Haneen
2013-12-05, 12:51 PM
اقلام واراء اسرائيلي 484
15/11/2013
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
كيري المنفصل عن الواقع غير مرغوب به!
بقلم:غاي بخور،عن يديعوت
حتى لا يتحول الاتفاق الأولي مع طهران الى نهائي ‘سيئ جدا’
بقلم:عاموس يدلين/ رئيس معهد بحوث الامن القومي، رئيس شعبة الاستخبارات سابقا،عن نظرة عليا
‘انه الشيطان الطائفي يا اغبياء’
بقلم:عيران سيغال،عن هآرتس
شرطة اسرائيل ضد حقوق الانسان
بقلم:اسرة التحرير،عن هآرتس
ليست الذرة الايرانية وحدها على الباب
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
جهاز الامن عاجز امام ‘عمليات الجو السائد’
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
ثواب بلا عقاب
بقلم:الكنا شور،عن معاريف
</tbody>
كيري المنفصل عن الواقع غير مرغوب به!
بقلم:غاي بخور،عن يديعوت
لم تكن مكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط منذ زمن بعيد جدا في مثل هذا الدرك العميق الذي هي موجودة فيه الآن، حتى إن وزير الخارجية جون كيري أصبح بالفعل شخصا غير مرغوبا فيه في أكثر دول المنطقة. وليست سياسة الرئيس براك اوباما الفاشلة وحدها هي التي حولت اصدقاء الولايات المتحدة الى أعدائها أو الى خائفين منها، بل شخصية كيري نفسه ايضا.
لن يتجرأ على السفر الى دول شمال افريقيا بخشية واضحة على حياته. وهم في السعودية والخليج العربي يرونه تهديدا ملموسا لبقاء نظم الحكم وأنه باعهم لايران. وقد هبط في مصر خمس دقائق وهرب من هناك ناجيا بحياته. وفي تركيا لا يتحمسون للحديث إليه بعد أن باعهم كما يرون للاسد الذي وافق هو نفسه على بقائه بعد أيام معدودة من تعريفه إياه بأنه ‘هتلر جديد’. وليس كيري ضيفا مرغوبا فيه عند الفلسطينيين ايضا. ربما يتجه كيري الى قطاع غزة التي يهتم بها كثيرا ايضا؟ أو ربما الى لبنان أو الى العراق؟.
إنه يخشى على حياته، لكن ليست عنده مشكلة في تعريض حياة الاسرائيليين للخطر، الذين سيضطرون من وجهة نظره الى أن يقضوا حياتهم كلها تحت تهديد الارهاب العربي.
إن مصر والسعودية وتركيا ـ وهي الدول الثلاث المسلمة التي كانت محورا حديديا للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط عشرات السنين ـ شديدة الغضب على هذا الشخص الذي تراه مقطوعا عن الواقع وهاذيا. ويلتزم كيري بأن تعترف الدول المسلمة باسرائيل بعد ‘اتفاق سلام’. لكنها غير مستعدة للاعتراف به في الحقيقة.
لكن الشيء الأكثر إدهاشا هو أن كيري ذاك أصبح شخصا غير مرغوب فيه في اسرائيل ايضا. ومن كان يخطر بباله أن يحدث هذا الشيء مع أقرب صديقة للولايات المتحدة في الشرق الاوسط؟ إن سخاءه الانتقائي وابتساماته المتكلفة، كل ذلك ربما كان يُضل طريقا في اسرائيل لكنه لم يعد كذلك.
إن خيانته لاسرائيل حينما أتم في واقع الامر ‘صفقة’ مع نظام آيات الله الشرير و’نسي’ أن يُبلغ اسرائيل عن التفاصيل الحقيقية حتى آخر لحظة؛ وتحذيره من انتفاضة ثالثة وكأنه الممثل الفلسطيني؛ وعدم فهمه الأساسي لحاجات اسرائيل الوجودية؛ وغروره وعادته أن يأتي الى هنا بصورة وسواسية وكأنه السيد ورب البيت ـ كل ذلك أسقط سمعته في اسرائيل. ويشهد على ذلك دهشة رئيس الوزراء نتنياهو في اللقاء الاخير بين الاثنين في المطار الذي فر كيري على أثره الى طائرته حتى دون أن يكون مستعدا لأن يُرى مع نتنياهو. ولم نكن نتوقع أن تبيعنا الولايات المتحدة على هذا النحو ولا سيما فيما يُرى هنا أمرا وجوديا.
ويتبين ايضا أن هذا الرجل أيد قافلة التشهير البحرية الى قطاع غزة، وما زال تصوره لمنطقتنا مقطوعا عن كل واقع. هل تريدون أدلة؟ لقد ثار كيري على الطاغية الاسد علنا لكنه في واقع الامر وهب له بوليصة تأمين على هيئة الاتفاق على حظر السلاح الكيميائي. وثار علنا على نظام آيات الله وهو يطمح الآن الى إرضاء هذا النظام والتسليم بالتهديد الآتي من قبله.
اذا كان كيري باع اسرائيل في لحظة الامتحان فكيف يمكن الاعتماد عليه في المستقبل؟ فهل يمكن أن يكون هذا الانسان وسيطا ‘أمينا’ بين اسرائيل والفلسطينيين؟ قد تكون حكومة اسرائيل أسيرة للولايات المتحدة وملزمة بأن تتابع التفاوض الذي أصبح في هذه الاثناء رسما كاريكاتوريا في حد ذاته. لكن الجمهور الاسرائيلي ما زال حرا متيقظا ونحن ندرك جيدا ما هو الصالح لنا وما هو الخطير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حتى لا يتحول الاتفاق الأولي مع طهران الى نهائي ‘سيئ جدا’
بقلم:عاموس يدلين/ رئيس معهد بحوث الامن القومي، رئيس شعبة الاستخبارات سابقا،عن نظرة عليا
الخلاف بين اسرائيل والولايات المتحدة في مسألة الرد على التحدي النووي الايراني انتقل هذا الاسبوع من الغرف المغلقة الى العناوين الرئيسة في الصحف والى صدام علني على قنوات التلفزيون. للولايات المتحدة واسرائيل هدف استراتيجي مشترك منع تزود ايران بسلاح نووي. ومع ذلك يوجد بينهما فجوة هائلة في مسألة كيفية الوصول الى هدف وقف التحول النووي العسكري لايران، ما هي الاستراتيجية السليمة في هذه اللحظة، والى اين يؤدي الاتفاق الاولي الذي سيقف في قلب الجولة التالية من المحادثات في 20 تشرين الثاني 2013.
تتفق الدولتان على أن فقط رافعتي ضغط يمكنهما أن يغيرا الاستراتيجية الايرانية، المتجهة نحو قدرات نووية عسكرية: رافعة العقوبات الاقتصادية ورافعة التهديد المصداق بهجوم عسكري. ومع ذلك، توجد بين الدولتين فوارق شاسعة في تقديرهما لحجم، نجاعة وتوقيت استخدام الرافعتين.
أولا، من المهم الايضاح هدف المفاوضات في جنيف في هذه الايام هو الوصول الى ‘اتفاق خطوة اولى’، وليس الى الاتفاق ‘النهائي الشامل’ الذي ينبغي تحقيقه في المستقبل بعد ستة اشهر اخرى من المفاوضات.
يرى الامريكيون في ‘الاتفاق الاولي’ رواقا للمفاوضات على الاتفاق الكامل والنهائي واختبارا جديا لتغيير السلوك الايراني بعد انتخاب روحاني. في نظرهم، توجد اهمية لتحسين الاجواء وتشجيع القوى ‘المعتدلة’ في ايران. كما يوجد ايضا انجاز في مجرد وقف الترسخ والتقدم للبرنامج النووي الايراني، لاول مرة منذ 2003. فالبديل لعدم الاتفاق، في نظر الامريكيين، هو استمرار التقدم الايراني نحو القنبلة. وحسب مسؤولين كبار في واشنطن، فان الثمن الذي سيدفعوه في تخفيف العقوبات منخفض وبتقديرهم فان رافعة العقوبات ستبقى حتى بعد التخفيفات: العقوبات المركزية على تصدير النفط وعلى القطاع المالي ستبقى سارية المفعول وستواصل كونها رافعة ذات مغزى، حتى بعد التخفيفات، قبيل بلورة الاتفاق النهائي.
ومن الجهة الاخرى، في نظر حكومة اسرائيل فان الخطوة الامريكية خطيرة ومضللة. تل أبيب تلاحظ تطلعا امريكيا للوصول الى اتفاق بكل ثمن تقريبا، وامكانية تفويت تاريخي للفرصة لاستخدام انجازات ضغط العقوبات الشاملة، التي فرضت على ايران في السنة الاخيرة. وفضلا عن ذلك، يخشى الاسرائيليون من أن يكون تخفيف العقوبات كبير فيقلص الضغط على ايران بل وربما يؤدي الى انهيار نظام العقوبات على اعتبار أن دول اعضاء عديدة ستسارع الى عقد الصفقات في ايران. والاسوأ من كل شيء هو التقدير بانه في هذا السيناريو سيبقى الامريكيون بلا رافعة في المفاوضات التالية لتحقيق ‘الاتفاق النهائي’. وفي نظر الاسرائيليين هناك تخوف كبير في الا تصل القوى العظمى الى ‘اتفاق نهائي’ مع ايران حتى بعد ان تمر الاشهر الستة. والايرانيون، الذين تحرروا من ضغط العقوبات سيعودون الى النشاط الكامل في برنامجهم النووي بكل جوانبه مستويات التخصيب الوسطى وربما ايضا الاعلى من 20 في المئة، زيادة الاف اجهزة الطرد المركزي، تفعيل المفاعل في اراك بل والدفع الى الامام بعناصر في برنامج السلاح.
تحليل الموقف الامريكي يثير لدي خوفا شديدا من أن الامريكيين لن يكونوا مستعدين للوصول الى امكانية تفعيل روافعهم في حالة فشل المحادثات بعد ستة اشهر. وفضلا عن ذلك، يبدو أنهم لن يعلنوا عن فشل خطوة المفاوضات مع ايران حتى لو لم يتوصلوا الى اتفاق. ثمة تخوف من أن يتحول الاتفاق الاولي الى الاتفاق الدائم الجدير بوصفه بالتأكيد كصفقة سيئة جدا. معنى الاعتراف بفشل المفاوضات هو الاختيار بين امكانية استخدام الخيار العسكري الخطوة التي كان الامريكيون بعيدين عنها دوما وبين امكانية تشديد منظومة العقوبات التي ‘ستدفع′ ايران، كما يخشون، الى الاختراق نحو القنبلة. فالتخوف من حرب ثالثة في الشرق الاوسط، صدمة الحربين الطويلتين وغير الناجحتين في العراق وفي افغانستان، وعدم ثقة الامريكيين بالامكانية التنفيذية لخطوة جوية، مركزة وموضعية، تسحق بشكل مقلق مصداقية الرافعة العسكرية حيال ايران. الحجج المطروحة اليوم في واشنطن هي: ‘الخطوة العسكرية على اي حال ستؤدي الى خطوة دبلوماسية، وبالتالي من الافضل الانتقال مباشرة الى الدبلوماسية’ و ‘الخطوة العسكرية ستؤجل فقط البرنامج ولن توقفه’. وتعمق هذه الحجج التخوف في اسرائيل من تعزز ميل التسليم بايران نووية وتعزيز لمؤيدي استراتيجية ‘الاحتواء والردع′. يمكن التقدير بانه اذا لم يتم جسر عدم الثقة بين الدولتين واذا ما واصلت مصداقية الروافع الامريكية للوصول الى حلول دبلوماسية التآكل، فان الخيار العسكري الاسرائيلي، بصفته الرد الوحيد على تحدي البرنامج النووي الايراني، سيعود ليكون ذا صلة.
ثمة اهمية كبرى لاعادة التنسيق الاستراتيجي والتكتيكي بين الولايات المتحدة واسرائيل لغرض تحقيق الهدف المشترك لوقف التحول النووي الايراني. مهم جدا اعادة الثقة بين الدولتين على مستويات القيادات العليا، في المستوى الوزاري وبالاخص في مستوى القيادة. واليكم سبع توصيات للسياسة اذا ما طبقت ستكون لها مساهمة هامة في تحقيق الهدف المشترك:
1. ‘ ‘ من المهم للولايات المتحدة واسرائيل أن تستوضح الخلاف الذي بينهما على تفاصيل ‘الاتفاق الاولي’. على الولايات المتحدة أن توضح لاسرائيل ما هي التخفيفات في العقوبات التي تبحث الان، وهل هي تخرج بقدر هام عن تلك التي عرضت على اسرائيل. الايضاح حيوي لتجديد الثقة بين الطرفين. اما تبادل الاتهامات على مسألة هل اسرائيل تعرف الاتفاق فلا تساهم في الثقة بين الدولتين وفي البحث الموضوعي في مسألة الاتفاق الاولي وتأثيره على الاتفاق النهائي. فالشفافية في السلوك واطلاع اسرائيل على تفاصيل المفاوضات حيويين لاعادة الخطاب من قنوات الاخبار الى غرف متخذي القرارات والى خطوط الاتصال السرية.
2. ‘ ‘ يجب التأكد من أن يتضمن الاتفاق الاولي المقترح بحد أدنى استبدال كل اليورانيوم المخصب الى 20 في المئة بحيث لا يكون ممكنا استخدام الايرانيين له للاختراق الى السلاح؛ وقف اقامة المفاعل البلوتومي؛ عدم تشغيل اجهزة الطرد المركزي المتطورة؛ وتعزيز الرقابة حسب البروتوكول الاضافي. دون هذه العناصر لا معنى لـ ‘وقف الساعة النووية’ الايرانية. من المهم التأكد من أن التخفيفات في العقوبات، التي تعطى للايرانيين في اطار الاتفاق، قابلة للتراجع، ولا تدفع الى الانهيار عمليا بنظام العقوبات ولا تضعف الرافعة المركزية المتبقية، التي تتيح تغيير الاستراتيجية الايرانية في المستقبل.
3. ‘ ‘ من المهم ان توضح الولايات المتحدة بان ‘الاتفاق الاولي’ لا يعطي لايران شرعية لنشاطاتها النووية. هناك تخوف شديد من ان يكون الاعتراف باستمرار النشاطات الايرانية يشكل تراجعا عن مطالب الاسرة الدولية، مثلما وجدت تعبيرها في قرار مجلس الامن للامم المتحدة رقم 1737، والتي تطالب ايران بان تعلق بشكل فوري كل نشاطاتها النووية.
4. ‘ ‘ من المهم أن توضح الولايات المتحدة بان ‘الاتفاق الاولي’ لا يسري المفعول الا لستة اشهر وان المسيرة لن تتواصل دون قيد زمني. من ‘المهم أن تحدد تل أبيب وواشنطن معايير ‘النجاح’ او ‘الفشل’ في الاتفاق النهائي الاتفاق الذي من السليم توجيه كل الانتباه والطاقة الدبلوماسية اليه. من المهم أن نكون على ‘ذات الصفحة’ في المسائل المركزية السبعة للاتفاق النهائي: مستوى التخصيب في البرنامج النووي، عدد أجهزة الطرد المركزي، مخزون المادة التي تخرج من ايران، مستقبل موقع بوردو، عدم تفعيل المفاعل البلوتوني في اراك، عمق الرقابة المستقبلية على البرنامج واغلاق الملفات المفتوحة في مسائل السلاح. من المهم الوصول الى توافق على مقاييس الصفقة الطيبة، الصفقة المعقولة أو الصفقة السيئة.
5. ‘ ‘ الاتفاق مع الادارة على خطة ثانية في حالة عدم التوصل الى اتفاق وذلك في عدة سيناريوهات: في حالة الا يتحقق مع ذلك الاتفاق الاولي؛ في حالة ان تخرق ايران الاتفاق؛ وفي حالة الا يتحقق الاتفاق الكامل في ختام الاشهر الستة من المفاوضات.
6. ‘ ‘ من المهم ان تعود الولايات المتحدة لان تمنح مصداقية للتهديد ‘كل الخيارات على الطاولة’ من أجل تعزيز رافعة الضغط العسكري حيال ايران. ‘فن الحرب’ هو تحقيق الاهداف الاستراتيجية بالحد الادنى من المقدرات والزمن وفي ظل تقليص المخاطر. التهديد باستخدام القدرات العسكرية الامريكية التي لا تزال هي القدرات الاهم في العالم كفيلة في نهاية المطاف بمنع الحاجة الى استخدامها. ومن أجل تعزيز التهديد الامريكي فان على الولايات المتحدة أن تجسد استعدادها بالافعال، وليس فقط بالتصريحات (والتي هي ايضا ضعفت جدا في الاشهر الاخيرة، في ان الخيار العسكري جدي وذو مصداقية.
7. ‘ ‘ من المهم أن توضح الولايات المتحدة في أنه اذا فشلت المحادثات، فان جولة اخرى من العقوبات ستنطلق على الدرب. هنا ايضا مطلوبة مصداقية في التصميم الامريكي على تشديد العقوبات. يمكن للكونغرس الامريكي أن تصدر خطوة اخرى من العقوبات بنجاعة. هذه الخطوة سيشترط تفعيلها، اذا ما وعندما تفشل المحادثات.
الخلاصة – للولايات المتحدة واسرائيل، وكذا لباقي القوى العظمى ولقسم كبير من الدول العربية مصلحة قومية واضحة وصريحة لابعاد ايران عن القدرة على انتاج سلاح نووي. من المهم جدا الحفاظ على التعاون والتنسيق قبيل المحادثات على الاتفاق النهائي، وعدم سحق الثقة بين الاطراف في مرحلة ‘الاتفاق الاولي’. من المهم ايضا اعادة الثقة والتفاهم المتبادلين بين الولايات المتحدة واسرائيل، والتوافق على شروط، ‘الاتفاق النهائي والكامل’ المعقول. على الولايات المتحدة أن تضمن الا يتحول الاتفاق الاولي الى اتفاق نهائي، تبقى فيه ايران مع كل قدراتها النووية وجاهزة للاختراق الى قنبلة نووية في زمن قصير. تعظيم المصداقية لتصميم الولايات المتحدة والقوى العظمى على تفعيل كل الروافع التي تحت تصرفها لوقف البرنامج النووي الايراني، هو شرط ضروري للنجاح في المفاوضات المستقبلية على الاتفاق النهائي مع ايران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘انه الشيطان الطائفي يا اغبياء’
بقلم:عيران سيغال،عن هآرتس
منذ تسارعت المفاوضات بين ايران والغرب، في اعقاب انتخاب حسن روحاني رئيسا، ونحن نسمع الاعتراض المتعاظم من جانب السعودية ودول الخليج لهذه المسيرة. رغم أن السعوديين قللوا من تصريحاتهم الرسمية في هذا الشأن، واضح للجميع بانهم غير شركاء في التفاؤل. فقد اصبحت دول الخليج واسرائيل شركاء استراتيجيين، كما يبدو، في محاولة اقناع الغرب برفض ‘هجمة الابتسامات’ الايرانية.
ومع ذلك، يدل التاريخ على ان الامر ليس مفهوما من تلقاء نفسه. ففي التسعينيات شهدت العلاقات بين ايران والسعودية تحسنا تدريجيا وصل ذروته في 1997 مع الانتخاب المفاجيء لمحمد خاتمي رئيسا لايران. ومثلما هو اليوم، فان الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة ترددت في كيفية استقبال التغيير، ولكن في حينه كان السعوديون هم بالاساس من شجعوا على تحسين العلاقات مع ايران. سلسلة من الزيارات المتبادلة، بلغت ذروتها بزيارة ولي العهد السعودي عبدالله (الملك اليوم) وخاتمي، وكذا استئناف الرحلات الجوية بين الدولتين لاول مرة منذ الثورة، شكلت بالنسبة للغرب الرغبة في التغيير.
هذا التحسن في العلاقات جاء بالذات على خلفية مواجهة متصاعدة في تلك السنين بين الولايات المتحدة وايران، كجزء من سياسة الرئيس بيل كلينتون التي سميت ‘بالاحتواء المزدوج’، وكان هدفها صد ايران والعراق في نفس الوقت. السعوديون، مثل باقي دول الخليج، تخوفوا من العدوانية العلنية التي في النهج الامريكي واستغلوا التغيير في ايران للتحفظ عليه بشكل علني.
وبالتالي لماذا جاء رد فعل السعودية على وضعية مشابهة ليكون معاكسا تماما لما كان قبل 16 سنة؟ يكمن الجواب في التغيير الذي احدثه ‘الربيع العربي’ ولا سيما التوتر الداخلي الذي نشأ جراء ذلك. فقبل بضعة اشهر نشر طوبي متياسن كتابه ‘الخليج الطائفي’ والذي ادعى فيه بان السبب الاساس لغياب ‘ربيع عربي’ في الخليج هو نجاح حكام الدول، ولا سيما حكام السعودية، في تحويل الخطاب العام من مسائل الديمقراطية، التمثيل والمشاركة في سياقات اتخاذ القرار، الى المسألة الطائفية، اي علاقات الشيعة والسنة. وتضمنت الخطوة الذكية للثورة المضادة بقيادة السعوديين التشديد على العنصر الشيعي في اوساط الساعين الى التغيير وكذا الى الدور الخارجية الايراني.
واضافة الى ذلك، فان هذه الانظمة، من خلال شركات العلاقات العامة، تستخدم منظومة متفرعة من السفراء السابقين، الاكاديميين ورجال الاعمال ممن يحرصون على ابراز مركزية الشيعة وايران في الاحداث المختلفة في منطقة الخليج بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام. وكان لمطالب التغيير في الخليج شركاء سنة كثيرين، ولكن اجراءات السلطات دفعت الى الزاوية بالمطالب الليبرالية وبالنشطاء السنيين ممن خشوا من أن يتخذوا صورة من يؤيد الشيعة. بعد النجاح البارز لهذه الخطوة، ولا سيما في السنة الاخيرة كان التخوف الاساس لدول الخليج، ولا سيما السعودية، هو عودة النقاش الى مسائل التحول الديمقراطي، التمثيل وحقوق الانسان. ويزيد صعود روحاني جدا من امكانية أن يشطب الموضوع الايراني عن جدول الاعمال العالمي، وكذا مسالة نفوذ ايران في الشرق الاوسط. وبشكل مفعم بالمفارقة يمكن الافتراض بان ايران ايضا تفضل استمرار ‘النقاش الطائفي’ على النقاش الديمقراطي، وان كانت اعتبارات اقتصادية أغلب الظن هي التي تشكل وزنا مضادا اثقل.
يقلق السعوديين موقف الولايات المتحدة من المشاكل في سوريا وفي البحرين، ولكن يخيل أن التخوف الاساس هو من التغييرات الداخلية السريعة. وكانت العلاقات الخارجية للدولة دوما اعتبارا ثانويا لمسألة الاستقرار الداخلي وبقاء العائلة المالكة. وازداد التعرض السعودي للغرب جدا في العقد الاخير، وبدأ يعطي مؤشراته في التغييرات الاجتماعية التي يصعب على النظام استيعابها.
وتبين أن العدو الشيعي هو قاسم مشترك اساس على قاعدته يمكن توحيد المجتمع في السعودية وبقدر ما في الخليج باسره، ومن هنا مركزية ‘الخطاب الايراني’ والفكرة الطائفية حيوية لاستقرار الحكم في الخليج.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شرطة اسرائيل ضد حقوق الانسان
بقلم:اسرة التحرير،عن هآرتس
صلاحيات الاعتقال الاداري، التي تسمح باعتقال شخص في ظروف حبس بلا محاكمة، هي صلاحيات يأتي الاستخدام لها لحالات الطوارىء الامنية المتطرفة، التي يكون فيها المعتقل خطرا يقينيا وفوريا على أمن الدولة أو الأمن العام. ويجب أن يكون استخدام الاعتقال الاداري مقننا وكمخرج اخير إذ في اساسه يوجد انتهاك لحقوق المواطن، وعلى راسها حقه في اجراء قانوني قبل الحبس وحفاظ على حقوق المعتقل. الاعتقال الاداري يسمح بالخروج عن احكام الادلة، والنقاش فيه يدار وراء ابواب مؤصدة، وليس مطالبا بان يثبت ذنب الشخص بما لا يرتقي اليه شك معقول.
ولكن حقوق المواطن، كما يشهد على ذلك وزير الامن الداخلي اسحق اهرنوفيتش الذي قال في مؤتمره الصحفي في ايلات اول أمس: ‘كفى للازدواجية ولمنظمات حقوق الانسان هذه’ فهي لا تهم الوزير المسؤول عن شرطة اسرائيل. وفي هذه الايام يحث اهرنوفيتش والمفتش العام للشرطة يوحنان دنينو سلسلة قوانين توسع صلاحيات الشرطة، وعلى رأسها الاذن باجراء اعتقالات ادارية بين أعضاء منظمة الجريمة، على اساس انظمة الطوارىء.
ومع ان الاعتقال الاداري متاح في اسرائيل منذ السبعينيات، ولكن حتى الان كان الاساس في استخدامه في المناطق، حيث شكل على مدى السنين جزءا لا يتجزأ من ممارسة الاحتلال. وقد انزلقت هذه الممارسة نحو طالبي اللجوء، الذين حبسوا لفترات طويلة دون محاكمة، والان يسعون الى استخدامها تجاه مجموعة اخرى ايضا. ينبغي معالجة منظمات الجريمة بشدة، وواضح أن مثل هذه المعالجة لا يمكنها أن تتم بقفازات من حرير، ولكن الاعتقال الاداري ليس الجواب على ذلك. فالتنكر لسلطة القانون اخطر من ضرر منظمات الجريمة، والمس بالحقوق القانونية الاساس، حتى لاسوأ المجرمين هو ثغرة لاستخدام متسرع لسوط الاعتقال الاداري وتفسيراته المستقبلية الخطيرة التي من شأنها أن تمس بمجموعات اخرى.
وبدلا من النجاعة ومنع الجريمة بوسائل مهنية اخرى، تفحص شرطة اسرائيل مجددا استمرار للتقرير عن الارتفاع في عدد لوائح الاتهام من جانب الشرطة ضد المتظاهرين في العام 2012 المس بحقوق الانسان والمواطن وبالمنظمات العاملة على الحفاظ عليها. خلافا لرأي الوزير اهرنوفيتش، فان نشاط هذه المنظمات لا علاقة له بالازدواجية الاخلاقية بل بالذات بالحفاظ على الحجارة الاساس بالحكم الديمقراطي. ان قانونا يوسع صلاحيات الاعتقال الاداري الى المجال الجنائي سيمس بشكل غير دستوري بالحق في الحرية.’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ليست الذرة الايرانية وحدها على الباب
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
حينما تحدث امريكيون كبار هذا الاسبوع الى اسرائيليين كبار زعموا أنهم غير مغفلين. قال الامريكيون لسنا سُذجا فنحن نعلم طبيعة الذين نفاوضهم. ونحن ندرك أن الايرانيين سيحاولون أن يأخذوا الكثير ويعطوا القليل. لكن ما نحاول فعله في جنيف هو أن ننظم اطارا زمنيا ضيقا يُمتحن فيه الايرانيون امتحانا حقيقيا. وفي نصف السنة المتحدث عنه لن يتقدم البرنامج الذري الايراني ولن ينهار نظام العقوبات. وفي نصف السنة هذا سيجري تفاوض كثيف سيتضح في نهايته هل توجد صفقة كبيرة مع ايران أم لا. ولهذا لا مكان للخوف ولا مكان للذعر. لأنه اذا لم يقدم خامنئي السلعة فسيواجه في الربيع القادم الولايات المتحدة الحازمة التي ستكون مستعدة لاستعمال القوة اذا ما احتيج حقا اليها. ويقول الامريكيون إتكلوا علينا فلسنا أولادا صغارا ونحن نعلم ما نفعل. إن دبلوماسيتنا الايرانية الجديدة هي دبلوماسية محسوبة موزونة تخدم المصلحة القومية الاسرائيلية ايضا.
إن الامريكيين ليسوا حمقى في الحقيقة، ولهذا يفترض أن يعلموا أن دعواهم المعلنة حسنة لكنها ضعيفة. فالاتفاق المرحلي الذي يصوغونه في جنيف اشكالي جدا. لكن ما يقود امريكيين أذكياء يقظين الى تأييد الاتفاق هو القلق لا الوهم. وحسب تحليل عميق لادارة اوباما فان وضع الغرب في مواجهة ايران ليس حسنا. فهل هذا صحيحا؟ لا يوجد خيار عسكري. فقد تقدم الايرانيون كثيرا جدا وبلغوا الى بعيد جدا ولا سبيل لجعلهم لا يعلمون ما أصبحوا يعلمونه. فهل هذه حقيقة؟ إن آلات الطرد المركزي أسرع من العقوبات. والعقوبات الاقتصادية تضر بالاقتصاد وتُثقل على نظام الحكم، لكنها لن تجعل ‘نتناز′ و’فوردو’ تختفيان. فهل هذا صحيحا؟ ويجب علينا أن نتحدث عن أن كل الخيارات على الطاولة، لكن يجب أن نعلم أنه لا توجد خيارات ولا طاولة منذ زمن بعيد. إن التوجه الى جنيف محاولة حزينة لتأخير النهاية كي لا يحدث وصول ايران الى القدرة الذرية في وقت ولاية اوباما بل بعدها فورا.
ليس الامريكيون حمقى لكنهم مُرهقون. ولهذا فان مزاجهم العام هو المزاج العام لنكسون الذي مضى الى الصين. وهم يرعون اعتقادا صادقا أنهم سيصنعون سلاما مع طهران في 2014 كما صنعوا سلاما مع بكين في 1972. ويأملون أن تكون المصالحة الامريكية الايرانية التاريخية هي تراث اوباما الدولي، وأن يُسوغ متأخرا جائزة نوبل التي حصل عليها مقدمة قبل أربع سنوات. لكن ما لا يأخذه الامريكيون في حسابهم هو حقيقة أنه في الوقت الذي يتجهون فيه الى الصين الجديدة يثيرون على أنفسهم خمسا أو ستا جديدة تشبه تايوان وهي: السعودية وامارات الخليج ومصر والاردن وتركيا واسرائيل. فهي تشعر الآن بأنها مخدوعة ومُخانة ومهددة. وهي أقوى من تايوان الأصلية بما لا يقبل المقارنة، ولهذا ستفعل كل ما تستطيع لافشال رحلة اوباما الى روحاني. إن أبناء الأخ الذين هجرهم العم سام سيثورون على العم سام ويحاولون أن يُعلموه درسا.
كانت القصة الكبيرة في 2012 هي قصة الهجوم الاسرائيلي الردعي الذي لم يُنفذ في آخر الامر، وقد تتكرر هذه القصة في الربيع أو الصيف القادمين وقد لا تتكرر. وسيجعل اتفاق مرحلي من الصعب على اسرائيل القيام بأي عملية ويحشرها في زاوية.
‘لكن القصة الجديدة الكبيرة في 2014 قد تكون قصة حصول السعودية على قدرة ذرية ردعية. فليس من الممتنع أن تكون أول قنبلة اسلامية في الشرق الاوسط عربية لا فارسية. وليس من الممتنع ايضا أن يتجه ملك السعودية الى الصين الحقيقية في الوقت الذي يتجه فيه الرئيس الامريكي الى الصين الجديدة.
ستكون الحال مُفرحة أيها الاصدقاء. إن السنيين واليهود يغلون غضبا ولهذا يتشاركون الآن ويخرجون في معركة على المسيحيين والشيعة الذين يُتمون صفقة في جنيف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
جهاز الامن عاجز امام ‘عمليات الجو السائد’
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
إن ضابط الصف عيدن أتياس الذي قُتل في صباح يوم الاربعاء بطعنات سكين في العفولة، هو الاسرائيلي الرابع الذي قتله فلسطينيون في غضون أقل من شهرين، والاول بين الضحايا الذي قُتل في داخل الخط الاخضر. وليس هنا بخلاف بعض العمليات السابقة حالة اختلطت فيها بواعث قومية وجنائية. فقد طعن فتى فلسطيني أصغر من هذا الضابط بثلاث سنوات فأرداه قتيلا وقال لمحققي الشرطة إنه تسلل الى اسرائيل وهو يفكر بالبحث عن مصدر عيش وفي قتل يهودي اذا لم يجد عملا.
‘وتقول الشرطة إن الفتى المتهم بالقتل قال إنه أراد أن ينتقم بسبب سجن اثنين من أقربائه في اسرائيل، وغضب لأنها لم تُمكّن أبناء عائلته من زيارة السجينين في السجن. وسلوكه كالباعث الذي ذكره يشبه كثيرا سلوك المتهمين بتنفيذ عمليات سابقة (قتل الجندي تومر حزان؛ وقتل العقيد احتياط شريه عوفر في الغور ومحاولة صدم بجرافة في الرام وقتل مقاتل جفعاتي غال كوبي في الخليل. ولم يُحل لغز الحالة الاخيرة فقط ولم يُعتقل مشتبه فيهم).
‘الحديث في هذه الحالات عن مبادرة محلية دون وجود قاعدة ارهابية عملياتية من ورائها، من قبل اشخاص لم تكن لهم خلفية أمنية سابقة ولم يُتلق في ‘الشباك’ أصلا أي إنذار سابق بنشاطهم. ويبدو أن هذا الفتى مثل المتهم بقتل حزان (الذي ستُقدم فيه لائحة اتهام غدا الى المحكمة العسكرية) وسائق الجرافة في الرام، يبدو أنه عمل بوحي من أبناء عائلته كانوا مشاركين في عمليات في الماضي.
”يُسمون هذه الوقائع في الجيش الاسرائيلي في الشهرين الاخيرين ‘عمليات جو’ وهي اعمال أفراد يعملون بتشجيع من الجو الذي أخذ يزداد سوءا في الضفة الغربية دون توجيه من أعلى لكن عن رغبة منهم في تقليد نجاح منفذي عمليات سابقة. ونقول بعبارة اخرى إن حقيقة أنه قُتل ثلاثة اسرائيليين في العمليات السابقة وهذا معطى شاذ جدا قياسا بهدوء السنتين الاخيرتين تحث على محاولات اخرى كالقتل في صباح يوم الاربعاء الماضي. وتحصر وسائل الاعلام الاسرائيلية عنايتها بطبيعة الامر في عمليات ذهب فيها ضحايا اسرائيليون، لكنه سُجل في الشهرين الاخيرين نحو من عشر محاولات عمليات أكثرها كما يبدو نتاج مبادرات أفراد. ففي يوم الخميس الماضي قتل جنود فلسطينيا أطلق النار من مسدس مفرقعات على سيارة اسرائيليين عند مفترق تفوح في السامرة، وأطلق شرطيو حرس الحدود النار على فلسطيني حاول كما يقولون أن يطعنهم في مفترق بالقرب من القدس فأردوه قتيلا.
يصعب على قوات الامن أن تجد ردا فعالا على موجة الارهاب الجديدة، ولا ينجح ‘الشاباك’ في العثور على منفذي العمليات قبل أن ينفذوا خططهم. وكما نبّه ضابط رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي يخدم في المناطق، يوجد في الضفة ’100 ألف فلسطيني تقريبا لكل واحد منهم حساب مفتوح معنا في كل لحظة’. وللقتل في العفولة في صباح الاربعاء معنى آخر، فهذه أول عملية قاتلة في داخل الخط الاخضر بعد سنتين ونصف (منذ حدث قتل أفيف مراد بعملية صدم بسيارة في تل ابيب في أيار 2011)، ووقعت في حافلة، وهذه ساحة صادمة بصورة مميزة لعمليات وقت الانتفاضة الثانية. وإن تسرب التصعيد في المناطق الى داخل الخط الاخضر قد يضعضع شعور الاسرائيليين الشخصي بالأمن ولا سيما اذا تكررت هذه الحوادث.
إن القتل الاخير يتوقع أن يثير من جديد قضيتين كانتا محط اختلاف في أيام الانتفاضة تتعلق الاولى بتوزيع سلاح على الجنود (لم يكن أتياس مسلحا وصعب عليه أن يحمي نفسه من الطاعن)، لكن يبدو أن هذا استنتاج يحسن الحذر منه. حد الجيش الاسرائيلي من خروج الجنود ذوي الوظائف في الجبهة الداخلية الى بيوتهم مع سلاح قبل خمس سنوات بعد أن زادت حوادث سُرق فيها السلاح أو استعمله جنود للانتحار بل في اعمال قتل لسبب جنائي في عدة حالات. واعتقدوا في الجيش وبحق أن خطر وجود سلاح في أيدي أكثر الجنود في الجبهة الداخلية أكبر من الفائدة المحتملة منه. وعلى كل حال كان أتياس نفسه مدة اسبوعين فقط مبتدئا في الجيش الاسرائيلي بحيث يصعب أن نؤمن بأن هذا السلاح كان سينقذه.
وتتعلق المسألة الثانية ببقاء الفلسطينيين غير القانوني في اسرائيل. في سنوات الهدوء ليّنت اسرائيل جدا السياسة في هذا المجال بالفعل برغم أنها لم تعلن عن ذلك قط رسميا. ويمكث عشرات آلاف الفلسطينيين على الدوام في داخل الخط الاخضر بل انتقل عدد منهم الى اسرائيل عن طريق الحواجز. وكان الاعتقاد أن الاقتصاد مُحتاج إليهم وأن عملهم في اسرائيل يخفف الوضع الاقتصادي في الضفة ويسهم بصورة غير مباشرة في خفض الرغبة في تنفيذ عمليات. ويمكن أن نفرض أن يعمل ‘الشباك’ الآن على فرض قيود جديدة وتشديد منع دخول الفلسطينيين الذين لهم أبناء عائلة مسجونون في اسرائيل. ومع ذلك نشك في أن تعمل الشرطة في طرد منهجي للماكثين غير القانونيين من داخل اسرائيل ما لم ينزلق الوضع الى تصعيد أوسع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ثواب بلا عقاب
بقلم:الكنا شور،عن معاريف
يدعى حسين، وهو ابن 30. حاصل على الشهادة الشجامعية الاولى في التاريخ وفي العبرية. وهو أعزب، ولكن قريبا، مسألة بضعة ايام، سيتزوج من ليلى، ابنة عمة بعيدة، بعد مغازلات هاتفية لا تنقطع. حسين لا يعمل. وهو يخطط، في اللحظة التي تتاح له لان يعلم قليلا في مدرسة في مدينة مولده جنين. حاليا يقرأ. يقرأ كثيرا. يتعلم عن العالم، عن الشرق الاوسط، قليلا عن اوروبا، كثيرا عن امريكا الشمالية. وهو سيزورها، كما أقسم غير مرة، سيطير فورا ما أن يتحرر.
منذ 14 سنة وهو يحلم بامريكا الشمالية في غرفة غير مهواة في سجن عوفر. قبل 14 سنة، في صباح شمسي من تشرين الثاني الجاف (المجمون حذروا من الجفاف ولكن المتوسط السنوي تحطم في كانون الثاني)، صعد حسين الى الباص وطعن جنديا في نومه. وقد توفي الجندي متأثرا بجراحه. وامسك بحسين وارسل الى السجن المؤبد.
مرت 14 سنة. ولم يتبقَ من الجندي غير صورة باهتة في أرشق الصحيفة، تقرير موجز عن الجنازة وابوين كبيري السن، تعبين من أن يغضبا. حسين بالذات نضج. وقد فهم أنه اخطأ، وانه سار في عاصفة نفسية نحو دوامة عنف لا يتحكم بها أحد. ولد من جنين، يصف نفسه ويشرح ان كفى، العنف لم يؤدِ بالشعب الفلسطيني الى اي مكان، كفى سفك دماء. يجب التقدم، يقول، لانشاء عائلة، لنيل الرزق، للمغفرة، لصنع السلام.
‘ بعد يومين سيخرج حسين من بوابات سجن عوفر. رئيس الوزراء، السياسي المحنك، رجل اليمين بمعنى، هكذا يعتبر اتفق على اربع نبضات. 104 مخربين، معظمهم قتلة متقاعدين. مع انه في الماضي كتب، خطب، حذر بحماسة المعارض الجارف من الخطر في تحرير المخربين، ما بالك مع دم على الايدي، من حقنة التنشيط للارهاب، من الاستسلام المخجل. وها هو، رئيس الوزراء نضج. فهو على كرسيه منذ زمن طويل، والامور التي ترى من الكرسي، اي من هناك، لا ترى من هنا.
‘ عمليا، اكثر مما نضج، رئيس الوزراء الخائف. الامريكيون يضغطون، الفلسطينيون يهددون، في اوروبا يحيكون له تنديدات بـ 14 صيغة مختلفة. صعب عليه. صعب عليه مع الخوف، مع الضغط، مع هؤلاء الاهالي، الشائخين، الذين يقفون مرة اخرى امام بوابات ديوان رئيس الوزراء مع الصورة، الاسم، العمر ووصف العملية. سنحرر بسرعة، يفكر، من الافضل في الفجر. في غضون يومين الامر سيهدأ. سيتحدثون عن الميزانية فجأة. عن اسعار القهوة.
على مسافة بضع كيلو مترات من هناك، قلب حسين، يهدد بالانفجار من الانفعال. بعد يومين سيلتقي الجميع. العائلة، ليلى، سينثرون عليه الارز والسكاكر، هكذا يتخيل، سيرفعوه على الاكتاف. احد ما سيطلق عيارات فرح في الهواء. سيكون فرح. 14 سنة وهو ينتظر ذلك، يعد كل يوم، كل ساعة، منذ ذاك الصباح في 2013، صباح شمسي من تشرين الثاني الجاف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
15/11/2013
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
كيري المنفصل عن الواقع غير مرغوب به!
بقلم:غاي بخور،عن يديعوت
حتى لا يتحول الاتفاق الأولي مع طهران الى نهائي ‘سيئ جدا’
بقلم:عاموس يدلين/ رئيس معهد بحوث الامن القومي، رئيس شعبة الاستخبارات سابقا،عن نظرة عليا
‘انه الشيطان الطائفي يا اغبياء’
بقلم:عيران سيغال،عن هآرتس
شرطة اسرائيل ضد حقوق الانسان
بقلم:اسرة التحرير،عن هآرتس
ليست الذرة الايرانية وحدها على الباب
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
جهاز الامن عاجز امام ‘عمليات الجو السائد’
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
ثواب بلا عقاب
بقلم:الكنا شور،عن معاريف
</tbody>
كيري المنفصل عن الواقع غير مرغوب به!
بقلم:غاي بخور،عن يديعوت
لم تكن مكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط منذ زمن بعيد جدا في مثل هذا الدرك العميق الذي هي موجودة فيه الآن، حتى إن وزير الخارجية جون كيري أصبح بالفعل شخصا غير مرغوبا فيه في أكثر دول المنطقة. وليست سياسة الرئيس براك اوباما الفاشلة وحدها هي التي حولت اصدقاء الولايات المتحدة الى أعدائها أو الى خائفين منها، بل شخصية كيري نفسه ايضا.
لن يتجرأ على السفر الى دول شمال افريقيا بخشية واضحة على حياته. وهم في السعودية والخليج العربي يرونه تهديدا ملموسا لبقاء نظم الحكم وأنه باعهم لايران. وقد هبط في مصر خمس دقائق وهرب من هناك ناجيا بحياته. وفي تركيا لا يتحمسون للحديث إليه بعد أن باعهم كما يرون للاسد الذي وافق هو نفسه على بقائه بعد أيام معدودة من تعريفه إياه بأنه ‘هتلر جديد’. وليس كيري ضيفا مرغوبا فيه عند الفلسطينيين ايضا. ربما يتجه كيري الى قطاع غزة التي يهتم بها كثيرا ايضا؟ أو ربما الى لبنان أو الى العراق؟.
إنه يخشى على حياته، لكن ليست عنده مشكلة في تعريض حياة الاسرائيليين للخطر، الذين سيضطرون من وجهة نظره الى أن يقضوا حياتهم كلها تحت تهديد الارهاب العربي.
إن مصر والسعودية وتركيا ـ وهي الدول الثلاث المسلمة التي كانت محورا حديديا للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط عشرات السنين ـ شديدة الغضب على هذا الشخص الذي تراه مقطوعا عن الواقع وهاذيا. ويلتزم كيري بأن تعترف الدول المسلمة باسرائيل بعد ‘اتفاق سلام’. لكنها غير مستعدة للاعتراف به في الحقيقة.
لكن الشيء الأكثر إدهاشا هو أن كيري ذاك أصبح شخصا غير مرغوب فيه في اسرائيل ايضا. ومن كان يخطر بباله أن يحدث هذا الشيء مع أقرب صديقة للولايات المتحدة في الشرق الاوسط؟ إن سخاءه الانتقائي وابتساماته المتكلفة، كل ذلك ربما كان يُضل طريقا في اسرائيل لكنه لم يعد كذلك.
إن خيانته لاسرائيل حينما أتم في واقع الامر ‘صفقة’ مع نظام آيات الله الشرير و’نسي’ أن يُبلغ اسرائيل عن التفاصيل الحقيقية حتى آخر لحظة؛ وتحذيره من انتفاضة ثالثة وكأنه الممثل الفلسطيني؛ وعدم فهمه الأساسي لحاجات اسرائيل الوجودية؛ وغروره وعادته أن يأتي الى هنا بصورة وسواسية وكأنه السيد ورب البيت ـ كل ذلك أسقط سمعته في اسرائيل. ويشهد على ذلك دهشة رئيس الوزراء نتنياهو في اللقاء الاخير بين الاثنين في المطار الذي فر كيري على أثره الى طائرته حتى دون أن يكون مستعدا لأن يُرى مع نتنياهو. ولم نكن نتوقع أن تبيعنا الولايات المتحدة على هذا النحو ولا سيما فيما يُرى هنا أمرا وجوديا.
ويتبين ايضا أن هذا الرجل أيد قافلة التشهير البحرية الى قطاع غزة، وما زال تصوره لمنطقتنا مقطوعا عن كل واقع. هل تريدون أدلة؟ لقد ثار كيري على الطاغية الاسد علنا لكنه في واقع الامر وهب له بوليصة تأمين على هيئة الاتفاق على حظر السلاح الكيميائي. وثار علنا على نظام آيات الله وهو يطمح الآن الى إرضاء هذا النظام والتسليم بالتهديد الآتي من قبله.
اذا كان كيري باع اسرائيل في لحظة الامتحان فكيف يمكن الاعتماد عليه في المستقبل؟ فهل يمكن أن يكون هذا الانسان وسيطا ‘أمينا’ بين اسرائيل والفلسطينيين؟ قد تكون حكومة اسرائيل أسيرة للولايات المتحدة وملزمة بأن تتابع التفاوض الذي أصبح في هذه الاثناء رسما كاريكاتوريا في حد ذاته. لكن الجمهور الاسرائيلي ما زال حرا متيقظا ونحن ندرك جيدا ما هو الصالح لنا وما هو الخطير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حتى لا يتحول الاتفاق الأولي مع طهران الى نهائي ‘سيئ جدا’
بقلم:عاموس يدلين/ رئيس معهد بحوث الامن القومي، رئيس شعبة الاستخبارات سابقا،عن نظرة عليا
الخلاف بين اسرائيل والولايات المتحدة في مسألة الرد على التحدي النووي الايراني انتقل هذا الاسبوع من الغرف المغلقة الى العناوين الرئيسة في الصحف والى صدام علني على قنوات التلفزيون. للولايات المتحدة واسرائيل هدف استراتيجي مشترك منع تزود ايران بسلاح نووي. ومع ذلك يوجد بينهما فجوة هائلة في مسألة كيفية الوصول الى هدف وقف التحول النووي العسكري لايران، ما هي الاستراتيجية السليمة في هذه اللحظة، والى اين يؤدي الاتفاق الاولي الذي سيقف في قلب الجولة التالية من المحادثات في 20 تشرين الثاني 2013.
تتفق الدولتان على أن فقط رافعتي ضغط يمكنهما أن يغيرا الاستراتيجية الايرانية، المتجهة نحو قدرات نووية عسكرية: رافعة العقوبات الاقتصادية ورافعة التهديد المصداق بهجوم عسكري. ومع ذلك، توجد بين الدولتين فوارق شاسعة في تقديرهما لحجم، نجاعة وتوقيت استخدام الرافعتين.
أولا، من المهم الايضاح هدف المفاوضات في جنيف في هذه الايام هو الوصول الى ‘اتفاق خطوة اولى’، وليس الى الاتفاق ‘النهائي الشامل’ الذي ينبغي تحقيقه في المستقبل بعد ستة اشهر اخرى من المفاوضات.
يرى الامريكيون في ‘الاتفاق الاولي’ رواقا للمفاوضات على الاتفاق الكامل والنهائي واختبارا جديا لتغيير السلوك الايراني بعد انتخاب روحاني. في نظرهم، توجد اهمية لتحسين الاجواء وتشجيع القوى ‘المعتدلة’ في ايران. كما يوجد ايضا انجاز في مجرد وقف الترسخ والتقدم للبرنامج النووي الايراني، لاول مرة منذ 2003. فالبديل لعدم الاتفاق، في نظر الامريكيين، هو استمرار التقدم الايراني نحو القنبلة. وحسب مسؤولين كبار في واشنطن، فان الثمن الذي سيدفعوه في تخفيف العقوبات منخفض وبتقديرهم فان رافعة العقوبات ستبقى حتى بعد التخفيفات: العقوبات المركزية على تصدير النفط وعلى القطاع المالي ستبقى سارية المفعول وستواصل كونها رافعة ذات مغزى، حتى بعد التخفيفات، قبيل بلورة الاتفاق النهائي.
ومن الجهة الاخرى، في نظر حكومة اسرائيل فان الخطوة الامريكية خطيرة ومضللة. تل أبيب تلاحظ تطلعا امريكيا للوصول الى اتفاق بكل ثمن تقريبا، وامكانية تفويت تاريخي للفرصة لاستخدام انجازات ضغط العقوبات الشاملة، التي فرضت على ايران في السنة الاخيرة. وفضلا عن ذلك، يخشى الاسرائيليون من أن يكون تخفيف العقوبات كبير فيقلص الضغط على ايران بل وربما يؤدي الى انهيار نظام العقوبات على اعتبار أن دول اعضاء عديدة ستسارع الى عقد الصفقات في ايران. والاسوأ من كل شيء هو التقدير بانه في هذا السيناريو سيبقى الامريكيون بلا رافعة في المفاوضات التالية لتحقيق ‘الاتفاق النهائي’. وفي نظر الاسرائيليين هناك تخوف كبير في الا تصل القوى العظمى الى ‘اتفاق نهائي’ مع ايران حتى بعد ان تمر الاشهر الستة. والايرانيون، الذين تحرروا من ضغط العقوبات سيعودون الى النشاط الكامل في برنامجهم النووي بكل جوانبه مستويات التخصيب الوسطى وربما ايضا الاعلى من 20 في المئة، زيادة الاف اجهزة الطرد المركزي، تفعيل المفاعل في اراك بل والدفع الى الامام بعناصر في برنامج السلاح.
تحليل الموقف الامريكي يثير لدي خوفا شديدا من أن الامريكيين لن يكونوا مستعدين للوصول الى امكانية تفعيل روافعهم في حالة فشل المحادثات بعد ستة اشهر. وفضلا عن ذلك، يبدو أنهم لن يعلنوا عن فشل خطوة المفاوضات مع ايران حتى لو لم يتوصلوا الى اتفاق. ثمة تخوف من أن يتحول الاتفاق الاولي الى الاتفاق الدائم الجدير بوصفه بالتأكيد كصفقة سيئة جدا. معنى الاعتراف بفشل المفاوضات هو الاختيار بين امكانية استخدام الخيار العسكري الخطوة التي كان الامريكيون بعيدين عنها دوما وبين امكانية تشديد منظومة العقوبات التي ‘ستدفع′ ايران، كما يخشون، الى الاختراق نحو القنبلة. فالتخوف من حرب ثالثة في الشرق الاوسط، صدمة الحربين الطويلتين وغير الناجحتين في العراق وفي افغانستان، وعدم ثقة الامريكيين بالامكانية التنفيذية لخطوة جوية، مركزة وموضعية، تسحق بشكل مقلق مصداقية الرافعة العسكرية حيال ايران. الحجج المطروحة اليوم في واشنطن هي: ‘الخطوة العسكرية على اي حال ستؤدي الى خطوة دبلوماسية، وبالتالي من الافضل الانتقال مباشرة الى الدبلوماسية’ و ‘الخطوة العسكرية ستؤجل فقط البرنامج ولن توقفه’. وتعمق هذه الحجج التخوف في اسرائيل من تعزز ميل التسليم بايران نووية وتعزيز لمؤيدي استراتيجية ‘الاحتواء والردع′. يمكن التقدير بانه اذا لم يتم جسر عدم الثقة بين الدولتين واذا ما واصلت مصداقية الروافع الامريكية للوصول الى حلول دبلوماسية التآكل، فان الخيار العسكري الاسرائيلي، بصفته الرد الوحيد على تحدي البرنامج النووي الايراني، سيعود ليكون ذا صلة.
ثمة اهمية كبرى لاعادة التنسيق الاستراتيجي والتكتيكي بين الولايات المتحدة واسرائيل لغرض تحقيق الهدف المشترك لوقف التحول النووي الايراني. مهم جدا اعادة الثقة بين الدولتين على مستويات القيادات العليا، في المستوى الوزاري وبالاخص في مستوى القيادة. واليكم سبع توصيات للسياسة اذا ما طبقت ستكون لها مساهمة هامة في تحقيق الهدف المشترك:
1. ‘ ‘ من المهم للولايات المتحدة واسرائيل أن تستوضح الخلاف الذي بينهما على تفاصيل ‘الاتفاق الاولي’. على الولايات المتحدة أن توضح لاسرائيل ما هي التخفيفات في العقوبات التي تبحث الان، وهل هي تخرج بقدر هام عن تلك التي عرضت على اسرائيل. الايضاح حيوي لتجديد الثقة بين الطرفين. اما تبادل الاتهامات على مسألة هل اسرائيل تعرف الاتفاق فلا تساهم في الثقة بين الدولتين وفي البحث الموضوعي في مسألة الاتفاق الاولي وتأثيره على الاتفاق النهائي. فالشفافية في السلوك واطلاع اسرائيل على تفاصيل المفاوضات حيويين لاعادة الخطاب من قنوات الاخبار الى غرف متخذي القرارات والى خطوط الاتصال السرية.
2. ‘ ‘ يجب التأكد من أن يتضمن الاتفاق الاولي المقترح بحد أدنى استبدال كل اليورانيوم المخصب الى 20 في المئة بحيث لا يكون ممكنا استخدام الايرانيين له للاختراق الى السلاح؛ وقف اقامة المفاعل البلوتومي؛ عدم تشغيل اجهزة الطرد المركزي المتطورة؛ وتعزيز الرقابة حسب البروتوكول الاضافي. دون هذه العناصر لا معنى لـ ‘وقف الساعة النووية’ الايرانية. من المهم التأكد من أن التخفيفات في العقوبات، التي تعطى للايرانيين في اطار الاتفاق، قابلة للتراجع، ولا تدفع الى الانهيار عمليا بنظام العقوبات ولا تضعف الرافعة المركزية المتبقية، التي تتيح تغيير الاستراتيجية الايرانية في المستقبل.
3. ‘ ‘ من المهم ان توضح الولايات المتحدة بان ‘الاتفاق الاولي’ لا يعطي لايران شرعية لنشاطاتها النووية. هناك تخوف شديد من ان يكون الاعتراف باستمرار النشاطات الايرانية يشكل تراجعا عن مطالب الاسرة الدولية، مثلما وجدت تعبيرها في قرار مجلس الامن للامم المتحدة رقم 1737، والتي تطالب ايران بان تعلق بشكل فوري كل نشاطاتها النووية.
4. ‘ ‘ من المهم أن توضح الولايات المتحدة بان ‘الاتفاق الاولي’ لا يسري المفعول الا لستة اشهر وان المسيرة لن تتواصل دون قيد زمني. من ‘المهم أن تحدد تل أبيب وواشنطن معايير ‘النجاح’ او ‘الفشل’ في الاتفاق النهائي الاتفاق الذي من السليم توجيه كل الانتباه والطاقة الدبلوماسية اليه. من المهم أن نكون على ‘ذات الصفحة’ في المسائل المركزية السبعة للاتفاق النهائي: مستوى التخصيب في البرنامج النووي، عدد أجهزة الطرد المركزي، مخزون المادة التي تخرج من ايران، مستقبل موقع بوردو، عدم تفعيل المفاعل البلوتوني في اراك، عمق الرقابة المستقبلية على البرنامج واغلاق الملفات المفتوحة في مسائل السلاح. من المهم الوصول الى توافق على مقاييس الصفقة الطيبة، الصفقة المعقولة أو الصفقة السيئة.
5. ‘ ‘ الاتفاق مع الادارة على خطة ثانية في حالة عدم التوصل الى اتفاق وذلك في عدة سيناريوهات: في حالة الا يتحقق مع ذلك الاتفاق الاولي؛ في حالة ان تخرق ايران الاتفاق؛ وفي حالة الا يتحقق الاتفاق الكامل في ختام الاشهر الستة من المفاوضات.
6. ‘ ‘ من المهم ان تعود الولايات المتحدة لان تمنح مصداقية للتهديد ‘كل الخيارات على الطاولة’ من أجل تعزيز رافعة الضغط العسكري حيال ايران. ‘فن الحرب’ هو تحقيق الاهداف الاستراتيجية بالحد الادنى من المقدرات والزمن وفي ظل تقليص المخاطر. التهديد باستخدام القدرات العسكرية الامريكية التي لا تزال هي القدرات الاهم في العالم كفيلة في نهاية المطاف بمنع الحاجة الى استخدامها. ومن أجل تعزيز التهديد الامريكي فان على الولايات المتحدة أن تجسد استعدادها بالافعال، وليس فقط بالتصريحات (والتي هي ايضا ضعفت جدا في الاشهر الاخيرة، في ان الخيار العسكري جدي وذو مصداقية.
7. ‘ ‘ من المهم أن توضح الولايات المتحدة في أنه اذا فشلت المحادثات، فان جولة اخرى من العقوبات ستنطلق على الدرب. هنا ايضا مطلوبة مصداقية في التصميم الامريكي على تشديد العقوبات. يمكن للكونغرس الامريكي أن تصدر خطوة اخرى من العقوبات بنجاعة. هذه الخطوة سيشترط تفعيلها، اذا ما وعندما تفشل المحادثات.
الخلاصة – للولايات المتحدة واسرائيل، وكذا لباقي القوى العظمى ولقسم كبير من الدول العربية مصلحة قومية واضحة وصريحة لابعاد ايران عن القدرة على انتاج سلاح نووي. من المهم جدا الحفاظ على التعاون والتنسيق قبيل المحادثات على الاتفاق النهائي، وعدم سحق الثقة بين الاطراف في مرحلة ‘الاتفاق الاولي’. من المهم ايضا اعادة الثقة والتفاهم المتبادلين بين الولايات المتحدة واسرائيل، والتوافق على شروط، ‘الاتفاق النهائي والكامل’ المعقول. على الولايات المتحدة أن تضمن الا يتحول الاتفاق الاولي الى اتفاق نهائي، تبقى فيه ايران مع كل قدراتها النووية وجاهزة للاختراق الى قنبلة نووية في زمن قصير. تعظيم المصداقية لتصميم الولايات المتحدة والقوى العظمى على تفعيل كل الروافع التي تحت تصرفها لوقف البرنامج النووي الايراني، هو شرط ضروري للنجاح في المفاوضات المستقبلية على الاتفاق النهائي مع ايران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘انه الشيطان الطائفي يا اغبياء’
بقلم:عيران سيغال،عن هآرتس
منذ تسارعت المفاوضات بين ايران والغرب، في اعقاب انتخاب حسن روحاني رئيسا، ونحن نسمع الاعتراض المتعاظم من جانب السعودية ودول الخليج لهذه المسيرة. رغم أن السعوديين قللوا من تصريحاتهم الرسمية في هذا الشأن، واضح للجميع بانهم غير شركاء في التفاؤل. فقد اصبحت دول الخليج واسرائيل شركاء استراتيجيين، كما يبدو، في محاولة اقناع الغرب برفض ‘هجمة الابتسامات’ الايرانية.
ومع ذلك، يدل التاريخ على ان الامر ليس مفهوما من تلقاء نفسه. ففي التسعينيات شهدت العلاقات بين ايران والسعودية تحسنا تدريجيا وصل ذروته في 1997 مع الانتخاب المفاجيء لمحمد خاتمي رئيسا لايران. ومثلما هو اليوم، فان الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة ترددت في كيفية استقبال التغيير، ولكن في حينه كان السعوديون هم بالاساس من شجعوا على تحسين العلاقات مع ايران. سلسلة من الزيارات المتبادلة، بلغت ذروتها بزيارة ولي العهد السعودي عبدالله (الملك اليوم) وخاتمي، وكذا استئناف الرحلات الجوية بين الدولتين لاول مرة منذ الثورة، شكلت بالنسبة للغرب الرغبة في التغيير.
هذا التحسن في العلاقات جاء بالذات على خلفية مواجهة متصاعدة في تلك السنين بين الولايات المتحدة وايران، كجزء من سياسة الرئيس بيل كلينتون التي سميت ‘بالاحتواء المزدوج’، وكان هدفها صد ايران والعراق في نفس الوقت. السعوديون، مثل باقي دول الخليج، تخوفوا من العدوانية العلنية التي في النهج الامريكي واستغلوا التغيير في ايران للتحفظ عليه بشكل علني.
وبالتالي لماذا جاء رد فعل السعودية على وضعية مشابهة ليكون معاكسا تماما لما كان قبل 16 سنة؟ يكمن الجواب في التغيير الذي احدثه ‘الربيع العربي’ ولا سيما التوتر الداخلي الذي نشأ جراء ذلك. فقبل بضعة اشهر نشر طوبي متياسن كتابه ‘الخليج الطائفي’ والذي ادعى فيه بان السبب الاساس لغياب ‘ربيع عربي’ في الخليج هو نجاح حكام الدول، ولا سيما حكام السعودية، في تحويل الخطاب العام من مسائل الديمقراطية، التمثيل والمشاركة في سياقات اتخاذ القرار، الى المسألة الطائفية، اي علاقات الشيعة والسنة. وتضمنت الخطوة الذكية للثورة المضادة بقيادة السعوديين التشديد على العنصر الشيعي في اوساط الساعين الى التغيير وكذا الى الدور الخارجية الايراني.
واضافة الى ذلك، فان هذه الانظمة، من خلال شركات العلاقات العامة، تستخدم منظومة متفرعة من السفراء السابقين، الاكاديميين ورجال الاعمال ممن يحرصون على ابراز مركزية الشيعة وايران في الاحداث المختلفة في منطقة الخليج بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام. وكان لمطالب التغيير في الخليج شركاء سنة كثيرين، ولكن اجراءات السلطات دفعت الى الزاوية بالمطالب الليبرالية وبالنشطاء السنيين ممن خشوا من أن يتخذوا صورة من يؤيد الشيعة. بعد النجاح البارز لهذه الخطوة، ولا سيما في السنة الاخيرة كان التخوف الاساس لدول الخليج، ولا سيما السعودية، هو عودة النقاش الى مسائل التحول الديمقراطي، التمثيل وحقوق الانسان. ويزيد صعود روحاني جدا من امكانية أن يشطب الموضوع الايراني عن جدول الاعمال العالمي، وكذا مسالة نفوذ ايران في الشرق الاوسط. وبشكل مفعم بالمفارقة يمكن الافتراض بان ايران ايضا تفضل استمرار ‘النقاش الطائفي’ على النقاش الديمقراطي، وان كانت اعتبارات اقتصادية أغلب الظن هي التي تشكل وزنا مضادا اثقل.
يقلق السعوديين موقف الولايات المتحدة من المشاكل في سوريا وفي البحرين، ولكن يخيل أن التخوف الاساس هو من التغييرات الداخلية السريعة. وكانت العلاقات الخارجية للدولة دوما اعتبارا ثانويا لمسألة الاستقرار الداخلي وبقاء العائلة المالكة. وازداد التعرض السعودي للغرب جدا في العقد الاخير، وبدأ يعطي مؤشراته في التغييرات الاجتماعية التي يصعب على النظام استيعابها.
وتبين أن العدو الشيعي هو قاسم مشترك اساس على قاعدته يمكن توحيد المجتمع في السعودية وبقدر ما في الخليج باسره، ومن هنا مركزية ‘الخطاب الايراني’ والفكرة الطائفية حيوية لاستقرار الحكم في الخليج.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شرطة اسرائيل ضد حقوق الانسان
بقلم:اسرة التحرير،عن هآرتس
صلاحيات الاعتقال الاداري، التي تسمح باعتقال شخص في ظروف حبس بلا محاكمة، هي صلاحيات يأتي الاستخدام لها لحالات الطوارىء الامنية المتطرفة، التي يكون فيها المعتقل خطرا يقينيا وفوريا على أمن الدولة أو الأمن العام. ويجب أن يكون استخدام الاعتقال الاداري مقننا وكمخرج اخير إذ في اساسه يوجد انتهاك لحقوق المواطن، وعلى راسها حقه في اجراء قانوني قبل الحبس وحفاظ على حقوق المعتقل. الاعتقال الاداري يسمح بالخروج عن احكام الادلة، والنقاش فيه يدار وراء ابواب مؤصدة، وليس مطالبا بان يثبت ذنب الشخص بما لا يرتقي اليه شك معقول.
ولكن حقوق المواطن، كما يشهد على ذلك وزير الامن الداخلي اسحق اهرنوفيتش الذي قال في مؤتمره الصحفي في ايلات اول أمس: ‘كفى للازدواجية ولمنظمات حقوق الانسان هذه’ فهي لا تهم الوزير المسؤول عن شرطة اسرائيل. وفي هذه الايام يحث اهرنوفيتش والمفتش العام للشرطة يوحنان دنينو سلسلة قوانين توسع صلاحيات الشرطة، وعلى رأسها الاذن باجراء اعتقالات ادارية بين أعضاء منظمة الجريمة، على اساس انظمة الطوارىء.
ومع ان الاعتقال الاداري متاح في اسرائيل منذ السبعينيات، ولكن حتى الان كان الاساس في استخدامه في المناطق، حيث شكل على مدى السنين جزءا لا يتجزأ من ممارسة الاحتلال. وقد انزلقت هذه الممارسة نحو طالبي اللجوء، الذين حبسوا لفترات طويلة دون محاكمة، والان يسعون الى استخدامها تجاه مجموعة اخرى ايضا. ينبغي معالجة منظمات الجريمة بشدة، وواضح أن مثل هذه المعالجة لا يمكنها أن تتم بقفازات من حرير، ولكن الاعتقال الاداري ليس الجواب على ذلك. فالتنكر لسلطة القانون اخطر من ضرر منظمات الجريمة، والمس بالحقوق القانونية الاساس، حتى لاسوأ المجرمين هو ثغرة لاستخدام متسرع لسوط الاعتقال الاداري وتفسيراته المستقبلية الخطيرة التي من شأنها أن تمس بمجموعات اخرى.
وبدلا من النجاعة ومنع الجريمة بوسائل مهنية اخرى، تفحص شرطة اسرائيل مجددا استمرار للتقرير عن الارتفاع في عدد لوائح الاتهام من جانب الشرطة ضد المتظاهرين في العام 2012 المس بحقوق الانسان والمواطن وبالمنظمات العاملة على الحفاظ عليها. خلافا لرأي الوزير اهرنوفيتش، فان نشاط هذه المنظمات لا علاقة له بالازدواجية الاخلاقية بل بالذات بالحفاظ على الحجارة الاساس بالحكم الديمقراطي. ان قانونا يوسع صلاحيات الاعتقال الاداري الى المجال الجنائي سيمس بشكل غير دستوري بالحق في الحرية.’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ليست الذرة الايرانية وحدها على الباب
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
حينما تحدث امريكيون كبار هذا الاسبوع الى اسرائيليين كبار زعموا أنهم غير مغفلين. قال الامريكيون لسنا سُذجا فنحن نعلم طبيعة الذين نفاوضهم. ونحن ندرك أن الايرانيين سيحاولون أن يأخذوا الكثير ويعطوا القليل. لكن ما نحاول فعله في جنيف هو أن ننظم اطارا زمنيا ضيقا يُمتحن فيه الايرانيون امتحانا حقيقيا. وفي نصف السنة المتحدث عنه لن يتقدم البرنامج الذري الايراني ولن ينهار نظام العقوبات. وفي نصف السنة هذا سيجري تفاوض كثيف سيتضح في نهايته هل توجد صفقة كبيرة مع ايران أم لا. ولهذا لا مكان للخوف ولا مكان للذعر. لأنه اذا لم يقدم خامنئي السلعة فسيواجه في الربيع القادم الولايات المتحدة الحازمة التي ستكون مستعدة لاستعمال القوة اذا ما احتيج حقا اليها. ويقول الامريكيون إتكلوا علينا فلسنا أولادا صغارا ونحن نعلم ما نفعل. إن دبلوماسيتنا الايرانية الجديدة هي دبلوماسية محسوبة موزونة تخدم المصلحة القومية الاسرائيلية ايضا.
إن الامريكيين ليسوا حمقى في الحقيقة، ولهذا يفترض أن يعلموا أن دعواهم المعلنة حسنة لكنها ضعيفة. فالاتفاق المرحلي الذي يصوغونه في جنيف اشكالي جدا. لكن ما يقود امريكيين أذكياء يقظين الى تأييد الاتفاق هو القلق لا الوهم. وحسب تحليل عميق لادارة اوباما فان وضع الغرب في مواجهة ايران ليس حسنا. فهل هذا صحيحا؟ لا يوجد خيار عسكري. فقد تقدم الايرانيون كثيرا جدا وبلغوا الى بعيد جدا ولا سبيل لجعلهم لا يعلمون ما أصبحوا يعلمونه. فهل هذه حقيقة؟ إن آلات الطرد المركزي أسرع من العقوبات. والعقوبات الاقتصادية تضر بالاقتصاد وتُثقل على نظام الحكم، لكنها لن تجعل ‘نتناز′ و’فوردو’ تختفيان. فهل هذا صحيحا؟ ويجب علينا أن نتحدث عن أن كل الخيارات على الطاولة، لكن يجب أن نعلم أنه لا توجد خيارات ولا طاولة منذ زمن بعيد. إن التوجه الى جنيف محاولة حزينة لتأخير النهاية كي لا يحدث وصول ايران الى القدرة الذرية في وقت ولاية اوباما بل بعدها فورا.
ليس الامريكيون حمقى لكنهم مُرهقون. ولهذا فان مزاجهم العام هو المزاج العام لنكسون الذي مضى الى الصين. وهم يرعون اعتقادا صادقا أنهم سيصنعون سلاما مع طهران في 2014 كما صنعوا سلاما مع بكين في 1972. ويأملون أن تكون المصالحة الامريكية الايرانية التاريخية هي تراث اوباما الدولي، وأن يُسوغ متأخرا جائزة نوبل التي حصل عليها مقدمة قبل أربع سنوات. لكن ما لا يأخذه الامريكيون في حسابهم هو حقيقة أنه في الوقت الذي يتجهون فيه الى الصين الجديدة يثيرون على أنفسهم خمسا أو ستا جديدة تشبه تايوان وهي: السعودية وامارات الخليج ومصر والاردن وتركيا واسرائيل. فهي تشعر الآن بأنها مخدوعة ومُخانة ومهددة. وهي أقوى من تايوان الأصلية بما لا يقبل المقارنة، ولهذا ستفعل كل ما تستطيع لافشال رحلة اوباما الى روحاني. إن أبناء الأخ الذين هجرهم العم سام سيثورون على العم سام ويحاولون أن يُعلموه درسا.
كانت القصة الكبيرة في 2012 هي قصة الهجوم الاسرائيلي الردعي الذي لم يُنفذ في آخر الامر، وقد تتكرر هذه القصة في الربيع أو الصيف القادمين وقد لا تتكرر. وسيجعل اتفاق مرحلي من الصعب على اسرائيل القيام بأي عملية ويحشرها في زاوية.
‘لكن القصة الجديدة الكبيرة في 2014 قد تكون قصة حصول السعودية على قدرة ذرية ردعية. فليس من الممتنع أن تكون أول قنبلة اسلامية في الشرق الاوسط عربية لا فارسية. وليس من الممتنع ايضا أن يتجه ملك السعودية الى الصين الحقيقية في الوقت الذي يتجه فيه الرئيس الامريكي الى الصين الجديدة.
ستكون الحال مُفرحة أيها الاصدقاء. إن السنيين واليهود يغلون غضبا ولهذا يتشاركون الآن ويخرجون في معركة على المسيحيين والشيعة الذين يُتمون صفقة في جنيف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
جهاز الامن عاجز امام ‘عمليات الجو السائد’
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
إن ضابط الصف عيدن أتياس الذي قُتل في صباح يوم الاربعاء بطعنات سكين في العفولة، هو الاسرائيلي الرابع الذي قتله فلسطينيون في غضون أقل من شهرين، والاول بين الضحايا الذي قُتل في داخل الخط الاخضر. وليس هنا بخلاف بعض العمليات السابقة حالة اختلطت فيها بواعث قومية وجنائية. فقد طعن فتى فلسطيني أصغر من هذا الضابط بثلاث سنوات فأرداه قتيلا وقال لمحققي الشرطة إنه تسلل الى اسرائيل وهو يفكر بالبحث عن مصدر عيش وفي قتل يهودي اذا لم يجد عملا.
‘وتقول الشرطة إن الفتى المتهم بالقتل قال إنه أراد أن ينتقم بسبب سجن اثنين من أقربائه في اسرائيل، وغضب لأنها لم تُمكّن أبناء عائلته من زيارة السجينين في السجن. وسلوكه كالباعث الذي ذكره يشبه كثيرا سلوك المتهمين بتنفيذ عمليات سابقة (قتل الجندي تومر حزان؛ وقتل العقيد احتياط شريه عوفر في الغور ومحاولة صدم بجرافة في الرام وقتل مقاتل جفعاتي غال كوبي في الخليل. ولم يُحل لغز الحالة الاخيرة فقط ولم يُعتقل مشتبه فيهم).
‘الحديث في هذه الحالات عن مبادرة محلية دون وجود قاعدة ارهابية عملياتية من ورائها، من قبل اشخاص لم تكن لهم خلفية أمنية سابقة ولم يُتلق في ‘الشباك’ أصلا أي إنذار سابق بنشاطهم. ويبدو أن هذا الفتى مثل المتهم بقتل حزان (الذي ستُقدم فيه لائحة اتهام غدا الى المحكمة العسكرية) وسائق الجرافة في الرام، يبدو أنه عمل بوحي من أبناء عائلته كانوا مشاركين في عمليات في الماضي.
”يُسمون هذه الوقائع في الجيش الاسرائيلي في الشهرين الاخيرين ‘عمليات جو’ وهي اعمال أفراد يعملون بتشجيع من الجو الذي أخذ يزداد سوءا في الضفة الغربية دون توجيه من أعلى لكن عن رغبة منهم في تقليد نجاح منفذي عمليات سابقة. ونقول بعبارة اخرى إن حقيقة أنه قُتل ثلاثة اسرائيليين في العمليات السابقة وهذا معطى شاذ جدا قياسا بهدوء السنتين الاخيرتين تحث على محاولات اخرى كالقتل في صباح يوم الاربعاء الماضي. وتحصر وسائل الاعلام الاسرائيلية عنايتها بطبيعة الامر في عمليات ذهب فيها ضحايا اسرائيليون، لكنه سُجل في الشهرين الاخيرين نحو من عشر محاولات عمليات أكثرها كما يبدو نتاج مبادرات أفراد. ففي يوم الخميس الماضي قتل جنود فلسطينيا أطلق النار من مسدس مفرقعات على سيارة اسرائيليين عند مفترق تفوح في السامرة، وأطلق شرطيو حرس الحدود النار على فلسطيني حاول كما يقولون أن يطعنهم في مفترق بالقرب من القدس فأردوه قتيلا.
يصعب على قوات الامن أن تجد ردا فعالا على موجة الارهاب الجديدة، ولا ينجح ‘الشاباك’ في العثور على منفذي العمليات قبل أن ينفذوا خططهم. وكما نبّه ضابط رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي يخدم في المناطق، يوجد في الضفة ’100 ألف فلسطيني تقريبا لكل واحد منهم حساب مفتوح معنا في كل لحظة’. وللقتل في العفولة في صباح الاربعاء معنى آخر، فهذه أول عملية قاتلة في داخل الخط الاخضر بعد سنتين ونصف (منذ حدث قتل أفيف مراد بعملية صدم بسيارة في تل ابيب في أيار 2011)، ووقعت في حافلة، وهذه ساحة صادمة بصورة مميزة لعمليات وقت الانتفاضة الثانية. وإن تسرب التصعيد في المناطق الى داخل الخط الاخضر قد يضعضع شعور الاسرائيليين الشخصي بالأمن ولا سيما اذا تكررت هذه الحوادث.
إن القتل الاخير يتوقع أن يثير من جديد قضيتين كانتا محط اختلاف في أيام الانتفاضة تتعلق الاولى بتوزيع سلاح على الجنود (لم يكن أتياس مسلحا وصعب عليه أن يحمي نفسه من الطاعن)، لكن يبدو أن هذا استنتاج يحسن الحذر منه. حد الجيش الاسرائيلي من خروج الجنود ذوي الوظائف في الجبهة الداخلية الى بيوتهم مع سلاح قبل خمس سنوات بعد أن زادت حوادث سُرق فيها السلاح أو استعمله جنود للانتحار بل في اعمال قتل لسبب جنائي في عدة حالات. واعتقدوا في الجيش وبحق أن خطر وجود سلاح في أيدي أكثر الجنود في الجبهة الداخلية أكبر من الفائدة المحتملة منه. وعلى كل حال كان أتياس نفسه مدة اسبوعين فقط مبتدئا في الجيش الاسرائيلي بحيث يصعب أن نؤمن بأن هذا السلاح كان سينقذه.
وتتعلق المسألة الثانية ببقاء الفلسطينيين غير القانوني في اسرائيل. في سنوات الهدوء ليّنت اسرائيل جدا السياسة في هذا المجال بالفعل برغم أنها لم تعلن عن ذلك قط رسميا. ويمكث عشرات آلاف الفلسطينيين على الدوام في داخل الخط الاخضر بل انتقل عدد منهم الى اسرائيل عن طريق الحواجز. وكان الاعتقاد أن الاقتصاد مُحتاج إليهم وأن عملهم في اسرائيل يخفف الوضع الاقتصادي في الضفة ويسهم بصورة غير مباشرة في خفض الرغبة في تنفيذ عمليات. ويمكن أن نفرض أن يعمل ‘الشباك’ الآن على فرض قيود جديدة وتشديد منع دخول الفلسطينيين الذين لهم أبناء عائلة مسجونون في اسرائيل. ومع ذلك نشك في أن تعمل الشرطة في طرد منهجي للماكثين غير القانونيين من داخل اسرائيل ما لم ينزلق الوضع الى تصعيد أوسع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ثواب بلا عقاب
بقلم:الكنا شور،عن معاريف
يدعى حسين، وهو ابن 30. حاصل على الشهادة الشجامعية الاولى في التاريخ وفي العبرية. وهو أعزب، ولكن قريبا، مسألة بضعة ايام، سيتزوج من ليلى، ابنة عمة بعيدة، بعد مغازلات هاتفية لا تنقطع. حسين لا يعمل. وهو يخطط، في اللحظة التي تتاح له لان يعلم قليلا في مدرسة في مدينة مولده جنين. حاليا يقرأ. يقرأ كثيرا. يتعلم عن العالم، عن الشرق الاوسط، قليلا عن اوروبا، كثيرا عن امريكا الشمالية. وهو سيزورها، كما أقسم غير مرة، سيطير فورا ما أن يتحرر.
منذ 14 سنة وهو يحلم بامريكا الشمالية في غرفة غير مهواة في سجن عوفر. قبل 14 سنة، في صباح شمسي من تشرين الثاني الجاف (المجمون حذروا من الجفاف ولكن المتوسط السنوي تحطم في كانون الثاني)، صعد حسين الى الباص وطعن جنديا في نومه. وقد توفي الجندي متأثرا بجراحه. وامسك بحسين وارسل الى السجن المؤبد.
مرت 14 سنة. ولم يتبقَ من الجندي غير صورة باهتة في أرشق الصحيفة، تقرير موجز عن الجنازة وابوين كبيري السن، تعبين من أن يغضبا. حسين بالذات نضج. وقد فهم أنه اخطأ، وانه سار في عاصفة نفسية نحو دوامة عنف لا يتحكم بها أحد. ولد من جنين، يصف نفسه ويشرح ان كفى، العنف لم يؤدِ بالشعب الفلسطيني الى اي مكان، كفى سفك دماء. يجب التقدم، يقول، لانشاء عائلة، لنيل الرزق، للمغفرة، لصنع السلام.
‘ بعد يومين سيخرج حسين من بوابات سجن عوفر. رئيس الوزراء، السياسي المحنك، رجل اليمين بمعنى، هكذا يعتبر اتفق على اربع نبضات. 104 مخربين، معظمهم قتلة متقاعدين. مع انه في الماضي كتب، خطب، حذر بحماسة المعارض الجارف من الخطر في تحرير المخربين، ما بالك مع دم على الايدي، من حقنة التنشيط للارهاب، من الاستسلام المخجل. وها هو، رئيس الوزراء نضج. فهو على كرسيه منذ زمن طويل، والامور التي ترى من الكرسي، اي من هناك، لا ترى من هنا.
‘ عمليا، اكثر مما نضج، رئيس الوزراء الخائف. الامريكيون يضغطون، الفلسطينيون يهددون، في اوروبا يحيكون له تنديدات بـ 14 صيغة مختلفة. صعب عليه. صعب عليه مع الخوف، مع الضغط، مع هؤلاء الاهالي، الشائخين، الذين يقفون مرة اخرى امام بوابات ديوان رئيس الوزراء مع الصورة، الاسم، العمر ووصف العملية. سنحرر بسرعة، يفكر، من الافضل في الفجر. في غضون يومين الامر سيهدأ. سيتحدثون عن الميزانية فجأة. عن اسعار القهوة.
على مسافة بضع كيلو مترات من هناك، قلب حسين، يهدد بالانفجار من الانفعال. بعد يومين سيلتقي الجميع. العائلة، ليلى، سينثرون عليه الارز والسكاكر، هكذا يتخيل، سيرفعوه على الاكتاف. احد ما سيطلق عيارات فرح في الهواء. سيكون فرح. 14 سنة وهو ينتظر ذلك، يعد كل يوم، كل ساعة، منذ ذاك الصباح في 2013، صباح شمسي من تشرين الثاني الجاف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ