Haneen
2013-07-29, 10:17 AM
اقلام واراء عربي 459
25/7/2013
في هذا الملــــف:
مدى تورط حماس بالدم المصري ؟
رجا طلب/الرأي الأردنية
القضية الفلسطينية في ضوء زيارة كيري للشرق الاوسط
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان)/القدس العربي
نجاح كيري الوحيد أنه نقل مسرح «الفشل» إلى واشنطن
صالح القلاب/الشرق الأوسط
سرية مفاوضات الشرق الأوسط
آفاق/البيان الإماراتية
أردوغان ينافس العرب في نظرية المؤامرة
أحمد دياب (كاتب مصري)/الحياة اللندنية
الملك الوليد ورحيل خالد بن الوليد..من جديد
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
الإخوان المسلمون: الغاية تبرر الوسيلة
د. فايز رشيد(كاتب من فلسطين)/القدس العربي
إسرائيل قلقة من «جهاديي» سوريا: المدى القصير يحمل مخاطر
حلمي موسى /السفير
إما أن تحكم الجماعة شعب مصر على طريقتها أو تقتله
حسن نافعة/المصري اليوم
إنها الحرب يا ببلاوي
حمدي رزق/المصري اليوم
.. وأنهار «باستيل» العراق!!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
مدى تورط حماس بالدم المصري ؟
رجا طلب/الرأي الأردنية
سؤال مؤلم جدا بالنسبة لفلسطين كقضية وكشعب وكذلك بالنسبة لمصر، الحضن الدافئ لفلسطين عبر تاريخ القضية رُغم ما اعترى هذه القضية من تطورات وتغييرات صعودا ونزولا منذ قرار التقسيم عام 1947 الى اليوم، فمصر كانت أم القضية الفلسطينية مثلما هي أم الدنيا وستبقى !!
في الأنباء فان التقارير الإخبارية تتحدث ومنذ أشهر عن تعاون عسكري بين حركة حماس والتنظيمات « الجهادية « في سيناء خلال فترة حكم مرسي، وبعد سقوط نظام الإخوان بعد ثورة 30 يونيو أخذت الأنباء تتحدث بوضوح عن تورط لحماس في الأحداث المصرية على جبهتين: الأولى وهي الأكثر ضراوة جبهة سيناء حيث يخوض الجيش المصري حربا ضروسا ضد الجماعات الإرهابية التي تقول عنها الجهات الأمنية المصرية أنها مدعومة من الإخوان المسلمين ومن حركة حماس، والجبهة الثانية هي احداث العنف والفوضى داخل القاهرة وبقية المحافظات المصرية.
الأجهزة الأمنية المصرية وبعد إلقاء القبض على أعداد كبيرة من إرهابيي الجماعات « الجهادية « في سيناء توفرت لديها معلومات واعترافات عن تورط عناصر لحماس في أحداث سيناء وفي فوضى المدن المصرية، حيث ألقت هذه الأجهزة القبض على العشرات ممن اعترفوا أنهم من حماس وأنهم حصلوا خلال فترة حكم الإخوان على جوازات سفر مصرية، وبطاقات هوية بأرقام قومية تمكنهم من التحرك داخل مصر بحرية تامة وذلك للقيام بمهمات تخريبية ضد مؤسسات الدولة وضد المعارضين لحكم الإخوان، ونشرت على سبيل المثال صحيفة الوفد المصرية في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي في 23 من يوليو أسماء أكثر من عشرين عنصرا لحماس حصلوا على جوازات مصرية وبطاقات ذات أرقام قومية، كما تحدث قبل ذلك عن هذا التورط بشكل صريح قائد الجيش الثالث الميداني المصري اللواء أسامة عسكر واتهم كتائب القسام، الذراع العسكري لحماس بإرسال صواريخ جراد إلى تنظيم «الإخوان المسلمين» في القاهرة بهدف استخدامها في هجمات إرهابية ضد الشعب المصري، مشيرا إلى أن الصواريخ التي تم ضبطها مؤخرا في منطقة السويس هي من النوع الذي يمتلكه الجناح العسكري لحماس، هذا بالإضافة لاعترافات رمزي موافي طبيب ابن لادن الذي القي القبض عليه قبل أسبوعين في سيناء والذي كشف عن المخطط الكامل لما يسمى « بالجيش المصري - الإسلامي الحر « الذي كان المخطط المرسوم له ان يبدو كجيش منشق عن الجيش المصري بعد أن تقوم العناصر « الجهادية « ومعها عناصر من حماس بارتداء ملابس الجيش المصري بتشكيلاته المختلفة وتحديدا في سيناء.
في مقابل هذه المعلومات وغيرها التي تسربها الأجهزة الأمنية المصرية الى وسائل الإعلام نجد أن حركة حماس وكأن على رأسها الطير، فأقصى ما قامت به في محاولة لإيضاح الحقائق هو ذلك التصريح الخجول والمرتبك لإسماعيل هنية الذي نفى فيه تورط حماس.
من الناحية العملية يعلم السيد هنية انه لا يعلم شيئا عن نشاط حماس الأمني والعسكري لا سابقا ولا حاليا ولا مستقبلا، فهو يعلم ايضا انه واجهة سياسية - إعلامية ليس أكثر، ويعلم كما يعلم الآخرون أيضا أن كتائب القسام وجهاز الأمن الحمساوي مازالا مرتبطين بعدة أحبال سرية منها حبل إخوان مصر والتنظيمات الإرهابية في سيناء، ومنها الحبل الإيراني ومنها الحبل الذي مازال مرتبطا مع الأمن السوري الذي نما وترعرع « زمن التحالف غير المقدس « بين حماس ودمشق.
ولذا فان بقاء حماس « الرسمية « واقفة « متيبسة « عند تصريح النفي لهنية الذي لم يقنع الشارع المصري، يشكل ضررا كبيرا بسمعة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لدي الشعب المصري، وبات مطلوبا من رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ( إن كان واثقا ) من براءة جناح تنظيمه المسلح، المطالبة بلجنة تحقيق رسمية فلسطينية - مصرية بشان هذه المعلومات أو الادعاءات، ونشر نتائج هذا التحقيق علنا لتبرئة الشعب الفلسطيني من دم الشعب المصري، خاصة بعدما قامت جهات مصرية وغير مصرية موتورة بالمتاجرة في هذا الموضوع وحرضت المصري العادي ابن البلد الطيب ضد فلسطين وقضيتها وشعبها بسبب حماس وارتباطها بإخوان مصر.
القضية الفلسطينية في ضوء زيارة كيري للشرق الاوسط
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان)/القدس العربي
السؤال الملح دائما، هو هل تلعب الولايات المتحدة دورا مهما في القضية الفلسطينية؟
هذا السؤال يطرح نفسه بقوة بعد توجه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى منطقة الشرق الأوسط وإجراء محادثات تستهدف – بحسب زعمه- استئناف المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وكما هو معروف فإن الاهتمام الأمريكي بما يجري في فلسطين كان خلال الحرب الباردة حيث ظلت الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل قاعدة متقدمة لمواجهة الاتحاد السوفييتي، وانطلاقا من هذا التوجه دعمت واشنطن إسرائيل وجعلتها قوة نووية تستحق أن يعاد النظر في أسلوب مواجهتها.
وبصرف النظر عن دعوة ‘ثيودور هرتزل’ في القرن التاسع عشر من أجل إيجاد وطن لليهود وسعيه لتحقيق دعم بريطاني لهذه الدعوة، فإن الحقيقة القائمة قبل أن تصبح فلسطين قضية ذات أبعاد دولية هي إن العرب لم يكونوا مطلقا ضد اليهود أو محاولة استيعابهم في إطار دولة فلسطينية أو غير فلسطينية. خاصة أن الإحصاءات كانت تؤكد حتى عام ألف وتسعمئة وأربعة عشر أن اليهود يشكلون عشر سكان فلسطين البالغ عددهم نحو سبعمئة ألف..
غير أن التوجه الجديد الذي حمله وعد ‘بلفور’ دعا إلى إقامة وطن خاص باليهود، على أرض فلسطين مع الاحتفاظ بغير اليهود، وكان مضمون هذا الوعد واضحا، إذ بدل أن يكون لليهود حقوق مدنية أصبح المطلوب هو حقوق للعرب الفلسطينيين في أرضهم.
وأدى هذا الوضع إلى أول انتفاضة قام بها الفلسطينيون في ‘حيفا’ عام 1921 لما اعتبروه تغلغلا صهيونيا في بلادهم، ولا بد هنا أن نفرق بين التغلغل اليهودي والتغلغل الصهيوني، ذلك أن تغلغل اليهود في أي بلد عربي لم يكن مرفوضا، ولكن التغلغل الصهيوني ظل مرفوضا بسبب أهدافه الايديولوجية والعنصرية التي قامت عليها الفكرة الصهيونية .ويظهر ذلك بشكل واضح في محادثات’ فلاديمير جابونسكي’ و’ستيرن كانغ’ في عام 1930 مع النازيين من أجل دعم فكرة توطين اليهود على أرض فلسطين لأن الأمر في نظر هؤلاء لم يقتصر على سكان فلسطين من اليهود بل تجاوز ذلك إلى فتح المجال لهجرة اليهود من أوروبا ومن كل مكان من أجل احتلال أرض فلسطين التاريخية وتحويلها إلى وطن لليهود.وتفاقم الأمر كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية حيث أصبح ‘الهولوكست’ الذريعة التي شجعت بها كثير من الدول الأوروبية سفر اليهود إلى فلسطين من أجل تأمين وطن آمن لهم . واستمر الصراع بين العرب الفلسطينيين واليهود الإسرائيلين في مراحل مختلفة كان أعنفها مذبحة دير ياسين في عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين، وهو العام الذي أعلنت فيه دولة إسرائيل التي اعترفت بها الولايات المتحدة وأكثر من ثلاثين دولة إلى جانب الأمم المتحدة. وبالطبع رفضت الدول العربية قيام هذه الدولة وكان ذلك سببا لحرب عام 1948 وهي حرب لم يستعد لها العرب بصورة كاملة، وقد خرجت منها إسرائيل منتصرة في الكفاح المسلح ودعم ذلك موقفها بشكل كبير.
ولا شك أن العرب لم يعترفوا مطلقا بهذا الواقع، وظل الهدف القائم دائما هو القضاء على دولة الكيان الصهيوني من أجل استعادة الحقوق المغتصبة من الشعب الفلسطيني. ولكن العرب كما أسلفنا لم يستعدوا لتحقيق هذا الهدف وتركوا إسرائيل تستمر في عدوانها على الشعب الفلسطيني حتى تحولت من مجرد دولة مهاجرين إلى دولة نووية. وبالطبع لم يتوقف الفلسطينيون عن مقاومة هذا الواقع حتى تمكنوا في آخر الأمر من إقامة منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964. وظلت إسرائيل في وضع التأييد المطلق من جانب الولايات المتحدة التي رفضت مبادرة السلام التي قدمها الرئيس السادات ولكن الولايات المتحدة اضطرت لتغيير موقفها بعد هزيمة إسرائيل في معركة العبور عام 1973واستمر هذا الوضع حتى وقعت اتفاقية ‘كامب ديفيد’ في عام 1978 وتبعها توقيع اتفاق ‘أسلو’ في عام 1993 ولكن ذلك كله لم يجلب السلام بين العرب وإسرائيل على الرغم من بدء محادثات التفاوض بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة اليهودية، ذلك أن إسرائيل لم تكن في أي مرحلة من المراحل راغبة في السلام، ليس فقط لأنها لم تكن ترى أن السلام يعني شيئا بالنسبة لها، بل لأنها كانت تريد إسرائيل دولة يهودية خالصة يعترف بها الفلسطينيون، وبالتالي يتنازلون عن حقوقهم فيها وعدم المطالبة بالعودة وحتى لو تحقق ذلك كما يريد رئيس الوزراء ‘بنيامين نتنياهو’ فإن إسرائيل لن توافق على إقامة دولة فلسطينية على حدودها لأنها كما يقول ‘نتنياهو’ تخشى أن تتحول هذه الدولة إلى بؤرة للإرهاب الذي يهدد أمن إسرائيل، وهكذا ترى إسرائيل أن أمنها وسلامها أكثر أهمية من حقوق ملايين الفلسطينيين المشردين خارج أوطانهم، ومن هذا المنطلق نحتاج إلى التفكير الموضوعي في حل القضية الفلسطينية التي يبدو أنه لا يخرج من ثلاثة احتمالات وهي :
أولا: إقامة دولة موحدة يعيش فيها الفلسطينيون مع اليهود في ظل حقوق متساوية.
ثانيا: إقامة دولتين متجاورتين تتعايشان مع بعضهما بعضا في سلام.
ثالثا: حدوث مواجهة، ولكن ليسس بالطريقة التقليدية بل عن طريق اجتياح طوفان بشري لا يبالي بالخسائر التي تلحق به في مقابل الأهداف النهائية وهي تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
لكن الولايات المتحدة لا تفكر حتى هذه المرحلة في هذه الاتجاهات الثلاثة، وهي لا تريد أن تخرج عن المواقف التقليدية، وبالتالي فإن زيارة ‘كيري’ للمنطقة العربية لا تهدف إلى تحقيق حل للقضية الفلسطينية، بل هي مناورة من جانب الولايات المتحدة لتجاوز الإحراجات التي تواجهها بسبب ثورات الربيع العربي حيث تحد نفسها عاجزة عن اتخاذ مواقف إيجابية سواء كان ذلك بالنسبة لسورية أو بالنسبة لمصر، فالولايات المتحدة تدرك تماما أن الوضع في سورية لم يعد محتملا ولكنها لا تريد أن تتدخل حتى لا تجد نفسها في مواجهة مع روسيا والصين، وربما مع دول أخرى في المنطقة، وهي تجد نفسها عاجزة عن التدخل في مصر لأنها لا تستطيع تقويم الوضع بصورة صحيحة وإدراكها أن ما يحدث في مصر هو جوهر الكثير من ثورات الربيع العربي، وبالتالي فإن تحركات الولايات المتحدة الأخيرة لا تستهدف بها أكثر من صرف الأنظار عن مواقفها من مناطق النزاعات الساخنة في العالم العربي، ولكن من غير اللائق أن تتخذ من القضية الفلسطينية التي هي قضية مهمة وحساسة وسيلتها للهرب من مواقفها أو مسئولياتها في المجتمع الدولي. ذلك أن التوجه نحو القضية الفلسطينية سوف يكرس موقفا متكررا من جانب إسرائيل يقوم على المماطلة واتخاذ المفاوضات وسيلة لذر الرماد في العيون لأنها تشغل الفلسطينيين عن قضيتهم الحقيقية وتجعلهم يجرون وراء سراب خادع، ولا نريد بذلك أن نقول إن على الولايات المتحدة ألا تهتم بالقضية الفلسطينية في هذه المرحلة بل ما نقوله هو يجب أن تكون القضية الفلسطينية دائما هي مركز الاهتمام بشرط أن يتخذ الاهتمام منحى جديا وليس كما تحاول الولايات المتحدة فعله في الوقت الحاضر، ذلك أن الشعب الفلسطيني لا يريد فقط مفاوضات بل يريد حلولا لمشكلاته الحقيقية ولا شك أن الولايات المتحدة قادرة على أن تسهم في هذا الاتجاه لو أرادت ولكن الولايات المتحدة لم تظهر هذا التوجه في سياساتها حتى الآن وبالتالي لا يمكن أن تفسر رحلة ‘جون كيري’ في المنطقة إلا على أنها محاولة للإيهام من أجل تهرب الولايات المتحدة من مسئولياتها تجاه الأحداث التي تتفاقم في منطقة الشرق الأوسط.
نجاح كيري الوحيد أنه نقل مسرح «الفشل» إلى واشنطن
صالح القلاب/الشرق الأوسط
لم تحظ أي من المفاوضات التي أجراها جون كيري في جولاته الخمس الماضية لحمل الفلسطينيين والإسرائيليين على استئناف المفاوضات، المتوقفة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بالسرية التي حظيت بها مفاوضات واتصالات هذه الجولة الأخيرة، والمؤكد أن كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد شجع وزير الخارجية الأميركي على مثل هذا التحفظ ومثل هذه السرية ومثل هذا التكتم، وذلك لأنه في مثل هذه الأوضاع الفلسطينية والعربية وفي مثل هذه الأوضاع الإسرائيلية أيضا من غير الممكن تجنب المزايدات والمماحكات السياسية والتحدث في قضايا حساسة ودقيقة كمثل هذه القضايا من قبيل المناكفة ومن قبيل مجرد المواقف الاستعراضية.
لقد بقي كيري يتنقل بين عمان ورام الله والقدس المحتلة، وبقي يجري مفاوضات مطولة جدا مع محمود عباس (أبو مازن) ومع بنيامين نتنياهو، من دون أن يتحدث بأي شيء يمكن البناء عليه للتكهن بما كان يدور إزاء القضيتين الرئيستين اللتين تشكلان حجر الأساس لاستئناف المفاوضات المتوقفة، وهما إصرار الفلسطينيين على أن تكون حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 هي مرجعية هذه المفاوضات، وإصرار الإسرائيليين على أن يكون الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل دولة إسرائيلية هو هذه المرجعية.
ولعل ما يمكن اعتباره مخرجا من هذه الاشتراطات المتبادلة هو أن كيري، الذي بقي يتبع سياسة ما يسمى «الغموض البناء» خلال كل هذه المفاوضات الشاقة التي تخللت جولته الشرق أوسطية الأخيرة وهي الجولة السادسة، قد أعطى تعهدا للفلسطينيين، وحقيقة لـ«أبو مازن» وحده، وربما بمعرفة كبير مفاوضيه صائب عريقات، بأن حدود الرابع من يونيو عام 1967 ستكون «بصورة عامة» مرجعية هذه المفاوضات، وكذلك وفي المقابل فإنه قد أعطى للإسرائيليين تعهدا بأن الأميركيين سيحققون لهم وإن بطريقة مختلفة وغير مباشرة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وحقيقة أنه بالإمكان القول إن هذه هي كلمة السر التي جعلت محمود عباس وجعلت بنيامين يعطيان للمبعوث الأميركي ما جعله يشعر بتحقيق المعجزة المستحيلة بعدم العودة هذه المرة إلى بلاده خالي الوفاض كما كان يعود من كل الجولات الخمس الماضية.
وهنا فإن ما تجب الإشارة إليه هو أن طريق «كلمة السر» هذه التي جعلت كيري يعود من جولته الأخيرة «رافعا رأسه» لم تكن سهلة ولم تصبح معبدة إلا بعد ضغوطات عربية فعلية مورست على «أبو مازن»، وإلا بعد المزيد من التهديدات التي وجهها المبعوث الأميركي إلى بنيامين نتنياهو الذي كما هو معروف كان قد تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس باراك أوباما هي الأولى من نوعها يقال إنه أسمعه خلالها كلاما قاسيا جدا من ضمنه أن عليه، أي رئيس الوزراء الإسرائيلي، ألا يتحمل مسؤولية تعطيل استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وحسب ما يقال، وليس كل ما يعرف يقال حتى في مقال صحافي كهذا المقال، فإن كيري، الذي يبدو أنه لم يعد يحتمل فشلا جديدا بعد فشله المتكرر في الجولات الخمس الماضية، «اخترع» فكرة إرسال مبعوثين فلسطينيين وإسرائيليين إلى واشنطن الأسبوع المقبل لـ«استكمال أسس الدعوة» التي ستوجه إلى الطرفين، الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي، وذلك حتى يقول وحتى تقول الإدارة الأميركية إذا فشل هؤلاء «لقد فعلنا كل ما من المفروض أن نفعله، حيث جمعنا الطرفين على طاولة واحدة لكنهما فشلا ولم يتمكنا من إحراز الاتفاقات المطلوبة».
وكان كيري، حسب ما يقال، قد خاض مفاوضات صعبة وقاسية إن مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي استغرق أحد لقاءاته به في العاصمة الأردنية عمان ست ساعات متتالية، وإنْ مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وافق «مبدئيا»، وحسب ما يقال أيضا، على رسالة ضمانات للفلسطينيين في هيئة دعوة يوجهها وزير الخارجية الأميركي للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يقول فيها «ندعوكم لاستئناف المفاوضات على أساس مرجعية الرابع من يونيو عام 1967، وعلى أساس تبادل بعض الأراضي التي يتم الاتفاق عليها، وبالمِثْل، وبالقيمة نفسها».
وحسب ما يقال أيضا فإن كيري قد قدم للرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورقة أميركية أو أطلعه عليها تَعتَبِرُ الاستيطان غير شرعي، وتؤكد على أن القدس (الشرقية) هي عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة، وأنه تم الاتفاق على أن يجري بحث القضايا المعلقة الأخرى كـ«اللاجئين» و«المياه» خلال المفاوضات التي ستتم بين الطرفين الأسبوع المقبل، والتي تقرر «مبدئيا» أن تستمر في واشنطن لفترة تتراوح بين ستة وتسعة شهور، يتم الاتفاق عليها مع بدء هذه المفاوضات، ثم إن هناك من يقول إنه تم الاتفاق على المطلب الذي يعتبره الفلسطينيون مهما وضروريا وهو إطلاق سراح الأسرى الذين كانوا معتقلين قبل اتفاقيات أوسلو الشهيرة في عام 1993 والذين يبلغ عددهم نحو مائة أسيرا، وإنه تم الاتفاق أيضا على أن تقدم الولايات المتحدة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية رزمة اقتصادية.
وبهذا فإنه كان بالإمكان الادعاء ولو من قبيل التحايل على حقائق الأمور بأن مهمة كيري هذه المرة قد حققت إن ليس كل النجاح فبعضه، وأن خطوة مهمة قد أحرزت ستترتب عليها سلسلة من الخطوات اللاحقة، لكن ما يجب أخذه بعين الاعتبار أن الإسرائيليين قد بادروا كعادتهم إلى افتعال أزمة داخلية على خلفية تسريب وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني معلومات عن موافقة بنيامين نتنياهو (المبدئية) على أن تكون حدود الرابع من يونيو عام 1967 مرجعية للمفاوضات التي من المفترض أن تستأنف في واشنطن قريبا بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
والملاحظ أن بنيامين نتنياهو قد بدأ بعد هذه التسريبات الآنفة الذكر يمهد للتملص من هذه الاتفاقات الآنفة الذكر التي لم تثبت صحتها بأي شكل من الأشكال بالحديث عن أن المفاوضات المرتقبة ستكون في غاية الصعوبة، وبالقول إنه على «شركائنا» في هذه المفاوضات أن يأخذوا في اعتبارهم أن لإسرائيل مطالب واشتراطات أمنية لا بد من تحقيقها، وهو بالإضافة إلى كل هذا قد أكد على أنه سيكون هناك استفتاء للإسرائيليين على أي نتائج سيتوصل إليها المتفاوضون خلال الشهور الستة أو التسعة المقبلة.
وهذا يعني ربما أن الإسرائيليين وافقوا على كل الصيغ التي تقدم بها كيري من قبيل تحاشي أي صدام مع الإدارة الأميركية، وترك عملية إفشال هذه الخطوة إلى المفاوضات المقبلة المرتقبة، وعلى أساس أن لديهم القدرة على تحميل الفلسطينيين مسؤولية الفشل الذي يريدونه والذي سيسعون إليه حتما سواء في المفاوضات التمهيدية أو في المفاوضات الرئيسة التي من المفترض أن تتبع هذه المفاوضات، وهكذا فإنه لا يجب التعويل كثيرا على هذه النجاحات غير المؤكدة التي حققها جون كيري، فالفلسطينيون بدورهم يقولون إن التجارب علمتهم ألا يثقوا في الإسرائيليين الذين بدأوا يرددون ومنذ الآن أنه لا وقف إطلاقا للاستيطان وبخاصة في القدس (الشرقية)، وأنه لا اعتراف بحدود الرابع من يونيو عام 1967 كمرجعية لهذه المفاوضات، وأنه من المستحيل الموافقة على دولة فلسطينية على هذه الحدود، وبالتالي فإنهم، أي الفلسطينيين، لا يتوقعون تغيّر هذه الأحوال القائمة الآن إلى أفضل منها ما لم تكن هناك وقفة أميركية جدية تضع حدا لما بقيت الحكومة الإسرائيلية تفعله على مدى السنوات العشرين الماضية وأكثر.
ولذلك وفي النهاية فإنه قد يصح القول إن كل ما فعله كيري في هذه الجولة هو أنه نقل مسرح الفشل إلى واشنطن، حيث إنه «اخترع» هذه المفاوضات التمهيدية لتحاشي ارتباط مثل هذا الفشل به وبالإدارة الأميركية، وللقول إن المسؤولية لا تقع على الولايات المتحدة وإنما على الإسرائيليين والفلسطينيين الذين تم جمعهم حول مائدة التفاوض لكنهم لم يحرزوا أي تقدم ولم يحققوا أي انفراج، وإن المشكلة بالتالي هي مشكلتهم وحدهم وليست مشكلة غيرهم!!
سرية مفاوضات الشرق الأوسط
آافاق/البيان الإماراتية
الزيارة السادسة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لمنطقة الشرق الأوسط، أدت إلى حدوث اختراق في الجبهة الدبلوماسية، حيث أعلن أن المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستبدأ في غضون أسبوع في واشنطن. لقد بدا واضحاً منذ توليه حقيبة الخارجية الأميركية، أن كيري يضع منطقة الشرق الأوسط والمشاكل بين الفلسطينيين والإسرائيليين على قائمة أولوياته، ولهذا كانت زياراته المتكررة للمنطقة منذ توليه منصبه.
الآن الهدف الرئيسي أمام الإدارة الأميركية هو استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وقد أفاد البيت الأبيض بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ودعاه إلى استئناف المفاوضات في أسرع وقت. وفي ما يتعلق بالفلسطينيين، فإنهم لم يعتزموا بعد مناقشة اقتراحات كيري في ليلة الخميس برام الله والقبول بها، فيما التقى كيري في اليوم الأخير في عمّان بالمفاوض الفلسطيني الرئيسي صائب عريقات، ثم توجه إلى رام الله ليجري محادثات مع محمود عباس، ويبدو أنه في عمّان بالذات توصل الجانبان إلى الاختراق المذكور.
لقد تم لقاء كيري وعباس في إطار من السرية، وإن كان هناك، على ما يبدو، بعض النقاط المهمة التي تتصل بمحاور الخلاف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تمت مناقشتها بين كيري وعباس قبل الذهاب للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولم يذكر شيء حول تفاصيل تلك المفاوضات، لكن من المعروف أنه خصصت لها فترة تتراوح بين 9 أشهر و12 شهراً. ومن المعروف كذلك أن الفريق الإسرائيلي الذي تترأسه تسيبي ليفني والفريق الفلسطيني برئاسة صائب عريقات، سيتوجهان في الأسبوع المقبل إلى واشنطن، حيث سينضم إليهما نتانياهو وعباس في مرحلة ما. وقال الباحث في معهد العلاقات الدولية الاقتصادية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، غيورغي ميرسكي، إنه لا يرى مبررات للتفاؤل حين يدور الحديث حول التسوية في الشرق الأوسط. وأضاف أن استئناف المفاوضات لا يعني إطلاقاً أن كل المشاركين في مثلث الولايات المتحدة وإسرائيل وفلسطين، يثقون بنجاحها.
ومضى قائلاً: «لا يمكن أن يعارض نتانياهو سياسة الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية ويرفض كون القدس عاصمة للدولة اليهودية». ويبدو أن الجهود التي تبذلها واشنطن ليس الهدف منها حل المشاكل القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فهذه المشاكل يستعصي حلها من خلال أية مفاوضات، لكن من الواضح أن الإدارة الأميركية تسعى لإقامة المفاوضات من أجل المفاوضات في حد ذاتها، وليس من أجل إنجاحها، فقط من أجل أن يقال إن واشنطن ترعى قضايا الشرق الأوسط.
أما حركة حماس بدورها فقد شنت هجوماً على محمود عباس، معلنة أنه لا يحق له إجراء مفاوضات نيابةً عن الشعب الفلسطيني.
أردوغان ينافس العرب في نظرية المؤامرة
أحمد دياب (كاتب مصري)/الحياة اللندنية
منذ اندلاع تظاهرات واحتجاجات ميدان «تقسيم» في أواخر أيار (مايو) الماضي، دأب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على اتهام مروحة واسعة من القوى والعناصر، الداخلية والخارجية، بالوقوف وراءها، ومحاولاً إقناع مناصريه بوجود مؤامرة خارجية تقف خلفها، منافساً (إن لم نقل متفوقاً) لكثير من العرب، حكاماً ومحكومين، نخبة وعامة، في تبني نظرية «المؤامرة».
ففي رسائله أمام مليونية إسطنبول ونصف مليونية أنقرة، اتهم أردوغان مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية الغربية بالتخطيط لتفجير هذه الاحتجاجات في تركيا، بالتعاون والتنسيق مع أدوات محلية لإسقاط حكومة «العدالة والتنمية» وإبعادها عن السلطة. كما أشار أردوغان إلى مسؤولية «لوبي مالي»، أو من وصفهم بأعضاء «لوبي البنوك الربوية»، الذين اتهمهم أردوغان علناً في خطاباته بالوقوف وراء تأجيج التظاهرات، كما اتهمهم باستغلال تظاهرة بدأت في شكل مشروع ليحولوها إلى تأليب للشعب ضد الحكومة، وإيجاد حال من الفوضى في البلاد، وليهددوا سوق الأوراق المالية في تركيا عبر المضاربة، ورفع أسعار الفائدة». ولم يبخل أردوغان باتهاماته على الصحافة الدولية، التي تفسح، من وجهة نظره، المجال لتغطية واسعة لتظاهرات «تقسيم» لزعزعة استقرار تركيا، وأخيراً، وليس آخراً، اتهامه مساء 17 تموز (يوليو) الجاري «قوى إقليمية ودولية لخلق فتنة بين الشعب التركي بمكوناته السنّية والعلوية، بهدف جر البلاد إلى دوامة من العنف لقطع الطريق على استكمال النهضة التي تعيشها تركيا في الوقت الحالي».
ولم يقف أردوغان في تبني نظرية المؤامرة على حدود ما يحصل في تركيا، بل تعداها إلى ما حدث ويحدث من تطورات داخل مصر. فعقب إطاحة الرئيس المصري محمد مرسي في 30 حزيران (يونيو) الماضي، اتهم قوى خارجية بالوقوف وراء «الانقلاب» على مرسي، قائلاً إن «المحرك في أحداث ميدان «تقسيم» في تركيا، وفي «الانقلاب» على مرسي هو واحد، ولن أعلن عنه الآن، ولكن سيأتي يوم أعلن عنه وهو مكتوب في مفكرتي». في الواقع، تصمد التفسيرات التآمرية، وتلقى قبولاً لدى كثيرين، حتى من النخبة، لأنها توحي بتبريرات تبدو أكثر أماناً أو أكثر قبولاً من الناحية النفسية، وهي، في أحايين كثيرة، تعزو الشرور التي تصيب الإنسان إلى أعدائه الطبيعيين، أو تُظهر كيفية توافق بعض الأحداث المروّعة، مع رؤية، مقررة سلفاً، لكيفية عمل العالم. وعندما يتعلق الأمر بتلفيق تفسيرات تآمرية، يبدو أن الذهن البشري لا يحدّه شيء، وهذا لا ينفي بالقطع أن هناك آخرين يتآمرون بالفعل. فإذا كان من الخطأ تصور أن التاريخ كله مؤامرة، كما يقول محمد حسنين هيكل، فإن الأكثر تورطاً في الخطأ تصور أن بعض حوادثه تطرأ مصادفة. فالتاريخ، كما يقول برهان غليون، لم يتحول بعد من تاريخ صراع بين الجماعات والشعوب على السيطرة والنفوذ إلى تاريخ محبة وعناق بين شعوب من الملائكة الأطهار لا يفكرون إلا بالمصالح المشتركة وبتعميم الخير على الجميع.
تاريخياً، تمثل نظرية المؤامرة حضوراً قوياً في الثقافة والسياسة التركيتين، بخاصة لدى النخبة السياسية التي تعتبر أن أزمات السياسة العامة تعود في معظمها إلى عوامل التدخل الخارجي، إذ نشأت تركيا تحت ضغوط أمنية، وهي لا تزال – مثل دول كثيرة - تحتفظ بعُقد نشأتها الأولى، الأمر الذي يحيط السياسة والسلطة والذهنية العامة بمقدار كبير نسبياً من الهواجس والشعور الضاغط بوجود مشروع وشيك لتقسيم البلاد، أو نيات أو مؤامرات ضدها، وهذا يفسر هيمنة التصورات والسياسات الأمنية خلال تاريخ تركيا المعاصر. لقد رأت تركيا نفسها محاطة بالأعداء، وهنا يقول المثل التركي: «ليس للأتراك أصدقاء غير الأتراك».
لقد نشأت السياسة التركية وفق رؤية هوبزية من أن «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان»، أي سياسات الخوف وليس سياسات القوة، وكيف أن الخوف يمثل دافعاً للحصول على الأمن (وليس القوة)؛ لقد أدمجت «الكمالية» بين التهديدات الخارجية والمخاوف الداخلية في أيديولوجية واحدة تنطوي على رؤية استبدادية في الداخل من أجل «حراسة» الأمة ضد أعداء الداخل والخارج. فالشعور بالتهديد والتآمر الخارجي والداخلي، يزيد من الشعور التضامني والعصبية الوطنية في مواجهة التحديات الخارجية؛ كما يُساعد في «تغطية» الفشل في حل المشكلات الداخلية التي تواجه المجتمع والدولة التركيين، خصوصاً أن استمرار التوترات والمخاوف الأمنية ينعكس سلباً على السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ويبرر السياسات الأمنية والتسلطية والتحكم بالمجتمع والدولة. وكان من تداعيات ذلك تفسير كل فشل أو عجز في السياسة التركية بـ «تآمر» أطراف في الداخل أو الخارج، وهنا تصبح المؤامرة مدخلاً تفسيرياً وإجراءً سلوكياً، أو عملياً، لتصدير الأزمات الداخلية، وتحميل الآخر/الخارج مسؤوليتها مباشرة أو غير مباشرة، عبر طرف داخلي.
الملك الوليد ورحيل خالد بن الوليد..من جديد
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
في الوقت الذي تحتفي فيه بريطانيا بقدوم الوريث المستقبلي للعرش البريطاني وانشغال المجتمع برمته بهذا الحدث إعلامياً واجتماعياً وتجارياً وتقاطر الناس وعدساتهم على أماكن إقامة المليك الوليد يعيش وليد آخر لم يبق في جسده موقع لرمح أو سيف ذات يوم موتاً جديداً.
فهذا العالم المجنون الذي يعيش غبطة الحدث في عاصمة الضباب يعيش أيضاً قتلاً مستمراً في سورية وفي الشهر الفضيل يطال حتى المقامات التي جمعت هاماتٍ تاريخيةٍ كانت وما زالت مدارس عملاقة في الشموخ والعزة.
حروب العرب والعجم في بغداد والنجف وكربلاء ودمشق وحلب وطرابلس وصنعاء وعدن والقاهرة وسيناء وتونس تأتي اليوم على دور العبادة والمتاحف والمسارح ورياض الأطفال والمدارس في موقف أشبه بانفصام واضح في الشخصية.
فالعواصم التي تشجع التغيير وتدعمه معنوياً ومالياً وعسكرياً ولوجستياً تحتفي ببراءة مواليدها ورفعة شأنهم بينما ترزح مجتمعات أخرى تحت وطئة مستقبلٍ مجهول عنوانه الضياع والتشرذم والتفكك والجهل.
فما ذنب الحدائق المعلقة ومكتبة الموصل ومتحف بغداد وسوق ومكتبة حلب وضريح خالد بن الوليد وقائمة أخرى من مواقع نُحرت أن تُغتال بهذه الصورة؟ سوى لهدف واحد ووحيد يقوم على السعي لتجهيل الشعوب المنتفضة وشرعنة استباحة دمها واعتيادها على الانتهاكات المستمرة للحرمات بما فيها حرمة رمضان بصورة تجعل الهوان جزءاً مستمراً ومملاً في الحياة اليومية لا يكترث به الكثيرون بينما يتمكن أصحاب مشروع التجهيلي من أن يستكملوا برنامجهم في الهدم والدمار.
إن قتل خالد بن الوليد من جديد وغيره من سيوف الحق المسلولة ليس إلا تفاقم محتدم لانهيار الضمير وانتقام وحشي من الحجر تمهيدا لقتل روحية البشر وآدميتهم وصولاً للتجهيل المطبق.
نعم نحن ننتحر في كل لحظة يستمر فيها مشروع القتل وفي كل مرة يقتل فيها خالد بن وليدٍ آخر حي كان أم ميتاً. نحن نتجه بامتياز نحو غلبة الجهل على أحكام العقل ونحو انهيار نسيجنا البشري أمام سلسلة لا منتهية من الأطماع.
ومع استحكام الجهل وسطوته فإن ظهور انهيارات أخلاقية متواصلة سيكون حدثاً مستمراً وصولاً إلى إنهاك المحيط العربي أمام جبروت يتصاعد لإسرائيل .. المستفيد الأول من حرب الجهل على العقل وحرب البؤس على الاستقرار.
ضياع الجدوى من الحياة هو استحضار متجدد ومبتكر بل تخليق مستحدث لاستعمار الأمس بصورة أكثر ديناميكية وأقل ضرراً على المستعمرين الجدد.
إذا نحن نتجه نحو كبوة عربية جديدة وواسعة ما لم ينتفض الشباب العربي على الحال في ثورة ارتدادية حضارية لا تعرف القتل والعنف بل تتبنى التوسع السلمي المدروس والهادىء لثورة توعوية تنبيهية تشرح طبيعة الأهداف التجهيلية المستعرة وتؤكد على حماية المكتسبات والمنشآت واحترام الأديان وحرمة الإنسان ومؤسساته على اختلافها.
إن التغيير في الحال يحتاج إلى هندسة عقلانية للتحول من واقع لآخر ولا يحتاج لقتل المزيد من المواليد أو حتى خالد بن الوليد من جديد!!!
الإخوان المسلمون: الغاية تبرر الوسيلة
د. فايز رشيد(كاتب من فلسطين)/القدس العربي
لو لم يقل ميكافيلي جملته المشهورة التي تحولت إلى مبدأ حياتي، لخطّ الإخوان المسلمون هذه الجملة، فهم منذ بدايات تشكيلهم في عام 1928 حتى هذه اللحظة، يتصرفون ويمارسون وفقاً لهذا المبدأ. نقول ذلك من جملة تجارب لهم في الحكم في بعض الدول، ومن ممارساتهم بعد خلعهم عن الحكم في مصر. إن ما يجري في سيناء من عمليات عسكرية ضد الجيش والشرطة المصرية في سيناء على أيدي التنظيمات السلفية الحليفة للإخوان في مصر، ارتفعت حدته بعد قيام الجيش وبناء على تظاهرات غالبية المصريين المطلقة في القاهرة والمدن الأخرى، بتنحيه مرسي من منصبه، ووضع ‘خطة مستقبل’ تضمن لكافة ألوان الطيف السياسي المصري (بما في ذلك الإخوان المسلمون) المشاركة في العملية الديموقراطية، التي تتجلى في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة ولجنة اعداد الدستور. برغم تجربة الإخوان السوداء خلال عام من حكمهم لمصر، وبرغم المآسي والزلازل التي سببوها لأكبر بلد عربي، لم يضع لا الجيش ولا القوى الأخرى، فيتو على الإخوان المسلمين. الهجمات في سيناء تتزامن مع إشاعات يقوم الإخوان بترويجها مثل: وجود انشقاق في الجيش المصري، إضافة إلى التحريض المستمر ضده، والدعوة إلى تفكيكه وغير ذلك من الوسائل (وكأنه جيش إسرائيل) مع علمهم: أنه لولا هذا الجيش لكان من الصعب على الإخوان تسلم منصب الرئاسة في مصر، بعد فوز مرسي بنسبة 50.8′ في الانتخابات. لولا هذا الجيش لدخلت مصر حرباً أهلية لا تُبقي ولا تذر. لم يفز مرسي بأصوات الإخوان المسلمين في مصر، وإنما أيضاً بتصويت القوى الوطنية والقومية الناصرية والديموقراطية واليسارية له، وقد أرادت كل هذه القوى قطع الطريق على مرشح الفلول، وهي صدّقت ووثقت بما أعلنه الإخوان عن حرصهم على مشاركة كافة القوى في الحكم: مجلس رئاسي، عدم السيطرة على مجلس الشعب وكل المؤسسات التشريعية والتنفيذية الأخرى.
بعد إرسال مندوبهم إلى قصر الاتحادية، تنكر الإخوان لوعودهم كافة، وحاولوا السيطرة على كل المناصب في مصر، وعملوا على أخونة الدولة، وأرادوا فرض نهجهم الاجتماعي على الجوانب الاجتماعية الحياتية على الشعب المصري. ليس ذلك فقط وإنما حَلّلوا كل الموانع السابقة التي تمثلت في: استمرار عقد الاتفاقيات مع الولايات المتحدة، وإبقاء معاهدة كمب ديفيد مع إسرائيل، وإجراء الحوارات الكثيرة مع الدول الغربية، وقطع العلاقات نهائياً مع سورية. عملوا على تكميم الأفواه في الداخل وقمع الحريات، والتهديدات المستمرة بالسجن والمحاكمة للمعارضة. تلك هي التهديدات التي أطلقها مرسي بحق المعارضة. التجارب الأخرى للإخوان في دول أخرى، تساوقت مع الخطوات التي اتخذها الإخوان في مصر.حماس تنكرت للدعم السوري لها من سورية وإيران وحزب الله. امتلكت استعداداً لعقد هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل. حركة النهضة في تونس لم توافق على أن يتضمن الدستور التونسي فقرة: تجرّم التطبيع مع إسرائيل، ولا مانع لدى راشد الغنوشي من إلقاء محاضرة في معهد صهيوني في الولايات المتحدة. أردوغان وحزبه وبعد إقامة علاقات ممتازة مع سورية، أصبحا المقر الرئيسي لكل الحركات السلفية التكفيرية وتسلل مسلحيها إلى سورية. اتفاق الإخوان في العراق مع الحكومة التي أقامها بول برايمر بعد غزو هذا البلد. في ليبيا جاءت كل الممارسات للاتجاهات الإسلامية متوائمة مع سياسات الإخوان في دول ما يسمى بالربيع العربي، والتي تسلموا فيها الحكم. هذه هي الملامح المشتركة لسياسات الإخوان في البلدان التي تسلموا فيها السلطة خلال الفترة الماضية، الأمر الذي يؤكد:
أولاً: عدم الثبات الاستراتيجي للإخوان على ما يعتنقونه من أيديولوجيا إسلامية، فلا مانع من قلب اتجاه الشعارات السابقة، والممارسة بما يتناقض تماماً معها. فشعارات مثل: ‘إزالة إسرائيل من الوجود’، و’إلغاء اتفاقية كمب ديفيد’ و’محاربة التطبيع′ هي شعارات مطاطة قابلة للتغيير، خدمت الإخوان أيام وجودهم في المعارضة، أما في حالة تسلمهم للحكم، فتصبح هذه الشعارات ‘غير صالحة’ للمرحلة الجديدة. كما يمكن عقد هدنة مع الكيان الصهيوني، وملاحقة كل من يريد الاستمرار في المقاومة من التنظيمات والفصائل الوطنية الأخرى، وغير ذلك من الممارسات: الموقف من سورية بعد تسلمهم للحكم، والتنكر للماضي بكل أبعاده ومعطياته السياسية. في العادة فإن الأحزاب الأيديولوجية تمتلك استراتيجية ثابتة لا تتغير أو تتبدل. تمارس هذه الأحزاب تكتيكاً سياسياً لكن من أحد شروطه الرئيسية أن يكون هذا متوائما مع الاستراتيجية الثابتة المحددة للحزب، وإن كانت عكس ذلك فهي ستعتبر خيانةً للاستراتيجية. الإخوان يدّعون امتلاك هذه الاستراتيجية لكنهم في الحكم يمارسون عكسها.
ثانياً: محاولة إعطاء التبرير الديني للمسلكيات السياسية والاقتصادية الجديدة، من خلال الفتاوى الدينية. لقد سبق لشيخ الأزهر الأسبق أن قام بتحليل توقيع معاهدة كمب ديفيد للسادات. ندرك أنه لم يكن إخوانياً. الشيخ اعتمد على الآية الكريمة ‘وإن جنحوا للسلم، فاجنح لها’. لقد نسي او تناسى الآيات الكريمة التي تحث على قتال الأعداء وهي كثيرة. ما نراه اليوم من فتاوي كثيرة للإخوان تتماهى مع الفتوى السابقة، الفتوى ‘بالجهاد في سورية حالياً أولى من الجهاد في فلسطين’. الديون التي تحاول السلطات أخذها في العهود السياسية السابقة في دول ما يسمى بالربيع العربي، هي حرام قطعاً أما الديون لسلطات الإخوان المسلمين فهي ليست ربا وأنما ‘مرابحة’، بغض النظر أن الدين مأخوذ من نفس الدول والمؤسسات الاقتصادية. الفتوى بجواز التحالف مع السادات (الذي وقع اتفاقية كمب ديفيد مع إسرائيل) بهدف الانقضاض على كل التيارات والأحزاب الوطنية الأخرى. وغير ذلك من الفتاوى. بالتالي: بماذا يختلف الإخوان المسلمون عن فقهاء السلطة الذين تعتمد عليهم حكومات دول عربية وإسلامية كثيرة لتبرير موبقاتها بحق الشعوب والأقطار.
ثالثاً: عدم التفريق بين التناقضات. أي بين التناقض الرئيسي والآخر الثانوني. التناقض الرئيسي التناحري هو بين مشروعين، وهو في العادة يُمارس ضد الأعداء، ويعتمد على الوسائل العنفية، باعتبارها العامل الحاسم في حل هذا التناقض، أما التناقضات مع القوى والأحزاب الأخرى في نفس البلد وبين أبناء الشعب الواحد مهما اختلفت البرامج بين الحزب (إخواني او غيره) وغيره من القوى المحلية، فيظل في الإطار السلمي، وأدواته الوسائلية: الديموقراطية والحوارية ولا يجوز لهذا التناقض أن يجري فيه استخدام العنف والدموية. الإخوان لا مانع لديهم من استعمال العنف ضد الجيش المصري (كما يحدث الآن من عمليات ضد الجيش المصري والشرطة في سيناء) والجهات التي تقوم بها هي أطراف قريبة من الإخوان المسلمين. الجيش كشف النقاب عن أسلحة، وقنابل وغيرها كانت في طريقها إلى ميدان رابعة العدوية. مثل آخر هو الهجوم بالمولوتوف على دارالحرس الجمهوري، استعمال الأسلحة البيضاء في الهجوم على المعارضة بالقرب من جامعة القاهرة.
رابعاً: جواز الدعوة للتدخل العسكري الأجنبي من أجل إحداث التغيير في البلد. نقول ذلك وفي الذهن: الدعوات الكثيرة من قبل الأخوان للولايات المتحدة ودول الناتو من أجل التغيير في ليبيا، وأيضاً من أجل إحداث التغيير في سوريا. الدعوة للتدخل في العراق، إن هذا لا يجوز مطلقاً ففي ظل التدخل الأجنبي الذي هو في جوهره: احتلال الأرض واغتصاب لإرادة الشعب، فمن واجب كل القوى الوطنية في هذا البلد إلغاء تناقضاتها والدفاع عن حرية هذا البلد الذي هو وطن الجميع.
يبقى القول: أن ما سبق ليس براغماتية فهذه تجلب الدمار أيضا، لكن ما يمارسه الإخوان المسلمون هو: وفقاً لمبدأ: الغاية تبرر الوسيلة، وهذا مبدأ انتهازي.
إسرائيل قلقة من «جهاديي» سوريا: المدى القصير يحمل مخاطر
حلمي موسى /السفير
عرض رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أفيف كوخافي صورة قاتمة للوضع، الذي ستتأثر به إسرائيل من عواقب الحرب الأهلية في سوريا. وحذر كوخافي من احتمال ترسيخ سوريا كقاعدة عالمية «للجهاديين» الساعين إلى الانطلاق منها لإقامة دولة الشريعة.
وجاءت أقوال كوخافي هذه في حفل اختتام دورة لضباط الاستخبارات الإسرائيليين عقد مساء أمس الأول في قاعدة عسكرية. وقد تحدث معلقاً بشكل أساسي على المخاطر التي تنتظر إسرائيل جراء ما يجري في سوريا وأثر الحدث السوري على المنطقة عموماً، وعلى الدولة العبرية خصوصاً. وقال إنه «يترعرع وينشأ أمام عيوننا وقرب أبوابنا مركز للجهاد العالمي، على نطاق واسع، قد يؤثر ليس فقط على سوريا وليس فقط على حدود دولة إسرائيل، وإنما أيضاً على لبنان، الأردن وسيناء، ويمكن أن ينعكس على المنطقة بأسرها».
ورأى كوخافي أن ما يجري في سوريا خطر على إسرائيل، لكنه اعتبره في الوقت نفسه فرصة. وأشار إلى أنه «من الجائز على المدى البعيد أن تحمل رياح التغيير فرصة وبشرى، لكن على المدى القصير تتزايد المخاطر وفي قسم من المحاور تنثر بذور مخاطر جديدة». وأكد أن «سوريا، التي تشكل مثالاً بالغ الإقلاق، تجتذب إليها آلاف نشطاء الجهاد العالمي ومتطرفين إسلاميين من المنطقة والعالم، وأنهم يرسخون أقدامهم في سوريا».
ويرى كوخافي أن النشطاء المتطرفين، الذين يكرسون جذورهم في سوريا النازفة لهم هدف واضح، وهو ليس تحديداً مساعدة المتمردين. وقال «لم يأتوا فقط لإسقاط الأسد، وإنما أيضاً لتحقيق رؤية دولة الشريعة الإسلامية».
وثمة قيمة لتقديرات كوخافي هذه، خصوصاً إعلانها فور عودته من زيارة عمل للولايات المتحدة كرس الجانب الأكبر منها لمناقشة الأوضاع في سوريا. وتعتقد أوساط إسرائيلية أن هذا كان جوهر الرسالة، التي حملها كوخافي معه إلى واشنطن، وهو ما قاله هناك للمسؤولين الأميركيين المنخرطين في سجال لا ينتهي حول محاذير التدخل العسكري المباشر أو غير المباشر في سوريا.
وقد تجدد القتال الأسبوع الماضي في الجانب السوري من هضبة الجولان المحتلة بين قوات الجيش النظامي ومعارضيه. وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن بضع مئات من نشطاء «الجهاد العالمي» باتوا يتمركزون في جنوب الهضبة قرب خطوط الفصل مع القوات الإسرائيلية. وتضيف هذه المصادر أن مواقع الرصد الإسرائيلية تراقب هذه الجماعات في ظل خشية من عمليات تسلل قد يقومون بها انطلاقاً من القرى السورية المحاذية.
ومعروف أن إسرائيل عززت في الأشهر الأخير الجدار الفاصل والعراقيل الأخرى التي تنصبها هناك، فضلاً عن أنها عززت الدوريات ورفعت حالة التأهب. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نقلت عن ضباط كبار في الجيش تقديراتهم أنه برغم الانتصارات الموضعية، التي حققتها قوات النظام السوري في الآونة الأخيرة، إلا ان الحرب الأهلية هناك بعيدة عن أن تحسم. وأشار هؤلاء إلى أن المعارضين يسيطرون على مناطق شاسعة في سوريا، من بينها أحياء في مدن مركزية كحماه وحمص وحلب.
ومن المهم الإشارة إلى أن الأردن كان بين أول من حذر من تحول سوريا إلى «الثقب الأسود الذي ينجذب إليه الجهاديون من جميع أرجاء العالم». وتحدث مسؤولون أردنيون أيضاً عن الأسلحة المتطورة، التي يمتلكها أنصار تنظيم «القاعدة»، وكيف أنهم صاروا يسيطرون بالتدريج على التنظيمات المسلحة المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد. ويرى خبراء أن هناك اليوم ما يشبه «كارتل» استخباريا يضم على الأقل الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن لرصد فعاليات ونيات «الجهاديين» في سوريا.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن «جبهة النصرة» العاملة في سوريا، أعلنت في نيسان الماضي، أنها تنتمي إلى تنظيم «القاعدة». كما أن شبكة «بي بي سي» البريطانية أعلنت أن ممثلين من حركة «طالبان» زاروا سوريا بهدف إنشاء قاعدة تلبي متطلبات «جهادهم» هناك.
وترى المصادر الإسرائيلية أن تواجد الجماعات «الجهادية» في سوريا تزايد لأسباب بينها اندماج الجهد «الجهادي» في التوتر الطائفي الذي كان في العراق وامتد إلى سوريا. وترددت مراراً أنباء عن اتحاد الجماعات «الجهادية» ذات التوجه القاعدي في جبهة واحدة في العراق وسوريا مع تركيز على أن المعركة طائفية.
إما أن تحكم الجماعة شعب مصر على طريقتها أو تقتله
حسن نافعة/المصري اليوم
وُضعت الجماعة، بعد 30 يونيو، أمام خيارين لا ثالث لهما: خيار المراجعة، وخيار المواجهة. تبنى استراتيجية المراجعة معناه اعتراف الجماعة بأنها لم تحسن استثمار الفرصة التى أتيحت أمامها لإدارة شؤون الدولة والمجتمع بطريقة تساعد على تأسيس نظام ديمقراطى يتسع لمشاركة الجميع، وارتكبت، منذ ثورة يناير، أخطاء جسيمة هى التى تسببت فى احتقان سياسى ومجتمعى أدى فى النهاية إلى الإطاحة بالدكتور مرسى وعدم تمكينه من إنهاء فترة ولايته الأولى. ومن الطبيعى، فى سياق كهذا، أن تصبح المراجعة خطوة ضرورية لتحقيق مصالحة مجتمعية شاملة تُمَكِّن الجماعة من تصحيح ما وقعت فيه من أخطاء، ولضمان مشاركتها من جديد فى صنع المستقبل المصرى على أسس مقبولة من الجميع، أما تبنى استراتيجية المواجهة فمعناه أن الجماعة لا تعترف بارتكابها أى أخطاء، وتصر على أن ما جرى، يوم 3 يوليو، لم يكن سوى انقلاب عسكرى تم بموجبه الاستيلاء على السلطة والإطاحة بالشرعية الديمقراطية، ومن ثم فلا حل للأزمة الراهنة، من منظور الجماعة بالطبع، إلا بعودة الأمور إلى ما كانت عليه، أى بالإفراج عن مرسى وإعادته إلى كرسى الرئاسة، قبل البحث عن أى صيغة لتحقيق مصالحة وطنية، وفى حال عدم الاستجابة لهذه الشروط ترى الجماعة أنه لن يكون أمامها سوى حشد وتعبئة الجماهير والعمل بكل الوسائل الممكنة، بما فى ذلك اللجوء إلى العنف، إذا اقتضى الأمر، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 3 يوليو.
تشير تطورات الأوضاع إلى أن جماعة الإخوان رفضت استراتيجية المراجعة والمصالحة، وقررت اعتماد وتبنى استراتيجية المواجهة والعنف، بدليل إصرارها، ليس فقط على التعبئة والحشد لتنظيم المسيرات والاعتصامات فى كل مكان، وإنما على دفع الأمور كذلك فى اتجاه استخدام العنف والقيام بعمليات إرهابية، على غرار ما جرى أمام قسم شرطة المنصورة، مساء الثلاثاء الماضى، حيث تم زرع قنبلة وصفت بأنها متطورة راح ضحيتها أحد المواطنين وجُرح العشرات، ومن الواضح أنه إذا استمرت الأمور على هذا النحو فقد تتجه نحو صدام مروع يتعين على الجماعة أن تتحمل مسؤوليته وحدها.
للجماعة تاريخ طويل تأرجح بين الرغبة فى تحقيق الأهداف التى حددتها لنفسها بوسائل علنية سلمية ومشروعة، وبين الإصرار على تحقيق هذه الأهداف بكل الوسائل الممكنة، حتى لو تطلب ذلك اللجوء إلى العمل السرى المحرض على استخدام العنف. وفى هذا السياق، يجب أن يفهم قرار حسن البنا، مؤسس الجماعة، بالموافقة على إنشاء جهاز خاص داخل الجماعة للقيام بعمليات سرية، بما فى ذلك محاولات اغتيال فردية كان رئيس الوزراء المصرى محمود فهمى النقراشى من أول ضحاياها. ورغم أن المرشد العام وصف من قاموا بهذا العمل الإجرامى بأنهم «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، فإن الصدام الذى وقع بين جماعة الإخوان المسلمين، من ناحية، وجميع الأنظمة التى تعاقبت على حكم مصر، بعد ذلك، يدل على أن الجماعة لم تتخل أبدا عن استراتيجية المواجهة، وأصرت على تحقيق أهدافها الخاصة، وفى مقدمتها الوصول للسلطة، بكل الوسائل الممكنة حتى لو اضطرت لاستخدام العنف.
لقد أتيحت أمام الجماعة فرصة ثمينة، بعد ثورة يناير، للاندماج فى الجماعة الوطنية وقيادة البلاد نحو تأسيس نظام ديمقراطى يشارك فيه الجميع، وفق قواعد مقبولة تقوم على تكافؤ الفرص بين كل الفرقاء السياسيين، غير أن الجماعة أصرت على أن تحكم البلاد منفردة وعلى أن تستبعد كل الآخرين، بما فى ذلك حزب النور السلفى، واتهام كل من يخالفها فى الرأى بالكفر والإلحاد أو بالخروج على الإسلام، وكأنها الجماعة الوحيدة المخولة بالتعبير عن الإسلام الصحيح، حتى شيخ الأزهر نفسه لقبّه بعضهم، تهكماً وتحقيراً، بأنه «بابا الأزهر».
لم تكتف الجماعة بإهدار فرصة ثمينة أتيحت لها، بعد ثورة 25 يناير، بإخفاقها التام فى إدارة مرحلة انتقالية قادتها الجماعة من خلال أغلبيتها البرلمانية أولاً، ثم من خلال مرسى ثانياً، وإنما تصر الآن على دفع البلاد كلها نحو حرب أهلية وكأن لسان حالها يقول: «إما أن أحكمكم بالطريقة التى أريدها أو أقتلكم جميعا»، غير أننى على ثقة تامة من أن شعب مصر لن ينساق وراء فكرة المواجهة، وسيقاومها بكل الوسائل الممكنة، وأعتقد أن التحام الشعب وتوحده خلف جيش مصر العظيم، فى هذه اللحظة بالغة الخطورة، هو صمام الأمان لإجهاض دعوة خبيثة لإشعال حرب أهلية فى مصر وتدمير الدولة المصرية.
إنها الحرب يا ببلاوي
حمدي رزق/المصري اليوم
قال الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء: «إن دُعاة العنف والإرهاب لا مكان لهم بيننا، وأساس المصالحة الوطنية هو احترام الشعب وإرادته ونبذ العنف»، موضحا أن صبر الحكومة لن يدوم طويلا.
يا خويا كفاية صبر، بيّن كرامة يا ببلاوى، لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزُبى ولم يبق فى قوس الصبر منزع، الدم صار للركب يا دكتور، الإخوان الإرهابيون دخلوا مرحلة حرب المدن، مرحلة العبوات الناسفة، صبر الحكومة لن يدوم طويلا، أتنتظر تفجير الكبارى ونسف المترو، ولّا قصف السد العالى، تم ضبط أربعة صواريخ موجهة للسد العالى يا عمنا.
الإخوان لا عهد لهم ولا أمان، قلنا من زمان حذار من الجناح العسكرى.. قلتم اطلعوا من البلد، قلنا تنظيم إرهابى مسلح.. طلعوا فينا كلونا، واتهمونا يا محرضين، يا فاشيست، طيب خليهم يفجروا ويذبحوا ويسحلوا، مبسوطين بقنبلة مديرية أمن المنصورة، فرحين بعبوة أبوصوير، بكره يحرقوا القاهرة، والله أنا خايف يعلنوا رابعة العدوية إمارة مستقلة، دولة رابعة الإخوانية.
الببلاوى عايش فى دور شفيق جلال، وانا بعلم الصبر يصبر على صبر حبيب جارنـــــــــــا، وبقول يا صبرى صبرك عليه حتى ييجى يوم جارنا، وان كان غيرنا حللى واحنا اللى مررنـــــــــــــــــا، والله الصبر فرغ وسيادتك ولا هنا، يااااه دعاة العنف والإرهاب لا مكان لهم بيننا، بأمارة إيه، بأمارة منصة رابعة وعصابات النهضة وما بينهما، الإخوان مالهمش أمان، يا مستنى السمنة من ورك الحوت مش هتعمل حاجة لحد ما تموت، يا مستنى المصالحة من الإخوان، مش هتعمل حاجة لحد ما تموت، إنها حرب يا ببلاوى على الشعب المصرى.
المثل الشعبى الطيب: اصبر على جارك السو ليغور يا تيجى مصيبة تاخده هو وأهله وعشيرته لا ينفع مع تنظيم إرهابى لم يترك مجالا لحسن الجيرة، هم أعلنوها حربا، يا قاتل يا مقتول، ونحن قوم لا نجيد القتل والذبح والسحل والتفخيخ والتفجير، شعب غلبان آخره خناق وزعيق، وآخرتها صافى يا لبن، نحن شعب مسالم قوى، صحيح شعب قادر يخلع رؤساء، لكنه لا يستطيع اقتلاع الإرهاب، صدورنا عارية وحيواتنا غالية.
كلام رئيس الوزراء مدهون بزبدة يطلع عليه تفجير المنصورة يسيح، يا ببلاوى لقد أعلنوا النفير، وأقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون، شيخا أو شابا أو طفلا، ضابطا أو جنديا، قوات مسلحة أو شرطة، مثقفا أو كاتبا، معارضا أو مهادنا، دول حتى كفروا حزب النور، وخونوا الشيخ أبوإسحاق، وحطوا من على المنصة على الشيخ ياسر برهامى، جماعة تساندها مافيا دولية (التنظيم الدولى)، وجزيرة حقيرة (مباشر من مصر)، عجبا مصريين معتبرين لايزالون يظهرون على جزيرة القتلة، القتل بالدولار، قاطعوها حتى لا تكون فتنة.
يا ببلاوى خذ الكتاب بقوة، كتاب إرادة المصريين يوم 30 يونيو، لا تعدو عيناك عنهم تريد كرسى الوزارة، ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكر ثورة الشعب، واتبع هواه وكان أمره فرطا، سيبك يا ببلاوى من وسوسات طلائع الأمريكان، وتكتيكات حزب النور، ولجان الإمام الأكبر، واجتماعات المسلمانى، هذا ضحك على الدقون، قدها يا ببلاوى أهلا وسهلا، قدها وقدود طيب اتفضل ورينا الهمة، خلاص معدشى فيها كسوف ولا عصر ليمون، ولا مصمصة شفايف، شباب مصر ينحر أمام عينيك وتصبر، البلد بتخرب وأنت تتحدث عن المصالحة الوطنية، الناس فى قعور بيوتهم يا مولانا حذر الموت، صدقنى لن يطول صبر المصريين عليك.
.. وأنهار «باستيل» العراق!!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
كل صبحٍ يشرق على العراق يأتي بمأساة تفجير، أو قتل، أو هجرة مضادة للوطن، وتعدى الأمر إلى أن أصبح الأمن مقدماً على حالات البؤس في انقطاعات الكهرباء وندرة المياه، وضياع الموارد بين أطراف جذرت الفساد في كل مكان.
أقرب من صنع العراق ما بعد صدام أصبح يرى أن هذا البلد ينزلق نحو حرب أهلية، والمشكل أن ملف الأمن الذي انتقل إلى المالكي شخصياً تحت رقابته وإشرافه والتخطيط له يعيش حالة انفلات غير مسبوق، وهذا يفسر أن الولاءات المحيطة بالنظام لا تنسجم معه رغم العطايا والامتيازات لكل مقرب من السلطة..
عقدة الأمن انتهت مع الاتهامات القديمة مرة من بقايا البعث، ومرة أخرى من عناصر مدسوسة، لكن ما جرى في سجنيْ أبو غريب والتاجي، وتحرير ما يقرب من خمسمئة سجين من القاعدة معظمهم قادة، ومدربون على أعمال انتحارية وتخطيط لاختراق الحواجز المؤمنة من الدولة العراقية، يكشف عن أنها بلا غطاء سياسي ولا أمني، وأن هذه العملية التي زعمت السلطة بوجود عناصر من داخل السجنين متواطئين مع السجناء، تكشف عرياً خطيراً بأن الدولة ومؤسساتها جميعاً مخترقة، وأن الأمن كأولوية أساسية ما عاد يحظى بالثقة الشعبية العامة وسط تفجيرات يومية تصل إلى عمق أجهزة الأمن..
الحادثة الخطيرة بتحرير السجناء ليس عائدها فقط الحدث بذاته، وإنما نتائجها على مستقبل أمن العراق وسورية معاً بعد توحيد فصائل القاعدة بقيادة واحدة، والأمر لا ينحصر في العراق وحده، بل إن أمريكا المنزعجة من الحادثة وأحد أهم مطاردي القاعدة، بدأت تشعر أن باباً كبيراً فتح عليها في بلدين مجاورين، وأن حربها على الإرهاب يعد أمراً غير ناجح؛ حيث هي من تركت العراق نهباً لأوضاع صارت السيطرة عليها صعبة ومعقدة، وبالتالي فما حدث سيُدخل أمريكا شريكاً في مواجهات مع القاعدة في العراق وسورية معاً، وهو رهانها حين وضعت سلطة عميلة لها، وتدين بأوامر إيران، ولعلها في هذا الموقف قد تصبح متورطة في أوضاع مستجدة لم تكن من خيارها، ولكنها صنعتها عندما مكنت فصيلاً واحداً من حكم العراق لتكون النتيجة نشوء معارضة مسلحة لتحمي نفسها من بطش السلطة وتسيبها..
الغريب أنه في الوقت الذي يتقلص نفوذ القاعدة إلى الحدود التي وصلت إلى حد التقوقع في معظم الدول العربية، لا نجد لها دوراً مؤثراً إلاّ في أفغانستان وباكستان، لكن تواجدها في هذا الزخم الكبير في العراق ثم انتقالها لسورية، يؤكد أن هناك بؤراً أخرى قد تنشأ في حالة اضطراب أي دولة وضعف أمنها..
العراق الذي تعددت هوياته، وتكاثرت نزاعاته إلى حدود احتمال قيام حرب أهلية بين فصائله المسلحة والقادرة على جلب الأموال والأسلحة قد تحوّل العراق إلى منطقة حرب مفتوحة يساعد على ذلك فساد وضعف السلطة المركزية، واستشعار القوى الأخرى بأنها خارج اهتمام الدولة والتعمد بتهميشها ما أثبت أن دولة الفصيل الواحد لا يمكنها أن تستمر وتقود وتفرض اتجاهها على بقية الفصائل الأخرى..
اقتحام السجنين لم يحدث حتى في دولة تتعرض لحرب أهلية مستديمة مثل الصومال لكن حكومة العراق كشفت عن أنها أصبحت المؤسس للعمل الإرهابي، وأن حصانتها التي استمدتها بالاستقواء بأمريكا، وحليفتها إيران، بدأت تتراخى إلى حدود انتشار الفوضى كمقدمات لحرب أهلية مدمرة..
25/7/2013
في هذا الملــــف:
مدى تورط حماس بالدم المصري ؟
رجا طلب/الرأي الأردنية
القضية الفلسطينية في ضوء زيارة كيري للشرق الاوسط
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان)/القدس العربي
نجاح كيري الوحيد أنه نقل مسرح «الفشل» إلى واشنطن
صالح القلاب/الشرق الأوسط
سرية مفاوضات الشرق الأوسط
آفاق/البيان الإماراتية
أردوغان ينافس العرب في نظرية المؤامرة
أحمد دياب (كاتب مصري)/الحياة اللندنية
الملك الوليد ورحيل خالد بن الوليد..من جديد
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
الإخوان المسلمون: الغاية تبرر الوسيلة
د. فايز رشيد(كاتب من فلسطين)/القدس العربي
إسرائيل قلقة من «جهاديي» سوريا: المدى القصير يحمل مخاطر
حلمي موسى /السفير
إما أن تحكم الجماعة شعب مصر على طريقتها أو تقتله
حسن نافعة/المصري اليوم
إنها الحرب يا ببلاوي
حمدي رزق/المصري اليوم
.. وأنهار «باستيل» العراق!!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
مدى تورط حماس بالدم المصري ؟
رجا طلب/الرأي الأردنية
سؤال مؤلم جدا بالنسبة لفلسطين كقضية وكشعب وكذلك بالنسبة لمصر، الحضن الدافئ لفلسطين عبر تاريخ القضية رُغم ما اعترى هذه القضية من تطورات وتغييرات صعودا ونزولا منذ قرار التقسيم عام 1947 الى اليوم، فمصر كانت أم القضية الفلسطينية مثلما هي أم الدنيا وستبقى !!
في الأنباء فان التقارير الإخبارية تتحدث ومنذ أشهر عن تعاون عسكري بين حركة حماس والتنظيمات « الجهادية « في سيناء خلال فترة حكم مرسي، وبعد سقوط نظام الإخوان بعد ثورة 30 يونيو أخذت الأنباء تتحدث بوضوح عن تورط لحماس في الأحداث المصرية على جبهتين: الأولى وهي الأكثر ضراوة جبهة سيناء حيث يخوض الجيش المصري حربا ضروسا ضد الجماعات الإرهابية التي تقول عنها الجهات الأمنية المصرية أنها مدعومة من الإخوان المسلمين ومن حركة حماس، والجبهة الثانية هي احداث العنف والفوضى داخل القاهرة وبقية المحافظات المصرية.
الأجهزة الأمنية المصرية وبعد إلقاء القبض على أعداد كبيرة من إرهابيي الجماعات « الجهادية « في سيناء توفرت لديها معلومات واعترافات عن تورط عناصر لحماس في أحداث سيناء وفي فوضى المدن المصرية، حيث ألقت هذه الأجهزة القبض على العشرات ممن اعترفوا أنهم من حماس وأنهم حصلوا خلال فترة حكم الإخوان على جوازات سفر مصرية، وبطاقات هوية بأرقام قومية تمكنهم من التحرك داخل مصر بحرية تامة وذلك للقيام بمهمات تخريبية ضد مؤسسات الدولة وضد المعارضين لحكم الإخوان، ونشرت على سبيل المثال صحيفة الوفد المصرية في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي في 23 من يوليو أسماء أكثر من عشرين عنصرا لحماس حصلوا على جوازات مصرية وبطاقات ذات أرقام قومية، كما تحدث قبل ذلك عن هذا التورط بشكل صريح قائد الجيش الثالث الميداني المصري اللواء أسامة عسكر واتهم كتائب القسام، الذراع العسكري لحماس بإرسال صواريخ جراد إلى تنظيم «الإخوان المسلمين» في القاهرة بهدف استخدامها في هجمات إرهابية ضد الشعب المصري، مشيرا إلى أن الصواريخ التي تم ضبطها مؤخرا في منطقة السويس هي من النوع الذي يمتلكه الجناح العسكري لحماس، هذا بالإضافة لاعترافات رمزي موافي طبيب ابن لادن الذي القي القبض عليه قبل أسبوعين في سيناء والذي كشف عن المخطط الكامل لما يسمى « بالجيش المصري - الإسلامي الحر « الذي كان المخطط المرسوم له ان يبدو كجيش منشق عن الجيش المصري بعد أن تقوم العناصر « الجهادية « ومعها عناصر من حماس بارتداء ملابس الجيش المصري بتشكيلاته المختلفة وتحديدا في سيناء.
في مقابل هذه المعلومات وغيرها التي تسربها الأجهزة الأمنية المصرية الى وسائل الإعلام نجد أن حركة حماس وكأن على رأسها الطير، فأقصى ما قامت به في محاولة لإيضاح الحقائق هو ذلك التصريح الخجول والمرتبك لإسماعيل هنية الذي نفى فيه تورط حماس.
من الناحية العملية يعلم السيد هنية انه لا يعلم شيئا عن نشاط حماس الأمني والعسكري لا سابقا ولا حاليا ولا مستقبلا، فهو يعلم ايضا انه واجهة سياسية - إعلامية ليس أكثر، ويعلم كما يعلم الآخرون أيضا أن كتائب القسام وجهاز الأمن الحمساوي مازالا مرتبطين بعدة أحبال سرية منها حبل إخوان مصر والتنظيمات الإرهابية في سيناء، ومنها الحبل الإيراني ومنها الحبل الذي مازال مرتبطا مع الأمن السوري الذي نما وترعرع « زمن التحالف غير المقدس « بين حماس ودمشق.
ولذا فان بقاء حماس « الرسمية « واقفة « متيبسة « عند تصريح النفي لهنية الذي لم يقنع الشارع المصري، يشكل ضررا كبيرا بسمعة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لدي الشعب المصري، وبات مطلوبا من رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل ( إن كان واثقا ) من براءة جناح تنظيمه المسلح، المطالبة بلجنة تحقيق رسمية فلسطينية - مصرية بشان هذه المعلومات أو الادعاءات، ونشر نتائج هذا التحقيق علنا لتبرئة الشعب الفلسطيني من دم الشعب المصري، خاصة بعدما قامت جهات مصرية وغير مصرية موتورة بالمتاجرة في هذا الموضوع وحرضت المصري العادي ابن البلد الطيب ضد فلسطين وقضيتها وشعبها بسبب حماس وارتباطها بإخوان مصر.
القضية الفلسطينية في ضوء زيارة كيري للشرق الاوسط
د. يوسف نور عوض(كاتب من السودان)/القدس العربي
السؤال الملح دائما، هو هل تلعب الولايات المتحدة دورا مهما في القضية الفلسطينية؟
هذا السؤال يطرح نفسه بقوة بعد توجه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى منطقة الشرق الأوسط وإجراء محادثات تستهدف – بحسب زعمه- استئناف المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وكما هو معروف فإن الاهتمام الأمريكي بما يجري في فلسطين كان خلال الحرب الباردة حيث ظلت الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل قاعدة متقدمة لمواجهة الاتحاد السوفييتي، وانطلاقا من هذا التوجه دعمت واشنطن إسرائيل وجعلتها قوة نووية تستحق أن يعاد النظر في أسلوب مواجهتها.
وبصرف النظر عن دعوة ‘ثيودور هرتزل’ في القرن التاسع عشر من أجل إيجاد وطن لليهود وسعيه لتحقيق دعم بريطاني لهذه الدعوة، فإن الحقيقة القائمة قبل أن تصبح فلسطين قضية ذات أبعاد دولية هي إن العرب لم يكونوا مطلقا ضد اليهود أو محاولة استيعابهم في إطار دولة فلسطينية أو غير فلسطينية. خاصة أن الإحصاءات كانت تؤكد حتى عام ألف وتسعمئة وأربعة عشر أن اليهود يشكلون عشر سكان فلسطين البالغ عددهم نحو سبعمئة ألف..
غير أن التوجه الجديد الذي حمله وعد ‘بلفور’ دعا إلى إقامة وطن خاص باليهود، على أرض فلسطين مع الاحتفاظ بغير اليهود، وكان مضمون هذا الوعد واضحا، إذ بدل أن يكون لليهود حقوق مدنية أصبح المطلوب هو حقوق للعرب الفلسطينيين في أرضهم.
وأدى هذا الوضع إلى أول انتفاضة قام بها الفلسطينيون في ‘حيفا’ عام 1921 لما اعتبروه تغلغلا صهيونيا في بلادهم، ولا بد هنا أن نفرق بين التغلغل اليهودي والتغلغل الصهيوني، ذلك أن تغلغل اليهود في أي بلد عربي لم يكن مرفوضا، ولكن التغلغل الصهيوني ظل مرفوضا بسبب أهدافه الايديولوجية والعنصرية التي قامت عليها الفكرة الصهيونية .ويظهر ذلك بشكل واضح في محادثات’ فلاديمير جابونسكي’ و’ستيرن كانغ’ في عام 1930 مع النازيين من أجل دعم فكرة توطين اليهود على أرض فلسطين لأن الأمر في نظر هؤلاء لم يقتصر على سكان فلسطين من اليهود بل تجاوز ذلك إلى فتح المجال لهجرة اليهود من أوروبا ومن كل مكان من أجل احتلال أرض فلسطين التاريخية وتحويلها إلى وطن لليهود.وتفاقم الأمر كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية حيث أصبح ‘الهولوكست’ الذريعة التي شجعت بها كثير من الدول الأوروبية سفر اليهود إلى فلسطين من أجل تأمين وطن آمن لهم . واستمر الصراع بين العرب الفلسطينيين واليهود الإسرائيلين في مراحل مختلفة كان أعنفها مذبحة دير ياسين في عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين، وهو العام الذي أعلنت فيه دولة إسرائيل التي اعترفت بها الولايات المتحدة وأكثر من ثلاثين دولة إلى جانب الأمم المتحدة. وبالطبع رفضت الدول العربية قيام هذه الدولة وكان ذلك سببا لحرب عام 1948 وهي حرب لم يستعد لها العرب بصورة كاملة، وقد خرجت منها إسرائيل منتصرة في الكفاح المسلح ودعم ذلك موقفها بشكل كبير.
ولا شك أن العرب لم يعترفوا مطلقا بهذا الواقع، وظل الهدف القائم دائما هو القضاء على دولة الكيان الصهيوني من أجل استعادة الحقوق المغتصبة من الشعب الفلسطيني. ولكن العرب كما أسلفنا لم يستعدوا لتحقيق هذا الهدف وتركوا إسرائيل تستمر في عدوانها على الشعب الفلسطيني حتى تحولت من مجرد دولة مهاجرين إلى دولة نووية. وبالطبع لم يتوقف الفلسطينيون عن مقاومة هذا الواقع حتى تمكنوا في آخر الأمر من إقامة منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964. وظلت إسرائيل في وضع التأييد المطلق من جانب الولايات المتحدة التي رفضت مبادرة السلام التي قدمها الرئيس السادات ولكن الولايات المتحدة اضطرت لتغيير موقفها بعد هزيمة إسرائيل في معركة العبور عام 1973واستمر هذا الوضع حتى وقعت اتفاقية ‘كامب ديفيد’ في عام 1978 وتبعها توقيع اتفاق ‘أسلو’ في عام 1993 ولكن ذلك كله لم يجلب السلام بين العرب وإسرائيل على الرغم من بدء محادثات التفاوض بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة اليهودية، ذلك أن إسرائيل لم تكن في أي مرحلة من المراحل راغبة في السلام، ليس فقط لأنها لم تكن ترى أن السلام يعني شيئا بالنسبة لها، بل لأنها كانت تريد إسرائيل دولة يهودية خالصة يعترف بها الفلسطينيون، وبالتالي يتنازلون عن حقوقهم فيها وعدم المطالبة بالعودة وحتى لو تحقق ذلك كما يريد رئيس الوزراء ‘بنيامين نتنياهو’ فإن إسرائيل لن توافق على إقامة دولة فلسطينية على حدودها لأنها كما يقول ‘نتنياهو’ تخشى أن تتحول هذه الدولة إلى بؤرة للإرهاب الذي يهدد أمن إسرائيل، وهكذا ترى إسرائيل أن أمنها وسلامها أكثر أهمية من حقوق ملايين الفلسطينيين المشردين خارج أوطانهم، ومن هذا المنطلق نحتاج إلى التفكير الموضوعي في حل القضية الفلسطينية التي يبدو أنه لا يخرج من ثلاثة احتمالات وهي :
أولا: إقامة دولة موحدة يعيش فيها الفلسطينيون مع اليهود في ظل حقوق متساوية.
ثانيا: إقامة دولتين متجاورتين تتعايشان مع بعضهما بعضا في سلام.
ثالثا: حدوث مواجهة، ولكن ليسس بالطريقة التقليدية بل عن طريق اجتياح طوفان بشري لا يبالي بالخسائر التي تلحق به في مقابل الأهداف النهائية وهي تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
لكن الولايات المتحدة لا تفكر حتى هذه المرحلة في هذه الاتجاهات الثلاثة، وهي لا تريد أن تخرج عن المواقف التقليدية، وبالتالي فإن زيارة ‘كيري’ للمنطقة العربية لا تهدف إلى تحقيق حل للقضية الفلسطينية، بل هي مناورة من جانب الولايات المتحدة لتجاوز الإحراجات التي تواجهها بسبب ثورات الربيع العربي حيث تحد نفسها عاجزة عن اتخاذ مواقف إيجابية سواء كان ذلك بالنسبة لسورية أو بالنسبة لمصر، فالولايات المتحدة تدرك تماما أن الوضع في سورية لم يعد محتملا ولكنها لا تريد أن تتدخل حتى لا تجد نفسها في مواجهة مع روسيا والصين، وربما مع دول أخرى في المنطقة، وهي تجد نفسها عاجزة عن التدخل في مصر لأنها لا تستطيع تقويم الوضع بصورة صحيحة وإدراكها أن ما يحدث في مصر هو جوهر الكثير من ثورات الربيع العربي، وبالتالي فإن تحركات الولايات المتحدة الأخيرة لا تستهدف بها أكثر من صرف الأنظار عن مواقفها من مناطق النزاعات الساخنة في العالم العربي، ولكن من غير اللائق أن تتخذ من القضية الفلسطينية التي هي قضية مهمة وحساسة وسيلتها للهرب من مواقفها أو مسئولياتها في المجتمع الدولي. ذلك أن التوجه نحو القضية الفلسطينية سوف يكرس موقفا متكررا من جانب إسرائيل يقوم على المماطلة واتخاذ المفاوضات وسيلة لذر الرماد في العيون لأنها تشغل الفلسطينيين عن قضيتهم الحقيقية وتجعلهم يجرون وراء سراب خادع، ولا نريد بذلك أن نقول إن على الولايات المتحدة ألا تهتم بالقضية الفلسطينية في هذه المرحلة بل ما نقوله هو يجب أن تكون القضية الفلسطينية دائما هي مركز الاهتمام بشرط أن يتخذ الاهتمام منحى جديا وليس كما تحاول الولايات المتحدة فعله في الوقت الحاضر، ذلك أن الشعب الفلسطيني لا يريد فقط مفاوضات بل يريد حلولا لمشكلاته الحقيقية ولا شك أن الولايات المتحدة قادرة على أن تسهم في هذا الاتجاه لو أرادت ولكن الولايات المتحدة لم تظهر هذا التوجه في سياساتها حتى الآن وبالتالي لا يمكن أن تفسر رحلة ‘جون كيري’ في المنطقة إلا على أنها محاولة للإيهام من أجل تهرب الولايات المتحدة من مسئولياتها تجاه الأحداث التي تتفاقم في منطقة الشرق الأوسط.
نجاح كيري الوحيد أنه نقل مسرح «الفشل» إلى واشنطن
صالح القلاب/الشرق الأوسط
لم تحظ أي من المفاوضات التي أجراها جون كيري في جولاته الخمس الماضية لحمل الفلسطينيين والإسرائيليين على استئناف المفاوضات، المتوقفة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بالسرية التي حظيت بها مفاوضات واتصالات هذه الجولة الأخيرة، والمؤكد أن كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد شجع وزير الخارجية الأميركي على مثل هذا التحفظ ومثل هذه السرية ومثل هذا التكتم، وذلك لأنه في مثل هذه الأوضاع الفلسطينية والعربية وفي مثل هذه الأوضاع الإسرائيلية أيضا من غير الممكن تجنب المزايدات والمماحكات السياسية والتحدث في قضايا حساسة ودقيقة كمثل هذه القضايا من قبيل المناكفة ومن قبيل مجرد المواقف الاستعراضية.
لقد بقي كيري يتنقل بين عمان ورام الله والقدس المحتلة، وبقي يجري مفاوضات مطولة جدا مع محمود عباس (أبو مازن) ومع بنيامين نتنياهو، من دون أن يتحدث بأي شيء يمكن البناء عليه للتكهن بما كان يدور إزاء القضيتين الرئيستين اللتين تشكلان حجر الأساس لاستئناف المفاوضات المتوقفة، وهما إصرار الفلسطينيين على أن تكون حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 هي مرجعية هذه المفاوضات، وإصرار الإسرائيليين على أن يكون الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل دولة إسرائيلية هو هذه المرجعية.
ولعل ما يمكن اعتباره مخرجا من هذه الاشتراطات المتبادلة هو أن كيري، الذي بقي يتبع سياسة ما يسمى «الغموض البناء» خلال كل هذه المفاوضات الشاقة التي تخللت جولته الشرق أوسطية الأخيرة وهي الجولة السادسة، قد أعطى تعهدا للفلسطينيين، وحقيقة لـ«أبو مازن» وحده، وربما بمعرفة كبير مفاوضيه صائب عريقات، بأن حدود الرابع من يونيو عام 1967 ستكون «بصورة عامة» مرجعية هذه المفاوضات، وكذلك وفي المقابل فإنه قد أعطى للإسرائيليين تعهدا بأن الأميركيين سيحققون لهم وإن بطريقة مختلفة وغير مباشرة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وحقيقة أنه بالإمكان القول إن هذه هي كلمة السر التي جعلت محمود عباس وجعلت بنيامين يعطيان للمبعوث الأميركي ما جعله يشعر بتحقيق المعجزة المستحيلة بعدم العودة هذه المرة إلى بلاده خالي الوفاض كما كان يعود من كل الجولات الخمس الماضية.
وهنا فإن ما تجب الإشارة إليه هو أن طريق «كلمة السر» هذه التي جعلت كيري يعود من جولته الأخيرة «رافعا رأسه» لم تكن سهلة ولم تصبح معبدة إلا بعد ضغوطات عربية فعلية مورست على «أبو مازن»، وإلا بعد المزيد من التهديدات التي وجهها المبعوث الأميركي إلى بنيامين نتنياهو الذي كما هو معروف كان قد تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس باراك أوباما هي الأولى من نوعها يقال إنه أسمعه خلالها كلاما قاسيا جدا من ضمنه أن عليه، أي رئيس الوزراء الإسرائيلي، ألا يتحمل مسؤولية تعطيل استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وحسب ما يقال، وليس كل ما يعرف يقال حتى في مقال صحافي كهذا المقال، فإن كيري، الذي يبدو أنه لم يعد يحتمل فشلا جديدا بعد فشله المتكرر في الجولات الخمس الماضية، «اخترع» فكرة إرسال مبعوثين فلسطينيين وإسرائيليين إلى واشنطن الأسبوع المقبل لـ«استكمال أسس الدعوة» التي ستوجه إلى الطرفين، الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي، وذلك حتى يقول وحتى تقول الإدارة الأميركية إذا فشل هؤلاء «لقد فعلنا كل ما من المفروض أن نفعله، حيث جمعنا الطرفين على طاولة واحدة لكنهما فشلا ولم يتمكنا من إحراز الاتفاقات المطلوبة».
وكان كيري، حسب ما يقال، قد خاض مفاوضات صعبة وقاسية إن مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي استغرق أحد لقاءاته به في العاصمة الأردنية عمان ست ساعات متتالية، وإنْ مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وافق «مبدئيا»، وحسب ما يقال أيضا، على رسالة ضمانات للفلسطينيين في هيئة دعوة يوجهها وزير الخارجية الأميركي للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي يقول فيها «ندعوكم لاستئناف المفاوضات على أساس مرجعية الرابع من يونيو عام 1967، وعلى أساس تبادل بعض الأراضي التي يتم الاتفاق عليها، وبالمِثْل، وبالقيمة نفسها».
وحسب ما يقال أيضا فإن كيري قد قدم للرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورقة أميركية أو أطلعه عليها تَعتَبِرُ الاستيطان غير شرعي، وتؤكد على أن القدس (الشرقية) هي عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة، وأنه تم الاتفاق على أن يجري بحث القضايا المعلقة الأخرى كـ«اللاجئين» و«المياه» خلال المفاوضات التي ستتم بين الطرفين الأسبوع المقبل، والتي تقرر «مبدئيا» أن تستمر في واشنطن لفترة تتراوح بين ستة وتسعة شهور، يتم الاتفاق عليها مع بدء هذه المفاوضات، ثم إن هناك من يقول إنه تم الاتفاق على المطلب الذي يعتبره الفلسطينيون مهما وضروريا وهو إطلاق سراح الأسرى الذين كانوا معتقلين قبل اتفاقيات أوسلو الشهيرة في عام 1993 والذين يبلغ عددهم نحو مائة أسيرا، وإنه تم الاتفاق أيضا على أن تقدم الولايات المتحدة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية رزمة اقتصادية.
وبهذا فإنه كان بالإمكان الادعاء ولو من قبيل التحايل على حقائق الأمور بأن مهمة كيري هذه المرة قد حققت إن ليس كل النجاح فبعضه، وأن خطوة مهمة قد أحرزت ستترتب عليها سلسلة من الخطوات اللاحقة، لكن ما يجب أخذه بعين الاعتبار أن الإسرائيليين قد بادروا كعادتهم إلى افتعال أزمة داخلية على خلفية تسريب وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني معلومات عن موافقة بنيامين نتنياهو (المبدئية) على أن تكون حدود الرابع من يونيو عام 1967 مرجعية للمفاوضات التي من المفترض أن تستأنف في واشنطن قريبا بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
والملاحظ أن بنيامين نتنياهو قد بدأ بعد هذه التسريبات الآنفة الذكر يمهد للتملص من هذه الاتفاقات الآنفة الذكر التي لم تثبت صحتها بأي شكل من الأشكال بالحديث عن أن المفاوضات المرتقبة ستكون في غاية الصعوبة، وبالقول إنه على «شركائنا» في هذه المفاوضات أن يأخذوا في اعتبارهم أن لإسرائيل مطالب واشتراطات أمنية لا بد من تحقيقها، وهو بالإضافة إلى كل هذا قد أكد على أنه سيكون هناك استفتاء للإسرائيليين على أي نتائج سيتوصل إليها المتفاوضون خلال الشهور الستة أو التسعة المقبلة.
وهذا يعني ربما أن الإسرائيليين وافقوا على كل الصيغ التي تقدم بها كيري من قبيل تحاشي أي صدام مع الإدارة الأميركية، وترك عملية إفشال هذه الخطوة إلى المفاوضات المقبلة المرتقبة، وعلى أساس أن لديهم القدرة على تحميل الفلسطينيين مسؤولية الفشل الذي يريدونه والذي سيسعون إليه حتما سواء في المفاوضات التمهيدية أو في المفاوضات الرئيسة التي من المفترض أن تتبع هذه المفاوضات، وهكذا فإنه لا يجب التعويل كثيرا على هذه النجاحات غير المؤكدة التي حققها جون كيري، فالفلسطينيون بدورهم يقولون إن التجارب علمتهم ألا يثقوا في الإسرائيليين الذين بدأوا يرددون ومنذ الآن أنه لا وقف إطلاقا للاستيطان وبخاصة في القدس (الشرقية)، وأنه لا اعتراف بحدود الرابع من يونيو عام 1967 كمرجعية لهذه المفاوضات، وأنه من المستحيل الموافقة على دولة فلسطينية على هذه الحدود، وبالتالي فإنهم، أي الفلسطينيين، لا يتوقعون تغيّر هذه الأحوال القائمة الآن إلى أفضل منها ما لم تكن هناك وقفة أميركية جدية تضع حدا لما بقيت الحكومة الإسرائيلية تفعله على مدى السنوات العشرين الماضية وأكثر.
ولذلك وفي النهاية فإنه قد يصح القول إن كل ما فعله كيري في هذه الجولة هو أنه نقل مسرح الفشل إلى واشنطن، حيث إنه «اخترع» هذه المفاوضات التمهيدية لتحاشي ارتباط مثل هذا الفشل به وبالإدارة الأميركية، وللقول إن المسؤولية لا تقع على الولايات المتحدة وإنما على الإسرائيليين والفلسطينيين الذين تم جمعهم حول مائدة التفاوض لكنهم لم يحرزوا أي تقدم ولم يحققوا أي انفراج، وإن المشكلة بالتالي هي مشكلتهم وحدهم وليست مشكلة غيرهم!!
سرية مفاوضات الشرق الأوسط
آافاق/البيان الإماراتية
الزيارة السادسة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لمنطقة الشرق الأوسط، أدت إلى حدوث اختراق في الجبهة الدبلوماسية، حيث أعلن أن المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستبدأ في غضون أسبوع في واشنطن. لقد بدا واضحاً منذ توليه حقيبة الخارجية الأميركية، أن كيري يضع منطقة الشرق الأوسط والمشاكل بين الفلسطينيين والإسرائيليين على قائمة أولوياته، ولهذا كانت زياراته المتكررة للمنطقة منذ توليه منصبه.
الآن الهدف الرئيسي أمام الإدارة الأميركية هو استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وقد أفاد البيت الأبيض بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ودعاه إلى استئناف المفاوضات في أسرع وقت. وفي ما يتعلق بالفلسطينيين، فإنهم لم يعتزموا بعد مناقشة اقتراحات كيري في ليلة الخميس برام الله والقبول بها، فيما التقى كيري في اليوم الأخير في عمّان بالمفاوض الفلسطيني الرئيسي صائب عريقات، ثم توجه إلى رام الله ليجري محادثات مع محمود عباس، ويبدو أنه في عمّان بالذات توصل الجانبان إلى الاختراق المذكور.
لقد تم لقاء كيري وعباس في إطار من السرية، وإن كان هناك، على ما يبدو، بعض النقاط المهمة التي تتصل بمحاور الخلاف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تمت مناقشتها بين كيري وعباس قبل الذهاب للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولم يذكر شيء حول تفاصيل تلك المفاوضات، لكن من المعروف أنه خصصت لها فترة تتراوح بين 9 أشهر و12 شهراً. ومن المعروف كذلك أن الفريق الإسرائيلي الذي تترأسه تسيبي ليفني والفريق الفلسطيني برئاسة صائب عريقات، سيتوجهان في الأسبوع المقبل إلى واشنطن، حيث سينضم إليهما نتانياهو وعباس في مرحلة ما. وقال الباحث في معهد العلاقات الدولية الاقتصادية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، غيورغي ميرسكي، إنه لا يرى مبررات للتفاؤل حين يدور الحديث حول التسوية في الشرق الأوسط. وأضاف أن استئناف المفاوضات لا يعني إطلاقاً أن كل المشاركين في مثلث الولايات المتحدة وإسرائيل وفلسطين، يثقون بنجاحها.
ومضى قائلاً: «لا يمكن أن يعارض نتانياهو سياسة الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية ويرفض كون القدس عاصمة للدولة اليهودية». ويبدو أن الجهود التي تبذلها واشنطن ليس الهدف منها حل المشاكل القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فهذه المشاكل يستعصي حلها من خلال أية مفاوضات، لكن من الواضح أن الإدارة الأميركية تسعى لإقامة المفاوضات من أجل المفاوضات في حد ذاتها، وليس من أجل إنجاحها، فقط من أجل أن يقال إن واشنطن ترعى قضايا الشرق الأوسط.
أما حركة حماس بدورها فقد شنت هجوماً على محمود عباس، معلنة أنه لا يحق له إجراء مفاوضات نيابةً عن الشعب الفلسطيني.
أردوغان ينافس العرب في نظرية المؤامرة
أحمد دياب (كاتب مصري)/الحياة اللندنية
منذ اندلاع تظاهرات واحتجاجات ميدان «تقسيم» في أواخر أيار (مايو) الماضي، دأب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على اتهام مروحة واسعة من القوى والعناصر، الداخلية والخارجية، بالوقوف وراءها، ومحاولاً إقناع مناصريه بوجود مؤامرة خارجية تقف خلفها، منافساً (إن لم نقل متفوقاً) لكثير من العرب، حكاماً ومحكومين، نخبة وعامة، في تبني نظرية «المؤامرة».
ففي رسائله أمام مليونية إسطنبول ونصف مليونية أنقرة، اتهم أردوغان مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية الغربية بالتخطيط لتفجير هذه الاحتجاجات في تركيا، بالتعاون والتنسيق مع أدوات محلية لإسقاط حكومة «العدالة والتنمية» وإبعادها عن السلطة. كما أشار أردوغان إلى مسؤولية «لوبي مالي»، أو من وصفهم بأعضاء «لوبي البنوك الربوية»، الذين اتهمهم أردوغان علناً في خطاباته بالوقوف وراء تأجيج التظاهرات، كما اتهمهم باستغلال تظاهرة بدأت في شكل مشروع ليحولوها إلى تأليب للشعب ضد الحكومة، وإيجاد حال من الفوضى في البلاد، وليهددوا سوق الأوراق المالية في تركيا عبر المضاربة، ورفع أسعار الفائدة». ولم يبخل أردوغان باتهاماته على الصحافة الدولية، التي تفسح، من وجهة نظره، المجال لتغطية واسعة لتظاهرات «تقسيم» لزعزعة استقرار تركيا، وأخيراً، وليس آخراً، اتهامه مساء 17 تموز (يوليو) الجاري «قوى إقليمية ودولية لخلق فتنة بين الشعب التركي بمكوناته السنّية والعلوية، بهدف جر البلاد إلى دوامة من العنف لقطع الطريق على استكمال النهضة التي تعيشها تركيا في الوقت الحالي».
ولم يقف أردوغان في تبني نظرية المؤامرة على حدود ما يحصل في تركيا، بل تعداها إلى ما حدث ويحدث من تطورات داخل مصر. فعقب إطاحة الرئيس المصري محمد مرسي في 30 حزيران (يونيو) الماضي، اتهم قوى خارجية بالوقوف وراء «الانقلاب» على مرسي، قائلاً إن «المحرك في أحداث ميدان «تقسيم» في تركيا، وفي «الانقلاب» على مرسي هو واحد، ولن أعلن عنه الآن، ولكن سيأتي يوم أعلن عنه وهو مكتوب في مفكرتي». في الواقع، تصمد التفسيرات التآمرية، وتلقى قبولاً لدى كثيرين، حتى من النخبة، لأنها توحي بتبريرات تبدو أكثر أماناً أو أكثر قبولاً من الناحية النفسية، وهي، في أحايين كثيرة، تعزو الشرور التي تصيب الإنسان إلى أعدائه الطبيعيين، أو تُظهر كيفية توافق بعض الأحداث المروّعة، مع رؤية، مقررة سلفاً، لكيفية عمل العالم. وعندما يتعلق الأمر بتلفيق تفسيرات تآمرية، يبدو أن الذهن البشري لا يحدّه شيء، وهذا لا ينفي بالقطع أن هناك آخرين يتآمرون بالفعل. فإذا كان من الخطأ تصور أن التاريخ كله مؤامرة، كما يقول محمد حسنين هيكل، فإن الأكثر تورطاً في الخطأ تصور أن بعض حوادثه تطرأ مصادفة. فالتاريخ، كما يقول برهان غليون، لم يتحول بعد من تاريخ صراع بين الجماعات والشعوب على السيطرة والنفوذ إلى تاريخ محبة وعناق بين شعوب من الملائكة الأطهار لا يفكرون إلا بالمصالح المشتركة وبتعميم الخير على الجميع.
تاريخياً، تمثل نظرية المؤامرة حضوراً قوياً في الثقافة والسياسة التركيتين، بخاصة لدى النخبة السياسية التي تعتبر أن أزمات السياسة العامة تعود في معظمها إلى عوامل التدخل الخارجي، إذ نشأت تركيا تحت ضغوط أمنية، وهي لا تزال – مثل دول كثيرة - تحتفظ بعُقد نشأتها الأولى، الأمر الذي يحيط السياسة والسلطة والذهنية العامة بمقدار كبير نسبياً من الهواجس والشعور الضاغط بوجود مشروع وشيك لتقسيم البلاد، أو نيات أو مؤامرات ضدها، وهذا يفسر هيمنة التصورات والسياسات الأمنية خلال تاريخ تركيا المعاصر. لقد رأت تركيا نفسها محاطة بالأعداء، وهنا يقول المثل التركي: «ليس للأتراك أصدقاء غير الأتراك».
لقد نشأت السياسة التركية وفق رؤية هوبزية من أن «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان»، أي سياسات الخوف وليس سياسات القوة، وكيف أن الخوف يمثل دافعاً للحصول على الأمن (وليس القوة)؛ لقد أدمجت «الكمالية» بين التهديدات الخارجية والمخاوف الداخلية في أيديولوجية واحدة تنطوي على رؤية استبدادية في الداخل من أجل «حراسة» الأمة ضد أعداء الداخل والخارج. فالشعور بالتهديد والتآمر الخارجي والداخلي، يزيد من الشعور التضامني والعصبية الوطنية في مواجهة التحديات الخارجية؛ كما يُساعد في «تغطية» الفشل في حل المشكلات الداخلية التي تواجه المجتمع والدولة التركيين، خصوصاً أن استمرار التوترات والمخاوف الأمنية ينعكس سلباً على السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ويبرر السياسات الأمنية والتسلطية والتحكم بالمجتمع والدولة. وكان من تداعيات ذلك تفسير كل فشل أو عجز في السياسة التركية بـ «تآمر» أطراف في الداخل أو الخارج، وهنا تصبح المؤامرة مدخلاً تفسيرياً وإجراءً سلوكياً، أو عملياً، لتصدير الأزمات الداخلية، وتحميل الآخر/الخارج مسؤوليتها مباشرة أو غير مباشرة، عبر طرف داخلي.
الملك الوليد ورحيل خالد بن الوليد..من جديد
د. صبري صيدم(كاتب فلسطيني)/القدس العربي
في الوقت الذي تحتفي فيه بريطانيا بقدوم الوريث المستقبلي للعرش البريطاني وانشغال المجتمع برمته بهذا الحدث إعلامياً واجتماعياً وتجارياً وتقاطر الناس وعدساتهم على أماكن إقامة المليك الوليد يعيش وليد آخر لم يبق في جسده موقع لرمح أو سيف ذات يوم موتاً جديداً.
فهذا العالم المجنون الذي يعيش غبطة الحدث في عاصمة الضباب يعيش أيضاً قتلاً مستمراً في سورية وفي الشهر الفضيل يطال حتى المقامات التي جمعت هاماتٍ تاريخيةٍ كانت وما زالت مدارس عملاقة في الشموخ والعزة.
حروب العرب والعجم في بغداد والنجف وكربلاء ودمشق وحلب وطرابلس وصنعاء وعدن والقاهرة وسيناء وتونس تأتي اليوم على دور العبادة والمتاحف والمسارح ورياض الأطفال والمدارس في موقف أشبه بانفصام واضح في الشخصية.
فالعواصم التي تشجع التغيير وتدعمه معنوياً ومالياً وعسكرياً ولوجستياً تحتفي ببراءة مواليدها ورفعة شأنهم بينما ترزح مجتمعات أخرى تحت وطئة مستقبلٍ مجهول عنوانه الضياع والتشرذم والتفكك والجهل.
فما ذنب الحدائق المعلقة ومكتبة الموصل ومتحف بغداد وسوق ومكتبة حلب وضريح خالد بن الوليد وقائمة أخرى من مواقع نُحرت أن تُغتال بهذه الصورة؟ سوى لهدف واحد ووحيد يقوم على السعي لتجهيل الشعوب المنتفضة وشرعنة استباحة دمها واعتيادها على الانتهاكات المستمرة للحرمات بما فيها حرمة رمضان بصورة تجعل الهوان جزءاً مستمراً ومملاً في الحياة اليومية لا يكترث به الكثيرون بينما يتمكن أصحاب مشروع التجهيلي من أن يستكملوا برنامجهم في الهدم والدمار.
إن قتل خالد بن الوليد من جديد وغيره من سيوف الحق المسلولة ليس إلا تفاقم محتدم لانهيار الضمير وانتقام وحشي من الحجر تمهيدا لقتل روحية البشر وآدميتهم وصولاً للتجهيل المطبق.
نعم نحن ننتحر في كل لحظة يستمر فيها مشروع القتل وفي كل مرة يقتل فيها خالد بن وليدٍ آخر حي كان أم ميتاً. نحن نتجه بامتياز نحو غلبة الجهل على أحكام العقل ونحو انهيار نسيجنا البشري أمام سلسلة لا منتهية من الأطماع.
ومع استحكام الجهل وسطوته فإن ظهور انهيارات أخلاقية متواصلة سيكون حدثاً مستمراً وصولاً إلى إنهاك المحيط العربي أمام جبروت يتصاعد لإسرائيل .. المستفيد الأول من حرب الجهل على العقل وحرب البؤس على الاستقرار.
ضياع الجدوى من الحياة هو استحضار متجدد ومبتكر بل تخليق مستحدث لاستعمار الأمس بصورة أكثر ديناميكية وأقل ضرراً على المستعمرين الجدد.
إذا نحن نتجه نحو كبوة عربية جديدة وواسعة ما لم ينتفض الشباب العربي على الحال في ثورة ارتدادية حضارية لا تعرف القتل والعنف بل تتبنى التوسع السلمي المدروس والهادىء لثورة توعوية تنبيهية تشرح طبيعة الأهداف التجهيلية المستعرة وتؤكد على حماية المكتسبات والمنشآت واحترام الأديان وحرمة الإنسان ومؤسساته على اختلافها.
إن التغيير في الحال يحتاج إلى هندسة عقلانية للتحول من واقع لآخر ولا يحتاج لقتل المزيد من المواليد أو حتى خالد بن الوليد من جديد!!!
الإخوان المسلمون: الغاية تبرر الوسيلة
د. فايز رشيد(كاتب من فلسطين)/القدس العربي
لو لم يقل ميكافيلي جملته المشهورة التي تحولت إلى مبدأ حياتي، لخطّ الإخوان المسلمون هذه الجملة، فهم منذ بدايات تشكيلهم في عام 1928 حتى هذه اللحظة، يتصرفون ويمارسون وفقاً لهذا المبدأ. نقول ذلك من جملة تجارب لهم في الحكم في بعض الدول، ومن ممارساتهم بعد خلعهم عن الحكم في مصر. إن ما يجري في سيناء من عمليات عسكرية ضد الجيش والشرطة المصرية في سيناء على أيدي التنظيمات السلفية الحليفة للإخوان في مصر، ارتفعت حدته بعد قيام الجيش وبناء على تظاهرات غالبية المصريين المطلقة في القاهرة والمدن الأخرى، بتنحيه مرسي من منصبه، ووضع ‘خطة مستقبل’ تضمن لكافة ألوان الطيف السياسي المصري (بما في ذلك الإخوان المسلمون) المشاركة في العملية الديموقراطية، التي تتجلى في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة ولجنة اعداد الدستور. برغم تجربة الإخوان السوداء خلال عام من حكمهم لمصر، وبرغم المآسي والزلازل التي سببوها لأكبر بلد عربي، لم يضع لا الجيش ولا القوى الأخرى، فيتو على الإخوان المسلمين. الهجمات في سيناء تتزامن مع إشاعات يقوم الإخوان بترويجها مثل: وجود انشقاق في الجيش المصري، إضافة إلى التحريض المستمر ضده، والدعوة إلى تفكيكه وغير ذلك من الوسائل (وكأنه جيش إسرائيل) مع علمهم: أنه لولا هذا الجيش لكان من الصعب على الإخوان تسلم منصب الرئاسة في مصر، بعد فوز مرسي بنسبة 50.8′ في الانتخابات. لولا هذا الجيش لدخلت مصر حرباً أهلية لا تُبقي ولا تذر. لم يفز مرسي بأصوات الإخوان المسلمين في مصر، وإنما أيضاً بتصويت القوى الوطنية والقومية الناصرية والديموقراطية واليسارية له، وقد أرادت كل هذه القوى قطع الطريق على مرشح الفلول، وهي صدّقت ووثقت بما أعلنه الإخوان عن حرصهم على مشاركة كافة القوى في الحكم: مجلس رئاسي، عدم السيطرة على مجلس الشعب وكل المؤسسات التشريعية والتنفيذية الأخرى.
بعد إرسال مندوبهم إلى قصر الاتحادية، تنكر الإخوان لوعودهم كافة، وحاولوا السيطرة على كل المناصب في مصر، وعملوا على أخونة الدولة، وأرادوا فرض نهجهم الاجتماعي على الجوانب الاجتماعية الحياتية على الشعب المصري. ليس ذلك فقط وإنما حَلّلوا كل الموانع السابقة التي تمثلت في: استمرار عقد الاتفاقيات مع الولايات المتحدة، وإبقاء معاهدة كمب ديفيد مع إسرائيل، وإجراء الحوارات الكثيرة مع الدول الغربية، وقطع العلاقات نهائياً مع سورية. عملوا على تكميم الأفواه في الداخل وقمع الحريات، والتهديدات المستمرة بالسجن والمحاكمة للمعارضة. تلك هي التهديدات التي أطلقها مرسي بحق المعارضة. التجارب الأخرى للإخوان في دول أخرى، تساوقت مع الخطوات التي اتخذها الإخوان في مصر.حماس تنكرت للدعم السوري لها من سورية وإيران وحزب الله. امتلكت استعداداً لعقد هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل. حركة النهضة في تونس لم توافق على أن يتضمن الدستور التونسي فقرة: تجرّم التطبيع مع إسرائيل، ولا مانع لدى راشد الغنوشي من إلقاء محاضرة في معهد صهيوني في الولايات المتحدة. أردوغان وحزبه وبعد إقامة علاقات ممتازة مع سورية، أصبحا المقر الرئيسي لكل الحركات السلفية التكفيرية وتسلل مسلحيها إلى سورية. اتفاق الإخوان في العراق مع الحكومة التي أقامها بول برايمر بعد غزو هذا البلد. في ليبيا جاءت كل الممارسات للاتجاهات الإسلامية متوائمة مع سياسات الإخوان في دول ما يسمى بالربيع العربي، والتي تسلموا فيها الحكم. هذه هي الملامح المشتركة لسياسات الإخوان في البلدان التي تسلموا فيها السلطة خلال الفترة الماضية، الأمر الذي يؤكد:
أولاً: عدم الثبات الاستراتيجي للإخوان على ما يعتنقونه من أيديولوجيا إسلامية، فلا مانع من قلب اتجاه الشعارات السابقة، والممارسة بما يتناقض تماماً معها. فشعارات مثل: ‘إزالة إسرائيل من الوجود’، و’إلغاء اتفاقية كمب ديفيد’ و’محاربة التطبيع′ هي شعارات مطاطة قابلة للتغيير، خدمت الإخوان أيام وجودهم في المعارضة، أما في حالة تسلمهم للحكم، فتصبح هذه الشعارات ‘غير صالحة’ للمرحلة الجديدة. كما يمكن عقد هدنة مع الكيان الصهيوني، وملاحقة كل من يريد الاستمرار في المقاومة من التنظيمات والفصائل الوطنية الأخرى، وغير ذلك من الممارسات: الموقف من سورية بعد تسلمهم للحكم، والتنكر للماضي بكل أبعاده ومعطياته السياسية. في العادة فإن الأحزاب الأيديولوجية تمتلك استراتيجية ثابتة لا تتغير أو تتبدل. تمارس هذه الأحزاب تكتيكاً سياسياً لكن من أحد شروطه الرئيسية أن يكون هذا متوائما مع الاستراتيجية الثابتة المحددة للحزب، وإن كانت عكس ذلك فهي ستعتبر خيانةً للاستراتيجية. الإخوان يدّعون امتلاك هذه الاستراتيجية لكنهم في الحكم يمارسون عكسها.
ثانياً: محاولة إعطاء التبرير الديني للمسلكيات السياسية والاقتصادية الجديدة، من خلال الفتاوى الدينية. لقد سبق لشيخ الأزهر الأسبق أن قام بتحليل توقيع معاهدة كمب ديفيد للسادات. ندرك أنه لم يكن إخوانياً. الشيخ اعتمد على الآية الكريمة ‘وإن جنحوا للسلم، فاجنح لها’. لقد نسي او تناسى الآيات الكريمة التي تحث على قتال الأعداء وهي كثيرة. ما نراه اليوم من فتاوي كثيرة للإخوان تتماهى مع الفتوى السابقة، الفتوى ‘بالجهاد في سورية حالياً أولى من الجهاد في فلسطين’. الديون التي تحاول السلطات أخذها في العهود السياسية السابقة في دول ما يسمى بالربيع العربي، هي حرام قطعاً أما الديون لسلطات الإخوان المسلمين فهي ليست ربا وأنما ‘مرابحة’، بغض النظر أن الدين مأخوذ من نفس الدول والمؤسسات الاقتصادية. الفتوى بجواز التحالف مع السادات (الذي وقع اتفاقية كمب ديفيد مع إسرائيل) بهدف الانقضاض على كل التيارات والأحزاب الوطنية الأخرى. وغير ذلك من الفتاوى. بالتالي: بماذا يختلف الإخوان المسلمون عن فقهاء السلطة الذين تعتمد عليهم حكومات دول عربية وإسلامية كثيرة لتبرير موبقاتها بحق الشعوب والأقطار.
ثالثاً: عدم التفريق بين التناقضات. أي بين التناقض الرئيسي والآخر الثانوني. التناقض الرئيسي التناحري هو بين مشروعين، وهو في العادة يُمارس ضد الأعداء، ويعتمد على الوسائل العنفية، باعتبارها العامل الحاسم في حل هذا التناقض، أما التناقضات مع القوى والأحزاب الأخرى في نفس البلد وبين أبناء الشعب الواحد مهما اختلفت البرامج بين الحزب (إخواني او غيره) وغيره من القوى المحلية، فيظل في الإطار السلمي، وأدواته الوسائلية: الديموقراطية والحوارية ولا يجوز لهذا التناقض أن يجري فيه استخدام العنف والدموية. الإخوان لا مانع لديهم من استعمال العنف ضد الجيش المصري (كما يحدث الآن من عمليات ضد الجيش المصري والشرطة في سيناء) والجهات التي تقوم بها هي أطراف قريبة من الإخوان المسلمين. الجيش كشف النقاب عن أسلحة، وقنابل وغيرها كانت في طريقها إلى ميدان رابعة العدوية. مثل آخر هو الهجوم بالمولوتوف على دارالحرس الجمهوري، استعمال الأسلحة البيضاء في الهجوم على المعارضة بالقرب من جامعة القاهرة.
رابعاً: جواز الدعوة للتدخل العسكري الأجنبي من أجل إحداث التغيير في البلد. نقول ذلك وفي الذهن: الدعوات الكثيرة من قبل الأخوان للولايات المتحدة ودول الناتو من أجل التغيير في ليبيا، وأيضاً من أجل إحداث التغيير في سوريا. الدعوة للتدخل في العراق، إن هذا لا يجوز مطلقاً ففي ظل التدخل الأجنبي الذي هو في جوهره: احتلال الأرض واغتصاب لإرادة الشعب، فمن واجب كل القوى الوطنية في هذا البلد إلغاء تناقضاتها والدفاع عن حرية هذا البلد الذي هو وطن الجميع.
يبقى القول: أن ما سبق ليس براغماتية فهذه تجلب الدمار أيضا، لكن ما يمارسه الإخوان المسلمون هو: وفقاً لمبدأ: الغاية تبرر الوسيلة، وهذا مبدأ انتهازي.
إسرائيل قلقة من «جهاديي» سوريا: المدى القصير يحمل مخاطر
حلمي موسى /السفير
عرض رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أفيف كوخافي صورة قاتمة للوضع، الذي ستتأثر به إسرائيل من عواقب الحرب الأهلية في سوريا. وحذر كوخافي من احتمال ترسيخ سوريا كقاعدة عالمية «للجهاديين» الساعين إلى الانطلاق منها لإقامة دولة الشريعة.
وجاءت أقوال كوخافي هذه في حفل اختتام دورة لضباط الاستخبارات الإسرائيليين عقد مساء أمس الأول في قاعدة عسكرية. وقد تحدث معلقاً بشكل أساسي على المخاطر التي تنتظر إسرائيل جراء ما يجري في سوريا وأثر الحدث السوري على المنطقة عموماً، وعلى الدولة العبرية خصوصاً. وقال إنه «يترعرع وينشأ أمام عيوننا وقرب أبوابنا مركز للجهاد العالمي، على نطاق واسع، قد يؤثر ليس فقط على سوريا وليس فقط على حدود دولة إسرائيل، وإنما أيضاً على لبنان، الأردن وسيناء، ويمكن أن ينعكس على المنطقة بأسرها».
ورأى كوخافي أن ما يجري في سوريا خطر على إسرائيل، لكنه اعتبره في الوقت نفسه فرصة. وأشار إلى أنه «من الجائز على المدى البعيد أن تحمل رياح التغيير فرصة وبشرى، لكن على المدى القصير تتزايد المخاطر وفي قسم من المحاور تنثر بذور مخاطر جديدة». وأكد أن «سوريا، التي تشكل مثالاً بالغ الإقلاق، تجتذب إليها آلاف نشطاء الجهاد العالمي ومتطرفين إسلاميين من المنطقة والعالم، وأنهم يرسخون أقدامهم في سوريا».
ويرى كوخافي أن النشطاء المتطرفين، الذين يكرسون جذورهم في سوريا النازفة لهم هدف واضح، وهو ليس تحديداً مساعدة المتمردين. وقال «لم يأتوا فقط لإسقاط الأسد، وإنما أيضاً لتحقيق رؤية دولة الشريعة الإسلامية».
وثمة قيمة لتقديرات كوخافي هذه، خصوصاً إعلانها فور عودته من زيارة عمل للولايات المتحدة كرس الجانب الأكبر منها لمناقشة الأوضاع في سوريا. وتعتقد أوساط إسرائيلية أن هذا كان جوهر الرسالة، التي حملها كوخافي معه إلى واشنطن، وهو ما قاله هناك للمسؤولين الأميركيين المنخرطين في سجال لا ينتهي حول محاذير التدخل العسكري المباشر أو غير المباشر في سوريا.
وقد تجدد القتال الأسبوع الماضي في الجانب السوري من هضبة الجولان المحتلة بين قوات الجيش النظامي ومعارضيه. وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن بضع مئات من نشطاء «الجهاد العالمي» باتوا يتمركزون في جنوب الهضبة قرب خطوط الفصل مع القوات الإسرائيلية. وتضيف هذه المصادر أن مواقع الرصد الإسرائيلية تراقب هذه الجماعات في ظل خشية من عمليات تسلل قد يقومون بها انطلاقاً من القرى السورية المحاذية.
ومعروف أن إسرائيل عززت في الأشهر الأخير الجدار الفاصل والعراقيل الأخرى التي تنصبها هناك، فضلاً عن أنها عززت الدوريات ورفعت حالة التأهب. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نقلت عن ضباط كبار في الجيش تقديراتهم أنه برغم الانتصارات الموضعية، التي حققتها قوات النظام السوري في الآونة الأخيرة، إلا ان الحرب الأهلية هناك بعيدة عن أن تحسم. وأشار هؤلاء إلى أن المعارضين يسيطرون على مناطق شاسعة في سوريا، من بينها أحياء في مدن مركزية كحماه وحمص وحلب.
ومن المهم الإشارة إلى أن الأردن كان بين أول من حذر من تحول سوريا إلى «الثقب الأسود الذي ينجذب إليه الجهاديون من جميع أرجاء العالم». وتحدث مسؤولون أردنيون أيضاً عن الأسلحة المتطورة، التي يمتلكها أنصار تنظيم «القاعدة»، وكيف أنهم صاروا يسيطرون بالتدريج على التنظيمات المسلحة المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد. ويرى خبراء أن هناك اليوم ما يشبه «كارتل» استخباريا يضم على الأقل الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن لرصد فعاليات ونيات «الجهاديين» في سوريا.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن «جبهة النصرة» العاملة في سوريا، أعلنت في نيسان الماضي، أنها تنتمي إلى تنظيم «القاعدة». كما أن شبكة «بي بي سي» البريطانية أعلنت أن ممثلين من حركة «طالبان» زاروا سوريا بهدف إنشاء قاعدة تلبي متطلبات «جهادهم» هناك.
وترى المصادر الإسرائيلية أن تواجد الجماعات «الجهادية» في سوريا تزايد لأسباب بينها اندماج الجهد «الجهادي» في التوتر الطائفي الذي كان في العراق وامتد إلى سوريا. وترددت مراراً أنباء عن اتحاد الجماعات «الجهادية» ذات التوجه القاعدي في جبهة واحدة في العراق وسوريا مع تركيز على أن المعركة طائفية.
إما أن تحكم الجماعة شعب مصر على طريقتها أو تقتله
حسن نافعة/المصري اليوم
وُضعت الجماعة، بعد 30 يونيو، أمام خيارين لا ثالث لهما: خيار المراجعة، وخيار المواجهة. تبنى استراتيجية المراجعة معناه اعتراف الجماعة بأنها لم تحسن استثمار الفرصة التى أتيحت أمامها لإدارة شؤون الدولة والمجتمع بطريقة تساعد على تأسيس نظام ديمقراطى يتسع لمشاركة الجميع، وارتكبت، منذ ثورة يناير، أخطاء جسيمة هى التى تسببت فى احتقان سياسى ومجتمعى أدى فى النهاية إلى الإطاحة بالدكتور مرسى وعدم تمكينه من إنهاء فترة ولايته الأولى. ومن الطبيعى، فى سياق كهذا، أن تصبح المراجعة خطوة ضرورية لتحقيق مصالحة مجتمعية شاملة تُمَكِّن الجماعة من تصحيح ما وقعت فيه من أخطاء، ولضمان مشاركتها من جديد فى صنع المستقبل المصرى على أسس مقبولة من الجميع، أما تبنى استراتيجية المواجهة فمعناه أن الجماعة لا تعترف بارتكابها أى أخطاء، وتصر على أن ما جرى، يوم 3 يوليو، لم يكن سوى انقلاب عسكرى تم بموجبه الاستيلاء على السلطة والإطاحة بالشرعية الديمقراطية، ومن ثم فلا حل للأزمة الراهنة، من منظور الجماعة بالطبع، إلا بعودة الأمور إلى ما كانت عليه، أى بالإفراج عن مرسى وإعادته إلى كرسى الرئاسة، قبل البحث عن أى صيغة لتحقيق مصالحة وطنية، وفى حال عدم الاستجابة لهذه الشروط ترى الجماعة أنه لن يكون أمامها سوى حشد وتعبئة الجماهير والعمل بكل الوسائل الممكنة، بما فى ذلك اللجوء إلى العنف، إذا اقتضى الأمر، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 3 يوليو.
تشير تطورات الأوضاع إلى أن جماعة الإخوان رفضت استراتيجية المراجعة والمصالحة، وقررت اعتماد وتبنى استراتيجية المواجهة والعنف، بدليل إصرارها، ليس فقط على التعبئة والحشد لتنظيم المسيرات والاعتصامات فى كل مكان، وإنما على دفع الأمور كذلك فى اتجاه استخدام العنف والقيام بعمليات إرهابية، على غرار ما جرى أمام قسم شرطة المنصورة، مساء الثلاثاء الماضى، حيث تم زرع قنبلة وصفت بأنها متطورة راح ضحيتها أحد المواطنين وجُرح العشرات، ومن الواضح أنه إذا استمرت الأمور على هذا النحو فقد تتجه نحو صدام مروع يتعين على الجماعة أن تتحمل مسؤوليته وحدها.
للجماعة تاريخ طويل تأرجح بين الرغبة فى تحقيق الأهداف التى حددتها لنفسها بوسائل علنية سلمية ومشروعة، وبين الإصرار على تحقيق هذه الأهداف بكل الوسائل الممكنة، حتى لو تطلب ذلك اللجوء إلى العمل السرى المحرض على استخدام العنف. وفى هذا السياق، يجب أن يفهم قرار حسن البنا، مؤسس الجماعة، بالموافقة على إنشاء جهاز خاص داخل الجماعة للقيام بعمليات سرية، بما فى ذلك محاولات اغتيال فردية كان رئيس الوزراء المصرى محمود فهمى النقراشى من أول ضحاياها. ورغم أن المرشد العام وصف من قاموا بهذا العمل الإجرامى بأنهم «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، فإن الصدام الذى وقع بين جماعة الإخوان المسلمين، من ناحية، وجميع الأنظمة التى تعاقبت على حكم مصر، بعد ذلك، يدل على أن الجماعة لم تتخل أبدا عن استراتيجية المواجهة، وأصرت على تحقيق أهدافها الخاصة، وفى مقدمتها الوصول للسلطة، بكل الوسائل الممكنة حتى لو اضطرت لاستخدام العنف.
لقد أتيحت أمام الجماعة فرصة ثمينة، بعد ثورة يناير، للاندماج فى الجماعة الوطنية وقيادة البلاد نحو تأسيس نظام ديمقراطى يشارك فيه الجميع، وفق قواعد مقبولة تقوم على تكافؤ الفرص بين كل الفرقاء السياسيين، غير أن الجماعة أصرت على أن تحكم البلاد منفردة وعلى أن تستبعد كل الآخرين، بما فى ذلك حزب النور السلفى، واتهام كل من يخالفها فى الرأى بالكفر والإلحاد أو بالخروج على الإسلام، وكأنها الجماعة الوحيدة المخولة بالتعبير عن الإسلام الصحيح، حتى شيخ الأزهر نفسه لقبّه بعضهم، تهكماً وتحقيراً، بأنه «بابا الأزهر».
لم تكتف الجماعة بإهدار فرصة ثمينة أتيحت لها، بعد ثورة 25 يناير، بإخفاقها التام فى إدارة مرحلة انتقالية قادتها الجماعة من خلال أغلبيتها البرلمانية أولاً، ثم من خلال مرسى ثانياً، وإنما تصر الآن على دفع البلاد كلها نحو حرب أهلية وكأن لسان حالها يقول: «إما أن أحكمكم بالطريقة التى أريدها أو أقتلكم جميعا»، غير أننى على ثقة تامة من أن شعب مصر لن ينساق وراء فكرة المواجهة، وسيقاومها بكل الوسائل الممكنة، وأعتقد أن التحام الشعب وتوحده خلف جيش مصر العظيم، فى هذه اللحظة بالغة الخطورة، هو صمام الأمان لإجهاض دعوة خبيثة لإشعال حرب أهلية فى مصر وتدمير الدولة المصرية.
إنها الحرب يا ببلاوي
حمدي رزق/المصري اليوم
قال الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء: «إن دُعاة العنف والإرهاب لا مكان لهم بيننا، وأساس المصالحة الوطنية هو احترام الشعب وإرادته ونبذ العنف»، موضحا أن صبر الحكومة لن يدوم طويلا.
يا خويا كفاية صبر، بيّن كرامة يا ببلاوى، لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزُبى ولم يبق فى قوس الصبر منزع، الدم صار للركب يا دكتور، الإخوان الإرهابيون دخلوا مرحلة حرب المدن، مرحلة العبوات الناسفة، صبر الحكومة لن يدوم طويلا، أتنتظر تفجير الكبارى ونسف المترو، ولّا قصف السد العالى، تم ضبط أربعة صواريخ موجهة للسد العالى يا عمنا.
الإخوان لا عهد لهم ولا أمان، قلنا من زمان حذار من الجناح العسكرى.. قلتم اطلعوا من البلد، قلنا تنظيم إرهابى مسلح.. طلعوا فينا كلونا، واتهمونا يا محرضين، يا فاشيست، طيب خليهم يفجروا ويذبحوا ويسحلوا، مبسوطين بقنبلة مديرية أمن المنصورة، فرحين بعبوة أبوصوير، بكره يحرقوا القاهرة، والله أنا خايف يعلنوا رابعة العدوية إمارة مستقلة، دولة رابعة الإخوانية.
الببلاوى عايش فى دور شفيق جلال، وانا بعلم الصبر يصبر على صبر حبيب جارنـــــــــــا، وبقول يا صبرى صبرك عليه حتى ييجى يوم جارنا، وان كان غيرنا حللى واحنا اللى مررنـــــــــــــــــا، والله الصبر فرغ وسيادتك ولا هنا، يااااه دعاة العنف والإرهاب لا مكان لهم بيننا، بأمارة إيه، بأمارة منصة رابعة وعصابات النهضة وما بينهما، الإخوان مالهمش أمان، يا مستنى السمنة من ورك الحوت مش هتعمل حاجة لحد ما تموت، يا مستنى المصالحة من الإخوان، مش هتعمل حاجة لحد ما تموت، إنها حرب يا ببلاوى على الشعب المصرى.
المثل الشعبى الطيب: اصبر على جارك السو ليغور يا تيجى مصيبة تاخده هو وأهله وعشيرته لا ينفع مع تنظيم إرهابى لم يترك مجالا لحسن الجيرة، هم أعلنوها حربا، يا قاتل يا مقتول، ونحن قوم لا نجيد القتل والذبح والسحل والتفخيخ والتفجير، شعب غلبان آخره خناق وزعيق، وآخرتها صافى يا لبن، نحن شعب مسالم قوى، صحيح شعب قادر يخلع رؤساء، لكنه لا يستطيع اقتلاع الإرهاب، صدورنا عارية وحيواتنا غالية.
كلام رئيس الوزراء مدهون بزبدة يطلع عليه تفجير المنصورة يسيح، يا ببلاوى لقد أعلنوا النفير، وأقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون، شيخا أو شابا أو طفلا، ضابطا أو جنديا، قوات مسلحة أو شرطة، مثقفا أو كاتبا، معارضا أو مهادنا، دول حتى كفروا حزب النور، وخونوا الشيخ أبوإسحاق، وحطوا من على المنصة على الشيخ ياسر برهامى، جماعة تساندها مافيا دولية (التنظيم الدولى)، وجزيرة حقيرة (مباشر من مصر)، عجبا مصريين معتبرين لايزالون يظهرون على جزيرة القتلة، القتل بالدولار، قاطعوها حتى لا تكون فتنة.
يا ببلاوى خذ الكتاب بقوة، كتاب إرادة المصريين يوم 30 يونيو، لا تعدو عيناك عنهم تريد كرسى الوزارة، ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكر ثورة الشعب، واتبع هواه وكان أمره فرطا، سيبك يا ببلاوى من وسوسات طلائع الأمريكان، وتكتيكات حزب النور، ولجان الإمام الأكبر، واجتماعات المسلمانى، هذا ضحك على الدقون، قدها يا ببلاوى أهلا وسهلا، قدها وقدود طيب اتفضل ورينا الهمة، خلاص معدشى فيها كسوف ولا عصر ليمون، ولا مصمصة شفايف، شباب مصر ينحر أمام عينيك وتصبر، البلد بتخرب وأنت تتحدث عن المصالحة الوطنية، الناس فى قعور بيوتهم يا مولانا حذر الموت، صدقنى لن يطول صبر المصريين عليك.
.. وأنهار «باستيل» العراق!!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
كل صبحٍ يشرق على العراق يأتي بمأساة تفجير، أو قتل، أو هجرة مضادة للوطن، وتعدى الأمر إلى أن أصبح الأمن مقدماً على حالات البؤس في انقطاعات الكهرباء وندرة المياه، وضياع الموارد بين أطراف جذرت الفساد في كل مكان.
أقرب من صنع العراق ما بعد صدام أصبح يرى أن هذا البلد ينزلق نحو حرب أهلية، والمشكل أن ملف الأمن الذي انتقل إلى المالكي شخصياً تحت رقابته وإشرافه والتخطيط له يعيش حالة انفلات غير مسبوق، وهذا يفسر أن الولاءات المحيطة بالنظام لا تنسجم معه رغم العطايا والامتيازات لكل مقرب من السلطة..
عقدة الأمن انتهت مع الاتهامات القديمة مرة من بقايا البعث، ومرة أخرى من عناصر مدسوسة، لكن ما جرى في سجنيْ أبو غريب والتاجي، وتحرير ما يقرب من خمسمئة سجين من القاعدة معظمهم قادة، ومدربون على أعمال انتحارية وتخطيط لاختراق الحواجز المؤمنة من الدولة العراقية، يكشف عن أنها بلا غطاء سياسي ولا أمني، وأن هذه العملية التي زعمت السلطة بوجود عناصر من داخل السجنين متواطئين مع السجناء، تكشف عرياً خطيراً بأن الدولة ومؤسساتها جميعاً مخترقة، وأن الأمن كأولوية أساسية ما عاد يحظى بالثقة الشعبية العامة وسط تفجيرات يومية تصل إلى عمق أجهزة الأمن..
الحادثة الخطيرة بتحرير السجناء ليس عائدها فقط الحدث بذاته، وإنما نتائجها على مستقبل أمن العراق وسورية معاً بعد توحيد فصائل القاعدة بقيادة واحدة، والأمر لا ينحصر في العراق وحده، بل إن أمريكا المنزعجة من الحادثة وأحد أهم مطاردي القاعدة، بدأت تشعر أن باباً كبيراً فتح عليها في بلدين مجاورين، وأن حربها على الإرهاب يعد أمراً غير ناجح؛ حيث هي من تركت العراق نهباً لأوضاع صارت السيطرة عليها صعبة ومعقدة، وبالتالي فما حدث سيُدخل أمريكا شريكاً في مواجهات مع القاعدة في العراق وسورية معاً، وهو رهانها حين وضعت سلطة عميلة لها، وتدين بأوامر إيران، ولعلها في هذا الموقف قد تصبح متورطة في أوضاع مستجدة لم تكن من خيارها، ولكنها صنعتها عندما مكنت فصيلاً واحداً من حكم العراق لتكون النتيجة نشوء معارضة مسلحة لتحمي نفسها من بطش السلطة وتسيبها..
الغريب أنه في الوقت الذي يتقلص نفوذ القاعدة إلى الحدود التي وصلت إلى حد التقوقع في معظم الدول العربية، لا نجد لها دوراً مؤثراً إلاّ في أفغانستان وباكستان، لكن تواجدها في هذا الزخم الكبير في العراق ثم انتقالها لسورية، يؤكد أن هناك بؤراً أخرى قد تنشأ في حالة اضطراب أي دولة وضعف أمنها..
العراق الذي تعددت هوياته، وتكاثرت نزاعاته إلى حدود احتمال قيام حرب أهلية بين فصائله المسلحة والقادرة على جلب الأموال والأسلحة قد تحوّل العراق إلى منطقة حرب مفتوحة يساعد على ذلك فساد وضعف السلطة المركزية، واستشعار القوى الأخرى بأنها خارج اهتمام الدولة والتعمد بتهميشها ما أثبت أن دولة الفصيل الواحد لا يمكنها أن تستمر وتقود وتفرض اتجاهها على بقية الفصائل الأخرى..
اقتحام السجنين لم يحدث حتى في دولة تتعرض لحرب أهلية مستديمة مثل الصومال لكن حكومة العراق كشفت عن أنها أصبحت المؤسس للعمل الإرهابي، وأن حصانتها التي استمدتها بالاستقواء بأمريكا، وحليفتها إيران، بدأت تتراخى إلى حدود انتشار الفوضى كمقدمات لحرب أهلية مدمرة..