Haneen
2013-12-05, 10:34 AM
اقلام واراء اسرائيلي 436
11/9/2013
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
المبادرة الروسية: الاقتراح الذي لم يستطع الاسد رفضه
بقلم : تسفي برئيل ،عن هارتس
الرابحون بوتين واوباما والاسد والخاسرون مواطنو سورية
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هأرتس
يصنعون نظاما لا عدلا
بقلم: اسحق بن اسرائيل،عن يديعوت
الاتفاق الذي سيسقط الاسد
بقلم: د. مردخاي كيدار ،عن معاريف
لماذا يُسفك دم غربي في سورية؟
بقلم: عنات ويلف ،عن هارتس
موقف المصريين مما يجري داخل القطاع
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
المبادرة الروسية: الاقتراح الذي لم يستطع الاسد رفضه
بقلم : تسفي برئيل ،عن هارتس
إن الاقتراح الذي لم يمكن رفضه والذي وضعته روسيا أمام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، صيغ في الايام الاخيرة بمحادثات سرية بين روسيا والولايات المتحدة، وليس مفروضا على الاسد فقط، بل على الادارة الامريكية ايضا التي بحثت عن مخرج من الهجوم، قبل التباحث في مجلس النواب في الموافقة عليه، بوقت قصير.
طلب الاسد من روسيا ضمانات ألا تهاجمه الولايات المتحدة اذا أُبعد المخزون الكيميائي، وحصل عليها في صيغة التصريح المعلن لوزير الخارجية الامريكي جون كيري، الذي أعلن أن الولايات المتحدة لن تهاجم اذا أُبعد السلاح الكيميائي من سورية. وليست تفصيلات الاتفاق التي تشمل جمع مخزون السلاح الكيميائي ووضعه تحت رقابة دولية وإبادته معلومة بصورة كاملة، لكن توجد بحسب مصادر دبلوماسية عدة امكانات لابعاد السلاح الكيميائي.
‘الأول هو نقله الى القاعدة الروسية الواقعة في مدينة طرطوس وإبادته في سورية، والثاني ارسال فريق دولي الى سورية يشرف على إبادة السلاح في المنشآت التي يوجد فيها. ويوجد ايضا امكان نقل مخزون المواد الكيميائية الى دولة ثالثة في اوروبا أو الى تركيا. وقد حيكت هذه الخطة بالتشاور مع ايران، التي بيّنت لسورية أنه يجب عليها أن تجد حلا متفقا عليه فورا كي تمنع هجوما، وأنها لن تقدم لها مساعدة عسكرية اذا هوجمت.
على حسب تلك المصادر فان الجدول الزمني لبدء الرقابة والقضاء على السلاح الكيميائي ضيق ويقضي بأن تنشأ في غضون ايام لجنة رقابة تشمل خبراء متفقا عليهم يأتون الى سورية للقيام بتسجيل الاحتياطي وتركيزه، ويراقبون بعد ذلك ايضا القضاء عليه. وتطلب روسيا من الاسد أن ينضم الى الميثاق الدولي لمنع نشر السلاح الكيميائي، لكنه ليس من الواضح ان كانت سورية قد وافقت على هذا الشرط. والسؤال الذي بقي بلا جواب يتعلق باستمرار الجهود السياسية التي ترمي الى إنهاء الازمة.
على حسب مصادر عربية وأنباء نُشرت في وسائل اعلام عربية وايرانية، يجري صوغ اقتراح يؤيده كما يبدو جزء من المعارضة السورية، وهو بدء مسيرة تدريجية لكنها سريعة لانهاء مدة ولاية الاسد. وعلى حسب هذا الاقتراح سيتم تقديم موعد انتخابات الرئاسة التي خُطط لها في الشهرين آذار/مارس أو نيسان/ابريل 2014 الى نهاية 2013، ويمتنع الاسد عن عرض ترشحه فيها. وفي مقابل ذلك يحظى هو وأبناء عائلته بلجوء سياسي ويصبح الجيش السوري الحر هو الجيش الوطني الذي يستوعب قادة ووحدات الجيش السوري النظامي، ويعين الرئيس الذي سيُنتخب حكومة مؤقتة تصوغ دستورا جديدا بحسب النموذج الذي نشأ في مصر بعد الثورة مباشرة.
إن الموافقة السورية على القضاء على السلاح الكيميائي هي أول تخل مهم وعملي للنظام الذي وجد نفسه في مواجهة سور روسي ايراني حصين. لكنها لا توقف استمرار المعارك ولا قدرة النظام على الاستمرار في ذبح مواطنين سوريين بسلاح تقليدي. ويمكن أن تستمر المعركة بلا تحديد وقت من غير الخطة السياسية التي ستفضي الى إبعاد نظام الاسد.
والى ذلك لا يبدو هذه المرة أن أية دولة غربية تريد أن تُدفع مرة اخرى الى دوامة الهجوم العسكري الذي أحرج دول اوروبا وعرض اوباما على أنه لا زعامة له. والخشية هي من أن مجرد الموافقة السورية على القضاء على السلاح الكيميائي يمنحها بصورة تناقضية رخصة مفتوحة بالاستمرار في الحرب، من دون خشية هجوم اجنبي هذه المرة.
لكن خطة القضاء على السلاح الكيميائي والخطة السياسية تضعان صعوبات عملية. هل يستطيع المراقبون على سبيل المثال الوصول الى كل موقع يوجد فيه مخزون من السلاح الكيميائي، أم ستقابلهم قيود حركة كما حدث في حالات مشابهة أراد فيها مراقبون أجانب القيام بعملهم في سورية. وهناك صعوبة اخرى تثيرها اسئلة هل ستضع سورية شروطا للموافقة على قائمة المراقبين وكيف سيتم ضمان القضاء على السلاح الكيميائي في سورية أو نقله الى قواعد خارج الدولة.
إن السيطرة في هذا الامر ليست في يد سورية فقط، لأن منظمات مختلفة ومنها تلك المنتمية الى ‘القاعدة’ تسيطر على عدد من مفترقات الطرق، وهي تستطيع أن تضرب القوافل أو المراقبين. ولا يتحمس الجيش السوري الحر ايضا للاتفاق الذي تم، لأنه كان يأمل أن يكون استعمال السلاح الكيميائي هو الحافز وحده الى هجوم عسكري على سورية واسقاط نظام الاسد بعملية عسكرية. وبقي الجيش الحر الآن من دون احتمال مساعدة عسكرية مباشرة ومن دون السلاح الذي وعدته به القوى الغربية. وتثير المرحلة السياسية للخطة (التي لم يُتفق عليها الى الآن) صعوبات أشد، وذلك في الأساس بسبب الاختلافات العميقة في صفوف المعارضة السياسية، وبينها وبين الجيش السوري الحر.
يبدو أن الرابحين الوحيدين من الاتفاق السوري، هما رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما الذي نجا من الهجوم الذي دفع نفسه إليه، ورئيس روسيا فلاديمير بوتين الذي برهن على قدرته على السيطرة على مسارات سياسية مع سورية. ويمكن أن تكون ايران ايضا راضية.
يرمي الهجوم على سورية الى أن يكون ايضا إظهار قوة واستعداد الولايات المتحدة لضرب ايران عسكريا. وتستطيع ايران ازاء البلبلة والحيرة وعدم التأييد الدولي لهجوم على سورية أن تفهم أن الخيار العسكري، من جهة الغرب على الأقل، هو نظري فقط. ويُبين الاتفاق لمواطني سورية أن الاستمرار في الهرب من الدولة أفضل لهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الرابحون بوتين واوباما والاسد والخاسرون مواطنو سورية
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هأرتس
عُرض مساء يوم الاثنين لأول مرة منذ كانت انعطافة الرئيس باراك اوباما المفاجئة، مخرج ممكن من الازمة في سورية. فقبل لحظة من بدء التباحث في مجلس النواب الامريكي في اقتراح الادارة الموافقة على هجوم عسكري على سورية، أثارت موسكو حلا بديلا وهو إلغاء العملية مقابل نقل سلاح الاسد الكيميائي الى رقابة دولية والقضاء عليه بعد ذلك. ما تزال المجاهيل في اقتراح المصالحة الروسية كثيرة. ويوجد دائما شك أن الحديث في الحاصل هو عن محاولة كسب وقت في آخر لحظة للرئيس السوري. إن الولايات المتحدة تُظهر شكا شديدا (وذلك بيقين لأن الاقتراح جاء من موسكو التي فعلت كل شيء لافشال السياسة الامريكية في الشرق الاوسط في الاسابيع الأخيرة) ومع كل ذلك ربما بدأ يُصاغ حل للازمة.
إن الرد السوري الايجابي على اقتراح روسيا غير مفاجئ. فقد عُرضت المصالحة في مؤتمر صحافي مشترك بين وزيري خارجية الدولتين في موسكو بحيث يمكن أن نفرض أن تفاصيلها قد نُسقت بينهما مسبقا. ومن المؤكد أن الرئيس الاسد يدرك أن الرد الدولي القاسي على المذبحة الجماعية التي نفذها جيشه في معارضيه في 21 آب/اغسطس بسلاح كيميائي سيجعل من الصعب عليه على كل حال أن يستعمل هذا السلاح مرة اخرى. يستطيع الاسد الذي يزعم أن المتمردين هم الذين استعملوا السلاح الكيميائي أن يقول دائما إنه وافق على نقل السلاح من بلده لمنع وقوعه في الأيدي الخطيرة لمنظمات المعارضة.
اذا تم احراز تسوية آخر الامر فانه يحق للاسد أن يراها انجازا، لا لأن امريكا لم تهاجمه فقط ولم يُظهر الذعر من تهديدات أقوى قوة عسكرية في العالم، بل لأنها جاءت من قوة التحالف الدولي الذي يدعمه، من روسيا والصين الى ايران وحزب الله طوال الازمة.
ولاوباما الكثير مما يربح من هذه القضية ايضا، لأنه ما زال يصعب عليه الى الآن كما تبدو الامور أن يجند دعما كافيا لعملية عسكرية في سورية في مجلس النواب وما زال الجمهور الامريكي كالجمهور الدولي يعارض الهجوم. فاذا أُبعد أكثر السلاح الكيميائي عن سورية فان اوباما يستطيع أن يقول إنه فعل ما يجب عليه فقد ضمن ألا يُستعمل سلاح الابادة الجماعية بعد ذلك. وفي الوقت نفسه يُجنب الرئيس نفسه مواجهة سياسية في واشنطن وتعقيدا محتملا للهجوم العسكري.
اذا نجح الحل الروسي فسيكون هناك من يزعمون أنه خُطط لكل شيء مسبقا وإن اوباما مضى حتى النهاية على عمد كي يعرض النتيجة التي يريدها وليستخرج من الاسد تنازلا كبيرا من دون أن يهاجم سورية بالفعل. لكن النظر في أعمال الرئيس وتصريحاته في الاسابيع الاخيرة يقود كما يبدو الى استنتاج مختلف. إن اوباما ووزير خارجيته جون كيري من وجهة نظر القدس على الأقل بديا مرتجلين يردان أكثر من مرة متأخرين متفاجئين من التطورات. ونشك كثيرا في أنه قد وُجدت هنا استراتيجية كبيرة أو خطة عمل مدروسة.
ستكون روسيا بالطبع الاولى في قائمة الرابحات باعتبارها صدت الخطوة الامريكية وأنقذت الاسد الذي ترعاه وفكّت لغما ضخما كان يمكن أن ينشئ فوضى عامة. وسيكون أبناء الشعب السوري هم الوحيدين الذين لن يستطيعوا تنفس الصعداء حتى لو تم احراز تسوية تمنع هجوما امريكيا. ويبدو من وجهة نظر أكثرهم، ورغم الدعاية الشديدة المعترضة على عملية عسكرية في الدول الغربية أن الهجوم الامريكي لم يكن بالضرورة احتمالا اسوأ من الوضع الموجود. إن خط الخط الاحمر من جديد المتعلق بالسلاح الكيميائي يُنذر بأن الاسد ومنظمات المتمردين يستطيعون الاستمرار في ذبح المدنيين من الطرف العدو بلا تشويش وبكل وسيلة قتل ليست سلاحا كيميائيا، من وجهة نظر العالم. هل يهتم أحد بعدد القتلى في الحرب منذ كانت المذبحة؟ أُحصي في الاسابيع الثلاثة الاخيرة في سورية من القتلى عدد يزيد على الـ1400 من ضحايا المذبحة.
زعم البروفيسور إيال زيسر في مقالة نشرها من قبل مركز ديان في جامعة تل ابيب أن الاسد قد تحول في الاشهر الاخيرة الى ادارة حرب إبادة على المتمردين والمواطنين الذين يؤيدونهم، هدفها ‘إبادتهم أو طردهم’ من المناطق التي يهاجمها جيشه. وكتب زيسر أن الحرب الأهلية في سورية هي ‘مجموعة معارك تكتيكية نقطية بين مجموعات صغيرة من المتمردين وقوات ضئيلة من الجيش السوري’. وهذه حرب استنزاف لن تحسمها معركة واحدة وهي تراكم انجازات إلا اذا غير التدخل الامريكي الامور فقلبها رأسا على عقب.
‘أصبح يبدو في هذا المساء وبسبب الصعوبات الداخلية والاقتراح الروسي الجديد أن احتمالات أن يأمر اوباما آخر الامر بهجوم، تتضاءل بالتدريج، رغم خطاباته المتشددة. لكن الامور ما زالت بعيدة عن الحسم النهائي، فالشيطان موجود في التفاصيل ويمكن أن يتحطم اقتراح المصالحة الروسية فوق عقبات كثيرة في الطريق مثل: متى يُنقل السلاح ومن يشرف عليه وكيف يُضمن ألا تبقى مخزونات في سورية، ويفضي ذلك آخر الامر الى قصف امريكي في سورية.
يبدو على كل حال أنه يمكن وبقدر كبير أن نرى أحداث الاسابيع الاخيرة تكرارا عاما للازمة التي قد تنشب في السنة التالية، حول نشاط حليفة لموسكو أقل اعلانا ألا وهي طهران، فانه يتوقع اختلاف مشابه حول البرنامج الذري الايراني ايضا وسيُبحث هناك ايضا في المستقبل، كما حدث قبل أربع سنوات، مخطط إخراج المادة الانشطارية (اليورانيوم المخصب) لاشراف ودي عليها في روسيا. قال وزير الدفاع بوغي يعلون في ‘اسرائيل هذا المساء’ ان اسرائيل سترد ردا شديدا على محاولة أعدائها جرها الى المواجهة العسكرية في سورية. وكرر يعلون النهج الرسمي الذي يعبر عنه في المدة الاخيرة بتنسيق مع رئيس الوزراء ورئيس هيئة الاركان. ومع كل ذلك يبدو أنه أفضل أن تبدأ اسرائيل مضاءلة عدد التصريحات المعلنة وأن تنتظر القرارات الحاسمة التي ستُبت على كل حال في واشنطن وموسكو لا في القدس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يصنعون نظاما لا عدلا
بقلم: اسحق بن اسرائيل،عن يديعوت
إن جزءا من الجمهور في اسرائيل غاضب على الرئيس باراك اوباما لأنه ‘يتلوى’، ولا سيما في قراره طلب موافقة مجلس النواب على الهجوم على سورية. ويُظهر جزء آخر تفهما لبواعثه (فهو بعد كل شيء زعيم الديمقراطية الدستورية الاولى في العالم)، لكنه يزعم أن ما يلائم امريكا لا يلائم الشرق الاوسط: فـ’الزبائن’ (أي جيراننا) هنا فهمهم صعب ويرون كل اجراء ديمقراطي تعبيرا عن الضعف. وهناك من يراقبون ما يجري في سخرية وهم مشحونون بالدعاوى كحبة رمان ويقولون: كيف استيقظت امريكا بعد أن قُتل بضع مئات من المدنيين بالغاز ولم يطرف لها جفن حينما قُتل نحو من 100 ألف مدني بطرق اخرى؟ ما قيمة العدل والاخلاق في أيامنا؟ وماذا يجب أن نتعلم من ذلك عن المساعدة المتوقعة لنا من العالم المتنور حينما نقع نحن، لا سمح الله، في ازمة مشابهة؟
يطلب كثيرون في اسرائيل باسم العدل والاخلاق أن يخرج الرئيس الامريكي وفورا في هجوم على مجرم الحرب الذي يرأس الدولة السورية. إن هذا الموقف فضلا عن انه يعوزه أقل قدر من الفهم الاستراتيجي، ليس اخلاقيا. فلماذا يُوجه الى امريكا أصلا؟ في حين توجد دول اخرى في العالم جيوشها قوية ويستطيع سلاحها الجوي بسهولة نسبية أن يعاقب سورية مع أقل قدر من تعريض حياة مقاتليها للخطر.
وإن طائفة منها لا توجد وراء المحيط وما يجري في سورية أشد اتصالا بها من اتصاله بمواطني الولايات المتحدة، بل توجد دول برهنت في المدة الاخيرة فقط، لا مرة ولا مرتين، على أن سلاحها الجوي يستطيع أن ينفذ عمليات كهذه في سورية بحسب أنباء اجنبية منشورة، على الأقل. ولست أقصد الدول العربية (التي تؤيد هجوما امريكيا) أو دول اوروبا (المتحفظة) بل اسرائيل. كيف يُزعزعنا عدم رغبة دولة تقع في طرف العالم الآخر في التدخل في سورية، ولا نطلب هذا من أنفسنا؟ كم من الآباء الاسرائيليين مستعدون لارسال أبنائهم وبناتهم للتدخل في سورية؟ ولماذا تفعل هذا أم في منيسوتا أو أب في كاليفورنيا؟
إن الاخلاق كما علمنا عمانوئيل كانت، كلية. فليس من الاخلاق أن يُطلب من الآخرين شيء نستطيعه نحن أنفسنا، لكننا لا نريد أن نفعله. ولقد قال حكماؤنا من قبل: لا تفعل بصديقك ما تكرهه.
اذا تجاوزنا عدم النفاد الاخلاقي في هذا الموقف فانه يعبر ايضا عن عدم فهم استراتيجي، فالولايات المتحدة لم يستقر رأيها على التدخل في سورية بسبب الصور الفظيعة لمذبحة المدنيين في ريف دمشق، التي تشير الى أن المتمردين ينفذون أعمالا فظيعة مشابهة، لذا فلا يعرف الوضع على حقيقته. لا تعلم الولايات المتحدة (كاسرائيل ايضا) هل يفضي سقوط الاسد الى نظام أفضل أو اسوأ في سورية، وليست على يقين من أنه لن تحدث بعد سقوط الاسد مذابح وانتقام السنيين من العلويين تغطي على قتل المواطنين الحالي.
فلماذا اذا استقر رأي الولايات المتحدة على التدخل مع كل ذلك؟ لأنها لا تستطيع باعتبارها زعيمة العالم المتنور، وباعتبارها تقوم بالفعل بعمل الشرطي العالمي، أن تسمح لكل وغد أن يستعمل سلاحا غير تقليدي.
واذا تجاوز العالم في صمت الاخلال بهذا المعيار فلن يكون من الممكن بعد ذلك الحفاظ على النظام في العالم، وستجد الولايات المتحدة نفسها في مشكلات تأخذ في الاتساع في أنحاء العالم كله. وهذه مصلحة امريكية واضحة وهذا هو السبب الذي جعل الرئيس اوباما يقول قبل سنة إن استعمال السلاح الكيميائي خط أحمر.
وهذا هو السبب الذي سيجعل الرئيس الامريكي حينما يحين الوقت واذا تجاوزت ايران الخط الاحمر الذري، يستقر رأيه على الهجوم على المنشآت الذرية، لا للحاجة الاخلاقية الى انقاذنا ولا بسبب العلاقة الودية مع رئيس وزرائنا، بل لأن هذه هي المصلحة الامريكية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الاتفاق الذي سيسقط الاسد
بقلم: د. مردخاي كيدار ،عن معاريف
مثلما تبدو الامور في لحظة كتابة هذه السطور، يتبلور من خلف الكواليس اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، أو على نحو أدق بين بوتين واوباما. وسيؤدي الاتفاق الى رقابة دولية على مخزون السلاح الكيميائي في سورية؛ سيمنع أو يقلص طلعات سلاح الجو السوري فوق المدن في الدولة؛ سيحظر استخدام الصواريخ ضد معارضي النظام؛ والاهم من كل هذا سيقرر انتخابات حرة من دون الاسد كمرشح. كل هذا من أجل اعطائه الفرصة للتهرب من ضربة عسكرية أمريكية، لا يرغب اوباما رغم النبرة التصميمية التي تبناها في توجيهها.
لنفور الرئيس الامريكي من العملية توجد عدة أسباب، الاول هو قلة الاهداف العسكرية التي يمكن الهجوم عليها في سورية، لانه منذ بدأت الاحاديث عن الهجوم ‘نظف’ الجيش السوري كل المعسكرات وأخرج منها القوات، السلاح، الذخيرة والعتاد. والسبب الثاني هو ان جيش الاسد نثر مخزونات السلاح الكيميائي داخل المدن التي توجد تحت سيطرته، وهكذا جعل عشرات الاف الاشخاص دروعا بشرية، لان من سيهاجم المخزونات سيصفي تجمعات سكانية كاملة. والسبب الثالث هو أن جيش الاسد نقل الى أهداف السلطة مئات السجناء السياسيين الذين يشكلون هم ايضا دروعا بشرية، ومن سيهاجم مثلا قصر الرئاسة سيصفيهم هم أيضا.
كما أن تعزيز القوة البحرية الروسية في البحر المتوسط لا يشجع اوباما على الهجوم في سورية، لانه لا يريد أن يؤدي الى تصادم مع روسيا على خلفية ما يجري في المنطقة. وفي الخلفية توجد أيضا امكانية أن يؤدي هجوم امريكي في سورية الى ‘احداث خطرة’ في الخليج الفارسي، مثل التفجيرات الغامضة في منشآت النفط، وغرق ‘بالصدفة’ لناقلة في ميناء نفط سعودي، وحريق ‘غير واضح’ في بئر غاز قطري مما يعرف الجميع أن ايران تقف خلفها. ماذا سيحصل عندها لاسعار الوقود التي يدفعها الامريكيون من أجل الوصول الى العمل؟
بتقديري أن تركيا والاردن ايضا الحليفان التقليديان للولايات المتحدة يخشيان مزيدا من التدهور في سورية، الذي قد يحدث جراء الضربة الامريكية، وذلك لانهما سيضطران الى معالجة فيض اللاجئين المتعاظم، كما أنهما قد يعانيان من صواريخ الانتقام من الاسد، الذي قد يستخدمها انطلاقا من منطق ‘عليّ وعلى أعدائي يا رب’. ولان الامريكي في الشارع، الناخب لاعضاء الكونغرس، ليس قلقا حقا من عربي يقتل عربيا، يمكن الافتراض بان عضو الكونغرس العادي سيصوت ليس انطلاقا من قلق أخلاقي على السوريين وحياتهم، بل انطلاقا من قلق مصلحي على اعادة انتخابه في الانتخابات القريبة القادمة.
في مثل هذا الوضع العسير، لا غرو أن اوباما يبحث عن سلم كي ينزل عن شجرة الخطوط الحمراء التي تسلقها، ولا سيما اذا كان يمكنه أن يظهر أمام الكاميرات ويقول: ‘نجحنا في أن نملي على الاسد شروط استسلام من دون أن نطلق رصاصة واحدة’. اما الاسد فبالطبع سيقول: ‘نجحت في ردع أمريكا’، والايرانيون سيواصلون الضحك على الامريكيين كل الطريق الى القنبلة. والاوروبيون سيواصلون بيع سورية وايران مواد خام لاسلحة الدمار الشامل، والروس سيضحكون على الولايات المتحدة التي أثبتت مرة اخرى بانها نمر من ورق.
اسرائيل، السعودية، قطر، الاردن وتركيا ستصر على الاسنان غضبا بسبب حقيقة أن واشنطن خيبت أمل حلفائها مرة اخرى. اصدقاء الولايات المتحدة ملزمون باستخلاص الاستنتاجات بالنسبة لمدى اعتمادهم عليها في مسائل مصيرية، مثل التخلي عن ذخائر استراتيجية مقابل وعود وضمانات أمريكية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لماذا يُسفك دم غربي في سورية؟
بقلم: عنات ويلف ،عن هارتس
فكرة أن الديمقراطيات لا يحارب بعضها بعضا، أعني ‘نظرية السلام الديمقراطي’، تقوم في جملة ما تقوم عليه على فرض أن الجماهير في الدول الديمقراطية يؤيد بعضهم بعضا، بسبب القيم التي يشتركون فيها. إن هذه النظرية هي التي جعلت الرئيس جورج بوش الابن مثلا يعمل في الدفع بالديمقراطية قدما في الشرق الاوسط. فقد كان يرى أن الشرق الاوسط الديمقراطي سيفضي الى واقع سلام.
لكن يبدو في السنوات الاخيرة أن سقف خروج الديمقراطيات للحرب لا على ديمقراطيات اخرى فقط، قد أخذ يرتفع، وأننا نسير نحو مرحلة لن تخرج فيها الديمقراطيات الى حروب البتة، واذا اضطرت اليوم ايضا الى القيام بعمل عسكري فان الدول الديمقراطية تفضل عمليات عسكرية محدودة جدا وضيقة جدا، ومن المرغوب فيه أن تكون بمشاركة ديمقراطيات اخرى وأن تنتهي في مدة قصيرة وأخذ سقف الخروج الى هذه العمليات يرتفع ايضا وتصبح نادرة جدا.
لا ينبع الارتفاع الشديد لسقف الخروج للحرب في الديمقراطيات من الحاجة الى الحصول على موافقة برلمان الدولة على العملية، بل من انخفاض مستمر ايضا لثقة الجمهور بالجهاز الحاكم. وليس الحديث فقط عن البريطانيين والامريكيين الذين لم يتحرروا الى الآن من صدمة الحرب في العراق وافغانستان، بل عن مواطني جميع الدول الديمقراطية الذين يصعب عليهم اليوم أن يثقوا بقادتهم وأجهزتهم الأمنية.
يطلب الجمهور في هذه الدول قدرا أكبر من الشفافية من قادته، الذين يريدون أن يقودوه الى الحرب. ويُطلب الى القادة أن يقدموا معلومات كثيرة ومفصلة وأن يُجيبوا عن اسئلة صعبة وأن يكشفوا عن مسارات اتخاذ القرارات، بل أن يُشركوا الجمهور فيها مباشرة وبواسطة مندوبيه. ويريد الجمهور لا أن يعلم فقط ما هي اسباب الخروج الى الحرب، بل ما هي النتائج المتوقعة ايضا، وأن يتأكد لديه أن كل السيناريوهات المحتملة لتطور الحرب يتم وزنها بصورة عميقة.
والى ذلك فان المعلومات الكثيرة والمتنوعة التي توجد اليوم في الفضاء العام تُمكّن الأفراد من تحليل التقديرات الاستخبارية التي هي أساس الحرب، وأن تصدر بواسطة ‘حِكمة الجماهير’ تقديرات بديلة ذات نوعية عالية كانت في الماضي من نصيب أجهزة الاستخبارات المتقدمة فقط. وتُدخل الاحتجاجات الاجتماعية والكشف عن وثائق وخطط سرية صباح مساء الى الوعي العام الشك الدائم في تقدير السلطة والقوى الاقتصادية والبيروقراطية التي قد تحث على الحروب. إن تلك القوى التي تضعضع نظم الاستبداد القديمة في العالم وتُمكّن ملايين الناس من طلب الحرية هي في واقع الامر التي تجعل من الصعب على الديمقراطيات القائمة أن تخرج الى حروب مهما يكن نوعها.
واذا تجاوزنا هذه الظواهر الواسعة في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط فان الشعور المتراكم هو أنه لا يمكن أن ينتج أي شيء حسن من التدخل في المنطقة. والشرق الاوسط اليوم بهذا المعنى يشبه افريقيا قبل بضعة عقود، فهو ثقب أسود لحروب أهلية وقومية وقبلية، وهو مكان يثير الشفقة يمكن تجنيد النفس للنشيد والتبرع لأجله، لكنه ليس مكانا يحسن أن تُهدر لأجله حياة مواطنين غربيين.
لهذا حينما يجري الحديث عن خروج لحرب في المنطقة، سواء أكان الحديث عن هجوم على سورية أو على ايران فان البحث في سؤال هل اوباما زعيم متردد أم صاحب تصميم، وضعيف أم قوي ليس ذا موضوع. إن جميع الزعماء في جميع الديمقراطيات يعملون اليوم في محيط عام يختلف جدا عما كان في الماضي وتحت قيود أشد مما كان في الماضي. إن رفض الديمقراطيات للقتال أقوى من كل زعيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
موقف المصريين مما يجري داخل القطاع
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
فشلت بمعجزة محاولة مخرب منتحر يبدو أنه من سيناء في استعمال سيارة مفخخة على وزير الداخلية المصري في الاسبوع الماضي. وأُضيف الى ذلك عملية قاتلة وسلسلة مظاهرات لا تنتهي، في اطار الفوضى التي يطمح اليها قادة الاخوان المسلمين بغرض زعزعة مصر لاعادة مرسي الى الحكم.
رغم تصريحات قادة الاخوان المسلمين بأنهم يعارضون العنف واستعمال السلاح يلوح تصعيد كبير في نشاطهم، وازاء ذلك تزيد قوات الامن المصرية في الضغط عليهم. وفي اطار نشاط أمني معزز اعتُقل ناشطون كبار آخرون من قيادة الاخوان وسُجن مصلون في مسجد مركزي في مدينة أسيوط اثناء صلاة يوم الجمعة. وبوحي من شيخ الأزهر محمد الطيب الذي يعمل بتفاهم وتنسيق مع الحكومة الجديدة، أُقيل أئمة وعُين في اماكنهم خريجون من مؤسسة الأزهر فقط موالون للسلطة، بل إن الحكومة تزن إخراج الاخوان المسلمين خارج القانون.
يشمل العلاج الجذري لمساعدي الاخوان المسلمين أطراف سيناء ايضا، التي أصبحت جيبا انفصاليا للارهاب الاسلامي وخرجت منها العمليات الارهابية التي وجهت على عسكريين وعلى أهداف استراتيجية في مصر. ويوجه جزء من هذه الخطوات ايضا على حماس التي لها صلة بنشاط تآمري وبعمليات في مصر مساعدة للمنظمة الأم، الاخوان المسلمين.
تُعاني حماس أعراض ‘الملك ميديس′، فمعها مال كثير جمعته من صناعة الأنفاق الى أن تم القضاء عليها، لكنه ازاء الدمار والخنق على حدود رفح لا يوجد شيء يشتريه رجال الحركة بهذا المال. وتنهار في هذه الاثناء نظم البنى التحتية والطبية والاقتصادية، وتستعد حركات احتجاج مثل ‘تمرد’ في مدن القطاع لمسيرات ضخمة موجهة على حماس.
على حسب ما تقول الصحيفة الاسبوعية ‘وطن’ التي تعتمد على موقع الانترنت ‘أسرار عربية’، تنظم نفسها في سيناء، عصابة مسلحة من مقاتلي فتح بقيادة محمد دحلان، هدفها الدخول الى القطاع بمساعدة مصرية والقضاء على حكم حماس. وحتى لو كان الحديث حتى الآن عن ستار دخان فقط فان حماس تخشى امكانية أن تُشعل فتح نارا عليها في ساحتها الخلفية.
طُردت فتح من القطاع بعد الانتخابات في 2006، لكن السلطة الفلسطينية لم تتخل قط عن رغبتها في العودة الى حكم القطاع وأن تكون قائدة الشعب الفلسطيني في هذه المنطقة ايضا. بيد أن حماس التي تمتعت بوضع سياسي أخذ يتحسن في نهاية عهد مبارك وعلى عهد مرسي في الأساس، شعرت بأنها الحاكمة الوحيدة وتجاهلت أبو مازن وجهود مصالحته. لكن حينما وجهت الدعاوى على الفلسطينيين بسبب الانقسام بينهم أدركوا في حماس أنه توجد مشكلة يجب تجاوزها كي يُنظر إليهم على أنهم كيان واحد. وتمت في الحقيقة عدة لقاءات كهذه في محاولة للمصالحة بين الطرفين، لكن خالد مشعل واسماعيل هنية أفشلا هذه الجهود على نحو منهجي. والآن بقيت المنظمة وحيدة بسبب سقوط مرسي وبسبب فقدان مراكز دعم حماس في ايران ولبنان وسورية.
توجد في الميدان إشاعات عنيدة تقول إن فتح لم تتخل عن السيطرة على القطاع من جديد وقد تفعل ذلك بمساعدة من مصر. إن العلامات التي تشهد على القضاء على البنى التحتية لحماس في رفح المصرية وفي سيناء، ومقدار المشاركة المتزايدة للاستخبارات والجهات الامنية المصرية على حدود القطاع، والمصالح المشتركة مع فتح، تشهد على أن المصريين لن يجلسوا مكتوفي الأيدي ازاء ما يجري في داخل القطاع ايضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
11/9/2013
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
المبادرة الروسية: الاقتراح الذي لم يستطع الاسد رفضه
بقلم : تسفي برئيل ،عن هارتس
الرابحون بوتين واوباما والاسد والخاسرون مواطنو سورية
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هأرتس
يصنعون نظاما لا عدلا
بقلم: اسحق بن اسرائيل،عن يديعوت
الاتفاق الذي سيسقط الاسد
بقلم: د. مردخاي كيدار ،عن معاريف
لماذا يُسفك دم غربي في سورية؟
بقلم: عنات ويلف ،عن هارتس
موقف المصريين مما يجري داخل القطاع
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
المبادرة الروسية: الاقتراح الذي لم يستطع الاسد رفضه
بقلم : تسفي برئيل ،عن هارتس
إن الاقتراح الذي لم يمكن رفضه والذي وضعته روسيا أمام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، صيغ في الايام الاخيرة بمحادثات سرية بين روسيا والولايات المتحدة، وليس مفروضا على الاسد فقط، بل على الادارة الامريكية ايضا التي بحثت عن مخرج من الهجوم، قبل التباحث في مجلس النواب في الموافقة عليه، بوقت قصير.
طلب الاسد من روسيا ضمانات ألا تهاجمه الولايات المتحدة اذا أُبعد المخزون الكيميائي، وحصل عليها في صيغة التصريح المعلن لوزير الخارجية الامريكي جون كيري، الذي أعلن أن الولايات المتحدة لن تهاجم اذا أُبعد السلاح الكيميائي من سورية. وليست تفصيلات الاتفاق التي تشمل جمع مخزون السلاح الكيميائي ووضعه تحت رقابة دولية وإبادته معلومة بصورة كاملة، لكن توجد بحسب مصادر دبلوماسية عدة امكانات لابعاد السلاح الكيميائي.
‘الأول هو نقله الى القاعدة الروسية الواقعة في مدينة طرطوس وإبادته في سورية، والثاني ارسال فريق دولي الى سورية يشرف على إبادة السلاح في المنشآت التي يوجد فيها. ويوجد ايضا امكان نقل مخزون المواد الكيميائية الى دولة ثالثة في اوروبا أو الى تركيا. وقد حيكت هذه الخطة بالتشاور مع ايران، التي بيّنت لسورية أنه يجب عليها أن تجد حلا متفقا عليه فورا كي تمنع هجوما، وأنها لن تقدم لها مساعدة عسكرية اذا هوجمت.
على حسب تلك المصادر فان الجدول الزمني لبدء الرقابة والقضاء على السلاح الكيميائي ضيق ويقضي بأن تنشأ في غضون ايام لجنة رقابة تشمل خبراء متفقا عليهم يأتون الى سورية للقيام بتسجيل الاحتياطي وتركيزه، ويراقبون بعد ذلك ايضا القضاء عليه. وتطلب روسيا من الاسد أن ينضم الى الميثاق الدولي لمنع نشر السلاح الكيميائي، لكنه ليس من الواضح ان كانت سورية قد وافقت على هذا الشرط. والسؤال الذي بقي بلا جواب يتعلق باستمرار الجهود السياسية التي ترمي الى إنهاء الازمة.
على حسب مصادر عربية وأنباء نُشرت في وسائل اعلام عربية وايرانية، يجري صوغ اقتراح يؤيده كما يبدو جزء من المعارضة السورية، وهو بدء مسيرة تدريجية لكنها سريعة لانهاء مدة ولاية الاسد. وعلى حسب هذا الاقتراح سيتم تقديم موعد انتخابات الرئاسة التي خُطط لها في الشهرين آذار/مارس أو نيسان/ابريل 2014 الى نهاية 2013، ويمتنع الاسد عن عرض ترشحه فيها. وفي مقابل ذلك يحظى هو وأبناء عائلته بلجوء سياسي ويصبح الجيش السوري الحر هو الجيش الوطني الذي يستوعب قادة ووحدات الجيش السوري النظامي، ويعين الرئيس الذي سيُنتخب حكومة مؤقتة تصوغ دستورا جديدا بحسب النموذج الذي نشأ في مصر بعد الثورة مباشرة.
إن الموافقة السورية على القضاء على السلاح الكيميائي هي أول تخل مهم وعملي للنظام الذي وجد نفسه في مواجهة سور روسي ايراني حصين. لكنها لا توقف استمرار المعارك ولا قدرة النظام على الاستمرار في ذبح مواطنين سوريين بسلاح تقليدي. ويمكن أن تستمر المعركة بلا تحديد وقت من غير الخطة السياسية التي ستفضي الى إبعاد نظام الاسد.
والى ذلك لا يبدو هذه المرة أن أية دولة غربية تريد أن تُدفع مرة اخرى الى دوامة الهجوم العسكري الذي أحرج دول اوروبا وعرض اوباما على أنه لا زعامة له. والخشية هي من أن مجرد الموافقة السورية على القضاء على السلاح الكيميائي يمنحها بصورة تناقضية رخصة مفتوحة بالاستمرار في الحرب، من دون خشية هجوم اجنبي هذه المرة.
لكن خطة القضاء على السلاح الكيميائي والخطة السياسية تضعان صعوبات عملية. هل يستطيع المراقبون على سبيل المثال الوصول الى كل موقع يوجد فيه مخزون من السلاح الكيميائي، أم ستقابلهم قيود حركة كما حدث في حالات مشابهة أراد فيها مراقبون أجانب القيام بعملهم في سورية. وهناك صعوبة اخرى تثيرها اسئلة هل ستضع سورية شروطا للموافقة على قائمة المراقبين وكيف سيتم ضمان القضاء على السلاح الكيميائي في سورية أو نقله الى قواعد خارج الدولة.
إن السيطرة في هذا الامر ليست في يد سورية فقط، لأن منظمات مختلفة ومنها تلك المنتمية الى ‘القاعدة’ تسيطر على عدد من مفترقات الطرق، وهي تستطيع أن تضرب القوافل أو المراقبين. ولا يتحمس الجيش السوري الحر ايضا للاتفاق الذي تم، لأنه كان يأمل أن يكون استعمال السلاح الكيميائي هو الحافز وحده الى هجوم عسكري على سورية واسقاط نظام الاسد بعملية عسكرية. وبقي الجيش الحر الآن من دون احتمال مساعدة عسكرية مباشرة ومن دون السلاح الذي وعدته به القوى الغربية. وتثير المرحلة السياسية للخطة (التي لم يُتفق عليها الى الآن) صعوبات أشد، وذلك في الأساس بسبب الاختلافات العميقة في صفوف المعارضة السياسية، وبينها وبين الجيش السوري الحر.
يبدو أن الرابحين الوحيدين من الاتفاق السوري، هما رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما الذي نجا من الهجوم الذي دفع نفسه إليه، ورئيس روسيا فلاديمير بوتين الذي برهن على قدرته على السيطرة على مسارات سياسية مع سورية. ويمكن أن تكون ايران ايضا راضية.
يرمي الهجوم على سورية الى أن يكون ايضا إظهار قوة واستعداد الولايات المتحدة لضرب ايران عسكريا. وتستطيع ايران ازاء البلبلة والحيرة وعدم التأييد الدولي لهجوم على سورية أن تفهم أن الخيار العسكري، من جهة الغرب على الأقل، هو نظري فقط. ويُبين الاتفاق لمواطني سورية أن الاستمرار في الهرب من الدولة أفضل لهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الرابحون بوتين واوباما والاسد والخاسرون مواطنو سورية
بقلم: عاموس هرئيل ،عن هأرتس
عُرض مساء يوم الاثنين لأول مرة منذ كانت انعطافة الرئيس باراك اوباما المفاجئة، مخرج ممكن من الازمة في سورية. فقبل لحظة من بدء التباحث في مجلس النواب الامريكي في اقتراح الادارة الموافقة على هجوم عسكري على سورية، أثارت موسكو حلا بديلا وهو إلغاء العملية مقابل نقل سلاح الاسد الكيميائي الى رقابة دولية والقضاء عليه بعد ذلك. ما تزال المجاهيل في اقتراح المصالحة الروسية كثيرة. ويوجد دائما شك أن الحديث في الحاصل هو عن محاولة كسب وقت في آخر لحظة للرئيس السوري. إن الولايات المتحدة تُظهر شكا شديدا (وذلك بيقين لأن الاقتراح جاء من موسكو التي فعلت كل شيء لافشال السياسة الامريكية في الشرق الاوسط في الاسابيع الأخيرة) ومع كل ذلك ربما بدأ يُصاغ حل للازمة.
إن الرد السوري الايجابي على اقتراح روسيا غير مفاجئ. فقد عُرضت المصالحة في مؤتمر صحافي مشترك بين وزيري خارجية الدولتين في موسكو بحيث يمكن أن نفرض أن تفاصيلها قد نُسقت بينهما مسبقا. ومن المؤكد أن الرئيس الاسد يدرك أن الرد الدولي القاسي على المذبحة الجماعية التي نفذها جيشه في معارضيه في 21 آب/اغسطس بسلاح كيميائي سيجعل من الصعب عليه على كل حال أن يستعمل هذا السلاح مرة اخرى. يستطيع الاسد الذي يزعم أن المتمردين هم الذين استعملوا السلاح الكيميائي أن يقول دائما إنه وافق على نقل السلاح من بلده لمنع وقوعه في الأيدي الخطيرة لمنظمات المعارضة.
اذا تم احراز تسوية آخر الامر فانه يحق للاسد أن يراها انجازا، لا لأن امريكا لم تهاجمه فقط ولم يُظهر الذعر من تهديدات أقوى قوة عسكرية في العالم، بل لأنها جاءت من قوة التحالف الدولي الذي يدعمه، من روسيا والصين الى ايران وحزب الله طوال الازمة.
ولاوباما الكثير مما يربح من هذه القضية ايضا، لأنه ما زال يصعب عليه الى الآن كما تبدو الامور أن يجند دعما كافيا لعملية عسكرية في سورية في مجلس النواب وما زال الجمهور الامريكي كالجمهور الدولي يعارض الهجوم. فاذا أُبعد أكثر السلاح الكيميائي عن سورية فان اوباما يستطيع أن يقول إنه فعل ما يجب عليه فقد ضمن ألا يُستعمل سلاح الابادة الجماعية بعد ذلك. وفي الوقت نفسه يُجنب الرئيس نفسه مواجهة سياسية في واشنطن وتعقيدا محتملا للهجوم العسكري.
اذا نجح الحل الروسي فسيكون هناك من يزعمون أنه خُطط لكل شيء مسبقا وإن اوباما مضى حتى النهاية على عمد كي يعرض النتيجة التي يريدها وليستخرج من الاسد تنازلا كبيرا من دون أن يهاجم سورية بالفعل. لكن النظر في أعمال الرئيس وتصريحاته في الاسابيع الاخيرة يقود كما يبدو الى استنتاج مختلف. إن اوباما ووزير خارجيته جون كيري من وجهة نظر القدس على الأقل بديا مرتجلين يردان أكثر من مرة متأخرين متفاجئين من التطورات. ونشك كثيرا في أنه قد وُجدت هنا استراتيجية كبيرة أو خطة عمل مدروسة.
ستكون روسيا بالطبع الاولى في قائمة الرابحات باعتبارها صدت الخطوة الامريكية وأنقذت الاسد الذي ترعاه وفكّت لغما ضخما كان يمكن أن ينشئ فوضى عامة. وسيكون أبناء الشعب السوري هم الوحيدين الذين لن يستطيعوا تنفس الصعداء حتى لو تم احراز تسوية تمنع هجوما امريكيا. ويبدو من وجهة نظر أكثرهم، ورغم الدعاية الشديدة المعترضة على عملية عسكرية في الدول الغربية أن الهجوم الامريكي لم يكن بالضرورة احتمالا اسوأ من الوضع الموجود. إن خط الخط الاحمر من جديد المتعلق بالسلاح الكيميائي يُنذر بأن الاسد ومنظمات المتمردين يستطيعون الاستمرار في ذبح المدنيين من الطرف العدو بلا تشويش وبكل وسيلة قتل ليست سلاحا كيميائيا، من وجهة نظر العالم. هل يهتم أحد بعدد القتلى في الحرب منذ كانت المذبحة؟ أُحصي في الاسابيع الثلاثة الاخيرة في سورية من القتلى عدد يزيد على الـ1400 من ضحايا المذبحة.
زعم البروفيسور إيال زيسر في مقالة نشرها من قبل مركز ديان في جامعة تل ابيب أن الاسد قد تحول في الاشهر الاخيرة الى ادارة حرب إبادة على المتمردين والمواطنين الذين يؤيدونهم، هدفها ‘إبادتهم أو طردهم’ من المناطق التي يهاجمها جيشه. وكتب زيسر أن الحرب الأهلية في سورية هي ‘مجموعة معارك تكتيكية نقطية بين مجموعات صغيرة من المتمردين وقوات ضئيلة من الجيش السوري’. وهذه حرب استنزاف لن تحسمها معركة واحدة وهي تراكم انجازات إلا اذا غير التدخل الامريكي الامور فقلبها رأسا على عقب.
‘أصبح يبدو في هذا المساء وبسبب الصعوبات الداخلية والاقتراح الروسي الجديد أن احتمالات أن يأمر اوباما آخر الامر بهجوم، تتضاءل بالتدريج، رغم خطاباته المتشددة. لكن الامور ما زالت بعيدة عن الحسم النهائي، فالشيطان موجود في التفاصيل ويمكن أن يتحطم اقتراح المصالحة الروسية فوق عقبات كثيرة في الطريق مثل: متى يُنقل السلاح ومن يشرف عليه وكيف يُضمن ألا تبقى مخزونات في سورية، ويفضي ذلك آخر الامر الى قصف امريكي في سورية.
يبدو على كل حال أنه يمكن وبقدر كبير أن نرى أحداث الاسابيع الاخيرة تكرارا عاما للازمة التي قد تنشب في السنة التالية، حول نشاط حليفة لموسكو أقل اعلانا ألا وهي طهران، فانه يتوقع اختلاف مشابه حول البرنامج الذري الايراني ايضا وسيُبحث هناك ايضا في المستقبل، كما حدث قبل أربع سنوات، مخطط إخراج المادة الانشطارية (اليورانيوم المخصب) لاشراف ودي عليها في روسيا. قال وزير الدفاع بوغي يعلون في ‘اسرائيل هذا المساء’ ان اسرائيل سترد ردا شديدا على محاولة أعدائها جرها الى المواجهة العسكرية في سورية. وكرر يعلون النهج الرسمي الذي يعبر عنه في المدة الاخيرة بتنسيق مع رئيس الوزراء ورئيس هيئة الاركان. ومع كل ذلك يبدو أنه أفضل أن تبدأ اسرائيل مضاءلة عدد التصريحات المعلنة وأن تنتظر القرارات الحاسمة التي ستُبت على كل حال في واشنطن وموسكو لا في القدس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يصنعون نظاما لا عدلا
بقلم: اسحق بن اسرائيل،عن يديعوت
إن جزءا من الجمهور في اسرائيل غاضب على الرئيس باراك اوباما لأنه ‘يتلوى’، ولا سيما في قراره طلب موافقة مجلس النواب على الهجوم على سورية. ويُظهر جزء آخر تفهما لبواعثه (فهو بعد كل شيء زعيم الديمقراطية الدستورية الاولى في العالم)، لكنه يزعم أن ما يلائم امريكا لا يلائم الشرق الاوسط: فـ’الزبائن’ (أي جيراننا) هنا فهمهم صعب ويرون كل اجراء ديمقراطي تعبيرا عن الضعف. وهناك من يراقبون ما يجري في سخرية وهم مشحونون بالدعاوى كحبة رمان ويقولون: كيف استيقظت امريكا بعد أن قُتل بضع مئات من المدنيين بالغاز ولم يطرف لها جفن حينما قُتل نحو من 100 ألف مدني بطرق اخرى؟ ما قيمة العدل والاخلاق في أيامنا؟ وماذا يجب أن نتعلم من ذلك عن المساعدة المتوقعة لنا من العالم المتنور حينما نقع نحن، لا سمح الله، في ازمة مشابهة؟
يطلب كثيرون في اسرائيل باسم العدل والاخلاق أن يخرج الرئيس الامريكي وفورا في هجوم على مجرم الحرب الذي يرأس الدولة السورية. إن هذا الموقف فضلا عن انه يعوزه أقل قدر من الفهم الاستراتيجي، ليس اخلاقيا. فلماذا يُوجه الى امريكا أصلا؟ في حين توجد دول اخرى في العالم جيوشها قوية ويستطيع سلاحها الجوي بسهولة نسبية أن يعاقب سورية مع أقل قدر من تعريض حياة مقاتليها للخطر.
وإن طائفة منها لا توجد وراء المحيط وما يجري في سورية أشد اتصالا بها من اتصاله بمواطني الولايات المتحدة، بل توجد دول برهنت في المدة الاخيرة فقط، لا مرة ولا مرتين، على أن سلاحها الجوي يستطيع أن ينفذ عمليات كهذه في سورية بحسب أنباء اجنبية منشورة، على الأقل. ولست أقصد الدول العربية (التي تؤيد هجوما امريكيا) أو دول اوروبا (المتحفظة) بل اسرائيل. كيف يُزعزعنا عدم رغبة دولة تقع في طرف العالم الآخر في التدخل في سورية، ولا نطلب هذا من أنفسنا؟ كم من الآباء الاسرائيليين مستعدون لارسال أبنائهم وبناتهم للتدخل في سورية؟ ولماذا تفعل هذا أم في منيسوتا أو أب في كاليفورنيا؟
إن الاخلاق كما علمنا عمانوئيل كانت، كلية. فليس من الاخلاق أن يُطلب من الآخرين شيء نستطيعه نحن أنفسنا، لكننا لا نريد أن نفعله. ولقد قال حكماؤنا من قبل: لا تفعل بصديقك ما تكرهه.
اذا تجاوزنا عدم النفاد الاخلاقي في هذا الموقف فانه يعبر ايضا عن عدم فهم استراتيجي، فالولايات المتحدة لم يستقر رأيها على التدخل في سورية بسبب الصور الفظيعة لمذبحة المدنيين في ريف دمشق، التي تشير الى أن المتمردين ينفذون أعمالا فظيعة مشابهة، لذا فلا يعرف الوضع على حقيقته. لا تعلم الولايات المتحدة (كاسرائيل ايضا) هل يفضي سقوط الاسد الى نظام أفضل أو اسوأ في سورية، وليست على يقين من أنه لن تحدث بعد سقوط الاسد مذابح وانتقام السنيين من العلويين تغطي على قتل المواطنين الحالي.
فلماذا اذا استقر رأي الولايات المتحدة على التدخل مع كل ذلك؟ لأنها لا تستطيع باعتبارها زعيمة العالم المتنور، وباعتبارها تقوم بالفعل بعمل الشرطي العالمي، أن تسمح لكل وغد أن يستعمل سلاحا غير تقليدي.
واذا تجاوز العالم في صمت الاخلال بهذا المعيار فلن يكون من الممكن بعد ذلك الحفاظ على النظام في العالم، وستجد الولايات المتحدة نفسها في مشكلات تأخذ في الاتساع في أنحاء العالم كله. وهذه مصلحة امريكية واضحة وهذا هو السبب الذي جعل الرئيس اوباما يقول قبل سنة إن استعمال السلاح الكيميائي خط أحمر.
وهذا هو السبب الذي سيجعل الرئيس الامريكي حينما يحين الوقت واذا تجاوزت ايران الخط الاحمر الذري، يستقر رأيه على الهجوم على المنشآت الذرية، لا للحاجة الاخلاقية الى انقاذنا ولا بسبب العلاقة الودية مع رئيس وزرائنا، بل لأن هذه هي المصلحة الامريكية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الاتفاق الذي سيسقط الاسد
بقلم: د. مردخاي كيدار ،عن معاريف
مثلما تبدو الامور في لحظة كتابة هذه السطور، يتبلور من خلف الكواليس اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، أو على نحو أدق بين بوتين واوباما. وسيؤدي الاتفاق الى رقابة دولية على مخزون السلاح الكيميائي في سورية؛ سيمنع أو يقلص طلعات سلاح الجو السوري فوق المدن في الدولة؛ سيحظر استخدام الصواريخ ضد معارضي النظام؛ والاهم من كل هذا سيقرر انتخابات حرة من دون الاسد كمرشح. كل هذا من أجل اعطائه الفرصة للتهرب من ضربة عسكرية أمريكية، لا يرغب اوباما رغم النبرة التصميمية التي تبناها في توجيهها.
لنفور الرئيس الامريكي من العملية توجد عدة أسباب، الاول هو قلة الاهداف العسكرية التي يمكن الهجوم عليها في سورية، لانه منذ بدأت الاحاديث عن الهجوم ‘نظف’ الجيش السوري كل المعسكرات وأخرج منها القوات، السلاح، الذخيرة والعتاد. والسبب الثاني هو ان جيش الاسد نثر مخزونات السلاح الكيميائي داخل المدن التي توجد تحت سيطرته، وهكذا جعل عشرات الاف الاشخاص دروعا بشرية، لان من سيهاجم المخزونات سيصفي تجمعات سكانية كاملة. والسبب الثالث هو أن جيش الاسد نقل الى أهداف السلطة مئات السجناء السياسيين الذين يشكلون هم ايضا دروعا بشرية، ومن سيهاجم مثلا قصر الرئاسة سيصفيهم هم أيضا.
كما أن تعزيز القوة البحرية الروسية في البحر المتوسط لا يشجع اوباما على الهجوم في سورية، لانه لا يريد أن يؤدي الى تصادم مع روسيا على خلفية ما يجري في المنطقة. وفي الخلفية توجد أيضا امكانية أن يؤدي هجوم امريكي في سورية الى ‘احداث خطرة’ في الخليج الفارسي، مثل التفجيرات الغامضة في منشآت النفط، وغرق ‘بالصدفة’ لناقلة في ميناء نفط سعودي، وحريق ‘غير واضح’ في بئر غاز قطري مما يعرف الجميع أن ايران تقف خلفها. ماذا سيحصل عندها لاسعار الوقود التي يدفعها الامريكيون من أجل الوصول الى العمل؟
بتقديري أن تركيا والاردن ايضا الحليفان التقليديان للولايات المتحدة يخشيان مزيدا من التدهور في سورية، الذي قد يحدث جراء الضربة الامريكية، وذلك لانهما سيضطران الى معالجة فيض اللاجئين المتعاظم، كما أنهما قد يعانيان من صواريخ الانتقام من الاسد، الذي قد يستخدمها انطلاقا من منطق ‘عليّ وعلى أعدائي يا رب’. ولان الامريكي في الشارع، الناخب لاعضاء الكونغرس، ليس قلقا حقا من عربي يقتل عربيا، يمكن الافتراض بان عضو الكونغرس العادي سيصوت ليس انطلاقا من قلق أخلاقي على السوريين وحياتهم، بل انطلاقا من قلق مصلحي على اعادة انتخابه في الانتخابات القريبة القادمة.
في مثل هذا الوضع العسير، لا غرو أن اوباما يبحث عن سلم كي ينزل عن شجرة الخطوط الحمراء التي تسلقها، ولا سيما اذا كان يمكنه أن يظهر أمام الكاميرات ويقول: ‘نجحنا في أن نملي على الاسد شروط استسلام من دون أن نطلق رصاصة واحدة’. اما الاسد فبالطبع سيقول: ‘نجحت في ردع أمريكا’، والايرانيون سيواصلون الضحك على الامريكيين كل الطريق الى القنبلة. والاوروبيون سيواصلون بيع سورية وايران مواد خام لاسلحة الدمار الشامل، والروس سيضحكون على الولايات المتحدة التي أثبتت مرة اخرى بانها نمر من ورق.
اسرائيل، السعودية، قطر، الاردن وتركيا ستصر على الاسنان غضبا بسبب حقيقة أن واشنطن خيبت أمل حلفائها مرة اخرى. اصدقاء الولايات المتحدة ملزمون باستخلاص الاستنتاجات بالنسبة لمدى اعتمادهم عليها في مسائل مصيرية، مثل التخلي عن ذخائر استراتيجية مقابل وعود وضمانات أمريكية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لماذا يُسفك دم غربي في سورية؟
بقلم: عنات ويلف ،عن هارتس
فكرة أن الديمقراطيات لا يحارب بعضها بعضا، أعني ‘نظرية السلام الديمقراطي’، تقوم في جملة ما تقوم عليه على فرض أن الجماهير في الدول الديمقراطية يؤيد بعضهم بعضا، بسبب القيم التي يشتركون فيها. إن هذه النظرية هي التي جعلت الرئيس جورج بوش الابن مثلا يعمل في الدفع بالديمقراطية قدما في الشرق الاوسط. فقد كان يرى أن الشرق الاوسط الديمقراطي سيفضي الى واقع سلام.
لكن يبدو في السنوات الاخيرة أن سقف خروج الديمقراطيات للحرب لا على ديمقراطيات اخرى فقط، قد أخذ يرتفع، وأننا نسير نحو مرحلة لن تخرج فيها الديمقراطيات الى حروب البتة، واذا اضطرت اليوم ايضا الى القيام بعمل عسكري فان الدول الديمقراطية تفضل عمليات عسكرية محدودة جدا وضيقة جدا، ومن المرغوب فيه أن تكون بمشاركة ديمقراطيات اخرى وأن تنتهي في مدة قصيرة وأخذ سقف الخروج الى هذه العمليات يرتفع ايضا وتصبح نادرة جدا.
لا ينبع الارتفاع الشديد لسقف الخروج للحرب في الديمقراطيات من الحاجة الى الحصول على موافقة برلمان الدولة على العملية، بل من انخفاض مستمر ايضا لثقة الجمهور بالجهاز الحاكم. وليس الحديث فقط عن البريطانيين والامريكيين الذين لم يتحرروا الى الآن من صدمة الحرب في العراق وافغانستان، بل عن مواطني جميع الدول الديمقراطية الذين يصعب عليهم اليوم أن يثقوا بقادتهم وأجهزتهم الأمنية.
يطلب الجمهور في هذه الدول قدرا أكبر من الشفافية من قادته، الذين يريدون أن يقودوه الى الحرب. ويُطلب الى القادة أن يقدموا معلومات كثيرة ومفصلة وأن يُجيبوا عن اسئلة صعبة وأن يكشفوا عن مسارات اتخاذ القرارات، بل أن يُشركوا الجمهور فيها مباشرة وبواسطة مندوبيه. ويريد الجمهور لا أن يعلم فقط ما هي اسباب الخروج الى الحرب، بل ما هي النتائج المتوقعة ايضا، وأن يتأكد لديه أن كل السيناريوهات المحتملة لتطور الحرب يتم وزنها بصورة عميقة.
والى ذلك فان المعلومات الكثيرة والمتنوعة التي توجد اليوم في الفضاء العام تُمكّن الأفراد من تحليل التقديرات الاستخبارية التي هي أساس الحرب، وأن تصدر بواسطة ‘حِكمة الجماهير’ تقديرات بديلة ذات نوعية عالية كانت في الماضي من نصيب أجهزة الاستخبارات المتقدمة فقط. وتُدخل الاحتجاجات الاجتماعية والكشف عن وثائق وخطط سرية صباح مساء الى الوعي العام الشك الدائم في تقدير السلطة والقوى الاقتصادية والبيروقراطية التي قد تحث على الحروب. إن تلك القوى التي تضعضع نظم الاستبداد القديمة في العالم وتُمكّن ملايين الناس من طلب الحرية هي في واقع الامر التي تجعل من الصعب على الديمقراطيات القائمة أن تخرج الى حروب مهما يكن نوعها.
واذا تجاوزنا هذه الظواهر الواسعة في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط فان الشعور المتراكم هو أنه لا يمكن أن ينتج أي شيء حسن من التدخل في المنطقة. والشرق الاوسط اليوم بهذا المعنى يشبه افريقيا قبل بضعة عقود، فهو ثقب أسود لحروب أهلية وقومية وقبلية، وهو مكان يثير الشفقة يمكن تجنيد النفس للنشيد والتبرع لأجله، لكنه ليس مكانا يحسن أن تُهدر لأجله حياة مواطنين غربيين.
لهذا حينما يجري الحديث عن خروج لحرب في المنطقة، سواء أكان الحديث عن هجوم على سورية أو على ايران فان البحث في سؤال هل اوباما زعيم متردد أم صاحب تصميم، وضعيف أم قوي ليس ذا موضوع. إن جميع الزعماء في جميع الديمقراطيات يعملون اليوم في محيط عام يختلف جدا عما كان في الماضي وتحت قيود أشد مما كان في الماضي. إن رفض الديمقراطيات للقتال أقوى من كل زعيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
موقف المصريين مما يجري داخل القطاع
بقلم: د. رؤوبين باركو،عن اسرائيل اليوم
فشلت بمعجزة محاولة مخرب منتحر يبدو أنه من سيناء في استعمال سيارة مفخخة على وزير الداخلية المصري في الاسبوع الماضي. وأُضيف الى ذلك عملية قاتلة وسلسلة مظاهرات لا تنتهي، في اطار الفوضى التي يطمح اليها قادة الاخوان المسلمين بغرض زعزعة مصر لاعادة مرسي الى الحكم.
رغم تصريحات قادة الاخوان المسلمين بأنهم يعارضون العنف واستعمال السلاح يلوح تصعيد كبير في نشاطهم، وازاء ذلك تزيد قوات الامن المصرية في الضغط عليهم. وفي اطار نشاط أمني معزز اعتُقل ناشطون كبار آخرون من قيادة الاخوان وسُجن مصلون في مسجد مركزي في مدينة أسيوط اثناء صلاة يوم الجمعة. وبوحي من شيخ الأزهر محمد الطيب الذي يعمل بتفاهم وتنسيق مع الحكومة الجديدة، أُقيل أئمة وعُين في اماكنهم خريجون من مؤسسة الأزهر فقط موالون للسلطة، بل إن الحكومة تزن إخراج الاخوان المسلمين خارج القانون.
يشمل العلاج الجذري لمساعدي الاخوان المسلمين أطراف سيناء ايضا، التي أصبحت جيبا انفصاليا للارهاب الاسلامي وخرجت منها العمليات الارهابية التي وجهت على عسكريين وعلى أهداف استراتيجية في مصر. ويوجه جزء من هذه الخطوات ايضا على حماس التي لها صلة بنشاط تآمري وبعمليات في مصر مساعدة للمنظمة الأم، الاخوان المسلمين.
تُعاني حماس أعراض ‘الملك ميديس′، فمعها مال كثير جمعته من صناعة الأنفاق الى أن تم القضاء عليها، لكنه ازاء الدمار والخنق على حدود رفح لا يوجد شيء يشتريه رجال الحركة بهذا المال. وتنهار في هذه الاثناء نظم البنى التحتية والطبية والاقتصادية، وتستعد حركات احتجاج مثل ‘تمرد’ في مدن القطاع لمسيرات ضخمة موجهة على حماس.
على حسب ما تقول الصحيفة الاسبوعية ‘وطن’ التي تعتمد على موقع الانترنت ‘أسرار عربية’، تنظم نفسها في سيناء، عصابة مسلحة من مقاتلي فتح بقيادة محمد دحلان، هدفها الدخول الى القطاع بمساعدة مصرية والقضاء على حكم حماس. وحتى لو كان الحديث حتى الآن عن ستار دخان فقط فان حماس تخشى امكانية أن تُشعل فتح نارا عليها في ساحتها الخلفية.
طُردت فتح من القطاع بعد الانتخابات في 2006، لكن السلطة الفلسطينية لم تتخل قط عن رغبتها في العودة الى حكم القطاع وأن تكون قائدة الشعب الفلسطيني في هذه المنطقة ايضا. بيد أن حماس التي تمتعت بوضع سياسي أخذ يتحسن في نهاية عهد مبارك وعلى عهد مرسي في الأساس، شعرت بأنها الحاكمة الوحيدة وتجاهلت أبو مازن وجهود مصالحته. لكن حينما وجهت الدعاوى على الفلسطينيين بسبب الانقسام بينهم أدركوا في حماس أنه توجد مشكلة يجب تجاوزها كي يُنظر إليهم على أنهم كيان واحد. وتمت في الحقيقة عدة لقاءات كهذه في محاولة للمصالحة بين الطرفين، لكن خالد مشعل واسماعيل هنية أفشلا هذه الجهود على نحو منهجي. والآن بقيت المنظمة وحيدة بسبب سقوط مرسي وبسبب فقدان مراكز دعم حماس في ايران ولبنان وسورية.
توجد في الميدان إشاعات عنيدة تقول إن فتح لم تتخل عن السيطرة على القطاع من جديد وقد تفعل ذلك بمساعدة من مصر. إن العلامات التي تشهد على القضاء على البنى التحتية لحماس في رفح المصرية وفي سيناء، ومقدار المشاركة المتزايدة للاستخبارات والجهات الامنية المصرية على حدود القطاع، والمصالح المشتركة مع فتح، تشهد على أن المصريين لن يجلسوا مكتوفي الأيدي ازاء ما يجري في داخل القطاع ايضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ