ويقطعُ جازماً بالعلاقة الكاملة بين الرواية النبوية وبين الحدث الراهن. وهو تحت الضغط النفسي الراهن يستعملُ احترام الناس للنبي الكريم لتأكيد تفسيره الشخصي للقضية، بحيث يُصبح الحوارُ والنقاشُ فيها من البداية مشبوهاً إن حصلَ، ومقروناً بتهمة تكذيبه عليه الصلاة والسلام.
بعدها، يظهر خطيبٌ آخر وهو يشرح حديث "لاتقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو قال بدابق"، وبينما يؤكد الخطيب أن دابق هي قرية في شمال سوريا تظهر صورة جانبية فيها خارطة سوريا الجغرافية، ثم تبدو بضعة أسهم وهي تتحرك من أوروبا وقبرص باتجاه المنطقة المذكورة، ليتابع المتحدث قائلا بالعامية: "لاحظ ماقال (حتى تأتي) بل (حتى تنزل) وهذا دليل أنهم يأتون من الشمال".
ثم يظهر متحدثٌ ثالث يكرر بداية الحديث المذكور ويقول "مَن الروم؟ الروم أو بنو الأصفر، امتدادهم الآن في العصر الحديث الأوروبيون والأمريكيون، نسلُ بني الأصفر. أوروبا وأمريكا". ولتأكيد الصورة الذهنية، تظهر على الشاشة الجانبية أثناء الكلام مشاهدُ لاجتماع إحدى القمم الأوروبية ثم مشهد للرئيس الأمريكي أوباما. المفارقةُ أن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو يظهر في منتصف الصف الأول من لقطة الاجتماع! لكن منتج المقطع لايقف عند دلالة هذه اللقطة وكيف يمكن أن تُظهر التعقيد الكبير المتعلق بالموضوع، فالمهم هو استحضار شاهدٍ بصري يؤكد التفسير المُراد بغض النظر عن (التفاصيل).
وتكتمل التركيبة بظهور متحدثٍ رابع يذكر حديث "تصطلحون أنتم والروم صلحاً تاماً فتقاتلون عدواً من ورائكم". وفي هذه اللحظة تُظهر الشاشة الجانبية الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب وهو يتجه لمصافحة الرئيس الفرنسي أثناء استقبال الأخير له في باريس!
ثم يكمل المتحدث قائلاً: "والسؤال: مَن هو هذا العدو؟" لتأتي الإجابة من متحدثٍ آخر يحكي عن إجماع السوريين كلهم على أن "بعض من يقاتلنا يتكلمون اللغة الفارسية"، ثم يذكر إيران وروسيا والصين.
وللتأكيد، يظهر متحدثٌ سابق يؤكد على قضية الحِلف مستخدماً هذه الكلمات: "يعني الأمريكان والبريطانيين والأوروبيين، يكون بينكم حلف". وهنا تظهر مرة أخرى مشاهد للقاء معاذ الخطيب هذه المرة مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري؟! في حين يُكمل المتحدث بقوله: "فتغزون عدواً من ورائكم. قال فتُنصرون".
هكذا، وبكل بساطة، يُصبح مؤكداً أن أوروبا وأمريكا، ومعها تركيا عَرَضاً، ستتدخل لمصلحة الثورة السورية إلى درجة التحالف معها.. بل إن هذا الحلف سيحارب إيران وروسيا والصين.. وينتصر عليها. وتكون لقاءات رئيس الائتلاف السابق الذي لم يعد رئيساً وقت نشر المقطع في أوائل شهر يوليو الحالي مع بعض المسؤولين الغربيين دليلاً على صِحة الأحاديث المذكورة. ويجري تجاهل كل الحقائق التي بات القاصي والداني يعرفانها عن المواقف الدولية من الثورة السورية. ويتم القفز فوق التناقض بين هذه الحقائق وبين تفسير الروايات بشكلٍ يظلم الثورة والرواية والرسول والإسلام نفسه إلى أبعد الدرجات.
لكن الموضوع لايقف عند هذا الحد، إذ يظهر أحد المتحدثين السابقين وهو يقول: "وتبدأ علامات الساعة الكبرى في الظهور وكأن المسبحة قد انقطعت وبدأت الخرزات تتساقط. فيغدرُ الروم بعد النصر. يغدرون بالمسلمين كعادتهم. ينكثون العهد. يبدأون بقتال المسلمين وتبدأ الملحمة الكبرى.. فيقتلهم المسلمون".
بعدها، يظهر متحدثٌ سابق أيضاً ليذكر حديثاً آخر ويشرحه قائلاً: "فيخرج عليهم جيش من المدينة. المقصود بالمدينة دمشق بإجماع الشُراح وليس المدينة النبوية لأن المدينة النبوية تكون في ذلك الوقت خراباً بإجماع الشُراح. خلص، مايكون فيها أحد". هكذا، يُمَرَرُ الموضوع دون التساؤل عن علاقة مايجري الآن من أحداثٍ في الثورة بصراعٍ كوني مع الأوروبيين والأمريكان يحصلُ وقد أصبحت المدينة المنورة (خراباً)، وبإجماع الشُراح!؟
أخيراً، ينتقل الموضوع إلى خروج المهدي ثم الحديث المعروف عن المراحل التي تحدث عنها الرسول وتتعلق بالخلافة الراشدة ثم الملك العضوض ثم الحكم الجبري وصولاً إلى "خلافة راشدة على منهاج النبوة".
نفهم أن يتفاعل البعض مع حرارة الثورة السورية، ونؤمن بأنها ستكون تمهيداً لتغييرٍ حضاري كبير، لكن هذه الطريقة في (استعجال) الملاحم والفتن ونهاية الدنيا لاتصلح مدخلاً للبحث عن خلافةٍ على منهاج النبوة. فهي حين تكون مليئةً بالتعسف والتناقضات لن تترك فسحة للعقل والفهم والتخطيط للتعامل مع التعقيد المحيط بالثورة السورية، وإنما ستصبح سبباً لذبحها بالفوضى والخلاف والاستعجال، والاعتماد على القوة العسكرية وحدها. ناهيك عن أن تسمح مثلُ تلك الرؤية مجالاً لإعمار الأرض والحكم الرشيد فيها بغض النظر عن التسميات.
21/7/2013
في هذا الملــــف:
الأردن الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية
سلطان الحطاب-الرأي الأردنية
دعم أردني موصول للشعب الفلسطيني
(رأي الدستور الاردنية)
(سلفة) فلسطينية مستعجلة للأميركيين
جهاد المومني-الرأي الأردنية
العودة إلى العبث التفاوضي
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
حماس وتحالفات الربيع !
سميح المعايطة-الرأي الأردنية
شعب فلسطين وأخطاء "الإخوان"
علي جرادات-الخليج الإماراتية
رسالة إلى أسير
بركات شلاتوة- الخليج الإماراتية
وصيتى للإخوان
محمد حبيب-المصري اليوم
أردوغان ونهاية حلم الخلافة
رحيم الكشكي-الشرق الأوسط
هل انتصر الأسد حقا؟
عبدالرحن الراشد-الشرق الوسط
لا تذبحوا الثورة السورية باسم الخلافة
وائل مرزا-الشرق القطرية
الأردن الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية
سلطان الحطاب-الرأي الأردنية
في مناسبة رحيل مؤسس المملكة الملك عبدالله بن الحسين الذي يصادف اليوم (62) سنة على رحيله نستذكر قوله عند وصوله إلى عمان في الثاني من مارس آذار عام 1920 «والله ما جاء بي إلا حميتي ولو أن لي سبعين نفساً لبذلتها في سبيلكم».
ذلك كان شعار الهاشميين الذين قدموا التضحيات في سبيل فلسطين والقدس، فكان صاحب المقولة شهيداً في القدس التي لم يتخل عنها الهاشميون وظلوا أوفياء لها إذ ما زال الدعم الأساس للقدس ومسجدها الأقصى ومقدساتها يأتي من الأردن وهذا ما يغضب بعض التيارات اليمينية الصهيوينة إذ بدأ الأردن بالضغط مباشرة وعبر المحافل الدولية وأصدقاءه الأوربيين والأميركيين على اسرائيل لمنعها من مواصلة مستوطنيها وجنودها اقتحام ساحات المسجد الأقصى وانفاذ تهديداتهم أو السماح لهم بالعبور من باب المغاربة حيث نجح الضغط الأردني في منع ذلك وفي هذا السياق قام نواب في الكنيست الاسرائيلي بالاحتجاج على الموقف الأردني وقدموا مذكرة تطالب حكومة نتنياهو بوقف التدخل الأردني حيث يتزعم هؤلاء المتطرفين الارهابي موشيه فيغلين والتي جاء فيها (إن الأردن يمنع نتنياهو من السماح لأعضاء الكنيست بدخول الحرم القدسي وذلك بعد اخراج أحد أعضاء الكنيست قبل أسبوع وكان العضو المطرود من الأقصى هو «زئيف الكين» الذي بدأ حملة ضد الأردن في الكنيست.
الملك عبدالله الثاني يواصل اتصالاته ومنها الأخيرة في واشنطن بهذا الخصوص وكان قد تحدث عن البيان (الاتفاقية) الموقعة مع الرئيس محمود عباس بخصوص الحفاظ على المقدسات الاسلامية وتجديد ولاية الهاشميين عليها كما تحدث مع وزير الخارجية جون كيري عن هذه المسألة أمس الأول عند اللقاء به في عمان. الجهود الأردنية المتصلة بخصوص القدس ومقدساتها عبر عنها ايضاً مفتي القدس والديار الفلسطينية إمام المسجد الأقصى فضيلة الشيخ محمد حسين في خطبته المميزة التي أطلقها من مسجد الملك الحسين بن طلال في عمان وقد حضرها الملك وولي عهده وقد أشار فيها إلى استمرار رعاية الهاشميين للمقدسات ودفاعهم عن القدس ودور الملك عبدالله الثاني المستمر الآن وهذا ما تحدث عنه أيضاً في مقابلة مع جريدة الرأي تنشر يوم الاثنين غداً الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بقوله «الأردن الداعم الأكبر لمواقفنا» ففي الوقت الذي يضطرب فيه العالم العربي في اكثر من دولة عربية مؤثرة ويتراجع دعم القضية الفلسطينية وتنفرد اسرائيل بالشعب الفلسطيني الصامد وتحاول أن تديم احتلالها وتفرض هيمنتها المستمرة باستمرار سجن المناضلين الفلسطينيين واحتلال الأرض الفلسطينية ومواصلة الاستيطان..يبذل الأردن جهوداً متواصلة اذ يمكن الأطراف المعينة من إعادة انتشال عملية السلام فهو يستقبل وزير الخارجية الأميركية في زياراته المكوكية أكثر من مرة خلال أسبوع ويضعه في صورة التحديات التي تواجه المنطقة نتاج التعنت الاسرائيلي كما يواصل دعم مواقف السلطة الفلسطينية فقد حذر الأردن من ضياع آخر فرصة ونبه إلى المخططات الاسرائيلية ولفت نظر الرئيس محمود عباس إلى ضرورة الامساك باللحظة التاريخية وعدم السماح لاسرائيل باستمرار اظهار الفلسطينيين كما لو أنهم يرفضون عملية السلام وهو ما كانت تدركه قيادة الرئيس عباس وتعمل من أجله لتضع اسرائيل في موقع لا تحسد عليه من ضغط اوروبي وتحول نسبي أميركي جعل وزير الخارجية الاميركي يعاود زيارته ويمددها ويمسك بثابت التفاوض حول حدود عام 1967 وهو ما يريد فيه الفلسطينيون ضمانات من الادارة الأميركية قبل أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات أو في حال عدم حسم موضوع الاستيطان.
الرئيس عباس للراي اثنى على المواقف الملكية للملك عبدالله الثاني والشعب الأردني بكل تعبيراته وخاصة مجلس النواب وقال أن الأردن سندنا الأول ويقف معنا في نفس الخندق ضد هذا اليمين الاسرائيلي مؤكداً أن التنسيق بين الأردن وفلسطين في افضل مستوياته وأن الأردن ينسق معنا وننسق معه في كل خطوة وهو يسخر في سبيل ذلك كل أجهزة الدولة الأردنية لدعم وخدمة قضيتنا وقضيته وهي القضية الفلسطينية.
نحن أقوياء بحقنا لن نثير الكونفدرالية فقد تجاوزنا ذلك وخرافة الوطن البديل غير واردة ولا هجرة فلسطينية للأردن إننا هنا صامدون نموت ولا نهاجر وصمودنا ندعمه بكل امكانياتنا والأردن يساعدنا في كل اللحظات الصعبة وعلينا أن نجدد شرعيتنا بالانتخابات وأن لا نسمح لأحد أن يرهنها.
دعم أردني موصول للشعب الفلسطيني
(رأي الدستور الاردنية)
لم يكن الدعم الأردني الموصول للشعب العربي الفلسطيني، وقضيته العادلة أمرا عابرا، أو خطاب علاقات عامة، بل هو في صميم مبادئ الثورة العربية الكبرى التي فجرها شريف العرب ومليكهم الحسين بن علي، وحمل رايتها أبناؤه وأحفاده البررة ولا يزالون الأوفياء لهذه الأهداف.
ومن هنا وظف جلالة الملك عبدالله الثاني امكانات الأردن المادية والدبلوماسية لدعم نضال الشعب الفلسطيني الشقيق للحصول على حقوقه الوطنية والتاريخية المشروعة وفي مقدمتها اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذا السياق فلا بد من الاشارة بالدور الأردني في حماية القدس والاقصى، وتشكيل لجنة مختصة تتولى الاشراف على المسجد وترميمه وصيانته، ليبقى شوكة في عيون الصهاينة الحاقدين.
ومن هنا جاءت عبارات الشيخ محمد حسين خطيب الاقصى ومفتي الديار الفلسطينية المفعمة بالتقدير والعرفان لجلالة الملك ولدوره في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس من عبث الصهاينة المجرمين فهذا هو دأب الهاشميين كان ولا يزال وسيبقى، بدءا من الشريف الحسين بن علي الذي رفض ان يساوم على ذرة من تراب فلسطين، وتبرع بحوالي 50 ألف ليرة ذهبية في العشرينيات من القرن الماضي لترميم الاقصى وعلى نهجه سار الملك المؤسس الذي استشهد على اعتابه، والملك الباني الحسين الذي أسس صندوقا لهذه الغاية وعلى نهجه يسير الملك المعزز عبدالله الثاني.
إن دور الأردن في دعم ومساندة الشعب الشقيق ينبع من كون القضية الفلسطينية، قضية أردنية، فما يمس الشعب الشقيق يمس الاردن، ومن هنا نجد جلالته يؤكد أكثر من مرة بان اقامة الدولة الفلسطينية هي مصلحة فلسطينية مثل ما هي مصلحة أردنية. وفي التفاصيل نجد جلالة الملك حريصا على تذكير العالم والعواصم صاحبة القرار بخطورة عدم حل القضية الفلسطينية وخطورة عدم انصاف الشعب العربي الفلسطيني وتركه يعاني من الاحتلال، فهو الشعب الوحيد الذي لا تزال ارضه محتلة، وبالتالي فلا امن ولا استقرار في المنطقة ولا في العالم بدون حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يؤدي الى اقامة الدولة الفلسطينية الى جانب دولة اسرائيل.
جلالة الملك الذي يقرأ الواقع قراءة عميقة حذر أكثر من مرة من خطورة تراجع القضية الفلسطينية على الاجندة العربية والدولية بفعل المستجدات، ودعا الدول الشقيقة الى اعادة الاهتمام بالقضية وعدم ترك الشعب الفلسطيني وحيدا تحت رحمة الاحتلال، وهذا ما دعا الى بذل جهود مضنية للتغلب على الصعوبات واستئناف المفاوضات وفق سقف زمني محدد ومرجعيات دولية تفضي الى حل الدولتين.
مجمل القول: إن انحياز الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الى الشعب الفلسطيني الشقيق، ودعم نضاله المشروع، وحقه في اقامة دولته المستقلة، ثابت من ثوابت سياسته، التي لا تتغير ولا تتبدل، فالهم الفلسطيني هو هم أردني، والأردن هو الأقرب والأوفى لفلسطين كان وسيبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
(سلفة) فلسطينية مستعجلة للأميركيين
جهاد المومني-الرأي الأردنية
اتفق وزير الخارجية الاميركية مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على مبادئ عامة تشجع على لقاء تمهيدي في واشنطن وليس بالضرورة على العودة الى طاولة المفاوضات، ويتكتم الوزير كيري على هذه المبادئ حتى لكأن المسألة تنطوي على مفاجأة مفرحة للمتحمسين من العرب لاعاة الحياة الى مسيرة السلام ولو شكليا.
الفلسطينيون اصبحوا خبراء في التعامل مع احتياجات الادارات الاميركية المتعاقبة، تلك الاحتياجات التي تدفع كيري الى القيام بسلسلة من الجولات المكوكية الى المنطقة في محاولات حثيثة – كما تبدو - لاعادة الحياة لمسار اللقاءات الاسرائيلية الفلسطينية، والدافع كما في المرات السابقة في زمن ادارات بوش الابن والابن وكلنتون ليس الحرص الاميركي على تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وانهاء الصراع، وانما شيء آخر على علاقة بتراجع دور الادارة الاميركية ازاء قضايا الشرق الاوسط وحاجتها الى عامل تحريك خارجي يعيد التأثير التقليدي العريق للسياسة الاميركية في جميع شؤون المنطقة وخاصة الملف العربي الاسرائيلي، ففي اميركا اليوم هرج يحتدم بدأ يظهر على صفحات الجرائد وعلى السنة المعلقين السياسيين والاعلاميين بمن فيهم نجوم الكوميديا الساخرين عن الاسباب التي جعلت روسيا تتقدم خطوتين في منطقة النفود الاميركي وعلى حساب حضور واشنطن سياسيا وعسكريا بل وعلى صعيد التأثير الاقتصادي ايضا .
الفلسطينيون يعرفون ان واشنطن تحتاج الى (فزعتهم ) وليس العكس والاسرائيليون لا يريدون شريكا لواشنطن في رعاية عملية السلام الشكلية والفعلية، لكنهم معنيون بالتلويح بورقة روسيا كلما تناهت من واشنطن اصوات تطالب بالعقلانية في توجهات ادارة اوباما ، وبدور ايجابي لواشنطن في صراع صامت وربما منسي لكنه موجود، واسرائيل تجيد لعبة الابتزاز خاصة انها لا تعاني ضغوطا امنية من الجانب الفلسطيني، ففي الاراضي المحتلة هدوء أكثر من الدول العربية ذات السيادة، ولا تعاني اسرائيل اية تهديدات خارجية من جيرانها المقاومين الذين لا زالوا يحتفلون بانتصارات تشرين 1973 وتموز 2006 ..! اسرائيل اليوم تخاف من المتطرفين في سوريا ومصر أكثر من المتطرفين في غزة ومن الغريب بالفعل انه ما من متطرفين اسلاميين او مجاهدين في الضفة المحتلة، بل ان الحركة الاسلامية داخل الخط الاخضر أكثر نشاطا ضد اسرائيل من الحركة الاسلامية في اراضي السلطة الوطنية وقطاع غزة ..! لقاء واشنطن المرتقب يستند على موافقة فلسطينية غير مشروطة، وكل ما في الامر ان واشنطن طلبت (سلفة) على الحساب من الاصدقاء الفلسطينيين بقبول عقد لقاء مع الاسرائيليين مقابل خدمة عاجله غير ملزمة للاسرائيليين بالافراج عن فلسطينين، وليس لدى اسرائيل من مانع بالافراج عمن اعتقلتهم على سبيل الاحتياط بعد لقاءات عمان التي انتهت الى لا شئ .
لم يعد للولايات المتحدة من شأن في سوريا او العراق او مصر او اليمن او ليبيا او تونس هذه الايام، فقد خرجت من المعادلة كليا او انها في طريقها للخروج، ولم تبق غير قضية فلسطين التي تمسك بها واشنطن كما يمسك الأسد المريض طريدته الميته لا يملك الا ان يحرسها من افواه الضباع المتلهفة لكنه بين فينة واخرى يسد رمقه بقضمة ..!
العودة إلى العبث التفاوضي
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
في الحملة الانتخابية “الإسرائيلية” العام ،1996 وكانت المنافسة بين بنيامين نتنياهو وشمعون بيريز، شن نتنياهو هجوماً عنيفاً على حزب “العمل” الذي وقّع اتفاق “أوسلو” مع الجانب الفلسطيني، معتبراً أن فيه “تنازلات” للفلسطينيين . وكان مما قاله في تلك الحملة، إن العرب لديهم القابلية للسير باتجاه “إسرائيل” حيث تقف، فلماذا علينا أن نسير باتجاههم؟ . . من يتابع مسار الصراع العربي الصهيوني يجد الأرضية التاريخية لكلام نتنياهو .
حين ذهبت القيادة الفلسطينية إلى محفل مدريد سنة ،1991 لم تكن الظروف في ذلك الوقت لمصلحة الجانب الفلسطيني الذي أورد لتفسير قراره بالذهاب إلى مدريد سلسلة عوامل كلها يجب أن تدفع إلى عدم الذهاب . هذا مما يقال فيه عادة إنها مقدمات صحيحة لاستنتاجات خاطئة . فعندما تكون موازين القوى على الأرض لمصلحة طرف ما، تكون نتيجة المفاوضات لمصلحته بالضرورة، أي أن ما يجري في الميدان ينعكس على الطاولة . في العمل الدبلوماسي المشروع، يمكن التغلّب على الاختلال بموازين القوى في حالة واحدة هي وجود توازن دولي يحيّد موازين القوى بين طرفي التفاوض . محفل “مدريد” لم يستند إلى الشرعية الدولية، بل كان الشرط “الإسرائيلي” أن يحضر مندوب الأمم المتحدة مؤتمر مدريد ك”مراقب”، أي أخرس لا يجوز له الكلام، وهذا ما كان لها .
إذاً، “مدريد” كان نقطة انطلاق لعملية تسوية بلا أفق، وبالأساس كان ذلك الحدث الذي أخرج بشكل إعلامي لافت، غطاء لمفاوضات مباشرة تدور في حلقة مفرغة . هذا الكلام كان في ذلك الوقت مثاراً لجدل كبير في الساحة الفلسطينية، وعندما عاد أعضاء وفد “مدريد”، خرجوا في جولات وشرحوا للفلسطينيين في القرى والأرياف والمدن، ما قاموا به و”الانتصارات” التي تحققت هناك، وكان من بينها أن عدد المصفقين لكلمة المرحوم حيدر عبدالشافي، رئيس الوفد، أكثر من عدد المصفقين لكلمة إسحاق شامير الذي كان رئيس الوفد “الإسرائيلي”، والذي لم يتردد في الزعم بأن القدس الموحّدة “عاصمة للشعب اليهودي منذ خمسة آلاف عام” .
كان واضحاً أن لقاءات ما بعد محفل مدريد شكّلت غطاء وجذباً للأنظار عن لقاءات سرية شهدتها النرويج وأفضت إلى ما عرف ب “اتفاق أوسلو” الذي أوهم الفلسطينيين، من دون أن ينص على أن المرحلة النهائية، أي خمس سنين منذ التوقيع، ستنتهي إلى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس . لكن خلال السنوات الخمس لم يتوقّف الاستيطان، واستمر تهويد القدس وهدم منازل المقدسيين، وتواصلت عمليات القتل والاعتقال وتقييد تنقّل الفلسطينيين بمئات الحواجز .
الآن، وبعد ثلاثة وعشرين عاماً من الفشل، يعود الجانب الفلسطيني إلى المفاوضات في ظل تصعيد غير مسبوق في الاستيطان وتهويد القدس . وما يتردد عن اعتزام “إسرائيل” إطلاق سراح عدد من الأسرى، ليس سوى رشوة لتمرير قرار العودة إلى المفاوضات . كان على الجانب الفلسطيني قبل أن يتجاوب مع جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أن يسأل نفسه إن كان حصل أي تغيير في الظروف التي قادت إلى فشل التسوية، ما يمكن أن يخلق أوهاماً جديدة .
ما دام أن الظروف لم تتغيّر، فإن أمريكا لا تريد من هذه المفاوضات سوى الغطاء على مخططاتها التخريبية في المنطقة وفي بعض الدول العربية .
حماس وتحالفات الربيع !
سميح المعايطة-الرأي الأردنية
مع بداية الظهور السياسي لحماس في بداية التسعينيات كان بعض قادة حماس من اهل الحكمة والافق يتحدثون عن خطأ استراتيجي وقعت فيه منظمة التحرير عندما دخلت في ساحات عربية وخاضت حروبا خارج ارض فلسطين وخسرت شعوبا عربية وتوجه سلاحها الى غير الاحتلال . وكان هؤلاء يؤكدون ان حماس لن تكرر خطأ المنظمة ولن تكون جزءا من اي شأن داخلي لاي دولة عربية .
هذه المقدمة اسوقها وانا وكل متابع للشأن المصري واعلامه يرى الهجوم الكبير على حماس واتهامها بالتدخل في الشأن المصري واستخدام قدراتها الامنية والعسكرية لمناصرة الاخوان المصريين وهي اتهامات لايمكننا نفيها او اثباتها لكنها وردت حتى في احكام قضائية مصرية في قضية هروب المساجين من سجون مصر بعد الثورة . وايا ما كانت قوة هذه الاتهامات الا ان هناك تيارا واسعا في مصر يقف موقفا معاديا لحماس لتدخلها في الشأن المصري وهناك مؤسسات سيادية مصرية تحمل ذات القناعات، وكل هذا يترك اثاره على مصالح الشعب الفلسطيني او على الاقل شعب غزة الذي تحكمه حماس . ومانراه اليوم في سيناء من مواجهة بين جيش مصر ومجموعات مسلحة وعمليات تدمير الانفاق جزء من تداعيات العلاقة بين مصر وحماس والاخوان .
هذا الجانب ليس نهاية حكاية حماس والربيع العربي لكنه جزء هام لانه مع مصر بمكانتها ودورها السياسي والجغرافي، لكن حماس في فترات الربيع تعاملت باعتبارها جزءا وفرعا من فروع الاخوان المسلمين، وتجاوزت دورها الحقيقي في حمل رسالة القضية الفلسطينية بل انها استعملت علاقاتها السياسية لجلب الجماعة الى تحالفات ومحاور، والخطأ الاخر الذي ارتكبته حماس انها كانت جزءا من محور اقليمي بقيادة قطر وتركيا وعضوية الاخوان عمل خلال عامي 2011 و2012 في العديد من الساحات بهدف احداث تغيير لمصلحة الاخوان، ونسيت انها تحمل جزءا من القضية الفلسطينية التي تهم الجميع ، وان خوض المعارك تحت لواء اي حلف اقليمي لتحقيق اهداف لاعلاقة لها بفلسطين لايخدم القضية الام . قبل الربيع كانت حماس تقيم كتنظيم في سوريا، وكانت تتحدث عن النظام السوري شاعريا باعتباره قلعة الصمود والداعم الاكبر للمقاومة، وتصف سوريا ورئيسها بكل الاوصاف التي تجعلك تشعر ان التفكير بنقد النظام السوري خيانة للقضية الفلسطينية، وكان هذا وحماس تعلم ان النظام له تاريخ مع الاخوان المسلمين وحماه، وان اخوانهم السوريين في المنفى منذ عشرات السنين، وكنا نسمع من الاخوان السوريين حديثا مفعما بالاسى سببه اندفاع حماس واخوان الاردن في التبعية للنظام السوري متجاهلين قضية الاخوان المسلمين السوريين وجاءت الاحداث في سوريا لتتبنى حماس موقف الحلف التركي القطري الاخواني .
والقضية ليست في قناعتها بل في مصداقية الموقف، ولان النظام السوري لم يكن يقدم نفسه ديقراطيا مثل سويسرا بل له تاريخ معلوم، لكن الحلف الجديد جعل حماس تخسر مصداقية مواقفها، ولو انها ابتعدت لربما كان لها عذر، ولعل هذا الموقف سبب بعض الخلاف داخل الحركة لان الموقف من سوريا امتد الى الموقف من ايران وحزب الله.
الموضوعية تقول ان حركة تنظيم مثل حماس في خارطة الدول ليست سهله، لكن نعود الى بداية الحديث وذكاء القيادة في الابتعاد عن الانغماس في اي شأن داخلي عربي، والقدرة لاي قيادة في ان تختار تحالفات لاتحولها الى اداة بايدي الدول . وربما كان على حماس مع بداية الربيع العربي ان تضع لنفسها مسارا عنوانه خدمة القضية الفلسطينية وليس دفع اثمان سياسية لمحور او دولة او مقر اقامة، وحماس اليوم ليست بالضيق الذي كانت عليه المنظمة لانها تستطيع ان تجد لها مقرا في غزة التي تحكمها، وقائد حماس له موقع وسلطة ولايحتاج الى مقر اقامة في اي عاصمة وضابط ارتباط مع اجهزة الامن فيها .
اليوم حماس في وضع سياسي تدفع فيه ثمن ما يجري، فمصر تغيرت بنيتها الحاكمة وهناك موقف من تدخل حماس في شؤنها، وسوريا لم يخسر نظامها الحرب وان كان لم يكسبها ولديه موقف عدائي من الاخوان وحماس، والمحور الذي كانت حماس جزءا منه يتعرض للتراجع، وغزة لم تعد حالة مدهشة وليست معقلا للجهاد والمقاومة فالهدوء يسود الحدود، والتنظيم الدولي الذي يساند الحركة لديه مشكلات كبرى، وحتى عمان والاخوان فيها فلديهم مشكلات داخلية، وجزء من الحراك الاخواني الداخلي موجه لنفوذ حماس داخل الجماعة .
مصلحة فلسطين وقضيتها ان تبقى عناوينها خارج كل المعارك الا ضد الاحتلال، وربما مثل كل البنى فان حماس معنية بتقييم مسارها خلال الربيع وما بعده، وعلاقتها بالاخوان من حيث الاستخدام والتدخل وتقديم الخدمات التي لا تتوفر للاخوان ، وايضا علاقة بساحاتهم كل هذا يترك اثاره على حماس، وعلى طاولة حماس سؤال حول علاقتها بلبنان وسوريا بعد ازمة سوريا، ومصر والاردن وحتى بعض دول الخليج، وسؤال العلاقة بقطر بعد التغيير الاخير.
شعب فلسطين وأخطاء "الإخوان"
علي جرادات-الخليج الإماراتية
مع اندلاع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى في نهاية العام 1987 سارع الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين إلى تأسيس حركة المقاومة الإسلامية، “حماس”. هنا، ورغم أن هذه الخطوة جاءت بعد 40 عاماً على النكبة و20 عاماً على “النكسة”، وربع قرن ويزيد من محاربة “إخوان” فلسطين لفصائل الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة، وعقدٍ ويزيد من تيه “أولوية مناصرة مجاهدي أفغانستان” على القضية الوطنية الفلسطينية، ورغم أنها خطوة لم تُكمل الانخراط الميداني في النضال الفلسطيني بالدخول في إطاره الوطني التمثيلي العام، منظمة التحرير الفلسطينية، فإن القوى الوطنية والقومية واليسارية الفلسطينية، وكذا نظيراتها العربية، رحبت بهذه الخطوة ورأت فيها إضافة إلى الجهد الوطني والقومي العام في مواجهة الاحتلال، لاسيما أنها جاءت من طرف يمتلك قاعدة شعبية منظمة لها ثقل في المجتمع الفلسطيني، وفي المجتمعات العربية، بعامة، ما يفسر ما حازته “حماس” من تأييد عربي رسمي وشعبي واسع لدرجة أن تحتضنها أنظمة عربية تحظر نشاط جماعة “الإخوان” في بلدانها، وأن تدعمها قوى شعبية عربية قومية ووطنية ويسارية تختلف - فكرياً - مع فروع جماعة الإخوان في بلدانها . وأكثر من ذلك فإن تأسيس حركة “حماس” كقوة مقاومة للاحتلال جعل كثيراً من هذه القوى تراجع مواقفها من فروع جماعة الإخوان، عموماً، وتعقد معها تحالفات سياسية ونقابية بلغت ذروتها في بناء “المؤتمر القومي الإسلامي” . وكان لافتاً أن تكون القوى القومية والوطنية واليسارية المصرية في طليعة المبادرين إلى هذا التوجه برغم ما لها مع جماعة “الإخوان” من خصومة أنتجها عداء الجماعة الأيديولوجي للتجربة الناصرية وانجازاتها القومية والوطنية والاجتماعية .
إذاً، لم تكن القوى القومية والوطنية واليسارية العربية، والمصرية منها بالذات، تتعامل مع جماعة “الإخوان” بناء على خلفية أيديولوجية جامدة مسبقة، بل بناء على متغيرات الواقع واغتنام كل فرصة متاحة لتجاوز البغضاء والضغائن . يشهد على ذلك، أيضاً، اضطرار قطاعات واسعة من هذه القوى إلى تأييد مرشح الجماعة، مرسي، في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة المصرية بعد ثورة 25 يناير . لكن “الإخوان” بعد الفوز بالسلطة تحللوا من وعودهم في المشاركة والنأي عن المغالبة، وفتحوا كتاب “التمكين المقدس”، وكشفوا عن أنهم مجرد جماعة تحمل مشروعاً فئوياً أيديولوجياً تجاه الدول العربية، بعامة، وتجاه الدولة العربية الأكبر، قلب الأمة، مصر، تحديداً .
هنا كان على قيادة “حماس” أن تحافظ على رصيدها النضالي وقاعدتها الشعبية فلسطينياً وتحالفاتها السياسية الرسمية والشعبية عربياً بوصفها قوة مقاومة وطنية فلسطينية عبر النأي عن الوقوع في خطيئة الانحياز الأيديولوجي الفئوي للجماعة الأم بكل ما يجلبه ذلك عليها وعلى قضية فلسطين وشعبها في كل أماكن وجوده، وفي غزة تحديداً، من عواقب وخيمة وآثار سلبية . لكن، ولما كان “الطبع يغلب التطبع”، فقد وقعت “حماس” في هذه الخطيئة، حيث سال لعاب قيادتها تجاه احتمال سرعة وقوع الدولة السورية في قبضة جماعة “الإخوان” كتيار نافذ في المعارضة السورية المسلحة، وتجاه ما ستوفره لها “أخونة” الدولة المصرية من ميزات ومصالح، ولاسيما أن هذه الدولة على مرمى حجر من قطاع غزة الذي اختطفته “حماس” بقوة السلاح وأقامت عليه سلطة أمر واقع مارست فيه صورة مصغرة عن خطاب التمكين الإخواني . وبالمحصلة عادت حركة “حماس” إلى الخطاب الإخواني التقليدي المرادف للتخلي التدريجي عن خطاب الوطنية الفلسطينية والتحلل من تحالفات سابقة مع قوى عربية رسمية وشعبية، لا بل والاصطفاف في معسكر مناوئ لهذه القوى على مستوى الموقف، بينما هنالك من يتهمها بالتدخل العملي في الأزمتين السورية والمصرية . ولا عجب . أما لماذا؟
تنص المادة الثانية من ميثاق الحركة الصادر في أغسطس/ آب 1988 على أن “حركة المقاومة الإسلامية، “حماس”، جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين . وحركة الإخوان تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث، وتمتاز بالفهم العميق، والتصور الدقيق والشمولية التامة لكل المفاهيم الإسلامية في شتى مجالات الحياة، في التصور والاعتقاد، في السياسة والاقتصاد، في التربية والاجتماع، في القضاء والحكم، في الدعوة والتعليم، في الفن والإعلام، في الغيب والشهادة، وفي بقية مجالات الحياة” . أما المادة السادسة فتنص على أن “حماس حركة فلسطينية متميزة تعطي ولاءها لله، وتتخذ من الإسلام منهج حياة، وتعمل على رفع راية الله في كل شبر من فلسطين” . أما “إخوانية” “حماس” وأيديولوجيتها فنقرأها واضحة صريحة في مقدمة الميثاق التي تعتبر “حماس” “النواة” التي “ولدت من وسط الخطوب، وفي خضم المعاناة، ومن نبضات القلوب المؤمنة والسواعد المتوضئة، وإدراكاً للواجب، واستجابة لأمر الله” . إذاً “حماس” هي - كما يرد في الميثاق - تعبير عن “الدعوة” أولاً، وعن “التلاقي والتجمع” ثانياً . ويؤكد الميثاق قضية جديرة بالانتباه والتوقف عندها حيث ينص على أن “العروبة ( . . . . . . . .) على منهج الله” .
عليه، يتضح بما لا يقبل مجالاً للشك أن استدارة قيادة “حماس” السياسية الفئوية، هي - أساساً - ما أوصل الحركة إلى ما تعانيه، (ومعها من أسف قطاع غزة)، من مأزق متعدد الأوجه، ذلك أنها تناست - بوعي أو بجهالة - أن الدعم العربي الرسمي والشعبي الواسع الذي طالما تمتعت به منذ انطلاقتها، هو في الجوهر والعمق دعم للقضية الفلسطينية وناتج عن انخراط الحركة في المقاومة ضد الاحتلال، وليس دعماً للاختيارات الأيديولوجية “الإخوانية” لقيادتها .
بقي القول: صحيح أن قيادة “حماس” هي المسؤولة - أساساً - عن المشكلة السياسية مع كل ما هو غير “إخواني” من قوى الثورة المصرية، والثورات العربية، عموماً، لكن هذا لا يبرر بحال من الأحوال تحميل الفلسطينيين، عموماً، وفي غزة، خصوصاً، جريرة الحماقات السياسية لقيادة “حماس”، كما يجب ألا ننظر إلى بعض السياسيين والإعلاميين داخل مصر وخارجها الذين انزلقوا في هذا المطب كمعبرين عن الضمير الجمعي المصري والعربي، عموماً، والذي تشكل حالة التوحد مع قضية فلسطين وكفاح شعبها نواته الصلبة التي يصعب كسرها . يصدق ذلك حمدين صباحي - مثلاً - حيث قال: “حماس ندعمها كحركة مقاومة فلسطينية، أما اتهامها بالتدخل العملي في الأزمة المصرية، فهي بريئة حتى تثبت إدانتها” .
رسالة إلى أسير
بركات شلاتوة- الخليج الإماراتية
يخوض العديد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني إضرابات مفتوحة عن الطعام طلباً للحرية، أو لإنهاء عزلهم وتحسين ظروف اعتقالهم، من دون أن تستجيب “إسرائيل” حتى الآن لمطالبهم، حيث يعيش العديد منهم في مرحلة الخطر الشديد من جرّاء نقص الماء والسوائل في أجسامهم، ومعاناة الجزء الأكبر منهم أمراضاً استفحلت لضعف مقاومة أجسامهم لها .
الأسير عبد الله البرغوثي، صاحب أطول حكم في التاريخ (67 مؤبداً)، دخل إضرابه عن الطعام العد التنازلي نحو المئة يوم، ورغم ذلك لم يلق إضرابه الصدى الذي يستحقه في الشارع الفلسطيني أو الإعلام، نظراً للانشغال بأمور أخرى أهمها، كما يبدو، المفاوضات مع الكيان الصهيوني، وطغيان التطورات العربية والإقليمية على المشهد العام، فضلاً عن الانشغال بمتابعة برامج رمضان ومسلسلاته وقضاء سهراته ونوم نهاره، على هذه القضية المركزية .
نستميحك عذراً يا برغوثي، لأنك لست على أجندتنا، فهناك أمور كثيرة أهم منك ومن إضرابك وأهم من عزلتك الجبرية، وأهم من أحاسيسك ومشاعرك كأب محروم من رؤية أطفاله، حتى من مربعات قضبان المعتقل، ولم تكتحل عيناك برؤية والديك المسنين على مدى عقد من الزمان، إضرابك لا يعنينا نعتذر لك . نحن بعد صيام ست عشرة ساعة نعود ونلتهم ما لذ وطاب من الطعام، لذا لم نجرّب الجوع الحقيقي وآلامه، أما أنت فقد عشش العنكبوت في معدتك التي لم يدخلها الطعام لأكثر من ثمانين يوماً .
أنت منحت الوطن حريتك مقابل حريتنا وعزّتنا وكرامتنا، لكننا خذلناك ونسينا أمرك وانشغلنا بأمورنا الخاصة ومصالحنا الذاتية من دون أن ننتبه إلى أنك بذلت كل ما تملك وأغلى ما تملك وهي الحرية ودفء الأسرة ومجاورة الأهل مقابل رفعة الوطن ومقاومة غاصبيه وتخليصه منهم .
نرجو ألا تؤاخذنا، لأننا وافقنا على الدخول في مفاوضات مع الاحتلال وألغينا شرط إطلاق سراح الأسرى وتبييض السجون ورضخنا لضغوط العرب والغرب، رغم أن “إسرائيل” قالت وبملء فيها إنها لن تطلق سراح أي أسير، ولن توافق على مرجعية حدود العام 1967 كمناطق للدولة الفلسطينية العتيدة، ولن توقف جنونها الاستيطاني أو تجمّده .
نعلم أنّك لم توافق يوماً على الرضوخ لغطرسة الكيان الصهيوني وصلفه وعنجهيته، لكن يبدو أننا نصاب بداء البلادة وتقلّ جرعة الوطنية فينا إلى الحد الأدنى طالما نحن خارج القضبان ولم نعش حياة البؤس والظلم والحرمان وعتمة السجون وقسوة الزنازين التي تعيشونها، وننشغل بحطام الدنيا ونركض خلف سرابها، أما أنتم فنعلم أنكم أفضل منا وأكثر وطنية منا وأجرأ منا في مواجهة الاحتلال، وأنكم واثقون بنصر الله المؤزر، كما أنكم تدركون أن هذا العدو الغاصب لا يؤمن بغير لغة القوة ولا تنفع معه المهادنة، فأنتم تجربونه كل يوم عن قرب وفي كل مرة ينقض العهود .
إلى كل الأسرى القابعين خلف قضبان القهر في سجون العدو الصهيوني ويحلمون ببزوغ فجر جديد ولم شمل مع الأهل والأحبة، نؤكد لكم أنكم تسيرون في الطريق الصحيح، وإن نحن لم نكافئكم ونؤازركم، فاعلموا أن الله تبارك وتعالى معكم، وهو لا يضيع أجر العاملين .
وصيتى للإخوان
محمد حبيب-المصري اليوم
لأنه كان مشهداً فريداً ورائعاً وعظيماً، فقد وجب علينا ألا نمل من استدعائه، بل الوقوف أمامه بكل التقدير والإجلال والاحترام.. إنه مشهد خروج عشرات الملايين من الشعب المصرى فى ٣٠ يونيو غضباً واحتجاجاً ورفضاً لحكم الدكتور مرسى والإخوان، الذى استمر لمدة عام واحد فقط.. كنا نتمنى من أعمق أعماق قلوبنا لهذا الحكم أن ينجح، لكنه للأسف خيب أملنا وأمل الجميع، وحقا ليس بالتمنى وحده تتقدم الشعوب.. كان لابد من قوة مؤسسية لها قدرتها وقدرها واحترامها، لتحقيق إرادة هذه الملايين، وإزاحة أى عائق يقف فى طريقها، ولم يكن سوى القوات المسلحة من يستطيع القيام بذلك، ولولاها لكانت العواقب وخيمة، لا أحد يتصورها أو يتحمل تبعاتها.. ومما لا شك فيه أن هذه الملايين خرجت بإرادتها الحرة، وما كان لأى جهة مهما بلغت أن تحركها، أو تتحكم فيها أو تسيطر عليها.. لقد كان المجتمع كله فى حالة احتقان وغليان.. كان على وشك الانفجار، حيث أدت ممارسات مرسى والإخوان إلى حنق وسخط كل الشرائح والفئات.
لقد أحدث عزل الدكتور مرسى عن منصبه اهتزازات عنيفة على المستويين الإقليمى والدولى.. فقد أعربت السعودية ودول الخليج عن رضائها، وعلى النقيض كان موقف تركيا.. وكما العادة، مارست الإدارة الأمريكية ضغوطا فى البداية للحيلولة دون عزل الرجل.. ومع الوقت باعته كما باعت مبارك من قبل، وقد أرسلت «وليام بيرنز»، مساعد وزير خارجيتها، كما بعث الاتحاد الأوروبى «كاثرين أشتون»، الممثل الأعلى لسياسته الخارجية والأمنية، إلى مصر للقاء كل الأطراف، للوقوف على حقيقة الأمر.. كان ضرورياً الاطمئنان على مسار العملية الديمقراطية بما يحقق تبييض وجه الإدارة الأمريكية أمام الجمهوريين والشعب الأمريكى، والتأكيد على أنه لن يكون هناك أى تغيير بالنسبة لسياسة مصر تجاه «إسرائيل» فيما يتعلق باتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام.
كانت الإدارة الأمريكية تتصور أن الإخوان هم الجواد الرابح، الذى يمكن أن تراهن عليه فى تحقيق مشروعها ومصالحها فى المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فضلاً عن التورط فى قيادة محور سنى فى مواجهة آخر شيعى، وقد تأكد لديها أن الإخوان فشلوا فى إدارة شؤون البلاد، ولم يتمكنوا من تحقيق الاستقرار السياسى، أو أن يضعوا حلولاً للوضع الأمنى، أو مخرجاً للأزمة الاقتصادية الحادة، ولأن الإدارة الأمريكية، والغرب عموماً، يعتمد فى سياسته على الفلسفة الداروينية الحديثة، وهى أن البقاء للأقوى، أو للأصلح، لذا لم يكن هناك أدنى مشكلة لدى الإدارة الأمريكية أن تغير ثوبها، وتخلع رداءها، وأن تولى وجهها شطر وجهة أخرى.
لذا أوصى الإخوان بأن يثوبوا إلى رشدهم.. وألا يستمعوا لمن يدفعون بهم إلى مزيد من الفشل والتردى،إذ تحت دعوى الدفاع عن الشرعية قبلوا للأسف – بوعى أو دون وعى – أن ينقادوا لعناصر من خارج جماعتهم..
أرجو أن ينهوا اعتصامهم، وأن يبتعدوا عن أى أعمال عنف من شأنها أن تزيد من كراهية الناس لهم.. لقد فقدوا خلال هذا العام رصيدهم لدى الشارع المصرى، وتراجعت شعبيتهم، وها هم الآن يفقدون ما بقى.. عليهم أن يدركوا أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وأصبح من المستحيل إعادة الدكتور مرسى لسدة الحكم.. فهل يستمعون؟! وهب أنه عاد، فما الذى يمكن أن يفعله، خاصة أمام هذا الرفض الشعبى الهائل، وبعد هذه الدماء التى سالت؟ لقد كانت تحت يديه سلطات واسعة فأساء استخدامها، وكانت أمامه فرص كثيرة، لكنه – للأسف – ضيعها وأهدرها.
أيها الإخوان: لقد استعجلتم قطف ثمار لم تنضج بعد، وتقدمتم لتحمل مسؤوليات لم تكونوا مستعدين لها.. عليكم أن تعيدوا حساباتكم، وأن تعملوا على استعادة ثقة الناس بكم.
أيها الإخوان: إن الحفاظ على مؤسسات الدولة، مع ما فيها من خلل وقصور، واجب وطنى وقومى وحضارى، ولنعلم جميعا أن محاولة النيل من الجيش المصرى، معنويا أو ماديا، كناطح صخرة، لن يجنى سوى الفشل والهلاك، فضلا عن أنه خيانة وطنية.. إن تاريخ الجيش يؤكد أنه كتلة صلبة متماسكة غير قابلة للتشرخ، أو التصدع تحت أى ظرف، وذلك لطبيعة تركيبته وتكوينه، العضوى والعقدى والثقافى والوطنى والتاريخى.. والذين أتيح لهم شرف الالتحاق بالقوات المسلحة يعرفون ذلك جيدا.
أردوغان ونهاية حلم الخلافة
رحيم الكشكي-الشرق الأوسط
<tbody>
</tbody>
لم يكن أحد يتوقع سقوط الإخوان بهذه السرعة وبالذات بعد كلمة الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع يوم الثاني عشر من مايو (أيار) أمام جمع من الأدباء والفنانين التي أكد فيها ضرورة إيجاد توافق سلمي بين النظام الحالي والمعارضة، وقال إن «محدش هيشيل حد» وإن «الجيش لن ينزل إلى الشارع ليغير أنظمة، وإذا نزل فإن مصر ستعود إلى الوراء 40 عاما»، وحث على الوقوف أمام صناديق الاقتراع ولو لمدة 15 ساعة أفضل من تدمير البلد.
قد يكون هذا أكبر دليل على أن عزل الرئيس مرسي كان عملا وطنيا واستجابة لمطالب الشعب، ولم يكن مخططا له وإلا لما أعطى السيسي إشارة واضحة إلى الجميع أن يتخلوا عن فكرة انقلاب عسكري على الحكم رغم انطلاق حركة «تمرد» يوم السادس والعشرين من أبريل (نيسان) ونجاحها في جمع مئات الألوف من التوقيعات في أول أيامها وبدء الدعوات للنزول لمظاهرات حاشدة ضد الإخوان يوم الثلاثين من شهر يونيو (حزيران). ثم جاء اليوم الموعود حيث نزل أكثر من ثلاثين مليون مصري في جميع أنحاء مصر واستجاب جيش مصر العظيم لشعبه وسقط نظام الإخوان بعد عام واحد من الحكم.
كان أمام الإخوان فرصة ذهبية للتربع على عرش مصر لعشرات السنين لو أنهم فقط حذوا حذو حليفهم رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، الزعيم الوحيد الذي بدا غاضبا ومرتبكا وتخلى عن حذره في التعليق على أحداث ثورة 30 يونيو - على عكس جميع زعماء الدول الأخرى - وأطلق تصريحات ضد الجيش المصري للتحيز لما سماه الأقلية، وضد ازدواجية معايير الدول الغربية لعدم تسميتها ما يحدث بمصر بالانقلاب وعدم الدفاع عن مبادئ الديمقراطية وشرعية الصندوق، وأعرب عن تقديره للاتحاد الأفريقي لتعليق عضوية مصر، وبدأ يشير إلى الانقلابات التي حدثت في تركيا وتوعد بمحاسبة أي قائد انقلاب مهما طال الزمن.
حين بدأ أردوغان حياته السياسية كان برعاية نجم الدين أرباكان، الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا، الذي أسقطه الجيش التركي - في رابع انقلاب له منذ عهد كمال أتاتورك - في 30 يونيو (حزيران) عام 1979 بعد عام واحد على تولي رئاسة الوزراء بعد أن نادى إلى التقارب مع إيران والبعد عن «الغرب الكافر»، على حد قوله.
بعد عدة أشهر من عزل أرباكان وفي نفس العام ألقى أردوغان خطابا وسط مؤيديه قائلا: «مساجدنا ثكناتنا، قبابنا خوذاتنا، مآذننا حرابنا، والمصلون جنودنا»، إلا أنه سجن لمدة أربعة أشهر بتهمة إثارة الفتنة والتحريض على الكراهية الدينية. فطن أردوغان إلى ضرورة تبني صورة إسلام أكثر وسطية ليصمد أمام جيش مترقب لأي محاولة تغيير لهوية تركيا المدنية، وبذلك نجح بالفوز في انتخابات رئاسة الوزراء في عام 2003، وفي أول خطاب له أعلن عن نيته دعم ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي الذي في ظاهره يؤكد على مدنية الدولة، ولكن في باطنه يضمن تقليص صلاحيات الجيش الذي وقف عاجزا عن التحرك لكون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان مطلب المدنيين وهو الذي قام بالانقلاب على أرباكان بدعوى حمايتهم. وعلى مدى السنوات العشر التالية نجح أردوغان تدريجيا في السيطرة على الحكومة والشرطة والرئاسة والمحكمة الدستورية وأغلق المؤسسات الإعلامية المعارضة وزج بكل صحافي معارض لنظام الحكم في السجن إلى درجة صارت تركيا تحتل المركز الثالث بعد روسيا والصين في عدد الصحافيين المسجونين طبقا لتقرير في مجلة «الإيكونوميست» البريطانية وتقهقرت تركيا من المركز الـ99 في عام 2002 إلى المركز الـ154 في عام 2013 بالنسبة إلى حرية التعبير عن الرأي طبقا للتقرير السنوي لـ«مراسلون بلا حدود»، وأخيرا السيطرة على الجيش عندما نجح في إطاحة جميع قيادته عام 2011 واستبدل بهم أهل «الثقة» ومن يدينون له بالولاء.
هكذا فعل أردوغان إنما على مدار عشر سنوات، والأهم أنه في المقابل اهتم بالاقتصاد وحول تركيا من دولة على وشك الإفلاس إلى واحدة من الدول الأكبر اقتصادا في العالم واهتم بتحسين مستوى المعيشة للفرد الذي تضاعف دخله أكثر من ثلاث مرات، الأمر الذي جعل شعبية حزبه تتزايد على مدار ثلاث دورات انتخابية برلمانية على الرغم من جميع سلبياته، مما شجعه على الإفصاح عن نيته لتغيير الدستور لتبني النظام الرئاسي، حيث إن الدستور الحالي لا يسمح له بالترشح لرئاسة الوزراء مرة أخرى.
كان واضحا أن الأولوية عند الإخوان في مصر هي السيطرة على جميع مفاصل الدولة في أسرع وقت ممكن مهما كانت الخسائر ودون أي اعتبارات، فكان الهجوم على المشير محمد طنطاوي وزير الدفاع السابق واللواء مراد موافي رئيس الاستخبارات الذي انتهى بعزلهما والانفراد بكتابة دستور إخواني وفرضه بالقوة على جميع فئات الشعب دون التوافق عليه، ثم دعوات تطهير الداخلية والسيطرة الكاملة على الحكومة والمحافظين والهجوم الضاري على القضاة والمحكمة الدستورية وتغيير أعضائها والهجوم على جميع الإعلاميين ومالكي القنوات الفضائية المعارضة للنظام. كل هذا في غضون أشهر معدودة في الوقت الذي تراجعت فيه جميع المؤشرات الاقتصادية وازداد المواطن المصري فقرا.
يبدو لي أن غضب أردوغان سببه سوء أداء الإخوان بعد أن فتح لهم أبواب البيت الأبيض بعد ثورة 25 يناير وساندهم طوال العامين الماضيين، قد يكون سببه هو إيقانه أن فشلهم الذريع قد قضى على حلمه لعودة الخلافة منذ أن انتهت عام 1927 على يد كمال أتاتورك، وقد يكون ارتباكه بسبب ذعره من إمكانية تكرار سيناريو محمد مرسي معه شخصيا على يد الجيش التركي الملقب بحامي حمى المدنية.
هل انتصر الأسد حقا؟
عبدالرحن الراشد-الشرق الوسط
أكثر ما سمعته في الأشهر الثلاثة الماضية أن الثورة السورية قد خبت، وأنها نهاية حلم الشعب السوري بالتخلص من النظام القمعي، فهل حقا أخفق الشعب السوري بعد عامين ونصف العام من الدم والدموع والآلام؟
من أسلحة الحرب زرع اليأس في نفوس الناس، ومن الطبيعي أن يدب اليأس عند البعض وبينهم من أمضى شتاءين في المخيمات ويعيش مع أطفاله على القليل. ومنهم من هو محاصر لم يغادر بيته أو حيه لأشهر طويلة ويعيش على مياه الآبار، ويكاد ينفد ما خزنه من طعام. وملايين من السوريين شردوا منذ عام وأكثر، وهم اليوم بلا مأوى داخل وخارج سوريا، وأطفالهم بلا تعليم. ويزيد الوضع قساوة انقسام المقاتلين، وخلافاتهم على القيادة، في الوقت الذي يصل إليهم فيه القليل من مدد السلاح والذخيرة. وما هو أفظع من ذلك، تفرغ جماعات جهادية لسوم أهالي المناطق المحررة العذاب، حتى باتوا يتظاهرون ضدهم ويطالبون بطردهم كما سبق أن تظاهروا ضد قوات الأسد وشبيحته. كما طعنت جماعات «القاعدة» الثوار السوريين في ظهورهم وألهتهم عن واجبهم، واستهدفت قيادتهم. ومع أن الثوار كسروا ظهر قوات الأسد، وأوشكوا على دحره مطلع هذا العام، فإن الإيرانيين والروس وحزب الله وميليشيات عراقية هبوا لنجدته وبعثوا بآلاف الجنود المدربين لسد الفراغ، واستطاعوا غنم بعض المواقع التي خسرها جيش النظام.
وبالتالي، فلا غرو أن يظن البعض أنها نهاية الثورة السورية، وقد أصبحت جنازة تنتظر الدفن، تضخمها دعاية الأسد وحلفائه؛ تنشر أخبار خسائر الثوار الميدانية، وتشيع أخبار خلافات المعارضة في الخارج.
صحيح أن الثوار في أزمة وعاجزون عن التقدم، لكن ليس صحيحا أن نظام الأسد في وضع المنتصر، وإن كانت قواته قد كسبت بعض المواقع التي خسرتها. الحقيقة أن الثوار صامدون في ظروف باتت أكثر صعوبة، ولا يزالون يمسكون بمعظم المناطق التي غنموها في العام الماضي، في شمال وجنوب وشرق سوريا. لم تضعف قدرتهم بقدر ما تحسنت قدرات النظام، بسبب عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين الإضافيين الذين أرسلتهم إيران وحلفاؤها. ورغم هذا الدعم الهائل بالرجال والعتاد، فإن نظام الأسد عاجز عن حسم المعركة، وفشل في الحصول على انتصارات كبيرة، بدليل أن بلدة القصير هي أعظم مكاسبه، وفشل في حمص وحلب وريف دمشق ودرعا؛ يقوم بدكها بالطيران والدبابات والمدافع ويستخدم الأسلحة الكيماوية من دون أن يحقق انتصارات حاسمة فيها. الحواجز، وبعض البلدات، التي كسبها بأعظم ما أوتي من قوة تنبئ بهزيمة النظام المحتومة لاحقا.
وما دام الأسد، منذ تحسن إمكانات قواته، لا يسيطر إلا على نحو 40 في المائة من مساحة البلاد، وهي سيطرة غير شاملة، فإن الآتي سيغير ميزان القوة ضده. الذي يدور بصمت الآن، وبعد أشهر من البحث والتفاوض، أنجز أمورا مهمة، الأرجح أن تغير ميزان الحرب لصالح الثورة.. أنجزوا بناء الهيكل السياسي الذي تم توسيعه ليصبح «الائتلاف» مجلس كل السوريين، ومعه انتهت الاحتجاجات على الإقصاء. كما يجري حاليا ترتيب القوى العسكرية، وفرزها عن الجماعات الجهادية، لمنع تحويل الثورة السورية إلى أفغانستان أو صومال أخرى. هذه ثورة السوريين ضد نظام الأسد ويجب ألا يخطفها أصحاب الأجندات الأخرى مثل «القاعدة» و«النصرة»، وبالتالي سحب الذريعة التي تحججت بها الدول بائعة السلاح النوعي التي تقول إنها تخشى من وقوع سلاحها في أيدي جماعات تستخدمه غدا لإسقاط طائراتها المدنية، ومهاجمة سفاراتها، ونحوه.
لقد قام السوريون بتصحيح الفوضى التي تهدد سوريا والسوريين، لا الغرب وحده، وستستغرق وقتا لعزل الجماعات المزروعة أو المتسللة وسط قوات الثوار.. إنما السلاح النوعي بدأ وصوله، حتى أن أحد الراصدين للتسليح يعتقد أن الثوار السوريين لن يحتاجوا غدا إلى حظر جوي، وسيكون بمقدورهم تهديد المقاتلات النظامية، وسيعودون إلى محاصرة العاصمة دمشق.
ويؤكد أحد المنخرطين في العمل السياسي أن الدول الغربية، بغض النظر عما تقوله داخليا في بلدانها، أصبحت فعلا طرفا أساسيا بتمويل السلاح وتقديم المعلومات، وهم يريدون الضغط على الأسد والروس للقبول بحل سياسي ينهي النظام الحالي بشكل شبه كامل، وليس وفق الحل الروسي - الإيراني الذي يقبل بخروج الأسد مع إبقاء المؤسسات الأمنية والعسكرية والمالية بيد النظام.
أخيرا، ما زلت أعتقد استحالة عودة عقارب الثورة السورية إلى الوراء، مهما منحت روسيا وإيران الأسد، ومهما منعت الدول الغربية الثوار من سلاحها النوعي، فقد كسرت الجرة ولن ينجو النظام إلا ربما محاصرا في مناطقه الطائفية.
لا تذبحوا الثورة السورية باسم الخلافة
وائل مرزا-الشرق القطرية
هذا موضوعٌ من المواضيع الحساسة التي يضحى الكلام فيها أشبهَ بالمشي في حقلٍ من الألغام. لكن ملابساته تتعلق بحاضر ومستقبل سوريا، فلا مفر من فتح ملفه، على قاعدة أنه لابد مما ليس منه بُد.
ذلك أن خلطاً كبيراً يجري في محاولات تنزيل ما تُسمى بأحاديث الملامح والفتن ونهاية الدنيا على الثورة السورية وأحداثها. وهو خلطٌ يزيد مساحات طريقةٍ في التفكير ليست في مصلحة الشعب السوري وثورته، ويظهرُ فيها ربطٌ لما ورد في الأحاديث المذكورة بوقائع الثورة وملابساتها الداخلية والخارجية بشكل فيه الكثير من التعسف أحياناً، ويبدو فيه التناقض بين الرواية والواقع، بطريقةٍ لاتنسجم ابتداءً مع المنهج الإسلامي الأصيل الذي يجب أن يتحرى الدقة والأمانة في التعامل مع مثل هذه القضايا المتعلقة بحاضر الشعوب ومستقبلها.
لن ندخل هنا في جدالٍ يتعلق بعلوم الحديث النبوي وأهمية دراسة العلاقة بين المتن والسنَد، وكيفية تنزيل الأحاديث النبوية على واقع البشر، وأولوية فهم الأحاديث في ضوء ماورد في القرآن الكريم، وما إلى ذلك مما لا يتسع له مقالٌ صحافي يهدف كما ذكرنا إلى فتح الملف قبل أكثرَ من أي شيءٍ آخر.
ثمة دلائل كثيرة على وجود المحاولات للربط بشكلٍ وثيق بين الأحاديث المذكورة وبين الثورة السورية، وهي تهدف في خضم الحماس والعاطفة إلى تأجيج المشاعر وزيادة الدعم للثورة فيما نحسب. لكنها لاتنتبه مع ذلك الحماس والتركيز على المشاعر إلى مافيها من أخطاء منهجية أولاً. والأهمُ من ذلك أنها لا تُلقي بالاً إلى حجم الفوضى الفكرية التي يمكن أن تنتج عنها، ومايترتبُ على ذلك من فوضى عملية على جميع المستويات.
هناك على سبيل المثال مقطعٌ على موقع اليوتيوب يتناقله الناس، والسوريون تحديداً، يتعلق حصراً بعلاقة أحاديث الملاحم بالثورة، ويمكن أن يكون نموذجاً يستحق الدراسة في هذا المجال.
يبدأ المقطع بمشاهد من أحداث الثورة السورية تَظهر على جانب الشاشة، في حين يقول الشيخ المتحدث على الجانب الآخر لها مايلي: "إن ماترونه الآن بأعينكم وماتستمعون إليه الآن في وكالات الأنباء وعبر الفضائيات ونشرات الأخبار قد تحدث عنه النبي المختار الذي لاينطق عن الهوى". هكذا، يلغي المُعلِقُ نهائياً ومن اللحظة الأولى أي احتمالٍ آخر، ويقطعُ جازماً بالعلاقة الكاملة بين الرواية النبوية وبين الحدث الراهن. وهو تحت الضغط النفسي الراهن يستعملُ احترام الناس للنبي الكريم لتأكيد تفسيره الشخصي للقضية، بحيث يُصبح الحوارُ والنقاشُ فيها من البداية مشبوهاً إن حصلَ، ومقروناً بتهمة تكذيبه عليه الصلاة والسلام.
بعدها، يظهر خطيبٌ آخر وهو يشرح حديث "لاتقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو قال بدابق"، وبينما يؤكد الخطيب أن دابق هي قرية في شمال سوريا تظهر صورة جانبية فيها خارطة سوريا الجغرافية، ثم تبدو بضعة أسهم وهي تتحرك من أوروبا وقبرص باتجاه المنطقة المذكورة، ليتابع المتحدث قائلا بالعامية: "لاحظ ماقال (حتى تأتي) بل (حتى تنزل) وهذا دليل أنهم يأتون من الشمال".
ثم يظهر متحدثٌ ثالث يكرر بداية الحديث المذكور ويقول "مَن الروم؟ الروم أو بنو الأصفر، امتدادهم الآن في العصر الحديث الأوروبيون والأمريكيون، نسلُ بني الأصفر. أوروبا وأمريكا". ولتأكيد الصورة الذهنية، تظهر على الشاشة الجانبية أثناء الكلام مشاهدُ لاجتماع إحدى القمم الأوروبية ثم مشهد للرئيس الأمريكي أوباما. المفارقةُ أن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو يظهر في منتصف الصف الأول من لقطة الاجتماع! لكن منتج المقطع لايقف عند دلالة هذه اللقطة وكيف يمكن أن تُظهر التعقيد الكبير المتعلق بالموضوع، فالمهم هو استحضار شاهدٍ بصري يؤكد التفسير المُراد بغض النظر عن (التفاصيل).
وتكتمل التركيبة بظهور متحدثٍ رابع يذكر حديث "تصطلحون أنتم والروم صلحاً تاماً فتقاتلون عدواً من ورائكم". وفي هذه اللحظة تُظهر الشاشة الجانبية الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب وهو يتجه لمصافحة الرئيس الفرنسي أثناء استقبال الأخير له في باريس!
ثم يكمل المتحدث قائلاً: "والسؤال: مَن هو هذا العدو؟" لتأتي الإجابة من متحدثٍ آخر يحكي عن إجماع السوريين كلهم على أن "بعض من يقاتلنا يتكلمون اللغة الفارسية"، ثم يذكر إيران وروسيا والصين.
وللتأكيد، يظهر متحدثٌ سابق يؤكد على قضية الحِلف مستخدماً هذه الكلمات: "يعني الأمريكان والبريطانيين والأوروبيين، يكون بينكم حلف". وهنا تظهر مرة أخرى مشاهد للقاء معاذ الخطيب هذه المرة مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري؟! في حين يُكمل المتحدث بقوله: "فتغزون عدواً من ورائكم. قال فتُنصرون".
هكذا، وبكل بساطة، يُصبح مؤكداً أن أوروبا وأمريكا، ومعها تركيا عَرَضاً، ستتدخل لمصلحة الثورة السورية إلى درجة التحالف معها.. بل إن هذا الحلف سيحارب إيران وروسيا والصين.. وينتصر عليها. وتكون لقاءات رئيس الائتلاف السابق الذي لم يعد رئيساً وقت نشر المقطع في أوائل شهر يوليو الحالي مع بعض المسؤولين الغربيين دليلاً على صِحة الأحاديث المذكورة. ويجري تجاهل كل الحقائق التي بات القاصي والداني يعرفانها عن المواقف الدولية من الثورة السورية. ويتم القفز فوق التناقض بين هذه الحقائق وبين تفسير الروايات بشكلٍ يظلم الثورة والرواية والرسول والإسلام نفسه إلى أبعد الدرجات.
لكن الموضوع لايقف عند هذا الحد، إذ يظهر أحد المتحدثين السابقين وهو يقول: "وتبدأ علامات الساعة الكبرى في الظهور وكأن المسبحة قد انقطعت وبدأت الخرزات تتساقط. فيغدرُ الروم بعد النصر. يغدرون بالمسلمين كعادتهم. ينكثون العهد. يبدأون بقتال المسلمين وتبدأ الملحمة الكبرى.. فيقتلهم المسلمون".
بعدها، يظهر متحدثٌ سابق أيضاً ليذكر حديثاً آخر ويشرحه قائلاً: "فيخرج عليهم جيش من المدينة. المقصود بالمدينة دمشق بإجماع الشُراح وليس المدينة النبوية لأن المدينة النبوية تكون في ذلك الوقت خراباً بإجماع الشُراح. خلص، مايكون فيها أحد". هكذا، يُمَرَرُ الموضوع دون التساؤل عن علاقة مايجري الآن من أحداثٍ في الثورة بصراعٍ كوني مع الأوروبيين والأمريكان يحصلُ وقد أصبحت المدينة المنورة (خراباً)، وبإجماع الشُراح!؟
أخيراً، ينتقل الموضوع إلى خروج المهدي ثم الحديث المعروف عن المراحل التي تحدث عنها الرسول وتتعلق بالخلافة الراشدة ثم الملك العضوض ثم الحكم الجبري وصولاً إلى "خلافة راشدة على منهاج النبوة".
نفهم أن يتفاعل البعض مع حرارة الثورة السورية، ونؤمن بأنها ستكون تمهيداً لتغييرٍ حضاري كبير، لكن هذه الطريقة في (استعجال) الملاحم والفتن ونهاية الدنيا لاتصلح مدخلاً للبحث عن خلافةٍ على منهاج النبوة. فهي حين تكون مليئةً بالتعسف والتناقضات لن تترك فسحة للعقل والفهم والتخطيط للتعامل مع التعقيد المحيط بالثورة السورية، وإنما ستصبح سبباً لذبحها بالفوضى والخلاف والاستعجال، والاعتماد على القوة العسكرية وحدها. ناهيك عن أن تسمح مثلُ تلك الرؤية مجالاً لإعمار الأرض والحكم الرشيد فيها بغض النظر عن التسميات.