Haneen
2013-12-05, 10:41 AM
اقلام واراء اسرائيلي 445
21/9/2013
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
نتنياهو يسير بحزبه في بحر عاصف
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
لا يوجد ملك في الغابة
بقلم:آريه شافيت،عن هآرتس
بالاجمال هو مجرد عامل فلسطيني
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
عودة الشهداء
بقلم:جدعون ليفي/ واليكس ليباك،عن هآرتس
‘القاعدة’ فوق بحيرة طبرية
بقلم:اريئيلا رينغل ـ هوفمان،عن يديعوت
</tbody>
نتنياهو يسير بحزبه في بحر عاصف
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
‘نشر الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر هذا الاسبوع مقالا عن الشرق الاوسط هذه الايام. فكارتر يعتقد أن رئيس الوزراء نتنياهو وصل الى اعتراف تاريخي بالحاجة الى سلام مع الفلسطينيين لانقاذ مستقبل اسرائيل اليهودي والديمقراطي. يمكن التشكيك بهذا التقدير. ثانيا، كارتر مقتنع بانه يمكن أن يكون لنتنياهو شركاء كبار في حزبه، يحركونه على نحو مفاجئ نحو تنازلات لم يفكر بها. ويبحر كارتر الى ايام مؤتمر كامب ديفيد الاول الذي دعا اليه هو في العام 1978. وهناك هاتف مناحم بيغن ارييل شارون الذي كان شخصية يمينية قوية في الليكود كي يطلب الاذن للتنازل عن البلدات الاسرائيلية في بتحات رفيح. وحسب كارتر فان شارون هو الذي منح القوة لبيغن للتوقيع على اتفاق السلام مع مصر.
فهل يوجد شارون موديل 2013 الى جانب نتنياهو؟ هذا ما يمكن التعاطي معه بشك. فكبار شركاء نتنياهو في الليكود عرضوا هذا الاسبوع على المزاد العلني بضاعتهم السياسة. نحن في ايام العيد، وكل واحد يريد أن يري ان له جمهورا مؤيدا أكبر، بل ورسائل يمينية اكثر حزما، مثلما يحب الليكوديون أن يفعلوا. جدعون ساعر رفع نخبا في قاعات ايست. ويوم الاحد الماضي أجرى سيلفان مناسبة في ذات المكان وجاء ساعر ليقدم الاسناد. سيلفان، بشكل عام رمز اعتدال، هزأ من المفاوضات السياسية التي يستطيبها جيمي كارتر وجون كيري كثيرا هو الاخر. ‘هل يؤمن احد بانه سيكون هناك اتفاق دائم في غضون تسعة اشهر؟’ سأل سيلفان بابتسامة، في ظل استمتاع الجمهور.
‘وهكذا، تنخرط’ الصراعات الداخلية في الليكود جيدا مع الخطوات السياسية التي يريد نتنياهو ربما أن يقود. من يريد أن يكون شعبيا في الليكود يعرف كيف يوضح لرئيس الوزراء انه سيحظى بالتعاون حتى اللحظة التي نتقدم فيها الى اتفاق مع الفلسطينيين. من هنا لاحقا يوجد خياران: إما أن يطلق الليكود أو أن يطلقه الليكود. زئيف الكين، نائب وزير الخارجية، وصل هذا الاسبوع الى مناسبة سيلفان واقتبس عن خطاب نتنياهو الشهير في مركز الليكود في 2002 ضد دولة الفلسطينية. وحظي بالهتاف. داني دانون، نائب وزير الدفاع قال ان ‘معظم وزراء الحكومة سيسقطون كل حل لدولة فلسطينية’.
‘يوم الاثنين، غداة اجتماع سيلفان، ذهب الوزير اسرائيل كاتس الى لقاء مع رئيس الوزراء. وفي طريقه الى المكتب نشر البيان التالي: ‘في اللقاء ستطرح بالتأكيد مواضيع وطنية وشخصية. من جهة حلف سياسي يمتد سنين وشراكة في الفعل وفي اصلاحات مهمة. من جهة اخرى أنا قلق جدا من الطريقة التي دخلنا فيها الى المفاوضات السياسية، ولا سيما مسألة تحرير المخربين. من ناحيتي الخط واضح. اسناد لرئيس الوزراء والتعاون في’ المواضيع الرسمية وبالمقابل مواصلة الاصرار على مبادئي في المواضيع الوطنية. اما بالنسبة لموضوع تغيير اسم الوزارة فلا اعتزم الحديث’.
‘اللقاء لم يعقد في النهاية. رئيس الوزراء هو الاخر يريد أن يجري الاحتفالات، وكاتس علق في مناسبة رفع النخب في ديوان رئيس الوزراء، ويوم الاحد القادم سيعقد كاتس حدثا خاصا به في بيته في كفار احيم. الاف من رجال الليكود يصلون الى هناك كل سنة ليظهروا من هو الرجل القوي في الليكود. من المعقول الافتراض بان كاتس سيلقي هناك خطابا استفزازيا بالروح الوطنية المعروفة، كي يري نتنياهو أين يقف. في آب/اغسطس، كما يذكر، صوت كاتس في الحكومة ضد تحرير السجناء. وادعى كاتس ان نتنياهو اخذ في اعقاب التصويت اصطلاح ‘البنى التحتية، الذي الصق بوزارته ونقله الى وزارة النقب والجليل برئاسة سيلفان شالوم. وتباهى الوزير شالوم نفسه هذا الاسبوع في العلاقات المحسنة التي له مع نتنياهو.
في المناسبة التي يعقدها كاتس لن نجد، على نحو شبه مؤكد، الوزراء شالوم، ساعر وجلعاد أردان. الثلاثة، بالتعاون مع موشيه فايغلين حاولوا في الانتخابات الداخلية الاخيرة تنحية كاتس عن منصبه كرئيس لسكرتاريا الليكود، ولكنهم فشلوا. وكاتس مصمم على تشكيل لجنة تحقيق تفحص فشل قيادة الانتخابات في الليكود التي ترأسها ساعر واردان. اما نتنياهو نفسه فيلعب على مركز الملعب، يوزع القوات، يبني التوازنات، يعزز الضعفاء ويضعف الاقوياء، وكل شيء حسب المصلحة الفورية. في هذه اللحظة يرتبط نتنياهو بمحور سيلفان ـ ساعر ـ اردان الى أن تتغير خريطته للطريق.
كاتس يجد نفسه في وضع كحلون الشعبي، الذي اضطر الى رفع اليدين والخروج الى مهلة بعد أن نكل به رئيس الوزراء ومساعدوه. فهل سيتصرف مثله؟ ‘انا لن أذهب الى أي مكان. ليس عندي نية كهذه’، قال كاتس لمن سأل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا يوجد ملك في الغابة
بقلم:آريه شافيت،عن هآرتس
الحدث الكيميائي السوري كان حدثا خطيرا. فلاول مرة منذ سنوات استخدم سلاح دمار شامل ضد سكان مدنيين، والولايات المتحدة تلعثمت امام التحدي. لاول مرة منذ سنوات روسيا هي التي أنقذت الوضع، وهكذا عادت لان تكون بمثابة قوة عظمى. لقد غيرت الازمة السورية من الاساس مكانة الامريكيين والروس في الشرق الاوسط. مازلنا لا نعرف ماذا سيحصل في المعارك التالية، ولكن دروس المعركة السورية الاولى هي دروس بعيدة الاثر.
أمريكا.. واضح تماما اليوم ان أمريكا فقدت شهيتها الامبريالية. في العالم الحقيقي، الولايات المتحدة لا تزال القوة العظمى في العالم. قوتها الاقتصادية والعسكرية تفوق قوة أي أمة اخرى. ولكن الولايات المتحدة تعاني من صدمة معركة ومن الانهاك النفسي. فالحروب الزائدة في العراق وفي افغانستان تؤثر عليها الان، مثلما أثرت الحرب العالمية الاولى على فرنسا وبريطانيا ما قبل الحرب العالمية الثانية. وكنتيجة لذلك، ليس للقوة العظمى الامريكية الرغبة اللازمة لممارسة قوتها بحزم وليس فيها الوعي اللازم كي تمارس قوتها بحكمة. الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لان تدفع الاثمان التي ينطوي عليها كونها قيصر العالم. وفي ظل عدم وجود قيصر، القرن الامريكي يتبدد امام ناظرينا.
روسيا.. بعد الازمة السورية، واضح تماما أن روسيا هي صورة مرآة لامريكا. في العالم الحقيقي قوتها لا تزال محدودة للغاية. قوتها الاقتصادية العسكرية لا تبدأ بمنافسة قوة الولايات المتحدة، ولكن لروسيا يوجد ما فقدته أمريكا: الشهوة الامبريالية والفهم الامبريالي. روسيا ايضا غير مكبوحة الجماح من خلال اعتبارات اخلاقية والتزامات ديمقراطية. وهي لا تدير ظهر المجن لحلفائها. فهي لا تهجر أي معقل استراتيجي. الطغيان المتهكم لبوتين فاسد مع طغيان القوة للشرق الاوسط مثلما لم تعد واشنطن الديمقراطية تعرف كيف تتحدث معهما. ورويدا رويدا روسيا تملأ الفراغ الذي يخلفه الامريكيون وراءهم في غرب آسيا.
الشرق الاوسط.. الازمة السورية اثبتت مرة اخرى ان المواجهة التاريخية بين العالم العربي والدولة اليهودية ليس مثلما كانت. حيال المحور الراديكالي يقف اليوم تحالف استراتيجي حميم بين اسرائيل ومصر، السعودية، الاردن وامارات الخليج. السُنة المعتدلون والاسرائيليون الواعون نظروا باشمئزاز الى الشكل الذي تصرفت فيه الولايات المتحدة في الشهر الاخير. في أعقاب سورياة توصل السُنة المعتدلون والاسرائيليون الواعون الى الاستنتاج بانهم وحدهم. تماما وحدهم. وعندما لا يكون لهم اب امريكي مسؤول فان نتنياهو، السيسي والانظمة الملكية العربية ينفسون الواحد للاخر. تحالف اليتامى العربي الاسرائيلي الجديد يصبح الان القوة الاهم في الشرق الاوسط. وهو كفيل بان يعطي ثمارا مفاجئة.
باراك اوباما.. شعار الانتخابات الاسطوري للمرشح الديمقراطي للرئاسة في حملة انتخابات في 2008 كان نعم نستطيع Yes, We Can. وفي اعقاب الازمة في سورية فان اللاعبين الاقوياء واللاعبين الشرق أوسطيين توسطوا جميعهم على حد سواء الى الاستنتاج المعاكس. لا، لا يستطيع. No, He Can’t. ولا يهم على الاطلاق اذا كان تصرف نتنياهو كما ينبغي أم لا. الانطباع الناشئ في الغابة هو أنه لا يوجد ملك للغابة كون الاسد فقط رغبته في المُلك. ولهذا الانطباع قد تكون آثار شديدة. وكمن يؤمن بحكمة واستقامة اوباما، فان كاتب هذه السطور يطلب لان يكون الرئيس الامريكي هو الذي في النهاية يستنتج الدرس الاهم من الازمة السورية: أمريكا يجب ان تصحو ورئيسها يجب ان يعيدها الى مكانة القيادة العالمية. من يتصرف مثل كارتر ذ سينتهي مثل كارتر. من يتصرف مثل روزفيلت سيذكر مثل روزفيلت. باراك اوباما والقوة العظمى برئاسته يجب أن يقررا أخيرا من هما ولاين يتجهان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بالاجمال هو مجرد عامل فلسطيني
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
عامل بناء فلسطيني يصاب بسكتة قلبية اثناء عمله. رب عمله، مقاول اسرائيلي، مع شخص آخر، يحملان العامل الى الشارع، يلقيان به على قارعة الطريق، يتركانه لمصيره ويسارعان الى الانصراف من المكان.
هكذا حسب الشهادات، انتهت حياة احسان سرور، ابن 57 وأب لستة أطفال من مخيم عسكر للاجئين قرب نابلس.
الشهادات التي جمعت في المكان تثير أسئلة صعبة، ليس فقط عن المقاول رب العمل، بل ايضا عن دور الشرطة. وحسب الشهادات، فان الشرطي الذي وصل الى المكان أبعد شهود عيان حاولوا ابلاغه ان سرور ترك لمصيره حتى مات، لم يأخذ شهادات، لم يسجل تفاصيل شهود العيان وفقط صرفهم عن طريقه.
وروى شقيق سرور غداة نشر الحالة، ان الراحل عمل في اسرائيل في العشرين سنة الاخيرة، لاعالة عائلته. وعلى حد قوله، ففي قسم من الوقت كان لدى الراحل تصريح عمل، ولكن مفعوله نفد، الامر الذي جعله يتسلل الى اسرائيل، ويختبئ في اماكن خفية ويعود الى بيته مرة كل اسبوعين او ثلاثة اسابيع. سرور هو مجرد واحد من آلاف الفلسطينيين الذين ليس لهم مصدر رزق آخر، غير التسلل الى اسرائيل والعمل غير القانوني فيها.
ترفع هذه الحالة الى النقطة الاقصى، المعاملة المهينة تجاه اولئك الذين يسعون الى الرزق، سواء من جانب مواطني اسرائيل أو من جانب السلطات. وهي تضاف الى قضية موت الماكث غير القانونيعمر ابو جريبان، الذي القي الى حتفه في حزيران/يونيو 2008 من مركبة شرطية الى قارعة الطريق، والتي كشفت النقاب هي ايضا عن معاملتهم اللامبالية تجاه حياة او موت الماكثين غير القانونيين. ولا تستوفي هذه المعاملة أي مقياس، قانوني أو اخلاقي، وهي تشكل وصمة عار في جبين المجتمع والدولة الديمقراطية التي تتطلع الى حماية حقوق الانسان.
بعد النشر في هآرتس أعلنت شرطة لواء تل أبيب بانها شرعت في التحقيق في الحدث.
وبسبب شدة الاتهامات، على الشرطة أن تضع هذا التحقيق في مكان عال في سلم اولوياتها. كما أن على الشرطة المحققة ان تشرع في التحقيق في سلوك الشرطي، وان كان من اجل تقويض الرسالة التي قد تصدر، وبموجبها شرطة اسرائيل تتصرف بشكل مختلف مع الضحايا المختلفين، استنادا الى أصلهم العرقي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عودة الشهداء
بقلم:جدعون ليفي/ واليكس ليباك،عن هآرتس
تمرة اخرى تمتلئ الازقة باعلانات الموت. ومرة اخرى تخرج جنازات الى مقبرة شهداء الانتفاضة التي امتلأت بالقبور منذ الان تماما. لا يوجد مكان للدفن، وبصعوبة يوجد مكان آخر لالصاق اعلان. ثلاثة شبان قتلوا في مخيم جنين للاجئين في الاسابيع الاخيرة، بعيدا بعيدا عن الاهتمام الجماهيري في اسرائيل. قتيل في مخيم جنين؟ حالة اعتيادية تبعث على التثاؤب. عن مقتل اسلام الطوباسي، يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع، بالكاد كتبت كلمة في الصحف. كما أن مقتل كريم ابو صبيح ومجد لحلوح في 20 آب/اغسطس، مر في اسرائيل وكأن شيئا لم يكن. الضفة هادئة ولكن ليس مخيم اللاجئين هذا: 3 من أصل 12 قتيلا فلسطينيا منذ بداية السنة هم من سكانه. الجيش الاسرائيلي يواصل اقتحامه كل ليلة تقريبا والنتيجة مسجلة في الاعلانات التي على الحائط. هذا الاسبوع ايضا، حين زرنا المخيم، سمعت اصوات اطلاق نار، ليس واضحا من اطلقها، ولكنها قريبة ومخيفة.
عشرات الشبان اعتقلوا هنا في الاشهر الاخيرة، على ايدي اسرائيل والسلطة الفلسطينية، منفذة كلمتها. زكريا الزبيدي، قائد كتائب شهداء الاقصى، الذي حظي في حينه مثابة عفو من اسرائيل، معتقل منذ سبعة اشهر في سجن السلطة في رام الله، بعد حادثة اطلاق نار في حاجز الجلمة. كما أن ثلاثة من اشقائه معتقلون في اسرائيل؛ الاخير، داهود، اعتقل قبل اقل من شهرين. أربعة آخرون من أبناء اعمامه معتقلون، في اسرائيل أو في السلطة. الاخير، نعيم، اعتقل هو ايضا قبل نحو شهرين، في السلطة الفلسطينية.
‘هذا الاسبوع ايضا، ليلة الثلاثاء، بعد بضع ساعات من خروجنا من المخيم، دخلت قوات الجيش الاسرائيلي ومستعربو وحدة يمم الخاصة التابعة لحرس الحدود الى المخيم. قتلوا الطوباسي في السابعة صباحا وهو على سطح بيته. وحسب الشهادات فان الطوباسي لم يكن مسلحا. فالجنود والمستعربون فجروا باب المدخل في بيته، صعدوا الى السطح واطلقوا رصاصتين على الطوباسي. ومع ذلك أنزلوه جريحا الى بيته، طلبوا من أخيه ان يشخصه وعندها، على حد قول أبناء البيت، اطلقوا رصاصة اخرى في بطنه. الطوباسي مات. جنازه عقد في ظهر اليوم. ابن 22 كان عند موته.
‘وهكذا وصف ما حدث، ردا على طلبنا، الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي: ‘في نشاط عملياتي اصطدمت القوات بمقاومة عنيفة تضمنت النار والقاء القنابل المعدة محليا والزجاجات الحارقة نحوها. وفي اثناء النشاط لاحظت القوة مطلوبا كان هدفا مركزيا للاعتقال في النشاط في محاولة للهرب والقت القبض عليه بعد أن اطلقت النار نحوه. وقد اصيب المطلوب بجراح خطيرة، نقل لتلقي العلاج الطبي من قبل قوة عسكرية ولاحقا توفي متأثرا بجراحه في المستشفى في اسرائيل. وكان المطلوب موضع الحديث ناشطا في الجهاد الاسلامي الفلسطيني عني باعداد العمليات الارهابية ضد قوات الامن’.
‘على مسافة غير بعيدة من بيت الطوباسي، لم تنته بعد ايام الحداد لآخرين في المخيم. وهاتان مأساتان عائليتان: والد القتيل الاول مريض جدا، والد القتيل الثاني قتل قبل نحو سنة في حادثة طرق وجده قتل على أيدي اسرائيل في بداية ايام الاحتلال.
مجد لحلوح كان طالبا في السنة الثالثة في الادارة في الجامعة المفتوحة في جنين. ابن 21. وكان يعمل في الليالي نادلا في مقهى تروبينكا في المدينة للمساعدة في اعالة عائلته. أبوه محمد مريض منذ نحو أربع سنوات بمرض دم عسير. وجهه مصفر وحديثه هزيل. وعلائم الحداد لا تزال بادية عليه جدا. وبين الحين والاخر يتجند كل المخيم للتبرع له بالدم، وتلقى محمد حتى الان مئات من وحدات الدم.
ليلة الثلاثاء، 20 من الشهر الماضي، عاد مجد من عمله كالمعتاد في الساعة الثالثة صباحا، في طريقه لاحظ قوات الجيش الاسرائيلي والعديد من المستعربين ممن اقتحموا المخيم. وعلى حد قول السكان فقد جاءوا لاعتقال ناشط الجهاد الاسلامي الشيخ بسام. وعند رؤيته القوات قرر مجد التوجه الى بيته من طريق بديل. وفي زقاق قرب بيته كان فتيان يرشقون الحجارة على الجنود، كما يروي أبوه واصدقاؤه، وبدأ الجنود يطلقون النار على راشقي الحجارة. احدى الرصاصات أصابت مجد في خاصرته. وقد قتل في المكان. وحسب ابناء عائلته لا يوجد أي احتمال في أن يكون شارك في رشق الحجارة. فقد اراد فقط العودة الى بيته بسلام من العمل، يقولون. ولسماع الصراخ خرج أبوه من بيته ووجد ابنه مضرجا بدمائه. وحمله الشباب الى سيارة الاسعاف ولكن من دون جدوى. والان يريد أبوه ان يرفع دعوى ضد الجيش الاسرائيلي. وهو يبحث عن محامٍ يمثله تطوعا. كما أن حلمه هو أن يحظى بعلاج طبي في اسرائيل، ولكنه كان مرفوضا حتى الان. في ذات الحدث اصيب ايضا علاء ابو خليفة، ابن 18، في عموده الفقري ومنذئذ وهو مستلقى مشلولا في المستشفى. جريح آخر كان كريم ابو صبيح، ابن 18، توفي متأثرا بجراحه بعد نحو عشرة ايام.
يقع منزل ابو صبيح قرب مسجد الانصار في المخيم امام مركز تخليد صغير لذكرى ابن المخيم احمد الخطيب، ابن 13 سنة حين اطلق الجنود الاسرائيليون النار عليه في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 في قباطيا. وقرر أبوه التبرع باعضائه التي زرعت في ستة مرضى اسرائيليين. والان يعلق بيان تخليد مزدوج وجديد على حائط المركز: أب وابنه يظهران فيه. الاب، صبحي ابو صبيح قتل قبل سنة بالضبط في حادثة طرق؛ ابنه كريم، ابن 17 الذي اصيب في ليل 20 اغسطس وتوفي بعد ذلك. صالون بيت عائلة ابو صبح هو الاخر تحول الى غرفة تخليد: صور الاب وابنه في كل مكان. في احدى الصور ظهر كريم وهو يرتدي قميصا أبيض وعلى رقبته ربطة فراشة حمراء. هذه هي آخر صورة للفتى، الذي التقطت له في عرس ابن عمه، قبل بضع ساعات من قتل جنود الجيش الاسرائيلي له.
وهكذا وصف الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي ما حدث: ‘الحدث الثاني وقع في اثناء نشاط عملياتي للجيش الاسرائيلي وقوات حرس الحدود لاعتقال مطلوب مشارك في عمليات ارهابية. وفي اثناء هذا النشاط تعرضت القوات الى اعتداء بالنار الحية، القاء عبوات، رشق حجارة والقاء قنابل معدة محليا، نتيجة ذلك اصيب جنديان من الجيش الاسرائيلي بجراح طفيفة. وردت القوات بالنار نحو مصادر النيران ونتيجة لذلك قتل احد المشاركين، اصيب آخر توفي نتيجة جراحه في المستشفى واصيب بجراح طفيفة بعض من المشاركين.
‘الارملة والام الثكلى، خولة، تتحدث عن ابنها فتقول: كان دوما يخاف ان يحصل له شيء بسبب الزلاجة. فقد أحب كريم التجول في المخيم وهو على عجلاتها، طفل الزلاجات في المخيم. في الخلوي الخاص به يرينا فيلما قصيرا له. كريم يلبس ملابس رياضية، ويضع حاميات على ركبتيه ويديه وخوذة وقاية على رأسه، يستعرض على الزلاجة. وقد تعلم حتى الصف التاسع وبعدها اضطر الى التوجه الى العمل في كراج كي يعيل العائلة بعد وفاة أبيه.
‘في ذات اليوم، العشرين من الشهر، عاد كريم من العرس، استبدل ملابسه وخرج الى الشارع. كانت أمه نائمة. بعد ساعة من خروجه من بيته دخل الجنود والمستعربون. اطلقوا النار على الفتى واصابوه بجراح خطيرة. ونقل كريم على عجل الى المستشفى في نابلس. وتمكن في الايام التالية من الاستيقاظ من سباته، بل والحديث الى أمه، ولكن بعد عشرة ايام توفي متأثرا بجراحه. كريم ليس مدفونا قرب والده إذ لم يكن هناك مكان في المقبرة. عندما كانت خولة طفلة رضيعة بعمر عدة اشهر في العام 1969، قتل ابوها، الشيخ حسن ابو سرية، احد اوائل القتلى في هذا المخيم المكافح، الذي لم يتوقف منذئذ عن النزف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘القاعدة’ فوق بحيرة طبرية
بقلم:اريئيلا رينغل ـ هوفمان،عن يديعوت
في الشتاء الأخير قاد جنود منظمة جبهة النُصرة، وهي الكبرى بين المنظمات الجهادية التابعة للقاعدة في سورية، هجوما خُطط له بصورة مدهشة وقوية وعنيدة، في محافظة الرقة في شمال الدولة. ونجحوا في أن يُبعدوا من هناك الموالين لنظام بشار الاسد العلوي الذين كانوا أفضل منهم من جهة القوة البشرية والتسليح، وأن يسيطروا على منطقة تعتبر حساسة بصورة مميزة لأنه يقع فيها أكبر سد على نهر الفرات.
وبعد ذلك ببضعة أشهر مكّن المقاتلون عددا من مراسلي وكالة أنباء ‘رويترز′ من الدخول الى المنطقة ورفع تقارير عما اعتقدوا أنه يحسن أن يعلمه العالم، وهو أنه رغم أن الهجوم تم بتعاون مع رجال الجيش السوري الحر، فان رجال القاعدة هم الذين يسيطرون على المنطقة. وهم الذين يُشغلون السد ويمدون السكان بالكهرباء والماء. وهم الذين يحرسون مستودعات الغلال ويضمنون إمداد المخابز بصورة دائمة. وهم الذين أعادوا الى العمل ايضا اجهزة الشرطة وتطبيق القانون التي انهارت، وجددوا عمل المحاكم، وأعادوا الجامعة المحلية الى الحياة. لقد ‘انشأوا’ كما يقول الدكتور رؤوبين إيرليخ ‘دولة في داخل دولة’. إن الكشف عن أن رجال القاعدة أسسوا في سورية دولة خاصة بهم لم يفاجئ في الحقيقة مجموعة الباحثين في مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب، المسمى باسم اللواء مئير عميت، فهذه هي طريقة عمل هذه المنظمة في العالم. لكن الذي أدهشهم سرعة حدوث ذلك تحت نظام مركزي وعنيف، من دون تسامح البتة مع التمرد. ‘إن الايقاع والسعة كانا المفاجأة الكبرى’، يقول الدكتور إيرليخ محددا كلامه وهو الذي يرأس المركز الذي يعمل في اطار المركز للتراث الاستخباري. ‘إن القصد هو ايقاع ازدياد قوتهم، والحصول على السلاح والمعدات، وايقاع وسعة الاستيلاء على بنى تحتية استراتيجية. فقد نجحوا في غضون اكثر من سنة في أن يفعلوا في سورية ما احتاجوا الى عشر سنوات لفعله في افغانستان’.
خصص اربعة باحثين من المركز عشرة أشهر اذا لم نحسب فترة جمع المعلومات التي تمت قبل ذلك بأشهر في اطار العمل الجاري لمتابعة نشاط القاعدة في سورية. وأفضى العمل النشيط الى اصدار وثيقة تُنشر الاشياء الأساسية فيها هنا لأول مرة، وهي تشمل 150 صفحة تعتمد على مصادر مكشوفة واخرى أقل انكشافا. وهي تشتمل على عشرات الصور، وعلى سلسلة طويلة من المعطيات، و’على القليل جدا من التقديرات، إن وجدت أصلا’، كما يؤكد الدكتور إيرليخ الذي نظم المواد. وتُنشر الوثيقة اليوم ايضا في موقع مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب، الذي يعمل بثماني لغات مع متوسط 200 ألف تصفح كل شهر.
اتخذ الباحثون قرار كتابة الوثيقة حينما تبين لهم أن القاعدة تزداد زخما في فرعها السوري. ‘تبين لنا أن ما ظهر هنا وهناك في وسائل الاعلام لا يُقدم الصورة الكاملة الى هذه اللحظة عن انتشار المنظمة في الدولة’، يُبين إيرليخ. ‘لم يتم الكلام بقدر كاف عن ظروف انشائها وعن بنيتها وتراتُبيتها وعن خصائص عملها وعن الايديولوجية التي توجه نشاطها وتجعلها واحدة من أخطر المنظمات الارهابية في العالم، إن لم تكن هي الأخطر. وكلما تقدمنا في العمل، أدركنا ضآلة ما نعرفه في الحقيقة عن القاعدة.
‘خرجت هذه المنظمة من صحارى افغانستان البعيدة ونجحت في السيطرة على اراض واسعة في مركز الشرق الاوسط، على حدود اسرائيل من جهة، وعلى حدود الاردن وتركيا من جهة اخرى، مع منفذ سهل الى الغرب. ويثير وجودها هنا سلسلة اسئلة حرجة أصبحت كلها عناوين رئيسة في البحث الذي كتبناه. فلم تعد هذه مجموعة متطرفين مع أحزمة ناسفة يبحثون عن برج ليفجروا أنفسهم فيه، بل هي منظمة تسيطر على مفترقات مركزية، وعلى آبار نفط وعلى مناطق مأهولة. وهي منظمة ترعى ايديولوجية قاسية قاتلة لا تسامح فيها، تُعرض سلام العالم للخطر. وليس الحديث فقط عن سلام اسرائيل أو سلام الامريكيين، بل عن سلام العالم كله. وكل هذا قبل أن نقول كلمة واحدة عن امكانية أن يستقر رأي شخص ما على تفجير هذا السد الذي احتلوه على نهر الفرات’.
جاء أوائل مجاهدي القاعدة الى سورية في مطلع الألفية الثالثة في ذروة الحرب في العراق. وقد كانت دولة الاسد شبه محطة مرور، وقاعدة إرسال لمتطوعين صبوا فيها من العالم الاسلامي خاصة، ومن العالم الغربي ايضا. وجُند الناشطون ليقاتلوا جنودا امريكيين وليقاتلوا بعد ذلك الفصائل الشيعية والكردية في العراق. ‘لكن الحرب الأهلية في سورية غيّرت اتجاه الحركة’، يقول د. إيرليخ. ‘كانت العراق في هذه المرة هي التي صدرت أول ناشطي الجهاد. وقد اختصوا بحرب العصابات واستغلوا الهرج والمرج الذي نشأ هناك للتسلل الى الداخل’.
إن ما بدأ مثل تيار معتدل من المتطوعين تحول الى طوفان بعد ذلك، ‘كلما عمّقنا متابعتهم، ولا سيما عن طريق مواقع انترنت المتطرفين الاسلاميين، ظهرت لنا ظاهرة تتجاوز كل ما كان معلوما لنا’، يقول إيرليخ. ‘نشروا في هذه المواقع قوائم طويلة جدا لشهداء ماتوا في المعارك. ووجدنا وصية لمتطوع نفذ عملية انتحارية، هي في الحقيقة العلامة التي تميز القاعدة، في معسكر للجيش السوري في منطقة القصير. وقد طلب الى رفاقه ألا يتخلوا عن جهادهم الى أن يُطبق شرع الله في الارض. ودعا ناشط من غزة قُتل اسمه محمد احمد قنيطة، هو ايضا الى الاستمرار في القتال. وخلّف ناشطون اردنيون قصائد مدح وثناء على حركة طالبان وبن لادن. وصور ناشط آخر من القاعدة نفسه بفيديو، وقال إنه بعد أن ينتهي الجهاد في سورية سيتجهون الى فلسطين، وظهرت في موقع المنظمة على الانترنت صورة قبة الصخرة في القدس ترتفع فوقها راية جبهة النُصرة’. الحديث كما يقول الدكتور إيرليخ عن آلاف المتطوعين الذين أصبح معدل وصولهم الى سورية، اذا اعتمدنا على كلام نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية التارك عمله، مايكل موريل، أعلى مما كان في ذروة القتال في العراق. ويُجند عدد منهم في مواقع على الانترنت انشأها المقاتلون بواسطة زر ‘أنشئ اتصالا’. ‘منذ نشبت المعارك، أدت منظمة حقوق الانسان في الدولة تقريرا عن 2219 قتيلا اجنبيا بين المتمردين’، يقول إيرليخ. ‘ونقلت سورية نفسها الى الامم المتحدة قائمة أسماء 142 منهم، وهي تشمل اشخاصا جاءوا من افغانستان واذربيجان وتشاد وليبيا والعراق والكويت ولبنان وباكستان والسعودية والشيشان وفلسطين’.
وتعطي صور في اليوتيوب والشبكات الاجتماعية هؤلاء القتلى وجوها. يظهر هناك مثلا حسن محمد يونس من ليبيا، وهو خريج معهد طب قُتل في صفوف جبهة النُصرة. وكان قد جُرح في الماضي في الثورة في بلده تحت حكم القذافي وعولج في الاردن وعاد الى بيته سليما تاما كي يتابع من هناك الى سورية ويموت فيها. ويمكن أن نرى في أفلام قصيرة اخرى عبد القادر من ليبيا الذي انتحر مُرسلا من المنظمة في أيلول/سبتمبر الماضي، ومحمد أمين من تونس الذي قُتل في كانون الثاني/يناير الاخير، وواحدا من المندوبين الفلسطينيين ايضا هو منتصر الزيتوني من رام الله، الذي مات قبل سنة بالضبط. وقد كان ناشطا في حماس وقضى 18 شهرا في السجن الاسرائيلي وسُرح فانتقل الى الاردن وانضم الى القاعدة في بداية المعارك في سورية.
ويظهر مُجندو القاعدة الذين جاؤوا الى سورية من الغرب في صور في الانترنت. ويمكن بتصفح قصير أن نتوصل الى سام من ايرلندا، وابراهيم المزوجي من بريطانيا، ونيومان ديمولي من كوسوفو الذي كان يرأس وحدة صاعقة تابعة للقاعدة وقُتل في آب/اغسطس قبل سنة. وتظهر الى جانبهم صور عبد المالك من الدنمارك الذي قُتل في نيسان/ابريل الاخير، وأبو كمال من السويد، ورفائيل غاندرون من فرنسا، واريك هارون من الولايات المتحدة الذي عاد الى وطنه واعتُقل هناك، ومحارب مجهول ايضا من ألبانيا ترك وراءه بحسب الصورة ولدين صغيرين متعلقين بعنقه ويبتسمان ابتسامة عريضة.
وبلغت روح التطوع الى اسرائيل: ففي كراسة مركز التراث الاستخباري التي تعتمد على نشرات في موقع ‘الشاباك’، ذُكرت حالتان لشابين من سكان الطيبة أصبحا بحسب الشبهة ناشطين جهاديين في الجارة الشمالية. وفي آذار/مارس من هذه السنة على أثر معلومة جاءت من ‘الشاباك’، اعتقلت الشرطة حكمت عثمان حسين، في التاسعة والعشرين من عمره، الذي خرج الى سورية للانضمام الى قوات المتمردين. وجرت عليه سلسلة تدريبات عسكرية وطُلب اليه أن ينفذ عملية انتحارية فرفض كما يقول. وزعم بعد عودته أنه لم يوافق على تنفيذ عملية كهذه في اسرائيل. وفي تموز/يوليو من هذه السنة اعتقل عبد القادر عفيف، في السادسة والعشرين من عمره، المشتبه فيه أنه خرج لدراسة الصيدلة في الاردن وانضم الى المنظمات السلفية الجهادية وجُند لجبهة النصرة. يقول تقرير نشرته شركة ‘جينس′ هذا الاسبوع إن نصف المتمردين في سورية الذين يبلغ عددهم العام نحوا من 100 ألف، هم متطوعون جهاديون. ويقول إيرليخ: ‘يبدو لي هذا مبالغا فيه شيئا ما. إن القاعدة خبيرة عالمية بتشويه المعلومات التي تأتي دائما مع دعاية نفسية. ومن مصلحتها أن تزيد في الأعداد فهي لا تعطي معطيات دقيقة. والسوريون من جهتهم يتابعون هذا الخط ويزعمون أن عشرات آلاف المتمردين ينتمون الى منظمات جهادية ترعاها القاعدة لأنهم في دمشق يعرفون الخوف العالمي من المتطرفين الاسلاميين. والشيء الواضح هو أن الحديث عن أهم منظمة بين المتمردين لها أكبر تأثير في سير المعارك.
‘قبل سنوات كثيرة جدا، حينما كنت ضابط بحث في ‘أمان’ ‘، يقول العقيد (احتياط) إيرليخ، ‘التقيت في لبنان شخصا درزيا رفيع المستوى جدا. وقال لي إنهم يريدون أن يؤدوا دورا مركزيا في الحكومة التي ستنشأ هناك. قلت له: أنتم 3 أو 4 في المئة من السكان. فكيف تريد أن تكون عاملا مركزيا في السلطة؟ فأجابني: لأنك تحسب بحسب الرؤوس. لكن يجب الحساب في لبنان بحسب الخصى، والمعذرة عن هذا التعبير’. وينطبق هذا على القاعدة ايضا فليس الحديث عن عدد الرؤوس، بل عن الايديولوجية والايمان الذي لا هوادة فيه الذي يأتي مع استعداد للتضحية لا حد له’.
ويُعرف الدكتور إيرليخ هذا التشدد بأنه وباء. ‘وهذه مسألة حاسمة لأن عملاءها سينشرون ذلك في أنحاء العالم. إن كل واحد من هؤلاء تجري عليه سلسلة التدريبات والاعداد القلبي في سورية، اذا لم يُقتل هناك وعاد الى بيته، يكون خطرا كبيرا على دولته الأم: مصر أو بريطانيا، وليبيا أو جمهورية الشيشان واسرائيل أو كندا. وكل عميل اذا أردنا أن نصوغ العبارة بصورة فظة، يحمل جراثيم عنيفة بصورة مميزة’. يجب على البيت الابيض أن يكون قلقا جدا من سيطرة القاعدة على سورية. لكن ما الذي يُخيف موسكو؟
‘يوجد عند الامريكيين ولا سيما بعد كارثة التوائم سبب جيد يدعو الى أن يكونوا قلقين. فسيطرة المجاهدين على سورية تعني أن الولايات المتحدة خسرت كل قدرة على التأثير تملكها، والقدرة على استعمال التوازنات والكوابح هناك. ويفهم الروس ايضا ذلك ويخشى هؤلاء واولئك تصدير هذه الأجندة الى بلديهما أو الى بلدان مجاورة. وإن احتمال سيطرة المجاهدين على جمهورية الشيشان يقلق موسكو جدا. هذه مسيرة أفغنة: فهناك ناشطون يكتسبون مهارات قتالية في مكان في العالم ويطبقونها في مكان آخر. وهؤلاء الاشخاص يحملون جراثيم وباء ذي مرحلتين: المرحلة الخفية التي يأكل فيها الجسم من الداخل من دون أن يعلم المريض أن هذا ما يحدث، والمرحلة الظاهرة التي يخرج فيها الى الخارج لكنه يكون قد اصبح في كامل قوته’.
‘كان يعيش في سورية 22 مليون ساكن قُبيل الحرب الأهلية. 87 في المئة منهم مسلمون، و10 في المئة مسيحيون و3 في المئة من الدروز. وإن 74 في المئة من عامة المسلمين سنيون و11 في المئة علويون و2 في المئة فقط شيعة. ويُدافع مقاتلو حزب الله عن هذين الاثنين في المئة برعاية ايران ودعمها الكثيف. يدافعون عنهم وعن قبر الست زينب.
إن الست زينب هي إبنة الامام علي بن أبي طالب، وهي حفيدة النبي محمد. وقبرها هو الأقدس عند الشيعة في سورية وهو مركز حج من العالم كله يزوره نحو من 4 ملايين انسان كل سنة. وتدور في الاشهر الاخيرة حول هذا الموقع معارك قوية، فناشطو جبهة النصرة يحاولون مرة بعد اخرى هدمه. وقد قصفوه وأرسلوا اليه سيارات مفخخة ودراجة هوائية مفخخة بعد ذلك ايضا، وكل ذلك من دون نجاح ازاء قوات حزب الله. ‘إنه مكان مقدس جدا للشيعة’، يقول الدكتور إيرليخ، ‘ويتطرق حسن نصر الله في كل مرة يحتاج فيها الى أن يُفسر لماذا يؤيد حزب الله النظام السوري، الى مسألة القبر. وهو يُبين أن ما تفعله منظمته هناك ليس دعما للحاكم بشار الاسد، بل حماية لقبر الست زينب. ويؤكد نصر الله هذه المسألة ازاء حقيقة أن جبهة النصرة مع الجيش السوري الحر قد هدما قبر امرأة مقدسة شيعية اخرى، وهذا هو التعليل الذي يأتي به ايضا حينما يتناول عدد قتلى حزب الله الذين بلغوا نحوا من 200 شخص حتى الآن، وهذا معطى مرتفع جدا بالنسبة لمنظمة في حجم حزب الله’.
يشير اسم ‘جبهة النصرة’، واسمها الكامل ‘جبهة النصرة لأهل الشام’ الى طموح المنظمة بقدر غير قليل. والقصد على نحو عام، كما يُبين إيرليخ الى الاردن ولبنان واسرائيل والضفة الغربية ايضا. قبل ثلاثة أشهر قال زعيم القاعدة أيمن الظواهري إن المنظمة الشابة وعمرها سنة ونصف السنة في الحاصل العام هي مُرسلته الرسمية في سورية. وتعمل جبهة النصرة الآن بحسب اسلوب القاعدة تماما، فالتراتب فيها ديني وعملياتي ايضا، ويرأسها أمير تخضع لسلطته هيئة استشارية تسمى مجلس الشورى، وتعمل تحتهما أذرع مختصة لجمع الاموال وشراء الوسائل القتالية والدعاية الدينية، بل للاعلام والعلاقات الخارجية. حينما انتهى إيرليخ ورفاقه من كتابة البحث أتموا رسم خريطة للأخطار التي تترصد العالم من قبل المنظمة في سورية. ‘كان أكبر خطر حددناه هو سيطرة القاعدة على الدولة ومخزونات السلاح الكيميائي فيها، وليس هذا خطرا محتملا، بل هو خطر يمكن أن نراه بالعين. وليس صدفة أن جند الجميع أنفسهم ليدفعوا قدما بالاقتراح الروسي للقضاء على السلاح الكيميائي مقابل الغاء الهجوم الامريكي. نحن نعتقد أن الحديث عن تسوية مطلوبة، وحقيقة أنها قُبلت هي خبر جيد لاسرائيل والولايات المتحدة والغرب كله ولسورية ايضا.
‘نحن لا نرى اليوم في الحقيقة أن المتمردين سيسيطرون على سورية في الغد، لكننا لا نراهم يغادرون ايضا. فهم موجودون هناك للبقاء وللاستمرار في كسب التأثير. وسيبقون هناك لتشجيع الفوضى التي هي برنامج العمل المثالي لتطورهم والحفاظ على سورية مركز فوضى نازفا في الشرق الاوسط ليس حيا ولا ميتا. في لقاء صحافي أجراه نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية موريل لصحيفة ‘وول ستريت جورنال’، عرّف ما يحدث في سورية بأنه أكبر تهديد تواجهه الولايات المتحدة اليوم. وقال هناك إن سورية قد تصبح مأوى آمنا لرجال الجهاد العالمي يحل محل المأوى الباكستاني. وتحدث بصراحة عن تهديد أعلى’.
‘ ربما يتبين من كلامك أن بقاء الاسد في الحكم أفضل؟
‘ ‘الجواب مركب، فهذا اختيار بين الطاعون والكوليرا. وهذا نظام يعمل قاعدة لايران وحزب الله وهو جزء من محور الشر يُدبر سياسة استبداد في سورية. وهذا الوضع يميز الشرق الاوسط جدا ولا يُمكّن من الاختيار بين أخيار وأشرار بل بين أشرار وأكثر شرا منهم’.
‘ أهذا يجعل سؤال لماذا لا يساعد الامريكيون الاسد، لا داعي له؟
‘ ‘لا. فهو سؤال ذو صلة تماما، لكن الجواب في هذه الحالة ايضا مركب، ولهذا فان ما يفعله الامريكيون هو علاج نقطي مع إبطال الأخطار مثل القضاء على السلاح الكيميائي، لكن هذا لا يوجه ضربة قاتلة الى النظام ولا يقضي على قدرات المتمردين’.
وكان الخطر الثاني الذي حدده الباحثون أكثر محلية وهو انشاء جبهة جهاد تابعة للقاعدة على الحدود الشمالية. ‘إن القاعدة منظمة أهدافها العليا تشتمل ايضا على القضاء على دولة اسرائيل’، يُبين إيرليخ. ‘وقد تحدث الظواهري في ذلك بصراحة. فقد أعلن في شباط/فبراير 2012 أنه بعد اسقاط نظام الاسد فورا ستصبح سورية قاعدة انطلاق لمقاتلي الجهاد الذين سيكون هدفهم انشاء دولة تحمي اراضي المسلمين، وتحرير الجولان والاستمرار في الجهاد الى أن تُرفع رايات النصر فوق القدس المحتلة.
‘ وماذا يعني ذلك في الصعيد العملي؟ إنه يعني أن تُثبت هذه المنظمات أقدامها على حدود اسرائيل، والخروج في عمليات ارهابية بتنسيق ما مع جهات من القاعدة موازية لها في سيناء وغزة ولبنان، بل في داخل اسرائيل؟
‘ ‘من المقلق بصورة خاصة في هذا السياق حقيقة أنه حتى لو بقي الاسد على كرسيه، وحتى لو انتصر الجيش السوري الحر وأسقط النظام الحالي، فاننا نقول في بحثنا إنه لن يستطيع أحد منهما أن يقضي على هذه المنظمات. إن جبهة النصرة هي منظمة تبرز بقدراتها العسكرية وتتميز بجهاز قيادة وسيطرة والتزام عقائدي عميق جدا ومصمم عند الناشطين’.
‘ ما الذي يجب أن تفعله اسرائيل على الحدود الشمالية؟
‘ ‘باعتبار أن كل خدمتي العسكرية كانت في ‘أمان’ قسم البحث، واختصت بالشأن اللبناني، فان رأيي هو أنه يجب على اسرائيل أن تستمر في قلة البروز كما فعلت الى الآن. ويجب أن توجد حلول لمشكلات محددة لن أفصلها’.
‘ وماذا يجب أن يفعل العالم ازاء هذا الخطر؟
‘ ‘يجب أولا أن يتابع الناشطون جمع المعطيات وتحليل النتائج. ويُحتاج في المرحلة التالية لأجل العمل الى تعاون دولي. ليست العلاقات بين الدول مسألة مزاج أو طيبة قلب، بل تقوم العلاقات بين الدول على المصالح. والحديث في هذه الحال عن مصالح متطابقة في أكثر العالم الغربي وفي جزء كبير ايضا من الدول العربية، خاصة تلك التي يُنظر اليها على أنها موالية للغرب. إن التعاون الحقيقي والدائم والمستمر فقط سيُمكّن من القضاء على هذه المنظمات ومن تجفيف مصادر نموها’.
‘ كيف سيحدث هذا بالفعل؟
‘ ‘يجب أن يُمكّننا هذا التعاون من أن نعرف من الذي يُجند المجاهد في باريس مثلا، وكيف يتصل به وأين تتم اللقاءات. ويفترض أن يكشف ذلك عن أنه هل يشارك رجال الدين الناشطون في الغرب وفي أي الأطر. نحن نعلم أن الحديث في بعض الحالات عن شباب يجتازون الحدود ببساطة من تركيا أو من الاردن وينضمون الى هذه المنظمات، لكن يوجد اشخاص هذه مهمتهم، أعني تجنيد المتطوعين ونقلهم ويجب تحديد مواقعهم. ويجب في هذا السياق ايضا أن نرى من أين يأتي المال وكيف يتنقل بين الأيدي ومن يتوسط في الطريق. في طول هذا البحث كله وكلما تعمقنا فيه كان الذي أثار عجبنا حقيقة أنه رغم أن الحديث عن منظمة معروفة يبرز اسمها منذ سنوات في العناوين الصحافية وفي وثائق اجهزة الاستخبارات في العالم، فانه ما زالت المعلومات التي جُمعت عنها جزئية، بل إن هذه المعلومات غير مُحدثة في حالات كثيرة. وهذه الوثيقة التي أصدرناها الآن هي البداية فقط لعمل أكبر وأشمل يجب القيام به’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
21/9/2013
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
نتنياهو يسير بحزبه في بحر عاصف
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
لا يوجد ملك في الغابة
بقلم:آريه شافيت،عن هآرتس
بالاجمال هو مجرد عامل فلسطيني
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
عودة الشهداء
بقلم:جدعون ليفي/ واليكس ليباك،عن هآرتس
‘القاعدة’ فوق بحيرة طبرية
بقلم:اريئيلا رينغل ـ هوفمان،عن يديعوت
</tbody>
نتنياهو يسير بحزبه في بحر عاصف
بقلم:شالوم يروشالمي،عن معاريف
‘نشر الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر هذا الاسبوع مقالا عن الشرق الاوسط هذه الايام. فكارتر يعتقد أن رئيس الوزراء نتنياهو وصل الى اعتراف تاريخي بالحاجة الى سلام مع الفلسطينيين لانقاذ مستقبل اسرائيل اليهودي والديمقراطي. يمكن التشكيك بهذا التقدير. ثانيا، كارتر مقتنع بانه يمكن أن يكون لنتنياهو شركاء كبار في حزبه، يحركونه على نحو مفاجئ نحو تنازلات لم يفكر بها. ويبحر كارتر الى ايام مؤتمر كامب ديفيد الاول الذي دعا اليه هو في العام 1978. وهناك هاتف مناحم بيغن ارييل شارون الذي كان شخصية يمينية قوية في الليكود كي يطلب الاذن للتنازل عن البلدات الاسرائيلية في بتحات رفيح. وحسب كارتر فان شارون هو الذي منح القوة لبيغن للتوقيع على اتفاق السلام مع مصر.
فهل يوجد شارون موديل 2013 الى جانب نتنياهو؟ هذا ما يمكن التعاطي معه بشك. فكبار شركاء نتنياهو في الليكود عرضوا هذا الاسبوع على المزاد العلني بضاعتهم السياسة. نحن في ايام العيد، وكل واحد يريد أن يري ان له جمهورا مؤيدا أكبر، بل ورسائل يمينية اكثر حزما، مثلما يحب الليكوديون أن يفعلوا. جدعون ساعر رفع نخبا في قاعات ايست. ويوم الاحد الماضي أجرى سيلفان مناسبة في ذات المكان وجاء ساعر ليقدم الاسناد. سيلفان، بشكل عام رمز اعتدال، هزأ من المفاوضات السياسية التي يستطيبها جيمي كارتر وجون كيري كثيرا هو الاخر. ‘هل يؤمن احد بانه سيكون هناك اتفاق دائم في غضون تسعة اشهر؟’ سأل سيلفان بابتسامة، في ظل استمتاع الجمهور.
‘وهكذا، تنخرط’ الصراعات الداخلية في الليكود جيدا مع الخطوات السياسية التي يريد نتنياهو ربما أن يقود. من يريد أن يكون شعبيا في الليكود يعرف كيف يوضح لرئيس الوزراء انه سيحظى بالتعاون حتى اللحظة التي نتقدم فيها الى اتفاق مع الفلسطينيين. من هنا لاحقا يوجد خياران: إما أن يطلق الليكود أو أن يطلقه الليكود. زئيف الكين، نائب وزير الخارجية، وصل هذا الاسبوع الى مناسبة سيلفان واقتبس عن خطاب نتنياهو الشهير في مركز الليكود في 2002 ضد دولة الفلسطينية. وحظي بالهتاف. داني دانون، نائب وزير الدفاع قال ان ‘معظم وزراء الحكومة سيسقطون كل حل لدولة فلسطينية’.
‘يوم الاثنين، غداة اجتماع سيلفان، ذهب الوزير اسرائيل كاتس الى لقاء مع رئيس الوزراء. وفي طريقه الى المكتب نشر البيان التالي: ‘في اللقاء ستطرح بالتأكيد مواضيع وطنية وشخصية. من جهة حلف سياسي يمتد سنين وشراكة في الفعل وفي اصلاحات مهمة. من جهة اخرى أنا قلق جدا من الطريقة التي دخلنا فيها الى المفاوضات السياسية، ولا سيما مسألة تحرير المخربين. من ناحيتي الخط واضح. اسناد لرئيس الوزراء والتعاون في’ المواضيع الرسمية وبالمقابل مواصلة الاصرار على مبادئي في المواضيع الوطنية. اما بالنسبة لموضوع تغيير اسم الوزارة فلا اعتزم الحديث’.
‘اللقاء لم يعقد في النهاية. رئيس الوزراء هو الاخر يريد أن يجري الاحتفالات، وكاتس علق في مناسبة رفع النخب في ديوان رئيس الوزراء، ويوم الاحد القادم سيعقد كاتس حدثا خاصا به في بيته في كفار احيم. الاف من رجال الليكود يصلون الى هناك كل سنة ليظهروا من هو الرجل القوي في الليكود. من المعقول الافتراض بان كاتس سيلقي هناك خطابا استفزازيا بالروح الوطنية المعروفة، كي يري نتنياهو أين يقف. في آب/اغسطس، كما يذكر، صوت كاتس في الحكومة ضد تحرير السجناء. وادعى كاتس ان نتنياهو اخذ في اعقاب التصويت اصطلاح ‘البنى التحتية، الذي الصق بوزارته ونقله الى وزارة النقب والجليل برئاسة سيلفان شالوم. وتباهى الوزير شالوم نفسه هذا الاسبوع في العلاقات المحسنة التي له مع نتنياهو.
في المناسبة التي يعقدها كاتس لن نجد، على نحو شبه مؤكد، الوزراء شالوم، ساعر وجلعاد أردان. الثلاثة، بالتعاون مع موشيه فايغلين حاولوا في الانتخابات الداخلية الاخيرة تنحية كاتس عن منصبه كرئيس لسكرتاريا الليكود، ولكنهم فشلوا. وكاتس مصمم على تشكيل لجنة تحقيق تفحص فشل قيادة الانتخابات في الليكود التي ترأسها ساعر واردان. اما نتنياهو نفسه فيلعب على مركز الملعب، يوزع القوات، يبني التوازنات، يعزز الضعفاء ويضعف الاقوياء، وكل شيء حسب المصلحة الفورية. في هذه اللحظة يرتبط نتنياهو بمحور سيلفان ـ ساعر ـ اردان الى أن تتغير خريطته للطريق.
كاتس يجد نفسه في وضع كحلون الشعبي، الذي اضطر الى رفع اليدين والخروج الى مهلة بعد أن نكل به رئيس الوزراء ومساعدوه. فهل سيتصرف مثله؟ ‘انا لن أذهب الى أي مكان. ليس عندي نية كهذه’، قال كاتس لمن سأل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا يوجد ملك في الغابة
بقلم:آريه شافيت،عن هآرتس
الحدث الكيميائي السوري كان حدثا خطيرا. فلاول مرة منذ سنوات استخدم سلاح دمار شامل ضد سكان مدنيين، والولايات المتحدة تلعثمت امام التحدي. لاول مرة منذ سنوات روسيا هي التي أنقذت الوضع، وهكذا عادت لان تكون بمثابة قوة عظمى. لقد غيرت الازمة السورية من الاساس مكانة الامريكيين والروس في الشرق الاوسط. مازلنا لا نعرف ماذا سيحصل في المعارك التالية، ولكن دروس المعركة السورية الاولى هي دروس بعيدة الاثر.
أمريكا.. واضح تماما اليوم ان أمريكا فقدت شهيتها الامبريالية. في العالم الحقيقي، الولايات المتحدة لا تزال القوة العظمى في العالم. قوتها الاقتصادية والعسكرية تفوق قوة أي أمة اخرى. ولكن الولايات المتحدة تعاني من صدمة معركة ومن الانهاك النفسي. فالحروب الزائدة في العراق وفي افغانستان تؤثر عليها الان، مثلما أثرت الحرب العالمية الاولى على فرنسا وبريطانيا ما قبل الحرب العالمية الثانية. وكنتيجة لذلك، ليس للقوة العظمى الامريكية الرغبة اللازمة لممارسة قوتها بحزم وليس فيها الوعي اللازم كي تمارس قوتها بحكمة. الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لان تدفع الاثمان التي ينطوي عليها كونها قيصر العالم. وفي ظل عدم وجود قيصر، القرن الامريكي يتبدد امام ناظرينا.
روسيا.. بعد الازمة السورية، واضح تماما أن روسيا هي صورة مرآة لامريكا. في العالم الحقيقي قوتها لا تزال محدودة للغاية. قوتها الاقتصادية العسكرية لا تبدأ بمنافسة قوة الولايات المتحدة، ولكن لروسيا يوجد ما فقدته أمريكا: الشهوة الامبريالية والفهم الامبريالي. روسيا ايضا غير مكبوحة الجماح من خلال اعتبارات اخلاقية والتزامات ديمقراطية. وهي لا تدير ظهر المجن لحلفائها. فهي لا تهجر أي معقل استراتيجي. الطغيان المتهكم لبوتين فاسد مع طغيان القوة للشرق الاوسط مثلما لم تعد واشنطن الديمقراطية تعرف كيف تتحدث معهما. ورويدا رويدا روسيا تملأ الفراغ الذي يخلفه الامريكيون وراءهم في غرب آسيا.
الشرق الاوسط.. الازمة السورية اثبتت مرة اخرى ان المواجهة التاريخية بين العالم العربي والدولة اليهودية ليس مثلما كانت. حيال المحور الراديكالي يقف اليوم تحالف استراتيجي حميم بين اسرائيل ومصر، السعودية، الاردن وامارات الخليج. السُنة المعتدلون والاسرائيليون الواعون نظروا باشمئزاز الى الشكل الذي تصرفت فيه الولايات المتحدة في الشهر الاخير. في أعقاب سورياة توصل السُنة المعتدلون والاسرائيليون الواعون الى الاستنتاج بانهم وحدهم. تماما وحدهم. وعندما لا يكون لهم اب امريكي مسؤول فان نتنياهو، السيسي والانظمة الملكية العربية ينفسون الواحد للاخر. تحالف اليتامى العربي الاسرائيلي الجديد يصبح الان القوة الاهم في الشرق الاوسط. وهو كفيل بان يعطي ثمارا مفاجئة.
باراك اوباما.. شعار الانتخابات الاسطوري للمرشح الديمقراطي للرئاسة في حملة انتخابات في 2008 كان نعم نستطيع Yes, We Can. وفي اعقاب الازمة في سورية فان اللاعبين الاقوياء واللاعبين الشرق أوسطيين توسطوا جميعهم على حد سواء الى الاستنتاج المعاكس. لا، لا يستطيع. No, He Can’t. ولا يهم على الاطلاق اذا كان تصرف نتنياهو كما ينبغي أم لا. الانطباع الناشئ في الغابة هو أنه لا يوجد ملك للغابة كون الاسد فقط رغبته في المُلك. ولهذا الانطباع قد تكون آثار شديدة. وكمن يؤمن بحكمة واستقامة اوباما، فان كاتب هذه السطور يطلب لان يكون الرئيس الامريكي هو الذي في النهاية يستنتج الدرس الاهم من الازمة السورية: أمريكا يجب ان تصحو ورئيسها يجب ان يعيدها الى مكانة القيادة العالمية. من يتصرف مثل كارتر ذ سينتهي مثل كارتر. من يتصرف مثل روزفيلت سيذكر مثل روزفيلت. باراك اوباما والقوة العظمى برئاسته يجب أن يقررا أخيرا من هما ولاين يتجهان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
بالاجمال هو مجرد عامل فلسطيني
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
عامل بناء فلسطيني يصاب بسكتة قلبية اثناء عمله. رب عمله، مقاول اسرائيلي، مع شخص آخر، يحملان العامل الى الشارع، يلقيان به على قارعة الطريق، يتركانه لمصيره ويسارعان الى الانصراف من المكان.
هكذا حسب الشهادات، انتهت حياة احسان سرور، ابن 57 وأب لستة أطفال من مخيم عسكر للاجئين قرب نابلس.
الشهادات التي جمعت في المكان تثير أسئلة صعبة، ليس فقط عن المقاول رب العمل، بل ايضا عن دور الشرطة. وحسب الشهادات، فان الشرطي الذي وصل الى المكان أبعد شهود عيان حاولوا ابلاغه ان سرور ترك لمصيره حتى مات، لم يأخذ شهادات، لم يسجل تفاصيل شهود العيان وفقط صرفهم عن طريقه.
وروى شقيق سرور غداة نشر الحالة، ان الراحل عمل في اسرائيل في العشرين سنة الاخيرة، لاعالة عائلته. وعلى حد قوله، ففي قسم من الوقت كان لدى الراحل تصريح عمل، ولكن مفعوله نفد، الامر الذي جعله يتسلل الى اسرائيل، ويختبئ في اماكن خفية ويعود الى بيته مرة كل اسبوعين او ثلاثة اسابيع. سرور هو مجرد واحد من آلاف الفلسطينيين الذين ليس لهم مصدر رزق آخر، غير التسلل الى اسرائيل والعمل غير القانوني فيها.
ترفع هذه الحالة الى النقطة الاقصى، المعاملة المهينة تجاه اولئك الذين يسعون الى الرزق، سواء من جانب مواطني اسرائيل أو من جانب السلطات. وهي تضاف الى قضية موت الماكث غير القانونيعمر ابو جريبان، الذي القي الى حتفه في حزيران/يونيو 2008 من مركبة شرطية الى قارعة الطريق، والتي كشفت النقاب هي ايضا عن معاملتهم اللامبالية تجاه حياة او موت الماكثين غير القانونيين. ولا تستوفي هذه المعاملة أي مقياس، قانوني أو اخلاقي، وهي تشكل وصمة عار في جبين المجتمع والدولة الديمقراطية التي تتطلع الى حماية حقوق الانسان.
بعد النشر في هآرتس أعلنت شرطة لواء تل أبيب بانها شرعت في التحقيق في الحدث.
وبسبب شدة الاتهامات، على الشرطة أن تضع هذا التحقيق في مكان عال في سلم اولوياتها. كما أن على الشرطة المحققة ان تشرع في التحقيق في سلوك الشرطي، وان كان من اجل تقويض الرسالة التي قد تصدر، وبموجبها شرطة اسرائيل تتصرف بشكل مختلف مع الضحايا المختلفين، استنادا الى أصلهم العرقي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عودة الشهداء
بقلم:جدعون ليفي/ واليكس ليباك،عن هآرتس
تمرة اخرى تمتلئ الازقة باعلانات الموت. ومرة اخرى تخرج جنازات الى مقبرة شهداء الانتفاضة التي امتلأت بالقبور منذ الان تماما. لا يوجد مكان للدفن، وبصعوبة يوجد مكان آخر لالصاق اعلان. ثلاثة شبان قتلوا في مخيم جنين للاجئين في الاسابيع الاخيرة، بعيدا بعيدا عن الاهتمام الجماهيري في اسرائيل. قتيل في مخيم جنين؟ حالة اعتيادية تبعث على التثاؤب. عن مقتل اسلام الطوباسي، يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع، بالكاد كتبت كلمة في الصحف. كما أن مقتل كريم ابو صبيح ومجد لحلوح في 20 آب/اغسطس، مر في اسرائيل وكأن شيئا لم يكن. الضفة هادئة ولكن ليس مخيم اللاجئين هذا: 3 من أصل 12 قتيلا فلسطينيا منذ بداية السنة هم من سكانه. الجيش الاسرائيلي يواصل اقتحامه كل ليلة تقريبا والنتيجة مسجلة في الاعلانات التي على الحائط. هذا الاسبوع ايضا، حين زرنا المخيم، سمعت اصوات اطلاق نار، ليس واضحا من اطلقها، ولكنها قريبة ومخيفة.
عشرات الشبان اعتقلوا هنا في الاشهر الاخيرة، على ايدي اسرائيل والسلطة الفلسطينية، منفذة كلمتها. زكريا الزبيدي، قائد كتائب شهداء الاقصى، الذي حظي في حينه مثابة عفو من اسرائيل، معتقل منذ سبعة اشهر في سجن السلطة في رام الله، بعد حادثة اطلاق نار في حاجز الجلمة. كما أن ثلاثة من اشقائه معتقلون في اسرائيل؛ الاخير، داهود، اعتقل قبل اقل من شهرين. أربعة آخرون من أبناء اعمامه معتقلون، في اسرائيل أو في السلطة. الاخير، نعيم، اعتقل هو ايضا قبل نحو شهرين، في السلطة الفلسطينية.
‘هذا الاسبوع ايضا، ليلة الثلاثاء، بعد بضع ساعات من خروجنا من المخيم، دخلت قوات الجيش الاسرائيلي ومستعربو وحدة يمم الخاصة التابعة لحرس الحدود الى المخيم. قتلوا الطوباسي في السابعة صباحا وهو على سطح بيته. وحسب الشهادات فان الطوباسي لم يكن مسلحا. فالجنود والمستعربون فجروا باب المدخل في بيته، صعدوا الى السطح واطلقوا رصاصتين على الطوباسي. ومع ذلك أنزلوه جريحا الى بيته، طلبوا من أخيه ان يشخصه وعندها، على حد قول أبناء البيت، اطلقوا رصاصة اخرى في بطنه. الطوباسي مات. جنازه عقد في ظهر اليوم. ابن 22 كان عند موته.
‘وهكذا وصف ما حدث، ردا على طلبنا، الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي: ‘في نشاط عملياتي اصطدمت القوات بمقاومة عنيفة تضمنت النار والقاء القنابل المعدة محليا والزجاجات الحارقة نحوها. وفي اثناء النشاط لاحظت القوة مطلوبا كان هدفا مركزيا للاعتقال في النشاط في محاولة للهرب والقت القبض عليه بعد أن اطلقت النار نحوه. وقد اصيب المطلوب بجراح خطيرة، نقل لتلقي العلاج الطبي من قبل قوة عسكرية ولاحقا توفي متأثرا بجراحه في المستشفى في اسرائيل. وكان المطلوب موضع الحديث ناشطا في الجهاد الاسلامي الفلسطيني عني باعداد العمليات الارهابية ضد قوات الامن’.
‘على مسافة غير بعيدة من بيت الطوباسي، لم تنته بعد ايام الحداد لآخرين في المخيم. وهاتان مأساتان عائليتان: والد القتيل الاول مريض جدا، والد القتيل الثاني قتل قبل نحو سنة في حادثة طرق وجده قتل على أيدي اسرائيل في بداية ايام الاحتلال.
مجد لحلوح كان طالبا في السنة الثالثة في الادارة في الجامعة المفتوحة في جنين. ابن 21. وكان يعمل في الليالي نادلا في مقهى تروبينكا في المدينة للمساعدة في اعالة عائلته. أبوه محمد مريض منذ نحو أربع سنوات بمرض دم عسير. وجهه مصفر وحديثه هزيل. وعلائم الحداد لا تزال بادية عليه جدا. وبين الحين والاخر يتجند كل المخيم للتبرع له بالدم، وتلقى محمد حتى الان مئات من وحدات الدم.
ليلة الثلاثاء، 20 من الشهر الماضي، عاد مجد من عمله كالمعتاد في الساعة الثالثة صباحا، في طريقه لاحظ قوات الجيش الاسرائيلي والعديد من المستعربين ممن اقتحموا المخيم. وعلى حد قول السكان فقد جاءوا لاعتقال ناشط الجهاد الاسلامي الشيخ بسام. وعند رؤيته القوات قرر مجد التوجه الى بيته من طريق بديل. وفي زقاق قرب بيته كان فتيان يرشقون الحجارة على الجنود، كما يروي أبوه واصدقاؤه، وبدأ الجنود يطلقون النار على راشقي الحجارة. احدى الرصاصات أصابت مجد في خاصرته. وقد قتل في المكان. وحسب ابناء عائلته لا يوجد أي احتمال في أن يكون شارك في رشق الحجارة. فقد اراد فقط العودة الى بيته بسلام من العمل، يقولون. ولسماع الصراخ خرج أبوه من بيته ووجد ابنه مضرجا بدمائه. وحمله الشباب الى سيارة الاسعاف ولكن من دون جدوى. والان يريد أبوه ان يرفع دعوى ضد الجيش الاسرائيلي. وهو يبحث عن محامٍ يمثله تطوعا. كما أن حلمه هو أن يحظى بعلاج طبي في اسرائيل، ولكنه كان مرفوضا حتى الان. في ذات الحدث اصيب ايضا علاء ابو خليفة، ابن 18، في عموده الفقري ومنذئذ وهو مستلقى مشلولا في المستشفى. جريح آخر كان كريم ابو صبيح، ابن 18، توفي متأثرا بجراحه بعد نحو عشرة ايام.
يقع منزل ابو صبيح قرب مسجد الانصار في المخيم امام مركز تخليد صغير لذكرى ابن المخيم احمد الخطيب، ابن 13 سنة حين اطلق الجنود الاسرائيليون النار عليه في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 في قباطيا. وقرر أبوه التبرع باعضائه التي زرعت في ستة مرضى اسرائيليين. والان يعلق بيان تخليد مزدوج وجديد على حائط المركز: أب وابنه يظهران فيه. الاب، صبحي ابو صبيح قتل قبل سنة بالضبط في حادثة طرق؛ ابنه كريم، ابن 17 الذي اصيب في ليل 20 اغسطس وتوفي بعد ذلك. صالون بيت عائلة ابو صبح هو الاخر تحول الى غرفة تخليد: صور الاب وابنه في كل مكان. في احدى الصور ظهر كريم وهو يرتدي قميصا أبيض وعلى رقبته ربطة فراشة حمراء. هذه هي آخر صورة للفتى، الذي التقطت له في عرس ابن عمه، قبل بضع ساعات من قتل جنود الجيش الاسرائيلي له.
وهكذا وصف الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي ما حدث: ‘الحدث الثاني وقع في اثناء نشاط عملياتي للجيش الاسرائيلي وقوات حرس الحدود لاعتقال مطلوب مشارك في عمليات ارهابية. وفي اثناء هذا النشاط تعرضت القوات الى اعتداء بالنار الحية، القاء عبوات، رشق حجارة والقاء قنابل معدة محليا، نتيجة ذلك اصيب جنديان من الجيش الاسرائيلي بجراح طفيفة. وردت القوات بالنار نحو مصادر النيران ونتيجة لذلك قتل احد المشاركين، اصيب آخر توفي نتيجة جراحه في المستشفى واصيب بجراح طفيفة بعض من المشاركين.
‘الارملة والام الثكلى، خولة، تتحدث عن ابنها فتقول: كان دوما يخاف ان يحصل له شيء بسبب الزلاجة. فقد أحب كريم التجول في المخيم وهو على عجلاتها، طفل الزلاجات في المخيم. في الخلوي الخاص به يرينا فيلما قصيرا له. كريم يلبس ملابس رياضية، ويضع حاميات على ركبتيه ويديه وخوذة وقاية على رأسه، يستعرض على الزلاجة. وقد تعلم حتى الصف التاسع وبعدها اضطر الى التوجه الى العمل في كراج كي يعيل العائلة بعد وفاة أبيه.
‘في ذات اليوم، العشرين من الشهر، عاد كريم من العرس، استبدل ملابسه وخرج الى الشارع. كانت أمه نائمة. بعد ساعة من خروجه من بيته دخل الجنود والمستعربون. اطلقوا النار على الفتى واصابوه بجراح خطيرة. ونقل كريم على عجل الى المستشفى في نابلس. وتمكن في الايام التالية من الاستيقاظ من سباته، بل والحديث الى أمه، ولكن بعد عشرة ايام توفي متأثرا بجراحه. كريم ليس مدفونا قرب والده إذ لم يكن هناك مكان في المقبرة. عندما كانت خولة طفلة رضيعة بعمر عدة اشهر في العام 1969، قتل ابوها، الشيخ حسن ابو سرية، احد اوائل القتلى في هذا المخيم المكافح، الذي لم يتوقف منذئذ عن النزف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘القاعدة’ فوق بحيرة طبرية
بقلم:اريئيلا رينغل ـ هوفمان،عن يديعوت
في الشتاء الأخير قاد جنود منظمة جبهة النُصرة، وهي الكبرى بين المنظمات الجهادية التابعة للقاعدة في سورية، هجوما خُطط له بصورة مدهشة وقوية وعنيدة، في محافظة الرقة في شمال الدولة. ونجحوا في أن يُبعدوا من هناك الموالين لنظام بشار الاسد العلوي الذين كانوا أفضل منهم من جهة القوة البشرية والتسليح، وأن يسيطروا على منطقة تعتبر حساسة بصورة مميزة لأنه يقع فيها أكبر سد على نهر الفرات.
وبعد ذلك ببضعة أشهر مكّن المقاتلون عددا من مراسلي وكالة أنباء ‘رويترز′ من الدخول الى المنطقة ورفع تقارير عما اعتقدوا أنه يحسن أن يعلمه العالم، وهو أنه رغم أن الهجوم تم بتعاون مع رجال الجيش السوري الحر، فان رجال القاعدة هم الذين يسيطرون على المنطقة. وهم الذين يُشغلون السد ويمدون السكان بالكهرباء والماء. وهم الذين يحرسون مستودعات الغلال ويضمنون إمداد المخابز بصورة دائمة. وهم الذين أعادوا الى العمل ايضا اجهزة الشرطة وتطبيق القانون التي انهارت، وجددوا عمل المحاكم، وأعادوا الجامعة المحلية الى الحياة. لقد ‘انشأوا’ كما يقول الدكتور رؤوبين إيرليخ ‘دولة في داخل دولة’. إن الكشف عن أن رجال القاعدة أسسوا في سورية دولة خاصة بهم لم يفاجئ في الحقيقة مجموعة الباحثين في مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب، المسمى باسم اللواء مئير عميت، فهذه هي طريقة عمل هذه المنظمة في العالم. لكن الذي أدهشهم سرعة حدوث ذلك تحت نظام مركزي وعنيف، من دون تسامح البتة مع التمرد. ‘إن الايقاع والسعة كانا المفاجأة الكبرى’، يقول الدكتور إيرليخ محددا كلامه وهو الذي يرأس المركز الذي يعمل في اطار المركز للتراث الاستخباري. ‘إن القصد هو ايقاع ازدياد قوتهم، والحصول على السلاح والمعدات، وايقاع وسعة الاستيلاء على بنى تحتية استراتيجية. فقد نجحوا في غضون اكثر من سنة في أن يفعلوا في سورية ما احتاجوا الى عشر سنوات لفعله في افغانستان’.
خصص اربعة باحثين من المركز عشرة أشهر اذا لم نحسب فترة جمع المعلومات التي تمت قبل ذلك بأشهر في اطار العمل الجاري لمتابعة نشاط القاعدة في سورية. وأفضى العمل النشيط الى اصدار وثيقة تُنشر الاشياء الأساسية فيها هنا لأول مرة، وهي تشمل 150 صفحة تعتمد على مصادر مكشوفة واخرى أقل انكشافا. وهي تشتمل على عشرات الصور، وعلى سلسلة طويلة من المعطيات، و’على القليل جدا من التقديرات، إن وجدت أصلا’، كما يؤكد الدكتور إيرليخ الذي نظم المواد. وتُنشر الوثيقة اليوم ايضا في موقع مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب، الذي يعمل بثماني لغات مع متوسط 200 ألف تصفح كل شهر.
اتخذ الباحثون قرار كتابة الوثيقة حينما تبين لهم أن القاعدة تزداد زخما في فرعها السوري. ‘تبين لنا أن ما ظهر هنا وهناك في وسائل الاعلام لا يُقدم الصورة الكاملة الى هذه اللحظة عن انتشار المنظمة في الدولة’، يُبين إيرليخ. ‘لم يتم الكلام بقدر كاف عن ظروف انشائها وعن بنيتها وتراتُبيتها وعن خصائص عملها وعن الايديولوجية التي توجه نشاطها وتجعلها واحدة من أخطر المنظمات الارهابية في العالم، إن لم تكن هي الأخطر. وكلما تقدمنا في العمل، أدركنا ضآلة ما نعرفه في الحقيقة عن القاعدة.
‘خرجت هذه المنظمة من صحارى افغانستان البعيدة ونجحت في السيطرة على اراض واسعة في مركز الشرق الاوسط، على حدود اسرائيل من جهة، وعلى حدود الاردن وتركيا من جهة اخرى، مع منفذ سهل الى الغرب. ويثير وجودها هنا سلسلة اسئلة حرجة أصبحت كلها عناوين رئيسة في البحث الذي كتبناه. فلم تعد هذه مجموعة متطرفين مع أحزمة ناسفة يبحثون عن برج ليفجروا أنفسهم فيه، بل هي منظمة تسيطر على مفترقات مركزية، وعلى آبار نفط وعلى مناطق مأهولة. وهي منظمة ترعى ايديولوجية قاسية قاتلة لا تسامح فيها، تُعرض سلام العالم للخطر. وليس الحديث فقط عن سلام اسرائيل أو سلام الامريكيين، بل عن سلام العالم كله. وكل هذا قبل أن نقول كلمة واحدة عن امكانية أن يستقر رأي شخص ما على تفجير هذا السد الذي احتلوه على نهر الفرات’.
جاء أوائل مجاهدي القاعدة الى سورية في مطلع الألفية الثالثة في ذروة الحرب في العراق. وقد كانت دولة الاسد شبه محطة مرور، وقاعدة إرسال لمتطوعين صبوا فيها من العالم الاسلامي خاصة، ومن العالم الغربي ايضا. وجُند الناشطون ليقاتلوا جنودا امريكيين وليقاتلوا بعد ذلك الفصائل الشيعية والكردية في العراق. ‘لكن الحرب الأهلية في سورية غيّرت اتجاه الحركة’، يقول د. إيرليخ. ‘كانت العراق في هذه المرة هي التي صدرت أول ناشطي الجهاد. وقد اختصوا بحرب العصابات واستغلوا الهرج والمرج الذي نشأ هناك للتسلل الى الداخل’.
إن ما بدأ مثل تيار معتدل من المتطوعين تحول الى طوفان بعد ذلك، ‘كلما عمّقنا متابعتهم، ولا سيما عن طريق مواقع انترنت المتطرفين الاسلاميين، ظهرت لنا ظاهرة تتجاوز كل ما كان معلوما لنا’، يقول إيرليخ. ‘نشروا في هذه المواقع قوائم طويلة جدا لشهداء ماتوا في المعارك. ووجدنا وصية لمتطوع نفذ عملية انتحارية، هي في الحقيقة العلامة التي تميز القاعدة، في معسكر للجيش السوري في منطقة القصير. وقد طلب الى رفاقه ألا يتخلوا عن جهادهم الى أن يُطبق شرع الله في الارض. ودعا ناشط من غزة قُتل اسمه محمد احمد قنيطة، هو ايضا الى الاستمرار في القتال. وخلّف ناشطون اردنيون قصائد مدح وثناء على حركة طالبان وبن لادن. وصور ناشط آخر من القاعدة نفسه بفيديو، وقال إنه بعد أن ينتهي الجهاد في سورية سيتجهون الى فلسطين، وظهرت في موقع المنظمة على الانترنت صورة قبة الصخرة في القدس ترتفع فوقها راية جبهة النُصرة’. الحديث كما يقول الدكتور إيرليخ عن آلاف المتطوعين الذين أصبح معدل وصولهم الى سورية، اذا اعتمدنا على كلام نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية التارك عمله، مايكل موريل، أعلى مما كان في ذروة القتال في العراق. ويُجند عدد منهم في مواقع على الانترنت انشأها المقاتلون بواسطة زر ‘أنشئ اتصالا’. ‘منذ نشبت المعارك، أدت منظمة حقوق الانسان في الدولة تقريرا عن 2219 قتيلا اجنبيا بين المتمردين’، يقول إيرليخ. ‘ونقلت سورية نفسها الى الامم المتحدة قائمة أسماء 142 منهم، وهي تشمل اشخاصا جاءوا من افغانستان واذربيجان وتشاد وليبيا والعراق والكويت ولبنان وباكستان والسعودية والشيشان وفلسطين’.
وتعطي صور في اليوتيوب والشبكات الاجتماعية هؤلاء القتلى وجوها. يظهر هناك مثلا حسن محمد يونس من ليبيا، وهو خريج معهد طب قُتل في صفوف جبهة النُصرة. وكان قد جُرح في الماضي في الثورة في بلده تحت حكم القذافي وعولج في الاردن وعاد الى بيته سليما تاما كي يتابع من هناك الى سورية ويموت فيها. ويمكن أن نرى في أفلام قصيرة اخرى عبد القادر من ليبيا الذي انتحر مُرسلا من المنظمة في أيلول/سبتمبر الماضي، ومحمد أمين من تونس الذي قُتل في كانون الثاني/يناير الاخير، وواحدا من المندوبين الفلسطينيين ايضا هو منتصر الزيتوني من رام الله، الذي مات قبل سنة بالضبط. وقد كان ناشطا في حماس وقضى 18 شهرا في السجن الاسرائيلي وسُرح فانتقل الى الاردن وانضم الى القاعدة في بداية المعارك في سورية.
ويظهر مُجندو القاعدة الذين جاؤوا الى سورية من الغرب في صور في الانترنت. ويمكن بتصفح قصير أن نتوصل الى سام من ايرلندا، وابراهيم المزوجي من بريطانيا، ونيومان ديمولي من كوسوفو الذي كان يرأس وحدة صاعقة تابعة للقاعدة وقُتل في آب/اغسطس قبل سنة. وتظهر الى جانبهم صور عبد المالك من الدنمارك الذي قُتل في نيسان/ابريل الاخير، وأبو كمال من السويد، ورفائيل غاندرون من فرنسا، واريك هارون من الولايات المتحدة الذي عاد الى وطنه واعتُقل هناك، ومحارب مجهول ايضا من ألبانيا ترك وراءه بحسب الصورة ولدين صغيرين متعلقين بعنقه ويبتسمان ابتسامة عريضة.
وبلغت روح التطوع الى اسرائيل: ففي كراسة مركز التراث الاستخباري التي تعتمد على نشرات في موقع ‘الشاباك’، ذُكرت حالتان لشابين من سكان الطيبة أصبحا بحسب الشبهة ناشطين جهاديين في الجارة الشمالية. وفي آذار/مارس من هذه السنة على أثر معلومة جاءت من ‘الشاباك’، اعتقلت الشرطة حكمت عثمان حسين، في التاسعة والعشرين من عمره، الذي خرج الى سورية للانضمام الى قوات المتمردين. وجرت عليه سلسلة تدريبات عسكرية وطُلب اليه أن ينفذ عملية انتحارية فرفض كما يقول. وزعم بعد عودته أنه لم يوافق على تنفيذ عملية كهذه في اسرائيل. وفي تموز/يوليو من هذه السنة اعتقل عبد القادر عفيف، في السادسة والعشرين من عمره، المشتبه فيه أنه خرج لدراسة الصيدلة في الاردن وانضم الى المنظمات السلفية الجهادية وجُند لجبهة النصرة. يقول تقرير نشرته شركة ‘جينس′ هذا الاسبوع إن نصف المتمردين في سورية الذين يبلغ عددهم العام نحوا من 100 ألف، هم متطوعون جهاديون. ويقول إيرليخ: ‘يبدو لي هذا مبالغا فيه شيئا ما. إن القاعدة خبيرة عالمية بتشويه المعلومات التي تأتي دائما مع دعاية نفسية. ومن مصلحتها أن تزيد في الأعداد فهي لا تعطي معطيات دقيقة. والسوريون من جهتهم يتابعون هذا الخط ويزعمون أن عشرات آلاف المتمردين ينتمون الى منظمات جهادية ترعاها القاعدة لأنهم في دمشق يعرفون الخوف العالمي من المتطرفين الاسلاميين. والشيء الواضح هو أن الحديث عن أهم منظمة بين المتمردين لها أكبر تأثير في سير المعارك.
‘قبل سنوات كثيرة جدا، حينما كنت ضابط بحث في ‘أمان’ ‘، يقول العقيد (احتياط) إيرليخ، ‘التقيت في لبنان شخصا درزيا رفيع المستوى جدا. وقال لي إنهم يريدون أن يؤدوا دورا مركزيا في الحكومة التي ستنشأ هناك. قلت له: أنتم 3 أو 4 في المئة من السكان. فكيف تريد أن تكون عاملا مركزيا في السلطة؟ فأجابني: لأنك تحسب بحسب الرؤوس. لكن يجب الحساب في لبنان بحسب الخصى، والمعذرة عن هذا التعبير’. وينطبق هذا على القاعدة ايضا فليس الحديث عن عدد الرؤوس، بل عن الايديولوجية والايمان الذي لا هوادة فيه الذي يأتي مع استعداد للتضحية لا حد له’.
ويُعرف الدكتور إيرليخ هذا التشدد بأنه وباء. ‘وهذه مسألة حاسمة لأن عملاءها سينشرون ذلك في أنحاء العالم. إن كل واحد من هؤلاء تجري عليه سلسلة التدريبات والاعداد القلبي في سورية، اذا لم يُقتل هناك وعاد الى بيته، يكون خطرا كبيرا على دولته الأم: مصر أو بريطانيا، وليبيا أو جمهورية الشيشان واسرائيل أو كندا. وكل عميل اذا أردنا أن نصوغ العبارة بصورة فظة، يحمل جراثيم عنيفة بصورة مميزة’. يجب على البيت الابيض أن يكون قلقا جدا من سيطرة القاعدة على سورية. لكن ما الذي يُخيف موسكو؟
‘يوجد عند الامريكيين ولا سيما بعد كارثة التوائم سبب جيد يدعو الى أن يكونوا قلقين. فسيطرة المجاهدين على سورية تعني أن الولايات المتحدة خسرت كل قدرة على التأثير تملكها، والقدرة على استعمال التوازنات والكوابح هناك. ويفهم الروس ايضا ذلك ويخشى هؤلاء واولئك تصدير هذه الأجندة الى بلديهما أو الى بلدان مجاورة. وإن احتمال سيطرة المجاهدين على جمهورية الشيشان يقلق موسكو جدا. هذه مسيرة أفغنة: فهناك ناشطون يكتسبون مهارات قتالية في مكان في العالم ويطبقونها في مكان آخر. وهؤلاء الاشخاص يحملون جراثيم وباء ذي مرحلتين: المرحلة الخفية التي يأكل فيها الجسم من الداخل من دون أن يعلم المريض أن هذا ما يحدث، والمرحلة الظاهرة التي يخرج فيها الى الخارج لكنه يكون قد اصبح في كامل قوته’.
‘كان يعيش في سورية 22 مليون ساكن قُبيل الحرب الأهلية. 87 في المئة منهم مسلمون، و10 في المئة مسيحيون و3 في المئة من الدروز. وإن 74 في المئة من عامة المسلمين سنيون و11 في المئة علويون و2 في المئة فقط شيعة. ويُدافع مقاتلو حزب الله عن هذين الاثنين في المئة برعاية ايران ودعمها الكثيف. يدافعون عنهم وعن قبر الست زينب.
إن الست زينب هي إبنة الامام علي بن أبي طالب، وهي حفيدة النبي محمد. وقبرها هو الأقدس عند الشيعة في سورية وهو مركز حج من العالم كله يزوره نحو من 4 ملايين انسان كل سنة. وتدور في الاشهر الاخيرة حول هذا الموقع معارك قوية، فناشطو جبهة النصرة يحاولون مرة بعد اخرى هدمه. وقد قصفوه وأرسلوا اليه سيارات مفخخة ودراجة هوائية مفخخة بعد ذلك ايضا، وكل ذلك من دون نجاح ازاء قوات حزب الله. ‘إنه مكان مقدس جدا للشيعة’، يقول الدكتور إيرليخ، ‘ويتطرق حسن نصر الله في كل مرة يحتاج فيها الى أن يُفسر لماذا يؤيد حزب الله النظام السوري، الى مسألة القبر. وهو يُبين أن ما تفعله منظمته هناك ليس دعما للحاكم بشار الاسد، بل حماية لقبر الست زينب. ويؤكد نصر الله هذه المسألة ازاء حقيقة أن جبهة النصرة مع الجيش السوري الحر قد هدما قبر امرأة مقدسة شيعية اخرى، وهذا هو التعليل الذي يأتي به ايضا حينما يتناول عدد قتلى حزب الله الذين بلغوا نحوا من 200 شخص حتى الآن، وهذا معطى مرتفع جدا بالنسبة لمنظمة في حجم حزب الله’.
يشير اسم ‘جبهة النصرة’، واسمها الكامل ‘جبهة النصرة لأهل الشام’ الى طموح المنظمة بقدر غير قليل. والقصد على نحو عام، كما يُبين إيرليخ الى الاردن ولبنان واسرائيل والضفة الغربية ايضا. قبل ثلاثة أشهر قال زعيم القاعدة أيمن الظواهري إن المنظمة الشابة وعمرها سنة ونصف السنة في الحاصل العام هي مُرسلته الرسمية في سورية. وتعمل جبهة النصرة الآن بحسب اسلوب القاعدة تماما، فالتراتب فيها ديني وعملياتي ايضا، ويرأسها أمير تخضع لسلطته هيئة استشارية تسمى مجلس الشورى، وتعمل تحتهما أذرع مختصة لجمع الاموال وشراء الوسائل القتالية والدعاية الدينية، بل للاعلام والعلاقات الخارجية. حينما انتهى إيرليخ ورفاقه من كتابة البحث أتموا رسم خريطة للأخطار التي تترصد العالم من قبل المنظمة في سورية. ‘كان أكبر خطر حددناه هو سيطرة القاعدة على الدولة ومخزونات السلاح الكيميائي فيها، وليس هذا خطرا محتملا، بل هو خطر يمكن أن نراه بالعين. وليس صدفة أن جند الجميع أنفسهم ليدفعوا قدما بالاقتراح الروسي للقضاء على السلاح الكيميائي مقابل الغاء الهجوم الامريكي. نحن نعتقد أن الحديث عن تسوية مطلوبة، وحقيقة أنها قُبلت هي خبر جيد لاسرائيل والولايات المتحدة والغرب كله ولسورية ايضا.
‘نحن لا نرى اليوم في الحقيقة أن المتمردين سيسيطرون على سورية في الغد، لكننا لا نراهم يغادرون ايضا. فهم موجودون هناك للبقاء وللاستمرار في كسب التأثير. وسيبقون هناك لتشجيع الفوضى التي هي برنامج العمل المثالي لتطورهم والحفاظ على سورية مركز فوضى نازفا في الشرق الاوسط ليس حيا ولا ميتا. في لقاء صحافي أجراه نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية موريل لصحيفة ‘وول ستريت جورنال’، عرّف ما يحدث في سورية بأنه أكبر تهديد تواجهه الولايات المتحدة اليوم. وقال هناك إن سورية قد تصبح مأوى آمنا لرجال الجهاد العالمي يحل محل المأوى الباكستاني. وتحدث بصراحة عن تهديد أعلى’.
‘ ربما يتبين من كلامك أن بقاء الاسد في الحكم أفضل؟
‘ ‘الجواب مركب، فهذا اختيار بين الطاعون والكوليرا. وهذا نظام يعمل قاعدة لايران وحزب الله وهو جزء من محور الشر يُدبر سياسة استبداد في سورية. وهذا الوضع يميز الشرق الاوسط جدا ولا يُمكّن من الاختيار بين أخيار وأشرار بل بين أشرار وأكثر شرا منهم’.
‘ أهذا يجعل سؤال لماذا لا يساعد الامريكيون الاسد، لا داعي له؟
‘ ‘لا. فهو سؤال ذو صلة تماما، لكن الجواب في هذه الحالة ايضا مركب، ولهذا فان ما يفعله الامريكيون هو علاج نقطي مع إبطال الأخطار مثل القضاء على السلاح الكيميائي، لكن هذا لا يوجه ضربة قاتلة الى النظام ولا يقضي على قدرات المتمردين’.
وكان الخطر الثاني الذي حدده الباحثون أكثر محلية وهو انشاء جبهة جهاد تابعة للقاعدة على الحدود الشمالية. ‘إن القاعدة منظمة أهدافها العليا تشتمل ايضا على القضاء على دولة اسرائيل’، يُبين إيرليخ. ‘وقد تحدث الظواهري في ذلك بصراحة. فقد أعلن في شباط/فبراير 2012 أنه بعد اسقاط نظام الاسد فورا ستصبح سورية قاعدة انطلاق لمقاتلي الجهاد الذين سيكون هدفهم انشاء دولة تحمي اراضي المسلمين، وتحرير الجولان والاستمرار في الجهاد الى أن تُرفع رايات النصر فوق القدس المحتلة.
‘ وماذا يعني ذلك في الصعيد العملي؟ إنه يعني أن تُثبت هذه المنظمات أقدامها على حدود اسرائيل، والخروج في عمليات ارهابية بتنسيق ما مع جهات من القاعدة موازية لها في سيناء وغزة ولبنان، بل في داخل اسرائيل؟
‘ ‘من المقلق بصورة خاصة في هذا السياق حقيقة أنه حتى لو بقي الاسد على كرسيه، وحتى لو انتصر الجيش السوري الحر وأسقط النظام الحالي، فاننا نقول في بحثنا إنه لن يستطيع أحد منهما أن يقضي على هذه المنظمات. إن جبهة النصرة هي منظمة تبرز بقدراتها العسكرية وتتميز بجهاز قيادة وسيطرة والتزام عقائدي عميق جدا ومصمم عند الناشطين’.
‘ ما الذي يجب أن تفعله اسرائيل على الحدود الشمالية؟
‘ ‘باعتبار أن كل خدمتي العسكرية كانت في ‘أمان’ قسم البحث، واختصت بالشأن اللبناني، فان رأيي هو أنه يجب على اسرائيل أن تستمر في قلة البروز كما فعلت الى الآن. ويجب أن توجد حلول لمشكلات محددة لن أفصلها’.
‘ وماذا يجب أن يفعل العالم ازاء هذا الخطر؟
‘ ‘يجب أولا أن يتابع الناشطون جمع المعطيات وتحليل النتائج. ويُحتاج في المرحلة التالية لأجل العمل الى تعاون دولي. ليست العلاقات بين الدول مسألة مزاج أو طيبة قلب، بل تقوم العلاقات بين الدول على المصالح. والحديث في هذه الحال عن مصالح متطابقة في أكثر العالم الغربي وفي جزء كبير ايضا من الدول العربية، خاصة تلك التي يُنظر اليها على أنها موالية للغرب. إن التعاون الحقيقي والدائم والمستمر فقط سيُمكّن من القضاء على هذه المنظمات ومن تجفيف مصادر نموها’.
‘ كيف سيحدث هذا بالفعل؟
‘ ‘يجب أن يُمكّننا هذا التعاون من أن نعرف من الذي يُجند المجاهد في باريس مثلا، وكيف يتصل به وأين تتم اللقاءات. ويفترض أن يكشف ذلك عن أنه هل يشارك رجال الدين الناشطون في الغرب وفي أي الأطر. نحن نعلم أن الحديث في بعض الحالات عن شباب يجتازون الحدود ببساطة من تركيا أو من الاردن وينضمون الى هذه المنظمات، لكن يوجد اشخاص هذه مهمتهم، أعني تجنيد المتطوعين ونقلهم ويجب تحديد مواقعهم. ويجب في هذا السياق ايضا أن نرى من أين يأتي المال وكيف يتنقل بين الأيدي ومن يتوسط في الطريق. في طول هذا البحث كله وكلما تعمقنا فيه كان الذي أثار عجبنا حقيقة أنه رغم أن الحديث عن منظمة معروفة يبرز اسمها منذ سنوات في العناوين الصحافية وفي وثائق اجهزة الاستخبارات في العالم، فانه ما زالت المعلومات التي جُمعت عنها جزئية، بل إن هذه المعلومات غير مُحدثة في حالات كثيرة. وهذه الوثيقة التي أصدرناها الآن هي البداية فقط لعمل أكبر وأشمل يجب القيام به’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ