Haneen
2013-12-05, 12:55 PM
اقلام واراء اسرائيلي 488
23/11/2013
<tbody>
في هــــــذا الملف
شبكة امان لرئيس الوزراء!
بقلم:تل شنايدر،عن معاريف
مصاعب في مفاوضات جنيف
بقلم:جدعون كوتس،عن معاريف
اختلاف في الرؤى بين موسكو وتل أبيب حول الملف النووي الايراني
بقلم:ايلي بردنشتاين،عن معاريف
إيماءة روسية
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
حلب مدينة جائعة ومستنزفة وقتل أبنائها لا يحرك الضمير العالمي
بقلم:فرانشيسكا بوري،عن يديعوت
نتنياهو يغرد خارج السرب
بقلم:آنشل بابر،عن هآرتس
سأنتخب شيلي والمسدس موجه الى دماغي
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
‘معطيات مقلقة’
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
اوباما يُقامر بنا!
بقلم:اسرائيل هرئيل،عن هآرتس
ايران في جنيف: سياسة الابتسامات الناجحة!
الولايات المتحدة لم تعد معنية بالانجرار الى ازمات لا تلائم مصالحها القومية العليا وهذا ما يفسر صمتها عن استعمال الاسد للسلاح الكيميائي
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
عقوبة حزب الله وايران
بقلم:إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
شبكة امان لرئيس الوزراء!
بقلم:تل شنايدر،عن معاريف
في حزب العمل يقترحون في الاشهر الاخيرة شبكة أمان لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. سيدعم العمل الخطوة السياسية، وفقا لما أكدته رئيسة الحزب شيلي يحيموفيتش، ولكن من أجل مثل هذا التطور لا حاجة للجلوس في الحكومة، يمكن منح التأييد لنتنياهو حتى من الخارج. العمل سيقف دوما الى جانب السلام، هكذا هو الحال. وحتى على لسان المتنافس على رئاسة حزب العمل، اليوم رقم 2 النائب اسحق بوجي هرتسوغ لا نسمع افكارا جديدة في المجال السياسي، بل فقط التأييد والتشجيع لرئيس الوزراء للسير في اتجاه اتفاق مع الفلسطينيين. هو ايضا سيعطي شبكة امان لاتفاق سلام.
‘ هذا النهج للحزب الذي يقود المعارضة هو نهج انهزامي. اليمين وحده يمكنه أن يجلب السلام، صحيح؟ في العمل اليوم يكاد لا توجد محاولة للتشكيك بخطاب ‘لا أمل في دولة فلسطينية’ السائد داخل اليمين. فالمحادثات مع الفلسطينيين تزحف بوتيرة بطيئة، بعيدا عن العين العامة، وفي داخل الليكود يعتمل الانتقاد. رئيس الوزراء يعرف بانه سيحصل على التأييد من جانب يسار الخريطة، ولهذا فانه لا يسارع في المحادثات، وفي لياليه لا بد يحلم بان احدا في الجانب الفلسطيني سيفجر القصة ويحرر من الانتقادات الكثيرة مع جون كيري.
” إذن ما هو معنى شبكة أمان حزب العمل؟ لعل هذا مجرد تصريح يرمي الى ارضاء ناخبي اليسار الذين يفرون الى ميرتس. اذا كان العمل هو حزب يشهد على نفسه كبديل حقيقي للحكم، فلماذا يعد بتأييد أعمى وليس متحديا للحكومة؟ هذا الحزب برئاسة يحيموفيتش نجح جيدا في أن يضع مرآة ايديولوجية امام اليمين في كل ما يتعلق بالخطاب الاجتماعي الاقتصادي. ولكن في الموضوع الفلسطيني، رفعوا هناك الايدي.
‘ خطوات صغيرة لم تنقل نور الكشافات وقعت في العمل في الاشهر الاخيرة: النائب عومر بارليف بسط خطة سياسية، النائب حيليك بار يطور علاقات بين الكنيست والبرلمان الفلسطيني، والنائب ارال مرجليت يعمق العلاقات مع مستثمري التكنولوجيا العليا الفلسطينيين في رام الله ولكن هذا هو. حزب العمل، بكل الـ 15 مقعدا لديه، لم يفعل اكثر من أن يتحدث.
” يقال ان هذا الحزب يمكنه أن يبني نفسه ويعود لان يكون لاعبا سياسيا رائدا فقط بعد بناء متعاظم في المعارضة. يقال ان تلك السنين التي جلس فيها العمل داخل الحكومة، مثابة دولاب خامس، أضرت به وهربت منه الناخبين. يحتمل أن يكون هذا صحيحا. وبالتأكيد هذا يحتاج الى اثبات، ولكن في الخطاب السياسي الاسرائيلي لا يمكن لاحد ان يكون ذا صلة بالحكم حين لا يزج يديه عميقا في المشاكل التي تبدو غير قابلة للحل على نحو ظاهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مصاعب في مفاوضات جنيف
بقلم:جدعون كوتس،عن معاريف
25 دقيقة بالاجمال استغرقت الجلسة الافتتاحية لجولة المفاوضات الثالثة في جنيف بين القوى العظمى الستة وايران. وقال مسؤول كبير في الوفد الامريكي الى المحادثات انه على حد قول وزير الخارجية جون كيري، لا يوجد اي عجلة للوصول الى تسوية.
وأضاف كيري’ينبغي لهذه الصفقة ان تكون جيدة، والخطوة الاولى يجب أن تقدمها نحو اتفاق شامل. نحن نأمل ان يكون ممكنا الوصول الى هذا، ولكن المباحثات صعبة’ هكذا أجمل حديثه. ومن الجهة الاخرى قال أمس وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف: ‘انا متفائل من امكانية التوقيع، اذا ما تمسك الامريكيون بموقفهم، ولكن المفاوضات الحقيقية الان ليست بيننا وبين القوى العظمى، بل بين الولايات المتحدة وفرنسا’.
واشتكى الناطق بلسان الوفد الايراني على مسمع من مراسل ‘معاريف’ فقال: ‘نحن جاهزون للاتفاق، ولكننا لا نعرف بعض على اي وثيقة، فهل هذه هي الوثيقة التي وضعت على الطاولة في نهاية الجولة السابقة’. والمقصود هو اغلب الظن صيغة البند الذي يعنى بوقف نشاط مفاعل المياه الثقيلة لانتاج البلوتونيوم في أراك.
وقال المصدر الامريكي ان الخطوة الاولى ستتضمن تشديدا للرقابة على المفاعل في بوردو، في نتناز وفي اراك. ولكنه لم يشر الى النية للمطالبة بالوقف الفوري للنشاط، مثلما تطالب فرنسا. وبالفعل، حسب المعلومات التي تسربت، يبدو أنه يوجد بين القوى العظمى خلافات متجددة على صياغات الاتفاق، حيث تتصدر فرنسا المواقف الاكثر تصلبا. ففرنسا تطالب بفتح فوري لكل منشآت النووي الايرانية امام الرقابة الدولية، الوقف التام لتخصيب اليورانيوم الى درجة 20 في المئة، تخفيض مخزون اليورانيوم القائم وفوق كل شيء الوقف الفوري والتام لبناء مفاعل المياه الثقيلة في اراك.
تصريحات الزعيم الاعلى لايران علي خمينئي،’ الذي اتهم فرنسا امس في أنها ‘ركعت امام اسرائيل’، لم تضف أغلب الظن لاستعدادها المساومة. ‘تصريحات خامنئي تعقد وضع المفاوضات في جنيف’، قالت الناطقة بلسان الحكومة الفرنسية نجاة بلقسام.
وبردت الرياح الباردة وذرات الثلج الاولى التي بدأت تهطل في جنيف امس التوقعات بشأن امكانية التوقيع السريع على الاتفاق المرحلي، وأخذ الصحفيون الذين وصلوا للمرة الثالثة لتغطية المفاوضات على عجل في اعقاب الشائعات بـ ‘التوقيع في كل لحظة’ الاستعداد لايام اخرى من عدم اليقين. موعد التوقيع المقدر، الذي تقرر حسب الشائعات ليوم غد، لم يعد يبدو مضمونا. وكان توافق واحد بين المراسلين الايرانيين والاسرائيليين الذين تجمعوا من جديد في المركز الاعلامي: حان الوقت لان تنتهي حرب الاستنزاف هذه. وذلك رغم أن الليالي البيضاء خلقت هنا علاقات مهنية بل واجتماعية مفاجئة.
بالنسبة لمخاوف اسرائيل، يقول المصدر الكبير للوفد الامريكي: ‘لدينا ذات الاهداف، حتى وان كانت هناك خلافات في الطرائق. والمشاورات الوثيقة مع اسرائيل ستستمر. وقد عاد ووعد بان يكون رفع العقوبات محدودا جدا ويتم فقط في قطاعات معينة والا ترفع العقوبات الاقتصادية والمركزية على النفط والبنوك. وعلى حد قوله، فان حقيقة أن الاتفاق سيحصر بستة اشهر، ستمنع تدفق الشركات نحو تنفيذ صفقات مع ايران.
وقالت محافل دبلوماسية في جنيف ان الضغوط الاسرائيلية في اللحظة الاخيرة لمنع التوقيع على الاتفاق ‘اثرت على فرنسا، ولكنها لن تؤثر على فلاديمير بوتين’. وقدرت ذات المحافل ايضا بان اسرائيل عمليا سلمت بالتوقيع على الاتفاق منذ هذه الجولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اختلاف في الرؤى بين موسكو وتل أبيب حول الملف النووي الايراني
بقلم:ايلي بردنشتاين،عن معاريف
أكثر من ساعتين ونصف استمر اللقاء الموسع وذاك الثنائي بين الرئيس الروسي فلادمير بوتين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وصل الى الكرملين يوم بدء الجولة الثانية من محادثات النووي في جنيف بين ايران والدول الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن والمانيا.
ومع أن نتنياهو هو الذي طلب اللقاء، إلا أنه جاء استمرارا لمكالمة هاتفية أجراها الزعيمان قبل نحو اسبوع ونصف. ويبدو أن نتنياهو يفهم بأن التوقيع على الاتفاق المرحلي مع ايران هو حقيقة ناجزة، إن لم يكن في الجولة الحالية، ففي الجولة التالية. وعليه، فقد ظن أنه سينجح في التأثير على روسيا بوتين الدولة التي تبدو أكثر قربا من ايران بين القوى العظمى الستة، لتصليب المواقف والتأثير على الصفقة المتبلورة. ويحتمل أن يكون مستعدا لأن يدفع لبوتين بالعملة التي يحبها جدا الزعيم الروسي: استثمارات اسرائيلية وتعاون اقتصادي مع الدولة الأكبر في المعمورة. لقد اعتقد نتنياهو بأنه سينجح في تجنيد بوتين ضد الصفقة انطلاقا من التقدير بأن الروس سيحاولون منع كأس النصر عن الامريكيين المكروهين وتحقيق صفقة خاصة بهم.’
من جهته، يظن بوتين أنه سينجح في التأثير على نتنياهو للموافقة على صفقة في نهاية المطاف روسيا ايضا معنية بها. ويحتمل ايضا أنه أشركه في رسائل مُهدئة تلقاها من ايران كي يقنعه بالموافقة على ذلك. ولكن عندما خرج الرجلان الى الصحفيين لاصدار تصريحات مشتركة تبين بأن تصريح بوتين أصدره مكتبه للصحفيين قبل اللقاء. وقد غير فقط ورقق أجزاءا منه في أعقاب اللقاء بحيث يكون أقل حدة لنتنياهو.
وكعادته، بدأ بوتين بالمسائل الاقتصادية التي بحثت في اللقاء. ضيوف من خارج البلاد يأتون اليه للحديث في مسائل عالمية عليا، وهو ينشغل بالمردودات التجارية. وروى مسؤول كبير سابق في مكتب نتنياهو بان بوتين يصل’ الى اللقاءات مع رئيس الوزراء جاهز حتى التفاصيل الصغيرة وعندها يخرج بطاقة ويسأل: ‘وماذا عن شركة تيفع؟’ هكذا أمس أيضا. بوتين ذكر الزراعة الاسرائيلية، التعاون في مجال الفضاء والطاقة وحتى السينما الاسرائيلية التي اراد أن يراها في موسكو.
‘
فجوات واضحة
‘
وعندها، بالضبط مثلما وصف بوتين كـ ‘لقاء صادق ومفتوح’ انتقل الى الموضوع. وقال للصحفيين الذين اضطروا للانتظار ثلاث ساعات في أروقة الكرملين الهائلة الى أن وصل: ‘تحدثنا مع رئيس الوزراء بشكل مفصل عن البرنامج النووي الايراني’.
‘وخلافا لما قاله نتنياهو بعده فورا، شدد بوتين على انه ‘يأمل في نجاح المحادثات الجارية في جنيف’. وقدر بان هذا مجرد مسألة وقت’.
” بوتين الذي يعتبر عطفه الشخصي على اليهود وعلى اسرائيل معروفا، أنهى بالعبرية وبلهجة روسية ثقيلة: ‘تودا رابا’ (شكرا جزيلا).
أما نتنياهو فأطلق موسيقى مختلفة تماما. فقد أوضح بان محاولة ايران التسلح بسلاح نووي هو ‘التهديد الاكبر علينا وعلى أمن العالم’.
‘وأضاف ‘نحن نريد حلا سلميا، اسرائيل لديها الكثير لتخسره من وضع لا يكون فيه سلام مع ايران ولكننا ملزمون بالوصول الى اتفاق افضل’.
‘وتوجه نتنياهو الى نظيره الروسي وذكره بالصفقة الكبيرة التي عقدها لنزع السلاح الكيميائي في سوريا وانتقل الى الصفقة المتبلورة مع ايران. ‘أعتقد أنه يوجد الكثير مما يمكن ان نتعلمه من التجربة في حل السلاح الكيميائي مع سوريا’، قال. ‘روسيا وآخرون أصروا على نزع كامل للسلاح الكيميائي في سوريا. أعتقد أن الاسرة الدولية ما كانت لتقبل صفقة في اطارها تخفف سوريا فقط بعضا من المادة الكيميائية وتبقي قدراتها على انتاج مثل هذا السلاح’. وشدد بان فقط اتفاقا ‘يستوفي الشروط التي فصلها سابقا يؤدي الى نهاية دبلوماسية بوسائل سلمية لاسلحة الدمار الشامل مثلما حصل في سوريا.
‘وشدد نتنياهو على الدور المركزي الذي أدته روسيا في الصفقة السورية وامتنع على مدى حديثه عن ذكر اسم ودور الولايات المتحدة كبادرة للروس وكذا كاشارة للامريكيين عن البديل الذي يمكن أن تشكله روسيا.
‘كما بحثت في اللقاء المسألة السورية. لم يخفِ نتنياهو بان في بعض المسائل لروسيا ولاسرائيل مواقف مختلفة. ‘لدينا قيم مشتركة وتحديات ايضا. أقدر صدقك وصداقتك. نحن نتفق في كثير من الامور وفي بعض منها لا نتفق وهذا ما وجد تعبيره في حديث اليوم’، قال نتنياهو. ومع ذلك عبر نتنياهو عن تقديره العميق لبوتين وشكره على الوقت الذي ‘تكرسه لي وللمشاكل التي تشغل بالي’. هذه رسالة واضحة للولايات المتحدة أساسا. واضاف: ‘لدينا تعاطف أساسي بين الشعبين’.
‘ورغم الفجوات في المسألة الايرانية، فقد خرج مستشارا نتنياهو الكبيران السكرتير العسكري ايال زمير ومستشار الامن القومي يوسي كوهين راضيين من اللقاء.
‘لا تجري المواجهة بين ايران واسرائيل فقط من خلال المحادثات التي تجريها القوى العظمى على النووي. فقد نشر أمس بان مواطنا ايرانيا اعتقل في نهاية الشهر الماضي في اذربيجان للاشتباه بانه خطط لضرب السفارة الاسرائيلية في باكو.’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إيماءة روسية
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
هبط الزوجان نتنياهو أمس وهما يلبسان معطفين دافئين ويُمسك بعضهما بيد بعض في درج طائرة ‘إل عال’ التي نقلتهما الى لقاء مع فلادمير بوتين في موسكو، وتجسد هذه الصورة أكثر من ألف كلمة تباعد نتنياهو عن رئيس الولايات المتحدة براك اوباما وتحديه ايضا اذا شئتم.
ما زال نتنياهو يلتزم بالتوجه الذي ميز سلوكه في اثناء المعركة الانتخابية على الرئاسة في امريكا حينما أيد تأييدا سافرا المرشح الجمهوري ميت رومني. يعلم كل قاريء صحفي أن بوتين يؤيد وسيؤيد ايضا في المستقبل نظام آيات الله في ايران. فروسيا تزود ايران بالمفاعلات الذرية وبالمعدات التي تحتاج اليها لتطوير وسائل اطلاق صواريخ وحماية من هجمات جوية. فماذا سيجد نتنياهو في موسكو؟.
إن المفارقة الساخرة هي في أن زيارة موسكو تتم قبل توقيع القوى العظمى بلحظة على اتفاق مرحلي لوقف المشروع الذري الايراني. ويجب على الجانب الاسرائيلي اذا كان يوجد أصلا احتمال لاقناع القوى العظمى بالتشدد بعد ذلك مع ايران، أن يُجري حوارا سريا وصادقا ومصمما دون شجار معلن مع متخذي القرارات في واشنطن.’
صحيح أن اوباما مضروب وسيعتبر بعد قليل ‘بطة عرجاء’ بحسب مفاهيم سياسية امريكية داخلية، لكن يمكن فقط بتفاهم مع ادارته اقناع الشريكات الاخرى في المحادثات مع ايران بطلب وقف المشروع النووي مقابل تخفيف العقوبات. تل أبيب بازاء واشنطن هي العنوان الوحيد؛ لا تل أبيب بازاء باريس أو موسكو.’
والى ذلك يقول الفرض المعتاد إن المجتمع الدولي أسقط من برنامج عمله خيار هجوم عسكري على المنشآت النووية الظاهرة والخفية لايران. وستكون تسويات المستقبل مع ايران قائمة على اتفاقات ستبعدها في الأكثر عن إتمام المشروع.’
إن نتنياهو الذي ينسب إليه مستشاروه مزايا شبه نبوية وقدرة على توقع مسارات وأحوال مسبقا، سيحتاج بعد أن يتم التوقيع على الاتفاق مع ايران أن يفسر كيف تحولت ايران في نوبة حراسته الى قوة على شفا القدرة النووية بدعم من القوى الخمس العظمى والمانيا وموافقتها. وماذا حدث لأكثر من عشرة مليارات شيكل أنفقتها اسرائيل على الاعداد للهجوم؟ إن تهديدات رئيس مجلس الامن القومي السابق يعقوب عميدرور بأن طائرات سلاح الجو الاسرائيلي مستعدة للهجوم تُبين مرة اخرى مبلغ فراغ المسدس الاسرائيلي من الرصاص.’
سيزعم منتقدو نتنياهو أنه كسب وبحق النتيجة السيئة بالنسبة إليه. فالذي اختار أن يناكف رئيس الولايات المتحدة ويتحداه علنا، سهّل على الادارة أن تخلص الى استنتاج سمعته من جهة رفيعة المستوى كانت مشاركة بالاتصالات بالبيت الابيض وهو: ‘نحن غير مدينين له (لنتنياهو) بأي شيء. بالعكس، يقولون، إن ضميرنا نقي. إن هذا الاتفاق والاتفاقات التالية مع ايران يضمن مصالحنا، وهذا يكفينا’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حلب مدينة جائعة ومستنزفة وقتل أبنائها لا يحرك الضمير العالمي
بقلم:فرانشيسكا بوري،عن يديعوت
إهدئي، طلب علاء حينما مررنا على حاجز التفتيش الاخير واتجهنا الى المدينة، أُطلقت قذيفة راجمة فجأة وشقت الهواء. ‘الآن، وأنتِ في حلب، أنت آمنة’، قال وطأطأ رأسه محاولا التهرب من القناص.
‘في زيارتي الاولى هنا قبل أكثر من سنة بقليل، لم أُجهد نفسي حتى في أن ألبس برقعا تحت خوذتي. وبعد ذلك، بعد البرقع طلبوا إلي أن ألبس قميصا من الصوف. وبعد قميص الصوف جاء دور سراويل حتى العقبين. وأنا الآن أحتاج الى خاتم زواج ايضا ‘لأنه يجب أن تسيري الى جانب رجل، الرجل الذي تُنسبين إليه’. ‘ولما كان الاسلاميون الآن مسيطرين والقوانين التي يقبلها كثيرون هي أحكام الشريعة لا قوانين الرئيس بشار الاسد، وتختلط جرائم الادارة بجرائم المتمردين، فانه لا يجوز الدخول للصحفيين. ما يزال 18 منا مفقودين، بحيث إن خوذتي هي اليوم برقع ودرعي الواقية هي الحجاب. لأن الطريقة الوحيدة للتسلل الى داخل حلب أن أظهر بمظهر امرأة سورية سرا دون أن اسأل اسئلة في الشارع ودون أن أُمسك بدفتر وقلم. ‘لكن الامر ليس أمر البرقع فقط’، تُحذرني امرأة عرفت فورا أنني اجنبية بسبب لون أصابعي المكشوفة. ‘كي تبدي سورية في هذه الايام يجب أن تكوني قذرة ونحيلة وكئيبة ويائسة’.
‘إن حلب مدينة اسلامية في هذه الايام، وجائعة. فالناس في الشوارع يبيعون كل ما تناله أيديهم. ويبدو أن كل ما نجحوا في جمعه مدة حياتهم قد وجد نفسه على الرصيف، فثم أباريق الشاي، واجهزة التلفاز، والهواتف وشراشف الطاولات وكل شيء. واذا أردنا الدقة في الحقيقة فالحديث عن حطام كل شيء لأن حلب كلها أنقاض فتجد انسانا يبيعك عربة طفل صغير وآخر يبيعك عجلاتها.
ويمكن أن ترى في الأزقة الضيقة اولادا يلعبون. فالبنون على الرصيف الأيمن مع بنادق ألعاب كلاشينكوف، والبنات على الرصيف الأيسر وقد وضعن النُقب في أعمارهن الصغيرة. ويراقب من الطرف والدان يداعبان لحيتيهما الطويلتين ويراقبان البنات بمؤخر عينيهما وعلى جسميهما جلبابان وحزامان ناسفان.
‘
يحاولون الامساك بنمر
‘
ما زال نحو من مليون سوري يعيشون في مناطق المدينة التي يسيطر عليها جيش التحرير أعني اولئك الذين لا يستطيعون أن يسمحوا لأنفسهم بدفع 150 دولارا يأخذهم في سيارة الى الحدود مع تركيا. ويخطو عشرات الاولاد الحُفاة في أسمال، أجسامهم مشوهة وفيها ندوب بسبب علاج عنيف، على آثار أمهاتهم الحافيات هن ايضا والضاويات والسود من أخامص أقدامهن حتى رؤوسهن، فهن مغطيات تماما. وكلهن تحمل طبقا عميقا آملات أن يجدن رغيف خبز في المسجد. فالحال كالحال في الصومال أو في اثيوبيا: فالاولاد ذوو جلود صفراء من حمى التيفوس، ونظرات عميقة تنغرس فيك حينما تحاول المرور بهم. فهم يبدون مثل اولاد حرب حقيقيين ممن لا يظهرون أبدا في الصحف أو في التلفاز. وهم لا يبتسمون شُكرا حينما يُعطون كعكة. فهم مرهقون لا كلمات عندهم، وعيونهم في دهشة للمشاهد الفظيعة. هؤلاء هم الاولاد الحقيقون. هم والاولاد الذين حصدتهم صواريخ الاسد ممن بُعثرت أجزاء أجسامهم في المستشفيات. ويأتي الضحايا هنا دائما في أزواج لأنه يوجد بالقرب من كل قتيل جثة اخرى لمن حاول أن يُخلصه وأطلق قناص النار عليه.
ولا يختلف مصير الاطباء عن مصير الاولاد، ‘لأن الجميع أُسلِموا هنا للموت، وفي حين يفكر العالم في سلاح كيميائي وغاز، نُقتل نحن بجميع أنواع الاسلحة الاخرى’، يُبين أبو يزد (25 سنة)، وهو طالب طب أصبح الطبيب الرئيس في المستشفى. والآن وفوق أنه لا يملك في الحاصل سوى ضمادات، فانه لا يعلم كيف يعالج أكثر الجرحى. ‘إن قطع الرجل أمر يختلف تماما عن علاج أمراض الأوعية الدموية’، يقول.
عند مدخل المستشفى توجد خيمة وفيها فرشاة ودلو: هذا هو الدواء الوحيد المضاد لهجوم كيميائي. وتوجد في الخارج ايضا الجثث التي لم تُعرف، ويمر الناس بالقرب منها فيرفعون طرف الغطاء الابيض للتحقق من أنها ليست لأخ أو لابن عم لهم.
إن المناطق التي يسيطر عليها المتمردون تحكمها ادارة مدنية نظريا هي مجلس الثورة. بيد أن تعيين اعضائه يتم من خارج حدود سوريا من قبل الائتلاف الوطني المعارض للاسد الذي انشأه المجتمع الدولي. وهنا فضلا عن أن لا أحد يعترف بسلطتهم، يتهمونهم ايضا بأنهم يحكمون مصير سوريا في ترف فنادق خمسة نجوم في تركيا. وعلى كل حال حصلت البلدية الجديدة في الحاصل على 400 ألف دولار من متبرعين لاعادة بناء نظام الكهرباء ولتطهير الشوارع ولفتح المدارس من جديد. ونقول للمقارنة فقط إن الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا يحصل على أجرة 189 ألف دولار كل سنة.
والمال ينفد سريعا. فحينما لا تكون الميزانية كافية حتى لدفع أجرة 25 دولارا الى موظفي البلدية، فما العجب من أنني حينما أطلب لقاء رؤساء ادارة حلب، أجد نفسي في محكمة اسلامية. أو أجد نفسي لأنني متخفية في بيت لؤي، ممثل القاعدة في المدينة، ويقرع الظل القاتم لزوجته الباب المغلق ويترك وراءه صينية مع القهوة.
‘لكل مجموعة متمردين ممثل لها في المحكمة. واسأل ما هي القوانين التي يحكمون بها. والجواب: أحكام الشريعة. أي أنه يوجد تجاهل مطلق للقوانين المكتوبة واهتمام بارادة القضاة فقط. ‘على حسب تراثنا فان قضاتنا خبراء بنظرية القانون. وهم ناس حكماء أعيان حظوا بثقة الجماعة’، يُبينون لي.
‘بيد أن كل القضاة في حلب فروا ناجين بحياتهم أو قُتلوا، والقضاة اليوم ايضا أولاد. فلؤي في الثانية والثلاثين من عمره. كان قبل الحرب متدربا أنهى دراسة الحقوق قريبا. ويعترف قائلا: ‘ليس الامر سهلا في الحقيقة. أولا لأن كل واحد هنا يحمل سلاحا ولا يحتاج الى المحكمة لاقرار العدل. لكنه غير سهل في الأساس لأنه ليس من السهل البحث في جرائم نفذها مقاتلون مثل النهب والابتزاز. فحينما حاولنا الادعاء على نمر، وهو زعيم واحدة من أشد العصابات المسلحة قسوة، أحدق رجاله بأعضاء المحكمة ولم ينصرفوا حتى ألغينا الدعوى’.
‘
أشباح في قلب المدينة
‘
لتحسين صورة المحكمة من جديد أعلنوا هناك حظر نقل الطعام في ‘زقاق القناصة’، وهو نقطة الانتقال بين جزئي حلب. إن كل محاولة لقطع الزقاق هي رهان كالقاء مكعبات النرد تماما، بيد أنك تراهن على حياتك هنا.
في الماضي فرضت الادارة حصارا وجوعت نصف المدينة الثاني الذي كان يخضع للمتمردين. وأصبح المتمردون أنفسهم الآن هم الذين احتلوا كل الطرق المؤدية الى حلب، وهم يحاصرون نصف المدينة الذي يسيطر عليه رجال الاسد ويُجوعونه. وفي هذا الزقاق يمر أناس يُلصقون بأجسامهم شرائح لحم، ويُدخلون بيضا في اجهزة تلفاز. واحيانا يُصاب شخص ما برصاصة ضالة ويسقط في وسط الشارع الصغير الذي يفرغ سريعا. وتبقى جثته ملقاة في ذلك المكان في الشمس الحارقة ويتقدم قط فضولي فقط ويحاول أن يشم. وآنئذ يخرج الرجل الاول من شارع جانبي في حذر ويتردد لحظة ويقطع الزقاق سريعا ويختفي. ثم آخر ثم آخر وبعد ذلك بوقت قصير يمتليء الزقاق بالسابلة مرة اخرى في حين تبقى الجثة هناك وينتظر القناصون في صبر في مواقعهم في مآذن المساجد.
لم يعد السوريون يستعملون مصطلح ‘مناطق محررة’ إلا في شرق حلب وغربها. ولم يعودوا يُظهرون صور اولادهم وأقربائهم الذين قتلهم الموالون للنظام في هواتفهم الذكية بل صور حلب من الايام التي سبقت الحرب. لأنه لم يعد أحد هنا يحارب النظام، فمجموعات المتمردين يحارب بعضها بعضا. فاولئك الذين لا يشغلون أنفسهم بالنهب والابتزاز بالتهديد مشغولون بالـ آي.إس.آي.إس (وهي الحروف الاولى لـ ‘الدولة الاسلامية للعراق والشام’)، وهي مجموعة مقربة من القاعدة هدفها السيطرة على الدولة وانشاء نظام حكم جديد فيها. ‘أصبحنا أقل حرية مما كنا في الماضي’، يقول عبد اللطيف، وهو عضو جمعية ‘أركينوفا’ من المانيا وهي واحدة من الجمعيتين الاجنبيتين الوحيدتين اللتين تعملان في حلب. ‘في الماضي اذا كنت تريد الابتعاد عن السياسة لم يكن أحد يتدخل في قراراتك الخاصة. وهم الآن يمنعوننا من الاستماع للموسيقى، أو شرب الخمر أو تدخين السجائر’.
وهؤلاء هم مقاتلو ‘الشبيحة’ الجدد، وهذا في العربية صفة لـ ‘الأشباح’ الذين يشبهون اعضاء العصابة الخفية الذين رعبوا مواطني سوريا تحت حكم الاسد. وهم لا يحتاجون الى سلاح أو تهديد فيكفي أن يقفوا في الشارع مع لحية طويلة وجلباب يتفحصون المارة. والآن بدأ الحلبيون يتكلمون مرة اخرى همسا ويسيرون ورؤوسهم مطأطأة. في تموز الاخير أُعدم محمد قاطعة لأنه شتم النبي فقط. وكان في الخامسة عشرة من عمره.’ ما زالت توجد في المدينة القديمة وحدة من ‘جيش التحرير’ إنضممت إليها قبل سنة. وهم يجلسون في المفترقات نفسها وما زالوا يحاولون إبعاد القناص نفسه. والمهمة صعبة. وتنتقل بنادق الكلاشينكوف من يد الى اخرى احيانا دفعا عن علاج الجرحى. وبقي حي صلاح الدين هو ايضا كما كان. فالبيوت التي ضربتها نيران المدافع تقوم خالية. ويمكن أن تجد في بعضها مصباحا يتأرجح من الريح أو ستارا هي بقايا حياة طبيعية. وفي الركن يجثم قط فوق كر سي. كان يمكن أن تظنه في الايام العادية غافيا، لكنه الآن ميت.
حينما انضممت الى القوات المقاتلة كنا نتقدم مترا بعد متر، وننجح في تحسين المواقع بعد خمس كتل مبانٍ وحينها كانت تنفد الذخيرة ونعود الى نقطة البدء وقد قلّ عددنا بسبعة محاربين. يصعب أن تفهم جَلَدَ المسلمين وصورة تحصنهم في مواقعهم اذا لم تفهم إصرار العالم على البقاء في هذا الجانب من الخط الاحمر، وهو المكان الذي تُقتل فيه لا بالغاز بل بكل وسيلة اخرى ولا يهم أحد ذلك.
‘
حياة بين الأنقاض
‘
يوجد مليونا لاجيء وخمسة ملايين مقتلع هم ثلث مجموع عدد السكان. لكن لا وسيلة لمساعدتهم لأن منظمات المساعدة التابعة للامم المتحدة تعمل فقط عن طريق حكومات معترف بها، أي ادارة الاسد. وقد أجازت هذه الادارة المساعدة في الحقيقة لكنها فرضت الكثير جدا من القيود على التنقل بحيث تخصص أكثر المساعدة في نهاية المطاف للمناطق التي تسيطر عليها الادارة.
إن الزعم الرسمي هو أن القيود ترمي الى الحفاظ على أمن النشطاء الانسانيين برغم ان الادارة لا تحجم عن اعتقال وتعذيب اولئك الذين تجرأوا على محاولة الوصول الى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وما زال عدد من جمعيات المساعدة الاجنبية ينتظر في تركيا وأناسها مشغولون بتقدير الأخطار على الارض، وبكتابة تقارير اخرى. إن عددا صغيرا من الجمعيات المحلية في حلب مستعد للدخول الى قلب المشهد. ‘لكن لا أحد يتصل بنا، وحينما حاولنا أن نُجند بدائل عن حليب الأم، وهي من أكثر المنتوجات التي تعظم الحاجة اليها، قيل لنا إن حليب الأم أفضل من مساحيق الحليب وعرضوا علينا أن نفتتح دورات ارشاد للنساء’، يقول محمد، وقد أصبح اليوم ذا لحية وهو يعمل في منظمة زكاة لها صلة بالقاعدة.
يمكن أن ترى احيانا في حلب شجيرة أو زهرة أو شيئا من لون بين الغبار والأنقاض. ويوجد عدد من الاشجار التي غُرست. وترى من حين لآخر نقطة كهرباء حينما تلمسها يُضاء نور أو حنفية يجري الماء منها. وهذه اشياء قد نُسيت تقريبا. وترى حافلة إعتدت أن تفكر فيها كما تفكر بقشرة محروقة يمكن الاختباء خلفها حينما يُمطر الرصاص المكان، بيد أن الحافلة خضراء هذه المرة وهي تسير. وتوجد مئات الأسماء ومئات الحروف الاولى، وفي كل ركن في المدينة فيلق اسلامية خاصة به مستعدة لأن تحصل لك على شيء من الخبز أو السكر. وقد بدأوا نشاطهم في كانون الثاني حينما بدأت التباشير الاولى للقانون والنظام تعود الى المدينة التي كفوا فيها عن سلبك كل ممتلكاتك ومنها الحذاء الذي أبقيته بالقرب من باب البيت. ونحن نُصر على أن نسمي هذا ‘جيش التحرير’، لكن الحديث عن جماعات عارضة دون أية سلسلة قيادة ويمكن تسمية كثير منها ‘عصابات مسلحة’. واعضاؤها يبيعون السكان المساعدة الانسانية التي حصلوا عليها بالمجان. وهم يُفرغون حوانيت ومخازن ويبيعون أصحابها ما فيها. وليست المسألة أن لكل واحد هنا سلاحا، بيد أن السلاح عند كثيرين منهم هو الشيء الوحيد الذي يملكونه. وهم جميعا أيتام حلب، وهم فتيان بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة يتجولون في الشوارع مع قمصان قصيرة الكمين وبنادق كلاشينكوف، وجوارب مع صور بارك سمبسون تحت نعل عسكرية، وهم يجمعون النهب الذي خلفته العاصفة. فهؤلاء هم أسياد حلب الجدد وهم اولاد لم يكادوا يُنهون المدارس ولم يكادوا يجدون عملا لكن معهم بنادق كلاشينكوف وهم الآن جربوا القوة ويرفضون العودة ليكونوا بلا قيمة وأهمية كما كانوا تحت حكم الاسد.
إن حلب قد مسها الجوع وهي مستنزفة. فما زال الناس يعيشون بين الأنقاض في حين تقع الصواريخ على رؤوسهم.
‘في حي ارض الحمرا قُتل 117 انسانا. واولئك الذين بقوا أحياءا يظهرون من بين غرف الأدراج المدمرة والسقوف الساقطة. وهم يمرون واحدا بعد آخر على أرصفة منتقضة، بين أعمدة مُقطعة بازاء بساط معلق على حد مروحة. والشيء الوحيد الذي يملكونه الملابس التي على جلودهم. ولفؤاد زيتون ابن السادسة والثلاثين هاتف نوكيا ايضا وفيه صورة رأس موضوع على رف هو رأس إبنته.
‘أرز ودود
‘
لا يمكن أن تفهم قوة الاسلاميين حتى تستمع الى إمام دمشق الذي يظهر في شبكة ‘الجزيرة’ ويطلب الى السوريين أن يطبخوا قطط الشوارع. إن الحرب قد أصبحت واقعا طبيعيا جدا بحيث إنه حينما يُسمع صفير قذيفة لا يُدير الاولاد حتى رؤوسهم. وحينما تُسمع رشقة بندقية كلاشينكوف يكون جدل بينهم فيقول احمد ابن السادسة: ‘هذا دوشكا’ فيزعم عمر وعمره مثل عمره قائلا: ‘لا، هذا كلاشينكوف. هل تسمع؟ هذه ضجة أخف من ضجة دراغنوف’.
يمر خط الجبهة الرمزي والحقيقي ببستان القصر الذي كان في نيسان 2011 مركز مظاهرات، والمكان الذي بدأ فيه كل شيء. وتمر هناك اليوم ايضا مسيرة احتجاج لكنها مؤلفة من الاولاد فقط، فالباقون جميعا غادروا أو ماتوا. أما اولئك الذين لم يغادروا أو لم يموتوا فقد فُقدوا ببساطة مثل أبو مريم الذي كان واحدا من أبرز النشطاء. فهذا الرجل الذي كان يخضع لتعقب النظام ولتعقب المتمردين بعد ذلك اعتقله الـ أي.إس.أي.إس آخر الامر واختفى. وينظم مسيرة الاحتجاج إبن أخيه ابن العاشرة. بل إنهم لا يملكون وقودا. والسيارة التي وضعت مكبرات الصوت عليها يدفعها المتظاهرون.
إن اولئك الذين لم يختفوا يعيشون في مخيمات المقتلعين المجاورة للمدينة يحميهم النهر. وضفتا النهر ممتلئتان بأفضية سكنية، وليست هي أكواخا ولا كهوفا بل هي أفضية لا يمكن تعريفها. تقوم على ألواح معدنية وألواح خشبية وبقايا بلاستيك، فثم أكوام فوق أكوام من الاشياء. ويتبين لك فجأة أنك موجود في داخلها حقا بين النساء والاولاد والشيوخ والعجزة والبُكم.
يستلقي ولد مختل العقل على الارض، ووضعت وجبته من الأرز فوق قطعة من الكرتون الى جانب الدود الذي جاء للزيارة. وتُحرك الأباجور وترى رجلا يحتضر بسبب سرطان الدم. وتُحرك أباجورا آخر وترى انسانا يجلس وفمه بلا أسنان وجلده مليء بالندوب والجروح وهو يقشط جلد جُرذ بائس الحظ. وتعود الى حلب مرة بعد اخرى ولا ترى أن شيئا تغير بين المقتلعين هناك سوى الأسماء.
تعيش ابتسام رمضان ابنة الخامسة والعشرين هنا مع ثلاثة اولاد في قبو عفن لنظام الصرف الصحي. وتجرأت في يوم ما على الخروج من المخبأ مع ابنها الصغير للبحث عن خبز فوجدت بدل ذلك قناصا. ومات الولدان الآخران جوعا، فقد كان من الخطير جدا محاولة تخليصهما، وفي النهاية وجدتهما قذيفة راجمة قتلتهما. إن حلب مملوءة قبورا وشواهد قبور حتى في الهواء، وذلك نصب ضخم يُذكر بالمواطن المجهول.
على مبعدة بضعة أمتار من هناك يجري النهر الذي هو الحد بين شرق المدينة وغربها. وهو يجري ويستوعب في تياره بقايا الجثث المهشمة للرجال الذين أُعدموا برصاصة في الرأس من الخلف وأيديهم مقيدة من وراء ظهورهم. ولا يتضح من هؤلاء: هل هم متمردون أعدمهم موالو النظام، أم موالون للاسد أعدمهم المتمردون؟ فالأمر يتعلق بوجهة نظر الناظر. أو ربما يتعلق فقط بتيارات النهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو يغرد خارج السرب
بقلم:آنشل بابر،عن هآرتس
بعد اسبوعين سيلتقي زعيما اسرائيل وايطاليا في تورينو مع طواقم من الوزراء في لقاء حكومي رابع بين الدولتين في السنوات الاخيرة. وهذا الاسبوع تقلع طائرات قتالية اسرائيلية وايطالية في مناورة مشتركة محمولة على موجات العلاقات الاقتصادية والامنية الوثيقة. وهكذا يبدو ان العلاقات بين تل أبيب وروما لم يسبق لها أن كانت اكثر حميمية. ومع ذلك، فان وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف توقف في روما أمس، في طريقه الى المحادثات في جنيف، والتقى مع نظيره الايطالي ايما بونينو. وفي اعقاب اللقاء أفاد مسؤولون ايرانيون بان رئيس الوزراء الايطالي انريكو لاطا سيزور طهران قريبا. وهكذا مرت العزلة الدولية لطهران: فأقرب حلفاء اسرائيل يشاركون في الاحتفال.
صديق آخر انضم هو ديفيد كامرون الذي بادر أول امس الى مكالمة هاتفية اولى منذ اكثر من عقد بين رئيس وزراء بريطانيا ورئيس ايران. وقد تحدث الزعيمان، ضمن امور اخرى عن المداولات المرتقبة في جنيف وعن الحاجة الى بلورة حل سياسي للحرب الاهلية في سوريا. وذكر سوريا مثير للاهتمام لان هذه انعطافة 180 درجة في السياسة البريطانية. فحتى وقت اخير مضى كان الموقف الرسمي للندن هو ان محظور على ايران، الممولة والمسلحة لنظام الاسد مباشرة ومن خلال حزب الله ان تشارك في تحديد مستقبل سوريا. المرونة البريطانية بالنسبة لايران وجدت تعبيرها ايضا في تعيين مسؤول دبلوماسي جديد للعلاقات معها، بعد سنتين بالضبط من هجوم حشود محرضة، باسناد هادىء من النظام، على السفارة البريطانية في طهران، فافسد المبنى وأدى الى وقف العلاقات. وفي السنوات الاخيرة، تحت حكم رئيسي الوزراء السابقين طوني بلير وغوردون براون وكذا في حكم كامرون، كانت بريطانيا هي الداعمة الاشد للعقوبات القاسية على الجمهورية الاسلامية، بل وسبقت في ذلك احيانا الادارة الامريكية.
وشرح دبلوماسي بريطاني الاسبوع الماضي بان ‘عمليا، الامريكيون يتصدرون الموقف. في اللحظة التي يتحدثون فيها مع ايران فاننا جميعا نفعل هذا’. رئيس الوزراء نتنياهو هو الاخر يفهم ذلك وينشغل حاليا بالبادرات الطيبة تجاه روسيا والصين. ويريد نتنياهو أن يبرز علاقاته مع بوتين فقرر فتح زيارته الى روسيا هذا الاسبوع أمام وسائل الاعلام. كما تقرر في القدس عدم السماح للمسؤول الامني السابق عوزي شعايا بالشهادة في نيويورك في دعوى الملايين ضد بنك الصين. والقرار مثير للاهتمام بسبب نشر التسريب عن عشية بدء جولة المحادثات التي تشارك فيها الصين. وهكذا، بينما تحتفل الاسرة الدولية بعلاقاتها الجديدة العلنية مع طهران، يحاول نتنياهو التمسك من جديد بالطوبوغرافيا السياسية المتغيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سأنتخب شيلي والمسدس موجه الى دماغي
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
لو أنني كنت عضوا في حزب العمل لصوت اليوم مؤيدا ميراف ميخائيلي لرئاسة الحزب. لكن هذه الجدة ليست لها عجلة فأنا لست عضوا وميخائيلي ليست مرشحة. إن ميخائيلي هي الشخص الشجاع والوحيدة هناك، بين المنتخبين الجدد في الحزب، التي لم تُخيب الآمال والتي لم تختفِ حينما انتُخبت. إن ميخائيلي تُسخن الآن على الخط (وتؤيد اسحق هرتسوغ).
وبقينا مع المرشحين شيلي يحيموفيتش وهرتسوغ. والاختيار بينهما صعب، فهما شخصان اشكاليان لرئاسة حزب اشكالي. وأسهل شيء ألا تنتخب علامة على الاحتجاج. لكن لو أُلصق مسدس الاختيار بصدغي لصوت ليحيموفيتش برغم كل شيء.
‘كانت خطيئتها المصيرية والوحيدة تقريبا محاولتها القبيحة أن تُدير ظهرها للموضوع الأكثر حسما في الواقع الاسرائيلي وهو الاحتلال وما تفرع عنه. قد تكون انتهازية أرادت أن تصل الى أوسع جمهور ممكن ‘يُغضبه’ الاشتغال بالاحتلال؛ وقد تكون مجرد جبانة، وربما تؤمن حقا بأنه يمكن ايجاد اشتراكية ديمقراطية مع السلب وديمقراطية مع الاضطهاد. وكل واحد من هذه التفسيرات أنذر بالسوء، لكن يصعب أن نعلم أيها الاسوأ. وأشد من ذلك أن يحيموفيتش ما زالت تترفع عمن يقض الاحتلال مضجعه وتتجاهل جرائم الاحتلال. فالعالم كما تراه هو عالم العدل والديمقراطية فيه محفوظان لليهود فقط، وهو عالم عنصري وقومي بقدر لا يقل عن عالم اليمين، لكن مع قناع فقط. ولذلك تُظهر اخلاصا لروح حزبها الحقيقية، حزبها الذي هو صاحب حقوق انشاء مشروع الاحتلال والاستيطان والتضليل. لكن يحيموفيتش جاءت لتُغير، فأسهمت بدل ذلك اسهاما آخر خاسرا في خطاب العمى والانكار والحياة الكاذبة وتبلد الحس. وبذلك نفت نفسها ايضا عن أن تكون بديلا حقيقيا عن حكم اليمين.
‘لكن يحيموفيتش لم تنضم الى هذه الحكومة وينبغي أن نتذكر لها هذا اليوم. وهذا غير كثير لكنه غير قليل ايضا. فلو أن الامر كان متعلقا بمنافسها لكان حزب العمل قد أصبح في الحكومة منذ زمن، ولأصبح هرتسوغ ورفاقه وزراء (مرة اخرى) كما كانوا في كل حكومات اليمين، يُحللون كل الأوبئة من الداخل ويدعون البراءة.
بعد ولاية في اربع مدد في الكنيست وثلاث في الحكومة وزير البناء والاسكان، ووزير الرفاه والسياحة، ووزير شؤون الجاليات ونضال معاداة السامية لن تُمسكوا على هرتسوغ فكرة واحدة نطق بها تثير الاختلاف أو جملة واحدة قالها تثير الاهتمام. فهو ولد طيب بالمعنى السيء لهذه الكلمة، وهو سياسي دؤوب مثل النملة وشاحب وكأنه فرانسوا أولاند اسرائيلي. وتُذكرنا خطبه بمواعظ حفل البلوغ أكثر من تذكيرنا بخطب النضال. اجل إنه يؤيد مصالحة على الارض ودولتين وعدالة اجتماعية وصهيونية، وكل هذا الخليط وكل الكلام الفارغ. لكنه مع ذلك لا ينشيء بديلا.
إن يحيموفيتش حينما تكون في أفضل حالاتها تقول شيئا ما. فقد كانت السياسية الوحيدة تقريبا التي لم تشارك في مهرجان التبرئة المسبب للغثيان لافيغدور ليبرمان، ويمكن أن يُقال كل شيء في نظريتها الاجتماعية، لكن لا يمكن أن يُقال إنها ليست شجاعة ومختلفا فيها. لقد ترفعت على رفاقها في الكتلة الحزبية، لكن عددا منهم يحقدون عليها في الأساس لاصرارها على عدم الانضمام الى الحكومة التي هي المكان الطبيعي الوحيد لهذا الحزب العفن الذي يوجد من يتجرؤون على تصنيفه بأنه حزب يساري.
‘نجحت يحيموفيتش في أن تنفخ للحظة روحا جديدة في حزب العمل وأنقذته بذلك من الذبول. وزالت هذه الروح حينما تبين أنها غير مستعدة لأن تشغل نفسها بالموضوع الجوهري الأهم. ومع ذلك كله فان يحيموفيتش مخلوقة من مادة أقل تآمرا وأكثر شجاعة من مادة هرتسوغ. وربما تستخلص الدرس في ولايتها الثانية. وفي فرح الفقراء البائس هذا، أعني الانتخابات التمهيدية في حزب العمل، فان الأمل في أن تعود يحيموفيتش الى نفسها والى ما كانته قبل كل هذه السياسة، أكبر من الأمل في أن يتغير هرتسوغ لأول مرة. ولهذا نقول نعم ليحيموفيتش مع كل ذلك وبرغم كل ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘معطيات مقلقة’
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
بعد خمس عشرة سنة من سنه، فان عدد المدانين حسب قانون منع التحرش الجنسي هامشي. ورغم اللغة الواضحة للقانون، يتبين من معطيات النيابة العامة للدولة انه من اصل 515 ملف فتحته الشرطة في العام 2012، نضج 25 ملفا فقط الى لوائح اتهام جنائية. قسم كبير من الملفات التي وصلت الى النيابة العامة اغلقت لانعدام الادلة، وعدد صغير جدا (11 ملف) اغلقت لانعدام التهمة. عدد لوائح الاتهام التي رفعت طفيف بشكل خاص، في ضوء العدد الكبير من الشكاوى التي تصل الى مراكز مساعدة المتضررات والمتضررين من الاعتداء الجنسي. في العام 2012 سجل 7.700 شكوى، معظمها تقدمت بها نساء.
خطأ هو حل الفارق الذي بين عدد الشكاوى وعدد لوائح الاتهام المرفوعة بالادعاء بان الحديث يدور عن شكاوى تافهة من جانب نساء. فالتحرش الجنسي هو وباء ينتشر في المجتمع الاسرائيلي، بكل أجهزته ومؤسساته، وتشهد على ذلك السلسلة الطويلة من الشخصيات المتهمة به من نجوم التلفزيون والترفيه وحتى كبار رجالات الشرطة والحكم، وهذا مجرد طرف الجبل الجليدي للظاهرة.
ان صعوبة اثبات التحرش الجنسي كجريمة جنائية تنبع من اسباب كعدم الاعراب عن الاعتراض من جانب المشتكية، كما هو مطلوب في القانون، انعدام علاقات الإمرة، أو مصاعب في جمع الادلة. ومع ذلك، فليس في هذا ما يقلل من الاخفاء الاخلاقي الذي ينطوي عليه التحرش الجنسي ومن كونه تعبيرا بشعا عن العنف والاكراه من جانب شخص ما تجاه شخص آخر.
ان عمل النيابة العامة يوجهه معيار واضح: فحص الامكانية المعقولة للادانة، وليس اعتبارات الاخلاق او الرغبة في تربية الجمهور. ومع ذلك، فان النيابة العامة يمكنها أن تتخذ خطوات توضح للجمهور بان التحرش الجنسي هو جريمة خطيرة كالتركيز على الملفات العلم التي بواسطتها تنقل الرسالة وبموجبها التحرش الجنسي هو وصمة عار أخلاقية. وبالتوازي ينبغي النظر في امكانية تشديد العقاب على هذه الجريمة.
هذا الاسبوع قررت المسؤولة عن السوق المالية، التأمين والتوفير في وزارة المالية، دوريت سلينجر، الزام شركات التأمين بتعديل البوليصات بحيث لا تعطي تغطية تأمينية لشخص ادين بالتحرش الجنسي، او توصل الى حل وسط في شكوى على تحرش جنسي. وبزعم سلينجر فان التحرش الجنسي مرفوض من الاساس، وبالتالي لا مجال للسماح بالتأمين على المتحرشين.
ينبغي تبني نهج سلينجر، التي في مجال تأثيرها العام أوضحت بانه حتى لو لم تكن الظاهرة جنائية دوما، فانها غير اخلاقية دوما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اوباما يُقامر بنا!
بقلم:اسرائيل هرئيل،عن هآرتس
يطمح باراك اوباما الى أن يُكتب اسمه في التاريخ باعتباره كان يستحق سلفة الأمل التي منحها العالم له، أي جائزة نوبل للسلام. ويخرج اوباما بازاء ايران الى مغامرة برهنة لا أمل منها، على أنه كان يستحقها. وهو في أحسن الحالات يقامر بمصير الشرق الاوسط ولا سيما مكانة اسرائيل فيه ومستقبلها.إن اتفاق الأوهام الذي سيوقع في الايام القادمة سيُسقطه مع كل السائرين معه في مسيرة الأوهام في بئر حفرتها ايران له.
‘ليس بعيدا اليوم الذي يثبت فيه أن اوباما تعوزه الصفات المطلوبة لزعيم يتحمل مسؤولية عن سلام العالم وهي: تشخيص صحيح للواقع (ايران تُضلل)، وتمسك بالمهمة (‘الولايات المتحدة لن تُمكّن ايران من صنع سلاح نووي’)، والجرأة (الثبات على كلامه).
‘وعد اوباما بأن يمنع انضمام مملكة آيات الله الى النادي المنتج للسلاح النووي. بيد أن الوثيقة التي سيوقع عليها لن تمنع ذلك. وهذا كسوف أصاب شريكاته ايضا ومنها فرنسا، التي قرقرنا حول رئيسها الشاحب جدا، وربطنا أنفسنا بعجلته.
‘إن الاتفاق هو ذروة السذاجة أو أصح من ذلك، إدعاء السذاجة.
‘إن امريكا ومعها سائر المتعجلين الى ‘اتفاق’ مع ايران يعلمون أنه سيكون لايران سلاح ذري بسبب السلوك الحالي. فالذي بلغ الى الحافة سيبلغ الى النهاية إلا اذا زيدت عليه العقوبات. واليكم المفارقة: في وقت أصبح فيه العالم الاسلامي والعربي في درك الفوضى خاصة وأصبحت أكثر الدول الرئيسة في فوضى حكم بل على شفا تفكك، تدفع القوى العظمى قدما بحصول المنطقة على القدرة النووية في واقع الامر. ولن يُمكّن السنيون الشيعة وقد أصبحت ايران البغيضة غير العربية هي المتقدمة أن تكون الجهة المهيمنة في الاسلام. ولن تجلس السعودية ومصر وتركيا وهي الدول السنية المركزية مكتوفة الأيدي. وقد يتحول الارهاب ‘التقليدي’ الى ارهاب نووي.
‘في هذه الحال يقول بنيامين نتنياهو وليس هو شخصا شجاعا دائما الحقيقة، كل الحقيقة، والحقيقة فقط. فهو الولد الذي يتجرأ على أن يصرخ كما كان دائما بأن العالم عارٍ ويتصرف، كما كان دائما ايضا، في عدم حياء. وهو بسبب ذلك تُصب عليه جامات الماء البارد حتى في الداخل. وكثير ممن يناكفونه يتكلمون بلسان الولايات المتحدة في اسرائيل. وأما الآخرون الذين هم أكثر استقلالا بآرائهم فقد أُصيبوا كاليهود في جميع الحقب بالجُبن بسبب ‘عدم المسؤولية’ في مجابهة رئيس الولايات المتحدة ‘مع ما في ذلك من الأخطار الكامنة’.
‘وحينما نقول ‘الداخل’ نعني ايضا يهود المهجر. لأنه يوجد حلف أبدي بيننا وبينهم. قبل أقل من اسبوعين اجتمع في اسرائيل مجلس الطوائف اليهودية في امريكا الشمالية (وهو جمع أظهرت الطوائف في اسرائيل اهتماما قليلا به إن أظهرته أصلا). وكان يمكن أن تسمع هناك حتى من اشخاص بارزين القول التالي: حينما يقف نتنياهو ليواجه الرئيس علنا فانه يتجاهل الآثار التي قد تكون للمواجهة على مكانتنا، مكانة يهود امريكا. هكذا بصراحة. ومع دعم كهذا من الداخل، ما العجب أن تبقى اسرائيل وحدها تقريبا في الخارج. ‘ويبقى يعقوب وحده’، كما ورد في صلاة الاسبوع الماضي.
‘لا يعبر الاتفاق عن غضب العالم على ايران بل عن مهانته واستخذائه. وسيمنعون اسرائيل حتى لو تبين أنه سُدت كل الطرق من أن تستخدم عملية عسكرية. فاوباما لن يعترف بأنه خُدع. وسيخفي مع السائرين معه الأدلة. أجل، كان اوباما يستطيع أن يختار بين منع ايران من الحصول على القنبلة والاستخذاء، فاختار الاستخذاء وسيحصل على قنبلة نووية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ايران في جنيف: سياسة الابتسامات الناجحة!
الولايات المتحدة لم تعد معنية بالانجرار الى ازمات لا تلائم مصالحها القومية العليا وهذا ما يفسر صمتها عن استعمال الاسد للسلاح الكيميائي
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
حملة ابتسامات ايرانية مع الامريكيين ومع الروس والصينيين نجحت في اقناع العالم
بلغت سياسة الابتسامات الايرانية في هذا الاسبوع الى غرفة الصحافة في ‘بالي دي كونغرا’ في جنيف حيث لم يحجم مندوب التلفاز الايراني الرسمي عن دعوة حتى كاتب هذه السطور الى لقاء صحفي خاص برغم أنه علم بأنه يمثل صحيفة اسرائيلية.
‘هل ترى، إن ايران تتغير’، قال لي صحفي سويسري إطلع على المشهد. ‘ويحاول الصحفيون ايضا أن يروا مبلغ البُعد الذي يستطيعون الوصول إليه’. أجل إن الدعاية الايرانية عملت في هذا الاسبوع ساعات اضافية، في جميع الجبهات، في جنيف وطهران وروما. وجُند يهود ايران ايضا للمهمة مع صحفيين وكُتاب مدونات.
كان هذا اسبوعا كان واضحا فيه أن ايران تريد صفقة، والعالم معها. بيد أن الزعيم الروحي علي خامنئي استقر رأيه فجأة في وقت اشكالي جدا بالنسبة للغرب، بسبب مورثاته الجينية على أن يبث في خطبته في طهران (في يوم الاربعاء) نغمات الثورة القديمة التي يحاولون أن يُبينوا لنا منذ ثلاثة اشهر منذ كانت الانتخابات أنها زالت من العالم.
جاءت ايران في الحقيقة الى جنيف تريد التوقيع على اتفاق مرحلي يُزيل شيئا من العقوبات ويرفعها بعد الركوع لكنها تريد ايضا انقاذ كرامتها وإظهار التشدد. ولا تعلم كيف يُفعل ذلك سوى أمة أوجدت لعبة الشطرنج. واشتمل التكتيك على الوصول الى جنيف وكأن ايران أضرت بها العلاقة التي حصلت عليها قبل اسبوعين وبدأت الاتصالات بحثا عن الثقة المفقودة. ‘إن الايام التي كانت تستطيع فيها القوى العظمى أن تملي علينا ما نفعله قد أصبحت وراءنا’، قال لي عنصر في الوفد الايراني.
وفي البيت الابيض خاصة أظهروا تحمسا للصفقة المتشكلة دون انتباه الى أنهم يُسهمون بفعلهم ذلك في نظام عالمي جديد. ويُسهم في ذلك ايضا رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كامرون حينما هاتف في هذا الاسبوع بعد مقاطعة استمرت 11 سنة رئيس ايران حسن روحاني ليُحدثه عن التسوية القادمة وليس عنها فقط.
‘لماذا يُصر نتنياهو على منع الشعب الايراني من الحصول على الطاقة النووية؟’، سألني الصحفي الايراني القديم. ‘ولماذا تحاول اسرائيل مع مساعدة من فرنسا أن تمنع اتفاقا يُسهم فقط في السلام العالمي؟ ولماذا تتجاهل اسرائيل تماما قول الوكالة الدولية للطاقة النووية إن المشروع النووي الايراني ليس لأهداف عسكرية؟’.
نسي الايرانيون على نحو ما أن التقرير في 2011 قضى بصورة لا لبس فيها بأنهم يطمحون الى احراز قنبلة نووية، وأرادوا في جنيف أن يعرضوا أنفسهم على أنهم النموذج الأقرب الى الأم تريزا.
والشيء المثير للاهتمام هو أنه لا أحد طلب من الايرانيين بين المباحثات تفسيرات تُبين لماذا يمنعون زيارة المراقبين للموقع في بارتشين حيث تُجرى هناك بحسب الشبهات التجارب الذرية العسكرية. ولم يسأل أحد الايرانيين ايضا لماذا يحتاجون الى البلوتونيوم (مفاعل المياه الثقيلة في أراك).
والى ذلك نشرت أمس الصحيفة الفرنسية المهمة ‘لوفيغارو’ مقالة واسعة عن الذرة الايرانية تحت عنوان ‘إي.آر 10 المصنع السري لقنبلة نووية بواسطة البلوتونيوم’. وذُكر في المقالة أنه في المصنع الموجود في مدينة شيراز، يساعد الايرانيون على تطوير بلوتونيوم لأهداف عسكرية ولأهداف بحثية. وقد ذكر هذا المصنع في نيسان فريدون عباسي، المسؤول السابق عن الملف النووي في ايران. ومع كل ذلك لا يسأل أحد اسئلة في وقت تحتال فيه ايران على الجميع كما ثبت.
خطبة الكلاب
أدركت طهران أن واشنطن وموسكو متحمستان للتوصل الى اتفاق، ولهذا لم يخش خامنئي أن يخطب خطبته الشديدة اللهجة. ‘إنهم يعتقدون أنهم اذا استعملوا الضغوط على الشعب الايراني فان ايران ستتراجع، لكنهم مخطئون، فهم لا يعرفون الشعب الايراني’، قال أمام رجال حرس الثورة، ورسم للعالم خطوطا حمراء. وتابع خامنئي قائلا: ‘نحن نسمع الكلام من أفواه الكلاب، كالنظام الصهيوني، أن ايران تهديد للعالم، لكنهم، أعني هذا النظام غير الشرعي الذي لم يأت للعالم سوى بالشر، هم الذين يهددون العالم’. وأضاف ايضا أنه لا يفهم فرنسا التي تدعم النظام الصهيوني الذي ‘لن يبقى’.
وحاول الايرانيون في أحاديث خلفية في يوم الاربعاء أن يُبينوا أن خامنئي خطب هذه الخطبة لاسباب داخلية وأن جمهوره هو جمهور أصولي وأن الواقع هو الذي يوجب عليه أن يتحدث على هذا النحو. وقبل أن يجلس وزير الخارجية الايراني محمد ظريف ووزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين آشتون الى غداء مشترك، حدد خامنئي كما قلنا آنفا الخطوط الحمراء. ‘لن تتخلى ايران عن حقوقها المشروعة في الذرة’، قال وكان يقصد بالطبع حق بلده في تخصيب اليورانيوم في ايران. وقد خرجت ايران في هذه القضية خاصة رابحة، فلم يشك أحد في هذا الاسبوع في جنيف في حق ايران في تخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض حقا لكنه تخصيب مع كل ذلك.
وتبين لنا في جنيف ايضا هذا الاسبوع أن الايرانيين قد نشأ عندهم في هذا الشهر شيطان جديد. فلم تعد امريكا متفردة وهي الشيطان التاريخي الأكبر، ولم تعد اسرائيل في دور ‘الشيطان الأصغر’ المتواضع. بل أصبح يوجد عندنا الآن شيطان متوسط يناسب مكانة الفرنسيين. إن احباط وزير الخارجية الفرنسي الاتفاق في اللحظة الاخيرة تقريبا قبل اسبوعين، وزيارة الرئيس فرانسوا أولاند لاسرائيل في هذا الاسبوع زادا في اشمئزاز ايران من السياسة الفرنسية.
إن فرنسا من وجهة نظر ايران تشوش على التسوية الجديدة. ولا يفهم الايرانيون ايضا لماذا تُضيق فرنسا عليهم؟ يبدو أنهم لم يأخذوا في حسابهم أن فرنسا كانت دائما حتى منذ ايام الرئيس جاك شيراك ونيكولا ساركوزي بعده، كانت دائما الأكثر تشددا نحو الايرانيين بين اعضاء الثلاثية الاوروبية التي اشتملت في مطلع الألفية الثالثة على المانيا وبريطانيا ايضا.
وأسهمت التقارير الصحفية في وسائل الاعلام في باريس هذا الاسبوع ايضا في الجو المعادي لفرنسا بين الوفد الايراني، ففي يوم تجديد المحادثات أول أمس، اقتبست صحيفة ‘لافيغارو’ من كلام دبلوماسي فرنسي قال إنه يخشى ‘اتفاق نهاية الموسم الذي سيُسبب تكرار أخطاء الماضي في 2003 و2004′. وأرادت ‘لوفيغارو’ أن تُذكر قراءها ايضا بأن عدد اجهزة الطرد الايرانية زاد منذ ذلك الحين من 164 الى أكثر من 18 ألفا لتثبت مبلغ كون مقاصد الايرانيين مريبة.
وفي المباحثات في جنيف يتطرقون الى أدق تفاصيل المشروع الايراني من جهة تقنية مثل: ماذا سيكون مصير الـ 185 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى 20 بالمئة؛ وكيف ستقوم ايران بتحويل كل مخزونات اليورانيوم المخصب بمستوى 20 بالمئة في حوزتها الى مستوى أخفض، وكيف تستطيع فعل ذلك.
وماذا سيكون مصير المفاعل في أراك لانتاج المياه الثقيلة؟ استقر رأي الايرانيين على الاستمرار في النضال عنه كنضالهم عن الحق في تخصيب اليورانيوم، كما ذكر وزير الخارجية ظريف هذا الاسبوع. وقد طلب الى العالم أن يستغل ‘الفرصة التاريخية’ المتاحة اليوم وألا يضيع الفرصة. وتوجه ظريف ايضا الى الفرنسيين وطلب أن يكفوا عن مراكمة العوائق.
””””’أصبحت المحادثات اليوم سياسية قبل كل شيء: ففرنسا وهي واحدة من الدول العظمى الست لم تقتنع بعد أن ايران لا تطمح الى احراز سلاح نووي. وقال الرئيس فرانسوا أولاند نفسه ذلك بصراحة. ويزعم التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة النووية الذي نشر بين جولتي المحادثات في جنيف أن ايران أوقفت لاول مرة منذ سنوات طويلة المشروع النووي، لكنه لم يحدث تغيير جذري في المشروع.
إن تقدير خبراء كثيرين في العالم هو أن ايران قريبة من القنبلة النووية. والمشكلة هي أن الخطة المقترحة لا تجعل ايران تتحلل مما أحرزته الى اليوم، ومن هنا يأتي قلق اسرائيل الكبير. فلا عجب من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عمل في هذا الاسبوع مع رئيس روسيا فلادمير بوتين ومع فرانسوا أولاند والادارة الامريكية لهدف واحد هو مضاءلة الاضرار.
يجري في الشأن الايراني من وراء الستار عرض باليه دبلوماسي وتصفية حسابات بين الاصدقاء. فباريس تهتم بأن تُجازي الامريكيين على الحيلة غير المريحة بالنسبة إليها التي قامت بها واشنطن هذا الصيف في سوريا. ونُذكركم أن الاسد قد استعمل السلاح الكيميائي في 21 آب وسبب موت 1400 من أبناء شعبه. وأرادت فرنسا أن تتدخل عسكريا على أهداف في سوريا والتزم باراك اوباما بأن يساعد على ذلك العمل. بيد أن اوباما تحول عن ذلك تحولا كاملا واتجه الى مجلس النواب وجهد قبل ذلك في بحث القضية وإتمام صفقة مع بوتين. وبقي الرئيس أولاند خارج الصورة. وأدركت فرنسا التي كانت قد بدأت الاعداد لارسال طائرات أن سوريا ليست مثل ليبيا وليست مثل مالي وأنها لا تستطيع أن تعمل عسكريا وحدها. وصعب عليهم في باريس تقبل ذلك.
خط ديغول
بيد أنه يوجد للفرنسيين في القضية النووية الايرانية القدرة على العمل واحباط صفقة لأن الحديث في هذه المرة عن معركة دبلوماسية لا تحتاج الى تضحية بجنود. وقد بيّن لي عنصر فرنسي هذا الاسبوع أن أولاند لا يجب أن يخشى الاضرار السياسية في الداخل نتيجة خطوة كهذه: أولا لأن المعارضة في اليمين أيدت ايضا التشدد على المشروع النووي الايراني منذ بدأت المحادثات، واعتاد الرأي العام الفرنسي ايضا على خط ديغول المتشدد الفخور الذي يحل بحسبه بل من المرغوب فيه التمايز عن الامريكيين. إن معارضة فرنسا الحرب في العراق قبل عشر سنوات فقط زادت آنذاك في شعبية حكومة فرنسا. ومن جهة ثانية ليس من المؤكد أن الحرب في العراق والمشروع النووي الايراني يتمتعان بالوزن نفسه. ففرنسا في هذا الشأن تتجه اليوم الى محاربة نشر السلاح النووي.
وفي هذه الاثناء وحتى قبل أن يُقال في جنيف كلمة واحدة كانت الاطراف جميعا ترسل رسائل متفائلة. كان بوتين أولا هو الذي قال في حديث الى نظيره الايراني روحاني: ‘نحن قريبون من اتفاق’.
وفي مقابل ذلك أراد اوباما ووزير خارجيته جون كيري خفض التوقعات، حينما استمر الرئيس في محاولاته اقناع الشيوخ ألا يبحثوا في فرض عقوبات جديدة على ايران لمنع احباط الصفقة. وكان من رأوا في ذلك عدم رغبة الامريكيين في إظهار الاستكانة كي يطمئنوا الحليفتين اسرائيل والسعودية، وللايحاء بأن امريكا تهتم بمصالح اصدقائها.
ويزعم آخرون أن للادارة الامريكية مشكلات حقيقية في مجلس النواب. ومن جهة اخرى لم يُرد اعضاء مجلس النواب برئاسة جون مكين تشديد العقوبات لكنهم يريدون الحصول على ضمانات أكبر من الطرف الايراني.
وانضم الرئيس الصيني شي جينبينغ ايضا الى المعركة واستعمل الضغط للتوصل الى اتفاق. وقال في نهاية حديث مع روحاني إن ‘ايران تطمح الى احراز اتفاق يضمن حقوقها وهي ستثبت أن مشروعها النووي يرمي الى أهداف مدنية’. وكان للصين دائما خط لاءم الخط الايراني ملاءمة حسنة. وفيما يتعلق بالالمان، نشرت الصحيفة الاسبوعية الفرنسية ‘لابوا’، أنهم لم يحبوا تدخل وزير الخارجية الفرنسي الذي أفضى الى تأجيل الاتفاق المرحلي.
ونقول بمناسبة ذكر ذلك الاتفاق المرحلي الذي يتباحثون فيه في جنيف إنه يفترض أن يجعل السباق النووي الايراني بطيئا. بيد أنه كما يُبين الفرنسيون يُمكن الايرانيين بالفعل من الاستمرار نحو هدفهم تحت غطاء التفاوض في هذه المرة، وهذا يشبه جدا ما يحدث في سوريا، إذ أصبح الرئيس السوري تحت غطاء نزع السلاح الكيميائي للنظام قد أخذ ضوءا أخضر للاستمرار في العمل. اجل إنه عالم جديد. إن السؤال الكبير الذي سُئل في هذا الاسبوع ايضا هو عن المسافة التي ستكون فرنسا مستعدة لسيرها؟ ومن المثير للاهتمام في هذه النقطة أن ننتبه الى الخطبة التي خطبها فابيوس في باريس في 13 من هذا الشهر أمام اعضاء ‘معهد تقديرات التحليلات الاستراتيجية’.
‘يبدو أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بأن تُجر الى ازمات لا تلائم التصور العام الجديد والمصالح القومية الجديدة للولايات المتحدة. إن اولئك الذين يؤيدون في واشنطن النهج الذي يدعو الى انسحاب من مناطق تُرى ‘غير استراتيجية’، يزيدون في تأثيرهم فقط. ويبدو أن هذا يفسر ايضا حقيقة أنه لم تقع ضربة امريكية ردا على استعمال النظام السوري للسلاح الكيميائي’.
ويعطي كلام فابيوس مثالا يُبين مبلغ ارتباط الازمة السورية بالازمة الايرانية، وقد أصبحت واشنطن فجأة هي المعتدلة وأصبحت فرنسا هي التي تُخرج مخالبها بعكس ما حدث في العراق قبل عشر سنوات. وينبغي أن نضيف الى ذلك حقيقة أن فرنسا قادت المعركة في ليبيا مع امريكا التي ‘قادت من الخلف’ وخرجت وحدها لمحاربة الارهاب في مالي، كي نفهم ما هي العضلات التي جاء بها الفرنسيون الى جنيف. ومع ذلك ينبغي أن نقيد السياسة الفرنسية بعد أن قال فابيوس في اللقاء الصحفي أمس مع قناة ‘فرانس 2 ‘ إن فرنسا ستبقى متشددة لكنها معنية باتفاق وتقول ‘نعم لذرة مدنية لا لقنبلة ذرية’.
إن من نتيجة السياسة الفرنسية المتشددة هو أن الولايات المتحدة تبحث عن سبيل لزيادة تأثيرها في آسيا والمحيط الهاديء، مع الصدمة في العراق وافغانستان، ورغبة الرأي العام الامريكي في عدم رؤية تدخل الادارة في كل ازمة في العالم إن كل ذلك كما قال فابيوس يُحدث فراغا استراتيجيا في الشرق الاوسط. وفي هذا الوضع تريد فرنسا أن تدخل الفراغ الذي خلفه الامريكيون.
بيد أنهم في تل أبيب طلبوا هذا الاسبوع عدم الاسراع الى تأبين الامريكيين. هل الامريكيون يريدون حقا ويستطيعون الانفصال عن الشرق الاوسط كما يزعمون في باريس؟ ليس هذا مؤكدا، ويحتجون في واشنطن للمحادثات بين الاسرائيليين والفلسطينيين برعاية امريكية أنها دليل على اهتمام واشنطن الذي ما زالت تُبديه بالمنطقة. بيد أنه لا أحد يؤمن بنجاح المحادثات بالفعل.
ويذكرون في تل أبيب أن امريكا لم تنجح في ليبيا، ولا في مصر، ولا في سوريا ايضا. بل توجد صعوبات لدى اوباما في الداخل. وقد دخل سنته الثانية من ولايته الثانية وهو يبحث عن إبقاء تركة يُخلفها وراءه. فهل تكون ايران هي التي تتيح له الفرصة؟ وكم من الوقت؟ لا أحد يعلم، فربما يكون اوباما قد استقر رأيه على الاكتفاء بتركة مؤقتة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عقوبة حزب الله وايران
بقلم:إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
أخذ حزب الله في الاشهر الاخيرة بتشجيع رُعاته الايرانيين أو بضغط منهم يزيد في عمق مشاركته في الحرب الاهلية السورية. والتقدير الايراني للامور وهو تقدير حسن نصر الله ايضا واضح وهو أنه اذا سقط بشار الاسد فسيسقط على أثره نصر الله ايضا، وهكذا ستصبح ايران، وهذا ما يخشونه في طهران، الهدف التالي للتحالف ‘غير المقدس′ بين الدول الغربية والدول العربية واسرائيل. ومن هنا يأتي التصميم الايراني وتصميم حزب الله على فعل كل ما يُطلب لمساعدة بشار على البقاء في الحكم.
ليست مساعدة حزب الله لبشار كبيرة. ففي سوريا يقاتل نحو من 200 ألف جندي من الجيش نحوا من 100 ألف متمرد. فلا يستطيع بضعة آلاف من مقاتلي حزب الله أن يرجحوا الكفة حقا. ومع كل ذلك فالحديث عن مقاتلين مدربين تملؤهم الحمية حسموا المعركة في عدد من المعارك المهمة في مناطق مختلفة في سوريا.
وقد تغير في الاسابيع الاخيرة حقا في سوريا اتجاه الرياح، وأصبح النظام ينجح رويدا رويدا في دفع المتمردين. ليس الحديث في الحقيقة عن تغيير حاد للواقع الدامي والطريق المسدود الذي صارت فيه سوريا، ومع كل ذلك فان التأثير أصبح في يد النظام لأول مرة منذ نشبت الثورة.
لكن لمشاركة حزب الله وايران في الحرب في سوريا ثمنا، بل ثمنا باهظا. فلا يكاد يمر يوم دون أن يدفن حزب الله مقاتليه الذين قُتلوا في الحرب في سوريا. ويُضاف الى ذلك في الاشهر الاخيرة ايضا عمليات ارهابية تنفذها مجموعات سنية متطرفة على حصون المنظمة في لبنان وعلى أبناء الطائفة الشيعية في هذه الدولة وعلى مبنى السفارة الايرانية في بيروت أول أمس ايضا. وتكمن ميزة العملية الاخيرة في أنه استُعمل لأول مرة في لبنان مخربون منتحرون على منظمة حزب الله التي لم تُحجم في الماضي عن استعمال ‘هذا السلاح’ موجها على معارضيها.
يوجد في لبنان من يتحدثون عن تحويل لبنان الى شبه سوريا. إن منظمات تعمل في سوريا بوحي من القاعدة مثل جبهة النُصرة و’داعش’ (الدولة الاسلامية في العراق والشام)، تريد نقل القتال من سوريا الى لبنان مع استعمال العمليات الارهابية التي أفضت الى انجازات في سوريا.
وبازاء غرق منظمة حزب الله في الصراع في سوريا كان الامر مسألة وقت فقط الى أن يطلب المتمردون في سوريا ومؤيدوهم في لبنان الانتقام من حزب الله لتأييده بشار. وينبغي أن نفرض أن عمليات الارهاب هذه في لبنان ستستمر في المستقبل ايضا. ومع ذلك يريد أكثر اللبنانيين منع الحرب في سوريا من أن تتسرب الى لبنان. بيد أن لعناصر الاسلام المتطرف الذين يعملون في هامش المعسكر السني في لبنان حسابات تخصهم. فهؤلاء يريدون الافضاء خاصة الى حرب الجميع للجميع التي تخدم مصلحتهم العليا وهي السيطرة على هذه المنطقة السورية اللبنانية وتغليب تصورهم العام عليها. ولهذا عملوا في الماضي على اسرائيل آملين أن تُجر الى محاربة حزب الله.
في ظل الحرب الاهلية في سوريا أخذت لبنان اذا تغرق هي ايضا في صراع سني شيعي. وأصبح يوجد في الطائفة الشيعية في لبنان من يتجرأ على الاعتراض على منطق نصر الله في جر الشيعة الى حرب في سوريا. وتُسمع في طهران ايضا نغمات جديدة، وقد يفضي شق طريق في الاتصالات مع الغرب الى تفكير جديد في ايران في جدوى الغرق في الوحل السوري واللبناني. وفي اثناء ذلك سيستمر المنتحرون على تفجير أنفسهم في أهداف ايرانية وشيعية في لبنان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
23/11/2013
<tbody>
في هــــــذا الملف
شبكة امان لرئيس الوزراء!
بقلم:تل شنايدر،عن معاريف
مصاعب في مفاوضات جنيف
بقلم:جدعون كوتس،عن معاريف
اختلاف في الرؤى بين موسكو وتل أبيب حول الملف النووي الايراني
بقلم:ايلي بردنشتاين،عن معاريف
إيماءة روسية
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
حلب مدينة جائعة ومستنزفة وقتل أبنائها لا يحرك الضمير العالمي
بقلم:فرانشيسكا بوري،عن يديعوت
نتنياهو يغرد خارج السرب
بقلم:آنشل بابر،عن هآرتس
سأنتخب شيلي والمسدس موجه الى دماغي
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
‘معطيات مقلقة’
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
اوباما يُقامر بنا!
بقلم:اسرائيل هرئيل،عن هآرتس
ايران في جنيف: سياسة الابتسامات الناجحة!
الولايات المتحدة لم تعد معنية بالانجرار الى ازمات لا تلائم مصالحها القومية العليا وهذا ما يفسر صمتها عن استعمال الاسد للسلاح الكيميائي
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
عقوبة حزب الله وايران
بقلم:إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
شبكة امان لرئيس الوزراء!
بقلم:تل شنايدر،عن معاريف
في حزب العمل يقترحون في الاشهر الاخيرة شبكة أمان لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. سيدعم العمل الخطوة السياسية، وفقا لما أكدته رئيسة الحزب شيلي يحيموفيتش، ولكن من أجل مثل هذا التطور لا حاجة للجلوس في الحكومة، يمكن منح التأييد لنتنياهو حتى من الخارج. العمل سيقف دوما الى جانب السلام، هكذا هو الحال. وحتى على لسان المتنافس على رئاسة حزب العمل، اليوم رقم 2 النائب اسحق بوجي هرتسوغ لا نسمع افكارا جديدة في المجال السياسي، بل فقط التأييد والتشجيع لرئيس الوزراء للسير في اتجاه اتفاق مع الفلسطينيين. هو ايضا سيعطي شبكة امان لاتفاق سلام.
‘ هذا النهج للحزب الذي يقود المعارضة هو نهج انهزامي. اليمين وحده يمكنه أن يجلب السلام، صحيح؟ في العمل اليوم يكاد لا توجد محاولة للتشكيك بخطاب ‘لا أمل في دولة فلسطينية’ السائد داخل اليمين. فالمحادثات مع الفلسطينيين تزحف بوتيرة بطيئة، بعيدا عن العين العامة، وفي داخل الليكود يعتمل الانتقاد. رئيس الوزراء يعرف بانه سيحصل على التأييد من جانب يسار الخريطة، ولهذا فانه لا يسارع في المحادثات، وفي لياليه لا بد يحلم بان احدا في الجانب الفلسطيني سيفجر القصة ويحرر من الانتقادات الكثيرة مع جون كيري.
” إذن ما هو معنى شبكة أمان حزب العمل؟ لعل هذا مجرد تصريح يرمي الى ارضاء ناخبي اليسار الذين يفرون الى ميرتس. اذا كان العمل هو حزب يشهد على نفسه كبديل حقيقي للحكم، فلماذا يعد بتأييد أعمى وليس متحديا للحكومة؟ هذا الحزب برئاسة يحيموفيتش نجح جيدا في أن يضع مرآة ايديولوجية امام اليمين في كل ما يتعلق بالخطاب الاجتماعي الاقتصادي. ولكن في الموضوع الفلسطيني، رفعوا هناك الايدي.
‘ خطوات صغيرة لم تنقل نور الكشافات وقعت في العمل في الاشهر الاخيرة: النائب عومر بارليف بسط خطة سياسية، النائب حيليك بار يطور علاقات بين الكنيست والبرلمان الفلسطيني، والنائب ارال مرجليت يعمق العلاقات مع مستثمري التكنولوجيا العليا الفلسطينيين في رام الله ولكن هذا هو. حزب العمل، بكل الـ 15 مقعدا لديه، لم يفعل اكثر من أن يتحدث.
” يقال ان هذا الحزب يمكنه أن يبني نفسه ويعود لان يكون لاعبا سياسيا رائدا فقط بعد بناء متعاظم في المعارضة. يقال ان تلك السنين التي جلس فيها العمل داخل الحكومة، مثابة دولاب خامس، أضرت به وهربت منه الناخبين. يحتمل أن يكون هذا صحيحا. وبالتأكيد هذا يحتاج الى اثبات، ولكن في الخطاب السياسي الاسرائيلي لا يمكن لاحد ان يكون ذا صلة بالحكم حين لا يزج يديه عميقا في المشاكل التي تبدو غير قابلة للحل على نحو ظاهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مصاعب في مفاوضات جنيف
بقلم:جدعون كوتس،عن معاريف
25 دقيقة بالاجمال استغرقت الجلسة الافتتاحية لجولة المفاوضات الثالثة في جنيف بين القوى العظمى الستة وايران. وقال مسؤول كبير في الوفد الامريكي الى المحادثات انه على حد قول وزير الخارجية جون كيري، لا يوجد اي عجلة للوصول الى تسوية.
وأضاف كيري’ينبغي لهذه الصفقة ان تكون جيدة، والخطوة الاولى يجب أن تقدمها نحو اتفاق شامل. نحن نأمل ان يكون ممكنا الوصول الى هذا، ولكن المباحثات صعبة’ هكذا أجمل حديثه. ومن الجهة الاخرى قال أمس وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف: ‘انا متفائل من امكانية التوقيع، اذا ما تمسك الامريكيون بموقفهم، ولكن المفاوضات الحقيقية الان ليست بيننا وبين القوى العظمى، بل بين الولايات المتحدة وفرنسا’.
واشتكى الناطق بلسان الوفد الايراني على مسمع من مراسل ‘معاريف’ فقال: ‘نحن جاهزون للاتفاق، ولكننا لا نعرف بعض على اي وثيقة، فهل هذه هي الوثيقة التي وضعت على الطاولة في نهاية الجولة السابقة’. والمقصود هو اغلب الظن صيغة البند الذي يعنى بوقف نشاط مفاعل المياه الثقيلة لانتاج البلوتونيوم في أراك.
وقال المصدر الامريكي ان الخطوة الاولى ستتضمن تشديدا للرقابة على المفاعل في بوردو، في نتناز وفي اراك. ولكنه لم يشر الى النية للمطالبة بالوقف الفوري للنشاط، مثلما تطالب فرنسا. وبالفعل، حسب المعلومات التي تسربت، يبدو أنه يوجد بين القوى العظمى خلافات متجددة على صياغات الاتفاق، حيث تتصدر فرنسا المواقف الاكثر تصلبا. ففرنسا تطالب بفتح فوري لكل منشآت النووي الايرانية امام الرقابة الدولية، الوقف التام لتخصيب اليورانيوم الى درجة 20 في المئة، تخفيض مخزون اليورانيوم القائم وفوق كل شيء الوقف الفوري والتام لبناء مفاعل المياه الثقيلة في اراك.
تصريحات الزعيم الاعلى لايران علي خمينئي،’ الذي اتهم فرنسا امس في أنها ‘ركعت امام اسرائيل’، لم تضف أغلب الظن لاستعدادها المساومة. ‘تصريحات خامنئي تعقد وضع المفاوضات في جنيف’، قالت الناطقة بلسان الحكومة الفرنسية نجاة بلقسام.
وبردت الرياح الباردة وذرات الثلج الاولى التي بدأت تهطل في جنيف امس التوقعات بشأن امكانية التوقيع السريع على الاتفاق المرحلي، وأخذ الصحفيون الذين وصلوا للمرة الثالثة لتغطية المفاوضات على عجل في اعقاب الشائعات بـ ‘التوقيع في كل لحظة’ الاستعداد لايام اخرى من عدم اليقين. موعد التوقيع المقدر، الذي تقرر حسب الشائعات ليوم غد، لم يعد يبدو مضمونا. وكان توافق واحد بين المراسلين الايرانيين والاسرائيليين الذين تجمعوا من جديد في المركز الاعلامي: حان الوقت لان تنتهي حرب الاستنزاف هذه. وذلك رغم أن الليالي البيضاء خلقت هنا علاقات مهنية بل واجتماعية مفاجئة.
بالنسبة لمخاوف اسرائيل، يقول المصدر الكبير للوفد الامريكي: ‘لدينا ذات الاهداف، حتى وان كانت هناك خلافات في الطرائق. والمشاورات الوثيقة مع اسرائيل ستستمر. وقد عاد ووعد بان يكون رفع العقوبات محدودا جدا ويتم فقط في قطاعات معينة والا ترفع العقوبات الاقتصادية والمركزية على النفط والبنوك. وعلى حد قوله، فان حقيقة أن الاتفاق سيحصر بستة اشهر، ستمنع تدفق الشركات نحو تنفيذ صفقات مع ايران.
وقالت محافل دبلوماسية في جنيف ان الضغوط الاسرائيلية في اللحظة الاخيرة لمنع التوقيع على الاتفاق ‘اثرت على فرنسا، ولكنها لن تؤثر على فلاديمير بوتين’. وقدرت ذات المحافل ايضا بان اسرائيل عمليا سلمت بالتوقيع على الاتفاق منذ هذه الجولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اختلاف في الرؤى بين موسكو وتل أبيب حول الملف النووي الايراني
بقلم:ايلي بردنشتاين،عن معاريف
أكثر من ساعتين ونصف استمر اللقاء الموسع وذاك الثنائي بين الرئيس الروسي فلادمير بوتين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وصل الى الكرملين يوم بدء الجولة الثانية من محادثات النووي في جنيف بين ايران والدول الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن والمانيا.
ومع أن نتنياهو هو الذي طلب اللقاء، إلا أنه جاء استمرارا لمكالمة هاتفية أجراها الزعيمان قبل نحو اسبوع ونصف. ويبدو أن نتنياهو يفهم بأن التوقيع على الاتفاق المرحلي مع ايران هو حقيقة ناجزة، إن لم يكن في الجولة الحالية، ففي الجولة التالية. وعليه، فقد ظن أنه سينجح في التأثير على روسيا بوتين الدولة التي تبدو أكثر قربا من ايران بين القوى العظمى الستة، لتصليب المواقف والتأثير على الصفقة المتبلورة. ويحتمل أن يكون مستعدا لأن يدفع لبوتين بالعملة التي يحبها جدا الزعيم الروسي: استثمارات اسرائيلية وتعاون اقتصادي مع الدولة الأكبر في المعمورة. لقد اعتقد نتنياهو بأنه سينجح في تجنيد بوتين ضد الصفقة انطلاقا من التقدير بأن الروس سيحاولون منع كأس النصر عن الامريكيين المكروهين وتحقيق صفقة خاصة بهم.’
من جهته، يظن بوتين أنه سينجح في التأثير على نتنياهو للموافقة على صفقة في نهاية المطاف روسيا ايضا معنية بها. ويحتمل ايضا أنه أشركه في رسائل مُهدئة تلقاها من ايران كي يقنعه بالموافقة على ذلك. ولكن عندما خرج الرجلان الى الصحفيين لاصدار تصريحات مشتركة تبين بأن تصريح بوتين أصدره مكتبه للصحفيين قبل اللقاء. وقد غير فقط ورقق أجزاءا منه في أعقاب اللقاء بحيث يكون أقل حدة لنتنياهو.
وكعادته، بدأ بوتين بالمسائل الاقتصادية التي بحثت في اللقاء. ضيوف من خارج البلاد يأتون اليه للحديث في مسائل عالمية عليا، وهو ينشغل بالمردودات التجارية. وروى مسؤول كبير سابق في مكتب نتنياهو بان بوتين يصل’ الى اللقاءات مع رئيس الوزراء جاهز حتى التفاصيل الصغيرة وعندها يخرج بطاقة ويسأل: ‘وماذا عن شركة تيفع؟’ هكذا أمس أيضا. بوتين ذكر الزراعة الاسرائيلية، التعاون في مجال الفضاء والطاقة وحتى السينما الاسرائيلية التي اراد أن يراها في موسكو.
‘
فجوات واضحة
‘
وعندها، بالضبط مثلما وصف بوتين كـ ‘لقاء صادق ومفتوح’ انتقل الى الموضوع. وقال للصحفيين الذين اضطروا للانتظار ثلاث ساعات في أروقة الكرملين الهائلة الى أن وصل: ‘تحدثنا مع رئيس الوزراء بشكل مفصل عن البرنامج النووي الايراني’.
‘وخلافا لما قاله نتنياهو بعده فورا، شدد بوتين على انه ‘يأمل في نجاح المحادثات الجارية في جنيف’. وقدر بان هذا مجرد مسألة وقت’.
” بوتين الذي يعتبر عطفه الشخصي على اليهود وعلى اسرائيل معروفا، أنهى بالعبرية وبلهجة روسية ثقيلة: ‘تودا رابا’ (شكرا جزيلا).
أما نتنياهو فأطلق موسيقى مختلفة تماما. فقد أوضح بان محاولة ايران التسلح بسلاح نووي هو ‘التهديد الاكبر علينا وعلى أمن العالم’.
‘وأضاف ‘نحن نريد حلا سلميا، اسرائيل لديها الكثير لتخسره من وضع لا يكون فيه سلام مع ايران ولكننا ملزمون بالوصول الى اتفاق افضل’.
‘وتوجه نتنياهو الى نظيره الروسي وذكره بالصفقة الكبيرة التي عقدها لنزع السلاح الكيميائي في سوريا وانتقل الى الصفقة المتبلورة مع ايران. ‘أعتقد أنه يوجد الكثير مما يمكن ان نتعلمه من التجربة في حل السلاح الكيميائي مع سوريا’، قال. ‘روسيا وآخرون أصروا على نزع كامل للسلاح الكيميائي في سوريا. أعتقد أن الاسرة الدولية ما كانت لتقبل صفقة في اطارها تخفف سوريا فقط بعضا من المادة الكيميائية وتبقي قدراتها على انتاج مثل هذا السلاح’. وشدد بان فقط اتفاقا ‘يستوفي الشروط التي فصلها سابقا يؤدي الى نهاية دبلوماسية بوسائل سلمية لاسلحة الدمار الشامل مثلما حصل في سوريا.
‘وشدد نتنياهو على الدور المركزي الذي أدته روسيا في الصفقة السورية وامتنع على مدى حديثه عن ذكر اسم ودور الولايات المتحدة كبادرة للروس وكذا كاشارة للامريكيين عن البديل الذي يمكن أن تشكله روسيا.
‘كما بحثت في اللقاء المسألة السورية. لم يخفِ نتنياهو بان في بعض المسائل لروسيا ولاسرائيل مواقف مختلفة. ‘لدينا قيم مشتركة وتحديات ايضا. أقدر صدقك وصداقتك. نحن نتفق في كثير من الامور وفي بعض منها لا نتفق وهذا ما وجد تعبيره في حديث اليوم’، قال نتنياهو. ومع ذلك عبر نتنياهو عن تقديره العميق لبوتين وشكره على الوقت الذي ‘تكرسه لي وللمشاكل التي تشغل بالي’. هذه رسالة واضحة للولايات المتحدة أساسا. واضاف: ‘لدينا تعاطف أساسي بين الشعبين’.
‘ورغم الفجوات في المسألة الايرانية، فقد خرج مستشارا نتنياهو الكبيران السكرتير العسكري ايال زمير ومستشار الامن القومي يوسي كوهين راضيين من اللقاء.
‘لا تجري المواجهة بين ايران واسرائيل فقط من خلال المحادثات التي تجريها القوى العظمى على النووي. فقد نشر أمس بان مواطنا ايرانيا اعتقل في نهاية الشهر الماضي في اذربيجان للاشتباه بانه خطط لضرب السفارة الاسرائيلية في باكو.’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إيماءة روسية
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
هبط الزوجان نتنياهو أمس وهما يلبسان معطفين دافئين ويُمسك بعضهما بيد بعض في درج طائرة ‘إل عال’ التي نقلتهما الى لقاء مع فلادمير بوتين في موسكو، وتجسد هذه الصورة أكثر من ألف كلمة تباعد نتنياهو عن رئيس الولايات المتحدة براك اوباما وتحديه ايضا اذا شئتم.
ما زال نتنياهو يلتزم بالتوجه الذي ميز سلوكه في اثناء المعركة الانتخابية على الرئاسة في امريكا حينما أيد تأييدا سافرا المرشح الجمهوري ميت رومني. يعلم كل قاريء صحفي أن بوتين يؤيد وسيؤيد ايضا في المستقبل نظام آيات الله في ايران. فروسيا تزود ايران بالمفاعلات الذرية وبالمعدات التي تحتاج اليها لتطوير وسائل اطلاق صواريخ وحماية من هجمات جوية. فماذا سيجد نتنياهو في موسكو؟.
إن المفارقة الساخرة هي في أن زيارة موسكو تتم قبل توقيع القوى العظمى بلحظة على اتفاق مرحلي لوقف المشروع الذري الايراني. ويجب على الجانب الاسرائيلي اذا كان يوجد أصلا احتمال لاقناع القوى العظمى بالتشدد بعد ذلك مع ايران، أن يُجري حوارا سريا وصادقا ومصمما دون شجار معلن مع متخذي القرارات في واشنطن.’
صحيح أن اوباما مضروب وسيعتبر بعد قليل ‘بطة عرجاء’ بحسب مفاهيم سياسية امريكية داخلية، لكن يمكن فقط بتفاهم مع ادارته اقناع الشريكات الاخرى في المحادثات مع ايران بطلب وقف المشروع النووي مقابل تخفيف العقوبات. تل أبيب بازاء واشنطن هي العنوان الوحيد؛ لا تل أبيب بازاء باريس أو موسكو.’
والى ذلك يقول الفرض المعتاد إن المجتمع الدولي أسقط من برنامج عمله خيار هجوم عسكري على المنشآت النووية الظاهرة والخفية لايران. وستكون تسويات المستقبل مع ايران قائمة على اتفاقات ستبعدها في الأكثر عن إتمام المشروع.’
إن نتنياهو الذي ينسب إليه مستشاروه مزايا شبه نبوية وقدرة على توقع مسارات وأحوال مسبقا، سيحتاج بعد أن يتم التوقيع على الاتفاق مع ايران أن يفسر كيف تحولت ايران في نوبة حراسته الى قوة على شفا القدرة النووية بدعم من القوى الخمس العظمى والمانيا وموافقتها. وماذا حدث لأكثر من عشرة مليارات شيكل أنفقتها اسرائيل على الاعداد للهجوم؟ إن تهديدات رئيس مجلس الامن القومي السابق يعقوب عميدرور بأن طائرات سلاح الجو الاسرائيلي مستعدة للهجوم تُبين مرة اخرى مبلغ فراغ المسدس الاسرائيلي من الرصاص.’
سيزعم منتقدو نتنياهو أنه كسب وبحق النتيجة السيئة بالنسبة إليه. فالذي اختار أن يناكف رئيس الولايات المتحدة ويتحداه علنا، سهّل على الادارة أن تخلص الى استنتاج سمعته من جهة رفيعة المستوى كانت مشاركة بالاتصالات بالبيت الابيض وهو: ‘نحن غير مدينين له (لنتنياهو) بأي شيء. بالعكس، يقولون، إن ضميرنا نقي. إن هذا الاتفاق والاتفاقات التالية مع ايران يضمن مصالحنا، وهذا يكفينا’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حلب مدينة جائعة ومستنزفة وقتل أبنائها لا يحرك الضمير العالمي
بقلم:فرانشيسكا بوري،عن يديعوت
إهدئي، طلب علاء حينما مررنا على حاجز التفتيش الاخير واتجهنا الى المدينة، أُطلقت قذيفة راجمة فجأة وشقت الهواء. ‘الآن، وأنتِ في حلب، أنت آمنة’، قال وطأطأ رأسه محاولا التهرب من القناص.
‘في زيارتي الاولى هنا قبل أكثر من سنة بقليل، لم أُجهد نفسي حتى في أن ألبس برقعا تحت خوذتي. وبعد ذلك، بعد البرقع طلبوا إلي أن ألبس قميصا من الصوف. وبعد قميص الصوف جاء دور سراويل حتى العقبين. وأنا الآن أحتاج الى خاتم زواج ايضا ‘لأنه يجب أن تسيري الى جانب رجل، الرجل الذي تُنسبين إليه’. ‘ولما كان الاسلاميون الآن مسيطرين والقوانين التي يقبلها كثيرون هي أحكام الشريعة لا قوانين الرئيس بشار الاسد، وتختلط جرائم الادارة بجرائم المتمردين، فانه لا يجوز الدخول للصحفيين. ما يزال 18 منا مفقودين، بحيث إن خوذتي هي اليوم برقع ودرعي الواقية هي الحجاب. لأن الطريقة الوحيدة للتسلل الى داخل حلب أن أظهر بمظهر امرأة سورية سرا دون أن اسأل اسئلة في الشارع ودون أن أُمسك بدفتر وقلم. ‘لكن الامر ليس أمر البرقع فقط’، تُحذرني امرأة عرفت فورا أنني اجنبية بسبب لون أصابعي المكشوفة. ‘كي تبدي سورية في هذه الايام يجب أن تكوني قذرة ونحيلة وكئيبة ويائسة’.
‘إن حلب مدينة اسلامية في هذه الايام، وجائعة. فالناس في الشوارع يبيعون كل ما تناله أيديهم. ويبدو أن كل ما نجحوا في جمعه مدة حياتهم قد وجد نفسه على الرصيف، فثم أباريق الشاي، واجهزة التلفاز، والهواتف وشراشف الطاولات وكل شيء. واذا أردنا الدقة في الحقيقة فالحديث عن حطام كل شيء لأن حلب كلها أنقاض فتجد انسانا يبيعك عربة طفل صغير وآخر يبيعك عجلاتها.
ويمكن أن ترى في الأزقة الضيقة اولادا يلعبون. فالبنون على الرصيف الأيمن مع بنادق ألعاب كلاشينكوف، والبنات على الرصيف الأيسر وقد وضعن النُقب في أعمارهن الصغيرة. ويراقب من الطرف والدان يداعبان لحيتيهما الطويلتين ويراقبان البنات بمؤخر عينيهما وعلى جسميهما جلبابان وحزامان ناسفان.
‘
يحاولون الامساك بنمر
‘
ما زال نحو من مليون سوري يعيشون في مناطق المدينة التي يسيطر عليها جيش التحرير أعني اولئك الذين لا يستطيعون أن يسمحوا لأنفسهم بدفع 150 دولارا يأخذهم في سيارة الى الحدود مع تركيا. ويخطو عشرات الاولاد الحُفاة في أسمال، أجسامهم مشوهة وفيها ندوب بسبب علاج عنيف، على آثار أمهاتهم الحافيات هن ايضا والضاويات والسود من أخامص أقدامهن حتى رؤوسهن، فهن مغطيات تماما. وكلهن تحمل طبقا عميقا آملات أن يجدن رغيف خبز في المسجد. فالحال كالحال في الصومال أو في اثيوبيا: فالاولاد ذوو جلود صفراء من حمى التيفوس، ونظرات عميقة تنغرس فيك حينما تحاول المرور بهم. فهم يبدون مثل اولاد حرب حقيقيين ممن لا يظهرون أبدا في الصحف أو في التلفاز. وهم لا يبتسمون شُكرا حينما يُعطون كعكة. فهم مرهقون لا كلمات عندهم، وعيونهم في دهشة للمشاهد الفظيعة. هؤلاء هم الاولاد الحقيقون. هم والاولاد الذين حصدتهم صواريخ الاسد ممن بُعثرت أجزاء أجسامهم في المستشفيات. ويأتي الضحايا هنا دائما في أزواج لأنه يوجد بالقرب من كل قتيل جثة اخرى لمن حاول أن يُخلصه وأطلق قناص النار عليه.
ولا يختلف مصير الاطباء عن مصير الاولاد، ‘لأن الجميع أُسلِموا هنا للموت، وفي حين يفكر العالم في سلاح كيميائي وغاز، نُقتل نحن بجميع أنواع الاسلحة الاخرى’، يُبين أبو يزد (25 سنة)، وهو طالب طب أصبح الطبيب الرئيس في المستشفى. والآن وفوق أنه لا يملك في الحاصل سوى ضمادات، فانه لا يعلم كيف يعالج أكثر الجرحى. ‘إن قطع الرجل أمر يختلف تماما عن علاج أمراض الأوعية الدموية’، يقول.
عند مدخل المستشفى توجد خيمة وفيها فرشاة ودلو: هذا هو الدواء الوحيد المضاد لهجوم كيميائي. وتوجد في الخارج ايضا الجثث التي لم تُعرف، ويمر الناس بالقرب منها فيرفعون طرف الغطاء الابيض للتحقق من أنها ليست لأخ أو لابن عم لهم.
إن المناطق التي يسيطر عليها المتمردون تحكمها ادارة مدنية نظريا هي مجلس الثورة. بيد أن تعيين اعضائه يتم من خارج حدود سوريا من قبل الائتلاف الوطني المعارض للاسد الذي انشأه المجتمع الدولي. وهنا فضلا عن أن لا أحد يعترف بسلطتهم، يتهمونهم ايضا بأنهم يحكمون مصير سوريا في ترف فنادق خمسة نجوم في تركيا. وعلى كل حال حصلت البلدية الجديدة في الحاصل على 400 ألف دولار من متبرعين لاعادة بناء نظام الكهرباء ولتطهير الشوارع ولفتح المدارس من جديد. ونقول للمقارنة فقط إن الاخضر الابراهيمي مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا يحصل على أجرة 189 ألف دولار كل سنة.
والمال ينفد سريعا. فحينما لا تكون الميزانية كافية حتى لدفع أجرة 25 دولارا الى موظفي البلدية، فما العجب من أنني حينما أطلب لقاء رؤساء ادارة حلب، أجد نفسي في محكمة اسلامية. أو أجد نفسي لأنني متخفية في بيت لؤي، ممثل القاعدة في المدينة، ويقرع الظل القاتم لزوجته الباب المغلق ويترك وراءه صينية مع القهوة.
‘لكل مجموعة متمردين ممثل لها في المحكمة. واسأل ما هي القوانين التي يحكمون بها. والجواب: أحكام الشريعة. أي أنه يوجد تجاهل مطلق للقوانين المكتوبة واهتمام بارادة القضاة فقط. ‘على حسب تراثنا فان قضاتنا خبراء بنظرية القانون. وهم ناس حكماء أعيان حظوا بثقة الجماعة’، يُبينون لي.
‘بيد أن كل القضاة في حلب فروا ناجين بحياتهم أو قُتلوا، والقضاة اليوم ايضا أولاد. فلؤي في الثانية والثلاثين من عمره. كان قبل الحرب متدربا أنهى دراسة الحقوق قريبا. ويعترف قائلا: ‘ليس الامر سهلا في الحقيقة. أولا لأن كل واحد هنا يحمل سلاحا ولا يحتاج الى المحكمة لاقرار العدل. لكنه غير سهل في الأساس لأنه ليس من السهل البحث في جرائم نفذها مقاتلون مثل النهب والابتزاز. فحينما حاولنا الادعاء على نمر، وهو زعيم واحدة من أشد العصابات المسلحة قسوة، أحدق رجاله بأعضاء المحكمة ولم ينصرفوا حتى ألغينا الدعوى’.
‘
أشباح في قلب المدينة
‘
لتحسين صورة المحكمة من جديد أعلنوا هناك حظر نقل الطعام في ‘زقاق القناصة’، وهو نقطة الانتقال بين جزئي حلب. إن كل محاولة لقطع الزقاق هي رهان كالقاء مكعبات النرد تماما، بيد أنك تراهن على حياتك هنا.
في الماضي فرضت الادارة حصارا وجوعت نصف المدينة الثاني الذي كان يخضع للمتمردين. وأصبح المتمردون أنفسهم الآن هم الذين احتلوا كل الطرق المؤدية الى حلب، وهم يحاصرون نصف المدينة الذي يسيطر عليه رجال الاسد ويُجوعونه. وفي هذا الزقاق يمر أناس يُلصقون بأجسامهم شرائح لحم، ويُدخلون بيضا في اجهزة تلفاز. واحيانا يُصاب شخص ما برصاصة ضالة ويسقط في وسط الشارع الصغير الذي يفرغ سريعا. وتبقى جثته ملقاة في ذلك المكان في الشمس الحارقة ويتقدم قط فضولي فقط ويحاول أن يشم. وآنئذ يخرج الرجل الاول من شارع جانبي في حذر ويتردد لحظة ويقطع الزقاق سريعا ويختفي. ثم آخر ثم آخر وبعد ذلك بوقت قصير يمتليء الزقاق بالسابلة مرة اخرى في حين تبقى الجثة هناك وينتظر القناصون في صبر في مواقعهم في مآذن المساجد.
لم يعد السوريون يستعملون مصطلح ‘مناطق محررة’ إلا في شرق حلب وغربها. ولم يعودوا يُظهرون صور اولادهم وأقربائهم الذين قتلهم الموالون للنظام في هواتفهم الذكية بل صور حلب من الايام التي سبقت الحرب. لأنه لم يعد أحد هنا يحارب النظام، فمجموعات المتمردين يحارب بعضها بعضا. فاولئك الذين لا يشغلون أنفسهم بالنهب والابتزاز بالتهديد مشغولون بالـ آي.إس.آي.إس (وهي الحروف الاولى لـ ‘الدولة الاسلامية للعراق والشام’)، وهي مجموعة مقربة من القاعدة هدفها السيطرة على الدولة وانشاء نظام حكم جديد فيها. ‘أصبحنا أقل حرية مما كنا في الماضي’، يقول عبد اللطيف، وهو عضو جمعية ‘أركينوفا’ من المانيا وهي واحدة من الجمعيتين الاجنبيتين الوحيدتين اللتين تعملان في حلب. ‘في الماضي اذا كنت تريد الابتعاد عن السياسة لم يكن أحد يتدخل في قراراتك الخاصة. وهم الآن يمنعوننا من الاستماع للموسيقى، أو شرب الخمر أو تدخين السجائر’.
وهؤلاء هم مقاتلو ‘الشبيحة’ الجدد، وهذا في العربية صفة لـ ‘الأشباح’ الذين يشبهون اعضاء العصابة الخفية الذين رعبوا مواطني سوريا تحت حكم الاسد. وهم لا يحتاجون الى سلاح أو تهديد فيكفي أن يقفوا في الشارع مع لحية طويلة وجلباب يتفحصون المارة. والآن بدأ الحلبيون يتكلمون مرة اخرى همسا ويسيرون ورؤوسهم مطأطأة. في تموز الاخير أُعدم محمد قاطعة لأنه شتم النبي فقط. وكان في الخامسة عشرة من عمره.’ ما زالت توجد في المدينة القديمة وحدة من ‘جيش التحرير’ إنضممت إليها قبل سنة. وهم يجلسون في المفترقات نفسها وما زالوا يحاولون إبعاد القناص نفسه. والمهمة صعبة. وتنتقل بنادق الكلاشينكوف من يد الى اخرى احيانا دفعا عن علاج الجرحى. وبقي حي صلاح الدين هو ايضا كما كان. فالبيوت التي ضربتها نيران المدافع تقوم خالية. ويمكن أن تجد في بعضها مصباحا يتأرجح من الريح أو ستارا هي بقايا حياة طبيعية. وفي الركن يجثم قط فوق كر سي. كان يمكن أن تظنه في الايام العادية غافيا، لكنه الآن ميت.
حينما انضممت الى القوات المقاتلة كنا نتقدم مترا بعد متر، وننجح في تحسين المواقع بعد خمس كتل مبانٍ وحينها كانت تنفد الذخيرة ونعود الى نقطة البدء وقد قلّ عددنا بسبعة محاربين. يصعب أن تفهم جَلَدَ المسلمين وصورة تحصنهم في مواقعهم اذا لم تفهم إصرار العالم على البقاء في هذا الجانب من الخط الاحمر، وهو المكان الذي تُقتل فيه لا بالغاز بل بكل وسيلة اخرى ولا يهم أحد ذلك.
‘
حياة بين الأنقاض
‘
يوجد مليونا لاجيء وخمسة ملايين مقتلع هم ثلث مجموع عدد السكان. لكن لا وسيلة لمساعدتهم لأن منظمات المساعدة التابعة للامم المتحدة تعمل فقط عن طريق حكومات معترف بها، أي ادارة الاسد. وقد أجازت هذه الادارة المساعدة في الحقيقة لكنها فرضت الكثير جدا من القيود على التنقل بحيث تخصص أكثر المساعدة في نهاية المطاف للمناطق التي تسيطر عليها الادارة.
إن الزعم الرسمي هو أن القيود ترمي الى الحفاظ على أمن النشطاء الانسانيين برغم ان الادارة لا تحجم عن اعتقال وتعذيب اولئك الذين تجرأوا على محاولة الوصول الى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. وما زال عدد من جمعيات المساعدة الاجنبية ينتظر في تركيا وأناسها مشغولون بتقدير الأخطار على الارض، وبكتابة تقارير اخرى. إن عددا صغيرا من الجمعيات المحلية في حلب مستعد للدخول الى قلب المشهد. ‘لكن لا أحد يتصل بنا، وحينما حاولنا أن نُجند بدائل عن حليب الأم، وهي من أكثر المنتوجات التي تعظم الحاجة اليها، قيل لنا إن حليب الأم أفضل من مساحيق الحليب وعرضوا علينا أن نفتتح دورات ارشاد للنساء’، يقول محمد، وقد أصبح اليوم ذا لحية وهو يعمل في منظمة زكاة لها صلة بالقاعدة.
يمكن أن ترى احيانا في حلب شجيرة أو زهرة أو شيئا من لون بين الغبار والأنقاض. ويوجد عدد من الاشجار التي غُرست. وترى من حين لآخر نقطة كهرباء حينما تلمسها يُضاء نور أو حنفية يجري الماء منها. وهذه اشياء قد نُسيت تقريبا. وترى حافلة إعتدت أن تفكر فيها كما تفكر بقشرة محروقة يمكن الاختباء خلفها حينما يُمطر الرصاص المكان، بيد أن الحافلة خضراء هذه المرة وهي تسير. وتوجد مئات الأسماء ومئات الحروف الاولى، وفي كل ركن في المدينة فيلق اسلامية خاصة به مستعدة لأن تحصل لك على شيء من الخبز أو السكر. وقد بدأوا نشاطهم في كانون الثاني حينما بدأت التباشير الاولى للقانون والنظام تعود الى المدينة التي كفوا فيها عن سلبك كل ممتلكاتك ومنها الحذاء الذي أبقيته بالقرب من باب البيت. ونحن نُصر على أن نسمي هذا ‘جيش التحرير’، لكن الحديث عن جماعات عارضة دون أية سلسلة قيادة ويمكن تسمية كثير منها ‘عصابات مسلحة’. واعضاؤها يبيعون السكان المساعدة الانسانية التي حصلوا عليها بالمجان. وهم يُفرغون حوانيت ومخازن ويبيعون أصحابها ما فيها. وليست المسألة أن لكل واحد هنا سلاحا، بيد أن السلاح عند كثيرين منهم هو الشيء الوحيد الذي يملكونه. وهم جميعا أيتام حلب، وهم فتيان بين الثالثة عشرة والخامسة عشرة يتجولون في الشوارع مع قمصان قصيرة الكمين وبنادق كلاشينكوف، وجوارب مع صور بارك سمبسون تحت نعل عسكرية، وهم يجمعون النهب الذي خلفته العاصفة. فهؤلاء هم أسياد حلب الجدد وهم اولاد لم يكادوا يُنهون المدارس ولم يكادوا يجدون عملا لكن معهم بنادق كلاشينكوف وهم الآن جربوا القوة ويرفضون العودة ليكونوا بلا قيمة وأهمية كما كانوا تحت حكم الاسد.
إن حلب قد مسها الجوع وهي مستنزفة. فما زال الناس يعيشون بين الأنقاض في حين تقع الصواريخ على رؤوسهم.
‘في حي ارض الحمرا قُتل 117 انسانا. واولئك الذين بقوا أحياءا يظهرون من بين غرف الأدراج المدمرة والسقوف الساقطة. وهم يمرون واحدا بعد آخر على أرصفة منتقضة، بين أعمدة مُقطعة بازاء بساط معلق على حد مروحة. والشيء الوحيد الذي يملكونه الملابس التي على جلودهم. ولفؤاد زيتون ابن السادسة والثلاثين هاتف نوكيا ايضا وفيه صورة رأس موضوع على رف هو رأس إبنته.
‘أرز ودود
‘
لا يمكن أن تفهم قوة الاسلاميين حتى تستمع الى إمام دمشق الذي يظهر في شبكة ‘الجزيرة’ ويطلب الى السوريين أن يطبخوا قطط الشوارع. إن الحرب قد أصبحت واقعا طبيعيا جدا بحيث إنه حينما يُسمع صفير قذيفة لا يُدير الاولاد حتى رؤوسهم. وحينما تُسمع رشقة بندقية كلاشينكوف يكون جدل بينهم فيقول احمد ابن السادسة: ‘هذا دوشكا’ فيزعم عمر وعمره مثل عمره قائلا: ‘لا، هذا كلاشينكوف. هل تسمع؟ هذه ضجة أخف من ضجة دراغنوف’.
يمر خط الجبهة الرمزي والحقيقي ببستان القصر الذي كان في نيسان 2011 مركز مظاهرات، والمكان الذي بدأ فيه كل شيء. وتمر هناك اليوم ايضا مسيرة احتجاج لكنها مؤلفة من الاولاد فقط، فالباقون جميعا غادروا أو ماتوا. أما اولئك الذين لم يغادروا أو لم يموتوا فقد فُقدوا ببساطة مثل أبو مريم الذي كان واحدا من أبرز النشطاء. فهذا الرجل الذي كان يخضع لتعقب النظام ولتعقب المتمردين بعد ذلك اعتقله الـ أي.إس.أي.إس آخر الامر واختفى. وينظم مسيرة الاحتجاج إبن أخيه ابن العاشرة. بل إنهم لا يملكون وقودا. والسيارة التي وضعت مكبرات الصوت عليها يدفعها المتظاهرون.
إن اولئك الذين لم يختفوا يعيشون في مخيمات المقتلعين المجاورة للمدينة يحميهم النهر. وضفتا النهر ممتلئتان بأفضية سكنية، وليست هي أكواخا ولا كهوفا بل هي أفضية لا يمكن تعريفها. تقوم على ألواح معدنية وألواح خشبية وبقايا بلاستيك، فثم أكوام فوق أكوام من الاشياء. ويتبين لك فجأة أنك موجود في داخلها حقا بين النساء والاولاد والشيوخ والعجزة والبُكم.
يستلقي ولد مختل العقل على الارض، ووضعت وجبته من الأرز فوق قطعة من الكرتون الى جانب الدود الذي جاء للزيارة. وتُحرك الأباجور وترى رجلا يحتضر بسبب سرطان الدم. وتُحرك أباجورا آخر وترى انسانا يجلس وفمه بلا أسنان وجلده مليء بالندوب والجروح وهو يقشط جلد جُرذ بائس الحظ. وتعود الى حلب مرة بعد اخرى ولا ترى أن شيئا تغير بين المقتلعين هناك سوى الأسماء.
تعيش ابتسام رمضان ابنة الخامسة والعشرين هنا مع ثلاثة اولاد في قبو عفن لنظام الصرف الصحي. وتجرأت في يوم ما على الخروج من المخبأ مع ابنها الصغير للبحث عن خبز فوجدت بدل ذلك قناصا. ومات الولدان الآخران جوعا، فقد كان من الخطير جدا محاولة تخليصهما، وفي النهاية وجدتهما قذيفة راجمة قتلتهما. إن حلب مملوءة قبورا وشواهد قبور حتى في الهواء، وذلك نصب ضخم يُذكر بالمواطن المجهول.
على مبعدة بضعة أمتار من هناك يجري النهر الذي هو الحد بين شرق المدينة وغربها. وهو يجري ويستوعب في تياره بقايا الجثث المهشمة للرجال الذين أُعدموا برصاصة في الرأس من الخلف وأيديهم مقيدة من وراء ظهورهم. ولا يتضح من هؤلاء: هل هم متمردون أعدمهم موالو النظام، أم موالون للاسد أعدمهم المتمردون؟ فالأمر يتعلق بوجهة نظر الناظر. أو ربما يتعلق فقط بتيارات النهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
نتنياهو يغرد خارج السرب
بقلم:آنشل بابر،عن هآرتس
بعد اسبوعين سيلتقي زعيما اسرائيل وايطاليا في تورينو مع طواقم من الوزراء في لقاء حكومي رابع بين الدولتين في السنوات الاخيرة. وهذا الاسبوع تقلع طائرات قتالية اسرائيلية وايطالية في مناورة مشتركة محمولة على موجات العلاقات الاقتصادية والامنية الوثيقة. وهكذا يبدو ان العلاقات بين تل أبيب وروما لم يسبق لها أن كانت اكثر حميمية. ومع ذلك، فان وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف توقف في روما أمس، في طريقه الى المحادثات في جنيف، والتقى مع نظيره الايطالي ايما بونينو. وفي اعقاب اللقاء أفاد مسؤولون ايرانيون بان رئيس الوزراء الايطالي انريكو لاطا سيزور طهران قريبا. وهكذا مرت العزلة الدولية لطهران: فأقرب حلفاء اسرائيل يشاركون في الاحتفال.
صديق آخر انضم هو ديفيد كامرون الذي بادر أول امس الى مكالمة هاتفية اولى منذ اكثر من عقد بين رئيس وزراء بريطانيا ورئيس ايران. وقد تحدث الزعيمان، ضمن امور اخرى عن المداولات المرتقبة في جنيف وعن الحاجة الى بلورة حل سياسي للحرب الاهلية في سوريا. وذكر سوريا مثير للاهتمام لان هذه انعطافة 180 درجة في السياسة البريطانية. فحتى وقت اخير مضى كان الموقف الرسمي للندن هو ان محظور على ايران، الممولة والمسلحة لنظام الاسد مباشرة ومن خلال حزب الله ان تشارك في تحديد مستقبل سوريا. المرونة البريطانية بالنسبة لايران وجدت تعبيرها ايضا في تعيين مسؤول دبلوماسي جديد للعلاقات معها، بعد سنتين بالضبط من هجوم حشود محرضة، باسناد هادىء من النظام، على السفارة البريطانية في طهران، فافسد المبنى وأدى الى وقف العلاقات. وفي السنوات الاخيرة، تحت حكم رئيسي الوزراء السابقين طوني بلير وغوردون براون وكذا في حكم كامرون، كانت بريطانيا هي الداعمة الاشد للعقوبات القاسية على الجمهورية الاسلامية، بل وسبقت في ذلك احيانا الادارة الامريكية.
وشرح دبلوماسي بريطاني الاسبوع الماضي بان ‘عمليا، الامريكيون يتصدرون الموقف. في اللحظة التي يتحدثون فيها مع ايران فاننا جميعا نفعل هذا’. رئيس الوزراء نتنياهو هو الاخر يفهم ذلك وينشغل حاليا بالبادرات الطيبة تجاه روسيا والصين. ويريد نتنياهو أن يبرز علاقاته مع بوتين فقرر فتح زيارته الى روسيا هذا الاسبوع أمام وسائل الاعلام. كما تقرر في القدس عدم السماح للمسؤول الامني السابق عوزي شعايا بالشهادة في نيويورك في دعوى الملايين ضد بنك الصين. والقرار مثير للاهتمام بسبب نشر التسريب عن عشية بدء جولة المحادثات التي تشارك فيها الصين. وهكذا، بينما تحتفل الاسرة الدولية بعلاقاتها الجديدة العلنية مع طهران، يحاول نتنياهو التمسك من جديد بالطوبوغرافيا السياسية المتغيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سأنتخب شيلي والمسدس موجه الى دماغي
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
لو أنني كنت عضوا في حزب العمل لصوت اليوم مؤيدا ميراف ميخائيلي لرئاسة الحزب. لكن هذه الجدة ليست لها عجلة فأنا لست عضوا وميخائيلي ليست مرشحة. إن ميخائيلي هي الشخص الشجاع والوحيدة هناك، بين المنتخبين الجدد في الحزب، التي لم تُخيب الآمال والتي لم تختفِ حينما انتُخبت. إن ميخائيلي تُسخن الآن على الخط (وتؤيد اسحق هرتسوغ).
وبقينا مع المرشحين شيلي يحيموفيتش وهرتسوغ. والاختيار بينهما صعب، فهما شخصان اشكاليان لرئاسة حزب اشكالي. وأسهل شيء ألا تنتخب علامة على الاحتجاج. لكن لو أُلصق مسدس الاختيار بصدغي لصوت ليحيموفيتش برغم كل شيء.
‘كانت خطيئتها المصيرية والوحيدة تقريبا محاولتها القبيحة أن تُدير ظهرها للموضوع الأكثر حسما في الواقع الاسرائيلي وهو الاحتلال وما تفرع عنه. قد تكون انتهازية أرادت أن تصل الى أوسع جمهور ممكن ‘يُغضبه’ الاشتغال بالاحتلال؛ وقد تكون مجرد جبانة، وربما تؤمن حقا بأنه يمكن ايجاد اشتراكية ديمقراطية مع السلب وديمقراطية مع الاضطهاد. وكل واحد من هذه التفسيرات أنذر بالسوء، لكن يصعب أن نعلم أيها الاسوأ. وأشد من ذلك أن يحيموفيتش ما زالت تترفع عمن يقض الاحتلال مضجعه وتتجاهل جرائم الاحتلال. فالعالم كما تراه هو عالم العدل والديمقراطية فيه محفوظان لليهود فقط، وهو عالم عنصري وقومي بقدر لا يقل عن عالم اليمين، لكن مع قناع فقط. ولذلك تُظهر اخلاصا لروح حزبها الحقيقية، حزبها الذي هو صاحب حقوق انشاء مشروع الاحتلال والاستيطان والتضليل. لكن يحيموفيتش جاءت لتُغير، فأسهمت بدل ذلك اسهاما آخر خاسرا في خطاب العمى والانكار والحياة الكاذبة وتبلد الحس. وبذلك نفت نفسها ايضا عن أن تكون بديلا حقيقيا عن حكم اليمين.
‘لكن يحيموفيتش لم تنضم الى هذه الحكومة وينبغي أن نتذكر لها هذا اليوم. وهذا غير كثير لكنه غير قليل ايضا. فلو أن الامر كان متعلقا بمنافسها لكان حزب العمل قد أصبح في الحكومة منذ زمن، ولأصبح هرتسوغ ورفاقه وزراء (مرة اخرى) كما كانوا في كل حكومات اليمين، يُحللون كل الأوبئة من الداخل ويدعون البراءة.
بعد ولاية في اربع مدد في الكنيست وثلاث في الحكومة وزير البناء والاسكان، ووزير الرفاه والسياحة، ووزير شؤون الجاليات ونضال معاداة السامية لن تُمسكوا على هرتسوغ فكرة واحدة نطق بها تثير الاختلاف أو جملة واحدة قالها تثير الاهتمام. فهو ولد طيب بالمعنى السيء لهذه الكلمة، وهو سياسي دؤوب مثل النملة وشاحب وكأنه فرانسوا أولاند اسرائيلي. وتُذكرنا خطبه بمواعظ حفل البلوغ أكثر من تذكيرنا بخطب النضال. اجل إنه يؤيد مصالحة على الارض ودولتين وعدالة اجتماعية وصهيونية، وكل هذا الخليط وكل الكلام الفارغ. لكنه مع ذلك لا ينشيء بديلا.
إن يحيموفيتش حينما تكون في أفضل حالاتها تقول شيئا ما. فقد كانت السياسية الوحيدة تقريبا التي لم تشارك في مهرجان التبرئة المسبب للغثيان لافيغدور ليبرمان، ويمكن أن يُقال كل شيء في نظريتها الاجتماعية، لكن لا يمكن أن يُقال إنها ليست شجاعة ومختلفا فيها. لقد ترفعت على رفاقها في الكتلة الحزبية، لكن عددا منهم يحقدون عليها في الأساس لاصرارها على عدم الانضمام الى الحكومة التي هي المكان الطبيعي الوحيد لهذا الحزب العفن الذي يوجد من يتجرؤون على تصنيفه بأنه حزب يساري.
‘نجحت يحيموفيتش في أن تنفخ للحظة روحا جديدة في حزب العمل وأنقذته بذلك من الذبول. وزالت هذه الروح حينما تبين أنها غير مستعدة لأن تشغل نفسها بالموضوع الجوهري الأهم. ومع ذلك كله فان يحيموفيتش مخلوقة من مادة أقل تآمرا وأكثر شجاعة من مادة هرتسوغ. وربما تستخلص الدرس في ولايتها الثانية. وفي فرح الفقراء البائس هذا، أعني الانتخابات التمهيدية في حزب العمل، فان الأمل في أن تعود يحيموفيتش الى نفسها والى ما كانته قبل كل هذه السياسة، أكبر من الأمل في أن يتغير هرتسوغ لأول مرة. ولهذا نقول نعم ليحيموفيتش مع كل ذلك وبرغم كل ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘معطيات مقلقة’
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
بعد خمس عشرة سنة من سنه، فان عدد المدانين حسب قانون منع التحرش الجنسي هامشي. ورغم اللغة الواضحة للقانون، يتبين من معطيات النيابة العامة للدولة انه من اصل 515 ملف فتحته الشرطة في العام 2012، نضج 25 ملفا فقط الى لوائح اتهام جنائية. قسم كبير من الملفات التي وصلت الى النيابة العامة اغلقت لانعدام الادلة، وعدد صغير جدا (11 ملف) اغلقت لانعدام التهمة. عدد لوائح الاتهام التي رفعت طفيف بشكل خاص، في ضوء العدد الكبير من الشكاوى التي تصل الى مراكز مساعدة المتضررات والمتضررين من الاعتداء الجنسي. في العام 2012 سجل 7.700 شكوى، معظمها تقدمت بها نساء.
خطأ هو حل الفارق الذي بين عدد الشكاوى وعدد لوائح الاتهام المرفوعة بالادعاء بان الحديث يدور عن شكاوى تافهة من جانب نساء. فالتحرش الجنسي هو وباء ينتشر في المجتمع الاسرائيلي، بكل أجهزته ومؤسساته، وتشهد على ذلك السلسلة الطويلة من الشخصيات المتهمة به من نجوم التلفزيون والترفيه وحتى كبار رجالات الشرطة والحكم، وهذا مجرد طرف الجبل الجليدي للظاهرة.
ان صعوبة اثبات التحرش الجنسي كجريمة جنائية تنبع من اسباب كعدم الاعراب عن الاعتراض من جانب المشتكية، كما هو مطلوب في القانون، انعدام علاقات الإمرة، أو مصاعب في جمع الادلة. ومع ذلك، فليس في هذا ما يقلل من الاخفاء الاخلاقي الذي ينطوي عليه التحرش الجنسي ومن كونه تعبيرا بشعا عن العنف والاكراه من جانب شخص ما تجاه شخص آخر.
ان عمل النيابة العامة يوجهه معيار واضح: فحص الامكانية المعقولة للادانة، وليس اعتبارات الاخلاق او الرغبة في تربية الجمهور. ومع ذلك، فان النيابة العامة يمكنها أن تتخذ خطوات توضح للجمهور بان التحرش الجنسي هو جريمة خطيرة كالتركيز على الملفات العلم التي بواسطتها تنقل الرسالة وبموجبها التحرش الجنسي هو وصمة عار أخلاقية. وبالتوازي ينبغي النظر في امكانية تشديد العقاب على هذه الجريمة.
هذا الاسبوع قررت المسؤولة عن السوق المالية، التأمين والتوفير في وزارة المالية، دوريت سلينجر، الزام شركات التأمين بتعديل البوليصات بحيث لا تعطي تغطية تأمينية لشخص ادين بالتحرش الجنسي، او توصل الى حل وسط في شكوى على تحرش جنسي. وبزعم سلينجر فان التحرش الجنسي مرفوض من الاساس، وبالتالي لا مجال للسماح بالتأمين على المتحرشين.
ينبغي تبني نهج سلينجر، التي في مجال تأثيرها العام أوضحت بانه حتى لو لم تكن الظاهرة جنائية دوما، فانها غير اخلاقية دوما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اوباما يُقامر بنا!
بقلم:اسرائيل هرئيل،عن هآرتس
يطمح باراك اوباما الى أن يُكتب اسمه في التاريخ باعتباره كان يستحق سلفة الأمل التي منحها العالم له، أي جائزة نوبل للسلام. ويخرج اوباما بازاء ايران الى مغامرة برهنة لا أمل منها، على أنه كان يستحقها. وهو في أحسن الحالات يقامر بمصير الشرق الاوسط ولا سيما مكانة اسرائيل فيه ومستقبلها.إن اتفاق الأوهام الذي سيوقع في الايام القادمة سيُسقطه مع كل السائرين معه في مسيرة الأوهام في بئر حفرتها ايران له.
‘ليس بعيدا اليوم الذي يثبت فيه أن اوباما تعوزه الصفات المطلوبة لزعيم يتحمل مسؤولية عن سلام العالم وهي: تشخيص صحيح للواقع (ايران تُضلل)، وتمسك بالمهمة (‘الولايات المتحدة لن تُمكّن ايران من صنع سلاح نووي’)، والجرأة (الثبات على كلامه).
‘وعد اوباما بأن يمنع انضمام مملكة آيات الله الى النادي المنتج للسلاح النووي. بيد أن الوثيقة التي سيوقع عليها لن تمنع ذلك. وهذا كسوف أصاب شريكاته ايضا ومنها فرنسا، التي قرقرنا حول رئيسها الشاحب جدا، وربطنا أنفسنا بعجلته.
‘إن الاتفاق هو ذروة السذاجة أو أصح من ذلك، إدعاء السذاجة.
‘إن امريكا ومعها سائر المتعجلين الى ‘اتفاق’ مع ايران يعلمون أنه سيكون لايران سلاح ذري بسبب السلوك الحالي. فالذي بلغ الى الحافة سيبلغ الى النهاية إلا اذا زيدت عليه العقوبات. واليكم المفارقة: في وقت أصبح فيه العالم الاسلامي والعربي في درك الفوضى خاصة وأصبحت أكثر الدول الرئيسة في فوضى حكم بل على شفا تفكك، تدفع القوى العظمى قدما بحصول المنطقة على القدرة النووية في واقع الامر. ولن يُمكّن السنيون الشيعة وقد أصبحت ايران البغيضة غير العربية هي المتقدمة أن تكون الجهة المهيمنة في الاسلام. ولن تجلس السعودية ومصر وتركيا وهي الدول السنية المركزية مكتوفة الأيدي. وقد يتحول الارهاب ‘التقليدي’ الى ارهاب نووي.
‘في هذه الحال يقول بنيامين نتنياهو وليس هو شخصا شجاعا دائما الحقيقة، كل الحقيقة، والحقيقة فقط. فهو الولد الذي يتجرأ على أن يصرخ كما كان دائما بأن العالم عارٍ ويتصرف، كما كان دائما ايضا، في عدم حياء. وهو بسبب ذلك تُصب عليه جامات الماء البارد حتى في الداخل. وكثير ممن يناكفونه يتكلمون بلسان الولايات المتحدة في اسرائيل. وأما الآخرون الذين هم أكثر استقلالا بآرائهم فقد أُصيبوا كاليهود في جميع الحقب بالجُبن بسبب ‘عدم المسؤولية’ في مجابهة رئيس الولايات المتحدة ‘مع ما في ذلك من الأخطار الكامنة’.
‘وحينما نقول ‘الداخل’ نعني ايضا يهود المهجر. لأنه يوجد حلف أبدي بيننا وبينهم. قبل أقل من اسبوعين اجتمع في اسرائيل مجلس الطوائف اليهودية في امريكا الشمالية (وهو جمع أظهرت الطوائف في اسرائيل اهتماما قليلا به إن أظهرته أصلا). وكان يمكن أن تسمع هناك حتى من اشخاص بارزين القول التالي: حينما يقف نتنياهو ليواجه الرئيس علنا فانه يتجاهل الآثار التي قد تكون للمواجهة على مكانتنا، مكانة يهود امريكا. هكذا بصراحة. ومع دعم كهذا من الداخل، ما العجب أن تبقى اسرائيل وحدها تقريبا في الخارج. ‘ويبقى يعقوب وحده’، كما ورد في صلاة الاسبوع الماضي.
‘لا يعبر الاتفاق عن غضب العالم على ايران بل عن مهانته واستخذائه. وسيمنعون اسرائيل حتى لو تبين أنه سُدت كل الطرق من أن تستخدم عملية عسكرية. فاوباما لن يعترف بأنه خُدع. وسيخفي مع السائرين معه الأدلة. أجل، كان اوباما يستطيع أن يختار بين منع ايران من الحصول على القنبلة والاستخذاء، فاختار الاستخذاء وسيحصل على قنبلة نووية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ايران في جنيف: سياسة الابتسامات الناجحة!
الولايات المتحدة لم تعد معنية بالانجرار الى ازمات لا تلائم مصالحها القومية العليا وهذا ما يفسر صمتها عن استعمال الاسد للسلاح الكيميائي
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
حملة ابتسامات ايرانية مع الامريكيين ومع الروس والصينيين نجحت في اقناع العالم
بلغت سياسة الابتسامات الايرانية في هذا الاسبوع الى غرفة الصحافة في ‘بالي دي كونغرا’ في جنيف حيث لم يحجم مندوب التلفاز الايراني الرسمي عن دعوة حتى كاتب هذه السطور الى لقاء صحفي خاص برغم أنه علم بأنه يمثل صحيفة اسرائيلية.
‘هل ترى، إن ايران تتغير’، قال لي صحفي سويسري إطلع على المشهد. ‘ويحاول الصحفيون ايضا أن يروا مبلغ البُعد الذي يستطيعون الوصول إليه’. أجل إن الدعاية الايرانية عملت في هذا الاسبوع ساعات اضافية، في جميع الجبهات، في جنيف وطهران وروما. وجُند يهود ايران ايضا للمهمة مع صحفيين وكُتاب مدونات.
كان هذا اسبوعا كان واضحا فيه أن ايران تريد صفقة، والعالم معها. بيد أن الزعيم الروحي علي خامنئي استقر رأيه فجأة في وقت اشكالي جدا بالنسبة للغرب، بسبب مورثاته الجينية على أن يبث في خطبته في طهران (في يوم الاربعاء) نغمات الثورة القديمة التي يحاولون أن يُبينوا لنا منذ ثلاثة اشهر منذ كانت الانتخابات أنها زالت من العالم.
جاءت ايران في الحقيقة الى جنيف تريد التوقيع على اتفاق مرحلي يُزيل شيئا من العقوبات ويرفعها بعد الركوع لكنها تريد ايضا انقاذ كرامتها وإظهار التشدد. ولا تعلم كيف يُفعل ذلك سوى أمة أوجدت لعبة الشطرنج. واشتمل التكتيك على الوصول الى جنيف وكأن ايران أضرت بها العلاقة التي حصلت عليها قبل اسبوعين وبدأت الاتصالات بحثا عن الثقة المفقودة. ‘إن الايام التي كانت تستطيع فيها القوى العظمى أن تملي علينا ما نفعله قد أصبحت وراءنا’، قال لي عنصر في الوفد الايراني.
وفي البيت الابيض خاصة أظهروا تحمسا للصفقة المتشكلة دون انتباه الى أنهم يُسهمون بفعلهم ذلك في نظام عالمي جديد. ويُسهم في ذلك ايضا رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كامرون حينما هاتف في هذا الاسبوع بعد مقاطعة استمرت 11 سنة رئيس ايران حسن روحاني ليُحدثه عن التسوية القادمة وليس عنها فقط.
‘لماذا يُصر نتنياهو على منع الشعب الايراني من الحصول على الطاقة النووية؟’، سألني الصحفي الايراني القديم. ‘ولماذا تحاول اسرائيل مع مساعدة من فرنسا أن تمنع اتفاقا يُسهم فقط في السلام العالمي؟ ولماذا تتجاهل اسرائيل تماما قول الوكالة الدولية للطاقة النووية إن المشروع النووي الايراني ليس لأهداف عسكرية؟’.
نسي الايرانيون على نحو ما أن التقرير في 2011 قضى بصورة لا لبس فيها بأنهم يطمحون الى احراز قنبلة نووية، وأرادوا في جنيف أن يعرضوا أنفسهم على أنهم النموذج الأقرب الى الأم تريزا.
والشيء المثير للاهتمام هو أنه لا أحد طلب من الايرانيين بين المباحثات تفسيرات تُبين لماذا يمنعون زيارة المراقبين للموقع في بارتشين حيث تُجرى هناك بحسب الشبهات التجارب الذرية العسكرية. ولم يسأل أحد الايرانيين ايضا لماذا يحتاجون الى البلوتونيوم (مفاعل المياه الثقيلة في أراك).
والى ذلك نشرت أمس الصحيفة الفرنسية المهمة ‘لوفيغارو’ مقالة واسعة عن الذرة الايرانية تحت عنوان ‘إي.آر 10 المصنع السري لقنبلة نووية بواسطة البلوتونيوم’. وذُكر في المقالة أنه في المصنع الموجود في مدينة شيراز، يساعد الايرانيون على تطوير بلوتونيوم لأهداف عسكرية ولأهداف بحثية. وقد ذكر هذا المصنع في نيسان فريدون عباسي، المسؤول السابق عن الملف النووي في ايران. ومع كل ذلك لا يسأل أحد اسئلة في وقت تحتال فيه ايران على الجميع كما ثبت.
خطبة الكلاب
أدركت طهران أن واشنطن وموسكو متحمستان للتوصل الى اتفاق، ولهذا لم يخش خامنئي أن يخطب خطبته الشديدة اللهجة. ‘إنهم يعتقدون أنهم اذا استعملوا الضغوط على الشعب الايراني فان ايران ستتراجع، لكنهم مخطئون، فهم لا يعرفون الشعب الايراني’، قال أمام رجال حرس الثورة، ورسم للعالم خطوطا حمراء. وتابع خامنئي قائلا: ‘نحن نسمع الكلام من أفواه الكلاب، كالنظام الصهيوني، أن ايران تهديد للعالم، لكنهم، أعني هذا النظام غير الشرعي الذي لم يأت للعالم سوى بالشر، هم الذين يهددون العالم’. وأضاف ايضا أنه لا يفهم فرنسا التي تدعم النظام الصهيوني الذي ‘لن يبقى’.
وحاول الايرانيون في أحاديث خلفية في يوم الاربعاء أن يُبينوا أن خامنئي خطب هذه الخطبة لاسباب داخلية وأن جمهوره هو جمهور أصولي وأن الواقع هو الذي يوجب عليه أن يتحدث على هذا النحو. وقبل أن يجلس وزير الخارجية الايراني محمد ظريف ووزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين آشتون الى غداء مشترك، حدد خامنئي كما قلنا آنفا الخطوط الحمراء. ‘لن تتخلى ايران عن حقوقها المشروعة في الذرة’، قال وكان يقصد بالطبع حق بلده في تخصيب اليورانيوم في ايران. وقد خرجت ايران في هذه القضية خاصة رابحة، فلم يشك أحد في هذا الاسبوع في جنيف في حق ايران في تخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض حقا لكنه تخصيب مع كل ذلك.
وتبين لنا في جنيف ايضا هذا الاسبوع أن الايرانيين قد نشأ عندهم في هذا الشهر شيطان جديد. فلم تعد امريكا متفردة وهي الشيطان التاريخي الأكبر، ولم تعد اسرائيل في دور ‘الشيطان الأصغر’ المتواضع. بل أصبح يوجد عندنا الآن شيطان متوسط يناسب مكانة الفرنسيين. إن احباط وزير الخارجية الفرنسي الاتفاق في اللحظة الاخيرة تقريبا قبل اسبوعين، وزيارة الرئيس فرانسوا أولاند لاسرائيل في هذا الاسبوع زادا في اشمئزاز ايران من السياسة الفرنسية.
إن فرنسا من وجهة نظر ايران تشوش على التسوية الجديدة. ولا يفهم الايرانيون ايضا لماذا تُضيق فرنسا عليهم؟ يبدو أنهم لم يأخذوا في حسابهم أن فرنسا كانت دائما حتى منذ ايام الرئيس جاك شيراك ونيكولا ساركوزي بعده، كانت دائما الأكثر تشددا نحو الايرانيين بين اعضاء الثلاثية الاوروبية التي اشتملت في مطلع الألفية الثالثة على المانيا وبريطانيا ايضا.
وأسهمت التقارير الصحفية في وسائل الاعلام في باريس هذا الاسبوع ايضا في الجو المعادي لفرنسا بين الوفد الايراني، ففي يوم تجديد المحادثات أول أمس، اقتبست صحيفة ‘لافيغارو’ من كلام دبلوماسي فرنسي قال إنه يخشى ‘اتفاق نهاية الموسم الذي سيُسبب تكرار أخطاء الماضي في 2003 و2004′. وأرادت ‘لوفيغارو’ أن تُذكر قراءها ايضا بأن عدد اجهزة الطرد الايرانية زاد منذ ذلك الحين من 164 الى أكثر من 18 ألفا لتثبت مبلغ كون مقاصد الايرانيين مريبة.
وفي المباحثات في جنيف يتطرقون الى أدق تفاصيل المشروع الايراني من جهة تقنية مثل: ماذا سيكون مصير الـ 185 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى 20 بالمئة؛ وكيف ستقوم ايران بتحويل كل مخزونات اليورانيوم المخصب بمستوى 20 بالمئة في حوزتها الى مستوى أخفض، وكيف تستطيع فعل ذلك.
وماذا سيكون مصير المفاعل في أراك لانتاج المياه الثقيلة؟ استقر رأي الايرانيين على الاستمرار في النضال عنه كنضالهم عن الحق في تخصيب اليورانيوم، كما ذكر وزير الخارجية ظريف هذا الاسبوع. وقد طلب الى العالم أن يستغل ‘الفرصة التاريخية’ المتاحة اليوم وألا يضيع الفرصة. وتوجه ظريف ايضا الى الفرنسيين وطلب أن يكفوا عن مراكمة العوائق.
””””’أصبحت المحادثات اليوم سياسية قبل كل شيء: ففرنسا وهي واحدة من الدول العظمى الست لم تقتنع بعد أن ايران لا تطمح الى احراز سلاح نووي. وقال الرئيس فرانسوا أولاند نفسه ذلك بصراحة. ويزعم التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة النووية الذي نشر بين جولتي المحادثات في جنيف أن ايران أوقفت لاول مرة منذ سنوات طويلة المشروع النووي، لكنه لم يحدث تغيير جذري في المشروع.
إن تقدير خبراء كثيرين في العالم هو أن ايران قريبة من القنبلة النووية. والمشكلة هي أن الخطة المقترحة لا تجعل ايران تتحلل مما أحرزته الى اليوم، ومن هنا يأتي قلق اسرائيل الكبير. فلا عجب من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عمل في هذا الاسبوع مع رئيس روسيا فلادمير بوتين ومع فرانسوا أولاند والادارة الامريكية لهدف واحد هو مضاءلة الاضرار.
يجري في الشأن الايراني من وراء الستار عرض باليه دبلوماسي وتصفية حسابات بين الاصدقاء. فباريس تهتم بأن تُجازي الامريكيين على الحيلة غير المريحة بالنسبة إليها التي قامت بها واشنطن هذا الصيف في سوريا. ونُذكركم أن الاسد قد استعمل السلاح الكيميائي في 21 آب وسبب موت 1400 من أبناء شعبه. وأرادت فرنسا أن تتدخل عسكريا على أهداف في سوريا والتزم باراك اوباما بأن يساعد على ذلك العمل. بيد أن اوباما تحول عن ذلك تحولا كاملا واتجه الى مجلس النواب وجهد قبل ذلك في بحث القضية وإتمام صفقة مع بوتين. وبقي الرئيس أولاند خارج الصورة. وأدركت فرنسا التي كانت قد بدأت الاعداد لارسال طائرات أن سوريا ليست مثل ليبيا وليست مثل مالي وأنها لا تستطيع أن تعمل عسكريا وحدها. وصعب عليهم في باريس تقبل ذلك.
خط ديغول
بيد أنه يوجد للفرنسيين في القضية النووية الايرانية القدرة على العمل واحباط صفقة لأن الحديث في هذه المرة عن معركة دبلوماسية لا تحتاج الى تضحية بجنود. وقد بيّن لي عنصر فرنسي هذا الاسبوع أن أولاند لا يجب أن يخشى الاضرار السياسية في الداخل نتيجة خطوة كهذه: أولا لأن المعارضة في اليمين أيدت ايضا التشدد على المشروع النووي الايراني منذ بدأت المحادثات، واعتاد الرأي العام الفرنسي ايضا على خط ديغول المتشدد الفخور الذي يحل بحسبه بل من المرغوب فيه التمايز عن الامريكيين. إن معارضة فرنسا الحرب في العراق قبل عشر سنوات فقط زادت آنذاك في شعبية حكومة فرنسا. ومن جهة ثانية ليس من المؤكد أن الحرب في العراق والمشروع النووي الايراني يتمتعان بالوزن نفسه. ففرنسا في هذا الشأن تتجه اليوم الى محاربة نشر السلاح النووي.
وفي هذه الاثناء وحتى قبل أن يُقال في جنيف كلمة واحدة كانت الاطراف جميعا ترسل رسائل متفائلة. كان بوتين أولا هو الذي قال في حديث الى نظيره الايراني روحاني: ‘نحن قريبون من اتفاق’.
وفي مقابل ذلك أراد اوباما ووزير خارجيته جون كيري خفض التوقعات، حينما استمر الرئيس في محاولاته اقناع الشيوخ ألا يبحثوا في فرض عقوبات جديدة على ايران لمنع احباط الصفقة. وكان من رأوا في ذلك عدم رغبة الامريكيين في إظهار الاستكانة كي يطمئنوا الحليفتين اسرائيل والسعودية، وللايحاء بأن امريكا تهتم بمصالح اصدقائها.
ويزعم آخرون أن للادارة الامريكية مشكلات حقيقية في مجلس النواب. ومن جهة اخرى لم يُرد اعضاء مجلس النواب برئاسة جون مكين تشديد العقوبات لكنهم يريدون الحصول على ضمانات أكبر من الطرف الايراني.
وانضم الرئيس الصيني شي جينبينغ ايضا الى المعركة واستعمل الضغط للتوصل الى اتفاق. وقال في نهاية حديث مع روحاني إن ‘ايران تطمح الى احراز اتفاق يضمن حقوقها وهي ستثبت أن مشروعها النووي يرمي الى أهداف مدنية’. وكان للصين دائما خط لاءم الخط الايراني ملاءمة حسنة. وفيما يتعلق بالالمان، نشرت الصحيفة الاسبوعية الفرنسية ‘لابوا’، أنهم لم يحبوا تدخل وزير الخارجية الفرنسي الذي أفضى الى تأجيل الاتفاق المرحلي.
ونقول بمناسبة ذكر ذلك الاتفاق المرحلي الذي يتباحثون فيه في جنيف إنه يفترض أن يجعل السباق النووي الايراني بطيئا. بيد أنه كما يُبين الفرنسيون يُمكن الايرانيين بالفعل من الاستمرار نحو هدفهم تحت غطاء التفاوض في هذه المرة، وهذا يشبه جدا ما يحدث في سوريا، إذ أصبح الرئيس السوري تحت غطاء نزع السلاح الكيميائي للنظام قد أخذ ضوءا أخضر للاستمرار في العمل. اجل إنه عالم جديد. إن السؤال الكبير الذي سُئل في هذا الاسبوع ايضا هو عن المسافة التي ستكون فرنسا مستعدة لسيرها؟ ومن المثير للاهتمام في هذه النقطة أن ننتبه الى الخطبة التي خطبها فابيوس في باريس في 13 من هذا الشهر أمام اعضاء ‘معهد تقديرات التحليلات الاستراتيجية’.
‘يبدو أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بأن تُجر الى ازمات لا تلائم التصور العام الجديد والمصالح القومية الجديدة للولايات المتحدة. إن اولئك الذين يؤيدون في واشنطن النهج الذي يدعو الى انسحاب من مناطق تُرى ‘غير استراتيجية’، يزيدون في تأثيرهم فقط. ويبدو أن هذا يفسر ايضا حقيقة أنه لم تقع ضربة امريكية ردا على استعمال النظام السوري للسلاح الكيميائي’.
ويعطي كلام فابيوس مثالا يُبين مبلغ ارتباط الازمة السورية بالازمة الايرانية، وقد أصبحت واشنطن فجأة هي المعتدلة وأصبحت فرنسا هي التي تُخرج مخالبها بعكس ما حدث في العراق قبل عشر سنوات. وينبغي أن نضيف الى ذلك حقيقة أن فرنسا قادت المعركة في ليبيا مع امريكا التي ‘قادت من الخلف’ وخرجت وحدها لمحاربة الارهاب في مالي، كي نفهم ما هي العضلات التي جاء بها الفرنسيون الى جنيف. ومع ذلك ينبغي أن نقيد السياسة الفرنسية بعد أن قال فابيوس في اللقاء الصحفي أمس مع قناة ‘فرانس 2 ‘ إن فرنسا ستبقى متشددة لكنها معنية باتفاق وتقول ‘نعم لذرة مدنية لا لقنبلة ذرية’.
إن من نتيجة السياسة الفرنسية المتشددة هو أن الولايات المتحدة تبحث عن سبيل لزيادة تأثيرها في آسيا والمحيط الهاديء، مع الصدمة في العراق وافغانستان، ورغبة الرأي العام الامريكي في عدم رؤية تدخل الادارة في كل ازمة في العالم إن كل ذلك كما قال فابيوس يُحدث فراغا استراتيجيا في الشرق الاوسط. وفي هذا الوضع تريد فرنسا أن تدخل الفراغ الذي خلفه الامريكيون.
بيد أنهم في تل أبيب طلبوا هذا الاسبوع عدم الاسراع الى تأبين الامريكيين. هل الامريكيون يريدون حقا ويستطيعون الانفصال عن الشرق الاوسط كما يزعمون في باريس؟ ليس هذا مؤكدا، ويحتجون في واشنطن للمحادثات بين الاسرائيليين والفلسطينيين برعاية امريكية أنها دليل على اهتمام واشنطن الذي ما زالت تُبديه بالمنطقة. بيد أنه لا أحد يؤمن بنجاح المحادثات بالفعل.
ويذكرون في تل أبيب أن امريكا لم تنجح في ليبيا، ولا في مصر، ولا في سوريا ايضا. بل توجد صعوبات لدى اوباما في الداخل. وقد دخل سنته الثانية من ولايته الثانية وهو يبحث عن إبقاء تركة يُخلفها وراءه. فهل تكون ايران هي التي تتيح له الفرصة؟ وكم من الوقت؟ لا أحد يعلم، فربما يكون اوباما قد استقر رأيه على الاكتفاء بتركة مؤقتة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عقوبة حزب الله وايران
بقلم:إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
أخذ حزب الله في الاشهر الاخيرة بتشجيع رُعاته الايرانيين أو بضغط منهم يزيد في عمق مشاركته في الحرب الاهلية السورية. والتقدير الايراني للامور وهو تقدير حسن نصر الله ايضا واضح وهو أنه اذا سقط بشار الاسد فسيسقط على أثره نصر الله ايضا، وهكذا ستصبح ايران، وهذا ما يخشونه في طهران، الهدف التالي للتحالف ‘غير المقدس′ بين الدول الغربية والدول العربية واسرائيل. ومن هنا يأتي التصميم الايراني وتصميم حزب الله على فعل كل ما يُطلب لمساعدة بشار على البقاء في الحكم.
ليست مساعدة حزب الله لبشار كبيرة. ففي سوريا يقاتل نحو من 200 ألف جندي من الجيش نحوا من 100 ألف متمرد. فلا يستطيع بضعة آلاف من مقاتلي حزب الله أن يرجحوا الكفة حقا. ومع كل ذلك فالحديث عن مقاتلين مدربين تملؤهم الحمية حسموا المعركة في عدد من المعارك المهمة في مناطق مختلفة في سوريا.
وقد تغير في الاسابيع الاخيرة حقا في سوريا اتجاه الرياح، وأصبح النظام ينجح رويدا رويدا في دفع المتمردين. ليس الحديث في الحقيقة عن تغيير حاد للواقع الدامي والطريق المسدود الذي صارت فيه سوريا، ومع كل ذلك فان التأثير أصبح في يد النظام لأول مرة منذ نشبت الثورة.
لكن لمشاركة حزب الله وايران في الحرب في سوريا ثمنا، بل ثمنا باهظا. فلا يكاد يمر يوم دون أن يدفن حزب الله مقاتليه الذين قُتلوا في الحرب في سوريا. ويُضاف الى ذلك في الاشهر الاخيرة ايضا عمليات ارهابية تنفذها مجموعات سنية متطرفة على حصون المنظمة في لبنان وعلى أبناء الطائفة الشيعية في هذه الدولة وعلى مبنى السفارة الايرانية في بيروت أول أمس ايضا. وتكمن ميزة العملية الاخيرة في أنه استُعمل لأول مرة في لبنان مخربون منتحرون على منظمة حزب الله التي لم تُحجم في الماضي عن استعمال ‘هذا السلاح’ موجها على معارضيها.
يوجد في لبنان من يتحدثون عن تحويل لبنان الى شبه سوريا. إن منظمات تعمل في سوريا بوحي من القاعدة مثل جبهة النُصرة و’داعش’ (الدولة الاسلامية في العراق والشام)، تريد نقل القتال من سوريا الى لبنان مع استعمال العمليات الارهابية التي أفضت الى انجازات في سوريا.
وبازاء غرق منظمة حزب الله في الصراع في سوريا كان الامر مسألة وقت فقط الى أن يطلب المتمردون في سوريا ومؤيدوهم في لبنان الانتقام من حزب الله لتأييده بشار. وينبغي أن نفرض أن عمليات الارهاب هذه في لبنان ستستمر في المستقبل ايضا. ومع ذلك يريد أكثر اللبنانيين منع الحرب في سوريا من أن تتسرب الى لبنان. بيد أن لعناصر الاسلام المتطرف الذين يعملون في هامش المعسكر السني في لبنان حسابات تخصهم. فهؤلاء يريدون الافضاء خاصة الى حرب الجميع للجميع التي تخدم مصلحتهم العليا وهي السيطرة على هذه المنطقة السورية اللبنانية وتغليب تصورهم العام عليها. ولهذا عملوا في الماضي على اسرائيل آملين أن تُجر الى محاربة حزب الله.
في ظل الحرب الاهلية في سوريا أخذت لبنان اذا تغرق هي ايضا في صراع سني شيعي. وأصبح يوجد في الطائفة الشيعية في لبنان من يتجرأ على الاعتراض على منطق نصر الله في جر الشيعة الى حرب في سوريا. وتُسمع في طهران ايضا نغمات جديدة، وقد يفضي شق طريق في الاتصالات مع الغرب الى تفكير جديد في ايران في جدوى الغرق في الوحل السوري واللبناني. وفي اثناء ذلك سيستمر المنتحرون على تفجير أنفسهم في أهداف ايرانية وشيعية في لبنان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ